Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 31

‫مملكة البحرين‬

‫جامعه العلوم التطبيقية‬


‫كليه الحقوق‬

‫الدعوى الجنائية‬
‫االسم‪ :‬محمد طارق‬
‫الرقم الجامعي‪20227330004 :‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫عند ارتكاب جريمة‪ ،‬تتمتع الدولة بسلطة معاقبة المسؤولين عنها‪ ،‬ويتم ذلك من خالل‬
‫رفع دعوى جنائية‪ .‬ويسمى هذا النوع من الدعاوى "الدعوى العامة" باسم المجتمع‪،‬‬
‫وتتولى النيابة العامة تمثيلها‪.‬‬

‫‪1|P ag e‬‬
‫عندما تنتهك جريمة ما حق أو مصلحة مصونة قانونًا‪ ،‬ويعاقب عليها القانون‪ ،‬فيمكن‬
‫ارتكابها ضد كيان عام أو خاص‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬يمتلك الضحية الحق في المطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر الناجم عن الجريمة ولديه السبيل للقيام بذلك من خالل رفع‬
‫"دعوى مدنية"‪.‬‬

‫عند ارتكاب جريمة‪ ،‬يؤدي ذلك إلى رفع دعويين قضائيتين منفصلتين‪ .‬األولى‪ :‬دعوى‬
‫جزائية‪ ،‬يشرف عليها القضاء الجنائي‪ ،‬وترفعها النيابة العامة على المتهم‪ .‬والثانية هي‬
‫الدعوى المدنية التي يرفعها المجني عليه‪ ،‬وتقع في نطاق اختصاص المحاكم المدنية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬هناك إمكانية عمل استثناء ورفع الدعوى المدنية أمام محكمة الجنايات إذا‬
‫رأت ذلك مناسبا‪ .‬التركيز األساسي للدعوى الجنائية هو توقيع العقوبة على المتهم‬
‫والتوصل إلى حكم باإلدانة أو البراءة‪ .‬ومن ناحية أخرى فإن الدعوى المدنية تختص‬
‫فقط ب التعويض عن األضرار الناجمة عن الجريمة‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى أن قرار‬
‫رفع الدعوى أمام أي من المحكمتين ال يعتمد على إرادة الضحية‪ .‬إذا سقط أحد الدعويين‬
‫فال يؤثر ذلك على سير الدعوى األخرى‪.‬‬

‫تبدأ الدعوى الجزائية بإجراء التحقيق األولي أو االتهام الذي تجريه النيابة العامة‪ ،‬وهي‬
‫حارسة الدعوى العامة وحارسها‪.‬‬

‫ونود أن نؤكد على أن حق الدفاع بالوكالة يستلزم حق المتهم في االستعانة بممثل يعبر‬
‫عن وجهة نظره حول وقائع القضية وتطبيق القانون‪ .‬وهذا يم ّكن السلطات المشاركة‬
‫في اإلجراءات الجنائية من الفهم الكامل لوجهات النظر المختلفة المرتبطة بالقضية‪.‬‬

‫‪2|P ag e‬‬
‫أهمية وهدف البحث‪:‬‬
‫ال يمكن المبالغة في خطورة القضايا الجنائية‪ ،‬حيث أن لها القدرة على التأثير بشكل‬
‫عميق على حياة جميع األطراف المعنية‪ .‬سواء كان الضحية ودائرته المقربة أو المدعى‬
‫عليه وعائلته‪ ،‬فإن تداعيات القضية الجنائية يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من قاعة‬
‫المحكمة‪ .‬لذلك‪ ،‬ال بد من الخوض في طبيعة القضايا الجنائية وأهميتها في النظام‬
‫القانوني‪ ،‬لما لها من دور حيوي في الحفاظ على األمن المجتمعي وضمان العدالة‬
‫للضحية‪.‬‬

‫سبب اختيار البحث‪:‬‬


‫الدافع وراء البحث هو الحاجة إلى تسليط الضوء على جوانب مختلفة من القضايا‬
‫الجنائية في مجال القانون الجنائي‪ ،‬بما في ذلك األطراف المعنية‪ ،‬والتداعيات القانونية‬
‫النتهاء القضية‪ ،‬واألثر العام على كل من المتهم والمجتمع ككل‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫اعتمدنا في هذ البحث على المنهج الوصفي التحليلي وقمنا بالتحدث عن الدعوى‬
‫الجنائية في المشرعين المصري والكويتي‪.‬‬

‫‪3|P ag e‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الدعوى الجنائية وخصائصها‬

‫يركز قانون اإلجراءات الجنائية بشكل كبير على القضية الجنائية‪ ،‬ويعترف بها‬
‫كموضوع محوري‪ .‬في الواقع‪ ،‬فهو بمثابة األساس لهذا اإلطار القانوني‪ ،‬مما يم ّكن‬
‫الدولة من ممارسة صالحياتها في فرض العقوبة على األفراد المتهمين بارتكاب أعمال‬
‫إجرامية‪ .‬وبدون هذه اآللية‪ ،‬لن تتمكن الدولة من تأكيد سلطتها في فرض العقوبات‪.‬‬
‫ومن المبادئ الراسخة أنه ال يمكن فرض العقوبة في غياب قضية جنائية‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫يصبح اتباع هذا المسار أمراً ضروريا ً لضمان العدالة للجاني‪.‬‬

‫وفي هذا الجزء سنتناول جوهر الدعوى الجزائية‪ ،‬ونستكشف جوانبها المختلفة من‬
‫الناحية اللغوية والقانونية واالصطالحية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬سوف نقوم بتقييم السمات الرئيسية‬
‫التي تحدد هذه الحالة بالذات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالدعوى الجنائية‬

‫وضمن هذا المطلب بالذات‪ ،‬نهدف إلى استكشاف مفهوم الدعوى الجزائية بشكل شامل‬
‫من خالل الخوض في تعريفاتها اللغوية والقانونية واالصطالحية‪ ،‬والتي سيتم عرضها‬
‫جميعًا في التصنيف التالي‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬المفهوم اللغوي للدعوى‬

‫‪4|P ag e‬‬
‫هو اسم من االدعاء‪ ،‬وهو المصدر‪ ،‬فهو اسم لما يدعى‪ ،"1‬وتجمع الدعوى دعاوى‬
‫بكسر الواو وفتحها‪ ."2‬وللدعوى اطالقات عديدة يشملها المعنى اللغوي منها‪:‬‬

‫الدعاء‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فالدعوى تصلح أن تكون بمعنى الدعاء‪ ،3‬كما في قوله تعالى‪( :‬دعواهم فيها سبحانك‬
‫اللهم وتحيتهم فيها سالم وأخر دعواهم أن الحمد هلل رب العالمين)‪.4‬‬
‫الزعم‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كقولك ادعى زيد كذا‪ ،‬يدعي ادعاء‪ :‬زعم أن له حقاء سواء هذا الزعم ح ًما أم باط ً‬
‫ال‪،‬‬
‫وسواءا كان له أو لغيره‪ ،5‬والغالب أن يطلق االدعاء على الزعم الذي ال يؤيده البرهان‬
‫أو الدليل فيسمى صاحبه مدعيّا‪ ،‬أما إذا أيده البرهان أو الدليل فإنه يصبح عندها محقًا‬
‫ال مدعيًا‪.6‬‬
‫الطلب والتمني‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كقولك ادعيت الشيء طلبته لنفسي‪ .7‬يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم‪( :‬لَ ُه ْم فِيها‬
‫فاكهة ولهم ما يدعون)‪"8‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬المفهوم القانوني للدعوى‬

‫إن غياب مفهوم محدد للدعوى في التشريع المصري ينبع من اعتقاد المشرع أنها تدخل‬
‫في نطاق الفقه وليس من مسؤولية المشرع تقديم تعريفات دقيقة‪.‬‬

‫‪ 1‬أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ج‬
‫‪ ،14‬ص ‪ ،1992 ،258‬ص‪124‬‬
‫‪ 2‬عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬طبعة عيسى البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪1347‬هـ‪ ،‬ص‪129‬‬
‫‪ 3‬محمد مرتضى الزبيدي‪ ،‬تاج العروس شرح القاموس‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬الطبعة األولى؛ الطبعة الخيرية‪،1996 ،‬‬
‫ص ‪126‬‬
‫‪ 4‬سورة يونس‪ ،‬اآلية‪10 :‬‬
‫‪ 5‬مجد الدين تمد يعقوب بن محمد بن إبراهيم الفيروز أبادي الشيرازي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1995 ،‬ص ‪129‬‬
‫‪ 6‬محمد مرتضى الزبيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 126‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 7‬فريد مد واصل‪ ،‬نظرية الدعوى واإلثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬مع مقارنة بالقانون الوضعي وقانون اإلثبات‬
‫اليمني‪ ،‬دار االتحاد العربي للطباعة؛ دار النهضة العربية‪ ،1979 ،‬ص‪7‬‬
‫‪ 8‬سورة يس‪ ،‬اآلية‪57 :‬‬
‫‪5|P ag e‬‬
‫كان للفقهاء المتخصصين في القانون الوضعي آراء متباينة عندما يتعلق األمر بتعريف‬
‫الدعوى‪ .‬ومنهم من وصفه بأنه مطلب قانوني يهدف إلى الدخول في مجال التقاضي‬
‫وفق الضوابط التي حددها القانون‪ ،‬وهدفه النهائي هو ضمان الحماية القانونية‪.9‬‬

‫ووصفه البعض بأن ه تصريح أقره المجلس القضائي‪ ،‬بهدف طلب حق لنفسه أو لمن‬
‫ينوب عنه‪.10‬‬

‫ويوصف عند بعض الخبراء القانونيين بأنه تقديم رسمي إلى المحكمة للحصول على‬
‫‪11‬‬
‫حكم يؤيد أو يصون أو يثبت حق معين‪.‬‬

‫اختلف تعريف الدعوى في الفقه‪ ،‬ويرجع ذلك على األرجح إلى عاملين‪ .‬أوالً‪ ،‬أعطت‬
‫اللغة العربية والمصطلحات القانونية معاني متعددة لمصطلح "الدعوى"‪ .‬ثانياً‪ :‬اختلف‬
‫الفقهاء في تفسير طبيعة الدعوى وارتباطها بالحقوق الموضوعية‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬تعريف الدعوى الجنائية اصطالحا‬

‫تم تحديد تعريفات مختلفة للقضية الجنائية من خالل الفقه الجنائي‪ .‬وتختلف هذه‬
‫التعريفات في تقييمها لطبيعة اإلجراء القانوني بشكل عام‪ ،‬ويمكن تصنيفها على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫وقد وصفها عدد من األفراد بأنها نداء النيابة العامة إلى القضاء‪ ،‬نيابة عن المجتمع‪،‬‬
‫إلنزال العقوبة بالمتهم‪.12".‬‬

‫‪ 9‬مصطفى مهد عبد المحسن‪ ،‬انقضاء الدعوى الجنائية‪ ،‬البدائل والمفترضات‪ ،‬التركي للطباعة‪ ،‬طنطا‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪7‬‬
‫‪ 10‬محمد إبراهيم البدارين‪ ،‬الدعوى بين الفقه والقانون‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪،2007 ،‬‬
‫ص ‪39‬‬
‫‪ 11‬شعبان الكومي أحمد فايد‪ ،‬الدعوى بالمجهول وأحكامها‪ ،‬دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪،‬‬
‫دار الجامعة الجديد للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص ‪16‬‬
‫‪ 12‬عبد األحد جمال الدين‪ ،‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2007 ،‬ص‪6‬‬
‫‪6|P ag e‬‬
‫تتضمن عملية المالحقة الجنائية‪ ،‬كما يعرفها البعض‪ ،‬سلسلة من اإلجراءات التي تقوم‬
‫بها سلطة معينة نيابة عن المجتمع‪ .‬ولهذه الجهة‪ ،‬التي قد تكون النيابة العامة أو المجني‬
‫عليه في حاالت معينة‪ ،‬الحق الحصري في توجيه االتهامات ومباشرة التحقيقات‪.‬‬
‫ويشمل دو رهم توجيه االتهامات بأشكال مختلفة وتمثيل المجتمع بمجرد علمهم‬
‫بالجريمة‪ .‬ولن يتم حل المسألة بشكل نهائي إال عندما يتم التوصل إلى حكم نهائي‪ ،‬إما‬
‫باإلدانة أو بالبراءة‪.13.‬‬

‫ووفقا ً للتعريف القانوني فإن مصطلح "اإلجراء الجنائي" يشير إلى مجموعة من‬
‫اإلجراءات المحددة قانوناً‪ ،‬والتي تهدف إلى التوصل إلى حكم قضائي بشأن دقة تطبيق‬
‫القانون في قضية جزائية محددة"‪.14‬‬

‫ويمكن تعريف الدعوى الجزائية بأنها اآللية التي يسعى المجتمع من خاللها إلى محاسبة‬
‫من يهدد مصالحه ويخل بأمنه وسالمته‪ ،15‬وكذلك اإلجراء القانوني الذي تتخذه‬
‫مجموعة ما لتحديد هوية ومالحقة الفرد الذي ارتكب جريمة على نيابة عنها‪ ،‬بهدف‬
‫نهائي هو تطبيق العقوبة المناسبة‪.16‬‬
‫وفقًا للفقهاء المسلمين‪ ،‬فإن البيان المبرر هو الذي يستخدم لتأكيد حق معترف به أو‬
‫حماية شخص ما من الحرمان من حقوقه في إطار قانوني‪ ،‬سواء كان ذلك ينطوي على‬
‫القصاص أو العقوبة أو التشهير أو طلب العدالة أمام قاض في القضاء‪ .‬المجلس قائم‬
‫على الشريعة اإلسالمية”‪.17‬‬

‫بنا ًء على التعريفات المقدمة ساب ًقا‪ ،‬من الواضح أن الغرض من القضية هو تحليل‬
‫السيناريو الجنائي وتقييم األدلة الداعمة‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانت لصالح المدعى‬

‫‪ 13‬حسني الجندي‪ ،‬الجندي في شرح قانون اإلجراءات الجنائية (الكتاب األول)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2013 ،‬ص‪71‬‬
‫‪ 14‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1988 ،‬ص ‪60‬‬
‫‪ 15‬سعيد حسب هللا عبد هللا شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية» دار الحكمة للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪،‬‬
‫العراق‪ ،1990 ،‬ص‪37‬‬

‫‪ 16‬جمال محمد مصطفى‪ ،‬شرح أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،2005 ،‬ص ‪12‬‬
‫‪ 17‬حسني الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪57‬‬

‫‪7|P ag e‬‬
‫عليه أو ضد ه‪ .‬ويتضمن ذلك فهم وقائع القضية ومن ثم تطبيق القوانين ذات الصلة‬
‫للوصول إلى حكم ينهي اإلجراءات‪.‬‬

‫ومن الواضح أن الهدف من هذا اإلجراء القانوني ليس إدانة المدعى عليه‪ ،‬ألن اهتمام‬
‫المجتمع ال يكمن في تأمين اإلدانة بل في ضمان التنفيذ السليم للقانون‪.‬‬

‫وبعد االطالع على التعريفات السابقة قد يتساءل المرء‪ :‬هل للنيابة العامة وحدها‬
‫صالحية رفع الدعوى الجزائية؟ ماذا عن إمكانية قيام الضحايا بتقديم شكاوى‪ ،‬أو قضايا‬
‫المالحقة المباشرة‪ ،‬أو الحاالت التي تنطوي على جرائم يتم النظر فيها في المحكمة؟‬

‫لقد وفر المشرع وسيلة للمتضرر من الجريمة لطلب التعويض عن طريق المالحقة‬
‫المباشرة‪ .‬وهذا أمر بالغ األهمية في الحاالت التي تفشل فيها النيابة العامة في رفع‬
‫دعوى جنائية‪ .‬في مثل هذه الحاالت‪ ،‬يمكن للمدعي في الدعوى المدنية أن يرفعها إلى‬
‫رئيس المحكمة‪ ،‬الذي يكون ملزما ً بعد ذلك بمراجعتها واتخاذ القرار‪ .‬ويؤدي ذلك تلقائيا ً‬
‫إلى رفع الدعوى الجنائية‪ ،‬إذ ال يمكن سماع الدعوى المدنية بدونها‪.18‬‬

‫في الحاالت التي تتطلب فيها الجرائم مشاركة طرف آخر‪ ،‬مثل تلك التي تتطلب شكوى‬
‫أو طلب أو إذن‪ ،‬وكذلك جرائم الجلسة التي تحدث أثناء المحاكمة‪ ،‬تعتبر هذه حاالت‬
‫استثنائية‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى أن الرأي السائد يشير إلى أنه بمجرد تحريك الدعوى‬
‫الجزائية في هذه القضايا المذكورة أعاله‪ ،‬تستعيد النيابة العامة استقاللها وتشرع في‬
‫رفع الدعوى ومباشرتها أمام المحاكم المختصة‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن االستثناء الذي‬
‫منحه المشرع لحاالت معينة ال ينفي طبيعة الدعوى الجزائية بشكل عام‪.19‬‬

‫وشددت محكمة النقض المصرية‪ ،‬في حكمها األخير‪ ،‬على أن تقييد قدرة النيابة العامة‬
‫على رفع الدعاوى القضائية ينبغي التعامل معه باعتباره أمرا استثنائيا‪ ،‬ال يجوز أن‬
‫يتعدى نطاقه الضيق‪ ،‬سواء من حيث طبيعة الدعوى‪ .‬الجرائم أو الشخص المتهم‪.‬‬

‫‪ 18‬فوزية عبد الستار‪ ،‬االدعاء المباشر في اإلجراءات الجنائية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ‪ 4‬وما يليها‬
‫‪ 19‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1992 ،‬ص‪62‬‬
‫‪8|P ag e‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص الدعوى الجنائية‬

‫يمكننا تلخيص الخصائص المختلفة للقضية الجنائية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬فالقضية الجنائية تخدم مصلحة المجتمع ككل‪ ،‬وليس مصلحة أي فرد أو‬
‫مجموعة محددة‪ .‬وهي نتيجة حتمية لكل جريمة‪ ،‬والعقاب هو المالذ الوحيد من‬
‫خالل الدعوى الجنائية‪ .20‬عند ارتكاب الجريمة ينشأ حقان‪ :‬حق المجتمع العام‬
‫في توقيع العقوبة على مرتكب الجريمة‪ ،‬إذ إن الجريمة تخل بأمن المجتمع‬
‫واستقراره‪ ،‬وحق الضحية في طلب التعويض عن األضرار التي لحقت به‪،‬‬
‫وهو ما يعرف باسم "التعويض"‪ .‬حق خاص‪ .‬تتم ممارسة الحق العام من خالل‬
‫دعوى جزائية‪ ،‬تدخل في اختصاص النيابة العامة‪ ،‬وتقام باسم المجتمع‪ ،‬ومن‬
‫هنا جاءت تسميتها "الدعوى العامة"‪.‬‬

‫يمكن أن تعزى الطبيعة العامة للقضية الجنائية إلى عاملين‪ .‬أوالً‪ ،‬إن االختصاص‬
‫األصيل للنيابة العامة‪ ،‬التي تعمل كجهة قضائية‪ ،‬هو التعامل مع مثل هذه القضايا‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ ،‬ال يكون الهدف من متابعة قضية جنائية هو تحقيق مكاسب شخصية أو مصلحة‬
‫في نتيجة معينة‪ ،‬بل هو السعي إلى تحقيق العدالة‪ ،‬سواء بلغت ذروتها باإلدانة أو‬
‫بالبراءة‪.‬‬

‫ويظل النطاق العام لهذا المبدأ دون تغيير‪ ،‬حتى في الحاالت التي يُمنح فيها بعض‬
‫األفراد امتياز رفع دعوى جنائية‪ ،‬كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 1‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية المصري‪ .‬ووفقا ً لهذه المادة‪ ،‬فإن سلطة رفع الدعوى الجزائية‬
‫ومتابعتها تقع على عاتق النيابة العامة وحدها‪ ،‬مع استثناءات حددها القانون لآلخرين‬
‫في رفع مثل هذه الدعاوى‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن التخلي عن المالحقة الجنائية أو تعليقها ال‬
‫يمكن أن يتم إال في ظل ظروف محددة يحددها القانون‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن هذا البند بالذات غير قابل للتحويل بطبيعته‪.‬‬

‫‪ 20‬فارس محمد على الشقيرات‪ ،‬قيود تحريك الدعوى الجنائية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬معهد البحوث‬
‫والدراسات العربية‪ ،2003 ،‬ص ‪5‬‬

‫‪9|P ag e‬‬
‫‪ ‬وبمنح الدعوى صفة عامة فإنها تصبح متشابكة مع الوضع المجتمعي العام‬
‫وتخدم الهدف األعظم المتمثل في حماية المجتمع وإعالء العدل‪ .‬وقد اعتبرها‬
‫النظام القانوني جزءاً ال يتجزأ من النظام العام‪ ،‬مما يجعلها غير قابلة للتفاوض‬
‫أو المصالحة من قبل النيابة العامة‪ .‬وذلك ألن الدعوى تتعلق بمصلحة المجتمع‬
‫ككل وليست مملوكة للقطاع الخاص‪ .‬ومع وجود خيار التنازل عن الدعوى‪ ،‬إال‬
‫أن الممثلة ملزمة بإعطاء األولوية لمصالح المجتمع الذي منحها السلطة‪ .‬وهي‬
‫مضطرة إلى االلتزام بحدود التعويض‪ .‬فإذا اختارت التنازل عن الدعوى ألي‬
‫سبب من األسباب‪ ،‬فلن يكون ذلك في مصلحتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنها تحتفظ بالحق‬
‫في إعادتها في وقت الحق‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة العامة التي قررها القانون هي الحظر التام للترك أو التنازل أو الوقف‬
‫أو تعطيل السير‪ .‬ويمنع منعا باتا أي انحراف عن هذه القاعدة أو انتهاكها‪ ،‬ما لم‬
‫ينص صراحة على خالف ذلك‪ .‬أحد هذه االستثناءات هو عندما تنتهي القضية‬
‫الجنائية بالتنازل عن الشكوى‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬إذا تم عرض مسألة غير‬
‫جنائية أمام المحكمة الجنائية وكان حلها حاس ًما للقضية الجنائية‪ ،‬فقد يتم تعليق‬
‫اإلجراءات‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬إذا أمكن إثبات أن المتهم غير قادر على الدفاع‬
‫عن نفسه بسبب الجنون أو أي إعاقة عقلية أخرى‪ ،‬فسيتم وقف الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫‪ ‬عالوة على ذلك‪ ،‬يعتبر فرض العقوبة في قضية جنائية ضروريا‪ .‬يعتمد فرض‬
‫العقوبة على المجرم فقط على رفع دعوى جنائية‪ ،‬وفقًا لمبدأ عدم إمكانية تنفيذ‬
‫العقوبة دون مثل هذه اإلجراءات القانونية‪ .‬وهو نتيجة متأصلة ألي عمل‬
‫إجرامي‪ ،‬حيث يضطر المجتمع إلى محاسبة مرتكب الجريمة وتطبيق العقوبات‬
‫المناسبة‪ ،‬حتى في الحاالت التي لم يلحق فيها أي ضرر باآلخرين‪ .‬وهذا يؤكد‬
‫فكرة أن الضرر ليس شرطا أساسيا الرتكاب الجريمة‪.21‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ ،‬الجانب الحاسم الذي يجب مراعاته هو مدى مالءمة بدء اإلجراءات‬
‫القانونية في هذه القضية بالذات‪ .‬في النظام اإلجرائي‪ ،‬تقع مهمة تحريك‬
‫الدعوى الجزائية وعرضها على النيابة العامة‪ .‬وينطوي هذا الدور على تقييم‬
‫الجوانب اإلجرائية والتحقيق األولي لتحديد ما إذا كان مناسبا لمواصلة القضية‬
‫وتقديمها إلى القضاء‪ .‬وإذا رأت النيابة العامة وجاهة في الدعوى‪ ،‬فلها صالحية‬
‫استدعاء المتهم مباشرة للحضور أمام المحكمة المختصة أو األمر بإحالته إلى‬

‫‪ 21‬فارس ممد الشقيرات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪10 | P a g e‬‬
‫المحكمة‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬إذا صدر القرار بعدم السير في الدعوى‪،‬‬
‫فيمكن إصدار أمر بعدم وجود أسباب كافية لرفعها‪ .‬وهذا النهج‪ ،‬المعروف‬
‫بتقدير النيابة العامة للقضية الجنائية المناسبة‪ ،22‬يشبه أسلوب الخصم الشريف‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬ليس من الواجب على النيابة العامة متابعة الدعوى ضد المتهم؛‬
‫بل يعتمد على تقييمهم للظروف المحيطة بالمتهم والجريمة المرتكبة‪.‬‬

‫‪ ‬وال يتوقف رفع الدعوى الجنائية من قبل النيابة العامة على أية شروط أو‬
‫قيود‪ .‬وهذه الحرية في رفع الدعوى الجنائية من اختصاص النيابة العامة‬
‫وحدها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هناك استثناء محدود لهذا المبدأ‪ .‬وقد حدد المشرع حاالت ال‬
‫يجوز فيها للنيابة العامة أن تباشر الدعوى الجنائية بشكل مستقل‪ .‬وبدالً من ذلك‪،‬‬
‫يجب أن يشارك طرف آخر‪ ،‬مثل شكوى أو طلب أو إذن‪ .‬وتفرض هذه‬
‫المتطلبات قيودًا على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية‪ .‬وبمجرد‬
‫تقديم الشكوى أو الموافقة على الطلب أو الحصول على اإلذن‪ ،‬تستعيد النيابة‬
‫العامة حريتها وتشرع في رفع الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحكمة‬
‫المختصة‪.‬‬

‫‪ ‬واالستثناء الذي نص عليه المشرع لحق رفع الدعوى ال يغير من الطبيعة‬


‫العامة للدعوى الجنائية‪ .‬القضية الجنائية هي مسألة قانونية معقدة تنتهي بحكم‬
‫نهائي‪ .‬وهو يتألف من سلسلة من المواقف اإلجرائية المترابطة‪ ،‬حيث يكون كل‬
‫موقف نتيجة للموقف السابق ويعمل كأساس للموقف الالحق‪ .‬ومن المهم‬
‫مالحظة أن هذه المواقف ال تمنح أي حقوق‪ ،‬وال يمكن لألفراد المشاركين في‬
‫القضية أن يتوقعوا حك ًما مناس ًبا بنا ًء عليها فقط‪ .‬إال أن هذه المواقف يمكن أن‬
‫توفر بصيص أمل‪ ،‬مما يدفع األفراد إلى تأكيد موقفهم وتقديم أدلة دامغة إلقناع‬
‫القاضي‪ .‬وال يمكن تحديد موقف قانوني نهائي إال بصدور حكم نهائي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدعوى الجنائية والدعوى المدنية والعالقة بينهما‬

‫يعد نظام العدالة الجنائية بمثابة وسيلة للمجتمع للحفاظ على أمنه واستقراره‪ .‬عندما‬
‫يتعلق األمر باإلجراءات القانونية‪ ،‬يشار إلى القضايا الجنائية بالدعاوى الجنائية‪ ،‬بينما‬
‫تُعرف القضايا المدنية التي تنطوي على مطالبات بالحقوق الفردية بالدعاوى المدنية‪.‬‬

‫‪ 22‬حسني الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪77‬‬


‫‪11 | P a g e‬‬
‫في الحاالت ا لتي تسبب فيها الفعل اإلجرامي في ضرر لشخص آخر‪ ،‬يجوز للمحكمة‬
‫ضا أن تتناول مسألة التعويض المدني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬إذا لم يتم ارتكاب أي جريمة‬
‫الجنائية أي ً‬
‫جنائية‪ ،‬فال يزال من الممكن للمحكمة الجنائية أن تحكم في الدعوى المدنية‪ .‬ومن المهم‬
‫اإلشارة إلى أن المحكمة الجنائية لن تتدخل في المسائل المدنية إال إذا رأت أنه من‬
‫الضروري تقديم تعويض للطرف المتضرر أو إذا كان الجمع بين اإلجراءات المدنية‬
‫والجنائية من شأنه تسريع حل القضية‪.‬‬

‫في حالة وجود قضية جنائية‪ ،‬فإن مسار العمل الموصى به هو معالجة المسألة الجنائية‬
‫بشكل منفصل‪ ،‬وإصدار حكم في القضية الجنائية فقط‪ ،‬وتأجيل القضية المدنية إلى‬
‫جلسة الحقة أو إحالتها إلى المحكمة المدنية المناسبة‪ .‬ومن المهم مالحظة أن الفرد‬
‫المعني يحتفظ بالحق في طلب التعويضات من خالل المحاكم المدنية‪ ،‬وفقًا لمبادئ‬
‫القانون المدني المتعلقة بالمسؤولية عن األفعال غير المشروعة‪.‬‬

‫والفرق بين اإلجراءين القانونيين يكمن في غرضهما والحقوق المترتبة عليهما‪ .‬في‬
‫الدعوى الجزائية تمارس الدولة سلطتها في معاقبة المخطئ‪ ،‬وال يجوز وقف هذا النوع‬
‫من الدعاوى أو التنازل عنها إال في أحوال معينة يبينها القانون‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يتم‬
‫رفع دعوى مدنية لمعالجة الضرر الذي لحق بالفرد‪ ،‬بهدف الحصول على تعويض‪.‬‬
‫وبالتالي تعتبر الدعوى المدنية بمثابة دعوى للمدعي نفسه‪ ،‬مما يمنحه القدرة على‬
‫التنازل طوعا عن حقوقه الشخصية‪.‬‬

‫وتثبت المعلومات المذكورة أن االرتباط بين الدعوى الجزائية والدعوى المدنية ينظمه‪.‬‬

‫وينص المبدأ األولي على وقف نظر المحكمة المدنية من قبل المحكمة الجنائية‪ ،‬مما‬
‫يمنع المحكمة المدنية من اتخاذ أي قرار بشأن دعوى مدنية ناشئة عن جريمة جزائية‬
‫إلى أن تصدر محكمة الجنايات حكما في نفس الدعوى‪ ،‬مما يضمن وجود عدم وجود‬
‫أحكام متضاربة من كال المحكمتين‪.‬‬
‫وتتعلق القاعدة الثانية بقوة الشيء المدعى به في الدعوى الجزائية‪ ،‬مبينا أنه إذا أصدرت‬
‫محكمة الجنايات حكما ببراءة المتهم من الجريمة المتهم بها في نفس الدعوى‪.23.‬‬

‫‪ 23‬د‪ .‬عبد الفتاح الصيفي‪ ،‬النظرية العامة للقاعدة اإلجرائية الجزائية‪ ،‬ص ‪38‬‬
‫‪12 | P a g e‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬صدر حكم بأنه إذا برأت المحكمة المتهم بسبب عدم وجود أدلة تدعم‬
‫انتهاك حقوقه‪ ،‬فسيتم رفض أي طلب تعويض‪ .‬وذلك ألنه ال أساس للدعوى إذا لم يثبت‬
‫أن الفعل مخالف لحقوق المنسوب إليه‪ .‬وبما أن الحكم السابق الذي قضى زورا ببراءة‬
‫المتهمين‪ ،‬أدى إلى رفض الدعوى المدنية‪ ،‬فإن القرار متفق وسليم قانونا‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬صدر الحكم بما يلي‪:‬‬

‫يتركز اختصاص المحكمة الجنائية في المقام األول على النظر في الجرائم المعروضة‬
‫في الدعاوى الجنائية‪ .‬إال أن هناك استثناء لهذا المبدأ عندما يتعلق األمر بنظر الدعاوى‬
‫المدنية التي تنشأ عن نفس الحادثة‪ .‬ويستند هذا االستثناء إلى االرتباط بين الدعويين‬
‫والسبب المشترك لرفعهما‪ .‬ويشترط أن تكون الدعوى المدنية متوقفة على الدعوى‬
‫الجزائية وال يجوز رفعها بشكل مستقل أمام محكمة الجنايات‪ .‬ولذلك‪ ،‬إذا كان الفعل‬
‫موضوع الدعوى ال يعاقب عليه القانون‪ ،‬وبالتالي القضاء على الجريمة‪ ،‬فال يكون‬
‫لمحكمة الجنايات صالحية الفصل في الدعوى المدنية‪ .‬وفي مثل هذه الحاالت‪ ،‬يجب‬
‫على المحكمة أن تعلن عدم اختصاصها‪ .‬أما إذا كان الحكم بالبراءة في الدعوى الجزائية‬
‫بسبب عدم كفاية األدلة ضد المتهمين أو صحة إسناد الجريمة إليهم‪ ،‬ترفض المحكمة‬
‫الدعوى المدنية أيضاً‪.‬‬
‫عندما يتعلق األمر برفع دعوى جنائية‪ ،‬فإن الخطوة األولى تتمثل في تكليف مأمور‬
‫الضبط القضائي بإجراء التحقيق‪ ،‬وهو ما يعتبر مثاالً لإلجراء األول لرفع الدعوى‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يتم بعد ذلك تكليف المتهم بالمثول أمام المحكمة المختصة‪.24.‬‬

‫وتكمن أهمية هذا اإلجراء في قدرته على تمكين المحكمة من النظر في القضية الجنائية‬
‫بشكل صحيح‪ .‬وبدون هذا اإلجراء‪ ،‬ال تتمتع المحكمة بسلطة النظر في القضية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫إذا رفعت الدعوى أمام المحكمة بأية طريقة غير الطريق المقرر قانوناً‪ ،‬فإنها تعتبر‬
‫غير مقبولة‪ ،‬كما لو أن المجني عليه رفعها مباشرة‪.‬‬

‫في قضايا الجنايات‪ ،‬تتولى النيابة العامة سلطة مباشرة اإلجراءات القانونية‪ ،‬أما في‬
‫الجنح‪ ،‬فمنوطة بمحققي وزارة الداخلية‪ .‬إال أنه في الظروف االستثنائية التي تنطوي‬

‫‪ 24‬د مشاري العيفان‪ :‬د حسين بوعركي ‪ -‬الوسيط في قانون االجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الكويت‪ ،2017،‬ص ‪326‬‬

‫‪13 | P a g e‬‬
‫على المواجهة وجرائم المحكمة‪ ،‬فقد منح المشرع المحاكم صالحية ممارسة هذه‬
‫السلطة‪.‬‬

‫تختلف إجراءات تقديم األدلة عن اإلجراءات المتبعة في رفع الدعوى‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬
‫ال يلزم استيفاء أي متطلبات أو قيود على رفع دعوى قضائية‪ ،‬مثل الحصول على إذن‬
‫أو تقديم شكوى‪ ،‬قبل البدء في إجراءات األدلة هذه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أطراف الدعوى الجزائية‬

‫في الدعوى الجنائية‪ ،‬يشمل األفراد المتورطون المدعي‪ ،‬وهو المحقق من النيابة العامة‬
‫‪ -‬وزارة الداخلية‪ ،‬والمدعى عليه‪ ،‬وهو إما الجاني أو المتهم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك‬
‫الضحية‪ ،‬وهو المدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عن تأكيد حقوقه المدنية‪ .‬ليس من‬
‫الضروري أن يجتمع جميع األطراف في قضية جنائية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المدعي (النيابة العامة ‪ -‬محقق وزارة الداخلية)‬

‫وفقا للدستور الكويتي‪ ،‬وتحديدا المادة ‪ 167‬الفقرة األولى‪ ،‬تتولى النيابة العامة مسؤولية‬
‫إجراء الدعاوى العامة نيابة عن المجتمع‪ ،‬واإلشراف على شؤون الضبط القضائي‪،‬‬
‫وضمان تنفيذ القوانين الجزائية‪ ،‬ومالحقة المذنبين‪ ،‬والطعن في قرارات المحاكم‪. .‬‬

‫واستثنا ًء من ذلك‪ ،‬تجيز الفقرة الثانية من المادة المذكورة أن يتولى القانون لرجال‬
‫األمن العام مسؤولية مباشرة المالحقات العامة في الجنح‪ .‬وذلك يخضع للشروط التي‬
‫يحددها القانون‪.‬‬

‫وفي كل من قضيتي الجنايات‪ ،‬حيث تكون النيابة العامة هي سلطة االتهام‪ ،‬وقضايا‬
‫الجنح‪ ،‬حيث يشارك محققو وزارة الداخلية‪ ،‬يتم تحديد وضع المدعي في الدعوى‬
‫الجزائية حسب األصول‪.‬‬

‫‪14 | P a g e‬‬
‫إن الهدف األساسي للنيابة العامة ومن لهم صالحية تحريك الدعوى الجزائية هو عدم‬
‫تحقيق أغراض شخصية‪ .‬ولذلك‪ ،‬إذا تمت تبرئة المتهم‪ ،‬فإن ذلك ال يؤدي تلقائيا إلى‬
‫فرض تكاليف الدعوى الجزائية‪ ،‬على غرار طريقة فرض التكاليف في القضايا المدنية‬
‫عندما يخسر المدعي‪ .‬يمكن وصف حق النيابة العامة في رفع دعوى جنائية بأنه حق‬
‫مستقل‪ .‬وال تعتمد ممارستها على دقة االدعاءات المقدمة بشأن تورط المتهم في الجريمة‬
‫المتهم بها‪.25‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الجاني (المتهم)‬

‫وفي مجال القضايا الجنائية‪ ،‬يُقصد بالمتهم أي فرد يصبح موضوع دعوى قضائية‬
‫تباشرها النيابة العامة‪ ،‬وتحديداً محقق وزارة الداخلية‪ .‬تنتهي حالة المتهم إما بصدور‬
‫قرار بحفظ الدعوى الجنائية أو بالحكم النهائي بالبراءة‪.‬‬
‫في حالة صدور حكم نهائي باإلدانة‪ ،‬تستبدل صفة المتهم بوضع المحكوم عليه‪.‬‬

‫هناك شرطان أساسيان لكي يعتبر المتهم مرتكب جريمة في قضية جنائية‪.‬‬
‫‪ -‬أوالً‪ :‬يجب أن تقتصر الدعوى الجنائية على الشخص المتهم بارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ويتم اتباع هذا النهج للتأكد من أن الشخص المسؤول يواجه العقوبة استنادا إلى‬
‫مبدأ المساءلة الشخصية‪ .‬يمكن أن يكون مرتكب الجريمة هو العقل المدبر‬
‫الوحيد وراء الجريمة أو قد يكون شري ًكا إلى جانب آخرين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫صا معروفًا وله خصائص يمكن تحديدها‬ ‫يمكن أن يكون مرتكب الجريمة شخ ً‬
‫أو يمكن أن يظل مجهول الهوية‪ .‬لكن إذا كان هناك إمكانية إلجراء تحقيق‬
‫لتحديد هوية الفاعل المجهول‪ ،‬يتم عرض القضية على المحكمة‪ .‬إذا لم يتم‬
‫العثور على مرتكب الجريمة‪ ،‬يتم رفض القضية‪ .‬ومن المهم مالحظة أن‬
‫المحكمة االبتدائية ال تنظر في قضية ضد شخص مجهول‪ .‬وفي حين أن وجود‬
‫الجاني ليس إلزاميا‪ ،‬إال أنه من المهم أن يكون على قيد الحياة‪ ،26‬حيث أن وفاة‬
‫المتهم تؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية‪ ،‬مما يؤدي إلى سقوطها‪.27.‬‬

‫‪ 25‬د‪ .‬رمسيس بهنام ‪ -‬االجراءات الجزائية تأصيال وتحليال‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫‪ 26‬اقبال القالف‪ ،‬مبادئ قانون االجراءات الجزائية في القانون الجزائي الكويتي‪ -‬الطبعة األولى‪، 2005 ،‬دار العلم‬
‫للنشر – ص‪111‬‬
‫‪ 27‬د ‪ .‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬المرصفاوي في أصول اإلجراءات الجزائية؛ منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،1996‬ص‪. 30‬‬
‫‪15 | P a g e‬‬
‫‪ -‬الشرط الثاني هو أن يكون المدعى عليه مستوفيا ً لمعايير المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫وتتطلب اإلجراءات القانونية‪ ،‬خاصة خالل مرحلة المحاكمة‪ ،‬المشاركة الفعالة‬
‫للمتهمين وقدرتهم على تقديم دفاع شامل‪ .‬وهذا بدوره يتطلب امتالك قدرات‬
‫عقلية كافية للدفاع عن نفسه بشكل فعال‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يمكن إخضاع األفراد‬
‫الذين يفتقرون إلى هذه األهلية إلجراءات قانونية‪ ،‬ويصبح وجود المرض العقلي‬
‫عامالً حاسما ً في حكمهم‪ ،‬مما قد يؤثر على مسائل التحيز أو اختصاص المحكمة‬
‫االبتدائية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المجني عليه‬

‫ويعرف الفرد الذي يتعرض للجريمة بالضحية‪ ،‬فهو الذي يتأثر بشكل مباشر بانتهاك‬
‫حقوقه‪ ،‬بما في ذلك الحقوق المتعلقة بالحياة والسالمة البدنية والسمعة والمكانة‬
‫االجتماعية والمصالح المالية والمعنوية‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬يشير المدعي بالحقوق‬
‫المدنية إلى أي شخص تعرض لضرر نتيجة فعل أو جريمة غير قانونية ويمتلك الحق‬
‫في رفع دعوى قانونية عامة من خالل مالحقة الجاني مباشرة في محكمة جنائية‪ .‬ومن‬
‫المهم أن نالحظ أن هذا استثناء‪ ،‬حيث أن المدعي بالحقوق المدنية هو الطرف الذي‬
‫يسعى للحصول على تعويض عن حق مدني تم انتهاكه بسبب عمل غير قانوني‪.‬‬

‫يحدد قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬وتحديداً المادة ‪ ،111‬عملية‬


‫رفع دعوى الحقوق المدنية فيما يتعلق بقضية جنائية‪ .‬بشكل عام‪ ،‬يتم رفع دعاوى‬
‫الحقوق المدنية إلى المحاكم المدنية‪ .‬ويستثنى من ذلك جواز رفع الدعوى أمام محكمة‬
‫الجنايات إذا كانت الدعوى متصلة بالدعوى الجزائية وكان الحق المدعى به نتيجة‬
‫ضرر سببته الجريمة‪ .‬وال ينطبق هذا االستثناء إال إذا كان التعويض مرتبطا بفعل غير‬
‫مشروع يشكل جريمة ويكون موضوع الدعوى الجنائية الجارية‪ .‬فإذا لم تتوفر هذه‬
‫الشروط‪ ،‬ال تختص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى أن‬
‫هذا االستثناء يستند إلى قيود محددة يبينها القانون‪ ،‬حيث أن توزيع الوالية القضائية في‬
‫هذه المسألة يرتبط بالنظام العام‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬المسئول عن الحقوق المدنية‬


‫‪16 | P a g e‬‬
‫وفقا للمادة ‪ 112‬من قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬يمكن لألفراد‬
‫الذين يسعون إلى الحقوق المدنية أن يضموا الشخص المسؤول عن تلك الحقوق في‬
‫قضيتهم أمام المحكمة الجزائية أو أثناء التحقيق األولي‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يتمتع‬
‫الشخص المسؤول عن الحقوق المدنية بخيار المشاركة بشكل مستقل في اإلجراءات‬
‫الجنائية‪ ،‬سواء أثناء مراحل المحاكمة أو التحقيق‪ ،‬حتى لو لم تكن هناك مطالبة مدنية‪.‬‬
‫وفي كال الحالتين يعتبر الشخص المسؤول عن الحقوق المدنية طرفا معارضا ينضم‬
‫إلى المتهم في الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬انقضاء الدعوى الجنائية‬

‫إذا كان هناك سبب إلنهاء قضية جنائية‪ ،‬فسوف تتوقف عن المضي قد ًما‪ .‬وتنقسم هذه‬
‫األسباب إلى قسمين‪ :‬قسم عام يشمل جميع الجرائم‪ ،‬وقسم خاص يتعلق بجرائم معينة‪.‬‬
‫هناك عدة عوامل يمكن أن تؤدي إلى إغالق الدعوى الجنائية‪ ،‬بما في ذلك وفاة المدعى‬
‫عليه‪ ،‬والعفو‪ ،‬والحكم القطعي‪ ،‬وانتهاء فترة التقادم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن حل بعض‬
‫الجرائم من خالل مسامحة الضحية وعملية المصالحة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬وفاة المتهم‬

‫الدعوى الجنائية هي مسألة فردية‪ ،‬وال يجوز رفعها إال على من ارتكب الجريمة‪ .‬فإذا‬
‫توفي الجاني بطلت الدعوى في حقه‪.‬‬
‫ولم يذكر قانون العقوبات وقانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬على وجه التحديد‪،‬‬
‫الوفاة سببا ً النقضاء الدعوى الجزائية في نصهما العام‪ ،‬وإنما تناولته في النصوص‬
‫الخاصة بطرق االستئناف‪.‬‬

‫قررت المحكمة أن الحكم ال يمكن تطبيقه على الشخص المتوفى‪ .‬وبالتالي‪ ،‬إذا توفي‬
‫ضا‪ ،‬فإن اإلجراء الوحيد أمام المحكمة هو الموافقة على‬‫المتهم‪ ،‬وهو المستأنف أي ً‬
‫االستئناف‪ ،‬ورفض الحكم األولي الذي فرض العقوبة‪ ،‬وإنهاء القضية الجنائية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد تقرر ما يلي‪:‬‬

‫‪17 | P a g e‬‬
‫وفقا للمادة ‪ 205‬من قانون اإلجراءات الجزائية والمحاكمات الكويتي‪ ،‬إذا توفي‬
‫المحكوم عليه بالعقوبة قبل ميعاد االستئناف أو الفصل في استئنافه‪ ،‬يعتبر الحكم‬
‫االبتدائي باطال‪ ،‬وتسقط الدعوى الجزائية‪ .‬سيتم اعتبارها منتهية الصالحية‪ .‬يتم دعم‬
‫هذا الحكم من خالل إدراج شهادة التسجيل في الوثائق ذات الصلة‪ .‬وحتى ‪ 3‬يناير‬
‫‪ 1998‬كان المتهم قد توفي‪ ،‬مما يستلزم صدور حكم قضائي بإسقاط الحكم االبتدائي‬
‫رسميا ً وإعالن انقضاء الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫وفي الفترة ما بين ارتكاب الجريمة وصدور الحكم النهائي‪ ،‬تحدث حالة وفاة غير‬
‫مقصودة‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى أنه إذا حدثت الوفاة قبل بدء الدعوى الجنائية‪ ،‬فإن‬
‫التحقيق عادة ما يتم إغالقه بشكل دائم‪ ،‬حيث أن وفاة المتهم تمثل نهاية اإلجراءات‬
‫القانونية‪ .‬وال يحصل المستفيدون من المتهم المتوفى على أي مزايا‪ ،‬إذ تعتبر الوفاة‬
‫ظرفا ً شخصياً‪ .‬إال أن هناك استثناء لهذه القاعدة في حالة وفاة الزوجة الزانية‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى حفظ التحقيق بالنسبة لشريكها‪.‬‬

‫إذا حدثت وفاة المتهم بعد إحالة الدعوى وقبل صدور الحكم‪ ،‬تقضي المحكمة بإسقاط‬
‫الدعوى لوفاة المتهم‪.‬‬

‫وفي حالة حدوث الوفاة بعد صدور الحكم وتقديم االستئناف‪ ،‬فإنه يؤدي إلى ترك‬
‫االستئناف‪ ،‬وبطالن الحكم‪ ،‬وانقضاء الدعوى الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬اثر الوفاة على التدابير العينية‪:‬‬

‫وال تتأثر التدابير العينية‪ ،‬مثل المصادرة اإلجبارية‪ ،‬بالوفاة أو انتهاء دعوى عامة‪ ،‬ما‬
‫دامت الحيازة في حد ذاتها تعتبر جريمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العفو العام او الشامل‬

‫‪18 | P a g e‬‬
‫ويشتمل مفهوم العفو الشامل على نية السلطة التشريعية في القضاء على كافة التداعيات‬
‫المرتبطة بتجريم فعل معين‪.28‬‬
‫والغرض منه هو إزالة الطبيعة اإلجرامية للفعل بأثر رجعي‪ ،‬وجعله غير معاقب عليه‪،‬‬
‫وإزالة أي بقايا للحكم الجنائي‪ .‬يتم تنفيذ العفو الشامل عادةً من خالل تشريعات‬
‫متخصصة‪ ،‬وهو يعالج في الغالب الجرائم السياسية ويؤدي إلى إطالق سراح األفراد‬
‫الذين اتُهموا أو أُدينوا‪.‬‬

‫‪ ‬خصائص العفو الشامل‪:‬‬

‫وفيما يلي السمات المميزة للعفو الشامل‪:‬‬


‫‪ -1‬خالفا ً للعفو الخاص الذي يصدر بمرسوم‪ ،‬فإن إصدار هذا العفو أمر يوجبه القانون‪.‬‬
‫‪ -2‬يركز هذا العفو بشكل خاص على الجرائم وليس على األفراد‪ ،‬مما يضمن أن جميع‬
‫األفراد المتورطين في الجريمة مؤهلون للحصول على فوائده‪.‬‬
‫‪ -3‬وتنفيذ النظام العام واجب وال يجوز التنازل عنه‪ .‬وفور صدوره‪ ،‬يتعين على السلطة‬
‫المختصة اإلسراع بوضعه موضع التنفيذ‪.‬‬
‫‪-4‬يمكن أن يتم إصدار الوثيقة في أي لحظة‪ ،‬طالما ظلت القضية الجنائية دون حل‪.‬‬

‫‪ ‬ويختلف العفو الشامل عن العفو عن العقوبة ‪:‬‬

‫العفو من العقوبة والعفو الشامل يختلفان عن بعضهما البعض‪:‬‬


‫‪-1‬وفي العفو الشامل يعتبر تبرئة تامة‪ ،‬في حين أن العفو عن العقوبة ال يعني إال وجوب‬
‫االمتناع عن تنفيذ العقوبة‪.‬‬
‫‪-2‬من الممكن إصدار العفو الشامل في أي وقت‪ ،‬سواء قبل رفع الدعوى أو بعدها‪ ،‬أو‬
‫حتى أثناء تنفيذ العقوبة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يجوز منح العفو إال بعد صدور الحكم الجزائي‪.‬‬

‫‪ 28‬مبارك عبدالعزيز النوبيت ‪ ،‬شرح المبادئ العامة في قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬طبعة ‪ ، 1998‬الكويت ‪،‬‬
‫ص‪213‬‬

‫‪19 | P a g e‬‬
‫‪-3‬فالقانون وحده هو الذي يمنح العفو الشامل‪ ،‬أما العفو عن العقوبة فيمكن أن يصدر‬
‫بمرسوم‪.‬‬

‫‪ ‬آثار العفو الشامل‪:‬‬

‫اآلثار القانونية المترتبة على العفو الشامل هي كما يلي‪ -1 :‬إذا صدر العفو قبل صدور‬
‫الحكم النهائي‪ ،‬بطلت الدعوى الجزائية‪ -2 .‬في حالة صدور الحكم بالبراءة بعد الحكم‬
‫باإلدانة‪ ،‬تشطب اإلدانة من السجل الجنائي للفرد‪ ،‬مما يجعلها غير سابقة على الشخص‬
‫المعفى عنه‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ال يمكن استخدام حكم اإلدانة هذا كدليل على أي نشاط‬
‫إجرامي مستقبلي‪ .‬ويؤدي انقضاء الدعوى الجزائية إلى فقدان القضاء الجزائي‬
‫اختصاصه في الدعوى المدنية‪ ،‬إذ يعتمد األخير على األولى في صحتها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحكم البات‬

‫عند صدور حكم بات في الدعوى الجزائية تنتهي الدعوى ذاتها‪ ،‬مما يستلزم تحديدا ً‬
‫واضحا ً لما يشكل حكما ً باتا ً‪.‬‬

‫‪ ‬الفرع االول‪ :‬مفهوم الحكم البات‬

‫الحكم البات هو القرار الذي مر بجميع طرق االستئناف المتاحة‪ ،‬العادية (المعارضة‬
‫واالستئناف) واالستثنائية (الطعن بالنقض)‪ ،‬دون أن يترك أي مجال للطعن القانوني‪.‬‬

‫‪ ‬الفرق بين الحكم البات والحكم النهائي‪:‬‬


‫الحكم النهائي هو الذي وصل إلى نهاية عملية االستئناف‪ ،‬إما بحكم صادر من‬
‫محكمة االستئناف أو بانقضاء مدة االستئناف‪ .‬فيما يتعلق بالحكم البات‪ :‬هو الحكم‬
‫المنهي إلى االستئناف بطريق التمييز‪.‬‬

‫هناك ثالث حاالت يصبح فيها الحكم نهائيا‪:‬‬

‫‪20 | P a g e‬‬
‫‪ -‬األول يحدث عندما يتم استنفاد جميع سبل استئناف الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬والثاني يحدث عند انقضاء المواعيد النهائية المحددة لتقديم االستئناف دون اتخاذ‬
‫أي إجراء‪.‬‬
‫‪ -‬إن الحكم صادر في البداية وال يمكن الطعن فيه‪ ،‬وهو بمثابة النقطة الثالثة ذات‬
‫األهمية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التقادم‬

‫وبعد فترة زمنية محددة يحددها المشرع‪ ،‬تعرف بالتقادم‪ ،‬تنتهي سلطة الدولة في‬
‫محاكمة المتهم‪ .‬وتحدد هذه المدة بعشر سنوات للجنايات وخمس سنوات للجنح‪.‬‬

‫ضا بالتقادم‪ ،‬إلى المشرع الكويتي الذي‬


‫ويعود انقضاء الدعوى الجزائية‪ ،‬والمعروف أي ً‬
‫أشار إليه بانقضاء الحق األصلي‪ ،‬وتحديدًا حق الدولة في توقيع العقوبة‪.‬‬

‫‪ ‬الفرع االول‪ :‬مفهوم واسباب التقادم‬

‫‪ o‬مفهوم التقادم‪:‬‬
‫إن انقضاء فترة التقادم هو بمثابة آلية إلبطال عواقب الجريمة مع مرور الوقت‪ .‬إنها‬
‫طريقة عالمية يتم من خاللها مصادرة الحق في المالحقة القضائية أو إبطاله‪ .‬وإذا لم‬
‫تقم النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ضد الجاني خالل المدة التي يحددها القانون‪،‬‬
‫فإن التقادم يتوقف عن التطبيق ويصبح باطال‪.29‬‬

‫‪ ‬وقد ميز المشرع الكويتي بشكل واضح بين التقادم على الدعاوى القضائية‬
‫والتقادم على العقوبة‪:‬‬

‫‪ -‬في حين أن قانون التقادم يتعلق بالدعوى نفسها‪ ،‬فإن قانون التقادم يشير على‬
‫وجه التحديد إلى العقوبة‪ .‬وتتقادم الجنايات بعشر سنوات‪ ،‬بينما تتقادم الجنح‬
‫بخمس سنوات‪.‬‬

‫‪ 29‬د‪ .‬فوزية عبد الستار‪ ،‬شرح قانون االجراءات الجزائية ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1986 ،‬دار النهضة‪ ،‬ص ‪138‬‬
‫‪21 | P a g e‬‬
‫‪ -‬يتم تحديد فترة التقادم لعقوبة اإلعدام بثالثين عا ًما‪ ،‬بينما بالنسبة للجنايات‬
‫األخرى (بما في ذلك المحكوم عليهم بالسجن المؤبد أو السجن المؤقت الذي‬
‫يتجاوز ثالث سنوات)‪ ،‬يظل اإلطار الزمني كما هو‪.‬‬

‫وبعد مدة عشرين سنة تنتهي العقوبة‪ ،‬أما في الجنح (التي ال تزيد عقوبة السجن على‬
‫ثالث سنوات) فتنتهي العقوبة عشر سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬يتحدد بدء التقادم على الدعوى بتاريخ وقوع الجريمة‪ ،‬أما بدء التقادم على‬
‫العقوبة فيتوقف على تاريخ الحكم فيها‪.‬‬

‫‪ ‬أسباب التقادم‪:‬‬
‫هناك أسباب متعددة تشكل األساس لقانون التقادم‪،‬‬
‫‪ -‬يجب أن يحافظ النظام القانوني على استقراره حتى ال يقع المتهم في فخ حالة‬
‫دائمة من عدم اليقين‪ .‬وال بد من محاكمتهم أو إعفائهم منها‪ .‬إن خلق بيئة‬
‫فوضوية ومؤلمة يُتهمون فيها إلى أجل غير مسمى أمر غير مقبول‪.‬‬
‫‪ -‬مع مرور الوقت‪ ،‬يميل المجتمع إلى نسيان الجريمة‪ ،‬مما يجعل من غير‬
‫المناسب إعادة تمثيل اإلجراءات بعد مرور فترة زمنية طويلة‪.‬‬
‫‪ -‬ويؤدي مرور الوقت إلى ضياع تفاصيل الجريمة وإتالف أدلتها‪ ،‬مما يجعل من‬
‫الصعب متابعة اإلجراءات القانونية‪ .‬عندما ال يرفع المجتمع دعوى قضائية‬
‫على الفور‪ ،‬فإنه يفقد حقه في طلب العقوبة على اإلهمال الذي كشفه‪.‬‬

‫‪ ‬الفرع الثاني‪ :‬مدة التقادم‬

‫في القانون الكويتي‪ ،‬يعد التقادم بمثابة سبب النقضاء الدعاوى الجنائية‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن خطورة الجرائم‪ .‬وبموجب هذا النص تسقط دعوى الجنايات بعد مرور عشر‬
‫سنوات على ارتكاب الجريمة‪ ،‬بينما تسقط دعوى الجنح بعد مرور خمس سنوات على‬
‫ارتكاب الجريمة‪ .‬األساس المنطقي وراء ربط فترة التقادم بطبيعة الجريمة يكمن في‬
‫حقيقة أن الجريمة الخطيرة تظل محفورة في الذاكرة لفترة طويلة‪ ،‬في حين أن الجريمة‬
‫األقل خطورة تتالشى بسرعة أكبر‪.‬‬

‫‪ ‬بدء احتساب التقادم‪:‬‬

‫‪22 | P a g e‬‬
‫لقد حدد المشرع بدء التقادم بالتزامن مع اليوم الذي ارتكبت فيه الجريمة‪ ،‬وتحديدا ً‬
‫عندما بلغت ذروتها‪ .‬يختلف تحديد ذروة الجريمة اعتمادًا على الخصائص المحددة لكل‬
‫جريمة على حدة‪.‬‬

‫‪ -‬اوال‪ :‬الجريمة الوقتية‪:‬‬


‫تعرف الجرائم الوقتية بانتهائها عند حدوث نتيجة محددة‪ .‬وللتوضيح‪ ،‬ال يمكن اعتبار‬
‫فعل القتل جريمة إال بعد وفاة الضحية‪ ،‬في حين ال تعتبر السرقة تامة إال عندما تنتقل‬
‫المسروقات من حيازة الضحية إلى حيازة المتهم‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬الجريمة المتتابعة‪:‬‬


‫النقطة الثانية التي يجب مراعاتها هي الجرائم المتتالية‪ .‬وفي الحاالت التي ترتكب‬
‫فيها الجريمة في أفعال متعددة‪ ،‬كالسرقة التي تحدث على دفعات‪ ،‬يبدأ التقادم من‬
‫تاريخ آخر فعل يدخل في سلسلة األفعال التي تتكون منها الجريمة‪ .‬لذلك‪ ،‬بالنسبة‬
‫لحاالت السرقة‪ ،‬يتم حساب فترة التقادم بنا ًء على تاريخ آخر فعل سرقة‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا‪ :‬الجريمة المستمرة‪:‬‬


‫يبدأ قانون التقادم بالنسبة للجرائم التي تنطوي على استخدام مستندات مزورة‪ ،‬مثل‬
‫فعل استخدام مستند مزور‪ ،‬عند انتهاء حالة االستمرارية ويظل سار ًيا حتى يتوقف‬
‫المتهم عن استخدام المستند‪.‬‬

‫‪ ‬الفرع الثالث‪ :‬وقف وقطع التقادم‬

‫‪ -‬اوال‪ :‬وقف التقادم‬

‫عندما تنشأ عقبة تعيق تقدم قانون التقادم‪ ،‬يشار إليه بحدث "التوقف"‪ .‬خالل هذا الوقت‪،‬‬
‫تتوقف فترة التقادم حتى يتم حل العائق‪ .‬وبمجرد إزالة العائق‪ ،‬فإن قانون التقادم سوف‬
‫يستأنف مساره‪ ،‬بغض النظر عن فترة التعليق‪.‬‬

‫‪23 | P a g e‬‬
‫وقد نص المشرع الكويتي في المادة ‪ 7‬من قانون العقوبات صراحة على أنه ال يجوز‬
‫وقف التقادم‪ ،‬وأن المدة التي تسقط فيها الدعوى الجزائية ال يجوز وقفها بأي حال من‬
‫األحوال‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬قطع التقادم‬

‫عندما ينقطع قانون التقادم‪ ،‬فإنه يلغي فعليا الوقت الذي انقضى بالفعل‪ .‬ال يتم احتساب‬
‫هذه المرة ضمن الفترة الجديدة‪ ،‬والتي تبدأ في اليوم التالي للحدث الذي تسبب في‬
‫االنقطاع‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع في المادة ‪ 8‬من قانون العقوبات الظروف الخاصة التي يمكن أن‬
‫تقطع مدة سقوط الدعوى الجزائية‪ .‬ويمكن أن تحدث هذه االنقطاعات أثناء إجراءات‬
‫االتهام أو التحقيق أو المحاكمة‪ ،‬وكذلك أي تحقيقات تجرى ضد المتهمين أو اإلخطارات‬
‫الرسمية التي يتلقونها‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى أنه ال يمكن تمديد الفترة بسبب هذه‬
‫االنقطاعات‪ ،‬كما هو منصوص عليه في المادة المذكورة أعاله‪.‬‬

‫يمكن أن ينقطع التقادم لعدة أسباب‪ ،‬منها إجراءات رفع الدعوى‪ ،‬وإجراءات التحقيق‪،‬‬
‫وإجراءات المحاكمة‪ ،‬وإجراءات اإلثبات‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الصلح والتصالح (العفو الخاص)‬

‫وغالبا ً ما يُعزى انتهاء قدرة الدولة على تطبيق العقوبات إلى مفهوم المصالحة‪ .‬وبشكل‬
‫عام‪ ،‬ال يجوز التصالح في القضايا الجنائية‪ ،‬ألنه يعتبر من حقوق المجتمع‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن حله من خالل التصالح الفردي‪ ،‬ألنه من شأنه تقويض النظام العام‪ .‬إال أن القوانين‬
‫اإلجرائية العربية قد انحرفت عن هذه القاعدة وأجازت انقضاء الدعوى الجزائية عن‬
‫طريق التصالح في ظروف معينة‪.‬‬

‫المصالحة والتسامح ليسا مترادفين‪ ،‬ألن األخير غالبا ما ينطوي على الحصول على‬
‫حافز مالي في المقابل‪.‬‬

‫‪24 | P a g e‬‬
‫وقد تناول المشرع العفو والصلح في المواد من ‪ 240‬إلى ‪ 243‬من قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ .‬تحدد المادة ‪ 240‬إجراءات الجرائم التي تسمح بالعفو الفردي والمصالحة من‬
‫خالل الوسائل المالية‪ .‬وتشمل هذه الجرائم الحاالت التي ال يمكن فيها رفع دعوى‬
‫قضائية إال إذا تقدمت الضحية بشكوى‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن العفو عن جرائم مثل‬
‫انتهاك الممتلكات‪ ،‬والتخريب‪ ،‬واإلضرار بالممتلكات الشخصية‪ ،‬والتهديدات‪،‬‬
‫واالبتزاز من خالل اإلكراه‪ ،‬أو التصالح معها إذا وافقت الضحية‪ .‬وللطرف المتهم‬
‫خيار التصالح مع الضحية من خالل تقديم تعويض نقدي إما قبل حكم المحكمة أو بعده‪.‬‬
‫ومغزى البيان أن التصالح أو العفو الفردي عندما يحدده القانون يؤدي إلى إغالق‬
‫الدعوى الجزائية‪ ،‬وفي حاالت أخرى ال يؤثر التصالح على الدعوى الجزائية‪.‬‬

‫ووفقا ً للمادة ‪ 241‬من قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬فإن التصالح أو العفو‬
‫الفردي يعادل الحكم بالبراءة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬في الحاالت التي ال تكون فيها شكوى الضحية‬
‫ضرورية لبدء اإلجراءات القانونية‪ ،‬فإن موافقة المحكمة مطلوبة حتى يكون للمصالحة‬
‫أو العفو الفردي أي أثر‪.‬‬

‫لكي يكون للعفو األثر المنشود‪ ،‬كما هو مبين في المادتين ‪ 240‬و‪ 241‬من قانون‬
‫اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬ال بد من أن يعبر المجني عليه عن عفوه تجاه‬
‫المحكوم عليه أو أن يتحاور معه بعد ذلك‪ .‬صدور الحكم النهائي‪ .‬وللتأكد من فعالية‬
‫العفو‪ ،‬يجب تقديم طلب رسمي إلى المحكمة التي أصدرت الحكم‪ ،‬وتحديدا ً عن إحدى‬
‫الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ ،240‬على سبيل المثال‪.‬‬

‫ووفقا ً للمادة ‪ 242‬من اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬إذا تعدد المجني عليهم في‬
‫الجريمة ومنح العفو أو التصالح لبعضهم‪ ،‬فال يكون ذلك نافذاً إال بموافقة باقي‬
‫المتضررين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تتمتع المحكمة بسلطة الموافقة على العفو حتى لو عارضه‬
‫بعض الضحايا‪ ،‬طالما اعتبرت معارضتهم تعسفية‪ .‬ويرى المشرع الكويتي أنه في‬
‫بعض الحاالت يكون رفض بعض الضحايا العفو غير مبرر‪ ،‬ويكون بدافع الرغبة في‬
‫إيذاء المتهم‪ ،‬على الرغم من أن غالبية الضحايا تعرضوا لألذى‪ .‬ولذلك‪ ،‬تتمتع المحكمة‬
‫االبتدائية بسلطة تحديد ما إذا كان رفض العفو من قبل بعض الضحايا تعسفيًا‪ ،‬ويمكنها‬
‫منح العفو لجميع الضحايا‪.‬‬

‫‪25 | P a g e‬‬
‫ووفقا ً للمادة ‪ 243‬من اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬في الحاالت التي يكون فيها‬
‫المجني عليه في الجريمة فاقدا ً لألهلية أو غائباً‪ ،‬يكون لوليه القانوني أن يمثله في عملية‬
‫المصالحة مع المتهم أو منحه العفو‪ .‬إذا لم يكن لفاقد األهلية أو الغائب وصي‪ ،‬فللمحكمة‬
‫التي تنظر الدعوى أن تأذن ألحد أقاربه أو النائب العام‪ ،‬بناء على طلب كل ذي مصلحة‪،‬‬
‫بالنيابة عن المجني عليه في مباشرة الحق‪ .‬إلى التوفيق‪.‬‬

‫وبعد فحص القضية‪ ،‬تقرر أن العقوبة األصلية لجريمة األذى الجسيم‪ ،‬المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 161‬من قانون العقوبات‪ ،‬هي السجن لمدة أقصاها عشر سنوات‪ .‬إال‬
‫أن المحكمة اعتبرت المستأنف قاصراً لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره‪ ،‬وقد قدم‬
‫المشرع بعض المبررات القانونية لتخفيف العقوبة على الجانحين الصغار‪ .‬وهذه‬
‫المبررات محدودة النطاق ويجب تطبيقها ضمن المعايير التي تحددها التشريعات ذات‬
‫الصلة‪ ،‬من أجل تحديد العقوبة القصوى المطبقة على جريمة المستأنف‪ .‬وبناء على‬
‫ذلك‪ ،‬تم تخفيض عقوبة المستأنف إلى السجن لمدة أقصاها خمس سنوات‪ .‬يتوافق هذا‬
‫القرار مع المادة ‪ 240/1‬من قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية‪ ،‬التي تنص على‬
‫أن الجرائم التي توجب شكوى المجني عليه‪ ،‬وكذلك الجرائم التي ينشأ عنها ضرر‬
‫والتي يعاقب عليها بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات أو أقل‪ ،‬تندرج تحت هذا القرار‪.‬‬
‫رزق‪.‬‬
‫وقبل صدور الحكم أو بعده‪ ،‬يكون للضحية خيار العفو عن المتهم أو التصالح معه‬
‫باتفاق مالي‪ .‬ووفقا ً للمادة ‪ ،241‬إذا اختار الفرد مصالحة المتهم أو العفو عنه‪ ،‬يكون‬
‫لذلك نفس أثر الحكم بالبراءة‪ ،‬إال في الحاالت التي تشترط فيها شكوى المجني عليه‬
‫رفع دعوى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يمكن للمصالحة أو العفو الفردي أن يصبح ساري المفعول‬
‫إال بموافقة المحكمة‪ .‬في الحاالت التي تفتقر فيها الضحية إلى األهلية القانونية أو تكون‬
‫غائبة‪ ،‬يمكن لوصيها القانوني‪ ،‬وهو عادة األب‪ ،‬أن ينوب عنها للتصالح مع المتهم أو‬
‫العفو عنه‪ ،‬كما هو منصوص عليه في المادة ‪.243/1‬‬
‫إن المستأنف‪ ،‬في قرار عفوه‪ ،‬قد تنازل عن حقه عن طيب خاطر‪ ،‬والحكم االبتدائي‪،‬‬
‫ال ذي أيد تعليله للقرار المستأنف‪ ،‬تملص من هذا التنازل‪ .‬وكان أساس هذا التهرب هو‬
‫االعتقاد بعدم جواز قبول التنازل فيما يتعلق بالتهم الموجهة إلى المستأنف إال إذا كانت‬
‫تتعلق بالجريمة التي أدين من أجلها‪ .‬والظرف الوحيد الذي يجوز فيه العفو هو مراعاة‬
‫الحد األقصى للعقوبة‪ ،‬على النحو الذي يحدده عمر المستأنف‪ .‬وكما ذكرنا سابقاً‪ ،‬فقد‬
‫وقع في الحكم خطأ في تطبيق القانون‪ ،‬إذ امتنعت المحكمة عن ممارسة سلطتها في‬
‫إقرار العفو أو عدمه‪ .‬وهذا الخطأ يوجب إلغاء الحكم دون حاجة لمزيد من المناقشة في‬
‫األمر (الوجه اآلخر لالستئناف)‪.‬‬

‫‪26 | P a g e‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫عند ارتكاب جريمة‪ ،‬يتمتع المجتمع بسلطة فرض العقوبات من خالل المالحقة‬
‫القضائية نيابة عن المجتمع من خالل النيابة العامة‪ ،‬والتي تسمى المالحقة الجنائية أو‬
‫الئحة االتهام‪ .‬فهو عام ألنه يُقترح باسم المجتمع ككل‪ ،‬وهو إجرامي ألن هدفه هو‬
‫فرض العقوبة على الجاني‪ .‬وبما أن مطلب هذا الحق هو نظام العدالة الجنائية برمته‪،‬‬
‫وما السبب وراء المالحقة القضائية؟ كعامل للمجتمع؟ الحق في مباشرة اإلجراءات‬
‫ورفعها إلى الجهات القضائية والسير أمامها حتى صدور حكم قضائي نهائي في‬
‫موضوع الدعوى‪.‬‬

‫ويمكن تعريف الدعوى الجنائية على النحو التالي‪:‬‬

‫من حق الدولة معاقبة المجرمين‪ ،‬وتتخذ النيابة العامة سلسلة من اإلجراءات المتعلقة‬
‫بالجريمة باسم المجتمع لضمان عدم إدانة األبرياء أو إفالت المجرمين من العقاب‪ .‬كل‬
‫ذلك‪ ،‬باإلضافة إلى توجيه االتهام للمتهم‪ ،‬يعد انتهاكا لحريته الشخصية وحرمة محل‬
‫إقامته‪ .‬لذلك‪ ،‬هناك مرحلة ضرورية قبل رفع الدعوى الجنائية‪ ،‬والغرض من العمل‬
‫التحضيري هو جمع األدلة‪ .‬العناصر الضرورية لتمكين المدعي العام من تقييم ما إذا‬
‫كان من المناسب رفع قضية جنائية‪.‬‬

‫توصلنا من خالل البحث إلى التالي‪:‬‬

‫‪27 | P a g e‬‬
‫النتائج‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تعتبر الدعوى الجزائية بمثابة آلية قانونية لحماية الحقوق الجماعية وإثبات‬ ‫‪-‬‬
‫حقوق المجتمع أمام النظام القضائي‪.‬‬
‫ويشارك النيابة العامة‪ ،‬بصفته المشتكي والمحقق نيابة عن وزارة الداخلية‪ ،‬إلى‬ ‫‪-‬‬
‫جانب الطرف المتهم‪ ،‬المعروف باسم الجاني أو المدعى عليه‪ ،‬في إجراءات‬
‫ضا طرف في القضية‪.‬‬ ‫القضية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الضحية أي ً‬
‫إن انقضاء الدعوى الجزائية‪ ،‬إن أمكن‪ ،‬يقع وينتهي ألسباب مختلفة نص عليها‬ ‫‪-‬‬
‫المشرع‪ ،‬منها وفاة المتهم‪ .‬وتشمل هذه األسباب تنفيذ العفو العام‪ ،‬وصدور حكم‬
‫ضا من خالل‬‫نهائي‪ ،‬وانتهاء فترة التقادم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قد تنتهي القضية أي ً‬
‫القيود أو من خالل منح عفو خاص‪.‬‬

‫‪ ‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ -‬ليس لدي توصيات فقد أولى المشرع المصري والكويتي قوانين شاملة فيما‬
‫يتعلق بالدعوى الجنائية ووضحها بشكل عام ودقيق وأرسى العديد من القوانين‬
‫لحماية أفراد المجتمع‪.‬‬

‫المصادر‪:‬‬

‫‪28 | P a g e‬‬
‫أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ج ‪1992 ،14‬‬
‫اقبال القالف‪ ،‬مبادئ قانون االجراءات الجزائية في القانون الجزائي الكويتي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى‪، 2005 ،‬دار العلم للنشر‬
‫جمال محمد مصطفى‪ ،‬شرح أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2005‬‬
‫حسني الجندي‪ ،‬الجندي في شرح قانون اإلجراءات الجنائية (الكتاب األول)‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪2013 ،‬‬
‫د ‪ .‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬المرصفاوي في أصول اإلجراءات الجزائية؛‬ ‫‪‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1996 ،‬‬
‫د مشاري العيفان‪ :‬د حسين بوعركي ‪ -‬الوسيط في قانون االجراءات‬ ‫‪‬‬
‫والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الكويت‪2017،‬‬
‫د‪ .‬رمسيس بهنام ‪ -‬االجراءات الجزائية تأصيال وتحليال‪ ،‬منشأة المعارف‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح الصيفي‪ ،‬النظرية العامة للقاعدة اإلجرائية الجزائية‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬فوزية عبد الستار‪ ،‬شرح قانون االجراءات الجزائية ‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،1986‬دار النهضة‬
‫سعيد حسب هللا عبد هللا شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية» دار الحكمة‬ ‫‪‬‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪ ،‬العراق‪1990 ،‬‬
‫شعبان الكومي أحمد فايد‪ ،‬الدعوى بالمجهول وأحكامها‪ ،‬دراسة مقارنة بين الفقه‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬دار الجامعة الجديد للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪2004‬‬
‫عبد األحد جمال الدين‪ ،‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات‬ ‫‪‬‬
‫الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪2007 ،‬‬
‫عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬طبعة‬ ‫‪‬‬
‫عيسى البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪1347 ،‬هـ‬
‫فارس محمد على الشقيرات‪ ،‬قيود تحريك الدعوى الجنائية‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪2003 ،‬‬
‫فريد مد واصل‪ ،‬نظرية الدعوى واإلثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬مع مقارنة‬ ‫‪‬‬
‫بالقانون الوضعي وقانون اإلثبات اليمني‪ ،‬دار االتحاد العربي للطباعة؛ دار‬
‫النهضة العربية‪1979 ،‬‬
‫فوزية عبد الستار‪ ،‬االدعاء المباشر في اإلجراءات الجنائية‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬‬
‫القرآن الكريم‪ :‬سورة يس‪ ،‬اآلية‪57 :‬‬ ‫‪‬‬
‫القرآن الكريم‪ :‬سورة يونس‪ ،‬اآلية‪10 :‬‬ ‫‪‬‬
‫‪29 | P a g e‬‬
‫مأمون محمد سالمة‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪‬‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬‬
‫مبارك عبدالعزيز النوبيت ‪ ،‬شرح المبادئ العامة في قانون اإلجراءات‬ ‫‪‬‬
‫والمحاكمات الجزائية الكويتي‪ ،‬طبعة ‪ ،1998‬الكويت‬
‫مجد الدين تمد يعقوب بن محمد بن إبراهيم الفيروز أبادي الشيرازي‪ ،‬القاموس‬ ‫‪‬‬
‫المحي ط‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪1995‬‬
‫محمد إبراهيم البدارين‪ ،‬الدعوى بين الفقه والقانون‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪2007 ،‬‬
‫محمد مرتضى الزبيدي‪ ،‬تاج العروس شرح القاموس‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى؛ الطبعة الخيرية‪1996 ،‬‬
‫محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫النهضة العربية‪1988 ،‬‬
‫مصطفى مهد عبد المحسن‪ ،‬انقضاء الدعوى الجنائية‪ ،‬البدائل والمفترضات‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫التركي للطباعة‪ ،‬طنطا‪ ،‬مصر‪2003 ،‬‬

‫الفهرس‪:‬‬

‫المقدمة‪1 ............................................................................................... :‬‬


‫أهمية وهدف البحث‪3 ..................................................................................:‬‬
‫سبب اختيار البحث‪3 ...................................................................................:‬‬
‫منهج البحث‪3 ...........................................................................................:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الدعوى الجنائية وخصائصها ‪4 ...............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالدعوى الجنائية ‪4 .......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬المفهوم اللغوي للدعوى ‪4 ........................................................‬‬ ‫‪‬‬
‫ثانيا‪ :‬المفهوم القانوني للدعوى ‪5 .......................................................‬‬ ‫‪‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعريف الدعوى الجنائية اصطالحا ‪6 ...........................................‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص الدعوى الجنائية ‪9 ......................................................‬‬

‫‪30 | P a g e‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الدعوى الجنائية والدعوى المدنية والعالقة بينهما ‪11 ............................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أطراف الدعوى الجزائية‪14 .........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المدعي (النيابة العامة ‪ -‬محقق وزارة الداخلية) ‪14 .............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الجاني (المتهم) ‪15 ................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المجني عليه‪16 ....................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المسئول عن الحقوق المدنية ‪16 .................................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬انقضاء الدعوى الجنائية‪17 .........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬وفاة المتهم ‪17 ......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العفو العام او الشامل ‪18 ..........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحكم البات ‪20 .....................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬التقادم‪21 ...........................................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬الصلح والتصالح (العفو الخاص) ‪24 ..........................................‬‬
‫الخاتمة‪27 ............................................................................................. :‬‬
‫النتائج‪28 ...................................................................................... :‬‬ ‫‪‬‬
‫التوصيات‪28 ................................................................................. :‬‬ ‫‪‬‬
‫المصادر‪28 ............................................................................................ :‬‬

‫‪31 | P a g e‬‬

You might also like