1

‫‪3‬‬ ‫ﺗﻘﺪﯾﻢ‬

‫‪ -1‬اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪4‬‬ ‫ﺗﻤﻬﯿﺪ‬

‫‪ -2‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪7‬‬ ‫ﻣﺎﻫﯿﺔ اﻟﻘﻮة‬

‫‪ -3‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬

‫‪11‬‬ ‫ﻛﯿﻒ ﺗﻌﺎوﻧﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ‬

‫‪ -4‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬

‫‪14‬‬ ‫اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة‬

‫‪ -5‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪19‬‬ ‫ﺑﻌﺾ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻠﻮك‬

‫‪ -6‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس‬

‫‪21‬‬ ‫ﻣﻘﺪرة اﻟﻌﯿﻦ‬

‫‪2‬‬
 ‫‪ -7‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ‬

‫‪23‬‬ ‫اﻟﺒﺼﺮ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ‬

‫‪ -8‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ‬

‫‪29‬‬ ‫ﻗﻮة اﻟﻔﻜﺮ‬

‫‪ -9‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ‬

‫‪32‬‬ ‫ﻗﻮة اﻹرادة‬

‫‪ -10‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ‬

‫‪37‬‬ ‫إﻧﺘﻘﺎل اﻹرادة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ‬

‫‪ -11‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ‬

‫‪40‬‬ ‫اﻟﻘﻮة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺠﺎذﺑﺔ‬

‫‪ -12‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ‬

‫‪43‬‬ ‫ﺗﻜﻮن اﻟﺨﻠﻖ‬

‫‪ -13‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ‬

‫‪46‬‬ ‫ﻓﻦ اﻟﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮي‬

‫‪ -14‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ‬

‫‪48‬‬ ‫ﻛﯿﻒ ﺗﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ‬

‫‪ -15‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ‬

‫‪51‬‬ ‫ﺧﻄﺒﺔ اﻟﻮداع‬

‫‪3‬‬
‫ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﻫﻤﯿﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻷن اﻟﻤﺆﻟﻒ إﺑﺘﻜﺮ ﺧﻄﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻟﺴﻠﻮك اﻟﻤﺮء ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد إﺗﺒﺎﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺆﻟﻒ ﻻ ﯾﻀﯿﻊ اﻟﻮﻗﺖ ﺟﺰاﻓﺎ ﻓﻲ ذﻛﺮ ﻧﻈﺮﯾﺎت ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﯾﺘﻨﺎول ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﻘﺼﺪ اﻟﻠﺬي ﯾﺮﺟﻮه ﻓﯿﻘﻮل‬
‫ﻟﻠﻘﺎرئ ﺻﺮاﺣﺔ ﻣﺎذا ﯾﻨﺒﻎ أن ﯾﻌﻤﻞ وﻛﯿﻒ ﯾﺼﻨﻊ‪.‬‬

‫و اﻟﺼﺪق ﻓﻲ اﻟﻘﻮل و اﻟﺼﺮاﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻫﻤﺎ اﻟﻠﺬان ﺟﻌﻼ ﻟﻬﺪا اﻟﻜﺘﺎب ﻗﻮﺗﻪ اﻟﻤﻘﻨﻌﺔ ﺑﻘﺪرة ﻧﻔﺴﻪ وﺑﺎﻟﺜﻘﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺬات اﻟﻼﺗﯿﻦ ﺗﻨﺎول ﺷﺮﺣﻬﻤﺎ ﺷﺮﺣﺎ ﺑﺴﯿﻄﺎ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻻ ﻣﺒﻨﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺲ اﻟﻤﺎدﯾﺔ اﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺔ‪.‬‬

‫و إﻧﻚ ﻟﻮ ﺗﺴﺎﺋﻠﺖ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ‪:‬‬

‫ﻫﻞ أﺳﺘﻄﯿﻊ أن أﺟﻌﻼ ﺣﯿﺎﺗﻲ أﻛﺜﺮ ﺳﻌﺎدة وأﻛﺒﺮ ﻧﺠﺎﺣﺎ ﺑﻘﻮة ﻓﻜﺮي؟‬
‫ﻫﻞ أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﺜﺄﺗﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻮادث اﻟﺤﯿﺎة ﺑﺘﻨﻤﯿﺔ ﻫﺪه اﻟﻘﻮة؟‬
‫ﻛﯿﻒ أﺑﺮأ ﻣﻦ اﻟﺴﻮﯾﺪاء و اﻟﻔﺸﻞ و اﻟﺨﻮف و اﻟﻀﻌﻒ و إﻧﺸﻐﺎل اﻟﺒﺎل؟‬
‫ﻛﯿﻒ أﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﺄﺗﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس اﻟﺪﯾﻦ ﻫﻢ أﻗﻮى ﻣﻨﻲ و أرﺟﻮا ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻔﻌﻲ و ﺗﻌﻀﯿﺪي؟‬
‫ﻛﯿﻒ أﻋﺮف أﺳﺒﺎب ﻣﺎ ﯾﻌﺘﺮﯾﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺸﻞ و ﻫﻞ أﻗﺪر ﻋﻠﻰ إزاﻟﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺒﺎب؟‬
‫ﻫﻞ أﺳﺘﻄﯿﻊ زﯾﺎدة ﻛﻔﺎﺋﺘﻲ و ﺗﻘﻮﯾﺘﻬﺎ و ﻛﯿﻒ أﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﻟﺔ و أﺗﺠﻤﻞ ﺑﺼﻔﺎﺗﺎﻟﺴﯿﺎدة و ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ‬
‫أﺳﺘﻤﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﻮى اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ و اﻷدﺑﯿﺔ و اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ؟‬
‫ﺑﺄي وﺳﯿﻠﺔ أﻛﺘﺴﺐ ﺻﺪاﻗﺔ اﻷﺧﺮﯾﻦ وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺠﺎدة اﻟﺘﻲ إﺗﺒﻌﻬﺎ اﻟﻤﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛﯿﺮا ﺣﻤﯿﺪا ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻲ ﺑﻘﻮة‬
‫اﻟﻮﺣﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ؟‬
‫ﻛﯿﻒ أؤﺧﺮ زﻣﻦ اﻟﺸﯿﺨﻮﺧﺔ اﻟﻌﺼﯿﺒﺔ ﻓﺄﺿﻞ ﺣﺎﻓﻈﺎ ﺻﺤﺘﻲ و ﻫﻨﺪاﻣﻲ و ﻛﯿﻒ أﺑﺮأاﻷدواء اﻟﻤﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺎب‬
‫اﻟﺠﺴﻢ و اﻟﻨﻔﺲ؟‬

‫ﯾﺠﯿﺒﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب واﺿﺢ ﺟﻠﻲ ﻻ ﻏﻤﻮض ﻓﯿﻪ و ﻻ إﺑﻬﺎم‪.‬‬

‫و اﻟﻤﺪﻫﺶ ﻫﻮ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻢ ﯾﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ﻗﺒﻞ اﻷن ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺠﻤﺔ و‬
‫اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ و اﻹرﺷﺎدات اﻟﻤﻬﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻜﻞ إﻧﺴﺎن أﺑﺼﺮت أﻧﻈﺎره ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺴﯿﻜﻮﻟﻮﺟﯿﺔ و ﻟﻢ ﯾﺬرك أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ و ﻟﻌﻼه ﯾﺠﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻔﺘﺎﺣﺎ‬
‫ﻷﻛﺜﺮ أﻟﻐﺎزﻫﺎ و أﺣﺎﺟﯿﻬﺎ‪.‬‬

‫)) اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ((‬

‫‪4‬‬
 ‫آراء اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ – ﻧﻈﺮﯾﺎﺗﻬﻢ – ﻧﺠﺎح اﻟﻤﺮء ﻣﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺘﺒﺎر وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت – ﺑﺎﻻﺧﺘﺒﺎر ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ﻓﻲ وﺟﻮد اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ – ﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ إﻻ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺆﯾﺪ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ‪.‬‬

‫ﻟﯿﺴﺖ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت إﻻ ﻓﻘﺎﻗﯿﻊ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺼﺎﺑﻮن ﯾﻠﻌﺐ ﺑﻬﺎ رﺟﺎل اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﺮﻓﺎن ‪.‬‬

‫ان ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺘﺒﻮا ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ أرادوا اﻟﺘﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺔ وﺟﻮده واﻟﺒﺮﻫﻨﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﺤﺴﻨﻮﻧﻬﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺠﻬﻮداﺗﻬﻢ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻐﺮض اﻟﺬي‬
‫ﺣﺎوﻟﻮا اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﻪ ﺑﺘﺴﻮﯾﺪ اﻟﺼﺤﺎﺋﻒ اﻟﻌﺪﯾﺪة ‪.‬‬

‫ﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ أن ﻗﻮة اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺗﻐﺬﯾﺔ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻓﻘﻂ وﻗﺪ ﻧﺴﻮا اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ اﻷﺷﺪ‬
‫ﻣﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ ﯾﺠﻌﻠﻮن ﻣﻦ ﻣﻌﺪﺗﻬﻢ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻟﺤﻮم ‪.‬‬

‫وأﻛﺪ آﺧﺮون أن اﻟﻌﺰوﺑﺔ ﺗﻜﺴﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ ﻣﻊ أن اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺰوج‬
‫واﻷﻋﺰب ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺬﻛﻮرة ‪.‬‬

‫وذﻫﺐ ﻓﺮﯾﻖ ﺛﺎﻟﺚ إﻟﻰ أن اﻟﻬﻮاء اﻟﺬي ﯾﺤﯿﻂ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻟﻠﻘﻮة اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺴﯿﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﯾﻘﻮﻟﻮن أن‬
‫ﻣﻦ ﯾﺘﻨﻔﺲ ﺑﻤﻞء رﺋﺘﯿﻪ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﻨﻌﺸﺔ ﻓﯿﻜﺴﺐ اﻟﺠﺴﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن‬
‫ﯾﻠﻤﺲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻄﺎرﯾﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎﺋﯿﺔ ‪.‬‬

‫وﻫﻜﺬا ﻛﻞ أدﻟﻰ ﺑﺪﻟﻮه ﻓﻲ اﻟﺪﻻء ﯾﺤﺒﺬ ﻧﻈﺮﯾﺘﻪ ‪.‬‬

‫وإﻧﻲ ﻻ أرﻓﺾ ﻗﻄﻌﯿﺎ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت وﻻ اﺳﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﺑﺪون ﺗﺤﻔﻆ ‪.‬‬

‫ﻟﺴﺖ ﻣﻤﻦ ﯾﺘﻐﺬون ﺑﺎﻟﻨﺒﺎﺗﺎت دون ﻏﯿﺮﻫﺎ وﻟﻜﻨﻲ اﻋﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻐﺬﯾﺔ ﻣﻔﯿﺪا ﺑﻌﺾ اﻹﻓﺎدة ‪.‬‬

‫وﻟﺴﺖ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﻌﺰوﺑﺔ ﻣﻊ أﻧﻲ أﺣﺒﺬ ﻛﺜﯿﺮا أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻔﺎف واﻟﺒﺘﻮﻟﺔ ‪.‬‬

‫وﻣﻊ ﻋﺪم ﺗﺴﻠﯿﻤﻲ ﺑﻨﻈﺮﯾﺔ )) ﺗﻨﻔﺲ اﻟﺠﻮ ﺑﻜﺜﺮة (( ﻓﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ اﺳﺘﻨﺸﺎق اﻟﻬﻮاء ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻣﻘﺪار ﻣﻤﻜﻦ وأرى أﻧﻪ‬
‫ﻟﻮ ﻛﺎن ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺘﻨﺸﻘﻮن ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻬﻮاء اﻟﻨﻘﻲ ﻟﻘﻠﺖ اﻷﻣﺮاض واﻟﻌﻠﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻜﻮن ‪.‬‬

‫ﺟﻤﯿﻊ ﻫﺬه اﻷﺷﯿﺎء ﺣﺴﻨﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ‪ ،‬ﺑﯿﺪ أن ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﻗﻠﯿﻼ ﻟﻌﻠﻢ أن ذﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻟﯿﺪ‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺴﻤﺎة )) ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ((‪.‬‬

‫‪5‬‬
 ‫إن اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺤﺜﻮا ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﯾﺨﺘﻤﻮن أﺑﺤﺎﺛﻬﻢ ﺑﻌﺮﺿﻬﻢ أﻣﺎم أﻋﯿﻦ اﻟﻘﺮاء ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻋﻤﻠﻪ ذﻟﻚ‬
‫اﻟﺴﻌﯿﺪ اﻟﺬي وﻓﻖ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ ‪ .‬وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮوا ﺑﺄي ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻨﺎل ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻘﻮة وﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﯿﻞ إﻟﯿﻬﺎ ‪ .‬ذﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻧﻈﺮﯾﺎﺗﻬﻢ ﻓﻬﻢ إذن أﺷﺒﻪ ﺑﺮواة أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻢ ﻣﻌﻠﻤﻮن ﻷن آراءﻫﻢ‬
‫ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﯾﺎت وﻗﺪ ﺗﺮﻛﻮا اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺟﺎﻧﺒﺎ ‪.‬‬

‫ان رﻗﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﯾﻌﻮد ﻓﻀﻠﻪ إﻟﻰ ﻋﺪد ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻤﻦ ﻣﺎرﺳﻮا ﻋﻤﻠﯿﺎ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻘﺎﻣﻮا ﺑﺘﺠﺎرب ﻛﺜﯿﺮة‬
‫وﺷﺎﻫﺪوا ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﻗﺮب ﻧﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎراﺗﻬﻢ ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ اﻟﻤﻮﺿﻮع إﻟﻰ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‬
‫اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ درس اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع واﺧﺘﺒﺮه ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺳﻨﯿﻦ ﻋﺪﯾﺪة وﻫﻮ ﺳﯿﺤﺎول ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻘﺮاء‬
‫اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﻤﺮﻫﺎ ﺑﺤﺜﻪ اﻟﺪﻗﯿﻖ واﺧﺘﺒﺎره اﻟﺰﻣﻨﻲ وﺑﺤﺚ وﺗﺠﺎرب اﻟﺬﯾﻦ ﻋﺎوﻧﻮه واﺷﺘﺮﻛﻮا ﻣﻌﻪ ‪.‬‬

‫وﺳﺘﻜﻮن دروﺳﻨﺎ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﺑﻘﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻵﺗﻲ ‪ :‬إﻇﻬﺎر اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﺗﻠﻘﯿﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫ﺑــﺪون ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻻ ﻓﻲ اﻷﺣﻮال اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻋﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫و إﻧﻲ ﻷﺧﺸﻰ أن أﻗﻠﻞ ﻣﻦ ذﻛﺎء اﻟﻘﺮاء إذا أﻧﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻬﻢ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻹﺛﺒﺎت وﺟﻮد ﺗﻠـﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﯿﻬﺎ اﻻ أﻓﺮادا ﻗﻼﺋﻞ ﻣﻊ أن ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ إذا أراد ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬه اﻟﻘﻮة ﻫﻲ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ واﻟﺘﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮدﻫﺎ ﻛﻤﻦ ﯾﺮﯾﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺒﺮﻫﺎن ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﻟﻠﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺮة اﻟﻤﻤﻐﻨﻄﺔ وﻋﻠﻰ أن أﺷﻌﺔ رﻧﺘﻨﺠﻦ ‪ X‬ﺗﻨﻔﺬ اﻟﻰ اﻷﺟﺴﺎم اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ أو ﻛﻤﻦ‬
‫ﯾﺮﯾﺪ إﺛﺒﺎت وﺟﻮد اﻟﺘﻠﻐﺮاف اﻟﺬي ﯾﻨﻘﻞ اﻷﺧﺒﺎر ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺑﺴﻠﻚ أو ﺑﻐﯿﺮ ﺳﻠﻚ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻋﺎﻗﻞ ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﺪرك وﺟﻮد ﻫﺬه اﻷﺷﯿﺎء وﻣﻦ اﻹﻏﺮاق ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺒﺮﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮدﻫﺎ‬
‫‪ .‬وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﯿﻒ ﺗﻘﺘﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻟﯿﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻣﺘﻰ أراد ‪.‬‬

‫ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﻟﻤﻦ ﯾﺮﯾﺪ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ‪.‬‬

‫اﻧﻪ ﯾﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﯾﻮم أو ﺑﺎﻟﺤﺮى ﯾﺮى ﺣﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ ﻣﻔﻌﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ ‪.‬‬

‫ﯾﺠﻮز أﻧﻪ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت ﺑﻮﺟﻮد ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ﻓﯿﻪ ﻟﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ‪ ،‬وﯾﺮﻏﺐ أن ﯾﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﯾﻨﻤﻲ اﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﻪ أو ﯾﻮﻗﻈﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﺎﺗﻬﺎ ﻟﯿﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺪﻧﯿﻮﯾﺔ ‪ .‬وﻟﺬﻟﻚ ﻻ أرﯾﺪ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺛﺒﺎت‬
‫وﺟﻮدﻫﺎ إذ ﻻ ﺿﺮورة ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻻ أرﯾﺪ اﻟﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﯿﻠﺖ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ إذ ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻨﻬﺎ ‪ .‬إﻧﻤﺎ ﺟﻞ‬
‫ﻏﺮﺿﻲ أن أﻋﻠﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ وأﻧﺖ وﺷﺄﻧﻚ ﻓﻲ اﻹﻃﻼع ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺼﻄﻔﯿﻬﺎ ﺑﻞ رﺑﻤﺎ ﺗﺒﺘﻜﺮ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻧﻈﺮﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﺘﻌﻠﻢ ان اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻏﯿﺮك ﻟﻢ ﺗﺴﻨﺪ اﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت ﺑﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ان ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎن ﻧﺘﯿﺠﺔ‬
‫اﺧﺘﺒﺎرات وﺗﺪرﯾﺒﺎت ﺷﺨﺼﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﺿﺮورة ﻟﺬﻛﺮﻫﺎ ﺳﺄﺗﺮك ﺑﺎب اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت وﻟﻨﻠﺞ ﻣﻌﺎ ﺣﻈﯿﺮة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ‪.‬‬

‫أرﯾﺪ أن أﻋﻠﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﻨﻤﻲ وﺗﻄﺒﻖ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻟﺘﻜﻮن أﻫﻼ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺣﺼــﻞ ﻋﻠﯿﻬﺎ‬
‫ﻏﯿﺮك وﻟﻌﻠﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﯾﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﻣﺮﺷﺪا ‪ .‬ﯾﻌﺎوﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ إﺛﺎرة اﻟﺰوﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻤﺰق ﺣﺠﺐ اﻷﺿﺎﻟﯿﻞ واﻟـﺘﺮﻫﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﻏﺸﯿﺖ ﻫـﺬا اﻟﻔﻦ وﻗﻤﻌـﺘﻪ ﻃﻮﯾﻼ ﻓﻈﻞ ﻣﺤﺘﺠﺒﺎ ﻋﻦ اﻷﺑﺼﺎر ‪.‬‬

‫و إﻧﻲ أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ أﯾﻀﺎ أن ﻻ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻘﻮل ﻣﺎﻟﻢ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﺬاﺗﻚ ﺻﺪﻗﻪ وﺗﺘﯿﻘﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ﻟﯿﺴﺖ اﻟﻘﻮة ﺑﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ – إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﯿﺎر دﻗﯿﻖ ﻟﻠﻔﻜﺮ – اﻷﻓﻜﺎر أﺷﯿﺎء ﻣﺤﺴﻮﺳﺔ ‪ ،‬ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮﻧﺎ – ﻛﻞ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﺗﻐﯿﯿﺮا ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ – اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺘﺨﺬ أﺷﻜﺎﻻ وﻗﺖ اﻟﻔﻌﻞ – اﻟﻔﻜﺮ‬
‫اﻋﻈﻢ ﻗﻮة ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد – أﻗﺪر وأرﯾﺪ وﻻ أﻗﺪر – ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺘﺪﻟﯿﻞ اﻟﻨﻈﺮي – اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺬاﺑﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﯾﺘﺨﯿﻞ أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس أن اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ﺗﯿﺎر ﯾﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﯿﺠﺬب إﻟﯿﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺠﺪه ﺣﻮل داﺋﺮﺗﻪ‬
‫اﻟﻤﻤﻐﻨﻄﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬا اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ وﻟﻮ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﻪ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ إ ﻻ أﻧﻪ ﯾﺘﻀﻤﻦ ﺑﺬور اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ‪.‬‬

‫ﯾﻮﺟﺪ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺗﯿﺎر ﺟﺎذب ﯾﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن و ﻟﻜﻨﻪ ﻟﯿﺲ ﻗﻮة ﻣﻐﻨﻄﯿﺴﯿﺔ إذا ﻓﺮﺿﻨﺎ أن ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻐﻨﺎ ﻃﯿﺴﯿﺔ‬
‫ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯿﻨﻪ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ اﻟﺤﺪﯾﺪي أو اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ‪.‬‬

‫ﻣﻤﺎ ﻻ رﯾﺐ ﻓﯿﻪ أن اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ اﻟﻤﻌﺪﻧﻲ وﺑﺎﻟﻜﻬﺮﺑﺎء‬
‫وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ أﯾﺔ ﻋﻼﻗﺔ أو راﺑﻄﺔ ﺑﯿﻨﻪ وﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺼﺪر أو ﻟﻠﻤﺎﻫﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﯾﺮاد اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ذﻟﻚ اﻟﺘﯿﺎر اﻟﺪﻗﯿﻖ ﻟﻘﻮى اﻟﻔﻜﺮ أو ﻻﻫﺘﺰازاﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﻜﻞ ﻓﻜﺮ وﻟﺪﺗﻪ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﻮة ﺗﺘﻔﺎوت درﺟﺘﻬﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻠﺔ واﻟﻜﺜﺮة ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﺪاﻓﻊ اﻟﺬي ﯾﻈﻬﺮ وﻗﺖ ﻧﺸﺄﺗﻪ ‪.‬‬

‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﯾﻨﺒﻌﺚ ﻣﻨﺎ ﺗﯿﺎر أﺛﯿﺮي أﺷﺒﻪ ﺑﺄﺷﻌﺔ اﻟﻀﻮء ﻓﯿﻨﻔﺬ إﻟﻰ أﻧﻔﺲ ﻏﯿﺮﻧﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص وﯾﺆﺛﺮ ﻓﯿﻬﻢ ﺣﺘﻰ‬
‫وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻌﯿﺪﯾﻦ ﻋﻨﺎ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﻘﻮي ﻛﺸﻌﺎع ﻣﻨﺪﻓﻊ ﻧﺎﻓﺬ ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﺤﺪﺛﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ؟‬

‫ﯾﺘﻐﻠﺐ اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻘﻮﺗﻪ اﻟﺪاﻓﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎوﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﻨﺪ ﺗﺼﺎدﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﺛﯿﺮات‬
‫اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻀﻌﯿﻒ ﻓﻼ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻮﻟﻮج إﻟﻰ داﺧﻞ ﺣﺼﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺼﻦ ﻣﺠﺮدا ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺪﻓﺎع‬

‫واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻜﺮر إﻧﻔﺎذﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ﻧﺤﻮ ﻏﺮض واﺣﺪ ﺗﺆدي ﻏﺎﻟﺒﺎ إﻟﻰ إدراك ﻫﺬا اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ‬
‫ﻓﻜﺮ واﺣﺪ ﺑﻤﻔﺮده ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﻪ وﻟﻮ ﻛﺎن أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺮاد ‪.‬‬

‫وﻫﺬا ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮة ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻬﯿﺮ )) إن ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد ﻗﻮة ((‬

‫‪7‬‬
 ‫وﻟﯿﺲ ﻫﻨﺎك أﺻﺪق ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﻫﺬه ‪.‬‬

‫إن أﻓﻜﺎر اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺗﺄﺛﯿﺮا أﻋﻈﻢ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺼﻮره ‪.‬‬

‫ﻓﻠﯿﺴﺖ آراء اﻟﻐﯿﺮ أو آﻣﺎﻟﻪ اﻟﺘﻲ رأﯾﺘﻬﺎ ﺑﻞ أﻓﻜﺎره ‪.‬‬

‫وﻗﺪ أﺻﺎب أﺣﺪ اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻋﺎﻟﺠﻮا ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﻘﻮﻟﻪ )) أن اﻷﻓﻜﺎر أﺷﯿﺎء ﻣﺤﺴﻮﺳﺔ (( ‪.‬‬

‫أﺟﻞ اﻷﻓﻜﺎر أﺷﯿﺎء ﻗﻮﯾﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﻓﺈن ﻟﻢ ﻧﻌﺘﺮف ﺑﻬﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻧﻜﻮن ﻣﺘﺮوﻛﯿﻦ ﺗﺤﺖ رﺣﻤﺔ ﻗﻮة ﻋﻈﻤﻰ ﻧﺠﻬﻞ‬
‫ﻣﺎﻫﯿﺘﻬﺎ وﯾﺸﻚ ﻓﻲ وﺟﻮدﻫﺎ ﺟﻤﻬﻮر ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺑﯿﺌﺘﻨﺎ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﺎﻫﯿﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة واﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﯿﻤﻦ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻓﻔﻲ إﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺣﯿﻨﺌﺬ أن ﻧﺘﺨﺬﻫﺎ ﻋﻮﻧﺎ ﻟﻨﺎ وﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ‬
‫ﻓﻲ أﻏﺮاﺿﻨﺎ وﻧﺨﻀﻌﺎ ﻻرادﺗﻨﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﯾﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻨﺎ ﺿﻌﯿﻔﺎ ﻛﺎن أو ﻗﻮﯾﺎ ﺻﺎﻟﺤﺎ أو ﻃﺎﻟﺤﺎ أدﺑﯿﺎ أو ﻏﯿﺮ أدﺑﻲ – ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﯾﺪﻓﻊ ﺗﻤﻮﺟﺎﺗﻪ اﻟﺴﺮﯾﻌﺔ‬
‫اﻻﻫﺘﺰاز ﻓﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﻌﺎﺷﺮﻧﺎ أو ﯾﻘﺘﺮب ﻣﻨﺎ ﺿﻤﻦ داﺋﺮة اﻫﺘﺰازات أﻓﻜﺎرﻧﺎ ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻲ ﻧﺘﺼﻮر ﺗﻠﻚ اﻻﻫﺘﺰازات ﯾﻜﻔﻲ أن ﻧﻼﺣﻆ ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻣﻲ ﺣﺠﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻓﻨﺮى دواﺋﺮ ﻛﻠﻤﺎ اﺑﺘﻌﺪت‬
‫ﻋﻦ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻛﺒﺮت واﻧﺘﺸﺮت ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻓﻜﺮة ﺑﻘﻮة ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ ﻏﺮض ﻣﺎ ﻓﻤﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﻪ أن ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﯾﻜﻮن ﺷﺪﯾﺪا ﻓﻲ‬
‫ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻬﺪف ‪.‬‬

‫وﻻ ﺗﺄﺛﺮ أﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﯾﺘﻨﺎول ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ذواﺗﻨﺎ أﯾﻀﺎ وﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻋﺮﺿﯿﺎ ﺑﻞ ﯾﺒﻘﻰ أﺛﺮه‬
‫ﻓﯿﻨﺎ وﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ ))ﻗﻞ ﻟﻲ ﺑﻤﺎذا ﺗﻔﻜﺮ أﻗﻞ ﻟﻚ ﻣﻦ أﻧﺖ ((‬

‫ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﺠﺴﻢ وﻻ ﻧﻤﻮ ﻟﻪ إﻻ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻨﻔﺲ ‪.‬‬

‫ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻚ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻻﺷﻤﺌﺰاز واﻟﻀﺠﺮ وﺗﻌﺮف ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨﻚ ﻻ ﺗﺪري ان ﺗﻜﺮار ﺻﺪور ذﻟﻚ ﻣﻨﻚ‬
‫ﻻ ﯾﺆﺛﺮ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻚ ﺑﻞ وأﯾﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮك اﻟﺨﺎرﺟﻲ وﻫﺬا أﻣﺮ واﻗﻌﻲ ﻻ ﺟﺪال ﻓﯿﻪ وﻻ ﯾﻘﺒﻞ اﻟﻨﻜﺮان‬
‫وﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺤﻘﻘﻪ إذا ﺗﺄﻣﻠﺖ ﺣﻮﻟﻚ ‪.‬‬

‫أﻟﻢ ﺗﺸﺎﻫﺪ ﻛﻞ ﯾﻮم ان ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن وﻫﻨﺪاﻣﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮي ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻨﺘﻪ ؟ ﻓﺒﺄي ﺷﻲء ﺗﻌﻠﻞ ذﻟﻚ ؟ أﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ‬
‫دون ﻏﯿﺮه ‪.‬‬

‫إذا ﺣﺪث إﻧﻚ ﻏﯿﺮت ﻣﻬﻨﺘﻚ ﺑﺄﺧﺮى ﺧﻠﻘﻚ وﻣﻈﻬﺮك اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﯾﻌﺘﺮﯾﻬﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮ ﻣﺤﺴﻮس ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻟﻤﺠﺮى أﻓﻜﺎرك‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻐﯿﺮت ﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ وﻇﯿﻔﺘﻚ اﻟﺠﺪﯾﺪة ‪ .‬وﻟﯿﺲ ﻫﺬا ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻟﻺﺳﺘﻐﺮاب أو اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻷن وﻇﯿﻔﺘﻚ‬
‫اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺗﻄﻠﺒﺖ أﻓﻜﺎرا ﺟﺪﯾﺪة )) واﻷﻓﻜﺎر أﺗﺨﺬت ﺷﻜﻼ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻚ ((‪.‬‬

‫ﯾﺠﻮز أن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﯾﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮك وﻫﻮ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي أﻧﺒﻬﻚ إﻟﯿﻪ ﺑﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻄـﻚ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻨﺎل ﻧﺼﯿﺒﺎ‬
‫ﻣﻦ إﻟﺘﻔﺎﺗﻚ وﺗﺄﻣﻠﻚ ﻓﯿﻘﻮم ﻟﺪﯾﻚ ﺑﺎﻟﺪﻟﯿﻞ اﻟﻤﻘﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﻟﻚ ‪.‬‬

‫اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻤﻠﻮء ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﻌﺰم ‪ .‬ﯾﻈﻬﺮ اﻟﺤﺰم داﺋﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ‪ .‬وﻣﻦ ﯾﺘﺸﺒﻊ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﺸﺠﻌﺔ ﯾﻈﻬﺮ‬
‫ﺷﺠﺎﻋﺎ ‪.‬‬
‫اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﻔﻜﺮ‪ )) :‬أرﯾﺪ وأﻗﺪر (( ﯾﻨﺠﺢ ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻀﻌﯿﻒ اﻟﺮأي ﯾﻔﺸﻞ ‪.‬‬
‫‪8‬‬
 ‫إﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ وﻟﻜﻨﻚ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﯾﻦ ﻓﺄﺟﺎوﺑﻚ أن اﻟﻔﻜﺮ ﻋﻠﺔ ذﻟﻚ ‪.‬وﻫﺬا ﺷﻲء ﻃﺒﯿﻌﻲ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﯿﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ذﻟﻚ ﯾﺎ ﺗﺮى – ﻷﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﺘﯿﺠﺔ أﺧﺮى ﻣﻤﻜﻨﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻤﻞ ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ‪ .‬ﻓﻜﺮ داﺋﻤﺎ ﺑﻘﻮة ‪ .‬واﻟﻌﻤﻞ ﯾﺘﻤﻢ اﻟﺒﺎﻗﻲ ‪.‬‬

‫اﻟﻔﻜﺮ أﻋﻈﻢ ﻗﻮة ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد ‪ .‬ﻓﺈ ن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﺮﻓﺖ ذﻟﻚ ﻣ ﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﻌﺮﻓﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﻤﻢ ﻗﺮاءة ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ‪.‬‬

‫إﻧﻚ ﺳﺘﻘﻮل وﻻ رﯾﺐ ‪ .‬أن اﻟﻔﻜﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﺣﺪﯾﺜﺔ ﻓﺄﻧﺎ أﻋﺮف ﻣﻦ زﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﯾﻨﺠﺢ ذو اﻟﻌﻘﻞ‬
‫اﻟﻤﺘﺮدد ﺑﻞ ﯾﻠﺰﻣﻪ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ إذا ﻛﺎن ﺿﺮورﯾﺎ ﻻ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻟﻪ ﻋـﻨﻪ ‪.‬‬
‫ﺣﺴﻨﺎ ﻗﻠﺖ ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ وﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗﺠﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺗﺘﺴﺮب إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ وﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ ﺷﺮاﯾﯿﻦ‬
‫ﺟﺴﻤﻚ ‪.‬‬

‫ﺳﺄﻗﻮل ﻟﻚ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ‪:‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﺮأ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮك أﻣﺮ ﻗﻠﺖ )) ﻻ أﻗﺪر (( ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﻘﻮل (( أﻗﺪر ((‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺴﺄﺟﻌﻠﻚ ﺗﺴﺘﺒﺪل ﻛﻠﻤﺔ )) ﻻ أﻗﺪر (( ﺑﺄﻗﺪر ﺛﻢ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺑﻜﻠﻤﺔ )) أرﯾﺪ (( وﺗﻔﻜﺮ ﻓﯿﻬﺎ ﺑﻌﺰم وﺣﺰم ‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﺳﺄﺟﻌﻠﻚ إﻧﺴﺎﻧﺎ آﺧﺮ ﺑﻌﻜﺲ ﻣﺎ أﻧﺖ ﻋﻠﯿﻪ اﻵن ‪.‬‬

‫ﯾﺤﺘﻤﻞ أﻧﻚ اﻧﺘﻈﺮت ﻣﻨﻲ أن أﻟﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻚ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻋﻦ أﺷﯿﺎء ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ وأﻣﻠﺖ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻲ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻻ ﺧﻄﺄ‬
‫ﻓﯿﻬﺎ ‪ ،‬ﺗﺒﺚ ﻓﯿﻚ ﺟﺮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﺗﻜﻔﻰ ﻹﺷﻌﺎل ﻣﺼﺒﺎح ﺑﻤﺠﺮد ﻟﻤﺴﻪ ﺑﻄﺮف أﻧﺎﻣﻠﻚ ‪ .‬أو ﻟﺘﺠﺘﺬب ﻧﺤﻮك أﯾﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺬب اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺲ اﻟﺤﺪﯾﺪ ‪.‬‬

‫ﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ أرﯾﺪه ‪ .‬إﻧﻤﺎ أرﯾﺪ ﺗﻌﻠﯿﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﻮﻗـﻆ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﻗﻮة ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﺎ ﻗﻮة اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ‪ -.‬ﻗﻮة ﺗﺠﻌﻠﻚ‬
‫رﺟﻼ‪ ،‬ﻗﻮة ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺸﺨﺼﯿﺘﻚ وﺑﺂﻧﯿﺘﻚ ‪.‬‬

‫أرﯾﺪ وأﻗﺪر أن أﻃﻠﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﯿﺮك رﺟﻼ ذا ﺻﻔﺎت ﻇﺎﻫﺮة ‪ .‬رﺟﻼ ﯾﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓ ﻬﻲ ﻗﻮة‬
‫ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﻚ ‪.‬‬

‫ﺳﺄﻋﻠﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﻨﻤﻲ ﻓﯿﻚ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮه ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ﺑﺸﺮط أن ﺗﻌﻮد ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺟﺪﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ‬
‫ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻫﺘﻤﺎﻣﻚ ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻨﻤﻮ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﯿﻚ وﯾﺪب دﺑﯿﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻦ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ‬
‫اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﺎ ﺑﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﻤﯿﻌﻪ ‪.‬‬

‫ﻟﻘـﺪ ﺑﺪأت ﺗﺤﺲ ﺑﻌﺰﯾﻤﺘـﻚ أﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ – ﻫﺬا ﻃﺒﯿﻌﻲ ﻻرﯾﺐ ﻓﯿﻪ ‪ .‬ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﯾﺴﺒﻖ ﻟﻲ أن ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ أﻣﺎم‬
‫ﺗﻼﻣﯿﺬي ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺴﺤﺮﯾﺔ )) أرﯾﺪ وأﻗﺪر ‪ .‬وأﻓﻌﻞ (( إ ﻻ وﺗﻨﺸﺮح اﻟﺼﺪور – وﺗﺸﺘﺪ اﻟﻬﻤﻢ ‪ .‬واﻟﻄﻠﺒﺔ‬
‫ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ذﻛﻮرا أو إﻧﺎﺛﺎ ﯾﻨﻈﺮون إﻟﻲﱠ ﻧﻈﺮة اﻟﺮﺟﺎل و اﻟﻨﺴﺎء ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ‪.‬‬

‫ذﻟﻚ ﻷن )) اﻟﻔﻜﺮ ﺗﺠﺴﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ (( أﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺬي ﯾﺪور ﺣﻮﻟﻪ ﻛﻞ ﺷﻲء ‪.‬‬

‫ﻫﺎ ﻗﺪ ﺑﺬرت اﻟﺒﺬور وﺑﺪأت ﺗﻨﺒﺖ ‪.‬‬

‫ﻗﺒﻞ أن أﺧﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﺪرس أرﯾﺪ أن أﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮك إﻟﻰ ﺧﺎﺻﯿﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ‪ .‬وأرﯾﺪ ﺑﻬﺎ ﻗﻮة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﺠﺎذﺑﺔ ‪.‬‬

‫‪9‬‬
 ‫ﻓﺂﻣﻞ أن ﺗﻌﯿﺮﻧﻲ ﻛﻞ إﻧﺘﺒﺎﻫﻚ ﻟﻌﻈﻢ أﻫﻤﯿﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ‪.‬‬

‫وﻻ ازﻋﻢ ان أﻗﺺ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي أو اﺻﻄﻼﺣﻲ ﺑﻞ أذﻛﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﺒﻀﻌﺔ ﻛﻠﻤﺎت ‪:‬‬

‫ﺗﻔﻌﻞ اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻌﻼ ﺟﺎذﺑﯿﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮا ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎﻛﻠﻬﺎ ‪ .‬ﻓﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﻄﯿﺒﺔ ﺗﺠﺘﺬب اﻟﻄﯿﺒﺔ ‪ .‬واﻟﺸﺮﯾﺮة ﺗﻤﯿﻞ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺮدﯾﺌﺔ ) ﻛﺎﻟﻄﯿﻮر ﻋﻠﻰ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺗﻘﻊ ( ﻓﺠﻤﯿﻊ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ووﻫﻦ أو ﻗﻮة وﺣﺰم ‪ .‬أو ﺗﺼﺪﯾﻖ أو رﯾﺒﺔ‬
‫ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ‪.‬‬

‫أﻓﻜﺎرك أﻧﺖ ﺗﺠﺘﺬب إﻟﯿﻬﺎ أﻓﻜﺎر اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻬﺎ وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺰداد ﻋﺪد أﻓﻜﺎرك اﻟﻤﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ‪.‬‬

‫أﻟﻌﻠﻚ ﻓﻬﻤﺖ اﻵن ﻣﺎ أﻋﻨﻲ ‪.‬‬

‫إﻧﻚ إذا ﻓﻜﺮت ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻓﺠﻤﯿﻊ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺼﺪر ﻣﻤﻦ ﯾﻠﻮذ ﺑﻚ ﺗﻨﺠﺬب إﻟﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﻤﻘﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺮاﻛﻢ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﺨﻮف واﺷﺘﺪ ﺑﻚ اﻟﻔﺰع ‪.‬‬

‫ﻓﻜﺮ )) ﻻ أﺧﺎف ﺷﯿﺌﺎ (( ﺗﺮى ﻗﻮة اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﺗﺘﻮارد ﻋﻠﯿﻚ وﺗﻌﺎوﻧﻚ ‪.‬‬

‫ﺟﺮب ذﻟﻚ وأﺑﻌﺪ ﻋﻨﻚ ﻛﻞ ﺧﻮف ‪ .‬واﻋﺘﺒﺮ ﺑﻤﺎ ﺟﺮه ﻫﻮ واﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﺮزاﯾﺎ واﻟﻤﺤﻦ وﺳﻮء اﻟﻤﺼﯿﺮ ‪ .‬أﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ ﻋﯿﻮب اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺨﻮف واﻟﺒﻐﺾ ﻫﻤﺎ اﻟﻔﻜﺮان اﻟﻤﻬﻤﺎن اﻟﻠﺬان ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﺤﻄﻤﺔ اﻟﺪﻧﯿﺌﺔ – وﺳﺄﺷﺮح ﻟﻚ ذﻟﻚ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺪرس اﻟﺘﺎﻟﻲ – وﻟﻜﻨﻲ أﻧﺎﺷﺪك أن ﺗﻨﺘﺰع ﻣﻦ ﻓﻜﺮك ﻫﺬه اﻟﻨﻘﯿﺼﺔ أي اﻟﺨﻮف واﻟﺒﻐﺾ ‪ .‬ﺑﺪدﻫﻤﺎ و ﻗﺾ‬
‫ﻋﻠﯿﻬﻤﺎ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﯾﺘﻠﻔﺎن ﻣﺎ ﯾﺠﺎوراﻧﻪ وﯾﺘﻮﻟﺪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺟﻤﺔ ﻛﺎﻟﻘﻠﻖ – واﻻرﺗﯿﺎب – وﺳﻮء اﻟﻄﻮﯾﺔ واﺣﺘﻘﺎر‬
‫اﻟﺬات – واﻟﻐﯿﺮة – واﻟﺤﺴﺪ – واﻟﻨﻤﯿﻤﺔ – وﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﺮاض اﻟﻮﻫﻤﯿﺔ ‪.‬‬

‫إﻧﻨﻲ ﻻ أﻟﻘﻲ ﻋﻠﯿﻚ ﻋﻈﺔ دﯾﻨﯿﺔ وﻟﻜﻨﻲ أﻋﻠﻢ أن ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮدﯾﺌﺔ ﺗﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮة ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺗﻘﺪﻣﻚ وأﻧﻚ ﻟﻮ‬
‫ﻓﻜﺮت ﻓﯿﻬﺎ ﻣﻠﯿﺎ ﻷدرﻛﺖ ﺻﺪق ﻗﻮﻟﻲ ‪.‬‬

‫إﻓﺘﺢ اﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻋﻠﻰ رﺣﺒﻬﺎ ودع أﺷﻌﺔ ﺷﻤﺲ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﯿﺪة اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﺘﻄﺮد ﻣﻜﺮوﺑﺎت اﻟﺸﻚ واﻟﯿﺄس‬
‫واﻟﻌﺜﺮات اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﺮﻋﻰ ﺧﺼﯿﺒﺎ ﻓﻲ ﻓﺆاد ﻏﯿﺮ ﻓﺆادك ‪.‬‬

‫ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﻋﺰ ﺻﺪﯾﻖ ﻟﻲ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺪرس آﺧﺮ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن أﻟﻘﯿﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻚ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺼﺮﺧﺖ ﻓﻲ‬
‫أذﻧﻚ ﺑﻜﻞ ﻗﻮاي ‪:‬‬

‫ﻻ ﺗﻜﻦ ﺧﺎﺋﻔﺎ وﻻ ﻣﺒﻐﻀﺎ ‪.‬‬

‫‪10‬‬
 ‫ﯾﺘﻮﻗﻒ اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ ـ اﻷﻗﻮﯾﺎء ﯾﻨﺠﺤﻮن ـ ﻣﺎ ﯾﻨﺘﺠﻪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﻮن ﯾﺠﻨﯿﻪ اﻟﻔﺎﻋﻠﻮن ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺎل ﻫﻮ اﻷﺛﺮ اﻟﻤﺤﺴﻮس ﻟﻠﻨﺠﺎح ـ اﻟﻤﺎل واﺳﻄﺔ وﻟﯿﺲ ﻏﺎﯾﺔ ـ ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻷدﺑﯿﺔ ـ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻹﯾﺤﺎء ـ ﺗﺄﺛﯿﺮ‬
‫اﻻﻫﺘﺰاز اﻟﻔﻜﺮي ـ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺎذﺑﺔ ـ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﺨﻠﻘﻲ ‪.‬‬

‫ﺳﺄﻓﺘﺮض ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ أﻧﻚ ﺻﻤﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻗﻮاك اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻟﺘﺴﯿﺮ آﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺘﻲ رﺳﻤﺘﻬﺎ‬
‫ﻟﻨﻔﺴﻚ ‪.‬‬

‫ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺘﻌﻚ ﺑﻤﻮﻫﺒﺔ إﻟﻔﺎت ﻧﻈﺮ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻚ إﻟﯿﻚ واﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﻚ وﺳﻌﯿﻬﻢ ﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻚ إذا‬
‫أﻣﻜﻨﻚ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﯿﻬﻢ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻤﺮﻏﻮب ‪.‬‬

‫إﻧﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺤﻤﻼ ﺑﺄﻛﻤﻞ اﻟﺼﻔﺎت وﻟﺴﺖ ﺣﺎﺋﺰا ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺪﻋﻮﻫﺎ ﻋﺎدة ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎﻃﺴﯿﺴﺔ‬
‫اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ‪ .‬ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﯾﺴﻮد ﻋﻠﯿﻚ أوﻟﺌﻚ اﻟﺤﺎﺻﻠﻮن ﻋﻠﯿﻬﺎ ـ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﺗﺮاه ﻣﻦ اﻹﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻓﻠﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪة‬
‫ﺷﺬوذ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺬﯾﻦ ﺷﺬوا ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻌﻮد ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﻏﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن واﻟﻤﻌﺎرف واﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت‬
‫واﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻷدﺑﯿﺔ ‪ .‬وﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﻧﺪرك أن ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ اﻻت إﻟﯿﻬﻢ ﻣﻦ إﺟﻬﺎد اﻟﻔﻜﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮف‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺟﻬﺎء وﻣﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﻜﺒﺮاء وﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻣﺮاء ‪.‬‬

‫إﻧﻬﻢ ﯾﻌﻤﻠﻮن ﻛﺜﯿﺮا وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﯾﺠﻨﻮن ﺛﻤﺎر ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﯾﺰرﻋﻮن وﻏﯿﺮﻫﻢ ﯾﺤﺼﺪون ‪.‬‬

‫ﻗﺪ ﯾﺤﺪث وﻻ رﯾﺐ أن ﯾﻜﺎﻓﺄ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻬﺮه اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ﻓﻲ درس اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺠﺮدة ﻣﺴﺘﻀﯿﺌﺎ ﺑﻘﻨﺪﯾﻞ ﺿﺌﯿﻞ‬
‫اﻟﻨﻮر وﺗﻜﻮن ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﺎﻟﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﻏﯿﺮ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﯾﻨﺎل اﻟﻤﺮء ﻓﻼﺣﺎ ﯾﺪ آﺧﺮ ﯾﺘﻜﻔﻞ ﺑﻨﺸﺮ ﻋﻠﻤﻪ وﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﺠﺮد إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻤﻞ‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺤﺼﺔ اﻟﻤﺨﺪوم ﺗﻜﻮن أﻗﻞ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺣﺼﺔ اﻟﺨﺎدم أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﯾﻨﺎل اﻟﻨﺎﺷﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﻨﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ‪.‬‬

‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻋﻤﺎل ﻫﻜﺬا ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ إﻋﺘﺒﺎر اﻟﻨﺠﺎح واﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻟﻔﻈﺘﯿﻦ ﻣﺘﺮادﻓﺘﯿﻦ ﻟﻤﻌﻨﻰ واﺣﺪ ‪.‬‬

‫وﻣﻌﻈﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻧﺎﺗﺞ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﯿﻤﻦ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ وﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺨﺘﺮع واﻟﻤﺆﻟﻒ واﻟﻌﺎﻟﻢ وﻛﻞ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻢ أﻟﺌﻚ ﺟﻤﯿﻌﻬﻢ ﯾﻤﻜﻨﻬﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺮارﻫﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ ‪.‬‬

‫إﻻ أن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺪﻧﻲ اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل داﺋﻢ ﺑﺒﻨﻲ ﺟﻨﺴﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﺮﺻﺔ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﯿﻠﻪ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻘﻂ ﺑﻞ وﻗﻮاﻣﻪ اﻟﻤﺎدي أي اﻟﻤﺎل ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺎل ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﺻﻔﺘﻪ اﻟﺬاﺗﯿﺔ ﻟﯿﺲ اﻟﻤﺜﻞ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﯿﺎة إﻧﻤﺎ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﯿﻪ ﻛﻮاﺳﻄﺔ ﺑﻬﺎ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﺮء ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل‬
‫ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺎت اﻟﺤﯿﺎة وﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ وﺟﻤﯿﻞ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا اﻋﺘﺒﺮ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎﻗﻞ ﻻ ﯾﺘﺪاﻧﻰ اﻟﻰ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﯿﻪ ﻟﺬاﺗﻪ ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻓﯿﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻛﻞ أﻏﺮاض اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺸﺒﻌﺔ ﺗﺘﻼﻗﻰ ﻓﻲ ﺳﯿﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﻄﺔ‬
‫اﻻﺗﺼﺎل وﻫﻲ اﻟﻤﺎل ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻧﺠﺎح اﻟﻤﺮء ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﺎرﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻮﻟﯿﺪ ﺛﻘﺔ اﻟﻐﯿﺮ واﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﻪ وﻓﻲ اﺟﺘﺬاﺑﻬﻢ إﻟﯿﻪ‬
‫واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻬﻢ ﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻪ ‪ .‬ﻓﻼ ﻧﻈﻦ أن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻟﺘﺒﺴﻂ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎر أو ﺑﺮﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ‪.‬‬

‫وﻏﺮﺿﻨﺎ اﻵن أن ﻧﻌﺮف اﻟﻘﺎرئ أن ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﺜﻤﻦ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫اﻟﻔﻜﺮي ‪.‬‬

‫وﻫﺬا ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﺳﺮ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ﺑﻞ ﺳﺮ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺴﻌﯿﺪة واﻟﻨﺠﺎح اﻟﺘﺎم ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺬي ﯾﺤﻮز ﻫﺬا اﻟﻜﻨﺰ ﯾﻜﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﻪ ﻛﻤﺤﺎرة ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﺘﺤﻬﺎ واﻟﺘﻠﺬذ ﺑﻄﻌﻤﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺬي ﻟﻪ ﺟﻠﺪ ﻋﻠﻰ إﻇﻬﺎر ﺧﻔﺎﯾﺎه وﺗﻌﻮﯾﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﻀﺮورﯾﺔ ﻟﻨﻤﻮ ﻗﻮاه اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﻪ ﻓﻬﺬا أﯾﻀﺎ‬
‫ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﺗﺪب ﺑﻤﺠﺮد ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮع ‪.‬‬

‫ﺑﯿﺪ أﻧﻲ أﺳﻤﻊ اﻟﻘﺎرئ ﯾﻘﻮل ‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﺣﺴﻦ وأود ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺒﻌﻬﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ ‪.‬‬

‫ﻫﺬا ﻫﻮ ﻏﺮﺿﻨﺎ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﻘﺎرئ ﺧﻄﻮة ﻓﺨﻄﻮة ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻟﯿﺄﻣﻦ اﻟﻌﺜﺮة واﻟﺰﻟﻞ ‪.‬‬

‫وﻗﺒﻞ أن ﻧﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺼﯿﻼت ﯾﺠﺐ أن ﻧﻌﺪد أوﻻ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻧﺤﺼﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺮﻏﺐ وﻫﻮ اﻟﻨﺠﺎح ‪.‬‬

‫ﯾﻜﻮن اﻟﻔﻜﺮ ﻟﻚ ﻋﻮﻧﺎ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﺴﺒﻞ اﻷرﺑﻌﺔ اﻵﺗﯿﺔ ‪:‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﺗﺆﺛﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮا ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮك ﺑﻘﻮة ﻓﻜﺮك أي ﺑﺎﻹﯾﺤﺎء ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﯾﻤﻜﻨﻚ اﻟﻔﺎت ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺎس اﻟﻰ ﻣﺸﺮوﻋﻚ‬
‫واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎوﻧﺘﻬﻢ ﻟﻚ واﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﯾﺘﻬﻢ ﻟﻌﻤﻠﻚ أي اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻬﻢ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬه اﻟﺨﺎﺻﯿﺔ – اﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻧﺪر ﻣﻦ اﻷﺣﻮال – ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد – ذﻛﺮا ﻛﺎن أو أﻧﺜﻰ ‪ -‬اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﻬﻤﺎ‬
‫ﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪه ﻗﻮة اﻹرادة واﻟﺜﺒﺎت اﻟﻀﺮورﯾﺎن ﻟﻨﻤﻮ ﻫﺬه اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ ‪.‬‬

‫وأﻏﻠﺐ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﯾﺮﻏﺒﻮن ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺮع ﻣﻦ دوﺣﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺎﺋﺮ أﺟﺰاﺋﻬﺎ وﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ‬
‫ﻫﻮ اﻟﺬي ﯾﻠﺠﺄ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎ ‪ :‬ﺑﻘﻮة اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛﯿﺮا ﻗﻮﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮس اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ‬
‫ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﺬرﻋﻮن ﺑﻬﺎ ﺿﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻜﻮﻧﻮن ﻛﺎﻷوﻟﯿﻦ ﻓﺎﻋﻠﯿﻦ وﻟﯿﺲ ﻣﻨﻔﻌﻠﯿﻦ ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﯾﺠﻌﻠﻚ أﯾﻀﺎ أﻫﻼ ﻟﻠﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﻰ ﺗﻤﻮﺟﺎت واﻫﺘﺰازات ﻓﻜﺮ اﻟﻨﻔــﻮس‬
‫اﻷﺧـﺮى ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‪ :‬ﺑﻘﻮة ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﻤﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﯾﺔ )) ﺷﺒﯿﻪ اﻟﺸﻲء ﻣﻨﺠﺬب إﻟﯿﻪ ((‪.‬‬

‫ﻓﺈﻧﻚ ﺑﺘﻔﻜﺮك اﻟﻤﺘﻮاﻟﻲ ﻓﻲ ﺷﻲء واﺣﺪ – ﺗﺠﺬب اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻔﻜﺮك واﻟﺘﻲ ﺗﺤﯿﻂ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﯾﻄﻮﻗﻨﺎ ﺑﺨﻔﺎﺋﻪ وﻗﺪرﺗﻪ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬه اﻟﻘﻮة إﺣﺪى اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻐﺎﯾﺔ اﻟﺪﻗﺔ وﺗﺴﺘﻤﺪ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻌﯿﺮه ﻛﺜﯿﺮ‬
‫اﻻﻟﺘﻔﺎت ‪.‬‬

‫)) اﻷﻓﻜﺎر أﺷﯿﺎء ﻣﺤﺴﻮﺳﺔ(( وﻟﻬﺎ ﺧﺎﺻﯿﺔ ﻋﺠﯿﺒﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﺬاب اﻫﺘﺰازات اﻷﻓﻜﺎر اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ‬
‫واﺣﺪ وﺻﻔﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ ‪ :‬ﺑﺘﻘﻮﯾﺔ ﺧﻠﻘﻚ وﻣﺰاﺟﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺳﺪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ورﻏﺎﺋﺐ ﻧﻔﺴﻚ ‪.‬‬

‫ﯾﻨﻘﺼﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح ‪ .‬وأﻧﺖ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي إﻧﺴﺎن آﺧﺮ وﻟﻜﻨﻚ ﺗﻈﻬﺮ‬
‫ﺑﻤﻈﻬﺮ آﺧﺮ إذا ﺗﻈﻦ ان ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺟﺔ ﻓﻲ اﻷﺧﻼق ﻏﺮﯾﺰﯾﺔ ﻓﯿﻚ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﻚ إﺻﻼﺣﻬﺎ ورﺗﻘﻬﺎ ‪.‬‬

‫أﻻ ﻓﺎﻋﻠﻢ أن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ أﻛﺒﺮ ﻋﻀﺪ وﻣﺴﺎﻋﺪ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﯿﻮب وﻓﻲ ﺗﺤﺼﯿﻞ‬
‫ﺻﻔﺎت ﺟﺪﯾﺪة ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﯾﺔ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫‪13‬‬
 ‫ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﺼﻮت ﺟﻬﻮري – اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻤﻬﻤﺔ – اﻹﯾﺤﺎء ﻣﺒﺎﺷﺮة – ﺗﻤﻮﺟﺎت اﻷﻓﻜﺎر – ﻗﻮة اﻟﻔﻜﺮ‬
‫اﻟﺠﺎذﺑﺔ – ﻣﺎ ﻫﻮ اﻹﯾﺤﺎء – أ ﺛـﻨﯿﻨﯿـﺔ اﻟﻨﻔﺲ – اﻹﯾﺤﺎء اﻟﻤﻐﻨﺎﻃـﯿﺴﻲ ‪ -‬اﻟﻮﻇﯿﻔﺘﺎن اﻟﻤﺆﺛﺮة واﻟﻤﺘﺄﺛﺮة – ﻣﺎﻫﯿﺔ‬
‫اﻟﻮﻇﯿﻔﺘﯿﻦ ‪ -‬اﻟﺤﻤﻼن اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ‪ -‬اﻷﺧﺎن اﻟﺸﺮﯾﻜﺎن‪ -‬اﻷخ اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ واﻷخ اﻟﻤﺆﺛﺮ وﺻﻔﺎﺗﻬﻤﺎ– اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺴﺎذج‬
‫واﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﺪﯾﺪ اﻟﻤﺮاس وﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺠﻨﺐ ﻫﺬا اﻷﺧﯿﺮ – ﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﻜﻠﻤﺔ )) ﻻ (( ﺟﻮاﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺆاﻟﻚ ﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻐﺮض ﻓﺘﻈﻔﺮ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﺳﺄﺧﺼﺺ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ واﻟﺬي ﯾﻠﯿﻪ ﻓﻲ ﺷﺮح اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﯾﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻔﺮد أن ﯾﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه أﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎدﺛﺘﻪ‬
‫ﻣﻌﻪ ﺑﺼﻮت ﻋﺎل وﻛﯿﻒ ﯾﺠﻌﻠﻪ ﯾﻬﺘﻢ ﺑﻤﺸﺮوﻋﺎﺗﻪ وﯾﺜﻖ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ وﺗﻌﻀﯿﺪه وﺣﻤﺎﯾﺘﻪ ‪ ،‬وﺑﺎﻹﺟﻤﺎل ﻛﯿﻒ ﯾﺆﺛﺮ‬
‫ﻋﻠﯿﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻻﺑﺪ واﻧﻪ ﺻﺎدف أوﻟﺌﻚ اﻷﺷــﺨﺎص ذوي اﻟﻨﻔﻮذ وأﻋﺠﺐ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻐﺮﯾﺒﺔ ﻓﯿﻬﻢ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ وﻟﻜﻨﻪ‬
‫ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﺴﻊ ﻓﻲ إﻛﺘﺴﺎب ﻣﺜﻠﻬﺎ ‪.‬‬

‫إن ﻓﻦ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻣﺘﻰ واﺟﻬﻨﺎﻫﻢ ﯾﺸﻤﻞ ﺟﻤﯿﻊ وﺳﺎﺋﻂ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘـﺔ وﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﻄـﺒﯿﻌﺔ ﻛﻞ وﺳﯿﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﻌﻤﻖ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﻐﯿﺮ ﺑﯿﺎن اﻟﻘﺴﻢ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻤﺬﻛﻮر اﻟﺬي‬
‫ﺳﻨﺸﺮﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻓﯿﻠﺰﻣﻨﺎ إذن أن ﻧﻘـﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﻷﻗﺴﺎم ﻫﻨﺎ إﻟﻰ أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﯿﻨﻪ وﺣﯿﻨﺌﺬ ﻧﺸﺮﺣﻬﺎ ﺑﺄوﻓﻰ ﺑﯿﺎن ‪.‬‬

‫وأﻧﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻘﺎرئ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺴﺘﻮﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻓﺼﻼ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ‬
‫ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﯿﺘﺠﻠﻰ ﻟﻪ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﻮﺿﻮح وﯾﺪرك ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺮاءت ﻟﻪ أوﻻ ﻏﺎﻣﻀﺔ أو ﻣﺒﻬﻤﺔ ‪.‬‬

‫ﺗﻮﺟﺪ ﻋﺪة وﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ ﺑﻨﻔﻮذه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ـــ وﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﻘﺴﯿﻤﻬﺎ ﻧﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺛﻼث درﺟﺎت ‪:‬‬

‫اﻷوﻟـﻰ ‪ :‬ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺼﻮت وﺑﺎﻟﻤﻈﻬﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻲ وﺑﺎﻟﻌﯿﻦ ـــ ﺑﺬﻟﻚ ﯾﺤﺼﻞ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻹﯾﺤﺎﺋﻲ ‪.‬‬

‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ‪ :‬ﺑﺘﻤﻮﺟﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﺑﻮاﺳـﻄﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻻﺧﺘﯿﺎري ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮض اﻟﻤﺮﻣﻮق ‪.‬‬

‫اﻟﺜـﺎﻟﺜﺔ ‪ :‬ﺑﺨﺎﺻﯿﺔ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺠﺎذﺑﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻨﺠﺬب اﻟﺬي ﺳﻨﺘﻜﻠﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ‪ .‬وﻫﺬه اﻟﻘﻮة‬
‫‪ ،‬أﻫﻢ ﻇﺎﻫﺮات اﻟﻤﻐﻨﺎ ﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺘﻰ ﺗﺤﺼﻠﻨﺎ ﻋﻠﯿﻬﺎ واﻛﺘﺴﺒﻨﺎﻫﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﻬﺎ ﺑﺪون دﺧﻞ ﻟﻺرادة‬
‫ﻓﻲ ذﻟﻚ ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ﻣــﻦ اﻟﺼــﻌﺐ ﺟـــﺪا أن ﻧﻌـــﺮف ﺗﻌـــﺮﯾﻔﺎ واﺿـﺤﺎ ﻣـــﺎﻫــﯿﺔ )) اﻹﯾﺤــﺎء (( إذا ﻛﺎن ﻟﻜﻢ إﻟﻤﺎم ﺑﺄﺻﻮل اﻟﻬﺒﻨﻮﺗﺰم‬
‫)) اﻟﺘﻨﻮﯾﻢ اﻟﻤﻐﻨﺎ ﻃﯿﺴﻲ (( و اﻹﯾﺤﺎء اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ﻷدرﻛﺘﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻠﻤﺔ ا ﻹﯾﺤﺎء أو اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻨﻀﻄﺮ ﻟﺘﻌﺮﯾﻔﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ‪ :‬ﻫﻮ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺤﻮاس ﺑﺈدراك أو ﺑﻐﯿﺮ إدراك ‪.‬‬

‫ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام ﻣﺆﺛﺮون أو ﻣﺘﺄﺛﺮون ‪ .‬وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺪرﺟﺔ اﺳﺘﻌﺪادﻧﺎ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﯿﻬﺎ‬
‫ﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬه اﻟﺪرﺟﺔ أﯾﻀﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪرﺟﺔ ﻧﻤﻮ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻐﯿﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﺘﻠﻘﯿﻦ اﻟﻨﻔﺲ ‪.‬‬

‫ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺪﻋﻲ ﻫﻨﺎ ﺗﺤﻠﯿﻞ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺑﺎﺳﻢ )) أﺛﻨﯿﻨﯿﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ (( اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬت أﺳﻤﺎء‬
‫ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ‪ :‬اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ و اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ‪ ،‬واﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺪرﻛﺔ واﻟﻐﯿﺮ ﻣﺪرﻛﺔ ‪ ،‬واﻟﻨﻔﺲ‬
‫اﻟﻤﺮﯾﺪة واﻟﻤﻜﺮﻫﺔ ‪ ،‬و ﻫﻠﻢ ﺟﺮا ‪.‬‬
‫وإذا أراد اﻟﻘﺎرئ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻧﺸﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﺘﺎب اﻟﻬﺒﻨﻮﺗﺰم اﻟﺬي ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺟﻤﻌﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ‪. Psychic Research Company‬‬
‫وﻟﻜﻲ ﯾﺪرك اﻟﻘﺎرئ ﺑﺴﻬـﻮﻟﺔ ﻣﻌﻨﻰ أﻗﻮاﻟﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻـﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ﻛﻮاﺳﻄﺔ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻧﻌﺮﻓﻪ أوﻻ أن‬
‫ﻟﻠﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ وﻇﯿﻔﺘﯿﻦ ﻋﻤﻮﻣﯿﺘﯿﻦ ﻧﺪﻋﻮﻫﻤﺎ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ أو اﻟﻤﺆﺛﺮة واﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ أو اﻟﻤﺘﺄﺛﺮة ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺗﻨﺘﺞ اﻟﻔﻜﺮ اﻹداري وﺗﻈﻬﺮ ﺑﻤﺎ ﻧﺪﻋﻮه ﻋﺎدة )) ﻗﻮة اﻹرادة ((‪.‬‬

‫ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻌﻞ داﺋﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﺎزم اﻟﻘﻮي اﻟﻨﺸﯿﻂ ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻈﻬﺮ ﻓﯿﻬﺎ إرادﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻔﻜﺮ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﻐﺮﯾﺰﯾﺔ اﻟﻤﺘﻮاردة ﻋﻠﯿﻬﺎ ﺑﺪون دﺧﻞ ﻹرادﺗﻬﺎ ﻓﯿﻬﺎ وﻫﻲ ﺑﻌﻜﺲ‬
‫اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ ‪.‬‬

‫اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ أﻋﻈﻢ ﺧﺎدم ﻟﻺﻧﺴﺎن إذ ﺗﺆدي ﻟﻪ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﻔﻜﺮي وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺄﺷﻖ‬
‫اﻷﻋﻤﺎل ﺑﻐﯿﺮ ﻣﺪح أو ﻫﺠﺎء ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺪون ﺗﺬﻣﺮ أو إﺟﻬﺎد ﻇﺎﻫﺮي وﺑﺪون ﻛﻼل ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ إﻻ ﺑﻀـﻐـــﻂ اﻹرادة وﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻘﺪارا ﻣﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﯿﺮ‬
‫ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺘﻬﻠﻜﻪ ﺷﻘﯿﻘﺘﻬﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﺗﻨﺸﻂ إﻟﯿﻪ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺠﺪ ﻓﯿﻪ‪ .‬ﯾﻌﺘﺮﯾﻬﺎ اﻟﻜﻼل ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻞ ﻣﺠﻬﺪ وﺣﯿﻨﺌﺬ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ‬
‫راﺣﺔ ‪.‬‬
‫وإن اﻟﻘﺎرئ ﻟﯿﺪرك ﻫﺬا اﻹﻋﯿﺎء ﻗﻠﯿﻼ أو ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺨﺪم ﻗﻮﺗﻪ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﻻ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄﻗﻞ ﺗﻌﺐ ﻣﺘﻰ اﺳﺘﺨﺪم‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ــ اﻟﻠﯿﻨﺔ ــ اﻟﻤﻄﯿﻌﺔ ــ اﻟﻮدﯾﻌﺔ ‪.‬‬

‫ــ وأﻇﻦ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻮﺟﯿﺰ أدرك ﺻﻔﺘﻲ ﻫﺎﺗﯿﻦ اﻟﻮﻇﯿﻔﺘﯿﻦ ‪.‬‬

‫ﯾﻮﺟﺪ أﺷﺨﺎص ﺗﻔﻀﻞ أﻓﻜﺎرﻫﻢ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ﻓﻬﺆﻻء اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ إﺟﻬﺎد اﻟﻔﻜﺮ ﻻ ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮن‬
‫ﺳﻮى أﻓﻜﺎر اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺪوﻧﻬﺎ ﻣﻬﯿﺄة ﻟﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺤﻤﻼن اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﯾﻘﺒﻠﻮن وﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺐ‬
‫ذﻛﺮه ﻟﻬﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ وﺑﻬﯿﺌﺔ ﺟﺪﯾﺔ ‪.‬‬
‫‪15‬‬
 ‫وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ اﻧﻬﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﺗﺤﺖ رﺣﻤﺔ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ إﺟﻬﺎدا و اﻷﻇﻬﺮ ﻋﻤﻼ إذ ﯾﻜﻔﻲ ﻟﻬﺆﻻء أن ﯾﻘﻮﻟﻮا ﻟﻬﻢ‬
‫ﻋﻨﺪ أﻣﺮ )) ﻧﻌﻢ (( ﻓﯿﺠﺎروﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻓﻜﺎرﻫﻢ ﻟﻮ ﻛﺎن ﯾﺴﻬﻞ ﻋﻠﯿﻬﻢ ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ )) ﻻ ((‪.‬‬

‫ﻛﺬﻟﻚ ﯾﻮﺟﺪ أﺷﺨﺎص ﻻ ﯾﺴﻬﻞ ﺗﻠﻘـﯿﻨﻬﻢ إﻻ إذا ﺗﺮﻛﻮا ﻟﻮﻇﯿﻔﺘﻬﻢ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﻗﺘﺎ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻲ ﺗﻠﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﺪرﺟﺔ اﻟﻮﻇﯿﻔﺘﯿﻦ اﻟﻤﺬﻛﻮرﺗﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺴﻨﻰ ﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﻤﺪوﻧﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻧﺮﺟﻮك‬
‫أن ﺗﺘﻔـﻜﺮ ﺑﺎﻟﻔـﻜﺮ ﺷﺨﺼﯿﻦ ﺗﻮأﻣﯿﻦ اﺷــﺘﺮﻛﺎ ﻓﻲ ﻋـﻤﻞ ﺗﺠﺎري ‪.‬‬

‫اﻧﻬﻤﺎ ﯾﺘﺸﺎﺑﻬﺎن ﻛﻨﻘﻄﺘﻲ ﻣﺎء وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﯾﺨﺘﻠﻔﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت وﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﻞ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺄدﯾﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺘﻬﺎ ‪ .‬ﻛﻤﺎ أن ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﯿﺒﺎ ﻣﺴﺎوﯾﺎ ﻟﻶﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻷخ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﯾﺮاﻗﺐ وﺻﻮل اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ وﯾﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺒﺎت وﯾﻼﺣﻆ رﺑﻂ وﺷﺤﻦ اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ــ ﺑﯿﻨﻤﺎ أﺧﻮه اﻟﻔﺎﻋﻞ‬
‫ﯾﺘﻤﻢ ﺻﻔﻘﺔ اﻟﺒﯿﻊ وﯾﺪﯾﺮ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﺎل وﯾﻌﻠﻦ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﻞ وﺑﺎﻹﺟﻤﺎل ﯾﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﯾﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ روح اﻟﻌﻤﻞ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺘﺺ ﺑﻤﺸﺘﺮي اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﻓﺎﻷﺧﻮان ﯾﻌﻤﻼن ﻣﻌﺎ ‪.‬‬

‫اﻷخ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻃﯿﺐ اﻟﻘﻠﺐ وﻣﺴﺎﻟﻢ و أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﺎ ‪.‬‬

‫وﻫﻮ ﺑﻄﻲء اﻟﻔﻬﻢ ــ ﻣﻮﺳﻮس ﻣﺤﺪود اﻹدراك وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻮﺛﻮق ﯾﻌﺘﻘﺪ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﯾﺪ أن ﺗﺬﻛﺮه ﻟﻪ إﻻ إذا ﻛﺎن ذﻟـﻚ‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻔﻜﺮة ﺳﺎﺑﻘﺔ رﺳﺨﺖ ﻓﻲ ذﻫﻨﻪ رﺳﻮﺧﺎ ﻣﺘﯿﻨﺎ ‪ ،‬وﻟﻜﻲ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﯾﻘﺒﻞ ﺑﻔﻜﺮة ﺟﺪﯾﺪة ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺴﻘﯿﻬﺎ‬
‫ﻟـﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻋﺎت ﺻﻐﯿﺮة ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن أﺧﻮه ﺣﺎﺿﺮا ﯾﺸﺎﻃﺮه آراءه وأﻓﻜﺎره ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻏﺎﺋﺒﺎ ﯾﺸﺎﻃﺮ آراء وأﻓﻜﺎر اﻵﺧﺮﯾﻦ ‪.‬‬

‫اﻧﻪ داﺋﻤﺎ ﻣﺤﻤﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻚ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺸﺮط أن ﯾﻜﻮن اﻟﻄﻠﺐ ﺑﺤﺰم وﺑﺜﻘﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﻪ ‪ .‬ﻷﻧﻪ ﯾﺨﺸﻰ أن‬
‫ﯾﻬﻨﯿﻚ إذا رﻓﺾ ‪ .‬ﻓﯿﻌﺪك ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ اﻟﻄﻠﺐ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ إﻟﺤﺎﺣﻚ وﯾﺘﺤﺎﺷﻰ إﻫﺎﻧﺘﻚ ﺑﺮﻓﻀﻪ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﻓﻲ ﻏﯿﺎب أﺧﯿﻪ ـــ وﻻ ﯾﻠﺰﻣﻚ إﻻ أن ﺗﻜﻮن ذا ﻣﻈﻬﺮ ﺟﺪي وﻫﯿﺌﺔ ﺻــﺎدﻗﺔ ـــ وواﺛﻘﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻧ ﻮاﻟﻚ اﻟﻤﺮﻏﻮب ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻢ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷخ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻋﺠﯿﻨﺔ أﺧﺮى ـــ ﻣﻦ ﻧﻮع اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺼﻠﺒﯿﻦ ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ ــ اﻟﻤﺮﺗﺎﺑﯿﻦ ﺑﻜﻞ‬
‫ﺷﻲء اﻟﻨﺸﯿﻄﯿﻦ اﻟﻤﺠﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ‪.‬‬

‫ﯾﺮى ﻣﻦ اﻟﻼزم أن ﻻ ﯾﺘﻮاﻧﻰ ﻃﺮﻓـﺔ ﻋـﯿﻦ ﻋﻦ أﺧﯿﻪ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺘـﻠـﻒ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻤﺎ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ إذ ﻟﻮ ﺗﺮﻛﻪ‬
‫ﻟﺤﻈـﺔ واﺣﺪة ﺑﺪون ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻷﻓﺴﺪ ﺷﯿﺌﺎ وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ اﻷخ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻻ ﯾﺴـﺘﺤﺴـﻦ أن ﺗﻘﺎﺑﻞ أﺧﺎه اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻣﺨﺎﻓﺔ أن‬
‫ﺗﺘﺨﺬ ﻣـﻦ ﺿﻌﻔﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻺﺿﺮار ﺑﻜﻠﯿﻬﻤﺎ ‪ .‬ﻫﺬا إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻬﺪ ﻓﯿﻚ ﺣﺴﻦ اﻟﻨﯿﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﺬﻟﻚ أﯾﻀﺎ ﺗﺮاه ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﻚ ﻓﺎﺣﺼﺎ ﻟﯿﺴـﺘﻄﻠﻊ اﻟﻐﺮض ﻣﻦ زﯾﺎرﺗﻚ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺪﻋﻚ ﻓﻲ اﺗﺼﺎل ﻣﻊ أﺧﯿﻪ ‪ .‬وإذا‬
‫ﺳﻤﺢ ﻟـﻚ ﺑﺘﻠـﻚ اﻟﻤﻘـﺎﺑﻠﺔ ﯾﻼﺣﻆ ﻋﻠﯿﻚ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻚ وﺳﻜﻨﺎﺗﻚ وﯾﺴﺘﺮﻋﻰ اﻟﺴﻤﻊ ﻟﯿﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺧﻔﻰ ﻣﻦ ﻏﺮﺿﻚ‬
‫وﻟـﯿﺮﺻـﺪ أﻓﻌﺎﻟـﻚ ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﻋﻠﯿﻚ إﻻ أن ﺗﺠﺪ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨـﺎﺳﺐ وﺗـﺨﻠـﻖ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺴـﺎﻧـﺤﺔ ﻟﺘﻈﻔﺮ ﺑﻤﺮادك ‪.‬‬

‫ﻻ ﯾﺨﻔﻰ أن اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺳﻮى ﺷﺮﻛﺔ ذات وﻇﯿﻔﺘﯿﻦ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺘﯿﻦ ﻟﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ إﻻ أن اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻟﯿﺴﺖ ﻛﻠﻬﺎ‬
‫‪16‬‬
 ‫ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ واﺣﺪ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻻ ﯾﺘﻐﯿﺮ ــ وﻣﻊ أﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﯿﻬﺎ أن ﯾﺠﻌﻞ ﻟﻪ رأﯾﺎ ﻣﺴﻤﻮﻋﺎ وﻗﻮﻻ ﻣﻄﺎﻋﺎ‬
‫إﻻ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﯾﺒﻘﻰ اﻟﺴﺎﻣﻊ اﻟﻤﻄﯿﻊ وﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺳﺒﺒﻬﺎ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻞ إﻟﯿﻬﺎ اﻷخ اﻟﻔﺎﻋﻞ ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﻋﻈﯿﻢ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎء اﻟﻔﺎﻋﻠـﯿﻦ ﻟﻸﻓﺮاد اﻟﻤﺘﺒﺎﯾﻨﯿﻦ ‪.‬‬

‫ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻣﺜﺎل اﻟﻔـﻄﻨﺔ واﻟﻨﺸﺎط ‪ .‬واﻟـﺤﺬق و اﻟﻜﯿﺎﺳﺔ ـــ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﯾﺘﺼﻒ ﺑﻬﺬه اﻷوﺻﺎف ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﺗـﻠـﻚ وﺗﺠﺪﻫﻢ ﻣﺘﺴﺎﻣﺤﯿﻦ وﻣﺘﺴﺎﻫﻠـﯿﻦ ﻛﺎﻟﺸﺮﻛﺎء اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﯿﻦ ‪.‬‬
‫وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻮﺳﻨﺎن وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻤﺘﯿﻘﻆ اﻟﺤﺬر وﻫﻜﺬا ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺪرﺟﺎت وﺗﻔﺎوت اﻟﺼﻔﺎت ﺑﯿﻦ ﻟـﯿﻦ وﺷﺪة ــ وﺿﻌﻒ‬
‫و ﻗﻮة وﺧﻤﻮل وﻧﺸﺎط ‪ .‬وﺑﻼدة وذﻛﺎء ‪.‬‬

‫ﻓﯿﺘﻮﻗﻒ اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ‪ .‬واﻟﺜﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺐ ــ واﻟﻤﻬﺎرة ﻓﻲ اﻛﺘﺴــﺎب‬
‫ﺛﻘﺔ ذﻟـﻚ اﻟﺸﺮﯾﻚ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ اﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﺬﻟﻚ ‪ .‬وﻻ ﺗﺤﺰن إذا ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ــ وﻻ ﺗﻘﻨﻂ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻏﺮﺿﻚ ﺑﻞ ﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺨﺎﻃﺮ ﺑﺸﻲء ﻻ ﯾﻨﺎل ﺷﯿﺌﺎ ﻛﻤﺎ أن اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺨﺎﺋﻒ اﻟﻮﺟﻞ ﻻ‬
‫ﯾﺮﺑﺢ ﺣﺐ اﻟﻤﺮأة اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ ‪.‬‬

‫وإذا ﺻﺪﻗﻨﺎ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ أن ﻣﺎ ﻓﺎز ﺑﺎﻟﻠﺬة إﻻ اﻟﺠﺴﻮر ‪ .‬ﻟﻮﺟﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻌﻠﻢ أن ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ‬
‫واﻟﺒﻌـﺾ ﺑﺼﻌـﻮﺑﺔ ﻓﯿﺠﺐ إذن اﻟﻤﺜـﺎﺑﺮة واﻟﺜﺒﺎت ﻟﻨﯿﻞ اﻟﻤﺮاد ‪.‬‬
‫ﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﻜﻠﻤﺔ )) ﻛـﻼ (( ﺟﻮاﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺆاﻟـﻚ ‪ .‬ﺑﻞ ﺗﻤﺸﻰ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﺸﻰ ﻣﻊ اﻣﺮأة ﺟﻤﯿﻠﺔ ﺗﺘﺤﺒﺐ إﻟﯿﻬﺎ‬
‫ﻓﺘﺘﺪﻟﻞ ﻋﻠﯿﻚ وﺑﻼ ﺷﻚ اﻧﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺠﻨﺒﺖ ورﻓﻀـﺖ ﻣﺒﺎدﻟﺘﻬﺎ ﻏﺮاﻣﻚ ﻛﻠﻤﺎ زدت ﻫﯿﺎﻣﺎ ﺑﻬﺎ وﻟﻢ ﺗﺄﺑﻪ ﺑﺮﻓﻀﻬﺎ ﻣﺮة‬
‫وﺛﺎﻧﯿﺔ وﺛﺎﻟﺜﺔ ‪.‬‬

‫ﻫﻜﺬا أﯾﻀﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل ﻻ ﺗﺘﺮك ﻣﯿﺪان اﻟﺠﻬﺎد ﻣﻌﯿﯿﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﻨﻞ ﻣﺒﺘﻐـﺎك ﻣﻦ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ‪ .‬إﻧﻤﺎ اﻟﺤﻆ ﻛﺎﻟﻤﺮأة ﻟﻪ‬
‫ﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺠﺬاﺑﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻠﻘﯿﻨﺎت ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻜﺮرت زادت ﻗﻮﺗﻬﺎ ‪ .‬ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴــﺎن أن ﯾﺮﻓﺾ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﯿﻪ ‪ .‬وﻟﻜﻨﻪ‬
‫إذا ﺳﻤﻌﻬﺎ ﻣﺮات ﻣﺘﻮاﻟﯿﺔ وﺗﻜﺮرت ﻋﻠﻰ أذﻧﯿﻪ ﯾﺆدى ﺑﻪ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﻬﺎ ــ وﻟﯿﺲ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻐﺮﯾﺐ ﻷﻧﻚ أﻧﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﯾﻜﻮن اﻵﺧﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪا ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻠﻚ ‪ .‬واﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ﻛﺎﻟﺒﺬار اﻟﺬي ﺗﺘﺮﻛﻪ ﻓﻲ أرض ﺧﺼﺒﺔ ــ‬
‫ﻓﻌﻨﺪ ﻋﻮدﺗﻚ إﻟﻰ ﺗﻌﻬﺪه ﺗﺠﺪه أﺛﻤﺮ اﻟﺜﻤﺮ اﻟﻤﻄﻠﻮب ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﺟﺘﺬاب اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔــﺎﻋﻞ إﻟـﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻘــﻮﻟﻚ ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻠﺸﺮﯾﻚ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ) اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ ( ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻼﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻚ‬
‫واﻹﻧﺼﺎت إﻟﯿﻚ ) إذ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻪ اﻟﻔﻀﻮل ( ﻓﯿﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﻚ وﯾﺴـﻌـﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟـﺜـﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺘﻚ واﻟﺘﺤﺪث ﻣﻌﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻋﻦ اﺣﺘﯿﺎﻃﺎت أﺧﯿﻪ اﻟﻔﺎﻋﻞ ‪.‬‬

‫))اﻟﺤﺐ ﻣﺘﻔﻨﻦ ﺑﺎرع (( وﻻ رﯾﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ إذ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﻫﺬه ﯾﺠﻌﻞ اﻷخ اﻟﺴـﺎذج اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ أﻫـﻼ ﻟﻠﺘﺤﺎﯾﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ رﻗﺎﺑﺔ اﻷخ اﻟﻔﺎﻋﻞ وﻟﻠﻮﻗﺖ ﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻮﺟـﻪ ﻗـﻮة اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ إﻟﯿﻪ ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﺗﺠﻌﻠﻚ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺒﺮ‬
‫اﻟﻨﺘـﺎﺋﺞ اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ وأن ﺗﺤﺘﺮز ﻣﻦ ﺗﻠﻘﯿﻨﺎت اﻵﺧﺮﯾﻦ إﻟﯿﻚ ‪.‬‬

‫وﻟﺤﺼﻮل اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻋﻠﻰ أي ﻓﺮد ﺗﻜﻮن ﻟﻚ ﺑﻪ ﺻﻠﺔ أو ﻋﻼﻗﺔ ــ ﻻ ﺗﺠﺪ أﻣﺎﻣﻚ ﻗﻮة اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ اﻟﺬي ﺗﺨﺪع‬
‫ﺑﻬﺎ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺗﺠﺪ أﯾﻀﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﯾﻦ ﻗــﻮﯾﯿﻦ وﻫﻤﺎ ﺗﻤﻮﺟﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺼﺎدرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﻔﺲ وﻗـﻮة اﻟﺠــﺬب اﻟﻔﻜـﺮي ‪.‬‬

‫وﯾﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻮى أن ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻜﺜﺮة ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻤﺮﯾﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺬﻛﺮﻫﺎ ﻟﻚ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻨﻌﻠﻤﻚ أﯾﻀﺎ اﻟﻄﺮق‬
‫اﻟﺘـﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻤﺆﻫﻠﺔ ﻟﻚ ﻟﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻞ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺤﻜﻢ إﻻ ﺑﺤﺴﺐ ﺻﻔﺎت اﻟﻤﺮء‬
‫اﻟﻈﺎﻫﺮة ‪.‬‬
‫‪17‬‬
 ‫ﺑﯿﺪ أﻧﻪ ﯾﻮﺟﺪ أﻣﺮ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ ﻧﻮاﻟﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف ‪ .‬ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻮﺛﻮق واﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺘﺎم ﺑﺄﻧﻪ ﻟﺪﯾﻚ اﻻﺳﺘﻌﺪاد‬
‫ﻻﻣﺘﻼك ﻧﺎﺻﯿﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ‪.‬‬

‫وﻫﺬه ﻇﺎﻫﺮة ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ‪:‬‬

‫ﺷـﺎب ﯾﺮﯾـﺪ أن ﯾﺘﻌـﻠﻢ اﻟﺴﺒﺎﺣـﺔ وﻫﻮ ﻻ ﯾﻌﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ اﻟﺸﺒﺎن ﻟﯿﺴﻮا ﻛﻔﺆا ﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ‬
‫ﺗﻌﻠﻤﻪ ‪.‬‬
‫وﻣﻨﺬ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻻﺑﺪ وأن ﯾﺴﺒﺢ واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ إذا ﺧﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ أﻧﻪ ﻻ‬
‫ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ذﻟﻚ ﻓﻤﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﻣﺤﺎوﻟﺘﻪ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻟﺌﻼ ﯾﻐﺮق ‪.‬‬

‫وﻫﻜﺬا ﺑﺎﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﯾﻨﺒﻎ ﻓﻲ اﻟﻌﻮم ‪ .‬إﻧﻤﺎ اﻟﺸﻲء اﻟﻤﻬﻢ ﻫﻮ اﻋﺘﻘﺎده اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ ‪.‬‬

‫ﺗﻮﺟﺪ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﻚ ﻗﻮة اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻏـﯿـﺮك و ﻟﻜﻦ ﯾﻨﻘﺼﻚ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻬﺎ وإﯾﻘﺎﻇﻬﺎ ﻣﻦ رﻗﺎدﻫﺎ ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﻚ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ﻓﻼ ﯾﻌﺘﺮﯾﻨﻚ اﻟﻮﻫﻦ ‪ .‬ﺑﻞ ﺛﻖ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح وﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺘﻜﻮن أﻋﻈﻢ‬
‫ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺠﺤﻮن ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﺼﺪﻓﺔ أﻣﺎ أﻧﺖ ﻓﺘﻌﻠﻢ اﻟﺴﺒﺐ وﻣﺎ ﻋﻠﯿﻚ إﻻ اﻟﺒﺪء ﻟﺘﺠﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺮوم ﻋﻨﺒﺎ وﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﯾﺎ اﻟﻨﺤﻞ ﺷﻬﺪا ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ـ ﻣﺤﺎدﺛﺔ ـ ﻓﻦ اﻹﺻﻐﺎء ـ ﻛﺎرﻟﯿﻞ وزاﺋﺮه ـ ﻛﯿﻒ ﺗﺘﻌﺮف ﺑﺂﺧﺮ ـ ﻇﺎﻫﺮ اﻹﻧﺴﺎن ـ‬
‫اﻟﻌﻄﻮر واﻟﻨﻈﺎﻓﺔ واﻟﻬﻨﺪام ـ اﻟﺘﺤﻔﻆ واﻟﻄﺒﻊ واﻹﻗﺪام ـ اﺣﺘﺮام اﻟﻨﻔﺲ واﺣﺘﺮام اﻟﻐﯿﺮ ـ اﻟﺼﺮاﺣﺔ واﻟﺠﺪ ـ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‬
‫واﻟﻌﯿﻦ واﻟﻨﺒﺮة ـ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻔﯿﺪة ـ إﺻﻼح ﻣﻌﺎﯾﺐ اﻟﻬﻨﺪام ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺷﺒﻬﻨﺎ و ﻇﯿﻔﺘﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺄﺧﯿﻦ اﺷﺘﺮﻛﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺗﺠﺎري ‪ .‬وﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻵﺗﻲ‬
‫ﻧﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﺘﺸﺒﯿﻪ ﻷﻧﻪ أﺣﺴﻦ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﻠﻌﻼﻣﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﯿﻦ وﻇﺎﺋﻒ اﻟﻨﻔﺲ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬا اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﯾﺠﺐ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻜﻞ رﻋﺎﯾﺔ وإﻛﺮام وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﺒﻘﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻣﺰاج ﺣﺴﻦ وﺧﻠﻖ ﻃﯿﺐ ‪.‬‬
‫ﻓﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ و اﻟﺘﻌﺎرف واﻟﺼﻮت واﻟﻌﯿﻦ وﻏﯿﺮﻫﺎ ﻛﻞ ﻫﺬه أﺷﯿﺎء ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﺎ ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ إن ﻟﻜﻞ ﺷﺮﯾﻚ ﻓﺎﻋﻞ ﺧﺎﺻﯿﺎت ذاﺗﯿﺔ وأذواﻗـﺎ ﺷﺨﺼﯿﺔ إﻻ أن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ وﺟﻮد ﺻﻔﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻜﻞ أوﻟﺌﻚ‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺎء ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻮﺿﻮع اﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻚ ﺣﺘﻤﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﯾﻬﺘﻢ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﺑﻪ وﯾﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮه ‪.‬‬
‫ﻓﺈذا واﻓﻘﺖ ﻫﻮاه ‪ ،‬ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﺤﻮﻟﻪ ﻋﻦ واﺟﺒﺎت رﻗﺎﺑﺔ أﺧﯿﻪ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ‪ ،‬وﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ﯾﻠﺰﻣﻚ اﺳﺘﺪراﺟﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﺘﻌﻠﻢ ‪ ،‬ﻓﺘﻘﻒ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻬﻮﯾﻪ وﯾﺴﺘﻤﯿﻠﻪ وﻟﻜﻦ إﯾـﺎك و اﻟﺘﻤﺎدي ﻓﻲ ﻛﺜﺮة اﻟﺘﻤﻠﻖ ‪.‬‬

‫ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌﻮد ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ اﻹﺻﻐﺎء ﻷن ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺼﻔﺎت اﻷدﺑﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﺜﯿﺮون ﻫﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺼﻠﻮن إﻟﻰ أﻏﺮاﺿﻬﻢ ﺑﺼﻔﺔ واﺣﺪة ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻓـﺔ ﻛﯿﻒ ﯾﺼﻐﻮن وﯾﺴﺘﻔﯿﺪون ‪.‬‬

‫أﻟﻢ ﯾﺄﺗﻚ ﻧﺒﺄ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺎﻫﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﻦ ﻛﺎرﻟﯿﻞ ﻓﻘﺪ روى أن ﺷﺨﺼﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻄﻠﻌﻲ اﻷﺧﻼق اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ‬
‫اﻟﻌﻤﻮم زار ﯾﻮﻣﺎ ﻛﺎرﻟﯿﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﺸﻬﯿﺮ وأﺧﺬ ﯾﻄــﺎرﺣﻪ اﻟﻘﻮل إﻟﻰ أن اﺳﺘﺪرﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﻣﻬﻤـﺔ‬
‫ﻓـﺄﺧﺬ اﻟـﻤﺆﻟﻒ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺜﻼث ﺳﺎﻋﺎت واﻟـﺰاﺋﺮ ﻣﺼﻎ ﻟﻪ وﻟﻢ ﯾﻨﺒﺲ ﺑﻜـﻠﻤﺔ ‪.‬‬

‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﻢّ ﻫﺬا ﺑﺎﻻﻧﺼﺮاف ﺣﯿﺎه ﻛﺎرﻟﯿﻞ أﻋﻈﻢ ﺗﺤﯿﺔ ودﻋـﺎه ﻟﺰﯾﺎرﺗﻪ ﻣﺮة أﺧـﺮى ﻷﻧـﻪ ﺳـﺮّ ﻛﺜﯿﺮا ﺑﻤﺠﻠـﺴﻪ !‬

‫ﻟﻘﺪ ﻗﺒﻀﺖ اﻵن ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪة اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﺄﺻﻎ إﻟﻰ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﻃﻠﻰ ﻣﻔﯿﺪ ــ وﻟﻜﻦ إﯾﺎك وأن ﺗﺠﻌﻠﻪ‬
‫ﯾﺴﺘﻬﻮﯾﻚ ﻟﺌـﻼ ﺗﻨﻘﻠﺐ اﻵﯾﺔ وﺗﺼﺒﺢ أﻧﺖ اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﻜـﻮن اﻟﻤﺆﺛﺮ ‪.‬‬

‫ﻟﯿﻜﻦ إﺻﻐﺎؤك ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه وﺣﺬر ﺣﺘﻰ إذا وﺛﻘﺖ ﻣﻦ رﻛﻮن ﻣﺤﺎدﺛﻚ إﻟﯿﻚ اﻏﺘﻨﻤﺖ اﻟﻔﺮﺻـﺔ وأﺛﺮت ﻋﻠﻰ ﺷﺮﯾﻜـﻪ‬
‫اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻓﺘﻔﻮز ﺑﺎﻟﻤـﺮام ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺘﺺ ﺑﻬﻨﺪاﻣﻚ وﻣﻈﻬﺮك اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻓﺄﺷﯿﺮ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺄن ﺗﺘﺠﻨﺐ أﻃﺮاف اﻷﺷﯿﺎء ﻓﻼ ﺗﻜﻮن ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺘﺄﻧﻖ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﻠﺒﺲ وﻻ ﻋﺪﯾﻢ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﻪ ﺑﻞ ﻛﻦ وﺳﻄﺎ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻮر ﻓﯿﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻈﻬﺮك ﺑﺴﯿﻄﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ واﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ‪,‬‬

‫‪19‬‬
‫ﻓﻼ ﺗﻨﺘﻌﻞ ﺣﺬاء ﻣﺮﻗﻌﺎ ﺑﺎﻟﯿﺎ وﻻ ﺗﻠﺒﺲ ﻗﺒﻌﺔ أو ﻃﺮﺑﻮﺷﺎ رﺛﺎ ﻷن ذﻟﻚ ﯾﺴﺘﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺑﺲ ‪ .‬وﻻ ﺑﺎس‬
‫أن ﺗﻜﻮن ﻣﻼﺑﺴﻚ ﻗﺪﯾﻤﺔ وﻟﻜﻦ ﻧﻈﯿﻔﺔ ‪ .‬ﻓﺎن أول ﻣﺎ ﯾﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ــ اﻟﺤﺬاء واﻟﻄﺮﺑﻮش ــ وﻋﻠﯿﻬﻤﺎ ﯾﺘﻮﻗﻒ ﺣﻜﻢ‬
‫اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﻘﺼﺪه ‪.‬‬

‫وﻟﺘﻜﻦ ﻣﻼﺑﺴﻚ اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻧﻈﯿﻔﺔ ﺟﺪا وﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻌﻄﺮﯾﺔ اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﺬﻟﻚ إذا ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ إﻧﺴﺎن ﻓﻠﺘﻜﻦ ﻫﯿﺌﺘﻚ ﺑﺸﻮﺷﺔ وﺧﻠﻘﻚ ﻫﺎدﺋﺎ ‪ .‬وﻣﻤﺘﻠﻜﺎ زﻣﺎم ﻧﻔﺴﻚ ﻻ ﺗﺤﺘﺪ و ﻻ ﺗﻌﺒﺲ و‬
‫ﻻ ﺗﻈﻬﺮ اﻻﺷﻤﺌﺰاز واﺑﻌﺪ ﻋﻨﻚ اﻟﻮﺟﻞ واﻻﺿﻄﺮاب وﻟـﯿﻜﻦ ﺻﻮﺗﻚ ﻫﺎدﺋﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ اﺣﺘﺪم ﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﻓﺎﻧﻚ ﻻ ﺗﻠﺒﺚ‬
‫أن ﺗﺮاه ﺧﺠﻞ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻪ وﺧﻔﻒ ﻣﻦ ﻏﻠﻮاﺋﻪ ﻣﺘﻰ ﻛﺎن ﺟﻮاﺑﻚ ﻟﻪ ﺑﺴﻜﻮن وﺑﺘﺆدة ‪.‬‬

‫ﻟﯿﻜﻦ ﻋﻠﯿﻚ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﻮﻗﺎر ﻓﺒﺬﻟﻚ ﺗﺤﺘﺮم ﻧﻔﺴﻚ وﺗﺤﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ أن ﯾﺤﺘﺮﻣﻮك وﯾﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﺣﺘﺮام اﻟﻐﯿﺮ‬
‫ﻓﻲ آراﺋﻬﻢ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ وﻋﻮاﻃﻔﻬﻢ ‪.‬‬

‫ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﺤﻠﯿﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻚ اﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ ﺣﺘﻤﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪك ﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ ﺧﻄﺐ ﻣﻮدة اﻷﺻﺪﻗﺎء‬
‫واﻟﺨﻼن ‪.‬‬

‫وﻛﺄﻧﻚ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻘﻮل ﻟﻤﻦ ﯾﺠﺎﺑﻬﻚ ‪ :‬ﻛﻤﺎ أﻧﺎ أﻋﺎﻣﻠﻚ أود أن ﺗﻌﺎﻣﻠﻨﻲ ‪.‬‬

‫وإذا ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻟﺘﻜﻦ أﻗﻮاﻟﻚ ﺟﺪﯾﺔ ﻓﺘﺴﺘﻮﻗﻒ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺎس وﺗﻀﻢ إﻟﯿﻚ ﻋﻀﺪا ﻗﻮﯾﺎ ﻟﯿﻐﺮس ﻓﯿﻬﻢ إﯾﺤﺎءك ﻓﻀﻼ ﻋـﻦ‬
‫أن ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﯾﺔ اﻫﺘﺰازات ﻓﻜﺮك ‪.‬‬

‫وإذا ﺳـﻠـﻤـﺖ ﻓﺎﻣﺪد ﯾﺪك ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺳﯿﺔ وﻻ رﺧﻮة ‪ .‬ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ أﻛﺒﺮ ﻏـﻨﻲ ﺗﺒﺮع‬
‫ﻟﻚ ﺑﻬﺒﺔ ﺛﻤﯿﻨﺔ ــ واﺻﺤﺐ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﺑﻨﻈﺮة ﺣﺎدة ﺛﺎﺑﺘﺔ ‪.‬‬

‫ﺳﻨﺸﺮح ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻘﺪرة اﻟﻨﻈﺮ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ ﻟﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺘﯿﻨﺔ ﺑﯿﻨﻪ وﺑﯿﻦ اﻟﺘﺴـﻠـﯿﻢ ﺑﺎﻟﯿﺪ ﻓﺎﻻﺛﻨــﺎن‬
‫ﯾﺘﻤﺸﯿﺎن ﻣﻊ ﺑﻌﺾ وﯾﺘﻤﻤﺎن ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﯿـﺄس أﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎرئ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺎﺋﺰا ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺴـﺎﺑﻖ ذﻛﺮﻫﺎ ‪ .‬ﺑ ﻞ ﺿﻊ ﻧﺼـﺐ ﻋـﯿﻨﯿﻚ ﻫـﺬه اﻟﺤﻘـﯿﻘﺔ ــ‬
‫ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻮاﻫﺐ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ إذا اﻋـﺘﻨﯿﺖ وﻣﺪدت ﯾﺪك ﻷﺧﺬﻫﺎ ‪.‬‬

‫ﺳﻨﻔﯿﺾ ﻟﻚ اﻟﺸﺮح ﻓﻲ ﻓـﺼــﻞ آﺧﺮ ﻋﻦ ﻛﯿﻔـﯿـﺔ ﺗﻜﻮﯾﻦ اﻟـﺨﻠـﻖ ‪.‬‬

‫ﯾﻮﺟﺪ ﻋـﻀـﺪ آﺧﺮ ﻟﻪ ﻗﺪرة ﻫـﺎﺋﻠﺔ ﺗﺠﺪه ﻓﻲ اﻟـﻌـﯿﻦ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺮاد اﻟﺘﺄﺛـﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ و إﻋﺎﻧﺔ ﺷﺮﯾﻜﻨﺎ اﻟﻔﺎﻋﻞ‬
‫ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ذا اﻟﺬي ﯾﺠﻬﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة ؟ ــ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻗـﻠﯿﻠﻮن ﻫـﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ وﯾﻌﺮﻓﻮن ﺳـﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﯾﻤﻜﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻤﺠﻠﺪات اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻛﺴﻼح ﻟﻠﻬﺠﻮم أو ﻟﻠـﺪﻓـﺎع ــ وﻛﻮاﺳــﻄﺔ ﻟﻠﺘــﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﻧﺴـﺎن واﻟﺤﯿﻮان ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌــﯿﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ دوام اﻟﻜﻨﺰ اﻟﺬي ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻪ‬
‫ودرﺳﻪ ‪.‬‬
‫وﺳﻨﺨﺼﺺ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻹﺛﺒﺎت ﻣﻔﻌﻮل اﻟﻌﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘـﺄﺛـﯿﺮ ــ ﺛﻢ ﻧﺒﯿﻦ ﻛﯿﻒ ﯾﻨﻤﻮ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ و ﻛﯿﻒ‬
‫ﺣﺎﺷﻰ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻧﻈﺮ اﻵﺧﺮﯾﻦ ‪.‬‬

‫‪20‬‬
 ‫أﻋﻈﻢ واﺳﻄﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻟﯿﺆﺛﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ ــ أﺳـــﺒﺎب و ﻧﺘﺎﺋﺞ ــ اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ‬
‫اﻟﻌـﯿﻦ ــ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت اﻷﻟﯿﻔﺔ واﻟﻤﻔـﺘﺮﺳﺔ ــ اﻻﺳﺘﻬﻮاء و اﻟﺠﺬب اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺴﻲ ــ اﻟﺒﺼﺮ اﻟﻤﻤﻐـﻨـﻂ‬
‫ــ اﻟﻨﻈﺮ و اﻻﻧﺘﺒﺎه ــ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻐﺮض ـــ اﻟﺘﺪرع ﺿﺪ ﺗـﺄﺛـﯿﺮ ﻧﻈﺮ اﻟﻐـﯿﺮ ـــ ﻛﯿﻒ ﻧﺴﺘﻬﻮى اﻵﺧﺮﯾﻦ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫اﻟﻌﯿﻦ إﺣﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه اﻟﻤﺨﺎﻃﺐ و ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ أﺗﻢ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻘﺒﻮل‬
‫إﯾﺤﺎﺋﻚ ‪.‬‬

‫وﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓـﻠﻠﻌـﯿﻦ ذاﺗﻬﺎ ﺧﺎﺻﯿﺔ ﻗﻮة ﻏﺮس إرادﺗﻚ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻐﯿﺮ ﺑﺸﺮط أن ﺗﺒﺎﺷﺮ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ‬
‫ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ــ أﻧﻬﺎ ﺗﺠﺘﺬب وﺗﺄﺳﺮ وﺗﺴﺤﺮ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ و ﺗﻤﻬﺪ ﻟﻚ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻤﻮﺻﻞ ﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ‪.‬‬

‫ﻫﻲ اﻟﺴﻼح اﻟﻤﺨﯿﻒ ﻟﻠــﺬي ﯾﻠﻢ ﺑﻌـﻠﻢ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻠـﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫إﻧﻬﺎ ﺗﻘﺘﻠﻊ ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻫﺘﺰازات ﻧﻔﺲ ﻫﺬا اﻷﺧﯿﺮ ﻟﺘﻐﺮﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻣﺨﺎﻃﺒﻪ ‪.‬‬

‫اﻧﻚ وﻻ رﯾﺐ ﺳﻤﻌﺖ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻌﯿﻦ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ وﻏﯿﺮﻫﺎ ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﻤﺪﯾﻦ ﯾﺆﺛﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ أﺧﯿﻪ اﻟﻤﺘﻮﺣﺶ اﻟﻬﻤﺠﻲ ‪.‬‬

‫ﻛﺜﯿﺮون ﻻﺑﺪ و أﻧﻬﻢ ﺗﻘــﺎﺑﻠﻮا ﺑﺄوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨـﺎص اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻐﯿﺮ ﺑﻘﻮة اﻟﺘﻔﺮس‬
‫اﻟﻨﻈﺮي ‪ .‬ﺳﻨﻮﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻌﺾ ﺗﻤﺎرﯾﻦ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪ اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺪﻋﻮه ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ‬
‫اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﻌﻀﺪ اﻟﺜﻤﯿﻦ ﻟﻤﻦ ﯾﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻤﻐﻨﺎ ﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﺘﻮﺟﯿﻪ ﻧﻈﺮك ﺗﻮﺟﯿﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ــ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ ﯾﺠﻌﻠﻚ أﻫﻼ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﺗﺄﺛﯿﺮا أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺴﺤــﺮ أو‬
‫ﺑﺎﻻﺟﺘــﺬاب اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﻗﻮة اﻻﻫﺘﺰازات اﻟــﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺒﻌﺜــﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻤﻤﻐﻨﻂ اﻟﺼﺎدر ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌﯿﻦ ‪.‬‬

‫و ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺤﺪث ﻓﻲ ﻇﺮوف ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ أﯾﻀﺎ ﻃﺮﻗﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺼﻌﺐ ﺗﻠﻘـﯿﻦ ﻗﻮاﻋﺪ ﺗﻨﻄﺒﻖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻇﺮوف اﻟﺤﯿﺎة ‪.‬‬

‫ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ إذاً أن ﺗﺘﻌﻮد ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻘﯿﺪات اﻟﻐﯿﺮ ﻣﻨﺘﻈﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮﺿﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ‪.‬‬

‫ﻏﯿﺮ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ ﺟﺪا أن ﺗﺒﺪأ ﺣﺪﯾﺜﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ وﺟﻪ ﻣﺨـﺎﻃﺒﻚ ﻧﻈﺮا ﻣﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺎ ﻧﺎﻓﺬا ‪ .‬وﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري‬
‫اﻟﺘﺤﺪﯾﻖ ﺑﻪ ﺑﻞ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺄن ﯾﻜﻮن ﻧﻈﺮك ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﻀﻄﺮب وﺗﻈﻬﺮ ﻓﯿﻪ ﻗﻮة اﻹرادة وﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ‪.‬‬

‫وﯾﻤﻜﻨﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ أن ﺗﻮﺟﻪ ﻧﻈﺮك إﻟﻰ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى وﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻞ ﺟﻤﻠﺔ ﺗﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ﻛﺄﻧﻚ ﺗﺮﯾﺪ ﺗﻔﻬﯿﻤﻪ ‪ )) :‬ﻫﻜﺬا أرﯾﺪ وﯾﺠﺐ أن أﻧﺎل ((‪.‬‬

‫‪21‬‬
 ‫ﻓﻼ ﺗﻨﺲ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وﻻ ﺗﺤﺪ ﻋﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻏﺐ ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺎﻃﻠﺒﻪ ﺑﻮﺿﻮح وﺑﻌﺰة ﻧﻔﺲ ﺷﺎﺧﺼﺎ ﺑﺒﺼﺮك إﻟـﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﺴﺄﻟﻪ وﻣﻌﺘﻘﺪا ﻓﻲ‬
‫ﺑﺎﻃﻨﻚ أﻧﻚ ﻧﺎﺋﻞ ﺳﺆﻟﻚ ‪.‬‬

‫اﺟﺘﻬﺪ أن ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻻ ﯾﺤﻮل ﻧﻈﺮه ﻋﻨﻚ أو ﯾﻠﺘﻔـﺖ إﻟﻰ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى أﺛﻨﺎء ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﺑﻞ ﯾﺠﺐ ﺣﺘﻤﺎ أن ﺗﺴﺘﺮﻋﻰ‬
‫اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ إﻟﯿﻚ ﻓﯿﺘﺄﺛﺮ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ وﯾﺪع أﺧﺎه اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﯾﻘﺘﺮب ﻣﻨﻚ وﯾﺼﻐﻲ ﻟﺤﺪﯾﺜﻚ وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﯾﻤﯿﻞ إﻟﻰ ﻗﺒﻮﻟﻪ‬
‫واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫وإذا رأﯾﺘﻪ ﯾﺘﺠﻨﺐ ﻧﻈﺮك ‪ .‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺴـــﺘﻠـﻔـﺘﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻵﺗﯿﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﺤﻮل أﻧﺖ أﯾﻀﺎ ﻧﻈﺮك إﻟﻰ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺑﺸﺮط أن ﺗﺮﻣﻘﻪ ﺑﻄﺮف ﻋﯿﻨﻚ ﻓﺒﺎﻟﻄﺒﻊ ﯾﻠﺘﻔﺖ ﻫﻮ إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﯿﻬﺎ ــ ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺗﺮﻣﻘﻪ ﺑﻌﯿﻦ ﺣﺎدة وﺑﻨﻈﺮ ﺳﺮﯾﻊ وﺑﻌﺰم ﻗﻮى ــ ﻷن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ‬
‫اﻟﺴﯿﻜﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻻﺳﺘﺌﺴﺎره وﺗﻤﻠﻚ اﻟﻘﯿﺎدة ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﺄت ﺑﺎﻟﻐﺮض اﻟﻤﻘـﺼـﻮد ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟـﯿﻚ واﻻﻟـﺘﻔﺎت ﻟﻘـﻮﻟـﻚ ﻓـﺄﺷـﯿﺮ ﻋﻠﯿﻚ أن‬
‫ﺗﻘـﺪم ﻟﻪ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻣﻤﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﺟﺌﺖ ﻟﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ‪.‬‬

‫ﺳﺘﺘﺤﻘـﻖ أﻧﻪ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﻚ ﺑﻌﺪ أن ﯾﻔﺤﺺ ﻣﺎ أﻃﻠﻌﺘﻪ ﻋﻠﯿﻪ ﻓﯿﺠﺐ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ﺗﺠﻌﻞ ﻧﻈﺮك ﯾﺘﻘﺎﺑﻞ ﻣﻊ ﻧﻈﺮه‬
‫وأن ﺗﻜﻮن ﺛﺎﺑﺘﺎ وﻣﻮﺣﯿﺎ إﻟﯿﻪ ﺑﻜﺎﻣﻞ إرادﺗﻚ ‪.‬‬

‫ﻓﺈذا اﺳﺘﻄﻌﺖ أن ﺗﺤﺼﺮ اﻟﺘﻔﺎﺗﻪ إﻟﯿﻚ وأﻓﻠﺤﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻠﻊ إﻟﯿﻪ أﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎدﺛﺘﻚ ﻣﻌﻪ ــ ﻓﺎﻧﻚ وﻻﺑﺪ ﻧﺎﺋﻞ ﻣﻨﻪ‬
‫ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ ــ اﻟﻠﻬﻢ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﺧﺒﯿﺮا ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﯿﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﺘـﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ ‪.‬‬

‫وﻟﺮﺑﻤﺎ ﺗﺪرك ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺣﺪﯾﺜﻚ ﻣﻌﻪ أﻧﻪ ﯾﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﻚ أو ﯾﺮﯾﺪ وﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻤﺤﺎدﺛﺘﻚ ﻓﺮارا ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﺮ اﻟﺬي‬
‫ﯾﺤﺪث ﻟﻪ ﻓﻼ ﺗﺪﻋﻪ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﻗـﺖ اﻟﺴــﯿﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﺤﺼﻮل ﺗﺄﺛﯿﺮك وﺟﻨﻰ ﺛﻤﺮ ﺗﻌﺒﻚ ‪.‬‬

‫وﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌـﺐ اﻟﺘﺄﻣﻞ أو اﻟﺘﺮوي أﺛﻨـﺎء اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻈﺮي اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ــ ﻓﺈﻧﻲ أﻧﺼﺤﻚ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮاس ﻣﻦ ﻫﺬه‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻏﯿﺮك ﻻﺳﺘﻬﻮاﺋﻚ ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻏﺐ أﻧﺖ ﻓﻲ اﺳﺘﻬﻮاء ﻏﯿﺮك ﺑﻬﺎ ‪ .‬وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن داﺋﻤﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﺬر ﻣﻔﻜﺮا ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ أﻧﻚ أﻗﻮى ﻣﻨﻪ وﺳﺘﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﻪ ــ ﻓﻼ ﺗﻜﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ أو اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ ‪ .‬وإذا ﻻﺣﻈﺖ‬
‫أن ﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﯾﺤــﺎول اﻹﯾﺤـﺎء إﻟﯿﻚ ﺑﻘﻮة ﻧﻈﺮه ﻓﺎﺟﺘﻬﺪ أﻧﺖ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﺑﺘﺤـــﻮﯾﻞ ﻧﻈﺮك إﻟﻰ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻻ‬
‫ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ وﻛﺄﻧﻚ ﻣﺼﻎ إﻟﯿﻪ ــ وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺮوي ﻓﻲ اﻷﻣﺮ وﺗﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﯿﺎد ﻻ ﻣﺆﺛﺮا وﻻ ﻣﺘﺄﺛﺮا ــ‬
‫وإذا ﻋﺮض ﻋﻠﯿﻚ أﻣﺮا ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻓﯿﻪ ﻓﺎن ﻟﻢ ﯾﻮاﻓﻖ ﻫﻮاك ﻓﺎرﻓﺾ ﺑﺜﺒﺎت وﺣﺰم وﻟﻜﻦ ﺑﺄدب واﺣﺘﺸﺎم ‪.‬‬

‫اﺟﻌﻞ داﺋﻤﺎ ﺷﺮﯾﻜﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ رﻗﯿﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ واﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎدﺛﺔ ﻣﺎ ‪ ،‬ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻫﻮ‬
‫اﻟﻤﺆﺛﺮ واﻟﺴﺎﻣﻊ ﻫﻮ اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ أو اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ‪ .‬وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﻨﺘﺒﻬﺎ وﻓﻜﺮه ﻣﻨﺤﺼﺮا ﻓﻲ اﻹﺻﻐﺎء ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ‬
‫اﻧﻔﻌﺎﻻ وﺗﺄﺛﺮا ﻓﺘﻀﻌﻒ ﻗﻮﺗﻪ وﺗﺸﺘﺪ ﻗﻮة اﻟﻤﺆﺛﺮ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ‪.‬‬

‫ﻓﯿﺠﺐ أن ﺗﻼﺣﻆ ذاﺗﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ وﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ وﻻ ﺗﺪع اﻹﯾﺤﺎء ﯾﻨﻄﺒﻊ ﻓﻲ‬
‫ﻓﻜﺮك ‪.‬‬

‫وﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺒﺮة ﺻﻮﺗﻚ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻼم ذات ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺛﻮق ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻄﻠﻮﺑﻚ واﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﻨﻮال ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ‬
‫وإذا أردت أن ﺗﻜــﻮن ﻟﻚ ﺻــﻮرة ﻓﻜــﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻷﻟﻔﺎظ )) اﻟﺠﺪي اﻟﻤﻘﺘﻨﻊ (( ﻓﺎﻧﻚ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺣﯿﻨﺬاك ﻣﻦ إدراك‬
‫ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ اﻹﯾﺤﺎء اﻟﺬي ﺗﺒﺎﺷﺮه ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ واﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎص )) ﺑﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ (( ﺳﯿﺮﺷﺪك‬
‫إﻟﻰ ﻃﺮﯾﻖ ذﻟﻚ أﻣﺎ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺴﻨﺨﺼﺼﻪ ﻟﻠﺒﺼﺮ اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺴﻲ ‪.‬‬
‫‪22‬‬
 ‫ﻣﺎﻫﯿﺔ اﻟﺒﺼﺮ اﻟـﻤﻤﻐﻨﻂ ـــ ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ اﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ــ ﺗﺪرﯾﺒﺎت ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺤﺎء ‪ .‬اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻷول ‪ :‬ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺼﺮ ﺛﺎﺑﺖ وﻧﺎﻓـﺬ ــ ﺗـﺄﺛﯿﺮه ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن و اﻟﺤﯿﻮان ـــ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺗﻘﻮﯾﺔ اﻟﺒﺼﺮ أﻣﺎم اﻟﻤﺮآة ــ ﻛﯿﻒ ﺗﻘﺎوم‬
‫ﺑﺼﺮ اﻵﺧﺮﯾﻦ ـــ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ :‬ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻀــــﻼت و اﻷﻋﺼـــــــﺎب اﻟﺒﺼﺮﯾﺔ ـــ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺮاﺑﻊ ‪ :‬ﻓﻦ ﺗﻘﻮﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻀــــﻼت و اﻷﻋﺼـــــــﺎب اﻟﺒﺼﺮﯾﺔ ـــ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺨﺎﻣﺲ ‪ :‬ﺗﺠﺎرب ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس و ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ــــ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ‬
‫اﻟﺴﺎدس ‪ :‬اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺴﻤﻮح ﺑﻬﺎ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫إن اﻟﺒﺼﺮ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻋﺎدة ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ اﻟـﻤﻤﻐﻨﻂ واﻟـﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ رﻏﺎﺋﺐ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌــﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن‬
‫أﻋﺼﺎﺑﻬﺎ وﻋﻀﻼﺗﻬﺎ ﻧﻤﺖ ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﺗﻤﻜﻨﻚ ﻣﻦ إرﺳﺎل ﻧﻈﺮات ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺣﺎدة وﻧﺎﻓﺬة ‪.‬‬

‫إن ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻮﻟﯿﺪ اﻟﻤﺠﻬﻮد اﻟﻔﻜﺮي ﺳﻨﺸﺮﺣﻪ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻵﺗﯿﺔ أﻣﺎ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪا وﯾﺠﺐ‬
‫دراﺳﺘﻬﺎ ﺑﻜﻞ اﻋﺘﻨﺎء ودﻗﺔ إذ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺑﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﺑﺼﺮك ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮك ‪.‬‬

‫وﺳﺘﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺪرﯾﺞ ﺑﻠﺬة ﻫﺬه اﻻﺧﺘﺒﺎرات ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﺒﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻠﻮذون ﺑﻚ ! وﯾﺘﺤﻘﻖ ﻟﺪﯾﻚ اﻧﻬﻢ‬
‫ﻻ ﯾﻘﻮون ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎل ﺣﺪة ﻧﻈﺮاﺗﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮﺑﻬﺎ إﻟﯿﻬﻢ وﯾﺸﻌﺮون ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻘﺸﻌﺮﯾﺮة إذا ﺣﺪﺟﺘﻬﻢ ﺑﺒﺼﺮك ﺑﻀﻊ‬
‫دﻗﺎﺋﻖ ‪.‬‬
‫وﻣﺘﻰ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﺒﺼﺮ اﻟـﻤﻤﻐﻨﻂ ﻟﻦ ﺗﺮﻏـﺐ ﻓﻲ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ وﻻ ﺑﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ ﺑﻞ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺒﺎﺷﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام وﺗﺠﺮﺑﻬﺎ ﻣﻊ أﺻﺤﺎﺑﻚ وﻣﻌﺎرﻓﻚ ﻟﺘﻘﻒ ﺑﻨﻔﺴﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻌﻮل اﻟﻘﻮة اﻟﺒﺎﺻﺮة اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺴﯿﺔ ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أوﻻ ــ ﺧﺬ ورﻗﺔ ﻣﺮﺑﻌﺔ ﺑﯿﻀﺎ ء ﺳــﻄﺤﻬﺎ ‪ 15‬ﺳﻨﺘﯿﻤﺘﺮا ﻣﺮﺑﻌﺎ وارﺳﻢ ﻓﻲ وﺳﻄﻬﺎ داﺋﺮة ﺳﻮداء ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻨﺼﻒ‬
‫ﻗﺮش وﯾﻜﻮن ﻓﺮاغ اﻟﺪاﺋﺮة ﻛﻠﻬﺎ أﺳـﻮد ‪ .‬ﺛﻢ ﺛﺒﺖ اﻟﻮرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺋﻂ ﺑﺎزاء ﻧﻈﺮك ﺑﺮﻫﺔ وﻋﺎود اﻟﺘﺤﺪﯾﻖ ﻣﺮة‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺔ ‪ .‬ﺛﻢ ﺛﺎﻟﺜﺔ وﻛﺮر ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ‪.‬‬

‫دع ﻛﺮﺳﯿﻚ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ واﻧﻘﻞ اﻟﻮرﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻓﯿﻪ ‪.‬‬

‫اﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن واﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺤﺎﺋﻂ أﻣﺎﻣﻚ ﺑﺮﻫﺔ ﺛﻢ ﺣﻮل ﻧﻈﺮك ) ﺑﺪون أن ﺗﺤﺮك رأﺳﻚ( إﻟﻰ‬
‫اﻟﺠﻬﺔ اﻟﯿﻤﻨﻰ وﺣﺪق ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺴﻮداء ﻧﺤﻮ دﻗﯿﻘﺔ ‪.‬‬

‫‪24‬‬
 ‫ﻛﺮر ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ أرﺑﻊ ﻣﺮات ‪ .‬ﺛﻢ ﻧﻮﻋﻪ ﺑﻨﻘﻞ اﻟﻮرﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﯿﺴﺮى ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﯿﻤﻨﻰ ‪.‬‬

‫ﻛﺮر ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻣﻊ إﻃـﺎﻟﺔ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ دﻗﯿﻘﺔ إﻟﻰ دﻗﯿﻘﺔ وﻧﺼﻒ ﻓﺪﻗﯿﻘﺘﯿﻦ ‪ .‬وﻋﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ أﯾﺎم أﻃـــﻞ‬
‫ﻣﺪة اﻟﺘﺤﺪﯾﻖ اﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ دﻗﺎﺋﻖ وﻫﻜﺬا ﻛﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﺗﻀﯿﻒ دﻗﯿﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﺳﺘﺒﻘﺎء ﻋﯿﻨﯿﻚ ﻣﺤﺪﻗﺔ ﻧﺤﻮ‬
‫رﺑﻊ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺪون أن ﺗﺮﻣﺶ أو أن ﺗﻐﺮورق ﺑﺎﻟﺪﻣــــﻮع وﻣﺘﻰ وﺻــﻠﺖ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﻓﺘﺄﻛﺪ أن ﻧﻈﺮك ﺣﺎز‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟـﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟـﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وﺑﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺒﻚ ﺣﺘﻰ أن اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ﺗﻀﻄﺮب ﻣﻦ ﻧﻈﺮاﺗﻚ‬
‫وﺗﻔﺰع ﻣﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻻ ﺗﻀﺠﺮ أو ﺗﻤﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻓــﻮاﺋﺪه اﻟﻌﺪﯾﺪة ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎ ــ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻵﺗﻲ ﻓـﺒﻪ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻐﯿﺮ ‪ .‬ذﻟـﻚ ﺑﺄن ﺗﻘـﻒ‬
‫أﻣﺎم اﻟﻤﺮآة وﺗﺤﺪق ﻓﻲ ﻧﻈﺮك اﻟـﻤﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪ .‬وﺗﻜﺮر ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺮارا ﻋﺪﯾﺪة ﻣﺘﺪرﺟﺎ ﻣﻦ دﻗﯿﻘﺔ إﻟﻰ اﺛﻨﯿﻦ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ رﺑﻊ ﺳﺎﻋﺔ وﺑﺬﻟـﻚ ﺗﻌﻮد ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎوأة ﻧﻔـﻮذ ﻧﻈﺮ ﻏﯿﺮك وﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﻧﻈﺮك أﻧﺖ أﯾﻀﺎ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ــ ﻗﻒ أﻣﺎم اﻟﺤﺎﺋﻂ وﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺘﺮ واﺣﺪ ﻣﻨﻪ وﻋﻠﻖ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺤﯿﺚ ﺗﻜﻮن اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺴﻮداء‬
‫ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﻣﻰ ﻧﻈﺮك ‪ .‬ﺛﻢ ﺛﺒﺖ ﻧﻈﺮك ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻤﺬﻛﻮرة ‪.‬‬

‫وﺣﺮك رأﺳﻚ راﺳﻤﺎ ﺑﻬﺎ ﺷﺒﻪ ﻗﻮس ﺑﺪون أن ﺗﺤﻮل اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺴﻮداء ‪.‬‬

‫‪25‬‬
 ‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﯾﺴﺘﻠﺰم ﺗﺤﺮك اﻟﻌﯿﻨـﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺟﺮﻫﻤﺎ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﯾﺘﻄﻠﺐ إﺟﻬﺎدا ﻋﻈﯿﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻀﻼت‬
‫واﻷﻋﺼﺎب ‪.‬‬

‫ﻧ ﻮّع اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﺘﺤﺮﯾﻚ رأﺳﻚ ﻓﻲ ﺟﻬﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻟﯿﻜﻦ ﻋﻤﻠﻚ ﺑﺘﺆدة ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺘﻌـﺐ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ ــ اﻟﺼﻖ ﻇﻬﺮك ﺑﺤﺎﺋﻂ اﻟﻐﺮﻓﺔ ‪ .‬واﻧﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺋﻂ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ‪ .‬وﺻﻮب اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﯿﻪ ﻣﺘﻨﻘﻼ إﻟﻰ‬
‫آﺧﺮ ﻣـﻦ ﻓﻮق إﻟﻰ ﺗﺤﺖ وﻣﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﯿﺴﺎر ــ ﺑﺪون أن ﺗﺘﺤﺮك ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺘﻌﺐ ﻋﯿﻨﯿﻚ اﺳـﺘﺮح ‪ .‬ﺛﻢ‬
‫ﻛﺮر اﻟﻌﻤـﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى ‪.‬‬

‫واﻟﻐﺮض ﻣـﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﺗﻘﻮﯾﺔ اﻟﻌﻀﻼت واﻷﻋﺼــــﺎب اﻟﺒﺼﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ ــ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺗﺤﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮ ﻗﻮي وﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮن واﺛﻖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ‪ .‬اﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﺪﯾﻖ ﻟﻚ أن ﯾﺠﻠﺲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ أﻣﺎﻣﻚ ﺛﻢ ﺣﺪﺟﻪ ﺑﻨﻈﺮك واﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﯾﻨﻈﺮ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ إﻟﯿﻚ ﺑﻘﺪر إﻣﻜﺎﻧﻪ وﻟﺴﻮف ﺗﺮى أﻧﻪ ﯾﺘﻌﺐ‬
‫وﯾﻘﻮل ﻟﻚ ﻛﻔﻰ ‪ .‬ﻓﯿﻜﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻵوﻧﺔ ﻗﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻨﻮﯾﻢ اﻟـﻤﻐﻨﻄﯿﺴﻲ ‪.‬‬

‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أﯾﻀﺎ أن ﺗﺠﺮب ﻗﻮة ﻧﻈﺮك ﻓﻲ أي ﺣﯿﻮان وﺳﺘﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ أﻧﻪ ﯾﺨﺸﺎك وﯾﻔﺮ ﻣﻦ أﻣﺎﻣﻚ ﻓﺰﻋﺎ ‪.‬‬
‫‪27‬‬
 ‫وأﺷﯿﺮ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺄن ﻻ ﺗﺨﺒﺮ أﺣﺪا ﺑﺎﺷـــﺘﻐﺎﻟﻚ ﺑﺎﻟـﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴـــﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﻣﻨﻬﺎ أن اﻟﻨﺎس إذا ﻋﻠﻤﻮا ﺑﺬﻟﻚ‬
‫ﯾﺘﺤﺎﺷﻮن ﺗﺄﺛﯿﺮك ‪ .‬وﻫﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﯾﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻚ اﻟـﻤﻤﻐﻨﻄﺔ ‪.‬‬

‫ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺳﺮك واﻇﻬﺮ ﻗﻮﺗﻚ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺘﺒﺠﺢ واﻟﺜﺮﺛﺮة ـــ ﺧﺬ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﺤﻔﻆ ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ وﻻ‬
‫ﺗﻘﺮأﻫﺎ ﻗﺮاءة ﺳﻄﺤﯿﺔ أو ﺑﻌﺠﻠﺔ ‪ .‬ﺑﻞ ﺑﺘﺄن ٍ وﺑﺎﻟﺘﺪرﯾﺞ اﻟﻄﺒﻌﻲ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻋﯿﻨﯿﻚ ﺗﺮﻣﺶ ﺑﻜﺜﺮة ‪ .‬وﻻ ﺗﻄﺒﻖ ﺟﻔﻨﯿﻚ ‪ .‬وﻗﻮة اﻹرادة واﻟﺘﺄﻣﻞ ﯾﺴـﺎﻋﺪاﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﺬ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدات ‪.‬‬

‫وإذا ﺷﻌﺮت ﺑﺘﻌﺐ ﻋﯿﻨﯿﻚ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ ﻓﺒﻠﻠﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎرد ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺣﺎﻻ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ ‪ .‬وﻣﺘﻰ واﻇﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎرات ﺑﻀﻌﺔ أﯾﺎم ﻟﻦ ﺗﻌﻮد ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻜﻠﻞ ﻣﻄﻠﻘﺎ ‪.‬‬

‫‪28‬‬
 ‫اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻗﻮة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺠﺎذﺑﺔ واﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة ــ اﻟﻈﺎﻫﺮات اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮ ــ آﻧﯿﺔ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺸﻌﻮر‬
‫ﺑﺸﺨﺼﯿﺘﻪ ــ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ‪ ،‬اﻹرادة وﺳﺮ ﻧﻤﻮﻫﺎ ــ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻔﻜﺮي اﻹﯾﺠﺎﺑﻲ واﻟﺴﻠﺒﻲ ــ اﻧﻘﺬاف اﻟﺘﻤﻮﺟﺎت‬
‫اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻟﻘﺪ أوﺿﺤﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎرئ أن ﯾﺆﺛﺮ أﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎدﺛﺔ ﺑﺼﻮت ﻋﺎل ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻻﺳﺘﻬﻮاء أو‬
‫اﻹﯾﺤﺎء ‪.‬‬

‫واﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﻔﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻗﻮﺗﺎن أﺧﺮﯾﺎن ﻓﺈﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ‬
‫وﺳﻨﺸﺮﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺗﺎل ‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻫﻲ ﺗﺄﺛﯿﺮ إرادة ﻧﻔﺲ ﺷﺨﺺ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ‪.‬‬

‫وﻫﺎﺗﺎن اﻟﻈﺎﻫﺮﺗﺎن ﻟﻘﺪرة اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻣﺘﺒﺎﯾﻨﺘﺎن ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻘﻮة اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﻣﺘﻰ ﺑﺎﺷﺮت اﻟﻌﻤﻞ ‪ .‬ﺗﺒﺪي ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ ﺑﺪون ﺿﺮورة ﻹﺟﻬﺎد اﻟﻨﻔﺲ ـــ ﻓﯿﻜﻔﻲ أن‬
‫ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻜﺮة ﻗﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻌﯿﻦ ﻟﺘﺤﺮﯾﺾ ﻗﻮة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة ﻫﻲ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻗﻮة اﻟﻨﻔﺲ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻵﺗﯿﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻨﻘﺬف اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ وﺗﻨﺪﻓﻊ ﺑﺎﻃﺮاد ﻗﻮة إرادة اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﺘﺤﻤﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ اﺗﺠﺎه ﻣﻌﯿﻦ ‪ :‬وﻣﺘﻰ‬
‫ﺑﻄﻞ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺤﺮﻛﺔ ﺑﻄﻠﺖ أﯾﻀﺎ اﻻﻫﺘﺰازات ‪.‬‬

‫ﻓﻤﺠﻬﻮد اﻹرادة اﻟﺪاﻓﻊ ﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻤﻮﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﺷﻲء ﺧﺎص ﻫﻮ ﻣﺎ اﺻﻄﻠﺤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﯿﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﻤﺮﯾﺪة ‪.‬‬

‫وﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻫﻲ إﺣﺪى اﻟﻘﻮات اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻷﻛــﺒﺮ ﻣﻘﺪرة واﻷﻗﻞ ﻣﻔﻬﻮﻣﯿﺔ ‪ .‬ﻓﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ وﻗﻠﯿﻞ‬
‫ﻣﻨﻬﻢ ﯾﺪرك ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻛﻨﻬﺎ ‪ .‬وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻻ ﯾﺠﻬﻠﻮن ﻣﻔﻌﻮﻟﻬﺎ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﻣﺼﺪرﻫﺎ وﻻ ﻧﻤﻮﻫﺎ ‪.‬‬

‫وﻟﻮ أراد اﻟﻘﺎرئ ﺗﻜﺮﯾﺲ اﻟﻮﻗﺖ واﻟـﻤﺠﻬﻮد اﻟﻼزﻣﯿﻦ ﻟﻬﺎ ﻷﻣﻜﻦ إﻧﻤﺎؤﻫﺎ ﻟﺪرﺟﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻻ ﺗﻘﺪر ﻗﯿﻤﺘﻬﺎ وﺳﻨﺒﯿﻦ‬
‫اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ )) اﻟﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮي ((‪.‬‬
‫وﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﯾﻠﺰم ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻹرادة اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻻﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن‬
‫ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﺜﯿﺮون ﻣﻨﺎ ﻻ ﯾﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﺬات اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ إﻻ ﻛﺠﺴﻢ ﻃﺒﯿﻌﻲ ﺑﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ــ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ اﻟﻤﺎدﯾﯿﻦ ‪.‬‬

‫‪29‬‬
 ‫وآﺧﺮون ﯾﻌﺘﻘﺪون اﻵﻧﯿﺔ ) ‪ ( moi‬ﻧﻌﺖ ﻟﻠﻔﻜﺮ وﻣﺮﻛﺰه ﻓﻲ اﻟـﻤﺦ وﯾﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺴﻢ ‪.‬‬

‫ﻟﻬﺬا اﻟﺮأي ﻧﺼﯿﺐ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﯿﺲ ﺻﺤﯿﺤﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮه ‪ .‬وﻗﻮم آﺧﺮون ﯾﻌﺘﻘﺪون اﻧﻪ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ‬
‫داﺧﻠﻬﻢ ‪ .‬آﻧﯿﺔ ﻋﻠﯿﺎ ‪ .‬وﻋﺪد ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ أدرك ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬه اﻵﻧﯿﺔ اﻟﻌﻠﯿﺎ وﯾﻄﺒﻖ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻧﯿﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺬات اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ أرﻗﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻔﺲ أﺳﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ ‪ .‬واﻟﺠﺴﻢ واﻟﻨﻔﺲ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ‬
‫درﺟﺔ أﻗﻞ ﻣﻨﻪ ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻹﻧﺴﺎن إﻻ آﻟﺔ ﻟﻪ ـــ وﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻣﺘﻰ وﺟﺪ ﺿﺮورة ﻟﺬﻟﻚ ‪.‬‬

‫إن اﻵﻧﯿﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ وﻧﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮدﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺤﺺ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ ﺑﺤﻘﯿﻘﺘﻪ ووﺟﻮده وذاﺗﯿﺘﻪ وﻟﻜﻨﻪ أﻫﻤﻞ إدراك أﻫﻤﯿﺔ ذﻟﻚ ‪.‬‬

‫ﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺟﺎﻧﺒﺎ ﺑﺮﻫﺔ ‪ .‬و ارخ ﻋﻀﻼت ﺟﺴﻤﻚ وﻛﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﺨﺎء ﺗﺎم ‪ .‬وﻧﻔﺴﻚ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎل ﺛﻢ ﻓﻜﺮ‬
‫ﺑﻬﺪوء وﻃﻤﺄﻧﯿﻨﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ آﻧﯿﺘﻚ ‪ .‬ﻣﺘﻤﺜﻼ أﻧﻬﺎ أﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ وﻣﻦ ﺟﺴﻤﻚ ‪ .‬ﻓﺎﻧﻚ إن ﻛﻨﺖ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺤﻘﯿﻘﺔ ﺗﻠﻚ اﻵﻧﯿﺔ ﻓﻲ داﺧﻠﻚ وﯾﺘﺠﻠﻰ ﻟﻚ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﻓﻲ ذاﺗﻚ ﺣﺘﻰ أن اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺠﺴﻢ ﻗﺪ‬
‫ﯾﺰوﻻن واﻟﻤﻨﻌﻮت )) ﺑﺎﻵﻧﯿﺔ (( ﯾﺒﻘﻰ ﺧﺎﻟﺪا ‪.‬‬

‫إن )) اﻵﻧﯿﺔ (( ﻗﺎدرة ــ وﻻ ﯾﻔﻮق ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﺷﻲء ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺘﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﯿﻪ أن ﺗﺨﻀﻊ ﻻرادﺗﻬﺎ ــ‬
‫ﻓﯿﺘﺠﺪد اﻹﻧﺴﺎن وﯾﺒﻠﻎ درﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ‪.‬‬

‫إن اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﻛﺘﺒﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻢ ﯾﺪع ﻟﻨﺎ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺘﺒﺴﯿﻂ ﻓﻲ ﺷﺮح ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ وﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺤﺘــﺎج إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺪات ﺿﺨﻤﺔ ‪ .‬وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﺴﻌﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺳﻮى إﻟﻔﺎت ﻧﻈﺮ اﻟﻘﺎرئ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻨﺎﺻﻌﺔ ‪ .‬وﻫﻮ‬
‫ﺣﺮ ﻓﻲ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﻓﻖ ﻫﻮاه ﺳﻮاء ﻗﺒﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﻬﺎ أو ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﯿﺮ أﻧﻨﺎ ﻧﺆﻛﺪ ﻟﻪ أن‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻫﻲ أن اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ دﻟﯿــﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن وﻣﻈﻬﺮ ﻵﻧﯿﺘﻪ ـــ وﻣﺘﻰ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺴﺮﻫﺎ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ أدرﻛﺖ ﺳﺮ اﻟﺤﯿﺎة ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻏﺮﺳﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺬار اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ وﻻ ﺑﺪ أﻧﻪ ﺳﯿﻨﺒﺖ وﯾﻨﻤﻮ وﯾﺼﯿﺮ ﺷﺠﺮة ﻋﺠﯿﺒﺔ ﺗﻔﻮح ﻣﻦ أزﻫﺎرﻫﺎ أزﻛﻰ‬
‫اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻌﻄﺮﯾﺔ ــ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤﺘﺪ أوراﻗﻬﺎ وﺗﺘﻜﺎﻣﻞ أزﻫﺎرﻫﺎ ــ ﻋﻨـﺪﺋـﺬ ﺗﻌﻠﻢ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻧﻔﺴﻚ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮل ‪:‬‬

‫)) ﻟﻘﺪ وﺟﺪت ﯾﺎرب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻜﻮﯾﻦ اﻷزﻣﺎن ــ وﺷﺎﻫﺪت وﺳﺄﺷﺎﻫﺪ ﺗﻮاﻟﻲ اﻷﺣﻘﺎب واﻟﺪﻫﻮر ــ اﻟﻨﻮر ﯾﺘﻠﻮه‬
‫اﻟﻈﻼم واﻟﻠﯿﻞ ﯾﻌﻘﺒﻪ اﻟﻨﻬﺎر ‪ .‬وﻻ راﺣﺔ ﻟﻲ وﻻ ﻫﻮادة إﻟﻰ أن ﺗﺘﻼﺷﻰ اﻷﻛﻮان ذﻟﻚ ﻷﻧﻲ أﻧﺎ ﻧﻔﺲ وﻋﻠﺔ وﺟﻮد‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ((‪.‬‬

‫ﻟﯿﺴﺖ اﻹرادة إﻻ ﻣﻈﻬﺮا ﻟﻔﻜﺮ اﻟﻔﺮد وﺗﻮﺟﺪ ﻋــﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻫﺬﯾﻦ اﻟﻮﺻﻔﯿﻦ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻔﺲ‬
‫واﻟﺠﺴﺪ ‪.‬‬

‫وأﻧﻨﺎ ﺑﻘﻮﻟﻨﺎ )) ﻧﻤﻮ اﻹرادة (( ﻧﻌﻨﻲ ﻧﻤﻮ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺟﻮد اﻹرادة وﻗﻮة ﺳﻠﻄﺎن ﻫﺬه ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫اﻹرادة ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﻗﻮﯾﺔ وﻻ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﻨﻤﻮ ‪ .‬وﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻊ ﺗﻤﺎم ﺻﺤﺘﻪ ﯾﺨﺎﻟﻒ اﻟﻘﻮل اﻟﻤﺄﻟﻮف ‪.‬‬

‫ﯾﻨﺘﺸﺮ ﺗﯿﺎر اﻹرادة ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻏﯿﺮ أﻧﻪ ﯾﻠﺰم إﺛﺒﺎت اﺗﺼﺎل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﺎﻃﺮة ﻟﯿﺘﺴﻨﻰ ﻟﻚ‬
‫ﺗﺴﯿﯿﺮ ﻗﻄﺎر اﻟﻨﻔﺲ ‪.‬‬
‫‪30‬‬
 ‫ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻟﺒﺸﺮي أن ﯾﺨﺘﺎر ﻃﺮﯾﻘﯿﻦ ‪:‬‬

‫اﻷول ‪ :‬ــ اﻟﺬي دﻋﻮﻧﺎه )) اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ (( ﻫﻮ ﻣﺠﻬﻮد ﻏﺮﯾﺰي أو ﺷﺒﻪ ﻏﺮﯾﺰي ﯾﺤﺪث ﻣﻦ ﺗﻠﻘــﺎء‬
‫ذاﺗﻪ ﺑﻐﻲ إﺣﺘﯿﺎج ﻷي ﻗﻮة إرادﯾﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ــ ﻧﺪﻋﻮه )) اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻔﺎﻋﻞ (( ﯾﺤﺪث ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻮة ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ اﻹرادة ‪ .‬وﻻ ﻧﺘﻮﻟﻰ‬
‫ﻫﻨﺎ ﺷﺮح اﻟﺴﺒﺐ ﻷن ﻏﺮﺿﻨﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﻧﻌﻠﻢ اﻟﻘﺎرئ )) ﻛﯿﻒ (( وﻟﯿﺲ )) ﻟﻤﺎذا (( ﺗﺤﺪث ﻫﺬه‬
‫اﻷﺷﯿﺎء ‪.‬‬

‫ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻏﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﻓﻜﺎره ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ )) اﻟﻔﻌﻞ (( ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﻮّت ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﻌﺮف ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﯾﻤﺘﺎز ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻦ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﯾﺘﺒﻊ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ‪.‬‬

‫ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ أي ﻧﻮع ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺆﺛﺮ اﻫﺘﺰازاﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ ﺗﺄﺛﯿﺮا ﯾﺘﺒﻊ اﻟﻘﻮة اﻟﺪاﻓﻌﺔ‬
‫واﻟﻤﺤﺮﻛﺔ ﻟﻬﺎ إن ﻛﺜﯿﺮا أو ﻗﻠﯿﻼ ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ ﻓﺎﻷﻓﻜﺎر اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ أﻗﻞ ﻗﺪرة ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ ﻏﯿﺮ أﻧﻬﺎ إذا ﺗﻮاﻟﺖ ازدادت ﻗﻮﺗﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻲ ﯾﺪرك اﻹﻧﺴﺎن ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﯾﻠﺰﻣﻪ إﺟﻬﺎد اﻹرادة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﯾﺮﯾﺪ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻮاﺳﻄﺔ‬
‫اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺠﻬﻮد ﺷﺪﯾﺪا ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻗﻮﯾﺎ ‪.‬‬

‫‪31‬‬
 ‫اﻹرادة دﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺠﺎح ــ اﻟﻘﻮة اﻻﻫﺘﺰازﯾﺔ ــ اﻧﺘﻘﺎل اﻷﻓﻜﺎر وﻗﺮاءﺗﻬﺎ ــ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﯿﺔ ــ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎت ﻋﻤﻮﻣﯿﺔ ــ ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮة ﻟﻺﺿﺮار ﺑﺎﻟﻐـﯿﺮ ــ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺸﯿﻄﺎن ــ ﺗﻤﺎرﯾﻦ ‪ :‬ﻻﻟﻔﺎت ﻧﻈﺮ إﻧﺴﺎن واﻟﺘـﺄﺛـﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ‬
‫ﻋﻤﻮﻣﻲ ــ واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺪون أن ﺗﻨﻈﺮ إﻟﯿﻪ ــ اﻹﯾﺤﺎء إﻟﯿﻪ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻧﺴﺎﻫﺎ ــ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻃﺎﻟﺐ أﻟﻤﺎﻧﻲ ــ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺎرﯾﻦ ــ اﻷﻏﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﯿﻬﺎ ﻗﻮﺗﻚ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫إن اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻞ ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎف ﺑﺎﻹرادة ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮا ﺑﺤﺴﺐ اﻷﻓﺮاد ‪ .‬وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﯾﻤﻜﻦ‬
‫ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﯾﺤﺪث ﺗﺄﺛﯿﺮا ﻛﺒﯿﺮا ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ إرادﺗﻪ ﻗﻮﯾﺔ وﻋﺰﯾﻤﺘﻪ ﺛﺎﺑﺘﺔ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺑﺴﻂ زﻋﻤﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ذواﺗﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻟﺪرﺟﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ‪ .‬ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﻔﻘﻬﻮن ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﯿﻬﻢ وﻻ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﯾﺆﺛﺮون ﺑﻨﻔﻮذﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮاﺋﻬﻢ ــ ﺑﻞ ﻏﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﺮﻓﻮﻧﻪ أن ﻓﯿﻬﻢ‬
‫ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ ﻏﯿﺮﻫﻢ وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﺪرون ﻣﺎﻫﯿﺘﻬﺎ وﻻ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻧﺎﺑﻠﯿﻮن ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت ﻫﻮ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﺣﺎز أﻋﻈﻢ درﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة وﻛﺎﻧﺖ إرادﺗﻪ ﺗﺆﺛﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻼﯾﯿﻦ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻓﯿﺄﺗﻤﺮون ﺑﺄﻣﺮه ‪ .‬وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻞ إﻟﯿﻬﺎ ﺗﻔﻮق ﺣﺪ اﻟﺘﺼﻮر ــ وﯾﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺆﻛﺪ‬
‫أﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻤﺎﻫﯿﺔ ﻗﺪرﺗﻪ ﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﻟﺘﻲ ﻓﺎه ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻈﺮوف وﻛﺎﻧﺖ أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻘﻮة وﻟﻜﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻧﻜﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ وأﻓﺮط ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ اﺿﻤﺤﻠﺖ ﻗﻮﺗﻪ وﻫﻮى ﻣﻦ ﻋﻠﯿﺎء ﻣﺠﺪه وﻛﺎن‬
‫ﺳﻘﻮﻃﻪ ﻋﻈﯿﻤﺎ ‪.‬‬

‫ﯾﺮى اﻟﻘﺎرئ أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺠﺤﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺪرﻛﻮن ﺣﻘﯿﻘﺔ آﻧﯿﺘﻬﻢ وﯾﺜﻘﻮن ﺑﺬواﺗﻬﻢ وﯾﺘﻔﺎءﻟﻮن ﺧﯿﺮا ﺑﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻓﯿﻪ ﯾﺸﺮﻋﻮن ‪.‬‬

‫ﯾﺤﺴﻮن ﻛﻨﺎﺑﻠﯿﻮن )) ﺑﺤﺴﻦ ﻧﺠﻤﻬﻢ (( وﻫـﺬه ﻫﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻹدراك اﻟﻐﺮﯾﺰي ﺑﺎﻵﻧﯿﺔ ‪ .‬ﻓﻜﺎﻧﻮا ﯾﺘﻌﻄﺸﻮن ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ‬
‫واﻟﻤﺠﺪ واﻟﺜﺮوة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺪب دﺑﯿﺒﻬﺎ ﻓﯿﻬﻢ وﯾﺪﻓﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐﺮﯾﺰة إﻟﻰ اﻟﻮﺛﻮق ﺑﻤﻌﻮﻧﺔ )) اﻵﻧﯿﺔ ((‪.‬‬

‫ﯾﻮﺟﺪ ﻛﺜﯿﺮون ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻫﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻸﺳﻒ ﻻ ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﺮك اﻟﺤﯿﺎة ﻓﯿﻜﺘﻔﻮن ﺑﺎﻟﻘﻠﯿﻞ وﻻ‬
‫ﯾﺄﺑﻬﻮن ﺑﻤﺎ ﺗﺪﻋﻮه ﻏﺎﻟﺒﯿﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح أو ﺑﺎﻟﺴﯿﺎدة ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ‪.‬‬

‫ﻛﺜﯿﺮون ﯾﺤﻮزون ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮات اﻟﺨﻔﯿﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﯾﺰدر ون ﺑﺎﻟﻤﺮاﺗﺐ اﻟﺮﻓﯿﻌﺔ وﺑﺎﻟﺸﻬﺮة واﻟﻤﺠﺪ ــ ﻷن ذﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ‬
‫ﻧﻈﺮﻫﻢ اﻟﻐﺮض اﻟﻨﺒﯿﻞ اﻟﺬي ﯾﺴﻌﻮن إﻟﯿﻪ وإﻧﻤﺎ ﯾﻔﻀﻠﻮن اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﻲء أﺳﻤﻰ وأﺟﻞ ﻣﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﻓﻲ أﻋﯿﻨﻬﻢ ‪.‬‬

‫ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ ــ ﺑﺎﻃﻞ اﻷﺑﺎﻃﯿﻞ اﻟﻜﻞ ﺑﺎﻃﻞ وﻗﺒﺾ اﻟﺮﯾﺢ ‪ .‬وﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﻮك ) ‪ ( PUCK‬ﯾﺎ‬
‫ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻔﺎﻧﯿﻦ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻧﯿﻦ ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ﯾﻈﻬﺮ أن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎﺻﺔ ﯾﺴـﺎوي ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻮر ﻓﺎﻟﻐﻨﻰ واﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﻤﺮاﺗﺐ اﻟﺮﻓﯿﻌﺔ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ‪ .‬وﻣﺎ أﺻﺪق‬
‫ﻫﺬه اﻷﻣﺜﻠﺔ )) ﻻ راﺣﺔ ﻟﻠﺮأس اﻟﻤﺘﻮﺟﺔ (( وﻻ ﺗﺨﻠﻮ اﻟﻮردة ﻣﻦ ﺷﻮﻛﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﺑﯿﺪ أن ﻏﺮﺿﻲ ﻟﯿﺲ إﺑﺪاء ﻋﻈﺔ دﯾﻨﯿﺔ أو إﺛﺒﺎت ﻧﻈﺮﯾﺔ أﺧﻼﻗﯿﺔ ﻓﻠﻜﻞ ﻓﺮد ﺣﻖ اﺧﺘﯿﺎر ﻣﺎ ﯾﻮاﻓﻘﻪ وﻟﯿﺲ ﻷﺣﺪ أن‬
‫ﻟﻐﯿﺮه ‪ .‬وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﺪم ﻟﻠﻘﺎرئ ﺳﻮى ﻧﺼﯿﺤﺔ واﺣﺪة وﻫﻲ )) اﻧﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ أﺣﺴﻦ اﻟﻌﻤﻞ ((‪.‬‬

‫ﺿﻊ ﯾﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮاث ﺑﺪون أن ﺗﻠﺘﻔﺖ وراءك ‪ .‬اﺧﺘﺮ ﻏﺎﯾﺘﻚ واﻗﺼﺪﻫﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺪون ﺗﺮدد وأزل ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﻚ‬
‫اﻟﺤﻮاﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮﺿﻚ ‪.‬‬

‫وﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺘﻚ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻮﺟﺪ ﻓﯿﻚ )) رﻏﺒﺔ (( ﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎح وﯾﺠﺐ أن ﺗﻘﺎﺑﻞ آﻧﯿﺘﻚ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ‪.‬‬
‫ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗﺼﺎدف ﻓﯿﻚ ﻗﻮة اﻹرادة وﺻﺪق اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻓﺴﺮﻧﺎ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ إن اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة ﻫﻲ ‪ )) :‬اﻟﻤﺠﻬﻮد اﻟﺬي ﺗﺒﺬﻟﻪ اﻹرادة ﻹﺣﺪاث اﻫﺘﺰازات‬
‫اﻟﻔﻜﺮ ودﻓﻌﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻏﺮض ﻣﻌﯿﻦ ((‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻘﻮة اﻻﻫﺘﺰازﯾﺔ ﯾﻤﻜﻦ إﺣﺪاﺛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ أي أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺑﺼﻮت ﺟﻬﺮي ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﺋﺰ إﺣﺪاﺛﻬﺎ‬
‫أﯾﻀﺎ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻻﻫﺘﺰازات ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﯿﺪة وﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻫﻲ اﻟﻤﺪﻋﻮة ﺑﺎﺳﻢ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﻔﻜﺮ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﺪﯾﻨﺎ وﺷﻮاﻫﺪﻫﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻨﺎدرة اﻟﺤﺼﻮل واﻟﺬﯾﻦ ﯾﻤﺎرﺳﻮﻧﻬﺎ ﺣﺴﻨﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ﺑﻌﺪم إﻓﺸﺎﺋﻬﺎ ‪ .‬ﺑﯿﺪ أن ﻋﺪد اﻷﺷﺨﺎص‬
‫اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻤﺎرﺳﻮن )) ﻫﺬه اﻟﻘﻮة (( ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ﻫﻢ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﻮﻫﻢ ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻏﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﺗﻌﺪ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ واﻵﯾﺎت وﻫﻢ ﻻ ﯾﺮﯾﺪون أن ﯾﺘﺪاﻧﻮ إﻟﻰ‬
‫ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ وﺗﻔﺴﯿﺮ ﺳﺮﻫﺎ ــ ﻻﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ أن زﻣﻦ اﻹﻓﺸﺎء واﻹﺣﺎﻃﺔ ﻟﻢ ﯾﺤﻦ ‪.‬‬

‫وﻹﻧﻤﺎء اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة ﯾﻠﺰم أوﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ ذات اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮة ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻓﯿﺠﺐ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺎ‬
‫أوﻻ ﺛﻢ اﻟﺘﻌﺮف ﺑﻬﺎ ﺛﺎﻧﯿﺎ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻌﺘﺮي اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺸﻚ ﻓﻲ وﺟﻮدﻫﺎ وﻓﻲ ﻣﻘﺪرﺗﻬﺎ وﻫﺬا ﺗﺸﺒﯿﻪ ﺑﺴﯿﻂ ﯾﻘﺮب‬
‫إﻟﯿﻚ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﻮﺿﻮع ‪.‬‬

‫ﺗﺼﻮر أن ﺟﺴﺪك ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻛﺴﺎء ﺗﺘﺰﻣﻞ ﺑﻪ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ ﺑﻐﯿﺮ أن ﯾﻜﻮّن ﺟﺰءا ﻣﻨﻚ وان ذاﺗﻚ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺟﺴﻤﻚ‬
‫وﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻮﻗﻪ ﻣﻊ اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﻪ ﻣﺆﻗﺘﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﺈذ ذاك ﺗﺪرك أن ﻧﻔﺴﻚ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺬاﺗﻚ واﻧﻤﺎ ﻫﻲ آﻟﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺬات ‪.‬‬

‫وﻛﻠﻤﺎ ﻗﻠﺖ أو ﻓﻜﺮت ﺑﺤﻘﯿﻘﺔ آﻧﯿﺘﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻟﺪت ﻓﯿﻚ ﻗﻮة ﺟﺪﯾﺪة ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ أول أﻣﺮﻫﺎ ﻣﺒﻬﻤﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺰداد‬
‫وﺿﻮﺣﺎ ﺑﺎزدﯾﺎد اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ‪ .‬وﻫﺬا ﻣﺜﻞ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ )) ﻣﻦ ﻟﻪ ﯾﻌﻄﻲ وﯾﺰداد وأﻣﺎ اﻟﺬي‬
‫ﻟﯿﺲ ﻟﻪ ﻓﺎﻟﺬي ﻋﻨﺪه ﯾﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ ((‪.‬‬

‫أن ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻮﺿﺤﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﯾﺠﻌﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ أن ﯾﻘﻮي إرادﺗﻪ ‪ .‬وﻻ ﯾﺘﻢ اﻟـﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻐـﯿﺮ‬
‫إﻻ ﺑﺸﺮوط ﺛﻼﺛﺔ ‪:‬‬

‫أ وﱠﻟﻬﺎ ‪ :‬ــ ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ رﻏﺒﺔ اﻟﻨﻔﺲ ‪.‬‬

‫‪33‬‬
 ‫و ﺛﺎﻧﯿﻬﺎ ‪ :‬ــ اﻋﺘﻘﺎدك ﺑﺤﻖ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ ‪.‬‬

‫و ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ‪ :‬ــ اﻟﻮﺛﻮق اﻟﺘﺎم ﻣﻦ ﻧﺠﺎح ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ وﻣﺴﻌﺎك ‪.‬‬

‫ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن واﺛﻘﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺤﺼﻮﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻣﻚ أﻣﺎ إذا ﻛﻨﺖ ﻣﺮﺗﺎﺑﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺎﻟﻨﺠﺎح ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺤﻘﻘﺎ‬
‫وﺳﺘﻌﻠﻢ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل ‪.‬‬

‫وﻻ ﺗﺘﻮﻫﻢ أﻧﻚ ﺑﻤﺠﺮد ﻣﺎ ﺗﺮﯾﺪ ﺷﯿﺌﺎ ﺗﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﯿﺮك ﻓﻬﺬا ﻻ ﯾﺘﺄﺗﻰ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻧﺪك ﻟﯿﺲ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻮة‬
‫اﻹرادة ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟـﺬي ﻧﺆﻛـﺪه ﻟﻚ أن ﻫـﺬه اﻟﻘـﻮة ﺗﻌﺎوﻧﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻟﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻟﻚ ﺑﻪ ﻋﻼﻗﺔ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ درﺟﺔ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻓﺘﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻘﺪار اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺮﯾﺪة اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﯿﻚ واﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻧﺪك ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﺒﺪﯾﻬﻲ أن ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻣﻊ ﻗﻮة اﻹﯾﺤﺎء ﻛﻤﺎ أوﺿﺤﻨﺎﻫﺎ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ‪ .‬واﻧﻚ ﻟﺘﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫ﺣﺼﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻧﺤﺼﺎر ﻗﻮة اﻹرادة ‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﺠﺐ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮات اﻟﺨﻔﯿﺔ ﻓﻲ ﻏﺮض ﻏﯿﺮ ﻧﺒﯿﻞ أو ﻟﻺﺿﺮار ﺑﺒﻨﻲ ﺟﻨﺴﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻷن ذﻟﻚ‬
‫ﯾﻌﺪ ﻋﻤﻼ ﻣﺤﺮﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻷدﺑﯿﺔ ــ وﻷن اﻟﻀﺮر ﯾﻌﻮد ﻋﺎﺟﻼ أو آﺟﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻞ وﺗﻮﺟﺪ ﻟﺬﻟﻚ أﺳﺒﺎب ﻻ‬
‫ﻣﺤﻞ ﻟﺬﻛﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﻨﺮﺟﻮ اﻟﻘﺎرئ أن ﯾﺘﺤﺎﺷﻰ إﺗﯿﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺿﺮر ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻗﻮﺗﻚ وﻋﻠﻤﻚ ﻟﻘﻀﺎء ﻣﺼﺎﻟﺤﻚ اﻟﻤﺒﺎﺣﺔ وأﻋﻤﺎﻟﻚ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ وإﻧﻤﺎء ﺣﺎﻟﺘﻚ اﻟﻮﺟﻮدﯾﺔ ﺑﺸﺮط‬
‫أن ﻻ ﺗﻀﺮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ ‪ ،‬ﻓﻲ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ أﯾﻀﺎ ‪.‬‬

‫ﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻟﯿﺘﻌﺎﻗﺪ ﻣﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ وإذا ﻋﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻨﺒﺎﻟﺔ اﻟﻤﻘﺼﺪ ﻓﺎﻧﻚ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﻔﺮﻃﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﻚ‬
‫وﺗﺄﺛﯿﺮك ‪ .‬وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮك ﺧﺪاﻋﻪ أو ﺳﺮﻗﺘﻪ أو إﻟﺤﺎق اﻷذى ﺑﻪ ﻓﺎﻧﻚ ﺗﻜﻮن أﺗﯿﺖ أﻣﺮا ادﱠا وﻻ‬
‫ﺑﺪ أن ﯾﻌﻮد اﻟﻀﺮر ﻋﻠﯿﻚ وﺗﺠﺎزى ﻋﻠﻰ ﺳﻮء ﺻﻨﯿﻌﻚ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ــ ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺗﺤﺼﺪ ﻣﺎ‬
‫ﻏﺮﺳﺖ ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ اﻧﻪ ﯾﻮﺟﺪ أﻧﺎس ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻗﻮاﻫﻢ ﻓﻲ اﻹﺿﺮار ﺑﺎﻟﻐﯿﺮ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻷﺑﺎﻟﺴﺔ ﻣﺤﻜﻮم ﻋﻠﯿﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺳﺔ واﻟﺸﻘﺎء‬
‫ﻓﻬﻢ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺠﺤﯿﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﻫﻮوا ﻣﻦ ﺟﻨﺔ اﻟﻨﻌﯿﻢ ‪.‬‬

‫وأﻧﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ ﻟﻚ ﻫﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﺧﺘﺒﺎرات ﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻟﺘﻌﻠﻢ أوﻻ أﻧﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺎﻹرادة ﻻ ﯾﻘﺘﻀﻲ أن ﺗﻘﻄﺐ ﺣﺎﺟﺒﯿﻚ وﺗﺸﻨﺞ ﯾﺪﯾﻚ وﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرات اﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ‬
‫اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻬﯿﺠﻚ إﻧﻤﺎ ﺳﺮ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﺴﻜﻮن واﻟﻄﻠﺐ ﺑﻬﯿﺌﺔ ﺟﺪﯾﺔ ﺑﻐﯿﺮ اﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﺼﻮت أو ﻋﺒﻮﺳﺔ‬
‫اﻟﻮﺟﻪ ‪.‬‬

‫إذا ﺳﺮت ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺜﺒﺖ ﻧﻈﺮك ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﯾﺴﯿﺮ أﻣﺎﻣﻚ ‪ .‬وﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﻜﻤﺎ‬
‫ﻧﺤﻮ اﻟﺜﻼﺛﺔ أﻣﺘﺎر ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ‪ .‬ﺻﻮب إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻧﻈﺮا ﺣﺎدا ﻧﺎﻓﺬا ﺟﻬﺔ ﻗﻔﺎه اﻟﻘﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﯿﺦ ‪.‬‬
‫وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ذﻟﻚ أرد أن ﯾﻠﺘﻔﺖ اﻟﺸﺨﺺ إﻟﯿﻚ ‪.‬‬

‫‪34‬‬
 ‫ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﯾﺘﻄﻠﺐ اﻟﺘﻤﺮن ﻋﻠﯿﻪ ﻗﻠﯿﻼ وﻣﺘﻰ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﺛﻘﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﻏﯿﺮه ‪.‬‬

‫وﯾﻈﻬﺮ أن اﻟﻨﺴﺎء أﺳﺮع ﺷﻌﻮرا ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ‪.‬‬

‫ﺣــﺪق ﺑﻨﻈـﺮك إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟـﺬي ﯾﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ أو اﻟﻤﻠﻬﻰ أو اﻟﻤﺮﻗﺺ اﻟــﺦ ﻓﻲ ذات اﻟﺠﻬﺔ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛــﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ )) ﻣﺮﯾﺪا (( أن اﻟﺸﺨﺺ ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﻚ ﻓﺴﻮف ﺗﻼﺣﻆ أﻧﻪ ﯾﺘﻬﺰﻫﺰ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﺮﺳﯿﻪ وﻻ ﯾﻠﺒﺚ أن ﯾﻠﺘﻔﺖ ‪ .‬وﻫﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﯾﺴﻬﻞ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺸﺨﺺ أﺣﺪ ﻣﻌﺎرﻓﻚ ‪.‬‬

‫ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻨﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﻓﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺤﺰ ﻗﻮة ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ وﻋﻠﻰ أن إرادﺗﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺎزﻣﺔ ‪.‬‬

‫إذا ﺟﻠﺴﺖ ﻓـﻲ اﻟﺘـﺮام ‪ .‬ﻓـﺎﻧـﻈــﺮ ﺑﺎﻧﺤـﺮاف ﻧﺤﻮ ﺷﺨﺺ ﯾﺠﻠﺲ ﺑﻌﯿﺪا ﻋﻨﻚ وﺑﺈزاﺋﻚ ‪ .‬واﻟﺘﻔﺖ ﺑﻌﺪﺋﺬ إﻟﻰ ﺟﻬﺔ‬
‫أﺧﺮى )) راﻏﺒﺎ (( ﻓﻲ ﺗﻘﻠﯿﺪك ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﺮاه ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﺟﻬﺘﻚ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻨﺠﺬب إﻟﯿﻚ ﺑﻘﻮة ﻣﻐﻨﻄﯿﺴﯿﺔ ‪.‬‬

‫إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺎدث إﻧﺴﺎﻧﺎ ‪ .‬ﻓﯿﺠﻮز أن ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﯾﺒﺤﺚ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻪ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻪ ‪ .‬ﻓﺤﺪق ﻓﯿﻪ ﻧﻈﺮك‬
‫وأوح إﻟﯿﻪ ﺑﻘﻮة أي ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺨﺘﺎرﻫﺎ ‪ .‬ﻓﻔﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن ﺗﺠﺪه ﯾﻠﻔﻆ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺔ ‪ .‬وﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻊ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﯾﺤﺼﻞ ﺑﯿﻨﻜﻤﺎ ‪ .‬و إﻻ ﯾﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻤﻨﻔﻌﻞ ﻋﻦ ذﻛﺮﻫﺎ وﯾﻮﺣﻲ إﻟﯿﻚ اﻟﺸﺮﯾﻚ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﺑﻜﻠﻤﺔ‬
‫أﺧﺮى ﻣﻮاﻓﻘﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻬﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻧﺬﻛﺮ أﻧﻨﺎ ﻗﺮأﻧﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ ‪ .‬أن ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻛﺎن ﯾﻬﻤﻞ دروﺳﻪ وﯾﻬﺘﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﯾﺎﺿﺔ واﻷﻟﻌﺎب اﻟﺒﺪﻧﯿﺔ ‪ .‬وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﺻﺪﻓﺔ ﻗﻮﺗﻪ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺗﻪ ﺑﺎن اﻧﺼﺮف‬
‫ﻋﻦ اﻟﺪرس وﺣﻔﻆ ﺑﻌﺾ أﺳﺌﻠﺔ وﻟﻤﺎ أﺧﺬ اﻟﻤﻤﺘﺤﻦ ﻓﻲ اﻣﺘﺤﺎﻧﻪ ‪ .‬ﻗﺬف اﻟﺸﺎب ﺑﺎﻫﺘﺰازات ﻓﻜﺮه ﺑﻘﻮة ﻣﻮﺣﯿﺎ إﻟﻰ‬
‫أﺳﺘﺎذه أن ﯾﺴﺄﻟﻪ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﺮﻓﻪ وﻛﺎن ذﻟﻚ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ أن اﻟﺸﺎب ﺟﺎز اﻻﻣﺘﺤﺎن ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ ‪.‬‬

‫‪35‬‬
 ‫إذا ﺳﺮت ﻓﻲ اﻟﻄﺮﯾﻖ وﺟﺎء ﺷﺨﺺ ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﻟﻚ ﻓﻮﺟﻪ إﻟﯿﻪ ﻧﻈﺮا ﺣﺎدا راﻏﺒﺎ ﻓﻲ أن ﯾﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻨﻚ أو ﻋﻠﻰ‬
‫ﯾﺴﺎرك وﺑﺸﺮط أن ﻻ ﺗﺘﺤﻮل أﻧﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﻚ ﻓﺘﺮى اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﻛﻤﺎ أردت ‪.‬‬

‫ﻗﻒ أﻣﺎم ﻧﺎﻓﺬﺗﻚ واﻧﻈﺮ إﻟﻰ أﺣﺪ اﻟﻤﺎرﯾﻦ )) ﻣﺮﯾﺪا (( أن ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﻚ ‪ .‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻓﻜﺮك ﻣﻨﺤﺼﺮا ﻓﻲ ذﻟﻚ وإرادﺗﻚ‬
‫ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻗﻮﯾﺔ ﻓﻼﺑﺪ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻏﻮب‪.‬‬

‫وﻫﻜﺬا ﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻨﻮع اﻻﺧﺘﺒﺎرات واﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﺎل ‪ .‬وﻫﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﻮق ﺑﺬاﺗﻚ وﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﯾﺔ‬
‫إرادﺗﻚ وﺻﻼﺑﺔ ﻋﺰﯾﻤﺘﻚ ‪ .‬وﻻ ﺗﯿﺄس إذا ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ أول اﻷﻣـﺮ ‪ .‬ﺑﻞ ﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬

‫‪36‬‬
 ‫وﺟﻮد اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻔﻜﺮي ــ اﻻﻫﺘﺰازات ــ ﺧﻄﺮ اﻹﻓﺮاط ــ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻠﻤﻲ ــ ﻛﯿﻒ ﺗﻨﺎل اﻋﻈﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ــ ﻛﯿﻒ‬
‫ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﯿﺪة ــ اﻟﺘﻤﻮﺟﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺘﻘﻠﺔ ــ ﻛﯿﻒ ﺗﺪرأ ﻋﻨﻚ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﻐﯿﺮ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻟﺴﻨﺎ ﻧﺤﺎول ﻫﻨﺎ أن ﻧﺒﺮﻫﻦ ﻟﻚ ﻋﻦ ﺻﺤﺔ اﻧﺘﻘﺎل وﻗﺮاءة اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ وﺟﻮدﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج‬
‫إﻟﻰ دﻟﯿﻞ ﻛﻮﺟﻮد أﺷﻌﺔ رﻧﺘﺠﺘﻦ أو اﻟﺘﻠﻐﺮاف ﺑﻐﯿﺮ ﺳﻠﻚ ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﻨﺎس اﻋﺘﻘﺪوا ﺑﺎﻧﺘﻘﺎل اﻷﻓﻜﺎر ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ‬
‫ﻣﺒﻬﻤﺔ ﻓﺠﺎءت اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻨﻬﻢ ‪.‬‬

‫وﻟﻬﺬا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ إﻣﻜﺎن اﻧﺘﻘﺎل اﻷﻓﻜﺎر أو ﻗﺮاءﺗﻬﺎ ﺑﻞ اﻟﻐﺮض أن ﻧﺒﯿﻦ ﻟﻚ‬
‫ﻛﯿﻒ ﺗﻨﺘﻔﻊ ﺑﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﺳﻮاء ﻛﺎن اﺧﺘﯿﺎرﯾﺎ أو اﺿﻄﺮارﯾﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﺔ ﺻﺪور ﺗﻤﻮﺟﺎت أو اﻫﺘﺰازات ﻓﻜﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء ‪ .‬وﻟﻬﺬه‬
‫اﻻﻫﺘﺰازات ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻨﺎ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻣﻘﺪاره ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻠﺔ واﻟﻜﺜﺮة ‪.‬‬

‫واﻧﺒﻌﺎث اﻷﻓﻜﺎر ﯾﺘﺒﻊ ﻓﻲ ﺳﯿﺮه ﺧﻄﺎ ﻣﺴﺘﻘﯿﻤﺎ وﯾﺠﺬب إﻟﯿﻪ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮه ‪ .‬وﻣﻤﺎ ﯾﺤﺴﻦ ذﻛﺮه أن ﻫﺬه‬
‫اﻟﻘﻮة ﻻ ﺗﻨﺎل إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺪرس واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻟﺴﻨﯿﻦ ﻃﻮﯾﻠﺔ واﻟﺬﯾﻦ ﻧﺎﻟﻮا ﻫﺬه اﻷﻣﻨﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﺸﺎءوا إﻓﺸﺎء ﺳﺮﻫﺎ ﺣﺮﺻﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻻﺑﺘﺬال ودﻓﻌﺎ ﻟﻸﺿﺮار اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ رادع أدﺑﯿﺎ ﻟﻬﻢ ﻓﯿﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ ﻣﺤﺮم ‪.‬‬

‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺎن ﺑﻌﺾ أﺳﺮار ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ذاﻋﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻸ واﻟﺬﯾﻦ أدرﻛﻮا ﻛﻨﻬﺎ أﻣﻜﻨﻬﻢ اﻻﻧﺪﻫﺎش ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ‬
‫اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﯿﺲ ﻏﺮﺿﻨﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺳـﻮى إرﺷﺎد اﻟﻘـﺮاء إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ اﻟﻤﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ‬
‫ﻛﻠﻤﺘﻲ )) اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ (( وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻠﻘﯿﻦ اﻹرادة وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﺛﺮ و اﻟﻤﺘﺄﺛﺮ ﻣﺎﺋﺔ ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮ ‪.‬‬

‫وﻟﯿﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻘﺎرئ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أرﻗﻰ درﺟﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ‪ .‬أﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﻓﯿﺴﻬﻞ‬
‫اﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ وﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻘـﺎرئ أﻧﻨﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻟـﻪ أن ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﯾﻨﺘﺞ اﻫﺘﺰازات أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻘﻮط ﺣﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺮﺳﻞ ﺗﺄﺛﯿﺮاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺠﻬﺎت وﻟﻜﻨﻚ إذا أﻟﻘﯿﺖ اﻟﺤﺠﺮ ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ أﻓﻘﯿﺔ ﻓﺎن اﻟﺪواﺋﺮ ﺗﺘﻜﻮن وﺗﺘﺴﻊ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻘﺮ ﻓﯿﻬﺎ اﻟﺤﺠﺮ ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻫﺘﺰازات اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻌﺎدﯾﺔ واﻫﺘﺰازات اﻹرادة اﻟﻤﺘﻨﻘﻠﺔ‬

‫‪37‬‬
‫وﻟﻨﻘﺮب ﻟﻚ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ اﻵﺗﻲ ‪ :‬ﻧﻔﺮض أﻧﻚ أردت اﻻﺳﺘﺌﺜﺎر ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه ﺷﺨﺺ ﺑﻘﺼﺪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻚ ‪ .‬ﻓﻤﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ‬
‫ﻟﻚ أن ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺠﺪ ﻓﻲ رﻏﺒﺘﻪ ذﻟﻚ اﻻﻫﺘﻤﺎم وﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻤﺜﻠﻪ ﺑﻔﻜﺮك ﯾﻬﺘﻢ ﺑﻤﺴﺄﻟﺘﻚ ‪ .‬ﻓﺒﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺗﺮﺳﻞ إﻟﻰ‬
‫ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻫﺘﺰازات ﻗﻮﯾﺔ ﻓﻜﺮﯾﺔ وﺑﻼ ﺷﻚ أن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﯾﺼﯿﺐ اﻟﺸﺨﺺ وﯾﺆﺛﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻗﻮﺗﻚ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ‬
‫وﻗﻮﺗﻪ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﺠﺎﺋﺰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮك ‪ .‬وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎﻧﺖ آﻟﺔ ﻓﻜﺮك اﻟﺒﺮﻗﯿﺔ ﺗﺮﺳﻞ ﺗﻤﻮﺟﺎﺗﻬﺎ ﺑﺸﺪة إﻟﻰاﻟﺸﺨﺺ ﻣﺒﺎﺷﺮة‬
‫ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺼﯿﺒﻪ ﺑﻮﺿﻮح أﻛﺜﺮ وﺗﻜﻮن ﺻﺪﻣﺔ اﻻﻫﺘﺰازات أﻗﻮى ‪.‬‬

‫وﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺮﺿﯿﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ ﯾﺠﺐ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤﺼﺮ اﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻨﻔﺘﺮض ﻣﺆﻗﺘﺎ أﻧﻚ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻓﻠﻨﻨﻈﺮ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﻋﺰﻣﻚ ﻣﺤﺎدﺛﺔ ﺷﺨﺺ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ أﯾﺎم ﺑﺨﺼﻮص ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻬﻤﻚ وﺗﺮﯾﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻟﻚ ﻓﯿﻬﺎ ﻣﻊ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ‬
‫ﺑﯿﻨﻜﻤﺎ أي ﻋﻼﻗﺔ ‪.‬‬

‫وﺗﻌﻠﻢ أن ﻓﻲ وﺳﻌﻚ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﯾﻬﻤﻚ أن ﺗﺘﺼﻞ‬
‫ﺑﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺤﺪث ﻣﻌﻪ أو ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﺗﺮﯾﺪ ﺗﻤﻬﯿﺪ ﻃﺮﯾﻘﻚ إﻟﯿﻪ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻀﯿﺪه ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﻋﻠﯿﻚ إﻻ أن ﺗﻮﺟﺪ ﺑﯿﻨﻚ وﺑﯿﻨﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﻜﺮﯾﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻔﻜﺮي ‪.‬‬

‫وﯾﻨﺒـﻐــﻲ ﻟــﺬﻟﻚ أن ﺗﺨــﻠﻮ ﺑﻨﻔـﺴﻚ ﺑـﻤـﻌــﺰل ﻋـﻦ اﻟﻨﺎس ) ﻓﻲ ﻣﺨﺪﻋﻚ ﻣﺜﻼ ( ﺛﻢ ﺗﺠﺮد ذﻫﻨﻚ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻓﻜﺎر‬
‫وﺗﺠﻌﻞ ﺟﺴﻤﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﺨﺎء ﺗﺎم ﻛﺄﻧﻚ أﺻﺒﺤﺖ ﻧﺴﯿﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺨﺎر وﻟﯿﺲ ﻟﺠﺴﻤﻚ وﺟﻮد ذاﺗﻲ ‪ .‬ﺛﻢ اﺑﻌﺪ ﻋﻨﻚ‬
‫ﻛﻞ اﻟﻤﺨﺎوف ‪ .‬ﺛﻢ ﻓﻜﺮ ﺑﻬﺪوء وﺳﻜﯿﻨﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﺮﯾﺪ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﻪ وان ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﻟﺬات ‪ .‬ﺗﺨﯿﻞ ﻟﻪ‬
‫ﻣﺜﺎﻻ ﺑﻔﻜﺮك ‪.‬‬

‫واﺳﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﻪ ﺑﻘﻮة ﺑﻐﯿﺮ أن ﺗﻘﻄﺐ ﺣﺎﺟﺒﯿﻚ أو ﺗﺸﻨﺞ ﻋﻀﻼﺗﻚ ‪.‬‬

‫وﻣﺘﻰ ﺷﻌﺮت ﻓﻲ ذاﺗﻚ ﺑﺄﻧﻚ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل ﻣﻌﻪ ‪ .‬ﻓﻜﺮ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﺑﺮﻏﺎﺋﺒﻚ وﺑﻮﺛﻮﻗﻚ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫وإذا ﺷﻌﺮت ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮ ﺧﺎرج ﻋﻦ إرادﺗﻚ ﻓﺒﺪده ﺑﺘﻔﻜﺮك ﺑﺸﺨﺼﯿﺘﻚ وﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﻚ ﻓﻼ ﺗﺠﺪ‬
‫اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﻨﻔﺬا ﻟﺬاﺗﻚ وﯾﻜﻔﻲ ﻟﺘﻘ ﻮﯾﺘﻚ أن ﺗﺘﻤﺜﻞ ذاﺗﻚ ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺸﻌﺎع ﻓﻜﺮي ﯾﻄﺮد ﻋﻨﻚ ﻛﻞ ﺗﺄﺛﯿﺮ‬
‫ﺧﺎرﺟﻲ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺼـﻮد ﺑﻚ ﺷﺨﺼﯿﺎ ‪ .‬وﻟﺘﻌﻠﻢ أن أﻓﻜـﺎر ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻨﺎ ــ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ــ ﺗﺘﺼﻞ‬
‫دواﺋﺮﻫﺎ ﺑﻨﺎ وﻗﺪ ﺗﻄﻮﻗﻨﺎ ﺿﻤﻨﻬﺎ إن ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻣﺤﺘﺎﻃﯿﻦ ﻟﺪرء ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮات ‪.‬‬

‫وأﻗﺮب ﻣﺜﺎل ﻟﺼﺤﺔ ذﻟﻚ ﺗﺠﺪه ﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎل ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻠﺒﺚ أن ﺗﺘﻐﯿﺮ أﻓﻜﺎره و آراءه‬
‫ﺑﺄﻓﻜﺎر اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ أو اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ أو اﻷﺧﻼق أو اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺦ ﻛﻤﺎ رأﯾﻨﺎ أن ﻓﻜﺮا‬
‫رﺑﻤﺎ ﻫﯿﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪ ‪ .‬وﻋﻘﯿﺪة ﺗﺴﻠﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺐ ‪ .‬وﻗﺪ ﺗﺘﺄﺻﻞ ﻓﯿﻪ أو ﺗﺘﻼﺷﻰ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻘﻮة اﻟﻤﺆﺛﺮات وﻻﺳﺘﻌﺪاد‬
‫اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻘﺒﻮﻟﻬﺎ أو ﻧﺒﺬﻫﺎ ‪.‬‬

‫وﻟﻨﻌﺪ اﻵن إﻟﻰ ﻓﺮﺿﻨﺎ اﻷول اﻟﻬﺠﻮﻣﻲ ‪ :‬ﻓﺮﺿﻨﺎ اﻧﻚ اﺗﺒﻌﺖ اﻹرﺷﺎدات اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻹﯾﺠﺎد ﻋﻼﻗﺔ أو اﺗﺼﺎل‬
‫ﺑﯿﻨﻚ وﺑﯿﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻨﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻔﻜﺮي ‪ .‬ﻓﺎﻧﻚ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻻﺗﺼﺎل ﺗﺘﻘﺎﺑﻞ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸﺨﺺ‬
‫وﺗﻌﺮض ﻋﻠﯿﻪ ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ ﻓﺘﺠـﺪه ﯾﺮﺣـﺐ ﺑﻚ وﯾﺄﺗﻨﺲ ﺑﻔﻜـﺮك ﻛﺄﻧﻜﻤﺎ ﻣﺘﻌﺎرﻓﺎن ﻣﻦ زﻣﻦ ــ وﻻ أﻗﻮل ﻟﻚ أﻧﻪ‬
‫ﺳﯿﺠﯿﺐ ﺳﺆﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﺑﻞ ﯾﺘﺮﯾﺚ ﻟﻸﻣﺮ وﯾﻔﻜﺮ ﻓﯿﻪ ﻏﯿﺮ أن اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺬي ﺗﺠﺎﺑﻬﻪ ﺑﻪ ﯾﻼﺷﻰ ﺗﺮدده وﻻ ﯾﻠﺒﺚ‬
‫أن ﯾﺘﻔﻖ ﻣﻌﻚ ‪.‬‬
‫‪38‬‬
 ‫وﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻚ أن ﻻ ﺗﻬﻤﻞ ﻗﻮة ﻋﯿﻨﯿﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ وﻻ ﯾﻐﯿﺐ ﻋﻦ ﻓﻜﺮك اﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮت ﻣﻘﻨﻊ وﻣﻘﺘﻨﻊ ‪.‬‬

‫ﻟﯿﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺮا ﻫﺬه اﻟﻔﺼﻮل ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺪرب اﻟﺬي رﺳﻤﻨﺎه ﻟﻪ ‪ .‬إﻧﻤﺎ ﯾﻨﺠﺢ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﯾﻘﺮأﻫﺎ ﺑﺘﺄن واﻧﺘﺒﺎه ‪.‬‬
‫ﻓﯿﺪرك اﻟﻤﻌﻨﻰ واﻟﻤﺒﻨﻰ ‪.‬‬

‫ﻗــﺪ ﯾﻜـﻮن اﻟﻘـﺎرئ ﻛـﺎﻟﻔﺎﺣـﺖ ﺑﻄــﻦ اﻷرض ﻓﺎﻟـﻮاﺣـﺪ ﯾﺠﺪ ﻓﺤﻤﺎ ‪ .‬واﻵﺧﺮ ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻣﺎﺳﺎ ﻣﺘﻸﻟﺊ اﻟﻀﯿﺎء ‪ .‬ﻣﻊ‬
‫أن اﻟﻔﺤﻢ واﻟﻤﺎس ﻣﻦ ﻣﺎدة واﺣﺪة ‪ .‬ﻓﺎﺳﺄﻟﻮا ﺗﻌﻄﻮا ‪ .‬وﻓﺘﺸﻮا ﺗﺠﺪوا ‪.‬‬

‫وﻟﻨﺨﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﻠﺤﻮﻇﺔ اﻵﺗﯿﺔ ‪:‬‬

‫إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮى اﻟﻨﻔﺲ ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺣﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﺠﯿﺒﺔ ــ ﻓﺄﻋﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺠﺎذﺑﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻟﻪ أذﻧﺎن ﻟﻠﺴﻤﻊ ﻓﻠﯿﺴﻤﻊ ‪.‬‬

‫‪39‬‬
 ‫ﻧﻈﺮﯾﺔ ﻣﻠﻔﻮرد ــ اﻟﺮوح واﻟﻤﺎدة ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎن ــ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ــ ﻣﺘﻨﺎول اﻷﻓﻜﺎر ﻻ ﺣﺪ ﻟﻪ ــ ﺗﺸﺒﻊ اﻟﻔﻜﺮ ــ‬
‫اﻟﻈﺎﻫﺮات اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ ــ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺨﻮف واﻻﺿﻄﺮاب ــ اﻟﺘﺼﻮر أﺻﺒﺢ ﺣﻘﯿﻘﺔ ــ ﺷﺮوط اﻟﻨﺠﺎح ــ أرﯾﺪ وأﻗﺪر‬
‫ــ ﺑﺎﻟﻌﺰﯾﻤﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﺗﻨﺎل ﻛﻞ ﺷﻲء ــ ﻧﻈﺮﯾﺎت ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻟﺨﺺ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻠﻔﻮرد اﻟﺬي ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﻗﻮى اﻟﻨﻔﺲ ــ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ )) إﻧﻤﺎ اﻷﻓﻜﺎر أﺷﯿﺎء ((‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ ﻟﯿﺲ اﻟﻔﻜﺮ ﻗﻮة دﯾﻨﺎﻣﯿﻜﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ ــ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺷﻲء ﻛﺎﺋﻦ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺎدﯾﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻔﻜﺮ ﺷﻜﻞ راق ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻤﺎدة أو ﻫﻮ ﺻﻮرة ﻛﺜﯿﻔﺔ ﻟﻠﺮوح ‪.‬‬

‫ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺳﻮى ﻣﺎدة واﺣﺪة ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﺘﺒﺎﯾﻨﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﻧﺮﺳﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻫﺘﺰازات ﻣﺎدة دﻗﯿﻘﺔ أﺛﯿﺮﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ وﺟﻮد اﻷﺑﺨﺮة واﻟﻐﺎزات اﻟﻄﯿﺎرة أو‬
‫اﻟﺴﻮاﺋﻞ واﻷﺟﺴﺎم اﻟﺼﻠﺒﺔ وﻟﻮ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاﻫﺎ ﺑﺄﻋﯿﻨﻨﺎ وﻧﻠﻤﺴﻬﺎ ﺑﺤﻮاﺳﻨﺎ ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮى اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺴﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﻟﺘﺠﺘﺬب إﻟﯿﻪ ﻛﺘﻠﺔ اﻟﺤﺪﯾﺪ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ﻗﻮى اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻀﻮء واﻟﺤﺮارة ﺗﺼﺪر ﻋﻨﻬﻤﺎ أﯾﻀﺎ اﻫﺘﺰازات ﻛﺎﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﺄﻗﻞ ﺗﺄﺛﯿﺮ ‪ .‬ﻏﯿﺮ أن أﺻﻮل ﻫﺬه وﺗﻠﻚ واﺣﺪة وﻻ ﯾﺸﺘﺮط ﻓﻲ وﺟﻮدﻫﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﺪرﻛﻬﺎ ﺑﺄﺣﺪ ﺣﻮاﺳﻨﺎ اﻟﺨﻤﺴﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ أﺛﺒﺖ ﻫـﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻷﺳﺘﺎذ أﻟﯿﺸﺎ ﻏﺮاي ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ‬

‫)) ﻋـﺠــﺎﺋﺐ اﻟـﻄـﺒـﯿـﻌــﺔ (( )) ‪ (( The Miracles of Nature‬ﺑﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ‪:‬‬

‫إن وﺟﻮد ﺗﻤﻮﺟﺎت ﺻﻮﺗﯿﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﻌﻬﺎ اﻷذن ‪ .‬وﺗﻤﻮﺟﺎت ﺿﻮﺋﯿﺔ ﻣﺘﻠﻮﻧﺔ ﻻ ﺗﺒﺼﺮﻫﺎ اﻟﻌﯿﻦ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ‪ .‬أوﺟﺪ ﻣﺠﺎﻻ‬
‫ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ ‪ .‬وﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎﺑﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻛﺎن ﻣﻐﻠﻘﺎ ‪.‬‬

‫وﻗــﺎل اﻷﺳـﺘﺎذ وﻟﯿﻤﺰ ﻓـﻲ ﻣــﺆﻟﻔﻪ )) ﻓﺼﻮل ﻗﺼﯿﺮة ﻋﻠﻤﯿﺔ (( ))‪(( Short Chapters in Science‬‬
‫أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ درﺟﺎت ﺑﯿﻦ أﺳﺮع اﻟﺘﻤﻮﺟﺎت أو اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﺼﻮﺗﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺣﺴﺎ وﺑﯿﻦ اﻻﻫﺘﺰازات‬
‫اﻟﺒﻄﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻟﺤﺮارة اﻟﻠﻄﯿﻔﺔ ‪ .‬ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮاغ ﻋﻈﯿﻢ ﺑﯿﻦ ﻫﺬﯾﻦ اﻟﻨﻮﻋﯿﻦ وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ أن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ‬
‫ﻏﯿﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﯾﺠﺎد اﻟﻘﻮة اﻟﻮﺳﯿﻄﺔ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ‪ .‬أو اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪورﻫﺎ أن ﺗﻮﻟّﺪ ﻣﺸﺎﻋﺮ‬
‫ﺑﻬﺎ ﺑﺸﺮط أن ﺗﻮﺟﺪ أﻋﻀﺎء ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ وﺗﺘﻤﺜﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺤﺴﻮس ‪.‬‬
‫اﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺬﻛﺮ رأي ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺆﻟﻔﯿﻦ إ ﻻ ﻟﻨﺜﺒﺖ ﻟﻠﻘﺎرىء وﺟﻮد اﻹﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪40‬‬
 ‫إن ﻣﺎﻫﯿﺔ اﻻﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪر ﻋﻨﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ذاﺗﻪ ‪ .‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﻟﻸﻓﻜﺎر أﻟﻮان ﻟﺮأﯾﻨﺎ أﻓﻜﺎر اﻟﺨﻮف‬
‫واﻻﺿﻄﺮاب ﻣﺘﻤﺪدة ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻐﺒﺮاء ﻛﺴﺤﺐ ﻛﺜﯿﻔﺔ ﺳﻮداء ــ وأﻓﻜﺎرﻧﺎ اﻟﻤﺒﻬﺠﺔ اﻟﻤﺴﺮة ﻛَﺎُرﯾﺪ وأﻗﺪر ﻇﺎﻫﺮة‬
‫ﻣﻤﺘﺰﺟﺔ ﺑﺴﺤﺐ ﺑﯿﻀﺎء ﺷﻔﺎﻓﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻮق ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﻘﻠﻘﺔ اﻟﻮﺟﻠﺔ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ ‪.‬‬

‫وﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎزﻫﺎ ﺗﻤﻮﺟﺎت ﻓﻜﺮك ﻓﺎﻧﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﻚ ﻓﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﯿﻚ وﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮاﺋﻚ‬
‫ﺑﺤﺴﺐ ﻃﺒﯿﻌﺘﻬﺎ ــ ﺣﺴﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو ﺳﯿﺌﺔ ــ وﻫﻲ داﺋﻤﺎ ﺗﻤﯿﻞ اﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ ذاﻟﻚ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ )) اﻟﻄﯿﻮر ﻋﻠﻰ‬
‫أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺗﻘﻊ (( وﻫﺬا اﻟﻤﯿﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻧﺪﻋﻮه ﺑﻘﻮة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺠﺎذﺑﺔ وﻫﻲ إﺣﺪى ﻇﺎﻫﺮات اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﺄﻓﻜﺎر اﻟﺨﻮف واﻟﻘﻠﻖ ﺗﺠﺘﺬب اﻟﯿﻬﺎ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﺘﺘﺄﺛﺮ أﻧﺖ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺄﻓﻜﺎرك ﺑﻞ وأﯾﻀﺎ ﺑﺄﻓﻜﺎر اﻵﺧﺮﯾﻦ‬
‫ﻓﺘﻨﻮء إذ ذاك ﺗﺤﺖ أﺣﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﺜﻘﯿﻠﺔ ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﻔﺮﺣﺔ واﻟﻤﺒﻬﺠﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﺗﺠﺘﺬب إﻟﯿﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﻓﺘﻐﺘﺒﻂ‬
‫اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﻠﺘﻜﻦ إذن أﻓﻜﺎرك ﻣﻮﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﯿﻪ راﺣﺔ ﻧﻔﺴﻚ ‪ .‬واﻧﺸﺮاح ﺻﺪرك ‪ .‬وﺷﺠﺎﻋﺔ ﻗﻠﺒﻚ ‪ .‬وﻟﺘﻜﻦ ﻋﺰﯾﻤﺘﻚ ﻛﻠﻬﺎ‬
‫ﻣﻨﺤﺼﺮة ﻓﻲ )) أرﯾﺪ وأﻗﺪر (( ﻓﯿﺴﻬﻞ ﻋﻠﯿﻚ ﻛﻞ أﻣﺮ ﻋﺴﯿﺮ وﻟﯿﻜﻦ ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ ﻣﻮﺟﻬﺎ اﻟﻰ اﻟﺨﯿﺮ داﺋﻤﺎ وإﻟﻰ ﻋﺪم‬
‫اﻹﺿﺮار ﺑﺎﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓﺘﺘﺠﻤﻊ ﻟﺪﯾﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ ﻓﺘﺰﯾﺪك ﻗﻮة وﺗﻜﺘﺴﺐ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ ﻓﺎﺋﺪة ‪.‬‬

‫وﯾﺠﺐ أن ﺗﺴﺘﺄﺻﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻜﺮﯾﻦ اﻷﺷﺪ ﺿﺮرا ﻋﻠﯿﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﻜﺮ آﺧﺮ وﻫﻤﺎ اﻟﺨﻮف واﻟﺒﻐﺾ ‪ .‬إذ ﺗﻨﺒﺖ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺬورﻫﻤﺎ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺸﺮﯾﺮة ‪ .‬ﻓﺎﻹﺿﻄﺮاب اﻟﻮﻟﯿﺪ اﻟﺒﻜﺮي ﻟﻠﺨﻮف ــ واﻟﺒﻐﺾ واﻟﺪ اﻟﺤﺴﺪ واﻟﺨﺒﺚ واﻟﺘﻬﻮر‬

‫إﻗﺘﻠﻊ اﻟﺠﺬور ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﺠﺪ أﺛﺮا ﻟﻠﻔﺮوع ‪ .‬وﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ أي ﻓﻜﺮ ﯾﺨﻄﺮ ﻟﻚ ﯾﻨﺒﻐﻲ أوﻻ أن ﺗﺮﻏﺐ‬
‫ﻓﯿﻪ ﺑﺤﻤﯿﺔ ﺛﻢ ﺗﺆﻣﻦ إﯾﻤﺎﻧﺎ راﺳﺨﺎ ﺑﺄﻧﻚ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﺛﻢ ﺗﺼﻤﻢ ﺗﺼﻤﯿﻤﺎ ﺑﺎﺗﺎ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﺑﺈدراﻛﻪ ﻓﻼ ﺗﻘﻞ )) أﺗﻤﻨﻰ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ــ ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ أﻧﺎﻟﻪ وﺳﺄﺟﺮب ذﻟﻚ (( ﻻ ﺗﻘﻞ ﻻ أﻗﺪر ﻷن ﺣﻆ اﻟﺤﯿﺎة ﻟﻢ ﯾﺨﻠﻖ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻤﺘﻤﺮدﯾﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ‬
‫ﻫﻤﺔ ﻟﻬﻢ وﻻ إﻗﺪام وﻻ ﺣﺰم ‪.‬‬

‫اﻟﺮﺟﺎل اﻷﻗﻮﯾﺎء اﻟﻔﻜﺮ ﻫﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺠﺤﻮن ــ وﻗﻮة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻞ أﺷﻌﺘﻬﺎ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﻧﺤﻮ اﻟﻐﺮض‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻓﺘﺼﯿﺒﻪ ‪.‬‬

‫أﻟﻢ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻚ ﺷﺨﺼﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻧﺠﺬاب ﻧﺤﻮه ﺑﺪون ﺳﺎﺑﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻚ ﺑﻪ ــ أﻟﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪ إﻧﺴﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺷﻲء‬
‫ﯾﺨﺼﻪ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺑﺸﻌﻮر ﺧﻔﻲ ‪.‬‬

‫ﻻﺷﻚ أﻧﻪ ﺣﺼﻞ ﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ‪ .‬ﻓﻤﺎ اﻟﺴﺒﺐ ؟ وﻟﻤﺎذا ﺗﺮﻏﺐ ﻏﻲ ﺣﻤﺎﯾﺔ ﺷﺨﺺ وﺗﺸﻌﺮ ﺑﺘﺒﺎﻋﺪ ﻧﺤﻮ آﺧﺮ ﻣﻊ‬
‫أن اﻻﺛﻨﯿﻦ ﻏﺮﯾﺒﺎن ﻋﻨﻚ ‪.‬‬

‫ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﻗﻮة اﻻﻫﺘﺰاز اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺬي ﺻﺎدف ﻫﻮى ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ وﺷﺒﯿﻪ اﻟﺸﻲء ﻣﻨﺠﺬب إﻟﯿﻪ ‪.‬‬

‫إن ﻧﺠﺎﺣﻚ ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺤﺼﻮﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ﻓﻼ ﯾﻜﻦ إﯾﻤﺎﻧﻚ ﺿﻌﯿﻔﺎ وﻟﺘﻜﻦ إرادﺗﻚ ﻗﻮﯾﺔ ﻓﺘﺄﺗﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ‪.‬‬

‫)) أﻃﻠﺐ ﺗﺠﺪ‪ .‬إﻗﺮع ﯾﻔﺘﺢ ﻟﻚ (( وﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ أن ﺗﺼﺤﺐ اﻟﻄﻠﺐ واﻟﻘﺮع ﺑﺈﯾﻤﺎن ﻻ ﯾﺘﺰﻋﺰع ﻓﺎﻟﻨﺠﺎح ﻣﺤﻘﻖ ‪.‬‬

‫ﻗــﺎل ﻫﯿﻠﯿﻦ وﻟﻤﺎن ‪ )) :‬ﻣﻦ ﻋﺮف ذاﺗﻪ ﺣﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻹﻧﺘﻈﺎر ﺑﻬﺪوء ﻷن اﻟﺤﻆ ﺳﯿﻘﺒﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﻣﻔﻌﻤﺎ‬
‫ﺑﻨﻮال اﻵﻣﺎل ((‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻘﺼﺪ وﻟﻤﺎن اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﻘﻮﻟﻪ اﻹﻧﺘﻈﺎر ﺑﻬﺪوء ‪ .‬أن ﺗﻈﻞ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻣﻜﺘﻮف اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﯿﻄﺮح اﻟﺤﻆ اﻟﻨﺠﺎح ﺗﺤﺖ‬
‫‪41‬‬
 ‫ﻗﺪﻣﯿﻚ ﺑﻞ ﯾﺠﺐ أن ﺗﺮﯾﺪ ﺑﺤﺰم وﺗﺴﻌﻰ ﺑﺠﺪ وﻋﺰﯾﻤﺔ ﻋﻤﻼ ﺑﺮأي )ﺟﺮ ﻓﯿﻠﺪ( )) ﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ أن ﯾﺼﻠﻚ ﺷﻲء ﺑﻞ ﻗﻢ‬
‫واﺑﺤﺚ ﻋﻦ ذاك اﻟﺸﻲء ﻓﺘﺠﺪه ((‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﺎ اﻟﺒﺮاﻫﯿﻦ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﻟﺼﺪق ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ‪ .‬ﺑﻞ ﺻﺪق أو ﻻ ‪ .‬واﻻﺧﺘﺒﺎر ﻛﻔﯿﻞ ﺑﺈﻗﻨﺎﻋﻚ أن اﻟﻘﻮل ﺻﺎدق‬
‫‪ ،‬واﻟﻨﺠﺎح ﻣﺤﻘﻖ ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻨﺎﻟﻪ ﺑﺸﺮط أن ﺗﺮﻏﺐ ﻓﯿﻪ ﺑﺠﺪ وﺗﺮﯾﺪه ﺑﻌﺰم ‪.‬‬

‫ﺟﺮب ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻼ ﺗﺬﻫﺐ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺳﺪى ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺴﯿﻜﻮن ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪق ﻫﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ‪ :‬ﻗﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﺷﺮ ﻓﺄﻗﻮل ﻟﻚ ﻣﻦ أﻧﺖ ‪.‬‬

‫‪42‬‬
 ‫ﺗﻜﻮﯾﻦ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن وﻧﻤﻮه ــ اﻟﺘﺠﺪﯾﺪ ــ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ــ ﻧﺒﺬ اﻟﻌﺎدات اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻛﺘﺴﺎب اﻟﺠﺪﯾﺪة ـــ‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻤﻬﻤﺔ ــ ﻗﻮة اﻹرادة ـ اﻹﯾﺤﺎء اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ــ اﻹﯾﺤﺎء اﻟﺬاﺗﻲ ــ اﻟﺘﻌﻤﻖ ﻓﻲ اﻷﻓﻜﺎر ــ ﻣﻨﺎﻓﻊ‬
‫وﻣﻀﺎر ﻛﻞ أﺳﻠﻮب ﻣﻨﻬﺎ ــ أﻣﺜﻠﺔ وﺗﻤﺎرﯾﻦ ــ أﻧﺖ ﻣﻌﻠﻢ ﻧﻔﺴﻚ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻻﺑﺪ وأن اﻟﻘﺎرئ اﻟﺬي ﺗﺘﺒﻊ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻔﺼﻮل ﯾﻘﻮل ‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺣﺴﻦ وﯾﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﺻﻞ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﻮ‬
‫ﻛﻨﺖ ﺣﺎﺻﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻟﺨﻠﻖ اﻟﻼزم ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻏﺮاض ‪.‬‬

‫ﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﯿﺖ اﻟﻘﺼﯿﺪ ‪.‬‬

‫أﻻ ﺗﺪري أﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌﺰﯾﺰ أن اﻟﻔﺸﻞ راﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻜﺮان ذاﺗﻚ واﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻚ ‪.‬‬

‫ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ إﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮة إرادﺗﻪ أن ﯾﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﺧﻠﻘﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺸﺎء ﻓﻬﻮ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﻜﻮن ﻻ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺧﻠﻖ ‪ .‬ﻛﻞ واﺣﺪ‬
‫ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﺠﺪد ذاﺗﻪ ‪.‬‬

‫ﺿﻊ ﻧﺼﺐ ﻋﯿﻨﯿﻚ أن ﻟﻜﻞ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺳﺒﺒﺎ وﻟﻜﻞ ﻣﻌﻠﻮل ﻋﻠﺔ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ‪ .‬واﻟﺼﻔﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻲ وﻻ ﺷﻚ اﻟﺤﺰم وﻃﻠﺐ‬
‫اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ‪ .‬واﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﺒﺮ واﻟﻔﻄﻨﺔ ‪ .‬وﻗﺪ ﯾﻀﺎف إﻟﯿﻬﺎ ﺻﻔﺎت أﺧﺮى ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﻛﻞ واﺣﺪ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ‪ .‬وﻛﻞ واﺣﺪ ﯾﻌﺮف ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ‪.‬‬

‫رﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﺒﻮح ﺑﻪ ﻷﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺣﺘﻰ وﻻ ﻟﺰوﺟﻪ أو وﻟﺪه وﻟﻜﻨﻪ ﯾﻌﺘﺮف ﺑﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﺈذا ﺟﺎل ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮه أن ﯾﺰﯾﻞ‬
‫أﺳﺒﺎب ﺿﻌﻔﻪ ﻟﻮﺟﺪﻫﺎ ﺑﯿﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت وﻟﻜﻦ ﺗﻨﻘﺼﻪ اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ ‪.‬‬

‫أﻻ ﯾﺮﯾﺪ دﻓﻊ ﺛﻤﻦ إﺻﻼح ﻫﺬا اﻟﻌﯿﺐ ؟‬

‫ﻟــﻮ أﻋﻠﻦ أﺣﺪ اﻟﻜﯿﻤﯿﺎﺋﯿﯿﻦ اﻛﺘﺸﺎف دواء ﺿﺪ اﻟﻌﯿـﻮب اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﯾﺤﻘﻦ ﺑﻪ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻻﻛﺘﻆ ﻣﻌﻤﻠﻪ ﺑﺄﻟـﻮف اﻟﻄـﻼب‬
‫ﻟﻠﺤﺼــﻮل ﻋﻠﻰ ﻫـﺬا اﻟﺪواء اﻟﻤـﺠــﺪد أو اﻟﻤﺤﯿﻲ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮاﺣﺪ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﻞ اﻟﺤﺰم ‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﯾﺒﺘﺎع ﺟﺮﻋﺔ )) اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ((‪ .‬واﻵﺧﺮ ﯾﺸﺘﺮي ﺳﻔﻮف )) أﻗﺪر (( وﻫﻠﻢ ﺟﺮا ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ دواء ﻛﯿﻤﯿﺎﺋﻲ ﻟﻬﺬه اﻷدواء ‪ .‬ﺑﯿﺪ أﻧﻪ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ذات اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺘﻄﺒﯿﻖ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻘﻮى‬
‫اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ‪.‬‬

‫ﻧﺤﻦ ﻋﺒﯿﺪ ﻋﺎداﺗﻨﺎ اﻟﺠﺴﻤﺎﻧﯿﺔ واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ‪ .‬وﻣﺎ أﺧﻼﻗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻻ ﺧﻼﺻﺔ أﻓﻜﺎرﻧﺎ اﻻﻋﺘﯿﺎدﯾﺔ وﻟﻮ أن ﺑﻌﻀﻬﺎ‬

‫‪43‬‬
 ‫ﻣﺘﺄﺻﻞ ﻓﯿﻨﺎ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﻮراﺛﺔ ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ إﻧﻨﺎ ﻧﻔﻀﻞ اﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ ﻃﺮق اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻬﯿﺄة ﻟﻨﺎ وﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﺤﯿﺎد ﻋﻨﻬﺎ واﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ ﻃﺮق أﺧﺮى ﻧﺨﺘﻄﻬﺎ ‪.‬‬
‫ﻏﯿﺮ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻄﺮق اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻫﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ‪ .‬وﻣﺘﻰ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﯿﻬﺎ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻧﺄﺧﺬ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺎﻓﻊ وﻧﺘﺮك اﻟﻘﺪﯾﻢ اﻟﺒﺎﻟﻲ اﻟﻤﻀﺮ ؟‬

‫ﺳﺒﻖ ذﻛﺮﻧﺎ ﻟﻠﻘﺎرئ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻜﺮي ﯾﺤﺼﻞ ﺑﻮﻇﯿﻔﺘﯿﻦ ‪ :‬ﻓﺎﻋﻠﺔ وﻣﻨﻔﻌﻠﺔ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺗﻨﺘﺞ اﻷﻓﻜﺎر اﻷﺻﻠﯿﺔ واﻹرادﯾﺔ ‪ .‬واﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﻬﺎ إﻻ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﺳﺮﯾﻌﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎدات ‪.‬‬

‫وﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﺨﻠﻖ ﯾﺤﺼﻞ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻄﺮق اﻵﺗﯿﺔ ‪:‬‬

‫أوﻻ ــ إﻣﺎ ﺑﺘﺼﻤﯿﻢ اﻹرادة ﻹﻗﺘﻼع ﺟﺬور اﻟﻌﺎدات اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻛﺘﺴﺎب ﻏﯿﺮﻫﺎ ﺑﺪون ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻗﻮة أﺧﺮى ــ ﻏﯿﺮ أن‬
‫ﻫﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﻮي اﻹرادة ﺻﺎدق اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ وﻣﺎ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻛﺬﻟﻚ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎ ــ و إﻣﺎ ﺑﺎﻹﯾﺤﺎء اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻨﻮم ﻣﺎﻫﺮ ﺧﺒﯿﺮ ﺑﻄﺮق اﻟﺘﻨﻮﯾﻢ اﻟﻤﻤﻐﻨﻂ وﯾﻜﻮن ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻟﺜﻘﺘﻚ ــ‬
‫ﺑﯿﺪ أن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻨﻮم ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ــ ﺑﺎﻹﯾﺤﺎء اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﻨﻀﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ــ ﻓﻬﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺰدوﺟﺔ ﻫﻲ أﺣﺴﻦ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﺤﺼﻮل‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻤﺮﻏﻮﺑﺔ ‪ .‬إن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻹﯾﺤﺎء اﻟﺬاﺗﻲ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن أن ﯾﻜﻮن ﻣﻨﻮﻣﺎ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﻮﺣﯿﺎ إﻟﯿﻬﺎ ﺑﻤﺎ‬
‫ﯾﺮﯾﺪ ﻓﺘﺘﺄﺛﺮ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ ﺑﺈرادة اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﻌﻤﻖ اﻟﻔﻜﺮي ﯾﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ‬
‫ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻹﻋﺎدة ﺟﺪﯾﺪة أو ﻟﺨﻠﻖ ﺣﺪﯾﺚ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﯿﻠﻬﺎ ﻣﺨﯿﻠﺘﻚ وﺗﺮﻏﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎﻟﻬﺎ‪ .‬ﻻﺑﺪ وأن ﺗﻨﻄﺒﻊ ﻓﯿﻚ وﺗﺘﺠﺴﻢ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻚ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﻤﺮارك ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﻬﺎ و إرادة اﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ ‪.‬‬

‫وﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺪواء اﻟﺸﺎﻓﻲ ‪.‬‬

‫وﻟﻨﺄت ﺑﻤﺜﻞ ﻧﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺜﻼث ﻃﺮق اﻟﺒﺎدﯾﺔ اﻟﺬﻛﺮ ‪ .‬ﻣﻦ اﻟﺒﺪﯾﻬﻲ أن اﻟﺨﻮف ﺻﻔﺔ ردﯾﺌﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻜﻢ ﻗﻀﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻮف ﻓﺎﻓﻘﺪ اﻟﻌﺰاﺋﻢ وأﺗﻠﻒ اﻷﺟﺴﺎم وﻻﺷﻰ ﻣﻦ ﻗﻮى ‪.‬‬

‫ﻟﻨﻔﺮض أن اﻟﺨﻮف ﻣﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﯿﻚ وﺗﺮﯾﺪ ﻣﻼﺷﺎﺗﻪ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻄﺮق اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ‪.‬‬

‫ﺗﺒﺪأ أوﻻ ﺑﺎﻹرادة ﻓﺘﻘﻮل ‪ :‬ﻻ أرﯾﺪ أن أﻛﻮن ﺧﺎﺋﻔﺎ )) آﻣﺮ اﻟﺨﻮف ﺑﺘﺮﻛﻲ ((‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ اﻟﺨﻮف ﻻ ﯾﺰال ﺑﺎﻗﯿﺎ ‪ .‬ﻷن إرادﺗﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﻮﯾﺔ ﻟﺘﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﻪ ــ ﻓﻘﺼﺪت ﻣﻨﻮﻣﺎ ﻓﺄﺟﻠﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ وﻗﺎل‬
‫ﻟﻚ أن ﺗﺮﺧﻲ ﻋﻀﻼت ﺟﺴﻤﻚ وﺗﻬﺪئ أﻋﺼﺎﺑﻚ وﺗﺠﻌﻞ ذاﺗﻚ ﻓﻲ أﻫﺪأ ﺣﺎﻟﺔ ‪ .‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﺘﺤﻘﻖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ إﻟﯿﻪ ﯾﻮﺣﻲ‬
‫إﻟﯿﻚ ﻣﻜﺮرا ﺑﺘﺮك اﻟﺨﻮف وﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ وﺑﺎﻷﻣﻞ وﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ اﻟﺦ ‪.‬‬

‫واﻷﻣﺮ ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻮم اﻟﺨﺒﯿﺮ اﻟﺬي ﯾﻌﺮف ﻣﻮﻃﻦ اﻟﺪاء ﻓﻤﺘﻰ ﻏﺮس ﻓﯿﻚ ﻫﺬه اﻟﺒﺬور ﯾﻌﻠﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﻤﺎرس‬
‫اﻹﯾﺤﺎء اﻟﺬاﺗﻲ وﻛﯿﻒ ﯾﺤﺼﻞ اﻟﺘﻌﻤﻖ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﺘﺒﺎﺷﺮه ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻓﯿﺘﻢ ﺷﻔﺎؤك ‪.‬‬

‫أﻣـﺎ ﻗـﺪرة اﻹﯾﺤـﺎء اﻟـﺬاﺗﻲ ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮار اﻟﻘــﻮل ﻟﻨﻔﺴﻚ )) أﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺧﺎﺋﻔﺎ ‪ .‬أﻧﺎ ﻣﻄﻤﺌﻦ ــ ﻟﻘﺪ زال أﺛﺮ‬
‫‪44‬‬
 ‫اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ (( أﻧﺎ ﻻ أﺧﺸﻰ ﺷﯿﺌﺎ وﻫﻠﻢ ﺟﺮا ‪ .‬وﯾﺠﺐ أن ﺗﻠﻔﻆ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال ﺑﻬﯿﺌﺔ ﺟﺪﯾﺔ وﺑﺎﻗﺘﻨﺎع ذاﺗﻲ‬
‫وﻣﺘﻰ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻤﻖ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﺄن ﺗﺠﻌﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﻌﺎل ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ ‪ .‬ﺛﻢ ﺗﻔﻜﺮ‬
‫ﻃﻮﯾﻼ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﺗﺮﯾﺪ اﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ‪ .‬واﻟﯿﻚ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ‪.‬‬

‫ﻛـﯿﻒ ﯾﺤﺼـﻞ اﻟﺘﻌـﻤﻖ اﻟﻔـﻜﺮي؟‬

‫اﺧﺘﺮ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻫﺎدﺋﺎ ﺑﻌﯿﺪا ﻋﻦ اﻟﻐﻮﻏﺎء واﻟﺤﺮﻛﺔ وﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻨﺎس واﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ أو ﻓﻲ اﻟﺴﺮﯾﺮ أو ﻓﻲ‬
‫أي ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺮﺗﺎح إﻟﯿﻪ ‪ .‬وارخ ﻛﻞ ﻋﻀﻼت ﺟﺴﻤﻚ وﻻ ﺗﺸﻨﺞ أﻋﺼﺎﺑﻚ ﺛﻢ ﺗﻨﻔﺲ ﻃﻮﯾﻼ وﺑﺒﻂء واﺣﻔﻆ اﻟﻬﻮاء‬
‫داﺧﻞ رﺋﺘﯿﻚ ﻋﺪة ﺛﻮان ﻗﺒﻞ أن ﺗﻠﻔﻈﻪ وﻛﺮر اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﻣﺮارا ﺣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺮاﺣﺔ واﻧﺘﻌﺎش ‪.‬‬

‫‪45‬‬
 ‫ﺗﻌﺮﯾﻔﻪ ــ اﻧﺪﻣﺎج اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ــ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﺤﺼﺮ ــ ﺛﻤﺮة اﻟﻌﻤﻞ ــ اﻟﺪواء اﻟﻨﺎﺟﻊ ﺿﺪ اﻟﺨﻤﻮل واﻧﺤﻄﺎط اﻟﺠﺴﻢ‬
‫واﻟﻌﻘﻞ ــ ﺷﺮوط اﻟﺤﺼﺮ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫ﻧﺮﯾﺪ ﻫﻨﺎ ﺑﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ‪ :‬ﺗﺠﻤﯿﻊ اﻟﻘﻮى ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ واﺣﺪة وﺗﻮﺟﯿﻪ اﻟﻔﻜﺮ ﺑﺄﺟﻤﻌﻪ إﻟﻰ ﻏﺮض واﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﺗﺠﻤﻊ‬
‫اﻟﻌﺪﺳﺔ اﻟﻤﺮﺋﯿﺔ اﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ واﺣﺪ ‪.‬‬

‫واﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻮﺟﯿﻪ ﻛﻞ إﻟﺘﻔﺎﺗﻪ وﻛﻞ ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ إﻟﻰ ﻓﻜﺮ ﺧﺎص أو ﻋﻤﻞ واﺣﺪ ــ‬
‫ﻻﻫﻲ ﻗﻮة ﻋﻈﻤﻰ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ وﻓﻲ ﻗﻀﺎء ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ‪.‬‬

‫وأﻧﻨﺎ إذا أﺿﻔﻨﺎ ﻓﻜﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺠﻬﻮدﻧﺎ وﻃﺒﻘﻨﺎﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ أي ﻋﻤﻞ ﻟﺠﺎء ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ آﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﻦ واﻹﺗﻘﺎن ﺑﻌﻜﺲ‬
‫اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﺸﺘﻐﻞ ﺑﺄﻣﺮ وﻓﻜﺮه ﺷﺎرد ﻋﻨﻪ ‪ .‬أو ﯾﻠﺘﻔﺖ ﻷﻣﺮ آﺧﺮ ‪.‬‬

‫و ﻫﺬا أﻛﺒﺮ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ وﺑﺬل اﻟﻤﺠﻬﻮد ﻓﻲ ﺷﻲء دون اﻹﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﻏﯿﺮه وإﺑﻌﺎد اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻷﺧﺮى ‪.‬‬
‫وﻧﺘﯿﺠﺔ ذﻟﻚ ﻫﻲ ﺑﻼ ﺷﻚ إﺟﺎدة اﻟﻌﻤﻞ وﻣﺘﻰ ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﺟﯿﺪا ﻛﺎن اﻟﺠﺰاء أﻋﻈﻢ ﺗﺼﺪﯾﻘﺎ ﻟﻠﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ )) اﻟﺠﺰاء‬
‫ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻌﻤﻞ ((‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺗﻘﺪم أن ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻏﻮﺑﻪ ﺑﺸﺮط أن ﯾﻄﻠﺒﻪ ﺑﺤﻤﯿﺔ ﻓﺈذا ﺣﺼﺮ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺠﻬﻮده ﻓﻲ ﺷﻲء ﺻﺎرﻓﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاه ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻬﻮد اﻟﻤﺘﺠﻤﻊ وﻣﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻐﺮض ﯾﺠﺐ ﺣﺘﻤﺎ أن ﯾﻜﻠﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح ‪.‬‬

‫وﻣﻐﺰى ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﯾﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ )) إذا ﺑﺎﺷﺮت ﻋﻤﻼ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻌﻤﻠﻪ ﺑﻜﻞ ﻗﻮاك ((‪.‬‬

‫اﺷﺘﻐﻞ ﺑﺠﺪ ﻓﺘﺤﺴﻦ اﻟﻌﻤﻞ ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻲ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ وﻗﺼﺮه ﻋﻠﻰ أﻣﺮ واﺣﺪ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻤﺎرس اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﻛﺬﻟﻚ‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ وﻻ ﯾﺄﺧﺬﻧﻚ اﻟﻤﻠﻞ أو ﯾﻌﺘﺮﯾﻨﻚ اﻟﻀﺠﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻞ اﺟﻌﻞ ﻹرادﺗﻚ‬
‫اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻃﻔﻚ ‪.‬‬

‫وﻟﻠﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﺧﻼف ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻓﺎﺋﺪة أﺧﺮى ﻫﻲ إراﺣﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ واﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ‪.‬‬

‫ﻟﻨﻔﺮض أﻧﻪ أﺻﺎﺑﻚ اﻟﻜﻼل ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻬﻮد اﻟﺠﺴﻤﻲ أو اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺬي ﺑﺬﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ وﺗﺮﯾﺪ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ وﻗﺘﺎ ﻣﺎ ‪.‬‬

‫‪46‬‬
 ‫ﻓﺈذا أردت اﻟﺮﻗﺎد ﻻﺑﺪ وأن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن راﺋﺪك ﯾﺘﺮدد ﻋﻠﻰ ﻣﺨﯿﻠﺘﻚ وﯾﺤﺮﻣﻚ ﻟﺬة اﻟﺮﻗﺎد ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن ﻛﻞ ﻓﻜﺮ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻣﺠﻬﻮدا وﯾﺸﻐﻞ ﻋﺪة ﺧﻼﯾﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺦ وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ذﻟﻚ ﺗﻈﻞ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺨﻼﯾﺎ‬
‫ﻓﻲ راﺣﺔ ‪.‬‬

‫وﯾﻔﻬﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﯾﺪ إراﺣﺔ اﻟﺨﻼﯾﺎ اﻟﺘﻲ أﻋﯿﺎﻫﺎ اﻟﻌﻤﻞ ‪ .‬ﻧﻮﺟﻪ ﻓﻜﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ آﺧﺮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻸول‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺘﺮك اﻟﺨﻼﯾﺎ اﻷوﻟﻰ ﺗﺬوق اﻟﺮاﺣﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﺪ واﻟﻌﻨﺎء ‪.‬‬

‫واﻵن ﻧﺘﺮك ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ وﻧﺬﻛﺮ ﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺗﻤﺎرﯾﻦ ﺗﻘﻮي ﻓﯿﻚ ﻣﻠﻜﺔ ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ‪.‬‬

‫‪47‬‬
 ‫ﺷﺮط أﺳﺎﺳﻲ ــ ﻗﻮة اﻹرادة ــ ﺧﻀﻮع اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ ﻟﻺرادة ــ ﺗﻤﺎرﯾﻦ ــ اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻦ اﻟﺮاﺣﺔ اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ‬
‫واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ــ أﻣﺜﻠﺔ ــ اﻻﻧﺘﺒﺎه اﻟﻤﻮﺟﻪ إﻟﻰ أﺷﯿﺎء ﺧﺎرﺟﯿﺔ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫أوﻻ ــ اﻟﺸﺮط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻻﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة اﻟﺤﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﻫﻮ إﺑﻌﺎد ﻛﻞ ﻓﻜﺮ وﻛﻞ ﺿﻮﺿﺎء وﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ أو ﻧﻈﺮ‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﻐﺮض اﻟﺬي ﺗﺮوﻣﻪ ‪.‬‬

‫ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﻌﻘﻞ وﺟﻌﻠﻬﻤﺎ ﻃﻮع إرادﺗﻚ ‪.‬‬

‫ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺠﺴﻢ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻠﺮوح ــ واﻟﺮوح ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻺرادة ‪.‬‬

‫اﻹرادة ﻗﻮﯾﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ واﻟﺮوح ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﺘﻘﻮﯾﺔ وﺗﺤﺼﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﺑﺠﻌﻞ اﻟﺮوح ﺗﺤﺖ اﻹرادة وﻣﺘﻰ‬
‫ﺗﻘﻮت ﺗﺼﺒﺢ ﺟﻬﺎزا ﻗﻮﯾﺎ ﻟﻘﺬف اﻫﺘﺰازات اﻟﻔﻜﺮ ﺑﺸﺪة ﻓﺘﺆﺛﺮ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻤﻄﻠﻮب ‪.‬‬

‫اﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ وﺧﺬ راﺣﺘﻚ وارخ ﻋﻀﻼﺗﻚ واﺟﺘﻬﺪ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﺳﺎﻛﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ‪.‬‬

‫ﻛﺮر ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺮارا ﺣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻀﺠﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺛﻢ أﻃﻞ اﻟﻤﺪة إﻟﻰ ﻋﺸﺮ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﺈﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة‬
‫دﻗﯿﻘﺔ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺘﻌﺐ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ﺑﻞ ﺟﺮب اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ دﻓﻌﺎت ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ ‪.‬‬

‫اﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ اﻟﻘﺎﻣﺔ ورأﺳﻚ وذﻗﻨﻚ ﻣﺎﺋﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم وﻛﺘﻔﺎك إﻟﻰ اﻟﻮراء ‪.‬‬

‫ارﻓﻊ ذراﻋﻚ اﻷﯾﻤﻦ إﻟﻰ ﻓﻮق ﻛﺘﻔﻚ ‪.‬‬

‫أدر رأﺳﻚ وﺛﺒﺖ ﻧﻈﺮك ﻋﻠﻰ ﯾﺪك ﺑﻐﯿﺮ أن ﺗﺤﺮك ذراﻋﻚ اﻷﯾﻤﻦ ﻣﺪة دﻗﯿﻘﺔ ‪ .‬ﻛﺮر ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻓﻲ ذراﻋﻚ‬
‫اﻷﯾﺴﺮ ‪ .‬وﻣﺘﻰ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﻋﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وأﺑﻘﯿﺖ ذراﻋﻚ ﺑﺪون ﺣﺮاك ‪ .‬أﻃﻞ ﻣﺪة اﻻﺧﺘﺒﺎر إﻟﻰ دﻗﯿﻘﺘﯿﻦ ﻓﺜﻼﺛﺔ‬
‫دﻗﺎﺋﻖ ﺣﺘﻰ اﻟﺨﻤﺴﺔ ‪ .‬وﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻔﻚ ﻣﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ ﺗﺤﺖ ‪ .‬ﯾﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﺟﻤﻮد ذراﻋﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ‬
‫أﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ ‪.‬‬

‫اﻣﻸ ﻛﺄﺳﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء واﻗﺒﺾ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﺑﺄﺻﺎﺑﻊ ﯾﺪك اﻟﯿﻤﻨﻰ واﻣﺪد ذراﻋﻚ اﻟﯿﻤﯿﻦ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﺛﻢ ﺛﺒﺖ ﻋﯿﻨﯿﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺄس‬

‫‪48‬‬
 ‫واﺟﺘﻬﺪ أن ﺗﺴﺘﺒﻘﻰ اﻟﺬراع ﺑﻐﯿﺮ ﺗﺤﺮك ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺒﻘﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ﻣﺴﺘﻮﯾﺎ ‪.‬‬

‫إﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺪة دﻗﯿﻘﺔ ﺛﻢ ﺗﺪرج ﻓﯿﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ‪ .‬ﻧﻮع ﺑﯿﻦ اﻟﺬراع اﻷﯾﻤﻦ واﻟﺬراع اﻷﯾﺴﺮ ‪.‬‬

‫ﯾﻠﺰﻣﻚ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻚ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ أن ﻻ ﺗﺘﺨﺬ ﻫﯿﺌﺔ ﺟﺎﻓﺔ ﻧﻔﻮره أو ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻤﻈﻬﺮ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﻤﺘﻬﯿﺞ ﺑﻞ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن‬
‫ﻫﺎدﺋﺎ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ ‪.‬‬

‫واﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻫﻨﺎ ﺳﺘﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﺮﻏﻮﺑﺔ ‪.‬‬

‫أوﻻ _ﻻ ﺗﻘﺮع اﻟﻤﺎﺋﺪة ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻚ أو اﻷرض ﺑﺮﺟﻠﻚ ﺣﺎل ﺟﻠﻮﺳﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻷن ﻫﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻖ وﻋﺪم‬
‫اﻣﺘﻼك اﻟﻨﻔﺲ وﻻ ﺗﺘﻬﺰﻫﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ اﻟﻬﺰاز ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﺪﯾﺮ آﻟﺔ أﺧﺬت أﺟﺮﺗﻬﺎ ‪ .‬وﻻ ﺗﻘﻀﻢ أﻇﺎﻓﺮك وﻻ‬
‫ﺗﻌﺾ ﻟﺴﺎﻧﻚ وﻻ ﺗﻠﻮﻛﻪ داﺧﻞ اﻟﻔﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺮأ أو ﺗﻜﺘﺐ أو ﺗﺒﺎﺷﺮ أي ﻋﻤﻞ ‪ .‬وﻻﺗﺤﺮك أﻫﺪاﺑﻚ أو ﺗﺠﻬﻢ وﺟﻬﻚ ‪.‬‬

‫أزل ﻋﻨﻚ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﯿﺮ ﻓﯿﻚ ﻋﺎدة ــ وﯾﺴﻬﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﻚ إذا ﻓﻜﺮت ﺑﺬاﺗﻚ ‪.‬‬

‫ﻋﻮد ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﻤﺎع ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﺻﻮات ﺑﺪون أن ﺗﺘﺄﺛﺮ أو ﺗﺮﺗﺎع ‪ .‬وﺑﺎﻹﺟﻤﺎل ﺗﺴﻠﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ وﺳﺪ‬
‫ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎ ــ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﺎ ﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ ﻟﺘﻘﻮي ﻧﻔﺴﻚ وﺗﻤﺘﻠﻚ ﺣﺮﻛﺎﺗﻚ اﻟﻌﻀﻠﯿﺔ اﻹﺿﻄﺮارﯾﺔ ﻣﺘﺴﻠﻄﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻤﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻹﺧﺘﯿﺎرﯾﺔ ‪ .‬وﺳﻨﺬﻛﺮ ﻟﻚ اﻟﺘﺪرﯾﺒﺎت اﻵﺗﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ إﺗﯿﺎن اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻌﻀﻠﯿﺔ ﻃﻮﻋﺎ ﻹرادﺗﻚ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬إﺟﻠﺲ أﻣﺎم ﻣﺎﺋﺪة وﺿﻢ أﺻﺎﺑﻌﻚ ﺑﺤﯿﺚ ﺗﻜﻮن اﻹﺑﻬﺎم ﻣﻨﻄﻮﯾﺔ ﻓﻮق اﻷﺻﺎﺑﻊ ‪.‬‬

‫إﺗﻜﺊ ﺑﯿﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺋﺪة أﻣﺎﻣﻚ ‪.‬‬

‫ﺛﺒﺖ ﻧﻈﺮك ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻀﺔ ﯾﺪك ﺑﻀﻌﺔ ﺛﻮان ﺛﻢ أﻓﺮد ﺑﺒﻂء إﺑﻬﺎﻣﻚ ﺣﺎﺻﺮا ﻛﻞ اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻛﺄﻧﻪ ذو‬
‫أﻫﻤﯿﺔ ﻛﺒﺮى ‪ .‬إﻓﺮد أﯾﻀﺎ وﺑﺒﻂء إﺻﺒﻊ اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﺎﻟﺒﻨﺼﺮ ﻓﺎﻟﺨﻨﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن اﻟﻜﻒ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ‪ .‬ﺛﻢ‬
‫اﻋﻜﺲ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﺑﺄن ﺗﻄﻮي اﻟﺨﻨﺼﺮ ﻓﺎﻟﺒﻨﺼﺮ وﻫﻠﻢ ﺟﺮا ﺣﺘﻰ اﻹﺑﻬﺎم وﺗﺮﺟﻊ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﯿﺪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أي أن اﻹﺑﻬﺎم‬
‫ﯾﻜﻮن ﻣﻄﻮﯾﺎ ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪.‬‬

‫إﻓﻌﻞ ﺑﺎﻟﯿﺪ اﻟﯿﺴﺮى ﻧﻔﺲ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ وﻛﺮره ﻓﻲ ﻛﻞ دﻓﻌﺔ ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ‪ .‬وﺗﺪرج ﺑﺎﻟﺰﯾﺎدة ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠﻎ اﻟﻌﺸﺮ‬
‫ﻣﺮات ‪.‬‬

‫ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﻪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﯾﻀﺠﺮك ﺑﯿﺪ أن ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ أن ﻻ ﺗﺴﺄم إذ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺣﺼﺮ إﻟﺘﻔﺎﺗﻚ ﻷي ﺷﻲء‬
‫وﻟﻮ ﻛﺎن ﺗﺎﻓﻬﺎ واﻟﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻚ اﻟﻌﻀﻠﯿﺔ ‪ .‬وﻻ ﺗﻬﻤﻞ اﻹﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺎت أﺻﺎﺑﻌﻚ ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﺷﺒﻚ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻹﺑﻬﺎﻣﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ ﺗﻠﻔﻬﻤﺎ ﺣﻮل ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺗﺎرة ﯾﻤﯿﻨﺎ وﻃﻮرا ﯾﺴﺎرا وﻟﯿﻜﻦ‬
‫اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ ﻣﻮﺟﻬﺎ إﻟﻰ أﻃﺮاﻓﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪49‬‬
 ‫‪ - 3‬ﺿﻊ ﯾﺪك اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺒﯿﻚ وﻟﯿﻜﻦ إﺑﻬﺎﻣﻚ وﺑﺎﻗﻲ اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﻄﻮﯾﺔ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ اﻟﺬي ﯾﺒﻘﻰ ﻣﻤﺪودا‬
‫وﺗﺄﺧﺬ ﺑﺘﺤﺮﯾﻜﻪ ﻣﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﯿﺴﺎر وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣﻮﺟﻬﺎ اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ إﻟﻰ ﻃﺮﻓﻪ )) وﺿﻌﯿﺔ اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻲ اﻟﺼﻼة (( ‪.‬‬
‫وﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺮﯾﻨﺎت ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ وﻧﺤﻦ ﻧﺘﺮك ﻟﻔﻜﺮك اﻟﺜﺎﻗﺐ وﻟﻤﻬﺎرﺗﻚ إﯾﺠﺎد ﺗﻤﺎرﯾﻦ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ‬

‫إﻧﻤﺎ اﻟﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ أن ﺗﺤﺼﺮ وﺗﻮﺟﻪ ﻛﻞ اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ إﻟﻰ اﻟﺠﺰء اﻟﺬي ﺗﺤﺮﻛﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ ‪.‬‬

‫ﻗﺪ ﯾﺜﻮر ﻫﺬا اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻣﻦ ﺗﻌﺴﻔﻚ ﺑﻪ وﯾﺤﺎول اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﻏﻞ ﺑﺄﻣﺮ آﺧﺮ ﯾﻨﺠﺬب إﻟﯿﻪ ﻓﻼ ﺗﺪﻋﻪ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ‬
‫ﺑﻞ ﺗﺨﯿﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺪرﺳﺎ أﻣﺎم ﺗﻠﻤﯿﺬ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺻﻔﺤﺎت ﻛﺘﺎﺑﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﯾﺴﺘﺮق اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧﺮ ﻓﻮاﺟﺒﻚ‬
‫ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ وﺗﻨﺒﯿﻬﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب دون ﺳﻮاه وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺪرس ﻣﻤﻼ ﻣﻀﺠﺮا ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻜﻮن ﻟﻚ اﻟﺴﻠﻄﺎن‬
‫اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎﺗﻚ اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ ﻓﺘﺘﻘﻮى ﻓﯿﻚ ﻣﻠﻜﺔ ﺣﺼﺮ اﻟﻔﻜﺮ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﺧﺬ ﺷﯿﺌﺎ ﻻ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﻪ ‪ .‬وﻟﯿﻜﻦ ﻣﺜﻼ ﻗﻠﻢ رﺻﺎص ‪ .‬ﻓﻜﺮ ﻓﯿﻪ ﺟﯿﺪا ﻧﺠﻮ اﻟﺨﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻛﺄﻧﻪ ذو أﻫﻤﯿﺔ ﻋﻈﻤﻰ ‪.‬‬
‫ﻗﻠﱢﺒﻪ ﻣﺮارا ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﻚ ﻣﻔﻜﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﺎدة اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ واﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻷﺟﻠﻪ وﻛﯿﻒ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ‪ .‬ﺗﺼﻮر‬
‫أن ﺟﻞ ﻏﺮﺿﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺎة درس ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻢ دون أي ﺷﻲء ﻏﯿﺮه ‪.‬‬

‫ﻧﻮع ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺮﯾﻦ ﺑﺄن ﺗﺨﺘﺎر أي ﺷﻲء ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ﻓﯿﻪ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻜﻮن ﺗﺎﻓﻬﺎ ﻻ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺎوﻣﺘﻚ ﻟﻠﻤﻠﻞ اﻟﺬي‬
‫ﯾﻌﺘﺮﯾﻚ ﻋﻈﯿﻤﺔ واﻟﻤﺠﻬﻮد اﻟﺬي ﺗﺒﺬﻟﻪ ﻟﺤﺼﺮ ﻓﻜﺮك ﻛﺒﯿﺮا ً ‪.‬‬

‫***‬

‫ﻧﻈﻦ أن اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻜﻔﻲ اﻟﻘﺎرئ ﻟﯿﺤﺬو ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎﻟﻬﺎ وﻟﯿﺒﺘﻜﺮ ﻏﯿﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﻘﻊ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺗﺤﺖ ﺣﺴﻪ وإدراﻛﻪ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻣﺘﻼك ﻓﻜﺮه وﺣﺼﺮه ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﺧﺎص وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻮد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﯾﺠﻌﻞ أﻣﯿﺎﻟﻪ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻹرادﺗﻪ‬
‫وﯾﺘﻤﺸﻰ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯿﺮ ﻓﯿﻼزﻣﻪ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺪﻧﯿﻮﯾﺔ واﻟﻐﺒﻄﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ‪.‬‬

‫‪50‬‬
 ‫إدراك اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻐﺮﯾﺰﯾﺔ ــ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬات ــ ﺗﻨﺒﯿﻪ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ــ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ــ ﻻ ﺗﻜﻦ ﺧﺎدﻋﺎ وﻻ‬
‫ﻣﺨﺪوﻋﺎ ــ ﻻ ﺗﻔﺮط ﻓﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﺘﻬﺎ ‪.‬‬

‫***‪***...***...‬‬

‫إﻧﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄن اﻟﻘﺮاء اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺘﺒﻌﻮا ﺑﺈﻋﺘﻨﺎء ﻓﺼﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﺣﺴﻮا ﺑﻨﻤﻮ اﻹﻋﺘﻘﺎد اﻟﻐﺮﯾﺰي ﻓﯿﻬﻢ ﺑﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ‬
‫ﻗﺪﻣﻨﺎه ‪.‬‬

‫ﻻ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺠﻢ وﻟﻤﺜﻞ اﻟﻐﺮض اﻟﻤﺘﻘﺪم إﻻ أن ﻧﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﺮاء إﻟﻰ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺲ ــ وذﻛﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻤﺎرﯾﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺐ ﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ ﺑﺬﻣﺔ ﻓﺘﻨﻤﻮ ﻓﯿﻬﻢ اﻟﻘﻮة اﻟﺮاﻗﺪة ‪.‬‬

‫وﺗﺨﻄﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺪود ﯾﺨﺮﺟﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﺗﻮﺧﯿﻨﺎه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻫﻮ ﻧﺸﺮه ﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻟﺘﻤﺮﯾﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل وﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ‪.‬‬

‫وﺟﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻟﻠﻘﺎرئ أن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻨﻪ وﺗﺘﻀﺢ ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺤﺮﻛﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻤﻨﻬﺎ وﯾﺘﻌﻬﺪﻫﺎ ﺑﺈرادﺗﻪ‬
‫ﻓﺘﻨﻤﻮ ﻛﺎﻟﺰﻫﺮة ﺗﺪرﯾﺠﯿﺎ وﻣﺘﻰ ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺎل اﻟﺠﺰاء اﻟﺤﺴﻦ ‪.‬‬

‫إﻋﻠﻢ أن ﺷﻌﻠﺔ اﻟﻨﺎر ﻣﺘﻰ ذﻛﯿﺘﻬﺎ ﻗﺪ ﯾﻨﺪﻟﻊ ﻟﻬﯿﺒﻬﺎ وﯾﺘﻨﺎول ﺿﻮﺋﻬﺎ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﺑﺎدر إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﺴﻜﯿﻨﺔ وﺟﺪ وإﻋﻠﻢ أن اﻟﺘﺴﺮع ﺷﻲء واﻟﻤﺒﺎدرة ﺷﻲء آﺧﺮ ‪.‬‬
‫وأن اﻟﺘﻬﯿﺞ واﻟﺤﻤﯿﺔ ﺷﯿﺌﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ‪ .‬وأن اﻟﻘﻮة واﻟﻐﻮﻏﺎء ﻟﯿﺴﺘﺎ ﻣﺘﺴﺎوﯾﺘﯿﻦ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ اﻟﻨﺸﯿﻂ اﻟﻬﺎدئ اﻟﺮزﯾﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻏﺮﺿﻪ ﺑﺄﺳﺮع ﻣﻦ اﻟﺠﻞ اﻟﻤﺘﻠﻮن اﻟﻤﻀﻄﺮب اﻟﻤﺘﻘﻠﺐ ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ واﻟﺼﺒﺮ واﻟﺤﻤﯿﺔ واﻟﺮزاﻧﺔ ﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ﻗﻮى ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح ‪ .‬واﻟﺤﻜﯿﻢ ﻗﺪ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ أﺷﯿﺎء ﻻ ﯾﻌﺘﺪ‬
‫ﺑﻬﺎ اﻟﺠﺎﻫﻞ ﻛﻤﺎ أن اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي ﯾﺮذﻟﻪ اﻟﺒﻨﺎءون ﻗﺪ ﯾﺼﯿﺮ رأس اﻟﺰاوﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻨﻚ ﻛﺪود اﻷرض وﻻ ﺗﺬل ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺘﻤﺮﻏﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاب ﻣﺴﺘﺸﻬﺪا اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﻧﻚ ﺧﻠﯿﻘﺔ ﻣﺮذوﻟﺔ‬
‫وﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ذاﺗﻚ أﻧﻚ اﻟﺨﺎﻃﺊ اﻟﺘﻌﺲ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﻬﻼك اﻷﺑﺪي ّ! ﻛﻼ وأﻟﻒ ﻣﺮة ﻛﻼ ! ﻗﻒ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎ وارﻓﻊ‬
‫ﻗﺎﻣﺘﻚ وﺗﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء آﻣﻼ ‪ .‬واﻓﺘﺢ ﺻﺪرك واﻣﻸ رﺋﺘﯿﻚ ﺑﻬﻮاء اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﻨﻘﻲ ‪.‬‬

‫ﺣﺪث ﻧﻔﺴﻚ أﻧﻚ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﻨﺼﺮ اﻟﺤﯿﺎة اﻷزﻟﻲ وأﻧﻚ ﻣﺨﻠﻮق ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة اﷲ وﻣﺜﺎﻟﻪ وأن ﻓﯿﻚ ﻧﺴﻤﺔ اﻟﺤﯿﺎة‬
‫اﻹﻟﻬﯿﺔ ‪.‬‬

‫‪51‬‬
 ‫ﻻﺷﻲء ﯾﻀﺮ ﺑﻚ ﻷﻧﻚ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻷﺑﺪﯾﺔ !‬

‫ﺗﻘﺪم ﯾﺎ ﺻﺎح إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﺑﻌﺰم ﺛﺎﺑﺖ وﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺠﺪﯾﺪة اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﺘﻬﺎ ودب ﻓﯿﻚ دﺑﯿﺒﻬﺎ ‪ .‬إﻓﻌﻞ أوﻻ واﺟﺒﻚ ﻧﺤﻮ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ ﺛﻢ ﻧﺤﻮ إﺧﻮﺗﻚ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﻨﻜﺮ اﻷﺧﻮﯾﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ واﻋﺘﺮف أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس أﻋﻀﺎء ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺨﺪع ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻚ وﻻ ﺗﺪﻋﻬﻢ أن ﯾﺨﺪﻋﻮك ‪ .‬ﻟﻮ أﻃﻌﺖ ﻫﻮى واﺣﺪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺿﻤﯿﺮك وﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﺣﻜﻤﻚ ﻓﺈﻧﻚ‬
‫ﻻ ﺗﻀﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﺤﺴﺐ ‪ .‬ﺑﻞ ﺗﻀﺮ أﯾﻀﺎ ذاك اﻟﻮاﺣﺪ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺼﻔﻊ أﺣﺪا وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺪﻋﻪ أﯾﻀﺎ ﯾﺼﻔﻌﻚ ﺑﺪون أن ﯾﻌﺎﻗﺐ ‪.‬‬

‫إذا ﻟﻄﻤﻚ أﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺪك اﻷﯾﻤﻦ ﻓﻼ ﺗﺮد ﻟﻪ اﻷﯾﺴﺮ ﻟﯿﺘﻤﺎدى ﻓﻲ ﺷﺮه ‪ .‬ﺑﻞ إﻟﻄﻤﻪ أﻧﺖ أﯾﻀﺎ ﺗﺄدﯾﺒﺎ ﻟﻪ وﻻ ﯾﻜﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﻋﻦ ﺣﻘﺪ أو ﺿﻐﯿﻨﺔ ‪ .‬وإذا ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ اﻟﻌﻔﻮ ﻓﺴﺎﻣﺤﻪ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺎس ﺧﻄﺄ ﻧﻈﺮﯾﺔ ﻋﺪم ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺸﺮ ‪ .‬وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﻻ ﺗﻘﺎوﻣﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮ ‪ .‬ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘﺄدﯾﺐ واﻹﺻﻼح وﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻚ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻤﻞ اﻟﻮدﯾﻊ اﻟﻤﻬﯿﺄ ﻟﻠﺬﺑﺢ ‪ .‬أو ﺗﻜﻮن ﺟﺒﺎﻧﺎ ﻛﺎﻷرﻧﺐ ‪.‬‬

‫إذا ﺳﻤﺤﺖ ﻵﺧﺮ أن ﯾﺨﺪﻋﻚ ﻻ ﺗﻜﻮن أﺣﺴﻨﺖ اﻟﺼﻨﻊ ﻧﺤﻮه ﻷن واﺟﺒﻚ ﯾﻘﻀﻲ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺘﻔﻬﯿﻤﻪ ﺣﺪوده ﺑﺎﻟﻄﺮﻗﺔ‬
‫اﻟﻤﺜﻠﻰ ‪.‬‬

‫إﻧﻨﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ اﻹﻫﺎﻧﺎت اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﻚ وﻟﯿﺲ ﻋﻦ اﻹﻫﺎﻧﺎت اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ﻛﺎﻟﺬﺑﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﯿﻠﺖ أﻧﻬﺎ ﺻﺎرت‬
‫ﻓﯿﻼ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺗﺪع ﻟﻠﺤﻘﺪ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺘﻄﺮق إﻟﻰ ﻓﺆادك ‪ .‬ﺳﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﻚ ﻣﺘﺰودا ‪ .‬وﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ ‪.‬‬

‫ﻣﺘﻰ ﻛﺎن ﻟﻚ إﺣﺘﺮام ﻟﻨﻔﺴﻚ وﻟﻐﯿﺮك إ ﺣﺘﺮﻣﻚ اﻟﻨﺎس وﻛﺎن ﻟﻚ ﺑﯿﻨﻬﻢ ﺷﺄن ‪.‬‬

‫إن اﻟﻜﻠﺐ اﻟﺮاﺑﺾ أﻣﺎم ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﻬﺪوء ﻻ ﯾﺨﺸﻰ ﺿﺮﺑﺎت أﻗﺪام اﻟﻤﺎرﯾﻦ ﺑﻌﻜﺲ اﻟﻜﻠﺐ اﻟﺸﺮس اﻟﺬي ﯾﺘﺤﻔﺰ‬
‫ﻟﻠﻮﺛﻮب ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺮاه ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻟﻪ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻟﺨﺺ أﺣﺪ اﻟﻤﻔﻜﺮﯾﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء واﺟﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻨﻘﺶ ﺑﺄﺣﺮف ذﻫﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ‬
‫ﺑﺎب ‪ )) .‬ﻻ ﺗﻀﺮ أﺣﺪا و أﻋﻂ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﺎ ﯾﺨﺼﻪ ((‪.‬‬

‫ﻟﻮ إﺗﺒﻊ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ وﻓﻲ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻟﻤﺎ اﻣﺘﻸت اﻟﺴﺠﻮن وﻛﺜﺮ ﻋﺪد اﻟﻤﺤﺎﻣﯿﻦ وﺗﺮاﻛﻤﺖ‬
‫اﻷﻋﻤﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ‪ .‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﯿﺎة ﺟﻨﺔ اﻟﻨﻌﯿﻢ ‪.‬‬

‫إﺟﺘﻬﺪ أن ﺗﻄﺒﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻚ ‪.‬‬

‫وإذا ﻏﻤﺾ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﺎت اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻼ ﺗﯿﺄس ﺑﻞ اﻗﺮأه ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﺘﻨﻜﺸﻒ ﻟﻚ ﻣﺮاﻣﯿﻪ‬
‫وﺗﺪرك ﻣﻌﺎﻧﯿﻪ ‪ .‬واﺑﺪأ ﺑﺎﻻرﺗﺨﺎء اﻟﺠﺴﻤﻲ واﻟﻨﻔﺴﻲ وﻟﯿﺘﻮﻻك اﻟﺴﻜﻮن اﻟﺘﺎم وﻻ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗﺴﺘﻨﯿﺮ ﺑﺼﯿﺮﺗﻚ ﻓﺎﻗﺮع‬
‫اﻟﺒﺎب ﯾﻔﺘﺢ ﻟﻚ ‪ .‬واﻃﻠﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺠﺪﻫﺎ ‪.‬‬

‫واﻵن ﻧﺴﺘﻮدﻋﻚ اﷲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺗﻌﺎرﻓﻨﺎ ﺧﻼل ﺳﻄﻮر ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﯾﻌﺘﺪ ﺑﻪ وﻧﺴﺘﻤﯿﺤﻚ ﻋﺬرا إذا ﺳﺒﺒﻨﺎ ﻟﻚ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻤﻠﻞ ﻓﻐﺎﯾﺘﻨﺎ ﺣﻤﯿﺪة واﻟﺴﻼم ‪.‬‬
‫‪52‬‬
 ‫ﺗﻢ ﻧﻘﻠﻪ وﻃﺒﺎﻋﺘﻪ و وﺿﻊ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺘﻮﺿﯿﺤﯿﺔ ﻓﻲ ‪ / 14‬ﻏﺸﺖ ‪ 2006 /‬ـــ‬

‫ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷخ ‪dragon noir‬‬

‫واﻟﺤﻤﺪﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‬

‫ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻬﺎ ﻫﺎﺷﻢ‬

‫‪www.mahahashem.com‬‬

‫ﻻ ﺗﻨﺴﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺺ دﻋﻮاﺗﻜﻢ‪.‬‬

‫‪53‬‬