Professional Documents
Culture Documents
فبراير 2024 مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
فبراير 2024 مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
فبراير 2024 مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
فبراير 2024
إعداد:
د .الحبيب استاتي زين الدين
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
مذكرة املدرسة املواطنة للدراسات السياسية حول الهيئات االستشارية املحدثة لدى الجماعات الترابية
إعداد :الحبيب استاتي زين الدين.
تنسيق :يوسف لعرج.
فبراير .2024
© جميع الحقوق محفوظة للمدرسة املواطنة للدراسات السياسية.
1
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
شكر
نشكر عضوات وأعضاء مختلف الهيئات االستشارية بجماعات وأقاليم وجهات املغرب،
املشاركات واملشاركون في البرنامج التكويني للمدرسة املواطنة للدراسات السياسية ملوسم ،2023-2022
في موضوع" :دعم التزام الشباب الرائد من أجل الديمقراطية املحلية في املغرب".
2
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
المحتويات
4 …………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….. أوال -السياق
5
………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………... ثانيا -االعتبارات
7 …………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….. ثالثا -اإلطار المرجعي إلعداد المذكرة
7 ………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………. .1منهجية إعداد المذكرة
8 ………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… .2المرجعيات المعتمدة
10 …………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… رابعا -الجانب التشخيصي للمذكرة
13 ………………………………………………………………………………………………………………………… خامسا -مقترحات لمقاربة مواطنة مبنية على التشاور الفعلي
13 ……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… .1مقترحات مرتبطة بالنصوص القانونية
15 …………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… .2مقترحات ذات طبيعة مؤسسية
16 ………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… .3مقترحات متعلقة بالتنظيم الذاتي
16 …………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… .4مقترحات مرتبطة بالجانب التواصلي
3
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
أوال -السياق
بهدف متابعة توطيد عملية تطوير قدرات الفئات الشابة في عمليات مسلسل اتخاذ القرار في الفترة
الممتدة من شتنبر إلى دجنبر ،2022نظمت المدرسة المواطنة للدراسات السياسية سلسلة من اللقاءات
التفاعلية والورشات التكوينية حول الهيئات االستشارية بالجماعات الترابية لتمكين عضواتها وأعضائها من
العمل بشكل أفضل في الرفع من قدرات المجالس المنتخبة ،وتعزيز التزامهم بثقافة المشاركة المواطنة في
إعداد السياسات العمومية الترابية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.
ضمن هذا األفق ،تندرج هذه المذكرة في إطار سياقين متداخلين:
-يرتبط األول بترجمة استراتيجية المدرسة القائمة على فعلية الحقوق وما يرتبط بها من
اختصاصات ومسؤوليات متبادلة ،وهي بذلك تسعى ،من جهة ،إلى تقديم تصور حول فرص
وتحديات ممارسة الهيئات االستشارية ألدوارها الكاملة في تحديد األولويات والحلول لتحسين
العرض المقدم من طرف مجالس الجهات أو العماالت واألقاليم أو الجماعات؛ ومن جهة ثانية،
اقتراح مداخل عملية لمعالجتها وتجاوزها ،انطالقا من مقاربة شمولية ال تقف عند النصوص
القانونية التي قد تضمن الحق في المشاركة المواطنة فحسب ،بل كذلك ،وباألساس ،تمدد نظرها
إلى البحث في الحدود المرتبطة بالجوانب السوسيولوجية والسياسية والثقافية والنفسية التي تحد
من هذه الضمانات الواقعة أو المتوقعة ،في أفق اقتراح بدائل تسعف في تعزيز أدوار الهيئات
االستشارية ومكانتها ،انسجاما مع الدستور الذي نص في:
▪ فصله الثاني عشر على أن الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام ،والمنظمات
غير الحكومية ،تساهم ،في إطار الديمقراطية التشاركية ،في "إعداد ق اررات
ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ،وكذا في تفعيلها
وتقييمها .وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة".
▪ الفقرة األولى من الفصل التاسع والثالثين بعد المئة على وضع مجالس الجهات،
والجماعات الترابية األخرى" ،آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة
المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها".
-ويتعلق السياق الثاني بالنقاش الذي يعرفه المغرب حول ضرورة تفعيل المقتضيات الدستورية
والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية (بمستوياتها الثالث) والجهوية المتقدمة ،على ن ٍ
حو
4
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
يعزز طموح االنتقال إلى الديمقراطية ،ويوسع نطاق الممارسة التشاركية بما يناسب الحكامة
الجيدة ويغذي روح المسؤولية ،ويسرع تفعيل مخرجات النموذج التنموي الجديد المستندة إلى
توجه جديد يتمثل في ضرورة الجمع بين "دولة قوية مع مجتمع قوي" .توجه ينتظر أن يعبئ
كافة القوى ضمن توازن يخلق المزيد من فرص التقدم .دولة استراتيجية ،دولة حامية ،دولة
ضابطة تحرر طاقات مختلف الفاعلين وتضمن لهم االستقاللية في التصرف وتحملهم
المسؤولية ،وتتيح اإلطار المناسب لتعبئة كل الطاقات في خدمة تنمية البالد والمنفعة المشتركة
والصالح العام ،يقابلها مجتمع يحشد كل طاقاته ويستغل فرص المشاركة الواسعة بروح من
المسؤولية ،وال سيما مع مستقبل مطبوع بالغموض ،إذ ال تملك الدولة الوسائل والقدرات الكافية
لتحمل جميع أوراش التنمية لوحدها ،والتي تزداد تعقيدا سواء على المستوى المالي أو اإلجرائي
أو على صعيد الخبرات المطلوبة .ويمكن لفاعلين آخرين ،في هذا السياق ،وضمنهم المجتمع
المدني ،إذا تمت مواكبته بشكل مناسب ،المساهمة والمشاركة بكيفية فعالة في استعمال أمثل
للموارد العمومية وتعزيز فعالية الفعل العمومي.
ثانيا -االعتبارات
-باستحضار أن دستور 2011شكل منعطفا مهما في مسار اإلصالحات السياسية بالمملكة حيث
أقر ،إلى جانب الديموقراطية التمثيلية ،الديموقراطية التشاركية كآلية مكملة لها وكأحد الثوابت األساسية
في بلورة السياسات العمومية ،مما يؤسس لنموذج ينبني على مشاركة ومساهمة كل الفاعلين من دولة
ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية ومواطنين ومنظمات المجتمع المدني وجميع القوى الحية
للمجتمع؛
-وإدراكا منها بأن الديمقراطية التشاركية تمثل ،في العمق" ،مدرسة" لتعلم ممارسة مواطنة كاملة ونشيطة،
ٍ
بشكل يقوي الثقة بين الدولة وفضاء أمثل لتفعيل مساهمة المواطنين في مسلسل صنع القرار العمومي
ومختلف مؤسساتها من جهة ،والمواطنات والمواطنين من جهة ثانية ،وذلك على أساس التعاون
والتواصل والتشاور الذي يرمي إلى إيجاد الحلول المناسبة للحاجيات األساسية وللمشاكل المطروحة
على مستوى مختلف المرافق العامة تصو ار وتدبي ار وتقييما وتدقيقا؛
-وبالنظر إلى أن معرفة الجمعيات بالساكنة والمجال الترابي الذي تعمل فيه ،زيادة على مرونة هياكلها
وطرق عملها يجعل الجمعيات صلة وصل هامة مع الفاعلين المؤسساتيين في مجال التنمية المحلية؛
5
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
-واعتبا ار لكون استقراء مختلف النصوص القانونية المؤطرة للمشاركة المواطنة ،وال سيما فصول الوثيقة
الدستورية بعد أزيد من اثنتي عشرة سنة على نفاذها ،ومواد القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات
الترابية (الجهات ،والعماالت واألقاليم ،والجماعات) التي صدرت قبل سبع سنوات ،ومضامين بعض
األنظمة الداخلية لهذه الجماعات ذات الصلة بطرق إحداث الهيئات االستشارية واختصاصاتها ،كشف
عن وجود معطيين متناقضين على الرغم من الجهد القانوني والمؤسساتي المبذول؛ إذ بقدر ما يوحي
المجال التشريعي والتنظيمي بوجود تراكم وتقدم مهم على مستوى توسيع قاعدة المشاركة المدنية في
الشأن العام ،يعكس الجانب اإلجرائي والعملي وجود تحديات وصعوبات تؤثر سلبا في تعزيز طموح
التأثير في مسلسل اتخاذ القرار تشاركيا؛
وباستحضار أن السياق الداخلي والخارجي يفرض تحسين نوعي في العالقة بين المواطن والمجتمع -
المدني ومؤسسات الدولة عبر تقوية فعالية ونجاعة السياسات العمومية ،والعمل بأسلوب مبني على
الحوار ،والوفاء بااللتزامات ،واإلنصات والقرب والتعبئة الدائمة والشاملة؛
-ووعيا بأن تكريس مسألة فعلية المشاركة يحتاج إلى عمل واجتهاد مستمرين إلزاحة مختلف اإلكراهات
التي تحول دون التطبيق األمثل للقوانين وتحد من تأثيرها في وضعية الهيئات االستشارية وقدرتها
على االستفادة القصوى من حقها في التأثير في القرار العمومي تشاركيا وإن كانت هذه المسألة قابلة
للقياس عبر مؤشرات دقيقة وواضحة؛
-فإن المدرسة المواطنة للدراسات السياسية تقدم هذه المذكرة الخاصة بالهيئات االستشارية قصد:
▪ نشر ثقافة المشاركة المواطنة من خالل مساهمة جمعيات المجتمع المدني النشيطة في االرتقاء بسياسة
جماعاتهأ عبر دورها االستشاري لدى المجالس المنتخبة بمستوياتها الثالثة ،انسجاما مع الدستور
والقوانين التنظيمية ذات الصلة؛
▪ تعزيز اليقظة ومواكبة ودعم مجهودات الهيئات االستشارية والمجالس المنتخبة لتأمين دينامية
مشتركة ومتكاملة بين قرار الفاعل السياسي وتأثير الفاعل المدني ودفعهما للتفكير معا في تمكين
الساكنة المحلية من الولوج للخدمات األساسية ولمكاسب التنمية؛
▪ تفعيل آليات التشاور والحوار لدى المجالس المنتخبة على اعتبار أن المجتمع المدني يفترض فيه
معرفة إشكاالت وأولويات الساكنة المحلية وقربها منها؛
▪ جعل الهيئات االستشارية -باعتبارها بنيات تنظيمية وإدارية محدثة لدى الجماعات الترابية بشراكة مع
جمعيات المجتمع المدني أو الفاعلين االجتماعيين -قيمة مضافة وقوة اقتراحية في مختلف مراحل
إعداد وتنفيذ وتقييم وتتبع برنامج عمل الجماعات الترابية من أجل استحضار المساواة وتكافؤ الفرص
6
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
ومقاربة النوع داخل الجماعات ،أو العماالت واألقاليم ،أو بغرض إدماج القضايا الشبابية واالقتصادية
في سياسة الجهات.
يرتكز تصور المذكرة على الدستور والقوانين التنظيمية واألنظمة الداخلية للجماعات الترابية كأطر
مرجعية ،وكذلك على مقاربة تشاركية إدماجية تأخذ في الحسبان وجهات نظر الفاعالت والفاعلين ،عضوات
وأعضاء الهيئات االستشارية ،وتطلعاتهم فيما يخص حياتهم اليومية ،ويعني جماعتهم وإقليمهم وجهتهم
ووطنهم.
انسجاما مع التقليد الذي عملت على تكريسه في المذكرات واللقاءات الفكرية والورشات التكوينية السابقة،
اعتمدت المدرسة في إعداد هذه المذكرة مقاربة صاعدة وتشاركية وإدماجية قائمة على التشاور واإلصغاء
للمشاركات والمشاركين في برنامجها التكويني لموسم ،2023-2022في موضوع" :دعم التزام الشباب
الرائد من أجل الديمقراطية المحلية في المغرب".
وتعد هذه المذكرة تتويجا لمجموعة من الخطوات التي قامت بها المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
قبل التفكير في الصياغة النهائية للمذكرة ،أبرزها:
-مرحلة تعزيز القدرات النظرية شهر شتنبر ،تميزت بتنظيم ورشات عن بعد مع خمسين فاعال
وفاعلة ،عضوات وأعضاء مختلف الهيئات االستشارية بجماعات وأقاليم وجهات المغرب ،إلغناء معارفهم
حول آليات المشاركة المواطنة على المستوى الوطني والترابي ،وتحليل مراحل صنع القرار ،وعمليات تقييم
السياسات العمومية الوطنية والترابية ومتابعتها.
حضوريا نهاية شهر أكتوبر بمراكش ،تضمنت ندوة
ّ -مرحلة تقوية دينامية الهيئات االستشارية
تفاعلية وورشة تكوينية لتحقيق هدفين متداخلين :تعميق الفهم ،أوال ،بالعالقة الوثيقة بين التفعيل الحقيقي
لآلليات التشاركية واإلدماجي وجودة بلورة وتنفيذ اإلصالحات السياسية والقانونية على المدى القريب
والمتوسط ،والتملك ،ثانيا ،لإلجراءات الواجب اتباعها في كل مراحل المشاركة ،بما فيها لحظة ما بعد إيداع
العرائض أو الملتمسات أو اآلراء االستشارية التي كانت الموضوع الرئيس لورشة اليوم الثاني من هذه
المرحلة للتعرف على مدولولها وشروطها وكيفية صياغتها وطرق التعريف بها.
7
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
-مرحلة ترجمة عضوات وأعضاء الهيئات االستشارية بالجماعات الترابية للمعارف والتجارب
المكتسبة في صياغة الخطوط العريضة للمذكرة .وقد مكنت هذه المقاربة التشاركية اإلدماجية القائمة على
التشاور واإلصغاء من الكشف عن الفرص والتراكمات اإليجابية ،وفي نفس الوقت سمحت بتحديد اإلكراهات
الرئيسية التي تحد من فعلية الهيئات االستشارية ،وساعدت على بناء تصور أولي للمداخل الممكنة
لمعالجتها.
-أما في المرحلة الرابعة ،سعت المدرسة المواطنة للدراسات السياسية إلى إشراك طيف واسع من
الفاعلين الترابيين من أجل توسيع المشاركة في أفق اختبار صحة المقترحات وتدقيقها .وقد سمحت هذه
المرحلة بإنجاز تشخيص دقيق متعدد األبعاد وبرؤى متقاطعة ألبرز العوائق التي تحول دون نجاعة الفعل
االستشاري لهذه الهيئات قبل بدء الصياغة النهائية.
.2المرجعيات المعتمدة
تستلهم هذه المذكرة مجموعة من الممارسات الفضلى التي تبلورت في سياق تجارب دولية لبناء
استراتيجيات تنموية دامجة مبنية على حقوق اإلنسان ،كما ستستند ،في ترافعها على مدى فعلية المشاركة
المواطنة من خالل الهيئات االستشارية ،على مجموعة من المحددات الواردة في الوثائق الوطنية ،أهمها:
-جاء دستور ،2011الذي أنجز في خضم الحراك الذي شهده المغرب ومحيطه اإلقليمي ،معز از
ألدوار المجتمع المدني ومترجما لمطالب مختلف مكوناته ،وذلك بالتنصيص على مبدأ الديموقراطية
التشاركية والتأسيس لمقاربة شاملة ومندمجة للحقوق المرتبطة بالمجتمع المدني والجمعيات كما هي
متعارف عليها عالميا .تجلى ذلك في كل من تصدير الدستور ،وأيضا في باب األحكام العامة
والحريات والحقوق األساسية ،وبصفة خاصة في الفصول اآلتية 1 :و 6و 12و 13و 14و15
و 33و 37و 139ثم .170في هذا اإلطار ،يبدو أن الدستور يتطلع إلى تكريس "االختيار الذي
ال رجعة فيه في بناء دولة ديموقراطية يسودها الحق والقانون" و"التشبث بحقوق اإلنسان" .لذلك،
فإن المساواة واإلنصاف والعدالة االجتماعية والحريات واالستدامة والمشاركة وربط الحقوق بالواجبات
تشكل مرتكزات هذه المذكرة.
-وفي انسجام مع تصدير الدستور ،فإن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية سارت على نفس
المنحى؛ إذ جاء في:
8
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
-كما تجدر اإلشارة إلى ما أوصت به اللجنة االستشارية للجهوية في تقريرها العام (الكتاب األول)
أو التقارير الموضوعاتية (الكتاب الثاني) على ضرورة وضع المجالس الجهوية آليات استشارية
وفق ما يحدده القانون من أجل تيسير المشاركة المنظمة والمسؤولة في إعداد المخططات
9
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
الجهوية للتنمية والمشاريع الكبيرة ،سواء عبر المشاركة المباشرة للمواطنات والمواطنين ،أو
مشاركة النسيج الجمعوي.
-عالوة على أهداف األمم المتحدة للتنمية المستدامة ( 2030وتحديدا الهدف السادس عشر)
التي تمس عديد المقاصد ،منها ،في ارتباط بالهدف المشار إليه ،الحد بدرجة كبيرة من الفساد
والرشوة بجميع أشكالهما ،وإنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات،
وضمان اتخاذ الق اررات على نحو مستجيب لالحتياجات وشامل للجميع وتشاركي وتمثيلي على جميع
المستويات.
لقد أظهرت ،في هذا الشأن ،مختلف النقاشات والحوارات المتعلقة بواقع الهيئات االستشارية وكيفية
تأسيسها وتدبيرها ،وجود فارق كبير بين الفرص والمنجز ،وال سيما فيما يرتبط بفكرة الحوار والتشاور مع
الجمعيات المؤهلة واألشخاص ذوي الخبرة وفق معايير موضوعية من جهة ،ودمقرطة المجالس المنتخبة
من جهة ثانية.
وللتذكير ،فقد تم تنظيم لقاءات تشخيصية ميدانية ،حيث استهدفت أزيد من خمسين فاعال وفاعلة من
عضوات وأعضاء الهيئات االستشارية ،يمثلون كل جهات المغرب ،وكذا تنظيم ورشات عمل خصصت
لتحليل النتائج المتوصل إليها .وقد سمح هذا التشخيص ،الذي تم إنجازه وفق مقاربة تشاركية ،من تجميع
معطيات ومعلومات نوعية متعلقة بحصيلة وبفرص الفعل التشاركي التي تتمثل ،عموما ،في:
▪ السياق الدولي:
-طبيعة الدينامية التشاركية التي تعرفها التجارب المقارنة والممارسات الفضلى بتعزيز أدوار
المجتمع المدني وجعله شريكا أساسيا في بناء السياسات والبرامج والمخططات التنموية؛
-مبادرة الحكومة المنفتحة وما يتيحه ذلك للجماعات الترابية من تحقيق لاللتزام رقم 21من
خالل تعزيز الولوج للمعلومات ودعم المشاركة المواطنة على صعيد الجماعات الترابية؛
-أهداف منظمة األمم المتحدة والحكومات المحلية ،وال سيما دعم هذه األخيرة في أن تصبح
حكومات محلية ديمقراطية وفعالة ومبتكرة قريبة من المواطن ،عبر تقوية أدوار الهيئات
االستشارية.
10
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
أما بخصوص اإلكراهات ،فقد وزعت من خالل جلسات الحوار واإلنصات إلى أربعة مستويات ،نوردها
على النحو اآلتي:
▪ اإلكراهات القانونية
-غموض النصوص القانونية المؤطرة للجماعات الترابية المتعلقة الهيئات االستشارية وبخاصة
فيما يلي:
• القوانين التنظيمية ال تحدد بشكل واضح طريقة تشكيل الهيئات وكيفيات وشروط اشتغالها
واختصاصاتها ،وتكتفي فقط بالتنصيص على اإلحداث؛
َّ
ينظم حاليا عمل الهيئات االستشارية بموجب نظام داخلي تضعه وتصادق عليه المجالس •
المنتخبة ،وهو ما أنتج ،في حاالت عدة ،هيئات تابعة لهذه المجالس وفاقدة للحد األدنى
من االستقاللية .وهو ما يفرض ضرورة مراجعة القوانين التنظيمية وتحديد شروط تشكيل
هذه الهيئات وطرق اشتغالها والقواعد العامة لتنظيمها بموجب نص تنظيمي على أن يحدد
النظام الداخلي لمجالس الجماعات الترابية عالقته بالهيئات والتقارير واآلراء التي تصدر
عنها.
11
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
▪ اإلكراهات المؤسساتية
-غياب الصالحيات التقريرية الذاتية للهيئات االستشارية فيما يخص توسيع دائرة تشاورها مع
الخبراء والمهتمين وأصحاب المصالح ،ودعوتهم من أجل البناء التشاركي بخصوص المواضيع
المتعلقة بمجال اشتغالها دون الموافقة القبلية لرؤساء المجالس الترابية؛
-ضعف مأسسة العالقة بين الهيئات االستشارية والمجالس المنتخبة على مستوى التشخيص
التشاركي ،عبر تحديد صيغة واضحة لتفاعل المجالس المنتخبة مع تقارير وآراء الهيئات
االستشارية ،وضرورة تسبيب المجالس لق اررتها فيما يخص التعامل السلبي مع هذه األخيرة؛
-غياب قنوات مؤسساتية أخرى غير قناة المجلس بتحديد عالقة الهيئات بالمصالح الخارجية
للقطاعات.
▪ اإلكراهات التنظيمية
-ارتباط تنظيم الهيئات االستشارية بالنظام الداخلي للمجالس الجماعية الذي يتم إعداده حسب
تقدير وتأويل كل وحدة ترابية على حدة؛
-غياب وحدة التنظيم الداخلي على مستوى الهياكل واألجهزة الخاصة بالهيئات االستشارية حسب
الوحدات الترابية؛
-تدخل الفاعل السياسي (المنتخب) وعضويته بأجهزة الهيئات االستشارية يحد من فعاليتها وتأثير
ق ارراتها.
▪ اإلكراهات التواصلية
-ضعف الوصول إلى المعلومات من قبل الهيئات االستشارية؛
-غياب آلية تنظيمية للتواصل الخارجي على مستوى مجالس الجماعات تمكن من تثمين عمل
الهيئات االستشارية وحفظ رصيدها ومنجزاتها االستشارية ووضعها رهن إشارة العموم.
-غياب أرشيف يوثق آلراء وأنشطة الهيئات االستشارية السابقة.
إن اإلكراهات التي تم تحديدها أعاله تغذيها ،في مجملها ،تمثالت سائدة وكابحة تصعب معها قيادة
التغيير وتسهم بذلك في اإلبقاء على الوضع القائم .هذه التمثالت تحول ،بحكم العراقيل التي تفرضها ،دون
تعبئة الذكاء الجماعي وال تشجع على اعتماد أنماط عمل متجددة أو استغالل الفرص المتاحة باعتبارها
مصد ار لتقوية الثقة في الفعل العمومي والدفع بعجلة التقدم.
12
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
فيما يتعلق بواقع المشاركة المواطنة الترابية في الشأن العام ،وأخذا في الحسبان المعيقات التي سبقت
اإلشارة إليها ،يبدو أنها ما تزال محدودة على الرغم من الضمانات التي أقرها الدستور لصالح آليات
الديمقراطية التشاركية .فسبل المشاركة كثي ار ما تظل غير مفعلة أو يصعب الولوج إليها ،مما يتسبب في
خلق نوع من تنازع الشرعية بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني وال يشجع على تطوير ثقافة التعاون
وانخراط المجتمع المدني في التنمية.
إن محدودية النقاش العمومي ،في سياق ضعف الولوج إلى المعطيات والمعلومات ،وضعف جودة
العرض اإلعالمي ال يشجعان على التملك الجماعي لرهانات التنمية .ويؤدي ضعف تفعيل اآلليات التشاركية
واإلدماجية إلى إضعاف جودة بلورة وتنفيذ اإلصالحات والسياسات العمومية وال يساهم في كبح مظاهر
مقاومة التغيير في بداياتها.
13
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
14
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
من أجل تعزيز الثقة بين الهيئات االستشارية ومؤسسات الدولة أثناء إعداد برامج التنمية الجهوية ،وكذا
عند إعداد وتقييم برامج عمل الجماعات قصد االستجابة بشكل أفضل النتظارات الساكنة ،توصي المذكرة
بـ:
-ربط نقل جزء من موارد الدولة إلى الجماعات الترابية بمدى احترامها لبعض معايير الحكامة الجيدة
في كل مراحل هندسة السياسات العمومية الترابية (اللجوء بشكل ممنهج إلى المشاركة على جميع
المستويات ،اعتماد اآلراء االستشارية البناء وتبرير عدم تبني باقي اآلراء ،احترام المناصفة ،وإدماج
مختلف فئات النوع االجتماعي وفق النسبة المتفق عليها ،احترام البيئة ،تسهيل الولوج إلى المعلومات
والنفاذ إليها)؛
-وبما أن الهيئات االستشارية تعتبر آليات استشارية موضوعة رهن إشارة الجماعات الترابية وفق
القوانين التنظيمية الثالث ،فال يجب أن تنشغل هذه الجماعات بهيكلتها وتنظيمها فحسب ،وإنما
أيضا بتوفير الظروف والوسائل المناسبة لها لتسهيل عملها ألن ذلك يعتبر شرطا أساسيا لنجاعة
هذه الهيئات في القيام بدورها االستشاري.
-تطوير وتنويع وسائل االتصال والمعلومات لصالح الهيئات االستشارية ،وتسهيل حصولها على
المعلومات التي تحتاجها لتجويد عملها؛
-إضفاء الطابع المؤسساتي لميزة "الجماعة المواطنة" وتعمميها والتعريف بها على نطاق واسع ،أي
جعلها مناسبة سنوية تتوج فيها المديرية العامة للجماعات الترابية (و ازرة الداخلية) الهيئات
االستشارية والجماعات الترابية والمصالح الخارجية الترابية التي كرست مبادئ وآليات الحكامة
الترابية الجيدة أحدثت أو ساعدت على إحداث تغيير مهم في المجاالت المعنية باآلراء االستشارية.
قدم للهيئات االستشارية التي تكون له مبادرات وإسهامات استشارية ملموسة
-إحداث جائزة وطنية ت َّ
وفعلية في مجال التنمية االجتماعية واالقتصادية على مستوى الجماعات التربية.
15
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
ألنه ما يزال ينظر للمجتمع المدني ،وبخاصة النسيج الجمعوي للقرب ،على كونه انتهازيا وغير منظم،
ويستغل العمل االجتماعي كأداة للتوظيف السياسي أو للظفر بالمساعدات المالية ،حبذا لو توجه العناية
إلى ما يلي:
-نشر ثقافة االنخراط الطوعي واالشتغال بصفة دورية ومنتظمة داخل الهيئة ،وتعزيز القدرة على
االشتغال في إطار فريق منسجم حريص على المصلحة العامة للساكنة؛
-تعزيز ثقافة االستحقاق والمردودية والتجربة اإليجابية في اختيار عضوات وأعضاء الهيئات
االستشارية؛
-وبما أن نقطة االنطالقة بالنسبة لكل جماعة ترابية ترغب في تشكيل الهيئات االستشارية هو تحديد
الفاعلين االجتماعيين ورصد الجمعيات النشيطة التي تنشط بترابها وإن كانت عملية غير يسيرة،
طالما أن هناك ،مثال ،أشكال متعددة من الجمعيات تختلف باختالف أهدافها ومجاالت تدخالتها،
سيكون من المفيد االنطالق من المعايير السالفة الذكر إلحداث هيئات ديمقراطية الجوهر قادرة
على ضمان االنسجام بين مكوناتها واستم ارريتهم في االنخراط الطوعي دفاعا عن مصالح الساكنة
بالدرجة األولى.
-تقوية قدرات الفاعلين بالهيئات االستشارية والمنتخبين بالتكوين السنوي والمتواصل من قبل
المنظمات التي ينتمون إليها ،ومن خالل إشراف رشيد ومعقلن من طرف أجهزة الدولة المختصة
قانونا.
-توحيد الفهم والمفاهيم بخصوص اختصاصات الهيئات االستشارية وطبيعة عالقتها بالمجالس
المنتخبة ذات المهام التقريرية.
.4مقترحات مرتبطة بالجانب التواصلي
في ظل سياق موسوم بتراجع الثقة -وإن بنسب متباينة -في مختلف التدخالت العمومية ،والمبادرات
المؤسساتية والسياسية والنقابية ،وأيضا المدنية ،بسبب استمرار مؤشرات الهشاشة االجتماعية وتدهور جودة
الخدمات العمومية ،ووجود هوة ما بين بعض القوانين التي تتخللها مناطق رمادية والواقع االجتماعي ،يشهد
الفضاء العام ،بين الفينة واألخرى ،توترات اجتماعية في المدن الكبرى ،وبالقدر نفسه في المدن الصغرى
والمتوسطة التي تعرف تراجعا كبي ار لوساطة القرب .وبقدر ما أسهمت الجرائد اإللكترونية وشبكات التواصل
16
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
ا الجتماعي التي انتشرت بقوة في هذه الظروف في تحرير النقاش وساعدت على توفير آلية إضافية لنشر
المعلومة وكشف الوضعية االقتصادية واالجتماعية ،وأيضا قياس مدى قدرة الهيئات االستشارية على إحداث
األثر المنشود في مجاالت اشتغالها ،يبدو أن انتشارها أوجد خطر التأثير السلبي في الرأي أو المخيال
العامين من خالل بث أخبار زائفة أو مضللة قائمة على حسابات غير متصلة دائما بما يخدم خير الساكنة
والوطن .من ثمة ،بهدف مواكبة عمل الهيئات االستشارية بتواصل عمومي شفاف ومفتوح ورفيع المستوى
لتنمية الوعي بقيمة المشاركة الجماعية والتعريف بإمكاناتها ،ترى المذكرة أن االخذ في الحسبان بعض
المقترحات أسفله قد يخفف من سوء الفهم الذي يحيط بعمل الهيئات االستشارية:
-ضرورة تطوير وتنويع طرق تواصل أعضاء الهيئات االستشارية واألعضاء المكونين لها إلضفاء
فهم أكبر ألدوارها من طرف الساكنة المستفيدة وعموم الرأي العام قبل إعداد الرأي وأثناءه وبعد
تبينه أو رفضه ،ألن التواصل الدائم يعد فرصة لتحسيس وتعبئة العموم بشأن القضايا التي تشتغل
عليها؛
-إحداث منصة رقمية خاصة بتسجيل اآلراء االستشارية المقدمة من قبل الهيئات االستشارية
بالجماعات الترابية.
-توسيع مجال التشاور ،بتعاون وتفاهم مع رؤساء الجماعات الترابية ،مع المصالح الخارجية لإلدارات
المركزية ومختلف المجالس المنتخبة؛
-تيسير الولوج إلى المعلومات الموجودة بحوزة المؤسسات العمومية من طرف الهيئات االستشارية
لتوسيع مجال الممكن؛
-في جميع مراحل بلورة اآلراء الذاتية أو بناء على طلب رؤساء الجماعات الترابية في المجاالت
التي تدخل ضمن اختصاصات الهيئات االستشارية ،يفترض االعتماد على نظام دقيق للتواصل
والتتبع والتقييم ،وعلى مقاربة مبنية على معرفة الخصوصيات المحلية والجهوية ،وعلى مواقف
مختلف الفاعلين ،ووعي تام بأشكال المقاومة والممانعة واختالف الرؤى ،وعلى إحساس عال بأهمية
اإلنصات والتشاور والتواصل الداخلي مع األعضاء فيما بينهم ،ومع مجلس الجماعة وأطرها التقنية
واإلدارية ،والخارجي مع باقي المؤسسات العمومية؛
-على الجماعات الترابية والهيئات االستشارية أن تمارس اختصاصاتها في تمام الشفافية والوضوح
من خالل نشر وتقديم حصيلة األنشطة المنجزة أو المستقبلية .لذلك ،يتعين اعتماد مخطط هادف
17
مذكرة المدرسة المواطنة للدراسات السياسية
حول الهيئات االستشارية المحدثة لدى الجماعات الترابية
واستباقي للتوثيق والتواصل وتقاسم المعلومة مع المواطنات والمواطنين ،وجمعيات المجتمع المدني،
واألحزاب السياسية ،والنقابات ،والمقاوالت ،ووسائل اإلعالم ،إلخ.
18