Professional Documents
Culture Documents
اثار تعاطي المخدرات المبحث الاول
اثار تعاطي المخدرات المبحث الاول
مقدمة :
تمارس المخدرات دورا كبيرا جدا في دفع اإلنسان إلى ارتكاب مختلف الجرائم ,إذ إنها
تؤثر على الجهاز العصبي والحسي لإلنسان فتفقده السيطرة على نفسه عندما يحتاج إلى جرعة
المخدر ,إذ يكون في نفسية مضطربة تماما فيكون مستعدا الرتكاب أية جريمة من اجل الحصول
على هذه الجرعة ,لكي يتخلص من اآلالم الجسدية والنفسية التي يتركها عدم حصوله على
المخدر الالزم لتهدئته ,هذا من جانب ومن جانب آخر إن المدمن قد يرتكب الجريمة وهو في
حالة التأثر بالمخدر إذ إن المخدرات تضعف تمييز الشخص وإ دراكه لألمور وحكمه عليها ,
وبالتالي قد يرتكب الجريمة من حيث ال يعلم كارتكاب جريمة الدعارة أو الزنا أو اللواط ,وسواء
أكان هذا األمر بالنسبة للرجال أو النساء .بل إن أغلب الجرائم اإلرهابية – كالتفجيرات
االنتحارية – ترتكب تحت تأثير المخدرات التي تعطى ألولئك االنتحاريين ,وال أكون مبالغا
عندما أقول بأن لإلرهاب سببا مهما – باإلضافة إلى أسباب أخرى – أال وهو اإلدمان على
المخدرات .
وعلى ذلك فإن المخدرات لها الدور الكبير والمهم في دفع اإلنسان إلى ارتكاب الجريمة
سواء من اجل الحصول على المخدر أو عندما يكون تحت تأثيره .
والبد من القول بأن اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها يرجع إلى التاريخ القديم إذ يضرب
بجذوره فيه ,إذ كان اإلنسان منذ آالف السنين يستعمل نباتات معينة تحتوي على مواد تغير من
حالة العقل واإلدراك والحس ,وذلك من اجل الشعور بالسعادة أو تخفيف معاناة مريض معين أو
ومن بين أهم األسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها تأتي البيئة
األسرية أو المدرسية أو أصدقاء السوء أو ظروف العمل أو دور المجتمع عموما أو غير ذلك من
األسباب .
ويالحظ بشأن أنواع المخدرات بأنها يمكن أن تنقسم إلى مخدرات نباتية أصلها الطبيعة من
خالل النباتات ,أو من الممكن أن تكون تلك المخدرات كيمياوية إذ تدخل النباتات في صناعتها أو
وبالنسبة لوسائل مكافحة المخدرات فمن الواضح بأن الوقاية خير من العالج ,لذلك يبرز
دور الوسائل الوقائية لمنع السقوط في جرائم المخدرات ,وذلك من خالل تقوية رابطة الشخص
بأسرته وبمجتمعه ,وبالتالي بوطنه وتعزيز ثقته بنفسه ,باإلضافة إلى تقوية وإ ذكاء الروادع
الدينية حتى يمكن وقايته من الجرائم .لكن في حالة الوقوع في المحذور وهو الجريمة يجب
عندئذ البحث عن وسائل أخرى تمكننا من معالجة ما وقع بالفعل ,وبالتالي تبرز الوسائل العالجية
,الن وسائل الوقاية لم تنفع مع ذلك الشخص ,وتتمثل الوسائل العالجية بالوسائل األمنية وإ دارات
المخدرات باإلضافة إلى القانون من خالل العقوبة التي يقررها على المجرمين .وباإلضافة إلى
هذه الوسائل الداخلية يظهر دور الوسائل الدولية نظرا المتداد آثار المخدرات والمؤثرات العقلية
المخدرات ,إذ يالحظ في هذا الشأن بأن تلك اآلثار ال تقتصر على اآلثار الجرمية من خالل دفع
اإلنسان إلى ارتكاب الجريمة بل يمتد أثرها حتى إلى النواحي السياسية واألمنية واالقتصادية
واالجتماعية واألخالقية واألدبية ,بل وحتى االنتخابات ممكن أن تتأثر بتعاطي المخدرات أو
اإلدمان عليها من خالل اآلثار اإلجرامية وانعكاساتها على امن المجتمع .
وتظهر مشكلة الموضوع أيضا من خالل الكيفية التي يمكن من خاللها إعادة المدمن إلى
حظيرة المجتمع كإنسان عادي غير مريض جسديا أو نفسيا بفعل المخدرات ,وهذا ال يتأتى إال
من خالل تفهم وضعيته ونفسيته ومحاولة التخلص من كل اآلثار التي تتركها المخدرات عليه ,
سواء أكانت الجسدية أو النفسية من خالل طرق المعالجة ومحاولة القضاء على األسباب إلي أدت
إلى تعاطيه المخدرات أو إدمانه عليها ,وهذه المشكلة يجب على المسؤولين أخذها بعين االعتبار
والرعاية واالهتمام حتى يمكن تخليص المدمن من المخدرات وآثارها السلبية .
وبناء على ما تقدم سنقسم هذا البحث إلى مبحثين ,نتناول في األول التعريف بتعاطي
المخدرات ,أما المبحث الثاني فسنتناول فيها اثار تعاطي المخدرات ,اما المبحث الثالث
فسنستعرض فيه دور الدولة في الحد من تعاطي المخدرات ,ثم خاتمة البحث التي سنضمنها أهم
النتئج والتوصيات
المبحث االول :التعريف بتعاطي المخدرات
يقتضي التطرق في هذا المبحث إلى التعريف بالمخدرات من خالل بيان مفهومها العام
وبناء على ذلك البد من تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ,نتناول في األول منهما ,تعريف
تعاطي المخدرات ,في حين نتطرق في الثاني إلى االسباب المؤدية الى تعاطي المخدرات.
إن التعرف على مفهوم المخدرات يقتضي التطرق إلى تعريفها أوال سواء أكان ذلك على
المستوى اللغوي أو القانوني أو الدولي ,باإلضافة إلى التطرق إلى تعريف اإلدمان على
المخدرات الن مصطلح اإلدمان يرد متالزما مع المخدرات في معظم األحوال سواء لوحده أو مع
المخدرات ,في حين نستعرض في ثانيهما تعريف اإلدمان على المخدرات أو ما يرد معه من
إن تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفها في االصطالح الفني أو العلمي
أو القانوني ,إذ تدور المعاني في مجملها حول التخدير والخدر .
ففي اللغة ( تعني كلمة الخدر الكسل أو الفتور ,والمخدر يعني المضعف والمفتر ,ويقال
. )3
(( والمخدرات فنيا تعني العقاقير المجلبة للنوم ,وفي القاموس الطبي تعني العقاقير
المخدرة العقاق ــير التي تسبب النوم أو التخديـ ـ ــر ,بينما تعني المواد النفسيـ ــة المواد التي تــؤثر على
العقل
( المؤثرات العقلية ) ,وفي الفارماجولوجيا تعد العقاقير المخدرة والمواد النفسية من العقاقير ذات
التأثير على الجهاز العصبي المركزي ,وتعرف العقاقير المخدرة بأنها العقاقير التي تخفف األلم
وتحدث النوم أو النسيان وتحدث اعتمادا جسميا ونفسيا وعند التوقف عن تعاطيها تحدث أعراض
. ()4
االنقطاع,بينما تعني المواد النفسية العقاقير التي تؤثر على الحالة النفسية والسلوك ))
أما اصطالحا فإنه ال يوجد تعريف جامع مانع يتفق عليه العلماء للمخدرات ,إال انه يمكن
القول بأن المخدرات هي ( كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن
تزيل العقل جزئيا أو كليا ,وتناولها يؤدي إلى اإلدمان ,بما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي ,
فتضر الفرد والمجتمع ,ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إال ألغراض يحددها القانون وبما
. ( )5
ال يتعارض مع الشريعة اإلسالمية )
وبالنسبة للتعريف القانوني للمخدرات فقد عرفتها معظم قوانين المخدرات في البالد العربية
ومنها العراق في قانون المخدرات ,حيث عرف المخدر بأنه ( كل مادة طبيعية أو تركيبية من
إلى تعريف المخدرات بالقول أن ( عبارة – مخدرات – يقصد بها جميع النباتات والمواد الطبيعية
والتركــيبية والمنتجات الموضوعة تحت المراقبــة والخاضع ــة لتدابيــر رقابيــة بم ــوجب أحكام هذا
. ()7
القانون )
كما أن فقهاء القانون قد عرفوا المخدرات بأنها(تلك المواد التي تسبب تسمم الجهاز العصبي
وهي مجموعة من المواد ينشئ عنها اإلدمان,وبدون األغراض التي يحددها القانون فإنه يحظر
ت ــداولها أو زراعتــها أو صنعـها بحيـ ــث ال يج ــوز استعم ــالها إال بواسطة من رخص القانون لهم
. ()8
بذلك)
فرع اول :تعرف التعاطي
( ) 1973بأنه ( حالة نفسية ,وأحيانا عضوية ,تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار ,ومن
خصائصها استجابات وأنماط سلوك مختلفة ,تشمل دائما الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة
متصلة أو بين الحين واآلخر للشعور بآثاره النفسية أو لتجنب اآلثار المزعجة الناجمة عن عدم
. ()9
توفره ,وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة في الوقت عينه )
وقد عرف اإلدمان أيضا بأنه ( حالة تكيف اإلنسان بدنيا ونفسيا أو كليهما مع عقار يسيء
. ()10
استخدامه بحيث تظهر عليه أعراض االنقطاع عند التوقف عن التعاطي )
أما خصائص اإلدمان فتمثل بالحاجة النفسية وأحيانا العضوية للحصول على العقار المخدر ,
كما توجد الرغبة الملحة في االستمرار بتعاطي مجموعة عقاقير أو عقار ما مهما كانت الوسيلة
لذلك وان كانت األخيرة غير مشروعة ,كما أن زيادة الجرعات بصورة تصاعدية يعود إلى تعود
جسم المدمن على العقار وعدم اكتفائه بالجرعة السابقة ,هذا مع ظهور األعراض الجسدية
. ()11
والنفسية المميزة لكل عقار وبالخصوص في حالة االنقطاع عنه فجأة
أما بالنسبة للتعاطي فإنه يمثل المرحلة األولى لإلدمان أو المرحلة التي تسبقه ,وعلى ذلك
يظهر مستويين للتعاطي ,األول يتمثل بالتعاطي على سبيل إحداث شعور بالسعادة واالنشراح أو
مشاركة األصدقاء أو على سبيل االستكشاف والتجريب ,أما المستوى الثاني وهو األكثر خطورة
فهو اإلدمان على نوع معين أو أكثر من العقاقير وصعوبة االمتناع عن تعاطيه ,وبالتالي يعرف
التعاطي بأنه ( االستخدام غير الطبي أو العالجي للمخدرات وذلك بتناول اإلنسان لمادة أو أكثر
. ()12
من المواد المسببة لإلدمان )
إن ألية ظاهرة من الظواهر سواء أكانت سيئة أو حسنة عدة أسباب تؤدي إليها ,وهذه
األسباب قد يكون مرجعها الفرد في ذاته ,أو المجتمع في تكوينه العام وجزيئاته الكلية إذ يشجع
على وجود هذه الظاهرة ,والذي يعنينا هنا كون الظاهرة ذات األساس الفردي أو االجتماعي
ضارة بالفرد والمجتمع وبالتالي يجب البحث عن وسائل مكافحتها أو التصدي لها لتقليل خطورتها
الفردية واالجتماعية معا أو إعدام تلك الخطورة نهائيا ,وهذا في الواقع ال يأتي إال بتكثيف الجهود
( بدافع جدي ) الفردية واالجتماعية في الوقت ذاته لمواجهة تلك الظاهرة .بل إن للجهود األخرى
االقتصادية والسياسية والثقافية وبالخصوص اإلعالمية منها دورا مهما في مكافحة أو إنهاء تلك
وعلى ذلك فإن لظاهرة المخدرات أسباب تؤدي إليها ,وينبني على ذلك ضرورة وجود
وسائل وسبل مختلفة لمكافحة هذه الظاهرة التي هي بدورها متنوعة .
يمكن القول بان أسباب تعطي المخدرات تنحصر في مجموعتين رئيستين ,األولى خاصة
بالفرد ,أما الثانية فتتعلق بالمجتمع عموما .وعلى ذلك البد من التطرق إلى هذا الموضوع في
فرعين مستقلين ,نتعرض في األول إلى األسباب الخاصة بالفرد ,في حين نتناول في الثاني دور
المجتمع في تعاطي الفرد للمخدرات ,في حين نتطرق في الثالث إلى آثار تعاطي المخدرات .
هناك مجموعة من األسباب التي ترجع إلى الفرد خصوصا وتشكل عامال مهما في دفعه إلى
تعاطي المخدرات أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها .ويمكن إجمال هذه األسباب بما يأتي :
إن للدين تأثيرا كبيرا جدا في تكوين شخصية اإلنسان وجعلها متفاعلة بصورة إيجابية مع
المجتمع ,ولألديان على مر التاريخ انعكاسات ايجابية على نفسية اإلنسان وبالتالي على
سلوكياته .إذ تعد األديان – ومنها ديننا الحنيف – احد أهم األسباب التي تمنع من ارتكاب الجرائم
المختلفة .فالحدود الدينية تمنع أي إنسان من االعتداء على غيره من بني البشر ,بل تمنعه حتى
من االعتداء على نفسه باالنتحار أو تناول المخدرات أو المسكرات .لذلك نجد أن اإلنسان الملتزم
دينيا متقيدا بتلك الحدود وبالتالي ال يرتكب األفعال التي تعد مخالفة للدين الذي يعتنقه ,مع
مالحظة أن الدين هو دين واحد منذ زمن نبي اهلل آدم (ع) إلى زمن نبينا محمد (ص وآله) .ويعد
ضعف الوازع الديني أو قلته من أهم األسباب التي تساهم في ازدياد عدد الجرائم ,ومنها جرائم
المخدرات ,ويالحظ تأثير هذا العامل نفسية اإلنسان الن الدين يتع ــامل مـ ــع باطــن اإلنسـ ــان
داخلية لإلنسان لذلك فان الجريمة ليست إال انقالب للحقائق ناشئ من الخطأ في التصور أو الوهم
في التفكير ,وهذا المرض الفتاك هو الذي يؤدي إلى الظاهرة اإلجرامية إذ تعد األخيرة نتيجة
حتمية الضطراب النفس وانحراف التفكير وعدم الشعور أو اإلحساس بالخطيئة من قبل مرتكب
. ()30
الجريمة ومنها المخدرات لقناعته أن ما يرتكبه هو مباح ومشروع بالنسبة له
بال شك أن زيادة القدرة المالية للفرد وبالخصوص بالنسبة إلى فئة السباب تساهم مساهمة
فعالة في ازدياد جرائم المخدرات ,وتتوسع هذه الجرائم مع زيادة حجم الحرية التي تعطيها العائلة
ألبنائها .ويالحظ بان هناك ارتباط وثيق جدا بين المقدرة المالية وبيئة الفراغ ,حيث تعد أوقات
الفراغ فترات زمنية ترويحية ,لذلك يحاول بعض المترفين تعاطي المخدرات أو المسكرات
بوصفها من مصادر النشوة والسعادة أو لنسيان الهموم ومشاكل العمل والترويح عن النفس ,إال
أن األمر يتطور بعد ذلك إلى اإلدمان على هذه المسكرات أو المخدرات مع ما يترتب على ذلك
في كثير من وقائع حياتنا اليومية نالحظ وجود التقليد لدى عدد كبير من األطفال والشباب
بل وحتى الكبار ,من خالل محاولة هؤالء تقليد غيرهم في بعض المظاهر ,سواء أكانت حسنة أم
سيئة ,ونشاهد أيضا كثيرا من األطفال يدخنون السكائر أو يشربوا الخمر أو يتعاطوا المخدرات ال
لشيء أال ألنهم يريدوا أن يقلدوا قدواتهم السيئة سواء أكان هؤالء القدوات هم اآلباء أو اإلخوة أو
األصدقاء ,ومن هنا نالحظ أيضا التأثير الكبير الذي تتركه بيئة الصداقة السيئة على المجتمع من
خالل انحراف األبناء في تيار لجريمة على مختلف أنواعها ومنها المخدرات .وبالتالي تظهر
ضرورة اختيار األصدقاء الجيدين والملتزمين أخالقيا سواء أكان ذلك في بيئة المدرسة أو بيئة
يؤدي السلوك المنحرف لبعض األفراد إلى ارتكاب جرائم المخدرات ,حيث يالحظ بان
معظم جرائم المخدرات وإ دمان الخمور ترتبط بأنواع أخرى من السلوك المنحرف كالمراهنات
ولعب القمار أو الميسر ,والنشاط الجنسي غير المشروع ,وإ قامة الحفالت الماجنة للرقص
الرخيص أو للخالعة ,وكذلك االختالط المزري بين الجنسين ,وهنا يالحظ بان المدمن أو
السكران في لحقيقة قد يصل إلى مرحلة تفقده شعوره أو سيطرته على نفسه مما يؤدي إلى ارتكابه
مختلف الجرائم سواء كانت الجنسـ ــية والتي قد تصل إلى زنا المحـ ــارم ,أو الجرائم األخالقية
يكون سببه التغلب على الخوف االجتماعي من اآلخرين ,فالشخص عند تعاطيه المخدرات سوف
يتغلب على هذا الخوف وبالتالي سيحضر إلى الحفالت أو المناسبات االجتماعية أو يتكلم مع من
يحبها مثال أو يستطيع أن يحضر الدرس ,وعلى ذلك فإن معظم المصابين بالرهاب ( الخوف )
. ()33
االجتماعي سوف يلجأون إلى تعاطي المخدرات ,وهذا ما يؤدي إلى ارتكابهم الجريمة
ومتعاطيها ,إذ أن المروجين للمخدرات قد يوهمون األشخاص غير المتعلمين بان تعاطي
المخدرات سوف يزيد من نسبة الذكاء وتحصيل المعرفة بصورة أسرع وبطريقة أكثر اختصار ,
في حين إن الحقيقة تجافي هذه الوهم الكاذب ,كذلك قد يوهم بعض األشخاص – وقد يكون من
بينهم متعلمين – بان تعاط بعض أنواع من المخدرات سوف يزيد من القدرة الجنسية لذلك يلجا
الشباب المنحرف إليها عند ممارستهم الزنا ,ال بل حتى األشخاص المتزوجين زواجا مشروعا قد
يلجأوا إلى المخدرات العتقادهم الخاطئ بأنها سوف تزيد من قدرتهم الجنسية وبالخصوص في
األيام األولى من الزواج ,في حيـ ــن أن له ــذه المخ ـ ــدرات األثر السلبـ ــي والسيئ سواء على صحة
. ()34
اإلنسان أو على أخالقه
وينبغي اإلشارة هنا إلى إن موضوع الثقافة والتعليم يمارس ويؤدي دورا كبيرا جدا في
صنع شخصية اإلنسان وتكيفه مع طبيعة الحياة وظروفها ومشاكلها المختلفة ,فالمالحظ وحسب
والتجارة تكثر في األحياء أو المناطق المتدنية في مستواها االجتماعي والثقافي واالقتصادي أو
كما تسمى في أميركا باألحياء القذرة ,إذ يتعرض الشخص في هذه األحياء لمرافقة أصحاب
الرذيلة والسوء ,باإلضافة إلى وضع أبنيتها غير النظامية ( العشوائية ) والتي تساعد على
االختفاء أو الهرب عند مطاردة الشرطة ,وفي الدول العربية تنتشر ظاهرة تعاطي المخدرات في
أحياء كثيرة منها ,ومن أمثلة ذلك أحياء الكرنتينة وغليل التي تقع في جنوب مدينة جدة في
المملكة العربية السعودية ,إذ شاعت مقولة مفادها أن الداخل إلى شوارع كرنتينة مفقود والخارج
منها مولود وبالخصوص بعد العاشرة ليال ,وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على خطورة مثل
هذه األحياء التي ينتشر فيه التخلف االجتماعي واالقتصادي والثقافي وتنعدم فيها الخدمـ ــات
المدارس الحكومية أو غيرها في الحد أو القضاء على ظاهرة اإلدمان على المخدرات .
يترتب على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها جملة من اآلثار ,وفي مقدمتها
تظهر اآلثار الدينية المترتبة على ذلك ,ويبرز أيضا انعكاس اإلدمان على حجم الظاهرة
اإلجرامية في المجتمع ,بل إن األمر يتعدى حدود التأثير اإلجرامي على السلوك البشري ليتخطاه
إلى التأثير على النواحي السمية والنفسية للمتعاطي أو المدمن ,وكذلك فان هناك آثارا اقتصادية
وأخرى سياسية واجتماعية تترتب على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها .وعلى
يمكن اإلشارة إلى أن هذه اآلثار تنقسم إلى قسمين ,األول يتعلق باآلثار االجتماعية في
عالقة المدمن مع المجتمع عموما ,أما الثاني فيظهر من خالل عالقة المدمن بأسرته .فاإلدمان
على المخدرات يجعل من المدمن شخصا غير مقبول اجتماعيا وهذا ما سينعكس على عالقاته مع
اآلخرين بوصفه شخصا مرفوض اجتماعيا سواء أكان ذلك في مكان العمل أو مع أصدقائه وهذا
ما يؤدي إلى صعوبة إقامته العالقات مع اآلخرين بل وربما حتى مع نفسه ,حيث من الممكن أن
يصل المدمن إلى مرحلة معينة بحيث ال يستطيع أن يقتنع بنفسه أو بوجوده مما يدفعه إلى االنتحار
.أما بالنسبة آلثار المخدرات على األسرة فيظهر ذلك من خالل العالقة بين الوالدين في البيت ,
وكذلك والدة أطفاال مشوهين ,باإلضافة إلى زيادة اإلنفاق على المخدرات سيجعل دخل األسرة
محدودا مما قد يدفع الزوجة أو األم أو اإلخوان أو األبناء إلى السقوط هاوية الجريمة ,باإلضافة
إلى توتر العالقات األسرية والعيش في جو من المشاكل االجتماعية التي ليس لها حال وال تنتهي
غالبا إال بضياع األسرة وتفككها وهذا ما ينعكس بدوره على المجتمع .
تحدث المخدرات تأثيرا سيئا للغاية على االقتصاد بشكل عام سواء أكان المتعلق بدخل
الفرد وإ نتاجيته أو المتعلق بالدخل القومي للدولة وإ نتاجيتها ,حيث إن الرقابة على انتشار ظاهرة
اإلدمان على المخدرات وبالتالي القبض على المجرمين ومحاكمتهم تحتاج إلى قوى بشرية ومادية
كثيرة للقيام بهذا األمر وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة نفقات الدولة ومن خالله يتأثر اقتصاد الدولة
بشكل عام ,حيث تتحول الدولة من اتجاه اإلنتاجية االقتصادية إلى محاربة المخدرات ومحاولة
القضاء عليها ,كما إن تمويل المخدرات من قبل المروجين والتجار يؤدي إلى صرف مبالغ طائلة
جدا حيث يتحول جزء كبير من األموال إلى تحقيق غايات فردية دون المساهمة في زيادة الدخل
القومي للدولة ,وكذلك الحال بالنسبة لألموال التي تدفع لشراء المخدرات من قبل المدمنين فبدال
من أن توجه هذه األموال في زيادة اإلنتاجية وتقوية االقتصاد القومي للدولة فإنها ستساهم في
تقليل تلك اإلنتاجية وتدمر االقتصاد القومي بل وتؤثر على دخل لفرد ذاته ,كما إن المخدرات
توزيع رؤوس األموال على فئة قليلة من الناس وهم تجار المخدرات ومروجيها ,في حين يبقى
اآلخرون عاطلون عن العمل مما يؤدي بهم إلى البحث عن مصادر غير مشروعة للعمل وهذا ما
ينعكس سلبيا على إنتاجية الدولة واقتصادها القومي ,ويالحظ أيضا بان اإلنتاجية االقتصادية
للعمل سوف تنخفض نظرا الن المخدرات تضعف القدرة الجسدية والنفسية لدى المدمن مما يجعل
إنتاجيته اقل من الشخص غير الم ــدمن ,كم ـ ــا ان ــه تضعف مـ ــن المهـ ــارة العقلية والفنية مما يؤدي
. ()47
إلى انخفاض اإلنتاج للدولة كما وكيفا
نظرا لكون ظاهرة اإلدمان على المخدرات من المشاكل التي يعاني منها المجتمع عموما ,سواء
على المستوى الوطني أو الدولي ,لذلك يبدو من الالزم والواجب أيضا أن يتم البحث عن وسائل
مكافحة هذه الظاهرة على هذين المستويين ,وعلى ذلك فإنهما يتضمنان مجموعة وسائل تسعى
إلى مكافحة هذه الظاهرة وذلك بالقضاء عليها نهائيا أو الحد منها وتقليل أو إنهاء آثارها السلبية
تتوزع الطرق والجهود إلى مجموعتين مهمتين– كما يقال إن الوقاية خير من العالج –
فيما يتعلق بمجموعة الطرق والجهود الوقائية فإنها تتوزع إلى وسائل مهمة يأتي في
مقدمتها التربية والتعليم ,إذ يعدان من الوسائل الوقائية المهمة والتي يظهر دورها الفعال في
مكافحة ظاهرة اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها .إذ إن هذه الوسيلة يمكن أن تستخدم مع
األفراد عموما سواء أكانوا في المدارس االبتدائية أو في المدارس الثانوية أو في الجامعات أو
أماكن العمل ,بل يمكن استخدام هذه الوسيلة حتى مع غير المتعلمين من خالل إقامة الندوات
التعليمية .فالتربية هي المعنى الحقيقي لتكوين المواطن الصالح المؤمن بربه ووطنه وقيمه ودور
ذلك اإليمان في االنعكاس على شخصية المتلقي النفسية والروحية والخلقية واالجتماعية والعقلية
والجسمية وحتى الفنية ,الن التربية والتعليم هي رسالة شاملة بكل المعني ,وبذلك فهي توجه
إلى حل مشاكل المجتمع وتنمية مشاعر االنتماء في نفوس الناشئة وتحريرهم من مظاهر السلوك
المنحرف أو الشاذ ,وبالتالي تجنيبهم الوقوع في مخالفات القانون أو التعدي على قيم المجتمع
وعاداته وبذلك تقيهم من ارتكاب الجرائم المختلفة ,وتتضمن التربية والتعليم في الواقع قوى
بشرية وإ مكانات قادرة على تنوير الطريق أمام المتعلم وتعريفه بحضارة العصر وكيفية التعامل
معها وفقا للدين والقانون ووفقا أيضا للعادات والتقاليد االجتماعية التي ال تتعارض مع الدين
والقانون وبالتالي تبديد الظالم والجهل والخرافة ,وعلى ذلك يأتي دور التربية والتعليم إدارة
ومنهجا وتدريسا ونشاطا عاما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني مثال في تحرير الفرد من نزعات
االنحراف والميول العدوانية أو اإلجرامية والنأي به عن الالمباالة والشذوذ واإلدمان ,ومن أهم
وسائل التربية والتعليم في الوقاية من االنجراف في تيار التعاطي او اإلدمان على المخدرات هي
. ()50
المدرسة – على المستوى الحكومي – بوصفها النموذج المؤثر في سلوكية المتعلم ونفسيته
وال يمكن أن ننسى الدور الذي تقوم به المرجعيات الدينية لمختلف الطوائف في التحذير من
مخاطر اإلدمان على المخدرات وهذا يشمل الناس المتعلمين وغير المتعلمين .باإلضافة إلى دور
منظمات المجتمع المدني في توضيح مخاطر اإلدمان على المخدرات للناس كافة واثر في ذلك
ويبرز دور اإلعالم بوصفه من الوسائل الوقائية المهمة جدا لمكافحة تعاطي المخدرات أو
اإلدمان عليها ,إذ إن لوسائل االتصال المختلفة السمعية منها والمرئية أو السمعية والمرئية
والمقروءة دور مهم جدا في الحد من الكثير من الظواهر اإلجرامية وبالخصوص المخدرات .إذ
أن أجهزة اإلعالم المختلفة من المجالت والصحف أو اإلذاعة والفضائيات أو االنترنيت وغيرها
– فيما يستجد في المستقيل – لها دورها المهم في توعية المواطنين باآلثار السلبية الفردية أو
االجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ,باإلضافة إلى الوسائل االتصالية األخرى
كالمسارح والمهرجانات والمعارض والندوات التثقيفية والمؤتمرات العلمية وغير ذلك ,كل هذه
الوسائل اإلعالمية من الممكن جدا أن تؤدي دورها الحقيقي والفعلي في توعية الناس وإ فهامهم
. ()51
بآثار تعاطي المخدرات وبالتالي وقايتهم من الوقوع في نتائجها السلبية
والبد من اإلشارة في هذا المقام أيضا إلى دور العقوبة الجنائية والمدنية التي تصدر بحق
المتعاطي أو المدمن على المخدرات في تحقيق أغراض الوقاية بالنسبة لغير المحكوم عليهم بها ,
وذلك من خالل ردعهم عن ارتكاب مثل هذه الجرائم ,فالخوف من الموت عن طريق عقوبة
اإلعدام أو م ــن عقوبة الحب ـ ــس أو السجن يقـ ـ ــف من بين األسباب التي تؤدي إلى انخفاض معدل
ويظهر أيضا دور البرامج اإلرشادية التي تؤدي إلى الوقاية من الوقوع في هاوية جرائم
المخدرات ,باإلضافة إلى المعالجات البيئية التي قد تؤثر على سلوك ونفسية اإلنسان بصورة
. ()52
سلبية ونقله إلى بيئة تساعده على العيش بعيدا عن عوامل الجريمة
تتمثل الوسائل العالجية بتلك التي يلجأ إليها لمعالجة المتعاطي بعد تعاطيه المخدرات أو
لمعالجة المدمن على المخدرات ,فهذه الوسائل تعمل بعد وقوع المحذور أال وهو تعاطي
المخدرات أو اإلدمان عليها .ومن بين أهم هذه الوسائل يظهر العالج الطبي سواء أكان العالج
الجسمي أو النفسي والعقلي .والعالج الجسمي أو البدني يتمثل بعدم منعه حاال أو فجأة" من
المخدر الذي أدمن عليه الن ذلك قد يؤدي إلى وفاته وبالتالي فإن العالج يقتضي منعه من المخدر
تدريجيا الن جسمه قد اعتاد من قبل على هذا المخدر .أما العالج النفسي أو العقلي فإن المدمن
يحتاج إليه أيضا ألنه قد يغدو نتيجة اإلدمان مريضا نفسيا أو عقليا وبالتالي يحتاج إلى وسائل
عالجية تالءم حالته المرضية ,وعلى ذلك ينبغي وضعه في أماكن مخصصة للمرضى النفسيين
نتيجة اإلدمان على المخدرات تختلف بالضرورة عن تلك األماكن المخصصة لألمراض النفسية أو
العقلية العامة حتى يمكن التعامل مع لمدمنين معاملة خاصة تتالءم مع حالتهم النفسية أو العقلية
التي وصلوا إليها نتيجة اإلدمان ,وينبغي ان تتم معالجة هؤالء المرضى بأسلوب يضمن إعادتهم
إلى المجتمع مواطنين عاديين وصالحين عن طريق إذكاء روح التعليم والتربية وإ تاحة فرص
. ()53
العمل المثمر لهم بما يؤمن عدم عودتهم إلى اإلدمان مرة أخرى
ويالحظ بهذا الشأن بأنه لم يتم في اغلب الدول العربية ومنها العراق واألردن ومصر وليبيا
إنشاء مصحات لعالج المدمنين على الرغم من كثرتهم وبالخصوص في األردن ومصر ,بل
.وبدورنا ()54
أوجدت أقسام في مستشفيات اإلمراض العقلية والنفسية لتتم بها معالجة المدمنين
ننتقد هذا الوضع وندعو إلى وضع مدمني المخدرات في أماكن صحية خاصة بهم الن عالجهم ال
يقتصر على العقاقير الطبية أو المعالجة النفسية فقط بل يعتمد أيضا على البيئة الصحية التي
يتواجدون فيها لغرض العالج ,وبالتالي إذا وجدوا في بيئة يكثر فيها المتخلفون عقليا أو المجانين
أو المرضى النفسيين فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد على وضعهم العالجي وبالنتيجة على صحتهم العقلية
والنفسية .وهذه الدعوة أيضا تشمل المشرع العراقي بضرورة حذف عبارة ( المصحات) ال ــواردة
في الم ـ ــادة ( الرابعة عشر /سابعا) من قانون المخدرات العراقي رقم ( )68لسنة 1965المعدل ,
الن هذه العبارة تجيز للقاضي وضع المدمن في إحدى المصحات العقلية أو النفسية وهذا ما ال
يؤدي إلى تحقيق أهداف العالج ,وبالتالي ضرورة االقتصار على عبارة ( األماكن الصحية التي
تخصصها الوزارة لهذا الغرض ليعالج فيها ) أو عبارة ( احد المصحات التي تنشأ لهذا الغرض )
خصوصا وان العبارة األخيرة قد وردت في المادة ( )2 /386من قانون العقوبات العراقي رقم (
)111لسنة 1969المعدل وذلك لمعالجة المدمن على الخمر وهو بالتأكيد اتجاه محمود للمشرع
العراقي في قانون العقوبات ,وعلى ذلك فان األخذ بإحدى هاتين العبارتين سيفرض على القاضي
وضع المتهمون أو المحكوم عليهم (المدمنون) في أماكن خاصة بهم هي غير أماكن المجانين أو
المرضى النفسيين ,وهو ما فعله المشرع اللبناني عندما اوجب على القاضي إذا كان المتهم
()55
محتاجا إلى العالج أن يأمر بوضعه للمعالجة في مصحات متخصصة لمدمني المخدرات فقط
.بل إن المشرعين اللبناني والسوري قد اوجبا أن يتم وضع المدمن في تلك المصحات الخاصة
بمدمني المخدرات بطريقة تراعى فيها السرية سواء بالنسبة للمتهمين أو المحكوم عليهم المدمنون
(
لغرض المعالجة او الذين يتقدمون طوعا بطلبات لوضعهم في تلك المصحات إلغراض العالج
,وهذا ما ال يفعله المشرع العراقي في قانون المخدرات سواء بالنسبة لوضع المدمنين الذين )56
يتقدمون طوعا بطلبات لمعالجتهم في المصحات الخاصة بذلك أو بالنسبة للسرية الالزمة عند
وضع المدمنون المتهمون أو المحكوم عليهم او المختارين ذلك في تلك المصحات ,لذلك أدعو
المشرع العراقي إلى مراعاة ذلك والنص عليه بمواد مستقلة في قانون المخدرات كي يغدو الهدف
من وضع المدمن في تلك المصحات وسريته هو المعالجة الطبية الصحيحة والتي تؤدي إلى
إعادته إلى حظيرة المجتمع إنسانا صالحا وهذا ما ال يتحقق إال بإتباع ما أورده المشرعين اللبناني
()57
والسوري بهذا الشأن .
ومن الوسائل العالجية األخرى يبرز القانون من خالل توقيع العقوبات المتالئمة والمتوافقة
مع حجم الجريمة وانعكاس آثارها على المجتمع ,ويأتي الدور العالجي هنا بالنسبة للمحكوم عليه
دون غيره ,الن اثر العقوبة كما أوضحنا قد يكون وقائيا بالنسبة لغير المحكوم عليهم .فالقانون
هو الوسيلة الرادعة لمن ثبت عد إمكانية صالحهم وعدم استفادتهم من أي نظام توجيهي أو
تعليمي معين ,مع األخذ بنظر االعتبار كون العقوبة هي وسيلة إلصالح المحكوم عليه وليست
تنص المـادة 28من قـانون المخـدرات العـراقي والمـؤثرات العقليـة على أنـه ”:عقوبـة السـجن المؤبـد
أو المــؤقت وبغرامــة ال تقــل عن عشــرة ماليين دينــار وال تزيــد على ثالثين مليــون كــل من أدار أو
أعــد أو هيــأ مكان ـًا لتعــاطي المخــدرات والمــؤثرات العقليــة ومن أغــوى حــدثًا وشــجع زوجــه أو أحــد
أقربائــه حــتى الدرجــة الرابعــة على تعــاطي المخــدرات أو المــؤثرات العقليــة وللمحكمــة بــدًال من أن
تف ــرض العقوب ــة أن تل ــزم من تع ــاطي الم ــواد المخ ــدرة بمراجع ــة عي ــادة نفس ــية تنش ــأ له ــذا الغ ــرض
لمساعدته على التخلص من عادة تعاطي المخدرات ،وكذلك نصت المادة 33من قـانون المخـدرات
والمـؤثرات العقليـة العـراقي بـأن عقوبـة كـل شـخص يسـمح لألخـرين بتعـاطي المخـدرات ،أو تعـاطي
أي من المؤثرات العقلية سواء مقابل الحصول على عائد أو بـدون الحصــول على مقابـل لـذلك ،فــأن
العقوبة تتمثل في السجن لمدة ال تنقص عن 6أشهر ،وال تتجاوز مدة الحبس عن ســنتين ،وبغرامــة
المخ ــدرات في الع ــراق او تعاطيه ــا بالتفص ــيل بالنس ــبة ألف ــراد الق ــوات المس ــلحة العراقي ــة ،أو عقوب ــة
()58
تعاطي المخدرات لكل فرد يعمل بها تتمثل كاآلتي:
يتم الحكم على األف ــراد ال ــذين يعمل ــون ب ــالقوات المس ــلحة في الع ــراق باإلع ــدام ،أو الس ــجن المؤب ــد.
وكــذلك يتم دفــع غرامــة ماليــة وقيمتهــا ال تنقص عن 3000دينــار ،وال يمكن أن تزيــد هــذه الغرامــة
الماليــة عن 10.000دينــار .كمــا أن المتهم مســتخدما بــالقوات المســلحة العراقيــة فتتمثــل العقوبــة في
الحبس لم ـ ــدة ال تنقص عن 10س ـ ــنوات .والغرام ـ ــة المالي ـ ــة في ه ـ ــذه الحال ـ ــة ال تنقص عن 1000
دين ــار ،وال تتج ــاوز ه ــذه الغرام ــة 2000دين ــار .كم ــا أن ــه يمكن الحكم باإلع ــدام على أف ــراد الق ــوات
()60
المسلحة أو أي من األفراد الذين يعملون بها في حالة القبض على المتهم أثناء مطاردة العدو.
الخاتمة :
لقد أسفر البحث عن جملة من االستنتاجات والتوصيات نوجزها بما يأتي - :
تبين لنا من خالل البحث بان تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفه في -1
ظهر لنا معنى اإلدمان بأنه حالة نفسية وأحيانا عضوية تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع -2
العقار المخدر ,وهذا ما يجعله مختلفا عن مصطلح االنقطاع والذي يتمثل باإلعراض أو
النفسية التي تترتب على عدم تناول الُم دمن للعقار الُم دمن عليه وعندما يحرم منه فجأة ,
أما قوة التحمل فتعني المناعة قبل الكمية ذاتها من العقار الُم دمن عليه بحيث إن الُم دمن
يحتاج إلى جرعات إضافية أي بكمية اكبر من السابقة حتى يحس بلذة المخدر.
تبين لنا أيضا بأن أسباب تعطي المخدرات يشترك فيها كل من الفرد والمجتمع و وبالتالي -3
يكون التعاطي هو نتيجة هذين السببين بما يتضمناه في مجموعتيهما من أسباب .
والمجتمع ال يقتصر على المجتمع الحر أو غير المقيد ,بل يشمل أيضا مجتمع السجن أو
بالنسبة آلثار تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليه فإنها تشمل آثارا عديدة تتمثل باآلثار -4
أما بالنسبة لوسائل مكافحة المخدرات فإنها تتمثل بمجموعة الوسائل الوطنية الوقائية -5
والعالجية ,باإلضافة إلى الوسائل الدولية المتمثلة بالنظام القانوني الدولي لمكافحة االتجار
بالمخدرات عن االتفاقيات الثالثة الصادرة عن األمم المتحدة وقد تبين لنا أيضا وجود
اتجاه فقهي يخلط بين الوسائل الوقائية والوسائل العالجية ,في حين يجب أعمال التفرقة
الزمنية والضرورية بين تلك الوسائل من حيث إن الوسائل الوقائية ينهض دورها في
مرحلة سابقة على اإلدمان ,في حين أن الوسائل العالجية يبرز دورها بعده .
دعوة المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969إلى التشدد في عقوبة -1
الواردة في فانون المخدرات العراقي رقم 68لسن , 1965وجعل تلك العقوبة هي
الحبس بين مدتيه الدنيا والعليا أي بين مدة ثالثة أشهر إلى خمس سنوات .
نقترح على المشرع العراقي حذف عبارة ( المصحات ) الواردة في المادة ( الرابعة -2
عشر/سابعا) من قانون المخدرات رقم ( )68لسنة 1965المعدل الن هذه العبارة تجيز
للقاضي وضع المدمن في إحدى المصحات العقلية أو النفسية وهذا ما ال يؤدي إلى
تحقيق أهداف العالج ,واالقتصار على عبارة ( األماكن الصحية التي تخصصها الوزارة
لهذا الغرض ليعالج فيها ) أو عبارة (احد المصحات التي تنشأ لهذا الغرض ) خصوصا
وان العبارة األخيرة واردة في المادة ( ) 2 / 386من قانون العقوبات العراقي وبالتالي
يكون من األفضل قانونا توحيد هذا األمر بالنسبة لمعالجة المدمنون سواء على السكر أو
المخدرات .
ندعو المشرع العراقي في قانون المخدرات إلى إتباع ما ذهب إليه المشرع اللبناني في -3
المادتين ( ) 183 , 182من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف رقم ()673
, 1993وذلك فيما يتعلق بتنظيم الوضع القانوني لمن تقدم اختيارا وبرغبته الشخصية
بطلب إلى المصحات الخاصة بمعالجة مدمني المخدرات أو المسكرات لكي يعالج فيها ,
باإلضافة إلى مراعاة السرية عند دخول المدمنين إلى تلك المصحات الخاصة بمعالجتهم
سواء أكان هؤالء المدمنون متهمون بارتكاب الجرائم أو محكوم عليهم و من المتقدمين
طوعا واختيارا بطلباتهم لغرض المعالجة في تلك المصحات .وعند ذلك يمكن للمعالجة
الطبية في تلك المصحات الخاصة بالمدمنين أن تحقق أغراضها في شفاء المدمن وتحسن
حالته الصحية ومن ثم عودته إلى المجتمع إنسانا معافى من آثار المخدرات وصالحا
-الهوامش :
د .سمير محمد عبد الغني ,المخدرات ,مصر ,دار الكتب القانونية , 2006 ,ص 7هامش رقم (. )1 ( )1
محمد ابن أبي بكر عبد القادر الرازي ,مختار الصحاح ,القاهرة ,دار الكتاب العربي , 1980 ,ص . 170 ( )2
علي عبد اهلل الحمادة ,المخدرات ,بحث مقدم إلى كلية الحقوق – جامعة حلب ,2007 ,ص . 3 ( )5
المادة (األولى ) 8/من قانون المخدرات العراقي رقم ( )68لسنة 1965المعدل . ( )6
المادة ( الثانية ) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ( )673لسنة . 1998 ( )7
د .غسان رباح ,الوجيز في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية , 2008 , ( )8
ص . 215 – 214
د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 34 ( )9
ينظر /د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 35 ()11
ينظر /د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 37 – 35 ()13
المادة ( األولى )19 /من قانون المخدرات العراقي المعدل .ويالحظ بهذا الشأن أن مصطلح االتجار أوسع من ()14
مصطلح المتاجرة وفقا لهذا القانون الن االتجار يشمل المتاجرة بمعناها المتقدم وفقا لنص المادة ( األولى 19, 8/
ينظر /د .كامل فريد السالك ,قوانين المخدرات الجزائية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية , 2006 ,ص ()15
يالحظ بان الحدث وفقا لقانون االحداث العراقي رقم ( )76لسنة 1983المعدل هو الشخص الذي اتم التاسعة من ()16
العمر ولم يتم الخامسة عشر وهذا هو الصبي ,اما الحدث الفتى فهو الذي اتم الخامسة عشر من عمره ولم يتم
الثامنة عشر ,باالضافة الى ان الصغير هو الشخص الذي لم يتم التاسعة من عمره ,وذلك وفقا لنص المادة ()3
من القانون المذكور .والبد من االشارة الى ان الدعوى الجزائية وفقا لقانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي
رقم ( )23لسنة 1971المعدل ال يمكن ان تحرك على الصغير الذي لم يتم السابعة من عمره ,وكذلك ال يمكن ان
يوقف الحدث (وفقا لتعريف الحدث في قانون االحداث ) المتهم في مخالفة ويجوز توقيفه في جنحة او جناية
لغرض فحصه ودراسة شخصيته او لتعذر وجود كفيل له اما اذا كان متهما بجناية عقوبتها االعدام وكان عمره
تجاوز عشر سنوات فيكون توقيفه واجبا ,ينظر /المادتان ( ) 237 , 233من القانون المذكور .
ينظر /المواد ( ) 388 – 386من قانون العقوبات العراقي المعدل . ()17
ينظر /د .كامل فريد السالك ,المصدر السابق ,ص . 77 ()18
وفي االتجاه ذاته ينظر /المواد ( ) 139 , 16, 10من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني ()19
رقم 673لسنة . 1998المادتان ( ) 48, 18من قانون المخدرات السوري رقم 2لسنة . 1993
ينظر /المادة ( الثامنة) من قانون المخدرات العراقي المعدل .في االتجاه ذاته ينظر /المواد ( – 100 , 80 ()20
ينظر /محمد مزعي صعب ,جرائم المخدرات ,بيروت ,منشورات زين الحقوقية , 2007 ,ص 50 – 49 ()21
.د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 2 – 1 ()22
ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 4 ()24
د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 215 ()26
د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص . 219 ()27
في تفصيل ذلك ينظر /د .عبد الفتاح الصيفي و د .محمد زكي أبو عامر ,علم اإلجرام والعقاب ,اإلسكندرية ,بال ()28
ينظر /د .محمد شالل حبيب ,أصول علم اإلجرام ,ط , 2بغداد ,دار الحكمة , 1990 ,ص . 147 ()29
في تفصيل ذلك ينظر /د .أكرم نشأت إبراهيم ,علم النفس الجنائي ,ط , 2عمان ,دار الثقافة للنشر والتوزيع , ()30
, 1998ص . 23 – 22
في تفصيل ذلك ينظر /د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,علم النفس الجنائي ,اإلسكندرية ,دار المعرفة ()31
ينظر /رمزي العربي ,علم النفس ,ج , 2بيروت ,دار الرفيق للطباعة والنشر والتوزيع , 2006 – 2005 , ()32
ص.9
ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 7 ()33
ينظر /د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,المصدر السابق وص . 309 – 308 ()34
ينظر /د .أكرم نشأت إبراهيم ,المصدر السابق ,ص . 17 ()35
ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 9 ()36
ينظر /د .عبد اهلل عبد الغني غانم ,مجتمع السجن ,اإلسكندرية ,المكتب الجامعي الحديث , 1985 ,ص 139 ()37
في تفصيل اآلثار لتي تتركها المخدرات على العقل البشري ينظر /د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,المصدر السابق , ()40
ص . 210
في تفصيل ذلك ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 5 – 4 ()41
في تفصيل ذلك ينظر /محم ــد مزع ـ ــي صع ـ ــب ,المصـ ــدر الساب ــق ,ص 53وما بعدها . ()42
ينظر /د .غسان رباح ,المصدر السابق ,ص . 222 – 220 ()43
ينظر /د .أكرم نشأت إبراهيم ,المصدر السابق ,ص . 23 – 21 ()44
ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 6 ()45
ينظر /د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,المصدر السابق ,ص 299وما بعدها . ()47
ينظر /علي عبد اهلل الحمادة ,المصدر السابق ,ص . 10 ()48
في تفصيل ذلك ينظر /المصدر نفسه ,ص 701وما بعدها . ()49
بهذا الشأن ينظر م د .أكرم نشأت إبراهيم ,المصدر السابق ,ص . 145 ()50
ينظر /د .كامل فريد السالك ,المصدر السابق ,ص 216هامش رقم (. )1 ()51
ينظر /المادة ( )182من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ( )673لسنة . 1998 ()52
ينظر /المادة ( )183من القانون المذكور .المادة ( )44من قانون المخدرات السوري رقم ( )2لسنة . 1993 ()53
في تفصيل ذلك ينظر /د .سمير محمد عبد الغني ,المصدر السابق ,ص 244هامش رقم (. )1 ()54
ينظر /المادة ( )182من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ( )673لسنة . 1998 ()55
د.صالح السعد ،المخدرات والمجتمع ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان. ()56
نظر /د .كامل فريد السالك ,المصدر السابق ,ص 216هامش رقم ()58
في تفصيل ذلك ينظر /د .كامل فريد السالك ,المصدر السابق ,ص 216هامش رقم. ()59
د .أكرم نشأت إبراهيم ,علم النفس الجنائي ,ط ,2عمان ,دار الثقافة للنشر والتوزيع . 1998 , -1
رمزي العربي ,علم النفس ,ج , 2بيروت ,دار الرفيق للطباعة والنشر والتوزيع – 2005 , -2
. 2006
د .سمير محمد عبد الغني ,المخدرات و مصر و دار الكتب القانونية . 2006 , -3
د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,علم النفس الجنائي ,اإلسكندرية ,دار المعرفة الجامعية .2003 , -4
د .عبد الفتاح الصيفي و د .محمد زكي أبو عامر ,علم اإلجرام والعقاب ,اإلسكندرية ,بال ناشر ,بال -5
د .غسان رباح ,الوجيز في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية , -6
. 2008
د .كامل فريد السالك ,قوانين المخدرات الجزائية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية. 2006 , -7
محمد ابن أبي بكر عبد القادر الرازي ,مختار الصحاح ,القاهرة ,دار الكتاب العربي و بال سنة طبع . -8
د .محمد شالل حبيب ,أصول علم اإلجرام ,ط , 2بغداد ,دار الحكمة . 1990 , -9
( ) 10د .محمد شحاتة ربيع و د .جمعة سيد يوسف و د .معتز سيد عبد اهلل ,علم النفس الجنائي ,القاهرة ,
محمد مزعي صعب ,جرائم المخدرات ,بيروت ,منشورات زين الحقوقية . 2007 , ()11
قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23لسنة 1971المعدل . -2
قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم 673لسنة . 1998 -4
االتفاقية الموحدة للمخدرات لعام ( )1961والمعدلة بالبروتوكول الصادر سنة (. )1972 -1
اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة . 1988 -3