Professional Documents
Culture Documents
100
100
100
القصة االولى
هدية المجوس
دوالر وسبعة وثمانون سنتاً .كان كل ما لديها .وستين سنتا ً منها كانت قروش .قروش تم حفظها واحدة تلو
احمرت وجنتها
َّ االخرى في كل مرة عندما كانت تفاصل بقسوة مع البقال وبائع الخضروات والجزار ،حتى
من التعليقات بخصوص البخل الذي يعيشونه في مثل هذه المعاملة .عدت ديال القروش ثالث مرات .دوالر
وسبعة وثمانون سنتاً .وغدًا سيكون عيد الميالد المجيد.
ال شك في أنه لم يتبق شيء سوى أن تترنح على األريكة الصغيرة وتبكي .لذا فعلت ديال ذلك .مما يحفز على
التفكير في أخالقيات المعاملة التي مرت بها ملؤها النحيب واالبتسامات المزيفة ،مع الكثير من البكاء المبطن.
بينما تتجول سيدة المنزل تدريجيًا من مكان الى اخر ،لتلقي نظرة على المنزل .شقة مفروشة بتكلفة 8دوالرات
في األسبوع .لم يكن يعكس تحديدًا قيمة الفقر ،ولكن بالتأكيد كان يدل على مكان انتظار المتسولين.
في الرواق أدناه كان هناك صندوق بريد يستقبل فيه الرسائل ،وزر كهربائي ال يمكن ألي إصبع أن يجبره
على الرنين .وكانت هناك أيضًا بطاقة تحمل اسم "السيد جيمس ديلينغهام يانج".
دوالرا في األسبوع.
ً كان السيد "ديلينغهام" منعما جدا في فترة سابقة من االزدهار عندما كان يتقاضى 30
دوالرا ،بدت حروف "ديلينغهام" غامضة ،كما لو كان يفكر جديًا في أي
ً اآلن ،عندما انخفض الدخل إلى 20
تعاقد متواضع وغير مجدي .ولكن في كل مرة يعود فيها السيد جيمس ديلينغهام يانج إلى المنزل ويصل إلى
شقته ،كان ينادي "جيم" ويعانقه بشدة ،الشخص الذي تم تقديمها لكم باسم ديال .وهذا الوضع كله لالن على
ما يرام.
انتهت ديليا من بكائها واخذت باستخدام قطعة البودرة على خديها .وقفت قرب النافذة ونظرت بتململ إلى
قطة رمادية تمشي على سياج رمادي في فناء خلفي رمادي ايضا( .تقول في نفسها) غدًا سيكون عيد الميالد،
ولدي فقط 1.87دوالر لشراء هدية لجيم .لقد كانت توفر كل قرش يمكنها توفيره لشهور ،وكانت هذه هي
دوالرا في األسبوع ال يكفي .كانت النفقات أكبر مما ضنت .دائ ًما ما تكون1.87 .
ً النتيجة فقط .عشرون
دوالر فقط لشراء هدية لعزيزها جيم .قد قضت ساعات سعيدة في التخطيط لشيء لطيف له .شيء رائع ونادر
جديرا بأن يكون مل ًكا لجيم.
ً وثابت -شيء قريب قليالً من أن يكون
كان هناك مرآة طويلة ورفيعة بين النوافذ في الغرفة .ربما رأيت مرآة طويلة ورفيعة في شقة تكلف 8
دوالرات .يمكن ان يحدث هذا لشخص نحيف جدًا ورشيق جدًا ،لمراقبة انعكاسه في تسلسل من االنعكاسات
الطولية (يقصد شروخ في المراه) ،على تصور تقريبي لمظهره .ديال ،وهي نحيفة ،كانت قد ابدعت هذا الفن.
فجأة ،استديرت من النافذة ووقفت أمام المرآة .كانت عينيها تتألأل بشكل براق ،لكن وجهها فقد لونه في
غضون عشرين ثانية .سحبت شعرها بسرعة وتركته يسقط على كامل طوله.
اآلن ،هناك اثنتان من الممتلكات التي اعتبرها جيمس ديلينغهام يانج مصدر فخر كبير .األولى كانت ساعة
جيم الذهبية التي كانت لوالده وجده .واألخرى كانت شعر ديال .إذا عاشت ملكة سبأ في الشقة المقابلة عبر
الممر الهوائي ،لدعت ديال شعرها ليتدلى من النافذة يو ًما ما ليجف فقط للتقليل من قيمة مجوهراتها وهداياها.
ولو كان الملك سليمان ،بكل كنوزه المكدسة في القبو ،بواب المنزل ،لكان جيم قد سحب ساعته في كل مرة
مر عليها ،فقط ليرى كيف يقلب هو االخر لحيته من الغيرة.
اآلن ،سقط شعر ديال الجميل حولها ،يموج ويشع مثل شالل من مياه بنية .وصل إلى أسفل ركبتها وجعل
نفسه تقريبًا ثوبًا لها .ثم قامت بفعلها مرة أخرى بعصبية وبسرعة .مرة واحدة تراجعت لدقيقة ووقفت وقد
تساقطت دمعتان أو ثالث على السجادة الحمراء المهترئة.
ارتدت جاكيتها البنية القديمة؛ وارتدت قبعتها البنية القديمة .ودارت بتنورتها ،ومع اللمعان البراق الذي ال
يزال في عينيها ،خرجت من الباب ومن ثم الى أسفل الدرج إلى الشارع.
حيث أوقفتها الفتة مكتو ب عليها" :مدام صوفروني .منتجات الشعر بجميع األنواع ".ركضت ديال الدرج
وتمالكت نفسها ،متنهدة .سألت السيدة ،وكانت السيدة كبيرة ومكتنزة وهادئة ،بالكاد تشبه "صوفروني".
"أنا أشتري الشعر" ،قالت مدام" .خذي قبعتك ولنلقي نظرة على شكله".
"أعطه لي بسرعة "،قالت ديال .ومضت قرابة الساعتين التان مضت بسرعة وهي تفتش في المتاجر عن
هدية لجيم.
أخيرا .بالتأكيد كانت تلك الهدية مصممة لجيم وليس ألحد آخر .لم يكن هناك شكل آخر مثلها في أي
ً وجدتها
سا على عقب .كانت سلسلة بالتينيوم بسيطة وزاهية في التصميم ،تعلن
من المتاجر ،التي قلبتها جميعها رأ ً
قيمتها في جوهرها فقط وليس بالتزيين الزائف -كما يجب أن تفعل كل األشياء الجيدة .كانت قيمتها توازي
قيمة الساعة .بمجرد أن رأتها ،عرفت أنه يجب أن تكون لجيم .كانت تلك الهدية تشابهه بالهدوء والقيمة -
الوصف الذي ينطبق على كل منهما .أخذوا منها دوالراتها الواحد والعشرون ،وعادت إلى المنزل بسرعة
مع 87سنتًا.
بهذه السلسلة الرائعة على ساعته ،قد ال يكون جيم قلقًا تجاه النظر الى الوقت مع أي جماعة .ورغم أن الساعة
كانت رائعة ،إال أنه كان في تلك االحيان يلقي نظرة سرية عليها خجال بسبب الحزام الجلدي القديم الذي كان
يستخدمه بدالً من السلسلة.
عندما وصلت ديال إلى المنزل ،تراجعت لهفتها قليالً لتتحول الى حذر وعقالنية .أخرجت مكواة الشعر
الخاصة بها وأشعلت الغاز وبدأت في إصالح التلف الذي أحدثه كرمها الممزوج بالحب .والذي دائ ًما ما تكون
التضحية مهمة صعبة ،صدقوني أصدقائي االعزاء -مهمة صعبة.
في غضون أربعين دقيقة ،كان رأسها مغطى بأمواج صغيرة ومتالصقة جعلتها تبدو بشكل رائع كصبي
مدرسي .نظرت إلى شكلها في المرآة بعناية وبحرص.
تقول في نفسها " إذا لم يقتلني جيم قبل أن يلقي نظرة ثانية علي ،سيقول إنني أبدو كفتاة جوقة في كوني آيالند.
ولكن ماذا يمكنني فعله – يا ويحي! ماذا يمكنني فعله بدوالر وثمانية وثمانين سنتًا؟"
في الساعة السابعة ،كان القهوة قد تمت وكانت المقالة على ظهر الموقد ،ساخنة وجاهزة لطهي الشرائح.
متأخرا .خبأت ديال سلسلة الساعة في يدها وجلست على زاوية الطاولة بالقرب من الباب
ً جيم لم يكن أبدًا
الذي يدخله دائ ًما .ثم سمعت خطواته على السلم بعيدًا في الطابق األول ،وأصبحت قلقة للحظة فقط .كانت
لديها عادة وهي ترتيل صلوات صغيرة صامتة حول أبسط األشياء اليومية ،واآلن همست" :رجا ًء يا هللا،
اجعله يعتقد أنني الزلت جميلة".
فتح الباب ودخل جيم وأغلقه .بدا نحيفًا وجادًا جدًا .هذا المسكين ،الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين – كان
معنيًا بأسرة! كان بدون قفازات وهو بأمس الحاجة إلى معطف جديد.
دخل جيم داخل الباب ،مذهوال عديم الحراك ككلب الصيد الذي اشتم رائحة طائر السمان .كانت عينيه مركزة
على ديال ،وكانت فيهما تعبير لم تستطيع ديال قراءته ،وكان هذا الشعور يرعبها .لم يكن ذلك غضبًا ،ولم
يكن مفاجأة ،ولم يكن اعتراضًا ،ولم يكن رعبًا ،ولم يكن أي من المشاعر التي كانت مستعدة لها .ببساطة،
كان فقط يحدق بها بذلك التعبير الغريب على وجهه .نزلت ديال من على الطاولة وذهبت إليه .صاحت "جيم،
ي بهذه الطريقة .قصرت شعري وبعته ألنني لم أكن ألعيش من دون أن أقدم لك هدية
عزيزي" "،ال تنظر إل ّ
في عيد الميالد .سينمو مرة أخرى -صحيح ؟ اضطررت لفعل ذلك .شعري ينمو بسرعة هائلة .قل "عيد
ميالد سعيد!" جيم ،ولنكن سعداء .انت ال تعلم ما هي الهدية الجميلة التي احضرتها اليك".
"لقد قصرتي شعرك؟" سأل جيم متلعثما ،كما لو أنه لم يصل بعد إلى تلك الحقيقة بعد جهد عقلي جهيد.
"قصرته وبعته" ،قالت ديال" .ألست تحبني أنا نفسي بدون شعري؟"
نظر جيم حول الغرفة بدهشة" .تقولين إن شعرك قد ذهب؟" قال بطريقة ساذجة .
قالت ديال" ،ال تحتاج إلى البحث عنه"" ،لقد بيع ،أقول لك -بيع وراح أيضًا .إنها ليلة عيد الميالد ،يا صبي.
كن لطيفًا معي ،فقد ذهب من أجلك .ربما يمكن لشعر رأسي ان يعود( "،تابعت كالمها المعسول)" ،ولكن ال
أحد يمكنه أبدًا أن يحصي حبي لك .هل أضع الشواية ،جيم؟"
أخذ جيم حزمة من جيب معطفه ورماها على الطاولة " .ال ترتكبي أي خطأ فيما يتعلق بي .ال أعتقد أن هناك
أي قصة شعر أو حالقة أو شامبو يمكن أن يجعلني أحب فتاتي أقل .ولكن إذا فتحتي هذه الحزمة قد ترى
لماذا كنت مندهشا من البداية ".أصابت أصابعها البيضاء الحبل والورق .ثم صرخة من الفرح ،وبعد ذلك،
لألسف! تحولت حالتها بطبيعتها االنثوية بشكل سريع إلى دموع وصراخ ،االمر الذي استدعى الى التهوين
عليها بسرعة من سيد الحب (جيم).
هذه المفاجئة كانت مجموعة امشاط -طقم المشط ،الجميل ،الذي كانت ديال تعشق النظر إلية لفترة طويلة من
نافذة المتجر .مشط جميل ،علية صدف السلحفاة الطبيعية ،بحواف مرصعة بالجواهر -بالضبط الوقت
المناسب الستعماله ال سيما بعد ان الشعر الجميل قد اختفى .كان مش ً
طا باهظ الثمن ،كما كانت تعلم ،وكان
قلبها قد توقف عن اللهفة والحنين الي ذلك المشط بال أدنى أمل في الحصول عليها .واآلن أصبح لها ،ولكن
الشعر الذي كان ينبغي أن يزين هذه الزينات الرائعة قد ذهب.
ولكنها عانقت المشط إلى صدرها ،وأطالت النظر لألعلى بعيون دامعة مصحوبة بابتسامة وقالت" :سوف
ينمو شعري بسرعة كبيرة ،جيم"!
ثم قفزت ديال مثل قطة صغيرة محترقة وصاحت" :أوه ،أوه"!
ير هديته الجميلة بعد .لقد عرضتها عليه على راحتها المفتوحة .بدا المعدن الثمين بإشعاعه يعكس
جيم لم َ
نبرة روحها الساطعة والمتحمسة.
"أليس رائ ًعا ،جيم؟ بحثت في جميع أنحاء المدينة للعثور عليه .ستحتاج إلى النظر إلى الوقت مئات المرات
في اليوم اآلن .أعطني ساعتك .أريد أن أرى كيف يظهر عليها".
بدالً من االنصياع ،اندفع جيم إلى األسفل على األريكة ووضع يديه تحت الجزء الخلفي من رأسه وابتسم.
"ديال" ،قال" ،لنقم بوضع هدايانا لعيد الميالد جانبًا ولنحتفظ بهما لفترة .إنهما جميالن جدا في الوقت الحالي.
قد بعت الساعة للحصول على المال لشراء مشطك .واآلن لنعود الى الشواية التي كنتي تضعين من قبل".
افراد المجوس ،كما تعلمون ،كانوا حكماء -حكماء بشكل رائع -جلبوا هدايا للطفل في المهد .اخترعوا فن
إعطاء الهدايا في عيد الميالد .كانت هداياهم ،باعتبارهم حكماء ،بال شك حكيمة ،وربما تحمل امتياز التبديل
عند الحاجة .في الختام ،سردت لكم قصة عن شابين في شقة قررا بغباء تضحية أعظم كنوز منزلهما لبعضهما
البعض .ولكن ككلمة أخيرة لهذين في هذه األيام ،دعونا نقول إن من بين جميع الذين يقدمون الهدايا كان
هؤالء االثنان هما األكثر حكمة .األكثر حكمة من بين كل من يقدم ويتلقى الهدايا ،في اي مكان .إنهم المجوس.
القصة الثانية
في منتصف الليل ،كان المقهى مكتظا .بطريقة ما كانت المائدة التي أجلس عليها قد أفلتت من أعين الحاضرين
من الخارج ،وكان عليها مقعدان خاليان ،يمدان أذرعهما وكأنهما يرحبان بحفاوة بالقادمين .وما هي إال لحظات
حتى جلس على أحدهما مواطن عالمي ،وقد سعدت لذلك ألني اعتقدت أنه منذ آدم وحواء لم يعرف العالم
مواطن عالمي حقيقي.
إننا نسمع عنهم ونرى بطاقات أجنبية على الكثير من األمتعة ،ولكننا نجد مسافرين وليس مواطنين عالميين،
ها أنا أصف لك المشهد ،موائد ذات قمم رخامية ،صفوف من المقاعد مغطاة بالجلد وملتصقة بالجدران،
الصحبة السعيدة ،والسيدات في األزياء نصف المتألقة ،يتحدثون بصوت ملحوظ في الذوق واالقتصاد ،والثراء،
والفن .النادل المحبوب .والموسيقى التي تنشر السعادة بعدل بين الجميع ،من سطواتها على المؤلفين ،وهناك
هذا الخليط من األحاديث والضحكات ،وأكثر من ذلك الجعة السمراء في الكؤوس المخروطية التي تميل على
الشفاه كحبات الكريز الناضجة المهتزة على األغصان أمام منقار طائر متلصص .وقد قيل لي من أحد المثاليين
أن المنظر كله كان باريسيا حقيقية.
كان المواطن العالمي يسمى إي .راشمور كوجالن ،ومن المؤكد انه ذاهب الى كوني آيالند في الصيف القادم.
أينما ذهب ينشر شيئا من "الجاذبية" الجديدة ،أخبرني هذا العالمي انه يقدم تسلية ملكية المستوى .ثم بدا كأنما
طاف العالم من شرقه لغربه .وكأنه أخذ العالم الكبير ودار به في يده ،بطريقة جميلة ممزوجة بثقة وازدراء،
وكان يبدو في حديثة كبذرة كرز ال يزيد حجمها عن حبة ماراشينو من فاكهة العنب على طاولة المطعم.
تحدث بازدراء عن خط االستواء ،وقفز من قارة إلى قارة ،سخر من المناطق ،وامتص البحار الكبيرة بمنديله.
كان يتحدث وهو يترنح بيده عن بازار ما في مكان اسمه حيدر أباد ،ياااه! سيجعلك حينها تتزلج على الزالجات
في البالند .ومن ثم! تمتطي األمواج مع شعب الكاناكاس في كيااليكاهيكي .بريستو! صدقني سيجرك عبر
مستنقع بوستوك في أركنساس ،ثم يتركك تجف لحظة على السهول المجاورة لمزرعته في أيداهو ،ثم يدور
بك في مجتمع الدوقات في النمسا .في حين أخر ،يخبرك عن نزله البرد التي صابته من نسمة بحيرة شيكاغو
وكيف عالجه الطبيب العريق إسكاميال في بوينس آيرس بخلطة من عشبة التشوتشوال.
كل رسائلنا كانت ستوجه إلى "إي .راشمور كوجالن ،الذي يمثل األرض ،النظام الشمسي ،الكون" ،لذا
أرسلها وكلك ثقة بأنها ستصل إليه.
أخيرا الشخص الحقيقي الوحيد من نوعه منذ خلق آدم ،وكنت أستمع إلى حديثه
ً كنت متأكدًا أنني وجدت
العالمي بتوتر خوفًا من أن أكتشف فيه لمحة محلية تقلل من شأنه عن كونة مستكشف الكرة األرضية .ولكن
آراؤه لم تترنح أو تنكمش أبدًا تجاه المدن والبلدان والقارات؛ كان محايدًا كما تكون الرياح في سريانها أو
الجاذبية.
وبينما كان إي .راشمور كوجالن يتحدث عن هذا الكوكب الصغير ،فكرت بسرور في شخص تقريبًا عالمي
سا بين مدن األرض،
فخرا وتناف ً
حقيقي كتب للعالم أجمع وكرس نفسه لبومباي .في إحدى قصائده قال إن هناك ً
وأن "الرجال الذين ينشئون منها ،يتاجرون صعودًا وهبو ً
طا ،لكنهم يتشبثون بحافة مدنهم كالطفل بطيّة ثوب
أمه ".وكلما ساروا "بجوار شوارع مجهولة الضجيج" ،يتذكرون مدينتهم األم "األكثر وفا ًء ،سذاجة ،حنان؛
جعلوا من اسمها المجرد جزءا منهم" وكان سروري مبررا ألنني قد أمسكت بالسيد كيبلنغ وهو نائم .هنا
ً
رجال ليس مصنوعًا من الغبار؛ شخص ليس لديه مفاخر منوطة بجنسيته او بمكان الميالد ،شخص وجدت
لو كان يتفاخر ،فإنه سيتفاخر بكوكبه بأكمله ضد الكوكبين البعيدين وسكان القمر.
كانت تعبيرات إي .راشمور كوجالن حول هذه القضايا تميل إلى الزاوية الثالثة بجانب طاولتنا .وفي حين
كان كوجالن يصف لي شكل السهول على طول السكك الحديدية السيبيرية ،انزلقت األوركسترا إلى معزوفة
ميدلي .ومنها الى "ديكسي" اللحن الختامي ،وعندما تندلع النغمات المحفّزة ،كادت ت ْغطى تقريبًا بالتصفيق
الحاد من جميع الطاوالت.
يمكننا القول أن هذا المشهد الملحوظ متكرر كل مساء في العديد من المقاهي في مدينة نيويورك .حيث يتم
استهالك أطنان من المشروبات الكحولية .قد يفترض البعض بسرعة أن جميع الجنوبيين في المدينة يتجهون
إلى المقاهي عند غروب الشمس .هذا الحضور وهذا التصفيق ألغنية الثوار في المدينة الشمالية قد يثير
تساؤال؛ ولكنه ليس تساؤال ال يمكن حله.
الحرب مع إسبانيا ،ومواسم سخية للنعناع والبطيخ على مر السنين ،وبضعة فائزين من مرأى بعيد في مضمار
السباق في نيو أورليانز ،والعروض الرائعة التي قدمها مواطنو إنديانا وكانساس الذين يشكلون جمعية
مثيرا لالهتمام في مانهاتن .بلطف ستهمس األظافر الجميلة ألي امرأة
أمرا ً
كاروالينا الشمالية ،جعلت الجنوب ً
كثيرا بإصبع الرجل في ريتشموند ،وذلك الن العديد من السيدات
ً هناك أن اإلصبع األوسط األيسر يذكرها
يتعين عليهن العمل -بسبب الحرب ،كما تعلمون.
عندما كانت معزوفة "ديكسي" تعزف ،قفز شاب ذو شعر داكن من مكان ما بصرخة معرفة باسم موزبي
الجويريلال وهو يرفع بشكل هستيري قبعته ذات الحافة الناعمة .ثم تجول في الدخان ،وانخرط على الكرسي
الفارغ في طاولتنا واستخرج السجائر.
كان المساء يداعبه شيء من االسترخاء .ذكر أحدنا ثالثة اشخاص من مدينة "فورتسبورغرز" االلمانية
للنادل؛ أقر الشاب ذو الشعر الداكن بمعرفته اياهم بابتسامة وإيماءة .وبعدها أسرعت لطرح سؤال عليه رغبة
مني بتجربة نظرية فضولية كانت لدي.
وبعدها ضرب إي راشمور كوجالن الطاولة بقبضته التي فجرت إيقاعًا أصمت الجميع.
عذرا" ،قال لي " ،هذا سؤال ال أحب أن أسمعه أبدًا .ما الذي يهم من أين هذا الرجل؟ هل من العدل أن نحكم
" ً
على اإلنسان من عنوان صندوق البريد الخاص به؟ أليس من األفضل أن نرى الرجل كرجل دون أن نقيده
بمكان سكنه؟"
"بدت بعدها مالمح االعتذار علي" ،ثم قلت" ،ولكن فضولي لم يكن من فراغ .أنا أعرف سكان الجنوب بالذات
عندما تعزف الفرقة "ديكسي" .اعتقد بأن الرجل الذي يصفق لهذه األغنية بهذا الشغف دائ ًما ما يكون من
مواليد احدى المناطق اما سيكوكوس او نيو جيرسي ،لديه والء إقليمي واضح ،أو الحي ما بين موراي هيل
ونهر هارلم في تلك المدينة .يجب أن أعترف انني كنت على وشك أن أختبر رأيي بمعرفة مكان سكن هذا
السيد قبل ان يقاطعني بوجهه نظرة المقنعة والغير متحيزة لمكان دون آخر".
وأخيرا تكلم هذا الشاب ذو الشعر الداكن وبدا من الواضح أن عقله كان يتحرك أيضًا على نحوه الخاص.
قال بسرية" ،أود أن أكون نبات في بيريوينكل"" ،في أعلى وادٍ ،وأغني أيضًا أغنية تو-رالو-رالو".
كان هذا واض ًحا جدًا للغاية ،لذلك نظرت مرة أخرى إلى كوجالن.
ثم قال" ،لقد طفت العالم اثنا عشر مرةً"" ،أعرف أحد اإلسكيمو في أوبيرنافيك يرسل إلى سينسيناتي لشراء
ربطات عنقه ،ورأيت راعي ماعز في أوروغواي فاز بجائزة في مسابقة لغز اإلفطار في باتل كريك .أدفع
إيجارا الحدى ال غرف في القاهرة ،مصر ،وآخرى في يوكوهاما طوال العام .لدي نعال في انتظاري في منزل
ً
شاي في شنغهاي ،وال يجب علي أن أخبرهم كيف يطهون بيضي في ريو دي جانيرو أو سياتل .إنه عالم
صغير للغاية .ما فائدة التبجح بأنك من الشمال أو الجنوب أو الديار القديمة في الوادي ،أو شارع يوكليد في
كليفالند ،أو بيكس بيك فيرفاكس في والية فيرجينيا ،أو "هوليجانز فالتس" أو أي مكان آخر؟ سيكون العالم
أفضل عندما نتوقف عن أن نكون أغبياء حول بلدة متهالكة أو عشرة فدان من األراضي العليلة فقط ألننا
وبالصدفة ولدنا هناك".
قلت بإعجاب" :تبدو لي أنك عالمي حقيقي"" ،لكن يبدو أيضًا أنك ستستنكر الوطنية".
عندها قال كوجالن بحماس" :بقايا من عصر الحجر"" ،نحن جمي ًعا إخوة -صينيون ،إنجليز ،زولو،
باتاغونيون ،وأهل منعطف نهر كاو .تلك األفكار ستمسح في يوم من األيام وسيمسح معها هذا الفخر البسيط
بمدينتك أو واليتك أو منطقتك أو بلدك ،وسنكون جمي ًعا مواطنين في هذا العالم كما يجب أن نكون".
أصررت قائال" ،ولكن أثناء تجوالك في األراضي األجنبية"" ،هل ال تميل أفكارك أحيانًا إلى مكان ما -مكان
عزيز على قلبك"-
"ليس هناك مكان" ،قاطعني إي .ر .كوجالن بسخرية" .الكتلة الكروية الكوكبية األرضية ،المسطحة قليال
عند القطبين ،والتي تعرف باسم األرض ،هي منزلي .لقد قابلت العديد من المواطنين الملتزمين بكائنات هذا
ً
رجاال من شيكاغو يجلسون في قارب صغير في البندقية في ليلة مضيئة بالقمر البلد في الخارج .رأيت
صا من الجنوب عندما قدموه إلى ملك إنجلترا ،يقول للملك،
ويفتخرون بقناة الصرف الخاصة بهم .رأيت شخ ً
من دون أدنى تردد ،ب أن جدة جدته من جهة والدته كانت متزوجة من عائلة بيركنز في تشارلستون .كنت
اعلم أن أحدا من نيويورك تم اختطافه لفدية من قبل بلطجية أفغانستان .أرسل أهله األموال وعاد إلى كابول
مع الوكيل.
"أفغانستان؟" قال له أحد الموجودين من خالل مترجم" .حسنًا ،ليست مكانا بعيدا ،أليس كذلك؟" يقول هو
وعلية مالمح االزدراء" ،أوه ،ال أعرف" ،ومن ثم يشرع في أن يخبرهم عن سائق تاكسي في بلدة الجادة
السادسة وبرودواي .وأكد قائال "تلك األفكار ال تناسبني .أنا ال أرتبط بشيء ال يتجاوز قطره 8000ميال.
فقط ضعني كإي .راشمور كوجالن ،مواطن للكرة األرضية " .وبعدها ودّعني الرجل العالمي بحفاوة ورحل،
صا كان يعرفه في خضم الضجيج والدخان .وبعد ذلك ،تركت وحيدًا مع الشخص
ألنه اعتقد أنه رأى شخ ً
الذي يتظاهر بأنه نجم البحر ،الذي تم تقليصه إلى وورتسبورجر بدون مقدرتي على التعبيرعن تطلعاته
للجلوس منغمسا باألفكار على قمة واد .جلست أفكر في المواطن العالمي الواضح وكيف أفلت مني.
لكنهم فعال يتشبثون بحواف مدنهم كالطفل بثوب أمه ".لكن ليس هكذا كان الوضع بالنسبة إلي .رشمور
كوجالن .مع العالم كله أمامه -وفي لحظتها تم تشتيت تأمالتي بفوضى هائلة وصراع نشب في جزء آخر
من المقهى .رأيت فوق رؤوس الزبائن الجالسين إي .رشمور كوجالن وشخص آخر ال أعرفه يشاركان في
معركة هائلة .قاتال بين الطاوالت كالجبابرة ،وانكسرت األكواب ،وأمسك الرجال بقبعاتهم وبعدها سقطوا ،ثم
صاحت سيدة بشعر بني ،وبدأت سيدة أخرى بالغناء .أما مواطني العالمي الخاص بي كان يحافظ على فخر
األرض وسمعته ،اقترب الجرسون منهما وأحاطوا بهما على شكل "المثلث الطائر" وأخذوهما إلى الخارج
وهما ال يزاالن يقاومان .تحدثت مع شخص اسمه مكارثي ،جرسون فرنسي ،وسألته عن سبب الصراع .قال،
"'غضبت لتلك األمور التي قيلت من قبل الرجل اآلخر حول األرصفة الرديئة وإمدادات المياه في المكان
الذي ولد به" .قلت "،لماذا؟" "هذا الرجل مواطن عالمي" استمر مكارثي قائال" ،ولم يكن سيتسامح مع أي
انتقاص من المكان"".هو من ماتاوامكيج ،ماين ،منذ البداية"
القصة الثالثة
بين الجوالت
كانت قمر شهر مايو يشرق بشكل مشرق على منزل اإليواء الخاص بالسيدة ميرفي .بالرجوع إلى التقويم،
سيتم اكتشاف مساحة كبيرة من األراضي التي سقطت عليها أيضًا أشعة ذلك القمر .كان الربيع في عهده،
ودفئ صيفها قد اقترب .كانت الحدائق بأوراقها الجديدة خضراء وكان هناك باعة ومشترين للتجارة الغربية
والجنوبية .كانت الزهور تفوح باكتظاظ وكالء المنتجعات الصيفية؛ الهواء على لوسون أصبح أكثر نعومة؛
موسيقى االورقان اليدوية مع اطاللة النوافير ولعبة البينوكل تلعب في كل مكان .نوافذ بيت اإليواء الخاص
بالسيدة ميرفي كانت مفتوحة .ومجموعة من المستأجرين جالسين على السطح العالي على مفارش دائرية
ومسطحة تشبه فطيرة البانكيك األلمانيه.
في إحدى النوافذ في الطابق الثاني ،انتظرت السيدة ماكاسكي زوجها .وكان العشاء يبرد على الطاولة .حرارته
قد ذهبت إلى قلب السيدة ماكاسكي .وفي تمام الساعة التاسعة ،جاء السيد ماكاسكي .حمل معطفه على ذراعه
والتبغ في أسنانه ،واعتذر للمستأجرين الذين كانوا الدرج بينما اختار بينهم بعض األماكن على الحجر ليضع
قدميه.
عندما فتح باب غرفته ،وبدالً من غطاء الطباخ المعتاد أو مطرقة البطاطا التي يجب تفاديها ،تلقى مفاجأة.
جاءت الكلمات فقط .قد اعتبر السيد ماكاسكي أن قمر مايو اللطيف قد لين صدر زوجته.
"سمعتك" ،جاءت البدائل الشفهية ألدوات المطبخ" .يمكنك االعتذار لشوارع العامة عن وضع قدميك على
أذيال فساتينهم ،هذا االنتظار يسري على عنق زوجتك الذي أصبح بطول حبل المالبس من دون حتى قبلة
اعتذار ،من طول االنتظار عند النافذة من أجلك برد الطعام وانا التي اشتريت لك الشراب من نقودي التي
اجنيها في جاالغير في كل مساء من يوم السبت ،وحتى ان رجل الغاز اتى هنا مرتين اليوم للقائك ولم يجدك".
"ايتها االمرأة!" قال السيد ماكاسكي بغضب ،ورمى معطفه وقبعته على الكرسي ،وأكمل قائال "صوتك يشكل
إهانة لشهيتي .عندما تنتقد اللباقة ،فإنك تأخذي اللباقة بين لبنات المجتمع .ليست أكثر من مضايقتي عندما
تطلبين مني اعتراض السيدات اللواتي يعيقن الطريق .هل ستتوقفين عن اخراج وجه الخنزير من النافذة
لمراقبتي وتهتمين بالطعام؟"
وقفت السيدة ماكاسكي بثقل وذهبت إلى موقد الطعام .كان هناك شيء في تصرفها أخاف السيد ماكاسكي.
بالذات عندما تنخفض زوايا فمها فجأة مثل جهاز الضغط الجوي ،ذلك يعني عادة سقوط أواني المطبخ وأدوات
الطهي.
لم يكن السيد ماكاسكي مبتدئًا في ردة الفعل .كان يعرف ما يجب أن يفعله بعد رميها للطبق الرئيسي .كان
لحم سيرلوين مشوي على الطاولة ،مزين بأشكال نبات النفل .رد السيد هجوم سيدته بواسطة الخبز الذي كان
في طبق فخاري .واصطدمت قطعة من جبن سويسرية التي قد كانت قد رميت بدقة من قبل زوجته أسفل
احدى عينيه .عندما ردت هي األخرى بقدر من القهوة الساخنة والسوداء والنصف عطرة ،كان ينبغي ،وفقًا
للمعتاد ،أن ينتهي النزال .لم يكن السيد ماكاسكي طاولة طعام بقيمة 50سنتًا حتى يرمى بالقهوة .ومع ذلك
تعتبر القهوة اعالن نهاية النزال حسب معتقدات البوهيميين .دعها ترتكب هذا الخطأ .كان هو بالمقابل أكثر
ذكا ًء .ولكن لم يكن استخدام وعاء األصابع خارج نطاق تجربته .لم يجرب هذا النزال في قصر ميرفي ،ولكن
المكافأة العادلة كانت في متناول يده .بانتصار ،أرسل وعاء الغسيل من الجرانيت على رأس خصمه (زوجته).
السيدة ماكاسكي تجنبت وعاء الغسيل في الوقت المناسب .وصلت إلى المكواة ،على أمل أن تضع حدًا للمعركة
أشبه ما تمثل حسن التصرف عند وضع الطعام .وفي خضم المعركة ،اذ بصرخة عالية وصياح أسفل الدرج
جعلت كل منهما يتوقف والسيد ماكاسكي ممتنا لذلك الصراخ الذي أوقف النزال.
على الرصيف في زاوية المنزل كان الشرطي كليري موجها أذنه مستم ًعا إلى صوت اصطدام أدوات المنزل.
"السيد ماكاسكي وزوجته مرة أخرى" ،فكر الشرطي" .أتساءل هل يجب أن أصعد وأوقف هذه الفوضى .لن
أفعل .هم اناس متزوجون؛ ربما لديهم قليل من المتعة في ذلك .لن تستمر طويالً .بالتأكيد ،سيضطرون إلى
اقتراض أكثر من أطباق للمحافظة على استمرارها".
وفي تلك اللحظة تأتي الصرخة العالية من الطابق السفلي ،مشيرة إلى الخوف أو الضرورة الماسة" .ربما
يكون القط" ،قال الشرطي كليري ،وسار بسرعة في االتجاه اآلخر.
ارتعد الجالسون على الدرج من هول الصوت .دخل السيد تومي ،محامي تأمين بالفطرة ومحقق متمرس،
ليتفقد الصرخة .عاد بالخبر بأن طفل السيدة ميرفي ،مايك ،قد ف ِقد .ومن ثم تبعه الرسول الذي جاء بالخبر.
خرجت السيدة ميرفي – وهي تعول بمقدار مائتي جنيه من الدموع والهستيريا ،تتشبث بالهواء وتصرخ في
السماء لفقدان ثالثين جني ًها من النمش والفوضى .باثوس ،حقًا ،ولكن السيد تومي جلس بجوار اآلنسة بيردي،
الصانعة للقبعات ،تشابكت أيديهم بعطف .وكان من الحاضرين آنستين من الولش ،الالتي كن يشتكين كل يوم
من الضوضاء في الرواق ،سألتا على الفور إذا كان أحد قد نظر وراء الساعة.
وكان أيضا من الحاضرين الرائد جريج ،الذي كان يجلس بجوار زوجته البدينة على أعلى السلم ،قام وخلع
معطفه وعلقه .ثم صاح" :تم فقد الصغير؟" "سأتجول في المدينة" .ال تسمح له زوجته بالخروج عادتا بعد
الغروب .ولكن اآلن قالت" :اذهب ،لودوفيك!" وقالت بصوت جهوري عال" .من يمكنه أن ينظر إلى حزن
تلك األم دون أن يهرع لمساعدتها لديه قلب من حجر" .قال الرائد" :أعطني حوالي ثالثين أو ستين سنتًا،
حبي"" ،قد يتجول األطفال المفقودون بعيدًا في بعض األحيان .وقد أحتاج إلى تذاكر القطار".
ومن بينهم أيضا ،الرجل العجوز ديني ،في القاعة الكبيرة ،الطابق الرابع الخلفي ،الذي كان يجلس على السلم
األدنى ،حاول قراءة جريدة بجوار مصباح الشارع ،وقلب صفحة لمتابعة المقال حول إضراب النجارين.
وفي اثناء ذلك ،صرخت السيدة ميرفي للقمر برجاء" :أيها ،أر-ر-مايك ،أين طفلي الصغير؟"
سألها العجوز ديني “متى رأيته آخر مرة؟” وعينه على تقرير رابطة مقاولي البناء.
"آه "،صاحت السيدة ميرفي" ،كان البارحة ،أو ربما قبل أربع ساعات! ال أعلم .لكنه ضاع ،صغيري مايك.
كان فقط يلعب على الرصيف صباح هذا اليوم -أم كان األربعاء؟ أنا مشغولة بالعمل وصعب متابعة التواريخ.
ولكن لقد تفحصت المنزل من األعلى إلى السرداب ،فوجدته قد ضاع .آه ،من أجل هللا اوجدوه "
صامتة ،قاسية ،هائلة ،ما كانت المدينة الكبيرة دائ ًما ضد معاديها .يطلقون عليها قسوة مثل الحديد ،يقولون
إن ال وجود للرحمة في صدرها ،يقارنون شوارعها بالغابات الوحيدة وصحاري الحمم البركانية .ولكن تحت
القشرة الصلبة للسلطعون يوجد طعام لذيذ ولذيذ .ربما لو كان تشبيهي مختلف لكان أفضل .ومع ذلك ،ال
ينبغي ألحد أن يأخذ اإلهانة .لن نسمي أحدًا سلطعون بدون مخالب جيدة.
ال يوجد نكبة تالمس قلب اإلنسانية كضياع طفل صغير .أقدامهم مترددة وضعيفة .الطرق صعبة عليهم
وغريبة.
أسرع الرائد جريج إلى الزاوية الشارع إلى ان وصل الى جادة الطريق حيث مسكن بيلي .وقال للخادم
"أعطني مشروب الجاودار" ،وسأله "هل رأيت ،طفل صغير قذر الوجه وذو ست سنوات مفقود في مكان ما
هنا؟"
امسك السيد تومي بيد اآلنسة بيردي على السلم .قالت اآلنسة بيردي" ،فكر في هذا الطفل العزيز"" ،ضائع
من جوار والدته -ربما سقط تحت الحواف الحديدية للخيول وهي تركض -آه ،أليس ذلك مري ًعا؟"
"أليس ذلك صحيح؟" اقر السيد تومي كالمها ضاغطا بلط على يدها .قائال " سأبدأ وأساعد في البحث عنه"!
قالت اآلنسة بيردي " ،ربما يجب عليك ذلك .ولكن يا سيد تومي ،أنت جريء جدًا -متهور -فكر في حماسك
ربما يحدث حادث ما ،ثم ماذا؟"-
في الطابق الثاني من الناحية األمامية ،خرج السيد والسيدة ماكاسكي إلى النافذة اللتقاط أنفاسهما .كان السيد
ماكاسكي يخرج اللفت من جيبه بإصبعه الملتوي ،وكانت السيدة تمسح عينيها وعلى يديها الكثير من الملح
المضاف على لحم الخنزير المشوي .سمعوا صرخة أسفلهم وأخرجوا رؤوسهم من النافذة.
"مايك الصغير ضاع" ،قالت السيدة ماكاسكي بصوت همس" ،المالك الجميل الصغير والمشاغب"!
" الصبي المسكين المفقود؟' قال السيد مكاسكي متكئا على النافذة' .لماذا ،اآلن ،هذا سيء بما فيه الكفاية.
األطفال ،هم مختلفون .لو كانت امرأة ،لكنت مستعدًا ،ألنهن يرحلن ويحل السالم خلف رحيلهن ' .متجاهلة
االنتقاد ،قبضت السيدة مكاسكي على ذراع زوجها' .جون' ،قالت وهي متأثرة بمشاعر االمومة' ،صبي السيدة
مورفي ضائع .إنها مدينة كبيرة جدًا لضياع األوالد الصغار .كان عمره ست سنوات .جون ،سيكون بنفس
عمر صبينا الصغير إذا كنا لدينا صبيا قبل ست سنوات' '.لم يكن لدينا صبيا أبدا' ،قال السيد مكاسكي ،مترددًا
مع الحقيقة .قالت السيدة' :ولكن إذا كان لدينا طفال ،يا جون ،فكر في مدى حزن قلوبنا في ليلة ضياعه ،ربما
ال يتسنى البننا الصغير اال الهرب والسرقة من المدينة في أي مكان' '.أنت تتحدثين بحماقة' ،قال السيد
مكاسكي' .لربما سأطلق عليه اسم بات ،على اسم والدي في كانتريم' '.أنت تكذب!' قالت السيدة مكاسكي،
بدون غضب' .اسم أخي يستحق ذلك عشرين مرة أكثر من عائلة مكاسكي الريفية .وبعده سيكون اسم باي
األنسب للصبي .وضعت السيدة مكاسكي ذراعها على حافة النافذة واخذت تنظر الى المارة .
"كانت حلوى على عجالة " قال زوجها" ،واسرعي في تجهيز اللفت والقهوة ،هذا ما يمكن تسميته غداء
سريع ،صحيح ،وال تكذبي ".طوقت السيدة مكاسكي ذراعها حول ذراع زوجها وأخذت يده الخشنة بين يديها.
وقالت 'استمع إلى صراخ السيدة مورفي المسكينة' ،إنه أمر فظيع لفتى صغير أن يضيع في هذه المدينة
الكبيرة .إذا كان لدينا صغيرا لنا ،جون ،لكنت مكسورة القلب '.سحب السيد مكاسكي يده مستغربا كالمها.
ولكن سرعان ما ان وضع يده حول كتفي زوجته .ثم قال' إنه سخف مني ،بالطبع'' .لكنني سأكون منزع ًجا
إذا تم اختطاف صبينا الصغير -بات أو أيا يكن .ولكن ال يوجد لدينا أطفال .في بعض األحيان كنت قاسيا
معك ،جودي .انسي ذلك ' .نظرا معا من النافذة إلى الدراما التي تجري في األسفل .جلسوا كذلك لفترة طويلة.
الناس اندفعوا الى الرصيف ،يتزاحمون ،يسألون ،يملؤون االجواء بالشائعات والتخمينات غير المتسقة عن
مصير الصبي .والسيدة مورفي تمشي ذهابًا وإيابًا في وسطهم ،كجبل يهبط منه شالل من الدموع المسموعة.
أصوات عالية وصخب يأتي من امام المنزل " .ما األمر اآلن ،جودي؟" سأل السيد مكاسكي" .صوت السيدة
مورفي "،قالت السيدة مكاسكي ،وهي ما زالت تنصت للصوت" .تقول إنها وجدت الصغير مايك نائ ًما خلف
لفة اللينوليوم القديمة تحت السرير في غرفتها ".ضحك السيد مكاسكي بصوت عال" .هذا صبيك" ،صاح
بسخرية" ،ال يمكن لصبينا فعل تلك الحيلة إذا كان الصبي الذي لم يكن لدينا قد ضل وسرق ،وانظر إليه
يختبئ تحت السرير مثل جرو رث" .قامت السيدة مكاسكي بثقل ،وذهبت نحو خزانة األطباق ،مع زوايا
فمها مسحوبة ألسفل .عاد الشرطي كليري الى زاوية الطريق بينما تفرق الحشد .وبشكل مفاجئ ،استرق
السمع نحو شقة مكاسكي حيث بدت صدمة الحديد والفخار وصوت أدوات المطبخ الملقاة قويًا كما كان من
قبل .أخرج الشرطي كليري ساعته' .وصاح' .جون مكاسكي وزوجته كانوا يتقاتلون لمدة ساعة وربع .يمكن
لهذه للسيدة أن تعطيه وزن أربعين باوند قوة لذراعه '.تجول الشرطي كليري حول زاوية الطريق مرة أخرى .
طوى العجوز ديني صحيفته وهرع نحو الدرج ذاهبا بينما كانت السيدة مورفي على وشك إغالق الباب لليلة.
القصة الرابعة
الغرفة السماوية
في البداية ،ستريك السيدة باركر غرف الجلوس المزدوجة .لن تتجرأ على أن تقاطعها وهي تصف مزايا تلك
الغرفة وأيضا فضائل السيد الذي تميز بها لثماني سنوات .بعد ذلك ،ستتمكن من أن تتلعثم اعترافا بأنك لست
طبيبًا أو طبيب أسنان .كانت السيدة باركر تعاني عند تقبل هذا االعتراف وتصفه بطريقة تجعل منك شخصا
قادرا على إبداء نفس الشعور تجاه والديك ،الذين قصروا في تدريبك في إحدى المهن الموجودة في
ً غير
غرف السيدة باركر.
ثم صعدت درجة واحدة ونظرت من الطابق الثاني إلى 8دوالرات .مقتنعة بأسلوبها في الطابق الثاني بأنها
دوالرا الذي كان السيد توسنبري يدفعه دائ ًما عندما يغادر ليتولى مزرعة البرتقال التابعة ألخيه
ً تستحق الـ 12
في فلوريدا بالقرب من بالم بيتش ،حيث كانت السيدة ماكنتاير تقضي دائ ًما فصول الشتاء في غرفتها األمامية
المزدوجة مع حمامها الخاص ،يمكنك أن تتذمر بأنك ترغب في شيء أرخص بعد ان ترى ذلك.
إذا نجوت من ازدراء السيدة باركر ،تم ذهبت لتشاهد غرفة االستراحة الكبيرة للسيد سكيدر في الطابق الثالث.
لم تكن غرفة السيد سكيدر شاغرة .كتب فيها المسرحيات ودخن فيها السجائر طوال اليوم .كل منتقي للغرف
كان ملز ًما بزيارة تلك الغرفة لإلعجاب بالمزهريات .بعد كل زيارة ،كان السيد سكيدر ،من خوفه من احتماليه
طرده ،يدفع شيئًا اضافيا على إيجاره.
ثم ،بعد ذلك -إذا كنت ال تزال تقف على قدم واحدة ويدك الحارة تتشبث بالدوالرات الرطبة الثالث في جيبك،
وتعلن بصوت خشن فقرك البشع ،لن تكون السيدة باركر مرشدة لك بعد اآلن .ستهز بصوتها العالي كلمة
"كالرا" ،ستدير ظهرها ،وستنزل الدرج .ثم ستقوم كالرا ،الخادمة ذات اللباس الملون ،بمرافقتك عبر السلم
المفروش الذي يوصلك للطابق الرابع ،وبعدها سترى الغرفة السماوية .كانت تحتل 7اقدام من أصل 8اقدام
من مساحة األرضية في منتصف القاعة .على كل جانب منها كان هناك اما خزانة مظلمة أو غرفة تخزين.
كان فيها سرير حديدي ،ومغسلة ،وكرسي .كانت الرف هو الخزانة .ويبدو أن جدرانها األربعة الخالية بائسة
مثل جوانب العملة النقدية .يدك تتسلل إلى حنجرتك ،تتنهد ،تنظر الى أعلى كأنك أسفل بئر .فمن خالل زجاج
القبة السماوية الصغيرة سترى مربعًا من األزرق الالنهائي.
"دوالرين ،يا سيدي" ،ستقول كالرا بأسلوبها الساخر نصفه استهزائي ونصفه تعالي.
في يوم ما ،جاءت اآلنسة ليسون تبحث عن غرفة .كانت تحمل آلة الكتابة ليتم اخذها من قبل امرأة أكبر منا
بكثير .كانت اآلنسة ليسون فتاة صغيرة جداً ،بعيون وشعر يستمران في النمو ،وكانوا دائ ًما يبدون وكأنهم
يقولون" :يا هللا .لماذا لم تبقَ معنا؟"
أرتها السيدة باركر الصالونين المزدوجين .وقالت "في هذا الخزانة"" ،يمكن للشخص االحتفاظ بجلدة أو بخار
أو فحم"
"ولكنني لست طبيبة (طبيب عام) أو طبيبة أسنان" ،قالت اآلنسة ليسون برجفة.
أعطتها السيدة باركر النظرة الش ّكاكة الممتلئة بالشفقة والسخرية الذي تمتاز به ألولئك الذين لم يستوفوا
الشروط كأطباء أو أطباء أسنان ،وقادتها إلى الطابق الثاني الخلفي.
'"ثمانية دوالر؟' قالت اآلنسة ليسون' .يا اللهي كم انا مسكينة! إنني لست "هيتي" الغنية .أنا فقط فتاة عاملة
فقيرة .أرني شيئًا أدنى'.
قفز السيد سكيدر ورش األرض بمخلفات السجائر عندما طرقوا بابه.
عذرا،ما قاله السيد سكيدر '،قالت السيدة باركر ،بابتسامتها الشيطانية على مظهره الشاحب' .لم أكن أعلم أنك
' ً
هنا .طلبت من السيدة أن تلقي نظرة على مزهرياتك'.
'إنها جميلة للغاية '،قالت اآلنسة ليسون ،وهي تبتسم بالطريقة نفسها التي يفعل فيها المالئكة.
ً
مشغوال جدًا في محو البطلة الطويلة الشعر األسود من مسرحيته األخيرة بعد أن رحلوا ،أصبح السيد سكيدر
(التي لم يتم إنتاجها) وإدراج واحدة صغيرة مذنبة بشعر ثقيل ومالمح حيوية.
قال السيد سكيدر لنفسه' ،ستتسابق عليها " آنا هيلد " ' ،ووضع قدميه محاذاة المزهريات واختفى في سحابة
من الدخان كما لو كان مخلوقًا هوائيًا.
في وقت الحق ،دقت "كالرا!" الجرس متوجهة الى محفظة اآلنسة ليسون .اقتحمتها كالغيالن السود ،صعدت
بها إلى درج ستيغيا ،ودفعتها في قبو ال يتسم اال بشعاع خفي من الضوء في قمته ومررت تلك الكلمات
التهديدية والنرجسية "دوالرين"! "سأأخذها!" أنهكت اآلنسة ليسون ،مستلقية على السرير الحديدي المتأرجح.
كانت اآلنسة ليسون تذهب للعمل كل يوم .وفي الليل ،تحضر أوراقًا بها كتابة وتقوم بنسخها باستخدام آلتها
الكاتبة .في بعض األحيان ال تقوم بذلك ،وفي هذه الحالة كانت تمضي وقتها جالستا على درج الشرفة العالية
مع باقي المستأجرين.
لم تكن اآلنسة ليسون مخلوقة للغرفة السماوية عندما تم رسم الخطط لبنائها .كان قلبها مبته ًجا ومليئًا باألفكار
العابرة والعفوية .في احدى المرات ،وافقت للسيد سكيدر ان يقرأ لها ثالث فصول من مسرحياته الكوميدية
(غير المنشورة) ،المسماة ب 'ليست لعبة صغيرة؛ أو وريثة المترو'.
كانت هناك فرحة بين السادة المستأجرين عندما تجلس لآلنسة ليسون على الدرج لمدة ساعة أو ساعتين.
ولكن اآلنسة لونغنيكر ،الشقراء الطويلة التي تدرس في مدرسة عامة وتقول "حسنًا ،حقًا!" لكل شيء يقال،
وهي تجلس على أعلى الدرج .واآلنسة دورن ،التي تعمل في متجر ،كانت تطلق النار على البط كل يوم أحد،
جلست على الدرج السفلي .وفي اللحظة التي تجلس اآلنسة ليسون على الدرج األوسط ،سرعان ما يجتمع
الرجال حولها.
خاصة السيد سكيدر ،الذي صورها في عقله لدور البطولة في دراما حقيقية ورومانسية (غير معلنة).
وأيضا السيد هوفر ،البالغ من العمر خمسة وأربعين عا ًما ،السمين والمتورد الوجه ،والغبي .وال أنسى السيد
إيفانز الشاب ،الذي ي صدر سعال مزيف إلقناعها بأن تطلب منه التوقف عن التدخين .صوت الرجال عليها
كونها "األكثر فكاهة ومر ًحا على اإلطالق" ،ولكن كان االستياء من االخريات على الدرج العلوي والدرج
السفلي ال يتسم بالصفح.
•••••
كانت الدراما ال تتوقف بينما يتقدم الممثل إلى حافة المسرح ويسقط دمعة جنائزية على سمنة السيد هوفر.
صبوا تركيزهم على الدهن المسبب لمأساة السمنة ،نقمة السمين ،كارثة السمنة .لو تم اختباره ،ربما كان السيد
فالستاف قد قدم المزيد من الرومانسية للرجل السمين مما قدمه روميو الهزيل الذي يزن أونصة .يمكن للعاشق
أن يتنهد ،ولكنه ال يجب أن يتأفف .يتم إرجاع الرجال السمينين إلى قافلة "مومس" .عبثًا ينبض القلب المخلص
فوق حزام بقياس 52بوصة .ارحل ،هوفر! هوفر ،البالغ من العمر 45عا ًما ،متورد الوجه ،وغبي ،قد
يستطيع أن يحمل هيلين بنفسها .هوفر ،البالغ من العمر 45عا ًما ،متورد الوجه ،غبي ،وسمين ،هو طعام
ألهل الجحيم .لم يكن هناك فرصة أبدًا بالنسبة لك ،هوفر.
وفيما كانت النساء المستأجرات في غرفة السيدة باركر جالسات هكذا في إحدى مساءات الصيف ،رفعت
اآلنسة ليسون رأسها إلى السماء وصاحت بضحكتها الصغيرة والمرحة' :لماذا ،ها هو بيلي جاكسون! يمكنني
رؤيته من هنا أيضًا '.نظر الجميع ألعلى -بعضهم إلى نوافذ ناطحات السحاب ،والبعض يتأمل في الهواء
بحثًا عن طائرة هوائية ،موجهين بأفكارهم بواسطة جاكسون .شرحت اآلنسة ليسون‘ ،هو تلك النجمة' ،مشيرة
بإصبعها الصغير' .ليس النجم الكبير الالمع -بل النجم األزرق الثابت القريب منه .يمكنني رؤيته كل ليلة من
خالل فتحة سقفي .أطلقت عليه اسم بيلي جاكسون' '.حسنًا ،حقًا!' قالت اآلنسة لونجنيكر' .لم أكن أعلم أنك
كبيرا من المعلومات
قدرا ً
عالمة فلك ،اآلنسة ليسون' '.أوه ،نعم' ،قالت المراقبة الصغيرة للنجوم' ،أعرف مثلهم ً
حول نمط األكمام التي سيتم ارتداؤها الخريف المقبل في أذار' '.حسنًا ،حقًا!' قال السيد إيفانز المفعم بالشباب.
سا بصوت عا ٍل ،مداف ًعا
'أعتقد أن بيلي جاكسون هو اسم أفضل بكثير لها' '.نفس هنا' ،قال السيد هوفر ،متنف ً
عن نفسه ضد اآلنسة لونجنيكر' .أعتقد أن لآلنسة ليسون حقًا ال تقل عن أي من الفلكيين القدامى في تسمية
النجوم'.
'حسنًا ،حقًا!' قالت اآلنسة لونجنيكر' .أتساءل ما إذا كانت نيز ًكا '،علقت اآلنسة دورن' .أنا ضربت تسعة من
البط وأرنبًا من أصل عشرة ارانب كانوا في المعرض في منطقة "كوني" يوم األحد' .أضافة اآلنسة ليسون
‘ إنه ال يظهر بشكل جيد جدًا من هنا' .'،يجب أن تراه من غرفتي .تعلمين أنه يمكنك رؤية النجوم حتى في
النهار من قاع البئر .و في الليل ،تكون غرفتي مثل مدخل منجم فحم ،وتجعل بيلي جاكسون يبدو وكأنه الدبوس
الماسي الكبير الذي تستخدمه لتثبيت قميصها ' .وفي وقت الحق عندما احضرت اآلنسة ليسون أوراقًا هشة
لتستخدمها .وعندما ذهبت في الصباح ،بدالً من العمل ،تنقلت اآلنسة ليسون من مكتب إلى مكتب وذبل قلبها
انصهارا بسبب الكم الهائل من الرفض البارد الذي يتم نقله من خالل الفتيان الوقحين .استمر ذلك .حدث
مساء عندما صعدت اآلنسة ليسون بتعب على سلم السيدة باركر في الساعة التي تعود فيها دائ ًما من عشاءها
في المطعم .ولكنها لم تكن قد تناولت العشاء بعد .وعندما دخلت القاعة ،قابلها السيد هوفر واستغل فرصته.
فسألها أن تتزوجه ،وسمنته تتدفق نحوها كاالنهيار الثلجي .تجنبته هي بدورها ،واستمسكت بالدرابزين .حاول
الوصول الى يدها ،حتى انها رفعتها وضربته بضعف على وجهه .خطوة بخطوة صعدت ،جرت نفسها
بواسطة الدرابزين .مرت بجوار باب السيد سكيدر حيث كان يقوم بتلوين المسرح بالحبر األحمر للبطلة
"ميرتل ديلورم" (شخصية اآلنسة ليسون) في كوميديته (الغير منشورة) ،لـ 'تدور عبر المسرح من اليسار
أخيرا عبر السلم المفروش وفتحت باب الغرفة السماوية .كانت ضعيفة للغاية
ً إلى جانب الكونت '.صعدت
لتشغيل اللمبة أو لتبدل مالبسها .سقطت على السرير الحديدي ،جسمها الهزيل يكاد ان يكون قد حفر من
النوابض المتآكلة .وفي تلك الظلمة في الغرفة ،رفعت ببطء جفنيها الثقيلين ،وابتسمت .ألن بيلي جاكسون
كان يضيء عليها ،هادئًا والمعًا ودائ ًما من خالل فتحة السقف .ال يوجد حولها أي شيء من مالمح العالم
الفعلي .كانت غارقة في حفرة سوداء ،لكن مع هذا المربع الصغير من الضوء الباهت يحيط بالنجم الذي
أطلقت عليه اس ًما غريبًا ،ولكن بشكل مفاجئ للغاية .قالت "يجب أن تكون اآلنسة لونجنيكر على حق؛ إنها
مثل أشعة غاما ،في مجرة كاسيوبيا ،وليس بيلي جاكسون" .ومع ذلك ،ال يمكنها أن تتركها تكون مثل غاما .
وبينما هي مستلقية على ظهرها ،حاولت مرتين رفع ذراعها .في المرة الثالثة ،أوصلت إصبعين نحيفين إلى
شفتيها ونفخت قبلة من غرفتها التي تشبه الحفرة السوداء إلى بيلي جاكسون .سقطت ذراعها بال حيوية .
'وداعًا ،بيلي' ،وهمست بضعف' .أنت في ماليين األميال بعيدًا ولن تلمع حتى مرة واحدة .ولكنك ظللت حيث
يمكنني رؤيتك معظم الوقت هناك عندما ال يوجد شيء آخر سوى الظالم للنظر إليه ،أليس كذلك؟ ...ماليين
األميال ...وداعًا ،بيلي جاكسون'.
في اليوم التالي ،وجدت كالرا ،الخادمة ذات اللباس الملون ،الباب مقفالً في الساعة العاشرة ،حتى قاموا بفتحه
بالقوة .باستخدام الخل والصفع المستمر وحتى الريش المحترق ،لم تكن فعّالة ،عندها ركض أحدهم ليتصل
بسيارة اإلسعاف.
في الوقت المناسب ،عندما اقترب من الباب مع الكثير من صوت الجرس ،ظهر الطبيب الشاب والكفء،
ً
جاهزا ،بوجه الناعم الذي يظهر نصفه بمظهر السرور ونصفه اآلخر بمظهر جاد ،رقص بقميصه األبيض،
على الساللم.
'عند استدعاء اإلسعاف إلى الغرفة '،49قال بإيجاز' .ما المشكلة؟' 'أوه نعم ،دكتور '،همست السيدة باركر،
كما لو كانت متضايقة من وجود مشكلة في المنزل' .ال أستطيع التفكير ما الذي قد يكون خاطئًا بها .ال شيء
يمكننا فعله لجلبها للوعي .إنها امرأة شابة ،إلسي -نعم ،إلسي ليسون .وأضافت ،لم يحدث ذلك من قبل في
بيتي' صاح الطبيب بصوت مرعب -' '،أي غرفة؟ األمر الذي استدعى انزعاج السيدة باركر التي استغربت
تصرفه' .غرفة السقف .إنها ' -من الواضح أن طبيب اإلسعاف كان على دراية بموقع غرف السقف .ارتفع
إلى األعلى عبر الدرج ،أربع خطوات في كل مرة .تبعته السيدة باركر ببطء ،كما تستدعي كرامتها.
في حال وصولها ،التقت به وهو يعود يحمل عالمة الفلك بين ذراعيه .توقف وأطلق لسانه بحديث ملؤه
التمرس بخبرته ،وبصوت هادئ .سقطت السيدة باركر تدريجيا كقطعة قماش صلبة تنزل من مكانها .ومن
ثم بقيت تجاعيد في ذهنها وجسدها .وقد كان المستأجرون الفضوليون يسألونها عما قاله الطبيب لها' .دعونا
نترك هذا '،كانت تجيب' ،إذا استطعت الحصول على الغفران لسماعي ذلك ،سأكون راضية '.سار الطبيب
الى سيارة اإلسعاف وهو يحمل عبئه يتبعه المستأجرين كالكالب التي تركض بفضولها نحوهم ،وبعدها الى
مهجعهم يمشون عائدين عبر طول الرصيف خجلين ،ألن وجه الطبيب كان وجه من يحمل الموت لنفسه.
الحظوا أنه بقي يحملها ولم يضعها على السرير المعد في سيارة اإلسعاف ،وكل ما قاله للسائق كان' :قود
صغيرا ،والجملة
ً خبرا
بسرعة جدا ،ويلسون' .هذا كل شيء .هل هي قصة؟ في صحيفة الصباح التالي رأيت ً
األخيرة فيه قد تساعدك أخي القارئ (كما ساعدتني) في ربط األحداث معًا.
تناول النص حديث عن استقبال امرأة شابة في مستشفى "بلڤيو" بعد أخذها من العنوان رقم 49شرق -
ستريت ،حيث كانت تعاني من الضعف الناجم عن الجوع .اختتم النص بالكلمات التالية" :الدكتور وليام
جاكسون ،طبيب اإلسعاف الذي رعى الحالة ،يقول إن المريضة ستتعافى".
القصة الخامسة
خدمة الحب
عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو ما يقدمه خدمة صعبة جدًا.
هذه هي المقدمة .هذه القصة تستنتج من مقدمتها ،وتظهر في الوقت ذاته أن المقدمة غير صحيحة .سيكون
وإنجازا في سرد القصص يعود إلى فترة أكبر قليالً من السور الصين العظيم.
ً ذلك شيئًا جديدًا في المنطق،
خرج "جو الرابي" من المروج البلوطية في وسط الغرب األوسط ،وقد كان ينبض بعبقرية الفن التصويري.
في السنة السادسة من عمره ،رسم صورة لمضخة الماء في البلدة ومواطنين يمرون منها بسرعة .تم تأطير
هذا الجهد وتعليقه في نافذة صيدلية مقابل سنابل الذرة ذات العدد غير المتساوي من الصفوف .في سن
العشرين ،غادر إلى نيويورك متأنقا بربطة عنق فاخرة ورأسمال متواضع مرتبطا بوضعه المادي.
قدمت "ديليا كاروثرز" أدا ًء في ستة مقاطع موسيقية بشكل واعد في قرية تسمى ب شجر الصنوبر في
ً
"شماال" وتكمل تعليمها .لم يستطيعوا رؤيتها، الجنوب ،القرية التي قطع أقاربها ما يكفي من الصنوبر لتذهب
ولكن هذه هي قصتنا.
التقى جو وديليا في استوديو حيث اجتمع عدد من طالب الفن والموسيقى لمناقشة الكياروسكورو ،واغنر،
والموسيقى ،ولوحات ريمبراندت ،واألعمال الفنية ،وورق الجدران ،وتشوبان ،وأولونج.
أصبح جو وديليا واقعين في حب بعضهما البعض ،وفي وقت قصير كانوا متزوجين -ألنه (انظر الى
المقدمة) ،عندما يحب اإلنسان فنه ،ال تبدو ما يقدمه خدمة صعبة .بدأ السيد والسيدة الرابي حياتهم االسرية
في شقة .كانت شقة وحيدة -شيء مثل الموسيقية الحادة في الطرف األيسر من لوحة المفاتيح في االلة
الموسيقية .وكانوا سعداء ،ألنهم يمتلكون فنهم وأيضا وكانوا لديهم بعضهم البعض .ونصيحتي للشاب الغني
-بيع كل ما تملك ،وامنحه للفقراء – كان جو سعيدا كبواب شقة يعتلي على االخرين بنعمة الحصول على
فنه وزوجته ديليا.
سيقول سكان االغنياء أن شعارهم هو الذي يتناسب مع سعادتهم الحقيقية .إذا كان المنزل سعيدًا ،فإنه يكون
واسعا جدًا -دع الخزانة تنهار وتصبح طاولة بلياردو؛ دع الموقد يتحول إلى آلة تجديف ،والمكتب إلى غرفة
نوم احتياطية ،وحوض الغسيل إلى بيانو؛ دع الجدران األربع تقترب إذا شاءت ،ما دام أنت وديليا داخلها.
ولكن إذا كان المنزل من نوع آخر (فخم) ،فليكن واس ًعا وطويالً -ادخل عبر البوابة الذهبية ،واعلق قبعتك
على العالقة ،ورداءك على رأس العالقة المصنوعة من السنديان ،واخرج عبر البرادور.
كان جو يرسم في رعاية الماجيستير العظيم (أحد الرسامين العضماء) -تعرف سمعته .رسومه باهظة الثمن،
ودروسه خفيفة -أضواؤه العالية جلبت له الشهرة .كانت ديليا تدرس تحت إشراف روزنستوك -تعرف
سمعته كمبرمج لمفاتيح البيانو.
ولكن األفضل ،في رأيي ،كانت حياتهم المنزلية في الشقة الصغيرة -الدردشات المتحمسة والعفوية بعد يوم
من الدراسة؛ العشاء الدافئ والفطور الخفيف؛ تبادل الطموحات -طموحات متشابكة مع بعضها البعض أو
غير مهمة -المساعدة واإللهام المتبادل؛ و -تجاهلوا سذاجتي -الزيتون المحشوة وشطائر الجبن في الحادية
عشرة مسا ًء.
ولكن بعد فترة ،ضعفت الفنون .غالبًا ما يحدث ذلك ،حتى لو لم يعلن عنه بعض الفنانين في مجالهم .كل شيء
يستهلك وال شي ء يأتي ،كما يقول العامة .كان ينقص المال لدفع أسعار السيد الماجيستير والسيد روزنستوك.
سا في
عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو ما يقدمة خدمة صعبة .لذا ،قالت ديليا إنها يجب أن تعطي درو ً
الموسيقى للحفاظ على القدر الذي يجلب فيه الطعام .لمدة يومين أو ثالثة ذهبت للتجول لجذب طالب .جاءت
إلى المنزل مبتهجة في تلك االمسية.
"جو ،عزيزي" ،قالت بفرح" ،لدي طالبة .وأوه ،أروع الناس! ابنة الجنرال -الجنرال إيه بي بينكني -في
الشارع الواحد والسبعين .منزل رائع ،جو -يجب أن ترى الباب األمامي! أعتقد أنك ستراه بيزنطيًا .والداخل!
أوه ،جو ،لم أرى شيئًا مثله من قبل".
كثيرا بالفعل .إنها رقيقه -ترتدي دائ ًما اللون األبيض ،وأسلوب أدب ال
ً "تلميذتي هي ابنة كليمنتينا .أنا أحبها
أحلى وال أبسط! عمرها ثمانية عشر عا ًما فقط .يتعين علي أن أقدم ثالث دروس في األسبوع؛ وتخيل ،جو!
5دوالر لكل درس .هذا العبء ال يزعجني على اإلطالق؛ ألنني عندما أحصل على طالبيين إضافيين أو
"هذا على ما يرام بالنسبة لك ،ديلي" ،قال جو ،وهو يهاجم علبة من البازالء بسكين التقطيع وفأس" ،ولكن
ماذا عني؟ هل تعتقدين أنني سأتيح لكي التعب في البحث عن أجر في حين أنا أستمتع بالتجول في مناطق
الفن العالي؟ أعتقد يمكنني بيع الصحف أو وضع حصى الرصف ،وجلب بضع دوالرات".
"جو ،عزيزي ،ال تكن سخيفا .يجب أن تستمر في دراستك .ليس كما لو أنني تركت موسيقاي وذهبت للعمل
في شيء آخر .أثناء تدريسي أتعلم .أنا دائ ًما مع موسيقاي .ويمكننا أن نعيش بسعادة كالمليونيرات بـ 15
دوالرا في األسبوع .يجب أال تفكر في ترك السيد ماجيستير".
ً
"حسنًا" ،قال جو ،وهو يمد يده نحو طبق الخضروات المقلية األزرق المزخرفة" .لكني أكره أن تقدمي
لكنك اقنعتني ببراعة وبطريقة جميلة".
ِ سا .ليست فنًا.
درو ً
"عندما يحب اإلنسان فنه ،ال تبدو ما يقدمه خدمة صعبة" ،قالت ديليا.
"اعجب الماجيستير بالسماء في تلك الرسمة التي رسمتها في الحديقة" ،قال جو" .ومنحني "تينكل" إذنًا لعرض
اثنين منها في نافذته .قد أبيع واحدة إذا وجد المغفل المناسب من أصحاب االموال".
" أنا متأكدة أنك ستفعل ذلك" ،قالت ديليا بلطف" .واآلن لنكن شاكرين للجنرال بينكني ولهذا اللحم المشوي".
في نهاية األسبوع ،رمت ديليا ،بفخر ولكن بتعب قليل ،ثالثة فواتير من خمس دوالرات على الطاولة الرئيسية
بمقاس 8في 10بوصات في صالون الشقة الذي يبلغ مقاسه 8في 10قد ًما.
قالت بتعب قليل" ،أحيانًا"" ،المتدربة تجعلني متعبة .أخشى أنها ال تمارس بما فيه الكفاية ،ويتعين علي أن
كثيرا .وبعد ذلك ترتدي دائ ًما اللون األبيض تما ًما ،وهذا يصبح ً
ممال .ولكن الجنرال ً أخبرها باألشياء نفسها
بينكني رجل عجوز عظيم! كنت أتمنى أن تعرفه ،جو".
يدخل بعض األحيان عندما أكون مع ابنته كليمنتينا على البيانو -هو أرمل ،تعلم -ويقف هناك يشد لحيته
البيضاء .يسأل دائ ًما "وكيف يتقدم السيمي كوافر والديمي سيمي كوافر؟".
" أتمنى أن ترى القاعدة الخشبية في غرفة الرسم هذه ،جو! وتلك الستائر الصوفية ذات الفرو األستراخان
(الحمل الصغير) .وكليمنتينا لديها سعال غريب .آمل أن تكون أقوى مما تبدو .أوه ،أنا حقًا أصبحت مرتبطة
وزيرا في بوليفيا".
ً بها ،إنها بهذه اللطافة واألصالة .كان شقيق الجنرال بينكني في وقت ما
وبعد ذلك ،سحب جو ،بمظهر من مظاهر مونتي كريستو ،عشرة دوالرات وخمسة دوالرات ودوالرين
ودوالر واحد -جميعها أوراق نقدية قانونية -ووضعها إلى جانب اتعاب ديليا.
"قد باعت تلك األلوان المائية لرجل من بيوريا" ،أعلن ذلك مغمورا بالفخر.
"طوال الطريق .أتمنى أن تراه ،ديل .رجل سمين يرتدي كرافات صوفية ومسواك كريشة القلم .رأى الرسم
في نافذة تينكل واعتقد أنه في البداية كان مطحنة هوائية .لكنه كان شجاعًا ،واشتراها على أي حال .طلب
آخر -رسم زيتي لمحطة الكاوانا للبضائع -ليأخذه معه .دروس الموسيقى! أوه ،أعتقد أن الفن ال يزال قائ ًما
فيه".
دوالرا! لم
ً "أنا سعيدة جدًا أنك استمريت" ،قالت ديليا بحرارة" .أنت ملزم بالنتصار ،عزيزي .ثالثة وثالثون
نكن نملك مثل هذا لإلنفاق من قبل .سنتناول المحار الليلة".
وبعد نصف ساعة وصلت ديليا ،وكانت يدها اليمنى مربوطة بحزمة غير منتظمة من األوشحة والتضميد.
وأكملت قائله " ،أصرت كليمنتينا"" ،على أن تأكل ويلز رابيت بعد درسها .إنها فتاة غريبة .ويلز رابيت في
الخامسة بعد الظهر .كان الجنرال هناك .يجب أن تراه يركض من أجل صحن الطهي ،جو ،كما لو لم يكن
هناك خادم في المنزل .أعلم أن كل يمنتينا ليست في صحة جيدة .إنها عصبية جدًا .عند تقديم طبق األرانب،
أسكبت الكثير منه ،مغليًا ،على يدي ومعصمي .كانت تؤلمني جدًا ،جو .والفتاة العزيزة كانت آسفة جدًا! ولكن
الجنرال بينكني! -جو ،كادت تلك الشيخوخة ان تفقده عقله تقريبًا".
"ما هذا؟" سأل جو ،ممسكا بيدها برفق ومستعرضًا بعض األلياف البيضاء تحت الضمادات.
"إنها شيء ناعم" ،قالت ديليا" ،كان عليه زيت .أوه ،جو ،هل باعت لوحة أخرى؟" بعد ان رأت المال على
الطاولة.
"هل فعلت؟" قال جو" .فقط اسأل الرجل من بيوريا .افتتح محطته اليوم ،ولكنه غير متأكد ما إذا كان يريد
مناظر أخرى ورؤية على نهر هدسون .في أي وقت بعد الظهر حرقت يدك ،ديلي؟"
"الخامسة مسا ًء ،أعتقد" ،قالت ديليا بحزن" .الحديد -أعني األرنب -خرج من النار حوالي تلك الفترة .يجب
أن ترى الجنرال بينكني ،جو ،عندما -"...
ت
"اجلسي هنا لحظة ،ديلي" ،قال جو .جذبها إلى الكنبة ،جلس بجوارها ووضع ذراعه حول كتفيها" .ماذا كن ِ
تفعلين في األسابيع األخيرة ،يا ديلي؟".
استمرت لحظة أو اثنتين بعين مليئة بالحب والعناد ،وتمتمت بعض العبارات بشكل غامض حول الجنرال
بينكني .ولكن في النهاية ،أسقطت رأسها وخرجت الحقيقة والدموع.
"لم أستطع الحصول على أي تالميذ" ،اعترفت" .ولم أستطع تحمل فكرة تركك تتخلى عن دروسك ،وحصلت
على وظيفة لكوي القمصان في المغسلة الكبيرة في شارع الرابع والعشرون .وأعتقد أنني قمت بعمل جيد جدًا
في ابتكار الجنرال بينكني وكليمنتينا ،أال تعتقد ،جو؟ وعندما وضعت فتاة في المغسلة مكواة ساخنة على يدي
هذا اليوم ،كنت في طريقي إلى المنزل أكمل قصتي حول األرنب الويلزي .ألست غاضبًا ،جو؟ وإذا لم أحصل
على هذا العمل ،قد ال تكون قد باعت لوحاتك لذلك الرجل من بيوريا".
"حسنًا ،ال يهم من أين كان .كم أنت ذكي ،جو -و -قبلني ،جو -وماذا جعلك تشك في أنني ال أقدم دروس
الموسيقى لكليمنتينا؟"
"لم أكن كذلك" ،قال جو" ،حتى الليلة .ولكنني لن أفعل ذلك ،لوال أنني أرسلت هذا القطن والزيت من غرفة
المحرك اليوم لفتاة في الطابق العلوي كانت قد حرقت يدها بمكواة .لقد كنت أقوم بتشغيل المحرك في غسيل
المالبس طوال األسبوعين الماضيين".
قال جو" ،مشتري بيورا الخاص بي"" ،والجنرال بينكني هما إبداعان من نفس الفن -ولكنك لن تسميهما إما
رس ًما أو موسيقى .ثم ضحكوا جميعًا ،وبدأ جو قائال" :عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو أن ما يفعله خدمة -
"لكن ديليا أوقفته بيدها على شفتيه" .ال" ،قالت" -فقط "عندما يحب"".
القصة السادسة
ظهور ماجي
كل ليلة سبت ،كان نادي الحياكة االجتماعي يقيم حفلة راقصة في قاعة جمعية األلعاب الرياضية المسمى ب
االخذ والعطاء ( )Give and Takeعلى الجانب الشرقي .ولحضور إحدى هذه الرقصات ،يجب أن تكون
عضوا في الجمعية أو ،إذا كنت تنتمي إلى القسم الذي يبدأ رقصته بالقدم اليمنى في رقصة الفالس ،يجب أن
ً
تعمل في مصنع صناديق الورق التابع لشركة رينقولد ( .)Rhinegoldومع ذلك ،كان بإمكان أي عضو في
كلوفر ليف ( )Leaf Cloverأن يرافق أو يكون مرافقًا لشخص خارجي في رقصة واحدة .ولكن في
الغالب ،كان كل عضو في ( )Give and Takeيحضر مع الفتاة التي يعجب بها من مصنع صناديق
الورق ،وقليلون من الغرباء يمكنهم االعتزاز بأنهم رقصوا في الحفالت الرسمية.
ولكن ماجي تول ،بسبب عينيها الناعستين ،واسعة الفم ،وأسلوبها الغريب في الرقص بنمط القدمين في
الخطوتين ،كانت تذهب إلى الرقصات مع آنا مكارتي و"صديقها" .كانت آنا وماجي تعمالن جنبًا إلى جنب
في المصنع وكانتا أعظم صديقات على اإلطالق .لذلك ،كانت آنا دائ ًما تجعل جيمي بيرنز يأخذها إلى منزل
ماجي كل ليلة سبت حتى تتمكن صديقتها من الذهاب إلى الرقص معهم.
جمعية األلعاب الرياضية Give and Takeوثقت اسمها .كانت قاعة الجمعية في شارع أورشارد مجهزة
بابتكارات تقوية العضالت .باستخدام األلياف التي بنيت بها هذه األجهزة ،كان األعضاء عادة يشاركون
الشرطة والمنظمات االجتما عية والرياضية الغير صديقة في مواجهات مليئة بالمرح .وبين هذه األنشطة
األكثر جدية ،كانت حفالت السبت ليالً مع فتيات مصنع صناديق الورق كتنقية ألرواحهم وكواجهة ف ّعاله.
فأحيانًا كانت هناك تلميحات ،وإذا كنت من النخبة الذين مشو بخطى خفيفة الساللم الخلفية المظلمة ،قد تشاهد
صخب بسيط ورضو ًخا مثيرا ومرضيا في داخل الحلبة.
في أيام السبت ،كان مصنع صناديق الورق التابع لشركة Rhinegoldيغلق في الساعة 3مسا ًء .في إحدى
تلك الفترات ما بعد الظهيرة ،سارت آنا وماجي معًا في اتجاه منزلهما .عند باب ماجي ،قالت آنا كالمعتاد:
"كوني جاهزة في السابعة ،ماج؛ وسنمر أنا وجيمي لنأخذك".
ولكن ما هذا؟ بدالً من الشكر المتواضع والمليء باالمتنان من الشخص الذي حصل على فرصته وهو غير
مرافق ،كان باديا عليها رفعه الرأس عاليًا ،وفخر باديا من زوايا الفم الواسع ،ووميض في عين بنية ناعسه.
شكرا ،آنا" ،قالت ماجي" ،لكن ليس عليك وعلى جيمي أن تهتما بي الليلة .لدي صديق سيأتي ليصحبني إلى
" ً
الحفلة".
هاجمت آنا الجميلة صديقتها ،هزتها ،وعاتبتها وتوسلت لها .ماجي تول تجذب الرجال! ماجي الواضحة
والعزيزة والوفية ،ماجي الجذابة كرفيقة ،والتي لم يتم البحث عنها أبدًا في الرقصة الثنائية أو على مقاعد
مضاءة بالقمر في الحديقة الصغيرة .كيف حدث ذلك؟ متى حدث؟ من هو؟
"ستري الليلة" ،قالت ماجي ،وهي متألقة كنبيذ القطفة األولى من عنب كروم الحب" .إنه فخم بالتأكيد .إنه
أطول باثنين من جيمي ،ومهتم في الموضة .سأقدمه لك ،آنا ،فور وصولنا إلى القاعة".
كانت آنا وجيمي من بين أوائل أعضاء Clover Leafالذين وصلوا ذلك المساء .كانت عيون آنا متجهة
بإشراق نحو باب القاعة لتلتقط أول لمحة عن "صيد" صديقتها.
في الساعة ، 8:30دخلت السيدة تول إلى القاعة برفقة مرافقها .بسرعة ،اكتشفت عينها المظفرة صديقتها
تحت جناح جيمي الوفي.
"أوه ،يا اللهي!" صاحت آنا" ،ماجي حصلت على مرادها -أوه ،ال! رجل فاخر؟ حسنًا ،أعتقد ذلك! االناقة؟
انظر إليه".
"اذهب إلى أي مدى تشاء" ،ق ال جيمي بصوت محطم" .استولي عليه إذا كنت تريدينه .هؤالء األشخاص
الجدد دائ ًما ينجحون .ال تهمني .وال يزعجني ايضا ،أعتقد .ها"!
"أن تكون هادئًا ،جيمي .أنت تعرف ما أقصد .أنا سعيدة من أجل ماج .أول رجل لها .أوه ،ها هم يأتون".
عبر األرض ،انطلقت ماجي كسفينة مغرية ترافقها سفينة فخمة .وبالفعل ،مرافقها استحق إعجاب الصديقة
المخلصة .كان يقف بشكل أطول من الرياضي العادي في ،Give and Takeشعره الداكن ملفوفًا ،وكانت
عيناه وأسنانه تتألقان في كل مرة يمنح فيها ابتساماته المتكررة .لم يعتمد الشبان الشباب في نادي Clover
Leafإيمانهم على سحر الشخص قدر ما على بطوالته ،وإنجازاته في الصراعات اليدوية ،وحفاظه من
الضغوط القانونية التي كانت تهدده باستمرار .العضو في الجمعية الذي يريد أن يرتبط بفتاة صندوق ورقي
بعربته الفاتحة يستهزئ ب بو بروميل .لم تعتبر تلك النشوة طرقه مشرفة في الحروب.
المتورمة ،السترة التي تشد عند أزرارها فوق الصدر ،اإلحساس باإلقناع بتفوق الذكر في الكون،
ِّ العضالت
حتى المظهر الهادئ للساقين المقوستين كالقمع مليئة بجاذبية وفتنة تتحدى كيوبيد (اله الحب عند االغريق) -
كانت هذه هي األسلحة والذخائر المعتمدة لشجعان Clover Leaf.كانوا ينظرون إلى االنحناءات واللمسات
الساحرة لهذا الزائر بوجهة نظر جديدة.
" صديق لي ،السيد تيري أوسوليفان" ،هذه كانت صيغة ماجي للتعريف .قادته حول الغرفة ،قدمته لكل عضو
جديد يصل إلى Clover Leaf.كانت جميلة اآلن ،بلمعان فريد في عينيها الذي يأتي للفتاة مع من يخطبها
ألول مرة وللقطة مع أول فأر لديها.
أخيرا" ،كانت هذه الكلمة التي انتشرت بين فتيات صناديق الورق" .انظروا
ً "ماجي تول حصلت على رجل
إلى رجل ماج" -بهذا التعبير أعرب Give and Takesعن ازدرائهم الالمبالي.
عادةً ما كانت ماجي تحت فظ بمكان على الحائط خالل الرقصات األسبوعية .شعرت وأظهرت الكثير من
االمتنان عندما دعاها شريك ليضحي بالرقص معها ،حتى أن متعة االجواء تقل وتنقص .حتى أصبحت معتادة
على مالحظة آنا لتحركات جيمي المتردد بإبهامها كإشارة له بدعوة صديقتها لتمرير قدميه عبر رقصة
الخطوتين .ولكن هذه الليلة ،تحول اليقطينة إلى عربة وستة خيول .كان تيري أوسوليفان األمير الساحر
الفائز ،وماجي تول ألول رحلة كجناح فراشة .ورغم أن تعابير عالم الخيال تتداخل مع تلك التي تتعلق بعلم
الحشرات ،إال أنها لن تفقد قطرة واحدة من النكهة الساحرة لليلة ماجي المثالية.
في حين ان اقتحمت الفتيات يبحثن عن التعارف مع صديق االنسة تول .كان شبان ،Clover Leafبعد
عامين من العمى ،أدركوا فجأة جمال اآلنسة تول .وبعدها قاموا بتفريغ عضالتهم المقنعة أمامها طلبا منها
بالرقص معهم.
هكذا حققت مرادها؛ ولكن حصل تيري أوسوليفان على تكريمات الليلة بكثافه وبسرعةَّ .
هز كتفيه ،ابتسم
واكمل رقصته بسالسة خالل الحركات السبع الكتساب الفخامة في غرفتك الخاصة أمام نافذة مفتوحة عشر
وجوا؛ كانت كلماته تأتي بسهولة
دقائق يوميًا .رقص مثل الفاون (اله الحقول عند الرومان) ،قدم أسلوبًا وأناقة ً
على لسانه ،ورقص مرتين على التوالي مع فتاة صندوق الورق التي جلبها ديمبسي دونوفان.
ديمبسي كان زعيم الجمعية .كان يرتدي ثوبًا رسميًا ويمكنه رفع االوزان مرتين بيد واحدة .كان أحد نواب
'بيج مايك' أوسوليفان ،ولم يكن يشغله أي مشكلة .لم يجرؤ أي شرطي على اعتقاله كلما كسر رأس رجل
عربة الدفع أو أطلق النار (على عضو في جمعية هاينريك ب .سويني للرحالت واألدب) في الركبة ،كان
الضابط يمر ويقول" :الكابتن يود أن يراك بضع دقائق في المكتب عندما تجد الوقت ،ديمبسي ،يا بني ".ولكن
سيكون هناك عدة رجال هناك بسالسل ذهبية كبيرة وسيجارا اسودا .وسيخبر أحدهم قصة مضحكة ،ثم يعود
ديمبسي ويتمرن نصف ساعة ب األثقال الصغيرة بوزن ستة باوند .لذلك ،كان أداء فني للرقص على حبل
مشدود عبر نياجارا هو أداء راقص آمن مقارنة بالرقص مرتين مع فتاة صندوق ديمبسي دونوفان .في الساعة
العاشرة ،ظهر الوجه المستدير اللطيف لـ 'بيج مايك' أو سوليفان عند الباب لمدة خمس دقائق .كان يلقي نظرة
سريعة لمدة خمس دقائق ،يبتسم للفتيات ويوزع سيجار لاير بيرفكتوس على الشبان المسرورون .كان ديمبسي
دونوفان على فور إلى جانبه ،يتحدث بسرعة' .بيج مايك' نظر بعناية إلى الراقصين ،ابتسم ،رفع رأسه ورحل.
توقفت الموسيقى .انتشر الراقصون إلى الكراسي على طول الجدران .ترك تيري أو سوليفان ،بانحنائه
الساحر ،فتاة جميلة بفستان أزرق لشريكها وبدأ في العودة للبحث عن ماجي .اعترضه ديمبسي في منتصف
القاعة .الفطرة الرائعة التي اورثته الروم لنا جعل تقريبًا الجميع يتحول وينظر إليهم -كان هناك شعور دقيق
بأن اثنين من المصارعين قد التقوا في الساحة .اقترب اثنان أو ثالثة من Give and Takesبأكمام
معتدلة' .لحظة واحدة ،السيد أو سوليفان '،قال ديمبسي' .آمل أن تمتع نفسك .أين قلت أنك ترعرعت؟' كان
المصارعان متساويان تقريبًا .ربما كان لدى ديمبسي عشرة باوندات تقريبًا من الوزن ليمنحها .كان لدى أو
سوليفان فصاحة مع القليل من سرعة .كان لدى ديمبسي عينًا جليدية ،وشقًا ظاهرا على الفم ،وف ًكا ال يمكن
تدميره ،وبشرة مثل بيل ،وبرودة بطل .أظهر الزائر المزيد من العداوة في ازدرائه وأقل سيطرة على سخريته
التي ظهرت بشكل واضح .كانوا أعداء بحسب القانون المكتوب عندما كانت الصخور سائبة .كانوا كل واحد
منهما رائعين جداً ،أقوياء جداً ،ال يمكن مقارنتهما لحسم التفوق .يجب أن يبقى واحد فقط على قيد الحياة.
'أعيش في جراند '،قال أو سوليفان بطريقة استفزازية' .وليس هناك مشكلة في العثور علي في المنزل .أين
تعيش أنت؟' تجاهل ديمبسي السؤال' .قلت أن اسمك أو سوليفان '،واصل' ،حسناً" ،بيج مايك" يقول أنه لم
يرك من قبل'.
قال الشخص المفضل" :الكثير من األشياء لم يرها بعد" ".كقاعدة عامة" ،واصل ديمبسي بصوت مهموس،
"فإن أوسوليفان في هذا الحي يعرفون بعضهم البعض .لقد قمت بمرافقة إحدى أعضاء السيدات لدينا هنا،
ونريد فرصة للتأكد .إذا كان لديك شجرة عائلية ،دعونا نرى بعض فروع أوسوليفان التاريخية تظهر عليها.
أو هل تريد منا استخراجها من جذورك؟" اقترح أوسوليفان بهدوء“ ،لنفترض أنك تهتم بأمورك " .أشرقت
مستنيرا كما لو أن فكرة رائعة قد اتته" .لقد فهمت اآلن" ،قال بحرارة" .كان
ً عيون ديمبسي .رفع إصبعًا
مجرد خطأ صغير .أنت لست أوسوليفان .أنت قرد بذيل ملتوي .اعذرنا ألننا لم نتعرف عليك في البداية ".
ً
جاهزا وأمسك بذراعه .أومأت ومرت عين أوسوليفان بالبرق .قام بحركة سريعة ،ولكن أندي جيوغان كان
ّ
ديمبسي إلى أندي وويليام مكماهان ،أمين النادي ،وتوجه بسرعة نحو باب في الجزء الخلفي من القاعة .انضم
أعضاء آخرين من جمعية "األخذ والعطاء" بسرعة إلى الفريق الصغير .وكان تيري أو سوليفان اآلن في
أيدي لجنة القوانين وحكام االجتماعات االجتماعية .تحدثوا معه بإيجاز وبهدوء ،وأخذوه خارجا من خالل
نفس الباب في الجزء الخلفي .يتطلب هذا الحركة من أعضاء نادي "كلوفر ليف" كلمة توضيح .خلف قاعة
ولكن وفي اثناء حديثها كانت ماغي قد غادرت ،تندفع بطريقها المتعرجة خالل متاهة الراقصين .اندفعت من
خالل البا ب الخلفي إلى القاعة المظلمة وثم ألقت كتفها الصلبة ضد باب غرفة القتال الفردية .وفتح الباب،
وفي اللحظة التي دخلت فيها ،اتت عينها على المشهد -اللجنة واقفة حولها بوقت مفتوح؛ ديمبسي دونوفان
في قميصه البسيط يرقص ،خفيف القدم ،بنعومة حذرة من مالكم االنيق ،على مقربة من خصمه؛ تيري
أوسوليفان يقف بذراعه مطويًا ونظرة قاتلة في عينيه الداكنتين .ودون إبطاء سرعة دخولها ،قفزت إلى األمام
بصرخة -قفزت في الوقت المناسب اللتقاط والتعلق بذراع أوسوليفان التي ارتفعت فجأة ،ولسحب منه الخنجر
الطويل والالمع الذي سحبه من صدره .سقطت السكين وصدرت صوتا ً عاليا ً على األرض .هذه االداة الصلبة
الباردة الملقاة في قاعة جمعية "األخذ والعطاء"! لم يحدث شيء كهذا من قبل .وقف الجميع ثابتًا لدقيقة .ركل
أندي جيوغان الخنجر بطرف حذائه وكله فضول ،مثل عالم آثار اكتشف سال ًحا قدي ًما غير معروف اثناء
بحثه .ثم همس أوسوليفان شيئًا غير مفهوم بين شفاهه .تبادل ديمبسي واللجنة نظرات .ثم نظر ديمبسي إلى
أوسوليفان بدون غضب كما ينظر إلى كلب ضال ،وأومض رأسه في اتجاه الباب" .السلم الخلفي ،جيوسيبي"،
قال بإيجاز" .سيتم االستغناء عن قبعتك بعدك ".سارت ماغي نحو ديمبسي دونوفان .كان هناك بقعة مشرقة
حمراء على خديها ،حيث كانت تجري فيها الدموع ببطء .ولكنها نظرت إليه بشجاعة في عينيه" .كنت أعلم
ذلك ،ديمبسي" ،قالت وعيونها تتجمد حتى في دموعها" .كنت أعلم أنه رجل إيطاليًا .واسمه توني سبينيلي.
تسرعت عندما قالوا لي إنك وهو كنتما تتشاجران .هؤالء اإليطاليون يحملون دائ ًما سكاكين .ولكنك ال تفهم،
ديمبسي .لم يكن لي رفيق في حياتي .تعبت من القدوم مع آنا وجيمي كل ليلة ،لذا قررت معه أن يطلق على
نفسه اسم أوسوليفان وأحضرته معي .كنت أعلم أنه لن يكون هناك شيء إذا جاء كإيطالي .أعتقد أنني سأستقيل
من النادي اآلن ".
ق قاطع الجبنة هذا خارج النافذة"" ،وقل لهم في الداخل إن السيد أوسوليفان تلقى رسالة هاتفية
وقال "،أل ِ
للذهاب إلى قاعة تاماني" .ثم توجه مرة أخرى إلى ماغي.
" قال ، :ماغ ،سأرافقك إلى المنزل .وماذا عن السبت القادم؟ هل ستأتي إلى الحفلة معي إذا جئت ألخذك؟'
كان من واضحا للعيان كيف يمكن لعيون ماغي أن تتغير بسرعة من العيون الناعسة إلى بنية المعة' .معك،
ديمبسي؟' ،همست' .قل -هل يسبح البط؟"'
القصة السابعة
على مقعده في مدريسون سكوير ،تحرك سوبي بثقل .عندما يعلو نداء اإلوز البري ليالً ،وعندما تصبح النساء
اللواتي ال يملكن معاطف فَراء الدب القطبي لطيفات مع أزواجهن ،وعندما يتحرك سوبي بثقل على مقعده في
الحديقة ،يمكنك أن تعلم أن الشتاء قد اقترب .سقطت ورقة يابسة في حضن سوبي .كان هذا بطاقة جاك
تحذيرا ملفتا بزيارته السنوية .عند
ً فروست .جاك لطيف مع سكان مديسون سكوير العاميين اال انه يعطي
تقاطع الشوارع األربع ،يسلم بطاقته الورقية إلى رياح الشمال ،وخادم قصر األماكن الخارجية ،حتى يتمكن
سكانها من التحضير للبرد القارس.
أصبح عقل سوبي واعيا بحقيقة أن الوقت قد حان لتحويل نفسه إلى بنفسه للجنة فردية للتصدي للبرد القادم.
ولذا حرك نفسه بثقل على مقعده .طموحات سوبي (الهيبرناتورية) لم تكن من عالية .اهتماماته ال تتضمن
رحالت البحر األبيض المتوسط ،أو التزلج على جليد الجنوب المنعشة أو ركوب امواج الخليج المسمى ب
فيسوفيو .كانت روحه تتوق إلى ثالثة أشهر فقط على الجزيرة .ثالثة أشهر من إقامة وطعام وخدمه مالئمة،
بعيدة عن بورياس والشرطة ،بدت لسوبي جوهر األشياء المرغوبة.
لسنوات طويلة ،كانت الجزيرة في الشتاء هي مركز الضيافة لسوبي .تما ًما كما اشتروا زمالؤه األكثر ح ً
ظا
(األثرياء) في نيويورك تذاكرهم إلى بالم بيتش وريفييرا كل شتاء ،كذلك قام سوبي بترتيباته المتواضعة
لهجرته السنوية إلى الجزيرة .واآلن حان الوقت لهذه الترتيبات .ففي الليلة السابقة ،فشلت ثالث صحف سبتية،
توزعت تحت معطفه ،حول كاحليه وفوق حضنه ،في صد البرد أثناء نومه على مقعده بالقرب من نافورة
الرش في الميدان القديم .لذلك ،ظهرت الجزيرة كبيرة وفي الوقت المناسب في عقل سوبي .كان يحتقر التدابير
القائمة باسم اإلحسان تجاه المحتاجين في المدينة.
في رأي سوبي ،كانت القانون أكثر رأفةً من اإلحسان .كان هناك دورة ال نهائية من المؤسسات ،بلدية
وإنسانية ،يمكن أن يسجل فيها ويحصل على مأوى وطعام يتناسب مع حياته البسيطة .ولكن بالنسبة لروح
سوبي الفخورة ،كانت هدايا اإلحسان مكللة بالعبء .إذا لم تكن نقودا ،يجب أن تدفع بتواضع روحي مقابل
كل منفعة تتلقاها على يد محسن .كما كان لسيزار بروتس ،يجب أن يكون لكل قاطني الغرف تكلفة استحمام،
ويجب أن يكون لكل رغيف خبز تعويض من اصحاب الفضول الخاص والشخصي .ولذلك فإنه من األفضل
أن تكون ضيفًا للقانون ،الذي ،على الرغم من أنه يدار بأنظمة صارمة ،ولكن ال يتدخل بشكل مفرط في
الشؤون الخاصة للسيد سوبي.
فورا في تحقيق رغبته و قرر سوبي الذهاب إلى الجزيرة .كانت هناك طرق كثيرة وسهلة للقيام بذلك.
بدأ ً
أسهلها كان تناول العشاء بفخر في بعض المطاعم المكلفة؛ ثم ،بعد ذلك عدم الدفع متظاهرا باإلفالس ،ويتم
لطيف سيقوم ببقية العمل.
ٌ ساع
ٍ تسليمه بسهولة وبدون ضجة إلى شرطي .قاض
غادر سوبي مقعده وتجول خارج الميدان وعبر األسفلت المستوي ك البحر ،حيث تتدفق برودواي وفيفث
أفينيو معًا .اتجه لألعلى في برودواي ،وتوقف في مقهى المع ،حيث يتجمع كل ليلة أجود منتجات العنب
والدودة الحريرية والبروتوبالزما.
كان لدى سوبي ثقة في نفسه من الزر السفلي لقميصه إلى األعلى .كان انيقا (حالق الشعر) ،وكانت سترته
الئقة وكانت ربطة العنق السوداء االنيقة والتي قدمت له كهدية من قبل راهبة مبشرة في يوم عيد الشكر .إذا
نجح في الوصول إلى طاولة في المطعم بدون اشتباه ،سيظفر بالوجبة .الجزء منه الذي سيظهر فوق الطاولة
لن يثير ش ًكا في ذهن القارسون .بالنسبة لسوبي ،الطائر المحمص بالفرن هو الشيء المناسب -مع زجاجة
من شابلي ،ثم كاممبير ،وكوب من القهوة الصغير ،وسيجارة .دوالر واحد للسيجارة كان كافياً .لن يكون
المجموع عاليًا بما يكفي الستدعاء أي تجسيد عظيم من انتقام إدارة المقهى؛ ومع ذلك ،ستتركه اللحمة شبعًا
وسعيدًا خال عودته إلى مأواه الشتوي.
ولكن حين دخل سوبي باب المطعم ،وقعت عين القارسون على سرواله البالي وحذائه الرث .تلك األيدي
القوية والجاهزة اخذت بصمت وبسرعة بنقله إلى الرصيف ،وتالشت مخططاته بالدعوة الالئقة لتناول الطائر
البري الذي كان يتمناه.
استدار سوبي باتجاه برودواي .يبدو أن طريقه إلى الجزيرة المرغوبة لن يكون طريقًا سهال .يجب أن يفكر
في وسيلة أخرى لدخول الليمبو.
وعند مفترق الجادة السادسة ،كانت أضواء الكهرباء تضيء البضائع المعروضة بشكل ماهر وراء الزجاج
المطلي االمر الذي جعل نافذة المحل ملفتة للنظر .أخذ سوبي حصاة وقذفها عبر الزجاج .جاء الناس يركضون
حول الزاوية ،كان يرافقهم في المقدمة شرطي .وقف سوبي ،وكانت يديه في جيوبه ،وابتسم عند رؤية
األزرار النحاسية في قميص الشرطي.
"أليس من الممكن أن تتخيل أن لدي شيئًا للقيام به؟" قال سوبي ،ليس بدون سخرية ،ولكن بطريقة ودية ،كما
هم األشخاص االثرياء الذين يقدرون المال.
رفض عقل الشرطي أن يقبل سوبي كفاعل لهذا بدليل ان الرجال الذين يكسرون النوافذ ال يبقون ليتحاوروا
ً
رجال على نصف التقاطع يهرب ليلحق بحافلة .بمساعدة مع منفذي القانون .إنهم يهربون .رأى الشرطي
الهراوة ،انضم إلى مطاردته .بينما يمأل قلب سوبي باالشمئزاز ،يمضي متراخيًا بفشله المتكرر.
في الجهة المقابلة للشارع كان هناك مطعم متواضع ال يملك مظاهر الترف .ولكن على االقل كان يخدم شهيته
الكبيرة ومحفظته المتواضعة .كانت أوانيه بسيطة وأجواؤه كثيفة مزدحمة ،وحساءه ومناشفه رقيقة .دخل
سوبي هذا المكان بحذاءيه المتآكل وسرواله الرث دون مخاطر .جلس عند الطاولة وتناول شريحة لحم،
وفطائر البانكيك ،ودونات ،وفطيرة .ثم أخبر النادل الذي وقع ضحية خداع بأن سوبي وأصغر عملة نقدية
غرباء.
"اآلن ،ال تضيع وقتك واتصل بشرطي" ،قال سوبي للنادل "وال تجعل السيد (سوبي) ينتظر".
"لن اجلب الشرطي لك " ،قال النادل ،بصوت يشبه كعكة الزبد وعين تشبه الكرز في كوكتيل مانهاتن .ثم
نادى "مرحبًا ،كون"!
ً
مفصال ،كما ً
مفصال رمى نادلين سوبي بهدوء على أذنه اليسرى على الرصيف الخشن .نهض جزءا جزءا و
تفتح مسطرة النجار ،ثم نفض الغبار عن مالبسه .بدا لسوبي االعتقال كحلم وردي .بدت الجزيرة بعيدة جدًا.
ضحك الشرطي الذي وقف أمام صيدلية على بعد بابين عند رؤيته لسوبي وسار في اتجاه الشارع.
مشى سوبي خمس تقاطعات قبل أن تسمح له شجاعته بطلب االعتقال مرة أخرى .في هذه المرة ،أتت الفرصة
على طبق من فضة ل سوبي .كانت تقف امرأة شابة ذات مظهر متواضع وجذاب أمام نافذة عرض تحدق
بفضول في معروضاتها من أقداح الحالقة وحامالت الحبر ،وعلى بعد ياردتين من النافذة كان شرطي كبير
الحجم بمظهر الجاد يستند إلى صنبور المياه.
المظهر الرفيع واألنيق لضحيته ووجودها بالقرب من الشرطي الجاد شجعاه على االعتقاد أنه سيشعر قريبًا
بلمسة االعتقال اللطيفة على ذراعه ،والتي ستضمن له مأوى الشتاء في الجزيرة الصغيرة .قام سوبي بتعديل
استقامة ربطة العنق التي اهدته اياه السيدة التبشيرية ،شد أساوره المتراجعة إلى االمام ،ووضع قبعته بزاوية
تجعله يبدو شريرا وتوجه نحو الشابة .أطلق عليها نظرات ،أصيب فجأة ب سعال شديد وفجأة ،ابتسم ،عبس،
ومر بهدوء يتمتم (بالصلوات) بالدعاء المنفر واالزدراء لدور الشرير .بطرف عينه ،رأى سوبي أن الشرطي
كان يراقبه بانتباه .ابتعدت الشابة بضع خطوات ،ومرة أخرى ركزت انتباهها على أقداح الحالقة .تبعها
سوبي ،وتقدم بجرأة إلى جانبها ،رفع قبعته وقال" :أهالً هناك ،بديليا! ألس ِ
ت ترغبين في القدوم واللعب في
فنائي؟ " كان الشرطي ال يزال يراقب .كانت الفتاة الشابة ال تحتاج سوى إلى إيماءة بإصبع واحد ،وسوف
يتصور أنه يمكنه أن يشعر بالدفء الدافئ
َّ يكون سوبي على وشك االنطالق إلى مالذه الجزيري .بالفعل ،كان
للمركز االمني .استدارت الفتاة الشابة اليه ،ممتدةً بيدها ،أمسكت بأساور معطف سوبي" .بالتأكيد ،مايك"،
قالت بفرح" ،إذا كنت ستأخذني إلى دلو من الصابون" .الشرطي كان يراقب .مع الفتاة الشابة التي تلعب دور
البالبل المتشبثة بشجرة البلوط ،سار سوبي بجوار الشرطي ،مغمض العيون بالكآبة .بدا وكأن حريته مقيدة.
في الزاوية التالية ،تخلص أحد من رفيقته وركض .توقف في المنطقة التي تعرف بالشوارع الخفيفة والقلوب
المرهفة والوعود ونصوص األوبرا ليالً .نساء بفرو ورجال بمعاطف كبيرة يتحركون بسعادة في الهواء
عفى من االعتقال .جلبت له هذه الفكرة قليالً من الهلع، الشتوي .أدرك سوبي فجأة أن شيئا ف ً
ظا قد جعله م ً
فورا فكرة "السلوك الفوضوي ".
وعندما وجد نفسه أمام شرطي آخر يتنعم بفخامة أمام مسرح رائع ،اللتزم ً
على الرصيف ،بدأ سوبي في الصراخ بالهمس المخمور على قمة صوته الخشن .رقص ،صاح ،هذى،
وأزعج الجميع .حرك الشرطي عصاه ،وتحول ظهره إلى سوبي ،وقال لمواطن" :إنه أحد أوالد ييل يحتفل
بالبيضة التي يعطونها لكلية هارتفورد .صاخب ،ولكن ال ضرر .لدينا تعليمات بتركهم".
حزينًا ،توقف سوبي عن صخبه .هل سيضع يوما ما أحد من الشرطة يديه عليه؟ في خياله ،تبدو الجزيرة
مثاليه بشكل مزعج لسوبي .وبعدها ربط معطفه الهش ضد الرياح الباردة.
رجال متجمالً يشعل سيجارة بضوء متهالك .وقد وضع مظلته الحريرية بجوار الباب
ً رأى في محل السجائر،
عند الدخول .دخل سوبي ،واستولى على المظلة وتجول بها ببطء .تبعه الرجل صاحب السيجارة بسرعة.
"مظلتي" ،قال الرجل بجدية" .أهو كذلك؟" سخر سوبي ،مضيفًا بعض االهانة إلى السرقة البسيطه" .حسنًا،
لماذا ال تستدعي شرطيًا؟ أخذتها .مظلتك! لماذا ال تستدعي شرطيًا؟ هناك واحد يقف عند الزاوية".
تباطأت خطى صاحب المظلة .وتباطأت خطى سوبي أيضا بفطنة أن الحظ سيعمل ضده مرة أخرى .نظر
الشرطي إلى االثنين بفضول.
قال صاحب المظلة "بالطبع " "،حسنًا ،انت تعرف كيف تحدث مثل هذه األخطاء -إذا كانت مظلتك فأتمنى
أن تعذرني -إنني التقطتها كل الصباح في مطعم -إذا قمت كنت متأكد من انها لك -أتمنى أن تفهم"-
انسحب رجل المظلة السابق .أسرع الشرطي لمساعدة امرأة شقراء طويلة في معطف أوبرا عبر الشارع أمام
عربة تتجه نحوهم من بعد تقاطعين.
تجول سوبي شرقًا عبر شارع متآكل .ألقى المظلة بغضب في حفرة .كان يتذمر ضد رجال الشرطة الذين
يرتدون خوذات ويحملون عصيًا .ألنه أراد أن يقع في أيديهم ،يبدو أنهم يعتبرونه مل ًكا محصنا ال يرتكب
الخطأ.
أخيرا وصل سوبي إلى إحدى الشوارع الشرقية حيث كانت اللمعان واالكتظاظ ضعيفين .وجه لوجهه نحو
ً
ماديسون سكوير (مالذه السابق) ،ألن غريزة العودة تبقى حتى عندما يكون المنزل هو عبارة مقعد في
الحديقة.
ولكن في زاوية هادئة بشكل غير عادي ،توقف سوبي .كانت هناك كنيسة قديمة ،غريبة ومتناثرة وذات
سقوف مثلثة .من خالل إحدى النوافذ الملونة بالبنفسجية ،كان يتوهج ضوء ناعم ،حيث كان على األرجح
عازف األرجون يتخذ وقتًا للتأكد من إتقانه للترنيمة السبتية القادمة .فتناثرت أنغام حلوة تطفو إلى آذان سوبي،
التي ألهمته وجعلته ينحني متكأ على سياج الحديد الملتوي .القمر كان في األعلى ،المعًا وهادئًا؛ كانت العربات
والمشاة قليلين؛ تغرد العصافير بحماس في المزاريب -لفترة وجيزة كان للمشهد أن يكون روحانيا كساحة
الكنيسة .ذلك النشيد الذي عزفه عازف األرجن جمع بين سوبي وبين السياج الحديدي ،ألنه كان يعرفه جيدًا
تلك األيام التي كانت حياته ملئ بتلك األمور الجميلة كاألمهات والورود والطموحات واألصدقاء واألفكار
النقية والطيور.
تحول فجائي ورائع في روحه حدث بفعل حيث تداخالت حالته النفسية المتسعة والتأثيرات حول الكنيسة
القديمة .نظر برعب إلى هذا الهاوية التي انقاد لها ،األيام المريرة ،الرغبات الهالكة ،اآلمال الميتة ،القدرات
المتعثرة والدوافع االساسية التي شكلت وجوده.
وأيضًا في لحظة تفاعل معها قلبه بحماس إلى هذا الشعور الجديد .حركة فورية وقوية دفعته للكفاح ضد
ً
رجال مرة أخرى ،سيهزم الشر الذي مصيره المائل لليأس .سيستخرج نفسه من الوحل ،سيجعل من نفسه
كبيرا بالعمر بعد؛ سيعيد الروح لطموحاته الحماسية القديمة ويتبعها
ً استولى عليه .كان هناك وقت؛ إنه ليس
بدون تردد .كانت تلك النغمات الجادة واللطيفة قد عملت بداخلة ثورة .غدًا سيذهب إلى منطقة وسط المدينة
الصاخبة ويبحث عن عمل .كان تاجر الفراء قد عرض عليه مرة وظيفة كسائق .سيجده غدًا ويطلب هذا
صا مه ًما في هذا العالم .وسيكون وسيكون ...
المنصب .سيكون شخ ً
شعر سوبي بيد تلقى على ذراعه .نظر حوله بسرعة إلى وجه واسع لشرطي' .ماذا تفعل هنا؟' سأل الضابط .
قال سوبي' ال شيء. ''،إذا تعال معي '،قال الشرطي .قال القاضي في المحكمة 'تسجن ثالثة أشهر على
الجزيرة '،محكمتك ستكون في الصباح التالي.
القصة الثامنة
ال أعتقد أنه سيفاجئ أيًا منكم قراءة سلوكيات ال حيوان .قد أثبت السيد كيبلنغ والعديد من اآلخرين حقيقة أن
الحيوانات يمكنها التعبير عن أنفسها باإلنجليزية الصحيحة ،وال تقوم أي مجلة بالطباعة في الوقت الحالي
صورا لبرايان وكارثة مون بيليه.
ً دون وجود قصة حيوان فيها ،باستثناء الدوريات القديمة التي ال تزال تنشر
مثلما يتحدث الدب بيرو والثعبان سناكو والنمر تامانو في روايات الغابة ،ال يمكن ان تتوقع من كلب أصفر
قضى معظم حياته في شقة رخيصة في نيويورك ،نائ ًما في زاوية على قطعة قماش رثة (تلك التي انسكبت
عليها النبيذ البورتو في حفل عشاء نسوة العمال الطويالت) أن يؤدي أي حيل في فن الكالم.
ولدت كجرو أصفر ،وتاريخ الوالدة والموقع واألصل والوزن مجهول .أول شيء يمكنني تذكره هو أن امرأة
عجوز كانت تحملني في سلة عند تقاطع برودواي في الشارع الثالث والعشرون تحاول بيعي لسيدة سمينة.
تروج لي بجدية ككلب هامبلتونيان-أحمر-أيرلندي -صيني-بوجي أصلي .الحقت
كانت السيدة العجوزة هابارد ّ
السيدة السمينة خمسة دوالرات في حقيبتها بين عينات الفالنيل الثقيلة حتى حشرتها في زاوية الحقيبة .منذ
تلك اللحظة كنت حيوان أليف -حيوان أليف أل ٍ ّم .قل لي ايها قارئ اللطيف ،هل حدث لك أن امتلكت امرأة
ً
رطال تتنفس رائحة جبن الكامامبير وعطر "بو دي اسبانيا" ،وتحملك ثم تقوم بتلك الحركات بأنفها تزن مئتي
في جميع أنحاء وجهك ،قائلة في كل األوقات بنبرة إيما إيمز" :أوه ،هوس أوم أودلوم ،دودلوم ،وودلوم،
تودلوم ،بيتسي ويتسي سكودلومز؟"
نشأت ككلب أصفر مجهول يشبه الكلب الهجين ما بين قطة أنغورا وصندوق من الليمون .لكن سيدتي لم
تتردد في أخذي أبدًا .كانت تعتقد أن الجروين البدائيين اللذين ادخلهما نوح إلى السفينة كانا فرعًا جانبيًا من
أسالفي .احتجت الى رجلي شرطة لمنعها من إدخالي إلى حديقة ماديسون سكوير أمال بالفوز بجائزة كلب
الصيد السيبيري.
عشت حياة كلب في تلك الشقة .معظم اليوم أقضيه هناك في زاويتي أشاهد المرأة البدينة تضيع الوقت .أحيانًا
أنام وأحلم بمالحقة القطط إلى القبو والنباح على السيدات الكبار اللواتي يرتدين القفازات السوداء ،كما كان
ينبغي للكلب أن يفعل .ثم تهاجمني بالكثير من تلك الثرثرة الكلبية وتقبلني على أنفي -لكن ما الذي يمكنني
فعله؟ ال يمكن للكلب مضغ القرنفل.
بدأت أشعر بالشفقة تجاه الزوج ،اللعنة على قططي إذا لم أشفق .كنا نبدو متشابهين لدرجة أن الناس الحظوا
ذلك عندما خرجنا؛ لذا قررنا تجنب الشوارع التي يسير فيها سائق سيارة مورغان ،وبدأنا في تسلق كومة
الثلج من ديسمبر الماضي في الشوارع التي يعيش فيها الناس الفقيرة.
في إحدى المساءات ،ونحن نتمشى بهذا الشكل ،وأنا أحاول أن أبدو ككلب سان برنار ،والرجل العجوز يحاول
أن يبدو وكأنه على األرجح لن يقتل أول عازف يعزف لحن الزفاف لميندلسون ،نظرت إليه وقلت ،بطريقتي :
'لماذا تبدو بهذا الشقاء ،يا سمكري البلوبري؟ هي ال تقبلك .ليس عليك أن تجلس على ركبتها وتستمع إلى
شاكرا ألنك لست كلبًا .انتعش،
ً حديث سيجعل المسرحية الموسيقية تبدو ككالم إبيكتيتوس .يجب أن تكون
بينيديك ،وقل وداعا ً للحزن'.
ي بتفكير تقريبًا كالكلب' .لماذا ،يا كلب '،قال' ،كلب جيد .أنت تبدو تقريبًا كما لو أنك
نظر الرجل المتزوج إل ّ
تريد أن تتحدث .ماذا ،يا كلب -هل هي القطط؟'
القطط! يمكن أن أتحدث !ولكن ،بالطبع ،ال يمكنه فهمي .منع البشر من التحدث بلغة الحيوانات .الطريق
المشتركة الوحيدة التي يمكن للكالب والبشر أن يتواصلوا من خاللها هي في الخيال.
في الشقة عبر الردهة التي تبعد منا ،عاشت سيدة مع كلب من نوع البالك أند تان .كان زوجها يربطه بحبل
ويأخذه للنزهة كل مساء ،ولكنه دائما يعود إلى المنزل ويصفر بروح مرحة .في يوم ما ،تالمست أنفي بأنف
الكلب من نوع البالك أند تان في الردهة ،وطرحت عليه سؤال.
قلت له "انظر الي ،ويغل-أند-سكيب"" ،أنت تعرف أنه ليس من طبيعة الرجل الحقيقي أن يلعب دور الممرض
أر أحدًا مربو ً
طا بكلب حتى اآلن ويبدو وكأنه يرغب في لكم كل رجل ينظر إليه .لكن زوجك يعود لكلب .لم َ
كل يوم مفعم بالحيوية والتفاؤل كما يفعل هواة الخدع السحرية الذين يقومون بحيلة البيض .كيف يفعل ذلك؟
ال تخبرني أنه يحب ذلك".
ً
خجوال قال الكلب من نوع البالك أند تان باستغراب "صاحبي؟"" .لماذا ،إنه يستخدم الطبيعة كعالج .يكون
في البداية عندما نخرج ،تماما ً مثل الرجل على السفينة الذي يفضل أن يلعب الـ "بيدرو" عندما تكون هناك
جائزة كبرى .بحلول الوقت الذي نكون قد زرنا ثماني محالت للكحول ،عندها ال يهتم بما إذا كان الشيء
الذي يجذبه نهاية الحبل هو كلب أم سمكة قرش .لقد فقدت مقدار بوصتين من ذيلي في محاولة تفادي تلك
األبواب الدوارة".
النصيحة التي حصلت عليها من تلك الكلب -يرجى عرضها في مسارح الفودفيل -جعلتني أفكر.
في حوالي السادسة إحدى المساءات ،أمرت سيدتي زوجها بان ينشغل بتقديم عرض األوزون لـ "لوفي" .لقد
أخفيت ذلك حتى اآلن حتى احفظ كرامة صاحبي ،ولكن هذا هو طبعي .كان الكلب من نوع البالك أند تان
يدعى "تويتنس" .أعتبر نفسي أفضل منه قدر استطاعة اإلنسان تعقب األرنب .ومع ذلك" ،لوفي" شيء ذو
طابع يضر بكرامة اإلنسان.
في مكان هادئ على شارع آمن ،شددت على حبل صاحبي أمام حانة جذابة وراقية .قمت بنزهة متج ًها نحو
األبواب ،وأنا أصدح بنباح كالكلب في المقابالت الصحفية الذي يخبر العائلة أن اليس الصغيرة ليست متعثرة
أثناء جمع السوسن من الجدول" .لماذا ،ويمسح عينه" ،قال الرجل العجوز بابتسامة؛ "عيني تؤلمني وكأن
ليمون سلتزر قد دخل فيها .دعني أرى -كم مضى من الوقت منذ أن قمت بتلميع جلد الحذاء بوضع إحدى
قدمي عليه؟ أعتقد أنني سأفعل ذلك مرة اخرى" ...
كنت أعلم انه يريد متجر الكحول .شرب الوسكي ،وجلس عند الطاولة .لمدة ساعة ،يراقب دخول الناس.
جلست بجواره ،الفت انتباه النادل باستمرار بذيلي ،وآكل الغداء المجاني الذي ال يمكن لطعام أمي في الشقة
أن تضاهيه مع كل مشترياتها من متجر اللحوم الفاخر قبل ثماني دقائق من عودة أبي إلى المنزل.
عندما استنفدت منتجات اسكتلندا كامله باستثناء الخبز الجاوي ،قام الرجل العجوز بفك قيدي من قاعدة الطاولة
ولعب بي خار ًجا كما يلعب صياد السمك بسمكته .في الخارج ،أزال مني القيد ورماه في الشارع.
تقبلك تلك العجوز بعد اآلن ...اذهب ،يا كلب ،وانفرد وكن
ِ 'قال الرجل" :يا له من الكلب مسكين" ' ،لن
سعيدا بأن تصدمك عربة الشارع'.
رفضت مغادرة المكان .قفزت وتالعبت حول ساقي العجوز ،سعيد ككلب صغير على سجادة.
قلت له 'أنت ،يا صاحب الرأس المقمل ،مطارد األرانب ،وسارق البيض ،هل ترى أنني ال أريد أن أتركك؟
هل ال تستطيع أن ترى أننا كلبان في الغابة وأن السيدة هي العم القاسي الذي يطاردنا بمنديل المطبخ وأنا
مدهون بزيت القمل وقوس وردي لربط ذيلي .لماذا ال تترك كل هذا العناء ونكون أصدقاء إلى األبد؟'
ربما ستقولون أنه لم يفهم -ربما لم يفهم .ولكنه نوعًا ما فهم فعليًا عندما أمسك بـ "هوت سكوتش" ووقف
لحظة يفكر.
أخيرا' ،نحن ال نعيش أكثر من اثني عشرة حياة على هذه األرض ،وقليل جدًا منا يعيش ليكون
ً 'يا كلب '،قال
أكثر من 300عام .إذا رأيت تلك الشقة مرة أخرى فأنا غبي ،وإذا رأيته أنت فأنت أكثر غباء .أنا اراهن من
60إلى 1أن الكلب "ويستوارد هو" سيفوز ببطولة "داشهند" للكالب'.
لم يكن هناك حبل ،لكني انطلقت بفرح مع سيده إلى ميناء السفن في الشارع الثالث والعشرون .حتى ان القطط
ارتعبت وارتأت القطط لشكر هللا بان لها مخالب تمكنها من التعلق بالسقف.
على الجانب االخر ،قال سيدي لشخص غريب يقف يأكل "بان كرانت' ":أنا وكلبي في طريقنا إلى جبال
ي حتى نبحت ،وقال' :أنت ذو رأس القرد ،وذو ذيل
جر سيدي بأذن ّ
الروكي '.ولكن ما أسعدني أكثر هو عندما ّ
الفأر ،وذو اللون الكبريتي ،هل تعلم ما سأسميك؟ 'فكرت انه سيسميني "لوفي" ،وحنقت بحزن' .سأسميك
"بيت" '،يقول سيدي؛ ولو كان لدي خمسة أذيال اهزها له ،لما كنت قادرا كفاية على التعبير عن فرحتي.
القصة التاسعة
متجر الدواء "ذا بلو اليت" يقع في وسط المدينة ،بين وسط المدينة والطريق األول ،حيث تكون المسافة بين
الشارعين هي األقصر" .ذا بلو اليت" ال يعتبر شيئًا من األشياء الزخرفية والعطور والمشروبات الغازية.
إذا سألته عن مسكن لأللم ،فلن يقدم لك حلوى.
"ذا بلو اليت" يحتقر فنون الصيدلة الحديثة لتوفير العمل .إنه يستخدم األفيون الخاص به ويصفي اللودانوم
والباريجوريك بنفسه .حتى اليوم ،يتم إعداد الحبوب خلف مكتب الوصفات الطويل -حيث يتم لف الحبوب
على لوح الحبوب الخاص به ،وتقسيمها بواسطة مشرط ،وتكوينها باألصبع واالبهام ،ورشها بمغنسيا
مطحونة ،وتسليمها في صناديق صغيرة مستديرة من الورق المقوى .يقع المتجر في زاوية حيث يلعب
األطفال المبتهجون بأزياء متسخة حولها ،يصبحون أكثر عرضة لتناول حبوب مهدئة التي تنتظرهم في
الداخل.
أيكي شونستاين كان كاتب الليل في "ذا بلو اليت" وصديق زبائنه .هكذا هو الحال في الجهة الشرقية ،حيث
مستشارا ،وكاهنًا ،وناصحا ،ومستعدًا بان
ً ال يكون قلب الصيدلية مطليًا .هناك ،كما ينبغي ،يكون الصيدلي
يحظى باالحترام لعلمه ،وتحترم حكمته الخفيه ،وتنتقل أدويته في كثير من األحيان ،دون تجريبها ،إلى
المرضى .لذلك كانت أنف أيكي المدببة وشخصه المدجج بالمعرفة معروفين جيدًا في محيط "ذا بلو اليت"،
وكانت نصائحه وإشعاراته مرغوبة جدًا.
يقيم أيكي ويتناول اإلفطار في منزل السيدة ريدل ،على بعد تقاطعين .كانت للسيدة ريدل ابنة تدعى روزي.
ولماذا تلك التفاصيل -يجب أن تكون قد خمنت ان إيكي يعشق روزي .كانت تحتل كل أفكاره؛ كانت الخالصة
المركبة لكل ما هو نقي كيميائيًا وطبيًا – فمستودعه الطبي ال يحتوي على شيء يضاهيها .ولكن كان أيكي
ً
خجوال ،وظلت آماله غير قابلة للذوبان في وسط خجله ومخاوفه .خلف طاولته كان كائنًا فائق العلم ،يدرك
بثقة خاصة علمه وقيمته؛ خارجها كان يمشي بركبة ضعيفة ،متبلد الذهن ،ملطخ بمواد كيميائية ورائحة من
عصارة الصبار وفاليريانات األمونيا.
الكره في ملعب أيكي اال ان وصل تشانك ماكغوان وقال "مرحبًا ،ها قد اتيت!".
السيد ماكغوان كان يسعى أيضًا للحصول على االبتسامات الزاهية التي تلقيها روزي .ولكنه لم يكن مجرد
العب خارجي كما كان أيكي؛ بل كان يلتقط ضحكتها منها مباشرة .في الوقت نفسه ،كان صديقًا أليكي وزبونًا
له ،وكان في كثير من األحيان يتسلل إلى "ذا بلو اليت" ليدهن جر ًحا باليود أو يضمد جرحا بعد ليلة سعيدة
قضاها على طول طريق الباوري.
وفي أحد األيام ،دخل ماكغوان بطريقته الهادئة والصامتة ،وجلس على كرسي ،وجهه ناعم وقوي وال يعرف
الهزيمة ،ومحبوبًا '،قال أيكي' ،عندما جلب صديقه المدقق وجلس مقابلي ،وانا اطحن الصمغ البنزوين إلى
مسحوق معين ،قلت له "اشغل نفسك في شيء اخر .إن هذا الدواء لي ابحث عن شيء تريد '.فحص أيكي
وجه السيد ماكغوان بحثًا عن عالمات الصدام المعتادة ،ولكنه لم يجد أي منها' .ال بل قال "خذ معطفك أيكي'.،
كثيرا إن تلك اإليطاليين سيقومون بضربك '.ابتسم
ً 'أظن بالفعل أنك تعرضت لطعنة في صدرك .لقد قلت لك
السيد ماكغوان' .ليسوا هم' ،قال' .ال أحد منهم .ولكنك قد حددت التشخيص بشكل صحيح بما فيه الكفاية -إنه
تحت معطفي ،بالقرب من األضالع .قاطعه قائال أيكي! -روزي وأنا سنهرب ونتزوج الليلة '.
كان إصبع أيكي األوسط على حافة المدقة ،يثبتها بثبات .وما ان سمع ذلك ضرب اصبعه ضربة عنيفة
بالمدقة ،لكنه لم يشعر بها .في الوقت نفسه ،تالشت ابتسامة السيد ماكغوان لتصبح نظرة من الحيرة المرتبكة .
'ستتزوج اذا'' ، ،إذا استمرت الفكرة اال ان يحين الوقت .لقد قمنا بتخطيط الهروب لمدة أسبوعين .في يوم
ما ،قالت إنها ستفعل ذلك؛ وفي نفس الليلة ،قالت ال .اتفقنا على هذه الليلة ،واستمرت روزي مقتنعتا هذه المرة
لمدة يومين كاملين .ولكن هناك خمس ساعات حتى يحين الوقت ،وأخشى أن تغير رأيها عندما يحين الوقت '.
'قلت أنك تريد الدواء ،كان السيد ماكغوان يبدو في حالة عدم راحة وضغط -حالة معاكسة لسلوكه المعتاد.
قام بتحويل براءة االختراع إلى لفافة وضعها حول إصبعه بعناية ولكن بدون فائدة.
' لن أسمح لهذا المعاق أن يعكر صفوي هذه الليلة مقابل مليون' ،قال' .لدي شقة صغيرة في هارلم جاهزة،
ً
جاهزا ينتظرنا في منزله مع ورود الكريزانثموم على الطاولة وغالية جاهزة .ولقد تعاقدت مع مأذون ليكون
الستقبالنا في الساعة .9:30يجب أن يحدث هذا .وإذا لم تغير روزي رأيها مرة أخرى!' –
توقف السيد ماكغوان ،فريسة لتخيالته' .ال أرى حتى اآلن' ،قال أيكي بإيجاز' ،ما الذي يجعلك تأتي الي بحثا
عن الدواء ،أو ماذا يمكن أن أفعل لك'.
"اعذرني يا تشانك" ،قال إيكي" .يجب أن أعد وصفة يجب استالمها قريبًا " ،".قال ماكغوان ،فجأة" ،قل،
إيكي ،أليس هناك دواء من نوع ما -نوع من المساحيق التي ستجعل الفتاة تحبك أكثر إذا قدمتها لها؟"
تدلت شفة إيكي تحت أنفه بسخرية العالم العبقري؛ ولكن قبل أن يتمكن من الرد ،واصل ماكغوان" :قال لي
تيم اليسي مرة واحدة أنه حصل على بعضها من طبيب في الجزء العلوي من المدينة وقدمها لفتاته في مياه
الصودا .من الجرعة األولى كانت في قمه الحب وبدت جميع األشخاص اآلخرين وكأنهم ال شيء بالنسبة لها.
تزوجوا في أقل من أسبوعين ".كان تشانك ماكغوان قويًا وبسي ً
طا .كان يمكن لقارئ أفضل من إيكي أن يرى
أن هيكله القوي مشدود بأسالك رفيعة .مثل جنرال جيد كان على وشك غزو أراضي العدو يسعى إلى حماية
كل نقطة ضد الفشل المحتمل .تابع تشانك متأمال "اعتقدت إن كان لدي واحدة من تلك المساحيق ألعطيها
لروزي عندما أراها في العشاء الليلة قد تجعلها تتحسن وتوافق على مقترح الهروب .أعتقد أنها ال تحتاج إلى
مجموعة بغال لنقلها معي بعيدًا ،النساء أفضل التحكم (يقصد التحكم في الغال) منهن في الجري .إذا كان
الدواء سيعمل لمدة ساعتين فقط ،ستكتمل المهمة" .سأل إيكي “متى ستحدث هذه الحماقة بالهروب؟"" .التاسعة
مسا ًء" ،قال السيد ماكغوان" .العشاء السابعة .الثامنة ،تذهب روزي إلى الفراش بصداع .في التاسعة ،يسمح
لي السيد بارفينزانو بالعبور إلى فناء منزله ،حيث يوجد لوح خارج سياج ريدل ،بجوارنا .سأذهب أسفل
باكرا من أجل المأذون .إنها سهلة
ً نافذتها وأساعدها على الهروب عبر مخرج الحريق .علينا أن نقوم بها
تما ًما إذا لم تعارض روزي .هل يمكنك تحضير واحدة من تلك المساحيق ،إيكي؟
"فرك إيكي شونستاين أنفه ببطء" .تشانك" ،قال" ،من هذا النوع من األدوية يجب على الصيادلة أن يكونوا
حذرين جدًا .انت وحدك من أصدقائي من سأثق به تحت مسؤولية تجربة هذه العينة .ولكن من أجلك سأعدها،
وسترى كيف تجعل روزي تفكر فيك ".ذهب إيكي إلى خلف مكتب الوصفات .هناك ،سحق إلى مسحوق
قرصين قابلين للذوبان ،كل منهما يحتوي على ربع حبة من المورفين .أضاف إليهم قليالً من سكر الحليب
لزيادة الحجم ،وطوى ال مزيج بأناقة في ورقة بيضاء .إذا تم أخذ هذا المسحوق من قبل الشخص البالغ ،فإنه
سيضمن ساعات عديدة من النوم الثقيل دون أدني خطر عليه.
سلمه إلى تشانك ماكجوان ،قائالً له أن يذيبه في ال سائل ،إن أمكن ،وتلقى شكره الحار .ظهر ذكاء إيكي في
ً
رسوال للسيد ريدل وكشف عن خطط ماكجوان للهروب مع روزي .كان فعله عند سرد االمر التالي .أرسل
السيد ريدل رجالً سمينًا ،وجهه مغبر بلون الطوب ،وردة فعلة سريعه.
"شكرا جزيالً" ،قال بإيجاز إليكي .وأكمل قائال "هذا الكسول األيرلندي الفاشل! غرفتي الخاصة مباشرة فوق
ً
غرفة روزي ،سأذهب هناك بنفسي بعد العشاء وسأحمل بندقية الصيد وأنتظر .إذا جاء في فنائي ،سيذهب
بعيدًا في سيارة إسعاف بدالً من عربة عروس ".بينما كانت روزي محتجزة رهينه النوم العميق لساعات
ومحذرا ،شعر إيكي أن خصمه كان قريبًا بالفعل من الهزيمة.
ً عديدة ،والوالد الدموي في انتظارهما ،مسل ًحا
طوال الليل في متجر الضوء األزرق ،انتظر في مكان عملة امال فرصة للحصول على أخبار عن المأساة،
ت أي أخبار .في الساعة الثامنة صبا ًحا وصل زميلة في العمل وانطلق إيكي على عجل إلى منزل
ولكن لم تأ ِ
السيدة ريدل لمعرفة النتيجة .وها هو! عندما خرج من المتجر ،من هو إال تشانك ماكجوان الذي قفز من عربة
الشارع المارة وأمسك بيده -تشانك ماكجوان بابتسامة الفائز ووجهه متورم من الفرح" .نجحت" ،قال تشانك
بنعيم في ابتسامته" .وصلت روزي إلى الهروب بالضبط في الوقت المناسب ،وكنا تحت السياج في كنيسة
القس في الساعة 9:30وربع .إنها في الشقة اآلن – قد طهيت لي البيض هذا الصباح برداء أزرق -هللا! كم
أنا محظوظ! يجب أن تأتي يو ًما ما ،إيكي ،وتتناول الطعام معنا .لدي وظيفة بالقرب من الجسر ،وهذا هو
المكان الذي أتوجه إليه اآلن".
"المسحوق؟" ،تلعثم إيكي" .أوه ،هذا الشيء الذي أعطيتني إياه!" ،قال تشانك وابتسم عريضًا" .حسنًا ،كان
األمر هكذا .جلست على طاولة العشاء الليلة الماضية في منزل ريدل ،ونظرت إلى روزي ،وقلت لنفسي،
'تشانك ،إذا كنت ستحصل على الفتاة ،فاحصل عليها بصدق -ال تحاول أي خدعة مع فتاة ذات سمعة طيبة
مثلها '.وأبقيت الورقة التي أعطيتني إياها في جيبي .وبعد ذلك تساقطت اطرافي على بعض ،وقلت في نفسي،
ان السيد ريدل ال يظهر االهتمام الكافي تجاه خطيب ابنته القادم ،لذا شاهدت فرصتي وقمت برش ذلك
المسحوق في قهوة السيد ريدل -كما ترى؟"