Professional Documents
Culture Documents
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
ملخص:
تهدف ه ذه الورقة البحثية إلى تحليل وتفسير سوسيولوجي للسلوك العمالي في المنظمة تجاه السلطة باعتبار
أن السلوك العمالي هو محصلة لمختلف العوامل الفردية واالجتماعية والتنظيمية ،ويتأثر بالهيكل الرسمي
للمنظمة ،الذي يتضمن السلطة التنظيمية التي تتبنى في أغلب األحيان إستراتيجية تتجسد في اللوائح التنظيمية
،والتعليمات ،والقواعد واإلجراءات العقابية لمنع التجاوزات العمالية ،تطبق وفق نسق من المعايير ،وهذا ما
يشكل ضغوطات بالنسبة للقائمين على انجاز المهام ،فيتبنوا سلوك يمكنهم من تجاوز هذه اإلكراهات تظهر في
شكل سلوكيات إستراتيجية متباينة من عامل آلخر ،يستمدها من المعتقدات والقيم التي كونها حول طبيعة
الظروف السائدة في المنظمة والرتب الوظيفية الناتجة عن التخصص وتقسيم العمل.
الكلمات المفتاحية :السلوك التنظيمي ،السلطة ،المنظمة.
Abstract:
This paper aims at analyzing and sociological interpretation of the workers' behavior in the
organization towards the authority, given that the workers' behavior is the outcome of various
individual, social and organizational factors, and is affected by the formal structure of the
organization, which includes the organizational authority that often adopts a strategy embodied in
regulations, instructions, rules and punitive measures to prevent Labor abuses are applied according to
a pattern of standards, and this is what constitutes pressures for those in charge of completing the
tasks, so they adopt behavior that enables them to overcome these constraints. On specialization and
division of labor.
Key words: Organizational behavior, power, The organization.
* المؤلف المرسل
12
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
مقدمة:
كثي ار من الباحثين يرون بأن السلوك التنظيمي يندرج ضمن الد ارسات السيكولوجية باعتبار أنها
تسلط الضوء على السلوك الفردي للعمال إال أن السلوك التنظيمي يندرج في إطار الجماعة
ليؤثر فيها أو يتأثر ،وذلك ما يفرض حتمية دراسة السلوك التنظيمي برؤية سوسيولوجية تمكننا
من تفسير وتحليل حركة دينامية التنظيم من زاوية السلوك التنظيمي للعاملين تجاه السلطة
بالمنظمة.
ويعد السلوك التنظيمي للعاملين ظاهرة متجددة ومتكاملة ال تتوقف عن الحركة والتغير من
أجل تحقيق التكيف واالندماج المهني في اإلطار التنظيمي ،إذ يصدر بتأثير مختلف المحددات
كفاعل اجتماعي بالمنظمة ،وما ترسخ لديه من قيم والعوامل التي بعضها يتعلق بالفرد
واتجاهات التي يبني من خاللها مدركاته للظروف المحيطة به في البيئة التنظيمية ،كما تتحكم
فيه مرجعية القيم االجتماعية وما تفرزه من التطويع االجتماعي والتفاعالت والعالقات
االجتماعية التي تساهم في بناء وتوجيه السلوك الفردي أو الجماعي في البيئة االجتماعية التي
ينتمي إليها العامل ،ومن طبيعة الثقافة التنظيمية السائدة في التنظيمات البيروقراطية ،وما تحمله
من قيم تنظيمية وقواعد وقوانين التي يقرها التنظيم الرسمي والفاعلين في السلطة التنظيمية
لضبط العالقات بين جميع األفراد بالمنظمة ،فالسلطة التنظيمية تسعى دائما إلى تثمين أهداف
التنظيم من خالل مجموعة من المبادئ ،ذلك ما يتطلب جملة من الممارسات التي تقتضي
يصمم األفراد العاملين وجود اللوائح التنظيمية والتعليمات واإلجراءات وانطالقا من هذا
وجماعات العمل بمختلف أصنافها سلوك أو فعل يتماشى مع األهداف الشخصية للفرد معتمدا
في ذلك على المعلومات والخبرة التي اكتسبها من المهام الوظيفية التي يفرضها التخصص
وتقسيم العمل و من خالل قراءاته للواقع التنظيمي باإلضافة للعالقات غير الرسمية بين األفراد
التي يقرها التنظيم غير الرسمي ،إذ يتجلى هذا السلوك في استراتيجيات متباينة يجابه من
خاللها ضغوطات التنظيم الرسمي ،ويكتسب منها سلطة فتصبح السلطة في عالقات تبادلية
لتحقيق األهداف الشخصية في ظل األهداف العامة للمنظمة بطريقة عقالنية ومن خالل
التحليل السابق يمكن طرح التساؤل التالي:
• كيف يتبنى األفراد تصميم سلوك يمكنهم من تجاوز ضغوطات الفاعلين في السلطة في
إطار دينامية التنظيم بالمنظمة؟ لإلجابة على هذا السؤال يمكن طرح التساؤالت الفرعية
التالية:
• كيف يتشكل سلوك الفرد والجماعة في المنظمة؟
13
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
14
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
مجموعات سلوكية تحدد العالقات داخل المنظمة وتتحكم في اتجاهات عمالها وأدائها من خالل
توضيح األدوار وتحديد السلوكيات المرغوبة ،والفعل االجتماعي الناتج من المشتركين في
5
التنظيم والعالقات الترابطية النمطية والهيكل التنظيمي.
وتعد المنظمة بناء اجتماعي يضم مجموعة من األفراد موزعين على أقسام ووحدات يشتغلون
تحت سلطة رسمية ،أي تربطهم عالقات عمل رسمية وتقتضي وجود عالقات غير رسمية بين
مختلف األجزاء المشكلة لها ،إذ تهدف إلى تحقيق أهداف محددة من خالل االستغالل األمثل
للموارد البشرية والمادية.
3مفهوم السلطة:
هي القدرة على صنع الق اررات التي تواجه نشاطات اآلخرين ،وهي تمثل العالقة بين فردين
أحدهما المشرف الذي يصنع القرار ويتوقع قبولها من التابع والتابع هو الذي يتوقع مثل هذه
الق اررات ويتحدد نشاطه بناءا عليها وحدوث مثل هذا السلوك من قبل الطرفين يعني لوجود
6
عالقات سلطة بين األفراد.
وهي الحق القانوني والرسمي في التأثير على اآلخرين من خالل اتخاذ الق اررات واصدار األوامر
والتوجيهات بينما فيها الجزاء والعقاب ،و يتم التعامل مع السلطة بناءا على الطاعة االختيارية.
7
أو هي القدرة على ضبط وتحديد سلوك األعضاء ضمن قوانين التنظيم و توجيهها نحو أهدافه.
وعليه فالسلطة هي حق منصوص عليه قانونيا يهدف إلى اتخاذ جملة من الق اررات والتوجيهات
واألوامر تكون معلنة في اللوائح التنظيمية ،التي يمكن من خاللها التأثير على سلوك األفراد
والجماعات في المنظمة ،من أجل تحقيق األهداف المنشودة في التنظيم انطالقا من تحديد
المهام وضبط الواجبات اتجاهها.
ثانيا :ممارسات السلوك التنظيمي في المنظمة:
1سلوك الفرد في المنظمة:
يصدر سلوك الفرد في المنظمة نتيجة التأثير المتبادل بين مجموعة من المثيرات التي تتداخل
في بناء شخصية الفرد العامل ،حيث اكتسبها من التنشئة االجتماعية التي مر بها ومن الخبرات
التي اكتسبها من التعلم في المحيط االجتماعي وعليه فسلوك الفرد في المنظمة ينتج وفق
مجموعة من المحددات الفردية التي تتمثل فيما يلي :
• االتجاهات :تلعب االتجاهات دور أساسي في توجيه سلوك الفرد في المنظمة ،فهو عبارة
عن وجهة نظر يكونها الفرد للتأقلم مع البيئة المحيطة به ،لتنظيم رد فعل أو استجابة التي
15
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
يبديها الفرد تجاه الحوادث المتباينة ،ومن جهة أخرى إذا لم يطور الفاعل اتجاهاته يصل
8
إلى مرحلة الجمود وتنميط أساليب سلوكية دون تغيير.
ومن هذه االتجاهات التي يكونها الفرد عن المنظمة تساعده على تنظيم األفكار
والمعلومات ،من خالل إدراك الموضوعات المختلفة واكتساب معارف جديدة والبحث عن
معلومات تمكنه من التكيف مع الظروف السائدة ،كما يستخدمها في الدفاع عن ذاته
والمصالح الشخصية وأهدافه ،خاصة في الحاالت التي يسود فيها الصراع وتعرضه
لضغوط أثناء أداء األعمال المكلف بها من حيث عالقته باآلخرين ،كما تعمل االتجاهات
على توجيه الفرد اتجاه القيم التي تتفق مع قيمه خاصة القيم التي تعمل على إشباع
9
حاجاته
10
ويمكن أن تتغير االتجاهات لدى األفراد في المنظمة من خالل:
حصول الفرد على معلومات جديدة عن موضوع االتجاه. -
-تغيير المعلومات عن موضوع االتجاه.
-ظهور حاجات جديدة غير مشبعة ،تؤدي إلى التغيير في اتجاهات األفراد من
االيجابية إلى السلبية ،وبالتالي التعارض أو التوافق.
-تغير في المستوى الفكري والثقافي.
-تغيير االتجاهات نتيجة التعرض لضغوط البيئة الخارجية.
• القيم :تعتبر القيم مجموعة المعتقدات الثابتة نسبيا ترسخها األفراد و يلتزم فيها ،ليدرك من
11
خاللها الصواب من الخطأ والجيد من السيئ والمقبول من المرفوض في السلوك.
ويكتسب الفرد في المنظمة القيم من التعاليم الدينية ،حيث تعتبر المصدر الرئيسي لكثير من
القيم اإلنسانية ،فقد جاء الدين اإلسالمي باألسس القيمة التي تحكم ترابط المجتمع اإلسالمي
بشكل خاص ،باإلضافة إلى الخبرة المهنية التي اكتسبها في المنظمة أو من جماعات العمل
التي ينتمي إليها ،إال أن هناك تداخل بين المصادر االجتماعية والمصادر التنظيمية،فالفرد
ينصب تفكيره على القيم التي تفرزها جماعة العمل والقيم الخاصة بالمنظمة ،التي تكون
مرتبطة بالعمل وبظروفه ،وال ينصب تفكيره حول القيم االجتماعية العامة و مع مرور الزمن
تفرضها على أعضائها ،وهذا نتيجة الضغط التي تفرز المنظمة عادات وتقاليد خاصة
تمارسه على الفرد ،من خالل عزله وعدم التعامل معه في مختلف الجلسات واللقاءات سواء
كانت رسمية أو غير رسمية باإلضافة إلى عزله عن تيار المعلومات ،فيجد الفرد نفسه غريبا
12
في بيئة العمل.
16
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
وتؤثر القيم على سلوك الفرد عندما يصبح عضو بالمنظمة من خالل مجموعة من التوجهات
والمفاهيم التي اكتسبها من عمليتين التنشئة االجتماعية والتنشئة التنظيمية التي تشبع ونشأ
فيها فيظهر التأثير فيما يلي:
-تمنح العامل سلطة في اتخاذ ق اررات لحل مشكلة ما بالمنظمة يختار البدائل المتاحة
التي ال تتعارض مع قيمه.
-القيم توجه الفرد إلى كيفية التعامل مع كل الفاعلين في التنظيم.
-قيم األف ارد تؤثر في اإلدراك و طريقة التفكير نظ ار الكتسابهم معلومات حول الظروف
المحيطة.
-وجود قيم مشتركة تقوي الدوافع التي توجه سلوك الفاعلين ،مما يحقق األهداف
13
األكثر انسجاما.
• اإلدراك :إن سلوك الفرد في المنظمة موجه من طرف مجموعة من الدوافع لتحقيق األهداف
وإلشباع الحاجات والتخفيف من حدة التوتر وبالتالي يعيد التوازن النفسي ،فالفرد تجمعه صفات
مع الغير في الكثير من الخصائص ،لكن لكل فرد طريقة ونمط خاص به في االستجابة إلى
المثيرات التي يواجهها ،وتتباين درجة إدراك األشياء عند األفراد انطالقا من وجهة نظره
14
الشخصية ،فالفرد يدرك تماما ما يشبع حاجاته ويخفف من الضغوطات.
وفي بعض األحيان غالبا ال يكون اإلدراك دقيقا يؤدي إلى نتائج مهمة في تحليل سلوك المنظمة
وادراكه ،وفي الواقع أن كل قرار إداري مثل ق اررات التعيين والتسريح العمالي والتعويضات التي
15
تخص أعضاء المنظمة تعتمد على مدركات الفرد الذي يصدر القرار ويطبقه.
وعليه فالسلوك الذي يصدر من الفرد بالمنظمة تجاه موضوع معين هو محصلة مجمل اإلدراكات
التي تتعلق بظروف العمل والقيم التنظيمية التي تشرب بها ،وما تفرزه من منبهات التي تساهم في
اكتساب معاني و قدرات يبني من خاللها عملية اإلدراك التي تمكنه من تجاوز الضغوطات التي
تواجهه في أداء مهامه.
2سلوك الجماعة في المنظمة:
تعتبر الجماعة في التنظيم من المحددات الجماعية للسلوك العمالي انطالقا من نوع الجماعة سواء
كانت رسمية أو غير رسمية ،ويتجلى هذا التأثير في طبيعة االتصال والتعاون والتنافس والتحالف
بين األفراد والجماعات ،ويظهر ذلك من إما في التوافق أو التعارض بين قيم األفراد والقيم التنظيمية
واألهداف والمعايير التي تقوم عليها المنظمة.
17
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
• كيفية تشكل جماعات العمل :تمر جماعات العمل وفق مراحل متعددة للوصول إلى تحقيق
المطالب التي تخصها وهي ما يلي:
-مرحلة التشكل ومن خاللها يحاول أفراد المجموعة في هذه المرحلة التعرف على
بعضهما ا لبعض ،حيث يتم التعرف على أنماط سلوك اآلخرين وتحديد ما هو مرفوض
16
وما هو مرغوب.
باإلضافة إلى كيفية التنسيق بين أعضاء الجماعة والتعاون والعالقات الوظيفية ،مع
األهداف والمهام المراد القيام بها ،وضرورة مراعاة أن هذا الدور يرتبط تحديد
17
باآلخرين.
ينشأ في هذه المرحلة التفاعل واالحتكاك بين األفراد ،انطالقا من المهام التي أفرزها
التخصص وتقسيم العمل في المنظمة والتشابه في المعايير والقيم ،باإلضافة إلى
الحقوق المهدورة التي يسعى العامل إلى استرجاعها ،ومن هذا تظهر الجماعة في بداية
تشكها ،و يتم توزيع المهام و األدوار بين أعضائها لتحقيق األهداف الخاصة بها.
-مرحلة الصراعات وتشهد هذه المرحلة الصراع بين جماعات العمل نتيجة ال تفاعل بين
األعضاء والجماعات ألن كل فرد يؤدي دوره بصورة منفصلة و أداء مهامه بشكل غير
18
منتظم ومتسلسل و االختالف في األهداف والموارد واالمتيازات.
غالبا ما تضم الجماعة أفراد عاملين مختلفين في المطالب واألهداف التي ترغب في
الوصول إليها ،فتأخذ األدوار واالتجاهات منحى مخالف لما تم تأسيسه في البداية ،مما
يؤدي إلى حدوث الصراع داخل الجماعة نتيجة االختالف والتباين في المصالح.
-مرحلة األدوار ،حيث تتطور جماعة العمل في هذه المرحلة نتيجة اتفاق أعضاءها على
القواعد األساسية للعمل ،ثم يتم توزيع األدوار ومن هذا تكون صداقة قوية تشكل هوية
الجماعة.
مرحلة العمل واألداء في هذه المرحلة يتمكن أعضاء الجماعة من القيام بالمهام وفق -
18
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
من حيث الدور واألهداف المراد تحقيقها في المنظمة إلى تتعدد الجماعات في التنظيم
جماعات عمل رسمية وجماعات العمل غير رسمية.
جماعات العمل الرسمية :يتم إنشاء الجماعات الرسمية بقرار من السلطة التنظيمية في •
التنظيم باعتبارها اإلطار الرسمي الذي يتمكن من تحقيق األهداف المنشودة ،ومن بين هذه
الجماعات ما يلي:
جماعة خط السلطة (جماعة األوامر) والتي تتكون من المرؤوسين أو العمال -
21
ويكون القائد معين بشكل رسمي في المنظمة كرئيس للفريق.
حيث تعمل على تزويد جماعة السلطة التنظيمية بمعلومات من خالل إعداد تقارير
مباشرة حول طبيعة العمل وكيفية سيرورته.
جماعة حل المشكالت هي جماعة تنشئها المنظمة ،لبلوغ األهداف التي وجد -
22
التنظيم من أجلها وتوجد بصفة مؤقتة ،يمكن حلها بعد فراغها من مهمتها.
حيث يتعرض التنظيم بمختلف مستوياته اإلدارية لمشكالت يتطلب حلها مثل هذه
23
الفرق من خالل مناقشة المهام والوظائف التي يقوم العمال بها.
ترتكز مهام هذه المجموعة على إيجاد حلول للظواهر التي تؤدي إلى جمود التنظيم
كالصراع العمالي ومختلف النزاعات التي تحدث بين األفراد العاملين من أجل
الوصول إلى حلول ترضي طرفي العملية ،ويكون وجودها في غالب األحيان
مؤقت ،إذ يتوقف نشاطها مباشرة بعد حل المشكلة.
• جماعات العمل غير الرسمية :وتتمثل في مختلف التفاعالت والمهام التي يقوم بها األفراد
خارج مجال اللوائح والتعليمات التنظيمية واإلجراءات الرسمية للتنظيم ،والتي تتمثل في ما
يلي:
جماعات المصالح وتضم هذه المجموعة األفراد العاملين تجمعهم مصالح مشتركة، -
24
يوحدون جهودهم لتحقيق هدف مشترك ،أو المطالبة بحقوق مهنية وتعويضات.
إذ يهدف هذا النوع من الجماعات إلى تحقيق أهداف وحقوق شخصية في التنظيم من
خالل انتهاج سلوكيات متعددة ،كاإلضرابات والتحالف والتنافس التي تتعارض في
غالب األحيان مع السلطة التنظيمية.
19
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
جماعات الصداقة و تعتبر تجمع من األفراد على هامش التنظيم الرسمي ،يتفقون مع -
بعض انطالقا من خاصية السن والجنس والمستوى التعليمي والثقافي ،وينجر عن
25
ذلك عواطف إنسانية مشتركة ومتبادلة.
إن متغير السن والجنس والمستوى الثقافي والبيئة االجتماعية التي ينتمي إليها
العاملين تحدث انجذاب فيما بينهم يمكنهم من تكوين عالقات صداقة ،يترتب عنها
مختلف العمليات االجتماعية كالتضامن والتعاون التنظيمي.
إذ يمكن للجماعات غير الرسمية بالمنظمة أن توجه جهود األفراد نحو األهداف التنظيمية ،انطالقا
من العمليات االجتماعية االيجابية التي تشمل التضامن والتعاون ،كما يمكن أن يتغير هذا السلوك
إلى التحالف والتضاد تجاه الفاعلين في السلطة التنظيمية نتيجة التعارض بين قيم األفراد والقيم
التنظيمية والضغوط التي تفرضها هذه األخيرة على المكلفين بإنجاز المهام ،وهذا ما يستدعى
جماعات العمل الرسمية بأمر من السلطة الرسمية لضبط االختالل الناتج عن العمليات االجتماعية
السلبية كالصراعات التنظيمية ،واحداث التوازن لضمان سيرورة التنظيم.
ثالثا :دينامكية التنظيم بالمنظمة :
1التنظيم الرسمي:
يتمثل التنظيم في مجمل التفاعالت و النشطات المتكاملة والمتباينة بين مجموعة األعضاء
بالمنظمة تشتغل تحت سلطة تنظيمية تكون موجهة نحو استراتيجيات واعية لتحقيق األهداف
العامة التي أنشئ من أجلها التنظيم ،من خالل تطبيق جملة من القواعد و اإلجراءات والمبادئ
التنظيمية التي تضبط السلوك العمالي ،يتميز هذا النوع بجملة من المبادئ تهتم بضبط وتوجيه
سلوك األفراد و تفاعالتهم لتحقيق األهداف العامة للتنظيم ومن بينها ما يلي:
مبدأ التخصص وتقسيم :العمل ويعني التخصص عدد األقسام في التنظيم باإلضافة إلى 1.1
األقسام الفرعية في كل قسم ،فالتخصص يولد فعالية عالية في األداء لكونه يسمح
للمستخدمين باكتساب الخبرة في ميدان معين 26.للتخصص دور بالغ في انجاز العمل،
إذ يمكن القائمين على انجاز هذه المهام من فهم متطلباته وتوفير إمكانياته ،خاصة
المادية منها التي تتميز بخصائص حديثة ،نظ ار للتطور التكنولوجي التي تشهده
التقنيات المستخدمة في اآلالت.
التدرج الهرمي للسلطة :ويعتبر هذا المبدأ من المبادئ األساسية في التنظيم ،إذ يؤكد 2.1
على ضرورة وجود مستويات متعددة تتدرج من القمة إلى القاعدة ،يعطى لكل مستوى
27
منها مسؤوليات وواجبات محددة قانونيا وفق القواعد واللوائح التنظيمية .
20
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
وعليه السلطة يمتلكها جماعة من األفراد في أعلى قمة الهرم ،من منطلق العالقات الرسمية
للقواعد واللوائح التنظيمية ،إال أن واقع دينامية التنظيم ال يخضع فعليا إلى احترام التسلسل
الهرمي للسلطة وانما من خلفية تداخل المهام غير المحدد في تقسيم العمل من جهة،
ووضعية توزيع المسؤولية من جهة أخرى.
.2مبدأ تفويض السلطة :ويتضمن التفويض في معناه العملية التي يقوم من خاللها المسؤول
بمنح مرؤوسيه التفويض الالزم لمساعدته في اتخاذ الخاصة والمهمة ،واعطائهم المرونة
28
والحرية المناسبة في العمل وصوال لتحقيق األهداف التي تسعى المنظمة للوصول إليها.
إن المهام وجسامة يفرض على جماعة السلطة التنازل على بعض المهام من جهة ولدفع
التنظيم نحو التوازن من جهة أخرى ،من خالل المهام التي ينجزها المفوضين في نسق
عالئقي تتكامل جزيئاته لغرض بلوغ الهدف الكلي للمنظمة ثقل.
.3مبدأ وحدة األمر :وينطلق هذا المبدأ من أن تعدد الرؤساء يعني تعدد األوامر الصادرة منهم
لمرؤوسيهم ،مما يجعل تنفيذها في وقت واحد أم ار مستحيال ،حفاظا على التنظيم وتجنب
29
التعارض واالختالف في األداء واألوامر من الرؤساء في حالة تعددهم.
ينطلق هذا المبدأ من فكرة جوهرية ضرورة مفادها صياغة األوامر والتعليمات التنظيمية
بأسلوب يخلو من التناقضات المرتبطة بدينامكية التنظيم من أعلى قمة الهرم التنظيمي إلى
أدنى مستوياته ،لغرض تجاوز معضلة التضاد التي تثبط انجاز بعض المهام في المستويات
الدنيا ،و ال يمكن بلوغ ذلك إال من خالل فهم مجمل القوانين والقواعد و اللوائح التنظيمية،
على انسجام وحداته. التي تمكن من االلتزام االتجاه لمسار التنظيم الذي ينعكس
.4مبدأ وحد الهدف :إن لكل منظمة أهداف تطمح إلى تحقيقها ،فالمنظمة تتكون من مجموعة
الوحدات اإلدارية ويجب على كل وحدة أن تساهم في تحقيق األهداف العامة للمنظمة ،ويتم
ذلك بتحديد األهداف الفرعية لتلك الوحدات اإلدارية ،بحيث تكون األهداف الفرعية متناسقة
30
ومتكاملة وتؤدي إلى تحقيق األهداف.
ما يعني أن فهم الهدف الرئيسي الذي وجدت من أجله المنظمة يمكن القائمين على انجاز
المهام من بلوغه بأكبر قدر ممكن ،وذلك ما يضفي نحو عقلنة و فعالية المنظمة.
.5مبدأ تكافؤ السلطة والمسؤولية :ويتمثل في توجيه األوامر والصالحيات في الجهة الصحيحة هو
جوهر السلطة ،و السلطة متأصلة في األشخاص والمناصب فال يمكن تصورها جزء من
31
المسؤولية.
21
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
وينص هذا المبدأ على وجوب تساوي السلطة مع المسؤولية ،فالسلطة يمتلكها جماعة معينة
32
قصد تحقيق أهداف محددة سلفا ،ومن ثم يصبح العامل مسئول عن تحقيق األهداف العامة.
وعليه يستلزم هذا المبدأ أن تتكافأ السلطة مع المسؤولية في المستويات الدنيا والوسطى من
التنظيم ،ويستلزم أيضا أن تتكافأ هذه األخيرة (السلطة والمسؤولية) في أعلى قمة الهرم ،ما يعني
أن وضعية ممارسة السلطة تستدعي تحمل المسؤولية .
.ويظهر هذا .6مبدأ اإلشراف :يعتبر إحدى الوظائف المهمة لمتابعة مجريات دينامية التنظيم ً
المبدأ في مجموعة من المرؤوسين (العمال ) يشرف عليهم مدير أو رئيس بصورة مباشرة
33.
،إلصدار أوامر وتوجيهات النجاز المهام المطلوبة منهمً
إذ أنها تتم من طرف الفاعلين أو أعضاء في السلطة التنظيمية ،الذين بطبيعة الحال يفوضون
بعض األعضاء للقيام بمهام معينة ،التي يتم اإلشراف عليها من طرف جماعة السلطة في أعلى
قمة الهرم بوتيرة زمنية محددة أحيانا وفجائية أحيانا أخرى ،لغرض تصويب مسار حركة
التنظيم.
.7مبدأ المرونة :يعني إمكانية استيعاب التنظيم لكافة التغيرات والمستجدات في بيئة العمل دون
34
الحاجة إلى إعادة التنظيم أو إحداث تغييرات جوهرية في الهيكل التنظيمي.
ونرى أيضا أن من أهم أسس ومبادئ التنظيم أن يشترط مبدأ المرونة الذي يخضع إلى
خصائص وطبيعة العمل وانجازه ،حيث يسمح للقائمين على انجاز المهام بتجاوز مختلف
اإلشكاليات ،من خالل فحص المضمون وتكييفه بطريقة أو بأسلوب ما هو معمول به في
القوانين واللوائح و القواعد التنظيمية ،مما ينعكس على بلوغ األهداف بصيغة تتوافق مع وضعية
الخروج من الجمود.
2التنظيم غير الرسمي:
يعتبر التنظيم غير الرسمي عملية محورية في المنظمة ،يساعد على زيادة التماسك والتفاعل،
الذي يظهر في مختلف العمليات االجتماعية من تضامن وتعاون بين أعضاء التنظيم.
إذ يعد التنظيم غير الرسمي على أنه شبكة العالقات الشخصية ،أو غير الرسمية ،القائمة بين
األفراد في المنظمة ،وتبنى هذه العالقات انطالقا من التفاعالت الناتجة عن العمل ،والعالقات
35
التي تربطهم قبل االلتحاق بالعمل داخل التنظيم.
ويبرز التنظيم غير الرسمي في المنظمة في مجموعة من األبعاد تفرزها عوامل جغرافية
واجتماعية كالتقارب في السن ومنطقة السكن ،باإلضافة إلى العوامل التنظيمية المتعلقة بالمهام أو
الوظائف التي يقرها التنظيم الرسمي والمصالح المشتركة والتي من بينها ما يلي:
22
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
1.2بروز قيم ومعايير مشتركة :يستعمل التنظيم غير الرسمي ممارسات و ضغوطات
على أعضائه لتعزيز االمتثال لقيم ومعايير الجماعة 36.إن ظل التنظيم غير الرسمي
الذي في كثير من األحيان يتجاوز التنظيم الرسمي ،ذلك ما يضفي بالتنظيم للدخول
في نمط العشوائية التي تنعكس على ضعف القيم التنظيمية الرسمية وبروز قيم
وأهداف تتوافق مع األهداف الشخصية للجماعات غير الرسمية.
2.2بروز قيادة غير رسمية :وهم أشخاص متميزين داخل الجماعة ،نظ ار لجملة من
37
العوامل المميزة لهم عن غيرهم التي من بينها:السن ،األقدمية ،المهارة الفنية.
ويتم هذا من خالل تصميم إستراتيجيات تمكن القادة غير الرسميين من بلوغ أهداف
شخصية من جهة و تنظيمية من جهة أخرى.
3.2االتصاالت غير الرسمية :وهي التي تتم بوسائل غير رسمية ال يقرها التنظيم الرسمي
وال يتطلبها وانما تنشأ نتيجة وجود عالقات شخصية واجتماعية في التنظيم بين
38
العاملين.
إن خلفية االتصاالت غير الرسمية ترجع إلى حد كبير للتطور الذي تشهده وسائل االتصال
المتمثلة في الهواتف النقالة الذكية المعبئة باالنترنيت ،حيث كل فرد يشتغل بالمنظمة يمتلك
هذه الوسائل ويستخدمها وفقا لما يتماشى مع أهدافه ،ويبرز ذلك في عملية تبادل المعلومات
والمعطيات ،إذ أن التنظيم غير الرسمي يقلص فعالية التنظيم الرسمي أثناء استخدام
اإلشاعات المغالطة المرتبطة بدينامية التنظيم ككل.
من المسلمات التي طغت في التنظيم البيروقراطي ،ما يمكن أن نطلق علية اسم جماعات التنظيم
غير الرسمي الممنهجة والتي نقصد بها مجموعة من األعضاء أو األفراد الذين يشتغلون بالمنظمة
تحت هدف تعطيل وعرقلة المهام التي تندرج ضمن التنظيم الرسمي ،لغرض إلغاء أو تأخير بعض
المهام التي يواجهون ضمنها جملة من األعباء دون تحقيق أهداف أو منفعة شخصية ،مما يوجه
التنظيم نحو مسار الجمود المرتبطة بالتعطيل.
رابعا :أساليب ممارسة السلطة اتجاه سلوك األفراد و الجماعات بالمنظمة :
.1أنماط السلطة بالمنظمة :
1.1السلطة التقليدية :يهدف هذا النوع من السلطة إلى التأثير في اآلخرين من خالل استمداد
39
شرعيتها من العرف االجتماعي ،و هذا ما يسمى بالنظام المالكي أو نظام المشيحة.
وتركز على قيم وأعراف اكتسبت الثبات والقوة من خالل تقاليد وقيم حضارية اجتماعية أو
23
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
معايير موروثة ،وترتبط أوامر السيد بالتقاليد وخروجه عليها يهز حكمه ومكانته ،فالوالء هنا
40
يكون لقدسية الشخص الفرد وليس لواجبات الوظيفة.
يستمد شرعيته هذا النوع من السلطة انطالقا من العادات والتقاليد السائد في المجتمع ،
حيث تعمل هذه األخيرة على توجيه القائد لرعيته نحو ما هو مرفوض وما هو مرغوب
انطالقا من خلفية المعايير والقيم االجتماعية المتوارثة من البيئة االجتماعية التي ينتمي إليها
القائد والمرؤوسين .
2.1السلطة الكاريزماتية أو الروحية :يعتمد هذا النمط من السلطة على الوالء المطلق لقدسية معينة
استثنائية مثل البطولة ،أو نموذج من نماذج الشخصيات يقتدي به لما لديه من مثل وقيم ،أو
صفات غير عادية ،بسبب نظام ابتدعه ودعمه ،ويستمد هذا النمط سلطته الشرعية من التوحد
41
الروحي مع شخص تتحقق لديه بعض السمات .
حيث يرتكز هذا النوع من السلطة على الصفات العقلية و الجسمية التي يمتلكها الشخص
القائد ،ويبرز النمط في المؤسسات العسكرية والدينية.
3.1السلطة القانونية أو العقالنية :يقوم هذا النمط من السلطة على أسس عقالنية ،وتمارس السلطة
42
وفقا ألنماط من القواعد المعيارية ،ويستمد شرعيته من التعاقد القانوني.
تعد السلطة القانونية عملية محورية تحدد العالقة بين األفراد والتنظيم ،انطالقا من التدرج
الهرمي في المناصب ،ولكل عامل منصب محدد االختصاص بالمعنى الشرعي ،الذي يشغله
من خالل عالقة تعاقدية ،مع إمكانية الحق للسلطة القائمة من خالل قواعد محددة مواصلة أو
إلغاء التعيين ،و هذا عن طريق االنتقاء الحر،ومن جهة أخرى يعتمد هذا النمط من السلطة
43
الترقية على أساس األقدمية أو االنجا ،أوكليهما .
ويتمثل هذا النمط من السلطة في تشغيل المورد البشري وتسيير متطلبات العمل وفق نمط
عقالني ،إضافة إلى مراعاة الخاصية اإلنسانية لألفراد والجماعات في التنظيم ،لبلوغ األهداف
العامة للتنظيم.
إذ يمكن للفاعل في السلطة بالمنظمة أن يتقمص جميع أنواع السلطة في مواقف مختلفة ومتباينة،
يمكن أن يكون قائدا وبطال في الحصول على الموارد النادرة التي تعتبر من متطلبات انجاز المهام
والوظائف ،وهذا من مميزات القائد الناجح ،وفي غالب األحيان ينتهج النمط العقالني أثناء توزيع
المهام وتقسيم العمل و إصدار األوامر واللوائح التنظيمية ويمكن للمسئول أن يستمد شرعيته
السلطوية من العرف االجتماعي خاصة فيما يتعلق بالعمليات االجتماعية في المنظمة من تعاون
وتضامن عمالي.
24
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
25
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
اإلستراتيجية االستثمارية :تتضمن نوع من السلوك االختياري للفاعلين الذين لهم •
مهنية تتضمن إمكانية المكافأة المستقبلية كالحصول على ترقية وضعية
46
مهنية.
حيث يصدر من العاملين سلوك يهدف إلى الحصول على مكاسب بعيدة
المدى ،كالعامل الذي يلقي عبارة التحية ويساهم في مختلف العمليات
االجتماعية اإليجابية بالمنظمة ،و مساهمته في حل المشاكل التنظيمية بدون
مقابل مادي ،ولكن الهدف هنا هو الحصول على وظيفة و مكانة بالمنظمة
مستقبال مرموقة.
إذ يمكن للفرد العامل أو الموظف أن يتبنى جميع اإلستراتيجيات السابقة في آن واحد ،و يحدث
ذلك وفقا لوضعيته المهنية في عالقات العمل داخل التنظيم في إطار عقالنية محدودة.
4مصادر سلطة العاملين في التنظيم:
يتم تصميم وبناء سلوكيات إستراتيجية من طرف العاملين بالمنظمة انطالقا من
المصادر التي تفرزها المنظمة ،إذ تمنح العامل سلطة مهنية يمكن من خاللها تجاوز
الضغوطات التي تقرها السلطة التنظيمية لضبط السلوك العمالي ،وهي:
1.4العالقة مع المحيط :يشكل المحيط الخارجي للفاعل مصدر من مصادر السلطة الفعلية
للعامل في البنية التنظيمية ،من خالل تسيير العالقة بين المحيط والمؤسسة مهما كان
شكلها وطبيعتها ،فهي في عالقة دائمة مع البيئة الخارجية من أجل الحصول على
47
الموارد بشتى أنواعها ،مما يخلق منطقة ارتياب هامة.
وهذا ما يعكس طبيعة التأثير المتبادل بين البيئة الخارجية والداخلية في التنظيم الذي
في غالب األحيان تفرضه الدور والمكانة االجتماعية التي يمتلكها العامل في
المنظمة.
2.4الخبرة المهنية والتخصص الوظيفي :حيث كلما كانت الكفاءة أو التخصص الوظيفي
في التنظيم نادر أو يصعب تعويضه كلما زادت قيمة الفاعل وتعززت وضعيته
التفاوضية في التنظيم بحكم دوره الحاسم في التنظيم في جانب معين من جوانب
العمل ،أو قدرته على حل المشاكل التي تحول دون تحقيق التنظيم ألهدافه ،بالتالي
تصبح للخبير إمكانية مساومة التنظيم بما يمتلكه من مهارة ومعارف على ما يحدده
48
من مصالح وامتيازات.
26
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
ما يعني أن العمل المتخصص للقائمين على إنجاز المهام يكسبهم سلطة
عملهم التقني الذي ال يمكن االستغناء عنه ،مما يفسح المجال أمام الفرد
المتخصص في عمل معين بالتفاوض الذي يمكنه من تجاوز القواعد التنظيمية من
خالل تصميمه إستراتيجية دفاعية ،أو مساوماتية ،وبهذا يكون قد امتلك سلطة
تكافئ أو تتجاوز القواعد التنظيمية ،المعمول بها في المنظمة.
3.4قنوات االتصال وتدفق المعلومة :إذ يعدا التحكم في المعلومة من أهم مصادر
السلطة للعامل ،فالنموذج الذي يعتمده التنظيم لتمرير المعلومات وهيكل قنوات
االتصال التي ترتبط بمختلف الوظائف يساعد على تحديد األفراد الذين يسيطرون
على المعلومات ويتحكمون في محتواها وطبيعتها كالتأخير في إيصالها أو
49
اإلنقاص منها للفاعلين المستقبلين لها.
إن عملية االتصال الرسمية التي تعتمدها المنظمة يستغلها العامل كمصدر يستمد
منه سلطته ،فالعامل يعمل على تغيير مضمون رسالة االتصال أو عدم إيصالها
في الوقت المحدد للعامل في المستوى نفسه أو أدنى منه باإلضافة إلى ذلك معظم
التنظيمات تتميز بسرية المعلومات فالفرد العامل يحصل على المعلومات من
جهات معينه ويكتشف نقاط ضعف التنظيم فتشكل له مصدر يقوي مكانته في
المنظمة فيمكنه من الحصول على موارد ورهانات جديدة ـ
4.4استغالل القواعد التنظيمية :تعتبر وسيلة تحكم في يد القائمين على السلطة
الرسمية ،إذ أن الفاعل يستغلها كمنطقة ارتياب يستمد منها سلطته في المنظمة،
حيث يتمسك الفاعل بتطبيق حرفية نص القاعدة القانونية لضمان من جهة الحماية
القانونية من العقوبة التأديبية لعدم التزامه بتعظيم إنتاجيته و وضع الرئيس المباشر
عن العملية اإلنتاجية في وضعية حرجة ليس له بإمكانه أن يعاقب و ال باستطاعته
50
أن يرفع اإلنتاجية.
إن التنظيم الرسمي ال يخلو من الثغرات التي يحاول القائمين على العمل
استغاللها و تكييفها مع األهداف الشخصية ،المرتبطة باستقالليتهم عن التنظيم من
خالل تبني استراتيجيات سلوكية تمكنهم من تبرير تجاوزاتهم للقوانين واإلجراءات
السارية في المنظمة.
يسعى الفاعل في السلطة التنظيمية إلى تطبيق القانون بأكبر قدر ممكن ،بالمقابل نجد
القائمين على انجاز العمل يتبنوا استراتيجيات متمايزة تنطوي ضمن هدف كل فرد في التنظيم،
27
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
انطالقا من مجموعة مصادر ،لذا يفسح المجال بين الفاعلين في السلطة التنظيمية واألفراد
القائمين على انجاز المهام في إطار لعبة السلطة ،بحيث تركز جماعة السلطة على استخدام
أساليب متنوعة استنادا إلى القانون بينما يعتمد القائمين على انجاز العمل تصميم استراتيجيات
سلوكية تمكنهم من تجاوز ضغط لغة القانون ،من خالل استغالل الثغ ارت ،ذلك ما يؤول بنا
نقول أن التنظيم ينتقل من الوضعية المنصوص عليها قانونيا إلى خطوط سلطوية أخرى يمكن
أن نسميها الحلقة المفرغة.
خاتمة:
يتشكل السلوك التنظيمي للعاملين في المنظمة انطالقا من جملة من المحددات الفردية النابعة
من الفرد ذاته المتمثلة في القيم واالتجاهات واإلدراكات التي يكونها تجاه المنظمة ،ومن طبيعة
العمل واألهداف التي تعمل على تحقيقها ،باإلضافة إلى جماعات العمل بمختلف أنواعها التي
تفرض على األفراد العاملين االندماج مع القيم التنظيمية التي تنتمي إليها،ويندرج سلوك األفراد
والجماعات ضمن الهيكل الرسمي الذي يقوم عليه التنظيم وما يفرزه من مبادئ التي تقتضي
التخصص وتقسيم العمل والقواعد والقوانين لضبط العالقات بين األفراد مقننة في شكل تعليمات
ولوائح التنظيمية تهدف إلى توحيد الجهود لتحقيق األهداف العامة ،إذ ينبع سلوك الفرد في المنظمة
من خلفية تصوره لممارسات السلطة اتجاه العاملين ،فيلجأ الفرد إلى تصميم سلوك أو فعل يظهر
في استراتيجيات متباينة يتجاوز من خاللها الضغوطات واألعباء ،وهذه السلوكيات مصدرها مكانة
ودور الفرد الناتجة عن الرتبة الوظيفية في المنظمة ومن طبيعة إدراكه للهدف الذي يتوافق مع قيمه
والمعتقدات التي كونها حول البنية التنظيمية ،وباعتبار أن المنظمة تركيب اجتماعي يمكن،أن
يتوقف سلوك األفراد والجماعات القائمين على انجاز العمل على نمط السلطة التنظيمية الذي يتبناه
الفاعلين فيها ،و ذلك ما يرمي إلى أ و يدفع األفراد أو الجماعات إلى االستعداد أو االلتزام بتحقيق
أهداف التنظيم أو السيرورة و الدينامية العشوائية التي ال تراعي وال تهتم بذلك ،و هذا ما يضفي
أن السمة األساسية للسلوك العمالي أنه متغير وليس ثابت لدى األفراد والجماعات أثناء إنجاز
العمل ولذا يتوجب على الفاعلين في السلطة والقائمين على العملية اإلشرافية مراعاة ظروف
العاملين بأسلوب يتماشى مع أهدافهم الخاصة ومع األهداف التنظيمية .
28
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
قائمة المراجع:
.1ناصر قاسمي ،2011،دليل مصطلحات علم اجتماع التنظيم والعمل ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،ص .76
.2نفسية محمد باشرى وآخرون ، 2007،السلوك التنظيمي ،كلية التجارة ،جامعة القاهرة،
ص.3
جغلولي يوسف ،2022،إدارة السلوك التنظيمي داخل الثقافة التنظيمية من منظور .3
سوسيولوجي ،مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية ،مجلد ،10العدد ،2ص .51
.4نعمة عباس لخفاجي ،طاهر محسن ألغالبي ،2019 ،نظرية المنظمة (مدخل التصميم )
دار اليازوري ،عمان ،األردن ،ص .16
.5إيهاب عيسى المصري ،طارق عبد الرءوف عامر ،2014 ،السلوك التنظيمي وسلوك
المنظمة ،المؤسسة العربية للعلوم والثقافة ،الطبعة األولى ،ص .105،106
.6ياسر أحمد عربيات 2008،مفاهيم إدارية حديثة ،دار الجنادرية للنشر والتوزيع ،ص
.137
.7ناصر قاسمي ،مصطلحات علم االجتماع التنظيم والعمل ،مرجع سابق ،ص .75
.8علي السلمي ،السلوك اإلنساني في اإلدارة ،دار غريب للطباعة ،القاهرة ،ص .156
.9كمال محمد المغربي ،2004،السلوك التنظيمي مفاهيم وأسس (سلوك الفرد والجماعة في
التنظيم ) دار الفكر للنشر والتوزيع،الطبعة الثانية ،عمان ،األردن ،ص .144،145
.10نفسية محمد باشري ،وآخرون ،السلوك التنظيمي ،مرجع سابق ،ص .66
.11منصور محمد إسماعيل ألعريقي ،2013 ،السلوك التنظيمي ،دار الكتاب الجامعي،
الطبعة الثانية ،صنعاء ،ص .74
.12كمال محمد المغربي ،السلوك التنظيمي مفاهيم وأسس (سلوك الفرد والجماعة في
التنظيم) ،مرجع سابق ،ص .160
.13طلق بن عوض اهلل السواط ،عبد اهلل الغني الطجم ،2003،السلوك التنظيمي (،المفاهيم ـ
النظرية ـ التطبيقات ) ،دار الحافظ للنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،جدة ،ص .97 . 96
.14نفسية محمد باشري وآخرون ،مرجع سبق ذكره ،ص .45
.15طارق عبد الرءوف عامر ،إيهاب عيسى المصري ،السلوك التنظيمي وسلوك المنظمة،
مرجع سابق ،ص .240
29
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
.16بوحفص عبد الكريم 2022،بوحفص ميالد ،السلوك التنظيمي (في ضوء المحددات
الفردية والجماعية والتنظيمية ) ،دار الخلدونية ،الطبعة األولى،ص .312
.17موسى اللوزي 2007،التنظيم واجراءات العمل ،دار وائل للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية،
عمان ،األردن ،ص .140
. 18مرجع نفسه ،ص .149
. 19بوحفص عبد الكريم ،بوحفص ميالد ،السلوك التنظيمي (في ضوء المحددات الفردية
والجماعية والتنظيمية ) ،مرجع سابق ،ص .313
.20بوحفص عبد الكريم ،بوحفص ميالد ،مرجع سابق ،ص .304
.21نزار أشريفة ،عبد الحميد الخليل ،2021،إدارة فرق العمل ،الجامعة االفتراضية السورية،
الجمهورية العربية السورية، ،ص . 55
.22أندرو دي وآخرون ،1991،السلوك التنظيمي واألداء ،ترجمة :جعفر أبو القاسم أحمد،
معهد اإلدارة العامة ،المملكة العربية السعودية ،ص .202
. 23موسى اللوزي ،التنظيم واجراءات العمل ،مرجع سابق ،ص .134
. 24مرجع نفسه ،ص .310
. 25ناصر قاسمي ،مرجع سبق ذكره ،ص .54
.26بوحفص عبد الكريم ،2017،تطور الفكر التنظيمي الرواد والنظريات ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الساحة المركزية بن عكنون ،الجزائر،ص . 31
عامر الكبيسي ،2004 ،الفكر التنظيمي (التنظيم الحكومي اإلداري بين التقليد .27
والمعاصرة ) ،دار الرضا للنشر ،الطبعة األولى ،دمشق ،سوريا ،ص .142
.28ماهر صبري درويش ،إبراهيم راشد الشمري2010 ،تفويض السلطة األسلوب األمثل لرفع
كفاءة األداء الوظيفي (دراسة ميدانية آلراء عينة من المدراء في الشركة العامة لصناعة األسمدة
المنطقة الوسطى ،الكوفة ) ،مجلة اإلدارة واالقتصاد ،العدد ، 82ص .65
.29عامر الكبيسي ،الفكر التنظيمي (التنظيم الحكومي اإلداري بين التقليد والمعاصرة) ،مرجع
سابق ،ص 148
.30محمد شاكر عصفور ،1987أصول التنظيم و األساليب ،دار الشروق للنشر والتوزيع
والطباعة ،الطبعة السابعة ،جدة ،ص .153
.31عبد الكريم بوحفص ،تطور الفكر التنظيمي الرواد والنظريات ،ص .57
. 32محمد شاكر عصفور ،أصول التنظيم و األساليب ،مرجع سابق ،ص .156
30
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
.33حامد ألسوادي عطية ،العملية اإلدارية (,معارف نظرية ومهارات تطبيقية )،ص 139
. 34عمر أحمد همشري ،2014 ،اإلدارة الحديثة للمكتبات ومراكز المعلومات ،دار صنعاء
للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية ،الجامعة األردنية ،ص .142
.35سيساوي فضيلة ،2021 ،نظريات التنظيم واإلدارة ،مؤسسة دار المفيد للنشر والتوزيع ،
ص.21
زكاز علي،2013 ،التنظيم غير الرسمي الوجه اآلخر للتنظيم الرسمي بالمنشأة . 36
الصناعية ،مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية ،مجلد ،1العدد ،1جامعة الجزائر ،ص .39
. 37سيساوي فضيلة ،نظريات التنظيم واإلدارة ،مرجع سابق ،ص .22
.38زكاز علي ،مرجع سابق ،ص .39،40
.39مرجع نفسه ،ص .40
.40مليكة بنت يحيى بن عبود البركاتي1424 .1423 ،ه ،ممارسة تفويض السلطة بين
الواقع واألهمية في مكاتب اإلشراف التربوي بمدينة مكة ،رسالة ماجستير في االدارة التربوية
والتخطيط ،كلية التربية بمكة ،جامعة أم القرى ،مكة ،ص 17و.18
.41طلعت إبراهيم لطفي(،بدون سنة نشر) ،علم اجتماع التنظيم ،دار غريب للطباعة والنشر
والتوزيع ،القاهرة ،ص .79،80
.42طلعت إبراهيم لطفي ،علم اجتماع التنظيم ،مرجع سابق ،ص .79
43ـ بلوم أسمهان ،2012 .2011 ،نسق السلطة التنظيمية وعالقتها بالوظائف التنفيذية
لنسق تسيير الموارد البشرية .دراسة ميدانية بالمؤسسة العمومية االقتصادية لألشغال
الطباعة دار الشهاب للطباعة والنشر ،أطروحة دكتوراه في علم االجتماع التنظيم والعمل ،
قسم علم االجتماع ،كلية العلوم االنسانية واالجتماعية ،جامعة باتنه ،الجزائر ،ص . 29
.44محمد المهدي بن عيسى 2010 ،علم اجتماع التنظيم (من سوسيولوجية العمل إلى
سوسيولوجية المؤسسة )،الجزائر ،مطبعة إمبابالست ،ص . 30
.45صالي إسماعيل ،عبد العزيز زواتني ،2021 ،ممارسات السلطة بين التنظيم البيروقراطي
والسلوك االستراتيجي في ضوء مقاربة ماكس فيبر ومشال كروزييه ،مجلة الباحث في العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،المجلد ،13العدد .2
.46محمد المهدي بن عيسى ،علم االجتماع التنظيم ،مرجع سابق ص .31
31
ممارسات السلوك التنظيمي للعاملين اتجاه السلطة بالمنظمة
د.سبخاوي حنان زهام بدرالدين
32