عقد الكفالة

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 75

‫تعتبر الكفالة إحدى التأمينات الشخص ية ال تي تق وم على ض م ذم ة إلى ذم ة ض مانا‬

‫للوفاء بالدين‪ ،‬وهي تختلف على التأمينات العينية التي تقوم على تخصيص مال معين لضمان‬

‫الوفاء بالدين‪ ،‬وتشترك التأمينات الشخصية مع التأمينات العينية في أنها تض من الوف اء بح ق‬

‫شخصي‪ ،‬سواء كان هذا الحق الشخصي ناش ئا عن اإلرادة (العق د واإلرادة المنف ردة) أو عن‬

‫العم ل غ ير المش روع أو عن اإلث راء بال س بب أو عن الق انون‪ ،‬وس واء ك ان مح ل الح ق‬

‫الشخصي إعطاء شيء أو عمل شيء أو االمتناع عن عمل شيء‪ ،‬ويبقى التأمين الشخصي أو‬

‫العي ني تابع ا للح ق الشخص ي ال ذي يض منه في ك ل ش يء‪ :‬في ص حته وبطالن ه‪ ،‬في بقائ ه‬

‫وانقضائه‪.‬‬

‫ويدخل في عداد التأمينات الشخص ية التض امن بين الم دينين‪ ،‬وع دم تجزئ ة ال دين‪،‬‬

‫وهي موضوعات تدرس مع أوصاف االلتزام‪ ،‬كم ا ي دخل ض من التأمين ات الشخص ية إناب ة‬

‫القاصرة حيث يبقى فيها المنيب ملتزما مع المناب‪ ،‬وهي تدرس ضمن وسائل انتقال وانقضاء‬

‫االلتزام والدعوى المباشرة وهي إحدى وسائل تقوية الضمان العام‪.‬‬

‫وأخيرا يعتبر من التأمينات الشخصية عقد الكفالة‪.‬‬

‫وقد كانت التأمينات الشخصية أسبق في الظهور من التأمينات العيني ة‪ ،‬وذل ك راج ع‬

‫إلى أن التأمين العيني يجب أن تسبقه فكرة الملكي ة والحق وق العيني ة إلى الظه ور‪ ،‬وأن يق وم‬

‫تنظيم قانوني لها‪ .‬وهذا أمر لم يتوافر في المجتمعات البدائية القديمة ألن ه يس تلزم ت وافر ق در‬

‫من الرقي والتمدن‪ ،‬ومن ناحية أخرى كان المدينون عادة هم الفقراء وليس ل ديهم م ا يق دمون‬

‫‪1‬‬
‫كتأمين عيني‪ ،‬أما التأمين الشخصي فكان من اليسير تقديم ه بض م ذم ة أح د أف راد القبيل ة أو‬

‫األسرة إلى ذمة المدين‪ ،‬وبعد ظهور التأمينات العينية طغت على التأمين ات الشخص ية بك ون‬

‫الضمان فيها أقوى‪ ،‬إذ يك ون ال دائن في م أمن من إعس ار الم دين وض منه‪ .1‬وتطل ق الكفال ة‬

‫أحيانا على التأمينات النقدية وهي في حقيقتها رهن حيازة وليست كفالة‪.2‬‬

‫وقد تعرض قانون االلتزامات والعقود ألحك ام الكفال ة في القس م العاش ر من الكت اب‬

‫الثاني منه‪ ،‬وخصها بالفصول (‪ 1117‬إلى ‪.)1169‬‬

‫‪ - 1‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪ 13 :‬و ‪.14‬‬


‫‪ - 2‬جمال زكي‪ ،‬التأمينات الشخصية والعينية‪ ،‬فقرة ‪.12‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫ماهية الكفالة‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الكفالة وخصائصها‬


‫أ – التعريف في الفقه اإلسالمي‬

‫وتسمى الكفالة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬بالضمان والحمالة‪ ،‬والضمان في اللغة‪ :‬التزام م ا‬

‫في ذمة الغير‪ ،‬وهو مشتق من الضمن‪ ،‬ألن الذمة من ضمن البدن‪ ،‬وفي معناه الكفال ة‪ ،‬يق ال‪:‬‬

‫كفل فالن فالنا بمعنى ضمه إليه‪ ،‬ومنه قوله تع الى‪ " :‬وكفله ا زكري اء" أي ض مها إلى نفس ه‬

‫ليعولها‪ ،‬ويقوم بتربيتها‪ ،‬والكفالة مصدر كفل (بفتح الفاء وض مها وكس رها) يق ال‪ :‬كف ل كفال‬

‫وكفوال وكفالة‪ ،‬ويتعدى بالباء‪ ،‬يقال‪ :‬كفلت بفالن‪ ،‬وقد يتع دى بعن إذا بعن إذا تعل ق بال ديون‪،‬‬

‫فيقال‪ :‬كفلت عن المديون‪ ،‬ويتعدى بالالم إذا تعلق بالدائن‪ ،‬فيقال‪ :‬كفلت للدائن‪.‬‬

‫وفي االصطالح‪ ،‬قال المالكية‪ :‬الضمان والكفالة والحمالة بمعنى واحد وهو أن يشغل‬

‫صاحب الحق ذمة الضامن مع ذمة المضمون‪ ،‬سواء كان شغل الذمة متوقفا على ش يء أو لم‬

‫يكون متوقفا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫والضامن غ ارم لم ا ص ح عن ه ص لى هللا علي ه وس لم أن ه ق ال‪ " :‬ال زعيم غ ارم"‪،‬‬

‫والزعيم هو الكفيل‪ ،‬ولكن ليس لصاحب الحق أن يأخ ذ من الض امن إال عن د تع ذر االس تيفاء‬

‫من الغريم‪.‬‬

‫والكفال ة مش روعة في اإلس الم‪ ،‬وأنه ا من دوب إليه ا‪ ،‬وق د اس تدل العلم اء على‬

‫مشروعيتها بالكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬

‫أما الدليل من القرآن الكريم‪ ،‬فقول ه تع الى حكاي ة عن يوس ف علي ه الس الم‪ " :‬ولمن‬

‫جاء به حمل بعير وأنابه زعيم " قال ابن عباس رضي هللا عنه‪ :‬الزعيم الكفيل‪.‬‬

‫وأما الدليل من السنة‪ ،‬فأحاديث‪ ،‬منها‪ :‬ما رواه الحاكم من أنه صلى هللا عليه وسلم‪" :‬‬

‫تحمل عن رجل عشرة دنانير"‪.3‬‬

‫والحكم ة من مش روعية الكفال ة‪ ،‬حاج ة الن اس إلي ه فإن ه ق د ال يطمئن الب ائع إلى‬

‫المش تري فيحت اج إلى من يكلف ه ب الثمن‪ ،‬أو ال يطمئن المش تري إلى الب ائع‪ ،‬فيحت اج إلى من‬

‫يكفله في المبيع‪.‬‬

‫والضمان والكفالة والحمالة بمع نى واح د في م ذهب المالكي ة – كم ا س بق الق ول –‬

‫وينقسم الضمان عندهم إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬ضمان المال‪ ،‬فإذا ضمن ش خص شخص ا آخ ر في م ال‪ ،‬فإن ه ذم ة الض امن‬

‫تشغل بذلك المال كما شغلت به ذمة األصل بدون أن يتوقف على أمر آخر‪.‬‬

‫‪ - 3‬المغني‪ ،‬ج‪ ،4‬صفحة‪.480 :‬‬

‫‪4‬‬
‫الثاني‪ :‬ضمان الوجه‪ ،‬وهو التزام اإلتيان بالغريم الذي عليه الدين عند الحاج ة‪ ،‬وفي‬

‫هذا القسم ال يصح الضمان في غير المال‪ ،‬وال تش غل ذم ة الض امن بالم ال إال إذا لم يحض ر‬

‫المديون‪ ،‬أما إذا أحضره فال يلزم بالدين‪ ،‬ففي هذا القسم يتوقف شغل الذم ة ب الحق على ع دم‬

‫إحضار المضمون‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬ضمان الطلب‪ ،‬وهو أن يلتزم الضامن من طلب الغريم والتفتيش على المال‪،‬‬

‫وال تشغل ذمة الضامن بالمال إال إذا ثبت تفريطه في اإلتي ان بالمض مون أو في الدالل ة علي ه‬

‫بأن علم موضعه وتركه‪ .‬ويشترط للكفال ة ش روط‪ ،‬بعض ها يتعل ق ب المكفول عن ه‪ ،‬وبعض ها‬

‫يتعلق بالكفيل‪ ،‬وبعضها يتعلق بالمال المكفول به‪ ،‬وبعضها يتعل ق بالص يغة‪ ،‬كم ا س نرى من‬

‫أحكام الكفالة فيما سيأتي ‪:‬‬

‫ب‪ -‬التعريف في قانون االلتزامات والعقود المغربي‬

‫يعرف المشرع المغ ربي الكفال ة في الفص ل ‪ 1117‬بقول ه‪ " :‬الكفال ة عق د بمقتض اه‬

‫يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين‪ ،‬إذا لم يؤده هذا األخير نفسه"‪.‬‬

‫ويعرفه القانون المدني المصري في المادة ‪ 772‬بقوله‪ " :‬الكفالة عقد بمقتض اه يكف ل‬

‫شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا االلتزام إذا لم يف به المدين نفسه"‪.‬‬

‫ويؤخذ من هذا التعريف‪ ،‬أن الكفالة هي عقد بين الكفيل والدائن‪ ،‬أما المدين األص لي‬

‫فليس طرفا في عقد الكفالة بل إن كفالة الم دين تج وز بغ ير علم الم دين‪ ،‬وتج وز أيض ا رغم‬

‫معاوضته‪ .‬والذي يهم في الكفالة هو التزام هذا المدين‪ ،‬إذ أن ه ذا االل تزام ه و ال ذي يض منه‬

‫الكفيل‪ ،‬فيجب أن يكون مذكورا بوضوح ودقة في عقد الكفالة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وهذا االلتزام المكفول أكثر ما يكون مبلغا من النقود‪ ،‬وقد يك ون إعط اء ش يء غ ير‬

‫النقود‪ ،‬كما قد يكون عمال أو امتناعا عن عمل‪ ،‬فإذا لم يكن االلتزام المكفول مبلغا من النق ود‪،‬‬

‫ضمن الكفيل ما عسى أن يحكم على المدين األصلي من تعويض من ج راء إخالل ه ب االلتزام‬

‫بإعطاء شيء غير النقود أو من جراء إخالله بااللتزام بعمل أو باالمتن اع عن عم ل‪ .‬فالكفال ة‬

‫إذن تفترض وجود التزام مكفول‪ ،‬وهذا االلتزام يفترض وج ود م دين أص لي ب ه ودائن‪ .‬كم ا‬

‫تفترض الكفالة وجود عقد بين الكفيل والدائن بااللتزام األصلي المكف ول بموجب ه يفي الكفي ل‬

‫بهذا االلتزام إذا لم يف به المدين األص لي‪ .‬فالكفال ة ت رتب التزام ا شخص يا في ذم ة الكفي ل‪،‬‬

‫والتزام الكفيل هذا تابع لاللتزام األصلي‪ ،‬كما سنرى في خصائص الكفالة‪.‬‬

‫‪ -‬خصائص الكفالة‬

‫ويخلص من التعريف المذكور‪ ،‬أن للكفالة خصائص‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫عقد الكفالة عقد رضائي‪ ،‬ينعقد بمج رد التراض ي م ا بين الكفي ل وال دائن‪ ،‬فال‬ ‫‪-1‬‬

‫خاصة في انعقاده إلى شكل خاص‪ .‬ب ل تنعق د الكفال ة بمج رد التراض ي‪ ،‬وتثبت بالكتاب ة أو‬

‫باإلقرار أو باليمين‪ .‬ولو كانت الكفال ة عق دا ش كليا ال تنعق د إال بالكتاب ة‪ ،‬لم ا انعق دت إذا لم‬

‫توجه الكتابة‪ ،‬ولما جاز إثباتها باإلقرار أو باليمين‪ ،‬ألن غير المنعقد ال يجوز إثباته أصال‪.4‬‬

‫وعقد الكفالة عقد ملزم بجانب واحد‪ ،‬وهو جانب الكفيل‪ ،‬فالكفيل وحده هو الذي‬ ‫‪-2‬‬

‫يلتزم بعقد الكفالة بوفاء الدين للدائن إن لم يف به المدين األصلي‪ ،‬أما الدائن فال يل تزم ع ادة‬

‫بشيء نحو الكفيل‪ ،‬وهذا هو األص ل‪ ،‬ولكن ذل ك ال يمن ع من أن تك ون الكفال ة عق دا ملزم ا‬

‫‪ - 4‬الوسيط‪ ،‬ج‪ 5 .‬صفحة‪.517 :‬‬

‫‪6‬‬
‫للجانبين إذا التزم الدائن نحو الكفيل بدفع مقابل في نظير كفالته للدين‪ ،‬فيصبح كل من الكفيل‬

‫والدائن ملتزما نحو اآلخر‪ ،‬ويكون عقد الكفالة في هذه الحالة ملزما للجانبين‪.‬‬

‫وإذا كان المدين هو الذي يلتزم بدفع مقابل للكفيل كما يق ع أحيان ا‪ ،‬وبخاص ة إذا ك ان‬

‫أحد المصارف هو الذي يقدم كتاب ضمان للمدين‪ ،‬فيكون له ويتقاضى أجرا على كفالته‪ ،‬ف إن‬

‫الكفالة تبقى مع ذلك عقدا ملزما بجانب واحد‪ ،‬ألن المدين ليس بطرف في الكفال ة‪ ،‬ب ل طرف ا‬

‫الكفالة هما الكفيل والدائن‪ ،‬والكفيل وح ده دون ال دائن ه و المل تزم‪ ،‬ولكن ذل ك يجع ل الكفي ل‬

‫مأجورا والكفالة عقد معاوضة ال عقد تبرع‪ ،‬ألن الكفيل متى أخذا أجرا ولو بغير موجب عق د‬

‫الكفالة يكون مأجورا‪.‬‬

‫والكفالة في العادة عقد تبرعي بالنسبة إلى الكفيل‪ ،‬فالكفيل بت برع ع ادة بكفالت ه‬ ‫‪-3‬‬

‫للدين‪ .‬أما بالنسبة إلى الدائن المكفول فالكفالة عقد معاوضة‪ ،‬ألن الدائن حصل على كفال ة في‬

‫مقابل إعطاء الدين‪ ،‬وإذا كان الدائن قد أعطى الدين للمدين ال للكفي ل والم دين ليس طرف ا في‬

‫عقد الكفالة‪ ،‬فإنه ليس من الضروري في عقود المعاوضة أن يكون الع وض ق د أعطى ألح د‬

‫المتعاقدين‪ ،‬بل يكفي إعطاؤه للغير وهو هنا المدين‪ .‬والعقد الواحد قد يكون معاوض ة بالنس بة‬

‫إلى أحد المتعاقدين‪ ،‬وتبرع ا بالنس بة إلى المتعاق د اآلخ ر‪ ،‬كم ا أن الت برع ال يش ترط في ه أن‬

‫يكون المتبرع قد تبرع للمتعاقد اآلخر وعقد الكفالة هو المثل على ذلك‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد تكون الكفالة عقد ومعاوض ة بالنس بة إلى الكفي ل نفس ه‪ ،‬فيأخ ذ ه ذا مق ابال‬

‫لكفالته الدين‪ ،‬وهذا المقابل إما أن يأخذه الدائن المتعاقد معه فيكون العوض م أخوذا من الغ ير‬

‫وهو المدين‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ولكن الصورة المألوف ة هي أن تك ون عق دا تبرعي ا بالنس بة إلى الكفي ل‪ ،‬ألن ه ذا ال‬

‫يأخذ عادة مقابال لكفالته الدين ال من الدائن وال من المدين‪ ،‬وعلى ذلك يشترط في الكفيل عادة‬

‫أهل التبرع‪ ،‬كما يجوز الطعن في الكفالة بالدعوى البوليصية دون أن يشترط تواطؤ الكفيل ال‬

‫مع الدائم وال مع المدين‪.‬‬

‫والكفالة عقد تابع‪ ،‬إذ أن التزام الكفيل يعتبر حتما تابعا اللتزام المدين األصلي‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫أما إذا التزم المسؤول عن دين الغير التزاما أص ليا ال التزام ا تابع ا‪ ،‬فإن ه ال يك ون كفيال ب ل‬

‫يكون مدينا أصليا التزامه مستقل عن التزام المدين‪ .‬ويتفرع عن أن التزام الكفي ل ال تزام ت ابع‬

‫اللتزام المدين األصلي‪ ،‬أن االلتزام األول ال يجوز أن يزيد على االلتزام األخر‪ ،‬أو أن يك ون‬

‫أشد عبئا‪ ،‬أو أن يبقى قائما بعده‪ ،‬كذلك ال يجوز أن يكون التزام الكفي ل منتج ا إذا ك ان ال تزام‬

‫المدين األصلي معلق ا على ش رط أو مقترن ا بأج ل‪ ،‬وال منتج ا لفوائ د إذا ك ان ال تزام الم دين‬

‫األصلي ال ينتج فوائد ما‪ .‬ويتبع التزام الم دين األص لي في ص حته وفي بطالن ه‪ ،‬وفي قابلتي ه‬

‫للفسخ‪ ،‬وفي الدفوع التي يدفع بها المدين‪ ،‬ولكن يجوز للكفيل أن يل تزم أخ ف عبئ ا من ال تزام‬

‫المدين األصلي‪ ،‬فيكفل مثال جزءا من الدين‪ ،‬وك ذلك ال يكف ل الكفي ل م ا زاد في عبء ال دين‬

‫األصلي بعد الكفالة بإرادة المدين األصلي‪ ،‬أو بسبب خطئه‪. 5‬‬

‫وهذا ما جاء به‬

‫" من كفل شخصا بأن يداين أحدا من الغير متعهدا بالمس ؤولية عن ه ‪،‬ض من بص فته‬

‫كفيال االلتزامات المعقودة من هذا الغير في حدود المبلغ الذي يعينه‪.‬‬

‫‪ - 5‬الوسيط‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪. 24 – 28 :‬‬

‫‪8‬‬
‫فإن لم يعين الكفيل ح دا لم ا يض منه‪ ،‬فإن ه ال يس أل إال في ح دود المبل غ ال ذي يب دو‬

‫معقوال مع مراعاة الشخص الذي منحت له الكفالة‪ .‬يس وغ الرج وع عن التكلي ف الس ابق‪ ،‬م ا‬

‫دام الشخص المكلف لم يبدأ بتنفيذه وال يمكن إثبات التكليف إال بالكتابة" ‪.‬‬

‫واعتبار تكليف شخص شخصا آخر بأن يث ق في أح د من الغ ير متعه دا بالمس ؤولية‬

‫عنه‪ ،‬بمثابة الكفالة‪.‬‬

‫اعتبر المشرع في الفصل ‪ 118‬من قانون االلتزامات والعق ود موض وع الش رح‪ ،‬أن‬

‫حكم تكليف شخص شخصا آخر بأن يثق في أحد من الغ ير متعه دا بالمس ؤولية عن ه‪ ،‬بمثاب ة‬

‫الكفالة‪ ،‬وحكم ذلك حكم الكفالة‪.‬‬

‫فهذا النص يفترض أن الكفيل هو الذي طلب إلى الدائن تقديم الدين‪ ،‬وتعهد للدائن بأن‬

‫يكون هو مسؤوال عن هذا الدين‪ ،‬ويشرط أن يكون المبلغ الذي يض منه مح ددا‪ ،‬ف إن لم يح دد‬

‫المبلغ‪ ،‬كان مسؤوال في حدود المبل غ ال ذي يب دو معق وال‪ ،‬ويش مل ه ذا الحكم الكفال ة في دين‬

‫حال أو في دين مستقبل‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬ف إن اش ترى زي د مثال بض اعة من عم رو‪ ،‬وكل ف‬

‫سعد عمرا البائع بأن يسلم البضاعة لزيد المشتري متعهدا بأن يدفع هو ثمن البض اعة المبيع ة‬

‫إذا لم يدفعه زيد المشتري‪ ،‬فإن سعدا يعتبر إذا صدر عن ه ه ذا التكلي ف كفيال لزي د‪ ،‬ويض من‬

‫بهذا الدفع تنفيذ التزامات هذا األخير من حيث تأدية الثمن‪ .‬وهذا الحكم ه و المنص وص علي ه‬

‫في الفقرة األولى من الفصل ‪.1118‬‬

‫‪9‬‬
‫وقد يحصل أن يجري التكليف دون تعيين حد لما يضمنه الكفي ل‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة ال‬

‫يسأل الكفيل إال في حدود المبلغ الذي يبدو معقوال مع مراعاة الش خص ال ذي منحت الثق ة ل ه‬

‫(الفقرة الثانية من الفصل ‪.)1118‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن من كلف آخر بأن يثق في أحد من الغير‪ ،‬يس وغ ل ه الرج وع‬

‫عن ه ذا التكلي ف طالم ا أن المكل ف يمنح الثق ة لم يب دأ بتنفي ذ التكلي ف الفق رة ‪ 3‬من الفص ل‬

‫‪.1118‬‬

‫ثم يجب االنتباه إلى أن التكليف المذكور ال يمكن إثبات ه إال بالكتاب ة (الفق رة األخ يرة‬

‫من الفصل ‪.)1118‬‬

‫ويخلص من النص المغربي‪ ،‬أن الكتابة ضرورية إلثبات التزام الكفيل‪ ،‬ولكنه ا غ ير‬

‫ضرورية النعق اد الكفال ة‪ ،‬والكتاب ة ض رورية إلثب ات ال تزام الكفي ل ح تى ل و ك ان االل تزام‬

‫المكفول يثبت بالبينة‪ ،‬بأن مثال ‪ 250‬درهما فأقل‪ ،‬كذلك الكتاب ة الزم ة إلثب ات ال تزام الكفي ل‬

‫ولو كان هذا االلتزام ‪ 250‬درهما‪ ،‬ولكن الكفيل لم يكفل من ه ‪ 2000‬درهم فأق ل‪ .‬ويق وم مق ام‬

‫الكتابة مبدأ الثبوت بالكتابة‪ ،‬كما يجوز اإلثبات بالبينة إذا وجد مانع يحول دون الحصول على‬

‫دليل كتابي‪ ،‬أو إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي ال يد له فيه‪ .‬كذلك يجوز إثبات الكفالة‬

‫باإلقرار واليمين‪ ،‬وهذان طريقان لإلثبات‪ ،‬جائزان حيث يجب اإلثبات بالكتابة‪.6‬‬

‫والسبب الذي دعا المشرع المغربي إلى التشدد في إثبات رضاء الكفي ل بالكتاب ة ه و‬

‫نفس السبب الذي دعا المشرع الفرنسي إلى اشتراط أن يكون رضاء الكفيل صريحا‪ :‬خطورة‬

‫‪ - 6‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪.79 :‬‬

‫‪10‬‬
‫الكتابة‪ ،‬وضرورة التروي قب ل اإلق دام عليه ا‪ .‬واإلثب ات بالكتاب ة ض روري فيم ا بين الكفي ل‬

‫والدائن‪ ،‬أما فيم ا بين الكفي ل والم دين‪ ،‬عن دما يري د األول الرج وع على الث اني بع د أن يفي‬

‫بااللتزام‪ ،‬فال تشترط الكتابة‪ ،‬ويخض ع اإلثب ات هن ا للقواع د العام ة‪ ،‬فيج وز اإلثب ات بالبين ة‬

‫والقرائن‪ ،‬إذا كان رجوع الكفيل على المدين ب ‪ 250‬درهما فأقل ‪.‬‬

‫ويجب أن تكون الكتابة ثابتة التاريخ ح تى يج وز االحتج اج به ا على الغ ير كم ا إذا‬

‫وفي الكفيل الدين وحل محل ال دائن في رهن رس مي مثال وك ان هن اك دائن م رتهن ت ال في‬

‫المرتبة‪.7‬ومن أحكام المجلس األعلى سابقا ما ورد في قرار له كما يأتي‪:‬‬

‫" القرار القاضي على األطراف بأداء مب الغ تتج اوز ح دود المبل غ المح دد في عق د‬

‫الكفالة يكون خارقا لمقتضيات الفصلين ‪ 230‬و ‪ 118‬من ق ل ع ومعرض ا بالت الي للنقض في‬

‫حدود ما زاد على مبلغ الكفالة"‪.8‬‬

‫هذا‪ ،‬والكفالة على أربعة أنواع ‪:‬‬

‫النوع األول‬

‫كفالة اتفاقية‪ ،‬أي تتم بناء على اتفاق س ابق بين الكفي ل والم دين على أن يكف ل األول‬

‫الثاني‪ ،‬أو بين الكفيل والدائن‪.‬‬

‫النوع الثاني‬

‫‪ ، - 7‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ 10‬صفحة‪.75-74‬‬


‫‪ - 8‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 21/2/01‬تحت عدد ‪ 430‬في الملف التجاري عدد ‪ 6/1/97‬منشور بمجلة‬
‫المحاكم المغربية عدد ‪ 98‬ص‪ 124 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كفالة قانونية‪ :‬ينص القانون على تقديمها في حاالت معينة‪ ،‬كضمان لاللتزام‪ ،‬مثاله ا‪:‬‬

‫ما نص عليه الفصل ‪ 583‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ففي هذه الحال ة يطل ق على الكفال ة‬

‫اسم الكفالة بمقتضى القانون أو الكفالة القانونية ويعرف الكفيل باسم‪ :‬الكفيل القانوني‪.‬‬

‫النوع الثالث‬

‫كفالة قضائية‪ :‬يسمح القانون للقاضي بأن يلزم بها أحد األطراف في الدعوى ض مانا‬

‫اللتزام عليه‪ ،‬كما لو حكمت بتنفي ذ حكم رغم قابليت ه لالس تئناف بش رط أن يق دم المحك وم ل ه‬

‫كفالة‪ .‬ففي هذه الحالة يطلق عليها اسم الكفالة بمقتضى حكم من القضاء أو الكفال ة القض ائية‪،‬‬

‫ويعرف الكفيل باسم الكفيل القضائي‪.‬‬

‫النوع الرابع‬

‫كفال ة ممنوع ة أو مرفوض ة‪ :‬وهي عكس الكفال ة القانوني ة‪ ،‬ألن المش رع نص على‬

‫ع دم جوازه ا‪ ،‬مثاله ا‪ :‬م ا نص علي ه الفص ل ‪ 303‬من ق انون االلتزام ات والعق ود‪ ،‬من أن‬

‫عرض تقديم كفيل أمام المحكمة ال يكفي لتحرير الشيء المنقول المرهون رهنا حيازي ا‪ ،‬رغم‬

‫هذا النص ال يوجد ما يمنع األطراف منن االتفاق على تحرير الشيء المره ون بتق ديم كفي ل‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬إن الممنوع هنا هو أن تقب ل المحكم ة ه ذه الكفال ة من الم دين ب دون رض ى‬

‫الدائن‪ .‬ولذلك يمكن أن نسميها أيضا بالكفالة القضائية الممنوعة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تكوين عقد الكفالة‬


‫" ال يجوز ألحد أن يكفل دينا ما لم يكن متمتعا بأهلية التفويت على سبيل التبرع ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وال تجوز الكفالة من القاصر ولو أذنه أبوه أو وص يه إذا لم تكن ل ه أي ة مص لحة في‬

‫موضوع الكفالة "‪.‬‬

‫‪ -‬أهلية الكفيل‬

‫يخضع عقد الكفالة لش روط ص حة العق د عام ة‪ ،‬على أن ثم ة ش روطا خاص ة يجب‬

‫توافرها‪ ،‬سواء من حيث أهلية الكفيل‪ ،‬أم من حيث االلتزام المضمون بالكفالة‪.‬‬

‫فمن حيث األهلي ة‪ ،‬أوجب المش رع في الفص ل ‪ 1119‬موض وع الش رح‪ ،‬أن يك ون‬

‫الكفيل متمتعا بأهلية التصرف على سبيل التبرع‪ ،‬ومنع على القاصر أن يعق د كفال ة ح تى ل و‬

‫أذنه وليه أو وصيه إذا لم تكن له أية مصلحة في الدين المكفول‪.‬‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬ولما كان الكفيل يلتزم عادة متبرعا‪ ،‬فإنه يجب أن يكون متوفرا فيه أهلية‬

‫التبرع‪ .‬فالكفيل المتبرع كالمقرض المتبرع الذي يتقاض ى فائ دة على الق رض‪ ،‬كالهم ا يجب‬

‫أن تتوافر فيه أهلية التبرع‪ .‬وعلى ذلك ال يجوز للقاص ر وال للمحج ور علي ه أن يكف ل الغ ير‬

‫متبرعا‪ ،‬وإذا كفل كانت الكفال ة باطل ة‪ ،‬ب ل يج وز لألب أو الوص ي أو المق دم أن يعق د باس م‬

‫القاص ر أو المحج وز علي ه ول و ب إذن المحكم ة‪ ،‬إال ل واجب إنس اني أو ع ائلي أو ك انت ل ه‬

‫مصلحة في موضوع الكفال ة‪ ،‬فال ب د إذن للكفي ل المت برع أن يك ون بالغ ا س ن الرش د‪ ،‬غ ير‬

‫محجوز عليه‪.‬‬

‫أما إذا كانت الكفالة بمقابل‪ ،‬س واء ك ان المقاب ل من الم دين أو ال دائن‪ ،‬وه ذا ن ادرا‪،‬‬

‫فيجب في الكفيل أهلية التصرف ال أهلية الت برع‪ ،‬وذل ك قياس ا على المق ترض بفائ دة‪ ،‬وعلى‬

‫ذلك ال يجوز للقاصر وال للمحجور عليه أن يكفل‪ ،‬ألنه ال يمل ك أهلي ة التص رف‪ ،‬وق د يمل ك‬

‫‪13‬‬
‫أهلية اإلرادة ولكن الكفالة من أعمال التصرف ال من أعمال اإلرادة‪ ،‬وإذا كف ل ك انت الكفال ة‬

‫قابلة لإلبطال إلى أن تجاز‪ .‬ولكن يجوز للوالي أو الوصي أو المقدم أن يعقد كفالة بمقابل باسم‬

‫القاصر أو المحجوز عليه‪ ،‬على أن يكون ذلك بالنسبة إلى الوصي أو المق دم ب إذن المحكم ة‪،‬‬

‫وغني عن البيان أن اإلنسان إذا بلغ سن الرشد غير محجور عليه‪ ،‬فإنه يمل ك الكفال ة بمقاب ل‪،‬‬

‫ألنه يملك الكفالة التبرعية فأولى أن يملك الكفالة بمقابل‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬رأينا أن األصل أن تكون الكفالة تبرعية بال أجر‪ ،‬ولذا يك ون ال تزام‬

‫الكفيل تبرعا‪ ،‬ويجب أن تتوافر فيه أهلية التصرفات الض ارة ض ررا محض ا‪ ،‬أي بل وغ س ن‬

‫الرشد وإال كان التزامه باطال‪ .‬أما إذا كانت الكفالة بأجر‪ ،‬فإنها تصبح من التص رفات ال دائرة‬

‫بين النفع والضرر‪ ،‬فإذا أبرمها المميز كانت قابلة لإلبط ال لمص لحته‪ .‬أم ا ال دائن فتكفي في ه‬

‫أهلية التعاقد ألنه يستفيد من الكفالة التبرعية‪ ،‬وتلزم فيه أهلية التصرف إذا أعطى الكفيل أجرا‬

‫عن كفالته‪ .‬فإذا قبل الكفالة دائن مميز أو سفيه بدون أجرا‪ ،‬فهي تصرف نافع ل ه نفع ا محض ا‬

‫فتصح‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وتجوز الكفالة باسم الشخص المعنوي من المفوض له بذلك‪ ،‬سواء كانت الكفالة‬

‫بمقابل أو بغير مقابل‪ ،‬ويجوز للشريك كامل األهلية أن يكفل الش ركة ال تي ه و ش ريك فيه ا‪،‬‬

‫كما يجوز للشركة أن تكفله‪.‬‬

‫وإذا أعطى الكفيل توكيال لشخص بكفالته‪ ،‬وجب أن يكون التوكيل خاصا ومحددا أي‬

‫مذكورا فيه التوكيل في الكفالة إذا كانت الكفالة تبرعية‪ ،‬أو وجب أن يكون التوكيل خاص ا إذا‬

‫‪14‬‬
‫أخذ الكفيل مقابال لكفالته‪ .‬والتوكيل في الكفال ة المدني ة ال تتض من التوكي ل في كفال ة تجاري ة‬

‫كالضمان االحتياطي‪ ،‬كما أن التوكيل في كفالة تجارية ال تتضمن التوكيل في كفالة مدنية‪.9‬‬

‫– التراضي بين الكفيل والدائن‪:‬‬

‫ولما كانت الكفالة عقدا بين الكفيل والدائن كم ا ق دمنا‪ ،‬فإنه ا تقتض ي التراض ي بين‬

‫الكفيل والدائن‪ ،‬فيتفق االثنان على أن الكفيل يكف ل الم دين األص لي‪ .‬وال يكفي رض اء الكفي ل‬

‫وحده‪ ،‬بل يجب أيضا حتى يتم العقد من رضاء الدائن بالكفالة ولو رضاء ضمنيا‪ ،‬وذلك ح تى‬

‫لو كان الكفيل متبرعا بكفالته كما هو الغالب‪ ،‬وذلك كعقد الهبة ال بد فيه من رضاء الموه وب‬

‫له‪.‬‬

‫أما رض اء الكفي ل فج وهري‪ ،‬ألن الكفي ل ه و ال ذي يل تزم بعق د الكفال ة‪ ،‬وال ب د أن‬

‫يرضى الكفيل بالكفال ة‪ ،‬ويع بر عن ه ذا الرض اء تعب يرا واض حا‪ ،‬فبمج رد توص ية ش خص‬

‫للدائن بأن يثق بمدينه ألن هذا المدين مليء وألنه يبادر إلى تنفيذ التزامه‪ ،‬حتى لو ك انت ه ذه‬

‫التوصية قد أتت بع د س ؤال ال دائن ه ذا الش خص عن حال ة الم دين‪ ،‬ال يع د رض اء من ه ذا‬

‫الشخص بكفالة المدين‪ ،‬إذ ال بد من أن يرضى هذا الش خص بكفال ة الم دين رض اء واض حا‪،‬‬

‫وأن يعقد مع الدائن عقد كفالة‪.‬‬

‫ورضاء الكفيل بالكفالة رضاء واضحا ال يجعل فحس ب الكفي ل ملتزم ا بكفالت ه‪ ،‬ب ل‬

‫أيضا يميز الكفيل عن مدين أصلي التزم مع المدين األصلي بالتضامن‪ ،‬وذلك ح تى ل و ال تزم‬

‫‪ - 9‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪.81 :‬‬

‫‪15‬‬
‫الكفيل بالتضامن مع المدين األصلي‪ ،‬فهناك فرق بين الكفي ل المتض امن م ع الم دين والم دين‬

‫األصلي المتضامن مع مدين أصلي آخر‪.10‬‬

‫كفالة االلتزام الصحيح‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ال يجوز أن تقوم الكفالة إال إذا وردت على إلتزام صحيح‬ ‫‪-‬‬

‫ذلك أن الكفالة تتسم بطابع تبعي‪ ،‬كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬فتتوق ف ص حتها على‬

‫صحة االلتزام األصلي الذي خصصت الكفالة لضمانه‪ ،‬فإذا ك ان االل تزام األص لي ب اطال أو‬

‫قابال لإلبطال‪ ،‬كانت الكفالة أيضا باطلة أو عرضة لإلبطال‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬أوضح الفصل ‪ 1120‬موض وع الش رح‪ ،‬أن ه ال يمكن للكفال ة أن توج د إال إذا‬

‫ارتكزت على التزام صحيح ‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 776‬من القانون المدني المصري على أنه‪ " :‬ال يكون الكفالة صحيحة‬

‫إال إذا كان االلتزام المكفول صحيحا‪.‬‬

‫وااللتزام المكفول هو االلتزام األصلي الواقع على عاتق المدين‪ .‬وهذا االلتزام غالب ا‬

‫ما يكون موضوعه أداء مبلغ من النقود‪ ،‬س واء ك ان ه ذا المبل غ واجب ا كثمن في عق د بي ع أو‬

‫أجرة في عقد كراء أو أجرا في عق د مقاول ة أو مبلغ ا مقرض ا إلى الم دين‪ .‬وق د يك ون ال دين‬

‫المكفول تعويضا عن عمل غير مشروع أو ردا إلثراء ال سبب ل ه‪ ،‬أو دين ا ال زم ب ه الق انون‬

‫شخصا فقدم كيال يضمنه في الوفاء به‪.‬‬

‫‪ - 10‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪.74 :‬‬

‫‪16‬‬
‫وال يوجد ما يمن ع أن يك ون االل تزام المكف ول التزام ا بعم ل أو بامتن اع‪ ،‬أو التزام ا‬

‫بإعطاء شيء غير النقود‪ ،‬فقد يتعهد صانع يعمل بعض قطع األث اث ويكفل ه في ذل ك ش خص‬

‫آخر‪ ،‬كان يتقدم أحد زمالئه الصناع متعهدا بص نع ه ذا األث اث إذا لم يقم ب ه المل تزم‪ ،‬أو ب أن‬

‫يدي ثمن هذا اإلثبات كتعويض‪ .‬وقد يل تزم ص احب مص نع لجيران ه بع دم تش غيل آالت ه بع د‬

‫الرابعة مساء حرصا على راحتهم‪ ،‬ويكفله في ذلك شخص آخ ر متعه دا ب دفع التع ويض عن‬

‫اإلخالل بهذا االلتزام‪ .‬وقد يتعهد تاجرا ببيع سلعة معينة ويكفله تاجرا آخر متعهدا بتق ديم مث ل‬

‫هذه السلعة إذا لم يقم التاجر األول بذلك‪ .‬وهكذا‪.‬‬

‫وااللتزام األصلي الصحيح هو الذي تجوز كفالته‪ ،‬ومعنى ه ذا أن ه إذا ك ان االل تزام‬

‫األصلي باطال‪ ،‬فال تجوز كفالته‪ ،‬غير أن هناك تفصيال يجب بيانه في هذه المس الة‪ .‬ذل ك أن ه‬

‫إذا التزم شخص بأن يؤدي دينا على شخص أخر ولو كان هذا االلتزام باطال‪ ،‬فإنه يلتزم به ذا‬

‫لكي يؤمن الدائن الدائن ضد خطر التمس ك ببطالن ال دين‪ ،‬ول ذلك ال يعت بر كفيال‪ ،‬ب ل يعت بر‬

‫مدينا أصليا تعهد بأداء دين على غيره إذا تمسك ه ذا الغ ير ببطالن التزام ه‪ .‬ول ذلك ال يعت بر‬

‫التزامه باطال كالتزام المدين األصلي ‪.‬‬

‫وعلى خالف ذلك‪ ،‬من يتقدم لكفالة التزام على غيره‪ ،‬فإن التزامه بالكفالة يكون تابعا‬

‫اللتزام المدين األصلي‪ ،‬فإذا كان االلتزام األصلي باطال كان ال تزام الكفي ل ب اطال‪ ،‬وإذا ك ان‬

‫االلتزام األصلي قابال لإلبطال‪ ،‬كان االلتزام المكفول أيضا قابال لإلبطال ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وااللتزام األص لي يك ون ب اطال إذا ك ان التزام ا عق ديا فق د أح د أركان ه‪( :‬الرض ى‬

‫والمحل والسبب) أو اختل فيه أحد هذه األركان كما لو كان اإليج اب والقب ول لم يق ع التواف ق‬

‫بينهما‪ ،‬أو كان مخالفا للنظام العام واآلداب‪ ،‬أو كان السبب غير مشروع‪.‬‬

‫وعندئذ يكون التزام الكفيل باطال كالتزام المدين‪ .‬وق د يك ون االل تزام األص لي ق ابال‬

‫لإلبطال‪ ،‬كما لو كان المدين قد أبرم العقد تحت تأثير غلط أو إكراه أو ت دليس أو ك ان ن اقص‬

‫األهلية‪ .‬وفي هذه الحالة يكون التزام الكفيل قابال لإلبطال المدين‪.11‬‬

‫ولكن ليس ضروريا أن يتمسك المدين بإبط ال التزام ه لي تيح للكفي ل أ‪ ،‬يتمس ك به ذا‬

‫اإلبطال‪ ،‬بل إن من حق الكفيل أن يتمسك بإبطال كفالته ولو لم يتمسك المدين بإبطال التزامه‪،‬‬

‫بل إنه حتى عندما يجيز المدين العقد القابل لإلبطال فينقلب صحيحا ف إن ه ذا ال يمن ع الكفي ل‬

‫من التمسك بإبطال التزامه‪ .‬والسبب في ه ذا أن الم دين ليس ل ه أن يس يء إلى مرك ز الكفي ل‬

‫بفعله‪ ،‬ومن شأن تصحيح التزام المدين أن يس يء إلى مرك ز الكفي ل‪ ،‬إذا يص بح التزام ه بات ا‬

‫بفعل المدين بعد أن كان قابال لإلبطال‪ ،‬وهذا ال يجوز للمدين‪ ،‬وإن فعله يصبح التزامه هو باتا‬

‫صحيحا‪ ،‬ويبقى التزام الكفيل قابال لإلبطال‪ .‬وتقضي المادة ‪ 777‬من القانون المدني المصري‬

‫بأن‪ " :‬من كفل التزام ناقص األهلي ة وك انت الكفال ة بس بب نقص األهلي ة ك ان ملزم ا بتنفي ذ‬

‫االلتزام إذا لم ينفذه المدين"‪.‬‬

‫وهذا الحكم مقرر أيضا في الفق ه اإلس المي ومعظم التقني ات الحديث ة‪ ،‬ولكن لم يش ر‬

‫إليه تقنين االلتزامات والعق ود‪ ،‬بي د أن ه يمكن للقض اء األخ ذ به ذا الحكم اجته ادا باعتب ار أن‬

‫‪ - 11‬عبدا لكريم شهبون ‪:‬الشافي في االلتزمات و العقود صفحة‪.80 :‬‬

‫‪18‬‬
‫الكفيل الذي ينقص أهلية المدين‪ ،‬إما أن يقص د ت أمين ال دائن من خط ر تمس ك الم دين بنقص‬

‫أهليته فيكون مدينا أص ليا ملتزم ا بتنفي ذ االل تزام األص لي‪ ،‬ولكن التزام ه معل ق على ش رط‬

‫واقف هو عدم قيام المدين األصلي بتنفيذه‪ .‬وأما أن يقصد أن يبقى كفيال ولكن مع ال نزول عن‬

‫الحق في التمسك بإبط ال التزام ه ألن عمل ه بك ون الم دين ن اقص األهلي ة يع ني تنازل ه عن‬

‫التمسك بهذا الوجه إذا أجاز المدين تصرفه فانقلب في حقه صحيحا‪.‬‬

‫وأما أن ال يقصد ه ذا وال ذاك‪ ،‬فيك ون ل ه الح ق في التمس ك بإبط ال التزام ه بنقص‬

‫أهلية مكفوله‪.12‬‬

‫كفالة االلتزام المستقبل وااللتزام المحتمل‬ ‫‪-‬‬

‫" تجوز كفالة االلتزام المحتمل (كضمان االلتزام الذي قد ينشأ بسبب االس تحقاق) أو‬

‫المستقبل أو غير المحدد‪ ،‬بشرط أن يكون قابال للتحديد فيما يعد ( كالمبلغ الذي يمكن أن يحكم‬

‫به على شخص معين) وفي هذه الحالة يتحدد التزام الكفيل بالتزام المدين األصلي"‪.‬‬

‫يخلص من نص الفصل ‪ 1121‬موضوع الشرح‪ ،‬أنه تجوز كفالة الدين الشرطي‪،‬كما‬

‫تجوز كفالة الدين المستقبل‪ .‬بمعنى أنه ما دام االلتزام ص حيحا فإن ه يمكن أن يك ون مض مونا‬

‫بكفالة ال فرق بين أن يكون التزاما قائما منجزا أم التزاما محتمال‪ ،‬كضمان االل تزام ال ذي ق د‬

‫ينشأ بسبب نزع اليد والملكية ب دعوى االس تحقاق‪ ،‬أم التزام ا مس تقبال‪ ،‬أم ح تى التزام ا غ ير‬

‫محدد بشرط أن يكون قابال للتحدي د فيم ا بع د‪ .‬ك المبلغ ال ذي يمكن أن يحكم ب ه على ش خص‬

‫‪ - 12‬أصول القانون المدني‪ ،‬للدكتور محيي الدين إسماعيل‪ ،‬ج ‪ ،2‬صفحة‪.404 :‬‬

‫‪19‬‬
‫معين‪ ،‬كالتعويض عن حادث مثال‪ ،‬وفي حالة هذه الحالة يتح دد ال تزام الكفي ل بم ا يجب على‬

‫المديون األصلي‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬أن الكفالة تجوز في الدين الذي سينشأ في المستقبل‪ .‬والدين المستقبل‬

‫إما أن يكون وجوده مؤكدا وال ينقصه سوى كر الزمان‪ ،‬وإما أن يكون وجوده محتمال أي أنه‬

‫قد ينشأ وقد ال ينشأ‪ ،‬وهذا هو االلتزام المحتمل وهو نوع من االلتزام المستقبل‪ .‬وفي الح التين‬

‫تصح الكفالة‪ ،‬طالما أن االلتزام المس تقبل ال يش وبه البطالن‪ ،‬أم ا إذا ك ان االل تزام المس تقبل‬

‫باطال‪ ،‬كما لو تعلق بتعامل في تركه إنسان ال يزال حيا ( التركة المستقبلة) فإن كفالت ه تك ون‬

‫باطلة أيضا ‪.‬‬

‫ومن أمثلة كفالة الديون المستقبلة كفالة صحيحة‪ :‬عقد فتح االعتم اد ل دى البن ك‪ ،‬فق د‬

‫يشترط البنك على العميل تقديم كفيل يضمن الرصيد المدين الذي ينتهي إليه االعتم اد‪ ،‬وك ان‬

‫كفالة الحساب الجاري لدى البنك وكفالة االلتزام الذي قد ينش أ بس بب اس تحقاق الم بيع في ي د‬

‫المشتري‪.‬‬

‫وقد اشترط النص لصحة كفالة الدين المستقبل أن يح دد مق درا ال دين المكف ول‪ .‬وق د‬

‫يعين الكفيل مدة يلتزم بكفالته خاللها‪ ،‬فإذا لم ينشأ الدين المستقبل خالل هذه المدة سقط التزامه‬

‫ولو نشأ بعدها‪ ،‬وقد ال يعين الكفي ل م دة‪ ،‬وفي الحال ة قض ى النص ب أن للكفي ل أن يرج ع في‬

‫كفالته ما دام المستقبل لم ينشأ‪.‬‬

‫واالتج اه في كث ير من التش ريعات الحديث ة ينح و حماي ة الكفي ل من اندفاع ه أو من‬

‫مجاملته لآلخرين في الظروف الحرج ة ال تي يتعرض ون له ا‪ ،‬فتظه ر الش هامة والنج دة من‬

‫‪20‬‬
‫القريب نحو قريبه وعن الص ديق تج اه ص ديقه‪ ،‬ومن الم رأة حي ال زوجه ا‪ ،‬ويب ادر ك ل من‬

‫هؤالء إلى عرض كفالته بكل ما يملك وفي أي دين ينشأ مهما كان مقدراه غير مق در لع واقب‬

‫مثل هذا العرض الس خي‪ ،‬وفي النهاي ة يعج ز الم دين عن الوف اء ويض طر الكفي ل إلى األداء‬

‫ويندم وآلت حين مناص‪ ،‬ولذلك قيل قديما‪ :‬إن الض مانة أو الكفال ة‪ :‬أوله ا ش هامة‪ ،‬وأوس طها‬

‫ندامة‪ ،‬وآخرها غرامة‪.‬‬

‫وتجوز الكفالة في الدين المستقبل إذا حدد مقدما الدين المكف ول‪ ،‬كم ا تج وز الكفال ة في ال دين‬

‫الشرطي " وتشير إلى جواز كفالة االلتزام الش رطي س واء ك ان معلق ا على ش رط واق ف أو‬

‫على شرط فاسخ‪ ،‬ويكون مصير الكفالة هو نفس مصير االلتزام الموصوف‪ ،‬أي أنه إذا تحقق‬

‫الشرط الواقف وجد االلتزام ووج دت مع ه الكفال ة‪ ،‬وإذا تخل ف الش رط زال االل تزام وزالت‬

‫كفالته‪ ،‬وفي حالة الش رط الفاس خ إذا تحق ق الش رط زال االل تزام ب أثر رجعي وزالت الكفال ة‬

‫أيضا‪ ،‬وإذا تخلف الشرط بقي االلتزام وتأكد وكذا كفالته‪.13‬‬

‫االلتزام المكفول يجب أن يكون مما يمكن أن يحل الكفيل مح ل الم دين األص لي في‬ ‫‪-‬‬

‫أدائه أو وفائه‬

‫" ال تجوز كفالة االلتزام الذي ال يستطيع الكفي ل أن يح ل مح ل الم دين األص لي في‬

‫أدائه كالعقوبة البدنية "‪.‬‬

‫س بقت اإلش ارة في الفص لين‪ 1120 :‬و ‪ 1121‬إلى أن ه يجب أن يك ون االل تزام‬

‫المضمون صحيحا‪ ،‬وما دام االلتزام صحيحا‪ ،‬فإنه يمكن أن يكون مضمونا بكفالة ال فرق بين‬

‫‪ - 13‬العقود المدنية الصغيرة في القانون المدني والشريعة اإلسالمية والقوانين العربية‪ ،‬للدكتور محيي الدين إسماعيل علم‬
‫الدين‪ ،‬صفحة‪.278 :‬‬

‫‪21‬‬
‫أن يكون التزاما قائما منجزا أو التزام ا محتمال‪ .‬وأم ا الفص ل ‪ 1122‬موض وع الش رح‪ ،‬فق د‬

‫نص على أنه لكي تكون الكفالة صحيحة‪ ،‬يجب أن يكون االلتزام المكفول مم ا يمكن أن يح ل‬

‫الكفيل محل المدين األصلي في أدائه أو وفائ ه‪ ،‬أم ا إذا ك ان االل تزام يتعل ق بش خص الم دين‬

‫األصلي بحيث ال يستطيع الكفيل أن يحل محله في أدائه أو وفائه كالعقوبة البدنية ف إن الكفال ة‬

‫ال تجوز‪.‬‬

‫وفي هذا تطبيق لمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬إذ ال يج وز لش خص أن يكف ل شخص ا آخ ر‬

‫حكم عليه بالعقوبة البدنية‪ ،‬الحبس‪ ،‬أو الجلد‪ ،‬أو األشغال الشاقة‪ ،‬فهذه عقوبة بدني ة ‪،‬ال ينف ذها‬

‫المحكوم عليه شخصيا‪ ،‬لكن فيما يتعلق بالغرامات المالية عن الج رائم والمخالف ات‪ ،‬يمكن أن‬

‫يطلب من المحكوم عليه بها كفيل يضمن أداءها‪ ،‬وعندما يعجز المحك وم علي ه ي ؤدي الكفي ل‬

‫الغرامة المالية المفروضة رغم أنها عقوبة ضد غيره وليست موقعه ضده هو والمقص ود من‬

‫ذلك هو ضمان حقوق الدولة في النواحي المالية‪ ،‬على أن يرج ع الكفي ل على المحك وم علي ه‬

‫بما أداه إلى الدولة‪.‬‬

‫والحاصل أنه يجب في عقد الوكالة توافر الشروط الخاصة بمحل االلتزام‪ ،‬ف إذا ك ان‬

‫الكفيل يضمن عملية تهريب أو سداد فوائد ربوية أو استمرار عالقة غير مشروعة بين رج ل‬

‫وامرأة‪ ،‬فإن الكفالة تكون باطلة لكونه ا تنص ب على مح ل غ ير مش روع‪ .‬ك ذلك ال يس تطيع‬

‫الكفيل أن يكف ل التزام ا ال يج وز أن يق وم ب ه غ ير الم دين‪ ،‬فال يج وز مثال أن يق وم بتحم ل‬

‫العقوبة البدنية بدال من المحكوم عليه بها‪.14‬‬

‫– عقد الكفالة يجب أن يكون صريحا‬


‫‪ - 14‬التسولي‪ ،‬البهجة‪ ،‬ج ‪ ،1‬صفحة ‪.183‬‬

‫‪22‬‬
‫"يجب أن يكون التزام الكفيل صريحا والكفالة ال تفترض"‪.‬‬

‫وعند إبرام عقد الكفال ة يجب أن يع بر الكفي ل عن كفالت ه تعب يرا ص ريحا‪ ،‬وأن تفي د‬

‫عبارته ( شفوية أو مكتوبة) أنه قد التزم بضمان الدين بصفة قاطعة‪ ،‬فإذا كان هن اك ت ردد في‬

‫عبارة الكفيل أو غموض‪ ،‬اعتبر أنه لم يلتزم بالكفالة لكون التزام ه غ ير ص ريح‪ ،‬والكفال ة ال‬

‫تفترض‪ .‬وهذا الحكم هو المنصوص عليه في الفصل ‪ 1123‬من ق انون االلتزام ات والعق ود‪،‬‬

‫موضوع الشرح‪.‬‬

‫وتطبيقا لهذا النص‪ ،‬إذا أرس ل ش خص إلى ال دائن‪ ،‬رس الة يطلب فيه ا إلي ه فيه ا أن‬

‫يعطي المدين الدين ويفيده بأنه يعلم مالءمة المدين واستقامته ووفاء بديونه في مواعيدها وأنه‬

‫موضع الثقة في معامالته‪ .‬فمثل هذه الرسالة ليست كفالة‪ ،‬بل يجب أن يعبر الكفي ل عن كون ه‬

‫يلتزم شخصيا بكفالة الدين‪ ،‬ولكن قد يسأل صاحب هذه التوصية مسؤولية تقصيرية إذا خالف‬

‫حكم الفصلين ‪ 82‬و ‪ 83‬من تقنين االلتزامات والعق ود‪ ،‬الس ابق ش رحها في الج زء األول من‬

‫ه ذا الكت اب‪ .‬وق د اس تعاض الق انون الم دني المص ري عن اش تراط أن يك ون ال تزام الكفي ل‬

‫ص ريحا باش تراط أال يثبت ال تزام الكفي ل إال بالكتاب ة‪ ،‬ح تى ول و ك ان ال دين األص لي ق ابال‬

‫لإلثبات بالبينة‪ ،‬فمن شأن الكتابة أن تلفت نظر الكفيل إلى خطورة االلتزام الذي سيتعرض ل ه‬

‫صاحبه فيتروى قبل االرتباط به‪ ،‬لذلك نصت المادة ‪ 773‬مدني مصري على أنه‪:‬‬

‫"ال تثبت الكفالة إال بالكتاب ة ول و ك ان من الج ائز إثب ات االل تزام األص لي بالبين ة "‬

‫ونتيجة اشتراط الكتابة في إثب ات الكفال ة‪ ،‬ف إن الوع د بالكفال ة في الق انون المص ري ال يثبت‬

‫كذلك إال بالكتابة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وقد يصدر تعبير الكفيل عن إرادته شفاهة أو برسالة موجه ة إلى ال دائن أو بواس طة‬

‫رسول أو بواسطة نائب يحمل وكالة خاصة محددة في شأن الكفالة‪ ،‬أو بواسطة توقي ع الكفي ل‬

‫على سند الدين أو على ورقة تجارية يكون الدائن مستفيدا منها‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة األخ يرة إذا‬

‫خرجت الورقة من يد الدائن وانطلقت في التداول تحمل الكفيل المخاطر ال تي تنجم عن ذل ك‪،‬‬

‫إذا يكون للحامل حسن النية أن يطالب بقيمتها غير متقيد بأحكام الكفالة ‪.‬‬

‫أما تعبير الدائن عن إرادته في عق د الكفال ة فال يل زم أن يك ون ص ريحا في الق انون‬

‫المغربي وال مكتوبا في القانون المصري‪ ،‬ب ل يكفي أن يك ون ض منيا أو ش فهيا‪ ،‬ف إذا احتف ظ‬

‫الدائن برسالة الكفيل التي تعهد فيها وطالبه بناء عليها بوفاء الدين كان ه ذا قب وال من ه لكفال ة‬

‫الكفيل‪ ،‬ولكن إذا رفض الدائن الكفالة أو اعتبر الكفيل شخصا غير مليء ورفض كفالته‪ ،‬ف إن‬

‫الكفالة ال تنعقد وال يكون للدائن بعد ذلك أن يتمسك بها‪.‬‬

‫ومن أحكام المجلس األعلى سابقا‪ ،‬ما جاء في قرار له‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫" إذا كان عقد الكراء محدد المدة في سنة واحدة فإن الضامن ال يض من إال أداء ه ذه‬

‫السنة‪.‬‬

‫المحكمة التي اعتبرت أن الكفالة غير محصورة وأنها شاملة للف ترة ال تي تح دد فيه ا‬

‫العقد تكون ق د خ رقت مقتض يات الفص ل ‪ 1123‬من ق انون االلتزام ات والعق ود وعرض ت‬

‫قرارها للنقض"‪.15‬‬

‫‪ -‬ال ضرورة لقبول الكفالة صراحة من الدائن‬

‫‪ - 15‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 25/4/00‬تحت عدد ‪ 1673‬في الملف عدد ‪ 99 / 1188‬منشور بكتاب قضاء‬
‫محكمة النقض في الكراء المدني من سنة ‪ 1957‬إلى سنة ‪ 2011‬لعبد العزيز توفيق ص‪ 487 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫" ال ضرورة لقب ول الكفال ة ص راحة من ال دائن غ ير أنه ا ال يمكن أن يعطي ب رغم‬

‫إرادته"‪.‬‬

‫الكفالة من عقود التراضي ال يشترط في انعقاده ا بش كل خ اص‪ ،‬ب ل ك ل تعب ير عن‬

‫اإلرادة يفيد الرضاء من جانب الكفيل ومن جانب الدائن يكفي النعقادها‪ ،‬وقد تقدم بيان ذلك ‪.‬‬

‫غير أن الفص ل ‪ 1125‬موض وع الش رح ن ينص ح من ه أن هن اك فرق ا بين رض اء‬

‫الكفيل ورضاء الدائن‪ ،‬فالكفي ل مت برع‪ ،‬فيجب أن يك ون رض اؤه واض حا كم ا س بق الق ول‪.‬‬

‫وكثيرا ما يتورط الكفيل في التزامه بالكفالة‪ ،‬ويخيل إلي ه عن ه اإلق دام عليه ا أن الم دين ال ذي‬

‫كفله سيقوم بتنفيذ التزامه‪ .‬ثم ما يلبث أن يتبين أن المدين غير قادر على الوف اء بالتزام ه‪ ،‬إم ا‬

‫من الوقت الذي أصبح فيه مدينا‪ ،‬أو بعد ذلك لظروف جدت‪ ،‬فيرجع الدائن على الكفي ل ليق وم‬

‫عن المدين بوفاء االلتزام‪ ،‬وقد يع رض الكفي ل نفس ه لخس ارة كب يرة‪ ،‬ب ل ق د يعس ر أو يفلس‬

‫كنتيجة مباشرة لكفالته مدينا معسرا‪ .‬ل ذلك يع بر الن اس عن ه ذه الحقيق ة ال تي تق ع كث يرا في‬

‫العمل بقولهم " الضامن غارم"‪ .‬من أجل ذلك اش ترط المش رع‪ ،‬كم ا تق دم‪ ،‬أن يك ون رض اء‬

‫الكفيل بالكفالة رضاء صريحا‪ ،‬فال يصح أن يستخلص رضاؤه ضمنا من الظروف‪.‬‬

‫وهذا الخالف رضاء الدائن‪ ،‬فإن الكفال ة تك ون ع ادة لمص لحة‪ .‬ل ذلك ال يش ترط في‬

‫رض ائه أن يك ون ص ريحا‪ ،‬وال أن يك ون واض حا‪ .‬فيكفي في ه أن يك ون ض منيا أو ش فهيا‪،‬‬

‫واستخالص رضاء الدائن من الظروف والقرائن‪ ،‬ولذلك جاز أن يكون قب ول ال دائن بالكفال ة‬

‫قبوال منه لكفالة الكفيل‪ ،‬ألنه يعتبر رضاء ضمنيا من الدائن بالكفالة احتفاظ ه بس ندها‪ ،‬وتنفي ذ‬

‫ه ذا الس ند على الكفي ل‪ .‬ولكن إذا رفض ال دائن الكفال ة أو اعت بر الكفي ل شخص ا غ ير مليء‬

‫‪25‬‬
‫ورفض كفالته‪ ،‬فإن الكفالة ال تنعقد وال يكون للدائن‪ ،‬بعد ذلك أن يتمسك بها (العبارة األخ يرة‬

‫من الفصل ‪ )1125‬موضوع الشرح‪.‬‬

‫– كفالة االلتزام‬

‫" يمكن كفالة االلتزام بغير علم المدين األصلي ولو إرادته‪ .‬غير أن الكفالة التي تق دم‬

‫برغم االعتراض الصريح من المدين‪ ،‬ال يترتب عنها أية عالقة قانونية بين هذا األخ ير وبين‬

‫الكفيل‪ ،‬وإنما يكون ملتزما في مواجهة الدائن فقط"‪.‬‬

‫يق رر الفص ل ‪ 1126‬من ق انون االلتزام ات والعق ود‪ ،‬موض وع الش رح‪ ،‬أن كفال ة‬

‫االلتزام تتم كما تقدم بعقد طرفيه هما الدائن والكفيل‪ ،‬وتقدم أيضا أن المدين ليس طرفا في هذا‬

‫العقد‪ ،‬وإن كان له دور بال شك في األعداد له‪ .‬ذل ك أن ال دائن يط الب الم دين بتق ديم ض مان‬

‫عيني أو شخصي‪ ،‬وقد يجد المدين أن األيسر بالنسبة له تقديم الضمان الشخصي‪ ،‬فيبحث عن‬

‫كفيل يتفق معه على أن يضمن الدين لدى الدائن‪ ،‬وهذا هو الوضع العادي المألوف للكفالة‪.‬‬

‫وقد تتم الكفالة تطوعا من الكفيل وبدون علم المدين‪ ،‬ب ل وق د تتم رغم رفض الم دين‬

‫واعتباره‪ .‬وفي هذه الحالة يكون الكفيل ملتزما ما قب ل ال دائن دون أن يس تطيع الرج وع على‬

‫المدين بشيء‪ ،‬إذا هو وفي الدين إال في حدود قواعد إال ثراء بال سب ‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬إذا تمت الكفالة بناء على طلب الم دين إلى الكفي ل أو على األق ل‬

‫بناء على إذن منه‪ ،‬فإن الكفيل يكون له أن يرجع بما وف اه على الم دين ب دعوى الوكال ة‪ ،‬وإذا‬

‫تمت الكفالة بعلم المدين‪ ،‬ولكن دون أن يكون قد ص رح ب ذلك أو أذن في ه‪ ،‬أو تمت بغ ير علم‬

‫‪26‬‬
‫المدين أصال‪ ،‬فإن الكفيل يرجع عليه بدعوى الفضالة‪ .‬أما إذا تمت الكفالة رغم رفض الم دين‬

‫إياها واعتراضه عليها‪ ،‬فليس للكفيل أن يرجع عليه إال طبقا لقواعد اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫وفي هذا المعنى يقول الدكتور السنهوري‪ " :‬فق د تعتق د الكفال ة بين الكفي ل وال دائن‪،‬‬

‫وذلك دون إذن من المدين‪ ،‬بل قد تعقد الكفالة بين طرفيها‪ ،‬دون علم‪ .‬وأخيرا ق د تعق د الكفال ة‬

‫بين طرفيها‪ ،‬وذلك بالرغم من م ع معارض ة الم دين‪ ،‬والف رق م ا بين ه ذه الص ورة بمج رد‬

‫توافق إرادتي الكفيل والدائن كما س بق الق ول‪ .‬وإنم ا يظه ر الف رق عن د رج وع الكفي ل على‬

‫المدين إذا وفى عنه الدين‪ ،‬كما س نرى‪ ،‬ف إذا ك انت الكمبيال ة ق د عق دت ب إذن الم دين‪ ،‬رج ع‬

‫الكفيل عليه بدعوى الوكالة‪ ،‬وإذا عق دت بعلم الم دين أو بغ ير عمل ه‪ ،‬ولكن دون إذن ه‪ ،‬رج ع‬

‫الكفيل على المدين بدعوى الفضالة‪ ،‬وإذا عق دت ب الرغم من معاوض ة الم دين‪ ،‬رج ع الكفي ل‬

‫على المدين بدعوى اإلثراء بال سبب"‪.16‬‬

‫"إذا لم تكن الكفالة قد حددت صراحة معلوم‪ ،‬أو بجزء معين من االلتزام المض مون‪،‬‬

‫فإن الكفيل يضمن أيضا التعويضات والمصروفات ال تي يتحم ل به ا الم دين األص لي بس بب‬

‫عدم تنفيذ االلتزام"‪.‬‬

‫غير أنه إذا ضمن الكفيل صراحة تنفي ذ جمي ع االلتزام ات ال تي يتحم ل به ا الم دين‬

‫بمقتضى عقد معين‪ ،‬فإنه يكون مسؤوال عن كل االلتزامات التي يسأل عنها هذا الم دين نفس ه‬

‫بمقتضى هذا العقد "‪.‬‬

‫تحديد مدى الكفالة‬ ‫‪-‬‬

‫‪ - 16‬الوسيط‪ ،‬ج‪ ،10‬صفحة‪.71 :‬‬

‫‪27‬‬
‫تعرض المشرع‪ ،‬لتحديد مدى الكفالة في (الفصول من ‪ 1128‬إلى ‪)1130‬‬

‫حيث جاء فيهم انه‬

‫" ال يصح أن تتجاوز الكفالة ما هو مستحق على المدين إال فيما يتعلق باألجل "‬

‫" يصح أن تكون الكفالة ألج ل‪ ،‬بمع نى أن ت برم ل وقت معل وم‪ ،‬أو ابت داء من ت اريخ‬

‫محدد‪ ،‬ويسوغ أن تعقد ضمانا لجزء من الدين دون باقيه‪ ،‬وبشروط أخف من شروطه"‪.‬‬

‫بحيث يخلص من هذه النصوص أن االلتزام المكفول هو الذي يح دد م دى ال تزام الكفي ل‪ ،‬فال‬

‫يجوز أن يكون التزام الكفيل أشد من االلتزام المكفول‪ ،‬ف إذا ك ان أش د أو أص بح أش د فإن ه ال‬

‫يكون باطال ولكن يجب إنقاصه إلى أن يبل غ ح د االل تزام المكف ول‪ .‬ويج وز أن يك ون ال تزام‬

‫الكفيل أهون من التزام المكفول‪.‬‬

‫وتتلخص األحكام التي أوردها المشرع بهذا الصدد بالقواعد التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يصح أن تتجاوز الكفالة ما ه و مس تحق على الم دين ( الفص ل ‪ ) 1128‬فال‬

‫يجوز أوال أن يكون التزام الكفيل أشد من االلتزام المكفول‪ ،‬وعلى ذل ك فال تج وز الكفال ة في‬

‫مبلغ أكبر مما هو مستحق على الم دين األص لي‪ ،‬ف إذا ك ان المس تحق على ه ذا الم دين أل ف‬

‫درهم‪ ،‬لم تجز كفالته في ألف ومائتين مثال‪ ،‬وال يجوز أن يطالب الكفيل بأكثر من هذا المبل غ‪.‬‬

‫وإذا كان الدين األصلي ال ينتج فوائد‪ ،‬لم يجز أن ينتج التزام الكفيل فوائد ما‪.‬‬

‫وإذا كان الدين األصلي ينتج فوائد مسموحا بها قانونا بسعر معين‪ ،‬لم يج ز أن تك ون‬

‫الفوائد على التزام الكفيل بسعر أعلى‪ .‬وإذا كان الدين األص لي ينتج فوائ د بس يطة لم يج ز أن‬

‫ينتج التزام الكفيل فوائد مركبة‪ ،‬وعلى ذلك أيضا ال يج وز أن يل تزم الكفي ل ألج ل أق رب من‬

‫‪28‬‬
‫أجل االلتزام المكفول‪ ،‬وال توفيه التزام الكفيل في مكان أبع د أو أش د مش قة من المك ان ال ذي‬

‫يوفي االلتزام المكفول‪ .‬وإذا كان االلتزام المكفول معلقا على ش رط‪ ،‬لم يج ز أن يك ون ال تزام‬

‫الكفيل منجزا غير معلق على هذا الشرط‪ ،‬وإذا كان الدين األصلي مؤجال على األصيل تأجيل‬

‫على الكفيل‪ ،‬وإذا كان الدين األصلي دين ا طبيعي ا لم يج ز أن يك ون ال تزام الكفي ل م دنيا‪ ،‬ب ل‬

‫يجب أن يكون التزاما طبيعيا كااللتزام المكفول‪.17‬‬

‫على أن المشرع استثنى من ذل ك‪ ،‬األج ل‪ ،‬بمع نى أن الكفي ل يمكن أن يح دد لكفالت ه‬

‫أجال غير األجل الذي حدد الستحقاق الدين األصلي ‪.‬‬

‫يصح أن تك ون الكفال ة ألج ل‪ ،‬أي أن ت برم ل وقت معل وم تنقض ي بانتهائ ه أو‬ ‫‪-2‬‬

‫ابتداء من تاريخ محدد‪ ،‬بحيث ال تبدأ إال منه‪ ،‬وكذلك يجوز أن تعقد الكفالة ض متانا لج زء من‬

‫الدين دون باقية‪ ،‬وبشرط أخف من شروطه (الفصل ‪ .)1129‬بمعنى أنه إذا كان التزام الكفيل‬

‫مماثال لإللتزام المكفول ولكن الدائن بعد ذلك خفف من االل تزام المكف ول ك أن أط ال أجل ه أو‬

‫قربه بشرط أو نزل عن جزء منه‪ ،‬ف إن ال تزام الكفي ل يخ ف بالق در ال ذي خف ف ب ه االل تزام‬

‫المكفول‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬إذا كان التزام الكفيل ال يجوز أن يك ون أش د من االل تزام المكف ول‪،‬‬

‫فإنه على النقيض من ذلك يجوز أن يكون أهون وبشرط أخف من ش روطه فيج وز أن تك ون‬

‫الكفالة ألجل غير أجل االلتزام المكفول‪ ،‬فتجري الكفالة لوقت معلوم جديد‪ ،‬تقتض ي بانتهائ ه‪،‬‬

‫أو بت داء من ت اريخ مح دد غ ير ت اريخ أج ل االل تزام المكف ول‪ ،‬بحيث ال تبت دئ إال من ه ذا‬

‫التاريخ‪ ،‬كذلك يجوز أن يكفل الكفيل المدين األصلي ويضمن هذا الجزء فقط‪ ،‬دون باقيه‪ ،‬كما‬
‫‪ - 17‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪.74 :‬‬

‫‪29‬‬
‫يجوز أن يكفل المدين األصلي في ال دين‪ ،‬دون فوائ ده وملحقات ه‪ ،‬أو إلى ح د أقص ى أق ل من‬

‫المبلغ المستحق على المدين‪ ،‬أو ألجل أطول من أجل المدين األصلي‪ ،‬وإذا تكفل بالدين الحال‬

‫كفالة مؤجلة وأضاف الكفيل األج ل إلى نفس ه‪ ،‬أو اش ترط ال دائن وقت الكفال ة األج ل للكفي ل‬

‫خاصة‪ ،‬كان التزام الكفيل مؤجال دون االلتزام المكفول‪ ،‬كما سبق القول‪.‬‬

‫ويجوز أن يعلق الكفيل التزامه على شرط‪ ،‬ويجوز أن يشترط الكفيل أن يكون الوفاء‬

‫بالتزامه في موطنه‪ ،‬في حين أن الوفاء بااللتزام المكفول يكون في مكان أبع د أو أش د مش قه‪.‬‬

‫كما يجوز أن يشترط الكفيل أال يكف ل الم دين األص لي إذا ش هر إفالس ه ذا األخ ير‪ ،‬ويج وز‬

‫كذلك أن يعل ق الكفي ل كفالت ه على منح ال دائن للم دين أجال للوف اء‪ ،‬أو على وج ود ض مانات‬

‫أخرى للدين غير الكفالة‪ ،‬أو على استعمال المدين للدين استعماال معينا أو لغرض معين‪ ،‬ف إذا‬

‫لم يتحقق الشرط في األحوال المتقدمة‪ ،‬زالت الكفالة‪.18‬‬

‫هذا وإذا كان التزام الكفي ل أش د من االل تزام المكف ول‪ ،‬ف الجزاء على ذل ك ليس ه و‬

‫بطالن التزام الكفيل‪ ،‬بل إنقاصه إلى أن يبل غ ح د االل تزام المكف ول‪ ،‬أي إذا تج اوزت الكفال ة‬

‫شروط االلتزام األصلي‪ ،‬لم تبطل‪ ،‬ولكن يجب إنقاصها إل حدود االلتزام األصلي ‪.‬‬

‫‪ -3‬إذا لم تكن الكفالة حددت صراحة بمبلغ معلوم أو بجزء معين من االل تزام المض مون‪،‬‬

‫فإنها تشمل عالوة على االلتزام األصلي التعويضات والمصروفات التي ت ترتب على الم دين‬

‫األصلي بسبب عدم تنفيذ االلتزام‪ .‬ولكنه ا ال تش مل االلتزام ات الجدي دة ال تي يعق دها الم دين‬

‫األصلي بعد قيام االلتزام الذي ضمنه الكفيل‪.‬‬

‫‪ - 18‬الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬صفحة‪.74 :‬‬

‫‪30‬‬
‫غير أنه إذا ضمن الكفيل صراحة تنفي ذ جمي ع االلتزام ات ال تي يتحم ل به ا الم دين‬

‫بمقتضى عقد معين‪ ،‬فإنه يكون مسؤوال عن كل االلتزامات التي يسأل عنها هذا الم دين نفس ه‬

‫بمقتضى العقد المذكور (الفصل ‪.)1130‬‬

‫وبعبارة أوضح‪ ،‬يستفاد من النص المذكور‪ ،‬أنه إذا لم تكن الكفالة محددة بمبلغ معين‪،‬‬

‫سواء كان هذا المبلغ هو مبلغ االل تزام المكف ول‪ ،‬أو ج زء مح دد من ه‪ ،‬ف إن الكفي ل يل تزم ب ه‬

‫المدين (مع مراعاة أن يكون مقدراه معقوال بالنظر إلى من منحت له الكفالة كما يقول الفص ل‬

‫‪ 1118‬من ق‪ .‬ز‪ .‬ع ) والمدين يلتزم بالدين وملحقاته وكذا الكفي ل‪ ،‬فيل تزم الكفي ل ب التعويض‬

‫عن عدم تنفيذ المدين اللتزامه وعامة بكل ما تشمله المس ؤولية العقدي ة للم دين‪ .‬فكفي ل يل تزم‬

‫بأداء األجرة والتعويض عن الت أخير والتع ويض عن حري ق في العين‪ ،‬ولكن ال يض من م دة‬

‫التجديد الضمني لإليجار إال إذا اشترط عليه ذلك‪ ،‬ويضمن مص اريف العق د وأج ر السمس ار‬

‫ورسوم التسجيل‪ ،‬أما مصاريف المطالبة فيض من منه ا مص اريف المطالب ة األولى الموجه ة‬

‫إلى المدين‪ ،‬ويضمن المصاريف الالحقة التي ينفقها الدائن على اإلجراءات بغ ير إس راف إذا‬

‫كان الدائن أخطر الكفيل بإتمام المطالبة األولى‪ ،‬إذ يجب على الكفيل عندئذ أن يبادر إلى سداد‬

‫ال دين طالم ا أن الم دين لم يق وم ب ه‪ ،‬وم ا دام الكفي ل لم يفع ل ذل ك‪ ،‬فعلي ه أن يتحم ل نفق ات‬

‫اإلجراءات التي يقوم بها الدائن‪ .‬أما إذا كان ال دائن يتخ ذ اإلج راءات التالي ة للمطالب ة األولى‬

‫دون إخطار الكفيل بامتناع ال دين‪ ،‬ف إن الكفي ل ال يل تزم به ذه المص اريف وتبقى على عائق ه‬

‫مصاريف المطالبة األولى فقط في جميع األحوال‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وال يجوز للمدين أن يجعل مركز الكفيل أسوأ مما كان علي ه عن د الكفال ة‪ ،‬ف إذا ن زل‬

‫المدين عن التمسك ببعض الدفوع‪ ،‬كان للكفيل أن يتمسك بها رغم ذلك‪ ،‬وإذا نزل الم دين عن‬

‫أجل الدين‪ ،‬بقي للكفيل التمسك باألجل األصلي‪ ،‬ومن ناحية أخرى يس تفيد الكفي ل من المزاي ا‬

‫التي يمنحها الدائن للم دين‪ ،‬ف إذا منح ال دائن الم دين أجال جدي دا أو تن ازل عن الفوائ د أو عن‬

‫جزء من الدين كان للكفيل أن يس تفيد من ذل ك كل ه ومن أحك ام المجلس األعلى‪ ،‬م ا ج اء في‬

‫قرار له كما يلي‪:‬‬

‫"للدائن الحق في حجز أموال الكفيل ما دام هذا األخير لم يثبت أنه منح دائنه ض مانة‬

‫خاص ة ب ه تغطي مبل غ ال دين‪ ،‬ول و ك انت هن اك ض مانة رهين ة خصص ها الم دين األص لي‬

‫للدائن"‪.19‬‬

‫‪ -‬الكفالة عقد يعقد بال عوض‬

‫" من أسس الكفالة أن تعقد بغير أجر‪ ،‬وكل ش رط يقض ي بإعط اء الكفي ل أج را عن‬

‫كفالته يقع باطال‪ ،‬ويترتب عليه بطالن الكفالة نفسها‪.‬‬

‫ويستثنى من هذه القاعدة الكفال ة ال تي تعق د بين التج ار ألغ راض التج ارة إذا س مح‬

‫العرف بإعطاء أجر عنها "‪.‬‬

‫الكفالة في العادة عقد تبرعي بالنسبة إلى الكفيل‪ ،‬فالكفيل عادة م ا يق دم كفالت ه تبرع ا‬

‫يتبرع به للمدين‪ ،‬أما الدائن فال تعتبر الكفالة بالنسبة له تبرعية بل معاوض ة‪ ،‬ألن ه ق دم ال دين‬

‫مقابل حصوله على الكفالة‪ ،‬بمعنى أن عقد الكفالة هو ع ادة عق د ت برع بالنس بة إلى الكفي ل لم‬

‫‪ - 19‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 9/11/05‬في المكلف عدد ‪ 341/05‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد‬
‫‪ 64‬و ‪ 65‬ص‪ 307 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫يتبرع للطرف اآلخر أي للدائن‪ ،‬بل تبرع للغير وهو المدين‪ .‬وهو عق د معاوض ة بالنس بة إلى‬

‫الدائن‪ ،‬وبالدائن لم يعط الدين للطرف اآلخر وهو الكفيل‪ ،‬بل أعطاه للغير وهو الدين‪.‬‬

‫وإذا كان تبرع الكفيل بالكفالة هو الوض ع الغ الب الم ألوف‪ ،‬فإن ه ق د يتف ق على منح‬

‫الكفيل أجرا عن كفالته وقد يتفق على أن يأخذ هذا األجر من المدين أو من الدائن ‪.‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 1131‬من قانون االلتزامات والعق ود‪ ،‬موض وع البحث‪ ،‬في فقرت ه‬

‫األولى‪ ،‬على بطالن مثل هذا االتفاق‪ ،‬فال يجوز للكفيل تحت طائلة البطالن أن يتقاضى أج را‬

‫عن كفالته‪.‬‬

‫على أن المشرع‪ ،‬استثنى في الفقرة الثانية من النص المذكور‪ ،‬موضوع الش رح‪ ،‬من‬

‫هذه القاعدة‪ ،‬الكفالة التي تعقد بين التج ار ألغ راض التج ارة إذا س مح الع رف بإعط اء أج ر‬

‫عنها‪ ،‬والسبب في ذلك هو أن العمل التجاري يجب أن يكون قائما على فكرة المضاربة‪.‬‬

‫– حكم إعسار الكفيل‬

‫" إذا قبل ال دائن بمقتض ى العق د كفيال معين ا‪ ،‬ثم أعس ر ه ذا الكفي ل وجب أن يعطي‬

‫كفيال أخر‪ ،‬أو ضمانة معادلة‪ ،‬وإال ساغ للدائن أن يطلب وفاء دين ه ف وارا‪ ،‬أو أن يطلب فس خ‬

‫العقد الذي أبرمه تحت شرط تقديم الكفيل ‪.‬‬

‫فإذا نقصت مالءة الكفيل فقط وجب تقديم كفالة إضافية أو ضمانة تكميلية وال تس ري‬

‫هذه األحكام‪:‬‬

‫أوال – إذا كانت الكفالة قد عقدت بغير علم المدين أو برغم اعتراضه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ثانيا – إذا كانت الكفالة قد قدمت تنفيذا التفاق اشتراط فيه الدائن تق ديم ش خص معين‬

‫للكفالة"‪.‬‬

‫تعرض المشرع في الفصل ‪ 1132‬من قانون االلتزامات والعقود موض وع الش رح‪،‬‬

‫للحكم الذي يترتب على إعسار الكفيل في الفص ل الم ذكور على أن ال دائن إذا قب ل بمقتض ى‬

‫العقد كفيال معينا ثم أعسر هذا الكفيل‪ ،‬فإن من حق ه أن يطلب من الم دين تق ديم كفي ل آخ ر أو‬

‫تأمين معادل كرهن مثال‪ ،‬وإال جاز له يطلب وفاء دين ه ف ورا‪ ،‬أو أن يطلب فس خ العق د ال ذي‬

‫أبرمه تحت شرط تقديم الكفيل‪ ،‬وإذا نقصت مالءة الكفيل فقط‪ ،‬ولم يعس ر‪ ،‬ف إن الم دين تق ديم‬

‫للدائن كفالة إضافة أو ضمانا تكميليا ‪.‬‬

‫وذلك‪ ،‬بمعنى أن ه إذا اتف ق ال دائن والم دين على ض رورة تق ديم كفال ة لل دين‪ ،‬وقب ل‬

‫الدائن الكفيل الذي قدمه الم دين ثم أعس ر ه ذا الكفي ل‪ ،‬ك ان ذل ك إخالل من الم دين بالتزام ه‬

‫بتقديم التأمين الشخصي‪ ،‬وبذلك على المدين أن يقدم كفيال آخر غير معسر أو ض مانته تع ادل‬

‫ذلك‪ ،‬هذه الضمانة قد تكون إيجاب مدين متضامن أخ ر يل تزم مع ه‪ ،‬أو تق ديم عي ني أو كفال ة‬

‫عينية‪.‬‬

‫فإذا لم يقم المدين من ذلك‪ ،‬كان للدائن أن يعتبر أن المدين لم يق دم الت أمين الشخص ي‬

‫المشترط‪ ،‬وينتج عن ذلك أن الدائن إما أن يعتبر أجل الدين قد سقط فيطلب من الم دين الوف اء‬

‫به في الحال أو أن يطلب فسخ العقد الذي اشترط فيه تقديم كفيل مع التعويض ‪.‬‬

‫أما إذا كان الكفيل لم يعسر تماما وإنما نقصت مالءته ويساره فقط‪ ،‬فإن المدين يل تزم‬

‫بأن يقدم للدائن كفالة إضافية أو ضمانا تكميليا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫على أن المشرع أوضح في النص المذكور أن هناك حالتين ال يلزم فيهما تقديم كفي ل‬

‫أخر أو ضمان تكميلي‪ ،‬أي ال تسري األحكام المذكورة أعاله‪ ،‬في هاتين الحالتين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫حالة ما إذا كانت الكفالة قد عق دت أص ال ب دون علم الم دين أو رغم معارض ة‬ ‫‪-1‬‬

‫المدين‪ ،‬فالمدين هنا لم يكن ملزما أصال بتقديم الكفيل‪ ،‬أو ال تزام بتق ديم كفي ل ولكن ه لم يخ تر‬

‫الكفيل الذي تقدم وكفل الدين‪ ،‬إذا لم يعلم بكفالته أو علم وعارض فيها‪ .‬وفي الحالتين ال يك ون‬

‫مسؤوال عن إعسار هذا الكفيل الذي ارتضاه الدائن ولم يرتض ه ه و فيجب أن يتحم ل ال دائن‬

‫تبعة موافقة على هذا الكفيل‪ ،‬وال يكون المدين مسؤوال ‪.‬‬

‫حالة ما إذا كان الدائن قد اشترط أن يكون كفيل المدين شخصا عين ه ه و‪ ،‬ف إذا‬ ‫‪-2‬‬

‫أعسر هذا الكفيل أو نقصت مالءمته كان على الدائن أن يتحمل نتيجة سوء اختياره وال يك ون‬

‫له أن يطالب المدين بتقديم كفيل أخر أو ضمان أخر ولو ضمان تكميلي ‪.‬‬

‫بمعنى أنه إذا كانت الكفالة قد قدمت تنفيذا التف اق اش تراط في ه ال دائن تق ديم ش خص‬

‫معين كفيل‪ ،‬فالدائن في هذه الحالة هو الذي اختار الكفيل‪ ،‬فعليه أن يتحمل وزر سوء اختياره‪.‬‬

‫وال عمل باألحكام المذكورة في الصورتين اآلتيتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إذا وقعت الكفالة بغير علم المدين أو رغما عليه ‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬وقعت الكفالة بمقتضى اتفاق اشترط فيه الدائن شخصا معينا للكفالة "‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫آثار الكفالة‬
‫يقتضي البحث في آثار الكفالة أن تعرض لهذه اآلثار في عالقة الكفيل بالدائن‪ ،‬ثم في‬

‫عالقة الكفي ل م ع الم دين األص لي‪ ،‬ثم في عالق ة الكفالء فيم ا بينهم إذا تع ددوا‪ ،‬وذل ك تحت‬

‫العناوين التالية‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬العالق‪22 2‬ة بين الكفي‪22 2‬ل م‪22 2‬ع ال‪22 2‬دائن‬
‫والمدين‬
‫أ – العالقة بين الكفيل والدائن‬

‫الكفيل العادي هو الكفيل الذي ال يلتزم بالتضامن مع المدين‪ ،‬واألص ل في الكفال ة أن‬

‫تكون عادية ألن التضامن ال يفترض‪ ،‬ولكن إذا اشترط صراحة أن يكون الكفيل متضامنا م ع‬

‫الم دين‪ ،‬ف إن الكفال ة تص بح تض امنية‪ ،‬وق د نص على الفص ل ‪ 1133‬موض وع الش رح‪،‬‬

‫‪36‬‬
‫فصرحت الفق رة األولى من ه أن الكفال ة ال تقتض ي التض امن م ا لم يش ترط ص راحة‪ ،‬أي أن‬

‫الكفيل ال يلتزم في مواجهة الدائن التزاما تضامنيا مع الم دين األص لي‪ ،‬م ا لم ينص ص راحة‬

‫على كون التزامه تضامنيا‪ ،‬فإذا تم االتفاق على أن تكون الكفالة بالتضامن‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة‪،‬‬

‫وكذلك في الحالة التي تعتبر فيها الكفالة عمال تجاريا‪ ،‬بالنسبة للكفي ل‪ ،‬فتحكم أث ار الكفال ة في‬

‫الحالتين معا القواعد المتعلقة بالتضامن بين المدينين‪ ،‬أي تخضع آثار الكفالة في الح التين إلى‬

‫األحكام المتعلقة بالتضامن بين الم دينين‪ ،‬وللقواع د العام ة في ه ذا المج ال‪ ،‬وه ذا الحكم ه و‬

‫المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل ‪ ،1133‬موض وع الش رح‪ ،‬بقوله ا‪ " :‬وفي ه ذه‬

‫الحالة التي تعتبر الكفالة فيها عمال تجاريا بالنس بة إلى الكفي ل‪ ،‬تخض ع آث ار الكفال ة للقواع د‬

‫المتعلقة بالتضامن بين المدينين"‪.‬‬

‫إذن هناك أصل هام بحكم عالقة الكفيل بالدائن‪ ،‬وهو أن الكفيل ال يكون متضامنا مع‬

‫المدين‪ ،‬إال إذا نص االتفاق على ذلك‪ ،‬فالتضامن ال يفترض‪ ،‬حتى في كفالة الديون التجاري ة‪،‬‬

‫إذا ال يقوم التضامن إال باشتراطه صراحة – وال يكفي اشتراطه ضمنا – أو بوجود كفال ة في‬

‫وزرقة تجارية فيقوم التضامن بين الملتزمين فيها ومنهم الكفالء والضامنون االحتياطيون‪.‬‬

‫وقد أخضع المشرع في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 1133‬موضوع الشرح‪ ،‬كم ا ن رى‬

‫أثار الكفالة لقواعد التضامن بين المدينين‪ ،‬لذلك يجب أن ننظر في هذه القواعد وإلى أي م دى‬

‫تنطبق على الكفالة‪ ،‬وبالرجوع إلى هذه القواعد‪ ،‬نجد أن التضامن يقع بين المدينين‪ ،‬كما تق دم‬

‫في الجزء األول من ه ذا الكت اب‪ ،‬عن د ش رح الفص ل ‪ 164‬من ق انون االلتزام ات والعق ود‪،‬‬

‫كثيرا في الحياة العملية‪ ،‬وهو وإن كان يعتبر من الناحية النظرية وضعا اس تثنائيا‪ ،‬إذ األص ل‬

‫‪37‬‬
‫إذا تعدد المدينون‪ ،‬أال يكونوا متض امنين‪ ،‬إال أن االس تثناء من الناحي ة العملي ة ق د طغى على‬

‫األصل‪ ،‬وقد نجد دائما له م دينون متع ددون في ال تزام واح د‪ ،‬وال يش ترط تض امنهم‪ ،‬ب ل إن‬

‫كثيرا ما تتولى نصوص القانون نفسه مهمة إنشاء هذا التضامن ‪.‬‬

‫والواقع من األمر أن التضامن بين المدينين يعتبر أقوى ضرب من ض روب الكفال ة‬

‫الشخصية‪ .‬فالدائن إذا أخذ كفيال بحق ه‪ ،‬وك ان الكفي ل غ ير متض امن م ع الم دين‪ .‬ك انت هي‬

‫المرتب ة ال دنيا في الكفال ة الشخص ية‪ ،‬ألن ال دائن ال يس تطيع الرج وع على الكفي ل إذا طلب‬

‫الكفيل التجريد (أي حجز وبيع أموال المدين األصلي)‪ .‬إال بعد الرجوع على المدين األصلي‪،‬‬

‫فإذا اشترط الدائن تضامن من الكفيل مع المدين األصلي‪ ،‬وص ل إلى مرتب ة أعلى من الكفال ة‬

‫الشخصية‪ ،‬ألنه يستطيع أن يرجع ابتداء على الكفيل‪ ،‬ولكن ال يزال التزام الكفيل تابعا اللتزام‬

‫المدين األصلي‪ ،‬وهذا يجر إلى نتائج تنزل بالكفيل في درجة المديونية عن األصيل‪ ،‬فإذا جعل‬

‫الدائن االثنين مدينين أصليين‪ ،‬واشتراط تضامنهما وصل بذلك إلى المرتبة العلي ا من الكفال ة‬

‫الشخص ية إذ يس تطيع أن يرج ع ابت داء على أيهم ا ش اء م ع تعادلهم ا في مرتب ة المديوني ة‪،‬‬

‫فيصبح للدائن مدينان بدال من مدين واحد‪ ،‬وكل منهما ملتزم نحوه بالدين جميعه‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وفي عالقة الكفيل بالدائن توجد حقوق لكل منهما تجاه اآلخر‪ ،‬فال دائن ل ه الح ق‬

‫في اقتضاء الدين من الكفيل إذا لم يقم المدين بأدائه‪ ،‬ول ه الح ق في أن يس لك الس بل القانوني ة‬

‫التي توصله إلى ذلك ولو مات الكفيل‪ ،‬وله الحق في اقتضاء الدين مع ملحقاته‪ ،‬وله الح ق في‬

‫طلب ضمان جديد إذا أعسر الكفيل ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫أما الكفيل فله الحق في أن يدفع مطالبة الدائن بتجري د الم دين من أموال ه‪ ،‬وحق ه في‬

‫التمسك بالدفع بالتقسيم‪ ،‬وبال دفوع األخ رى تج اه ال دائن‪ ،‬وحق ه في الحل ول‪ ،‬وغ ير ذل ك من‬

‫الحقوق سوف يرد ذكرها أثن اء معالج ة ه ذه الحق وق لك ل من ال دائن والكفي ل‪ ،‬في الفص ول‬

‫التالية‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وجاء في اجتهاد قضائي لمحكمة االستئناف بمراكش‪ ،‬يناسب المقام‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫" حيث ت بين للمحكم ة من خالل إطالعه ا على وث ائق المل ف‪ ،‬أن األم ر ال يتعل ق‬

‫بكفالة عادية منحها ش خص لض مان أداء دين تنف ذ على أم وال مح ددة مس بقا وتطب ق عليه ا‬

‫مقتضيات الفصل ‪ 1133‬من قانون االلتزامات والعقود وما بع ده‪ ،‬وإنم ا يتعل ق األم ر ب رهن‬

‫عقاري رسمي منحه المستأنف عليه للمستأنف لضمان ال تزام في ذم ة غ يره‪ ،‬وه و م ا يع بر‬

‫عنه بالكفالة العينية‪ ،‬وهذا الرهن االتف اقي مس تقل عن االل تزام ويمكن تنفي ذه بمج رد الم دين‬

‫لاللتزاماته عند حلول أجله ا ودونم ا حاج ة إلى البحث ح ول إعس ار الم دين األص لي"‪.20‬فال‬

‫يحق للدائن الرجوع على الكفيل‪ ،‬إال إذا كان المدين في حال ة مط ل في تنفي ذ التزام ه"‪ .‬غ ير‬

‫أنه‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا مات الكفيل قبل حلول األجل‪ ،‬حق لل دائن الرج وع ف ورا على تركت ه‪ ،‬دون‬

‫ضرورة النتظ ار حلول ه‪ ،‬وإذا دف ع الورث ة ال دين في ه ذه الحال ة ك ان لهم أن يرجع وا على‬

‫المدين‪ ،‬عند حلول أجل االلتزام األصلي‪.‬‬

‫‪ - 20‬محكمة االستئناف بمراكش القرار رقم ‪ 411‬بتاريخ ‪ 12/2/90‬الصادر في الملف المدني عدد ‪ ،1/89 / 448‬مجلة‬
‫المحامي عدد‪ ،1991 ،20 – 19 :‬ص ‪.248‬‬

‫‪39‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشعار إفالس الكفيل يترتب عليه حلول أجل الدين بالنسبة إليه حتى قبل حل ول‬

‫أجل االلتزام األصلي‪ ،‬وللدائن في هذه الحالة أن يتقدم بدينه في تفليسه الكفيل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬وف اة الم دين ت ؤدي إلى حل ول أج ل ال دين بالنس بة إلى تركت ه ولكن ال يس وغ‬

‫للدائن مطالبة الكفيل‪ ،‬قبل حلول األجل المتفق عليه "‪.‬‬

‫حقوق الدائن تجاه الكفيل‬

‫من حق الدائن أو يقتضي دينه‪ ،‬إن لم يكن من المدين‪ ،‬فمن الكفيل‪ ،‬ثم إن الدين يشمل‬

‫ملحقاته كما سبق‪ ،‬ومن ح ق ال دائن أن يح رص على لق اء ف رص اس تيفاء دين ه ب أن يتف ادى‬

‫إعسار الكفيل بوسائل كافية‪ .‬وفيما يلي نبين حقوق الدائن قبل الكفيل‪ ،‬أم ا حقوق ه قب ل الم دين‬

‫فهي تخضع للعالقة األصلية التي بينهما‪ ،‬عقدا كانت أو مصدرا آخر من مصادر االلتزام‪.‬‬

‫حق الدائن في اقتضاء الدين وملحقاته‬

‫القاعدة األصلية أن الدائن ال يستطيع الرجوع على الكفيل إال بع د أن يك ون ق د وج ه‬

‫أعذار إلى المدين األصلي وما طل المدين في تنفيذ التزامه‪ .‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪1134‬‬

‫من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬موضوع الشرح‪ .‬وعليه‪ ،‬للدائن أن يطالب الكفيل بأداء ال دين‪،‬‬

‫ولكن حق الدائن في مطالبة الكفيل العادي بتقيد بأن يكون ق د س بق أن ط الب الم دين فلم ي ؤد‬

‫الدين‪ ،‬وبأن يكون قد أجرى التنفيذ على أموال الم دين‪ .‬فلم يج د عن ده أم واال‪ ،‬أو ك انت لدي ه‬

‫أموال غير قابلة للحجز عليها أو مستغرقة برهون مقدمة في المرتبة‪ ،‬أو كانت أم وال ض ئيلة‬

‫القيمة بالنسبة إلى الدين‪ ،‬أو كان المدين قاصرا استعص م بقص ره‪ ،‬فعج ز ال دائن عن اقتض اء‬

‫الدين منه‪ ،‬وكان الكفيل قد كفل المدين ليؤمن الدائن من قصر المدين بالذات‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫وفي هذه الحاالت المتقدمة يكون للدائن أن يرجع على الكفيل يطالبه بأداء الدين‪ ،‬فإذا‬

‫لم تكن هناك دفوع يدلي بها الكفيل تتعلق بالدين األصلي أو بالدين أو بعقد الكفالة‪ ،‬فإن ه يتعين‬

‫على الكفيل أداء الدين‪ ،‬وإال استمر الدائن في التنفيذ على أمواله‪.‬‬

‫ويجب أن يكون لدى الدائن سند تنفيذي يمكنه بمقتضاه أن يجري التنفي ذ على أم وال‬

‫الكفيل‪ ،‬وال يكفي أن يكون بيده سند تنفيذي ضد المدين‪.‬‬

‫غير أن المشرع المغربي‪ ،‬استثنى من القاعدة األص لية‪ ،‬المش ار إليه ا أعاله‪ ،‬وال تي‬

‫تق رر أن ال دائن ال يس تطيع الرج وع على الكفي ل إال بع د أن يك ون وج ه إع ذار إلى الم دين‬

‫األصلي وما ط ل الم دين في تنفي ذ التزام ه‪ ،‬اس تثنى من ه ذه القاع دة المنص وص عليه ا في‬

‫الفصل ‪ ،1134‬الحاالت التالية المنصوص عليها في الفصل ‪ 1135‬موضوع الشرح‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫إذا مات الكفيل قبل حلول األجل‪ ،‬حق للدائن الرجوع فورا على ورثته دون م ا‬ ‫أ‪-‬‬

‫ضرورة النتظار حلول األجل‪ ،‬وإذا دفع الورث ة ال دين في ه ذه الحال ة‪ ،‬ك ان لهم أن يرجع وا‬

‫على المدين عند حلول أجل االلتزام األصلي‪ ،‬بمع نى أن ه إذا م ات الكفي ل قب ل أن يح ل أج ل‬

‫الدين‪ ،‬سقط ه ذا األج ل ويك ون لل دائن أن يرج ع في الح ال على الترك ة ليقض ي دين ه‪ ،‬ف إذا‬

‫استوفاه لم يكن للورثة أن يرجعوا على المدين األصلي إال عند حلول األجل‪ ،‬ألنه ال يوجد من‬

‫جانبه ما يقتضي حرمانه من األجل‪.‬‬

‫وجدير بالمالحظة أن الفصل ‪ 140‬من قانون االلتزامات والعق ود ال ذي ك ان يقض ي‬

‫بحلول أجل االلتزام بم وت المل تزم‪ ،‬ق د ألغى بم وجب ظه ير ‪ 19‬يولي وز ‪ ،1922‬وك ان من‬

‫المفروض أن يؤدي إلغ اء الحكم الع ام ال وارد في ه ذا الفص ل إلى إلغ اء الحكم ال وارد علي ه‬

‫‪41‬‬
‫النص في الفقرة األولى من الفصل ‪ 1135‬موض وع الش رح‪ ،‬ولكن المش رع غف ل عن ذل ك‪،‬‬

‫فيبقى إذن أن موت الكفيل قبل حلول األجل يجعل التزامه حاال في مواجهة الدائن‪.‬‬

‫إذا اشهر إفالس الكفيل‪ ،‬ترتب على ذلك حلول أجل الدين بالنسبة إليه‪ ،‬حتى ل و‬ ‫ب‪-‬‬

‫لم يحل أجل االلتزام األصلي‪ ،‬بمعنى أنه إذا أش هر إفالس الكفي ل‪ ،‬ف إن األج ل يس قط أيض ا‪،‬‬

‫وللدائن في ه ذه الحال ة أن يتق دم في تفليس ته بال دين‪ ،‬رغم أن ال دين م ا زال م ؤجال بالنس بة‬

‫للمدين األصلي‪ ،‬فإذا تأخر في اتخ اذ ه ذه اإلج راءات‪ ،‬ك ان للكفي ل الع ادي أن يطلب غ براء‬

‫ذمته بسبب إهمال الدائن‪.‬‬

‫وبناء على ما ذكر أعاله‪ ،‬ولكي ينجح الدفع بتجريد المدين‪ ،‬يجب أن تتوافر الشروط التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يتمسك به الكفيل‬

‫أن تكون هناك أموال للمدين يقوم الكفيل بإرشاد إليها‬ ‫‪-2‬‬

‫ويجب أن تكون هذه األموال موج ودة داخ ل المملك ة‪ ،‬فال يكل ف ال دائن بتتب ع أم وال‬ ‫‪-3‬‬

‫المدين في الخارج‪.‬‬

‫‪ -4‬ويجب أن تكون تلك األموال غير متنازع عليها‪..‬‬

‫‪ -5‬ويجب أن تكون األموال التي يرشد إليها الكفيل الدائن إليها غير مثقلة برهون رسمية‬

‫‪ -6‬وأخيرا يجب أن تكون األموال التي يرشد إليها الكفيل كافية للوفاء بحق الدائن كامال‪.،‬‬

‫كذلك ال ينجح الدفع بالتجريد حسب الفص ل ‪ 1137‬إذا ك انت مطالب ة ال دائن للم دين‬

‫األصلي قد أصبحت عسيرة نتيجة لنقل المدين محل إقامت ه أو موطن ه أو مرك ز ص ناعته من‬

‫المحل الذي يجب فيه الوفاء‪ ،‬أو من المكان الذي نشأت في ه االل تزام‪ ،‬ف إن ذل ك يكل ف ال دائن‬

‫‪42‬‬
‫نفقات زائدة للرجوع على المدين ومشقات وصعوبات في التنفيذ واالنتقال‪ .‬وكذلك الشأن فيم ا‬

‫إذا كان المدين األصلي معسرا إعسارا بينا أو أشهرا إفالسه‪ ،‬فيكون لل دائن في ه ذه الح االت‬

‫أن يرجع على أموال الكفيل دون التقيد بتجريد المدين أوال‪.‬‬

‫وإذا استوفى الدفع بالتجريد شروطه ولم يوجد ما يحول دون التمسك به‪ ،‬ف إن ال دائن‬

‫يجب عليه أن يتوقف عن مطالبة الكفيل أو عن التنفيذ على أمواله‪ .‬وإذا كان النزاع معروض ا‬

‫على المحكمة فإنها تأمر بوق ف اإلج راءات التنفيذي ة ض د الكفي ل ب ل إنه ا ت أمر بوق ف ه ذه‬

‫اإلجراءات مؤقتا بمجرد إبداء الدفع وحتى تتم نظرها فيه‪.‬‬

‫فإذا انتهت إلى أحقية الكفيل في التمسك به‪ ،‬أوقفت اإلج راءات نهائي ا‪ ،‬إلى أن يتم م ا‬

‫بدأه فال يبدأه من أوله ويبقى للدائن عند وقف اإلجراءات التنفيذية أن يقوم باتخ اذ اإلج راءات‬

‫التحفظية عن أموال الكفيل فيقطع سريان التقادم ليمنع اكتساب ألموال الكفيل أو يس جل رهن ا‬

‫رسميا لمصلحة الكفيل‪ ،‬إذ يعود ذلك بالنفع على الدائن‪.‬‬

‫ونجاح الكفيل في الدفع بتجريد المدين من أمواله ‪،‬يلزم ال دائن ب أن يب ادر إلى التنفي ذ‬

‫على أموال المدين بدون إبطال‪ .‬فإذا تراخى الدائن في ذلك حتى تمكن المدين من تهريب تل ك‬

‫األموال أو التصرف فيها فإن الدائن يتحم ل تبع ه ذل ك‪ ،‬وت برأ ذم ة الكفي ل بق در م ا أض اعه‬

‫الدائن‪ .‬فإذا كانت قيمة األموال التي تصرف فيها الم دين ت وازي قيم ة ال دين أو تزي د‪ ،‬رج ع‬

‫الكفي ل على ال دائن إلب راء ذمت ه من ال دين كل ه‪ .‬وفي ه ذا المع نى تق ول الم ادة ‪ 790‬م دني‬

‫مصري‪ " :‬في كل األحوال التي يدل فيها الكفيل على أموال المدين يكون الدائن مسؤوال قب ل‬

‫‪43‬‬
‫الكفي ل عن إعس ار الم دين ال ذي ي ترتب على ع دم اتخ اذه اإلج راءات الالزم ة في ال وقت‬

‫المناسب"‪.‬‬

‫وإذا كان هناك رهن حيازي على م ال من أم وال ال دين العقاري ة أو المنقول ة تق رر‬

‫للدائن ضمانا لهذا الدين أو ضمانا له ولديون أخرى‪ ،‬فإن ه يجب على ال دائن أن يق وم بالتنفي ذ‬

‫على ه ذا الم ال قب ل الرج وع على الكفي ل‪ ،21‬وال دائن يق وم به ذا التنفي ذ‪ ،‬س واء ك ان الم ال‬

‫المرهون موج ودا في حيازت ه أو في ع دل وس واء ك ان ال رهن س ابقا على الكفال ة أو الحق ا‬

‫عليه ا‪ .‬ولكن إذا ك ان الم ال المره ون ال يكفي للوف اء بال ديون المض مونة‪ ،‬فال يل زم ال دائن‬

‫بالرجوع على المال المرهون أوال‪ ،‬بل يكون ل ه أن يقتض ي ال دين من الكفي ل ويح ل الكفي ل‬

‫محله في حق الرهن كما سنرى فيمال بعد‪.‬‬

‫وإذا ك ان لل دائن ح ق في الحبس على الم ال الممل وك للم دين‪ ،‬وجب ك ذلك يتخ ذ‬

‫اإلجراءات للتنفيذ على هذا المال قبل الرجوع على الكفيل‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ويالحظ أن الفص ل ‪ ،1136‬لم يش ر إلى حال ة م ا إذا ك ان لل دائن رهن رس مي‬

‫على عقار مملوك للمدين‪ .‬هل يتعين التنفيذ عليه قبل الرجوع على الكفيل ؟‬

‫يرى الدكتور محيي الدين إسماعيل علم الدين‪ ،22‬أنه يتعين ذلك على ال دائن‪ ،‬ألن ه إن‬

‫لم يفعل‪ ،‬فإن الكفيل سوف يتمسك بالدفع بالتجريد‪ ،‬فأحرى بالدائن‪ .‬إذن علي ه أن يب دأ بالتنفي ذ‬

‫‪ - 21‬المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ ،2‬صفحة‪.420 :‬‬


‫‪ - 22‬وإذا كان الدفع بالتجريد قد تقرر رعاية لكون الكفيل المادي يؤدي دينا على غيره‪ ،‬فإن الكفيل العيني أيضا‬
‫يؤدي دين غيره‪ ،‬فيكون مركزه مماثال للكفيل العادي‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫على العقار المرهون رهنا رس ميا‪ ،‬إذا وج دت ره ون أس بق مرتب ة من ه تس تغرق قيم ة ه ذا‬

‫العقار أو جزء كبيرا منه‪.‬‬

‫كذلك لم يشر الفصل ‪ ،1136‬إلى حالة الكفيل العي ني‪ :‬فه ل يك ون الكفي ل الع ادي أن‬

‫يطلب إلى الدائن التنفيذ أوال على المال موضوع الكفالة العينية ؟‬

‫الواقع أن الكفالة العينية ال تخ رج عن أن تك ون رهن ا لص الح ال دائن‪ ،‬وال راهن في ه‬

‫شخص غير المدين أي شخص غير ملزم شخصيا بالدين‪ ،‬وإنما يقدم مال ه ض مانا ل ه‪ ،‬وعلى‬

‫هذا ال يستطيع الكفي ل الع ادي أن يط الب بتجري د الكفي ل العي ني من الم ال موض وع الكفال ة‬

‫العينية‪ .23‬ولذلك ال يلزم الدائن بأن يتخذ إجراءات التنفيذ على ه ذا الم ال‪ ،‬وإنم ا يك ون ل ه أن‬

‫يرج ع إن ش اء على الكفي ل الشخص ي أوال‪ .24‬وإن ك ان من الواض ح أن اقتض اء ال دين من‬

‫التأمين العيني (الكفالة العينية في هذه الحالة) أيسر اقتضائه من التأمين الشخصي‪.‬‬

‫وفإذا طلب الكفيل تجريد المدين األص لي‪ ،‬ت وقفت المطالب ة بحق ه ح تى تجري د ه ذه‬

‫األموال بدون إخالل بحق الدائن في اتخاذ ما عساه أن يؤذن له من اإلجراءات التحفظية ض د‬

‫الكفيل‪.‬‬

‫وإذا وفي الكفيل جزاءا من الدين أو تصالح مع الدائن على ترك ج زء من ه‪ ،‬ك ان ل ه‬

‫أن يرجع على المدين في حدود هذا الجزء الذي وفاه وال يرجع بالباقي‪ .‬وإذا رجع الدائن على‬

‫المدين بالباقي زاحمه الكفيل واشترك معه في قسمه غرماء ‪.‬‬

‫‪ - 23‬وليس للكفيل العيني أن يطلب تجريد الكفيل الشخصي وال أن يطلب تجريد المدين‪ ،‬السنهوري‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪،131‬‬
‫هامش رقم‪.2 :‬‬
‫‪ - 24‬طبقا للمادة ‪ 791‬مدني مصري‪ ،‬فإن الكفالة العينية باعتبارها تأمينا عينيا‪ ،‬يجب البدء على األموال التي تقع عليها قبل‬
‫الرجوع على الكفيل الشخصي‪ ،‬وقد تقرر هذا بنص خاص في القانون المصري‪ ،‬ال يوجد له نظير في القانون المغربي‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وإذا كان لل دائن ح ق ال رهن الحي ازي أو ح ق الحبس على منق ول ممل وك للم دين‪،‬‬

‫وجب عليه أن يستوفي دينه منه‪ ،‬ما لم يكن مخصصا لضمان ديون أخرى على الم دين حال ة‬

‫كونه غير كاف للوفاء بها جميعا (الفصل ‪. )1136‬‬

‫على أن المشرع من ع على الكفي ل المطالب ة بتجري د الم دين األص لي من أموال ه في‬

‫الحاالت التالية المنصوص عليها في (الفصل ‪ ،) 1137‬وهذه الحاالت هي اآلتية‪:‬‬

‫أ – إذا كان قد تنازل صراحة عن التمسك بالدفع بالتجريد وعلى األخص إذا ك ان ق د‬

‫التزم بالتضامن مع المدين األصلي ‪.‬‬

‫إذا أض حت مالحق ة الم دين األص لي‪ ،‬أو اإلج راءات التنفيذي ة في حق ه أك ثر‬ ‫ت‪-‬‬

‫صعوبة نتيجة تغيير سكناه أو موطنه أو منشأته الصناعية منذ نشوء االلتزام ‪.‬‬

‫ج‪ -‬إذا كان المدين األصلي في حالة إعسار بين وواضح أو إفالس اشهر ‪.‬‬

‫د‪ -‬إذا ك انت األم وال ال تي يمكن تجري د الم دين منه ا متنازع ا عليه ا أو مثقل ة‬

‫برهون عقارية تستغرق جزءا كبيرا من قيمتها‪ ،‬أو كان من الواضح أنها ليس ت كافي ة للوف اء‬

‫بكل حق الدائن‪ ،‬أو لتم يكن للمدين عليها حق قابل للفسخ‪.‬‬

‫ولئن ك ان الفص ل ‪ 1136‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع ينص في فقرت ه األولى على أن للكفي ل الح ق في أن‬

‫يطلب من الدائن أن يقوم أوال بتجريد المدين من أمواله المنقولة والعقاري ة‪ ،‬بش رط أن تك ون‬

‫قابلة للتنفيذ عليها ‪ ...‬فإن الفقرة األولى من الفصل ‪ 1137‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع ص ريحة من أن ه ليس‬

‫للكفيل طلب تجريد المدين األصلي من أمواله إذا كان قد تن ازل ص راحة عن التمس ك بال دفع‬

‫بالتجريد وعلى الخصوص إذا كان قد التزم متضامنا مع المدين األصلي‪ .‬والمحكم ة مص درة‬

‫‪46‬‬
‫القرار المطعون فيه التي تبين لها من خالل عقدي الكفالة المدرجين ب الملف أن الط الب كف ل‬

‫المدينة األصلية بصفة متضامنة مع التنازل الصريح عن الدفع بالتجريد وبالتجزئة‪ ،‬ف أوردت‬

‫ضمن تعليماتها " أنه بخصوص الدفع المتعلق بخرق الفصل ‪ 1136‬من ق‪ .‬ل ع فإنه م ردود‬

‫ذلك أن الطاعن يعت بر كفيال للمدين ة األص لية‪ ،‬وأن الكفال ة المقدم ة له ذه األخ يرة هي كفال ة‬

‫تضامنية تنازل بمقتضاها بصفة صريحة عن حقه في التجريد والتجزئة‪ ،‬لذلك ليس ل ه الح ق‬

‫في المطالبة بمتابعة المدين األصلي في ممتلكاته"‪.25‬‬

‫حق الكفيل في التمسك بالدفع بالتقسيم عند تعدد الكفالء‬

‫" إذا كفل عدة أشخاص بعقد واح د نفس الم دين لم يل تزم ك ل منهم إال بق در حص ته‬

‫منه‪ .‬وال يقوم التضامن بين الكفالء إال إذا اشترط‪ ،‬أو إذا كانت الكفالة قد أبرمت من كل كفي ل‬

‫على انفراد من أجل الدين كله‪ ،‬أو إذا كانت الكفالة تعتبر عمال تجاريا بالنسبة إلى الكفالء"‪.‬‬

‫يق رر الفص ل ‪ 1138‬موض وع الش رح‪ ،‬أن ه إذا تع دد الكفالء وجب لتحدي د عالقتهم‬

‫بالدائن التمييز بين الوضعيتين التاليتين‪:‬‬

‫إذا كان الكفالء قد كفلوا بعقد واحد نفس الدين ولم يشترطوا التضامن فيما بينهم‬ ‫أ‪-‬‬

‫ماال تزم كل منهم إال بقدر حصته من الدين‪.‬‬

‫أما إذا اشترطوا التضامن فيما بينهم أو إذا كانت الكفالة ق د أب رمت من ك ل من‬ ‫ب‪-‬‬

‫الكفالء على انف راد من أج ل ك ل ال دين‪ ،‬أو إذا ك انت تعت بر عمال تجاري ا بالنس بة للكفالء‪،‬‬

‫اعتبروا متضامنين في مواجهة الدائن‪ ،‬وكان للدائن بالتالي مطالبة كل منهم بالدين بمجموعه‪.‬‬

‫‪ - 25‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 28/5/08‬تحت عدد ‪ 762‬في الملف التجاري عدد ‪ 334/05‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 71‬ص‪ 211 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وبعبارة أخرى أوضح‪ ،‬يمكن أن تتخذ الكفالة العادية أو البسيطة صورا مختلفة‪:‬‬

‫قد يكون الكفيل شخصا واحدا فيوجد عقد كفالة واحد بين ه وبين ال دائن يتعل ق بال دين‬

‫المضمون‪ .‬وقد يكون هناك عدة كفالء تعاقد كل منهم مع الدائن على كفالة الدين بعق د مس تقل‬

‫وتعهد منهم بأداء كل الدين‪ .‬فتقترض في ه ذه الحال ة أن ه ؤالء الكفالء يعتم د ك ل منهم على‬

‫اآلخرين في كفالته ولم يعود على إمكان تقسيم الدين بينه وبينهم‪ ،‬ولذلك يعتبر ك ل منهم كفيال‬

‫مستقال للدين كله‪ ،‬وليس له أن يطلب تقسيم الدين بين ه وبين الكفالء اآلخ رين كفيال ي ؤدي إال‬

‫ما يخصه‪ ،‬ولكن إذا كان قد احتفظ في العقد لنفسه بحق التقسيم كان ل ه أن يتمس ك ب ه‪ ،‬ويبقى‬

‫من لم يشترط التقسيم من الكفالء اآلخرين ملزم ا بال دين كل ه‪ ،‬ويك ون ك ل من الكفالء بعق ود‬

‫مستقلة أو بعقود متوالية مسؤوال عن الدين كله‪ ،‬ولكن مسؤولية هؤالء الكفالء ليست تضامنية‬

‫بل هي تضامنية‪.26‬‬

‫قد يكون هناك كفالء متعددون ولكن كفلوا الدين بعقد واحد‪ ،‬وفي ههذه الحال ة يعت بر‬

‫هؤالء الكفالء أنهم قد اعتمدوا على بعض هم البعض‪ ،‬وعلى انقس ام ال دين فيم ا بينهم‪ ،‬ول ذلك‬

‫فإنه يكون لكل منهم أن يتمسك بالدفع بالتقسيم‪.‬‬

‫ولكي ينجح الدفع بالتقسيم يجب توافر شروط هي‪:‬‬

‫‪ - 26‬هناك فوارق على جانب كبير من األهمية بين االلتزام التضامني‪ ،‬يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫أوال – إن التضامن بين المدينين يقوم على أساس تعدد الروابط ( فهناك رابطة مستقلة بين كل مدين متضامن وبين‬
‫الدائن) ووحدة المحل وحدة المصدر الذي أنشأ االلتزام ( كان يكون التزام المدينين المتضامنين ناشئا من عقد واحد )‪.‬‬
‫أما االلتزام التضامني فيقوم على أساس تعدد الروابط ووحدة المحل‪ ،‬أما المصدر فهو متعدد وليس واحد‪ ،‬وهذا هو الفارق‬
‫األول بينه وبين التضامن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن المدينين المتضامين تربط بينهم مصلحة مشتركة‪ ،‬أما المدينون المتضامنون فال تربط بنهم مصلحة مشتركة ‪.‬‬
‫ثالثا يترتب على كون المدينين المتضامنين ذوي مصلحة مشتركة أن ينوب بعضهم عن بعض ال فيما ينفع وال فيما يضر‬
‫(أنظر السنهوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ج ‪ ،3‬فقرة ‪ ،176‬ص ‪.285‬‬

‫‪48‬‬
‫أن يكون هناك عدة كفالء عاديين‪ :‬فإذا كان الكفالء متض امنين لم ينقس م ال دين‬ ‫‪-1‬‬

‫بينهم‪ .‬وإذا كان ثمة كفيل واحد عادي‪ ،‬فال ينقسم الدين بينه وبين المدين ب ل يل زم بال دين كل ه‬

‫على أن يكون له الدفع بالتجريد‪.‬‬

‫أن تكون كفالتهم لنفس الدين‪ :‬فالكفيل يختلف التزامه عن التزام المصدق (كفيل‬ ‫‪-2‬‬

‫الكفيل)‪ ،‬ألن الكفيل يضمن التزام المدين‪ ،‬أما المصدق فيضمن التزام الكفيل‪ ،‬ولذلك ال ينقس م‬

‫االلتزام بين الكفيل والمصدق‪.27‬‬

‫أن تكون كفالتهم لنفس المدينين‪ :‬فإذا ك ان ال دين األص لي ق د ال تزم ب ه م دينان‬ ‫‪-3‬‬

‫متضامنان وكفل كال من المدينين كفيل مستقل‪ ،‬لم ينقسم الدين بين الكفيلين‪ ،‬ألنهما وإن كفال‬

‫دينا واحدا‪ ،‬لم يكفال مدينا واحدا‪.‬‬

‫وم تى ت وافرت ه ذه الش روط‪ ،‬ك ان لك ل كفي ل أن ي دفع مطالب ة ال دائن بال دين كل ه‬

‫بواسطة الدفع بالتقسيم‪ ،‬وبذلك ال ي دفع الكفي ل إال الحص ة ال تي تخص ه من ال دين‪ ،‬ف إذا ك ان‬

‫الكفالء ثالثة‪ ،‬أدى كل كفيل ثلث الدين فقط‪ ،‬ما لم تكن هناك نسبة أخ رى متفق ا عليه ا لتقس يم‬

‫الدين بين الكفالء فيجب عندئذ إتباعها‪.‬‬

‫وال تنطبق هذه األحكام على الكفالة التجارية ألن التضامن في المسائل التجاري ة ه و‬

‫القاعدة وهو مفترض ما لم يتفق على عكسه ‪.‬‬

‫حق الكفيل في التمسك بالدفوع في مواجهة الدائن‬

‫‪ - 27‬ويقوم التقسيم إذا كان هناك إلى جانب الكفيل الشخصي عيني‪ ،‬فيقسم الدين بينهما على أساس أن األول التزم بكل‬
‫الدين والثاني‪ ،‬التزم بما يوازي قيمة التأمين العيني الذي قدمه لضمان هذا الدين‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫" للكفي ل أن يتمس ك في مواجه ة ال دائن‪ ،‬بك ل دف وع الم دين األص لي س واء ك انت‬

‫شخصية ل ه أو متعلق ة بال دين المض مون‪ ،‬ومن بينه ا ال دفوع ال تي تؤس س على نقص أهلي ة‬

‫المدين األصل‪ ،‬وأن يتمسك بهذه الدفوع ولو برغم اعتراض المدين أو تنازله عنه ا‪ ،‬كم ا أن ه‬

‫يمكنه أن يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص المدين األصلي كاإلبراء من ال دين الحاص ل‬

‫له شخصيا"‪.‬‬

‫يحق للكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بك ل دف وع الم دين األص لي‪ ،‬س واء ك انت‬

‫شخصية له أم متعلقة بالدين المضمون‪ ،‬ومن بينها تلك التي تؤسس على نقص أهليته‪ ،‬وله أن‬

‫يتمسك بهذه الدفوع حتى رغم اعتراض المدين‪ ،‬أو حتى رغم تنازله عنها‪ ،‬ب ل ل ه أن يتمس ك‬

‫بالدفوع التي تتسم بطابع شخصي بحت بالنسبة للمدين‪ ،‬كالدفع المستمد من اإلب راء من ال دين‬

‫الحاص ل للم دين شخص يا‪ ،‬وه ذا الحكم ه و المنص وص علي ه في الفص ل ‪ 1140‬من ق انون‬

‫االلتزامات والعقود‪ ،‬موضوع الشرح‪.‬‬

‫وبناء على ما جاء في هذا النص‪ ،‬فإن الدين ضمنه الكفي ل ليس دين ا شخص يا علي ه‪،‬‬

‫بل على غيره‪ ،‬والتزامه بالضمان في عقد الكفالة هو التزام تابع لاللتزام األصلي ‪.‬‬

‫ونتيجة لهذه التبعي ة يبقى االل تزام الت ابع مرتبط ا ب االلتزام األص لي في ك ل مص ير‬

‫يلقاه‪ ،‬ويكون للكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بدفوع االلتزام األصلي باإلضافة إلى دف وع‬

‫عقد الوكالة‪.‬‬

‫ومن شأن وج ود االل تزام األص لي وكفالت ه أن توج د عالق ات ثالث بين األط راف‪:‬‬

‫عالقة بين الدائن والكفيل‪ ،‬وعالقة بين الدائن والمدين‪ ،‬وعالقة بين الكفيل والمدين‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫والدفوع التي يمكن للكفيل أو يوجهها إلى الدائن هي دفوع عالقته به‪ ،‬ودف وع عالق ة‬

‫المدين بالدائن سواء ك انت متعلق ة بش خص الم دين أو ب االلتزام في ذات ه‪ .‬أم ا عالق ة الكفي ل‬

‫بالمدين وما قد يكون فيها من دفوع لألول ضد الثاني‪ ،‬فال يجوز طبق ا لل راجح فقه ا أن يحتج‬

‫بها الكفيل على الدائن‪ ،‬ألن الدائن ليس طرفا في ه ذه العالق ة‪ ،‬ومع نى ه ذا أن ال تزام الكفي ل‬

‫نحو الدائن يتجرد من دفوع هذه العالقة (عالقة الكفيل بالمدين)‪ ،‬فهو نوع من االلتزام المجرد‬

‫ولكنه تجريد جزئي‪ ،‬يمنع االحتجاج ببعض الدفوع‪ ،‬ويدع االحتجاج بباقيها حائزا للكفيل‪.‬‬

‫وتطبيقا لما تقدم إذا كان للمدين أن يطلب إبط ال التزام ه بس بب إك راه وق ع علي ه أو‬

‫تدليس أو غلط شاب إرادته‪ ،‬كان للكفيل كذلك أن يتمسك بنفس هذه الدفوع‪ .‬وهوال يتمسك به ا‬

‫باسم المدين‪ ،‬بل باسمه الشخصي‪ ،‬وبناء على ذلك إذا تنازل المدين عن التمسك به ذه ال دفوع‬

‫فأصبح االلتزام صحيحا بالنسبة إلي ه‪ ،‬ك ان للكفي ل م ع ذل ك أن يتمس ك به ذه ال دفوع ويطلب‬

‫إبطال التزامه رغم أن عيب اإلرادة لم يتعلق شخصيا‪ ،‬وأن االل تزام األص لي ص ار ص حيحا‬

‫بنزول المدين عن هذه الدفوع‪.‬‬

‫وإذا كان االلتزام األصلي باطال لعدم توافق اإلرادتين أو لع دم مش روعية الس بب أو‬

‫غير ذلك من أوجه البطالن المطلق‪ ،‬كان للكفي ل أن يتمس ك ببطالن التزام ه أيض ا بن اء على‬

‫هذه األوجه‪ .‬وله أن يتمسك بهذه األوجه عن طريق دعوى مبت دأة‪ ،‬أو عن طري ق الت دخل في‬

‫دعوى المدين ضد الدائن‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ولكن إذا كان المدين ناقص األهلية‪ ،‬وكان الكفيل قد كفله بسبب نقص األهلية‪ ،‬أو هو‬

‫عالم بحالة نقص األهلية‪ ،‬فإنه يبقى كفيال يؤمن لل دائن إفالت الم دين من الوف اء بس بب نقص‬

‫أهليته‪ ،‬فيقوم الكفيل بالوفاء محله‪.‬‬

‫وإذا كان التزام المدين قد انقضى‪ ،‬كان للكفيل أن يتمسك بانقضاء التزامه كذلك فمثال‬

‫إذا وفي المدين الدين وف اء عادي ا أو وف اء بمقاب ل‪ ،‬أو بطري ق المقاص ة بين دين على ال دائن‬

‫للمدين وبين الدين المضمون‪ ،‬فإن التزام الكفيل ينقضي ك ذلك‪ .‬ب ل إن ه إذا تن ازل الم دين عن‬

‫التمسك بالمقاصة‪ ،‬فإن الكفيل يكون له أن يتمسك بها رغم ذلك‪ .‬وإذا انقضى االلتزام األصلي‬

‫بالتقادم وكان التزام الكفيل مؤجال لم يحل أجله‪ ،‬ف إن الكفي ل يح ق ل ه التمس ك بتق ادم التزام ه‬

‫بالتبعية لاللتزام األصلي‪ .‬وإذا انقضى التزام المدين باتحاد الذمة في شخصه‪ ،‬ك ان للكفي ل أن‬

‫يتمسك بانقضاء الكفالة‪ .‬وإذا أبرأ ال دائن الم دين من ال دين أو من ج زء من ه‪ ،‬ك ان للكفي ل أن‬

‫يتمسك به ذا االنقض اء في مواجه ة ال دائن‪ .‬ولكن في ح االت اإلفالس ال يعت بر قب ول ال دائن‬

‫للصلح إبرام من بعض الدين‪ .‬وإذا استحال تنفيذ التزام المدين بسبب ال يدله في ه‪ ،‬ك ان للكفي ل‬

‫أن يطلب براءة ذمته من االلتزام‪ ،‬ولكن إذا كانت االستحالة راجعة لخطأ المدين‪ ،‬فإن االلتزام‬

‫األصلي يستحيل إلى تعويض نقدي يكفله الكفيل‪ .‬وإذا انقضى االلتزام األصلي بالتجديد‪ ،‬ك ان‬

‫للكفيل أن يتمسك بانقضاء كفالت ه‪ ،‬وإذا انقض ى االل تزام األص لي باإلناب ة الكامل ة حيث ي برأ‬

‫المدين األصلي‪ ،‬فإن للكفيل أن يتمسك بذلك أيضا‪ ،‬أم ا إذا ك انت اإلناب ة قاص رة ف إن الم دين‬

‫األصلي يبقى مدينا ويظل الكفيل ضامنا له‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وإلى جانب هذه الدفوع يكون للكفيل أيضا أن يتمسك تجاه الدائن بدفوع عقد الكفال ة‪،‬‬

‫فإذا كانت الكفالة باطلة أو قابلة لإلبطال أو انقضت بطريق من طرف انقضاء االل تزام‪ ،‬ك ان‬

‫للكفيل أن يوجه الدفوع المتعلقة بهذه األوج ه إلى ال دائن وهي دف وع تتص ل ب ه وبالتزام ه ال‬

‫بالمدين‪.‬‬

‫وال دفوع المتقدم ة جميعه ا جب على الكفي ل أن يتمس ك به ا إذا أراد ال براءة من‬

‫التزامه‪ ،‬أما إذا شاء أن يتنازل عنها فإنه يحق له ذلك ألنها دفوع غ ير متعلق ة بالنظ ام الع ام‪،‬‬

‫عدا دفوع البطالن المطلق ونقص أهلية الكفيل‪.‬‬

‫ب‪ -‬العالقة بين الكفيل والمدين‬

‫" ليس للكفيل الذي أدى الدين حق الرجوع على المدين األصلي إال إذا أمكنه أن يقدم‬

‫توصيال من الدائن‪ .‬أو أية حجة أخرى تثبت انقضاء الدين ‪.‬‬

‫ليس للكفيل الذي قب ل حل ول األج ل ح ق الرج وع على الم دين إال بع د حل ول أج ل‬

‫االلتزام األصلي"‪.‬‬

‫يحق للكفيل إذا اقضي االلتزام األصلي قضاء صحيحا‪ ،‬أن يرجع على المدين بكل ما‬

‫دفع ه عن ه ح تى ل و ك انت الكفال ة ق د أعطيت بغ ير علم الم دين‪ .‬ويش مل ح ق الرج وع‪:‬‬

‫المصروفات والخسائر التي كانت نتيجة طبيعي ة وض رورية للكفال ة‪ .‬وك ل فع ل لكفي ل غ ير‬

‫الوفاء بالمعنى الصحيح يترتب عليه انقضاء االلتزام األصلي‪ ،‬وإبراء ذمة المدين يق ع بمثاب ة‬

‫الوفاء‪ ،‬ويمنح الكفيل ح ق الرج وع بأص ل ال دين وس ائر المص روفات المتعلق ة ب ه‪ .‬على أن‬

‫الكفيل الذي أدى الدين قبل حلول األجل ال يستطيع الرج وع على الم دين إال بع د حل ول أج ل‬

‫‪53‬‬
‫االلتزام األصلي‪ .‬وفي كل حالة ليس للكفيل الذي أدى الدين حق الرجوع على المدين األصلي‬

‫إال إذا أمكنه أن يقدم توصيال من الدائن أو أية حجة أخرى تثبت انقضاء الدين‪.‬‬

‫رجوع الكفيل الذي وفى الدين كله‪ ،‬على الكفالء المتضامنين‬

‫" إذا تعدد الكفالء المتضامنون ودفع أحدهم الدين كله عند حل ول األج ل ك ان ل ه أن‬

‫يرجع أيضا على الكفالء اآلخرين‪ ،‬كل بقدر حصته وبقدر نصيبه في حصة المعسر منهم"‪.‬‬

‫في إطار أحكام العالقة بين الكفالء‪ ،‬ينص الفصل ‪ 1145‬موضوع الش رح‪ ،‬على أن ه‬

‫إذا تعدد الكفالء وكانوا متضامنين واضطر أحدهم لدفع الدين كله عند حلول األجل فإن ل ه أن‬

‫يرجع على المدين بكل ما دفع كم ا بين اه أعاله‪ ،‬وفض ال عن ذل ك ف إن ل ه في ه ذه الحال ة أن‬

‫يرجع أيضا على الكفالء اآلخرين كل بقدر حصته وبقدر نصيبه في حصة المعسر منهم وفق ا‬

‫ألحكام التضامن بين المدينين‪.‬‬

‫أما إذا تعدد الكفالء وكانوا غير متض امنين‪ ،‬فال يثبت ألح د منهم ح ق الرج وع على‬

‫غيره من الكفالء‪ ،‬ألن كال منهم في هذه الحالة ال يلتزم إال بق در حص ته من ال دين‪ ،‬ف إن دف ع‬

‫هذه الحصة كان له حق الرجوع على المدين األصلي ليس إال‪.‬‬

‫وبعب ارة أخ رى‪ ،‬إذا ك ان هن اك ع دة كفالء لنفس ال دين‪ ،‬فإنم ا أن يك ون ه ؤالء‬

‫متضامنين أو غير متضامنين ‪.‬‬

‫فإذا كان الكفالء متض امنين‪ ،‬وه و موض وع الفص ل ‪ ،1145‬وق ام أح دهم بالوف اء‪،‬‬

‫برئت ذم ة الم دين وذمم الكفالء اآلخ رين‪ ،‬وينش أ ل ه ح ق في الرج وع على ه ؤالء الكفالء‪،‬‬

‫وينطبق عليهم هنا حكم المدينين المتضامنين‪ ،‬وهو انقسام الدين فيم ا بينهم‪ ،‬ف يرجع على ك ل‬

‫‪54‬‬
‫من الكفالء اآلخرين بحصته من الدين‪ ،‬فإن ك ان الكفالء أص ال أربع ة انقس م ال دين بينهم إلى‬

‫أربعة أقسام‪ ،‬يتحمل هو أحدهما ويرع على اآلخرين بالثالثة أرباع الباقية‪ ،‬فيط الب كال منهم‬

‫بربع الدين‪ .‬فإذا وجد أحدهم معس را‪ ،‬وزعت حص ته على الب اقين‪ ،‬فينقس م ال دين على ثالث ة‬

‫ويلتزم كل كفيل بثلته‪ .‬ولكل كفي ل بع د ذل ك أن يرج ع على الم دين بم ا أداء للكفي ل الم وفى‪،‬‬

‫وغني عن البيان أن الكفي ل الم وفى ل ه من ذ الوف اء أن يرج ع على الم دين األص لي ب دال من‬

‫الرجوع على الكفالء أو مع الرجوع علي ه‪ ،‬ول ه أيض ا يرج ع علي ه بم ا لم يحص ل علي ه من‬

‫الكفالء‪.‬‬

‫أما إذا كان الكفالء غير متضامنين‪ ،‬فإما أن يكونوا قد تعاقدوا مع الدائن على الكفال ة‬

‫بعقد واحد‪ ،‬وهنا يكون األصل هو انقسام الدين بينهم فيلتزم كل منهم بحص ته من ال دين‪ ،‬ف إن‬

‫كانوا خمسة مثال‪ ،‬ك ان على ك ل كفي ل أداء خمس ال دين إلى ال دائن‪ ،‬إال إذا اتف ق على نس بة‬

‫أخرى أو على قدر محدد يكلفه كل منهم وعند وفاء أحدهم بحص ته ال يك ون ل ه رج وع على‬

‫الكفالء اآلخرين‪ ،‬وإنما على المدين‪ ،‬وإذا وفي صحة غيره فال يرجع عليه إال بدعوى اإلثراء‬

‫بال سبب‪ ،‬وإذا أعسر كفيل تحمل الدائن حصته وال توزع على اآلخرين‪ ،‬أم ا إذا ك ان الكفالء‬

‫قد التزموا بعقود متوالية‪ ،‬فإن كال منهم يكفل كل الدين ( إال إذا احتف ظ لنفس ه بح ق التقس يم)‪،‬‬

‫ويترتب على التزام كل منهم بالدين كله أو يعتبر الكفالء ملتزمين بالتضامن ويكون لكل منهم‬

‫أن يرجع على اآلخرين بالدعوى الشخصية (دعوى الوكالة أو الفضالة أو اإلث راء بال س بب)‬

‫ألن الوفاء الحاصل منه أبرأ ذمتهم‪ ،‬وللوفي منهم ك ذلك أن يرج ع على الم دين األص لي ب دال‬

‫من الرجوع على الكفالء اآلخرين أو مع الرجوع عليهم‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫والحاصل أن الكفيل يرجع على الكفالء اآلخرين المتضمنين بمقدار ما وفاه‪ ،‬وبشرط‬

‫أن يكون وفاؤه مبرئا لذممهم‪ ،‬وأن يحصل بعد حلول األجل‪ ،‬أما الوفاء قب ل حل ول األج ل فال‬

‫يخوله ح ق الرج وع عليهم إال إذا ح ل األج ل‪ ،‬وإذا س تجد بين الوف اء وحل ول األج ل ال تزام‬

‫الكفالء اآلخرين لم يكن للكفيل الموفي وفاء مبتسرا الحق في الرجوع عليهم‪.‬‬

‫حاالت عدم إمكان رجوع الكفيل على المدين‬

‫" ليس للكفيل أي رجوع على المدين األصلي إذا دفع الدين‪ ،‬أو ترك القضاء بحكم به‬

‫عليه نهائيا‪ ،‬ثم اثبت المدين أنه دفع الدين بالفعل‪ ،‬أو أن لديه من الوسائل ما يستطيع ب ه إثبات ه‬

‫بطالنه أو انقضائه‪ ،‬غير أن هذا الحكم ال يسري إذا كان قد تعذر على الكفيل إخط ار الم دين‪،‬‬

‫كما لو كان هذا األخ ير غائب ا مثال"‪ .‬يتح دث الفص ل ‪ 1148‬موض وع الش رح‪ ،‬على ح االت‬

‫ثالث ال يمكن فيه ا رج وع الكفي ل على الم دين‪ ،‬والفص ل ‪ 1149‬موض وع الش رح ك ذلك‪،‬‬

‫يضيف حالة أخرى‪ ،‬ال يرجع فيها الكفيل على المدين‪.‬‬

‫فالحاالت الثالث المنصوص عليها في الفصل ‪ 1148‬هي التالية‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا كان الدين الذي أداه يتعلق به شخصيا‪ ،‬وإنما جع ل على اس م آخ ر‬

‫في الظ اهر بمع نى أن ه إذا ك ان ال دين يتعل ق بالكفي ل شخص يا‪ ،‬ولكن ه جعل ه اس م غ يره في‬

‫الظاهر‪ ،‬واتخذ من المدين اسما مستعارا يستخفي خلف ه لتحقي ق م ا يري د‪ ،‬فال وج ه لرجوع ه‬

‫على هذا المدين‪.‬‬

‫الحال‪PPP‬ة الثاني‪PPP‬ة‪ :‬إذا ك انت الكفال ة ق د أعطيت رغم نهي الم دين عنه ا‪ ،‬أي رغم‬

‫معارضته في إتمامها‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يمكن اعتبار الكفي ل وكيال عن الم دين وال فض وليا‬

‫‪56‬‬
‫يعمل لحسابه‪ ،‬ولكن قد يمكن للكفيل أن يرجع على المدين إذا أثرى هذا األخ ير ف يرجع علي ه‬

‫الكفيل بأقل القيمتين‪ :‬افتقار الكفيل‪ ،‬أو إثراء المدين‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا كانت الكفالة قد أعطيت على سبيل التبرع‪ :‬والكفالة‪ ،‬األص ل فيه ا‬

‫أنها تبرعية أي تعطي بال أجر‪ ،‬ولكن ليس المقصود بالتبرع هنا هو عدم تعاطي األجر فق ط‪،‬‬

‫بل المقصود هو تبرع الكفيل بالدين للمدين اي أنه يؤدي الدين عنه وال يرجع به عليه‪.‬‬

‫وأضاف الفصل ‪ 1149‬موضوع الشرح ك ذلك‪ ،‬حال ة أخ رى ال يرج ع فيه ا الكفي ل‬

‫على المدين‪ ،‬فتعتبر الحالة الرابعة‪ ،‬من حاالت عدم إمكان رجوع الكفيل على المدين‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫الحالة الرابعة‪ :‬إذا لم يقم الكفيل بإخطار المدين قبل الوفاء بمطالب ة ال دائن‪ ،‬ب ل وفي‬

‫الدائن‪ ،‬أو اتخذ موقفا سلبيا حتى صدر ضده حكم نهائي بالدين‪ ،‬أو كانت ل دى الم دين أس باب‬

‫لبطالن الدين أو انقضائه أو فسخه‪ ،‬فعندئذ ال يكون للكفيل رجوع على الدين بما وفاه‪.‬‬

‫بمعنى أن الكفيل إذا لم يقم بإخطار المدين قبل الوفاء بمطالب ة ال دائن‪ ،‬يك ون ق د فق د‬

‫حقه في الرجوع على المدين‪ ،‬إذا اثبت ه ذا األخ ير أن ه دف ع ال دين وأداه فعال لل دائن‪ ،‬أو أن ه‬

‫كانت لديه دفوع تثبت بطالن الدين أو انقضاءه أو فسخه‪ ،‬ولكن يحتفظ الكفي ل بح ق الرج وع‬

‫على المدين‪ ،‬رغم عدم اإلخطار وثب وت مث ل ه ذه األوج ه‪ :‬إذا اثبت الكفي ل أن ه تع ذر علي ه‬

‫إخطار المدين كما لو كان هذا األخير غائبا أو ما إلى ذلك‪ :‬فدفوع المدين قبل ال دائن ال تعم ل‬

‫في مواجهة الكفيل في مثل هذه الحالة‪ ،‬جاء في الفصل ‪ 1149‬في الفقرة األخ يرة‪ " :‬غ ير أن‬

‫هذا الحكم ال يسري إذا كان قد تعذر على الكفيل إخطار المدين‪ ،‬كما لو كان هذا غائبا مثال"‪.‬‬

‫ونطالقا مما سبق ليس للكفيل أن يرجع على المدين في الصور اآلتية‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫األولى‪ :‬إذا ما أداه هو دينه حقيقة وإنما جعل باسم غيره في الظاهر‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬إذا تكفل رغما عن نهي المدين‬

‫الثالث‪PP‬ة‪ :‬إذا ت بين من ص ريح العب ارة أو من ق رائن الح ال أن الكفال ة ك انت بقص د‬

‫التبرع"‪.‬‬

‫هذا ورجوع للكفيل على المدين إذا أدى الدين أو صدر علي ه حكم نه ائي ب األداء ولم‬

‫يعلم المدين قبل األداء‪ ،‬وص دور الحكم إذا أثبت الم دين أن ه خلص فيم ا علي ه أو أن بي ده م ا‬

‫يكفي إلثب ات ال دين أو انقض ائه‪ .‬وه ذا الحكم ال يج ري إذا تع ذر على الكفي ل إعالم الم دين‬

‫لمغيبه مثال‪.‬‬

‫وهذا ومن أحكام المجلس األعلى‪ ،‬ما ورد في قرار له‪ ،‬كما يأتي‪:‬‬

‫" لما كان اإلشهاد الصادر عن البنك الشعبي تضمن إقرار هذا األخير بسداده له مبلغ‬

‫القرض نيابة عن المدين األصلي من طرف صندوق الضمان المركزي فإن هذا األخير بحكم‬

‫ه ذا الحل ول يجع ل مح ل ال دائن وال مج ال للتمس ك بمقتض يات الفص ل ‪ 1149‬من ق انون‬

‫االلتزامات والعقود ألن المشرع عندما صرح بأن الكفيل ليس له حق الرجوع على المدين إذا‬

‫كان دفع المدين أو ترك القضاء يحكم عليه نهائيا قد علق ذلك على شرط أن يثبت الم دين أن ه‬

‫فعال قد أدى الدين أو لديه وس ائل فثب ات انقض اء ال دين أو بطالن ه وه و أم ر لم يثبت لقض اة‬

‫الموضوع"‪.28‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انقضاء الكفالة‬


‫‪ - 28‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 27/7/05‬تحت عدد ‪ 865‬في الملف التجاري عدد ‪ 04 / 366‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 66‬ص‪ 238 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫انقضاء الكفالة بطريق تبعي وانقضاؤها بطريق أصلي‬

‫" كل السباب التي يترتب عليه ا بطالن االل تزام األص لي أو انقض ائه ي ترتب عليه ا‬

‫انتهاء الكفالة"‪.‬‬

‫" التزام الناش يء عن الكفال ة ينقض ي بنفس األس باب ال تي تنقض ي به ا االلتزام ات‬

‫األخرى ولو لم ينقض االلتزام األصلي"‪.‬‬

‫تنقضي الكفالة بإحدى صورتين‪ :‬إما بصورة تبعية تبعا النقضاء االلتزام األصلي‪.‬‬

‫أي تنقضي الكفالة بطريق تبعي إذا انقضى الدين المكفول‪ ،‬ولما ك انت الكفال ة تابع ة‬

‫لهذا ال دين ف إن انقض اء يس تتبع انقض اءها‪ .‬وإم ا بص ورة أص لية وباالس تقالل عن االل تزام‬

‫األصلي المضمون الذي يبقى قائما‪ .‬أي تنقضي الكفالة بطري ق أص لي إذا انقض ت هي ذاته ا‬

‫بسبب من أسبابا انقضاء الدين‪ ،‬دون أن ينقضي الدين المكفول‪.29‬‬

‫هكذا نجد الكفالة تابعة للدين األصلي كظله‪ ،‬تبقى ببقائه وت زول بزوال ه‪ ،‬وال تنفص م‬

‫عنه إال إذا انفصم ظل الشيء عنه‪.‬‬

‫أوال‪ -‬انقضاء الكفالة بصورة تبعية‬

‫تتسم الكفال ة بط ابع تبعي بالنس بة لالل تزام ال ذي تض منه في ه تتبع ه ص حة وبطالن ا‬

‫ووجودا وعدما‪ .‬فإذا كان االلتزام األصلي ب اطال ك انت الكفال ة باطل ة‪ ،‬وإذا انقض ى االل تزام‬

‫بسبب من أسباب االنقضاء انقضت معه الكفالة‪.‬‬

‫‪ - 29‬وقد نصت المادة ‪ ،1087‬من قانون الموجبات والعقود اللبناني على أن " جميع أسباب البطالن أو السقوط المختصة‬
‫بالموجب األصلي تسقط الكفالة "‪ ،‬ونصت المادة ‪ 1088‬من نفس القانون على أن " موجب الكفالة يقسط باألسباب نفسها‬
‫التي تسقط سائر الموجبات‪ ،‬وإن لم تكن لتلك األسباب عالقة بالموجب األصلي"‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫لذلك‪ ،‬نص المشرع في الفصل ‪ 1150‬موضوع الشرح‪ ،‬على أن ك ل األس باب ال تي‬

‫يترتب عليها بطالن االلتزام األصلي أو انقضاؤه‪ ،‬يترتب عليها انتهاء الكفالة‪.‬‬

‫وأسباب انقضاء الدين المكفول هي نفس أس باب انقض اء أي دين‪ ،‬ف إذا انقض ى ه ذا‬

‫الدين بس بب من أس باب االنقض اء فق د انقض ت الكفال ة كم ا ق دمنا‪ ،‬ألن الت ابع ال يبقى بغ ير‬

‫األصيل‪ .‬وانقضاء الدين المكفول يكون بالوفاء‪ ،‬والوفاء بمقابل‪ ،‬والتجديد‪ ،‬والمقاصة‪ ،‬واتح اد‬

‫الذمة‪ ،‬واإلبراء‪ ،‬واستحالة التنفي ذ‪ ،‬والتق ادم‪ ،‬وق د يفس خ ال دين المكف ول أو بتمس ك بإبطال ه‪،‬‬

‫فنزول الكفالة تبعا لذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬انقضاء الكفالة بصورة أصلية‬

‫قد تنقضي الكفالة بصورة أص لية وباالس تقالل عن ال دين األص لي المض مون ال ذي‬

‫يبقى قائما‪ ،‬وانقضاء الكفالة يتم بنفس أسباب انقض اء االل تزام عموم ا‪ .‬وق د ح رص المش رع‬

‫على تأكيد هذا المبدأ في الفصل ‪ 1151‬موضوع الشرح‪ ،‬حيث ق ال‪ " :‬االل تزام الناش يء عن‬

‫الكفالة ينقضي بنفس األسباب التي تنقضي بها االلتزامات األخرى ولو اس تقالال عن االل تزام‬

‫األصلي "‪ .‬أي ينقضي التزام الكفيل استقرر عن االلتزام األصلي إذا سرى التقادم بالنس بة ل ه‬

‫واكتمل قبل االلتزام األصلي‪ ،‬وسنرى أن قطع التقادم بالنس بة للم دين األص لي يقطع ه ك ذلك‬

‫بالنسبة للكفيل‪.‬‬

‫وقد تنقضي الكفالة بغ براء ال دائن للكفي ل أو باتح اد الذم ة في ش خص الكفي ل‪ ،‬كم ا‬

‫سيأتي‪ ،‬ومع ذلك يبقى االلتزام األصلي قائما في ذمة المدين‪ ،‬وق د يك ون ال تزام الكفي ل معلق ا‬

‫على شرط واقف هو أن يقوم المدين باستخدام الدين في نشاط نعين‪ ،‬فإذا تخلف هذا الشرط لم‬

‫‪60‬‬
‫ينشأ التزام الكفيل‪ ،‬أو يكون التزامه معلقا على شرط فاسخ هو عدم قي ام الم دين بنش اط معين‬

‫فإذا تحقق الشرط الفاسخ وقام المدين بهذا النش اط انفس خ ال تزام الكفي ل وب رئت ذمت ه‪ ،‬ولكن‬

‫الدين األصلي ال يزول بل يبقى على عاتق الم دين‪ .‬ومن أحك ام المجلس األعلى‪ ،‬م ا ج اء في‬

‫قرارات له‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫" إذا كان المدين األصلي يستفيد من مسطرة التسوية‪ ،‬ف إن كفيل ه ال يمكن ه االس تفادة‬

‫من المسطرة المذكورة‪ ،‬مما ال مجال معه للتمسك بقاعدة " إن انقضاء االلتزام األصلي يؤدي‬

‫إلى انقضاء االلتزام التبعي"‪. 30‬‬

‫" حسب مفهوم المادة ‪ 690‬من مدونة التجارة ف إن الج زاء ال ذي رتب ه المش رع عن‬

‫عدم التصريح بالدين عدم رفع دعوى السقوط أو رفعها وص دور أم ر بع دم قبوله ا‪ ،‬ينس حب‬

‫الدين في أساسه وال يتعلق بشخص المدين‪ ،‬ويؤدي إلى انقضاء الدين وصيرورته منتهيا‪ ،‬وما‬

‫دام دين المدينة األصلية انقضي لعدم قب ول دع وى رف ع الس قوط‪ ،‬فإن ه ي ترتب عن ه انقض اء‬

‫التزام الكفيل لتبعيته لاللتزام األصلي حسب نص الفصل ‪ 1150‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع"‪. 31‬‬

‫"إن انقضاء الدين في مواجهة المدينة األصلية‪ ،‬دفع ال يرتك ز على أي أس اس‪ ،‬ألن ه‬

‫بانقضاء الدين في مواجهة المدين األصلي ينقضي أيضا في مواجهة الكفيل‪ ،‬وتبع ا ل ذلك ف إن‬

‫‪ - 30‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 18/12/02‬تحت عدد ‪ 1545‬في الملف التجاري عدد ‪ 02/ 640‬منشور‬
‫بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 62‬ص‪ 140 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 31‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 9/2/05‬تحت عدد ‪ 121‬في الملف التجاري عدد ‪ 766/04‬منشور بمجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى عدد ‪64‬و ‪ 65‬ص‪ 218 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫المدين المهمل الذي فقد حق مقاضاة األصيل بفقد حق الرجوع على الكفيل ألنه الكفالة ال تزام‬

‫تبعي ال يمكن أن يستمر بعد انقضاء االلتزام األصلي"‪.32‬‬

‫انقضاء الكفالة بالتبعية للدين األصلي‬

‫" وفاء الدين الحاصل من الكفيل يبرئ ذمته وذمة المدين األصلي‪ ،‬يس ير نفس الحكم‬

‫بالنسبة إلى اإلنابة المقدمة من الكفيل والمقبول ة من ال دائن ومن الغ ير المن اب‪ ،‬وبالنس بة إلى‬

‫إيداع الشيء المستحق إذا أجرى على وجه صحيح‪ ،‬وإلى الوفاء بمقابل‪ ،‬وإلى التجديد المتف ق‬

‫عليه بين الدائن والكفيل "‪.‬‬

‫إن الوفاء بال دين‪ ،‬والوف اء بمقاب ل‪ ،‬واإلناب ة المقبول ة من ال دائن ومن الغ ير المن اب‬

‫وإيداع الشيء المستحق إذا أجرى على نحو صحيح‪ ،‬والتجديد‪ ،‬كل ذلك سواء ق ام ب ه الم دين‬

‫أم الكفيل‪ ،‬يؤول إلى براءة ذم ة الم دين األص لي‪ ،‬وذم ة الكفي ل في مواجه ة ال دائن‪ ،‬ويك ون‬

‫بالتالي سببا النقض اء االل تزام وبص ورة تبعي ة النقض اء الكفال ة (الفص ل ‪ )1152‬موض وع‬

‫الشرح‪.‬‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬فإن أهم طرق انقضاء الدين األصلي هو الوفاء‪ ،‬فإذا وقع الوفاء صحيحا‬

‫مستوفيا لشروطه القانوني ة ب رئت ذم ة الم دين‪ ،‬وبالتبعي ة‪ :‬الكفي ل‪ .‬أم ا إذا ك ان الوف اء غ ير‬

‫صحيح ن فال تبرأ ذمة أي منهما‪ ،‬كما كان الدائن قد أفلس‪ ،‬بدال من الوفاء إلى وكي ل ال دائنين‬

‫(السنديك) قام المدين بالوفاء إلى الدائن نفس ه‪ ،‬فمث ل ه ذا الوف اء غ ير م برئ للذم ة‪ ،‬وك ذلك‬

‫اإلنابة المقبولة من الدائن ومن غير المناب‪ ،‬تبريء ذمة الكفيل وذمة المدين األصلي‪.‬‬

‫‪ - 32‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 30/9/09‬تحت عدد ‪ 1261‬في الملف عدد ‪ 123/09‬منشور بسلسلة االجتهاد‬
‫القضائي عدد ‪ ،1‬ص ‪ 295‬وما يليها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ويعتبر كالوفاء عرض ال دين على ال دائن وإيداع ه في ص ندوق‪ ،‬ف إذا رفض ال دائن‬

‫اإليداع عند إعالمه به‪ ،‬كان للمدين أن يسحب الدين أو الشيء الذي أودع ه‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة‬

‫يعود الدين من جديد مع االمتيازات والرهون الرسمية ال تي ك انت ملحق ة ب ه‪ ،‬وال ت برأ ذم ة‬

‫المدينين المشتركين في الدين وال الكفالء (الفصل ‪ 284‬التزامات وعقود) ‪.‬‬

‫وتبقى هنا مشكلة يجب وضع حل لها قبل مغادرة هذه النقطة وهي‪ :‬أن الفصل ( ‪285‬‬

‫التزامات وعقود) يسلب المدين الحق في سحب الشيء المودع في ح التين هم ا‪ :‬إذا استص در‬

‫حكما حائزا لقوة األمر المقض ي ب ه يق رر ص حة الع رض واإلي داع‪ .‬أو حال ة م ا إذا ص رح‬

‫بتنازله عن حقه في سحب الشيء الذي أودعه‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬هل في هاتين الحالتين تبرأ ذم ة‬

‫الكفيل أم ال تبرأ‪ ،‬إزاء إصرار الدائن على رفض اإليداع ‪.‬‬

‫الرأي عند الدكتور محيي الدين إسماعيل علم ال دين‪ :33‬أن ه في حال ة استص دار حكم‬

‫حائز لقوة األمر المقضي به بصحة العرض واإليداع تبرأ ذمة المدين ومعه الكفيل‪ ،‬أما حال ة‬

‫الم دين عن حق ه في س حب الش يء الم ودع‪ ،‬م ع بق اء ال دائن مص را على رفض الع رض‬

‫واإليداع‪ ،‬فال تبرأ ذمة المدين وال ذمة الكفيل‪ ،‬ألنه ال يوجد ما يؤك د ك ون الع رض واإلي داع‬

‫صحيحين‪ ،‬وال ب د من استص دار حكم نه ائي يق رر ص حتها‪ ،‬فق د يس فر ع رض األم ر على‬

‫القضاء عن أحقية الدائن في الرفض‪.‬‬

‫والذي يبين لن ا م ا إذا ك ان اإلب داع ق د أج رى على الوج ه الص حيح أم ال‪ ،‬ه و حكم‬

‫القضاء الذي يفصل في هذه المسألة‪.‬‬

‫‪ - 33‬أصول القانون المدني‪ ،‬ج ‪ ،2‬صفحة‪.443 :‬‬

‫‪63‬‬
‫ويمكن أن ينقضي الدين األصلي بالوفاء بمقابل‪ ،‬فإذا وفي المدين بشيء غ ير المتف ق‬

‫عليه‪ ،‬وقبل الدائن ه ذا الوف اء ك ان وف اء بمقاب ل وب رئت ذم ة الكفي ل كم ا ت برأ ذم ة الم دين‬

‫األصلي‪ .‬ويمكن تحليل هذا الوفاء بمقابل إلى تجديد ووفاء ينقل الملكية‪ ،‬أم ا إن ه تجدي د فه ذا‬

‫راجع إلى أن المدين استبدل بالدين األصلي دينا جدي دا فانقض ى ال دين الس ابق ومع ه الكفال ة‬

‫التابعة له‪ ،‬ونشأ الدين الجديد‪ ،‬وانقضى أيضا بنقل ملكية محل ه إلى ال دائن‪ ،‬وب ذلك ت برأ ذم ة‬

‫الكفيل‪ ،‬وإذا استحق الشيء الموفى به‪ ،‬رجع الدائن على المدين بضمان االس تحقاق‪ ،‬باعتب ار‬

‫العملية بيعا يرتب هذا الضمان وال يرجع على الكفيل‪ ،‬ألن الكفالة انقضت مع ال دين األص لي‬

‫القديم الذي ال يمكن أن يعود إلى الظه ور‪ ،‬وم ع ذل ك فمن الج ائز أن يش ترط ال دائن أن تبقى‬

‫الكفالة مع الدين الجديد‪ ،‬فال تبرأ ذمة الكفيل‪ ،‬كما سنرى في الفصل ‪ 1156‬األتي شرحه‪.‬‬

‫أما إذا كان الشيء استحق في حالة وفاء للدين‪ ،‬فإن الكفيل ال ت برأ ذمت ه أم ام ال دائن‬

‫إذا رجع على الدائن باالستحقاق‪ ،‬ويستوي في كل ما تقدم الكفيل المتضامن والعادي‪.‬‬

‫وقد ينقضي الدين األصلي بالتجديد‪ ،‬فتنقضي الكفالة كذلك ‪،‬سواء كان التجديد بتغي ير‬

‫الدين أو المدين أو الدائن‪ ،‬إال إذا قبل الكفالء أن يكفلوا الدين الجدي د‪ ،‬ولكن إذا اش ترط ال دائن‬

‫لتجديد االلتزام أن يبقى الكفالء ضامنين له‪ ،‬ولم يقبل الكفالء ذلك‪ ،‬فإن الدين القديم يبقى قائم ا‬

‫وال ينقضي‪ ،‬كما سيأتي في الفصل ‪.1155‬‬

‫وحتى يكون هناك تجديد‪ ،‬فتنقضي الكفالة‪ ،‬وتبرأ ذمة الكفيل وذم ة الم دين األص لي‪،‬‬

‫ال بد أن تكون نية التجديد واضحة‪ ،‬ألن التجديد ال يفترض‪ ،‬بل يجب أن يتفق عليه ص راحة‪،‬‬

‫أو أن يستخلص بوضوح من الظروف‪ ،‬وال تنتقل الكفالة إلى االلتزام‪ ،‬إال بنص في القانون أو‬

‫‪64‬‬
‫باالتفاق‪ ،‬وحتى تقوم نية التجديد واضحة‪ ،‬يجب أن يغ اير االل تزام الجدي د االل تزام الق ديم في‬

‫عنصر من عناصره الهامة‪.34‬‬

‫انقضاء الدين المكفول باتحاد الذمة‬

‫" اتحاد الذمة الحاصل بين الدائن وبين المدين األصلي يبرئ ذم ة الكفي ل‪ ،‬وإذا ك ان‬

‫للدائن ورثة آخرون مع المدين برئت ذمة الكفيل في حدود حصة المدين‪.‬‬

‫اتحاد الذمة الحاصل بين الدائن وبين الكفيل ال يبرئ ذمة المدين األصلي ‪.‬‬

‫اتحاد الذمة الحاصل بين المدين األصلي وبين الكفيل‪ ،‬عن دما ي رث أح دهما اآلخ ر‪،‬‬

‫ينهي الكفالة‪ ،‬وال يبقى إال االلتزام األصلي‪ ،‬غير أن الدائن يحتفظ بدعواه ض د كفي ل الكفي ل‪،‬‬

‫كما يحتفظ بالضمانات التي حصل عليها لضمان الوفاء بالتزام الكفيل"‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 1156‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬موضوع الش رح‪ ،‬على األحك ام‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫إن اتحاد الذمة الحاصل بين الدائن وبين الم دين األص لي‪ ،‬ي بري ذم ة الكفي ل‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫على أنه إذا ترك الدائن ورثة آخرين من غير المدين برئت ذمة الكفيل في حدود حص ة ه ذا‬

‫األخير في الدين ‪.‬‬

‫‪ - 34‬ولكن يجوز للكفيل أن يتمسك بالمقاصة في دين له على الدائن‪ ،‬إذ هو يفي بالدين المكفول عن طريق المقاصة‪،‬‬
‫ولكن المقاصة هنا اختيارية ال قانونية‪ ،‬فال ينقضي الدينان إال من وقت التمسك بالمقاصة‪ ،‬وال يجوز للدائن أن يرجع على‬
‫المدين بعد ذلك فقد استوفى حقه من الكفيل‪ ،‬وإذا رجع جاز للمدين أن يدفع رجوعه بالمقاصة التي تمسك بها الكفيل‪،‬‬
‫وإنما يرجع الكفيل على المدين‪ ،‬بعد أن وفى دينه عن طريق المقاصة (الوسيط للسنهوري ج ‪ ،10‬ص ‪ 223‬موضوعا‬
‫وهامشا)‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫واتحاد الذم ة الحاص ل بين ال دائن وبين الكفي ل يك ون س ببا النقض اء الكفال ة‪،‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وذلك ال يبريء ذمة المدين األصلي ‪.‬‬

‫واتحاد الذمة الحاصل بين الم دين األص لي وبين الكفي ل عن دما ي رث أح دهما‬ ‫‪-3‬‬

‫اآلخر ينهي أيضا الكفالة‪ ،‬ولكن ه يبقى على االل تزام األص لي‪ ،‬كم ا أن ال دائن يبقى محتفظ ا‬

‫بدعواه ضد كفيل الكفيل‪ ،‬وكذلك بالتأمينات التي حصل عليها لضمان الوفاء بالتزام الكفيل‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬إذا انقضى الدين المكفول باتحاد الذمة‪ ،‬بأن ورث المدين الدائن‪ ،‬فورث حق ه‬

‫وأصبح هو الدائن لنفسه فانقضى الدين باتحاد الذمة‪ ،‬انقضت الكفالة التي كانت تض من ال دين‬

‫تبعا لذلك‪ ،‬وبرئت ذمة الكفي ل‪ ،‬ولكن إذا زال اتح اد الذم ة ب أثر رجعي‪ ،‬اعت بر كأن ه لم يكن‪،‬‬

‫وعادت الكفالة إلى الوجود‪ ،‬ألنها لم تكن قد انقضت باتحاد الذمة الذي زاد بأثر رجعي‪.‬‬

‫وإذا مات الدائن وورثه الكفيل‪ ،‬فاتحاد الذمة م ا بين ال دائن والكفي ل إذا ك ان يقض ي‬

‫التزام الكفيل‪ ،‬فليس ينقضي على النحو الذي ينقضي به‪ ،‬ل و أن الكفي ل وفي ال دين حق ه‪ .‬ف إن‬

‫الكفيل إذا وفى الدين للدائن‪ ،‬انقضى الدين وبرئت ذمة المدين فانقض ت الكفال ة بص فة تبعي ة‪،‬‬

‫ورج ع الكفي ل على الم دين بال دعوى الشخص ية أو ب دعوى الحل ول‪ ،‬أم ا إذا ورث الكفي ل‪،‬‬

‫فاتحدت الذمة وانقضت الكفالة بصفة أصلية‪ ،‬لم ينقض الدين األص لي‪ ،‬وط الب الكفي ل ال ذي‬

‫أصبح دائنا للمدين بهذا الدين ذاته‪ .‬وإذا مات المدين وورثه الكفيل‪ ،‬فاتحدت الذمة (في القانون‬

‫الفرنسي) وانقضت الكفالة‪ ،‬فإن انقضاء ال تزام الكفي ل على ه ذا النح و ال يك ون إال من حيث‬

‫المطالب ة ف إذا أدى الكفي ل ال دين لل دائن‪ ،‬أداه باعتب اره م دينا اص ليا بع د أن ورث الم دين ال‬

‫باعتب اره كفيال‪ .‬أم ا إذا أداه باعتب اره كفيال‪ ،‬بع د أن أص بح م دينا أص ليا ب الميراث‪ ،‬فإن ه ال‬

‫‪66‬‬
‫يستطيع باعتباره كفيال الرجوع على نفسه باعتباره مدينا‪ ،‬ولكن التزامه ككفيل يبقى م ع ذل ك‬

‫معتدا به في غير هذه المطالبة‪ ،‬ويترتب على ذلك أنه إذا كان له ذا الكفي ل كفي ل‪ ،‬ف إن ال تزام‬

‫كفيل الكفيل يبقى قائما مستندا إلى التزام الكفيل بالرغم من انقضاء هذا االلتزام األخير باتح اد‬

‫الذمة‪ .‬فيجوز للدائن في هذه الحال ة‪ .‬إذا لم يس تطيع اس تيفاء حق ه من الكفي ل ال ذي أص بح في‬

‫الوقت ذاته مدينا أصليا‪ ،‬أن يرجع على كفيل الكفيل‪ .35‬ولهذا األخير‪ ،‬إذا وفى الدين‪ ،‬أن يرجع‬

‫على الكفيل بما وفاه للدائن بالرغم من اتحاد ذمة الكفيل والمدين األصلي‬

‫وإذا كان مع المدين ورثة آخ رون ب رئت ذم ة الكفي ل في ح دود حص ة الم دين فيم ا‬

‫ورث ه عن ال دائن من ال دين‪ .‬أم ا اتح اد الذم ة بين ال دائن والكفي ل‪ ،‬فال ي بريء ذم ة الم دين‬

‫األصلي‪ .‬أما إذا كان اتحاد الذمة قد وقع بين المدين األص لي وبين الكفي ل‪ ،‬س واء في ش خص‬

‫الكفيل أو في شخص المدين‪ ،‬فإن بين المدين األصلي وبين الكفيل‪ ،‬س واء في ش خص الكفي ل‬

‫أو في شخص المدين‪ ،‬فإن ذلك ينهي الكفال ة ويبقى االل تزام األص لي قائم ا مس تحقا إم ا على‬

‫الكفيل إن تحدت الذمة في شخص ه أو على الم دين إن تح دت في شخص ه‪ .‬ويبقى لل دائن إلى‬

‫جانب ذلك حق الرجوع على الكفيل وحق اإلفادة من الض مانات ال تي حص ل عليه ا لض مان‬

‫الوفاء بالتزام الكفيل ‪.‬‬

‫انقضاء الدين المكفول بالتقادم‬

‫‪ - 35‬وتنص المادة ‪ 1093‬من قانون الموجبات والعقود اللبناني على‪ " :‬إن اجتماع صفتي الدائن والمديون األصلي في‬
‫شخص واحد يبريء ذمة الكفيل‪ ،‬وإذا حصل هذا االجتماع في شخص المدين األصلي بسبب وفاة‪ ،‬وكان المديون األصلي‬
‫وارثا له مع آخرين‪ ،‬برئت ذمة الكفيل بقدر حصة المديون‪ ،‬أما اجتماع صفتي الدائن والكفيل في شخص واحد فال يبريء‬
‫ذمة المديون األصلي‪ ،‬وعندما يصبح أحدهما وارثا لألخر‪ ،‬فهو يسقط الكفالة‪ ،‬وال يبقى إال المدين األصلي‪ ،‬وإنما يبقى للدائن‬
‫حقه في مراعاة من كفل الكفيل‪ ،‬ويحتفظ بالتأمينات التي اتخذها لكفالة موجب الكفيل"‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫" قطع التقادم بالنس بة إلى الم دين األص لي يمت د إلى الكفي ل‪ ،‬وإذا تم التق ادم لص الح‬

‫المدين‪ ،‬أفاد الكفيل"‪.‬‬

‫يستفاد من الفصل ‪ 1158‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬إذا تم التقادم لصالح الم دين‬

‫أفاد الكفيل وانتهت الكفالة تبعا النقضاء االلتزام األصلي بالتق ادم‪ ،‬وبالمقاب ل إذا قط ع التق ادم‬

‫بالنسبة غلى المدين األصلي امت د أث ر ه ذا القط ع إلى الكفي ل‪ ،‬بمع نى أن ه إذا انقض ى ال دين‬

‫المكفول بالتقادم‪ ،‬انقضت بانقضائه الكفالة‪ ،‬وذلك حتى لو ك ان ال تزام الكفي ل الت ابع لم ينقض‬

‫هو نفسه بالتقادم‪ .‬والغالب أن يسري التقادم بالنسبة إلى الدين األصلي في الوقت الذي يس ري‬

‫فيه بالنسبة إلى التزام الكفيل‪ ،‬فينقضي الدينان بالتقادم في وقت واحد‪ .‬وعندئذ تبرأ ذمة الكفي ل‬

‫إما ألن المدين األصلي قد ب رئت ذمت ه والكفي ل ت ابع للم دين األص لي‪ ،‬أو ألن ال تزام الكفي ل‬

‫التابع قد انقضى هو نفسه بالتقادم مستقال عن الدين األصلي ‪.‬‬

‫ولكن يحدث أن الدين األصلي ينقضي بالتقادم دون أن ينقض ي ال تزام الكفي ل‪ ،‬ويق ع‬

‫ذلك إذا التزام الكفيل قد نشأ بعد الدين األصلي بأن يضمن الكفي ل ال دين بع د نش وئه‪ ،‬أو ح دد‬

‫االلتزام الكفيل أجل ابعد من األجل الذي حدد االلتزام المدين‪ .‬فعند ذلك يتق ادم ال دين األص لي‬

‫قبل أن يتق ادم ال تزام الكفي ل‪ ،‬ويتق ادم ال دين األص لي ت برا ذم ة الكفي ل تبع ا النقض اء ال دين‬

‫األصلي‪ ،‬وذلك دون أن يتقادم ال تزام الكفي ل‪ ،‬وح تى إذا ب دأ س ريان تق ادم ال تزام الكفي ل في‬

‫الوقت الذي بدأ فيه س ريان تق ادم ال دين األص لي‪ ،‬فق د يقط ع التق ادم بالنس بة إلى الكفي ل‪ ،‬فال‬

‫ينقطع بالنسبة إلى المدين األصلي‪ ،‬فبتقادم الدين األصلي في هذه الحالة قب ل أن يتق ادم ال تزام‬

‫الكفيل‪ ،‬فتبرا ذمة الكفيل تبعا لبراءة ذمة المدين األصلي دون أن يتقادم التزام الكفيل‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫والحاصل أن قطع التقادم بالنسبة إلى المدين األصلي يقطع التقادم بالنسبة إلى الكفي ل‬

‫بمعنى أن انقطاع التقادم على المدين األص لي يج ري مفعول ه على الكفي ل‪ ،‬والتق ادم ال ذي تم‬

‫لمصلحة المدين األصلي يستفيد من ه الكفي ل‪ ،‬أي أن انقض اء ال دين األص لي بالتق ادم ينقض ي‬

‫كذلك االلتزام التابع وهو الكفالة‪ ،‬أي أن انقضاء الدين األصلي بالتقادم ينقضي ك ذلك االل تزام‬

‫التابع وهو الكفالة‪ ،‬وقد جاء ه ذا الحكم في الفص ل ‪ 376‬من ق‪ .‬ز‪ .‬ع ال ذي يق ر أن " التق ادم‬

‫يسقط الدعاوي المتعلقة بااللتزامات التبعية في نفس الوقت الذي يس قط في ه ال دعوى المتعلق ة‬

‫بااللتزام األصلي‪ ،‬ولو كان الزمن المحدد لتقادم االلتزامات التبعية لم ينقض بعد"‪ .‬وإذا انقطع‬

‫التقادم بالنسبة إلى المدين انقطع بالنسبة للكفيل‪ ،‬كما قدمنا‪.‬‬

‫عدم انقضاء الكفالة بموت الكفيل‬

‫" ال تنقضي الكفالة بموت الكفيل‪ ،‬وينتقل التزام الكفيل إلى ورثته"‪.‬‬

‫تقدم لنا أن االلتزام األصلي إذا انقضى باإلبراء‪ ،‬برئت ذم ة الكفي ل م ع الم دين‪،‬وإذا‬

‫أنصبت اإلبراء على جزء من الدين برئت ذمة الكفيل في حدود هذا الجزء‪.‬‬

‫وأيضا إذا استحال تنفيذ االلتزام األصلي لسبب أجنبي ال بد للم دين في ه‪ ،‬ب رئت ذم ة‬

‫الكفيل من الكفالة مع براءة ذمة المدين‪ ،‬أما إذا كانت االستحالة بخطأ المدين‪ ،‬فإن ذمة الم دين‬

‫ال تبرأ‪ ،‬بل يصبح ملتزما بالتعويض عن خطأ ويظل الكفيل ملتزما بضمان هذا التعويض‪.‬‬

‫وإذا نقضى االلتزام األصلي بالفسخ‪ ،‬فإن كان سبب الفسخ خطأ المدين‪ ،‬لم تبرأ ذمت ه‬

‫وال ذمة كفيله‪ ،‬أما إذا ك ان س بب الفس خ راجع ا إلى خط أ ال دائن‪ ،‬ف إن ذم ة الكفي ل ت برأ من‬

‫الكفالة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أما موت الكفيل فال تنقضي به الكفالة‪ ،‬بل يبقى التزام الكفيل في تركت ه ينتق ل ال تزام‬

‫الكفيل إلى ورثته بمعنى أن الكفالة ال تنقضي بموت الكفيل بل بنقل التزام الكفيل إلى ورثته‪.‬‬

‫باعتبار أن عقد الكفالة إحدى التأمينات الشخصية التي تقوم على ضم ذم ة إلى ذم ة ض مانا‬

‫للوفاء بالدين وهي تختلف على التأمينات العينية التي تقوم على تخصيص مال معين لضمان‬

‫الوفاء بالدين وتشترك التأمينات الشخصية مع التأمينات العينية في أنها تض من الوف اء بح ق‬

‫شخصي‪ ،‬سواء كان هذا الحق الشخصي ناشئا عن اإلرادة (العقد واإلرادة المنفردة)‪ ،‬أو عن‬

‫عمل غير مشروع أو عن قانون‪ ،‬وسواء كان محل الح ق الشخص ي أو العي ني تابع ا للح ق‬

‫الشخص ي ال ذي يض منه في ك ل ش يء في ص حته وبطالن ه في بقائ ه وانقض ائه‪.‬‬

‫لكن موضوعنا يحتم علينا التركيز على التأمين ات الشخص ية وخصوص ا عق د الكفال ة ال ذي‬

‫يعتبر من الضمانات الشخصية التي تقتضي أن يضمن الكفيل بصورة شخص ية قي ام الم دين‬

‫بالوفاء بدينه وبذلك ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المدين‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫جمال زكي‪ :‬التأمينات الشخصية والعينية‪ ،‬فقرة ‪.12‬‬ ‫‪‬‬

‫المغني‪ ،‬ج‪ .4‬الوسيط‪ ،‬ج‪.5 .‬‬ ‫‪‬‬

‫الوسيط للسنهوري‪ ،‬ج ‪.10‬‬ ‫‪‬‬

‫ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ ‪ 21/2/01‬تحت ع دد ‪ 430‬في المل ف‬ ‫‪‬‬

‫التجاري عدد ‪ 6/1/97‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 98‬وما يليها‪.‬‬

‫عبدا لكريم شهبون ‪:‬الشافي في االلتزامات و العقود‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الدكتور محيي الدين إسماعيل‪ :‬ج ‪.2‬أصول القانون المدني‬ ‫‪‬‬

‫محيي الدين إسماعيل‪ :‬علم الدين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪71‬‬
‫التسولي البهجة‪ :‬ج ‪.1‬‬ ‫‪‬‬

‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 25/4/00‬تحت ع دد ‪ 1673‬في المل ف ع دد‬ ‫‪‬‬

‫‪ 99 / 1188‬منشور بكتاب قضاء محكمة النقض في الكراء الم دني من س نة ‪1957‬‬

‫إلى سنة ‪ 2011‬لعبد العزيز توفيق‪.‬‬

‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 9/11/05‬في المكلف عدد ‪ 341/05‬منش ور‬ ‫‪‬‬

‫بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 64‬و ‪. 65‬‬

‫محكمة االستئناف بمراكش القرار رقم ‪ 411‬بتاريخ ‪ 12/2/90‬الصادر في الملف المدني عدد‬

‫‪ ،1/89 / 448‬مجلة المحامي عدد‪.20 – 19 :‬‬

‫ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ ‪ 28/5/08‬تحت ع دد ‪ 762‬في المل ف‬ ‫‪‬‬

‫التجاري عدد ‪ 334/05‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪.71‬‬

‫ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ ‪ 27/7/05‬تحت ع دد ‪ 865‬في المل ف‬ ‫‪‬‬

‫التجاري عدد ‪ 04 / 366‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪66‬‬

‫ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ ‪ 18/12/02‬تحت ع دد ‪ 1545‬في المل ف‬ ‫‪‬‬

‫التجاري عدد ‪ 02/ 640‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪. 62‬‬

‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 9/2/05‬تحت عدد ‪ 121‬في الملف التج اري‬ ‫‪‬‬

‫عدد ‪ 766/04‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪64‬و ‪. 65‬‬

‫‪72‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 30/9/09‬تحت ع دد ‪ 1261‬في المل ف ع دد‬ ‫‪‬‬

‫‪ 123/09‬منشور بسلسلة االجتهاد القضائي عدد‪.1‬‬

‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪3‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬ماهية الكفالة‬

‫‪3‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الكفالة وخصائصها‬

‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬تكوين عقد الكفالة‬

‫‪37‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬آثار الكفالة‬

‫‪37‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬العالقة بين الكفيل والدائن والمدين‬

‫‪59‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬انقضاء الكفالة‬

‫‪73‬‬
‫‪71‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪72‬‬ ‫الئحة المراجع‬

‫‪74‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪74‬‬
75

You might also like