Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 19

‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫عرض كتاب‪:‬‬

‫اإلعجاز الصوتي في القرآن الكريم‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبدالحميد هنداوي‬

‫إشراف‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عبدالحميد هنداوي‬


‫األستاذ بكلية دار العلوم ‪ -‬جامعة القاهرة‬

‫إعداد‬

‫سلمان عالء الشافعي‬


‫الفرقة الثانية برنامج املاجستري (‪2015‬م ‪2016 -‬م) ‪ -‬قسم الفلسفة اإلسالمية‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫عرض كتاب‪ :‬اإلعجاز الصوتي في القرآن الكريم‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ه‪2‬ذا الكت‪22‬اب ال‪2‬ذي بني أي‪22‬دينا‪ ،‬حياول أن ُيكِّثف الض‪2‬وء على إح‪2‬دى قض‪2‬ايا اإلعج‪2‬از الق‪2‬رآين ال‪2‬يت‬
‫حازت اهتمام قليل من الباحثني ال ين‪22‬اهز أمهيته‪22‬ا ودقته‪22‬ا‪ ،‬أال وهي قض‪22‬ية "اإلعجاز الص‪3‬وتي في‬
‫القرآن الكريم"‪.‬‬
‫ه‪22‬ذا الكت ‪22‬اب املعج‪22‬ز ال‪22‬ذي وص‪22‬فه مص‪22‬طفى ص‪22‬ادق ال‪22‬رافعي يف مقدم‪22‬ة كتاب ‪22‬ه "إعج‪22‬از الق‪22‬رآن"‪،‬‬
‫بقوله‪:‬‬
‫"آي‪22‬ات منزل‪22‬ة من ح‪2‬ول الع‪22‬رش ف‪2‬األرض هبا مساء هي منه‪2‬ا ك‪2‬واكب‪ ،‬ب‪22‬ل اجلن‪22‬د اإلهلي ق‪2‬د ُنش‪2‬ر ل‪22‬ه‬
‫من الفض‪22 2‬يلة عَلم وانض‪22 2‬وت إلي‪22 2‬ه من األرواح م‪22 2‬واكب‪ ،‬أغلقت دون‪22 2‬ه القل‪22 2‬وب ف‪22 2‬اقتحم أقفاهلا‪،‬‬
‫وامتنعت عليها أعراف الضمائر فابتز أنفاهلا‪.‬‬
‫وكم صدوا عن سبيله صًّدا‪ ،‬وَم ن ذا يدافع السيل إذا هدر؟!‬
‫واعرتضوه باأللسنة رًّدا‪ ،‬ولعمري من يرُّد على اهلل القدر؟!‬
‫وختاطروا له بسفهائهم كما ختاطرت الفحول بأذناب‪ ،‬وفتحوا علي‪22‬ه من احلوادث ك‪2‬ل ش‪22‬دق في‪22‬ه‬
‫من كل داهية ناب‪.‬‬
‫فما كان إال نور الشمس‪ :‬ال يزال اجلاهل يطمع يف سرابه مث ال يَض ع منه قطرة يف سقائه‪ ،‬وُيلقي‬
‫الصيب غطاَءه لُيخفيه حبجابه مث ال يزال النور يتبسط على غطائه‪."...‬‬
‫فكتاب اهلل معجزُة رس‪2‬وله اخلال‪2‬دة‪ ،‬داَر املس‪2‬لمون يف فلك‪2‬ه‪ ،‬ينهل‪2‬ون من هنر بالغت‪22‬ه‪ ،‬وق‪2‬ام العلم‪2‬اء‬
‫بدراسة مجيع جوانب إعجازه اللغوية والتشريعية والعلمية‪ ،‬وغريها الكثري‪.‬‬
‫ولكن "قضية اإلعجاز الصويت للقرآن الك‪2‬رمي هي من القض‪2‬ايا ال‪2‬يت مل تن‪2‬ل الق‪2‬در الك‪2‬ايف من عناي‪2‬ة‬
‫الباحثني هبا‪ ،‬فال تعدو دراسات الباحثني يف هذا اجملال أن تكون جمرد إشارات سريعة عاجلة‪ ،‬أو‬
‫جمرد خواطر وحملات عند بعض الكلمات القرآنية‪.1"...‬‬
‫ل ‪22‬ذلك ك ‪22‬ان ه ‪22‬ذا الكت ‪22‬اب "اإلعج ‪33‬از الص ‪33‬وتي في الق ‪33‬رآن الك ‪33‬ريم"‪ ،‬ملؤِّلف ‪22‬ه األس ‪22‬تاذ ال ‪22‬دكتور‬
‫عبدالحميد هنداوي ‪ -‬حُي اول أن يس‪22‬د ه‪22‬ذا اخلل‪22‬ل‪ ،‬ويع‪22‬اجل ه‪22‬ذا النقص؛ ليض‪22‬يف لبن‪ً2‬ة جدي‪22‬دة يف‬
‫بناء تراثنا اللغوي الشامخ‪.‬‬

‫‪ 1‬مقدمة الكتاب‪( ،‬ص‪.)3 :‬‬


‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫تقسيم الكتاب‬
‫الكتاب يقع يف حنو ‪ 120‬صفحة‪ ،‬وبقراءة متأنيٍة مُي كن تقسيمه إىل اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬مقدمات يف اإلعجاز القرآين‪.‬‬
‫‪ -2‬القسم األول‪ :‬دراسة نظرية تأصيلية‪.‬‬
‫‪ -‬القس ‪22 2‬م الث ‪22 2‬اين‪ :‬دراس ‪22 2‬ة تطبيقي ‪22 2‬ة‬ ‫‪3‬‬
‫(االختيار ‪ -‬العدول ‪ -‬التكرار)‪.‬‬ ‫تقسيم الكتاب‬
‫ويوض‪22‬ح الرس‪22‬م البي‪22‬اين نص‪22‬يب ك‪22‬ل‬ ‫مقدمات فى اإلعجاز‬
‫القرآنى‬
‫قس ‪22‬م من الكت ‪22‬اب‪ ،‬حيث اس ‪22‬تحوذ‬ ‫‪8%‬‬
‫القسم األول‪:‬‬
‫القسم الثاين على حنو ثل‪22‬ثي الكت‪22‬اب‬ ‫دراسة نظرية‬
‫تأصيلية‬
‫‪ )%67‬مبا يع ‪22 2 2 2‬ادل ‪ 78‬ص ‪22 2 2 2‬فحة‪،‬‬ ‫‪26%‬‬
‫(‬
‫بينم ‪22 2 2‬ا ج ‪22 2 2‬اء القس ‪22 2 2‬م األول يف ‪30‬‬
‫ص ‪22 2 2 2‬فحة‪ ،‬واملق ‪22 2 2 2‬دمات يف حنو ‪10‬‬ ‫القسم الثانى‪:‬‬
‫دراسة تطبيقية‬
‫صفحات‪.‬‬ ‫( االختيار‪-‬‬
‫العدول‪-‬‬
‫وفيم ‪22 2 2 2 2 2‬ا يلي ع ‪22 2 2 2 2 2‬رض للكت ‪22 2 2 2 2 2‬اب‪،‬‬ ‫التكرار)‬
‫‪67%‬‬

‫وتلخيص ألهم األفكار والقضايا ال‪2‬يت تناوهلا‪ ،‬م‪2‬ع الرتك‪2‬يز على اجلانب التط‪2‬بيقي‪ ،‬ال‪2‬ذي وض‪2‬حت‬
‫أمهيته من تقسيم الكتاب نفسه‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫مقدمات في اإلعجاز القرآني‬


‫حقيقة اإلعجاز القرآني‪:‬‬
‫يوضح املؤلف أن املقصود بإعجاز القرآن هو "كونه مما َيعِج ُز الن‪22‬اُس عن اإلتي‪22‬ان مبثل‪2‬ه؛ ول‪22‬ذا وق‪2‬ع‬
‫التحدي من اهلل تعاىل لإلنس واجلن أن يأتو بسورة من مثله‪ ،‬فعجزوا"‪.1‬‬
‫لق‪22‬د حتدى اهلل تع‪22‬اىل الع‪22‬رب‪ ،‬وهم أرب‪22‬اب الفص‪22‬احة‪ ،‬وم‪22‬الكو ناص‪22‬ية اللغ‪22‬ة‪ ،‬حتداهم أن ي‪22‬أتوا مبث‪22‬ل‬
‫القرآن‪ ،‬أو مبثل َعشر سَو ر منه‪ ،‬أو حىت مبثل سورة‪ ،‬فعجزوا وَس َّلموا‪:‬‬
‫ِمِب ِلِه‬ ‫ِن‬ ‫ِمِب‬ ‫ِجْل‬ ‫ِت‬ ‫ِئ‬
‫{ُقْل َل ِن اْج َتَم َع اِإْل ْنُس َو ا ُّن َعَلى َأْن َيْأُتوا ْث ِل َه َذ ا اْلُق ْر آ اَل َيْأُتوَن ْث َو َل ْو َك اَن َبْع ُض ُه ْم‬
‫ِلَبْع ٍض َظِه ًريا} [اإلسراء‪.]88 :‬‬
‫{َأْم َيُقوُل وَن اْفَتَر اُه ُق ْل َف ْأُتوا ِبَعْش ِر ُس َو ٍر ِم ْثِل ِه ُمْف َتَر َي اٍت َو اْد ُع وا َم ِن اْس َتَطْع ُتْم ِم ْن ُدوِن الَّل ِه ِإْن‬
‫ِإ ِإ‬ ‫ِه‬ ‫ِبِع‬ ‫ِج‬ ‫ِإ‬ ‫ِدِق‬
‫ُك ْنُتْم َص ا َني * َف ْمَّل َيْس َت يُبوا َلُك ْم َف اْع َلُم وا َأَمَّنا ُأْن ِز َل ْلِم الَّل َو َأْن اَل َل َه اَّل ُه َو َفَه ْل َأْنُتْم‬
‫ُمْس ِلُم وَن } [هود‪.]14 ،13 :‬‬
‫{ ِإْن ُك ْنُت يِف ٍب َّمِما َّز ْلَن ا َلى ِدَنا َف ْأُتوا ِب و ٍة ِم ِم ْثِلِه اْد وا ُش َد ا ُك ِم وِن الَّل ِه‬
‫َو ُع َه َء ْم ْن ُد‬ ‫ُس َر ْن‬ ‫َن َع َعْب‬ ‫ْم َر ْي‬ ‫َو‬
‫ِع‬ ‫ِحْل‬ ‫ِدِق‬
‫ِإْن ُك ْنُتْم َص ا َني * َف ِإْن ْمَل َتْف َعُل وا َو َلْن َتْف َعُل وا َف اَّتُقوا الَّناَر اَّليِت َو ُقوُدَه ا الَّناُس َو ا َج اَر ُة ُأ َّد ْت‬
‫ِلْلَك اِفِر يَن } [البقرة‪.]24 ،23 :‬‬
‫"ومعل‪22‬وم واض ‪22‬ح أن معج ‪22‬زة الق ‪22‬رآن معج ‪22‬زة عقلي ‪22‬ة ترج‪22‬ع إىل تأم ‪22‬ل معاني ‪22‬ه وأس ‪22‬راره‪ ،‬وه‪22‬ذا أبل‪22‬غ‬
‫وأدُّل يف باب اإلعج‪2‬از من املعج‪2‬زات احلس‪2‬ية املادي‪22‬ة ال‪2‬يت أوتيه‪2‬ا الن‪2‬بُّيون قب‪22‬ل حمم‪2‬د ص‪2‬لى اهلل علي‪22‬ه‬
‫وسلم"‪.2‬‬
‫إعجاز القرآن ينافي القول بالِّص رفة‪:‬‬
‫هناك بعض اآلراء اليت تقول‪ :‬إن إعجاز القرآن إمنا هو بالص‪2‬رفة؛ أي‪ :‬إن اهلل ص‪2‬رفهم عن اإلتي‪2‬ان‬
‫مبثله ويف بالغته‪ ،‬وهذا الصارف هلم هو أمر غييب غري مَّربر‪ ،‬ولو انتفى هذا الصرف من ِقب‪2‬ل اهلل‪،‬‬
‫السَتطاعوا أن يأتوا مبثل هذا القرآن‪ ..‬وهذا قوُل أكثر املعتزلة وَم ن حنا حنوهم‪.‬‬
‫"وال ش ‪َّ22‬ك أن الق ‪22‬ول هبذه الص ‪22‬رفة باط ‪22‬ل ال حمال ‪22‬ة من وج ‪22‬وه‪ ...‬منه ‪22‬ا أن ‪22‬ه يل ‪22‬زم من الق ‪22‬ول ب ‪22‬ذلك‬
‫الق‪22‬ول أن اإلتي‪22‬ان مبث‪22‬ل كالم اهلل ه‪2‬و يف مق‪22‬دور البش‪2‬ر واس‪22‬تطاعتهم ل‪22‬و ُخ لي بينهم وبني معارض‪22‬ته‬
‫ل‪22‬وال ص‪22‬رف اهلل تع‪22‬اىل هلم‪ ،‬ويف ه‪22‬ذا من البطالن م‪22‬ا في‪22‬ه ِم ن إبط‪22‬ال وج‪22‬ه من أهم وج‪22‬وه إعج‪22‬از‬

‫‪( 1‬ص‪.)6 :‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)8 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫القرآن بال داٍع ‪ ،‬وِم ن القول بإمكان مشاهبة كالم املخلوق لكالم اخلالق الذي هو صفة ل‪2‬ه‪ ،‬كم‪2‬ا‬
‫يلزم من ذلك أيًض ا القول بعجزه سبحانه أن يأيت بكالم معجز‪.1"...‬‬

‫اإلعجاز الصوتي للقرآن‪:‬‬


‫نقل املؤلف عن ابن عطية قوله يف احملرر الوج‪2‬يز‪" :‬ل‪22‬و ن‪22‬زْع َت حرًف ا من الق‪22‬رآن مث أدرت اللغ‪22‬ة من‬
‫ألفها إىل يائها لتجد ما يسد مسده‪ ،‬فلن جتد"‪.2‬‬
‫وهذه املقولة تلِّخ ص أمهية البحث يف هذا الباب من أوجه اإلعجاز القرآين‪ ،‬وما فيه من اللط‪2‬ائف‬
‫واألسرار والدقائق‪" ،‬ومن مث يقوم ه‪2‬ذا البحث بدراس‪2‬ة الدالل‪22‬ة الص‪2‬وتية للكلم‪2‬ة؛ من حيث النظ‪2‬ر‬
‫يف ص‪22‬فات األص‪22‬وات من حيث اجله‪22‬ر واهلمس والرخ‪22‬اوة‪ ،‬والش‪22‬دة واالنطب‪22‬اق واالنفت‪22‬اح‪ ...‬ومن‬
‫حيث م‪22‬ا يص‪22‬احب الكلم‪22‬ة عن‪22‬د النط‪22‬ق هبا من ظواهر ص‪22‬وتية ك‪22‬النرب والتنغيم‪ ،‬مث من حيث النظ‪22‬ر‬
‫يف خمارجه‪22 2‬ا املختلف‪22 2‬ة‪ ،‬وحبث العالق‪22 2‬ة بني تل‪22 2‬ك الس‪22 2‬مات الص‪22 2‬وتية للتش‪22 2‬كيل الص‪22 2‬ويت للكلم‪22 2‬ة‬
‫ومناسبتها لسياقها ونسقها الداليل"‪.3‬‬

‫‪( 1‬ص‪ ،)10 :‬بتصرف قليل‪.‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)13 :‬‬
‫‪( 3‬ص‪ ،)14 :‬بتصرف قليل‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫القسم األول‬
‫دراسة نظرية تأصيلية‬
‫يشتمل هذا القسم على ثالثة مباحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬داللة األصوات عند قدامى النحاة واللغويني‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬داللة األصوات عند متأخري البالغيني‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الداللة الصوتية يف الدراسات احلديثة‪.‬‬
‫* ويوضح الشكل البياين التايل حجم كل مبحث يف القسم‪:‬‬

‫مباحث القسم األول‬ ‫شكل (‪)2‬‬

‫‪13‬‬

‫‪11‬‬

‫‪9‬‬

‫‪7‬‬

‫‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث األول‪ :‬داللة األصوات عند قدامى النحاة واللغويين‬


‫يوضح الدكتور عبداحلميد هنداوي أن هناك حماوالت جادة عند قدامى اللغويني يف هذا السبيل‪،‬‬
‫وض‪22‬رب مثاًل على ذل‪22‬ك بأربع‪22‬ة من ه‪2‬ؤالء العلم‪2‬اء‪( :‬اخللي‪22‬ل بن أمحد‪ ،‬وس‪22‬يبويه‪ ،‬وابن ج‪2‬ين‪ ،‬وابن‬
‫األثري)‪.‬‬
‫فمما أشار إليه أنه "قد التفت الخليل وسيبويه إىل أثر زيادة املبىن يف زيادة املعىن‪ ،‬كما ق‪22‬د التفت‪22‬ا‬
‫كذلك إىل الغرض من تلك الزيادة‪ ،‬وهو هنا املبالغة والتوكيد‪.1"...‬‬
‫كما أكد أن ابن جني هو فارس هذا امليدان بقوله‪" :‬إذا كان القدماء كاخلليل وسيبويه ق‪22‬د َأْو َل ُو ا‬
‫اجلهة الثانية عناية خاصة‪ ،‬وهي جهة النظر إىل الرتاكيب الصوتية ومناسبتها للمعاين اليت وض‪22‬عت‬
‫هلا‪ ...‬فإن ما أدىل به ابن جين يف هذا املق‪2‬ام جيع‪2‬ل تل‪2‬ك احملاوالت األوىل من ج‪2‬انب الق‪2‬دماء جمرد‬
‫إشارات وومضات مضيئة ال تقاَر ن مبا قدم ابن جين يف هذا الباب‪.2"...‬‬
‫"ولع ‪َّ2‬ل أهَّم م‪22‬ا متيز ب ‪22‬ه حبث ابن األث‪22‬ري هلذه النقط‪22‬ة أن ‪22‬ه اهتم بوض‪22‬ع القي ‪22‬ود والض‪22‬وابط ال‪22‬يت حتكم‬
‫العالقة بني املبىن واملعىن من حيث الزي‪22‬ادة والنقص‪ ،‬وه‪2‬ل يص‪2‬ح الق‪2‬ول ب‪22‬اطراد قاع‪2‬دة زي‪22‬ادة املع‪22‬ىن‬
‫لزيادة املبىن‪ ،‬أم أن هناك أحوااًل ال يصُّح القول فيها باطراد تلك القاعدة؟"‪.3‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬داللة األصوات عند متأخري البالغيين‬


‫يوض‪22‬ح املؤل‪22‬ف أن‪22‬ه"ت‪22‬ابع املت‪22‬أِّخ رون من البالغ‪22‬يني البحث يف ه‪22‬ذا الب‪22‬اب‪ ،‬وإن ك‪22‬انت إض‪22‬افاهتم يف‬
‫ه‪22‬ذا الب‪22‬اب ال تع‪22‬دو كوهنا جمرد إش‪22‬ارات وتقري‪22‬رات وُمراجع‪22‬ات س‪22‬ريعة‪ ،‬يع‪22‬د بعض‪22‬ها تك‪22‬راًر ا ملا‬
‫سبق‪ ،‬ويعد القليل منها من قبيل اإلضافات اليسرية املفيدة على مستوى التقعيد والتنظري"‪.4‬‬
‫وبنَّي أن الدراسات املتأخرة ب‪22‬دًءا من ابن س‪22‬نان‪ ،‬وانته‪2‬اء ب‪22‬الطييب والقزوي‪22‬ين ومن ح‪2‬ذا ح‪2‬ذومها ‪-‬‬
‫قد حبثت هذه الظاهرة حتت ما اصطلحوا على تسميته مببحث "الفص‪22‬احة"‪ ،‬وق‪22‬د ض‪22‬منوه ش‪22‬روًطا‬
‫لفصاحة الكلمة خيتُّص بعضها بالنظر إىل أصواهتا‪.5‬‬

‫‪( 1‬ص‪.)17 :‬‬


‫‪( 2‬ص‪ ،)20 :‬بتصرف قليل‪.‬‬
‫‪( 3‬ص‪.)24 :‬‬
‫‪( 4‬ص‪.)25 :‬‬
‫‪ 5‬انظر (ص‪.)25 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫"واحلق أن ما ذكره البالغيون يف هذا املقام ال خيلو من انتقادات عدي‪22‬دة وَّج هه‪22‬ا إليهم الدارس‪22‬ون‬
‫ا ح‪َ2 2‬د ثون‪ ،‬وتتمث ‪22‬ل ه ‪22‬ذه االنتق ‪22‬ادات يف أن النظ ‪22‬ر إىل اللفظ ‪22‬ة املف ‪22‬ردة واحلكم عليه ‪22‬ا مبع ‪22‬زل عن‬
‫ُمل‬
‫سياقها ال يؤدي إىل الفهم الصحيح للنصوص يف كثري من األحيان‪.1"...‬‬
‫"وهن‪22‬ا حيق لن‪22‬ا أن نتس‪22‬اءل إنص‪22‬اًفا هلؤالء الق‪22‬دماء فنق‪22‬ول‪ :‬م‪22‬اذا ل‪22‬و أخف‪22‬ق ا ب‪22‬دع يف توظي‪22‬ف ذل‪22‬ك‬
‫ُمل‬
‫التن ‪22‬افر أو تل ‪22‬ك املعاَظل ‪22‬ة؟ أال يك ‪22‬ون ذل ‪22‬ك التن ‪22‬افر أو التعاظل معيًب ا ُمس ‪22‬تهجًنا؟ مبع ‪22‬ىن‪ :‬إذا ك ‪22‬انت‬
‫هن‪22‬اك كلمت‪22‬ان تؤدي‪22‬ان املع‪22‬ىن املراد‪ :‬إح‪22‬دامها ثقيل‪22‬ة على الس‪22‬مع ُمتن‪22‬اِفرة‪ ،‬واألخ‪22‬رى خفيف‪22‬ة عذب‪22‬ة‬
‫اجلرس وال‪22‬رنني‪ ،‬ومل يكن الس‪22‬تخدام الثقيل‪22‬ة املتن‪22‬اِفرة مع‪22‬ىن يوِّظ ف ثقله‪22‬ا وتنافره‪22‬ا‪ ،‬أفال يك‪22‬ون يف‬
‫الع ‪22 2‬دول عن اللفظ ‪22 2‬ة العذب ‪22 2‬ة اخلفيف ‪22 2‬ة إىل الثقيل ‪22 2‬ة املتن ‪22 2‬اِفرة بغ ‪22 2‬ري قص ‪22 2‬د وال غ ‪22 2‬رض بالغٍّي إخالٌل‬
‫بالفصاحة والبالغة؟"‪.2‬‬

‫‪( 1‬ص‪.)26 :‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)32 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الداللة الصوتية في الدراسات الحديثة‬


‫أوض‪22‬ح املؤِّل ف أن الدراس‪22‬ات احلديث‪22‬ة ‪ -‬وب‪22‬األخص الدراس‪22‬ات األس‪22‬لوبية ‪ -‬ق‪22‬د اهتمت بالدالل‪22‬ة‬
‫الص ‪22‬وتية؛ ألن علم األس ‪22‬لوب هدف‪22‬ه احلقيقي يتمَّثل يف البحث عن العالق‪22‬ات املتبادل ‪22‬ة بني ال ‪22‬دوال‬
‫واملدلوالت‪" ،‬ومع ‪22‬ىن ه ‪22‬ذا أن البحث األس ‪22‬لويب يتس ‪22‬ع يف حبث العالق ‪22‬ات بني ال ‪22‬دواِّل واملدلوالت‬
‫لتلك الدالالت اليت توحي هبا البنية الصوتية للكلمة من حيث كوهنا أصواًتا‪ ،‬ال من حيث كوهنا‬
‫مواَّد معجمية هلا داللتها الوضعية احملَّددة"‪.1‬‬
‫"نستطيع أن نقول‪ :‬إن هناك تفاعاًل دائًبا بني السياق والتش‪2‬كيل الص‪2‬ويت‪ ،‬فاملب‪2‬دع خيت‪2‬ار ب‪2‬وعي أو‬
‫ال وعي التشكيل الصويت املناسب للسياق الذي خيوض فيه‪ ،‬كما أن الس‪2‬ياق خيل‪2‬ع على التش‪2‬كيل‬
‫الصويت إحياءاته املناسبة له‪.2"..‬‬
‫وبعد عرض طويل آلراء بعض النقاد احملَد ثني‪ ،‬يقول‪" :‬هذا كله يؤكد التفات هؤالء النق‪22‬اد مجيًع ا‬
‫إىل م ‪22‬ا لألص ‪22‬وات من دالل ‪22‬ة فني ‪22‬ة ومجالي ‪22‬ة ال مُي كن جتاهله ‪22‬ا أو إمهاهلا عن ‪22‬د البحث عن مجالي ‪22‬ات‬
‫العمل األديب‪ ،‬وعن الوسائل التعبريية املختلفة املشاركة يف حتقيق تلك اجلماليات‪.3"...‬‬
‫ويف هناي‪22‬ة املبحث يوِّض ح املؤِّلف "اس‪2‬تثماًر ا لكالم (جسربس‪22‬ن) الس‪2‬ابق‪ ،‬ف‪2‬إن الب‪22‬احث لتل‪2‬ك القيم‬
‫الص ‪22‬وتية إم ‪22‬ا من ال ‪22‬داخل أو من اخلارج‪ ،‬فُيمكن ‪22‬ه النظ ‪22‬ر إىل دالالت تل ‪22‬ك األص ‪22‬وات يف س ‪22‬ياقات‬
‫بعينها؛ ليتوَّص ل من خالهلا إىل إحياءاهتا اخلاصة أو مساهتا األس‪22‬لوبية‪ ...‬غ‪22‬ري أن م‪22‬ا يناس‪22‬ب ْحبَثن‪22‬ا يف‬
‫اإلعجاز الصويت للقرآن الك‪2‬رمي ه‪2‬و اإلج‪2‬راء األول ال‪2‬ذي ننطل‪2‬ق في‪22‬ه من ال‪2‬داخل خالل الس‪2‬ياقات‬
‫القرآني‪22‬ة نفس‪2‬ها؛ لنق‪22‬ف على اإلحياءات والظالل ال‪22‬يت تض‪22‬فيها تل‪2‬ك األص‪22‬وات القرآني‪22‬ة على س‪22‬ياق‬
‫بعينه فنزيد املعىن وضوًح ا ومجااًل ‪.4"...‬‬

‫‪( 1‬ص‪.)33 :‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)40 :‬‬
‫‪( 3‬ص‪.)42 :‬‬
‫‪( 4‬ص‪.)44 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫القسم الثاني‬
‫دراسة تطبيقية (االختيار ‪ -‬العدول ‪ -‬التكرار)‬
‫ه‪22‬ذا القس‪22‬م ميث‪22‬ل حنو ثل‪22‬ثي الكت‪22‬اب‪ ،‬فه‪22‬و مثرة البحث وغايت‪22‬ه‪ ،‬وق‪22‬د اش‪22‬تمل على ثالث‪22‬ة مب‪22‬احث؛‬
‫هي‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬التوظيف البالغي للتشكيل الصويت على أساس االختيار األسلويب‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التوظيف األسلويب البالغي للتشكيل الصويت على أساس العدول‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التوظيف األسلويب والبالغي للتشكيل الصويت على أساس التكرار‪.‬‬
‫وينقسم كل مبحث من هذه املباحث الثالثة إىل قسمني‪ :‬قسم نظ‪2‬ري‪ ،‬وقس‪2‬م آخ‪2‬ر تط‪2‬بيقي على‬
‫القرآن الكرمي‪ ،‬وسنكتفي يف القسم التطبيقي ببعض األمثلة اليت تويف بالغرض وتستويف املسألة‪.‬‬
‫* ويوضح الشكل البياين التايل حجم كل مبحث يف القسم‪:‬‬
‫مباحث القسم الثانى‬
‫شكل (‪)3‬‬
‫‪32.5‬‬
‫‪27.5‬‬
‫‪22.5‬‬
‫‪17.5‬‬
‫‪12.5‬‬
‫‪7.5‬‬
‫‪2.5‬‬
‫التوظيف البالغى الصوتى‬ ‫التوظيف البالغى الصوتى‬ ‫التوظيف البالغى الصوتى‬
‫على أساس االختيار‬ ‫على أساس العدول‬ ‫على أساس التكرار‬

‫عدد صفحات‬ ‫‪32‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪30‬‬


‫المبحث‬
‫النسبة المئوية‬ ‫‪0.41025641025641 0.205128205128205 0.384615384615385‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث األول‪ :‬التوظيف البالغي للتشكيل الصوتي على أساس االختيار األسلوبي‬
‫املقص‪22‬ود باالختي‪22‬ار هن‪22‬ا ه‪22‬و م‪22‬ا يق‪22‬وم ب‪22‬ه املب‪22‬دع من متي‪22‬يز كالم‪22‬ه مبيزات تعبريي‪22‬ة خاص‪22‬ة تت‪22‬واءم م‪22‬ع‬
‫احلال‪ ،‬أو املق ‪22 2‬ام‪ ،‬أو الس ‪22 2‬ياق ال ‪22 2‬ذي وردت في ‪22 2‬ه‪ ،‬س ‪22 2‬واء من حيث التش ‪22 2‬كيل الص ‪22 2‬ويت موض‪22 2‬وع‬
‫البحث‪ ،‬أو من حيث الوسائل التعبريية املختلفة كاملعجم والقواعد الصرفية والنْح وي‪22‬ة واألس‪22‬اليب‬
‫البالغية املختلفة‪.1‬‬
‫"وح‪2‬ىت يزي‪22‬د وعين‪22‬ا بطبيع‪2‬ة االختي‪22‬ار؛ ينبغي أن نك‪2‬ون واعني ب‪22‬أن َّمثة مس‪2‬تويني متم‪2‬ايزين أساس‪2‬يني‬
‫للكالم عرفهما البالغيون قدًميا وحديًثا‪:‬‬
‫األول‪ :‬وه‪22 2‬و ميِّث ل احلد األدىن لبالغ‪22 2‬ة الكالم‪ ،‬وه‪22 2‬و م‪22 2‬ا حتق‪22 2‬ق في‪22 2‬ه ل‪22 2‬زوم اجلادة‪ ،‬وك‪22 2‬ان موافًق ا‬
‫للصواب‪ ،‬موسوًم ا بالصحة اللغوية‪.‬‬
‫والث‪22‬اين‪ :‬ه‪22‬و م‪22‬ا اتص‪22‬ف بالص‪22‬حة اللغوي‪22‬ة‪ ،‬وزاد على ذل‪22‬ك حبس‪22‬ن التخ‪22‬ري للف‪22‬ظ توخًي ا للُم طابق‪22‬ة‪،‬‬
‫وهذا املستوى هو ما يتنافس فيه املتكلمون ُبغية التدرج يف سلم الفصاحة والبالغة‪.2"..‬‬

‫نماذج تطبيقية لالختيار الصوتي في القرآن الكريم‬


‫فَّر ق املؤلف بني نوعني من االختيار الصويت‪:‬‬
‫األول‪ :‬اختيار األص‪2‬وات الدال‪2‬ة مبحاك‪2‬اة احلدث؛ مث‪22‬ل‪( :‬وس‪2‬وس ‪ُ -‬ك بكب‪22‬وا ‪ُ -‬ز ح‪2‬زح ‪ُ -‬يَد ُّعون‬
‫‪ -‬أٍّف ‪.)..‬‬
‫الثاين‪ :‬اختيار األصوات اليت يكون بينها وبني احلدث نوع ُم ناسبة ومالءمة؛ مث‪22‬ل‪ِ( :‬ض يَز ى ‪ -‬أَّن‬
‫‪ -‬اَّثاقلتم ‪َ -‬أُنْلِز ُمُك ُم وَه ا ‪َ -‬لُيَبِّطَئَّن ‪.)..‬‬
‫أمثلة‪:‬‬
‫* كلمة (ُك بكبوا) يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ِم ِن ِه‬ ‫ِق‬ ‫ِت ِح ِل‬
‫{َو ُبِّر َز اَجْل يُم ْلَغ اِو يَن * َو ي ‪َ2‬ل ُهَلْم َأْيَن َم ا ُك ْنُتْم َتْع ُب ُد وَن * ْن ُدو الَّل َه ْل َيْنُص ُر وَنُك ْم َأْو‬
‫َيْنَتِص ُر وَن * َفُك ْبِكُبوا ِفيَه ا ُه ْم َو اْلَغاُو وَن * َو ُج ُنوُد ِإْبِليَس َأَمْجُعوَن } [الشعراء‪.]95 - 91 :‬‬
‫"وذل‪22‬ك أن الفع‪22‬ل كبكب مض‪22‬عف للمقط‪22‬ع كب‪ ،‬في ‪2‬دُّل ذل‪22‬ك على تك‪22‬رار الكب وتتاُبع‪22‬ه‪ ،‬كم‪22‬ا‬
‫ي‪2‬دُّل على االجتم‪2‬اع وال‪22‬رتاكم وال‪22‬رتاكب أله‪2‬ل الن‪22‬ار بعض‪22‬هم ف‪2‬وق بعض‪ ،‬وتت‪22‬ابع كِّبهم وإلق‪22‬ائهم‬

‫‪( 1‬ص‪.)47 :‬‬


‫‪( 2‬ص‪ 47 :‬و‪ ،)48‬بتصرف قليل‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫يف الن ‪22‬ار حُي اكي ه ‪22‬ذا الفع ‪22‬ل واحلدث س ‪22‬واء بس ‪22‬واء؛ حيث يش ‪22‬عر الت ‪22‬ايل أو الس ‪22‬امع هلذه الكلم ‪22‬ة‬
‫(كبكب) أنه يسمع صوت الكب وإلقاء الكافرين يف النار‪ ،‬وكأنه يقول‪( :‬كب كب)"‪.1‬‬
‫* كلم ‪22‬ة (ض ‪22‬يزى)‪ ،‬يف قول ‪22‬ه تع ‪22‬اىل‪ِ{ :‬تْل َك ِإًذا ِقْس َم ٌة ِض يَز ى} [النجم‪]22 :‬؛ "حيث إن هيئة‬
‫الن ‪22‬اطق هبذه الكلم ‪22‬ة تعرِّب عن النف ‪22‬ور واالمشئزاز عن ‪22‬د النط ‪22‬ق هبا؛ ول ‪22‬ذا آث ‪22‬ر الق ‪22‬رآن التعب ‪22‬ري هبا عن‬
‫بديلتها (جائرة)"‪.2‬‬

‫‪( 1‬ص‪ 63 :‬و‪ ،)64‬بتصرف قليل‪.‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)70 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثاني‬
‫التوظيف األسلوبي البالغي للتشكيل الصوتي على أساس العدول‬
‫إذا ك ‪22‬انت البالغ ‪22‬ة ترج ‪22‬ع يف س ‪22‬ائر تعريف ‪22‬ات البالغ ‪22‬يني إىل حْس ن خترُّي اللف ‪22‬ظ‪ ،‬فإن ‪22‬ه مما جيدر بن ‪22‬ا‬
‫التنبيه إليه أن هذا التخري أو االختيار للفظ ميِّثل يف غالب األحيان نوًعا من العدول‪.‬‬
‫فاالختي‪22‬ار يف حقيقت‪22‬ه إمنا ه‪22‬و ع‪22‬دول عن املس‪22‬توى النمطي أو الع‪22‬ادي من اللغ‪22‬ة إىل املس‪22‬توى الف‪22‬ين‬
‫من الكالم‪.1‬‬
‫"إن نظرية العدول السياقي عند ريف‪2‬اتري هي أق‪2‬رب ش‪2‬يء إىل ظاهرة االلتف‪2‬ات يف البالغ‪2‬ة العربي‪22‬ة؛‬
‫ولذا تعُّد من نقاط االلتقاء بني األس‪22‬لوبية احلديث‪22‬ة وبني البالغ‪2‬ة العربي‪22‬ة يف تناوهلا لظ‪2‬اهرة الع‪2‬دول‪،‬‬
‫وخاَّص ًة مبحث االلتفات"‪.2‬‬
‫و"إذا ارتضينا اعتبار شيوع الظاهرة يف نٍّص م‪22‬ا ه‪2‬و القاع‪2‬دة ال‪22‬يت يتم الع‪22‬دول عنه‪2‬ا‪ ،‬فإنن‪22‬ا نس‪2‬تطيع‬
‫أن نق‪22‬رر أن‪22‬ه ق‪22‬د مت الع‪22‬دول الص‪22‬ويت عن القاع‪22‬دة الص‪22‬وتية الش‪22‬ائعة يف الق‪22‬رآن الك‪22‬رمي يف ع‪22‬دد ِم ن‬
‫املواضع ألغراض فنية"‪ ،3‬وفيما يلي أمثلة على ذلك‪.‬‬

‫نماذج تطبيقية للعدول الصوتي في القرآن الكريم‬


‫* اإلمالة يف كلمة (جمراها)‪ ،‬يف قوله تعاىل‪َ{ :‬و َقاَل اْر َك ُبوا ِفيَه ا ِبْس ِم الَّلِه ْجَمَر اَه ا َو ُمْر َس اَه ا ِإَّن َر يِّب‬
‫َلَغُف وٌر َر ِح يٌم} [ه ‪22‬ود‪]41 :‬؛ "حيث نالح ‪22‬ظ أن ه ‪22‬ذه اللفظ ‪22‬ة (جمراه ‪22‬ا) هي اللفظ ‪22‬ة الوحي ‪22‬دة يف‬
‫السياق القرآين كله يف قراءة حفص اليت تتسم هبذه السمة الصوتية (مسة اإلمالة)‪.‬‬
‫وحينم‪2‬ا نتأم‪2‬ل س‪2‬ياق اآلي‪2‬ة نش‪2‬عر م‪2‬دى مناس‪2‬بة ه‪2‬ذه اللفظ‪2‬ة جلِّو ه‪2‬ا الس‪2‬ياقي‪ ...‬فطم‪2‬أهنم اهلل تع‪2‬اىل‬
‫أن ه ‪22‬ذه الس ‪22‬فينة س ‪22‬وف جتري مبش ‪22‬يئته‪ ،‬وأن جريه ‪22‬ا س ‪22‬وف يك ‪22‬ون س‪2 2‬هاًل رخ ‪22‬اًء بال معان ‪22‬اة وال‬
‫مش ‪22‬قة‪ ،‬ومن مث ج ‪22‬اءت اإلمال ‪22‬ة يف (جمراه ‪22‬ا) لتع ‪22‬رب عن حرك ‪22‬ة تل ‪22‬ك الس ‪22‬فينة حيث تش ‪22‬ق عب ‪22‬اب‬
‫الطوفان يف يسر وسهولة ورخاء‪.4"...‬‬
‫* كلمة (َعَلْيُه)‪ ،‬يف قوله تعاىل‪:‬‬

‫‪( 1‬ص‪ ،)78 :‬بتصرف‪.‬‬


‫‪( 2‬ص‪.)86 :‬‬
‫‪( 3‬ص‪.)88 :‬‬
‫‪( 4‬ص‪ ،)88 :‬بتصرف‪.‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫{ِإَّن اَّل ِذي اِي وَن َك ِإَمَّنا اِي وَن الَّل ُد الَّل ِه َق َأ ِديِه َف َنَك َث َفِإَمَّنا ْنُك ُث َلى ْف ِس ِه‬
‫َع َن‬ ‫َي‬ ‫َفْو ْي ْم َمْن‬ ‫َه َي‬ ‫ُيَب ُع‬ ‫َن ُيَب ُع‬
‫َو َمْن َأْو ىَف َمِبا َعاَه َد َعَلْيُه الَّلَه َفَس ُيْؤ ِتيِه َأْج ًر ا َعِظ يًم ا} [الفتح‪.]10 :‬‬
‫"فاملالح‪2‬ظ يف ه‪2‬ذه اآلي‪2‬ة أهنا هي اآلي‪2‬ة الوحي‪2‬دة يف الق‪2‬رآن ال‪2‬يت ج‪2‬اء ض‪2‬مري الغ‪2‬ائب املوص‪2‬ول فيه‪2‬ا‬
‫مضموًم ا؛ ألَّن القاعدة الشائعة يف جميئه يف القرآن هي الكسر‪ ،‬فيقال (عليِه) بالكسر ال بالضم‪.‬‬
‫إذا تأملنا سياق اآلية‪ ،‬وجدناها عن مبايع‪2‬ة املؤم‪2‬نني لرس‪2‬ول اهلل ص‪2‬لى اهلل علي‪2‬ه وس‪2‬لم‪ ،‬ف‪2‬إن حقه‪2‬ا‬
‫التفخيم والتغلي ‪22‬ظ والتش ‪22‬ديد والتوثي ‪22‬ق؛ ول ‪22‬ذا ج ‪22‬اء الض ‪22‬مري يف (علي‪ُ2 2‬ه) مض ‪22‬موًم ا؛ إش ‪22‬عاًر ا ب ‪22‬ذلك‬
‫التفخيم؛ وذلك ما ال يوحي به جميء الضمري على أصل القاعدة مكسوًر ا يف هذا السياق‪.1"...‬‬

‫‪( 1‬ص‪ ،)89 :‬بتصرف قليل‪.‬‬


‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫المبحث الثالث‬
‫التوظيف األسلوبي والبالغي للتشكيل الصوتي على أساس التكرار‬
‫"ج‪22 2 2‬اء ِم ن العلم‪22 2 2‬اء بع‪22 2 2‬د ابن جيِّن من يس‪22 2 2‬تهجن تك‪22 2 2‬رار احلروف ويع‪22 2 2‬ده خماًّل حبس‪22 2 2‬ن الكلم‪22 2 2‬ة‬
‫وفص ‪22‬احتها؛ من ه ‪22‬ؤالء على س ‪22‬بيل املث ‪22‬ال ابن س ‪22‬نان اخلف ‪22‬اجي وَم ن تبع ‪22‬ه ك ‪22‬ابن األث ‪22‬ري والطي ‪22‬يب‬
‫والعي‪22‬ين‪ ،‬وه‪22‬ذا ال‪22‬ذي ذك‪22‬ره العي‪22‬ين ‪ -‬وِم ن قبل‪22‬ه ابن س‪22‬نان وَم ن تبع‪22‬ه ‪ -‬يع‪22‬اب عليهم في‪22‬ه إطالق‬
‫القول بإعابة التكرير؛ وذلك ألمور‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكري‪22‬ر الص‪22‬وت ال ُيع‪22‬اب ُمطلًق ا وال مُي دح مطلًق ا‪ ،‬ب‪22‬ل إَّن استحس‪22‬ان ذل‪22‬ك واس‪22‬تقباحه ال‬
‫جَي وز إال بالنظر إليه داخل سياقه‪.‬‬
‫‪ -‬أن هذا التكرار الذي أطلق القول بذِّم ه وإعابته قد وق‪2‬ع يف كت‪22‬اب اهلل تع‪2‬اىل املش‪2‬هود ل‪2‬ه ببل‪2‬وغ‬
‫الغاية يف الفصاحة والبيان‪.1"...‬‬

‫نماذج تطبيقية للتكرار الصوتي في القرآن الكريم‬


‫* تكرار الواو والسني يف كلمة (توسوس)‪( ،‬يوسوس)‪ ،‬يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪َ{ -‬و َلَق ْد َخ َلْق َن ا اِإْل ْنَس اَن َو َنْع َلُم َم ا ُتَو ْس ِو ُس ِب ِه َنْف ُس ُه َو ْحَنُن َأْقَر ُب ِإَلْي ِه ِم ْن َح ْب ِل اْلَو ِر ي ‪ِ2‬د} [ق‪:‬‬
‫‪]16‬‬
‫‪{ -‬اَّلِذي ُيَو ْس ِو ُس يِف ُصُد وِر الَّناِس } [الناس‪.]5 :‬‬
‫"نلمح يف ه ‪22‬ذين املث ‪22‬الني أن الفع ‪22‬ل (وس ‪22‬وس) ي ‪22‬رتكب ِم ن تك ‪22‬رار املقط ‪22‬ع (وس)‪ ،‬وه ‪22‬ذا التك ‪22‬رار‬
‫الص‪22‬ويت هلذا املقط‪22‬ع حياكي عملي ‪22‬ة الوسوس‪22‬ة مبا تش‪22‬تمل علي ‪22‬ه من إحلاح وإغ‪22‬راء بالش‪22‬يء يقتض‪22‬ي‬
‫تكرار اإليعاز بالشيء مرة بعد مرة‪.2"...‬‬
‫* تك ‪22‬رار الك ‪22‬اف والب ‪22‬اء يف كلم ‪22‬ة (ُك بكب ‪22‬وا)‪ ،‬يف قول ‪22‬ه تع ‪22‬اىل‪َ{ :‬فُك ْبِكُب وا ِفيَه ا ُه ْم َو اْلَغ اُو وَن }‬
‫[الشعراء‪.]94 :‬‬
‫"يف ه‪22‬ذا املث‪22‬ال جند أن الفع‪22‬ل (كبكب) ق‪22‬د اش‪22‬تمل على تك‪22‬رار املقط‪22‬ع (كب) مبا ي ‪22‬وحي بتك‪22‬رر‬
‫كب أهل الن‪22‬ار فيه‪2‬ا وت‪22‬واليهم يف درك‪2‬ات اجلحيم‪ ،‬وه‪2‬ذا ي‪22‬أيت منس‪2‬جًم ا متام االنس‪2‬جام م‪2‬ع س‪2‬ياق‬
‫الوعيد والتهديد هلؤالء الغاوين الضالني‪.3"...‬‬
‫‪( 1‬ص‪ 94 :‬و‪ ،)95‬بتصرف‪.‬‬
‫‪( 2‬ص‪.)106 :‬‬
‫‪( 3‬ص‪.)107 :‬‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫* كما تطرق املؤلف‪ ،‬الدكتور عبداحلميد هنداوي‪ ،‬إىل التكرار الصويت يف سورة القمر‪ ،‬وسورة‬
‫احلاقة‪ ،‬وسورة ق‪ ..‬مبا يدِّلل على عظمة هذا الكتاب الكرمي املعجز‪ ،‬ا ِعني الذي ال ينضب‪.‬‬
‫َمل‬
‫وأحسن شوقي‪ ،‬حينما قال يف بردته‪:‬‬
‫جاء النبيون باآليات فانصرم = وجئ نا حبكيٍم غري نصرِم‬
‫ُم‬ ‫َت‬ ‫ْت‬
‫آياتُه كلما طال املدى ُدٌد = زيُنهن جالُل العتق والِق َد ِم‬
‫َي‬ ‫ُج‬
‫يكاد يف لفظة منه ُمشَّر فة = يوصيك باحلق والتقوى وبالرحِم‬
‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة‪2............................................................................ :‬‬

‫تقسيم الكتاب ‪3......................................................................‬‬

‫مقدمات يف اإلعجاز القرآين ‪4.........................................................‬‬

‫حقيقة اإلعجاز القرآين‪4............................................................. :‬‬

‫إعجاز القرآن ينايف القول بالِّص رفة‪4................................................... :‬‬

‫اإلعجاز الصويت للقرآن‪5............................................................ :‬‬

‫القسم األول ‪6.......................................................................‬‬

‫دراسة نظرية تأصيلية ‪6................................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬داللة األصوات عند قدامى النحاة واللغويني ‪7.............................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬داللة األصوات عند متأخري البالغيني ‪7..................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الداللة الصوتية يف الدراسات احلديثة ‪9...................................‬‬

‫القسم الثاين ‪10......................................................................‬‬

‫دراسة تطبيقية (االختيار ‪ -‬العدول ‪ -‬التكرار) ‪10.......................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التوظيف البالغي للتشكيل الصويت على أساس االختيار األسلويب‪11........‬‬

‫مناذج تطبيقية لالختيار الصويت يف القرآن الكرمي ‪11......................................‬‬

‫املبحث الثاين ‪13.....................................................................‬‬

‫التوظيف األسلويب البالغي للتشكيل الصويت على أساس العدول ‪13.......................‬‬

‫مناذج تطبيقية للعدول الصويت يف القرآن الكرمي ‪13......................................‬‬

‫املبحث الثالث ‪15....................................................................‬‬


‫تابع الجديد والحصري على شبكة األلوكة‬

‫التوظيف األسلويب والبالغي للتشكيل الصويت على أساس التكرار‪15......................‬‬

‫مناذج تطبيقية للتكرار الصويت يف القرآن الكرمي ‪15.......................................‬‬

You might also like