Professional Documents
Culture Documents
الفرسان الموازناتية
الفرسان الموازناتية
الفرسان الموازناتية
الموضوع الذي أقترح مناقشته ،تثار بشأنه العديد من المالحظات ،لعل أولها متعل ق
بعنوان الدراسة ،فناذرا ما تتحدث األدبيات القانونية ،و أخص بالذكر الكتابات و الدراس ات
في حقل المالية العامة باللغة العربية ،عن هذا الموضوع تحت مس مى الفرس ان الموازناتي ة
1،les cavaliers budgetairesو إن كان النقاش الذي أثير بشأن مشروع ق انون مالي ة
سنة ، 2015قد أثيرت إبانه هذه المس ألة ،واإلش ارة هن ا تنس حب إلى الج دل ال ذي أحدثت ه
المادة 8من المشروع ,والذي يدخل في صلب موضوع أو مسألة الفرسان الموازناتية .
بداي ة وقب ل الخ وض في اس تجالء مع الم ه ذا الموض وع ،س أقوم بع رض للنق اط
والمح اور ال تي ستش كل ص لب الدراس ة ،المبحث األول سأخصص ه للتقص ي في طبيع ة
المص طلح ال وارد في العن وان على اعتب ار ن درة اس تعمال ه ذا األخ ير في أدبي ات المالي ة
العمومي ة ،وفي نفس االن س أتناول الس ند الق انوني والنص وص الم ؤطرة له ذا
المصطلح ،المبحث الثاني سأتناول فيه اشكالية الفرسان الموازناتية من خالل قوانين المالية
،مع التركيز على نموذج مشروع قانون مالية سنة . 2015
1ليست هناك ترجمة لهذا المصطلح متفق عليها ،نظرا لندرة استعمال هذا األخير في الكتابات والدراسات المنشورة باللغة العربية ،لذلك
اعتمدناهذه العبارة ،وهي ممعتمدة في إحدى منشورات وزارة المالية ،مؤلف "ميزانية الدولة" الصادر سنة . 2004الطبعة األولى.
1
المبحث األول :الفرسان الموازناتية ،قراءة في المصطلح والسند
القانوني
3
«Raphaël DÉCHAUX L’ÉVOLUTION DE LA JURISPRUDENCE CONSTITUTIONNELLE EN MATIÈRE DE
CAVALIERS » ENTRE 1996 ET 2006 .conseil constitutionnel France 2007
4المادة " 71يختص القانون باالضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين التالية
-الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها فيالتصدير ،وفي فصول أخرى من الدستور
-نظام األسرة والحالة المدنية
-مباديء وقواعد المنظومة الصحية
-نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها
-العفو العام
-الجنسية ووضعية األجانب
-تحديد الجرائم و العقوبات الجارية عليها
-التنظيم القضائي و إحداث أصناف جديدة من المحاكم
-المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية
-نظام السجون
-النظام األساسي العام للوظيفة العمومية
-الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين
-نظام مصالح و قوات حفظ األمن
-نظام الجماعات الترابية ومباديء تحديد دوائرها الترابية
2
وح تى ال نبتع د عن الموض وع ،ودون االسترس ال في الح ديث عن أش كال الفرس ان
سأتناول السند القانوني الذي ينظم و يؤطر قوانين المالية ،ومن خالله يمكن أن نت بين مج ال
وبنية هذه األخيرة ،و طبيعة المقتضيات التي يمكن نعثها بالفرسان الموازناتية .
5المادة " 2يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بقانون المالية :
-قانون المالية للسنة
-قوانين المالية المعدلة
-قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية
قانون تنظيمي للمالية رقم 13-130الصادر /2يونيو 2015/الجريدة الرسنية رقم /18( 6370يونيو)2015/
6المادة " 1يحدد قانون المالية ،بالنسبة لكل سنة مالية ،طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة ،وكذا التوازن الميزانياتي
والمالي الناتج عنها "....القنون التنظيمي للمالية رقم . 13-130
المادة " 3يتوقع قانون المالية للسنة ،لكل سنة مالية ،مجموع موارد وتكاليف الدولة ،ويقيمها وينص عليها ويأذن بها … ".قانون تنظيمي للمالية
13-130
3
النهاية تقدير للموارد و التحمالت ،وحسب الم ادة 6من الق انون التنظيمي للمالي ة "ال يمكن
أن تتض من ق وانين المالي ة إال أحكام ا تتعل ق ب الموارد والتك اليف ،أو ته دف إلى تحس ين
الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل ،و بمراقبة استعمال األموال العمومية ".
المشرع حرص من خالل هذه الم ادة على تس ييج محتوي ات ق انون المالي ة ،بنب ذ م ا
يسمى بالفرسان الموازناتية ،تالفيا لحشوه بمقتضيات ليس ت له ا عالق ة مباش رة بموض وعه
الرئيسي .
هناك إذن إشارة واضحة إلى ضرورة تالؤم المقتض يات المض منة في ق انون الم الي
لطبيعة هذا األخير ،فهي محددة في ثالث مستويات تلتقي في كون موضوعها الرئيس ي ه و
الموارد والتحمالت ،هكذا فكل مقتضى يتم إدراجه في قانون المالية يجب أن يكون ،إما :
1متصال بالموارد والتحمالت .
2يستهدف تحسين شروط التحصيل .
3يسهم في تعزيز الدور الرقابي على األموال العامة .
وبالتالي يعتبر تعديا ،وحشوا كل تدبير قانوني خارج عن هذه المجاالت الثالث
لكن مقابل هذا الوضوح ،قد تؤدي تأويالت النص بشكل واسع إلى إدخ ال مقتض يات
تشريعية في صلب قوانين المالية ،بحجة أنه ا متص لة به ذا األخ ير وإن ك ان ه ذا االتص ال
بموضوع قانون المالية اتصاال غير مباشر ،وكان من األح رى إدماج ه في مجال ه الق انوني
الطبيعي .
تسييج قوانين المالية ،والحيلول ة دون تض مينها مقتض يات مخالف ة لمقاص د الق انون،
يضع كل من الحكومة والبرلمان أمام إلزامية احترام هذا المقتضى فاألمر يتعلق بكل مق ترح
أو مشروع قانون ،سواء كان أصليا أو تعديليا .
هكذا فالحكومة عند إعدادها لمشاريع قوانين المالية تكون بحكم منط وق الم ادة 6من
القانون التنظيمي للمالية ملزمة بت وخي الح ذر ،و االتص اف بالص دق ،و البرلم ان بغرفتي ه
ملزم أثناء تقديم تعديالت على المشروع ،بتعليل كل تعديل ،ولعل هذا ما أشارت إليه الفقرة
4و األخيرة من المادة 56من القانون التنظيمي للمالية بتأكيدها على أنه "ترفض التع ديالت
المخالفة ألحكام هذا القانون التنظيمي .فيما عدا ذلك يجب أن يتم ت برير ك ل م ادة إض افية أو
كل تعديل" .
4
والتبرير 7كشرط لقبول تعديالت البرلمانيين ،يستوجب أوال و قيل كل شيء أن يك ون
هذا األخير-التع ديل -موض وعه الرئيس ي ه و الم وارد والتحمالت ،أو تس تهدف مقتض ياته
تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل ،و بمراقبة استعمال األموال العمومية.
المبحث الثاني :إشكالية الفرسان الموازناتي88ة الم88ادة 8من مش88روع ق88انون مالي88ة
سنة 2015
تضمين قوانين المالية أحكام ال تدخل في مجال ه ذا األخ ير ،تش هد علي ه العدي د من
الحاالت ،منها ما يمكن اعتباره خرقا واض حا ،و حش وا مفض وحا ال لبس في ه ،ومنه ا م ا
يك ون خرق ا ش كليا ،يض رب في العم ق الفلس فة الثاوي ة وراء إق رار الم ادة 6من الق انون
التنظيمي للمالية
الفقرة األولى :نماذج من الفرسان الموازناتية
قوانين المالية تزخر بهذه النوعية من المقتض يات ،وإن ك ان من الممكن عن د تفحص
مضامينها اعتبارها متناغمة مع منطوق المادة 6السابق ذكرها لكن يبقى إقحامها في ق وانين
المالية يخرق في العمق قصد المشرع ،كمثال على ذلك المدونة العام ة للض رائب ،ال تي و
إن كان موضوعها الرئيسي ملتصق بطبيعة قانون المالي ة ،بحيث تتالءم مقتض ياتها م ع م ا
نص عليه المشرع في القانون التنظيمي للمالية - ،فهي – المدونة العام ة للض رائب – تح دد
طبيعة الموارد ،و طرق التحصيل ،والقضايا المتعلقة بالجانب الرقابي ،وتبعا لذلك ال يمكن
الحديث عن الفرسان أو خرق لمقتضيات المادة 3من القانون التنظيمي للمالية وبالتالي يعتبر
إدراجها في القانون المالي السنوي متناغما مع فلسفة المشرع المالي.
لكن من الناحية الشكلية هناك خرق ،أو على األقل سوء تعاطي و تأوي ل خ اطئ لم ا
اس تهدفه المش رع ،فه ذا األخ ير إض افة إلى تس ييجه لق انون المالي ة من حيث المحت وى ،
فالتنصيص كان كذلك بهدف إلى الوقوف في وجه اس تغالل ق انون المالي ة لتمري ر نص وص
7المشرع المالي استبدل مصطلح التعليل ،المعتمد في االفقرة 2من المادة 40قانون تنظيمي للمالية رقم 7-98بمصطلح التبرير في القانون
التنظيمي للمالية رقم ، 13-130و هذا التغيير في نظرنا غير موفق ،وكان من المستحسن االحتفاظ بالصيغة القديمة لقوة و دقة داللتها القانونية
.
5
قانوني ة بش كل متس رع ،و إن ك انت في تواف ق م ع الق انون التنظيمي للمالي ة من حيث
الموضوع .و كان من األجدر التصديق عليها وفق المسطرة العادية المطبقة على الق وانين
العادية ،فمسألة من قبيل الجبايات تستوجب أخد ال وقت الك افي ال ذي يس مح ب التوافق ح ول
مقتضياتها ،خصوصا إذا أخ دنا بعين االعتب ار ك ون الم ادة الجبائي ة تتم يز بطابعه ا التق ني
المعق د الش يء ال ذي يس تلزم تمكينه ا من فض اء زم ني تش ريعي مالئم ،لس بر أغواره ا ،
وتحريرها من القيود الزمنية التي يفرضها الزمن التشريعي المالي ، 8هذا دون الح ديث عن
مايتطلبه قانون المالية السنوي نفسه من جهد تشريعي ،تنضاف إليه قائمة م واد بحجم مدون ة
للضرائب ،
نص تشريعي في حجم المدونة العامة للضرائب ،ليس بالمسألة الثانوية ح ثى يتم البث
فيه ا داخ ل اإلط ار الزم ني المخص ص لق انون المالي ة ،ال ذي يتطلب مجه ودا كب يرا لف ك
طالسمه ،حيث بلغ عدد مواد قانون مالية سنة 2006ما ممجموعه 67مادة ،والمادة 6من
نفس الق انون وال تي تتض من كت اب الوع اء والتحص يل ،يص ل ع دد مواده ا إلى 213
مادة ،وبعملية بسيطة يكون العدد اإلجمالي لمواد قانون المالية المتعلق بسنة 2006هو 280
مادة ، 9و هذا في نظري استغالل مأسوف عليه لقانون المالي ة ،ووراءه ني ة طابعه ا ن وع
من التسرع في التعاطي مع مسائل استراتيجية ،وبالتالي وجب احترام الفلسفة الكامن ة وراء
المادة 3من القانون التنظيمي ،فهذه األخيرة إن وضعت حدودا وحص رت مقتض يات ق انون
المالية ،فهي استهدفت باألساس عدم حشوه بمقتضيات ال يكفي الزمن التشريعي المالي للبت
فيها ،سواء كانت غريبة عن قانون المالية ،أو متصلة به .
واألمثلة عدي دة في ه ذا الش أن ،ف إذا رجعن ا إلى ال وراء ،و بالض بط أثن اء مناقش ة
مشروع قانون مالية س نة ، 1988فق د ح اولت الحكوم ة إقح ام تع ديالت مهم ة على ق وانين
االستثمار ،و ك انت في نظره ا الوس يلة المثالي ة هي إدراجه ا في ق انون المالي ة ،لكن ه ذه
المح اوالت ووجهت ب الرفض ،وتم التخلي عنه ا ،و ق د تطلب األم ر ت دخل المل ك وقيام ه
8المدة الزمنية المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية حصرها المشرع في 70يوما .المادة 33من القانون التنظيمي للمالية رقم " 7-98
يودع مشروع قانون المالية للسنة بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أقل تقدير "و هذه المدة وزعها
المشرع بين المجلسين بالتساوي أي 30يوم لكل مجلس (المادة 34من القانون التنظيمي للمالية " )1998يبت المجلس المعروض عليه
األمرأوال في مشروع قانون المالية داخل أجل الثالتين يوما الموالية إليداعه …..يبت المجلس المعروض عليه األمر ثانيا في المشروع داخل أجل
الثالتين يوما الموالية لعرض األمر عليه …. ".
القانون التنطيمي للمالية المعدل رقم 13-130حافظ على نفس المدة الزمنية للتصديق على مشروع قانون المالية ،بتصريحه في المادة 48على
أنه "يودع مشروع قانون المالية باألسبقية بمكتب مجلس النواب في 20أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير … ".وباحتساب المدة
الفاصلة بين تاريخ اإليداع /20اكتوبر ،واألجل األقصى للمصادقة على المشروع /31دجنبر ، ،تكون المدة الزمنية هي 70يوما .والتغيير
الحاصل هو في الحيز الزمني الذي خصصه المشرع المالي لكل مجلس ( مجلس النواب ومجلس المستشارين) حسب المادة " 49يبت مجلس
النواب في مشروع قانون المالية للسنة داخل أجل ()30يوما الموالية لتاريخ إيداعه ….يبت مجلس المستشارين داخل أجل اثنين وعشرين (
) 22الموالية لعرضه عليه ….يقوم مجلس النواب بدراسة التعديالت المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين ويعود له أمر البت النهائي
في مشروع قانون الماليةفي أجل ال يتعدى ستة ( )6أيام ".إذن المدة الزمنية التي أصبح يتوفر عليها البرلمان للمصادقة على مشروع قانون المالية
هي 58يوما ) 30( ،يوما لمجلس النواب )22(+يوما لمجلس المستشارين)6(+أيام لمجلس النواب للمصادقة النهائية = 58يوما
9قانون مالية سنة 2006الصادر بتاريخ/29دجنبر 2005/الجريدة الرسمية عدد 5382بلغ مجموع صفحات قانون المالية هذا 162
صفحة منعا 124صفحة تتناول قواعد الوعاء والتحصيل .نفس األمر ينطبق على قانون مالية سنة 2007رقم 06-43الصادر بتاريخ
/31دجنبر ، 2006/الجؤيدة الرسمية عدد. 5487
6
ب دوره التحكمي ال ذي تق رر على إث ره االتف اق على مناقش ة ه ذه التع ديالت خ ارج ق انون
المالية ،وذلك بعقد دورة استثنائية في شهر يناير . 1988
إذا ك ان م أل ه ذه التع ديالت ،إرجاعه ا ع بر تص حيح مس طرة الت داول بش أنها ،و
إخراجها من قانون المالية ،نظرا لما تش كله من تع د ص ريح على مج ال ق انون المالي ة ،و
بالتالي تشكل نوعا من الفرس ان الموازناتي ة ،موقف ا س ليما من الناحي ة القانوني ة فلألس ف تم
التعاطي مع المدونة العامة للضرائب بشكل يثير الخجل على المستوى القانوني.
الفقرة الثانية =المادة 8من قانون مالية سنة 2015خرق سافر لمقتضيات المادة 3
10
من القانون التنظيمي
المادة 8من مشروع القانون الم الي لس نة 11 2015تش كل تجس يدا واض حا لنوعي ة
المقتضيات التي يمكن نعثها بالفرسان الموازناتية ،وتشكل بحق انتكاسة في مس ار التح ديث
على المستوى القانوني والقض ائي ال ذي عرفت ه المملك ة ،وبالخص وص م ع إنش اء المح اكم
اإلدارية ،وضرب في العم ق ألحك ام الدس تور ،فهي تس عى إلى تحص ين أعم ال اإلدارة ،
وجعل األحكام الصادرة عن القضاء غير قابلة للنفاذ ،ذلك أن األحكام الصادرة عن المح اكم
وفي مواجه ة اإلدارة إذا لم ت ؤدي في النهاي ة إلى اقتض اء الحق وق ،فستش كل تش جيعا
ألشخاص القانون العام -بما فيهم الدولة -على التنصل من المسؤولية ،ما دامت تعرف مسبقا
أن مأل األحكام الصادرة عن القضاء لن تنفذ في حقها ،ومن شأن ذلك أن ي ؤدي إلى تم ادي
هذه األخيرة في استصدار قرارات ،والقيام بأعمال متسمة بع دم المش روعية ،م ا دامت تعلم
علم اليقين ،أن القاضي اإلداري لن تمكن أحكامه من عرقلة تنفي ذ مقرراته ا ،وه ذا ي ذكرنا
في الحقيقة بالمادة 8من ظهير التنظيم القضائي الص ادر بت اريخ /12غش ت، 1913/وال تي
كانت تمنع أية مطالبة ترمي إلى إلغاء قرارات اإلدارة .12
المبدأ العام أن أعمال اإلدارة و القرارات التي تصدرها يمكن أن تكون موضوع طعن
إداري ،فالقاض ي يت ولى حس ب الم ادة 117من الدس تور "حماي ة حق وق األش خاص
والجماعات و حرياتهم ،و أمنهم القض ائي و تط بيق الق انون " ،و ال مج ال لتحص ين ه ذه
القرارات و األعمال ضد الطعن بمختل ف أش كاله ،كم ا أن "األحك ام النهائي ة الص ادرة عن
القضاء ملزمة للجميع " المادة 126من الدستور ،وه ذه اإللزامي ة غ ير مقي دة ب أي ش رط ،
10قانون مالية سنة 2015تمت صياغته وفق مقتضيات القانون التنظيمي للمالية رقم ، 07-98تاريخ ، 1998و بالتالي يخضع لمقتضيات
المادة 3من نفس القانون ،والتي عوضتها المادة 6من القانون التنظيمي 13-130الصادر سنة 2015
" 11يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام تنفيذية ضد الدولة ،أال يطالبو باألداء إال أمام المصالح االمرة بالصرف لإلدارة المعنية ،في
حالةما إذا صدر قرار قضائي يدين الدولةبأداء مبلغ معين ،يتعيناألمر بصرفه داخل أجل شهرين من تاريخ تبليغ القرارالقضائي السالف ذكره
الذي اكتسب قوة الشيء المقضي به ،وال يمكن بأي حال من األحوال أ ،تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز لهذه الغاية .
12المادة 8من ظهير التنظيم القضائي الصادر بتاريخ /12غشت. 1913/
7
وينسحب مجالها ليضم كل األعمال ،سواء قام بها أش خاص ع امون أو خاص ون –بم ا فيهم
الدولة . -
المادة 8من مشروع القانون المالي لسنة ، 2015تأتي متناقضة مع الدستور ،الذي من ع أي
شكل من أشكال تحصين الق رارات و األعم ال اإلداري ة ،و ارتقى به ذه القاع دة إلى مرتب ة
المبدأ الدستوري ،كذلك تأتي في شكل غير متساوق م ع االتج اه الع ام لالجته ادات القض ائية
في الميدان اإلداري المغربي ،13و توصيات ميثاق إصالح منظومة العدالة. 14
المادة 8ت دخل في إط ار الفرس ان الموازناتي ة ،ذل ك أنه ا ق د عملت على اس تحداث
ت دبير ق انوني ،ال ي دخل في إط ار مقاص د ق انون المالي ة ،فالمس ائل المس طرية المتعلق ة
بإجراءات التنفيذ ،ومن ضمنها الحجز على الممتلكات مجالها الطبيعي ه و ق انون المس طرة
المدنية وليس قانون المالية ،وبالتالي فإجراء تغيير يمس المنظومة المس طرية ال تي تخض ع
لها األحكام الصادرة ضد الدولة و إقحامها في صلب قانون المالية ،يعتبر من اورة قانوني ة ال
يمكن قبولها وتعتبر مخالفة ألحكام الم ادة 3من الق انون التنظيمي للمالي ة ،و ك ذا الدس تور،
ولعل أمر اختيار توقيت طرحها للمصادقة عليها ،و طبيعة النص الذي فيه ،ي بين أن هن اك
استغالال وسوء نية في التعاطي مع فلسفة المشرع من وراء تحدي د مج ال ق انون المالي ة ،و
محاولة لتمرير هذا المقتضى الذي يعت بر غ ير دس توري في ظ رف زم ني و إط ار ق انوني
محدود و غير مالئم.
مسألة تحصين أعمال و قرارات االدارة ،مرفوضة دستوريا ،و تؤك دها االجته ادات
القضائية ،و إقحامها في قانون المالية مرفوض شكليا ،و تعديا صارخا على القانون المنظم
للمالية العمومية ،لهذا سارعت الحكومة أثن اء الق راءة األولى لمش روع الق انون الم الي إلى
حذف هذا المقتضى نهائيا ،على اعتبار أن خرقها للدستور يعتبر فاضحا ،و ذهبت الحكومة
في تعليله ا له ذا الح ذف إل الت ذكير بمض امين الق رار الص ادر عن المجلس الدس توري
المغربي ،و الذي اعتبر أحكام المادة 8من قانون مالية سنة 2009في بن دها الث اني مخالف ة
للمادة 3من القانون التنظيمي للمالية ،بعل ة ارتباطه ا بمنظوم ة قانوني ة جدي دة لم تبث فيه ا
المؤسسة التشريعية ،و أنها تتضمن مقتض يات تش رع لوس ائل جدي دة ت رمي إلى التثبت من
مخالفات السير و الجوالن ،كما أنها تتنافى مع روح العدالة و المبادئ العامة للقانون. 15
وحسب المجلس الدستوري "...وحيث إنه بالرجوع إلى الم ادة 8من ق انون المالي ة ،
يتبين أن الفقرة األولى من البند 2من هذه المادة ،التي تتعلق بتحصيل الغرام ات التص الحية
والجزافية ،تهدف إلى إحداث مسطرة خاصة لتحصيل الغرامات بشأن المخالف ات في مج ال
13حكم بتاريخ /20مايو 2014/رقم 6681المحكمة االدارية الرباط "..الحجز علىالحساب الخصوصي لوزارة التجهيز والنقل في حدود مبلغ
ليه تعطيل وظيفة النفع العام ،الملقاة على عاتق المرفق ،واالعتمادات
486.160.73درهم وتحويل هذا المبلغإلى صندوق المحكمة لتسليمه إلى المدعي...تعليل المحكمة
المرصودة بالحساب مخصصة ألداء ديون الوزارة وبالتالي يمكن الحجز عليها .
14توصيات ميثاقإصالح منظومة العدالة بالخصوص عدد 118و، 121إلزام أشخاص القانون العام على احترام سلطة األحكام القضائية ،
وضمان تنفيذعا في مواجهتها وتسريع إجراءاتها.
15قرار المجلس الدستوري رقم 08/728الصادر بتاريخ /29دجنبر . 2008
8
السير و الجوالن ،و أن الفقرة الخامسة من نفس البند تنص على أنه " يراد في مدلول أحكام
هذا البند -بجهاز يعمل بطريقة ألية -الرادار الثابت وكاميرا المراقبة و أي جهاز إلكتروني
أخ ر يمكن من تق ديم دلي ل م ادي عن ارتك اب المخالف ة " و حيث إن ه إذا ك انت الغرام ات
التصالحية والجزافية ،التي تهدف أساسا إلى زجر المخالفات ،تعد من ضمن م وارد الدول ة
طبقا للمادة 11من القانون التنظيمي للمالية ،ف إن المقتض يات المتعلق ة به ذا البن د 2س الف
الذكر ،إذا كانت ترمي إلى إحداث مس طرة خاص ة لتحص يل ه ذه الغرام ات ،فإنه ا تنش ئ
أيضا وسيلة إثبات جديدة للمخالف ات المرتكب ة في مج ال مراقب ة الس ير و الج والن بواس طة
جهاز يعمل بطريقة ألية ،يقدم أدلة مادية ،يوثق بالمحضر المرتكز عليها ،حسب مقتض يات
الفق رة الرابع ة من البن د 2الم ذكور .و حيث إن ه ذه المقتض يات ال يمكن إدراجه ا ،بحكم
طبيعته ا ،ض من األحك ام ال تي ته دف إلى تحس ين الش روط المتعلق ة بتحص يل الم داخيل
المنصوص عليها في المادة 3من القانون التنظيمي للمالي ة ،مم ا جعله ا خارج ة عن نط اق
اختصاص .
خاتمة
تحص ين ق انون المالي ة ض د الفرس ان الموازناتي ة ،ال يكفي في ه الت أطير الق انوني ،
فالتش ريع الم الي ح دد مج ال ق انون المالي ة ،ومن ع إدراج أي مقتض ى ق انوني ال يس تجيب
لموض وعه ،كم ا أن التع ديالت ال تي يمكن التق دم به ا س واء ك ان مص درها البرلم ان أو
الحكومة ،يجب أن تكون م بررة ،ومعلل ة ،وك ل ه ذه الت دابير القانوني ة تس تهدف في اخ ر
المطاف ،حماية قانون المالية من كل استغالل يبتغي تمرير قوانين ،قد تشكل عبئ ا على ه ذا
القانون ،ومساسا بطبيعته التي تختلف عن باقي أص ناف الق وانين األخ رى ،كم ا ق د يش كل
قبول إدراجها مناقض ا للض مانات ال تي يتمت ع به ا الم واطن ،كم ا تش هد علي ه الم ادة 8من
مشروع قانون مالية سنة ، 2015لهذا وجب تعزيز الج انب الق انوني ،باجته ادات القاض ي
الدستوري الذي من اختصاصه التصدي لهذه النوعية من الخروق ات ،وه ذا لن يتم إال ع ير
يقظة نواب األمة ،عبر إحالة المقتضيات التي يمكن أن تخرق المادة 6من القانون التنظيمي
المالية على المجلس المذكور للبت فيها .
9