أحكام أتعاب التحكيم د. حسن القرني

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 78

‫أحكام أتعاب التحكيم‬

‫د‪ .‬حسن بن صالح بن شلعان القرني‬


‫أستاذ الفقه المشارك بكلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة الملك فيصل‬

‫‪477‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫العدد الرابع والثالثون | شعبان ‪1445‬هـ | فبراير ‪2024‬م‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل الكريم الوهاب‪ ،‬اهلادي إىل اخلري والصواب‪ ،‬والصالة والسالم‬
‫عىل نبينا األواب‪ ،‬وعىل آله وأصحابه أويل النهى واأللباب‪،‬‬
‫أما بعد؛‬
‫ٍ‬
‫ودول إىل التحكيم‬ ‫ٍ‬
‫ومؤسسات‬ ‫ٍ‬
‫أفراد‬ ‫فقد ازداد جلوء اخلصوم من‬
‫لفصل املنازعات بينهم يف هذا الزمان‪ ،‬السيام بعد تنظيمه من ِقبل الدول‬
‫واملؤسسات‪ ،‬وهو من أبرز وسائل فض املنازعات يف الزمن احلارض؛‬
‫لرسعته وخصوصيته وغري ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫قضية‪ ،‬وهذه‬ ‫وإن أكثر املحكَّمني يقبضون أتعاب ًا مقابل حتكيمهم يف كل‬
‫ذكرت يف هذا البحث املخترص أبرز‬
‫ُ‬ ‫األتعاب تتعلق هبا مسائل كثرية‪ ،‬وقد‬
‫املسائل املتعلقة هبا وأسميتُه (أحكام أتعاب التحكيم)‪ ،‬وخصصته بأتعاب‬
‫املحكَّمني دون أتعاب أمني الرس وغري ذلك‪ ،‬وأسأل اهلل أن ينفع به كاتبه‬
‫وقارئه‪.‬‬
‫أمهية املوضوع‪:‬‬
‫ال خيفى عىل كل َم ْن له اطالع عىل العلم الرشعي والواقع املجتمعي ما‬
‫ٍ‬
‫أمهية‪ ،‬ومنها ما ييل‪:‬‬ ‫ألتعاب التحكيم من‬
‫‪ )1‬أتعاب التحكيم تتعلق بوالية التحكيم الرشعية التي يزداد اللجوء‬
‫هلا يف األزمنة األخرية لفض املنازعات بني األفراد واملؤسسات والدول‬
‫السيام بعد صدور األنظمة اخلاصة هبا‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫‪ )2‬تستمد أتعاب التحكيم أمهي ًة من خطر أخذ أموال الناس دون الوفاء‬
‫بااللتزامات الواجبة مقابل ذلك‪.‬‬
‫‪ )3‬ينبني عىل تكييف أتعاب التحكيم عدة مسائل كوقت استحقاقها‬
‫وحكمها حال انتهاء مهمة املحكَّم قبل إصدار احلكم وحكمها حال بطالن‬
‫احلكم وغري ذلك‪.‬‬
‫أهداف املوضوع‪:‬‬
‫تسعى دراسة هذا املوضوع إىل حتقيق ٍ‬
‫مجلة من األهداف‪ ،‬وأمهها ما ييل‪:‬‬
‫‪ )1‬بيان حكم أخذ أتعاب التحكيم وتكييفها‪.‬‬
‫‪ )2‬حترير وقت استحقاق أتعاب التحكيم‪ ،‬وحكمها عند انتهاء مهمة‬
‫املحكَّم قبل إصدار احلكم‪.‬‬
‫‪ )3‬معرفة حكم اسرتداد أتعاب التحكيم عند بطالن احلكم‪ ،‬وحكم‬
‫الرجوع هبا عىل اخلصم اخلارس‪.‬‬
‫أسباب اختيار املوضوع‪:‬‬
‫دفعني للكتابة يف هذا املوضوع عدة ٍ‬
‫أمور‪ ،‬ومن أمهها ما ييل‪:‬‬
‫‪ )1‬األمهية الكربى هلذا املوضوع والتي سبق بيان بعض وجوهها‪.‬‬
‫ال عن ذكر ٍ‬
‫عدد‬ ‫‪ )2‬ندرة النصوص الفقهية املتعلقة بأتعاب التحكيم فض ً‬
‫من مسائلها‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫معارص يتعلق بأتعاب التحكيم ومسائلها‬ ‫بحث فقهي‬‫ٍ‬ ‫‪ )3‬عدم وجود‬
‫الواقعية ودراستها دراس ًة فقهي ًة مراعى فيها واقع التحكيم وأنظمته‬
‫وتطوراته‪.‬‬
‫‪ )4‬تعدد أسئلة املختصني واملامرسني للتحكيم عن بعض املسائل‬
‫الـم ْش ِكلة املتعلقة بأتعاب التحكيم السيام مع قلة النصوص‬
‫الواقعية ُ‬
‫النظامية املختصة بأتعاب التحكيم‪.‬‬
‫الدراسات السابقة للموضوع‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عدد من الكتب ومظان البحوث والرسائل الفقهية‬ ‫بعد االطالع عىل‬
‫مل أجد َم ْن ذكر األحكام الفقهية املتعلقة بأتعاب التحكيم بتفصيلها وذكر‬
‫أبرز املسائل املـ ُْش ِكلة يف الواقع العميل للتحكيم واملتعلقة هبا‪ ،‬ودراستها‬
‫دراس ًة فقهي ًة مراعى فيها الواقع العميل للتحكيم‪ ،‬وكثري ًا مما كُتب عن أتعاب‬
‫التحكيم ال يكاد يتجاوز تكييفها‪ ،‬مع إفاديت الكبرية منها‪ ،‬وألصحاهبا فضل‬
‫السبق بذلك‪.‬‬
‫ومن أبرز ما كُتب يف هذا املوضوع‪:‬‬
‫‪ )1‬عقد التحكيم يف الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬للدكتور‬
‫قحطان بن عبد الرمحن الدوري‪ ،‬وهي رسال ٌة جامعي ٌة من كلية دار العلوم‬
‫يف القاهرة‪ ،‬وكانت طبعته األوىل يف عام ‪1405‬هـ‪ ،‬ثم ُطبع طبعة أخرى يف‬
‫عام ‪1422‬هـ من دار الفرقان للنرش والتوزيع‪ ،‬ومل يذكر أحكام األتعاب يف‬
‫كتابه‪ ،‬ومل يشرتك بحثي معه يف أي مسألة‪.‬‬

‫‪480‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫‪ )2‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل‪ ،‬وهي رسال ٌة جامعي ٌة‬


‫يف كلية الرشيعة بالرياض يف عام ‪1409‬هـ‪ ،‬ومل يشرتك بحثي معه إال يف‬
‫ٍ‬
‫واحدة وهي‪ :‬املعاوضة عىل التحكيم‪ ،‬وذكر فيها قول احلنابلة فقط‬ ‫ٍ‬
‫مسألة‬
‫اجتهدت بذكر‬
‫ُ‬ ‫‪-‬وفصل يف مسألة أخذ القايض العوض عىل القضاء‪ ،-‬وقد‬
‫َّ‬
‫أقوال املذاهب األربعة ‪-‬نص ًا أو خترجي ًا‪ -‬وأدلتهم واعرتاضاهتم يف مخس‬
‫رجحت ما رأيتُه أقرب للصواب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫صفحات‪ ،‬ثم‬
‫‪ )3‬التحكيم يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬للشيخ عبد اهلل بن حممد آل خنني‪،‬‬
‫مطبوع من دار احلضارة للنرش والتوزيع يف عام ‪1441‬هـ‪ ،‬ومل‬‫ٌ‬ ‫وهو كتاب‬
‫يشرتك بحثي معه إال يف مسألتني اثنتني‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫اجتهدت‬
‫ُ‬ ‫أ‪ .‬املعاوضة عىل التحكيم‪ ،‬وذكر فيها قول احلنابلة فقط‪ ،‬وقد‬
‫بذكر أقوال املذاهب األربعة ‪-‬نص ًا أو خترجي ًا‪ -‬وأدلتهم واعرتاضاهتم يف‬
‫رجحت ما رأيتُه أقرب للصواب‪.‬‬‫ُ‬ ‫مخس صفحات‪ ،‬ثم‬
‫ب‌‪ .‬الرجوع بأتعاب التحكيم عىل الطرف اخلارس‪ ،‬ومل يذكر فيها أقوال‬
‫اجتهدت بذكر أقوال املذاهب ‪-‬نص ًا أو‬
‫ُ‬ ‫الفقهاء؛ لعدم نصهم عليها‪ ،‬وقد‬
‫خترجي ًا‪ -‬وأدلتهم‪.‬‬
‫‪ )4‬إشكاليات أتعاب التحكيم ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬للدكتور منصور بن‬
‫بحث مقد ٌم يف حلقة البحث املقامة من مركز‬‫ٌ‬ ‫عبد الرمحن احليدري‪ ،‬وهو‬
‫التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة بتاريخ ‪1442/8/18‬هـ‪ ،‬والتي‬
‫كان عنواهنا‪( :‬أتعاب املحاماة والتحكيم وإشكاالهتا) وقد ُطبع يف السجل‬
‫العلمي هلا‪ ،‬ومل يشرتك بحثي معه إال يف مسألتني اثنتني‪ ،‬ومها‪:‬‬

‫‪481‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫أ‌‪ .‬تكييف أتعاب التحكيم‪ ،‬وقد دمج هذه املسألة مع مسألة الرجوع‬
‫عن التحكيم ومل يذكر أقوال املذاهب ‪-‬عدا احلنابلة‪ -‬وأدلتهم وترجيحه‪،‬‬
‫اجتهدت يف مجع‬
‫ُ‬ ‫وعزا أكثر ما ذكر لكتاب الشيخ آل خنني السابق‪ ،‬وقد‬
‫رجحت ما‬
‫ُ‬ ‫واستقصيت أدلتهم واعرتاضاهتم ثم‬
‫ُ‬ ‫أقوال املذاهب األخرى‬
‫رأيتُه أقرب للصواب‪.‬‬
‫ب‌‪ .‬أتعاب التحكيم عند انتهاء مهمة املحكَّم قبل إصدار احلكم‪ ،‬وقد‬
‫ٍ‬
‫واحدة ومل يذكر فيها أقوال الفقهاء وأدلتهم وترجيحه‪ ،‬وقد‬ ‫ٍ‬
‫صفحة‬ ‫ذكرها يف‬
‫رجحت‬
‫ُ‬ ‫أقوال للمذاهب فيها وأدلتهم واعرتاضاهتم ثم‬ ‫ٍ‬ ‫اجتهدت بتخريج‬
‫ُ‬
‫ما رأيتُه أقرب للصواب‪ ،‬ومل يذكر أيض ًا حكم اسرتداد األتعاب عند بطالن‬
‫ٍ‬
‫أقوال‬ ‫ذكرهُتا بتخريج‬
‫ُ‬ ‫احلكم التحكيمي ‪-‬وهي قريب ٌة من هذه املسألة‪ -‬وقد‬
‫رجحت ما رأيتُه أقرب للصواب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫للمذاهب فيها ثم‬
‫ٌ‬
‫بحث‬ ‫‪ )5‬أتعاب التحكيم‪ ،‬للدكتور عبد العزيز بن سعد الدغيثر‪ ،‬وهو‬
‫مقد ٌم يف حلقة البحث املقامة من مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة‬
‫بتاريخ ‪1442/8/18‬هـ‪ ،‬والتي كان عنواهنا‪( :‬أتعاب املحاماة والتحكيم‬
‫وإشكاالهتا) وقد ُطبع يف السجل العلمي هلا‪ ،‬ومل يشرتك بحثي معه يف أي‬
‫مسألة‪.‬‬
‫حاولت يف هذا البحث املوازنة بني الكالم النظري وإمكان تطبيقه‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫عىل الواقع العميل للتحكيم الذي أصبح نظام ًا قضائي ًا مستق ً‬
‫ال يف أكثر بلدان‬
‫وحاولت الربط بني مسألة تكييف أتعاب التحكيم وبقية املسائل‬ ‫ُ‬ ‫العامل‪،‬‬

‫‪482‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ذكرت عدد ًا من املسائل التي مل أجد َم ْن ذكرها من‬


‫ُ‬ ‫املتعلقة باألتعاب‪ ،‬وقد‬
‫الفقهاء السابقني واملعارصين‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫ذكرت حكمها بدليله مع توثيق‬
‫ُ‬ ‫‪ )1‬إذا كانت املسألة من مواضع االتفاق‬
‫االتفاق‪.‬‬
‫نت َم ْن‬
‫ذكرت األقوال فيها‪ ،‬وب َّي ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ )2‬إذا كانت املسألة من مسائل اخلالف‬
‫عرضت‬‫ُ‬ ‫قال هبا من أهل العلم مع توثيق ذلك من املصادر األصلية‪ ،‬وقد‬
‫اخلالف حسب االجتاهات الفقهية مقترص ًا عىل املذاهب املعتربة‪ ،‬وقد‬
‫وذكرت‬
‫ُ‬ ‫استقصيت أدلة األقوال مع بيان وجه الداللة ‪-‬إن مل تكن ظاهرةً‪،-‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مناقشات وما ُجُياب به عنها ‪-‬إن أمكن‪ ،-‬ثم‬ ‫بعد كل ٍ‬
‫دليل ما يرد عليه من‬
‫ذكرت القول الراجح مع بيان سببه‪.‬‬
‫ُ‬
‫وجتنبت االستطراد قدر استطاعتي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ركزت عىل موضوع البحث‬
‫ُ‬ ‫‪)3‬‬
‫جت‬‫وخر ُ‬
‫َّ‬ ‫نت سورها مضبوط ًة بالشكل‪،‬‬ ‫رقمت اآليات وب َّي ُ‬
‫ُ‬ ‫‪)4‬‬
‫وأثبت الكتاب والباب واجلزء والصفحة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األحاديث من مصادرها األصلية‬
‫واكتفيت به‪ ،‬وإن مل‬
‫ُ‬ ‫فخرجته من ذلك‬
‫وما كان من الصحيحني أو أحدمها َّ‬
‫فخرجته من بقية الكتب التسعة ‪-‬ومن غريها إن مل يكن فيها‪-‬‬‫يكن فيهام َّ‬
‫نت ما ذكره أهل الشأن يف درجته‪.‬‬
‫وب َّي ُ‬
‫وأحلت عليها باملادة واجلزء‬
‫ُ‬ ‫‪ )5‬و َّث ُ‬
‫قت املعاين من معاجم اللغة املعتمدة‪،‬‬
‫والصفحة‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫اعتنيت بقواعد اللغة العربية واإلمالء وعالمات الرتقيم ومنها‬ ‫ُ‬ ‫‪)6‬‬
‫عالمات التنصيص لآليات الكريمة ولألحاديث الرشيفة واآلثار ولنصوص‬
‫وميزت أقواسها فكان ٍ‬
‫لكل منها عالمته اخلاصة به‪ ،‬فاآليات جعلتُها‬ ‫ُ‬ ‫العلامء‪،‬‬
‫وقلت بعدها مثالً‪[ :‬سورة الطور‪،]21 :‬‬‫ُ‬ ‫بني قوسني هبذا الشكل‪﴾...﴿ :‬‬
‫وأما األحاديث واآلثار فقد وضعتُها بني قوسني هبذا الشكل‪،))...(( :‬‬
‫وأحلت‬
‫ُ‬ ‫وأما نصوص العلامء فوضعتُها بني قوسني هبذا الشكل‪،»...« :‬‬
‫فأحلت عىل‬
‫ُ‬ ‫عىل مصدرها بكلمة‪ :‬انظر‪ ،‬وأما إن كان الكالم منقوالً بمعناه‬
‫مصدره بكلمة‪ :‬راجع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫متضمنة ألهم النتائج والتوصيات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بخامتة‬ ‫ذيلت البحث‬
‫ُ‬ ‫‪)7‬‬
‫أتبعت البحث بالفهارس الفنية‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪)8‬‬
‫أ‪ .‬فهرس املصادر واملراجع‪.‬‬
‫ب‪ .‬فهرس املوضوعات‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وخامتة وفهارس‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ومتهيد ومبحثني‬ ‫ٍ‬
‫مقدمة‬ ‫حيتوي هذا البحث عىل‪:‬‬
‫وتفصيلها ما ييل‪:‬‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫وحتتوي عىل ما ييل‪:‬‬
‫‪ -‬أمهية املوضوع‪.‬‬

‫‪484‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫‪ -‬أهداف املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب اختيار املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات السابقة للموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ -‬خطة البحث‪.‬‬
‫التمهيد‪:‬‬
‫وحيتوي عىل ثالثة مطالب‪:‬‬
‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬تعريف األتعاب لغ ًة واصطالح ًا‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثاين‪ :‬تعريف التحكيم لغ ًة واصطالح ًا‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثالث‪ :‬أنواع التحكيم‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أخذ أتعاب التحكيم وتكييفها‪:‬‬
‫وحيتوي عىل مطلبني‪:‬‬
‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬املعاوضة عىل التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثاين‪ :‬تكييف أتعاب التحكيم‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬استحقاق أتعاب التحكيم وحكمها عند انتهاء مهمة‬
‫املحكَّم قبل إصدار احلكم واسرتدادها عند بطالن احلكم والرجوع هبا عىل‬
‫اخلصم‪:‬‬

‫‪485‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وحيتوي عىل أربعة مطالب‪:‬‬


‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬استحقاق أتعاب التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثاين‪ :‬أتعاب التحكيم عند انتهاء مهمة املحكَّم قبل إصدار‬
‫احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثالث‪ :‬اسرتداد أتعاب التحكيم عند بطالن احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الرابع‪ :‬الرجوع بأتعاب التحكيم عىل اخلصم اخلارس‪.‬‬
‫اخلامتة‪.‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع‪.‬‬
‫وأسأل اهلل الكريم أن ينفع هبذا البحث كاتبه وقارئه‪ ،‬وأن جيعله حج ًة يل‬
‫ال حج ًة عيل‪ ،‬وأن جيعله من العلم النافع الذي ال ينقطع بعد املوت‪.‬‬

‫‪486‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫التمهيد‬
‫وحيتوي عىل ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف األتعاب ً‬
‫لغة واصطالحاً ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف األتعاب لغ ًة‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب(((‪ ،‬والتاء‬‫ب وأتعب ُت ُه إتعاب ًا فهو ُم ْت َع ٌ‬
‫يتعب َت َع َب ًا فهو تَع ٌ‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫مصدر تَع َ‬
‫معان‪ ،‬وأمهها ما ييل‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫والعني والباء كلم ٌة واحد ٌة وتُطلق يف اللغة عىل عدة‬
‫املعنى األول‪ :‬شدة العناء واإلعياء(((‪ :‬وهو ضد الراحة(((‪ ،‬وتقول‬
‫محلها وأعملها‬ ‫ٍ‬
‫عمل يامرسه‪ :‬إذا أنصبها فيام َّ‬ ‫ٌ‬
‫فالن نفسه يف‬ ‫العرب‪ :‬أتعب‬
‫فيه(((‪.‬‬
‫والسوق والسري احلثيث‪ :‬تقول العرب‪:‬‬
‫املعنى الثاين‪ :‬اإلعجال يف العمل َ‬
‫السوق أو السري احلثيث(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الرجل ركا َبه‪ :‬إذا أعجلها يف َ‬ ‫أتعب‬

‫راجع‪ :‬العني يف مادة‪( :‬تعب)‪ ،)77/2( ،‬وهتذيب اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪،)167/2( ،‬‬ ‫(((‬
‫ومقاييس اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪.)348/1( ،‬‬
‫راجع‪ :‬العني يف مادة‪( :‬تعب)‪ ،)77/2( ،‬وهتذيب اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪،)167/2( ،‬‬ ‫(((‬
‫ومقاييس اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪.)348/1( ،‬‬
‫راجع‪ :‬املحكم واملحيط األعظم يف مادة‪( :‬تعب)‪،)55/2( ،‬ولسان العرب يف مادة‪:‬‬ ‫(((‬
‫(تعب)‪ ،)231/1( ،‬وتاج العروس يف مادة‪( :‬تعب)‪.)73/2( ،‬‬
‫راجع‪ :‬هتذيب اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪ ،)167/2( ،‬ولسان العرب يف مادة‪( :‬تعب)‪،‬‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)232/1‬وتاج العروس يف مادة‪( :‬تعب)‪.)74/2( ،‬‬
‫راجع‪ :‬العني يف مادة‪( :‬تعب)‪ ،)77/2( ،‬وهتذيب اللغة يف مادة‪( :‬تعب)‪،)167/2( ،‬‬ ‫(((‬
‫ولسان العرب يف مادة‪( :‬تعب)‪.)232/1( ،‬‬

‫‪487‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫جاء يف لسان العرب‪« :‬تعب‪ :‬التعب شدة العناء‪ ،‬ضد الراحة‪ ،...‬وأتعب‬
‫السوق أو السري احلثيث»(((‪.‬‬
‫الرجل ركابه إذا أعجلها يف َ‬
‫وأقرب املعنيني للمعنى املقصود يف هذا البحث هو املعنى األول‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬تعريف األتعاب اصطالح ًا‪:‬‬
‫مل أجد ‪-‬بعد البحث والتحري‪ -‬تعريف ًا لألتعاب عند الفقهاء السابقني‬
‫هللا مهمحر بل مل أجد َم ْن ذكر منهم هذا املصطلح‪.‬‬
‫متأخر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫اصطالح‬
‫ٌ‬ ‫ولعل إطالق كلمة (أتعاب) عىل املعنى اآليت ذكره‬
‫ولذلك ذكر بعض املعارصين تعريف ًا هلا‪ ،‬ومن ذلك ما جاء يف معجم اللغة‬
‫ٍ‬
‫لعمل ما»(((‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫«مقابل مادي‬ ‫العربية املعارصة‪:‬‬
‫خاص ببعض‬ ‫ٌ‬ ‫والذي يظهر ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن هذا االصطالح املتأخر‬
‫ٍ‬
‫مهارات أساسها العمل الذهني كاملحاماة‬ ‫األعامل املهنية التي تتطلب‬
‫واالستشارة والتحكيم والتدقيق واخلربة من اهلندسة واملحاسبة ونحو ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عمل‬ ‫وبنا ًء عىل ما سبق فيمكن تعريف األتعاب بأهنا‪ٌ :‬‬
‫(مال مقابل‬
‫مهني)‪.‬‬
‫وبدأت التعريف بكلمة (مال)؛ ألن األتعاب يف حقيقتها ٌ‬
‫مال السيام‬
‫وأن كلمة (مال) يدخل فيها األعيان واملنافع‪.‬‬
‫وسمي هذا املال أتعاب ًا؛ ألنه (مقابل ٍ‬
‫عمل) نتج عنه التعب الذي ُسميت‬ ‫ُ‬
‫األتعاب اشتقاق ًا منه كام سبق يف التعريف اللغوي‪ ،‬ولذلك يسميها بعض‬
‫املعارصين ببدل األتعاب‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬لسان العرب يف مادة‪( :‬تعب)‪.)231/1( ،‬‬


‫((( انظر‪ :‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬يف مادة‪( :‬تعب)‪.)293/1( ،‬‬

‫‪488‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وقيدت العمل بكلمة (مهني)؛ ألخرج األعامل العادية كالبناء والكتابة‬


‫ُ‬
‫وغريها مما مل ِ‬
‫جير العرف عىل تسمية عوضها أتعاب ًا‪.‬‬
‫بشكل ٍ‬
‫كبري وكذلك العمل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(عمل مهني) العمل الذهني‬ ‫وتشمل مجلة‬
‫البدين املرتتب عليه ككتابة االستشارة أو إرساهلا بعد إعامل الذهن هبا‬
‫ودراستها ونحو ذلك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف التحكيم ً‬
‫لغة واصطالحاً ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف التحكيم لغ ًة‪:‬‬


‫مصدر للفعل َحك ََّم حيكِّم حتكي ًام‪ ،‬ومادته حكم(((‪ُ ،‬‬
‫واحلكْم ُيطلق يف‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫معان أمهها ما ييل‪:‬‬ ‫اللغة عىل عدة‬
‫ٌ‬
‫فالن عني كذا أي‪َ :‬منَ َع ُه‪،‬‬ ‫املعنى األول‪ :‬املنع‪ :‬تقول العرب‪َ :‬أحك ََم‬
‫وسميت بذلك َحكَم ُة اللجام من الدابة؛ ألهنا ترد الدابة ومتنعها من‬ ‫ُ‬
‫وحكَّمته وأحك َْمتَه((( كام‬ ‫ٍ‬
‫اجلري‪ ،‬وكل يشء منعتَه من الفساد فقد َحك َْم َت ُه َ‬
‫قال الشاعر(((‪:‬‬
‫(((‬
‫عليكم أن أغضبا»‬
‫ُ‬ ‫«أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم *** إين أخاف‬

‫راجع‪ :‬مجهرة اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)564/1( ،‬والصحاح يف مادة‪( :‬حكم)‪،‬‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)1902/5‬ومقاييس اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪.)91/2( ،‬‬
‫راجع‪ :‬العني يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)67/3( ،‬ومجهرة اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪،)564/1( ،‬‬ ‫(((‬
‫وهتذيب اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪.)69/4(،‬‬
‫وهو جرير كام جاء يف ديوانه ص ‪.47‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬العني يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)67/3( ،‬والصحاح يف مادة‪( :‬حكم)‪،)1902/5( ،‬‬ ‫(((‬
‫وجممل اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،‬ص‪.246‬‬

‫‪489‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ومن ذلك سميت ِ‬


‫احلكْمة؛ ألهنا متنع من اجلهل‪ ،‬ومنه أيض ًا ُسمي‬ ‫ُ‬
‫احلاكم؛ ألنه يمنع الظامل من الظلم(((‪.‬‬
‫املعنى الثاين‪ :‬القضاء‪ :‬وق َّيده بعضهم بأنه القضاء بالعدل(((‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوهلم‪َ :‬حكَّمنا فالن ًا بيننا أو يف أمرنا أي‪ :‬حيكم بيننا وأجزنا حكمه‪ ،‬واحلَك ََمة‬
‫هم القضاة(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫العامِل‬ ‫املعنى الثالث‪ :‬العلم والفقه‪ :‬وتطلق العرب اسم احلكيم عىل‬
‫َ‬
‫وصاحب احلكمة‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪﴿ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [سورة مريم‪:‬‬
‫‪ ]12‬أي‪ :‬العلم والفقه((((((‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬القضاء‬
‫جاء يف هتذيب اللغة‪« :‬واحلكم‪ :‬العلم والفقه‪ ...،‬واحلكم ً‬
‫منعت‬
‫ُ‬ ‫َّمت بمعنى‬
‫كمت وحك ُ‬‫َمت و َأ ْح ُ‬
‫بالعدل‪ ...،‬والعرب تقول‪َ :‬حك ُ‬
‫ورددت‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬
‫ُ‬

‫راجع‪ :‬مجهرة اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)564/1( ،‬وهتذيب اللغة يف مادة‪:‬‬ ‫(((‬
‫(حكم)‪ ،)69/4(،‬وجممل اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫راجع‪ :‬هتذيب اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)69/4( ،‬والصحاح يف مادة‪( :‬حكم)‪،‬‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)1901/5‬واملحكم واملحيط األعظم يف باب‪ :‬احلاء والكاف وامليم‪.)49/3( ،‬‬
‫راجع‪ :‬العني يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)67/3( ،‬وهتذيب اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪،)71/4( ،‬‬ ‫(((‬
‫والصحاح يف مادة‪( :‬حكم)‪.)1902/5( ،‬‬
‫راجع‪ :‬تفسري ابن عطية (‪ ،)7/4‬وزاد املسري (‪ ،)121/3‬وتفسري الرازي (‪.)516/21‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬هتذيب اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،)69/4( ،‬والصحاح يف مادة‪( :‬حكم)‪،‬‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)1901/5‬وجممل اللغة يف مادة‪( :‬حكم)‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫انظر‪ :‬هتذيب اللغة (‪.)69/4‬‬ ‫(((‬

‫‪490‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫والذي يظهر أن كل هذه املعاين الثالثة مراد ٌة يف التحكيم باملعنى‬


‫االصطالحي؛ ألن اخلصوم قد اختاروا املحكَّم؛ لعلمه وفقهه حتى يقيض‬
‫وآثارها‪.‬‬
‫َ‬ ‫بينهم بالعدل ويمنع عنهم اخلصوم َة‬
‫ثاني ًا‪ :‬تعريف التحكيم اصطالح ًا‪:‬‬
‫مل يذكر أكثر الفقهاء السابقني هللا مهمحر تعريف ًا للتحكيم‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫اكتفا ًء منهم بمعناه اللغوي السابق‪ ،‬وإنام ذكروا يف كتبهم رشح ًا ملعنى‬
‫التحكيم ال تعريف ًا حدي ًا‪ ،‬وليس من الصحيح أن ُيعد ذلك منهم تعريف ًا‬
‫للتحكيم ثم نقده نقد ًا علمي ًا باعتبار أن يكون التعريف جامع ًا مانع ًا‪.‬‬
‫ومل أجد َم ْن ذكر منهم تعريف ًا للتحكيم إال بعض فقهاء احلنفية حيث‬
‫عرفوه بأنه‪« :‬تولية اخلصمني حاك ًام حيكم بينهام»(((‪ ،‬وهذا املعنى املذكور‬
‫ٍ‬
‫اختالف بينهم يف‬ ‫ٍ‬
‫كرشح ملعنى التحكيم عىل‬ ‫يدور عليه كل ما ذكره الفقهاء‬
‫بعض الضوابط يف املحكَّم وغري ذلك مما ال يؤثر عىل املعنى العام للتحكيم‬
‫عندهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫متقاربة‪ ،‬ومنها ما جاء يف معجم‬ ‫ٍ‬
‫تعريفات‬ ‫ثم جاء بعض املعارصين بعدة‬
‫ٍ‬
‫معني يف فصل‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫لغة الفقهاء بأنه‪« :‬اتفاق اخلصمني عىل قبول حكم‬
‫اخلصومة بينهام»(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬البحر الرائق (‪ ،)24/7‬والدر املختار (‪.)428/5‬‬


‫((( انظر‪ :‬معجم لغة الفقهاء ص‪.123‬‬

‫‪491‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وال خيفى ما يف تلك التعريفات من ٍ‬


‫دور بسبب ذكر كلمة (حكم) فيها‪،‬‬
‫وعدم التفريق فيها بني التحكيم واتفاق التحكيم وعقد التحكيم(((‪ ،‬وغري‬
‫ٍ‬
‫ملحوظات ال ينبغي اإلطالة بذكرها‪.‬‬ ‫ذلك من‬
‫وبنا ًء عىل ذلك فيمكن تعريف التحكيم بأنه‪( :‬تقايض خصو ٍم عند‬
‫ٍ‬
‫خمتار)‪.‬‬
‫وبدأت التعريف بكلمة (تقايض)؛ ألمرين‪ ،‬أوهلام‪ :‬ألن التحكيم يف‬
‫حقيقته قضا ٌء‪ ،‬وهو ما ُيسمى بالقضاء اخلاص‪ ،‬وثانيهام‪ :‬ألن كلمة (تقايض)‬
‫عىل وزن تفاعل الذي يدل عىل املشاركة‪ ،‬واملشاركة يف التحكيم تبدأ من‬
‫اتفاق األطراف عىل اللجوء للتحكيم باختيارهم ‪-‬وهو اتفاق التحكيم أو‬
‫رشط التحكيم‪ -‬ثم مشاركتهم يف املرافعة واملدافعة عند املحكَّم أو هيئة‬
‫التحكيم‪ ،‬وتنتهي باحلكم وتوابعه‪.‬‬
‫وذكرت أطراف النزاع يف عملية التحكيم بقويل‪( :‬خصوم)‪ ،‬وهي كلمة‬ ‫ُ‬
‫تشمل الشخصيات احلقيقية واالعتبارية‪ ،‬وتشمل كون اخلصوم طرفني أو‬
‫أكثر‪ ،‬وهذه الكلمة أيض ًا تدل عىل وقوع نزا ٍع بينهم؛ إذ ال شأن للتحكيم‬
‫باألمور اإلهنائية والتوثيق ونحو ذلك‪.‬‬
‫((( اتفاق التحكيم هو اتفاق األطراف عىل اللجوء للتحكيم عند تنازعهام ‪-‬و ُيسمى رشط‬
‫التحكيم‪ -‬وعاد ًة ما يكون عنرص ًا من عنارص العقد املربم بينهام‪ ،‬أو اتفاقهام عىل ذلك‬
‫بعد نشوء النزاع ‪-‬و ُيسمى مشارطة التحكيم‪ ،-‬وأما عقد التحكيم فهو العقد املربم بني‬
‫األطراف أو أحدهم مع املحكَّم الذي سيحكم بينهم يف نزاعهم‪ ،‬وأما التحكيم فهو‬
‫يشمل ذلك وغريه حيث يبدأ باتفاق التحكيم ثم يكون التعاقد مع املحكَّم ويعقب‬
‫ٍ‬
‫وتصحيح ونحو‬ ‫ٍ‬
‫تفسري‬ ‫ذلك مرحلة الرتافع والتدافع ثم ُخُيتم باحلكم وتوابعه من‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪492‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وأرشت للمحكَّم بكلمة (خمتار)‪ ،‬وهي ُخُترج القايض الذي َّ‬


‫واَّله‬ ‫ُ‬
‫اإلما ُم القضا َء؛ ألنه ال خيتاره اخلصوم بل كل َم ْن ويل القضاء فإنه سيقيض‬
‫ٍ‬
‫اختيار منهم‪ ،‬وهذه الكلمة تشمل املحكَّم الفرد وهيئة‬ ‫بني اخلصوم دون‬
‫التحكيم‪ ،‬وتشمل أيض ًا املحكَّم املختار من اخلصوم أو من أحدهم أو من‬
‫املحكمة املختصة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع التحكيم‪:‬‬

‫يتنوع التحكيم باعتبار تنظيم إجراءاته إىل نوعني اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫أطراف التحكيم‬
‫ُ‬ ‫النوع األول‪ :‬التحكيم احلر‪ :‬وهو الذي خيتار فيه‬
‫القواعدَ اإلجرائي َة املحقق َة ملصلحتهم يف سري العملية التحكيمية بعيد ًا عن‬
‫ٍ‬
‫حتكيمية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مؤسسة‬ ‫أي‬
‫أطراف التحكيم‬
‫ُ‬ ‫النوع الثاين‪ :‬التحكيم املؤسيس‪ :‬وهو الذي حييل فيه‬
‫القواعدَ اإلجرائي َة لسري إجراءات التحكيم عىل القواعد اإلجرائية املعتمدة‬
‫ٍ‬
‫حتكيمية‪ ،‬وتكون املؤسسة مسؤول ًة عن تنفيذ تلك القواعد اإلجرائية‬ ‫ٍ‬
‫ملؤسسة‬
‫حتى انتهاء العملية التحكيمية كاملركز السعودي للتحكيم التجاري أو مركز‬
‫ديب للتحكيم للدويل وغريمها(((‪.‬‬

‫((( راجع‪ :‬التحكيم يف املواد املدنية والتجارية ملحمود السيد التحيوي ص‪ ،53‬وقانون‬
‫التحكيم لفتحي وايل ص‪ 38‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وبذلك يتبني أن التحكيم احلر هو األصل والتحكيم املؤسيس استثناء‬


‫منه؛ ألنه أسبق منه‪ ،‬وال يكون التحكيم مؤسسي ًا إال بالنص عليه ويف حال‬
‫عدم النص عليه يبقى التحكيم حر ًا(((‪.‬‬

‫((( وهلذين النوعني أسامء أخرى‪ ،‬ف ُيسمى التحكيم احلر بالتحكيم اخلاص أو العادي‪،‬‬
‫و ُيسمى التحكيم املؤسيس بالتحكيم النظامي أو املن َّظم وغري ذلك‪.‬‬

‫‪494‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫المبحث األول‬
‫أخذ أتعاب التحكيم وتكييفها‬
‫وحيتوي عىل مطلبني‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المعاوضة على التحكيم‪:‬‬

‫يقبض أكثر املحكَّمني عوض ًا عىل التحكيم‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء هللا مهمحر‬
‫يف حكم املعاوضة عىل التحكيم عىل ثالثة أقوال‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬وهو مذهب احلنفية ‪-‬خترجي ًا‪ (((-‬أنه ال جيوز أخذ املحكَّم‬
‫عوض ًا عىل التحكيم‪.‬‬
‫ويمكن أن ُيع َّلل قوهلم‪ :‬بأن األخذ من اخلصوم قد يؤدي إىل امليل مع‬
‫أحدهم وعدم احلياد‪.‬‬
‫ويمكن اإلجابة عن ذلك‪ :‬بعدم التسليم بذلك؛ ألن هذه العلة قد حتدث‬
‫ال عمن يقبض عوض ًا عىل ذلك‪ ،‬ولذلك ُيشرتط يف املحكَّم أن‬ ‫من املتربع فض ً‬
‫يكون أمين ًا سواء كان متربع ًا أم غري مترب ٍع بذلك‪.‬‬

‫((( مل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪ -‬نص ًا للحنفية هللا مهمحر يف هذه املسألة‪ ،‬ويمكن‬
‫ختريج هذا القول هلم بنا ًء عىل قوهلم أن املحكَّم كالقايض بني الطرفني‪ ،‬راجع‪ :‬املبسوط‬
‫نصوا‬
‫للرسخيس (‪ ،)111/16‬واملحيط الربهاين (‪ ،)117/8‬والبناية (‪ ،)58/9‬وقد َّ‬
‫هللا مهمحر عىل حرمة أخذ القايض عوض ًا من اخلصوم عىل القضاء‪ ،‬راجع‪ :‬روضة القضاة‬
‫(‪.)132/1‬‬

‫‪495‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫حلك ََم فيام بني املحكِّمني بمنزلة القايض‬


‫جاء يف املحيط الربهاين‪« :‬ألن ا َ‬
‫املوىَّل يف حق الكل»(((‪ ،‬وجاء يف روضة القضاة‪« :‬فكام ال جيوز للقايض أن‬ ‫َّ‬
‫يأخذ من أحد اخلصوم شيئ ًا فكذلك أعوانه»(((‪.‬‬
‫أنه‬ ‫(((‬ ‫ٌ‬
‫وقول للحنابلة‬ ‫(((‬
‫القول الثاين‪ :‬وهو مذهب املالكية ‪-‬خترجي ًا‪-‬‬
‫جيوز أخذ املحكَّم عوض ًا عىل التحكيم مطلق ًا‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بام ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬القياس عىل الويص وأمني احلاكم فحيث جيوز هلام األكل‬
‫من مال اليتيم بقدر احلاجة فكذلك املحكَّم الذي مل يتعني عليه التحكيم بني‬
‫اخلصوم جيوز له أخذ العوض عىل ذلك(((‪.‬‬
‫مباح فيجوز أخذ العوض عليه كسائر األعامل‬
‫عمل ٌ‬‫الدليل الثاين‪ :‬ألنه ٌ‬
‫املباحة(((‪.‬‬

‫انظر‪ :‬املحيط الربهاين (‪.)117/8‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬روضة القضاة (‪.)132/1‬‬ ‫(((‬
‫مل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪ -‬نص ًا للاملكية هللا مهمحر يف هذه املسألة‪ ،‬ويمكن‬ ‫(((‬
‫ختريج هذا القول هلم بنا ًء عىل تكييفهم التحكيم بأنه وكال ٌة من اخلصوم كام هو قول ابن‬
‫القاسم هللا همحر الذي ُيعد قوله هو املذهب املعتمد عند املالكية حال تعدد األقوال يف‬
‫نصوا هللا مهمحر عىل‬
‫نص ملالك هللا همحر فيها‪ ،‬راجع‪ :‬املنتقى (‪ ،)227/5‬وقد َّ‬‫املسألة وال َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جواز الوكالة بعوض ويكون العقدُ حينئذ عقدَ إجارة‪ ،‬راجع‪ :‬التبرصة (‪،)4622/10‬‬
‫واملقدمات املمهدات (‪ ،)58/3‬والقوانني الفقهية ص‪.216‬‬
‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬

‫‪496‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫جاء يف املنتقى‪« :‬ووجه القول األول بأنه ال يلزم بالتحكيم وهو قول ابن‬
‫القاسم ومن تابعه أنه عنده من باب الوكالة‪ ...‬إلخ»(((‪ ،‬وجاء يف املقدمات‬
‫ٍ‬
‫بعوض‬ ‫ٍ‬
‫عوض‪ ،‬فإن كانت‬ ‫ٍ‬
‫بعوض وعىل غري‬ ‫املمهدات‪« :‬والوكالة جائز ٌة‬
‫فهي إجار ٌة تلزمهام مجيع ًا‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬
‫وجاء يف بدائع الفوائد‪« :‬قال ابن عقيل‪ :‬األموال التي يأخذها القضاة‬
‫أربعة أقسام‪ :‬رشوة وهدية وأجرة ورزق‪ ،...‬وأما األجرة‪ :‬إن كان للحاكم‬
‫رزق من اإلمام من بيت املال حرم عليه أخذ األجرة قوالً واحد ًا‪ ،...‬وإن‬
‫ٌ‬
‫مباح فهو‬
‫عمل ٌ‬ ‫كان احلاكم ال رزق له فعىل وجهني‪ :‬أحدمها اإلباحة؛ ألنه ٌ‬
‫كام لو حكَّامه»(((‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬وهو مذهب الشافعية((( واحلنابلة((( وبعض هيئات‬
‫الفتوى املعارصة((( واختاره بعض املعارصين((( أنه جيوز أخذ املحكَّم عوض ًا‬
‫ٍ‬
‫برشوط‪ ،‬واختلفوا يف حتديد الرشوط عىل ما ييل‪:‬‬ ‫عىل التحكيم‬

‫انظر‪ :‬املنتقى (‪.)227/5‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬املقدمات املمهدات (‪.)58/3‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬حتفة املحتاج (‪.)137/10‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬التحكيم (‪ )1/14‬ص‪ ،811‬واشرتطوا أال يكون‬ ‫(((‬
‫موظف ًا عام ًا خمصص ًا للتحكيم أي أال يقبض عوض ًا من بيت املال كام سبق‪.‬‬
‫راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪ 300‬وما بعدها‪ ،‬واشرتط لذلك‬ ‫(((‬
‫أربعة رشوط‪ ،‬وهي ما ييل‪ /1 :‬أن يكون العوض ُجعالً‪ /2 ،‬أن يكون العوض مقارب ًا‬
‫للجهد الذي حتتاجه القضية يف العادة‪ /3 ،‬أن يكون العوض مأخوذ ًا من اخلصمني>‬

‫‪497‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫اشرتط الشافعية ثالثة رشوط‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬


‫الرشط األول‪ :‬أن يكون العوض ُجعالً‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأجرة‪.‬‬ ‫الرشط الثاين‪ :‬أن يكون العمل فيه ُك ْلف ٌة تُقابل‬
‫الرشط الثالث‪ :‬أال َّ‬
‫يتعنَّي عليه الفصل بني الطرفني(((‪.‬‬
‫واشرتط احلنابلة ثالثة رشوط‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫الرشط األول‪ :‬أن يكون العوض ُجع ً‬
‫ال ال أجرةً‪.‬‬
‫الرشط الثاين‪ :‬أال يكون له ٌ‬
‫مال يكفيه ويكفي عياله‪.‬‬
‫الرشط الثالث‪ :‬أال يكون له ٌ‬
‫مال عىل التحكيم من بيت املال‪.‬‬

‫متساو‪ /4 ،‬أن ُحُيتاط باختاذ وسائل ملنع كون ذلك وسيل ًة الرتشاء املحكَّم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبقدر‬ ‫<مجيع ًا‬
‫كأن ُيشهد عىل ذلك أو ُيثبت عند القايض ونحو ذلك‪.‬‬
‫وراجع أيض ًا‪ :‬التحكيم يف الرشيعة اإلسالمية لعبد اهلل آل خنني ص‪ ،220‬واشرتط‬
‫عوض‬‫لذلك ثالثة رشوط‪ ،‬وهي ما ييل‪ /1 :‬أن يكون العوض ُجعالً‪ /2 ،‬أال يكون له ٌ‬
‫عىل التحكيم من بيت املال‪ /3 ،‬أن ُي َّسلم املال للمحكَّم عند رشوعه يف التحكيم أو‬
‫بضامن بنكي؛ ضامن ًا الستقالل املحكَّم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حمايدة أو‬ ‫قبله أو يودع عند ٍ‬
‫جهة‬ ‫َ‬
‫((( وذكر ابن حجر اهليتمي هللا همحر أن اشرتاط الرشط الثاين ينفي احلاجة الشرتاط هذا‬
‫الرشط بنا ًء عىل القول األصح للشافعية هللا مهمحر من أن الواجب العيني إذا كان فيه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأجرة‪ ،‬ثم ذكر أن اشرتاط‬ ‫تعنَّي عليه ذلك أن يمتنع منه إال‬ ‫ُك ْلف ٌة تُقابل بأجرة فلمن َّ‬
‫السبكي هللا همحر هلذا الرشط قد يكون مبني ًا عىل القول الثاين يف املذهب من أن الواجب‬
‫ٍ‬
‫بأجرة أم ال‪ ،‬راجع‪:‬‬ ‫العيني ال جيوز أخذ األجرة عليه مطلق ًا سواء كان فيه ُك ْلف ٌة تُقابل‬
‫حتفة املحتاج (‪.)137/10‬‬

‫‪498‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫واستدلوا لقوهلم بام ييل‪:‬‬


‫الدليل األول‪ :‬قال عمر هنع هللا يضر‪« :‬ال ينبغي لقايض املسلمني أن يأخذ‬
‫عىل القضاء أجرة»((((((‪ ،‬فهذا هني عن أخذ األجرة عىل القضاء‪ ،‬والتحكيم‬
‫قضاء‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأجيب عنه‪ :‬من ثالثة وجوه‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬املراد بذلك األَ ْوىل واألفضل واألكمل للمستغني ترك‬
‫املعاوضة عىل ذلك ال التحريم‪ ،‬وأقىص أحوال ذلك هو الكراهة(((‪.‬‬
‫الوجه الثاين‪ :‬الكراهة هذه يف حق القايض؛ ألن واليته عامة وتتعلق‬
‫بمصالح املسلمني مجيع ًا بخالف املحكَّم فواليته خاصة(((‪.‬‬
‫منقطع كام سبق‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬ويمكن القول‪ :‬بأن هذا احلديث‬

‫رواه ابن أيب شيبة يف مصنفه‪ :‬كتاب‪ :‬البيوع واألقضية‪ ،‬باب‪ :‬يف القايض يأخذ الرزق‪،‬‬ ‫(((‬
‫ح (‪ ،)21804‬يف (‪ ،)430/4‬ورواه ‪-‬بلفظ آخر‪ -‬عبد الرزاق يف مصنفه‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫البيوع‪ ،‬باب‪ :‬هل يؤخذ عىل القضاء رزق؟‪ ،‬ح (‪ ،)15281‬يف (‪ ،)297/8‬ومل أجد‬
‫يلق‬
‫َم ْن ذكر درجة احلديث فيام بني يدي من مراجع غري أن القاسم بن عبد الرمحن مل َ‬
‫عمر هنع هللا يضر كام جاء يف املراسيل البن أيب حاتم ص‪ 175‬ما نصه‪« :‬قال عيل بن‬
‫يلق القاسم بن عبد الرمحن من أصحاب النبي مـلسو هيلع هللا ىلص غري‬ ‫املديني‪ :‬مل َ‬
‫احلديث منقطع ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫جابر بن سمرة»‪ ،‬وبالتايل فيكون‬
‫راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬أدب القايض (‪ ،)108/1‬وبحر املذهب (‪ ،)52/11‬والتحكيم يف الفقه‬ ‫(((‬
‫اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪.301‬‬
‫راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪.302‬‬ ‫(((‬

‫‪499‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الثاين‪ :‬التحكيم قرب ٌة وخيتص فاعله أن يكون من أهل القربة أشبه‬
‫الصالة فكام أنه ال جيوز أخذ األجرة عىل الصالة فكذلك التحكيم(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عنه‪ :‬بعدم التسليم بحرمة أخذ األجرة عىل الصالة‬
‫مطلق ًا؛ إذ ال خيفى خالف الفقهاء يف هذه املسألة‪ ،‬ومن أقرب األقوال يف‬
‫ذلك هو جواز أخذها عند الرضورة أو احلاجة‪ ،‬وال شك أن من احلاجيات‬
‫يف هذا الزمان إعطاء املحكَّمني أمواالً مقابل تفرغهم وعملهم يف اإلجراءات‬
‫التحكيمية؛ لكثرة القضايا وتشعبها وحرص ًا عىل فصل النزاعات بني‬
‫اخلصوم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واجب عليه فله أخذ‬ ‫ٍ‬
‫مباح غري‬ ‫ٍ‬
‫بعمل‬ ‫الدليل الثالث‪ :‬املحكَّم يقوم‬
‫العوض عليه(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو مؤيدٌ‬
‫له‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪ :‬العوض الذي يقبضه املحكَّم يقابل اجلهد والوقت الذي‬
‫يمضيه يف التحكيم‪ ،‬واألصل اإلباحة وال حمظور يف ذلك(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو مؤيدٌ‬
‫له‪.‬‬

‫((( راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬


‫((( راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪.301‬‬
‫((( راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪ ،302‬والتحكيم يف الرشيعة‬
‫اإلسالمية لعبد اهلل آل خنني ص‪.220‬‬

‫‪500‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫وملفت مل ينحرص األمر فيه االمتناع‬ ‫جاء يف حتفة املحتاج‪« :‬قال السبكي‪:‬‬
‫بجعل‪ ،‬وكذا املحكَّم‪ ،‬وفارقا احلاكم بأنه ن ُِّصب للفصل أي‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫من اإلفتاء إال‬
‫ف ُيتَّهم‪ ،‬ولو قيل‪ :‬بأهنام مثله لكان مذهب ًا حمتمالً‪ .‬اهـ‪ ،‬وعىل األول فمحله إن‬
‫ٍ‬
‫بأجرة»(((‪.‬‬ ‫كان ما يأخذ عليه فيه ُك ْلف ٌة تُقابل‬
‫وجاء يف مطالب أويل النهى‪(« :‬فإن مل ُجُيعل له أي‪ :‬القايض يشء) من‬
‫بيت املال (وليس له ما يكفيه) وعياله (وقال للخصمني‪ :‬ال أقيض بينكام إال‬
‫بجعل جاز) له أخذ اجلعل إال األجرة‪ ،...‬قلت‪ :‬واملحكَّم مثله؛ إذ ال فرق‬
‫بينهام‪ ،‬و ُعلم منه أنه إن كان له ما يكفيه فليس له أن يأخذ اجلعل»(((‪.‬‬
‫وجاء يف املعايري الرشعية‪« :‬حيق للمحكَّم إذا مل يكن متطوع ًا أو موظف ًا‬
‫عام ًا خمصص ًا للتحكيم احلصول عىل أجرة (أتعاب) عن مهمة التحكيم‪...‬‬
‫إلخ»(((‪.‬‬
‫والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬هو القول الثاين وهو جواز أخذ املحكَّم عوض ًا‬
‫عىل التحكيم؛ ملا ييل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬لقوة أدلته وضعف أدلة القولني اآلخرين‪.‬‬
‫قطعي ٌ‬
‫ناقل عن‬ ‫ٌ‬ ‫ثاني ًا‪ :‬األصل يف املعامالت املالية اإلباحة وال يوجد ٌ‬
‫نص‬
‫اإلباحة األصلية‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬حتفة املحتاج (‪ ،)137/10‬ومل أجد هذا النص يف كتب السبكي هللا همحر التي بني‬
‫يدي‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬التحكيم (‪ )1/14‬ص‪.811‬‬

‫‪501‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ثالث ًا‪ :‬العملية التحكيمية تأخذ من املحكَّم وقت ًا طوي ً‬


‫ال يف إدارة مراحل‬
‫ٍ‬
‫خبري‬ ‫القضية والرتافع ثم دراستها ثم صياغة احلكم فيها وأسبابه بعد ندب‬
‫ٍ‬
‫بعوض‪.‬‬ ‫إن اقتىض نوع القضية ذلك‪ ،‬وينبغي أن ُيقابل هذا كله‬
‫رابع ًا‪ :‬القول بمنع ذلك سيؤدي إىل انرصاف الناس عن التحكيم بني‬
‫اخلصوم وفصل النزاعات وتزاحم القضايا يف املحاكم الرشعية وغري ذلك‪،‬‬
‫وتعزيز ملحاسنه وانتشارها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تشجيع لإلقبال عليه‬
‫ٌ‬ ‫والقول بجواز ذلك فيه‬
‫خامس ًا‪ :‬أجازت أكثر أنظمة التحكيم يف العامل والقواعد اإلجرائية‬
‫للمؤسسات التحكيمية العاملية أخذ املحكَّم عوض ًا عىل التحكيم‪ ،‬ومن‬
‫ذلك نظام التحكيم السعودي(((‪.‬‬
‫سادس ًا‪ :‬الرشوط التي ذكرها القائلون بالقول الثالث قد اختلفوا فيها‬
‫نيص إال‬
‫دليل ٌ‬‫اجتهادات ليس هلا ٌ‬‫ٌ‬ ‫وهذا دليل ضعف القول هبا؛ إذ هي‬
‫مبني عىل مسألة تكييف‬‫رشط ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اشرتاطهم كون األتعاب ج ُع ً‬
‫ال ال أجرة فهو‬
‫أتعاب التحكيم التي سيأيت بحثها يف املطلب التايل‪ ،‬وأما اشرتاط عدم أخذ‬
‫املحكَّم أتعاب ًا من بيت املال فهذا الرشط ليس منطبق ًا عىل الواقع فيام أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تكييف أتعاب التحكيم‪:‬‬

‫جرى العرف عىل مستوى الدول واملؤسسات واألفراد عىل تسمية‬


‫العوض الذي يأخذه املحكَّم باألتعاب‪ ،‬واختلف القائلون بجواز أخذ‬
‫املحكَّم أتعاب ًا عىل التحكيم يف تكييف هذه األتعاب عىل قولني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬

‫((( راجع‪ :‬املادة الرابعة والعرشين (م ‪ )24‬من نظام التحكيم السعودي‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫القول األول‪ :‬وهو مذهب املالكية((( والشافعية((( واحلنابلة((( واختاره‬


‫بعض املعارصين((( أن األتعاب التي يأخذها املحكَّم ُج ٌ‬
‫عل‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بعدة أدلة‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬قال عمر هنع هللا يضر‪« :‬ال ينبغي لقايض املسلمني أن يأخذ‬
‫هني عن أخذ األجرة فيكون العوض ُج ً‬
‫عال‬ ‫عىل القضاء أجرةً» ‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫(((‬

‫ٍ‬
‫حينئذ(((‪.‬‬
‫ويمكن اإلجابة عنه‪ :‬بام سبق ذكره يف املطلب السابق من عدم ثبوته‬
‫وانقطاع سنده؛ لعدم ثبوت لقيا القاسم بعمر هنع هللا يضر‪.‬‬

‫نصوا عىل أن التحكيم وكال ٌة‬‫ينص املالكية هللا مهمحر عىل ذلك رصاح ًة‪ ،‬ولكنهم َّ‬
‫مل َّ‬ ‫(((‬
‫ٍ‬
‫ونصوا أيض ًا عىل أن الوكالة إن كانت بأجرة فهي الزم ٌة للطرفني‪-‬‬ ‫‪-‬كام سبق‪َّ ،-‬‬
‫ٍ‬
‫عل فهي غري الزمة للطرفني ‪-‬املوكِّل‬‫بج ٍ‬‫املوكِّل والوكيل‪ -‬بمجرد العقد‪ ،‬وإن كانت ُ‬
‫والوكيل‪ -‬قبل الرشوع يف العمل وأما بعد الرشوع يف العمل فهي الزم ٌة للموكِّل وغري‬
‫الزمة للوكيل يف املعتمد عندهم‪ ،‬راجع‪ :‬التبرصة (‪ ،)4622/10‬ورشح اخلريش‬ ‫ٍ‬
‫ونصوا أيض ًا عىل أن التحكيم غري الز ٍم‬
‫(‪ ،)86/6‬وحاشية الدسوقي (‪َّ ،)397/3‬‬
‫للمحكَّم وللخصمني قبل الرشوع فيه‪ ،‬وأما بعد الرشوع فيه فهو الز ٌم للخصمني‬
‫‪-‬املوكِّلني‪ -‬وغري الزم للمحكَّم ‪-‬الوكيل‪ ،-‬راجع‪ :‬عقد اجلواهر الثمينة (‪)1006/3‬‬
‫والتوضيح (‪ ،)400/7‬وحاشية العدوي عىل رشح اخلريش (‪.)137/7‬‬
‫راجع‪ :‬حتفة املحتاج (‪.)137/10‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪ ،300‬والتفهيم رشح نظام‬ ‫(((‬
‫التحكيم لعبد اهلل آل خنني ص‪.166‬‬
‫سبق خترجيه يف املطلب السابق‪.‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬ ‫(((‬

‫‪503‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الثاين‪ :‬التحكيم قرب ٌة وخيتص فاعله أن يكون من أهل القربة أشبه‬
‫الصالة فكام أنه ال جيوز أخذ األجرة عىل الصالة فكذلك التحكيم‪ ،‬وبالتايل‬
‫يكون العوض ُجع ً‬
‫ال(((‪.‬‬
‫ويمكن اإلجابة عنه‪ :‬بام سبق ذكره يف اإلجابة عن الدليل الثاين للقول‬
‫الثالث يف املطلب السابق‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬عقد اجلعالة ٌ‬
‫جائز بني الطرفني وكذلك التحكيم(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عنه‪ :‬بعدم التسليم بذلك فالراجح أن التحكيم الز ٌم‬
‫للخصوم وللمحكَّم الذي قبض أتعاب ًا عىل ذلك إال إن اتفق اخلصوم عىل‬
‫إهناء العملية التحكيمية أو عزل املحكَّم ومل يكن معين ًا من القايض أو جماز ًا‬
‫منه‪ ،‬وعقد اجلعالة األصل فيه اجلواز ال اللزوم‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪ :‬العمل املطلوب من املحكَّم هو إصدار احلكم وفيه‬
‫جهال ٌة؛ ألنه غري حمقق الوقوع‪ ،‬وعقد اجلعالة يصح مع اجلهالة يف العمل‬
‫بخالف عقد اإلجارة(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عنه‪ :‬بعدم التسليم بجهالة العمل املطلوب من املحكَّم‬
‫بعدد من اإلجراءات التي جيب عليه اتباعها للوصول‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ومضبوط‬ ‫بل هو معلو ٌم‬
‫للحكم‪ ،‬وعىل التسليم بجهالته فهي جهال ٌة يسري ٌة مغتفر ٌة وال يكاد عقدٌ من‬
‫ٍ‬
‫وجهالة‪.‬‬ ‫عقود املعاوضة خيلو من ٍ‬
‫غرر‬
‫((( راجع‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬
‫((( راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪.303‬‬
‫((( راجع‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي حلسن الغزايل ص‪.303‬‬

‫‪504‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫واعرُتض عىل هذا القول‪ :‬بأنه إن قيل‪ :‬املحكَّم كالقايض فكام حيرم عىل‬
‫ُ‬
‫القايض أخذ األجرة فكذلك حيرم عليه أخذ اجلُعل ومثله املحكَّم؛ ألنه‬
‫عوض يقابل تويل احلكم بني اخلصوم‪ ،‬وإن قيل‪ :‬املحكَّم ليس كالقايض‬ ‫ٌ‬
‫جلعل(((‪.‬‬
‫فيجوز للمحكَّم أخذ األجرة كام جيوز له أخذ ا ُ‬
‫جاء يف حاشية الدسوقي‪« :‬ففي الوكالة إذا وقعت عىل وجه اإلجارة تلزم‬
‫ال من الوكيل واملوكِّل بمجرد العقد‪ ،‬وقوله‪ :‬ويف اجلعالة أي ويف الوكالة‬ ‫ك ً‬
‫الواقعة عىل وجه اجلعالة ال تلزم واحد ًا منهام قبل الرشوع وتلزم اجلاعل‬
‫وهو املوكِّل بالرشوع‪ ،‬وأما املجعول له وهو الوكيل فال تلزمه»(((‪ ،‬وجاء‬
‫يف املنتقى‪« :‬ومتى يلزمهام ذلك؟ قال ابن القاسم يف املجموعة‪ :‬إذا حكَّامه‬
‫وأقاما البينة عنده ثم بدا ألحدمها قبل أن حيكم قال‪ :‬أرى أن ُيقىض بينهام‬
‫وجيوز حكمه‪ ،‬ونحوه يف كتاب ابن حبيب ملطرف وأصبغ‪ ،‬قال مطرف‪ :‬له‬
‫يشء فأما بعد أن ينشبا يف اخلصومة عنده‬‫ٍ‬ ‫النزوع قبل نظر احلاكم بينهام يف‬
‫ٍ‬
‫لواحد منهام ويلزمهام التامدي‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬ ‫ونظره يف ٍ‬
‫يشء من أمرمها فال نزوع‬
‫ٍ‬
‫وملفت مل ينحرص األمر فيه االمتناع‬ ‫وجاء يف حتفة املحتاج‪« :‬قال السبكي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بجعل‪ ،‬وكذا املحكَّم‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬ ‫من اإلفتاء إال‬

‫ذكره هذا االعرتاض حسن الغزايل يف كتابه‪ :‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي ص‪301‬‬ ‫(((‬
‫ٍ‬
‫بإجابات ليست قوي ًة وال خترج عام سبق ذكره يف هذا‬ ‫وما بعدها‪ ،‬وقد أجاب عن ذلك‬
‫املطلب واملطلب السابق‪.‬‬
‫انظر‪ :‬حاشية الدسوقي (‪.)397/3‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املنتقى (‪.)227/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬حتفة املحتاج (‪.)137/10‬‬ ‫(((‬

‫‪505‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وجاء يف مطالب أويل النهى‪(« :‬فإن مل ُجُيعل له أي‪ :‬القايض يش ٌء) من‬
‫بيت املال (وليس له ما يكفيه) وعياله (وقال للخصمني‪ :‬ال أقيض بينكام إال‬
‫بجعل جاز) له أخذ اجلعل إال األجرة‪ ،...‬قلت‪ :‬واملحكَّم مثله؛ إذ ال فرق‬‫ٍ‬
‫بينهام‪ ،‬و ُعلم منه أنه إن كان له ما يكفيه فليس له أن يأخذ اجلعل»(((‪.‬‬
‫(((‬ ‫القول الثاين‪ :‬وهو ٌ‬
‫قول للحنابلة((( وبعض هيئات الفتوى املعارصة‬
‫أن األتعاب التي يأخذها املحكَّم أجرةً‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بام ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬القياس عىل الويص وأمني احلاكم فحيث جيوز هلام األكل‬
‫من مال اليتيم بقدر احلاجة فكذلك املحكَّم الذي مل يتعني عليه التحكيم بني‬
‫اخلصوم جيوز له أخذ األجرة عىل ذلك(((‪.‬‬
‫مباح فيجوز أخذ األجرة عليه كسائر األعامل‬
‫عمل ٌ‬‫الدليل الثاين‪ :‬ألنه ٌ‬
‫املباحة(((‪.‬‬
‫جاء يف بدائع الفوائد‪« :‬قال ابن عقيل‪ :‬األموال التي يأخذها القضاة‬
‫ٌ‬
‫ورزق‪ ،...‬وأما األجرة‪ :‬إن كان للحاكم‬ ‫أربعة أقسام‪ :‬رشو ٌة وهدي ٌة وأجر ٌة‬
‫رزق من اإلمام من بيت املال حرم عليه أخذ األجرة قوالً واحد ًا‪ ،...‬وإن‬ ‫ٌ‬

‫انظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)460/6‬‬ ‫(((‬


‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬التحكيم (‪ )1/14‬ص‪.811‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬

‫‪506‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫مباح فهو‬
‫عمل ٌ‬ ‫كان احلاكم ال رزق له فعىل وجهني‪ :‬أحدمها اإلباحة؛ ألنه ٌ‬
‫كام لو حكَّامه‪ ،‬وألنه مع عدم الرزق ال يتعني عليه احلكم فال ُيمنع من أخذ‬
‫األجرة كالويص وأمني احلاكم يأكالن من مال اليتيم بقدر احلاجة»(((‪.‬‬
‫وجاء يف املعايري الرشعية‪« :‬حيق للمحكَّم إذا مل يكن متطوع ًا أو موظف ًا‬
‫عام ًا خمصص ًا للتحكيم احلصول عىل أجرة (أتعاب) عن مهمة التحكيم‪...‬‬
‫إلخ»(((‪.‬‬
‫والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن احلكم يف هذه املسألة مبني عىل عدة مسائل‪،‬‬
‫وهي ما ييل‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تكييف التحكيم‪ :‬اختلف الفقهاء هللا مهمحر يف تكييف‬
‫ٍ‬
‫خاص‪.‬‬ ‫التحكيم‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه قضا ٌء بنظا ٍم إجرائي‬
‫املسألة الثانية‪ :‬حكم االستئجار عىل القضاء‪ :‬اختلف الفقهاء هللا مهمحر يف‬
‫هذه املسألة عىل قولني اثنني‪ ،‬ومن أقوى أدلة املانعني منه ما ييل‪:‬‬
‫مجع من العلامء كابن قدامة((( وابن حجر‬
‫(((‬
‫أوهلا‪ :‬اإلمجاع الذي حكاه ٌ‬
‫متحقق لوجود املخالف كام هو ٌ‬
‫قول‬ ‫ٍ‬ ‫هللا مهمحر‪ ،‬ولكن هذا اإلمجاع غري‬
‫للشافعية وحكاه القايض حسني هللا همحر(((‪.‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)146/3‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬التحكيم (‪ )1/14‬ص‪.811‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪.)35/10‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)151/13‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬فتح العزيز (‪ ،)458/12‬وروضة الطالبني (‪ ،)137/11‬وكفاية النبيه‬ ‫(((‬
‫(‪.)118/18‬‬

‫‪507‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ثانيها‪ :‬القضاء عبادة وال جيوز أخذ األجرة عليه كالصالة(((‪ ،‬وقد سبقت‬
‫اإلجابة عن هذا الدليل يف املطلب السابق‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬عدة تعليالت تتعلق باالحتياط ملنع امليل مع أحد اخلصوم ونحو‬
‫ذلك(((‪ ،‬وهذه العلة قد توجد من القايض واملحكَّم املتربع وغريه‪ ،‬والواقع‬
‫العميل يشهد بتصور أكثر املحكَّمني دور املحكَّم يف القضايا التحكيمية وأن‬
‫الواجب عليه هو التجرد من حظوظه وأن يقف موقف احلياد من اخلصوم‬
‫وإن كان قد قبض أتعاب ًا منهم أو من أحدهم‪ ،‬ولذلك كان من رشوط املحكَّم‬
‫أن يكون أمين ًا‪.‬‬
‫وليس املقصود هنا االنتصار للقول بجواز االستئجار عىل القضاء‬
‫وترجيحه وإنام املقصود بيان أدلة القول بمنع ذلك والتي يستدل هبا أكثر‬
‫املانعني من تكييف أتعاب التحكيم باألجرة‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬عدم تساوي املحكَّم مع القايض يف كل األحكام بل هو‬
‫مجع من العلامء(((‪.‬‬
‫نص عىل ذلك ٌ‬‫أحط رتب ًة منه كام َّ‬
‫فالراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬هو القول الثاين وهو أن أتعاب التحكيم أجر ٌة‬
‫‪-‬وأما لو كان تسليم األتعاب مرشوط ًا بنتيجة كتصديق احلكم وعدم بطالنه‬
‫عل ولكنها نادرة الوقوع‪ ،-‬ويمكن أن ُيع َّلل ترجيح القول الثاين بام‬
‫فهي ُج ٌ‬
‫ييل‪:‬‬

‫((( راجع‪ :‬اهلداية للمرغيناين (‪ ،)67/10‬والبيان (‪ ،)15/13‬واملغني (‪.)35/10‬‬


‫((( راجع‪ :‬الفروق (‪ ،)3/3‬وحاشية الصاوي (‪.)10/4‬‬
‫((( راجع‪ :‬العناية (‪ ،)315/7‬والبحر الرائق (‪ ،)24/7‬وجممع األهنر (‪.)173/2‬‬

‫‪508‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫أوالً‪ :‬لقوة أدلتهم وضعف أدلة القول األول‪.‬‬


‫قاطع عىل منع أخذ املحكَّم أجر ًة عىل التحكيم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ثاني ًا‪ :‬ال يوجد ٌ‬
‫دليل‬
‫وعىل القول بصحة أدلة منع االستئجار عىل القضاء فاملحكَّم ليس كالقايض‬
‫وجوه‪ ،‬ومنها‪ :‬عموم والية القايض وخصوص والية املحكَّم وأن‬ ‫ٍ‬ ‫من عدة‬
‫املحكَّم أحط رتب ًة من القايض كام سبق وغري ذلك‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬األصل يف عقود املعاوضات اللزوم‪ ،‬واللزوم من أمارات عقد‬
‫اإلجارة ال اجلعالة‪ ،‬والتحكيم الز ٌم يف أصله كام سبق‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬الواقع العميل يف بعض مراكز التحكيم املؤسيس أن املحكَّم يقبض‬
‫من األتعاب بمقدار عمله وهذا أقرب لإلجارة من اجلعالة‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫ٍ‬
‫قصري بعد أن س َّلم اخلصوم‬ ‫ٍ‬
‫وقت‬ ‫يكون عند انتهاء النزاع بني اخلصوم يف‬
‫أتعاب التحكيم للمؤسسة فإن املؤسسة ترد للخصوم جزء ًا من األتعاب‬
‫وال تعطي املحكَّمني إال بمقدار العمل املبذول فقط كعدد اجللسات أو‬
‫الساعات ونحو ذلك‪ ،‬وال خيفى أن واجب الفقيه عند تكييف املسائل هو‬
‫ٍ‬
‫ذهنية‬ ‫ٍ‬
‫صورة‬ ‫ٍ‬
‫وممارسة وليس الكشف عن‬ ‫ٍ‬
‫مشاهدة‬ ‫الكشف عن ٍ‬
‫حال ووقائع‬
‫حقيقي إال ما ندر‪.‬‬ ‫مثال‬ ‫ٍ‬
‫نمطية ليس هلا يف الواقع ٌ‬
‫ٌ‬

‫‪509‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫المبحث الثاني‬
‫استحقاق أتعاب التحكيم وحكمها عند انتهاء مهمة‬
‫المحكَّ م قبل إصدار الحكم واستردادها عند بطالن‬
‫الحكم والرجوع بها على الخصم‬
‫وحيتوي عىل أربعة مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬استحقاق أتعاب التحكيم‪:‬‬

‫نص عىل هذه املسألة من‬ ‫مل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪َ -‬م ْن َّ‬
‫ٍ‬
‫أقوال هلم فيها بنا ًء عىل أقواهلم‬ ‫الفقهاء السابقني واملعارصين‪ ،‬ويمكن ختريج‬
‫يف مسألة تكييف أتعاب التحكيم السابقة‪ ،‬وذلك فيام ييل‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬وهو مذهب املالكية((( والشافعية((( واحلنابلة((( ‪-‬بنا ًء‬
‫عل‪ -‬أن املحكَّم يستحق أتعابه بعد انتهائه‬ ‫عىل قوهلم أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫من عمله وهو إصدار احلكم يف القضية التحكيمية وتوابعه الواجبة عليه‬
‫كتفسري احلكم ونحو ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مرشوط يف العقد بإنجاز العمل‬ ‫وع َّللوا قوهلم‪ :‬بأن استحقاق األتعاب‬
‫حمل العقد(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)20/4‬ومناهج التحصيل (‪ ،)273/7‬والتوضيح (‪.)211/7‬‬ ‫(((‬


‫راجع‪ :‬الوسيط (‪ ،)213/4‬وروضة الطالبني (‪ ،)274/5‬والنجم الوهاج (‪.)90/6‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬الكايف البن قدامة (‪ ،)187/2‬ورشح منتهى اإلرادات (‪ ،)373/2‬وكشاف‬ ‫(((‬
‫القناع (‪.)203/4‬‬
‫راجع‪ :‬الكايف البن قدامة (‪.)187/2‬‬ ‫(((‬

‫‪510‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأن اشرتاط إنجاز العمل الستحقاق أتعاب‬


‫التحكيم هو حمل النزاع يف أصل هذه املسألة‪ ،‬وأصلها هو تكييف أتعاب‬
‫التحكيم التي سبق بحثه يف املبحث السابق‪ ،‬وبذلك ال يصح التعليل هبذا‪.‬‬
‫جاء يف مناهج التحصيل‪« :‬إذ ال ُيستحق اجلُعل إال بتامم العمل»(((‪.‬‬
‫جل َ‬
‫عل إال بالفراغ من‬ ‫ُ‬
‫العامل ا ُ‬ ‫وجاء يف النجم الوهاج‪« :‬وال يستحق‬
‫العمل»(((‪.‬‬
‫جلعل إال بعد فراغه من‬
‫وجاء يف الكايف البن قدامة‪« :‬وال يستحق ا ُ‬
‫العمل»(((‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬وهو ٌ‬
‫قول للحنابلة ‪-‬بنا ًء عىل قوهلم أن أتعاب التحكيم‬
‫ُأجر ٌة(((‪ -‬أن استحقاق املحكَّم أتعاب التحكيم ال خيلو من حالتني‪ ،‬ومها ما‬
‫ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يتفق املحكَّم مع اخلصوم عىل تعجيل األتعاب أو‬
‫عرف بذلك‪ :‬فيستحق املحكَّم أتعابه بحسب‬
‫ٌ‬ ‫تأجيلها أو تنجيمها أو جيري‬
‫االتفاق أو العرف(((‪.‬‬

‫انظر‪ :‬مناهج التحصيل (‪.)273/7‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬النجم الوهاج (‪.)90/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬الكايف البن قدامة (‪.)187/2‬‬ ‫(((‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫ويكون املحكَّم أجري ًا مشرتك ًا‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)330/5‬ورشح الزركيش (‪ ،)224/4‬واإلنصاف (‪.)81/6‬‬ ‫(((‬

‫‪511‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫احلالة الثانية‪ :‬أال يتفق املحكَّم مع اخلصوم عىل تعجيل األتعاب أو‬
‫تأجيلها أو تنجيمها‪ :‬فيستحق املحكَّم أتعابه بعد انتهاء عمله وهو إصدار‬
‫احلكم التحكيمي وتوابعه الواجبة عليه كتفسري احلكم ونحو ذلك(((‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم يف احلالة األوىل بدليلني اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬القياس عىل الثمن يف البيع فكام يصح التعجيل والتأجيل‬
‫والتنجيم يف ثمن املبيع فيصح أيض ًا يف أجرة اإلجارة؛ ألن إجارة العني‬
‫كبيعها(((‪.‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬القياس عىل الصداق يف النكاح فكام يصح التعجيل‬
‫والتأجيل والتنجيم يف صداق املرأة فيصح أيض ًا يف أجرة اإلجارة؛ ألن كل‬
‫ما صح أجر ًة صح صداق ًا(((‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم يف احلالة الثانية بعدة أدلة‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬قوله تعاىل‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [سورة الطالق‪:‬‬
‫‪ ،]6‬واإلرضاع عمل يف الذمة فإذا سلمته املرضع وجب تسليمها أجرهتا(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)330/5‬واملبدع (‪ ،)452/4‬واإلنصاف (‪.)82/6‬‬ ‫(((‬


‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)330/5‬وكشاف القناع (‪.)41/4‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬كشاف القناع (‪.)41/4‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬رشح الزركيش (‪.)224/4‬‬ ‫(((‬

‫‪512‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الثاين‪ :‬قول النبي مـلسو هيلع هللا ىلص‪(( :‬أعطوا األجري أجره قبل أن‬
‫أمر بتسليم األجرة بعد انتهاء العمل مبارش ًة(((‪.‬‬‫جيف عرقه)) ‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫(((‬

‫الدليل الثالث‪ :‬قول النبي مـلسو هيلع هللا ىلص‪(( :‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ثالث ٌة أنا‬
‫ٌ‬
‫ورجل باع حر ًا فأكل ثمنه‪،‬‬ ‫رجل أعطى يب ثم غدر‪،‬‬ ‫خصمهم يوم القيامة‪ٌ :‬‬
‫ورجل استأجر أجري ًا فاستوىف منه ومل يعطه أجره))((((((‪ ،‬فتوعد اهلل لجو زع‬ ‫ٌ‬
‫َم ْن مل يدفع أجرة األجري بعد انتهائه من العمل بمخاصمتهم يوم القيامة‪.‬‬

‫رواه ابن ماجه‪ :‬كتاب‪ :‬الرهون‪ ،‬باب‪ :‬أجر األجراء‪ ،‬ح (‪ ،)2443‬يف (‪،)510/3‬‬ ‫(((‬
‫وقال الزيلعي هللا همحر يف نصب الراية (‪« :)129/4‬وهو معلول بعبد الرمحن بن زيد»‪،‬‬
‫وقال املناوي هللا همحر يف كشف املناهج والتناقيح (‪« :)547/2‬وعبد الرمحن بن زيد‬
‫ضعفوه» وذكر ابن امللقن هللا همحر يف كتابه‪ :‬البدر املنري (‪ )37/7‬وابن حجر هللا همحر‬
‫وحسن هذا اإلسناد‬‫َّ‬ ‫يف كتابه‪ :‬الدراية (‪ )186/2‬تضعيف عبد الرمحن بن زيد أيض ًا‪،‬‬
‫البوصريي هللا همحر يف كتابه‪ :‬مصباح الزجاجة (‪ )75/3‬بعد أن نقل توثيق عبد الرمحن‬
‫بن زيد ووهب بن سعيد‪ ،‬وقد روي هذا احلديث من طرق أخرى وقال عنها ابن امللقن‬
‫هللا همحر يف البدر املنري (‪« :)37/7‬هذا احلديث مروي من طرق كلها ضعيفة»‪ ،‬وذكر‬
‫ابن حجر هللا همحر يف كتابه‪ :‬بلوغ املرام ص‪ 351‬تضعيف هذا الطريق وطريقني آخرين‬
‫أيض ًا‪ ،‬ولكن البوصريي هللا همحر قال يف كتابه‪ :‬إحتاف اخلرية املهرة (‪:)382/3‬‬
‫«وباجلملة فهذا املتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة‪ ،‬واهلل أعلم»‪ ،‬وصحح األلباين‬
‫هللا همحر احلديث من طريق آخر ثم قال بعد ذلك يف كتابه‪ :‬إرواء الغليل (‪:)324/5‬‬
‫«فإذا انضم إليه مرسل عطاء بن يسار احلسن وبعض الطرق األخرى املوصولة التي مل‬
‫يشتد ضعفها فال يبقى عند الباحثني العارفني هبذا العلم أي شك يف ثبوت احلديث»‪،‬‬
‫وحسنه أيض ًا يف صحيح اجلامع الصغري (‪.)240/1‬‬
‫راجع‪ :‬الكايف البن قدامة (‪.)175/2‬‬ ‫(((‬
‫رواه البخاري‪ :‬كتاب‪ :‬البيوع‪ ،‬باب‪ :‬إثم من باع حر ًا‪ ،‬ح (‪ ،)2227‬يف (‪ ،)82/3‬ورواه‬ ‫(((‬
‫أيض ًا يف كتاب‪ :‬اإلجارة‪ ،‬باب‪ :‬إثم من منع أجر األجري‪ ،‬ح (‪ ،)2270‬يف (‪.)90/3‬‬
‫راجع‪ :‬رشح الزركيش (‪.)224/4‬‬ ‫(((‬

‫‪513‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الرابع‪ :‬قول النبي مـلسو هيلع هللا ىلص‪ُ (( :‬أعطيت أمتي مخس خصال‬
‫يف رمضان مل تعطها أمة قبلهم‪ ،...:‬و ُيغفر هلم يف آخر ليلة‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل‬
‫أهي ليلة القدر؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكن العامل إنام َّ‬
‫يوىَّف أجره إذا قىض عمله))((((((‪،‬‬
‫رصيح عىل أن إيفاء األجرة بعد االنتهاء من العمل‪.‬‬‫ٌ‬ ‫نص‬
‫وهذا ٌ‬
‫الدليل اخلامس‪ :‬القياس عىل الثمن يف البيع والصداق يف النكاح؛ ألنه‬
‫عوض فال ُيستحق تسليمه إال مع تسليم املعوض(((‪.‬‬
‫ٌ‬
‫عريف‬
‫ٌ‬ ‫لفظي أو‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رشط‬ ‫جاء يف رشح الزركيش‪« :‬هذا كله إن مل يوجد‬
‫يقتيض التأخري أو التعجيل فإنه ُيعمل بمقتضاه»(((‪ ،‬وجاء يف اإلنصاف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عمل ُملكت األجرة بالعقد أيض ًا لكن ال ُيستحق تسليمها‬ ‫«إذا استؤجر عىل‬
‫إال بفراغ العمل وتسليمه ملالكه عىل الصحيح من املذهب‪ ،‬وعليه مجاهري‬
‫األصحاب»(((‪.‬‬
‫والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬هو القول الثاين ‪-‬مع توافق القولني يف نتيجة‬
‫احلالة الثانية‪ -‬وهو استحقاق املحكَّم أتعابه بحسب االتفاق أو العرف فإن‬

‫رواه أمحد‪ :‬مسند‪ :‬املكثرين من الصحابة‪ ،‬مسند‪ :‬أيب هريرة هنع هللا يضر‪ ،‬ح (‪،)7917‬‬ ‫(((‬
‫يف (‪ ،)295/13‬وض َّعف اهليثمي هللا همحر هشام بن زياد يف كتابه‪ :‬جممع الزوائد‬
‫(‪ ،)140/3‬وقال ابن حجر هللا همحر يف كتابه‪ :‬املطالب العالية (‪« :)40/6‬هذا إسنا ٌد‬
‫ضعيف»‪.‬‬
‫ٌ‬
‫راجع‪ :‬رشح الزركيش (‪.)224/4‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)330/5‬وكشاف القناع (‪ ،)41/4‬والروض املربع (‪.)344/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬رشح الزركيش (‪.)224/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)82/6‬‬ ‫(((‬

‫‪514‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫عرف فيستحق أتعابه بعد انتهاء عمله وهو إصدار‬


‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫اتفاق أو‬ ‫مل يكن هناك‬
‫احلكم التحكيمي وتوابعه؛ ملا ييل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬لقوة أدلته وضعف تعليل القول األول‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬هذه املسألة مبني ٌة عىل مسألة تكييف أتعاب التحكيم‪ ،‬وقد سبق يف‬
‫املبحث السابق ترجيح القول بأن أتعاب التحكيم أجر ٌة وبالتايل فإهنا تأخذ‬
‫أحكام األجرة‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬العرف العاملي يف العرص احلارض هو تسليم أتعاب التحكيم قبل‬
‫البدء بالعمل‪ ،‬والشارع يعترب العرف والعادة وجيعلها حمكم ًة يف املسائل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫خاص وتبقى‬ ‫ٍ‬
‫حساب‬ ‫وقريب ًا منه التحكيم املؤسيس حيث تُودع األتعاب يف‬
‫حتى تنتهي أعامل املحكَّم يف تلك القضية بصدور حك ٍم هنائي أو إهناء‬
‫اإلجراءات ونحو ذلك كام يف املركز السعودي للتحكيم التجاري(((‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬عىل التسليم بقوة القول أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫عل فالراجح جواز‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يف النتيجة بني القولني‪.‬‬ ‫جلعل‪ ،‬وبالتايل ال فرق‬
‫تعجيل ا ُ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أتعاب التحكيم عند انتهاء مهمة المحكَّ م قبل‬
‫إصدار الحكم‪:‬‬
‫قد تنتهي مهمة املحكَّم أثناء سري العملية التحكيمية وقبل إصداره احلكم‬
‫التحكيمي بعدة عوارض كوفاته أو رده من طريف النزاع أو أحدمها أو عزله‬

‫((( راجع‪ :‬الفقرة (‪ )6/1‬من امللحق األول لقواعد التحكيم يف املركز السعودي للتحكيم‬
‫التجاري‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫سجن أو‬ ‫ٍ‬
‫ملرض أو‬ ‫من املحكمة املختصة أو تنحيه عن نظر القضية أو عجزه‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يظهر أثر ذلك عىل أتعاب التحكيم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أهلية ونحو ذلك‪،‬‬ ‫فقد‬
‫نص عىل هذه املسألة من‬
‫ومل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪َ -‬م ْن َّ‬
‫الفقهاء السابقني‪.‬‬
‫ويمكن القول ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن للفقهاء هللا مهمحر قولني يف هذه املسألة‬
‫بنا ًء عىل تكييفهم ألتعاب التحكيم يف املبحث األول‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬وهو مذهب املالكية والشافعية واحلنابلة ‪-‬بنا ًء عىل قوهلم‬
‫أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫عل‪ -‬أن املسألة ال ختلو من حالتني اثنتني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تنتهي مهمة املحكَّم قبل رشوعه يف العمل‪ :‬فال يشء له‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من أتعاب التحكيم(((‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بام ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬بقوله تعاىل‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾‬
‫[سورة يوسف‪ ،]72 :‬ومفهوم اآلية أنه إذا مل ِ‬
‫يأت به فال يشء له(((‪.‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬اجلُعل ُيستحق بالفراغ من العمل‪ ،‬ومل يعمل املحكَّم فسقط‬
‫حقه يف األتعاب ومل حيصل للخصوم ما يريدون كعامل املساقاة(((‪.‬‬
‫((( راجع‪ :‬البيان والتحصيل (‪ ،)505/8‬والذخرية (‪ ،)22/6‬ورشح الزرقاين (‪،)111/7‬‬
‫والبيان (‪ ،)412/7‬وفتح العزيز (‪ ،)201/6‬وروضة الطالبني (‪ ،)273/5‬واملغني‬
‫(‪ ،)94/6‬واملبدع (‪ ،)116/5‬وكشاف القناع (‪.)206/4‬‬
‫((( راجع‪ :‬كفاية الطالب الرباين (‪.)194/2‬‬
‫((( راجع‪ :‬املجموع (‪ ،)124/15‬والنجم الوهاج (‪ ،)99/6‬وأسنى املطالب (‪،)442/2‬‬
‫وكشاف القناع (‪.)206/4‬‬

‫‪516‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الثالث‪ :‬إذا أهنى اخلصوم مهمة املحكَّم قبل رشوعه يف العمل‬
‫فال يستحق شيئ ًا من األتعاب؛ ألهنم أرباب املال وقد رفعوا إذهنم له قبل أن‬
‫يعمل ويستهلكوا منفعته كام لو فسخ املضاربة قبل العمل(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن كل ما سبق‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو‬
‫مؤيدٌ له‪.‬‬
‫جاء يف املقدمات املمهدات‪« :‬وال يلزم املجعول له العمل وله أن يرتك‬
‫رشع فيه أو مل يرشع‪ ،‬وال يشء له إال بتامم العمل»(((‪.‬‬
‫وجاء يف روضة الطالبني‪« :‬ثم إن اتفق الفسخ قبل الرشوع يف العمل فال‬
‫يشء للعامل»(((‪.‬‬
‫وجاء يف كشاف القناع‪(« :‬إن فسخها العامل) ولو بعد رشوعه يف العمل‬
‫(مل يستحق) ملا عمله (شيئ ًا»)(((‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن تنتهي مهمة املحكَّم بعد رشوعه يف العمل وقبل إصدار‬
‫احلكم‪ :‬فال ختلو هذه احلالة من أمرين اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬

‫راجع‪ :‬البيان (‪ ،)412/7‬واملجموع (‪،)124/15‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬املقدمات املمهدات (‪.)179/2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬روضة الطالبني (‪.)273/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)206/4‬‬ ‫(((‬

‫‪517‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫حينئذ من أتعاب‬ ‫األمر األول‪ :‬أن ُينهي املحكَّم مهمته بنفسه‪ :‬فال يشء له‬
‫التحكيم‪ ،‬واشرتط املالكية لذلك عدم انتفاع اخلصوم بام عمل املحكَّم فإن‬
‫انتفع اخلصوم من ذلك فله جزء من األتعاب(((‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بام ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬قوله تعاىل‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾‬
‫[سورة يوسف‪ ،]72 :‬ومفهوم اآلية أنه إذا مل ِ‬
‫يأت به فال يشء له(((‪.‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬ألن املحكَّم امتنع باختياره ومل حيصل غرض اخلصوم‬
‫بام عمل حيث إن غرضهم هو إصدار احلكم ومل حيصل فأسقط حق نفسه‬
‫ويكون كعامل املضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح(((‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬اجلاعل قد انتفع بام عمل املحكَّم األول فعليه دفع ما‬
‫يقابل ذلك من أتعاب(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬الذخرية (‪ ،)18/6‬والتوضيح (‪ ،)247/7‬والتاج واإلكليل (‪،)597/7‬‬ ‫(((‬


‫والبيان (‪ ،)412/7‬وفتح العزيز (‪ ،)202/6‬وروضة الطالبني (‪ ،)273/5‬واملغني‬
‫(‪ ،)94/6‬واملبدع (‪ ،)115/5‬ورشح منتهى اإلرادات (‪ ،)374/2‬واختلف فقهاء‬
‫املالكية هللا مهمحر يف قدر الواجب له من األتعاب فيام لو تعاقد اخلصوم مع حم َّك ٍم آخر؛‬
‫إلكامل القضية التحكيمية‪ ،‬هل يأخذ مقدار ما عمل من أتعابه هو؟ أو مقدار ما عمل‬
‫من أتعاب املحكَّم اجلديد؟‪ ،‬وحيسن مراجعة املسألة يف مظاهنا‪.‬‬
‫راجع‪ :‬كفاية الطالب الرباين (‪.)194/2‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬فتح العزيز (‪ ،)202/6‬وروضة الطالبني (‪ ،)273/5‬والنجم الوهاج‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)99/6‬واملغني (‪ ،)94/6‬واملبدع (‪ ،)115/5‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)374/2‬‬
‫راجع‪ :‬رشح اخلريش (‪ ،)61/7‬والرشح الكبري للدردير (‪ ،)61/4‬والرشح الصغري‬ ‫(((‬
‫(‪.)80/4‬‬

‫‪518‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ويمكن أن ُجُياب عن كل ما سبق‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو‬


‫مؤيدٌ له‪.‬‬
‫جاء يف الرشح الصغري‪« :‬ومفهومه أنه إذا مل يتم العمل فال يستحق شيئ ًا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بأجر‬ ‫وهو كذلك‪ ،‬واستثنى من ذلك املفهوم قوله‪( :‬إال أن يتمه غريه) أي‬
‫َّ‬
‫قل أو كثر بدليل قوله‪( :‬فبنسبة الثاين)‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬
‫وجاء يف روضة الطالبني‪ ...« :‬الفسخ قبل الرشوع يف العمل‪ ،...‬وإن‬
‫كان بعده‪ :‬فإن فسخ العامل فال يشء له»(((‪.‬‬
‫وجاء يف كشاف القناع‪(« :‬إن فسخها العامل) ولو بعد رشوعه يف العمل‬
‫(مل يستحق) ملا عمله (شيئ ًا»)(((‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬أن ُينهي غري املحكَّم مهمته‪ :‬سواء كان إهناء ذلك من‬
‫اخلصوم أو أحدهم أو املحكمة أو بسبب موت اخلصوم أو غري ذلك‪:‬‬
‫فاختلفوا يف ذلك عىل رأيني اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬وهو مذهب املالكية((( أن للمحكَّم كامل األتعاب إن كان‬
‫اإلهناء بسبب اخلصوم وإال فال يشء له من األتعاب‪.‬‬

‫انظر‪ :‬الرشح الصغري (‪.)80/4‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬روضة الطالبني (‪.)273/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)206/4‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املقدمات املمهدات (‪ ،)180/2‬والذخرية (‪ ،)22/6‬وحاشية العدوي عىل‬ ‫(((‬
‫كفاية الطالب الرباين (‪.)194/2‬‬

‫‪519‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫وع َّللوا قوهلم‪ :‬بأن استحقاق املحكَّم لألتعاب عند تسبب اخلصوم أو‬
‫أحدهم يف إهناء مهمة املحكَّم؛ لئال يضيع عليه عمله(((‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حمفوظ له بام يقابله من األتعاب‬ ‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأن عمله‬
‫دون ما زاد عىل ذلك‪.‬‬
‫جاء يف الذخرية‪« :‬يف النوادر‪ :‬لو جعل عىل تقايض الغريم فأبرأه أو‬
‫أخره بعد رشوع املجاعل يف التقايض أو جعل يف ٍ‬
‫آبق فأعتقه بعد الرشوع‬
‫فللمجاعل اجلعل؛ ألن املنع من قبل اجلاعل»(((‪.‬‬
‫الرأي الثاين‪ :‬وهو مذهب الشافعية((( ومذهب احلنابلة((( أن للمحكَّم‬
‫أتعاب املثل دون النظر لألتعاب املتفق عليها إن كان اإلهناء بسبب اخلصوم‬
‫وإال فال يشء له من األتعاب‪.‬‬
‫وعللوا قوهلم بام ييل‪:‬‬
‫التعليل األول‪ :‬عند تسبب اخلصوم يف إهناء مهمة املحكَّم يستحق أتعاب‬
‫ٍ‬
‫عوض له كام لو‬ ‫املثل؛ ألنه ليس هلم إسقاط عمله واستهالك منفعته بغري‬
‫فسخ املضاربة بعد الرشوع يف العمل وقبل حصول الربح(((‪.‬‬
‫راجع‪ :‬املقدمات املمهدات (‪.)180/2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬الذخرية (‪.)22/6‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬البيان (‪ ،)412 ،410/7‬وفتح العزيز (‪ ،)202 ،201/6‬وروضة الطالبني‬ ‫(((‬
‫(‪.)274 ،273/5‬‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)96 ،94/6‬واملبدع (‪ ،)115/5‬ورشح منتهى اإلرادات (‪،374/2‬‬ ‫(((‬
‫‪.)375‬‬
‫راجع‪ :‬البيان (‪ ،)412/7‬وفتح العزيز (‪ ،)202/6‬واملجموع (‪ ،)124/15‬واملغني‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)94/6‬واملبدع (‪ ،)116/5‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)374/2‬‬

‫‪520‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو مؤيدٌ‬


‫له‪.‬‬
‫التعليل الثاين‪ :‬ال يستحق املحكَّم شيئ ًا من األتعاب عند عدم تسبب‬
‫اخلصوم يف إهناء مهمته؛ ألنه مل ِ‬
‫يأت بالعمل الذي يستحق به اجلعل(((‪.‬‬
‫مبني عىل أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫عل‬ ‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأن هذا ٌ‬
‫ال أجرةً‪ ،‬وقد سبق بيان ضعف ذلك‪.‬‬
‫التعليل الثالث‪ :‬ال ُينظر لألتعاب املتفق عليها؛ الرتفاع العقد بالفسخ‬
‫ويستحق األتعاب املتفق عليها بالفراغ من العمل فكذا بعضه كسائر‬
‫الفسوخ(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك من وجهني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫مبني عىل أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫عل ال أجرةً‪ ،‬وقد‬ ‫الوجه األول‪ :‬هذا ٌ‬
‫سبق بيان ضعف ذلك‪.‬‬
‫الوجه الثاين‪ :‬ال يلزم من ارتفاع العقد بالفسخ ارتفاع كل ما يتعلق به‬
‫بل كل ما اتفق عليه الطرفان يف العقد يكون هو املرجع يف الفصل بينهام عند‬
‫التنازع‪ ،‬ومن ذلك األتعاب املتفق عليها‪.‬‬

‫((( راجع‪ :‬البيان (‪ ،)410/7‬وروضة الطالبني (‪ ،)274/5‬والنجم الوهاج (‪،)101/6‬‬


‫واملغني (‪ ،)96/6‬واإلنصاف (‪ ،)398/6‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)375 ،374/2‬‬
‫((( راجع‪ :‬أسنى املطالب (‪ ،)442/2‬ومغني املحتاج (‪ ،)625/3‬وهناية املحتاج‬
‫(‪.)477/5‬‬

‫‪521‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫جاء يف روضة الطالبني‪ ...« :‬الفسخ قبل الرشوع يف العمل‪ ،...‬وإن‬


‫كان بعده‪ ...:‬وإن فسخ املالك‪ :‬فوجهان‪ ،...:‬والصحيح‪ :‬أنه يستحق أجرة‬
‫جلعل عىل‬
‫جلعل عىل متام ا ُ‬
‫املثل ملا عمل‪ ...،‬ومن أحكامها‪ :‬توقف استحقاق ا ُ‬
‫متام العمل‪ ،‬فلو سعى يف طلب اآلبق فرده فامت يف باب دار املالك قبل أن‬
‫يسلمه إليه أو هرب أو ُغصب أو تركه العامل فرجع فال يشء للعامل؛ ألنه‬
‫مل يرد»(((‪.‬‬
‫وجاء يف كشاف القناع‪(« :‬وإن فسخها اجلاعل)‪ ...‬و(بعد الرشوع فعليه‬
‫للعامل أجرة) مثل (عمله)‪( ...،‬لكن ال ُجعل له إذا هرب) اآلبق منه (قبل‬
‫تسليمه) لسيده (أو مات) اآلبق قبل تسليمه؛ ألنه مل يتم العمل»(((‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬وهو ٌ‬
‫قول للحنابلة ‪-‬بنا ًء عىل قوهلم أن أتعاب التحكيم‬
‫ُأجرةٌ‪ -‬أن املسألة ال ختلو من ثالث حاالت‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من‬ ‫احلالة األوىل‪ :‬أن ُينهي املحكَّم مهمته بنفسه‪ :‬فال يشء له‬
‫أتعاب التحكيم سوا ًء رشع يف العمل أم مل يرشع فيه(((‪.‬‬
‫وع َّللوا ذلك‪ :‬بأنه مل ُيس ِّلم العمل الذي يستحق به األجرة(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأنه ال ُيعارض القول الراجح بل هو مؤيدٌ‬
‫له‪.‬‬

‫انظر‪ :‬روضة الطالبني (‪.)273/5‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)206/4‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)335/5‬واملبدع (‪ ،)438/4‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)263/2‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)335/5‬واملبدع (‪ ،)438/4‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)263/2‬‬ ‫(((‬

‫‪522‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫احلالة الثانية‪ :‬أن ُينهي اخلصو ُم مهم َة املحكَّم‪ :‬فللمحكَّم كامل األتعاب‬
‫املتفق عليها سوا ًء رشع يف العمل أم مل يرشع فيه(((‪.‬‬
‫املستأجر‬
‫ُ‬ ‫األجر ويملك‬
‫َ‬ ‫املؤجر‬
‫ُ‬ ‫وع َّللوا قوهلم‪ :‬بأن مقتىض العقد أن يملك‬
‫املنافع بمجرد انعقاد العقد وقد وجد ذلك فرتتب مقتىض العقد كالبيع(((‪.‬‬‫َ‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأن مقتىض العقد ملك املحكَّم لألتعاب‬
‫كامل ًة مقابل استيفاء اخلصوم كل االلتزامات الواجبة عليه‪ ،‬وقد أدى بعضها‬
‫فيستحق ما يقابلها من أتعاب دون ما زاد عىل ذلك كام يف تعليل احلالة الثالثة‬
‫التالية‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬أن ُينهي غري املحكَّم واخلصوم مهمة املحكَّم‪ :‬فللمحكَّم‬
‫ٍ‬
‫عمل(((‪.‬‬ ‫أتعاب املثل ملا أنجز من‬
‫ٍ‬
‫واحد نصيبه من املعقود‬ ‫معذور فلكل‬ ‫ال منهام‬‫وع َّللوا قوهلم‪ :‬بأن ك ً‬
‫ٌ‬
‫عليه(((‪.‬‬
‫ويمكن أن ُجُياب عن ذلك‪ :‬بأن هذا التعليل يؤيد القول الراجح الذي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نصيبه من األتعاب املتفق عليها ال أتعاب املثل‪.‬‬ ‫يعطي املحكَّم‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)333/5‬والرشح الكبري البن قدامة (‪ ،)99/6‬ومطالب أويل النهى‬ ‫(((‬
‫(‪.)656/3‬‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)333/5‬والرشح الكبري البن قدامة (‪ ،)99/6‬ومطالب أويل النهى‬ ‫(((‬
‫(‪.)656/3‬‬
‫راجع‪ :‬املغني (‪ ،)336/5‬واملبدع (‪ ،)440/4‬ورشح منتهى اإلرادات (‪.)264/2‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬رشح منتهى اإلرادات (‪ ،)264/2‬وكشاف القناع (‪ ،)26/4‬ومطالب أويل‬ ‫(((‬
‫النهى (‪.)656/3‬‬

‫‪523‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫جاء يف كشاف القناع‪(« :‬وكل موض ٍع امتنع األجري من) إمتام (العمل‬
‫فيه) فال أجرة له ملا عمل‪( ،...‬فأما إن رشدت الدابة أو تعذر استيفاء املنفعة‬
‫بغري فعل املؤجر فله) أي املؤجر من األجر (بقدر ما استوىف) املستأجر (بكل‬
‫حال»)(((‪.‬‬
‫وجاء يف املغني‪« :‬ألنه عقد الزم بني الطرفني فلم يملك أحد املتعاقدين‬
‫فسخه‪ ،‬وإن فسخه مل يسقط العوض الواجب عليه كالبيع»(((‪.‬‬
‫والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن هذه املسألة ال ختلو من حالتني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تنتهي مهمة املحكَّم قبل رشوعه يف العمل(((‪ :‬فال يشء‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من أتعاب التحكيم‪.‬‬ ‫له‬
‫ويمكن أن ُيع َّلل ذلك‪ :‬بأن املحكَّم مل يبذل عم ً‬
‫ال حتى يستحق به شيئ ًا‬
‫من األتعاب‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)26/4‬‬


‫((( انظر‪ :‬املغني (‪.)333/5‬‬
‫ٍ‬ ‫((( عمل املحكَّم أو هيئة التحكيم يبدأ بعدة ٍ‬
‫أمور إجرائية كتعيني ٍ‬
‫أمني للرس وإصدار قرار‬
‫ٍ‬
‫إجراءات‬ ‫ٍ‬
‫وثيقة للتحكيم إن مل يتفق اخلصوم عىل‬ ‫إعالن تشكيل هيئة التحكيم وصياغة‬
‫حمددة ومتابعة اخلصوم يف تسديد األتعاب وجدولة الرتافع الكتايب ونحو ذلك‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬
‫أرى إغفال هذه األعامل اإلجرائية التي تسبق األعامل املوضوعية ملحل النزاع؛ ألن‬
‫إهدار لألعامل اإلجرائية التي‬
‫ٌ‬ ‫حرص عمل املحكَّم املعترب يف األعامل املوضوعية فيه‬
‫ٌ‬
‫أعامل إجرائي ٌة وبعض املسائل اإلجرائية‬ ‫عملها املحكَّم السيام وأن التحكيم أكثره‬
‫تتطلب من املحكَّم بحث ًا موسع ًا ودقيق ًا وربام أصدر املحكَّم عدد ًا من القرارات بعد‬
‫ٍ‬
‫ودراسات قبل األعامل املوضوعية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومداوالت‬ ‫ٍ‬
‫جلسات‬

‫‪524‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫احلالة الثانية‪ :‬أن تنتهي مهمة املحكَّم بعد رشوعه يف العمل وقبل إصدار‬
‫احلكم‪ :‬فال ختلو هذه احلالة من أمرين اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من‬ ‫األمر األول‪ :‬أن ُينهي املحكَّم مهمته بنفسه‪ :‬فال يشء له‬
‫أتعاب التحكيم برشط عدم انتفاع اخلصوم بام عمل فإن انتفعوا من ذلك‬
‫كأن يبني املحكَّم اجلديد عىل اإلجراءات السابقة ويعتمد عىل املذكرات‬
‫املتبادلة بني الطرفني سابق ًا أو قرار تعيني اخلبري ونحو ذلك فله قسط ما‬
‫عمل من األتعاب املتفق عليها‪.‬‬
‫ويمكن أن ُيع َّلل ذلك بعدة تعليالت‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬
‫التعليل األول‪ :‬املحكَّم قد امتنع عن العمل باختياره ومل يستفد اخلصوم‬
‫مما عمل شيئ ًا كأن خيتاروا الصلح بدالً من التحكيم أو أن يتفقوا عىل إهناء‬
‫جديد والبدء يف إجراءات التحكيم من‬‫ٍ‬ ‫إجراءات التحكيم وتعيني حم َّك ٍم‬
‫ٍ‬
‫يشء‬ ‫جديد ونحو ذلك‪ ،‬وبالتايل هو من أسقط حق نفسه‪ ،‬وال حيل له أخذ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫مقابل ينتفعون به‪.‬‬ ‫من أمواهلم دون‬
‫التعليل الثاين‪ :‬إذا انتفع اخلصوم بام عمل املحكَّم األول فله قسط ما‬
‫عمل من األتعاب املتفق عليها؛ ألنه ٌ‬
‫عمل معقو ٌد عليه وقد أداه املحكَّم‬
‫ٍ‬
‫أتعاب‪.‬‬ ‫وانتفع به اخلصوم فوجب له ما يقابله من‬
‫التعليل الثالث‪ :‬العدل أن ُيعطى املحكَّم قسط ما عمل األتعاب املتفق‬
‫عليها سواء وافقت أتعاب املثل أو زادت عليها أو نقصت عنها؛ ألن العمل‬
‫الذي أداه وانتفع به اخلصوم له ما يقابله من األتعاب املتفق عليها سواء‬

‫‪525‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫أكمل بقية العمل أم ال السيام وأن تقدير األتعاب له عدة معايري كخربة‬
‫املحكَّم ورسعة إنجازه وجمال ختصصه ونوع القضية ومدى انشغاله وتفويته‬
‫أعامالً وعقود ًا أخرى بسبب هذا االلتزام التحكيمي وغري ذلك وليست‬
‫حمصور ًة يف قيمة مقدار العمل الذي يعمله املحكَّم فقط‪ ،‬بل ربام لو علم‬
‫املحكَّم أن مآل هذه القضية إىل أتعاب املثل ملا قبل بالعمل فيها‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬أن ُينهي غري املحكَّم مهمة املحكَّم سواء كان من املحكمة‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من نقطتني‪،‬‬ ‫أو اخلصوم أو بسبب املوت أو غري ذلك‪ :‬فال ختلو املسألة‬
‫ومها ما ييل‪:‬‬
‫ٍ‬
‫تقصري‬ ‫النقطة األوىل‪ :‬أن يكون إهناء غري املحكَّم مهمة املحكَّم بسبب‬
‫من املحكَّم كعدم حياده وثبوت ميله مع الطرف الذي عينَّه ونحو ذلك‪ :‬فال‬
‫حينئذ من أتعاب التحكيم برشط عدم انتفاع اخلصوم بام عمل فإن‬‫ٍ‬ ‫يشء له‬
‫انتفعوا به فله قسط ما عمل من األتعاب املتفق عليها‪.‬‬
‫ويمكن أن ُيع َّلل ذلك بام ييل‪:‬‬
‫التعليل األول‪ :‬ال يستحق املحكَّم شيئ ًا من األتعاب إن مل ينتفع اخلصوم‬
‫نص‬
‫بام عمل؛ ألنه تسبب يف إهناء مهمته بسبب تقصريه وتفريطه‪ ،‬وقد َّ‬
‫ٍ‬
‫يشء من‬ ‫الفقهاء عىل أن املفرط أوىل بالرضر(((‪ ،‬وبالتايل ال حيل له أخذ‬
‫ٍ‬
‫مقابل ينتفعون به‪.‬‬ ‫أموال اخلصوم دون‬
‫التعليل الثاين‪ :‬ما سبق ذكره يف التعليل الثاين والثالث يف األمر األول‪.‬‬

‫((( راجع‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)86/4‬ومطالب أويل النهى (‪.)17/4‬‬

‫‪526‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫تقصري من‬ ‫النقطة الثانية‪ :‬أال يكون إهناء غري املحكَّم مهمة املحكَّم بسبب‬
‫املحكَّم كموته أو عجزه أو فقده لألهلية أو طلب اخلصوم إهناء إجراءات‬
‫ٍ‬
‫حينئذ قسط ما عمل من األتعاب املتفق عليها‪.‬‬ ‫التحكيم وغري ذلك‪ :‬فله‬
‫ويمكن أن ُيع َّلل ذلك بام ييل‪:‬‬
‫التعليل األول‪ :‬أدى املحكَّم بعض األعامل الواجبة عليه فيثبت له ما‬
‫يقابلها من األتعاب؛ لئال يضيع عليه عمله دون عوض‪.‬‬
‫التعليل الثاين‪ :‬ما سبق ذكره يف التعليل الثالث يف األمر األول‪.‬‬
‫التعليل الثالث‪ :‬هذا املوافق لبعض أنظمة التحكيم‪ ،‬ومن ذلك نظام‬
‫التحكيم السعودي(((‪.‬‬
‫التعليل الرابع‪ :‬جرى العمل عىل ذلك يف ٍ‬
‫عدد من املؤسسات التحكيمية‬
‫كاملركز السعودي للتحكيم التجاري(((‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬استرداد أتعاب التحكيم عند بطالن الحكم(((‪:‬‬

‫قد يتعرض احلكم التحكيمي للبطالن كسائر األحكام القضائية‪ ،‬وقد‬


‫يؤدي ذلك لطلب اخلصوم من املحكَّم أو هيئة التحكيم اسرتداد أتعاب‬
‫((( راجع‪ :‬الفقرة الثانية من املادة الثامنة عرشة (م ‪ )18‬من نظام التحكيم السعودي‪.‬‬
‫((( راجع‪ :‬الفقرة (‪/4‬أ‪ )3/1/‬والفقرة (‪/6‬أ‪ )3/1/‬من امللحق األول لقواعد التحكيم‬
‫يف املركز السعودي للتحكيم التجاري‪.‬‬
‫بدأت تسمية املطلب بكلمة (اسرتداد) بنا ًء عىل الواقع العميل بتعجيل أتعاب التحكيم‬ ‫ُ‬ ‫(((‬
‫قبل البدء يف العملية التحكيمية غالب ًا وبنا ًء عىل القول الراجح بصحة تعجيل أتعاب‬
‫نصوا عىل عدم صحة ذلك كاملالكية والشافعية‬ ‫التحكيم‪ ،‬وإن كان بعض الفقهاء قد َّ‬
‫هللا مهمحر بنا ًء عىل أهنا ُج ٌ‬
‫عل‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫التحكيم؛ ألهنم سيتكبدون ‪-‬غالب ًا‪ -‬أتعاب ًا جديد ًة للمحكَّم اجلديد أو هيئة‬
‫التحكيم اجلديدة للفصل يف النزاع نفسه‪.‬‬
‫نص عىل هذه املسألة من الفقهاء‬
‫ومل أجد ‪-‬بعد البحث والتحري‪َ -‬م ْن َّ‬
‫املتقدمني واملعارصين‪.‬‬
‫ويمكن القول ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن للفقهاء هللا مهمحر قولني يف هذه املسألة‬
‫بنا ًء عىل تكييفهم ألتعاب التحكيم يف املبحث األول‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬وهو مذهب املالكية((( والشافعية((( واحلنابلة((( ‪-‬بنا ًء عىل‬
‫عل‪ -‬أن املسألة ال ختلو من حالتني اثنتني‪ ،‬ومها‬ ‫قوهلم أن أتعاب التحكيم ُج ٌ‬
‫ما ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق‬
‫األتعاب بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ فال يستحق املحكَّم أتعاب التحكيم‬ ‫حتكيمي مصدَّ ٌق‪،‬‬ ‫حكم‬ ‫هي‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫كامل ًة وللخصوم طلب اسرتدادها منه‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أال يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم هي‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ فيستحق املحكَّم‬ ‫حتكيمي فقط‪ ،‬وهذا هو أغلب عقود التحكيم‪،‬‬ ‫ٌ‬

‫((( راجع‪ :‬املقدمات املمهدات (‪ ،)179/2‬وبداية املجتهد (‪ ،)20/4‬وعقد اجلواهر‬


‫الثمينة (‪.)946/3‬‬
‫((( راجع‪ :‬هناية املطلب (‪ ،)497/8‬وفتح العزيز (‪ ،)201/6‬وهناية املحتاج (‪.)478/5‬‬
‫((( راجع‪ :‬الكايف البن قدامة (‪ ،)187/2‬واملبدع (‪ ،)114/5‬وكشاف القناع (‪.)203/4‬‬

‫‪528‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫أتعاب التحكيم كامل ًة عند إصداره احلكم التحكيمي وليس للخصوم‬


‫طلب اسرتدادها منه عند بطالن احلكم‪.‬‬
‫وع َّللوا ذلك‪ :‬بأن هذا هو مقتىض عقد اجلعالة؛ إذ ال يستحق العامل‬
‫ٍ‬
‫مصدق يف النزاع‪ ،‬ويف‬ ‫اجلُعل إال بعد متام العمل كله وهو إصدار حك ٍم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪،‬‬ ‫احلالة األوىل مل يتحقق ذلك فال يستحق املحكَّم شيئ ًا من األتعاب‬
‫َ‬
‫العمل كله وهو إصدار حك ٍم يف النزاع فاستحق‬ ‫ويف احلالة الثانية أتم املحكَّم‬
‫جلعل(((‪.‬‬ ‫عوضه وهو ا ُ‬
‫جلعل ال يستحق‬
‫جاء يف بداية املجتهد‪« :‬وال خالف يف مذهب مالك أن ا ُ‬
‫يش ٌء منه إال بتامم العمل»(((‪.‬‬
‫وجاء يف هناية املطلب‪« :‬واجلملة أن متام العمل ال بد منه وال حيصل‬
‫جلعل دونه»(((‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫استحقاق جزء من ا ُ‬
‫جلعل إال بعد فراغه من‬ ‫وجاء يف الكايف البن قدامة‪« :‬وال يستحق ا ُ‬
‫ال عىل رد ٍ‬
‫آبق فرده إىل باب الدار‬ ‫العمل؛ ألنه كذا رشط‪ ،‬وإن جعل له جع ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهرب أو مات قبل تسليمه مل يستحق شيئ ًا؛ ألنه مل يأت بام ُجعل ا ُ‬
‫جلعل‬
‫فيه»(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬الكايف البن قدامة (‪.)187/2‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪.)20/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬هناية املطلب (‪.)497/8‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬الكايف البن قدامة (‪.)187/2‬‬ ‫(((‬

‫‪529‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫القول الثاين‪ :‬وهو ٌ‬


‫قول للحنابلة ‪-‬بنا ًء عىل قوهلم أن أتعاب التحكيم‬
‫ُأجرةٌ‪ (((-‬أن املسألة ال ختلو من حالتني اثنتني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم هي‬
‫وحينئذ فيكون العقد عقد جعالة وليس عقد إجارة وال‬ ‫ٍ‬ ‫حتكيمي مصدَّ ٌق‪،‬‬
‫ٌ‬
‫يستحق املحكَّم أتعاب التحكيم كامل ًة وللخصوم طلب اسرتدادها منه عند‬
‫بطالن احلكم كام سبق يف القول األول‪.‬‬
‫ويمكن االستدالل لذلك بدليلني اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫ال مع اشرتاط الربء‬‫كح ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طبيب أو َّ‬ ‫الدليل األول‪ :‬القياس عىل استئجار‬
‫من املرض‪ ،‬فإن ُأبرم هذا العقد فهو عقد جعالة ال إجارة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معينة‪ ،‬والعقد‬ ‫ٍ‬
‫نتيجة‬ ‫الدليل الثاين‪ :‬ذكر هذا الرشط هو طلب حتقيق‬
‫جلعل يف عقد اجلعالة ال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املرشوط فيه حتقيق نتيجة معينة هو عقد اجلعالة‪ ،‬وا ُ‬
‫ُيستحق إال بعد متام العمل‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أال يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم هي‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ فيستحق املحكَّم‬ ‫حتكيمي فقط‪ ،‬وهذا هو أغلب عقود التحكيم‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫أتعاب التحكيم كامل ًة عند إصداره احلكم التحكيمي وليس للخصوم‬
‫طلب اسرتدادها منه عند بطالن احلكم‪.‬‬
‫واستدلوا لقوهلم بعدة أدلة‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬

‫((( راجع‪ :‬املغني (‪ ،)401/5‬واملبدع (‪ ،)436/4‬واإلنصاف (‪.)75/6‬‬

‫‪530‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫حائط أو خياطة‬ ‫ٍ‬
‫رجل لبناء‬ ‫الدليل األول‪ :‬القياس عىل مسألة استئجار‬
‫ٍ‬
‫قميص يف يو ٍم فلم يتمكن من إنجازه يف ذلك اليوم(((‪.‬‬
‫وىَّف بالعمل املعقود عليه فوجبت له األجرة‬‫الدليل الثاين‪ :‬املستأجر قد َّ‬
‫وإن مل يتحقق الغرض(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طبيب‬ ‫الدليل الثالث‪ :‬ويمكن أن ُيستدل أيض ًا بالقياس عىل استئجار‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ولو مل‬ ‫ال دون اشرتاط الربء من املرض فاألجري يستحق أجرته‬ ‫كح ٍ‬‫أو َّ‬
‫يربأ املريض‪.‬‬
‫جاء يف اإلنصاف‪« :‬فإن استأجره مد ًة يكحله أو يعاجله فيها فلم يربأ‬
‫استحق األجر‪ ،...‬فأما إن شارطه عىل الربء فهي جعالة ال يستحق شيئ ًا‬
‫حتى يوجد الربء وله أحكام اجلعالة»(((‪.‬‬
‫وال أجد فرق ًا بني هذين القولني سوى تكييف األتعاب فقط‪.‬‬
‫والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن هذه املسألة ال ختلو من حالتني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم هي‬
‫وحينئذ ال يستحق املحكَّم شيئ ًا من أتعاب التحكيم‬ ‫ٍ‬ ‫حتكيمي مصدَّ ٌق‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وللخصوم طلب اسرتدادها منه كام سبق(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬املغني (‪.)401/5‬‬ ‫(((‬


‫راجع‪ :‬املغني (‪.)401/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)75/6‬‬ ‫(((‬
‫اطلعت عىل بعض عقود التحكيم التي اشرتط فيها املحكِّم عىل املحكَّم اسرتداد‬‫ُ‬ ‫وقد‬ ‫(((‬
‫كبري من األتعاب حال بطالن احلكم أو عزل نفسه ونحو ذلك وال يأخذ املحكَّم‬ ‫جزء ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إال نسب ًة يسري ًة كــ ‪ %10‬من األتعاب املتفق عليها ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ويمكن االستدالل لذلك بام سبق االستدالل به يف احلالة األوىل من‬


‫القول الثاين‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أال يكون العقد مع املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫بعدم بطالن احلكم‪ :‬وذلك بأن تكون النتيجة املطلوبة من املحكَّم هي‬
‫حتكيمي فقط‪ ،‬وهذا هو أغلب عقود التحكيم‪ ،‬وال ختلو هذه احلالة من‬ ‫ٌ‬
‫أمرين اثنني‪ ،‬ومها ما ييل‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن يكون بطالن احلكم بسبب تقصري أو تعدي املحكَّم‬
‫كأن يكون احلكم خمالف ًا للنظام العام أو خمالف ًا إلمجا ٍع فقهي ونحو ذلك‪ :‬فال‬
‫يستحق املحكَّم األتعاب املتفق عليها وللخصوم طلب اسرتدادها منه‪ ،‬وقد‬
‫ُيستثنى من ذلك املحكَّم املعرتض عىل الفقرة التي تسببت ببطالن احلكم‪.‬‬
‫ويمكن االستدالل لذلك بام ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬إمجاع الفقهاء عىل أن األجري املشرتك يضمن ما تلف‬
‫مجع من الفقهاء كابن‬
‫بسبب تعديه أو تفريطه كام نقل اإلمجاع عىل ذلك ٌ‬
‫قدامة هللا همحر((( وغريه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جديد عند‬ ‫الدليل الثاين‪ :‬تسبب املحكَّم يف بطالن التحكيم وإعادته من‬
‫ٍ‬
‫حم َّك ٍم آخر وبإجراءات وتكاليف أخرى يتحملها اخلصوم‪ ،‬وقد َّ‬
‫نص الفقهاء‬
‫عىل أن املفرط أوىل بالرضر(((‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬القول هبذا سيؤدي إىل ضبط العملية التحكيمية وحرص‬
‫املحكَّم عىل أداء عمله عىل أكمل ٍ‬
‫وجه‪.‬‬
‫((( راجع‪ :‬املغني (‪.)398/5‬‬
‫((( راجع‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)86/4‬ومطالب أويل النهى (‪.)17/4‬‬

‫‪532‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الدليل الرابع‪ُ :‬يستثنى من ذلك املحكَّم املعرتض يف احلكم نفسه عىل‬


‫الفقرة التي تسببت ببطالن احلكم؛ ألنه أدى عمله كام ً‬
‫ال ومل يتسبب ببطالن‬
‫احلكم فتثبت له أتعابه كامل ًة‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬أال يكون بطالن احلكم بسبب تقصري أو تعدي املحكَّم‬
‫كأن يكون البطالن بسبب كون أحد طريف التحكيم فاقد ًا لألهلية عند إبرام‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يستحق املحكَّم أتعاب التحكيم كامل ًة‬ ‫اتفاق التحكيم ونحو ذلك‪:‬‬
‫عند إصداره احلكم التحكيمي وليس للخصوم طلب اسرتدادها منه‪.‬‬
‫تقصري‬
‫ٌ‬ ‫ويمكن تعليل ذلك‪ :‬بأن املحكَّم قد أدى التزاماته ومل يصدر منه‬
‫ٍ‬
‫نقص‪.‬‬ ‫يف عمله فيستحق األتعاب كامل ًة دون‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الرجوع بأتعاب التحكيم على الخصم الخاسر‪:‬‬

‫يطلب اخلصوم من املحكَّم أو هيئة التحكيم احلكم عىل الطرف اخلارس‬


‫(((‬
‫بتعويض الطرف الكاسب أتعاب التحكيم التي حتملها‪ ،‬ومذهب املالكية‬
‫ومذهب الشافعية ‪-‬خترجي ًا‪ (((-‬ومذهب احلنابلة((( ‪-‬وهم القائلون بجواز‬

‫((( راجع‪ :‬تبرصة احلكام (‪ ،)371/1‬واملخترص الفقهي (‪ ،)210/9‬ورشح الزرقاين‬


‫(‪.)271/6‬‬
‫((( مل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪ -‬نص ًا للشافعية هللا مهمحر يف هذه املسألة‪ ،‬ويمكن‬
‫ختريج هذا القول هلم بنا ًء عىل قوهلم يف وجوب حتميل الغاصب مؤونة رد املغصوب‪،‬‬
‫راجع‪ :‬النجم الوهاج (‪ ،)171/5‬ومغني املحتاج (‪ ،)337/3‬وهناية املحتاج‬
‫(‪.)150/5‬‬
‫((( راجع‪ :‬الفروع (‪ ،)457/6‬واملبدع (‪ ،)284/4‬واإلنصاف (‪.)276/5‬‬

‫‪533‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫أخذ أتعاب عىل التحكيم‪ -‬وابن تيمية((( وابن إبراهيم((( هللا مهمحر وبعض‬
‫ِ‬
‫اخلارس‬ ‫ِ‬
‫الطرف‬ ‫هيئات الفتوى املعارصة((( رأوا جواز احلكم بتعويض‬
‫الكاسب أتعاب التحكيم التي حتملها برشط وقوع الظلم والعدوان‬
‫َ‬ ‫الطرف‬
‫َ‬
‫من الطرف اخلارس كاملامطلة يف تسليم احلق والغصب ونحو ذلك(((‪.‬‬
‫وع َّللوا قوهلم بام ييل‪:‬‬
‫التعليل األول‪ :‬اخلصم اخلارس الظامل هو املتسبب هبذه اخلسارة فيتحملها‬
‫أشبه حتميل الغاصب أجرة رد املغصوب ملكانه(((‪.‬‬
‫ورضر عليه‪ ،‬والرضر‬
‫ٌ‬ ‫التعليل الثاين‪ :‬إجلاء الدائن للتحاكم فيه ٌ‬
‫ظلم له‬
‫جتب إزالته للقاعدة الرشعية‪ :‬الرضر ُيزال(((‪ ،‬وال يمكن إزالته إال بالتعويض‬
‫عنه(((‪.‬‬

‫راجع‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)24/30‬‬ ‫(((‬


‫راجع‪ :‬فتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم (‪.)54/13‬‬ ‫(((‬
‫راجع‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬املدين املامطل (‪ )4/1/2‬ص‪.94‬‬ ‫(((‬
‫وقد اشرتط بعض املعارصين للحكم باالسرتداد‪ :‬ثبوت كيدية الدعوى‪ ،‬راجع‪:‬‬ ‫(((‬
‫التحكيم يف الرشيعة اإلسالمية لعبد اهلل آل خنني ص‪ ،223‬ولعل القول باشرتاط‬
‫الظلم والعدوان أعم من ذلك‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫راجع‪ :‬رشح منتهى اإلرادات (‪ ،)157/2‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)369/3‬واملعايري‬ ‫(((‬
‫الرشعية يف معيار‪ :‬املدين املامطل ‪.103‬‬
‫راجع‪ :‬األشباه والنظائر للسبكي (‪ ،)41/1‬والتحبري (‪ ،)3845/8‬واألشباه والنظائر‬ ‫(((‬
‫للسيوطي ص‪.83‬‬
‫راجع‪ :‬التعويض عن أرضار التقايض لعبد الكريم الالحم ص‪.33‬‬ ‫(((‬

‫‪534‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫التعليل الثالث‪ :‬عدم اإللزام بالتعويض سيؤدي إىل عدة مفاسد كتشجيع‬
‫الظلمة عىل ظلمهم ومماطلتهم وكثرة القضايا وإشغال جهات التقايض‬
‫وترك أصحاب احلقوق املطالبة هبا ونحو ذلك(((‪.‬‬
‫جاء يف املخترص الفقهي‪« :‬فأحسن الوجوه أن يستأجر الطالب عون ًا‬
‫يأتيه باملطلوب إال أن يتبني أن املطلوب ألدَّ بالطالب ودعاه للقايض فأيب‬
‫أو منعه حق ًا يقر به ويمطله فيه فيغرم املطلوب أجرة العون ال الطالب»(((‪.‬‬
‫وجاء يف مغني املحتاج‪(« :‬وعىل الغاصب الرد) للمغصوب عىل الفور‬
‫عند التمكن وإن عظمت املؤنة يف رده»(((‪.‬‬
‫وجاء يف الفروع‪« :‬ومن مطل غريمه حتى أحوجه إىل الشكاية فام غرمه‬
‫بسبب ذلك لزم املامطل»(((‪.‬‬
‫وجاء يف جمموع الفتاوى‪« :‬إذا كان الذي عليه احلق قادر ًا عىل الوفاء‬
‫ومطله حتى أحوجه إىل الشكاية فام غرمه بسبب ذلك فهو عىل الظامل املامطل‬
‫إذا غرمه عىل الوجه املعتاد»(((‪.‬‬
‫وجاء يف فتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم‪« :‬فإن نفقات املنتدبني تكون‬
‫عىل َم ْن يتبني أنه الظامل وهو العامل أن احلق يف جانب خصمه ولكن أقام‬

‫راجع‪ :‬التعويض عن أرضار التقايض لعبد الكريم الالحم ص‪.34‬‬ ‫(((‬


‫انظر‪ :‬املخترص الفقهي (‪.)210/9‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬مغني املحتاج (‪.)337/3‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬الفروع (‪.)457/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)24/30‬‬ ‫(((‬

‫‪535‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫اخلصومة عليه مضارة ألخيه املسلم أو طمع ًا يف حقه‪ ،‬وحينئذ يتضح أن‬
‫املفلوج يف املخاصمة ال يلزم بذلك مطلق ًا‪ ،‬بل له حالتان‪ :‬إحدامها‪ :‬أن‬
‫يتحقق علمه بظلمه وعدوانه فيلزم بذلك املخاصمة مع علمه بأنه مبطل‪،‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أال يتضح علمه بظلمه يف خماصمته بل إنام خاصم ظان ًا أن احلق‬
‫معه أو أنه حيتمل أن يكون حمق ًا حيتمل خالفه فهذا ال وجه رشع ًا إللزامه‬
‫بتلك النفقات»(((‪.‬‬
‫وجاء يف املعايري الرشعية‪« :‬يتحمل املدين املامطل مرصوفات الدعوى‬
‫كام يتحمل املرصوفات التي غرمها الدائن من أجل حتصيل دينه»(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬فتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم (‪.)55/13‬‬


‫((( انظر‪ :‬املعايري الرشعية يف معيار‪ :‬املدين املامطل (‪ )4/1/2‬ص‪.94‬‬

‫‪536‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫الخاتمة‬
‫ويف ختام هذا البحث أشكر ريب عىل تيسريه إعداد هذا البحث فله‬
‫احلمد يف األوىل واآلخرة‪ ،‬وهذا ِذك ٌْر ألهم النتائج التي توصلت إليها‪ ،‬وأهم‬
‫التوصيات التي أويص هبا‪:‬‬
‫‪ -‬أهم النتائج التي توصل إليها الباحث‪:‬‬
‫قد انتهيت لعدة نتائج بعد إعداد هذا البحث‪ ،‬ويمكن إمجال أمهها فيام‬
‫ييل‪:‬‬
‫‪ُ )1‬يراد باألتعاب لغ ًة‪ :‬شدة العناء واإلعياء الذي هو ضد الراحة‪،‬‬
‫وأيض ًا اإلعجال يف العمل والسري احلثيث‪ ،‬واملعنى املراد يف هذا البحث هو‬
‫املعنى األول‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عمل مهني‪.‬‬ ‫‪ )2‬الراجح يف معنى األتعاب اصطالح ًا أهنا‪ٌ :‬‬
‫مال مقابل‬
‫‪ُ )3‬يراد بالتحكيم لغ َة‪ :‬املنع والقضاء والعلم والفقه‪ ،‬والذي يظهر أن‬
‫كل هذه املعاين الثالثة مراد ٌة يف التحكيم باملعنى االصطالحي‪.‬‬
‫‪ )4‬الراجح يف تعريف التحكيم اصطالح ًا أنه‪ :‬تقايض خصو ٍم عند ٍ‬
‫خمتار‪.‬‬
‫حر‬
‫حتكيم ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫‪ )5‬يتنوع التحكيم باعتبار تنظيم إجراءاته إىل نوعني اثنني‪:‬‬
‫وحتكيم مؤسيس‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ )6‬النصوص الفقهية املتعلقة بأتعاب التحكيم نادر ٌة يف كتب الفقهاء‬
‫وبعض املسائل املتعلقة هبا مل أجد َم ْن ذكرها من الفقهاء السابقني واملعارصين‪.‬‬

‫‪537‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫‪ )7‬اختلف الفقهاء هللا مهمحر يف حكم املعاوضة عىل التحكيم عىل ثالثة‬
‫ٍ‬
‫برشوط ومنهم َم ْن أجازها‬ ‫أقوال‪ ،‬فمنهم َم ْن منع منها ومنهم َم ْن أجازها‬
‫مطلق ًا‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه جيوز أخذ املحكَّم عوض ًا عىل التحكيم‬
‫مطلق ًا ‪.‬‬
‫‪ )8‬جرى العرف العاملي عىل تسمية العوض الذي يأخذه املحكَّم‬
‫باألتعاب‪ ،‬واختلف الفقهاء هللا مهمحر يف تكييفها عىل قولني‪ ،‬فمنهم َم ْن يرى‬
‫عل ومنهم َم ْن يرى أهنا أجرةٌ‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أهنا ُأجر ٌة ما مل‬
‫أهنا ُج ٌ‬
‫بنتيجة كتصديق احلكم وعدم بطالنه فهي‬ ‫ٍ‬ ‫يكن تسليم األتعاب مرشوط ًا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مع ندرة هذه الصورة‪.‬‬ ‫ُج ٌ‬
‫عل‬
‫‪ )9‬الواقع العميل يف بعض مراكز التحكيم املؤسيس أن املحكَّم يقبض‬
‫من األتعاب بمقدار عمله وهذا أقرب لإلجارة من اجلعالة‪ ،‬وهذا هو‬
‫املعمول به يف ٍ‬
‫كثري من مراكز التحكيم املؤسيس‪.‬‬
‫‪ )10‬مل يذكر أحدٌ من الفقهاء السابقني واملعارصين ‪-‬بعد البحث‬
‫والتحري‪ -‬وقت استحقاق املحكَّم ألتعاب التحكيم‪ ،‬ويمكن ختريج قولني‬
‫متقاربني للفقهاء بنا ًء عىل تكييفهم ألتعاب التحكيم‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل‬
‫أعلم‪ -‬أن املحكَّم يستحق أتعابه بعد انتهائه من عمله وهو إصدار احلكم يف‬
‫القضية التحكيمية وتوابعه ما مل يكن بني املحكَّم واخلصوم ٌ‬
‫اتفاق عىل وقت‬
‫عرف بذلك السيام وأن العرف العاملي يف العرص‬ ‫ٌ‬ ‫استحقاق األتعاب أو‬
‫احلارض هو تسليم أتعاب التحكيم قبل البدء بالعمل‪.‬‬
‫نص من الفقهاء السابقني‬
‫‪ )11‬مل أجد ‪-‬من خالل بحثي واطالعي‪َ -‬م ْن َّ‬
‫عىل حكم أتعاب التحكيم عند انتهاء مهمة املحكَّم قبل إصدار احلكم‪،‬‬

‫‪538‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ويمكن القول أن للفقهاء هللا مهمحر قولني يف هذه املسألة بنا ًء عىل تكييفهم‬
‫ألتعاب التحكيم‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه ال يشء للمحكَّم إن انتهت‬
‫مهمته قبل رشوعه يف العمل أو أهناها بنفسه ولو بعد رشوعه يف العمل‬
‫برشط عدم انتفاع اخلصوم بعمله فإن انتفعوا بعمله فله قسط ما عمل من‬
‫غريه مهمتَه بعد رشوعه يف العمل بسبب‬ ‫األتعاب املتفق عليها‪ ،‬وأما لو أهنى ُ‬
‫ٍ‬
‫بسبب‬ ‫تقصري منه فال يشء له أيض ًا من األتعاب بالرشط السابق وإن كان‬ ‫ٍ‬
‫آخر غري تقصريه فله قسط ما عمل من األتعاب املتفق عليها‪ ،‬وجز ٌء من هذا‬
‫موافق لبعض أنظمة التحكيم ومنها نظام التحكيم السعودي وهو ما جرى‬ ‫ٌ‬
‫عليه العمل يف بعض مراكز التحكيم املؤسيس‪.‬‬
‫‪ )12‬أكثر عقود التحكيم ال ُينص فيها عىل اسرتداد أتعاب التحكيم‬
‫ٍ‬
‫سبب مرشو ٍع‬ ‫كلها أو بعضها حال بطالن احلكم أو عزل املحكَّم نفسه دون‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ال‬ ‫نصت عىل ذلك‬ ‫اطلعت عىل بعض العقود التي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ونحو ذلك‪ ،‬وقد‬
‫يأخذ املحكَّم من األتعاب إال جزء ًا يسري ًا كــ ‪ %10‬من األتعاب املتفق عليها‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ )13‬مطالبة اخلصوم باسرتداد أتعاب التحكيم عند بطالن احلكم‬
‫نص عىل هذه املسألة من الفقهاء‬ ‫مل أجد ‪-‬بعد البحث والتحري‪َ -‬م ْن َّ‬
‫املتقدمني واملعارصين‪ ،‬ويمكن القول أن للفقهاء فيها قولني متشاهبني بنا ًء‬
‫عىل تكييفهم ألتعاب التحكيم‪ ،‬والراجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬إن كان العقد مع‬
‫املحكَّم مرشوط ًا فيه استحقاق األتعاب بعدم بطالن احلكم فال يستحق‬
‫املحكَّم شيئ ًا من أتعاب التحكيم وللخصوم طلب اسرتدادها منه‪ ،‬وأما إن‬

‫‪539‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫مل ُيشرتط ذلك يف العقد وكان البطالن بسبب تقصري أو تعدي املحكَّم فال‬
‫يستحق املحكَّم األتعاب املتفق عليها وللخصوم طلب اسرتدادها منه وقد‬
‫ُيستثنى من ذلك املحكَّم املعرتض يف احلكم نفسه الذي صدر باألغلبية عىل‬
‫الفقرة التي تسببت ببطالن احلكم‪ ،‬وإن مل يكن البطالن بسبب تقصريه أو‬
‫فحينئذ يستحق كل األتعاب وليس للخصوم طلب اسرتدادها منه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫تعديه‬
‫الكاسب أتعاب‬ ‫الطرف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلارس‬ ‫ِ‬
‫الطرف‬ ‫‪ )14‬جيوز احلكم بتعويض‬
‫َ‬
‫التحكيم التي حتملها برشط وقوع الظلم والعدوان من الطرف اخلارس‬
‫كاملامطلة يف تسليم احلق والغصب ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أهم التوصيات التي يويص هبا الباحث‪:‬‬
‫يمكن إمجال التوصيات التي أويص هبا بعد إعداد هذا البحث فيام ييل‪:‬‬
‫‪ )1‬أن حترص الدول واملراكز التحكيمية عىل تقنني املسائل املتعلقة‬
‫بأتعاب التحكيم السيام بعد انتهاء مهمة املحكم قبل إصدار احلكم‬
‫التحكيمي ووقت استحقاقه لألتعاب وضابط تقصريه أو تعديه يف العملية‬
‫التحكيمية ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يعنى الباحثون بإعداد البحوث املتعلقة بأتعاب التحكيم واملسائل‬
‫املتعلقة هبا السيام ما يستجد منها بعد تنظيم أعامل التحكيم وانتشاره‪.‬‬
‫‪ )3‬أن حيرص الباحثون عىل مراعاة الواقع العميل للتحكيم يف أبحاثهم‬
‫واخلروج بنتائج علمية يمكن تطبيقها يف الواقع التحكيمي املؤسيس واحلر‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ٍ‬
‫قرارات تتعلق بأتعاب التحكيم بعد‬ ‫‪ )4‬أن تصدر املجامع الفقهية‬
‫ٍ‬
‫معارصة من املتخصصني‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فقهية‬ ‫ٍ‬
‫ومداوالت‬ ‫ٍ‬
‫دراسات‬
‫‪ )5‬أن تنتقي وزارة العدل جمموع ًة من األحكام التحكيمية املميزة‬
‫وتصدرها يف جمموعة األحكام التحكيمية؛ ألن يف بعضها حترير ًا دقيق ًا‬
‫الـم ْش ِكلة عىل اهليئات التحكيمية‬ ‫ٍ‬
‫لعدد من املسائل السيام املسائل اإلجرائية ُ‬
‫وختتلف وجهات النظر فيها‪.‬‬
‫واحلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد‬
‫وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫‪541‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫‪1.‬إحتاف اخلرية املهرة بزوائد املسانيد العرشة‪ :‬أليب العباس شهاب الدين أمحد‬
‫بن أيب بكر بن إسامعيل بن سليم بن قايامز بن عثامن البوصريي‪ ،‬حتقيق‪ :‬دار‬
‫املشكاة للبحث العلمي بإرشاف أيب متيم يارس بن إبراهيم‪ ،‬النارش‪ :‬دار الوطن‬
‫للنرش بالرياض‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫‪2.‬أدب القايض‪ :‬أليب العباس أمحد بن أيب أمحد الطربي املعروف بابن القاص‪،‬‬
‫دراسة وحتقيق‪ :‬د‪ .‬حسني خلف اجلبوري‪ ،‬النارش‪ :‬مكتبة الصديق بالطائف‪،‬‬
‫الطبعة األوىل لعام ‪١٤٠٩‬هـ ‪١٩٨٩ -‬م‪.‬‬
‫‪3.‬إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل‪ :‬ملحمد نارص الدين األلباين‪،‬‬
‫إرشاف‪ :‬زهري الشاويش‪ ،‬النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫لعام ‪1405‬هـ ‪1985 -‬م‪.‬‬
‫‪4.‬أسنى املطالب يف رشح روض الطالب‪ :‬لزكريا بن حممد بن زكريا األنصاري‪،‬‬
‫زين الدين أبو حييى السنيكي‪ ،‬ومعه حاشية الرميل‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتاب‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫‪5.‬األشباه والنظائر‪ :‬لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪.‬‬
‫‪6.‬األشباه والنظائر‪ :‬لعبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫‪7.‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ :‬لعيل بن سليامن املرداوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫إحياء الرتاث العريب‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪8.‬البحر الرائق رشح كنز الدقائق‪ :‬لزين الدين بن إبراهيم بن حممد‪ ،‬املعروف‬
‫بابن نجيم املرصي‪ ،‬ومعه تكملة البحر الرائق للطوري‪ ،‬وحاشية منحة اخلالق‬
‫البن عابدين‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫‪9.‬بحر املذهب يف فروع املذهب الشافعي‪ :‬لعبد الواحد بن إسامعيل الروياين‪،‬‬


‫حتقيق‪ :‬طارق فتحي السيد‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫ ‪10.‬بداية املجتهد وهناية املقتصد‪ :‬أليب الوليد حممد بن أمحد بن حممد ابن رشد‬
‫القرطبي الشهري بابن رشد احلفيد‪ ،‬النارش‪ :‬دار احلديث بالقاهرة‪ ،‬عام‬
‫‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫ ‪11.‬بدائع الفوائد‪ :‬ملحمد بن أيب بكر بن أيوب شمس الدين ابن قيم اجلوزية‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الكتاب العريب ببريوت‪.‬‬
‫ ‪12.‬البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الرشح الكبري‪ :‬البن امللقن‬
‫عمر بن عيل بن أمحد الشافعي‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى أبو الغيط‪ ،‬وعبد اهلل بن‬
‫سليامن‪ ،‬ويارس بن كامل‪ ،‬النارش‪ :‬دار اهلجرة للنرش والتوزيع بالرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل لعام ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫ ‪13.‬بلوغ املرام من أدلة األحكام‪ :‬أليب الفضل أمحد بن عيل بن حممد بن أمحد بن‬
‫حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬ماهر ياسني الفحل‪ ،‬النارش‪ :‬دار القبس للنرش‬
‫والتوزيع بالرياض‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1435‬هـ ‪2014 -‬م‪.‬‬
‫ ‪14.‬البناية رشح اهلداية‪ :‬ملحمود بن أمحد بن موسى بن أمحد الغيتايب‪ ،‬بدر الدين‬
‫العيني‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1420‬هـ ‪-‬‬
‫‪2000‬م‪.‬‬
‫ ‪15.‬البيان يف مذهب اإلمام الشافعي‪ :‬ليحيى بن أيب اخلري العمراين اليمني‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫قاسم حممد النوري‪ ،‬النارش‪ :‬دار املنهاج بجدة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1421‬هـ‬
‫‪2000 -‬م‪.‬‬
‫ ‪16.‬البيان والتحصيل والرشح والتوجيه والتعليل ملسائل املستخرجة‪ :‬أليب الوليد‬
‫حممد بن أمحد بن رشد القرطبي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد حجي وآخرون‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1408‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬

‫‪543‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪17.‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ :‬ملحمد بن حممد بن عبد الرزاق احلسيني‪،‬‬


‫املل َّقب بمرتىض الزبيدي‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة من املحققني‪ ،‬النارش‪ :‬دار اهلداية‪.‬‬
‫ ‪18.‬التاج واإلكليل ملخترص خليل‪ :‬ملحمد بن يوسف العبدري الغرناطي‪ ،‬أبو‬
‫عبد اهلل املواق‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1416‬هـ ‪-‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫ ‪19.‬تبرصة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام‪ :‬البن فرحون إبراهيم بن‬
‫عيل بن حممد اليعمري‪ ،‬النارش‪ :‬مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1406‬هـ ‪1986 -‬م‪.‬‬
‫ ‪20.‬التبرصة‪ :‬لعيل بن حممد الربعي‪ ،‬املعروف باللخمي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكريم‬
‫نجيب‪ ،‬النارش‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بقطر‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1432‬هـ ‪2011 -‬م‪.‬‬
‫ ‪21.‬التحبري رشح التحرير يف أصول الفقه‪ :‬لعالء الدين أيب احلسن عيل بن سليامن‬
‫املرداوي الدمشقي الصاحلي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الرمحن اجلربين َو د‪ .‬أمحد الرساح‬
‫وغريمها‪ ،‬النارش‪ :‬مكتبة الرشد بالرياض‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1421‬هـ ‪-‬‬
‫‪2000‬م‬
‫ ‪22.‬حتفة املحتاج يف رشح املنهاج‪ :‬ألمحد بن حممد ابن حجر اهليتمي‪ ،‬ومعه حاشية‬
‫الرشواين وحاشية العبادي‪ ،‬النارش‪ :‬املكتبة التجارية الكربى بمرص‪ ،‬عام‬
‫‪1357‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫ ‪23.‬التحكيم يف الرشيعة اإلسالمية‪ :‬لعبد اهلل بن حممد آل خنني‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫احلضارة‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1441‬هـ ‪2020 -‬م‪.‬‬
‫ ‪24.‬التحكيم يف الفقه اإلسالمي‪ :‬حلسن بن أمحد الغزايل‪ ،‬رسالة ماجستري يف قسم‬
‫الفقه بكلية الرشيعة يف جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬عام ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫ ‪25.‬التحكيم يف املواد املدنية والتجارية وجوازه يف منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬
‫ملحمود السيد التحيوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار اجلامعة اجلديدة للنرش باإلسكندرية‪،‬‬
‫عام ‪1999‬م‪.‬‬

‫‪544‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪26.‬التعويض عن أرضار التقايض‪ :‬لعبد الكريم بن حممد الالحم‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬


‫إشبيليا للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫ ‪27.‬تفسري ابن عطية املسمى املحرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‪ :‬لعبد احلق‬
‫بن غالب ابن عطية األندليس املحاريب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف حممد‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1422‬هـ‪.‬‬
‫ ‪28.‬تفسري الرازي املسمى مفاتيح الغيب أو التفسري الكبري‪ :‬ملحمد بن عمر بن‬
‫احلسن الرازي‪ ،‬النارش‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ببريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة لعام‬
‫‪1420‬هـ‪.‬‬
‫ ‪29.‬هتذيب اللغة‪ :‬ملحمد بن أمحد بن األزهري اهلروي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عوض مرعب‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪2001‬م‪.‬‬
‫ ‪30.‬التوضيح يف رشح املخترص الفرعي البن احلاجب‪ :‬خلليل بن إسحاق بن‬
‫موسى اجلندي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكريم نجيب‪ ،‬النارش‪ :‬مركز نجيبويه‬
‫للمخطوطات وخدمة الرتاث‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1429‬هـ ‪2008 -‬م‪.‬‬
‫ ‪31.‬اجلامع املسند الصحيح املخترص من أمور رسول اهلل مـلسو هيلع هللا ىلص وسننه‬
‫وأيامه‪ ،‬ملحمد بن إسامعيل البخاري‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد زهري النارص‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫طوق النجاة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1422‬هـ‪.‬‬
‫ ‪32.‬مجهرة اللغة‪ :‬أليب بكر حممد بن احلسن بن دريد األزدي‪ ،‬حتقيق‪ :‬رمزي منري‬
‫بعلبكي‪ ،‬النارش‪ :‬دار العلم للماليني ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1987‬م‪.‬‬
‫ ‪33.‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري‪ :‬ملحمد بن أمحد بن عرفة الدسوقي‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫ ‪34.‬حاشية الصاوي عىل الرشح الصغري املسمى بلغة السالك ألقرب املسالك‪:‬‬
‫ألمحد بن حممد اخللويت‪ ،‬الشهري بالصاوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار املعارف‪.‬‬

‫‪545‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪35.‬حاشية العدوي عىل رشح خمترص خليل للخريش‪ :‬لعيل بن أمحد بن مكرم‬
‫الصعيدي العدوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر ببريوت‪.‬‬
‫ ‪36.‬حاشية العدوي عىل كفاية الطالب الرباين‪ :‬لعيل بن أمحد بن مكرم الصعيدي‬
‫العدوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬يوسف الشيخ حممد البقاعي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر ببريوت‪،‬‬
‫عام ‪1414‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫ ‪37.‬الدر املختار‪ :‬ملحمد بن عيل بن حممد احلصني‪ ،‬املعروف بعالء الدين احلصكفي‪،‬‬
‫ومعه رد املحتار‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1412‬هـ ‪-‬‬
‫‪1992‬م‪.‬‬
‫ ‪38.‬الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية‪ :‬أليب الفضل أمحد بن عيل بن حممد بن أمحد‬
‫بن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬السيد عبد اهلل هاشم اليامين املدين‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫املعرفة ببريوت‪.‬‬
‫ ‪39.‬ديوان جرير‪ :‬جلرير بن عطية اخلطفي‪ ،‬النارش‪ :‬دار بريوت للطباعة والنرش‬
‫ببريوت‪ ،‬عام ‪1406‬هـ ‪1986 -‬م‪.‬‬
‫ ‪40.‬الذخرية‪ :‬ألمحد بن إدريس بن عبد الرمحن‪ ،‬الشهري بالقرايف‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫حجي وآخرون‪ ،‬النارش‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫ ‪41.‬الروض املربع رشح زاد املستقنع‪ :‬ملنصور بن يونس البهويت‪ ،‬ومعه حاشية ابن‬
‫قاسم‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1397‬هـ‪.‬‬
‫ ‪42.‬روضة الطالبني وعمدة املفتني‪ :‬ملحيي الدين حييى بن رشف النووي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫زهري الشاويش‪ ،‬النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي ببريوت ودمشق وعامن‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة لعام ‪1412‬هـ ‪1991 -‬م‪.‬‬
‫ ‪43.‬روضة القضاة وطريق النجاة‪ :‬لعيل بن حممد بن أمحد‪ ،‬أيب القاسم الرحبي‬
‫السمناين‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬صالح الدين الناهي‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة‬ ‫املعروف بابن ِّ‬
‫الرسالة ببريوت ودار الفرقان بعامن‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1404‬هـ ‪1984 -‬م‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪44.‬زاد املسري يف علم التفسري‪ :‬لعبد الرمحن بن عيل بن حممد اجلوزي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد الرزاق املهدي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتاب العريب ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1422‬هـ‪.‬‬
‫ ‪45.‬سنن ابن ماجه‪ :‬ملحمد بن يزيد القزويني‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط وآخرون‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الرسالة العاملية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1430‬هـ ‪2009 -‬م‪.‬‬
‫ ‪46.‬رشح الزرقاين عىل خمترص خليل‪ :‬لعبد الباقي بن يوسف بن أمحد الزرقاين‪،‬‬
‫ومعه‪ :‬الفتح الرباين فيام ذهل عنه الزرقاين‪ ،‬ضبطه وصححه وخرج آياته‪ :‬عبد‬
‫السالم حممد أمني‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1422‬هـ ‪2002 -‬م‪.‬‬
‫ ‪47.‬رشح الزركيش عىل خمترص اخلرقي‪ :‬ملحمد بن عبد اهلل الزركيش‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫العبيكان‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1413‬هـ ‪1993 -‬م‪.‬‬
‫ ‪48.‬الرشح الصغري عىل أقرب املسالك ملذهب مالك‪ :‬أليب الربكات أمحد بن حممد‬
‫بن أمحد الدردير العدوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار املعارف‪.‬‬
‫ ‪49.‬الرشح الكبري‪ :‬ألمحد بن حممد العدوي‪ ،‬الشهري بالدردير‪ ،‬ومعه حاشية‬
‫الدسوقي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫ ‪50.‬الرشح الكبري عىل متن املقنع‪ :‬لعبد الرمحن بن حممد بن أمحد بن قدامة املقديس‬
‫اجلامعييل احلنبيل‪ ،‬أبو الفرج شمس الدين‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتاب العريب للنرش‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫ ‪51.‬رشح خمترص خليل للخريش‪ :‬ملحمد بن عبد اهلل اخلريش‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر‬
‫ببريوت‪.‬‬
‫ ‪52.‬رشح منتهى اإلرادات املسمى دقائق أويل النهى لرشح املنتهى‪ :‬ملنصور بن‬
‫يونس بن صالح الدين البهويت‪ ،‬النارش‪ :‬عامل الكتب‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1414‬هـ ‪1993 -‬م‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪53.‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ :‬أليب نرص إسامعيل بن محاد اجلوهري‬
‫الفارايب‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬النارش‪ :‬دار العلم للماليني ببريوت‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة لعام ‪1407‬هـ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫ ‪54.‬صحيح اجلامع الصغري وزياداته‪ :‬ملحمد نارص الدين بن احلاج نوح األلباين‪،‬‬
‫النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫ ‪55.‬عقد اجلواهر الثمينة يف مذهب عامل املدينة‪ :‬جلالل الدين عبد اهلل بن نجم بن‬
‫شاس‪ ،‬حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محيد بن حممد حلمر‪ ،‬النارش‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل لعام ‪1423‬هـ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫ ‪56.‬العناية رشح اهلداية‪ :‬ملحمد بن حممد بن حممود البابريت‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫ ‪57.‬العني‪ :‬أليب عبد الرمحن اخلليل بن أمحد بن عمرو الفراهيدي‪ ،‬حتقيق‪ :‬مهدي‬
‫املخزومي‪ ،‬وإبراهيم السامرائي‪ ،‬النارش‪ :‬دار ومكتبة اهلالل‪.‬‬
‫ ‪58.‬فتاوى ورسائل سامحة الشيخ حممد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ‪:‬‬
‫ملحمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ‪ ،‬مجع وترتيب وحتقيق‪ :‬حممد بن‬
‫عبد الرمحن بن قاسم‪ ،‬النارش‪ :‬مطبعة احلكومة بمكة املكرمة‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫عام ‪1399‬هـ‪.‬‬
‫ ‪59.‬فتح الباري رشح صحيح البخاري‪ :‬ألمحد بن عيل بن حجر أيب الفضل‬
‫العسقالين‪ ،‬النارش‪ :‬دار املعرفة ببريوت‪ ،‬عام ‪1379‬هـ‪ ،‬رقم كتبه وأبوابه‬
‫وأحاديثه‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وقام بإخراجه وصححه وأرشف عىل طبعه‪:‬‬
‫حمب الدين اخلطيب‪.‬‬
‫ ‪60.‬فتح العزيز برشح الوجيز‪ :‬لعبد الكريم بن حممد الرافعي القزويني‪ ،‬حتقيق‪ :‬عيل‬
‫حممد عوض‪َ ،‬وعادل أمحد عبد املوجود‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪،‬‬
‫الطبعة األوىل لعام ‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫‪548‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪61.‬الفروع ومعه تصحيح الفروع‪ :‬ملحمد بن مفلح بن حممد املقديس‪ ،‬حتقيق‪:‬‬


‫عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫ ‪62.‬الفروق املسمى أنوار الربوق يف أنواء الفروق‪ :‬ألمحد بن إدريس بن عبد الرمحن‬
‫املالكي‪ ،‬الشهري بالقرايف‪ ،‬النارش‪ :‬عامل الكتب‪.‬‬
‫ ‪63.‬قانون التحكيم يف النظرية والتطبيق‪ :‬لفتحي وايل‪ ،‬النارش‪ :‬منشأة املعارف‬
‫باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪2007‬م‪.‬‬
‫ ‪64.‬قواعد التحكيم للمركز السعودي للتحكيم التجاري وملحقاته‪.‬‬
‫ ‪65.‬القوانني الفقهية‪ :‬ملحمد بن أمحد بن حممد ابن جزي الكلبي الغرناطي‪.‬‬
‫ ‪66.‬الكايف يف فقه اإلمام أمحد‪ :‬لعبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة‪ ،‬الشهري بابن‬
‫قدامة املقديس‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1414‬هـ ‪-‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫ ‪67.‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ :‬ملنصور بن يونس بن صالح الدين البهويت‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫ ‪68.‬كشف املناهج والتناقيح يف ختريج أحاديث املصابيح‪ :‬ملحمد بن إبراهيم‬
‫بن إسحاق السلمي‪ ،‬صدر الدين أيب املعايل‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد إسحاق حممد‬
‫إبراهيم‪ ،‬النارش‪ :‬الدار العربية للموسوعات ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫ ‪69.‬كفاية النبيه يف رشح التنبيه‪ :‬ألمحد بن حممد بن عيل األنصاري‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمدي‬
‫حممد رسور باسلوم‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪2009‬م‪.‬‬
‫ ‪70.‬لسان العرب‪ :‬ملحمد بن مكرم بن عيل‪ ،‬مجال الدين ابن منظور األنصاري‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار صادر ببريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة لعام ‪1414‬هـ‪.‬‬

‫‪549‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪71.‬املبدع يف رشح املقنع‪ :‬إلبراهيم بن حممد بن عبد اهلل ابن مفلح‪ ،‬برهان الدين‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1418‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫ ‪72.‬املبسوط‪ :‬ملحمد بن أمحد الرسخيس‪ ،‬النارش‪ :‬دار املعرفة ببريوت‪ ،‬عام‬
‫‪1414‬هـ‪1993 -‬م‪.‬‬
‫ ‪73.‬جممع األهنر يف رشح ملتقى األبحر‪ :‬لعبد الرمحن بن حممد بن سليامن‪ ،‬املدعو‬
‫بشيخي زاده‪ ،‬النارش‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫ ‪74.‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ :‬لعيل بن أيب بكر بن سليامن اهليثمي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حسام‬
‫الدين القديس‪ ،‬النارش‪ :‬مكتبة القديس بالقاهرة‪ ،‬عام ‪1414‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫ ‪75.‬جممل اللغة البن فارس‪ :‬ألمحد بن فارس بن زكريا الرازي‪ ،‬دراسة وحتقيق‪:‬‬
‫زهري عبد املحسن سلطان‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة الرسالة ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫لعام ‪1406‬هـ‪1986 -‬م‪.‬‬
‫ ‪76.‬جمموع الفتاوى‪ :‬ألمحد بن عبدحلليم بن عبد السالم ابن تيمية احلراين‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن قاسم‪ ،‬النارش‪ :‬جممع امللك فهد لطباعة املصحف‬
‫الرشيف باملدينة املنورة‪ ،‬عام ‪1416‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫ ‪77.‬املجموع رشح املهذب‪ :‬ملحمد نجيب املطيعي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ومعه ما‬
‫كتبه النووي وتكملة السبكي‪.‬‬
‫ ‪78.‬املحكم واملحيط األعظم‪ :‬أليب احلسن عيل بن إسامعيل بن سيده املريس‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد احلميد هنداوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1421‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫ ‪79.‬املحيط الربهاين يف الفقه النعامين فقه اإلمام أيب حنيفة‪ :‬ملحمود بن أمحد بن عبد‬
‫العزيز ابن عمر بن َما َز َة البخاري‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الكريم سامي اجلندي‪ ،‬النارش‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1424‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪80.‬املخترص الفقهي‪ :‬ملحمد بن حممد ابن عرفة الورغمي التونيس‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫حافظ عبد الرمحن حممد خري‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة خلف أمحد احلبتور‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل لعام ‪1435‬هـ ‪2014 -‬م‪.‬‬
‫ ‪81.‬املراسيل‪ :‬لعبد الرمحن بن حممد بن إدريس بن املنذر التميمي احلنظيل الرازي‪،‬‬
‫ابن أيب حاتم‪ ،‬حتقيق‪ :‬اشكراهلل نعمة اهلل قوجاين‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1397‬هـ‪.‬‬
‫ ‪82.‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ :‬ألمحد بن حممد بن حنبل الشيباين‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب‬
‫األرناؤوط وآخرون‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1421‬هـ‬
‫‪2001 -‬م‪.‬‬
‫ ‪83.‬مصباح الزجاجة يف زوائد ابن ماجه‪ :‬أليب العباس شهاب الدين أمحد بن أيب‬
‫بكر بن إسامعيل بن سليم بن قايامز بن عثامن البوصريي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد املنتقى‬
‫الكشناوي‪ ،‬النارش‪ :‬دار العربية ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1403‬هـ‪.‬‬
‫ ‪84.‬مصنف ابن أيب شيبة املسمى الكتاب املصنف يف األحاديث واآلثار‪ :‬أليب بكر‬
‫بن أيب شيبة‪ ،‬عبد اهلل بن حممد بن إبراهيم بن عثامن بن خواستي العبيس‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬كامل يوسف احلوت‪ ،‬النارش‪ :‬مكتبة الرشد بالرياض‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫لعام ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫ ‪85.‬املصنف‪ :‬أليب بكر عبد الرزاق بن مهام بن نافع احلمريي اليامين الصنعاين‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حبيب الرمحن األعظمي‪ ،‬النارش‪ :‬املجلس العلمي باهلند‪ ،‬ويطلب من‬
‫املكتب اإلسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1403‬هـ‪.‬‬
‫ ‪86.‬املطالب العالية بزوائد املسانيد الثامنية‪ :‬أليب الفضل أمحد بن عيل ابن حجر‬
‫العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة من الباحثني يف رسائل جامعية‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫العاصمة للنرش والتوزيع َودار الغيث للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل لعام‬
‫‪1420‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬

‫‪551‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪87.‬مطالب أويل النهى يف رشح غاية املنتهى‪ :‬ملصطفى بن سعد بن عبده السيوطي‬
‫الرحيباين‪ ،‬النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1415‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫ ‪88.‬املعايري الرشعية‪ :‬الصادر عن هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬النارش‪ :‬دار امليامن‪ ،‬عام ‪1437‬هـ‪.‬‬
‫ ‪89.‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ :‬ألمحد خمتار عبد احلميد عمر‪ ،‬النارش‪ :‬عامل‬
‫الكتب‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪١٤٢٩‬هـ ‪٢٠٠٨ -‬م‪.‬‬
‫ ‪90.‬معجم لغة الفقهاء‪ :‬ملحمد رواس قلعجي وحامد صادق قنيبي‪ ،‬النارش‪ :‬دار‬
‫النفائس للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية لعام ‪1408‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫ ‪91.‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬ألمحد بن فارس بن زكريا الرازي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم‬
‫حممد هارون‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر‪ ،‬عام ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫ ‪92.‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ :‬ملحمد بن أمحد اخلطيب الرشبيني‪،‬‬
‫النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1415‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫ ‪93.‬املغني‪ :‬لعبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقديس‪،‬‬
‫النارش‪ :‬مكتبة القاهرة‪ ،‬عام ‪1388‬هـ ‪1968 -‬م‪.‬‬
‫ ‪94.‬املقدمات املمهدات‪ :‬ملحمد بن أمحد بن رشد القرطبي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد‬
‫حجي‪ ،‬النارش‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1408‬هـ‬
‫‪1988 -‬م‪.‬‬
‫ ‪95.‬مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل يف رشح املدونة وحل مشكالهتا‪ :‬أليب‬
‫احلسن عيل بن سعيد الرجراجي‪ ،‬اعتنى به‪ :‬أبو الفضل الدمياطي وأمحد بن‬
‫عيل‪ ،‬النارش‪ :‬دار ابن حزم‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1428‬هـ ‪2007 -‬م‪.‬‬
‫ ‪96.‬املنتقى رشح املوطأ‪ :‬أليب الوليد سليامن بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث‬
‫التجيبي القرطبي الباجي األندليس‪ ،‬النارش‪ :‬مطبعة السعادة بمرص‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل لعام ‪1332‬هـ‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ميكحتلا باعتأ ماكحأ‬

‫ ‪97.‬النجم الوهاج يف رشح املنهاج‪ :‬ملحمد بن موسى بن عيسى الدَّ ِمريي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫جلنة علمية‪ ،‬النارش‪ :‬دار املنهاج بجدة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫ ‪98.‬نصب الراية ألحاديث اهلداية‪ :‬جلامل الدين أيب حممد عبد اهلل بن يوسف بن‬
‫حممد الزيلعي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عوامة‪ ،‬النارش‪ :‬مؤسسة الريان للطباعة والنرش‬
‫ببريوت ودار القبلة للثقافة اإلسالمية بجدة‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1418‬هـ ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫ ‪99.‬نظام التحكيم السعودي‪ ،‬الصادر عام ‪1433‬هـ‪.‬‬
‫ ‪100.‬هناية املحتاج إىل رشح املنهاج‪ :‬ملحمد بن أيب العباس أمحد بن محزة‪ ،‬شهاب‬
‫الدين الرميل‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر ببريوت‪ ،‬عام ‪1404‬هـ ‪1984 -‬م‪.‬‬
‫ ‪101.‬هناية املطلب يف دراية املذهب‪ :‬لعبد امللك بن عبد اهلل اجلويني‪ ،‬حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬‬
‫عبد العظيم حممود الديب‪ ،‬النارش‪ :‬دار املنهاج‪ ،‬الطبعة األوىل لعام ‪1428‬هـ‬
‫‪2007 -‬م‪.‬‬
‫ ‪102.‬النهاية يف غريب احلديث واألثر‪ :‬للمبارك بن حممد بن عبد الكريم الشيباين‬
‫اجلزري ابن األثري‪ ،‬حتقيق‪ :‬طاهر أمحد الزاوي‪ ،‬وحممود حممد الطناحي‪،‬‬
‫النارش‪ :‬املكتبة العلمية ببريوت‪ ،‬عام ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫ ‪103.‬اهلداية يف رشح بداية املبتدي‪ :‬لعيل بن أيب بكر بن عبد اجلليل الفرغاين‬
‫املرغيناين‪ ،‬ومعه البناية‪ ،‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ببريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫لعام ‪1420‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫ ‪104.‬الوسيط يف املذهب‪ :‬أليب حامد حممد بن حممد الغزايل الطويس‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬
‫حممود إبراهيم َوحممد حممد تامر‪ ،‬النارش‪ :‬دار السالم بالقاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫لعام ‪1417‬هـ‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫نابعش | نوثالثلاو عبارلا ددعلادعلاعبارلا ددعلادعلاا‬

You might also like