Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫الصراع السوداني‬

‫العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬

‫دوافع التصعيد واالنعكاسات اإلقليمية‬


‫المحتملة‬
‫والسيناريوهات ُ‬

‫إعداد‪:‬‬
‫إبراهيم فوزي‬

‫تحريـر‪:‬‬
‫أحمـد عاطـف‬ ‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪1‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

‫مــع انــدالع رصاع مســلح بــن القــوات املســلحة الســودانية وقــوات‬


‫الدعــم الرسيــع يف يــوم ‪ 15‬إبريــل ‪ ،2023‬وتصاعــد هــذه االشــتباكات‬
‫وأعــال العنــف وانتقالهــا مــن العاصمــة الخرطــوم إىل بقيــة الواليــات‬
‫الســودانية؛ مثــة تصــورات ورؤى ِعــدة طرحهــا املُتابعــون واملُحللــون‬
‫لتقييــم مــدى إمكانيــة أن تتأثــر القــوى اإلقليميــة بهــذه التطــورات‬
‫املُتالحقــة يف بلــد مهــم واســراتيجي مثــل الســودان‪ .‬وطُرحــت‬ ‫إعداد‪:‬‬
‫العديــد مــن التســاؤالت حــول دور األطــراف اإلقليميــة والدوليــة‬ ‫إبراهيم فوزي‬
‫الفاعلــة يف حــل األزمــة الســودانية‪ .‬كــا تتصاعــد التكهنــات حــول‬ ‫مدرس مساعد بكلية االقتصاد والعلوم‬
‫مصــر الســودان ومســتقبل منطقــة القــرن اإلفريقــي يف ضــوء تعقــد‬ ‫السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‬
‫املشــهدين الســيايس والعســكري‪.‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬يُســلط العــدد رقم (‪ )28‬مــن سلســلة «رؤى عاملية»‪،‬‬
‫الصــادرة عــن مركــز «املســتقبل لألبحــاث والدراســات املتقدمــة»‪،‬‬ ‫تحرير‪:‬‬
‫الضــوء عــى أبــرز مــا تناولتــه مراكــز الفكــر والبحــوث واملجــات‬ ‫أحمد عاطف‬
‫والصحــف العامليــة بشــأن األســباب التــي أدت إىل تصاعــد االشــتباكات‬ ‫رئيس التحرير التنفيذي للموقع اإللكتروني ‪-‬‬
‫يف الســودان‪ ،‬وماهيــة التطــورات امليدانيــة عــى أرض الواقــع‪ ،‬وكذلــك‬ ‫المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬
‫طبيعــة األدوار التــي تؤديهــا القــوى اإلقليميــة والدوليــة إزاء الـراع‪،‬‬
‫والتداعيــات التــي تنتــج عنــه ســوا ًء عــى الصعيــد الداخــي أو‬
‫اإلقليمــي‪ ،‬وأخـراً الســيناريوهات واملســارات املُحتملــة لهــذا الـراع‪.‬‬

‫• “رؤى عامليــة” تصــدر عــن “املســتقبل لألبحــاث والدراســات املتقدمــة”‪ ،‬وتهــدف إىل عــرض أبــرز مــا‬
‫يُنــر يف مراكــز الفكــر واملجــات ودور النــر العامليــة‪ ،‬مــن أفــكار غــر تقليديــة واتجاهــات صاعــدة يف‬
‫مختلــف املجــاالت السياســية واألمنيــة والعســكرية واالقتصاديــة واالجتامعيــة والتكنولوجيــة‪.‬‬
‫• اآلراء الــواردة يف اإلصــدار تعــر عــن كُتّابهــا‪ ،‬وال تعــر بالــرورة عــن آراء “املســتقبل لألبحــاث‬
‫والدراســات املتقدمــة”‪.‬‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪2‬‬
‫الصراع السوداني‬

‫المحتويات‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫ً‬
‫أوال‪ :‬أسباب تصاعد االشتباكات في السودان‬

‫‪6‬‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬تقييم التطورات الميدانية‬

‫‪7‬‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬أدوار القوى اإلقليمية والدولية‬

‫‪9‬‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ :‬التداعيات الداخلية واإلقليمية للصراع‬

‫‪10‬‬ ‫المحتملة‬ ‫ً‬


‫خامسا‪ :‬المسارات ُ‬

‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬


‫‪3‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

‫الصراع السوداني‪:‬‬
‫دوافع التصعيد واالنعكاسات اإلقليمية والسيناريوهات‬
‫المحتملة‬
‫ُ‬
‫ودوليــة عديــدة يف ديســمرب ‪ .2022‬وقــد نصــت االتفاقيــة‬ ‫ً‬
‫أوال‪ :‬أسباب تصاعد االشتباكات في السودان‬
‫يف أحــد بنودهــا عــى «إصــاح القطــاع األمنــي» مــن خــال‬ ‫شــهد الســودان منــذ اســتقالله العديــد مــن الحــروب األهليــة‬
‫توحيــد القــوات املســلحة الســودانية‪ ،‬وأن يتــم ذلــك عرب دمج‬ ‫وحــركات التمــرد‪ ،‬غــر أن أي ـاً منهــا مل يطــل العاصمــة التــي‬
‫قــوات الدعــم الرسيــع التــي يقودهــا حميــديت والفصائــل‬ ‫ظلــت مبنــأى عــن الرصاعــات‪ ،‬لكــن يف ‪ 15‬إبريــل املــايض‪،‬‬
‫األخــرى املســلحة يف الجيــش الســوداين بقيــادة الربهــان‪ .‬ومــا‬ ‫تغــر املوقــف بصــورة هائلــة إذ شــهدت الخرطــوم تبــادل‬
‫الخــاف بــن الجرنالــن‬ ‫أن تــم توقيــع االتفاقيــة‪ ،‬حتــى دب ِ‬ ‫إطــاق النــار بــن الجيــش الســوداين وقــوات الدعــم الرسيــع‪،‬‬
‫حــول الجــدول الزمنــي للدمــج وكذلــك هرياركيــة الســلطة‪،‬‬ ‫واســتخدام الدبابــات واألســلحة الثقيلــة‪.‬‬
‫فبينــا أراد الربهــان أن يتــم دمــج قــوات الدعــم الرسيــع يف‬
‫خــال عامــن مــن توقيــع االتفاقيــة‪ ،‬وأن تكــون هــذه القــوات‬ ‫ويف هــذا الصــدد‪ ،‬تــأيت أهميــة الحــوار‬
‫تابعــة لقائــد الجيــش الســوداين‪ ،‬أراد حميــديت أن يكســب‬ ‫الــذي أجــراه أحمــد ســليامن‪ ،‬الباحــث‬
‫مزيــدا ً مــن الوقــت بحيــث يتــم الدمــج بعــد ‪ 10‬ســنوات وأن‬ ‫بربنامــج إفريقيــا يف معهــد «تشــاتام‬
‫تكــون قواتــه تابعــة للقيــادة املدنيــة التــي مــن امل ُفــرض أن‬ ‫هــاوس» ‪ Chatham House‬مــع يوســف‬
‫تتــوىل الســلطة وليــس قائــد الجيــش‪.‬‬ ‫حســن‪ ،‬املســؤول الربملــاين واإلعالمــي يف‬
‫برنامــج إفريقيــا باملعهــد‪ ،‬بعنــوان «حــل األزمــة‬
‫وخالفـــاً للطـــرح الســـابق الـــذي ســـلط‬ ‫الســودانية يعنــي إزاحــة أولئــك املُتحاربــن»(‪ .)1‬ويُرجــع‬
‫الضـــوء عـــى التنافـــس بـــن أطـــراف‬ ‫امل ُتحــاور عوامــل انفجــار الوضــع إىل التنافــس املحمــوم‬
‫الــراع الحالي ــن‪ ،‬أك ــدت نرسي ــن مال ــك‪،‬‬ ‫بــن شــخيص عبدالفتــاح الربهــان ومحمــد حمــدان دقلــو‬
‫الصحفيـــة يف صحيفـــة «الغارديـــان»‬ ‫(حميــديت)‪ ،‬وأن كليهــا انخــرط يف «مبــاراة صفريــة» لإلطاحــة‬
‫الربيطانيـــة ‪ The Guardian‬يف مقـــال‬ ‫بالســلطة‪ .‬ويُضيــف أن مظاهــر التنافــس بني‬ ‫باآلخــر واالنفـراد ُ‬
‫له ــا بعن ــوان «ب ــذور انهي ــار الس ــودان ق ــد ُز ِر َع ــت من ــذ‬ ‫الربهــان وحميــديت متثلــت يف اختــاف تحالــف الطرفــن مــع‬
‫عق ــود»(‪ )2‬أن ج ــذور الــراع الدم ــوي يف الس ــودان تع ــود‬ ‫األطـراف الداخليــة واإلقليميــة‪ .‬ويــرى أن الطرفــن امل ُتحاربــن‬
‫إىل تاريــخ الســودان املعــارص وخاصــة ســلوك نظــام البشــر‬ ‫قــد اتفقــا منــذ بدايــة االنتفاضــات الشــعبية ضــد الرئيــس‬
‫تجـــاه الفصائـــل العســـكرية املختلفـــة‪ .‬وتـــرى الكاتبـــة أن‬ ‫الســابق عمــر البشــر يف عــام ‪ ،2019‬عــى تعطيــل االنتقــال‬
‫انح ــدار الس ــودان إىل حاف ــة الهاوي ــة لي ــس ولي ــد اللحظ ــة‬ ‫الســلطة مــع‬ ‫إىل الد ُميقراطيــة‪ ،‬وإفســاد محــاوالت تقاســم ُ‬
‫الراهنـــة للـــراع بـــن الربهـــان وحميـــديت‪ ،‬وإمنـــا يرجـــع‬ ‫املدنيــن كلــا اقــرب تحقيــق ذلــك‪.‬‬
‫إىل سياس ــات نظ ــام البش ــر األمني ــة وأهمه ــا خل ــق كي ــان‬
‫عس ــكري م ــوا ٍز للجي ــش‪ ،‬ومأسس ــة االنقس ــامات الطائفي ــة‪،‬‬
‫واتبـــاع سياســـة «فـــرق تســـد» بـــن الفصائـــل العســـكرية‬
‫املختلفـــة‪ .‬ووفقـــاً للكاتبـــة‪ ،‬يشـــر تاريـــخ الســـودان إىل أن‬
‫ق ــوات الدع ــم الرسي ــع تش ــكلت ب ــإرشاف ودع ــم مب ــارش‬
‫مـــن نظـــام البشـــر نفســـه‪ ،‬ففـــي أعقـــاب التمـــرد الـــذي‬
‫اندل ــع يف دارف ــور ع ــام ‪ ،2003‬ن ــأى البش ــر بالجي ــش ع ــن‬
‫الدخـــول يف الحـــرب مـــع املتمرديـــن‪ ،‬واعتمـــد بـــدالً مـــن‬
‫ذل ــك ع ــى ق ــوات «الجنجوي ــد» املتمرك ــزة بدارف ــور الت ــي‬
‫نجحـــت يف وأد التمـــرد‪ .‬ويف ‪ ،2013‬تحولـــت إىل «قـــوات‬
‫الدع ــم الرسي ــع» الت ــي اع ــرف البش ــر به ــا رس ــمياً‪ ،‬وأصب ــح‬ ‫ويف ضــوء ذلــك‪ ،‬أعــاد حــوار «تشــاتام هــاوس» لحظــة‬
‫له ــا موارده ــا املالي ــة امل ُس ــتقلة حت ــى تضخم ــت وص ــارت‬ ‫تف ُجــر الـراع إىل مرحلــة مــا بعــد توقيــع االتفاقيــة اإلطاريــة‬
‫دولـــة داخـــل الدولـــة الســـودانية‪.‬‬ ‫التــي وافــق عليهــا الربهــان وحميــديت بعــد ضغــوط إقليميــة‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪4‬‬
‫الصراع السوداني‬

‫بــن األجهــزة األمنيــة عــى النفــوذ والــروة كان ســبباً يف أزمــة‬ ‫ويف اإلطــار ذاتــه‪ ،‬نــر موقــع «مجموعــة‬
‫الســودان امل ُتفاقمــة حاليـاً ونتيجــة لهــا يف آن واحــد‪ ،‬فكانــت‬ ‫األزمــات الدوليــة» ‪International Crisis‬‬
‫امل ُحصلــة هشاشــة الدولــة الســودانية وفُقــدان قدرتهــا عــى‬ ‫‪ Group‬مقــاالً بعنــوان «وقــف انــزالق‬
‫احتــكار مامرســة العنــف‪ .‬ويعتقــد الكاتــب أن سياســات‬ ‫الســودان صــوب حــرب أهليــة شــاملة»(‪،)3‬‬
‫البشــر هــي الســبب يف هــذه الهشاشــة‪ ،‬وأنهــا قــادت إىل‬ ‫يؤكــد مــن خاللــه أن جــذور الـراع الحــايل يف‬
‫أزمــة الســودان الحاليــة عــى املســتويات كافــة‪ ،‬إذ أدت أوالً‬ ‫الســودان تعــود إىل سياســات نظــام البشــر األمنيــة‪ ،‬وحرصــه‬
‫إىل إفقــاره عــر إنفــاق مليــارات الــدوالرات مــن عوائــد النفط‬ ‫عــى تقســيم قــوات األمــن إىل مراكــز قــوى متنافســة فيــا‬
‫عــى بنــاء الســدود‪ ،‬وثاني ـاً إىل انفصــال جنــوب الســودان يف‬ ‫بينهــا‪ .‬ويُرجــع سياســات البشــر إىل عــدم ثقتــه يف الجيــش‬
‫عــام ‪ 2011‬وفقــدان الســودان قُرابــة ثالثــة أربــاع احتياطــه‬ ‫الــذي يعــد أقــوى مؤسســة يف الســودان تقليديـاً‪ ،‬ولــه تاريــخ‬
‫النفطــي‪ ،‬وثالثــاً إىل خلــق كيــان مــوا ٍز للجيــش وتضخيــم‬ ‫حافــل باالنقالبــات العســكرية‪ .‬ولذلــك‪ ،‬وظــف البشــر قــوات‬
‫نفــوذ املؤسســات العســكرية‪ ،‬ســوا ًء الجيــش أو قــوات الدعــم‬ ‫الدعــم الرسيــع ملوازنــة نفــوذ الجيــش‪ ،‬ويك ال تســتطيع أي‬
‫الرسيــع‪ ،‬وإفســادها عــر امل ُشــاركة يف جنــي أربــاح النفــط‪،‬‬ ‫مــن الفصائــل العســكرية اإلطاحــة بــه‪ .‬وبالرغــم مــن متركزهــا‬
‫واالنغــاس يف األنشــطة التجاريــة وخاصــة تهريــب الذهــب‪.‬‬ ‫يف دارفــور‪ ،‬كان البشــر الســبب يف دخــول قــوات الدعــم‬
‫ويف املقابــل‪ ،‬يف مقــال بعنــوان «السياســات‬ ‫الرسيــع إىل الخرطــوم بعــد انتفاضــة ‪ ،2019‬لكنهــا مل تســتمر‬
‫األمريكيــة مهــدت الطريــق إىل الحــرب يف‬ ‫يف الدفــاع عــن نظــام حكمــه‪ ،‬إذ تحالفــت مــع الجيــش ضــده‪،‬‬
‫الســودان»‪ ،‬يُقــدم الباحــث جاســن لينــش‬ ‫ثــم تصارعــت بعدهــا مــع الجيــش عــى الســلطة‪.‬‬
‫‪ ،Justin Lynch‬يف مقــال نرشتــه مجلــة‬
‫«فوريــن بوليــي» األمريكيــة ‪Foreign‬‬
‫‪ ،)5(Policy‬رؤيــة ُمغايــرة ألســباب الــراع يف‬
‫الســودان‪ .‬إذ يــرى الكاتــب أن سياســات الواليــات املتحــدة‬
‫بدعــوى نــر الدميقراطيــة وتحقيــق الســام هــي الســبب‬
‫الرئيــي وراء األزمــة الحاليــة‪ .‬فوفقــاً لــه‪ ،‬أدت املســاعي‬
‫لصنــع الســام يف الســودان وجنــوب الســودان‬ ‫األمريكيــة ُ‬
‫يف العقــود الثالثــة األخــرة إىل أشــكال عــدة مــن الحــروب‬
‫لصنــع الســام‬ ‫األهليــة‪ ،‬وأن الجهــود األمريكيــة الحاليــة ُ‬
‫بعــد تف ُجــر األزمــة الراهنــة ليســت إال إعــادة إنتــاج لنفــس‬
‫السياســات التــي أدت إىل تــأزم الوضــع يف جنــوب الســودان‬ ‫ويضيــف املقــال أن الطرفــن امل ُتحاربــن حاليـاً مل يرغبــا يف‬
‫عامــي ‪ 2013‬و‪ ،2016‬وانتهــت بنشــوب حــرب أهليــة هنــاك‪.‬‬ ‫تنفيــذ بنــود االتفاقيــة اإلطاريــة لالنتقــال الســلمي للســلطة‪.‬‬
‫كــا يتهــم الكاتــب السياســات األمريكيــة بإفشــال االنتقال‬ ‫فمــن ناحيــة‪ ،‬رمبــا واجــه الربهــان مقاومــة شــديدة مــن‬
‫للدميقراطيــة وتف ُجــر ال ـراع يف الســودان؛ بســبب الضغــط‬ ‫الجيــش واإلســاميني ألن االتفاقيــة تقــي بتســليم الســلطة‬
‫تقاســم‬ ‫للمدنيــن وت ُطيــح بطموحــات بقايــا نظــام البشــر يف العــودة‪.‬‬
‫عــى القــوى املدنيــة مــن أجــل املوافقــة عــى اتفــاق ُ‬ ‫ويف املقابــل‪ ،‬حــاول حميــديت إطالــة أمــد دمــج قواتــه يف‬
‫الســلطة يف عــام ‪ 2019‬الــذي قــى بتــويل العســكريني الحكــم‬ ‫ُ‬
‫ملــدة ‪ 21‬شــهرا ً ثــم املدنيــن ملــدة ‪ 18‬شــهرا ً‪ .‬وكانــت ُمحصلــة‬ ‫الجيــش وأن يتــم ذلــك بعــد عقــد كامــل‪ُ ،‬مســتغالً عــدم‬
‫تعــر تســليم الســلطة للمدنيــن‪ ،‬ومنــح العســكريني‬ ‫ذلــك ُ‬ ‫تحديــد جــدول زمنــي لعمليــة الدمــج يف االتفاقيــة‪ .‬ويف ضــوء‬
‫الوقــت مــن أجــل حشــد صفوفهــم للقتــال‪ ،‬وإنهــاك النقابــات‬ ‫ذلــك‪ ،‬ســعى حميــديت إىل كســب تأييــد بعــض القــوى املدنيــة‬
‫ال ُعامليــة‪ .‬كــا مل تتمكــن الواليــات امل ُتحــدة مــن إيقــاف‬ ‫القرتاحــه بــأن تكــون القــوات تحــت الســيطرة املدنيــة وليــس‬
‫تد ُخــل العســكريني حتــى بعــد اإلجــراءات التــي اتخذهــا‬ ‫الربهــان‪ُ ،‬مســتغالً خــوف «قــوى الحريــة والتغيــر» املدنيــة‬
‫الربهــان ضــد رئيــس الــوزراء املــدين‪ ،‬عبداللــه حمــدوك‪ ،‬يف‬ ‫مــن عــودة اإلســاميني وبقايــا نظــام البشــر إىل الحكــم‪.‬‬
‫أكتوبــر ‪ .2021‬وبعــد هــذه اإلجــراءات‪ ،‬ضغطــت واشــنطن‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬وصــف د‪ .‬هــاري فريهوفــن‬
‫عــى األجهــزة األمنيــة لتوقيــع االتفاقيــة اإلطاريــة دون أن‬ ‫‪ ،Harry Verhoeven‬الباحــث يف «مركــز‬
‫تتفهــم طبيعــة الوضــع يف الســودان‪ ،‬وســعت لتنفيــذ الفكــرة‬ ‫سياســة الطاقــة العامليــة» ‪Center for‬‬
‫النظريــة الغربيــة الداعيــة لتوحيــد القــوات املســلحة ودعــم‬ ‫‪ ،Global Energy Policy‬يف دراســة‬
‫تكويــن جيــش مهنــي‪ ،‬فكانــت نتيجــة سياســاتها تســارع‬ ‫نرشهــا عــى موقــع املركــز بعنــوان «االقتصــاد‬
‫وتــرة ال ـراع املســلح بــن الجيــش وقــوات الدعــم الرسيــع‬ ‫الســيايس لل ـراع والطاقــة يف الســودان»(‪ ،)4‬أســباب ال ـراع‬
‫وتقويــض الدميقراطيــة والعمليــة الســلمية بُرمتهــا‪.‬‬ ‫يف الســودان بأنهــا ذات طابــع بنيــوي ومؤســي‪ ،‬وأن التنافس‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪5‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

‫ويف ضــوء ذلــك‪ ،‬كانــت ُمحصلــة األيــام األوىل للــراع‬ ‫ً‬


‫ثانيا‪ :‬تقييم التطورات الميدانية‬
‫انجــرار الســودان إىل فــوىض عارمــة‪ ،‬فســقط عــرات مــن‬ ‫مل تســتطع التقاريــر الدوليــة تحديــد أي مــن الطرفــن‬
‫القتــى والجرحــى‪ ،‬ووقعــت مناوشــات عســكرية يف مناطــق‬ ‫امل ُتصارعــن يف الســودان قــد بــدأ بإطــاق الرصــاص عــى‬
‫متفرقــة عنــد القــر الجمهــوري وهيئــة اإلذاعــة‪ ،‬عــاوة‬ ‫اآلخــر‪ ،‬لكنهــا أجمعــت عــى أن الـراع الدفــن بــن الربهــان‬
‫عــى إطــاق الن ـران عــى عــدد مــن البعثــات الدبلوماســية‬ ‫وحميــديت منــذ توافقهــا عــى اإلطاحــة بحمــدوك جعــل‬
‫األجنبيــة‪.‬‬ ‫كالً منهــا عــى أهبــة االســتعداد للحظــة االقتتــال‪ ،‬فــا‬
‫ويف الســياق ذاتــه‪ ،‬أشــار مقــال لوكالــة‬ ‫أن اندلعــت الحــرب حتــى انتــرت املواجهــات املســلحة‬
‫«رويــرز» ‪ Reuters‬بعنــوان «جحيــم ال‬ ‫بطــول البــاد وعرضهــا‪ .‬وبالرغــم مــن املســاعي اإلقليميــة‬
‫نهايــة لــه‪ ..‬حــرب الســودان ُمســتعرة رغــم‬ ‫والدوليــة للوســاطة مــن أجــل ضــان وقــف إطــاق النــار‬
‫تعهــدات الهدنــة» بقلــم الصحفــي خالــد‬ ‫والعــودة للتفــاوض مــرة أخــرى‪ ،‬فــإن تف ُجــر األوضــاع يف‬
‫عبدالعزيــز(‪ ،)7‬إىل التحــول النوعــي للــراع‬ ‫الســودان أخــذ منحــى تصاعدي ـاً‪ ،‬وتعرضــت اتفاقــات وقــف‬
‫الراهــن يف الســودان ُمقارنــة بأيــة رصاعــات أخــرى‪ ،‬حيــث‬ ‫إطــاق النــار للعديــد مــن الخروقــات بشــكل هــدد املدنيــن‬
‫إن التطــورات امليدانيــة يف مرحلــة مــا بعــد ‪ 15‬إبريــل ‪ 2023‬مل‬ ‫الســودانيني والرعايــا األجانــب‪ .‬ويف ضــوء ذلــك‪ ،‬فقــد ســعت‬
‫تبــدأ مــن منطقــة ُمهمشــة أو نائيــة بــل مــن قلــب العاصمــة‬ ‫بعــض التقاريــر واألطروحــات الدوليــة إىل تقييــم امل ُســتجدات‬
‫الخرطــوم التــي دار الـراع الســيايس والعســكري ذاتــه حــول‬ ‫امليدانيــة يف الســودان بعــد تفجــر أزمــة ُمنتصــف إبريــل‬
‫الســيطرة عليهــا‪ ،‬وانتقــل منهــا إىل القضــارف رشقـاً‪ ،‬ودارفــور‬ ‫‪.2023‬‬
‫غربـاً‪ ،‬وعــدد مــن الواليــات األخــرى وأبرزهــا أم درمــان‪ ،‬حتــى‬ ‫نــرت مجلــة «اإليكونوميســت» ‪The‬‬
‫طالــت األعــال العدائيــة مــا يقــرب مــن نصــف واليــات‬ ‫‪ ،Economist‬مقــاالً بعنــوان «الســودان‬
‫الســودان البالــغ عددهــا ‪ 18‬واليــة‪ .‬وحتــى آخــر إبريــل‬ ‫ينزلــق نحــو حــرب أهليــة»(‪ ،)6‬اســتعرضت‬
‫املنقــي‪ ،‬فشــلت أربــع محــاوالت لوقــف إطــاق النــار يف‬ ‫فيــه خطــوات أطـراف الـراع تأهبـاً للقتــال‪.‬‬
‫الســودان‪ .‬وكانــت بــوادر االنفراجــة التــي شــهدتها األزمــة‪،‬‬
‫وأوضــح كاتــب املقــال أن التقييــم الدقيــق ملــا‬
‫الهــدوء الــذي ســاد عمليــات إجــاء الدبلوماســيني ومســؤويل‬
‫يحــدث يف الســودان ينبــع مــن فهــم «املبــاراة الصفريــة» التي‬
‫األمــم املتحــدة وبعــض الرعايــا األجانــب‪ ،‬فتــم نقــل ‪300‬‬
‫يلعبهــا الطرفــان املتصارعــان‪ ،‬فقبــل نشــوب الحــرب بأيــام‬
‫أمريــي يف أول محاولــة منظمــة إلجــاء رعايــا أجانــب مــن‬
‫الســودان‪.‬‬ ‫قليلــة‪ ،‬كان كال الطرفــن ُمســتعدا ً متامـاً لآلخــر‪ ،‬حيــث انترشت‬
‫قــوات الدعــم الرسيــع بال ُقــرب مــن الخرطــوم وقاعــدة مــروي‬
‫ويف نفـــس االتجـــاه‪ ،‬تنـــاول موقـــع «يب‬ ‫الجويــة‪ ،‬ويف امل ُقابــل متركــزت دروع ودبابــات ثقيلــة تابعــة‬
‫يب يس» ‪ BBC‬يف تقريـــر أعـــده روبـــرت‬ ‫للجيــش الســوداين يف الخرطــوم وبنــت ســورا ً خرســانياً حــول‬
‫جرينـــال ‪ ،Robert Greenall‬بعنـــوان‬ ‫مقــر وزارة الدفــاع‪ .‬ومــا أن اشــتعل فتيــل الحــرب يف ‪15‬‬
‫«أزمــة الســودان‪ ..‬اســتمرار القتــال بالرغــم‬ ‫إبريــل املــايض‪ ،‬حتــى انطلقــت قــوات الدعــم الرسيــع إلفقــاد‬
‫م ــن متدي ــد وق ــف إط ــاق الن ــار»(‪ ،)8‬حال ــة‬ ‫الجيــش الســوداين عنــارص تفوقــه النســبي‪ ،‬ممثلــة يف ســاح‬
‫الف ــوىض العارم ــة يف الس ــودان ع ــى الرغ ــم م ــن املس ــاعي‬ ‫الطـران‪ ،‬فهاجمــت قاعــدة مــروي الجوية يف شــال الســودان‪،‬‬
‫اإلقليمي ــة والدولي ــة لوق ــف إط ــاق الن ــار‪ .‬ورص ــد التقري ــر‬ ‫وقاعــدة األبيــض الجويــة يف شــال كردفــان‪ ،‬واملطــار الــدويل‬
‫الجهـــود الدوليـــة للوســـاطة التـــي يقـــوم بهـــا «الرباعـــي»‬ ‫بالخرطــوم‪ .‬ويف املقابــل‪ ،‬قصــف الجيــش الســوداين مواقــع‬
‫ممثــاً يف الوالي ــات املتح ــدة األمريكي ــة واململك ــة املتح ــدة‬ ‫وأهــداف ســكنية بالخرطــوم رصــدت تقاريــره االســتخباراتية‬
‫ودولـــة اإلمـــارات العربيـــة املتحـــدة واململكـــة العربيـــة‬ ‫متركُــز قــوات للدعــم الرسيــع فيهــا‪.‬‬
‫الســـعودية‪ ،‬والهيئـــة الحكوميـــة للتنميـــة املعروفـــة باســـم‬
‫«اإليغ ــاد»‪ ،‬م ــن أج ــل وق ــف القت ــال مل ــدة ‪ 72‬س ــاعة‪ ،‬ث ــم‬
‫متديـــد هـــذه الهدنـــة ملـــدد مامثلـــة‪ ،‬وكيـــف أنهـــا أدت‬
‫إىل ضـــان إجـــاء الـــدول مئـــات مـــن الرعايـــا األجانـــب‬
‫والدبلوماســـيني‪.‬‬
‫ورصــد التقريــر أيض ـاً اخ ـراق أنصــار الجيــش الســوداين‬
‫وقــوات الدعــم الرسيــع للهدنــة بالرغــم مــن إعــان قــادة‬
‫الطرفــن موافقتهــم عليهــا‪ ،‬وكان مــن نتيجــة ذلــك أن‬
‫تعرضــت طائــرة عســكرية تركيــة هبطــت يف مطــار الخرطــوم‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪6‬‬
‫الصراع السوداني‬

‫بعـــض القيـــادات امل ُتهمـــة مـــن ِقبـــل املحكمـــة الجنائيـــة‬ ‫إلجــاء بعــض الرعايــا إلطــاق نــار يف ‪ 28‬إبريــل املــايض‪.‬‬
‫الدوليـــة بارتـــكاب جرائـــم حـــرب‪ .‬ونتيجـــة لذلـــك‪ ،‬رمبـــا‬ ‫وأشــار الكاتــب إىل أن القتــال مســتمر بــن الطرفــن وبشــدة‬
‫حدث ــت تفاه ــات ب ــن «ق ــوى الحري ــة والتغي ــر» وق ــوات‬ ‫يف غــرب الســودان وتحديــدا ً يف دارفــور‪ُ ،‬مهــددا ً حيــاة مــا ال‬
‫حميـــديت الـــذي اســـتغل انخـــراط اإلســـاميني يف القتـــال‬ ‫يقــل عــن ‪ 15‬مليــون مواطــن‪ ،‬كــا أشــار إىل ترصيــح وزيــرة‬
‫ضـــده للدعايـــة لنفســـه ك ُمنـــارص للدميقراطيـــة‪.‬‬ ‫الخارجيــة الســابقة يف حكومــة حمــدوك بشــأن الوضــع‬
‫امليــداين بالخرطــوم‪ ،‬حيــث قالــت‪« :‬مــا يُســمونه هدنــة ال‬
‫ثالثـ ًـا‪ :‬أدوار القوى اإلقليمية والدولية‬ ‫عالقــة لــه مبــا ي ُحــدث‪ ..‬إن قصــف الطائـرات يحــدث تقريبـاً‬
‫تــؤدي الجغرافيــا السياســية للســودان دورا ً رئيســياً يف اهتــام‬ ‫ليــل نهــار»‪.‬‬
‫القــوى اإلقليميــة والدوليــة بالـراع الراهــن فيــه‪ ،‬فهــو يقــع‬ ‫فيــا يكشــف مهنــد حــاج عــي‪ ،‬مديــر‬
‫عــى مفــرق طــرق يجمــع بــن الــرق األوســط وشــال‬ ‫العالقــات وكبــر زمــاء بـ«معهــد كارنيجــي‬
‫إفريقيــا والبحــر األحمــر‪ .‬وقــد اختلفــت تحالفــات هــذه‬ ‫للــرق األوســط»‪Carnegie for Middle‬‬
‫القــوى مــع الطرفــن امل ُتصارعــن يف الســودان قُبيــل نشــوب‬ ‫‪ ، East‬يف دراســة نرشهــا موقــع املعهــد‬
‫ال ـراع وبعــده‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فقــد أكــدت أغلــب التقاريــر‬ ‫بعنــوان «الجــراالت يف متاهاتهــم»(‪ )9‬عــن‬
‫واملواقــع األجنبيــة رغبــة األط ـراف الفاعلــة إقليمي ـاً ودولي ـاً‬ ‫تطوريــن رئيســيني يف ضــوء تالحــق األحــداث امليدانيــة يف‬
‫يف التهدئــة مــن حــدة الــراع ووقــف عمليــات القتــال‪،‬‬ ‫الســودان‪ ،‬وهــا‪:‬‬
‫وأن تصاعــد العنــف يف الســودان يُهــدد مصالــح مختلــف‬
‫األط ـراف‪ .‬ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬رصــدت العديــد مــن التقاريــر‬ ‫التطـــور األول‪ :‬اكتســـاب الـــراع يف الســـودان طابعـــاً‬
‫أدوار القــوى العربيــة‪ ،‬واإلفريقيــة‪ ،‬والدوليــة الفاعلــة يف‬ ‫قبليــاً‪ ،‬إذ إن كال الطرف ــن يق ــوم بعملي ــات تجني ــد س ــيايس‬
‫وعس ــكري تؤج ــج الخالف ــات العرقي ــة الدفين ــة‪ ،‬فحمي ــديت‬
‫الشــأن الســوداين‪.‬‬
‫امل ُنح ــدر م ــن منطق ــة دارف ــور ميل ــك إمرباطوري ــة اقتصادي ــة‬
‫فعلى صعيـد تقييم الـدور العـريب‪ ،‬تناول‬ ‫وعس ــكرية هائل ــة ويس ــعى لتجني ــد أبن ــاء عش ــرته الت ــي‬
‫آدم فولتن ‪ Adam Fulton‬وأوليفـر هوملـز‬ ‫طامل ــا عان ــت م ــن التهمي ــش االقتص ــادي والس ــيايس‪ .‬أم ــا‬
‫‪ ،Oliver Holmes‬الصحفيان بـ«الغارديان»‪،‬‬ ‫البهـــان فينحـــدر مـــن بلـــدة جانداتـــو شـــال الخرطـــوم‬ ‫ُ‬
‫يف مقـال نرشتـه الصحيفة بعنـوان «الرصاع يف‬ ‫والت ــي طامل ــا س ــيطرت ع ــى مؤسس ــات الس ــلطة والنف ــوذ‬
‫السـودان‪ ..‬ملـاذا هنـاك قتـال ومـا هـو الخطـر يف‬ ‫يف الس ــودان وتري ــد أن تحتف ــظ بامتيازاته ــا‪.‬‬
‫املنطقـة؟»(‪ ،)10‬األبعـاد الجيوسياسـية لتصاعد وتيرة ال ُعنف يف‬
‫السـودان‪ ،‬وأكـدا الـدور اإليجـايب الـذي تؤديـه الـدول العربيـة‬
‫من أجـل وقـف العنف بالسـودان‪.‬‬
‫ووفقــاً للكاتبــن‪ ،‬فــإن املوقــع الجغــرايف للســودان‪،‬‬
‫ب ُحكــم أنــه يطــل عــى البحــر األحمــر الــذي يُعــد نظامــاً‬
‫فرعي ـاً للــرق األوســط‪ ،‬وأمن ـاً قومي ـاً للعديــد مــن الــدول‬
‫امل ُطلــة عليــه‪ ،‬قــد دفــع الــدول العربيــة الفاعلــة إىل محاولــة‬
‫القيــام بوســاطة ووقــف االشــتباكات يف الســودان‪ .‬وأضافــا‬
‫أن مخــاوف الــدول العربيــة‪ ،‬وخاصــة مــر والســعودية‬
‫واإلمــارات‪ ،‬مــن تصاعــد وتــرة العنــف مبــا يُهــدد منطقــة‬
‫البحــر األحمــر‪ ،‬عــزز دورهــا اإليجــايب لدعــم الوصــول‬
‫لتســوية ســلمية للنــزاع وتهدئــة األوضــاع يف الســودان‪.‬‬
‫التط ــور الث ــاين‪ :‬تصاع ــد النف ــوذ الس ــيايس والعس ــكري‬
‫ويف املُقابل‪ ،‬قدمت مجلة «اإليكونوميست»‬ ‫لإلســـاميني ورجـــال «الدولـــة العميقـــة» الذيـــن مثّلـــوا‬
‫يف املقـال السـابق اإلشـارة إليـه بعنـوان‬ ‫العمـــود الفقـــري لنظـــام البشـــر‪ ،‬إذ أفـــادت تقاريـــر‬
‫«السـودان ينزلـق نحـو حرب أهليـة»‪ ،‬رؤية‬ ‫بوج ــود إس ــاميني يحمل ــون األس ــلحة ض ــد ق ــوات الدع ــم‬
‫ُمغايـرة لـدور القـوى العربيـة الفاعلـة(‪،)11‬‬ ‫الرسي ــع‪ ،‬وأن ــه ت ــم نق ــل البش ــر ذات ــه م ــن س ــجن كوب ــر‬
‫حيـث يـرى الكاتب أن انخـراط الـدول العربية‬ ‫إىل مستشـــفى عســـكري قبـــل انـــدالع الحـــرب‪ .‬وبعدهـــا‬
‫يف الشـأن السـوداين رمبـا يُعقـد الصراع بدالً مـن التخفيف من‬ ‫بأس ــبوع‪ ،‬تأك ــدت أنب ــاء ه ــروب ع ــدد م ــن قي ــادات نظ ــام‬
‫حدتـه‪ ،‬مـن وجهـة نظره‪.‬‬ ‫البشـــر مـــن الحركـــة اإلســـامية مـــن الســـجن‪ ،‬ومنهـــم‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪7‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

‫واشــنطن ولنــدن ملنــع الطرفــن مــن املُــي قُدمـاً يف الحــرب‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق بالــدور اإلفريقــي يف األزمة‬
‫كــا رصــد امل ُتحــاور ردود الفعــل الدوليــة للتســوية مثــل‬ ‫الســودانية‪ ،‬اســتعرض الصحفــي الكينــي‬
‫إجــراء األمــن العــام لألمــم املتحــدة‪ ،‬أنطونيــو غوترييــش‪،‬‬ ‫نــوي بوديــن ‪ Noé Bodin‬يف مقــال نرشتــه‬
‫عــدة مكاملــات مــع الربهــان وحميــديت لتقريــب وجهــات‬ ‫صحيفــة «لــو مونــد» ‪ Le Monde‬الفرنســية‬
‫النظــر‪ ،‬وكذلــك عقــد مجلــس األمــن جلســة طارئــة‪ ،‬ودعوتــه‬ ‫بعنــوان «رشق إفريقيــا عــى حافــة الهاويــة‪..‬‬
‫األطــراف املتحاربــة لوقــف األعــال العدائيــة واســتعادة‬ ‫مســاعي القــوى اإلقليميــة الحتــواء الـراع يف الســودان»(‪،)12‬‬
‫االســتقرار يف الســودان‪.‬‬ ‫أدوار القــوى اإلقليميــة اإلفريقيــة وخاصــة دول رشق إفريقيــا‬
‫وعــى صعيــد آخــر‪ ،‬نــرت كاترينــا‬ ‫نظــراً لخطــورة تفاقــم الوضــع بالســودان عليهــا‪ .‬ويف هــذا‬
‫الســياق‪ ،‬عقــدت الهيئــة الحكوميــة للتنميــة «اإليغــاد»‪ ،‬وهــي‬
‫دوكــي ‪ ،Catrina Doxsee‬مســاعدة‬
‫تكتــل تجــاري مــن مثــاين دول إفريقيــة مــن بينهــا الســودان‪،‬‬
‫مديــر برنامــج التهديــدات عــر الوطنيــة يف‬
‫اجتامعــاً اســتثنائياً‪ ،‬وتعهــد رؤســاء ثــاث دول إفريقيــة‬
‫«مركــز الدراســات االس ـراتيجية والدوليــة»‬
‫وهــي جنــوب الســودان‪ ،‬وكينيــا‪ ،‬وجيبــويت‪ ،‬بالتوســط لحــل‬
‫‪Center For Strategic and International‬‬ ‫الن ـزاع واســتعدادهم للســفر مبــارشة للســودان‪ .‬وقــد دعــم‬
‫‪ ، Studies‬مقــاالً بعنــوان «كيــف يؤثــر الــراع الســوداين‬ ‫االتحــاد اإلفريقــي جهــود «اإليغــاد»‪ ،‬ورصح رئيــس جنــوب‬
‫يف روســيا وقــوات فاغــر»(‪ ،)15‬تناولــت فيــه دور مجموعــة‬ ‫إفريقيــا بــرورة إنهــاء حالــة العنــف والفــوىض بــأرسع‬
‫«فاغــر» العســكرية الروســية‪ ،‬التــي انتقلــت للعمــل يف‬ ‫وقــت‪ .‬ويف الســياق ذاتــه‪ ،‬أعلــن الرئيســان املــري واإلثيــويب‬
‫الســودان عــام ‪ ،2017‬يف الــراع الحــايل‪ .‬فبعــد اإلطاحــة‬ ‫اســتعدادهام للمســاعدة يف جهــود الوســاطة لتســوية النـزاع‪،‬‬
‫بالبشــر‪ ،‬اســتطاعت «فاغــر» توطيــد عالقاتهــا بقــوات‬ ‫واســتقبال البعثــات الدبلوماســية التــي يتــم إجالؤهــا مــن‬
‫الدعــم الرسيــع‪ .‬وعــى الرغــم مــن الضغــوط األمريكيــة عــى‬ ‫الســودان‪.‬‬
‫حميــديت لوقــف تعاونــه مــع موســكو‪ ،‬تشــر الكاتبــة إىل‬
‫تقاريــر أجنبيــة تؤكــد أن دعــاً عســكرياً واســتخباراتياً قــد‬ ‫ويف إطــار تنــاول دور القــوى الدوليــة‪،‬‬
‫قدمتــه «فاغــر» إىل حليفهــا حميــديت يف رصاعــه مــع الربهــان‬ ‫اختلفــت اآلراء بشــأن فعاليــة هــذا الــدور‬
‫منــذ ‪ 15‬إبريــل املــايض‪.‬‬ ‫لحــل الـراع الســوداين‪ .‬ففــي مقــال نرشتــه‬
‫مجلــة «فورين أفــرز» األمريكيــة ‪Foreign‬‬
‫‪ ،Affairs‬بعنــوان «انــزالق الســودان نحــو‬
‫الفــوىض‪ ..‬مــا يجــب أن تفعلــه واشــنطن ورشكاؤهــا العــرب‬
‫لوقــف إطــاق النــار»‪ ،‬اســتعرض املديــر التنفيــذي ملؤسســة‬
‫الســام العاملــي يف «كليــة فليتــر للقانــون والدبلوماســية»‬
‫بجامعــة «تافتــس»‪ ،‬أليكــس دي وال ‪،)13(Alex De Waal‬‬
‫دور الواليــات املتحــدة األمريكيــة واململكــة املتحــدة إىل‬
‫جانــب اإلمــارات والســعودية مــن أجــل ضــان وقــف‬
‫إطــاق النــار يف الســودان‪ .‬ويف هــذا الصــدد‪ ،‬رأى الكاتــب‬
‫أن سياســات واشــنطن منــذ انــدالع االنتفاضــة وحتــى بعــد‬
‫ـؤت مثارهــا‪ ،‬بــل أدت‬‫انــدالع األزمــة الحاليــة يف الســودان مل تـ ِ‬
‫ويف هـذا السـياق‪ ،‬تـرى الكاتبـة أن روسـيا اسـتخدمت‬ ‫إىل تعقيــد الــراع‪.‬‬
‫مجموعـة «فاغنر» لتحقيـق هدفني استراتيجيني؛ أولهام ضامن‬ ‫وعــى العكــس‪ ،‬يف الحــوار املنشــور‬
‫مصالـح روسـيا يف مجال تعديـن الذهب السـوداين الذي يؤدي‬ ‫عــى موقــع معهــد «تشــاتام هــاوس»‪،‬‬
‫دورا ً رئيسـياً يف تخفيـف ضغـط العقوبـات االقتصاديـة على‬ ‫الســابق اإلشــارة إليــه‪ ،‬بعنــوان «حــل‬
‫موسـكو بعـد حربهـا يف أوكرانيـا‪ .‬فوفقـاً للكاتبـة‪ ،‬تعمـل رشكة‬ ‫معضلــة الســودان تعنــي اإلطاحــة بأولئــك‬
‫«أم‪-‬إنفيسـت» ‪ M-Invest‬الروسـية‪ ،‬امل ُرتبطـة برجـل األعمال‬ ‫املُتحاربــن»(‪ ،)14‬نظــر ُاملتحــاور إىل تعــاون‬
‫الـرويس يغفينـي بريغوجين‪ Yevgeny Prigozhin‬الـذي يُدير‬ ‫الفاعلــن اإلقليميــن والدوليــن مــن خــال «اآلليــة الرباعيــة»‬
‫«فاغنر»‪ ،‬مـن خلال رشكة سـودانية ت ُدعـى «الصوالغ» تشتري‬ ‫نظــرة إيجابيــة‪ .‬ومثّــن جهــود الواليــات املتحــدة وانخراطهــا‬
‫الذهب من منتجني حرفيني‪ ،‬وتُهربه «فاغرن» لروسـيا‪ .‬وثانيهام‪،‬‬ ‫مــن أجــل تســوية ال ـراع الســوداين‪ ،‬وأضــاف أن الســعودية‬
‫ضمان تشـكيل قاعـدة بحريـة لروسـيا على البحـر األحمـر‪،‬‬ ‫واإلمــارات ميتلــكان نفــوذا ً سياســياً واقتصاديــاً قــادرا ً عــى‬
‫وتفعيـل االتفاقيـة التـي توصلـت إليهـا موسـكو والخرطـوم يف‬ ‫تغيــر حســابات الربهــان وحميــديت‪ ،‬وأنهــا يُنســقان مــع‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪8‬‬
‫الصراع السوداني‬

‫بحالـــة مـــن الفـــوىض يف اإلقليـــم‪ ،‬فمـــع تصاعـــد العنـــف‪،‬‬ ‫أواخر عام ‪ 2020‬إلنشـاء قاعدة روسـية عىل ميناء بورتسـودان‪،‬‬
‫تســـتمر عمليـــات نـــزوح الســـودانيني بأعـــداد كبـــرة إىل‬ ‫بحيـث تكـون قـادرة على اسـتيعاب ‪ 300‬عسـكري ومـدين و‪4‬‬
‫ال ــدول املج ــاورة وخاص ــة م ــر وتش ــاد وإثيوبي ــا وإريرتي ــا‪.‬‬ ‫سـفن يف وقـت واحـد‪ ،‬مبـا فيهـا السـفن التـي تعمـل بالطاقـة‬
‫وإضافــة إىل ذلــك‪ ،‬تتهــدد مصالــح وأمــن عــدد مــن الــدول‬ ‫النوويـة‪ ،‬على حـد ذكـر الكاتبة‪.‬‬
‫اإلفريقي ــة امل ُطل ــة ع ــى البح ــر األحم ــر‪.‬‬ ‫ومــن جانبهــا‪ ،‬أشــارت د‪ .‬مــي درويــش‪،‬‬
‫ويف هـــذا الســـياق‪ ،‬نـــرت «وكالـــة‬ ‫ُمحــارض العالقــات الدوليــة ملنطقــة الــرق‬
‫رويـــرز» ‪ Reuters‬تقريـــراً بعنـــوان‬ ‫األوســط‪ ،‬يف دراســة نرشتهــا «جامعــة‬
‫«القتـــال يف الســـودان ال يـــزال ُمشـــتعالً‬ ‫برمنجهــام» ‪Birmingham University‬‬
‫رغ ــم املوافق ــة ع ــى متدي ــد وق ــف إط ــاق‬ ‫بعنــوان «مــا يحــدث يف الســودان لــن يبقــى‬
‫النـــار» أعـــده خالـــد عبدالعزيـــز وناديـــن‬ ‫يف الســودان»(‪ ،)16‬إىل أن املوقــع االســراتيجي للســودان‬
‫عـــوض اللـــه(‪ ،)18‬حيـــث تنـــاول حجـــم الخســـائر البرشيـــة‬ ‫ســيجعله مطمعـاً للعديــد مــن الــدول األخــرى‪ .‬وتــرى الكاتبة‬
‫واإلنســـانية بعـــد انـــدالع الحـــرب بالســـودان‪ .‬وقـــدر‬ ‫أنــه مــع تحــول السياســة األمريكيــة عــن االهتــام مبنطقــة‬
‫التقريـــر أن الرضبـــات الجويـــة وحـــروب الشـــوارع أودت‬ ‫القــرن اإلفريقــي وتراجعهــا النســبي عــن االنخـراط فيهــا‪ ،‬فــإن‬
‫بحي ــاة م ــا ال يق ــل ع ــن ‪ 512‬ش ــخصاً‪ ،‬وإصاب ــة م ــا يق ــرب‬ ‫الفاعلــن الدوليــن اآلخريــن ســيكون لهــم التأثــر األكــر يف‬
‫مـــن ‪ 4200‬شـــخص‪ ،‬وذلـــك حتـــى تاريـــخ نـــر التقريـــر‬ ‫مســتقبل الــراع يف الســودان‪ ،‬وخاصــة روســيا والصــن‪.‬‬
‫يف ‪ 27‬إبري ــل امل ــايض‪ .‬ك ــا ت ــم تدم ــر ع ــدد هائ ــل م ــن‬ ‫ويف اإلطــار ذاتــه‪ ،‬يــرى أحمــد الرشعــي‪،‬‬
‫امل ٌستش ــفيات واملب ــاين الس ــكنية الت ــي اس ــتخدمتها ق ــوات‬ ‫عضــو يف مجلــس أمنــاء «معهــد أبحــاث‬
‫الدع ــم الرسي ــع كغط ــاء لحاميته ــا م ــن طائــرات الجي ــش‪.‬‬ ‫السياســة الخارجيــة» و«مركــز الدراســات‬
‫وأش ــارت الوكال ــة إىل كارثي ــة الوض ــع اإلنس ــاين بالس ــودان‪،‬‬ ‫االســراتيجية والدوليــة» يف واشــنطن‪ ،‬يف‬
‫حيـــث توقفـــت أعـــال وكاالت اإلغاثـــة اإلنســـانية التـــي‬ ‫مقــال منشــور مبجلــة «ذا ناشــونال إنرتســت»‬
‫قدمـــت الدعـــم الغـــذايئ لثُلـــث ســـكان الســـودان البالـــغ‬ ‫‪ ،The National Interest‬بعنــوان «يجــب أن تكــون الحــرب‬
‫عددهـــم ‪ 46‬مليونـــاً‪ .‬وأضافـــت الوكالـــة أن منظمـــة‬ ‫األهليــة الناشــئة يف الســودان ضمــن أولويــات الواليــات‬
‫الصح ــة العاملي ــة ح ــذرت م ــن خط ــورة الوض ــع اإلنس ــاين‬ ‫املتحــدة»(‪ ،)17‬أن الحــرب يف الســودان تُقــوض النفــوذ‬
‫يف الســـودان بســـبب نقـــص امليـــاه والغـــذاء والخدمـــات‬ ‫األمريــي‪ ،‬وتُ كــن روســيا مــن متديــد نفوذهــا وتحقيــق‬
‫الطبي ــة‪ ،‬وعم ــل نس ــبة ال تتج ــاوز ‪ %16‬فق ــط م ــن املراف ــق‬ ‫مصالحهــا املتمثلــة يف الســيطرة عــى النفــط والذهــب‬
‫الصحيــة يف الخرطــوم‪ .‬ومــا ال شــك فيــه أن هــذه األوضــاع‬ ‫واملوانــئ االسـراتيجية عــى ســاحل البحــر األحمــر‪ .‬كــا أنهــا‬
‫الداخلي ــة امل ُتفاقم ــة س ــوف تش ــكل عامــاً ط ــاردا ً للس ــكان‬ ‫ســوف تُعــزز النفــوذ الصينــي يف ضــوء االســتثامرات الصينيــة‬
‫ودافعــاً للهج ــرة‪ .‬ويف ه ــذا اإلط ــار‪ ،‬تُق ــدر وكال ــة الالجئ ــن‬ ‫يف الخرطــوم يف مجــايل البنيــة التحتيــة والنفــط‪ ،‬وكذلــك‬
‫التابعـــة لألمـــم امل ُتحـــدة أعـــداد امل ُحتمـــل فرارهـــم مـــن‬ ‫بشــأن الصــادرات الصينيــة لألســلحة‪ ،‬حيــث تذهــب نســبة‬
‫الس ــودان لجنوب ــه وإىل تش ــاد وحده ــا مب ــا يتج ــاوز ‪270‬‬ ‫كبــرة منهــا يف إفريقيــا للســودان‪ ،‬وفقـاً لـــ «معهــد ســتوكهومل‬
‫ألـــف شـــخص‪ .‬وخلـــص التقريـــر إىل أن األزمـــة الداخليـــة‬ ‫الــدويل ألبحــاث الســام»‪ .‬ويُضيــف الكاتــب أن ســيناريو‬
‫يف الســـودان رضبـــت عمليـــة االنتقـــال إىل الدميقراطيـــة يف‬ ‫تفــكك الســودان عــى غ ـرار ليبيــا هــو األكــر احتــاالً‪ ،‬وأنــه‬
‫مقت ــل‪ ،‬وكرس ــت اس ــتخدام العن ــف‪ ،‬وذل ــك ع ــى حس ــاب‬ ‫إذا مــا تركــت الواليــات املتحــدة الســودان بيــد أجهــزة األمــن‬
‫تطلعـــات القـــوى املدنيـــة‪.‬‬ ‫الداخليــة دومنــا تدخــل منهــا‪ ،‬فــإن روســيا والصــن ســتكون‬
‫لهــا اليــد العليــا يف تشــكيل مســتقبل الســودان‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬التداعيات الداخلية واإلقليمية للصراع‬
‫خلق ــت حال ــة ع ــدم االس ــتقرار يف الس ــودان قلقــاً ُمتزاي ــدا ً‬
‫مـــن اآلثـــار الداخليـــة واإلقليميـــة امل ُرتتبـــة عـــى القتـــال‪.‬‬
‫فمـــع نشـــوب الـــراع‪ ،‬ازدادت األوضـــاع االقتصاديـــة‬
‫امل ُرتديـــة ســـوءا ً‪ ،‬وانقطعـــت مصـــادر الحيـــاة األساســـية‬
‫م ــن م ــاء وكهرب ــاء وس ــلع ع ــن مناط ــق واس ــعة‪ ،‬وتفاق ــم‬
‫الوضـــع اإلنســـاين لثالـــث أكـــر دولـــة بالقـــارة اإلفريقيـــة‬
‫مـــن حيـــث املســـاحة‪ .‬ويُنـــذر هـــذا الوضـــع امل ُـــردي‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪9‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

‫المحتملة‬ ‫ً‬
‫خامسا‪ :‬المسارات ُ‬ ‫وفيــا يتعلــق بتــأزم الوضــع اإلقليمــي‪،‬‬
‫منــذ انــدالع االشــتباكات املســلحة يف الســودان‪ ،‬بــات واضحـاً‬ ‫يــأيت تقريــر حــرره فرانشيســكو شــيايف‬
‫أن البلــد عــى شــفا حــرب أهليــة‪ ،‬فاألزمــة ليســت وليــدة‬ ‫‪ ،Francesco Schiavi‬الباحــث املُســاعد‬
‫اللحظــة الراهنــة‪ ،‬وإمنــا متتــد لعقــود طويلــة مــن عســكرة‬ ‫املُتخصــص يف شــؤون الــرق األوســط‬
‫الحيــاة السياســية‪ ،‬وإذكاء النعـرات القبليــة والعرقيــة‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫وشــال إفريقيــا‪ ،‬بعنــوان «الــراع عــى‬
‫ال يــرى الكثــرون أمـاً يف حــل هــذا النـزاع يف األمــد القريــب‪،‬‬ ‫الســلطة يف الســودان يتجــاوز حــدوده الجغرافيــة»‪ ،‬ونــره‬
‫وإن كان مــن املمكــن الســيطرة عليــه وإخــاده لفــرات‬ ‫«املعهــد اإليطــايل للدراســات السياســية الدوليــة» ‪Italian‬‬
‫قصــرة‪ ،‬فإنــه ســوف يعــود للتفجــر مــرة أخــرى الختــاف‬ ‫‪.)19( Institute for International Political Studies‬‬
‫مصالــح الطرفــن امل ُتنازعــن بشــكل جــذري‪ .‬ويف ضــوء حالــة‬ ‫إذ تنــاول تقديــر عــدد مــن الخ ـراء وامل ُحللــن لحالــة الحــرب‬
‫الاليقــن التــي يتســم بهــا الوضــع يف الســودان‪ ،‬تبــارى‬ ‫بالســودان‪ ،‬حيــث أشــار أحدهــم إىل أن التداعيــات االقتصاديــة‬
‫املحللــون للحديــث عــن آفــاق تســوية ال ـراع يف الســودان‬ ‫لألزمــة ال تــر الســودان وحــده‪ ،‬بــل أيض ـاً دول أخــرى مثــل‬
‫واملســارات امل ُحتملــة ملرحلــة مــا بعــد منتصــف إبريــل ‪.2023‬‬ ‫الصــن نظـرا ً لحجــم التبــادل التجــاري واالســتثامرات الضخمــة‬
‫التــي ت ُضــخ مــن ِقبلهــا يف املوانــئ ومرشوعــات النفــط‪.‬‬
‫وفيــا يتعلــق بالحلــول املمكنــة لتســوية‬
‫الـراع الســوداين‪ ،‬تبنــت ســوزان ســتيجنت‬ ‫وأضــاف خبــر آخــر أن الـراع يف الســودان مــن شــأنه أن‬
‫‪ ،Susan Stigant‬مديــرة برامــج إفريقيــا‬ ‫يُقــوض االســتقرار اإلقليمــي‪ ،‬ورأى أن دول الجــوار ســتكون‬
‫يف «معهــد الواليــات املتحــدة للســام»‬ ‫األكــر تــررا ً مــن حالــة الفــوىض‪ ،‬ألن انقســام الســودان إىل‬
‫‪ ،United States Institute for Peace‬يف‬ ‫معســكرين يعنــي تدمــر الدولــة وانهيــار مؤسســاتها األمنيــة‬
‫مقــال بعنــوان «مــاذا وراء القتــال يف الســودان»(‪ ،)21‬اقرتاب ـاً‬ ‫مــا يُشــكل ســاحة خلفيــة لإلرهــاب يف املنطقــة‪ .‬وأيــده يف‬
‫متفائ ـاً بشــأن مصــر الســودان يف ضــوء الجهــود اإلقليميــة‬ ‫ذلــك خبــر ثالــث‪ ،‬معتـرا ً أن الحــرب بــن الربهــان وحميــديت‬
‫والدوليــة للوســاطة‪ .‬وتــرى أن حــل األزمــة يف الســودان‬ ‫تضعــف مــن قُــدرة املؤسســات األمنيــة الســودانية عــى‬
‫والعــودة ملرحلــة مــا قبــل تفجــر الــراع الحــايل‪ ،‬يتوقــف‬ ‫حاميــة الحــدود مــع دول الجــوار‪ ،‬وتخلــق فراغــاً أمنيــاً يف‬
‫عــى تحقيــق ثــاث خطــوات‪:‬‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وت ُزيــد مــن طلبــات اللجــوء إليهــا‪ .‬واألهــم‪ ،‬أن انهيــار‬
‫الســودان قــد يُقلــل مــن قــدرة مــر عــى التنســيق معــه‬
‫بشــأن قضيــة امليــاه وأزمــة ســد النهضــة اإلثيــويب‪ .‬ونبــه كذلــك‬
‫إىل أن جنــوب الســودان الــذي يعتمــد عــى مصــايف النفــط‬
‫املوجــودة يف بورتســودان‪ ،‬ســوف يتــرر اقتصــاده مــن الحرب‬
‫الراهنــة‪ ،‬وكذلــك مــن عمليــات النــزوح التــي تُقــدر بــاآلالف‪.‬‬
‫وعلى صعيـد آخـر‪ ،‬نشر إيهـود يعـاري‬
‫‪ ،Ehud Yaari‬الزميـل الـدويل بـ«معهـد‬
‫واشـنطن لسياسـة الشرق األدىن» ‪The‬‬
‫‪Washington Institute for Near East‬‬
‫‪ ،Policy‬دراسـة بعنـوان «القتـال يف السـودان‬
‫الخطــوة األوىل‪ :‬توفــر الغطــاء اإلقليمــي والــدويل لحاميــة‬ ‫يُهـدد جهـود السلام مـع إرسائيـل»(‪ ،)20‬أوضـح فيهـا خطـورة‬
‫املدنيــن ومنــع ارتــكاب الفظائــع ضــد األفــراد ال ُعــزل يف‬ ‫الصراع على أمـن منطقـة الشرق األوسـط‪ ،‬وكيف أنـه يُعرقل‬
‫املــدن الســودانية املختلفــة‪ ،‬وأن يرتافــق ذلــك مــع الجهــود‬ ‫جهـود السلام التـي بنتهـا تـل أبيب مع السـلطات السـودانية‬
‫اإلقليميــة والدوليــة ملــد املواطنــن باملــاء والغــذاء والســلع‬ ‫وأدت إىل انضمام الخرطـوم إىل االتفاقـات اإلبراهيميـة يف عام‬
‫األساســية‪ ،‬وفتــح ممــرات إنســانية إلجالئهــم مــن مناطــق‬ ‫‪ ،2020‬وتبـادل البلـدان الزيـارات الدبلوماسـية على إثرهـا‪.‬‬
‫التوتــر تجنب ـاً لتفاقــم الوضــع اإلنســاين‪.‬‬ ‫ويـرى الكاتـب أن مقاربة إرسائيل للرصاع السـوداين محسـوبة‬
‫الخطــوة الثانيــة‪ :‬أن تبــذل دول الرباعيــة واألمــم املتحدة‪،‬‬ ‫وشـديدة الحساسـية؛ نظـرا ً لوجـود قطـاع مـن الـرأي العـام‬
‫إىل جانــب املنظــات اإلفريقيــة الفاعلــة‪ ،‬جهــودا ً مضاعفــة‬ ‫السـوداين يعـارض العالقـة معهـا وخصوصـاً «قـوى الحريـة‬
‫مــن أجــل ضــان تنفيــذ هدنــة وقــف إطــاق النــار‪ ،‬ومنــع‬ ‫والتغيير» ويعتقـد أنهـا ت ُقـدم دعماً اسـتخباراتياً للجيـش‬
‫الخروقــات املتكــررة لهــا‪ ،‬وتحذيــر الربهــان وحميــديت مــن‬ ‫السـوداين‪ .‬ولذلـك‪ ،‬أشـاد الكاتـب بالعـرض الـذي قدمتـه تـل‬
‫ارتــكاب قواتهــا أيــة انتهــاكات للقانــون الــدويل اإلنســاين‪.‬‬ ‫أبيـب للوسـاطة بين الربهـان وحميـديت مـن أجـل تحقيـق‬
‫اسـتقرار أكبر يف املنطقـة‪.‬‬
‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬
‫‪10‬‬
‫الصراع السوداني‬

‫وخالفاً ملا سـبق‪ ،‬ترى نرسين مالك يف مقالها‬ ‫الخطـــوة الثالثـــة‪ :‬صياغـــة خطـــط دقيقـــة ملـــا ميكـــن‬
‫السـابق اإلشـارة إليه يف صحيفة «الغارديان»‬ ‫عمل ــه مبج ــرد توق ــف القت ــال م ــن أج ــل ع ــدم تج ــدده‪،‬‬
‫بعنـوان «بـذور انهيـار السـودان قـد زُر ِعت‬ ‫وأن تضمـــن الـــدول القامئـــة بالوســـاطة إقليميـــاً ودوليـــاً‬
‫منـذ عقـود»(‪ ،)23‬أن مختلف السـيناريوهات‬ ‫تحقي ــق االنتق ــال لحكوم ــة مدني ــة كأس ــاس ألي مفاوض ــات‬
‫التـي يطرحهـا املُحللـون الغربيـون ملصير‬ ‫مس ــتقبلية م ــع الطرف ــن امل ُتحارب ــن‪ ،‬وأن يت ــم التلوي ــح يف‬
‫السـودان ال تأخـذ يف اعتبارهـا دور القـوى املدنية‪.‬‬ ‫ه ــذا اإلط ــار بتطبي ــق عقوب ــات اقتصادي ــة ش ــديدة عليه ــا‬
‫وتؤكـد الكاتبـة أن مسـتقبل الصراع بيـد هـذه القـوى التي لن‬ ‫إذا مل يس ــتجب أي منه ــا ملس ــاعي ح ــل األزم ــة‪.‬‬
‫تقبـل بالحكـم العسـكري‪ ،‬ولن تقـف يف صف أي مـن الطرفني‬ ‫لكــن الكاتبــة ميشــيل جافــن ‪Michelle‬‬
‫امل ُتحاربين‪ .‬وأضافـت أن انتصـار الربهـان أو حميـديت ال يعنـي‬ ‫‪ ،Gavin‬كبـــرة زمـــاء معهـــد رالـــف‬
‫اسـتقرار الوضـع يف السـودان‪ ،‬ألن القـوى املدنيـة لـن تـرىض‬ ‫بانـــش لدراســـات السياســـة اإلفريقيـــة‬
‫بعسـكرة الحيـاة السياسـية يف السـودان بعـد االنتفاضـة التـي‬ ‫يف «مجلـــس العالقـــات الخارجيـــة»‬
‫قامـت بهـا ضـد البشير يف عـام ‪ .2019‬وحسـب الكاتبـة‪ ،‬فـإن‬ ‫‪ ،Council on Foreign Relations‬تُقـــدم‬
‫الثـورة التـي ضحـى مئـات السـودانيني بأرواحهـم مـن أجلهـا‪،‬‬ ‫طرحــاً ُمغايــراً يف مق ــال بعن ــوان «الس ــودان يف أزم ــة»(‪.)22‬‬
‫هـي التـي سـتضمن ضغـط املدنيني مـن أجـل االنتقـال لحكم‬ ‫فهـــي تـــرى أن فكـــرة عـــودة األطـــراف امل ُتحاربـــة يف‬
‫مـدين وإخـراج العسـكريني من السـلطة‪.‬‬ ‫الســـودان لنقطـــة مـــا قبـــل ‪ 15‬إبريـــل ‪ 2023‬مســـتحيلة‬
‫التحقـــق‪ ،‬وأن جهـــود الوســـاطة اإلقليميـــة والدوليـــة لـــن‬
‫متنـــع حـــرب الشـــوارع املفتوحـــة يف الســـودان يف ضـــوء‬
‫الخروقـــات املتكـــررة أليـــة هدنـــة لوقـــف إطـــاق النـــار‪،‬‬
‫وس ــوء ني ــات األطــراف امل ُتحارب ــة تج ــاه بعضه ــا‪ .‬وأك ــدت‬
‫الكاتب ــة أن ــه ع ــى الرغ ــم م ــن الرغب ــة الصادق ــة لألطــراف‬
‫اإلقليمي ــة والدولي ــة لوق ــف تفاقُ ــم الوض ــع يف الس ــودان‪،‬‬
‫مـــن الصعـــب الوصـــول إلجـــاع حقيقـــي بـــن الفصائـــل‬
‫العســـكرية امل ُتحاربـــة‪.‬‬

‫خالصـة مـا سـبق‪ ،‬أنـه عىل الرغـم مـن تنـوع آراء امل ُحللني‬ ‫وت ُقـــدم الكاتبـــة صـــورة متشـــامئة ملـــا ســـتنتهي إليـــه‬
‫والخبراء بشـأن املسـارات امل ُحتملـة ملصير الصراع السـوداين‪،‬‬ ‫الحـــرب يف الســـودان‪ ،‬إذ اعتـــرت أنهـــا ســـتكون أقـــرب‬
‫فـإن أغلبهـا يُجمـع على أنهـا حـرب الـكُل فيهـا مهـزوم‪ ،‬وأن‬ ‫لحالـــة التفـــكك املوجـــودة يف جارتهـــا ليبيـــا‪ ،‬بالنظـــر‬
‫مسـتقبل االنتقال السـلمي للسـلطة بات ُمهددا ً بالفشـل أكرث‬ ‫لتم ــدد القت ــال يف والي ــات الس ــودان املختلف ــة وخاص ــة يف‬
‫مـن أي وقـت مىض‪ ،‬وأن شـبح الحرب األهليـة الذي طاملا راود‬ ‫الخرط ــوم ودارف ــور‪ ،‬وأن ذل ــك س ــوف يخل ــق مزي ــدا ً م ــن‬
‫الهشاشـــة األمنيـــة يف منطقـــة القـــرن اإلفريقـــي وخاصـــة‬
‫السـودان منـذ اسـتقالله ال يـزال عدوه األول‪ ،‬لألسـف‪.‬‬ ‫لـــدول مثـــل جنـــوب الســـودان وتشـــاد‪.‬‬

‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬


‫‪11‬‬
‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬

:‫المصادر‬
1- Ahmed Soliman, and Yusuf Hassan, Resolving Sudan’s crisis means removing those fighting, April 21, 2023, Chatham
House, Accessible at: https://bit.ly/3NGTaiq

2- Nesrine Malik, The seeds of Sudan’s collapse were sown decades ago, The Guardian, April 19, 2023, Accessible at:
https://bit.ly/427x6ln

3- Stopping Sudan’s Descent into Full-Blown Civil War, International Crisis Group, April 20, 2023, Accessible at: https://
bit.ly/42oshnn

4- Harry Verhoeven , The Political Economy of Conflict and Energy in Sudan, Center for Global Energy Policy, April 20,
2023, Accessible at: https://bit.ly/44sN0Zd

5- Justin Lynch, In Sudan, U.S. Policies Paved the Way for War, Foreign Policy, April 20, 2023, Accessible at: https://bit.
ly/3ATSa2Q

6- Sudan is sliding towards civil war, The Economist, April 22, 2023, pp. 29-30.

7- Khaled Abdelaziz, Unending ‘hell’: Sudan war rages despite truce pledges, Reuters, April 29, 2023, Accessible at:
https://reut.rs/42rtlqU

8- Robert Greenall, BBC News, April 30, 2023, Accessible at: https://bbc.in/415ccSO

9- Mohanad Hage Ali, Generals in Their Labyrinth, Carnegie for Middle East, April 28, 2023, Accessible at: https://bit.
ly/44xeVY4

10- Adam Fulton and Oliver Holmes, Sudan conflict: why is there fighting and what is at stake in the region?, The
Guardian, April 27, 2023, Accessible at: https://bit.ly/421DASO

11- Sudan is sliding towards civil war, Op .Cit.

12- Noé H-Bodin, East Africa on edge as regional powers set out to contain conflict in Sudan, Le Monde, April 18, 2023,
Accessible at: https://bit.ly/44sGaTA

13- Alex De Waal, Sudan’s Descent Into Chaos What Washington and Its Arab Partners Must Do to Stop the, Shootout ,
Foreign Affairs, April 27, 2023, Accessible at: https://fam.ag/3LY7bH2

14- Ahmed Soliman, and Yusuf Hassan, Resolving Sudan’s crisis means removing those fighting, Op .Cit.

15- Catrina Doxsee, How Does the Conflict in Sudan Affect Russia and the Wagner Group?, Center For Strategic and
International Studies, April 20, 2023, Accessible at: https//:bit.ly3/LCDZnR

16-May Darwich, What happens in Sudan won’t stay in Sudan, Birmingham University, April 27, 2023, Accessible at:
https://bit.ly/3nzTMM7

17- Ahmed Charai, Sudan’s Budding Civil War Must Be a U.S. Priority, The National Interest, April 25, 2023, Accessible
at: https://bit.ly/3ntgqpv

18- Khalid Abdelaziz and Nadine Awadalla, Sudan fighting flares but military approves ceasefire extension, Reuters, April
27, 2023, Accessible at: https://reut.rs/3LUgZ56

19- Francesco Schiavi, Sudan’s Power Struggle Matters Well Beyond Its Borders, Italian Institute for International
Political Studies, April 20, 2023, Accessible at: https://bit.ly/3LUlIno

20- Ehud Yaari, The Fighting in Sudan Threatens Peace Efforts with Israel, The Washington Institute for Near East
Policy, April 21, 2023, Accessible at: https://bit.ly/42p1uaz

21- Susan Stigant, What’s Behind the Fighting in Sudan?, United States Institute for Peace, April 20, 2023, Accessible
at: https://bit.ly/3NGTWMm

22- Michelle Gavin, Sudan in Crisis, Council on Foreign Relations, April 20, 2023, Accessible at: https://on.cfr.
org/3NBPU7R

23- Nesrine Malik, The seeds of Sudan’s collapse were sown decades ago, Op .Cit.

2023 ‫ مايو‬11 ،28 ‫ العدد‬- ‫رؤى عالمية‬


12
‫الصراع السوداني‬

‫رؤى عالمية ‪ -‬العدد ‪ 11 ،28‬مايو ‪2023‬‬


‫‪13‬‬

You might also like