Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬

‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر‬


‫‪International efforts to combat the crime of human trafficking‬‬

‫خلوفي خدوجة*‪ ،‬جامعة أكلي محند أولحاج البويرة‬


‫‪khelouficonstitution@gmail.com‬‬

‫تاريخ إرسال المقال‪ 2022 /04 /28 :‬تاريخ قبول المقال‪ 2022 /09 /24 :‬تاريخ نشر المقال‪2022 /11 /02 :‬‬
‫الملخص‪:‬‬
‫إن االتجار بالبشر ظاهرة قديمة قدم التاريخ‪ ،‬وأخذت هذه الظاهرة اشكاال مختلفة‪ ،‬وأساليب متعددة ومورست‬
‫لغايات متباينة‪ ،‬فكانت تجارة البشر في السابق ألغراض العبودية واالسترقاق‪ ،‬ثم تطورت أساليب االستغالل فصارت‬
‫تمارس ألغراض الدعارة واالستغالل الجنسي‪ ،‬باإلضافة إلى أنها كانت تمارس بحرية ودون قيود حتى ظهور الديانات‬
‫السماوية والنظم والقوانين الحديثة التي حاربتها وعدتها جرائم يعاقب عليها القانون‪ ،‬كما ادرك المجتمع الدولي أن‬
‫مشكلة جريمة االتجار بالبشر ليست بمشكلة فردية تهم دولة واحدة فحسب بل تهم المجتمع الدولي برمته‪ ،‬ولذلك بادر‬
‫المجتمع الدولي إلى اتخاذ اإلجراءات الكفيلة التي تهدف إلى مكافحة هذه الجريمة‪ ،‬وذلك من خالل حتمية التعاون‬
‫الدولي في مواجهتها من خالل االتفاقيات الدولية لدرء الخطر المتزايد لهذه الجريمة على الصعيد الدولي‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬جريمة ‪ ،‬سبل المكافحة‪ ،‬اإلتجار بالبشر‪ ،‬االتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪Human trafficking was a phenomenon as old as history, and this phenomenon took different‬‬
‫‪forms, different methods and practiced for different purposes. Human trafficking in the past was for‬‬
‫‪the purposes of slavery and enslavement. The methods of exploitation were then developed for‬‬
‫‪purposes of prostitution and sexual exploitation. The international community has recognized that the‬‬
‫‪crime of human trafficking is not an individual problem that concerns only one State but the‬‬
‫‪international community as a whole. The international community has therefore taken the initiative to‬‬
‫‪ensure measures which aim to fight against this crime through the necessity of international‬‬
‫‪cooperation within international agree of combatingments to ward off the growing threat of this‬‬
‫‪crime at the international level.‬‬

‫‪Key words: crime, ways of combating, human trafficking, international conventions.‬‬

‫مقدمة‬
‫تعتبر جريمة االتجار بالبشر قديمة قدم االنسانية إال أنها كانت تأخذ شكل التجارة بالرقيق‪ ،‬حيث تعتبر‬
‫من أخطر أنواع الجرائم التي عرفتها المجتمعات االنسانية وتم فيها استغالل البشر على مختلف أعمارهم على‬
‫وجه الخصوص األطفال والنساء‪ ،‬تنتشر كثي ار في وقت الحروب ويظهر سوق الرقيق‪.‬‬

‫* املؤلف املرسل‬
‫‪985‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫والوجه الحديث لهذه الجريمة هي التجار بالبشر التي تعتبر انتهاكا صارخا لحقوق وحريات االنسان‬
‫وهي جريمة منظمة في غالب األحيان ال تقتصر على الحدود الوطنية بل أكثر من ذلك إلى الحدود الدولية‬
‫في ظل هيمنة المنظمات الدولية على هذه الجرائم من خالل اتساع ارباحها وكذلك زيادة مداخلها‪ ،‬وهي من‬
‫أخطر الجرائم المعاصرة التي تمس امن البشرية والدول‪ ،‬وتضرب القيم والمبادئ االنسانية‪ ،‬وتعد ثالث تجارة‬
‫غير مشروعة في العالم بعد تهريب السالح واالتجار بالمخدرات‪ ،‬ولقد اتسع نطاقها بشكل ملحوظ خالل‬
‫الحقبة األخيرة حيث يتم من خاللها نقل ماليين من البشر عبر الحدود الدولية سنويا ليتم االتجار بهم‪ ،‬وال‬
‫توجد أي منطقة جغرافية في العالم بمنأى عن هذه الجريمة التي ينظر إليها على انها مظهر حديث من‬
‫مظاهر العبودية التي جرمتها العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية‪.‬‬
‫هاته األفعال التي تجعل من االفراد سلعا أو بضاعة تباع وتشترى وتستغل ابشع استغالل حيث يجرى‬
‫تعذيب األشخاص وتحقيرهم واهانة كرامتهم وآدميتهم‪ ،‬ووعيا من المجتمع الدولي بخطورة االتجار بالبشر تم‬
‫عقد عدة ندوات ومؤتمرات دولية واقليمية وكذلك اصدار وتبني مجموعة من االتفاقيات والصكوك الدولية‪،‬‬
‫مؤخ ار أبرمت اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪ ،2000‬بباليرمو االيطالية وألحق بها‬
‫بعض البروتوكوالت منها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وبخاصة النساء واألطفال‪.‬‬
‫أما م انتشار هذه الجريمة المنظمة‪ ،‬وأمام اتساع رقعتها وازدياد خطورتها‪ ،‬األمر الذي دفع المجتمع‬
‫الدولي إلى التوجه نحو التعاون في سبيل مكافحة هذا النمط من االجرام ومعاقبة أولئك الذين يتاجرون‬
‫بحريات األشخاص واعراضهم‪ ،‬كما أدرك المجتمع الدولي أن هذه الجريمة ليست بمشكلة فردية تهم دولة‬
‫واحدة فحسب بل تهم المجتمع الدولي برمته‪.‬‬
‫ولهذا نطرح االشكالية‪ :‬ما مدى فعالية الوثائق الدولية في الحد من جريمة اإلتجار بالبشر؟‬
‫ولمعالجة هذه االشكالية اقترحنا الخطة التالية‪:‬‬
‫المبحث األول نتناول التعريف بجريمة االتجار بالبشر ثم نتناول في المبحث الثاني السبل الدولية‬
‫لمكافحة هذه الجريمة ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المقاربة التعريفية لجريمة االتجار بالبشر‬
‫إن مرتكبي جريمة االتجار بالبشر ينظرون الى البشر على أنهم سلع قابلة للبيع والشراء وهو ما يمثل‬
‫انتهاك صارح لحقوق االنسان بما ينطوي عليه من انتهاك لكرامة االنسان وما تحمله هذه الظاهرة بين طياتها‬
‫من آثار سلبية على االنسان وعلى المجتمعات خاصة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف جريمة االتجار بالبشر‬
‫لقد تباين الفقه في تعريف جريمة االتجار بالبشر فهناك من عرفها على أنها استخدام والنقل والتسليم‬
‫لألشخاص من خالل التهديد أو االختطاف واستخدام القدرة والتحاليل أو االجبار أو من خالل إعطاء وأخذ‬

‫‪986‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫الفوائد الكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص آخر التحايل إلى يهدف االستغالل الجنسي‬
‫أو االجبار على القيام بالعمل(‪.)1‬‬
‫كما عرفت كذلك بكافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة التي تحيل االنسان إلى مجرد سلعة‬
‫أو ضحية‪ ،‬يتم التصرف فيها بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية‪ ،‬بقصد استغالله في أعمال‬
‫ذات أجر متدن أو في أعمال جنسية أو ما شابه ذلك‪ ،‬وسواء هذا التصرف بإرادة الضحية أو قس ار عنه‬
‫أو بأي صورة أخرى من صور العبودية(‪.)2‬‬
‫أما تعريف جريمة االتجار بالبشر حسب المعاهدات واالتفاقيات الدولية فهي متعددة ولكن األهم منها‬
‫ما تم تداوله في االتفاقيتين ‪ ،‬اتفاقية التكميلية إللغاء الرق واألنظمة والممارسات المشابهة للرق لسنة ‪1956‬‬
‫حيث تنص المادة السابعة منها على أنه « يقصد بالتجار بالرقيق كل فعل بالقبض أو اكتساب أو التنازل عن‬
‫شخص من أجل جعله رقيقا وكل فعل اكتساب عبد لبيعه أو مبادلته مهما كانت الغاية أو وسيلة النقل‬
‫المستحدثة»‬
‫كما عرف برتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص‪ ،‬وبخاصة النساء واألطفال سنة ‪ 2000‬في‬
‫المادة ‪ 03‬منه على أن االتجار باألشخاص هو تجنيد أشخاص أو نقلهم وتنقيلهم أو ايوائهم أو استقبالهم‬
‫بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو االختطاف أو االحتيال أو الخداع أو‬
‫استغالل السلطة أو استغالل حالة استضعاف او بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له‬
‫سيطرة على شخص آخر بغرض االستغالل‪ ،‬ويشمل االستغالل كحد ادنى‪ ،‬استغالل دعارة الغير أو سائر‬
‫اشكال االستغالل الجنسي أو السخرة أو الخدمة قس ار او االسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو االستعباد‬
‫أو نزع االعضاء(‪.)3‬‬
‫أما تعريف الجريمة في التشريعات المقارنة فنجد ان المشرع الفرنسي يعرفها في المادة ‪ 225‬من قانون‬
‫العقوبات الفرنسي لسنة ‪ 1993‬على أنه‪ ":‬الفعل الذي يتم مقابل أجر أية منفعة أخرى أو وعد بأجر ذا‬
‫ومنفعة على تجنيد شخص أو نقله أو ترحيله أو ايوائه أو استقباله بهدف وضعه تحت تصرف الغير ولو‬
‫بدون تحديد هوية من الغير إما بهدف ارتكاب جرائم أو االعتداءات الجنسية ضد هذا الشخص أو استغالله‬
‫(‪)4‬‬
‫في اعمال التسول أو فرض شروط عمل و يكن مهينة لكرامته أو إلجباره على ارتكاب جناية أو جنحة‪.‬‬
‫أما المشرع المصري فقد عرف جريمة االتجار بالبشر في القانون رقم ‪ 64‬لسنة ‪ 2010‬الخاص‬
‫بمكافحة وتجريم عمليات االتجار بالبشر في المادة ‪ 02‬منه على أنه ‪ " :‬يعد مرتكبا لجريمة االتجار بالبشر‬
‫كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو التسليم أو الشراء أو الوعد بهما أو‬
‫االستخدام أو النقل أو التسلي م أو اإليواء أو االستقبال أو التسليم سواء في داخل البالد أو عبر حدودها‬
‫الوطنية إذ تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو التهديد بهما أو بواسطة االختطاف أو االحتيال أو الخداع أو‬
‫استغالل السلطة أو استغالل حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل‬

‫‪987‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫الحصول على موافقة شخص على االتجار شخص آخر له سيطرة عليه‪ ،‬وذلك كله إذا كان التعامل بقصد‬
‫االستغالل أي كانت صورة بما في ذلك استغالل في أعمال الدعارة وسائر أشكال االستغالل الحديث‪،‬‬
‫واستغالل االطفال في ذلك وفي المواد االباحية أو الخدمة قص ار أو االسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق‬
‫أو االستعباد أو التسول أو استئصال األعضاء أو األنسجة البشرية أو جزء منها"‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري فقد أخذ بنفس التعريف الذي جاء به بروتوكول منع ومعاقبة االتجار بالبشر‬
‫باألشخاص وخاصة النساء واألطفال حيث عرفته المادة ‪ 303‬مكرر ‪ 04‬من قانون العقوبات على انه‪ ":‬يعد‬
‫التجار باألشخاص تجنيد أو نقل أو تنقيل أو ايواء أو استقبال شخص أو أكثر بواسطة التهديد بالقوة أو‬
‫استعمالها أو غير ذلك من أشكال اإلكراه أو االختطاف أو االحتيال أو الخداع أو اساءة استعمال السلطة أو‬
‫استغالل حالة استضعاف أو اعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة على شخص‬
‫آخر بقصد االستغالل ويشمل االستغالل‪ ،‬استغالل دعارة الغير في التسول أو السخرة أو الخدمة كرها أو‬
‫االسترقاق أو الممارسات الشبيه بالرق أو االستعباد أو نزع األعضاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص جريمة االتجار بالبشر‬
‫تنفرد جريمة االتجار بالبشر بجملة من الخصائص التي تميزها عن الجرائم األخرى‪ ،‬مما يصنفها من‬
‫ضمن الجرائم العابرة للحدود التي وضع لها المشرع الدولي ميكانيزمات لمحاربتها وأهم هذه الخصائص‪:‬‬
‫‪ -‬أنها جريمة منظمة‪ :‬لم تعرفها اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ‪ ،‬الجريمة‬
‫المنظمة وانما وصفت هذه االتفاقية تعريف للجماعة االجرامية المنظمة في المادة ‪ 02‬بقولها‪ ":‬كل جماعة‬
‫ذات بناء هيكلي تتكون من ثالثة أشخاص فأكثر ثابتة لفترة من الزمن الرتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم‬
‫الخط يرة أو الجرائم المنصوص عليها في هذه االتفاقية بغرض الحصول مباشرة أو بطريق غير مباشر على‬
‫مزايا مالية أو أي منفعة مادية أخرى"‪ ،‬وعرفت الجماعة ذات الهيكل التنظيمي بأنه‪ ":‬جماعة غير مشكلة‬
‫عشوائيا لغرض ارتكاب الفوري لجرم ما وال يلزم أن يكون ألعضائها أدوا ار محددة رسميا أو أن تستمر‬
‫عضويتهم فيها أو أن تكون ذات هيكل تنظيمي"‪ ،‬وبذلك فإن هذه االتفاقية قد نجحت فقط في توحيد الجهود‬
‫الدولية وتحقيق االجماع حول المفاهيم المرتبطة بالجريمة المنظمة عبر الوطنية لتأسيس سياسة جنائية دولية‬
‫لتطويق االجرام المنظم(‪.)5‬‬
‫وتعرف الجريمة المنظمة أنها الجريمة التي تقوم بها عصابات احترفت االجرام وجعلها محور ومجال‬
‫نشاطها ومصدر دخلها لعمل تهدف الى توليد نفقات نقدية ومالية ضخمة وسريعة التنقل عبر وسائط متعددة‬
‫ومختلفة بعضها تقليدي واآلخر متجدد أو إذا كانت في النهاية جميعها مخالفة للقانون واألخالق والقيم‬
‫االنسانية(‪.)6‬‬
‫تعد جريمة االتجار بالبشر أكبر نشاط اجرامي في العالم بعد تجارة األسلحة والمخدرات وأسرعهم نموا‬
‫وأكثرهم ربحا فقد تقدر بأرباح طائلة على القائمين بها‪.‬‬

‫‪988‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫‪ -‬هي جرائم واقعة على األشخاص ‪ :‬إن موضوع جريمة االتجار بالبشر هو االنسان حيث أن التجنيد‬
‫والنقل وااليواء واالستقبال يقع على االنسان هو محل هذا النوع الفريد في التجارة وهي تمس بالكرامة‬
‫االنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬أنها الجرائم العمدية على هذه الجريمة الجرائم العمدية التي يشترط فيها توافر القصد الجرمي لدى الفاعل‬
‫ألنه يصعب تصور ارتكاب هذه الجريمة من قبل شخص عن طريق الخطأ أو االهمال‪ ،‬كما أن أفعال النقل‬
‫أو التجنيد أو االيواء أو االستقبال تتم بواسطة القوة أو التهديد باستخدامها الخداع أو االختطاف وهي وسائل‬
‫يتوفر فيها القصد الجرمي أو التعمد وهي طبيعة األفعال المحققة للجريمة والوسائل المستحدثة فيها تكون‬
‫(‪)7‬‬
‫بصورة عمدية‪.‬‬
‫‪-‬جريمة االتجار بالبشر من الجرائم المركبة أي هي جريمة ذات طبيعة خاصة‪ ،‬حيث تتكون من عدة‬
‫عناصر السلعة وهي الضحية أي الشخص الذي يمكن بيعه أو تجنيده أو نقله أو استقباله في أي بلد آخر‬
‫غير موطنه األصلي فهي تتكون من سلسلة من األفعال االجرامية بحيث يشكل كل فعل من هذه األفعال‬
‫جريمة مستقلة وقد تقترن هذه الجرائم العديد من األفعال االجرامية األخرى مثل النصب واالحتيال(‪ ،)8‬وهو ما‬
‫يجعل هذه العملية معقدة أي جريمة تقع من عدة أشكال مادية ذات طبيعة مختلفة يصلح كل منها القيام‬
‫لجريمة منفردة‪.‬‬
‫‪ -‬جريمة االتجار باألشخاص هي الجرائم المستمرة وتعني بالجريمة المستمرة التي يكون تنفيذها بطبيعته‬
‫( ‪)9‬‬
‫‪ ،‬فهذه الجريمة تتطلب وقت وزمن طويل لتحققها‬ ‫لالمتداد في الزمن كلما اتجهت ارادة فاعلها إلى ذلك‬
‫فقيام الجاني بأي فعل من األفعال المكونة لهذه الجريمة من استغالل الضحية في أي غرض الى فترة من‬
‫الزمن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬سبل مكافحة جرائم االتجار بالبشر‬
‫بدأ المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المتخصصة بإيالء هذه الجرائم أهمية واسعة‪ ،‬وذلك بإقرار‬
‫بعض االعالنات والصكوك الدولية ذات االهتمام التي كان آخرها بروتوكول األمم المتحدة الخاص بمنع‬
‫وقمع االتجار بالبشر وبخاصة النساء واألطفال لعام ‪ ،2000‬لكن سبقته عدة اتفاقيات دولية في هذا‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬جهود المنظمات الدولية لمكافحة جرائم االتجار بالبشر‬
‫إن أهمية هذه الجهود تظهر في وضع معايير عامة ومبادئ توجيهية راسخة لمعاملة ضحايا االتجار‬
‫بالبشر‪ ،‬وتوافر سبل الحماية لهم وبتوعيتهم وتبصيرهم بحقوقهم‪ ،‬وال يجوز التنازل عنها‪ ،‬ولقد نظمت العديد‬
‫من االتفاقيات الدولية نصوص صريحة تمنع استغالل االنسان واذالله منها االتفاقية الخاصة بمناهضة الرق‬
‫لسنة ‪ 1926‬التي أدانت الرق والعبودية ادانة واسعة في المجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪989‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫وبعد قيام األمم المتحدة‪ ،‬أخذت على عاتقها مهمة تعزيز وتنمية وتشجيع حقوق االنسان‪ ،‬ففي ديباجة‬
‫الميثاق‪ ،‬كرس أهمية تحقيق االستقرار والرفاهية للمجتمع الدولي‪ ،‬ثم جاء االعالن العالمي لحقوق االنسان في‬
‫سنة ‪ 1948‬والذي حظر صراحة االسترقاق واالستعباد واالتجار بالرقيق بجميع صوره‪.‬‬
‫ثم اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪ 1949‬االتفاقية المتعلقة باإلتجار بالنساء واستغالل‬
‫اآلخرين في البغاء والدعارة التي حلت محل االتفاقية الخاصة بتجارة الرقيق األبيض سنة ‪ 1904‬واالتفاقية‬
‫الدولية للقضاء على االتجار غير المشروع بالنساء واألطفال لعام ‪ 1921‬وغيرها(‪ ،)10‬فهي اهم اتفاقية على‬
‫صعيد تجريم االتجار باألشخاص ألغراض الدعارة‪ ،‬حيث نصت بإنزال العقاب على كل من يقوم بغواية أو‬
‫تضليل شخص ما بقصد الدعارة‪.‬‬
‫وواصلت األمم المتحدة جهودها من أجل القضاء على هذه الجريمة الالإنسانية فأصدت بروتوكول منع‬
‫وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص خاصة النساء واألطفال المكمل التفاقية االمم المتحدة لمكافحة الجريمة‬
‫المنظمة عبر الوطنية بقرار الجمعية العامة في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2000‬بموجب القرار رقم ‪.25/55‬‬
‫حيث اعتبرت اتفاقية االمم المتحدة جرائم االتجار بالبشر من قبيل الجرائم المنظمة العابرة للحدود‬
‫الوطنية وعلى النحو الذي يجعلها مؤهلة النطباق أحكام االتفاقية عليها‪ ،‬ويرى البعض أن هذه االتفاقية تمثل‬
‫منهجا دوليا جديدا لمكافحة االتجار بالبشر‪ ،‬إذ يعد الصك الدولي الرئيسي بشأن مكافحة االتجار بالبشر‬
‫خاصة النساء واألطفال إللزامه دول األطراف بتجريم ومعاقبة مرتكبي جرائم االتجار بمختلف صوره(‪.)11‬‬
‫يتعين على كل دولة أن تضع االجراءات التشريعية الالزمة وغيرها من االجراءات الضرورية لتجريم‬
‫هذه األفعال إذا ما ارتكبت عمدا‪ ،‬وتجريم الشروع فيها واالشتراك‪ ،‬فضال عن تجريم تنظيم ارتكاب الجرائم أو‬
‫إعطاء التعليمات ألشخاص آخرين الرتكابها‪.‬‬
‫أما التطور الحديث‪ ،‬فيبرز في النظام االـساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي تضمن نظامها تجريم‬
‫دور‬
‫االتجار بالبشر باعتباره جريمة ضد االنسانية‪ ،‬كذلك أدت لكثير من المنظمات الدولية المتخصصة ا‬
‫هاما في محاربة االتجار بالبشر مثل منظمة الصحة العالمية‪ ،‬واليونيسيف(‪.)12‬‬
‫كما أقرت األمم المتحدة العديد من الوثائق الدولية غير الملزمة المتعلقة بالحقوق االنسانية للضحايا‬
‫الذين تم المتاجرة بهم وخاصة األطفال والنساء‪,‬‬
‫وفي سنة ‪ 2002‬قدم المفوض السياسي لحقوق االنسان تقري ار إلى المجلس االقتصادي واالجتماعي‬
‫حول المبادئ والتوجيهات المقترحة الخاصة بالحقوق االنسانية لضحايا االتجار‪ ،‬ونظمت هذه الوثيقة أكثر‬
‫من (‪ )11‬توجيه من أجل معالجة ودعم حقوق ضحايا هذه الجرائم‪ ،‬كما قامت لجنة حقوق االنسان في‬
‫‪ 2004‬بإنشاء مقر خاص لمدة ثالثة سنوات من مهامه تحضير تقارير للجنة حول االتجار بالبشر‪.‬‬

‫‪990‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تجريم االتجار بالبشر في االتفاقيات الدولية‬


‫إن التعاون الدولي يعتبر شرط أساسي لنجاح السياسة الجنائية في مكافحة جريمة االتجار بالبشر سواء‬
‫اتخذ شكل جريمة عابرة للحدود الوطنية أو كان مقتصر على دولة واحدة‪ ،‬وذلك عن طريق ابرام اتفاقيات‬
‫دولية لدرء الخطر المتزايد لهذه الجريمة على المجتمع الدولي‪ ،‬ولقد صدرت عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن‪،‬‬
‫وهناك اتفاقيات عامة وأخرى خاصة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االتفاقيات الدولية العامة‬
‫المعروف أن االعالن العالمي لحقوق االنسان هو وثيقة حقوق دولية المعلن عنه من قبل الواليات‬
‫المتحدة األمريكية في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬في قصر شابو في باريس وهي من بين الوثائق الدولية الرئيسية‬
‫لحقوق االنسان ونالت موقعا هاما في القانون الدولي وذلك مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية سنة ‪ 1966‬والعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية سنة ‪ ،1966‬وتشكل‬
‫هذه الوثائق الثالثة الئحة الحقوق الدولية‪.‬‬
‫لقد جرمت المادة ‪ 04‬من االعالن تجريم االسترقاق بكل صوره‪ ،‬وكذلك االتجار وعدم تعريض أي‬
‫إنسان للتعذيب وال لعقوبات أو المعامالت القاسية أو الوحشية أو الماسة بكرامة االنسان على أن هذا االعالن‬
‫حرص على حماية االنسان وصون كرامته وحمايته ويعتبر االعالن ضمانة دولية يمكن االستناد إليها(‪.)13‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ :‬عرض لتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1966‬وتاريخ بدء تنفيذه في ‪ 23‬مارس ‪ ،1976‬لقد جاء في‬
‫ديباجته ضرورة احترام حقوق االنسان وكرامته واعتبارها أساسا للحرية والعدالة‪ ،‬وذلك أن يكون ح ار ومتمتع‬
‫بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الحقوق‪ ،‬نص في المادة ‪ 08‬على تحريم صور االسترقاق وذلك عن‬
‫طريق‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجوز استرقاق أحد‪ ،‬ويحظر الرق واالتجار بالرقيق بجميع صورهما‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز إخضاع أحد للعبودية‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل اإللزامي‪.‬‬
‫وبالتالي هذا العهد أكد كذلك على ضرورة تجريم صور االسترقاق واالستغالل والعمالة وهي صور‬
‫رئيسية لجريمة االتجار بالبشر‪ ،‬كما أضافت المادة ‪ 08‬منه على عدم إخضاع أي فرد للتجارب دون رضاه‪،‬‬
‫إال أن هذه المادة ميزت بن االسترقاق ومصطلح االستعباد‪ ،‬ويرى هذا االتجاه أن مصطلح االسترقاق يمثل‬
‫قضاء على الشخصية القانونية للفرد ومصطلح محدد نسبيا‪ ،‬أما االستعباد فهو مصطلح أعم ويشمل جميع‬
‫األشكال الممكنة لسيطرة إنسان على انسان‪ ،‬والرق هو الشكل المألوف من أشكال هذه السيطرة(‪.)14‬‬

‫‪991‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ :‬من خالل هذا العهد تعهد المجتمع الدولي‬
‫على حماية الحقوق وتكفل بها وجعلها ضمانة دستورية وهو ما نص عليه هذا العهد في المادة ‪ 01‬منه‪ ،‬ولقد‬
‫نصت المواد من ‪ 07‬إلى ‪ 10‬على بعض الحقوق منها‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب توفير حماية خاصة لألمهات خالل الحمل وبعده‪ ،‬ويجب منح األمهات العامالت إجازة مأجورة‬
‫إجازة مصحوبة باستحقاق ضمان اجتماعي كافي‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع األطفال والمراهقين من االستغالل االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬كما يجب أن يعاقب القانون كل مستخدم لهذه الشريحة الضعيفة في المجتمع خاصة في عمل‬
‫من شأنه إفساد أخالقهم أو االضرار بصحتهم‪ ،‬وتهديد حياتهم بالخطر أو الحاق األذى بنموهم الطبيعي‪،‬‬
‫وعلى الدول تحديد السن الالزم للعمل‪ ،‬وفي حالة استخدام األطفال بدون ذلك السن يعاقبهم القانون على‬
‫هؤالء المستغلين لألطفال الصغار دون هذا السن(‪.)15‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االتفاقيات الخاصة بجريمة االتجار بالبشر‬
‫لقد ابرمت عدة اتفاقات لتجريم هذه الجرائم ولقد أولى المجتمع الدولي اهتمام أكثر باإلتجار بالنساء‬
‫واألطفال ألغراض الدعارة منها‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاق الدولي المنعقد في ‪ 18‬ماي ‪ 1904‬حول تجريم االتجار بالرقيق إال بنص المعدل بالبروتوكول‬
‫الذي أقرته الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 03‬ديسمبر ‪.1948‬‬
‫‪ -‬االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان لعام ‪ 1950‬فقد ورد حظر الرق والعمل االجباري في المادة ‪ 04‬منها‬
‫التي تنص‪ " :‬ال يجوز االسترقاق أو تسخير أي انسان‪،‬‬
‫‪ -‬ال يجوز أن يطلب من أي انسان إذا عمل جب ار أو سخرة‪."...‬‬
‫فقد صادق على هذه االتفاقية كل دول مجلس أوروبا‪ ،‬ودخلت مرحلة النفاذ في ‪ 03‬أكتوبر ‪،1953‬‬
‫وأضافت ‪ 08‬بروتوكوالت أضافت حقوق جديدة لإلنسان‪ ،‬وأكدت ما هو ثابت من الحقوق‪ ،‬تنص المادة ‪04‬‬
‫منها ال يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص‪ ،‬ال يجوز إرغام أي شخص على أداء عمل جبرا‪.‬‬
‫االتفاقية الخاصة بالرق‪ :‬وقعت في جنيف يوم ‪ 25‬سبتمبر ‪ ،1926‬تاريخ بدء النفاذ كان في ‪ 09‬مارس‬
‫‪ 1927‬وقد عدلت البروتوكول المحرر في مقر االمم المتحدة في نيويورك في ‪ 07‬ديسمبر ‪ ،1953‬تنص‬
‫أو‬ ‫المادة األولى منها على أن تجارة الرقيق تشمل جميع األفعال التي ينطوي عليها أمر شخص ما‬
‫اختياره أو التخلي عنه للغير على قصد تحويله إلى رقيق‪ ،‬وجميع األفعال التي ينطوي عليها‪ ،‬احتياز رقيق ما‬
‫بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال التخلي‪...‬إلخ‪ ،‬اما المادة ‪ 02‬منه تنص على منع االتجار بالرقيق‪،‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 04‬منها على األطراف المتعاقدون التبادل فيما بينهم المساعدة الممكنة للوصول إلى هدف‬
‫القضاء على الرق وتجارة الرقيق‪ ،‬أما ‪ 05‬من هذه االتفاقية فتنص على عمل السخرة حيث ال يمكن العمل‬
‫بها إال ألغراض عامة(‪.)16‬‬

‫‪992‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫هناك أيضا اتفاقية خاصة بالسخرة‪ :‬اعتمدها المؤتمر العام المنظمة العمل الدولية في دورته الرابعة‬
‫عشرة في يوم ‪ 28‬يونيو ‪ ،1930‬تاريخ بدء نفاذه في ‪ 01‬مايو ‪ ،1932‬تنص المادة ‪ 01‬من هذه االتفاقية‬
‫على ان يتعهد كل عضو صادق في منظمة العمل الدولية أن يصادق على هذه االتفاقية‪ ،‬أن يجرم استخدام‬
‫عمل السخرة أو العمل القسري بكافة صوره في اقصر فترة ممكنة إال ألغراض عامة‪.‬‬
‫ولقد عرفت المادة ‪ 02‬عمل السخرة بجميع األعمال أو الخدمات التي تفرض علوة على أي شخص‬
‫تحت التهديد بأي عقاب‪ ،‬وأن ال يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره‪ ،‬واعتبرت أن عمل‬
‫السخرة ال يشمل أي عمل أو خدمة عسكرية أو أي خدمة تشكل جزءا من واجبات المواطنين المدنية العادية‬
‫أو عمل أي شخص بناء على إدانة قضائية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫هناك اتفاقية كذلك حظر االتجار باألشخاص واستغالل دعارة الغير‪ :‬أقرتها الجمعية العامة بقرارها‬
‫‪ 314‬يوم ‪ 02‬ديسمبر ‪ ،1949‬تاريخ بدء النفاذ في ‪ 25‬يوليو ‪ ،1951‬اعتبرت في ديباجتها أن الدعارة وما‬
‫يصاحبها من آفة االتجار باألشخاص تتنافى مع كرامة الشخص البشري‪ ،‬وتنص المادة ‪ 01‬على ان يتفق‬
‫أطراف هذه االتفاقية على انزال العقاب بأي شخص يقوم برضاء ألهواء آخر‪:‬‬
‫‪ -‬بغوائية شخص آخر أو تضليله على قصد الدعارة حتى برضاء هذا الشخص‪.‬‬
‫‪ -‬باستغالل دعارة شخص آخر حتى برضاء هذا الشخص‪.‬‬
‫أو يدير‬ ‫في المادة ‪ 02‬ينص على أن يتفق األطراف هذه االتفاقية على انزال العقاب بكل شخص يملك‬
‫مأمور الدعارة أو يقوم عن علم تمويله والمشاركة في تمويله‪ ،‬او يؤج ار ويستأجر كليا او جزئيا وعن علم مبنى‬
‫أو مكانا آخر الستغالل دعارة الغير‪ ،‬كما اكد على األطراف اتخاذ كل التدابير الالزمة بمكافحة االتجار‬
‫باألشخاص من الجنسين ألغراض الدعارة(‪.)17‬‬
‫كذلك االتفاقية الدولية لتجريم االتجار بالرقيق األبيض ‪ :1949‬والتي اعتمدتها الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة‪ ،‬ودخلت حيز النفاذ سنة ‪ 1951‬والتي أقرت بموجبها نفاذ جميع الصكوك القانونية السابقة‪ ،‬ولقد‬
‫منعت هذه االتفاقية أفعال االتجار بالبشر سواء بقصد االستغالل الجنسي‪ ،‬وألغراض الدعارة وألزمت الدول‬
‫بالتحرك للقضاء عليها من خالل مساعدة ضحايا االتجار بالنساء وحمايتهم‪ ،‬وكذا سن التشريعات والقوانين‬
‫التي تتفق أحكامها مع األحكام الدولية الخاصة بمنع ومكافحة االتجار بالنساء‪ ،‬واعادة الضحايا إلى بلدانهم‪،‬‬
‫وكما تجرم هذه االتفاقية الدعارة عموما دون ادنى تفرقة بين الدعارة القسرية والدعارة االختيارية(‪.)18‬‬
‫وفي النطاق االقليمي حظرت االسترقاق كل من االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان لسنة ‪،1950‬‬
‫واالتفاقية األمريكية لحقوق االنسان لسنة ‪ ،1969‬والميثاق االفريقي لحقوق االنسان لسنة ‪ ،1981‬فلقد جاء‬
‫في االتفاقية األوروبية في المادة ‪ 04‬منها أنه ال يجوز استرقاق او تسخير أي انسان‪ ،‬وال يجوز أن يطلب‬
‫من أي انسان أداء عمل جب ار أو سخره‪.‬‬

‫‪993‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫كما اعتبرت االتفاقية األمريكية أن منع الرق والعبودية من أهم الحقوق التي تضمنتها‪ ،‬وفي الميثاق‬
‫االفريقي وحرصا على االعتراف بضرورة احترام الكرامة االنسانية حظ ار هذا الميثاق كافة أوجه االستغالل‬
‫وذلك بموجب المادة الخامسة منه حيث نصت لكل فرد الحق في احترام كرامته واالعتراف بشخصيته‬
‫القانونية‪ ،‬وحظر كافة اشكال استغالله واستعباده‪ ،‬خاصة االسترقاق والتعذيب لكل أنواعه والعقوبات والمعاملة‬
‫الوحشية أو الالإنسانية او المذلة(‪.)19‬‬
‫وفي سنة ‪ 1990‬تم اقرار الميثاق االفريقي لحقوق ورفاهية الطفل الذي اكتسب أهمية خاصة‪ ،‬باعتباره‬
‫أول المواثيق االقليمية التي أفردت نصوصا خاصة بحظر تشغيل األطفال‪ ،‬واستغاللهم استغالال جنسيا‪،‬‬
‫واختطاف وبيع األطفال واالتجار بهم‪ ،‬كما أنه ألزم الدول األطراف بضرورة اتخاذ التدابير التشريعية لمنع بيع‬
‫األطفال واالتجار بهم‪.‬‬
‫ومن االتفاقيات الدولية ذات الصلة كذلك اتفاقية حقوق الطفل سنة ‪ 1989‬وكذلك البروتوكول‬
‫االختياري الملحق المتعلق ببيع األطفال واستغاللهم في البغاء والمواد اإلباحية سنة ‪.2000‬‬
‫والمتمعن في هذه االتفاقيات يالحظ تغيير االتجاه بشكل عام من منظور الجريمة والعقاب نحو تعزيز‬
‫الحقوق االنسانية لألشخاص المتاجر بهم (الضحايا)‪.‬‬
‫فاإلتجار ينتهك الكثر من الحقوق األساسية للضحية مثل حقه في الحرية والحركة واألمن الشخصي‬
‫وحقه في تقرير مصيره‪ ،‬وكذلك حقه في مسكن آمن والئق‪ ،‬كما أن االتجار بجعل الضحية عرضة للرق‬
‫والتعذيب والمعاملة القاسية الالإنسانية‪.‬‬
‫فهذه الجريمة كما يصفه (هارولدله) المساعد السابق لوزير الخارجية األمريكية للديمقراطية وحقوق‬
‫االنسان والعمل أنه عمل يتعارض مع الرسالة العالمية بحقوق االنسان‪ ،‬وهم ينتهكون حقوق محمية بموجب‬
‫االعالن‪ ،‬فهم من خالل افعالهم ينكرون حقيقة أن األفراد ولدوا أح ار ار ومتساوين في الكرامة والحرية وهم‬
‫ينتهكون بذلك الحدود وقوانين الهجرة والعمل‪ ،‬باإلضافة إلى حقوق الضحايا واألهم من كل ذلك قوانين‬
‫االخالق والضمير االنساني‪.‬‬
‫اتفاقية مجلس اوروبا للعمل على مكافحة االتجار بالبشر لعام ‪ ،2005‬حيث دعا إلى تضيق هذه‬
‫االتفاقية على كافة أشكال االتجار بالبشر‪ ،‬كما حاول المجلس األوروبي بالتنسيق مع األمم المتحدة إلى‬
‫دراسة مشتركة تحت عنوان "االتجار باألعضاء واألنسجة والخاليا البشرية ألغراض انتزاع اعضائهم‪.‬‬
‫كما دعا المجلس دول األطراف بتجسيد أجهزتها المختلفة لمنع االتجار بالبشر من خالل وضع سياسة‬
‫جنائية وبرامج فعالة من خالل حمالت النوعية والتدابير الوقائية ومعالجة األسباب المساهمة في انتشار هذه‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫‪994‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫تعتبر جريمة االتجار بالبشر جريمة عابرة للحدود يتم ارتكابها بعمليات معقدة‪ ،‬وبالتالي عمل المجتمع‬
‫الدولي على إيجاد آليات لمكافحتها وذلك بإبرام عدة اتفاقيات من أجل تجريمها وبذلت عدة جهود المنظمات‬
‫الدولية من أجل محاربتها إال أنها مازالت فاشية في المجتمع خاصة في اآلونة األخيرة ولهذا يجب أن يكون‬
‫هناك‪:‬‬
‫‪ -‬تعاون دولي فعال بين األجهزة المختصة عن طريق تقديم مساعدة قانونية متبادلة في التحقيقات‬
‫واالجراءات القضائية المختلفة كفرض عقوبات على وكاالت التوظيف وأرباب العمل الذين ينتهكون حقوق‬
‫العامالت‪ ،‬ضمان المالحقة القضائية لألشخاص المسؤولين عن اإلساءات الجسدية والجنسية لألطفال‪.‬‬
‫‪ -‬ولهذا ال بد من تضافر الجهود وتكاثفها والتنسيق المستمر الدائم من جانب الهيئات الدولية الحكومية وغير‬
‫الحكومة من أجل الحد من اآلثار السلبية لهذه الظاهرة‪.‬‬
‫‪ .1‬معالجة األسباب الجذرية للتهميش‪ ،‬خاصة الفقر وعدم المساواة ومواجهة الفقر والبطالة ومحدودية الفرص‬
‫باعتبارهم العوامل الفاعلة في مختلف مشكالت وانماط االتجار بالبشر‪.‬‬
‫‪ .2‬دعم األسر والمجتمعات الفقيرة المهمشة لدورهم الفاعل في افراز الضحايا والمتاجرة بهم‪.‬‬
‫‪ .3‬دعم دور مؤسسات العدالة الجنائية في انفاذ القانون وحماية الضحايا‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫محمود السيد حسن داوود‪ ،‬التدابير الدولية لمكافحة جرائم االتجار بالنساء‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪ ،‬مصر‪،2010 ،‬‬
‫ص ‪.07‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حامد سيد محمد حامد‪ ،‬االتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين االنسيان والتداعيات‪ ،‬الرؤى‬
‫االستراتيجية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص ‪.14‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ليلى حسن‪ ،‬جرائم االتجار بالبشر‪ /‬منشور في الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫تاريخ االطالع ‪http://www.platformlmanhal.com :2018-03-07‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد الشناوي‪ ،‬استراتيجية مكافحة جرائم االتجار بالبشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪11‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمود مزيق بسيوني‪ ،‬السياسة الدولية الفعالة لمكافحة الجريمة المنظمة والنشاط االجرامي واالرهابي‪ ،‬بحث مقدم‬
‫للمؤتمر الدولي المشترك الخامس لألبحاث الوقاية من الجريمة ‪ ،‬الرياض‪ ،1989 ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)6‬‬
‫محمد المساوي‪ ،‬المرجع الساق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪)7‬‬
‫طالب خيرة‪ ،‬جرائم االتجار باألشخاص واألعضاء البشرية في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫لنيل شهادة دكتوراه ‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقياد‪ ،‬تلمسان‪ ،218 ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )8‬لمياء بن دعاس‪ ،‬جريمة االتجار باألشخاص بين التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باتنة ‪ 2018 ،1‬ص ‪25‬‬

‫‪995‬‬
‫( ص ص ‪)1060 ،1049 :‬‬ ‫مجلة الفكر القانوني والسياسي )‪ (ISSN: 2588-1620‬المجلد السادس العدد الثاني (‪)2022‬‬
‫" الجهود الدولية لمكافحة جريمة االتجار بالبشر"‬

‫(‪ )9‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬


‫(‪)10‬‬
‫محمد جميل النوز‪ ،‬عال غازي عباسي‪ ،‬االتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية وسبل مكافحتها‪،‬‬
‫مجلة علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،41‬ملحق ‪ ،2014 ،03‬ص ‪.1094‬‬
‫(‪)11‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق االنسان‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص ‪.617‬‬
‫(‪ )12‬محمد جميل النور‪ ،‬عال غازي عباس‪ ،‬االتجار بالبشر جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية وسبل مكافحتها‪ ،‬دراسات علوم‬
‫الشريعة والقانون‪ ،2014 ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)13‬‬
‫محمد محي الدين عوض‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬المجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬الرياض‪ ،‬المجلد ‪ ،10‬عدد ‪،19‬‬
‫‪ ،1416‬ص ‪.31‬‬
‫(‪)14‬‬
‫أحمد عبد القادر خلف‪ ،‬تعريف جريمة االتجار بالبشر في المعاهدات واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،2013 ،‬ص ‪.04‬‬
‫(‪)15‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬انظر الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.hrlibray.umn.edu/arab/booz.htm‬‬
‫(‪)16‬‬
‫راميا محمد شاعر‪ ،‬االتجار بالبشر‪ ،‬قراءة قانونية اجتماعية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،2002 ،‬ص ‪.160‬‬
‫(‪)17‬‬
‫راميا عمر شاعر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫(‪)18‬‬
‫عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1996 ،‬ص ‪.507‬‬
‫(‪)19‬‬
‫أحمد عبد القادر خلف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪996‬‬

You might also like