Professional Documents
Culture Documents
الرسالة الأولى - رسائل إخوان الصفاء وخِلَّان الوفاء (الجزء الأول) - مؤسسة هنداوي
الرسالة الأولى - رسائل إخوان الصفاء وخِلَّان الوفاء (الجزء الأول) - مؤسسة هنداوي
الرسالة الأولى - رسائل إخوان الصفاء وخِلَّان الوفاء (الجزء الأول) - مؤسسة هنداوي
تبَّر ع لنا ترجم معنا من نحن المساهمون القصائد الكتب الرئيسية
رسائل إخوان الصفاء وِخ اَّل ن الوفاء (الجزء األول) موضوعات الكتب
في العدد
اعلم أيها األخ البار الرحيم بأنه لما كان من مذهب إخواننا الكرام — أَّي دهم اهلل — النظر في جميع علوم الموجودات
التي في العالم من الجواهر واألعراض والبسائط والمجردات والمفردات والمركبات ،والبحث عن مبادئها وعن كمية
أجناسها وأنواعها وخواصها ،وعن ترتيبها ونظامها على ما هي عليه اآلن ،وعن كيفية حدوثها ونشوئها عن علة واحدة
ومبدأ واحد من مبدع واحد جل جالله ،ويستشهدون على بيانها بمثاالت عددية وبراهين هندسية مثل ما كان يفعله
الحكماء الفيثاغوريون؛ احتجنا أن نقدم هذه الرسالة قبل رسائلنا كلها ،ونذكر فيها طرًف ا من علم العدد وخواصه التي
ُت سمى «األرثماطيقي» شبه المدخل والمقدمات؛ لكيما يسهل الطريق على المتعلمين إلى طلب الحكمة التي ُت سمى
الفلسفة ،ويقرب تناولها للمبتدئين بالنظر في العلوم الرياضية ،فنقول:
الفلسفة أولها محبة العلوم ،وأوسطها معرفة حقائق الموجودات بحسب الطاقة اإلنسانية ،وآخرها القول والعمل بما
يوافق العلم .والعلوم الفلسفية أربعة أنواع :أولها الرياضيات ،والثاني المنطقيات ،والثالث العلوم الطبيعيات ،والرابع
العلوم اإللهيات ،فالرياضيات أربعة أنواع :أولها األرثماطيقي ،والثاني الجومطريا ،والثالث األسطرنوميا ،والرابع
الموسيقى ،فالموسيقى هو معرفة تأليف األصوات وبه استخراج ُأ ُص ول األلحان ،واألسطرنوميا هو علم النجوم بالبراهين
التي ُذ كرت في كتاب المجسطي ،والجومطريا هو علم الهندسة بالبراهين التي ُذ كرت في كتاب إقليدس ،واألرثماطيقي
هو معرفة خواص العدد وما يطابقها من معاني الموجودات التي ذكرها فيثاغورس ونيقوماخس ،فأول ما ُيبتدأ بالنظر به
في هذه العلوم الفلسفية الرياضيات ،وأول الرياضيات معرفة خواص العدد؛ ألنه أقرب العلوم تناواًل ،ثم الهندسة ثم
التأليف ثم التنجيم ثم المنطقيات ثم الطبيعيات ثم اإللهيات ،وهذا أول ما نقول في علم العدد شبه المدخل والمقدمات:
األلفاظ تدل على المعاني والمعاني هي المسميات ،واأللفاظ هي األسماء ،وأعم األلفاظ واألسماء قولنا« :الشيء»،
والشيء إما أن يكون واحًد ا أو أكثر من واحد ،فالواحد ُي قال على الوجهين إما بالحقيقة وإما بالمجاز ،فالواحد بالحقيقة
هو الشيء الذي ال جزء له البتة وال ينقسم ،وكل ما ال ينقسم فهو واحد من تلك الجهة التي بها ال ينقسم ،وإن شئت قلَت
الواحد ما ليس فيه غيره بما هو واحد ،وأما الواحد بالمجاز فهو كل جملة ُي قال لها واحد كما ُي قال عشرة واحدة ومائة
واحدة وألف واحد .والواحد واحد بالوحدة ،كما أن األسود أسود بالسواد ،والوحدة صفة للواحد كما أن السواد صفة
لألسود .وأما الكثرة فهي جملة آلحاد ،وأول الكثرة االثنان ثم الثالثة ثم األربعة ثم الخمسة ،وما زاد على ذلك بالًغ ا ما بلغ.
والكثرة نوعان :إما عدد وإما معدود ،والفرق بينهما أن العدد إنما هو كمية صور األشياء في نفس العاِّد ،وأما المعدودات
فهي األشياء نفسها ،وأما الحساب فهو جمع العدد وتفريقه .والعدد نوعان :صحيح وكسور ،والواحد الذي قبل االثنين هو
أصل العدد ومبدأه ،ومنه ينشأ العدد كله ،صحيحه وكسوره ،وإليه ينحل راجًع ا ،أما نشوء الصحيح فبالتزايد ،وأما الكسور
فبالتجزؤ ،والمثال في ذلك ما أقول في نشوء الصحيح إنه إذا ُأ ضيف إلى الواحد واحد آخر ُي قال عند ذلك إنهما اثنان،
وإذا ُأ ضيف إليهما واحد آخر ُي قال لتلك الجملة ثالثة ،وإذا ُأ ضيف إليها واحد آخر ُي قال لها أربعة ،وإذا ُأ ضيف إليها واحد
ُي قال لها خمسة ،وعلى هذا القياس نشوء العدد الصحيح بالتزايد واحًد ا واحًد ا بالًغ ا ما بلغ ،وهذه صورتها٧ ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١« :
.»٩ ٨
وأما تحليل العدد إلى الواحد فعلى هذا المثال الذي أقول إنه إذا ُأ خذ من العشرة واحد تبقى تسعة ،وإذا ُأ لقي من التسعة
واحد تبقى ثمانية ،وإذا ُأ سقط من الثمانية واحد تبقى سبعة ،وعلى هذا القياس ُيلقى واحد واحد حتى يبقى واحد،
فالواحد ال يمكن أن ُيلقى منه شيء؛ ألنه ال جزء له البتة ،فقد تبين كيف ينشأ العدد الصحيح من الواحد وكيف ينحل
إليه ،وأما نشوء العدد الكسور من الواحد فعلى هذا المثال الذي أقول إنه إذا ُر تب العدد الصحيح على نظمه الطبيعي
الذي هو واحد اثنان ثالثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة ،ثم ُأ شير إلى الواحد من كل جملة فإنه يتبين كيف
يكون نشوءه من الواحد ،وذلك أنه إذا ُأ شير إلى الواحد من االثنين ُي قال للواحد عند ذلك نصف ،وإذا ُأ شير إلى الواحد
من جمله الثالثة فُي قال له الثلث ،وإذا ُأ شير إليه من جملة األربعة ُي قال له الربع ،وإذا ُأ شير إليه من جمله الخمسة ُي قال له
الخمس ،وكذلك السدس والسبع والثمن والتسع والعشر ،وأيًض ا إذا ُأ شير إلى الواحد من جملة اإلحدى عشر فُي قال له:
جزء من أحد عشر ومن اثني عشر نصف السدس ومن ثالثة عشر جزًء ا من ثالثة عشر ومن أربعة عشر نصف السبع
وخمسة عشر ثلث الخمس ،وعلى هذا المثال يعتبر سائر الكسور ،فقد تبَّي ن كيف يكون نشوء العدد من الواحد الصحيح
منها والكسور جميًع ا ،وكيف هو أصل لهما جميًع ا ،وهذه صورتها:
ثلث الخمس نصف السبع جزء من ١٣ نصف السدس جزء من ١١ عشر تسع
واعلم يا أخي بأن العدد الصحيح ُر تب أربع مراتب :آحاد وعشرات ومئات وألوف ،فاآلحاد من واحد إلى تسعة،
والعشرات من عشرة إلى تسعين ،والمئات من مائة إلى تسعمائة واأللوف من ألف إلى تسعة آالف ،ويشتملها كلها اثنتا
عشرة لفظة بسيطة ،وذلك من واحد إلى عشرٍة عشرُة ألفاظ ،ولفظُة مائة ولفظة ألف فصار الجميع اثنتي عشرة لفظة
بسيطة ،وأما سائر األلفاظ فمشتقة منها أو مركبة أو مكررة ،فالمكررة كالعشرين من العشرة ،والثالثين من الثالثة،
واألربعين من األربعة ،وأمثال ذلك ،وأما المركبة كالمائتين وثالثمائة وأربعمائة وخمسمائة فإنها مركبة من لفظة المائة مع
سائر اآلحاد ،وكذلك ألفان وثالثة آالف وأربعة آالف ،فإنها مركبة من لفظة األلف مع سائر األلفاظ من اآلحاد والعشرات
والمئات ،كما ُي قال خمسة آالف وسبعة آالف وعشرون ألًف ا ومائة ألف وسائر ذلك ،وهذه صورتها:
ي ط ح ز و ﻫ د ج ب أ
١٠ ٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١
يغ طغ حغ زغ وغ هغ دغ جغ بغ غ
١٠٠٠٠ ٩٠٠٠ ٨٠٠٠ ٧٠٠٠ ٦٠٠٠ ٥٠٠٠ ٤٠٠٠ ٣٠٠٠ ٢٠٠٠ ١٠٠٠
أما اآلحاد فهي «أ ب ج د ﻫ و ز ح ط ي» ،وأما العشرات فهي «ك ل م ن س ع ف ص» ،وأما المئات فهي «ق ر ش ت ث
خ ذ ض ظ» ،وأما األلوف فهي «غ بغ ،جغ ،دغ ،هغ ،وغ ،زغ ،حغ ،طغ ،يغ».
واعلم بأن كون العدد على أربع مراتب ،التي هي اآلحاد والعشرات والمئات واأللوف ليس هو أمًر ا ضرورًّي ا الزًم ا لطبيعة
العدد مثل كونه أزواًج ا وأفراًدا صحيًح ا وكسوًر ا بعضها تحت بعض ،لكنه أمر وضعي رتبته الحكماء باختيار منهم؛ وإنما
فعلوا ذلك لتكون األمور العددية مطابقة لمراتب اُألُم ور الطبيعية ،وذلك أن اُألُم ور الطبيعية أكثرها جعلها الباري — َج َّل
ثناُؤ ُه — مربعات مثل الطبائع األربع التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ،ومثل األركان األربعة التي هي النار
والهواء والماء واألرض ،ومثل األخالط األربعة التي هي الدم والبلغم ،والمرتان المرة الصفراء والمرة السوداء ،ومثل
األزمان األربعة التي هي الربيع والصيف والخريف والشتاء ،ومثل الجهات األربع ،والرياح األربع :الصبا والدبور والجنوب
والشمال ،واألوتاد األربع :الطالع والغارب ووتد السماء ووتد األرض ،والمكونات األربع التي هي المعادن والنبات والحيوان
واإلنس ،وعلى هذا المثال وجد أكثر اُألُم ور الطبيعية مربعات.
واعلم بأن هذه اُألُم ور الطبيعية إنما صارت أكثرها مربعات بعناية الباري — جل ثناؤه — واقتضاء حكمته لتكون مراتب
اُألُم ور الطبيعية مطابقة لألمور الروحانية التي هي فوق اُألُم ور الطبيعية ،وهي التي ليست بأجسام ،وذلك أن األشياء
التي فوق الطبيعية على أربع مراتب؛ أولها الباري — َج َّل جالُلُه — ثم دونه العقل الكلي الفعال ،ثم دونه النفس الكلية،
ثم دونه الهيولى األولى ،وكل هذه ليست بأجسام.
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن نسبة الباري — َج َّل ثناُؤ ُه — من الموجودات كنسبة الواحد من العدد،
ونسبة العقل منها كنسبة االثنين من العدد ،ونسبة النفس من الموجودات كنسبة الثالثة من العدد ،ونسبة الهيولى األولى
كنسبة األربعة.
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن العدد كله آحاده وعشراُت ُه ومئاته وألوفه أو ما زاد بالًغ ا ما بلغ؛ فأصلها من
الواحد إلى األربعة ،وهي هذه « ،»٤ ٣ ٢ ١وذلك أن سائر األعداد كلها من هذه يتركب ومنها ينشأ وهي أصل فيها كلها.
بيان ذلك أنه إذا ُأ ضيَف واحٌد إلى أربعة كانت خمسة ،وإن ُأ ضيف اثنان إلى أربعة كانت ستة ،وإن أضيف ثالثة إلى أربعة
كانت سبعة ،وإن أضيف واحٌد وثالثٌة إلى أربعة كانت ثمانية ،وإن أضيف اثنان وثالثة إلى أربعة كانت تسعة ،وإن أضيف
واحد واثنان وثالثة إلى أربعة كانت عشرة .وعلى هذا المثل ُح كم سائر األعداد من العشرات والمئات واأللوف وما زاد
بالًغ ا ما بلغ.
وكذلك ُأ ُص ول الخط أربعٌة ،وسائر الحروف منها يتركب ،والكالُم من الحروف يتركب — كما َبَّي َّنا فيما بعد — فاعتبرها،
فإنك تجد ما قلنا حًّق ا صحيًح ا ،ومن ُي ريد أن يعرف كيف اخترع الباري — َج َّل ثناُؤ ُه — األشياء في العقل وكيف
َأ ْو َج َد ها في النفس وكيف صورها في الهيولى فليعتبر ما ذكرنا في هذا الفصل.
واعلْم يا أخي أن الباري — جل ثناُؤ ُه — أول شيء اخترعه وأبدعه من نور وحدانيته جوهٌر بسيٌط ُي قال له :العقل
الفعال كما أنشأ االثنين من الواحد بالتكرار ،ثم أنشأ النفس الكلية الفلكية من نور العقل ،كما أنشأ الثالثة بزيادة الواحد
على االثنين ،ثم أنشأ الهيولى األولى من حركة النفس كما أنشأ األربعة بزيادة الواحد على الثالثة ،ثم أنشأ سائر الخالئق
من الهيولى ورتبها بتوُّس ط العقل والنفس كما أنشأ سائر العدد من األربعة بإضافة ما قبلها إليها — َكَم ا َم َّث ْلنا قبل.
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل بروح منه ،بأنك إذا تأملت ما ذكرنا من تركيب العدد من الواحد الذي قبل االثنين ونشوئه منه؛
وجدته ِم ن َأ َد ِّل الدليل على وحدانية الباري — َج َّل ثناُؤ ُه — وكيفية اختراعه األشياء وإبداعه لها؛ وذلك أن الواحد الذي
قبل االثنين وإن كان منه يتصور وجود العدد وتركيبة — َكَم ا َبَّي َّنا قبل — فهو لم يتغير عما كان عليه ولم يتجزأ.
كذلك اهلل — عز وجل — وإن كان هو الذي اخترع األشياء من نور وحدانيته وأبدعها وأنشأها وبه قواُم ها وبقاؤها
وتمامها وكمالها فهو لم يتغيْر عما كان عليه من الوحدانية قبل اختراعه وإبداعه لها — َكَم ا َبَّي َّنا في رسالة المبادئ العقلية
— فقد أنبأناك بما ذكرنا من أن نسبة الباري — َج َّل ثناُؤ ُه — من الموجودات كنسبة الواحد من العدد ،وكما أن الواحد
أصل العدد ومنشأه وأوله وآخره؛ كذلك اهلل — عز وجل — هو علة األشياء وخالقها وأولها وآخرها.
وكما أن الواحد ال جزء له وال مثل له في العدد ،فكذلك اهلل — َج َّل ثناُؤ ُه — ال مثل له في خلقه وال شبه ،وكما أن الواحد
محيٌط بالعدد كله ،ويعده كذلك اهلل — َج َّل جالُلُه — عالم باألشياء وماهياتها تعالى اهلل عما يقول الظالمون علًّو ا كبيًر ا.
واعلم يا أخي بأن مراتب العدد عند أكثر األمم على أربع مراتب كما تقدم ذكرها ،وأما عند الفيثاغوريين فعلى ستة عشر
مرتبة ،وهذه صورتها:
١ آحاد
١٠ عشرات
١٠٠ مئات
١٠٠٠ ألوف
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن العدد الكسور مراتبه كثيرة؛ ألنه ما من عدد صحيح إال وله ُج زء أو جزآن أو
عدة أجزاء كاالثني عشر ،فإن له نصًف ا وثلًث ا وربًع ا وسدًس ا ونصف سدس ،وكذلك الثمانية وعشرون وغيرهما من األعداد،
إال أن العدد الكسور وإن كثرت مراتبه وأجزاؤه فهي مرَّت بة بعضها تحت بعض ،ويشملها كلها عشرة ألفاظ ،لفظة منها عامة
مبهمة وتسعة مخصوصة مفهومة ومن التسعة األلفاظ لفظة موضوعة ،وهي النصف.
وثمانية مشتقة وهي :الثلث من الثالثة والربع من األربعة والخمس من الخمسة والسدس من الستة والسبع من السبعة
والثمن من الثمانية والتسع من التسعة والعشر من العشرة ،وأما اللفظة العامة المبهمة فهي الجزء؛ ألن الواحد من أحد
عشر يقال له :جزء من أحد عشر وكذلك من ثالثة عشر ومن سبعة عشر وما شاكل ذلك.
وأما باقي األلفاظ الكسور فمضافٌة إلى هذه العشرة األلفاظ كما يقال لواحد من اثني عشر :نصف السدس ،ولواحد من
خمسة عشر :خمس الثلث ،ولواحد من عشرين :نصف العشر ،وعلى هذا المثال يتبين سائر معاني الكسور بإضافة بعضها
لبعض.
واعلم بأن نوعي العدد يذهبان في الكثرة بال نهاية ،غير أن العدد الصحيح َي بتدئ من أقل الكمية وهو االثنان ويذهب
في التزايد بال نهاية ،وأما الكسور فيبتدئ من أكثر الكمية وهو النصف ويمر في التجزؤ بال نهاية ،فكالهما من حيث
االبتداء ذو نهاية ،ومن حيث االنتهاء غير ذي نهاية.
ثم اعلم أن ما من عدد إال وله َخ اِّص َّي ة أو عدة خواص ،ومعنى الَخ اِّص َّي ة أنها الصفة المخصوصة للموصوف الذي ال يشركه
فيها غيره ،فَخ اِّص َّي ة الواحد أنه أصل العدد ومنشأه — كما بينا قبل — وهو يعد العدد كله األزواج واألفراد جميًع ا ،ومن
َخ اِّص َّي ة االثنين أنه أول العدد مطلًق ا وهو يعد نصف العدد األزواج دون األفراد ،ومن َخ اِّص َّي ة الثالثة أنها أول عدد األفراد،
وهي تعد ثلث األعداد تارة األفراد وتارة األزواج ،ومن َخ اِّص َّي ة األربعة أنها أول عدد مجذور ،ومن َخ اِّص َّي ة الخمسة أنها
أول عدد دائر ،ويقال :كري ،ومن خاصية الستة أنها أول عدد تام ،ومن َخ اِّص َّي ة السبعة أنها أول عدد كامل ،ومن َخ اِّص َّي ة
الثمانية أنها أول عدد مكعب ،ومن َخ اِّص َّي ة التسعة أنها أول عدد فرد مجذور وأنها آخر مرتبة اآلحاد .ومن َخ اِّص َّي ة العشرة
أنها أول مرتبة العشرات ،ومن َخ اِّص َّي ة األحد عشر أنها أول عدد أصم ،ومن َخ اِّص َّي ة االثني عشر أنها أول عدد زائد.
وبالجملة :إن من َخ اِّص َّي ة كل عدد أنه نصف حاشيتيه مجموعتين وإذا ُج معت حاشيتاه تكونان مثله مرتين ،ومثال ذلك
خمسة فإن إحدى حاشيتيها أربعة واُألخرى ستة ومجموعهما عشرة وخمسة نصفها ،وعلى هذا القياس يوجد سائر
األعداد إذا اعتبر ،وهذه صورتها:
٩٨٧٦—٥—٤٣٢١
وأما الواحد فليس له إال حاشية واحدة وهي االثنان والواحد نصفها وهي مثله مرتين ،وأما قولنا :إن الواحد أصل العدد
ومنشأه فهو أن الواحد إذا رفعته من الوجود ارتفع العدد بارتفاعه ،وإذا رفعت العدد من الوجود لم يرتفع الواحد ،وأما
قولنا :إن االثنين أول العدد مطلًق ا فهو أن العدد كثرة اآلحاد وأول الكثرة اثنان ،وأما قولنا :إن الثالثة أول األفراد فهي
كذلك؛ ألن االثنين أول العدد وهو الزوج ،ويليه ثالثٌة ،وهي فرد ،وأما قولنا :إنها ُت َع ُّد ثلث العدد تارة األفراد وتارة األزواج
فألنها تتخطى العددين وتعد الثالث منهما ،وذلك الثالث يكون تارة زوًج ا وتارة فرًدا ،وأما قولنا :إن األربعة أول عدد
مجذور فألنها من ضرب االثنين في نفسه وكل عدد إذا ُض رب في نفسه َي صير جذًر ا والمجتمع من ذلك مجذوًر ا.
وأما ما قيل من أن الخمسة أول عدد دائر فمعناه أنها إذا ضربت في نفسها رجعت إلى ذاتها ،وإن ضرب ذلك العدد
المجتمع من ضربها في نفسها رجع إلى ذاته أيًض ا ،وهكذا دائًم ا؛ مثال ذلك خمسة في خمسة خمسة وعشرون ،وإذا ضرب
خمسة وعشرون في مثله صار ستمائة وخمسة وعشرين ،وإذا ضرب هذا العدد أيًض ا في نفسه خرج ثالثمائة ألف
وتسعون ألًف ا وستمائة وخمسة وعشرون ،وإن ضرب هذا العدد في نفسه خرج عدد آخر وخمسة وعشرون .أال ترى أن
الخمسة كيف تحفظ نفسها وما يتولد منها دائًم ا بالًغ ا ما بلغ؟ وهذه صورتها:
وأما الستة فإن فيها مشابهة للخمسة في هذا المعنى لكنها ليست مالزمة كلزوم الخمسة ودوامها ١٢٩٦ ٣٦ ٦ستة في
ستة ستة وثالثون فالستة راجعة إلى ذاتها وظهر ثالثون وإذا ثالثون ،وإذا ضربت ستة وثالثون في نفسها خرج ألف
ومائتان وستة وتسعون فظهرت الستة ولم يظهر الثالثون ،فقد بان أن الستة تحفظ نفسها وال تحفظ ما يتولد منها ،وأما
الخمسة فإنها تحفظ نفسها وما يتولد منها دائًم ا أبًد ا .وأما ما قيل من َخ اِّص َّي ة الستة أنها أول عدد تام فمعناه أن كل عدد
إذا جمعت أجزاء فكانت مثله سواء سمي ذلك العدد عدًدا تاًّم ا فالستة أولها ،وذلك أن لها نصًف ا وهو ثالثة ،وثلثا وهو
اثنان وسدًس ا وهو واحد فإذا جمعت هذه األجزاء كانت ستة سواء وليست هذه الَخ اِّص َّي ة لعدد قبلها ،ولكن لما بعدها
لثمانية وعشرين وألربعمائة وستة وتسعين وثمانية آالف ومائة وثمانية وعشرين ،وهذه صورتها:
وأما ما قيل :إن السبعة أول عدد كامل فمعناه أن السبعة قد َج معت معاني العدد كلها؛ وذلك أن العدد كله أزواج وأفراد،
واألزواج منها أول وثان ،فاالثنان أول األزواج ،واألربعة زوج ثاٍن ،واألفراد منها أول وثان والثالثة أول األفراد والخمسة
فرد ثان ،فإذا جمعت فرًدا أواًل إلى زوج ثاٍن أو زوًج ا أواًل إلى فرد ثان كانت منها سبعة؛ مثال ذلك أنك إذا جمعت االثنين
الذي هو أول األزواج إلى الخمسة الذي هو فرد ثاٍن كان منهما سبعة ،وكذلك إذا جمعت الثالثة التي هي فرد أول إلى
األربعة التي هي زوج ثاٍن كانت منهما سبعة ،وكذلك إذا أخذ الواحد الذي هو أصل العدد مع الستة التي هي عدد تام
يكون منهما السبعة التي هي عدد كامل ،وهذه صورتها:
https://w w w .hindaw i.org/books/95926405/3/ 10/26
1/22/24, 12:47 PM الرسالة األولى | رسائل إخوان الصفاء و ِخ اَّل ن الوفاء (الجزء األول) | مؤسسة هنداوي
٧٦٥٤٣٢١
وهذه الَخ اِّص َّي ة ال توجد لعدد قبل السبعة ولها خواُّص ُأ َخ ُر ،سنذكرها عند ذكرنا أن الموجودات بحسب طبيعة العدد.
وأما ما قيل :إن الثمانية أول عدد مكعب فمعناه أن كل عدد إذا ُض رب في نفسه ُس ِّم َي جذًر ا والمجتمع منهما مجذوًر ا —
كما َبَّي َّنا ِم ْن قبل — وإذا ضرب المجذور في جذره سمي المجتمع من ذلك مكعًب ا؛ وذلك أن االثنين أول العدد ،فإذا ضرب
في نفسه كان المجتمع منه أربعة وهي أول عدد مجذور ثم ضرب المجذور في جذره الذي هو اثنان فخرج من ذلك
ثمانية ،فالثمانية أول عدد مكعب.
وأما ما قيل :إنها أول عدد مجسم فألن الجسم ال يكون إال من سطوح متراكمة ،والسطح ال يكون إال من خطوط
متجاورة ،والخط ال يكون إال من نقط منتظمةَ ،كَم ا َبَّي َّنا في رسالة «الهندسة» ،فأقل خط من جزأين وأضيف سطح من
خطين وأصغر جسم من سطحين ،فينتج من هذه المقدمات أن أصغر جسم من ثمانية أجزاء؛ أحدها الخط وهو جزءان
فإذا ضرب الخط في نفسه كان منه السطح وهو أربعة أجزاء ،وإذا ضرب السطح في أحد طوليه كان منه العمق فيصير
جملة ذلك ثمانية أجزاء طول اثنين في عرض اثنين في عمق اثنين.
وأما ما قيل :إن التسعة أول فرد مجذور فألن الثالثة في الثالثة تسعة وليس من السبعة والخمسة والثالثة شيٌء
مجذور.
وأما ما قيل :إن العشرة أول مرتبة العشرات فهو َبِّي ٌن ،كما أن الواحد أول مرتبة اآلحاد ،وهذا بين ليس يحتاج إلى الشرح
ولها َخ اِّص َّي ة ُأ خرى وهي ُت شبه َخ اِّص َّي ة الواحد ،وذلك أنه ليس لها من جنسها إال طرٌف واحٌد ،وهو العشرون ،وهي نصفها
َكَم ا َبَّي َّنا للواحد أنه نصف االثنين.
وأما ما قيل :إن األحد عشر أوُل عدد أصم ،فألنه ليس له جزء ينطق به ولكن يقال :واحد من أحد عشر واثنان منه ،وكل
عدد هذا وصُف ُه يسمى َأ َص َّم مثل ثالثة عشر وسبعة عشر وما شاكل ذلك ،وهذه صورتها:
مز مج ما لز ال كط كج يط يز يج يا
٤٧ ٤٣ ٤١ ٣٧ ٣١ ٢٩ ٢٣ ١٩ ١٧ ١٣ ١١
صا فط فج عط عج عا سز سا نط نج
٩١ ٨٩ ٨٣ ٧٩ ٧٣ ٧١ ٦٧ ٦١ ٥٩ ٥٣
وأما ما قيل :إن االثني عشر أول عدد زائد؛ فألن كل عدد إذا ُج معت أجزاؤه وكانت أكثر منه سمي عدًدا زائًد ا واالثنا
عشر أولها ،وذلك أن لها نصًف ا وهو ستة ولها ثلث وهو أربعة وربع وهو ثالثة وسدس وهو اثنان ،ونصف سدس وهو
واحد .وإذا جمعت هذه األجزاء كانت ستة عشر ،وهي أكثر من االثني عشر بزيادة أربعة ،وهذه صورتها:
وبالجملة ما من عدد صحيح إال وله َخ اِّص َّي ة تختص به دون غيره ،ونحن تركنا ذكرها كراهية للتطويل.
•••
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،أن العدد ينقسم قسمين :صحيح وكسور كما بينا قبل ،فالصحيح ينقسم
قسمين أزواًج ا وأفراًدا ،فالزوج هو كل عدد ينقسم بنصفين صحيحين ،والفرد كل عدد يزيد على الزوج واحًد ا أو ينقص
عن الزوج بواحد ،فأما نشوء عدد الزوج فيبتدئ من االثنين بالتكرير دائًم ا على ما يرى:
٢٠ ١٨ ١٦ ١٤ ١٢ ١٠ ٨ ٦ ٤ ٢
ك يح يو يد يب ي ح و د ب
وأما نشوء األفراد فيبتدئ من الواحد إذا أضيف إليه اثنان وأضيف إلى ذلك اثنان دائًم ا بالًغ ا ما بلغ:
والزوج ينقسم على ثالثة أنواع :زوج الزوج ،وزوج الفرد ،وزوج الزوج والفرد ،فزوج الزوج هو كل عدد ينقسم بنصفين
صحيحين متساويين ونصفه بنصفين دائًم ا إلى أن تنتهي القسمُة إلى الواحد ،مثال ذلك أربعة وستون ،فإنه زوج الزوج،
وذلك أن نصفه اثنان وثالثون ،ونصفه ستة عشر ،ونصفه ثمانية ،ونصفه أربعة ،ونصفه اثنان ،ونصفه واحد .ونشوء هذا
العدد يبتدئ من االثنين إذا ُض رب في االثنين ثم ضرب المجموع في االثنين وما يجمع من ذلك في االثنين ،ثم ضرب
المجموع في االثنين دائًم ا بال نهاية.
ومن أراد أن يتبين هذا مستقًص ى فليضعف بيوت الشطرنج فإنه ال يخرج إال من هذا العدد ،أعني زوج الزوج؛ ولهذا العدد
خواص ُأ خر ذكرها نيقوماخس في كتابه بشرح طويل ونحن نذكر منها طرًف ا؛ قال:
إن هذا العدد إذا ُر تب على نظمه الطبيعي وهو واحد اثنان أربعة ثمانية ستة عشر اثنان وثالثون أربعة وستون ،وعلى
هذا القياس بالًغ ا ما بلغ فإن ِم ْن خاصيته أن من ضرب الطرفين أحدهما في آخر يكون مساوًي ا لضرب الواسطة في
نفسها إن كان له واسطٌة واحدٌة ،وإن كانت له واسطتان فمثل ضرب أحدهما في األخرى ،مثال ذلك أربعٌة وستون فإنه
الطرف اآلخر والواحد الطرف األول وله واسطٌة واحدٌة ،وهي ثمانيٌة ،فأقول :إن ضرب الواحد في أربعة وستين أو
االثنين في اثنين وثالثين أو األربعة في ستة عشر مساٍو لضرب ثمانية في نفسها ،وهذه صورتها:
وإن زيدت فيه رتبة أخرى حتى يصير له واسطتان فأقول :إن ضرب الطرفين أحدهما في اآلخر يكون مساوًي ا لضرب
الواسطتين إحداهما في األخرى؛ مثال ذلك مائة وثمانية وعشرون إذا ضرب في واحد وأربع وستون في اثنين أو اثنان
وثالثون في أربعة يكون مساوًي ا لضرب ستة عشر في ثمانية ،وهذه صورتها:
ولهذا العدد َخ اِّص َّي ة أخرى أنه إذا جمع من واحد إلى حيث ما بلغ يكون أقل من ذلك العدد الذي انتهى إليه بواحد؛ مثال
ذلك إذا ُأ خذ واحد واثنان وأربعة يكون جملتها أقل من ثمانية بواحد وإن زيدت الثمانية عليها يكون الجملة أقل من ستة
عشر بواحد وإن زيدت الستة عشر عليها يكون الجملة أقل من اثنين وثالثين بواحد ،وعلى هذا القياس توجد مراتب
هذا العدد بالًغ ا ما بلغ ،وهذه صورتها:
وأما زوج الفرد فهو كل عدد ينقسم بنصفين مرة واحدة وال ينتهي في القسمة إلى الواحد ،مثل ستة وعشرة وأربعة عشر
وثمانية عشر واثنين وعشرين وستة وعشرين ،فإن كل واحد من هذه وأمثالها من العدد ينقسم مرة واحدة وال ينتهي
إلى الواحد ،ونشوء هذا العدد من ضرب كل عدد فرد في اثنين ،وهذه صورتها« :و ي يد يح كب كول لو لج مب مو» كل
واحد من هذه األعداد نصٌف ِلَم ا فوقه من العدد ،وأما زوُج الزوج والفرد فهو كل عدد ينقسم بنصفين أكثر من مرة واحدة
وال ينتهي في القسمة إلى الواحد مثل اثني عشر وعشرين وأربعة وعشرين وثمانية وعشرين وأمثالها في األعداد ،وهذه
صورتها:
ونشوء هذا العدد من ضرب زوج الفرد في اثنين مرة أو مراًر ا كثيرة ،ولها خواص تركنا ذكرها مخافة التطويل.
وأما العدد الفرد فيتنوع قسمين :فرد أول وفرد مركب ،والفرد المركب نوعان مشترك ومتباين ،تفصيل ذلك :أما الفرد
األول فهو كل عدد ال يعده غير الواحد عدد آخر مثل ثالثة خمسة سبعة أحد عشر ثالثة عشر سبعة عشر تسعة عشر
ثالثة وعشرين وأشباه ذلك من العدد ،وَخ اِّص َّي ة هذا العدد أنه ليس له جزء سوى المسمى له؛ وذلك أن الثالثة ليس لها إال
الثلث والخمسة ليس لها إال الخمس وكذلك السبعة ليس لها إال السبع ،وهكذا األحد عشر والثالثة عشر والسبعة عشر،
وبالجملة :جميع األعداد الصم ال يعدها إال الواحد فإن اسم جزئها مشتق منها.
وأما الفرد المركب فهو كل عدد يعده غير الواحد عدد آخر مثل تسعة وخمسة وعشرين وتسعة وأربعين وواحد وثمانين،
وأمثالها من العدد ،وهذه صورتها «ط كه مط فاقكا قسط» ،وأما الفرد المشترك فهو كل عددين يعدهما غير الواحد عدد
آخر مثل تسعة وخمسة عشر وواحد وعشرين؛ فإن الثالثة تعدها كلها وكذلك خمسة عشر وخمس وعشرون وخمسة
وثالثون ،فإن الخمسة تعدها كلها ،فهذه األعداد وأمثالها تسمى مشتركة في العدد الذي يعدها ،وهذه صورتها «ط يه كا
كه له» ،وأما األعداد المتباينة فهي كل عددين يعدهما عددان آخران غير الواحد ،ولكن الذي يعد أحدهما ال يعد اآلخر
مثل تسعة وخمسة وعشرين؛ فإن الثالثة تعد التسعة وال تعد الخمسة والعشرين والخمسة تعد الخمسة والعشرين وال تعد
التسعة ،فهذه األعداد وأمثاُلها ُي قال لها :المتباينة.
فصل
واعلْم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن ِم ن َخ اِّص َّي ة كل عدد فرد أنه إذا قسم بقسمين كيف ما كان فأحد القسمين
يكون زوًج ا واآلخر فرًدا ،ومن َخ اِّص َّي ة كل عدد زوج أنه إذا قسم كيف ما كان فيكون كال قسميه إما زوًج ا وإما فرًدا،
وهذه صورتها:
٦ ٧ ٨ ٩ ١٠ ي ٥ ١ ٢ ٧ ٤ ي
١١ ١١ ١١ ١١ ١١ د ١٠ ١٠ ١٠ ١٠ ١٠ ج
٥ ٤ ٣ ٢ ١ فر ٥ ١ ٢ ٧ ٤ زو
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن العدد ينقسم من جهة أخرى ثالثة أنواع ،إما تاًّم ا وإما زائًد ا وإما ناقًص ا،
فالتام هو كل عدد إذا ُج معت أجزاؤه كانت الجملة مثله سواء مثل ستة وثمانية وعشرين وأربعمائة وستة وتسعين
وثمانية آالف ومائة وثمانية وعشرين ،فإن كل واحد من هذه األعداد إذا ُج معت أجزاُؤ ُه كانت الجملة مثله سواء.
وال يوجد من هذا العدد إال في كل مرتبة من مراتب العدد واحد كالستة في اآلحاد وثمانية وعشرين في العشرات
وأربعمائة وستة وتسعين في المئات وثمانية آالف ومائة وثمانية وعشرين في األلوف ،وهذه صورتها٨١٢٨ ٤٩٦ ٢٨ ٦ :
وأما العدد الزائد فهو كل عدد إذا جمعت أجزاؤه كانت أكثر منه ،مثل االثني عشر والعشرين والستين وأمثالها من العدد،
وذلك أن االثني عشر نصفها ستة وثلثها أربعة وربعها ثالثة وسدسها اثنان ونصف سدسها واحد ،فجملة هذه األجزاء
ستة عشر ،وهي أكثر من اثني عشر ،وأما العدُد الناقص فهو كل عدد إذا ُج معت أجزاُؤ ُه كانت أقل منه مثل أربعة وثمانية
وعشرة وأمثالها من العدد ،وذلك أن الثمانية نصفها أربعة وربعها اثنان وثمنها واحد وجملتها تكون سبعة ،فهي أقل من
الثمانية ،وعلى هذا القياس ُح كم سائر األعداد الناقصة.
فصل
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن العدد من جهة أخرى ينقسم قسمين؛ أحدهما يقال له :أعداد متحابة ،وهي
كل عددين أحدهما زائٌد واآلخر ناقص ،وإذا جمعت أجزاء العدد الزائد كانت مساوية لجملة العدد الناقص ،وإذا جمعت
أجزاء العدد الناقص كانت مساوية لجملة العدد الزائد ،مثال ذلك مائتان وعشرون وهو عدد زائد ومائتان وأربعة
وثمانون وهو عدد ناقص ،فإذا جمعت أجزاء مائتين وعشرين كانت مساوية لمائتين وأربعة وثمانين ،وإذا جمعت أجزاء
هذا العدد يكون جملتها مائتين وعشرين فهذه األعداد وأمثالها تسمى «متحابة» وهي قليلة الوجود ،وهذه صورتها:
١ جزؤه
واعلم يا أخي بأن من َخ اِّص َّي ة العدد أنه يقبل التضعيف والزيادة بال نهاية ،ويكون ذلك على خمسة أنواع :فمنها «على
النظم الطبيعي» مثل هذا بالًغ ا ما بلغ ،١٢ ١١ ١٠ ٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١ :ومنها «على نظم األزواج» بالًغ ا ما بلغ مثل هذا ٨ ٦ ٤ ٢
،١٤ ١٢ ١٠ومنها «على نظام األفراد» بالًغ ا ما بلغ مثل هذا ،١٧ ١٥ ١٣ ١١ ٩ ٧ ٥ ٣ ١ومنها «بالطرح» كيفما اتفق كما يوجد في
سائر الحساب ،ومنها «بالضرب» كما نبين بعد.
فصل
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن لكل نوع من هذه األنواع عدة خواص ،وقد ذكر ذلك في كتاب
األرثماطيقي بشرح طويل ،ولكن نذكر منها طرًف ا في هذا الفصل؛ فنقول:
إن من َخ اِّص َّي ة النظم الطبيعي أنه إذا جمع من واحد إلى حيث ما بلغ يكون المجموع مساوًي ا لضرب ذلك العدد األخير
بزيادة واحد عليه في نصفه ،مثال ذلك إذا قيل :كم من واحد إلى عشرة مجموًع ا على النظم الطبيعي؟ فقياُس ُه أن ُي زاد
على العشرة واحد ثم يضرب في نصف العشرة فيكون خمسة وخمسين ،أو تضرب الخمسة في نفسها فيكون خمسة
وعشرين ثم في النصف اآلخر الذي هو ستة فيكون ثالثين ،الجملة خمسٌة وخمسون وذلك بابه المطلوب وقياسه.
وأما نظم األزواج فهو مثل واحد اثنين أربعة ستة ثمانية عشرة اثني عشر ،وعلى هذا المثال بالًغ ا ما بلغ ،ومن َخ اِّص َّي ة
هذا النظم أن يكون المجموع أبًد ا فرًدا ،ومن خاصيته أيًض ا أنه إذا جمع على نظمه الطبيعي من واحد إلى حيث ما بلغ
يكون المجموُع مساوًي ا لضرب ذلك العدد في النصف اآلخر بزيادة واحد ثم ُي زاد على الجملة واحد؛ مثال ذلك إذا قيل
لك :كم واحد إلى العشرة مجموًع ا على نظم األزواج؟ فقياسه َأ ْن تأخذ نصف العشرة فتزيد عليه واحًد ا ،ثم تضرُب ُه في
النصف اآلخر ثم تزيد على الجملة واحًد ا فذلك أحٌد وثالثون ،وعلى هذا القياس سائُر األعداد.
وأما نظم األفراد فمثل واحد ،ثالثة ،خمسة ،سبعة ،تسعة ،أحد عشر ،بالًغ ا ما بلغ ،فمن خاصيته أنه إذا ُج مع على نظمه
الطبيعي يكوُن المجموعان الواحد زوج واآلخر فرد ،يتلو بعضها بعًض ا ،بالًغ ا ما بلغ ،وتكون كلها مجذوراٌت ،ومن خاصيته
أيًض ا أنه إذا جمع على نظمه الطبيعي من واحد إلى حيث ما بلغ فإَّن المجموع يكون مساوًي ا لضرب نصفه مجذوًر ا
مجبوًر ا في نفسه ،مثال ذلك إذا قيل :كم من واحد إلى أحد عشر؟ فباُب ُه أن تأخذ نصف العدد وهو خمسٌة ونصٌف
فتجبره فيصير ستة فتضربه في نفسه فيكون ستة وثالثين ،وذلك بابه َف ِق ْس عليه.
•••
واعلْم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن معنى الضرب هو تضعيُف أحد العددين بقدر ما في اآلخر من اآلحاد ،مثال
ذلك إذا قيل :كم ثالثة في أربعة ،فمعناه :كم جملة ثالثة أربع مرات؟
واعلْم يا أخي بأن العدد نوعان صحيٌح وكسور — َكَم ا َبَّي َّنا قبل — فصار أيًض ا ضرب العدد بعضه في بعض نوعين :مفرد
ومركب ،فالمفرُد ثالثُة أنواع :الصحيح في الصحيح مثل اثنين في ثالثة وثالثة في أربعة وما شاكله ،ومنها الكسور في
الكسور مثل نصف في ثلث وثلث في ربع وما شاكله ،ومنها الصحيح في الكسور مثل اثنين في ثلث أو ثلث في أربعة
ما شاكله ،وأما المركب فهو أيًض ا ثالثُة أنواع :فمنها الكسور والصحيح في الصحيح مثل اثنين وثلث في خمسة وما
شاكلها ،ومنها الصحيُح والكسور في الصحيح والكسور مثل اثنين وثلث في ثالثة وربع وما شاكلها ،ومنها الصحيح
والكسور في الكسور مثل اثنين وثلث في سبع.
فصل
واعلم يا أخي بأن ضرب العدد الصحيح على أربعة أنواع وُج ملتها عشرة أبواب ،وهي :آحاد وعشرات ومئات وألوف،
فاآلحاد في اآلحاد واحُد ها واحد وَع شرتها عشرة ،واآلحاد في العشرات واحدها عشرة وعشرتها مائة ،واآلحاد في المئات
واحدها مائة وعشرتها ألف ،واآلحاد في األلوف وأحدها ألف وعشرتها عشرة آالف ،فهذه أربعُة أبواب .وأما العشرات في
العشرات فواحُد ها مائة وعشرتها ألف ،والعشرات في المئات واحدها ألف وعشرتها عشرة آالف ،والعشرات في األلوف
واحدها عشرة آالف وعشرتها مائة ألف .فهذه ثالثة أبواب ،وأما المئات في المئات فواحدها عشرة آالف وعشرتها مائة
ألف ،والمئات في األلوف واحدها مائة ألف وعشرتها ألف ألف فهذان بابان ،وأما األلوف في األلوف فواحدهما ألف ألف
وعشرتها عشرة آالف ألف ،وهو باب واحد ،فصار جملة الجميع عشرة أبواب ،وهذه صورتها:
«آحاد في آحاد» «آحاد في عشرات» «آحاد في مئات» «آحاد في ألوف» «عشرات في عشرات» «عشرات في
مئات» «عشرات في ألوف» «مئات في مئات» «مئات في ألوف» «ألوف في ألوف».
( )٢فصل في الضرب والجذر والمكعبات ،وما يستعمله الجبريون والمهندسون من األلفاظ
ومعانيها
فنقول:
كل عددين — أي عددين كانا — إذا ُض رب أحُد ُه ما في اآلخر؛ فإن المجتِم ع من ذلك يسمى عدًدا مربًع ا ،فإن كان
العددان متساوَي ين يسمى المجتمع من ضربيهما عدًدا مربًع ا مجذوًر ا أو العددان يسميان جذَر ي ذلك العدد؛ مثال ذلك :إذا
ضرب اثنان في اثنين يكون أربعة وثالثة في ثالثة تسعة وأربعة في أربعة ستة عشر فاألربعة والتسعة والستة عشر
وأمثالها من العدد؛ ُي سمى كل واحد منها مربًع ا مجذوًر ا ،واالثنان والثالثة واألربعة يسمى جذًر ا؛ ألن االثنين هو جذر
األربعة والثالثة جذر التسعة واألربعة جذر الستة عشر ،وعلى هذا القياس ُيعتبر سائر المربعات المجذورات وجذورها:
وكل عددين مختلفين — أي عددين كانا — إذا ُض رب أحُد هما في اآلخر فإن المجتِم ع من ذلك يسمى عدًدا مربًع ا غير
مجذور والعددان المختلفان يسميان جزأين له ويسميان ضلعين لذلك المربع وهي من ألفاظ المهندسين ،مثال ذلك اثنان
في ثالثة أو ثالثة في أربعة أو أربعة في خمسة ،وأشباه ذلك؛ فإن المجتِم ع من مثل هذه األعداد المضروبة بعضها في
بعض تسمى مربعات غير مجذورات.
https://w w w .hindaw i.org/books/95926405/3/ 20/26
1/22/24, 12:47 PM الرسالة األولى | رسائل إخوان الصفاء و ِخ اَّل ن الوفاء (الجزء األول) | مؤسسة هنداوي
فصل
كل عدد مربع ،كان مجذوًر ا أو غير مجذورُ ،ض رب في عدد آخر — أي عدد كان — فإن المجتِم ع من ذلك يسمى عدًدا
مجسًم ا مكعًب ا فإن كان العدد المربع مجذوًر ا وضرب في جذره يسمى المجتمع من ذلك عدًدا مجسًم ا مكعًب ا؛ مثال ذلك
أربعة ،فإنه عدٌد مربع مجذوٌر ضرب في االثنين الذي هو جذرها فخرج منه ثمانية وكذلك أيًض ا التسعُة وهو أيًض ا عدد
مربع مجذور ضرب في الثالثة الذي هو جذرها كانت منه سبعة وعشرون ،وكذلك الستة عشر فإنه عدٌد مجذوٌر ُض رب
في األربعة التي هي جذرها فخرج منه أربعة وستون فالثمانية والسبعة والعشرون وأربعة وستون وأمثالها من األعداد
تسمى أعداًدا مجَّس مة مكعبة ،والمكعب جسٌم طوُلُه وعرضه وعمقه متساوية وله ستُة سطوح مربعات متساوية األضالع
قائمة الزوايا وله اثنا عشر ضلًع ا متوازية وثماني زوايا مجسمة وأربع وعشرون زاوية مسطحة.
وإن ضرب العدد المربع المجذور في عدد َأَق ل من جذره يسمى المجتمع من ضربه عدًدا مجسًم ا لبنًّي ا ،والجسم اللبني هو
الذي طوله وعرضه متساويان وسمكه أقل منهما وله ستة سطوح مربعات متوازي األضالع ،قائم الزوايا ،لكن له
سطحين متقابلين مربعين متساويي األضالع ،قائمي الزوايا ،وله أربعة سطوح مستطيالت وله اثنا عشر ضلًع ا كل اثنين
منها متوازيان وثماني زوايا مجسمة وأربع وعشرون زاوية مسطحة ،وإن ضرب المربع المجذور في أكثَر من جذره
يسمى المجتمع منه عدًدا مجسًم ا بيرًّي ا؛ مثال ذلك أربعة فإنه عدد مجذور ضرب في الثالثة التي هي أكثر من جذرها
فكان منه اثنا عشر وكذلك التسعة إذا ضربت في أربعة التي هي أكثر من جذرها خرج منها ستٌة وثالثون.
فاالثنا عشر والستة والثالثون وأمثالها من العدد يسمى مجسًم ا بيرًّي ا و«المجسم البيري» هو الذي سمكه أكثر من طوله
وعرضه ،وله ستة سطوح مربعات اثنان منها مربعان متقابالن متساويا األضالع قائما الزوايا وأربعة منها مستطيلة
متوازية األضالع قائمة الزوايا ،وله اثنا عشر ضلًع ا كل اثنين منها متوازيان متساويان ،وله ثماني زوايا مجسمة وأربع
وعشرون زاوية مسطحة ،وكل عدد مربع غير مجذور ضرب في ضلعه األصغر فإن المجتمع منه يسمى مجسًم ا لبنًّي ا ،وإن
ضرب في ضلعه األطول فإن المجتمع منه يسمى مجسًم ا بيرًّي ا ،وإن ضرب في عدد أقل منهما أو أكثر فإن المجتمع منه
يسمى «مجسًم ا لوحًّي ا».
مثال ذلك االثنا عشر فإنه عدد مربع غير مجذور واحد ضلعيه ثالثة واآلخر أربعة ،فإن ضرب اثنا عشر في ثالثة خرج
منه ستة وثالثون ،وهو مجسم لبني ،وإن ضرب في أربعة خرج منه ثمانية وأربعون وهو مجسم بيري ،وإن ضرب في
أقل من الثالثة أو أكثر من األربعة يسمى مجسًم ا لوحًّي ا ،والمجسم اللوحي هو الذي طوله أكثر من عرضه وعرضه أكثر
من سمكه وله ستة سطوح كل اثنين منها متساويان متوازيان وله اثنا عشر ضلًع ا كل اثنين منها متوازيان وثماني زوايا
مجسمة وأربع وعشرون زاوية مسطحة.
فصل
في خواص العدد المجذور ،فنقول :وكل عدد مجذور إذا ِز يد عليه جذراه وواحد كان المجتمُع من ذلك مجذوًر ا ،وكل
عدد مجذور إذا انتقص منه جذراه إال واحًد ا يكون الباقي مجذوًر ا ،وكل عددين مجذوَر ين على الوالء إذا ضرب جذر
أحدهما في جذر اآلخر وِز يد عليه ربع يكون الجملة مجذوًر ا؛ مثال ذلك :جذر أربعة وهو اثنان في جذر تسعة وهو ثالثة،
فيكون ستٌة وزيد عليه ربع يكون ستة وربًع ا جذرها اثنان ونصف ،فإذا ضرب االثنان والنصف في مثله كان ستة وربًع ا
جذرها اثنان ونصف وكل عددين مجذورين على الوالء إذا ضرب جذُر أحدهما في جذر اآلخر يخرج بينهما عدد وسط
وتكون ثالثتها في نسبة واحدة؛ مثال ذلك :أربعة وتسعة فإنهما عددان مجذوران وجذراهما اثنان وثالثة واثنان في
ثالثة ستة فنسبة األربعة إلى الستة كنسبة الستة إلى التسعة ،وعلى هذا القياس يعتبر سائُر ها.
كل عدَد ين قسم أحدهما بأقساٍم كم كانت فإن ضرب أحدهما في اآلخر مساٍو لضرب الذي لم يقسم في جميع أقسام
العدد المقسوم قسًم ا قسًم ا ،مثال ذلك عشرة وخمسة عشر وقسم الخمسة عشر ثالثة أقسام سبعة وثالثة وخمسة،
فنقول «أ» إن ضرب العشرة في خمسة عشر مساٍو لضرب العشرة في سبعة وفي ثالثة وفي خمسة «ب» كل عدد قسم
بأقسام كم كانت فإن ضرب ذلك العدد في مثله مساٍو لضربه في جميع أقسامه؛ مثال ذلك عشرة قسمت بقسمين سبعة
وثالثة فأقول :إن ضرب العشرة في نفسها مساٍو لضربها في سبعة وفي ثالثة «ج» كل عدد قسم بقسمين فنقول :إن
https://w w w .hindaw i.org/books/95926405/3/ 22/26
1/22/24, 12:47 PM الرسالة األولى | رسائل إخوان الصفاء و ِخ اَّل ن الوفاء (الجزء األول) | مؤسسة هنداوي
ضرب ذلك العدد في أحد قسميه مساٍو لضرب ذلك القسم في نفسه ،وفي القسم اآلخر ،مثال ذلك عشرٌة قسمت بقسمين
ثالثة وسبعٌة فأقول :إن ضرب العشرة في سبعة مساٍو لضرب سبعٍة في نفسها وثالثة في سبعة« ،د» كل عدد قسم
قسمين فأقول :إن ضرب ذلك العدد في نفسه مساٍو لضرب كل قسم في نفسه وأحدهما في اآلخر مرتين؛ مثال ذلك
عشرة قسمت قسمين سبعة وثالثة فأقول :إن ضرب العشرة في نفسها مساٍو لضرب سبعة في نفسها وثالثة في نفسها
وسبعة في ثالثة مرتين« ،ﻫ» كل عدد قسم بنصفين ثم بقسمين مختلفين فإن ضرب أحد المختلفين في اآلخر وضرب
التفاُو ت في نفسه مساٍو لضرب نصف ذلك العدد في نفسه.
مثاله عشرة قسمت بنصفين ثم بقسمين مختلفين ثالثة وسبعة ،فنقول :إن ضرب السبعة في ثالثة والتفاوت في نفسها
وهو اثنان مجموًع ا مساٍو لضرب الخمسة في نفسها« ،و» كل عدد قسم بنصفين ثم يزاد فيه زيادة ما فأقول :إن ضرب
ذلك العدد مع الزيادة في تلك الزيادة ونصف العدد في نفسه مجموًع ا يكون مساوًي ا لضرب نصف ذلك العدد مع الزيادة
في نفسه ،مثاله عشرة قسمت بنصفين ثم زيد عليه اثنان فنقول :إن ضرب االثني عشر في اثنين وخمسة في نفسها
مجموًع ا مساٍو لضرب االثنين وخمسة مجموًع ا في نفسه« ،ز» كل عدد قسم بقسمين فأقول :إن ضرب ذلك العدد في
نفسه وضرب أحد القسمين في نفسه مجموًع ا مساٍو لضرب ذلك العدد في ذلك القسم مرتين ،وضرب القسم اآلخر في
نفسه مجموًع ا مثاله عشرة قسمت بقسمين سبعة وثالثة فأقول :إن ضرب العشرة في نفسها وسبعة في نفسها مجموًع ا
مساٍو لضرب العشرة في سبعة مرتين وثالثة في نفسها مجموًع ا« ،ح» كل عدد قسم بقسمين ثم ِز يد عليه مثل أحد
القسمين فنقول :إن الذي يكون من ضرب جميع ذلك في نفسه مساٍو لضرب ذلك العدد قبل الزيادة في تلك الزيادة أربع
مرات والقسم اآلخر في نفسه.
مثاله عشرٌة ُق سمت بقسمين سبعة وثالثة ،ثم زيدت عليه ثالثة فنقول :إن ضرب الثالثة عشر في نفسه مساٍو لضرب
عشرة في ثالثة أربع مرات وضرب سبعة في نفسه مرة واحدة« ،ط» كل عدد قسم بنصفين ثم بقسمين مختلفين فإن
الذي يكون من ضرب القسمين المختلفين كل واحد منهما في نفسه مجموًع ا مثاًل ما يكون من ضرب نصف ذلك في
نفسه وضرب التفاُو ت ما بين العددين في نفسه مجموًع ا؛ مثال ذلك عشرٌة قسمت بنصفين ،ثم بقسمين مختلفين ثالثة
وسبعة فأقول :إن الذي يكون من ضرب سبعة في نفسها وثالثة في نفسها مجموًع ا مثاًل ما يكون من ضرب الخمسة في
نفسها ومن ضرب االثنين الذي هو التفاُو ت ما بين القسمين في نفسه مجموًع ا« ،ي» كل عدد قسم بنصفين ثم ِز يد فيه
زيادة ما فإن الذي يكون من ضرب ذلك العدد مع الزيادة في نفسه وضرب الزيادة في نفسها مجموًع ا مثاًل ما يكون من
ضرب نصف العدد مع الزيادة في نفسه وضرب نصف العدد في نفسه.
مثال ذلك عشرٌة ُق سمت بنصفين ثم ِز يد عليها اثنان فأقول :إن ضرب االثَني عشر في نفسه واالثنين في نفسه مجموًع ا
مثاًل ما يكون من ضرب سبعٍة في نفسها وخمسة في نفسها مجموًع ا.
فصل
واعلْم أيها األخ البار الرحيم ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،أنه إنما قدم الحكماُء النظر في علم العدد قبل النظر في سائر
العلوم الرياضية؛ ألن هذا العلم مركوز في كل نفس بالقوة ،وإنما يحتاج اإلنسان إلى التأمل بالقوة الفكرية حسب ،من
غير أن يأخذ لها مثااًل من علم آخر بل منه يؤخذ المثال على معلوم ،وأما ما أشرنا إليه من المثاالت التي بالخطوط في
هذه الرسالة فإنما تلك للمتعلمين المبتدئين الذين قوُة أفكارهم ضعيفة ،فأما َم ن كان منهم فهيًم ا ذكًّي ا فغيُر محتاج إليها.
واعلم أيها األخ البار الرحيم ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،أن أحد أغراضنا من هذه الرسالة ما قد بَّي نا في أولها ،وأما
الغرض اآلخر فهو التنبيُه على «علم النفس» والحث على معرفة جوهرها ،وذلك أن العاقل الذهين إذا نظر في علم العدد،
وتفكر في كمية أجناسه وتقاسيِم أنواعه وخواص تلك األنواع؛ علم أنها كلها أعراض وجودها وقوامها بالنفس فالنفُس
إذن جوهر؛ ألن العرض ال يكون له قوام إال بالجوهر وال يوجد إال فيه.
•••
واعلم يا أخي ،أيدك اهلل وإيانا بروح منه ،بأن غرض الفالسفة الحكماء من النظر في العلوم الرياضية وتخريجهم
تالمذتهم بها إنما هو السلوك والتطرق منها إلى علوم الطبيعيات ،وأما غرُض ُه م في النظر في الطبيعيات فهو الصعود منها
والترقي إلى العلوم اإللهية الذي هو أقصى غرض الحكماء والنهاية التي إليها يرتقي بالمعارف الحقيقية ،ولما كان أول
درجة من النظر في العلوم اإللهية هو معرفُة جوهر النفس والبحث عن مبدئها من أين كانت قبل تعُّلقها بالجسد
والفحص عن معادها إلى أين تكون بعد فراق الجسد الذي يسمى الموت وعن كيفية ثواب المحسنين كيف يكون في
عالم األرواح وعن جزاء المسيئين كيف يكون في دار اآلخرة.
وخصلة ُأ خرى أيًض ا لما كان اإلنساُن مندوًبا إلى معرفة ربه ولم يكن له طريق إلى معرفته إال بعد معرفة نفسه ،كما قال
اهلل تعالىَ﴿ :و َم ْن َي ْر َغ ُب َع ْن ِم َّلِة ِإ ْب َر اِه يَم ِإ اَّل َم ْن َس ِف َه َنْف َس ُه ﴾؛ أي جهل النفس وكما قيل :من عرف نفسه فقد عرف ربه،
وقد قيل أيًض ا :أعرُف كم بنفسه أعرُف كم بربه؛ وجب على كل عاقل طلب علم النفس ومعرفة جوهرها وتهذيبها ،وقد قال
اهلل تعالىَ﴿ :و َنْف ٍس َو َم ا َس َّو اَه ا * َف َأ ْلَه َم َه ا ُف ُج وَر َه ا َو َت ْق َو اَه ا * َق ْد َأْف َلَح َم ن َزَّكاَه ا * َو َق ْد َخ اَب َم ن َد َّس اَه ا﴾ ،وقال اهلل تعالى
— حكاية عن امرأة العزيز في قصة يوسف عليه السالمِ﴿ :إ َّن الَّن ْف َس َأَلَّم اَر ٌة ِب الُّس وِء ِإ اَّل َم ا َرِح َم َر ِّب ي﴾ ،وقال تعالىَ﴿ :و َأ َّم ا
َم ْن َخ اَف َم َق اَم َر ِّب ِه َو َن َه ى الَّن ْف َس َع ِن اْلَه َو ى * َف ِإ َّن اْلَج َّن َة ِه َي اْلَم ْأ َو ى﴾ ،وقال تعالىَ﴿ :يْو َم َت ْأ ِت ي ُكُّل َنْف ٍس ُت َج اِد ُل َع ْن
َنْف ِس َه ا﴾ ،وقال تعالىَ﴿ :ي ا َأ َّيُت َه ا الَّن ْف ُس اْلُم ْط َمِئ َّن ُة * اْر ِج ِع ي ِإ َلى َر ِّب ِك َر اِض َي ًة َم ْر ِض َّي ًة ﴾ ،وقال تعالى﴿ :اُهلل َي َت َو َّف ى اَأْلْنُف َس ِح يَن
َم ْو ِت َه ا َو اَّلِت ي َلْم َت ُم ْت ِف ي َم َناِم َه ا﴾ ،وآيات كثيرة في القرآن ودالالت على وجود النفس وعلى تصرف حاالتها وهي حجة
على الجرميين المنكرين أمر النفس ووجدانها.
وأما أولئك الحكماء الذين كانوا يتكلمون في علم النفس قبل نزول القرآن واإلنجيل والتوراة ،فإنهم لما بحثوا عن علم
النفس بقرائح قلوبهم واستخرجوا معرفة جوهرها بنتائج ُع ُق ولهم؛ دعاهم ذلك إلى تصنيف الُكُت ب الفلسفية التي تقدم
ذكُر ها في أول هذه الرسالة ،ولكنهم لما طولوا الخطب فيها ونقلها ِم ن لغة إلى لغة َم ن لم يكن فهم معانيها وال عرف
أغراض مؤلفيها؛ انغلق على الناظرين في تلك الكتب فهُم معانيها وثقلت على الباحثين أغراض مصنفيها ،ونحن قد
أخذنا لب معانيها وأقصى أغراض واضعيها وأوردناها بأوجز ما يمكن من االختصار في اثنتين وخمسين رسالة؛ أولها
هذه ثم يتلوها أخواُت ها على الوالء كترتيب العدد تجدها — إن شاء اهلل تعالى.
(تمت الرسالة والحمد هلل رب العالمين ،وصلى اهلل على رسوله محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليًم ا).