Professional Documents
Culture Documents
إشكالية الإثبات في منازعات الأعمال المختلطة
إشكالية الإثبات في منازعات الأعمال المختلطة
املهيمن محزة
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻄﺔﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ عبد ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ:
دكتور يف القانون اخلاص ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ:
أستاذ زائر بجامعة عبد املالك السعدي -طنجة
ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ:
ﺣﻤﺰﺓ ،ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ:
يقصد باألعامل املختلطة((( تلك األعامل التي جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،حيث
جانب آخر ،مما يفرز عالقة خمتلطة بسبب اختالف طبيعة العمل املعنيمن ﻉ2
ﺱ,1 ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ/ﺍﻟﻌﺪﺩ:جانب وجتارية
تكون مدنية من
الطرفني ،وكمثال عىل ذلك عقد القرض االستهالكي الذي يعترب جتاريا بالنسبة
ﻣﺤﻜﻤﺔ:جانب كل واحد منﻧﻌﻢباألمر من
2013للمستهلك املقرتض ،وكذلك عقد النقل الذي يعترب جتاريا بالنسبة ملقاولة
ومدنيا بالنسبة للمؤسسة املمولة،
ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ: ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
النقل ومدنيا بالنسبة للمسافر العادي.
ﺧﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﻬﺮ:
وقد استقر الفقه والقضاء عىل إخضاع األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون
61 - 76 ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ:
التجاري عىل الطرف الذي يعد العمل جتاريا بالنسبة إليه ،وقواعد القانون املدين عىل الطرف الذي يعترب العمل
653415 ﺭﻗﻢ :MD
مدنيا بالنسبة إليه ،وهو التوجه الذي كرسته املادة الرابعة من مدونة التجارة املغربية التي وضعت ألول مرة
جاء فيها ما ييل« :إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين، ﺑﺤﻮﺙ حيث
ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ :األعامل املختلطة
حكام خاصا ينظم
ﻧﻮﻉ
IslamicInfo,التجاري يف مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة
EcoLinkقواعد القانون
للمتعاقد اآلخر ،طبقت ﻗﻮﺍﻋﺪبالنسبة
ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ: ومدنيا
عىل مقتىض خاص
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ،ينص
ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ إليه مدنيا ما مل ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ،بالنسبة
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ كان العمل الطرف الذي
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ :وال يمكن أن يواجه هبا
ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺎﺕ إليه جتاريا،
ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ خالف ذلك».
األعامل املختلطة، وقد كانت األعامل التحضريية ملرشوع مدونة التجارة تسري يف طريق التخيل عىل نظرية
https://search.mandumah.com/Record/653415 ﺭﺍﺑﻂ:
من خالل تبني تطبيق قواعد القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن العمل املختلط برصف
النظر عن صفة األطراف((( ،وذلك من أجل خلق ضامنة أكثر للتاجر وتكريس مبدإ استقرار املعامالت التجارية
ومنحها ائتامنا أفضل ،إال أن املناقشات الربملانية خلصت إىل وجوب اإلبقاء عىل نظرية األعامل املختلطة ،لعدم
( )1ال تشكل األعامل املختلطة زمرة ثالثة من األعامل التجارية ،بل هي يف أصلها إما أعامل جتارية ،بطبيعتها أو أعامل جتارية بالتبعية
فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه
والقضاء ،إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة .جتارية بالتبعية
فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه
باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة. ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ منه
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. املغريب وتأثرا
املرشعﺟﻤﻴﻊ ﺩﺍﺭ إال أن
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. والقضاء،
© 2018
ص .81
ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،2001
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. ﺣﻘﻮﻕالبيضاء،
اجلديدة ،الدار
النجاحﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ
مطبعة ﻋﻠﻤﺎ
الثانية،ﺍﻟﻨﺸﺮ،
ﺣﻘﻮﻕ الطبعة
ﺃﺻﺤﺎﺏاجلديد،
املغريب ﻣﻊ
التجاريﺍﻟﻤﻮﻗﻊ
القانون ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ
ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰﻣﺘﺎﺣﺔرشح
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓمعالل:
ﻫﺬﻩ -فؤاد
ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ
ييل:ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. عىل ما
ﺣﻘﻮﻕ التجارة تنص
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ مدونة مرشوع
ﺗﺼﺮﻳﺢ منﺩﻭﻥ املادة الرابعة
ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( كانت
ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ وهكذا ﺃﻭ
()2ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ
«إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر ،طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات
كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك».
61
إشكالية اإلثبات يف منازعات األعامل املختلطة
عبد املهيمن محزة
دكتور يف القانون اخلاص
أستاذ زائر بجامعة عبد املالك السعدي -طنجة
يقصد باألعامل املختلطة((( تلك األعامل التي جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،حيث
تكون مدنية من جانب وجتارية من جانب آخر ،مما يفرز عالقة خمتلطة بسبب اختالف طبيعة العمل املعني
باألمر من جانب كل واحد من الطرفني ،وكمثال عىل ذلك عقد القرض االستهالكي الذي يعترب جتاريا بالنسبة
للمؤسسة املمولة ،ومدنيا بالنسبة للمستهلك املقرتض ،وكذلك عقد النقل الذي يعترب جتاريا بالنسبة ملقاولة
النقل ومدنيا بالنسبة للمسافر العادي.
وقد استقر الفقه والقضاء عىل إخضاع األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون
التجاري عىل الطرف الذي يعد العمل جتاريا بالنسبة إليه ،وقواعد القانون املدين عىل الطرف الذي يعترب العمل
مدنيا بالنسبة إليه ،وهو التوجه الذي كرسته املادة الرابعة من مدونة التجارة املغربية التي وضعت ألول مرة
حكام خاصا ينظم األعامل املختلطة حيث جاء فيها ما ييل« :إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين،
ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر ،طبقت قواعد القانون التجاري يف مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة
إليه جتاريا ،وال يمكن أن يواجه هبا الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا ما مل ينص مقتىض خاص عىل
خالف ذلك».
وقد كانت األعامل التحضريية ملرشوع مدونة التجارة تسري يف طريق التخيل عىل نظرية األعامل املختلطة،
من خالل تبني تطبيق قواعد القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن العمل املختلط برصف
النظر عن صفة األطراف((( ،وذلك من أجل خلق ضامنة أكثر للتاجر وتكريس مبدإ استقرار املعامالت التجارية
ومنحها ائتامنا أفضل ،إال أن املناقشات الربملانية خلصت إىل وجوب اإلبقاء عىل نظرية األعامل املختلطة ،لعدم
( )1ال تشكل األعامل املختلطة زمرة ثالثة من األعامل التجارية ،بل هي يف أصلها إما أعامل جتارية ،بطبيعتها أو أعامل جتارية بالتبعية
فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه
والقضاء ،إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة .جتارية بالتبعية
فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر ،وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه
والقضاء ،إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة.
-فؤاد معالل :رشح القانون التجاري املغريب اجلديد ،الطبعة الثانية ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،2001 ،ص .81
( )2وهكذا كانت املادة الرابعة من مرشوع مدونة التجارة تنص عىل ما ييل:
«إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر ،طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات
كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك».
61
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
استساغة إلزام الطرف املدين وهو الطرف الضعيف يف العالقة بقواعد القانون التجاري التي هي قواعد غريبة
(((
عنه وال إملام له هبا.
وتطبيقا للامدة 4من مدونة التجارة فإن استعامل وسائل اإلثبات بالنسبة لألعامل املختلطة خيضع لنظام
قانوين مزدوج خيتلف حسب طبيعة العمل بالنسبة لكل واحد من الطرفني ،وخيتلف بحسب صفة االلتزام
وطبيعته بالنسبة للمدين ،فالطرف الذي يعترب العمل بالنسبة إليه جتاريا تطبق يف مواجهته قواعد القانون
التجاري تبعا لصفة الدين ،أما الطرف الذي يعترب العمل بالنسبة إليه مدنيا فإن القواعد التي تطبق يف حقه هي
قواعد القانون املدين((( ،وهذا يعني تطبيق مبدإ حرية اإلثبات املقرر يف املواد التجارية يف مواجهة الطرف الذي
يعترب العمل موضوع النزاع جتاريا من جانبه ،ومبدأ تقييد اإلثبات املقرر يف املواد املدنية جتاه الطرف اآلخر الذي
يعترب العمل مدنيا بالنسبة له( املبحث األول) .
غري أن املرشع أدخل عىل املبدإ العام الذي يقيض بالتطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل األعامل املختلطة
استثناء نص عليه يف الفقرة األخرية من املادة 4من مدونة التجارة ،وهو حالة وجود مقتضيات قانونية خاصة
توجب إخضاع العمل املختلط بصفة عامة وإثباته بصفة خاصة لقواعد قانونية موحدة تسوي بني التاجر وغري
التاجر يف اإلثبات (املبحث الثاين)
املبحث األول :خضوع إثبات األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج كقاعدة عامة
خيضع اإلثبات يف القانون املغريب للعمل املختلط لنظام قانوين مزدوج ،حيث يكون لغري التاجر أن يثبت
العمل يف مواجهة التاجر بكافة طرق اإلثبات ،أما التاجر فال يستطيع أن يثبت العمل يف مواجهة غري التاجر إال
(((
باتباع طرق اإلثبات املنصوص عليها يف القانون املدين.
( )3فؤاد معالل :رشح القانون التجاري املغريب اجلديد ،م .س ،ص .81
( )4عمرو قريوح :احلامية القانونية للمستهلك ،القرض االستهالكي نموذجا ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص ،جامعة
حممد األول ،كلية احلقوق وجدة ،2007–2006ص .420
( )5يتم اإلثبات يف القانون املدين بواسطة الوسائل املقررة يف الفصل 404من ق.ل.ع الذي ينص عىل أن:
«وسائل اإلثبات التي يقررها القانون هي - 1 :إقرار اخلصم - 2 ،احلجة الكتابية - 3 ،شهادة الشهود - 4 ،القرينة - 5 ،اليمني
والنكول عنها».
وهو إثبات مقيد حيث ينص الفصل 443من ق.ل.ع كام تم تعديله بمقتىض املادة 5من القانون 53-05املتعلق بالتبادل
اإللكرتوين للمعطيات القانونية املنشور باجلريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 6دجنرب 2007عىل ما ييل« :االتفاقيات و غريها
من األفعال القانونية التي يكون من شأهنا أن تنيشء أو تنقل أو تعدل أو تنهي االلتزامات أو احلقوق ،والتي يتجاوز مبلغها أو
قيمتها عرشة آالف درهم ،ال جيوز إثباهتا بشهادة الشهود ،ويلزم أن حترر هبا حجة رسمية أو عرفية ،وإذا اقتىض احلال ذلك أن
تعد بشكل إلكرتوين أو أن توجه بطريقة إلكرتونية».
وهذه املادة تقابل ما تنص عليه املادة 1341من القانون املدين الفرنيس ،التي جاء فيها ما ييل:
«Il doit être passé acte devant notaires ou sous signatures privées de toutes choses excédant une somme
ou une valeur fixée par décret, même pour dépôts volontaires, et il n’est reçu aucune preuve par témoins
contre et outre le contenu aux actes, ni sur ce qui serait allégué avoir été dit avant, lors ou depuis les actes,
encore qu’il s’agisse d’une somme ou valeur moindre.
Le tout sans préjudice de ce qui est prescrit dans les lois relatives au commerce».
62
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
وخيلف إثبات األعامل املختلطة باختالف صفة مدينها ،فإن كان تاجرا فإن قواعد اإلثبات املعمول هبا يف
امليدان التجاري هي املعول عليها ،أما إذا كان غري تاجر فإن اإلثبات خيضع للمقتضيات الواردة يف الفصل 443
من ق.ل.ع والذي هو إثبات مقيد ،كلام جتاوزت قيمة االلتزام مبلغ عرشة آالف درهم(((.
أما الطرف املدين فيمكنه إثبات ادعاءاته باستعامل كافة وسائل اإلثبات املقررة قانونا إلثبات احلقوق
وااللتزامات((( ،وذلك دون التقييد بأي قيود ال سيام الكتابة التي غالبا ما تكون معقدة ومرتفعة املصاريف(((،
وتبعا لذلك يمكنه إثبات أي التزام سواء عن طريق الشهادة أو اإلقرار أو اخلربة أو القرائن أو اليمني أو أي
وسيلة أخرى برشط أن يقبلها القضاء ،حيث إن حرية اإلثبات ال تعني بالرضورة سهولة اإلثبات ،فليس من
السهل عىل الطرف الضعيف أن يقوم بإثبات ادعاءاته يف املنازعات االستهالكية ،وذلك ألن القضاة ليسوا
عىل نفس الدرجة من االقتناع ،فمنهم من يقبل القرائن ،يف حني يبدي البعض اآلخر تساهال يف قبول أي نوع
من وسائل اإلثبات((( ،ففرض نجاح الطرف املدين يف دعواه تبقى رهينة للسلطة التقديرية للقايض ولقناعته،
حيث ينص الفصل 417من قانون االلتزامات والعقود عىل أنه ...« :للمحكمة احلق يف تقدير ما تستحقه هذه
(((1
الوسائل من قيمة حسب األحوال ،وذلك ما مل يشرتط القانون أو املتعاقدان رصاحة شكال خاصا».
وجيب التأكيد عىل أن تطبيق قواعد اإلثبات بشكل مزدوج عىل النزاع الناشئ عن العمل املختلط ال يتأثر
بنوع املحكمة التي قد يعرض عليها النزاع ،فسواء رفعت الدعوى أمام املحكمة التجارية أو املحكمة املدنية
فإن ذلك سوف لن يغري يف األمر شيئا ،فإذا كانت املحكمة التجارية هي التي تنظر يف النزاع فإهنا تطبق األحكام
املنصوص عليها يف الفصل 443من ق.ل.ع فيام خيص إثبات التزام الطرف الذي يكون العمل مدنيا بالنسبة إليه
حيث يكون اإلثبات مقيدا ،ويف املقابل إذا كان النزاع معروضا عىل أنظار املحكمة املدنية فإنه يتعني عىل هذه
األخرية تطبيق مقتضيات املادة 334من مدونة التجارة فيام يتعلق بإثبات التزام الطرف الذي يعد العمل جتاريا
من جانبه ،حيث يستفيد الطرف املدين من حرية اإلثبات(.((1
( )6العريب مياد :إشكالية الرتايض يف عقود اإلذعان ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلاص ،جامعة حممد اخلامس ،كلية
احلقوق أكدال ،الرباط ،2001-2000 ،ص .111
( )7تنص املادة 334من مدونة التجارة عىل ما ييل« :ختضع املادة التجارية حلرية اإلثبات ،غري أنه يتعني اإلثبات بالكتابة إذا نص
القانون أو االتفاق عىل ذلك».
( )8منري حممد اجلنبيهي وممدوح حممد اجلنبيهي :التوقيع اإللكرتوين وحجيته يف اإلثبات ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية،2004 ،
ص .57
-عبد الكريم الطالب :اإلثبات يف املادة التجارية بني احلرية والتقييد ،جملة املحامون ،العدد ،6السنة ،1998ص .50
( )9املهدي منري :املظاهر القانونية حلامية املستهلك ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص ،جامعة حممد األول ،كلية احلقوق،
وجدة ،2005-2004 ،ص .304
( )10يوجد مقتىض مشابه ملا قرره الفصل 417من ق .ل .ع يف القانون املدين اجلزائري الذي تنص املادة 340منه عىل ما ييل« :يرتك
لتقدير القايض استنباط كل قرينة مل يقررها القانون ،و ال جيوز اإلثبات هبذه القرائن إال يف األحوال التي جييز فيها القانون،
واإلثبات بالنية».
كام يوجد مقتىض مشابه نصت عليه املادة 1353من القانون املدين الفرنيس حيث جاء فيها ما ييل:
«Les présomptions qui ne sont point établies par la loi, sont abandonnées aux lumières et à la prudence
du magistrat, qui ne doit admettre que des présomptions graves, précises et concordantes, et dans les
cas seulement où la loi admet les preuves testimoniales, à moins que l’acte ne soit attaqué pour cause
de fraude ou de dol».
( )11احممد لفروجي :التاجر وقانون التجارة باملغرب ،الطبعة األوىل ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،1997 ،ص .373
63
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
ومن خالل ما سبق يالحظ أن التطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل العمل املختلط يعترب يف مصلحة
الطرف الذي يعد العمل مدنيا بالنسبة إليه أكثر مما يعد يف مصلحة الطرف الذي يكون العمل جتاريا من جانبه،
ذلك أن الطرف األول يستطيع وفقا هلذه القاعدة أن يثبت ما يدعيه بكافة وسائل اإلثبات ،فيام يتعني عىل
الطرف الثاين أن يثبت ما يدعيه وفق أحكام القانون املدين ،والغرض من ذلك هو إرادة املرشع توفري احلامية
للمتعاقد الذي يكون التزامه يف العقد التزاما مدنيا من مغبة ما قد يتحمله من تكاليف إضافية وغري مألوفة من
(((1
قبله نتيجة السامح خلصمه الذي يكون التزامه ذا طبيعة جتارية بإعامل قواعد القانون التجاري ضده.
ورغم أن قاعدة اإلثبات يف األعامل املختلطة تعمل بشكل واضح يف اجتاه محاية الطرف الذي يعترب العمل
بالنسبة إليه مدنيا( ،((1إال أنه قد ال يتحقق املرجو منها ،مادام أن هذه القاعدة يمكن احلد منها ،إما بوجود نص
قانوين خاص( ،((1وإما باتفاق الطرفني كام يتضح من صياغة املادة الرابعة من مدونة التجارة يف فقرهتا األخرية،
والتي جاء فيها «ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك» ،فعبارة «مقتىض» جاءت يف النص عامة ،مما يفيد
أن املقتىض يمكن أن يكون قانونيا ،كام يمكن أن يكون اتفاقيا(.((1
ومن جهتنا نعتقد أن االتفاق عىل خمالفة نظام اإلثبات املزدوج يف األعامل املختلطة استنادا إىل املادة الرابعة
من مدونة التجارة باستعامهلا لعبارة «مقتىض خاص» له ما يدعمه يف القواعد العامة ،ذلك أن الفصل 417من
ق .ل .ع ملا نظم الدليل الكتايب كوسيلة لإلثبات أتاح للمتعاقدين إمكانية االتفاق عىل ما خيالف ذلك( ،((1كام
أن املادة 334من مدونة التجارة بعدما قررت مبدأ حرية اإلثبات يف املادة التجارية أجازت لألطراف االتفاق
عىل أن يكون اإلثبات بينهم بالكتابة عىل خالف املبدإ العام ( ،((1مما جعل البعض يرى أن العمل بمثل هذا
( )12احممد لفروجي :التاجر و قانون التجارة باملغرب ،م .س ،ص .373
( )13نشري إىل أن بعض الفقه الفرنيس انتقد نظام اإلثبات املزدوج يف األعامل املختلطة بدعوى أنه من غري املنطقي أن ختتلف وسائل
إثبات عمل بذاته باختالف صفة الطرف امللزم باإلثبات ،حيث يؤدي إىل اإلجحاف يف حق الطرف الذي يعترب العمل جتاريا
بالنسبة إليه ،عىل اعتبار أن مطالبة هذا الطرف بإثبات التزام خصمه الذي يفوق مبلغ حدا معينا بواسطة الكتابة يعد من األمور
التي تتناىف مع ما تقوم عليه التجارة من رسعة يف التعامل وما تستند إليه من ثقة وائتامن ،انظر:
- F. Dekeuwer-Défosser: Droit commercial, 10 éme édition, Montchrestien, Paris 2010, p 120.
-رقية السحيمي :حرية اإلثبات يف امليدان التجاري وفق أحكام الترشيع املغريب ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص،
جامعة حممد اخلامس ،كلية احلقوق أكدال ،الربا ،2006-2005 ،ص .
( )14نذكر عىل سبيل املثال:
-املادة 338من مدونة التجارة التي تستثني إثبات الرهن احليازي من اخلضوع للنظام القانوين املزدوج الذي حيكم إثبات
األعامل املختلطة حيث تنص عىل ما ييل« :يثبت الرهن طبقا ألحكام املادة 334بالنسبة للمتعاقدين والغري سواء قام به تاجر
أو غري تاجر من أجل ضامن عمل من األعامل التجارية….».
-املادة 118من قانون رقم 34-03املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها التي وحدت القوة الثبوتية لكشف
احلساب البنكي يف مواجهة عميل البنك سواء كان تاجرا أو غري تاجر ،حيث جاء فيه ما ييل« :تعتمد كشوف احلسابات التي
تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفيات املحددة بمنشور يصدره وايل بنك املغرب ،بعد استطالع رأي جلنة مؤسسات االئتامن،
يف املجال القضائي باعتبارها وسائل إثبات بينها وبني عمالئها يف املنازعات القائمة بينهام إىل أن يثبت ما خيالف ذلك».
( )15عمرو قريوح :أطروحته ،م.س ،ص .423
( )16ينص املقطع األخري من الفصل 417من ق .ل .ع عىل ما ييل ...« :وذلك ما مل يشرتط القانون أو املتعاقدان رصاحة شكال خاصا».
( )17نستشف ذلك من العبارة التي جاءت يف املقطع األخري من املادة 334من مدونة التجارة «...غري أنه يتعني االثبات بالكتابة
إذا نص القانون أو االتفاق عىل ذلك».
64
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
االتفاق من شأنه أن يؤدي إىل ضياع حقوق الطرف املدين يف العمل املختلط والذي قد يكون مستهلكا ،وقد
ينتج عنه أيضا اختالل التوازن بني األطراف يف العالقة التعاقدية(.((1
وقد قرر املرشع الفرنيس يف القائمة امللحقة بنص املادة 1-132Lمن مدونة االستهالك الفرنسية أن الرشط
الذي يؤدي إىل تقليص حق املستهلكني يف اختيار وسائل اإلثبات التي خيول هلم القانون احلق يف استعامهلا يعد
رشطا تعسفيا( ،((1وبالتايل فإن مصريها هو البطالن حيث تعترب وكأهنا غري مكتوبة .
ويف هذا الصدد ال يسعنا إال أن ننوه باملقتىض اهلام الذي جاء به قانون رقم 31-08القايض بتحديد تدابري
حلامية املستهلك( ((2يف الفقرة 17من املادة 18التي اعتربت رشطا تعسفيا كل إلغاء أو عرقلة حلق املستهلك
يف إقامة دعاوى قضائية ،من خالل احلد بوجه غري قانوين من وسائل اإلثبات املتوفرة لديه أو إلزامه بعبء
اإلثبات الذي يقع عادة عىل طرف آخر يف العقد( ،((2وغني عن البيان أنه يرتتب عن وجود الرشط التعسفي
(((2
بطالنه حسب ما نصت عليه املادة 19من نفس القانون.
ومن وجهة نظرنا نعتقد بأنه لتحقيق احلامية القانونية للمستهلك بصورة أشمل وأوضح ،جيب أن ينضاف
إىل هذه املادة كل رشط من شأنه أن يقيد من حرية اإلثبات التي يتمتع هبا املستهلك يف مواجهة املهني بمقتيض
املادة 4من مدونة التجارة ،وذلك من أجل تقوية مركز املستهلك ،كام نؤيد اقرتاح األستاذ عبد احلميد أخريف
بإضافة مادة إىل هذا القانون حتمل املهني عبء اإلثبات وتقرر قاعدة جديدة يف هذا املجال عىل الشكل التايل:
65
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
( )23عبد احلميد أخريف :قراءة يف مرشوع قانون رقم 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلكني ،جملة القانون االقتصادي،
العدد ،2010 ،3ص .212
( )24يراجع يف هذا الشأن القسم السابع من الكتاب األول من ق.ل.ع ،واملواد من 1315إىل 1369من القانون املدين الفرنيس.
( )25كام ينص عىل ذلك الفصل 399من ق.ل.ع.
( )26عبد احلميد أخريف :احلقوق القضائية للمستهلك ،جملة املعيار ،العدد ،38دجنرب ،2007ص . 31-30
( )27الفقرة األخرية من املادة 18من قانون رقم 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك.
66
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
- 1حالة عدم جتاوز قيمة العمل املختلط مبلغ عرشة آالف درهم
يمكن للتاجر الذي يعترب العمل جتاريا من جانبه أن يثبت التزام خصمه الذي يعد العمل مدنيا من جانبه
بكافة وسائل اإلثبات ،وذلك يف حالة ما إذا كان املبلغ املتنازع عليه ال يتجاوز مبلغ عرشة آالف درهم ،وهو
املبلغ الذي حدده الفصل 443من ق.ل.ع لتقييد اإلثبات بالدليل الكتايب ،وقد كان هذا املبلغ قبل التعديل
األخري الذي طرأ عىل الفصل 443من ق.ل.ع بمقتىض املادة 5من القانون 53-05املتعلق بالتبادل اإللكرتوين
للمعطيات القانونية ( ((2حمددا يف 250دمها فقط ،ففي هذه احلالة خيضع إثبات العمل املختلط لقواعد قانونية
موحدة حيث يمكن للتاجر ولغري التاجر إثبات االلتزام وفق مبدإ حرية اإلثبات مادامت قيمة االلتزام ال
تتجاوز املبلغ املذكور.
- 2حالة وجود بداية حجة بالكتابة
نص عىل هذه احلالة الفصل 447من ق ل ع الذي ورد فيه« :ال تطبق األحكام املقررة فيام سبق عندما
توجد بداية حجة بالكتابة.
وتسمى بداية حجة بالكتابة كل كتابة كانت صادرة ممن حيتج هبا عليه أو ممن أنجز إليه احلق عنه أو ممن
ينوب عنه.
وتعترب صادرة من اخلصم كل حجة حيررها بناء عىل طلبه ،موظف رسمي خمتص ،يف الشكل الذي جيعلها
حجة يف اإلثبات ،وكذلك أقوال اخلصوم الواردة يف حمرر أو يف حكم قضائي صحيحني شكال».
ويتعني لوجود بداية احلجة بالكتابة أن تقدم يف اإلثبات ورقة مكتوبة ال تشكل دليال كتابيا كامال بل يقترص
دورها عىل تأييد دليل موجود ،ذلك أن القايض يكون قد اجتاز مراحل يف سبيل تكوين قناعاته ومل يبق أمامه إال
أن يكمل هذه القناعة بواسطة الشهادة أو القرائن .
ويراد بالكتابة التي قد تشكل بداية كل حمرر أو ورقة مكتوبة أيا كانت ،فال يشرتط فيها الشكل أو التوقيع
وال أن تكون معدة لإلثبات ،و قد تكون هذه الورقة سندا أو رسالة أو مذكرة خاصة أو أقواال يف حمرض حتقيق
أو يف حمرض استجواب أو يف مذكرة قدمها اخلصم يف الدعوى أو غريها.
ولكن يشرتط العتبار هذه الورقة وغريها بداية حجة كتابية أن تصدر ممن حيتج هبا عليه أو ممن أنجز إليه
احلق أو من نائبه ،فإذا توفرت هذه الرشوط والظروف فإن التاجر يعفى من التقييد الوارد عىل مستوى إثبات
العمل املختلط يف مواجهة الطرف املدين ،وبالتايل خيضعان معا لقواعد قانونية موحدة.
- 3حالة فقدان السند الكتايب
جيوز عىل سبيل االستثناء للتاجر يف مواجهة الطرف املدين اإلثبات عن طريق الشهادة وغريها من وسائل
اإلثبات يف حالة فقدان احلجة الكتابية ،فقد ورد يف هذا الشأن يف الفصل 448من قانون االلتزامات والعقود
املغريب مقتىض خاص يعفي التاجر من مبدإ تقييد اإلثبات يف مواجهة غري التاجر حيث جاء فيه ما ييل« :استثناء
من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود :
67
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
- 1يف كل حالة يفقد فيها اخلصم املحرر الذي يتضمن الدليل الكتايب اللتزام له أو للتحليل من التزام عليه،
نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة أو رسقة ،وختضع األوراق النقدية والسندات حلاملها ألحكام خاصة»...
فرضورة االستثناء يف هذه احلالة واضحة جلية ذلك أنه جيوز أن حتل الشهادة حمل الدليل الكتايب إلثبات
ما تفوق قيمته عرشة آالف درهم ،ألن احلجة الكتابية املتطلبة لإلثبات قد وجدت فعال و لكنها ضاعت بدون
تقصري من حاملها ،حيث راعى املرشع الوضعية احلرجة التي قد يوجد عليها التاجر الذي فقد الدليل الكتايب
بعدما وجد ،وذلك صيانة حلقوقه(.((2
- 4حالة وجود املانع من احلصول عىل دليل كتايب
نص عىل هذه احلالة املرشع يف الفقرة الثانية من الفصل 448من ق.ل.ع حيث جاء فيه ما ييل« :استثناء من
األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود :
( - 2 )...إذا تعذر عىل الدائن احلصول عىل دليل كتايب إلثبات االلتزام كاحلالة التي تكون فيها االلتزامات
ناشئة عن شبه العقود وعن اجلرائم واحلالة التي يراد فيها إثبات وقوع غلط مادي يف كتابة احلجة أو حالة
الوقائع املكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتيال أو التدليس التي تعيب الفعل القانوين وكذلك األمر بني التجار
فيام خيص الصفقات التي مل جتر العادة بتطلب الدليل الكتايب إلثباهتا.
تقدير احلاالت التي يتعذر فيها عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب موكول حلكمة القايض»
وعليه ،إذا تعذر عىل التاجر احلصول عىل الدليل الكتايب نتيجة لألسباب الواردة يف الفقرة املذكور أعاله،
فإنه يمكن للتاجر أن يثبت االلتزام بشهادة الشهود يف مواجهة الطرف املدين يف العمل املختلط وإن جتاوزت
قيمة النزاع عرشة آالف درهم،غري أن تقدير احلاالت التي يتعذر فيه عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب
موكول حلكمة القايض(.((3
ثانيا :حالة إثبات الرهن احليازي التجاري
يقوم الرهن احليازي عىل نقل حيازة الضامن العيني للدائن ،حيث يبقى هذا األخري حائزا عليه إىل غاية
استحقاق الدين ،فإن مل يدفع املدين ما عليه من دين للدائن ،يعمل هذا األخري عىل بيع الضامن العيني طبقا
لإلجراءات القانونية ليستويف حقه منه(.((3
( )29عز الدين بنستي :دراسات يف القانون اجلاري املغريب ،اجلزء األول ،الطبعة الثانية ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء،
،2001ص .180
( )30بيد أن املحكمة ال جيوز هلا أن تثري من تلقاء نفسها وجود املانع الذي تعذر معه عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب ،بل
جيب التمسك به من قبل من هيمه االمر ،وحكمة القايض يف حالة استعملها ملصلحة التاجر يف مثل هذه احلاالت االستثنائية
لن تيسء إىل غري التاجر ما دام أن حرية اإلثبات هي الواجبة التطبيق يف مواجهة الطرفني معا ،وهذا يعني توحيد وسائل
اإلثبات.
-عز الدين بنستي :دراسات يف القانون التجاري املغريب ن اجلزء األول ،م.س ،ص .180
( )31رشيف زهار أمال قوسم :القرض الفالحي يف الترشيع اجلزائري ،رسالة لنيل املاجستري يف العقود و املسؤولية ،جامعة اجلزائر،
كلية احلقوق و العلوم اإلدارية ،2001-2000 ،ص .106
68
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
وقد عرفته املادة 145من مدونة احلقوق العينية( ((3كام ييل« :الرهن احليازي حق عيني يتقرر عىل ملك
يعطيه املدين أو كفيله العيني إىل الدائن املرهتن لضامن الوفاء بدين ،وخيول الدائن املرهتن حق حيازة املرهون
وحق حبسه إىل أن يستويف دينه .ترسي عىل الرهن احليازي أحكام الرهن الرسمي إذا تعلق بملك حمفظ».
وقد نظم املرشع املغريب الرهن احليازي يف الفصول من 1170إىل 1240من ق .ل .ع ،واملواد من 145إىل
164من مدونة احلقوق العينية ،باإلضافة إىل املواد من 337إىل 354من مدونة التجارة.
ويعترب املرشع املغريب الرهن احليازي عقدا شكليا ،حيث ال ينعقد بمجرد ترايض طرفيه عىل إنشائه ،بل
جيب إفراغه يف حمرر رسمي وال يصح إال ملدة معينة ( ،((3والكتابة يف هذه احلالة مشرتطة لنشوء الرهن ،وليس
فقط من أجل إثباته و تقييده يف السجل العقاري(.((3
وإذا كانت القاعدة يف األعامل املختلطة خضوعها لنظام قانوين مزدوج ،مفاده تطبيق قواعد القانون املدين
عىل الطرف الذي يعد العمل بالنسبة إليه مدنيا ،و قواعد القانون التجاري عىل الذي يعد العمل بالنسبة إليه
جتاريا ،فان املرشع و تطبيقا منه لالستثناء املنصوص عليه يف الفقرة األخرية من املادة الرابعة من مدونة التجارة
التي توجب إخضاع بعض األعامل املختلطة لنظام قانوين موحد حالة وجود مقتىض خاص ،جعل إثبات
الرهن احليازي التجاري من االستثناءات القانونية التي ختضع لنظام قانوين موحد وهو القانون التجاري رغم
قيامه بني شخص تاجر وآخر غري تاجر ،حيث ال يمكن للطرف املدين أن يتمسك بمطالبة خصمه بالدليل
الكتايب وفقا للفصل 443من ق.ل.ع ،وذلك استنادا إىل نص املادة 338من مدونة التجارة التي جاء فيها ما ييل:
«يثبت الرهن احليازي طبقا ألحكام املادة 334بالنسبة للمتعاقدين والغري ،سواء قام به تاجر أو غري تاجر من
أجل ضامن عمل من األعامل التجارية»(.((3
ومن املعلوم أن املادة 334من مدونة التجارة تقرر مبدأ حرية اإلثبات يف املواد التجارية حيث تنص عىل أنه:
«ختضع املادة التجارية حلرية اإلثبات ،عىل أنه يتعني اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق عىل ذلك».
والغاية من تقرير هذا احلكم من طرف املرشع أي فرض قانون موحد فيام خيص إثبات الرهن احليازي
وإخضاعه بالتايل للقانون التجاري القايض بمبدأ حرية اإلثبات بالرغم من كونه عمال خمتلطا ،هو الزيادة يف
فعالية هذا الضامن العيني باعتباره وسيلة من وسائل االئتامن التجاري ،وحترير إثباته من القيود املدنية البطيئة
املتمثلة يف رضورة الكتابة والتصديق عىل التوقيعات وغريها من اإلجراءات املعتمدة(. ((3
( )35يقابل هذا املقتىض نص املادة 30من القانون التجاري اجلزائري حيث نصت عىل ما ييل« :يثبت الرهن املتمم من تاجر أو غري
تاجر ألجل عمل من األعامل التجارية جتاه الغري وبالنسبة للمتعاقدين طبقا ألحاكم املادة 30أعاله».
وقد عددت املادة 30من القانون التجاري اجلزائري وسائل إثبات املعامالت التجارية بصورة جتعلها خاضعة حلرية اإلثبات
حيث جاء فيها ما ييل« :يثبت كل عقد جتاري -بسندات رسمية - .بسندات عرفية - .بفاتورة مقبولة - .بالرسائل - .بدفاتر
االطراف - .باإلثبات بالبينة أو أي وسيلة أخرى إذا رأت املحكمة وجوب قبوهلا».
( )36فؤاد معالل :رشح القانون التجاري املغريب اجلديد ،م.س ،ص .12
69
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
وعليه فإننا نعترب أن ما جاء يف املادة 338من مدونة التجارة ضامنة فعالة وضعها املرشع حلامية الدائنني
املرهتنني والبنوك ،من خالل إعفائهم من إثبات الرهن احليازي كتابة يف مواجهة املدين الراهن ،رغم أنه يعد
طرفا مدنيا تطبق عليه قواعد القانون املدين من حيث املبدأ حسب ما تقرره نظرية األعامل املختلطة ،و هذا من
شأنه تدعيم االئتامن الذي يشكل عصب الرواج التجاري واالقتصادي .فيكفي أن يكون العمل جتاريا بالنسبة
ألحد املتعاقدين لكي يعترب الرهن احليازي من قبل أي منهام ألجل ضامن هذا العمل رهنا حيازيا ،وخيضع
بالتايل ألحكام القانون التجاري بالنسبة للطرفني معا والغري سواء من حيث إثباته أو نفاذه(.((3
ثالثا :حالة إثبات مديونية الزبون غري التاجر بواسطة كشف احلساب البنكي.
يعترب كشف احلساب من أهم الوسائل التي تعتمدها البنوك إلثبات عدم أداء الزبون اللتزامه التعاقدي،
حيث أفرز العرف البنكي التعامل هبذه الوثيقة التي تستند أساسا عىل الدفاتر التجارية التي متسكها البنوك،
وتوظفها إلثبات مديونيتها جتاه الزبناء.
ويعرف كشف احلساب عىل أنه اجلرد الشامل ملختلف العمليات الواردة عىل حساب الزبون واملسجلة يف
اخلانتني الدائنة واملدينة ،والذي يظهر حالة احلساب والرصيد به ،ويتم إعداده من قبل مؤسسات االئتامن وفق
نموذج حيدده وايل بنك املغرب بعد موافقة جلنة مؤسسات االئتامن ( ،((3وجيب أن يبني أساسا وبشكل ظاهر
سعر الفوائد والعموالت ومبلغها وكيفية احتساهبا(.((3
وحسب تعريف آخر فإن كشف احلساب يتجسد يف ضلعني أحدمها دائن تسجل فيه الدفوع ،واآلخر
مدين تسجل فيه السحوب والفوائد املدينة ،والفرق بني جمموع الضلعني يسمى رصيدا قد يكون مدينا أو دائنا
حسب سلبية أو إجيابية الفرق بني الضلعني( ،((4أو بعبارة أخرى هو جرد مسجل فيه حق الديون املتبادلة ،ففي
جانب يسجل القرض ويف اجلانب اآلخر املديونية(.((4
( )37احممد لفروجي :التاجر و قانون التجارة باملغرب ،م .س ،ص .
( )38نشري يف هذا الصدد إىل صدور دورية لوايل بنك املغرب حتت رقم 98/04بتاريخ 5مارس 1998ودخلت حيز التنفيذ منذ
بداية أكتوبر ،1998بعد موافقة جلنة مؤسسات االئتامن ،تتكون الدورية من ديباجة وثامنية فصول ،فالبعض جاء بصيغة
اإللزام وهو ما جاء يف مضامني الفصل األول والثاين والثالث والرابع ،أما البعض اآلخر فجاء بطريقة اختيارية أي ما يفيد
جتريده من أي إلزام ،وذلك يف الفصل اخلامس والسادس والسابع ،أما الفصل االخري فقد اقترص عىل بيان تاريخ دخول هذه
الدورية حيز التنفيذ.
ولقد حددت الدورية يف فصلها األول املعلومات التي جيب أن يتضمنها كشف احلساب ،خاصة تلك التي حتدد هوية املؤسسة
البنكية ،التسمية ،العنوان ،املقر االجتامعي ،الوكالة ،عنارص تعريف صاحب احلساب ،رقم احلساب ،...فيام ألزم الفصل
الثاين مؤسسات االئتامن تضمني الكشف للمعلومات املتعلقة باحلساب من حيث مبلغه ونوعه ،خانة الدائنية واملديونية،
تاريخ التنفيذ ،نسبة الفائدة املطبقة ،كيفية احتساب الفوائد ،سعر الرصف املطبق ،طبيعة كل عملة متحصلة ،طبيعة وقيمة كل
رسم أو مصاريف مضمنة يف الكشف مثل مصاريف اهلاتف ،الطوابع ،الفاكس ،الرضيبة عىل القيمة املضافة وغريها .
( )39حممد احلارثي :االجتهاد القضائي التجاري للمجلس األعىل ،مداخلة يف إطار ندوة «عمل املجلس األعىل والتحوالت
االقتصادية واالجتامعية» ،منشورات املجلس االعىل ،مطبعة االمنية ،الرباط ،1999 ،ص .576
(40) Mohamed Azzedine Berrada: Les techniques de banque de crédit et de commerce extérieur au
Maroc, 4 éme édition S.E.C.E.A, Casablanca, 2000, p 159
(41) Mohamed Drissi Alami Machichi, Droit commercial fondamental au Maroc, Imprimerie Fédala,
Mohammedia, 2006, p 241.
70
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
ويعد كشف احلساب من الوسائل اخلاصة باإلثبات يف امليدان التجاري ،والتي نص عليها املرشع يف املادة
492من مدونة التجارة ،حيث نصت عىل أنه «يكون كشف احلساب وسيلة إثبات وفق رشوط املادة 106من
الظهري الرشيف رقم 1.93.147الصادر يف 15من حمرم 6( 1414يوليو )1993املعترب بمثابة قانون يتعلق بنشاط
مؤسسات االئتامن ومراقبتها».
وبالرجوع للفصل 106من قانون نشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها امللغى( ،((4نجده ينص عىل أن
«كشوف احلسابات التي تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفية التي حيددها وايل بنك املغرب بعد موافقة جلنة
مؤسسات االئتامن تعتمد يف امليدان القضائي باعتبارها وسائل إثبات بني املؤسسات وعمالئها من التجار يف
املنازعات التي تنشأ فيام بينهم إىل أن يثبت ما خيالف ذلك».
وبالنظر إىل املادتني معا 492من مدونة التجارة و 106من ظهري 6يوليو 1993امللغى ،يتضح أن املرشع
املغريب أجاز اعتامد كشف احلساب كوسيلة لإلثبات أمام القضاء بشأن النزاعات الناشئة بني مؤسسات االئتامن
وزبنائها من التجار فقط ،ولو أن الكشف من إعداد وصنع هذه املؤسسات ( ،((4وذلك استثناء من القاعدة
املقررة يف جمال اإلثبات ،والتي تقيض بأنه ال جيوز للمدعي أن يضع دليال لنفسه( ،((4مما يعني أن القوة اإلثباتية
لكشف احلساب كانت يف ظل القانون املتعلق بمؤسسات االئتامن ومراقبتها امللغى تنحرص يف مواجهة العميل
التاجر ،أما العميل غري التاجر فال يمكن مواجهته بكشف احلساب كوسيلة إلثبات مديونيته ،وهذا يدل عىل
مالءمة هذا املقتىض للقاعدة العامة التي تنص عليها املادة 4من مدونة التجارة واملتعلقة باألعامل املختلطة،
حيث يتم التمييز من خالهلا بني الطرف التاجر والطرف املدين ،إذ يتحتم إخضاع األعامل التي جتمع بينهام
لنظام قانوين مزدوج ،فال يمكن مواجهة الطرف املدين إال بوسائل اإلثبات املدنية .
71
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
وقد كان مرشوع قانون 95/15املتعلق بمدونة التجارة ال يميز من حيث حجية كشف احلساب يف اإلثبات
بني التاجر وغري التاجر( ،((4حيث كانت الصيغة األوىل للامدة 492تنص عىل أنه «يكون كشف احلساب وسيلة
إثبات وفق رشوط املادة 106من الظهري الرشيف رقم 1.93.147الصادر يف 15من حمرم 6( 1414يوليو )1993
املعترب بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها سواء يف مواجهة التاجر أو غري التاجر» ،غري
أنه بعد املناقشة تم حذف العبارة األخرية التي تعمم حجية كشف احلساب ،مما يدل عىل نية املرشع يف تكريس
مقتضيات الفصل 106امللغى بخصوص الصفة التجارية للعميل ملواجهته بحجية كشف احلساب(.((4
وتأسيسا عىل ذلك فقد اجته املجلس األعىل نحو حرص حجية كشف احلساب يف املعامالت التي جتمع بني
البنك والتجار ،حيث ذهب إىل ما ييل« :وحيث إن الطالبة متسكت يف مقاهلا االستئنايف أهنا ليست بتاجرة ،ومن
تم ال يمكن االحتجاج عليها بالكشف احلسايب ،استنادا للامدة 106من ظهري 1993/7/6التي حرصت حجيته
بني مؤسسات االئتامن وعمالئها من التجار ،إضافة إىل أن االعتامد عليه يقتيض توصل املحتج عليه به ،وهذا
غري ثابت من بنود القرار املطعون فيه ،الذي اعتمد الكشف احلسايب يف قضائه ومل يرش إىل ذلك ،ومل جيب عليه
رغم ما له من أثر فيكون ناقص التعليل املنزل منزلة انعدامه وعرضه للنقض»(.((4
وهو نفس التوجه الذي تبنته حماكم املوضوع فقد ذهبت حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء إىل أن «اعتامد
املدعي عىل الكشف احلسايب فقط للمطالبة بمستحقات القرض جيعل طلبه غري مرتكز عىل أساس قانوين»(.((4
ويف املقابل صدرت أحكام وقرارات قضائية أخرى تأخذ بكشف احلساب كوسيلة لإلثبات يف مواجهة
الزبون غري التاجر ما دام هذا األخري يتوصل بصفة دورية بكشوفات احلساب من املؤسسة البنكية من غري أن
يسبق له تقديم أي طعن أو اعرتاض عىل هذه الكشوف قبل نشوب املنازعة القضائية ،إذ يقع عليه عبء إثبات
أنه سبق أن اعرتض عىل الكشوف الدورية قبل النزاع ،أما إذا عجز عن إثبات ذلك اعترب ذلك قبوال ضمنيا
مسبقا منه بكل ما ورد بالكشوف احلسابية املحتج هبا عليه ،ومانعا له من املنازعة فيها يف إطار اخلصومة(،((4
وهذا ما قررته املحكمة التجارية بالرباط حيث جاء يف حكم صادر عنها ما ييل« :إن كشف احلساب املنجز
من طرف البنك مستخرج من دفاتره وسجالته املمسوكة لديه بكيفية منتظمة علام أن الزبون يتوصل عادة
بإعالنات دورية تبني رصيده ،ومل يطعن فيه يف الوقت املناسب ،كام مل يكن موضوع منازعة يف مضمونه امام
املحكمة ،مما يتعني معه اعتامدها والترصيح بمديونية املدعى عليه لفائدة املدعية»(.((5
( )45عدم متييز املادة 492من مرشوع مدونة التجارة بني العميل التاجر والعميل غري التاجر بخصوص حجية كشف احلساب يف
اإلثبات نابع من التوجه العام ملرشوع مدونة التجارة الذي كان يتوجه نحو إلغاء العمل بنظرية األعامل املختلطة ،حيث كانت
املادة 4من مرشوع مدونة التجارة تنص عىل ما ييل« :إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد
اآلخر ،طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل ،ما مل ينص مقتىض خاص عىل
خالف ذلك» يراجع :تقرير جلنة االقتصاد والتجارة والصناعة والصناعة التقليدية حول مرشوع مدونة التجارة ،ص .112
( )46حسن احلرضي :كشف احلساب البنكي ،رشوطه وحجيته يف اإلثبات ،مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي
والبنكي ،منشورات املعهد العايل للقضاء ،مطبعة دار السالم ،الرباط ،2004 ،ص .254
( )47قرار املجلس األعىل رقم 94يف امللف التجاري عدد 01/187صادر بتاريخ 16يناير ،2002منشور باملجلة املغربية لقانون
االعامل واملقاوالت ،العدد األول ،دجنرب ،2002ص . 106-104
( )48قرار حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 1136ملف رقم ،6/02/605بتاريخ ،2002/04/30غري منشور.
( )49وقد ساند بعض الفقه هذا التوجه ،انظر:
- Charqui Mohamed: Droit bancaire Marocaine, Imprimerie Bnisnassen, Sale, 2000, p 20
( )50حكم املحكمة التجارية بالرباط ،يف امللف رقم ،4/01/972صادر بتاريخ 22يناير ،2002غري منشور.
72
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
وقد تشبثت بعض األحكام القضائية بنفس املوقف القايض باعتامد كشف احلساب يف مواجهة غري التاجر
بدعوى أن العقود التي تربمها البنوك تعد عقودا جتارية ،وتضفي الصفة التجارية عىل املقرتض انطالقا من الصفة
التجارية للعقد ،وإن كان املقرتض مدنيا والغرض من القرض مدين مثل عقد القرض االستهالكي ،وهذا ما
ذهبت إليه املحكمة التجارية بالدار البيضاء ،يف نازلة أثارت فيها املدعى عليها بأهنا غري تاجرة ،وأن الغرض
من القرض البنكي غري جتاري بل خمتلط ،ملتمسة استبعاد كشف احلساب كوسيلة لإلثبات يف مواجهتها ،بيد
أن املحكمة مل تستجب لذلك واعتمدت عىل كشف احلساب الذي أدلت به املؤسسة البنكية (.((5
غري أنه بدخول قانون 34-03املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها حيز التنفيذ(،((5
والذي ألغى ظهري 6يوليوز 1993املتعلق بنشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها ،ونسخ معه نص الفصل 106
ليعوضه بنص املادة 118التي وحدت القوة اإلثباتية لكشف احلساب يف مواجهة عمالء املؤسسات البنكية
سواء التجار أو غري التجار وألغت التمييز الذي كان قائام بينهام بمقتىض الفصل 106امللغى ،حيث أصبحت
املادة 118تنص عىل ما ييل« :تعتمد كشوف احلسابات التي تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفيات املحددة
بمنشور يصدره وايل بنك املغرب ،بعد استطالع رأي جلنة مؤسسات االئتامن ،يف املجال القضائي باعتبارها
وسائل إثبات بينها وبني عمالئها يف املنازعات القائمة بينهام إىل أن يثبت ما خيالف ذلك”.
وهكذا كرس املرشع من خالل املادة 118من قانون 34-03من قانون مؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة
يف حكمها مبدأ تعميم حجية الكشوفات احلسابية سواء فيام خيص الزبناء التجار أو غري التجار ،مما يعني أن
هذه الفئة األخرية أصبحت جمردة من احلامية التي كانت مقررة هلا بمقتىض الفصل 106ظهري 6يوليوز ،1993
خاصة وأن هذا الفصل كام سبق الذكر كان حمل تضارب للعمل القضائي حول مدى إمكانية االعتداد بكشف
احلساب يف مواجهة الزبون غري التاجر.
ويالحظ أنه بدخول قانون 34-03حيز التنفيذ زال تضارب األحكام التي كانت تعرفها املحاكم فيام خيص
حجية الكشوف احلسابية بالنسبة للزبون غري التاجر ،إذ اجته العمل القضائي نحو تعميم القوة الثبوتية لكشف
احلساب لتشمل التجار وغري التجار ،ويمكن أن نستدل عىل ذلك بحكم صادر عن املحكمة التجارية بوجدة
جاء فيه ما ييل ...« :وحيث إن كشف احلساب حجة كافية عىل ما تضمنه ما مل ينازع فيه طبقا للامدة 492من
مدونة التجارة ،واملادة 106من ظهري 1993/7/6املعدلة بمقتىض املادة 118من قانون 34-03الصادر بتاريخ
،2006/02/14خاصة وأن املدعية تستند إضافة إىل كشف احلساب عىل عقد قرض ،مما تكون معه قد أثبتت
االلتزام طبقا للفصل 399من ق.ل.ع.((5( ».
( )51جاء يف حيثيات هذا احلكم ما ييل« :وحيث دفعت املدعى عليها بعد اختصاص هذه املحكمة ألهنا ليست تاجرة ،والعقد املربم
بينها وبني املدعي هو عقد قرض انصب عىل رشاء بقعة فالحية وبالتايل فهو عمل مدين .وحيث إن العقد املربم بني الطرفني هو
عقد بنكي ،وهذا العقد يدخل ضمن العقود التجارية التي تدخل ضمن اختصاص املحكمة التجارية طبقا للامدة اخلامسة من قانون
إحداث املحاكم التجارية ،مما يتعني معه استبعاد الدفع املثار من طرف املدعى عليها ...وحيث إن الكشوفات احلسابية تعد حجة
إثباتية يف املنازعات التي تنشأ بني التجار ما مل يثبت ما خيالف ذلك طبقا للفصل 106من قانون .»1993/7/6
-حكم املحكمة التجارية بالدار البيضاء عدد 98/271يف امللف رقم ،98/560صادر بتاريخ 27يوليو ،1998منشور باملجلة
املغربية لقانون األعامل واملقاوالت ،العدد األول ،دجنرب ،2002ص 77وما يليها
( )52منشور باجلريدة الرسمية عدد 5397بتاريخ 20فرباير .2006
( )53حكم املحكمة التجارية بوجدة عدد 06/575يف امللف رقم 5/06/228الصادر بتاريخ ،2006/10/08غري منشور .
73
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
كام نحت حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء نفس املنحى فقررت ما ييل« :حيث إنه بخصوص
ما متسك به املستأنف كون الدعوى باطلة عىل احلالة ألنه جمرد موظف وال حيتج عليه بالكشوف احلسابية
وذلك طبقا للفصل 106من ظهري 1993/07/06املتعلق بمؤسسات االئتامن ،فإن ذلك مردود عىل اعتبار أنه
بناء عىل منازعة املستأنف متت معاينة الدفاتر التجارية للبنك من طرف اخلبري والذي أكد املديونية ،وبالتايل
فاملرشع أعطى هلذه الدفاتر احلجية يف اإلثبات من جهة ومن جهة أخرى فإن املرشع يف الفصل 118من ظهري
2006/02/14املتعلق بمؤسسات االئتامن والذي حل حمل الفصل 106املتمسك به قد جعل حجية الكشف
احلسايب يف مواجهة التاجر أو غري التاج ،وأن منازعة املستأنف جاءت عامة وجمردة ومل يدعمها بأية حجة تفيد
كون مسك احلساب مل تكن مطابقة للقانون .
وبخصوص الكشف املتمسك به من طرف املستأنف فإنه قد اطلع عليه اخلبري وأكد أنه يتعلق بأداء قسط
التأمني عىل احلساب ،وأكد املديونية ودعمها بوثائق ،وأن منازعة املستأنف مل تنصب عىل تلك الوثائق ،ومن
املعلوم أن الفصل 492من مدونة التجارة أعطى للكشوف احلسابية حجية ،وأن الفصل 106املذكور أعاله
جعل عبء اإلثبات عكس ما هو مدون هبا عىل عاتق املدعي ،وأن منازعة املستأنف مل تؤد إىل هدم القرينة
الواردة يف الفصل املذكور»(.((5
ولعل هذا التعديل جاء ليقرب وضعية الزبون التاجر من وضعية الزبون غري التاجر حتى ترسي عليهام نفس
األحكام ،ويتم حل املعضلة األساسية التي كانت تواجه عمل املحاكم وهي صعوبة اإلثبات كلام كان املحتج
عليه بالكشوف احلسابية خصام غري تاجر ،كام أن من شأن هذا التعديل توحيد العمل القضائي بخصوص القوة
اإلثباتية لكشف احلساب ،خاصة وأن التوجه الترشيعي القديم أثار عدة انتقادات عىل مستوى املؤسسات البنكية
التي ال متيز يف مسك احلسابات بني التاجر وغريه ،وحتى يف حال استبعاد املحكمة لكشف احلساب ،فإن اللجوء
إىل اخلربة ليس باحلل الناجع( ،((5نظرا ملا تصطدم به عمليا من صعوبات وعىل رأسها إطالة أمد النزاع(.((5
فواقع اخلربة يظهر جوانب غري إجيابية ال ختدم االستقرار يف العمليات البنكية ،وهتدم قاعدة وجوب
البث يف املنازعات التجارية بأقىص رسعة ،بل قد يكون طلب اخلربة سببا للتامطل وتعطيل التنفيذ بني املدينني
( )54قرار حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ،2007/5648صادر بتاريخ ،2007/12/04غري منشور.
( )55يف حالة املنازعة يف مضمون كشف احلساب نتيجة افتقاده ألحد مقوماته أو رشوطه التي جيب توفرها فيه طبقا ملا جاء به
القانون ،يمكن للمحكمة أن تستجيب لطلب إجراء خربة حماسبية ،أو أن تأمر هبا تلقائيا لفحص الوثائق املحاسبية املقدمة يف
النزاع ،ولتتأكد من طريقة مسكها ومن ثم ترتب األثر القانوين الالزم ،وجيب أن ال تتعدى اخلربة املسائل الفنية لتمس باملسائل
القانونية ألن هذه االخرية من صميم اختصاص القايض ،فال يسوغ للخبري اخلوض فيها وإال كان عمله خمالفا للقانون ،خاصة
يف احلالة التي ينازع فيها الزبون يف طريقة مسك تلك املحاسبة وإثباته ملا خيالف كشوفات احلساب طبقا للامدة 118من قانون
34-13املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها ،أو عند إثباته ألخطاء مادية وردت بالكشف أو مبالغ غري
مستحقة ،أو غلط يف تنفيذ عمليات أو أوامر أو قرارات أو تعرض أو إنذار ،أنظر:
-عبد العايل العرضاوي :الكشوفات احلسابية ورشوط صحتها يف إثبات املديونية ،الطبعة الثانية ،رشكة بابل للطبع والنرش،
الرباط ،2001 ،ص .10
-كامل الودغريي :اخلربة القضائية يف القانون املغريب ،جملة القانون املغريب ،عدد ،2سنة ،2002ص . 97
( )56ليىل بن جلون ،كشف احلساب البنكي ،مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،منشورات املعهد العايل
للقضاء ،مطبعة دار السالم ،الرباط ،2004 ،ص .259
74
�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة
حتى ال يتم إعالن إفالسهم ( ،((5كام أن اخلرباء ال يتقيدون باآلجال التي حتددها املحاكم نظرا لقلة عدد اخلرباء
املتخصصني مقارنة مع عدد النزاعات( ،((5وهذا جيعلهم ال يتقيدون عادة ببعض اإلجراءات التي يتطلبها
قانون املسطرة املدنية حيث يكتفون بتقديم نتيجة ال تستند عل مقتضيات تقنية واضحة(.((5
كل هذه املسوغات جعلت بعض الفقه ال يرى وجود أي أساس منطقي يربر التمييز بني العميل التاجر
والعميل غري التاجر من حيث مواجهتهم بكشف احلساب كوسيلة لإلثبات ،مادام أن هذا االخري يتم استخراجه
يف مجيع احلاالت من الدفاتر التجارية لألبناك واملمسوكة بانتظام واخلاضعة ملراقبة خاصة(. ((6
ورغم كل هذه االعتبارات ،فإننا نرى أن تنزيل الزبون غري التاجر منزلة الزبون التاجر وإخضاعهام لنظام
قانوين موحد من حيث حجية كشف احلساب يف اإلثبات ،فيه تراجع عن احلامية التي تقررها نظرية األعامل
املختلطة التي تنص عليها املادة 4من مدونة التجارة ،والتي تقيض بالتطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل العمل
املختلط من خالل التمييز بني الطرف املدين والطرف التاجر.
وهذا يعني أن مقتضيات الفصل 106من ظهري 6يوليوز 1993امللغى كانت مالئمة مع نظرية األعامل
املختلطة ومنسجمة مع فلسفة محاية املستهلك ،حيث كانت تنص بشكل حاسم ال يقبل التأويل عىل أن كشف
احلساب حجة يف اإلثبات بني البنك وزبونه التاجر ،أما فيام يتعلق بكون البنك يمسك دفاتر حماسبية منتظمة أو
يرسل كشوف احلسابات لزبنائه كل ثالثة أشهر عىل األقل ،فإن هذا ال يربر اعتامد كشف احلساب يف مواجهة
غري التاجر الذي ال يمكن بأي حال من األحوال مقارنته بالتاجر الذي يفرتض فيه علمه بكل ما خيص حساباته
التي هو عىل اطالع مستمر عليها ،ويف املقابل فإن الزبون غري التاجر يمكن أن يكون جاهال بأبسط القواعد
واألعراف البنكية التي تتطلب معرفة تقنية وحسابية يفتقد إليها ،فضال عن أن هذه الكشوفات قد تكون مدونة
بلغة أجنبية جيهلها ،وبالتايل فال يعقل مواجهته بوسيلة إثبات ال يعرفها وتعتمد حجة عليه ،بحيث ال يمكنه
دحضها إال بإثباته ما خيالفها.
فإذا كان يف استطاعة الزبون التاجر أن يواجه البنك وأن حيتج عليه بدفاتره التجارية التي يلزمه القانون
مسكها بصفة منتظمة ،وبكل وسائل اإلثبات املقررة يف امليدان التجاري ،والتي قد تدعم منازعته يف مضمون
كشف احلساب املستخرج من سجالت البنك ودفاتره التجارية ،فإن الزبون غري التاجر يصعب عليه ذلك ،لعدم
توفره عىل نفس الوسائل ،إن مل نقل يستحيل عليه يف أغلب األحيان أن يفند ما يضمنه البنك يف الكشوفات،
نظرا لتعقد العمليات والتقنيات البنكية ،وعدم مسك غري التاجر ألي دفاتر حماسبية عكس التاجر.
( )57عبد النارص برادة :احلجية اإلثباتية للكشوف احلسابية لألبناك مع التجار يف حالة التقايض ،املجلة املغربية للقانون واالقتصاد
والتنمية ،عدد ،16سنة ،1988ص .16
( )58أمحد عكاشة :استخالص الديون البنكية عن طريق القضاء ،مداخلة يف إطار الندوة الثالثة للعمل القضائي والبنكي ،الرباط
20-19يونيو ،1993ص .206
-آسية ولعلو :الفوائد البنكية من خالل العمل القضائي ،مداخلة يف إطار الندوة الثالثة للعمل القضائي والبنكي ،الرباط
20-19يونيو ،1993ص .262
( )59أمحد العامري :الكشف احلسايب واخلربة ،مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،منشورات املعهد العايل
للقضاء ،مطبعة دار السالم ،الرباط ،2004 ،ص .
( )60حممد جنكل :العمليات البنكية ،اجلزء األول :العميالت البنكية املبارشة ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،2003 ،ص .73
75
مجلة القضاء التجاري -العدد � - 2صيف/خريف 2013
وهذا ما يدفعنا إىل القول بمجانبة املرشع للصواب فبدل تدخله بمقتضيات كفيلة بحامية املستهلك
يف مواجهة األبناك ،عمل عىل تدعيم تفوق هذه األخرية وتقوية مركزها التعاقدي ،واحلفاظ عىل مصاحلها
االقتصادية ،دون مراعاة لوضعية املستهلك التي جتعله طرفا ضعيفا يف العالقة التعاقدية.
وعليه ،فإن وضعية الزبون غري التاجر جيب أن تتسم بنوع من اخلصوصية ،إذ أن عالقته بالبنك جيب أن
تنظم بمقتىض أسس وقواعد مستقلة عن تلك التي تنظم العالقة بني التجار ليس فيام يتعلق بكشف احلساب
ووسائل اإلثبات فقط ،ولكن يف جوهر العالقة ذاهتا ويف كافة املستويات التي متر منها العملية التعاقدية(،((6
ولنا يف قانون 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك خري دليل عىل ذلك ،حيث أقر مقتضيات هامة
تفوق إلزام البنك بمسك كشف احلساب وإرساله إىل الزبون ،ومن ذلك إلزام البنك بإعالم وتبصري املقرتض
عن طريق تقنية العرض املسبق( ،((6ووضع ضوابط محائية إلشهار القروض البنكية( ،((6وتنظيم حالة األداء
املسبق للقرض البنكي( ،((6وغري ذلك من املقتضيات.
إن الطفرة الترشيعية التي عرفها القانون املغريب بدخول قانون 31-08حيز التنفيذ جتعل املقتىض الذي
أقرته املادة 118من قانون 34-03بخصوص مواجهة املستهلك بكشف احلساب مقتىض موسوما بالتخلف
والرجعية مقارنة مع الفلسفة التي حيملها قانون محاية املستهلك اجلديد ،مما يضع املرشع أمام رضورة تعديل
هذه املادة ،كام أن القضاء مدعو بدوره إىل بلورة رؤية جديدة لألخذ بكشف احلساب يف اإلثبات ،ال سيام يف
عالقة األبناك بزبنائها غري التجار ،وهذا يتطلب من املحاكم نوعا من اجلرأة والشجاعة تؤهلهم للتدخل من
أجل إقرار التوازن العقدي بدل االحتامء وراء املقتضيات القانونية والتدابري التي جاءت خلدمة مصالح األبناك
باألساس ،مع أهنا الطرف األكثر قوة يف العالقة التعاقدية ،فتدخل القضاء جيب أن يتجه نحو خلق التكافؤ بني
مصالح األبناك وعمالئها ،خاصة وأنه باختالل هذا التوازن هيتز عنرصا الثقة واالئتامن اللذان يشكالن أساس
التجارة وهذا قد ينعكس عىل مبدإ استقرار املعامالت التجارية واألمن القانوين والسلم االجتامعي.
( )61عمرو قريوح :القوة اإلثباتية لكشف احلساب جتاه الزبون ،م.س،ص 103-102
( )62املادتني 117و 118من قانون 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك.
( )63املادتني 115و 116من قانون 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك.
( )64املواد من 132إىل 134من قانون 31-08القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك.
76