Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

20 -02 : ‫ ص‬0505 ‫ ديسمبر‬50 :‫ العدد‬/ 50 :‫املجلد‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫التأسيس لدولة الحق والقانون من خالل تطبيق مبادئ الحكم الرشيد‬


Establishment of a State of Law and Law through the Application of the
Principles of Good Governance applications
‫شريفة كالع‬
cherifaklaa@gmail.com :‫الربيد اإللكرتوين‬

3 ‫جامعة اجلزائر‬

0303/10/11:‫تاريخ النشر‬ 0311/30/11:‫ تاريخ القبول‬0303/11/33 :‫تاريخ اإلرسال‬

:‫الملخص‬
‫ لذلك تسعى‬،‫ فهي من أبرز العناصر املكونة له‬،‫يعترب الوصول إىل دولة احلق والقانون نتيجة لتجسيد احلكم الدميقراطي احلقيقي وترسيخه‬
‫ وعليه نسعى يف هذا البحث إىل دراسة مسألة التأسيس لدولة احلق والقانون‬،‫ وصوال للحكم الرشيد‬،‫الدول يف وقتنا احلايل إىل بلوغ دولة احلق والقانون‬
،‫ وتوضيح مؤشرات احلكم الرشيد‬،‫ من خالل تبيان املقومات اليت جيب أن تتوفر لقيام دولة احلق والقانون‬،‫من خالل تطبيق مبادئ احلكم الرشيد‬
‫ كيف يتم التأسيس لدولة احلق والقانون من خالل تطبيق مبادئ‬:‫ وذلك من خالل طرح اإلشكالية التايل‬،‫والضمانات الالزمة لقيام دولة احلق والقانون‬
:‫احلكم الرشيد؟ ولإلجابة عن ذلك سنحاول الرتكيز على احملاور التالية‬
.‫ احلكم الرشيد‬،‫ دولة احلق والقانون‬:‫ مفاهيم ومضامني كل من‬.1
.‫ ومبادئ ومؤشرات احلكم الرشيد‬،‫ مقومات دولة احلق والقانون‬.2
.‫ الضمانات الالزمة لقيام دولة القانون بتكريس مبادئ احلكم الرشيد ومقومات دولة احلق والقانون‬.3
.‫ احلكم الرشيد‬- ‫ التأسيس – دولة احلق والقانون – تطبيق – مبادئ‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Abstract :
Access to the state of law and justice as a result of the embodiment of the real democratic rule
and consolidation, it is one of the most important elements of it, so that the countries are currently
seeking to reach the rule of law and the rule of good governance, and therefore we seek in this
research to study the establishment of the rule of law through Implementing the principles of good
governance, by clarifying the elements that must exist for the establishment of the state of law and the
law, and clarifying the indicators of good governance and the guarantees necessary for the
establishment of the state of law and law, by raising the following problem: How is the establishment
of the state of law and law through the application of the principles of good governance? To answer
this, we will try to focus on the following topics:

1. Concepts and contents of: the state of truth and law, good governance.
2. The foundations of the rule of law and the principles and indicators of good governance.
3. Safeguards for the establishment of the rule of law by enshrining the principles of good
governance and the principles of the rule of law and law.

Keywords: Establishment - State of Law and Law - Application - Principles - Good Governance.

26
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تقوم بني الدولة والقانون عالقات وثيقة ومعقدة‪ ،‬فالدولة متارس تأثري كبريا على تكوين وتطبيق القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬والقانون بدوره يضع حدودا لنشاط الدولة‪ ،‬كما توصف الدولة بالقانونية ما دامت ختضع للقانون‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن شكلها الدستوري‪ ،‬وتبقى كذلك إىل أن يهدر مبدأ الشرعية‪ ،‬حيث يقتضي مبدأ الشرعية سيادة القانون‬
‫وخضوع احلاكم واحملكوم له‪ ،‬لريد أي منهما إىل جادة الصواب كلما خرج عن حدوده عمدا أو تقصريا‪ ،‬فالدولة‬
‫القانونية هي اليت ختضع للقانون يف مجيع جوانب أنشطتها التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬ومهما يكن من‬
‫اختالف حول أساس إخضاع الدولة للقانون‪ ،‬فإنه ال بد من توافر عدد من املقومات أو األركان والعناصر‬
‫األساسية اليت تعترب ضمانات لقيام دولة القانون‪ ،‬من بينها الدستور الذي يعترب الضمانة األساسية اليت تقيم‬
‫السلطة يف الدولة‪ ،‬والذي يؤسس لوجودها القانوين ويؤطر نشاطها‪ ،‬فهو يشكل قيدا قانونيا لسلطات الدولة‪ ،‬إذ‬
‫يبني حدود واختصاص كل سلطة‪ ،‬كما يعترب مبدأ الفصل بني السلطات أحد أهم املبادئ الدستورية‪ ،‬أين يؤدي‬
‫ذلك إىل تقسيم وإتقان الوظائف واالختصاصات للمهام اليت أناط هلا الدستور‪ ،‬إضافة إىل ضمان احلقوق‬
‫واحلريات الفردية وهي اهلدف األساسي من إخضاع الدولة للقانون‪ ،‬وضمان الرقابة القضائية واستقالهلا‪ ،‬ففي‬
‫حال توافر تلك املقومات يف أي دولة نستطيع أن نقول عنها دولة قانونية‪ ،‬واملالحظ يف تلك املقومات أهنا ترتابط‬
‫مع خصائص ومميزات نسق احلكم الرشيد؛ واليت من بينها حكم القانون واملؤسسات فالقوانني يف نسق احلكم‬
‫الرشيد دميقراطية غري تعسفية‪ ،‬إهنا سيدة حترص السلطة التنفيذية على تطبيقها وإقامتها‪ ،‬تلزم تأمني محاية حقوق‬
‫اإلنسان بالنسبة لألفراد واجلماعات بشكل متساو‪ ،‬وكذلك املساواة يف العقاب مبوجب القانون‪ ،‬لذلك يتوجب‬
‫على احلكومات أن ختلق املؤسسات واألطر الالزمة للمحافظة على القانون والنظام‪ ،‬وهو ما يقودنا على خاصيتني‬
‫ومبدأين آخرين للحكم الرشيد يدعمان إقامة دولة احلكم والقانون‪ ،‬أال ومها الشفافية واملساءلة وكلها تعترب من‬
‫الضمانات الالزمة لتأسيس دولة احلق والقانون‪ ،‬مما يعمق ويعزز من االنتماء والوالء والعمل اجلاد املخلص‬
‫والتضحية لدى أفراد هذا الشعب جتاه الدولة‪ ،‬ولذلك نسعى يف هذا البحث إىل بيان الشروط التأسيسية لدولة‬
‫احلق والقانون من خالل تطبيق مبادئ احلكم الرشيد‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫اإلشكالية‪ :‬انطالقا مما سبق ذكره نسعى يف هذه الدراسة إىل اإلجابة على جمموع التساؤالت املتعلقة‬
‫أساسا حول طبيع ة الشروط التأسيسية لدولة احلق والقانون‪ ،‬وذلك من خالل طرح اإلشكالية الرئيسية واملتمثلة يف‬
‫ما يلي‪ :‬ما هي الشروط الالزمة للتأسيس لدولة احلق والقانون؟‬
‫الفرضية‪ :‬لإلجابة على تلك اإلشكالية نورد الفرضية التالية‪ :‬كلما طبقت مبادئ احلكم الرشيد ومقومات‬
‫الدولة القانونية‪ ،‬كلما أدى ذلك إىل التأسيس لدولة احلق والقانون وضمان شرعيتها‪.‬‬
‫عناصر البحث‪ :‬سنحاول من خالل هذه املشاركة البحثية معاجلة موضوع‪" :‬التأسيس لدولة الحق‬
‫والقانون من خالل تطبيق مبادئ الحكم الرشيد"‪ ،‬ولإلجابة عن ذلك سنتناول النقاط التالية‪:‬‬
‫‪.1‬مفاهيم ومضامني كل من‪ :‬دولة احلق والقانون‪ ،‬احلكم الرشيد‪.‬‬
‫‪.2‬مقومات دولة احلق والقانون‪ ،‬ومبادئ ومؤشرات احلكم الرشيد‪.‬‬
‫‪ .3‬الضمانات الالزمة لقيام دولة القانون بتكريس مبادئ احلكم الرشيد ومقومات دولة احلق والقانون‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفاهيم ومضامين كل من‪ :‬دولة الحق والقانون‪ ،‬الحكم الرشيد‬
‫أوال‪ :‬دولة الحق والقانون‬
‫ميكن اإلشارة أوال هنا إىل مفهوم احلق‪ ،‬فحسب "توماس هوبز" الذي أشار إىل احلق على أنه‪" :‬لكل‬
‫إنسان بطبعه احلق يف كل شيء‪ ،‬أي يف استطاعته أن يعمل ما يريد‪ ،‬وأن ميتلك كل ما يشاء وما أمكنه أن ميلكه‬
‫فيستعمله ويستمتع به"‪ ،‬واحلق مبعناه احلديث أي احملمي بالقانون مفهوم حديث بامتياز‪ ،‬مرتبط مبسامهة فالسفة‬
‫األنوار وبتطور العالقات االجتماعية ونشأة احلكومات والسلطة السياسية‪ ،‬وقد تطور مفهوم احلق مع ربطه مبفاهيم‬
‫أخرى كالقانون والشرعية واألخالق والواجب‪ ،‬حيث ترتب عن ذلك تأسيس للسلطة السياسية‪ ،‬وحبث يف مصدر‬
‫شرعية الدولة وعالقتها بالفرد ومصدر اإللزام القانوين‪.1‬‬
‫إن سلطة الدولة هي سلطة قانونية‪ ،‬فالسلطة ليست امتيازا ملن مارسها‪ ،‬وإمنا جمرد وظيفة ذات اختصاصات‬
‫حمددة ميارسها يف ضوء جمموعة من القواعد القانونية‪ ،‬فخضوع الدول بسلطاهتا املتعددة جملموع القواعد يعترب‬
‫العنصر اجلوهري لقيام دولة احلق والقانون‪ ،2‬وميكننا يف ما يلي تقدمي تعريف ملفهوم دولة احلق والقانون‪:‬‬

‫‪ – 1‬حممد املساوي‪ ،‬حقوق اإلنسان يف الدساتري العربية اجلديدة وسؤال دولة احلق والقانون‪ :‬املغرب وتونس ومصر منوذجا‪( ،‬برلني‪ :‬املركز العريب للدراسات‬
‫االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية للنشر‪ ،)0312 ،‬ص ص‪.0 – 1 .‬‬
‫‪ – 0‬عصام الدبس‪ ،‬النظم السياسية‪ :‬أسس التنظيم السياسي‪ ،‬الدول‪ ،‬احلكومات‪ ،‬احلقوق واحلريات العامة‪( ،‬عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،)0313 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.103‬‬

‫‪28‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫يعترب مفهوم دولة القانون ومضمونه من املفاهيم ذات الدالالت املختلفة باختالف بعدي الزمان واملكان‪،‬‬
‫السياق التارخيي والثقايف لألمم واجملتمعات‪ ،‬ولذلك الباحث "عصام الدبس" يف كتابه "النظم السياسية‪ ،‬أسس‬
‫التنظيم السياسي" بأن املصطلحات "‪ "Rule of Law‬يف إجنلرتا و"‪ "L’Etat de Droit‬يف فرنسا‬
‫و"‪ " Rechtsstaat‬يف أملانيا؛ املعربة عن مفهوم دولة القانون تنطوي على صيغ خمتلفة ترتبط بالتكوين التارخيي‬
‫والثقايف هلذه الشعوب‪ ،‬إال أهنا تشرتك فيما بينها يف حتديد املفهوم العام لدولة القانون‪.3‬‬
‫إن دولة القانون أو الدولة القانونية هي كلمة من أصول أملانية‪ ،‬ويطلق عليها أيضا اسم دولة احلقوق ودولة‬
‫العقل‪ ،‬وهي عبارة عن مفهوم يوضح الفكر القانوين القاري األورويب‪ ،‬إذ تعرف دولة القانون على أهنا‪" :‬الدولة‬
‫الدستورية اليت يتم فيها تقييد ممارسات السلطات احلكومية للقوانني"‪ ،‬ويرتبط هذا املفهوم يف كثري من األحيان‬
‫مبفهوم (األجنلو أمريكي) لسيادة القانون‪ ،‬وتقتصر سلطة الدولة يف دولة القانون على محاية األفراد فيها من‬
‫املمارسات التعسفية للسلطة‪ ،‬حيث يتمتع املواطن يف ظل هذه الدولة باحلرية املدنية بشكل قانوين‪ ،‬ويتمكن‬
‫مبوجبها من استخدامها يف احملاكم‪ ،‬ومن هنا يتضح بأنه ال ميكن ألي دولة التمتع بالدميقراطية واحلرية دون أن‬
‫يكون هبا أوال دولة قانون‪.4‬‬
‫وخيتلف تعريف مفهوم دولة احلق والقانون من بلد آلخر‪ ،‬لكن ميكن أن يتم إجياد تعريف هلذا املصطلح من‬
‫خالل عدد من النقاط تعمم التعريفات مجيعها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬دولة احلق والقانون هي عبارة عن دولة فيها حق وقانون يُ ر‬


‫سريان املنتسبني إىل تلك الدولة‪ ،‬من خالل‬
‫مراعاة عدد من املبادئ القائمة على ضرورة احرتام احلريات الشخصية‪ ،‬وأيضا من خالل ضمان احلريات‬
‫الفردية والتشبث بالقيم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة احرتام القوانني اليت مت وضعها لتسيري األفراد واجلماعات‪ ،‬هبدف متكينهم من العيش وفق هنج‬
‫يسوده العدل اجلماعي‪ ،‬إضافة حلمايتهم يف حالة وقوع أي ظرف قد يلحق األذى هبم أو بإنسانيتهم‬
‫دون النظر إىل األيديولوجية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.101 – 103 .‬‬


‫‪ – 0‬غادة احلاليقة‪" ،‬مفهوم دولة القانون"‪ ،)0312/32/11( ،‬نقال عن الرابط التايل‪:‬‬
‫‪https://mawdoo3.com/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D8%AF%D9%88%D9%84%D8‬‬
‫‪%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86‬‬

‫‪29‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ ‬تطبيق مبدأ فصل السلطة للعمل مبقتضيات احلق والقانون‪ ،‬إضافة لتحديد مهمة وماهية كل سلطة على‬
‫حدا‪ ،‬حىت ال تتحول ممارسة تلك السلطات إىل فوضى‪.5‬‬
‫وميكننا حتديد املفهوم العام لدولة القانون؛ بأهنا الدولة اليت ختضع وتتقيد يف مجيع مظاهر نشاطها بأحكام‬
‫القانون‪ ،‬أي أن مجيع سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬ال ميكن أن تتصرف إال يف حدود أحكام‬
‫القانون‪ ،‬ما دامت هذه األحكام قائمة ومل تلغ أو تعادل وفقا للتشكيالت ولإلجراءات احملددة بالنصوص‬
‫القانونية‪ ،‬وهبذا خيتلف مفهوم دولة القانون عن مفهوم مبدأ املشروعية؛ الذي يعين خضوع السلطة اإلدارية يف‬
‫الدولة للقواعد القانونية‪ ،‬والذي يعترب – وحبق – أهم مرتكزات دولة القانون‪ ،‬كما خيتلف مفهوم دولة القانون عن‬
‫مفهوم شرعية السلطة أو السلطة الشرعية اليت يقصد هبا السلطة اليت تستند إىل رضا احملكومني أو الشعب أيا كان‬
‫مبعث هذا الرضا ومصدره‪.6‬‬
‫وبذلك ال يتطابق معىن دولة القانون أو الدولة القانونية مع تربير سلطة احلكام على احملكومني‪ ،‬ولكنه قد‬
‫يتالزم معه وقد ال يتالزم؛ وحيدث التالزم بني مشروعية السلطة والدولة القانونية إذا قامت السلطة على أساس‬
‫قبول احملكومني ورضاهم به‪ ،‬مع تقييد اهليئات احلاكمة يف الدولة بالقواعد القانونية والتصرف مبوجب أحكام هذه‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬ومبعىن آخر خضوع احلاكمني واحملكومني على السواء ألحكام القانون بقواعده املتعددة‪.7‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحكم الرشيد‬
‫نود اإلشارة هنا أوال إىل مفهوم احلكم على اعتبار أنه أحد شقي كلمة احلكم الرشيد أو الراشد‪ ،‬وعليه‬
‫فمفهوم احلكم يعين‪ :‬ممارسة السلطة السياسية وإدارهتا لشؤون اجملتمع مبا فيها اجلوانب االقتصادية واالجتماعية‬
‫وإدارة املوارد الطبيعية والبشرية‪ ،‬وهو بذلك يعين مفهوما أوسع من مفهوم احلوكمة‪ ،‬ألنه يتضمن عمل أجهزة الدولة‬
‫الرمسية واملؤسسات غري الرمسية كمنظمات اجملتمع املدين والقطاع اخلاص‪ ،‬وتتحدد معامل هذا املفهوم ابتداءا من‬
‫إدارة وممارسة السلطات السياسية واالقتصادية واالجتماعية على املستوى املركزي والالمركزي‪ ،‬وصوال إىل اآلليات‬
‫واملؤسسات اليت تشرتك بصفة مباشرة أو غري مباشرة يف صنع القرارات‪.8‬‬

‫‪ – 3‬غادة احلاليقة‪" ،‬دولة احلق والقانون"‪ ،)0310/30/33( ،‬نقال عن الرابط التايل‪:‬‬


‫‪https://mawdoo3.com/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82_%‬‬
‫‪D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86‬‬
‫‪ - 1‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101 .‬‬
‫‪ – 0‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.101 .‬‬
‫‪ – 3‬حممد غريب‪" ،‬الدميقراطية واحلكم‪ :‬رهانات املشاركة السياسية وحتقيق التنمية"‪ ،‬جملة دفاتر السياسة والقانون‪( ،‬أفريل ‪ ،)0311‬ص‪.371 .‬‬

‫‪30‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫ولقد برز يف أدبيات التحليل السياسي مفهوم احلكم الرشيد ‪ ،Good Governance‬والذي ترجم‬
‫للغة العربية إىل "احلكم الرشيد" أو "الصاحل"‪ ،‬وبدرجة أقل تعبريا "احلكمانية" و"احلوكمة"‪ ،‬إال أن أكثر التعبريات‬
‫شيوعا هو تعبري "احلكم الرشيد" أو "احلكم اجليد"‪.9‬‬
‫ويعترب مصطلح احلكم الرشيد مفهوما حديثا وقد انتشر كمفهوم قانوين سنة ‪ ،1172‬ليستعمل بعد ذلك‬
‫على نطاق واسع معربا عن تكاليف التسيري‪ ،‬ويف بداية الثمانينيات استخدم من طرف املنظمات املالية وخاصة من‬
‫قبل البنك الدويل‪ ،‬إال أن كل من "جيمس مارش" و"جوهان أولسن" استخدما هذا املصطلح يف ميدان العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬وهذا عندما نشرا كتابا حيمل عنوان‪" :‬إعادة اكتشاف اهليئات" الذي نشر سنة ‪ 1121‬يف الواليات‬
‫املتحدة األمريكية‪ ،‬وقد تساؤل من خالله الباحثان عن كيفية حتديث املنظمات وتكييف االسرتاتيجية اجلديدة‬
‫طبقا لتوازن القوى احلاصل يف تلك الفرتة وربط ذلك كله برشادة احلكم‪.10‬‬
‫لقد مت تقدمي تعريف مقرتح للحكامة أو احلكم الرشيد من طرف األمم املتحدة باعتباره‪" :‬األسلوب‬
‫التشاركي للحكم ولتدبري الشؤون العامة الذي يرتكز على تعبئة الفاعلني السياسيني واالقتصاديني واالجتماعيني‪،‬‬
‫سواء من القطاع العام أو من القطاع اخلاص وكذلك من اجملتمع املدين‪ ،‬هبدف حتيق العيش الكرمي املستدام جلميع‬
‫املواطنني"‪.11‬‬
‫أما البنك الدويل فقد عرف سنة ‪ 1110‬احلكم الرشيد أو الراشد بأنه‪" :‬الطريقة املثلى اليت ميارس هبا‬
‫السلطة ألجل تسيري املوارد االقتصادية واالجتماعية لدولة من الدول"‪ ،‬ومن خالل هذا ميكن القول أنه طبقا هلذه‬
‫اهليئة فقد ربطت احلكم الرشيد بعناصر أخرى حمققة لنجاحه ومنها‪ :‬االستقرار السياسي للدولة ومحاية وترقية‬
‫حقوق اإلنسان وتكريس سيادة القانون‪ ،12‬وقد أخذ هبذه الفكرة أيضا صندوق النقد الدويل‪ ،‬وعرفه خرباءه على‬
‫أنه‪ :‬اإلطار اجلديد لدور الدولة الذي تعرضت ألزمة مفاهيم‪ ،‬حيث احنصر يف البداية يف دور الدولة احلارسة اليت‬
‫تقتصر مهامها على احملافظة على النظام العام‪ ،‬مث حتولت إىل طابع الدولة املتدخلة يف القطاع االقتصادي‪ ،‬وعليه‬
‫جتسد دور الدولة املتدخلة يف االقتصاد‪ .‬ومن خالل هذا فقد مت تعريف احلكم الرشيد من عدة اعتبارات ورؤى‬

‫‪ – 4‬عبد النور ناجي‪" ،‬دور منظمات اجملتمع املدين يف حتقيق احلكم الرشيد يف اجلزائر‪ :‬دراسة حالة األحزاب السياسية"‪ ،‬جملة املفكر‪ ،‬ع‪( ،3.‬فيفري ‪ ،)0332‬ص‪.‬‬
‫‪.130‬‬
‫‪ – 1‬حممد خليفة‪" ،‬إشكالية التنمية واحلكم الراشد يف اجلزائر"‪ ،‬مداخلة يف امللتقى الوطين حول "التحوالت السياسية وإشكالية التنمية يف اجلزائر‪ :‬واقع وحتديات" أيام‬
‫‪ 17 – 10‬ديسمرب ‪ ،0332‬الشلف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪.0.‬‬
‫‪ – 0‬احلكامة اجليدة بني الوضع الراهن ومقتضيات الدستور اجلديد ‪( ،0311‬املغرب‪ :‬جوان ‪ ،0311‬اهليئة املركزية للوقاية من الرشوة)‪ ،‬ص‪.4 .‬‬
‫‪ - 3‬حممد خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫‪31‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫خمتلفة ختتلف من باحث أو مفكر إىل آخر أو من مؤسسة إىل أخرى‪ ،‬وهذا حسب التوجهات واالهتمامات لكل‬
‫منها‪.13‬‬
‫ويف تطوير آخر ملفهوم احلكم الرشيد فقد مت تعريفه على أنه‪" :‬التقاليد واملؤسسات والعمليات اليت تقرر‬
‫كيفية ممارسة السلطة‪ ،‬وكيفية مساع صوت املواطنني‪ ،‬وكيفية صنع القرارات يف القضايا ذات االهتمام"‪ ،‬ومت تعريفه‬
‫أيضا يف مؤسسات اجملتمع املدين عل أنه يعين‪" :‬العمليات واهلياكل اليت تستخدمها املؤسسات لتوجه وتدير‬
‫عملياهتا العامة وأنشطة براجمها"‪.‬‬
‫ويتضح هنا لنا بأن احلكم الرشيد يتعلق باختاذ القرارات الوطنية حنو التوجهات اجملتمعية ضمن مؤسساته‬
‫املختلفة‪ ،‬وأنه يتضمن التفا عالت ضمن اهلياكل والعمليات والتقاليد واليت حتدد كيفية ممارسة السلطة‪ ،‬وكيفية اختاذ‬
‫القرارات‪ ،‬وكيفية تعبري املواطنني عن رغباهتم وطموحاهتم‪ ،‬وبذلك فهو يتعلق بالسلطة والعالقات واملساءلة‪ :‬أي من‬
‫له التأثري‪ ،‬من يتخذ القرار‪ ،‬وكيف يتم مساءلة متخذي القرارات‪.14‬‬
‫وبالنسب ة للوكالة األمريكية للتنمية الدولية فقد عرفت احلكم الرشيد على أنه يعين‪" :‬قدرة احلكومة على‬
‫احلفاظ على السلم االجتماعي‪ ،‬وضمان القانون والنظام‪ ،‬والرتويج من أجل خلق الظروف الضرورية للنمو‬
‫االقتصادي‪ ،‬وضمان احلد األدىن من التأمني االجتماعي"‪ ،‬كما مت تعريفه أيضا على أنه يعين‪" :‬قدرة احلكومة على‬
‫عملية اإلدارة العامة بكفاءة وفاعلية‪ ،‬وحبيث تكون خاضعة للمساءلة ومفتوحة ملشاركة املواطنني‪ ،‬وتدعم من‬
‫النظام الدميقراطي للحكومة‪.15‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مقومات دولة الحق والقانون‪ ،‬ومبادئ ومؤشرات الحكم الرشيد‬
‫أوال‪ :‬مقومات دولة الحق والقانون‬
‫‪.1‬الدستور‪:‬‬
‫يشكل وجود الدستور الضمانة األساسية لقيام دولة القانون ألن الدستور يقيم السلطة يف الدولة‪ ،‬ويؤسس‬
‫وجودها القانوين ويؤطر نشاطها بإطار قانوين ال تستطيع أن حتيد عنه‪ ،‬فالدستور ال يقيم حكما دميقراطيا إال إذا‬
‫مت تفصيل نصوصه‪ ،‬إذ أنه ال ارتباط بني وجود الدستور وقيام احلكم الدميقراطي‪ ،‬كما أنه ليس مثة تالزم بني‬
‫خضوع الدولة للقانون وإعماهلا للمبدأ الدميقراطي ولكن وجود الدستور يؤدي إىل تقييد سلطات الدولة‪ ،‬فالدستور‬

‫‪ – 4‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.371 .‬‬


‫‪ – 1‬زهري الكايد‪" ،‬إدماج السياسات السكانية يف إطار احلكمانية"‪ ،‬جملة السكان والتنمية‪ ،‬ع‪ ،)0331( ،11.‬ص‪.24 .‬‬
‫‪ – 0‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137 .‬‬

‫‪32‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫هو الذي يعىن ببيان نظام احلكم يف الدولة‪ ،‬وتشكيل السلطات العامة وتوزيع االختصاصات العامة فيما بينها‪،‬‬
‫وكيفية ممارستها‪ ،‬كما يبني حقوق األفراد والوسائل الالزمة لضماهنا وصيانتها‪ .‬فالدستور إذا يعترب قيدا قانونيا‬
‫لسلطات الدولة‪ ،‬حيث يبني حدود كل سلطة واليت ال تستطيع جتاوزها‪ ،‬وإال تكون قد خالفت الدستور وفقدت‬
‫السند الشرعي لتصرفها‪.16‬‬
‫‪.2‬الفصل بين السلطات‪:‬‬
‫يعترب مبدأ الفصل بني السلطات أحد أهم املبادئ الدستورية األساسية يف الدول الدميقراطية‪ ،‬ويُعين وجوب‬
‫الفصل بني السلطات الدستورية األساسية‪ :‬التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬ويقصد بالفصل بني السلطات الفصل‬
‫الشكلي أو العضوي‪ ،‬أي توجد هيئة أو سلطة عامة تتوىل وظيفة التشريع وهيئة أو سلطة عامة تتوىل وظيفة‬
‫التنفيذ‪ ،‬وهيئة أو سلطة عامة تتوىل وظيفة القضاء‪ .‬وحسب الفيلسوف الفرنسي "مونتسكيو" فإن حمرك مبدأ‬
‫الفصل بني السلطات هو يف احلقيقة ثالثة أفكار مرتابطة‪:17‬‬
‫بعدم إساءة استعمال السلطة‪.‬‬ ‫‪ ‬كيف حنمي احلرية؟‬
‫عن طريق إجياد حكومة معتدلة‪.‬‬ ‫‪ ‬كيف مننع إساءة استعمال السلطة؟‬
‫عن طريق الفصل بني السلطات‪.‬‬ ‫‪ ‬كيف نتوصل إىل احلكومة املعتدلة؟‬
‫ولذلك تعترب من أهم مزايا مبدأ الفصل بني السلطات وما حيققه من نتائج‪ :‬ضمان مبدأ املشروعية وصيانة‬
‫احلرية ومنع االستبداد‪ ،‬واملسامه ة يف إنشاء أو بناء دول القانون من خالل القيام بتقسيم االختصاصات بني‬
‫السلطات‪.18‬‬
‫‪.3‬ضمان الحقوق والحريات‪:‬‬
‫إن اهلدف الرئيسي من إخضاع الدولة للقانون هو احلماية حلقوق وحريات األفراد ضد تعسف السلطات‬
‫العامة‪ ،‬وخصوصا السلطة التنفيذية‪ ،‬ولذلك فإنه يُفرتض يف دولة القانون ضمان احلقوق وحريات األفراد‪ ،‬ولذلك‬
‫جند أغلب الدساتري احلديثة للدول تنص على كفالة هذه احلقوق واحلريات‪ .‬هذه احلريات اليت تشكل قيدا على‬
‫سلطة الدولة‪ ،‬مل تعد الدول يف وقتنا احلاضر تقف موقفا سلبا جتاهها كما ينادي أصحاب املذهب الفردي‬
‫"الليبريايل"‪ ،‬وإمنا تقوم هذ ه الدول بالتدخل اإلجيايب لكفالتها وضمان ممارستها‪ ،‬فالدول اآلن ملزمة بالعمل على‬

‫‪ - 3‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102 .‬‬


‫‪ - 1‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101 .‬‬
‫‪ – 0‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.133 .‬‬

‫‪33‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫كفالة وتنمية احلقوق واحلريات اليت نصت عليها املواثيق الدولية احلالية‪ ،‬وخاصة احلقوق املدنية أو السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.19‬‬
‫‪.4‬رقابة القضاء‪:‬‬
‫إذا كان مبدأ الفصل بني السلطات يشكل نوعا من الرقابة السياسية اليت تعين أن كل سلطة عامة متلك‬
‫الوسائل الكفيلة باحلد من تعسف أو جتاوز السلطات العامة األخرى‪ ،‬فأن الرقابة القضائية تعترب الوسيلة األمثل‬
‫لصيانة ومحاية حقوق وحريات األفراد‪ ،‬ألهنا تتفوق على الرقابة السياسية والرقابة اإلدارية‪ ،‬سواء فيما يتعلق خبضوع‬
‫السلطة التنفيذية أو اإلدارة للقانون‪ ،‬أو بتعبري أدق لسيادة القانون‪ ،‬أو يف خضوع السلطة التشريعية للدستور‪.‬‬
‫وتعود أمهية الرقابة القضائية إىل متتع القضاء باحلياد واخلربة‪ ،‬وما يتسم به من موضوعية ونزاهة‪ ،‬وغياب االعتبارات‬
‫السياسية وأسلوب اجملاملة لدى قيامه مبمارسة عمله‪ ،‬وملا تتسم به األحكام القضائية الصادرة عنه من حيث متتعها‬
‫حبجية الشيء املقضى به والت تعترب عنوان احلقيقة‪.20‬‬
‫ثانيا‪ :‬مؤشرات الحكم الرشيد‬
‫متثل املؤشرات؛ اخلصائص أو املعايري اليت جيب توفرها يف احلكم ليكون رشيدا‪ ،‬وميكننا من خالهلا قياس‬
‫وتقييم مدى تطابق مبادئ احلم الرشيد يف الدول‪ ،‬وخيتلف حتديد هذه اخلصائص باختالف التعاريف واهليئات‬
‫اليت توردها‪ ،‬فنجد أن بعضها يركز على الكفاءة واالنسجام وأخرى على أولوية تطبيق القانون‪ ،‬يف حني أن أخرى‬
‫ركزت على هدف حتقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬ويرجع ذلك إىل أن احلكم الرشيد هو مفهوم متشابك وتتداخل فيه‬
‫عدة أبعاد اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية وإدارية‪ ،21‬وسيتم الرتكيز هنا على مؤشرات حمددة للحكم الرشيد‪:‬‬
‫‪ – 1‬االستقرار السياسي وانعدام العنف‪ :‬وهذا من خالل التصورات املتعلقة باحتمال زعزعة أو هتديد استقرار‬
‫احلكومة أو إزاحت ها عن احلكم‪ ،‬من خالل وسائل غري دستورية‪ ،‬عنيفة أو من خالل إدخال إصالحات مشبوهة‬
‫أو مصطنعة مؤثرة على استمرار السياسات‪ ،‬كما قد تقيد قدرة املواطنني على اختيار وتغيري القائمني على‬
‫السلطة‪ . 22‬وكذا االنفتاح السياسي والذي يتكون من اجلانب القانوين ووسائل املمارسة السياسية‪ ،‬مع توفري‬
‫ضمانات ممارستها‪.23‬‬

‫‪ - 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.133 .‬‬


‫‪ – 1‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.133 – 131 .‬‬
‫‪ – 0‬سارة دباغي‪" ،‬احلكم الراشد كآلية لتحقيق التنمية االقتصادية"‪ ،‬جملة فكر وجمتمع‪ ،‬ع‪( ،31 .‬جوان ‪ ،)0310‬ص‪.017 .‬‬
‫‪ – 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.017 .‬‬
‫‪ – 4‬غريب حممد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.373 .‬‬

‫‪34‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ – 2‬إبداء الرأي والمساءلة‪ :‬ويقيس مدى قدرة مواطين بلد ما على املشاركة يف انتخاب حكومتهم‪ ،‬إضافة إىل‬
‫حرية التعبري والتنظيم وتكوين اجلمعيات وحرية وسائل اإلعالم‪ ،‬ومدى مراقبتها للقائمني على السلطة ومساءلتهم‬
‫عن أفعاهلم‪ .24‬فتوفري املساءلة يكمن من خالل أدوات وأساليب الرقابة على األداء سواء يف القضاء والعدل بني‬
‫الناس أو على أداء السلطة التنفيذية حبيث يكفل القانون واإلجراءات اإلدارية حقوق املواطنني وسيادة دولة‬
‫القانون‪ ،‬وأن يتم تنفيذ القوانني بنزاهة وعدالة‪ ،‬وميكن النظر إىل تلك القضايا من خالل الرتكيز على اجلوانب‬
‫واملتطلبات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الشفافية يف التشريعات واإلجراءات اإلدارية‪ :‬حيث يساعد وضوح التشريعات القانونية وبساطتها على‬
‫حسن التعامل معها من قبل املواطنني‪ ،‬فالشفافية يف التشريعات واإلجراءات اإلدارية تعكس بساطتها‪،‬‬
‫مثلما تعكس سهولة كشف ممارسات الفساد ومكافحته إلحقاق العدالة واملساواة وتوفري النزاهة واألمانة‬
‫يف اجملتمعات بشكل عام‪.25‬‬
‫‪ ‬تعزيز املساءلة حول األداء واإلجنازات يف اجملتمع‪ :‬إن قضية املساءلة تتم عندما يكون هناك عالقات بني‬
‫مواقع متفاوتة يف املستويات اإلدارية‪ ،‬حيث يكون أحد املستويات أو األفراد مسؤوال عن تصرفاته وأدائه‬
‫للمهام املناطة به جتاه مستوى إداري آخر‪ ،‬سواء كان ذلك داخل املؤسسة الواحدة أو بني املؤسسات يف‬
‫الدولة‪ ،‬ويف حالة املساءلة على مستوى اجملتمعات جند بأن السلطة التنفيذية تكون مسؤولة أمام السلطة‬
‫التشريعية يف سلوكياهتا وعملياهتا اإلدارية وإجنازاهتا‪.26‬‬
‫‪ ‬التمكني لدولة القانون‪ :‬تتمثل دولة القانون بتوفر قضاء مستقل وذي كفاءة عالية ونزيه قادر على حتقيق‬
‫العدالة واملساواة بني األفراد واجلماعات واملؤسسات احمللية والدولية يف اجملتمع‪ ،‬وهذا األمر ينطوي على‬
‫وجود األنظمة التشريعية والتشريعات القادرة على تنفيذ حكم القانون بنزاهة وعدالة‪ .27‬ويضيف هنا‬
‫أيضا "زهري الكايد" مصطلح تعزيز سلطة القانون‪ ،‬أي أن تكون األنظمة والقوانني عادلة ويتم تنفيذها‬
‫بنزاهة وشفافية وبشكل خاص ما يتعلق منها حبقوق اإلنسان وضمان مستوى عال من األمن والسالمة‬
‫العامة يف اجملتمع‪.28‬‬

‫‪ - 1‬سارة دباغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.017 .‬‬


‫‪ – 1‬زهري الكايد‪ ،‬احلكمانية‪ :‬قضايا وتطبيقات‪( ،‬القاهرة‪ :‬املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،)0333 ،‬ص‪.031 .‬‬
‫‪ – 0‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.043 .‬‬
‫‪ – 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.041 .‬‬
‫‪ – 4‬زهري الكايد‪" ،‬إدماج السياسات السكانية يف إطار احلكمانية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 .‬‬

‫‪35‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ – 3‬الفعالية الحكومية‪ :‬ويتعلق هذا املؤشر بنوعية تقدمي اخلدمات العامة ونوعية جهاز اخلدمة املدنية واستقالليته‬
‫عن الضغوط السياسية‪ ،‬إضافة إىل نوعية وضع السياسات وتنفيذها ومدى مصداقية التزام احلكومة بتلك‬
‫السياسات أو االلتزامات اليت أعلنتها‪ ،29‬وتشكل السلطة التنفيذية اجلهاز اإلداري والفين لتأدية وظائف احلكومة‬
‫من ختطيط وتنفيذ ورقابة وتقييم‪ ،‬إضافة إىل محاية املواطنني وممتلكاهتم وتنفيذ أحكام القضاء‪ ،‬من بني عدد كبري‬
‫من املهام اليت يعىن هبا اجلهاز احلكومي‪ ،‬وهذا بطبيعة احلال يتطلب مؤسسات حكومية ذات كفاية وفعالية‬
‫وإنتاجية عالية‪.30‬‬
‫‪ – 4‬نوعية األطر التنظيمية‪ :‬ونركز هنا على قدرة احلكومة على وضع وتنفيذ سياسات ولوائح تنظيمية سليمة‬
‫من شأهنا السماح بتنمية القطاع اخلاص وتشجيعه‪ ،31‬وبذلك تكون وظيفتها تنظيمية بدال من كوهنا رقابية‪ ،‬تركز‬
‫على نطاق التشريعات املنظمة واملتابعة وترتك أمور التنفيذ والرقابة للمستويات اإلدارية األدىن‪.32‬‬
‫‪ - 5‬سيادة القانون‪ :‬ويقيس هذا املعيار مدى ثقة املتعاملني يف سيادة القانون يف اجملتمع والتقيد هبا‪ ،‬خاصة نوعية‬
‫تنفيذ العقود وفعالية األجهزة القضائية‪ ،‬وقياس احتمال حدوث اجلرائم أو معدل اجلرمية وأعمال العنف‪ ،33‬وتعترب‬
‫سي ادة القانون كأداة لتوجيه سلوك األفراد حنو احلياة السياسية هبدف منع تعارض مهام املسؤولني فيما بينهم وبني‬
‫املواطنني من جهة أخرى‪ ،‬ووضوح القوانني وانسجامها يف التطبيق‪.34‬‬
‫‪ – 6‬مكافحة الفساد‪ :‬ويتعلق مبدى استغالل السلطة العامة لتحقيق مآرب ومكاسب خاصة‪ ،‬كأعمال الفساد‬
‫الصغرى مثل الرشوة يف املصاحل العامة‪ ،‬أو كربى كالفساد يف اجملال السياسي‪ ،‬إضافة إىل استحواذ النخبة‬
‫وأصحاب املصاحل الشخصية على مقدرات وثروات الدولة‪ ،35‬وما يتطلب يف هذا الصدد هو احملاسبة‪ ،‬أي القدرة‬
‫على حماسبة املسؤولني عن إدارهتم للموارد العامة وعن املهام املوكلة إليهم وعن النتائج املتوصل إليها ضمن‬
‫مسارهم الوظيفي‪ ،‬وعن املسؤوليات امللقاة على عاتقهم‪ ،‬واهلدف من حماسبة املسؤولني عن املال العام‪ ،‬زيادة على‬
‫محاية األموال العمومية من العبث الذي قد يطال تلك األموال‪.36‬‬

‫‪ – 1‬سارة دباغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 .‬‬


‫‪ – 1‬زهري الكايد‪ ،‬احلكمانية‪ :‬قضايا وتطبيقات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.033 – 030 .‬‬
‫‪ – 0‬سارة دباغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 .‬‬
‫‪ – 3‬زهري الكايد‪" ،‬إدماج السياسات السكانية يف إطار احلكمانية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 .‬‬
‫‪ – 4‬سارة دباغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 .‬‬
‫‪ – 1‬حممد خليفة مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 .‬‬
‫‪ – 0‬سارة دباغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 .‬‬
‫‪ – 7‬حممد خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫‪36‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫فمعايري ومؤشرات احلكم الرشيد إضافة إىل مقومات دولة احلق والقانون املذكورة أعاله‪ ،‬لو توفرت‬
‫وجتسدت على أرض الواقع من خالل مشاركة الدولة والقطاع اخلاص واجملتمع املدين يف التدبري لشؤون الدولة‪،‬‬
‫سيؤدي حتما إىل تأسيس دولة احلق والقانون املبنية على مبادئ احلم الرشيد‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الضمانات الالزمة لقيام دولة القانون بتكريس مبادئ الحكم الرشيد ومقومات دولة الحق‬
‫والقانون‬
‫إنه لقيام دولة احلق والقانون ال بد من توفر عدد من املقومات واألركان والعناصر األساسية‪ ،‬واليت تعترب‬
‫ضمانات لقيام دولة القانون‪ ،37‬إذ ربطت أدبيات متخصصة جناح عملية ترسيخ النظام الدميقراطي من أجل قيام‬
‫دولة القانون؛ عن طريق تكريس مبادئ احلكم الرشيد ومقومات دولة احلق والقانون‪ ،‬واليت من شأهنا أن تكون هي‬
‫ذاهتا الضمانات الالزمة إلحقاق دولة احلق والقانون‪ ،‬واليت ميكن جتسيدها يف اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬نشر وإشاعة ثقافة الوعي الديمقراطي‪ :‬إن الوعي الدميقراطي أو الثقافة السياسية هي من أهم اآلليات‬
‫والشروط الالزمة لرتسيخ الدميقراطية‪ ،‬حبيث يكون لدى املواطنني وعي كامل حبقوقهم وواجباهتم جتاه دولتهم‪ ،‬فقد‬
‫شدد مفكري وعلماء السياسة على أمهية التوجهات الثقافية من أجل تطوير الدميقراطية وصوهنا‪ ،‬كما رأوا أن‬
‫عناصر الثقافة السياسية ميكن أن تساعد يف التغلب على املعضالت األساسية للدميقراطية‪ ،‬مثل معضلة إجياد توازن‬
‫بني الصراع من جهة‪ ،‬واإلمجاع من جهة ثانية‪ ،38‬وترتبط أمهية انتشار قيم الثقافة السياسية؛ املشاركة الواسعة‬
‫للمواطنني يف العملية الدميقراطية اليت تعد من أهم الشروط أيضا لنجاح وترسيخ العملية الدميقراطية‪.39‬‬
‫‪ - 2‬حرية ونزاهة العملية االنتخابية‪ :‬تعترب العملية االنتخابية مهمة وذلك لكوهنا مرتبطة بعناصر أخرى تعىن‬
‫بالتحول الدميقراطي‪ ،‬فنظام االنتخابات ليس نظاما قائما بذاته‪ ،‬إمنا يتضمن عناصر أخرى تدعمه وتضمن له‬
‫التنفيذ بشكل يتسم باحلياد والشفافية وإرضاء مجيع التيارات املتصارعة على الساحة السياسية املؤيدة منها‬
‫واملعارضة‪ ،‬كما أهنا تشكل مناخا سياسيا يتواءم مع جناح تلك العملية االنتخابية‪ ،40‬فعملية الرتسيخ الدميقراطي‬

‫‪ - 1‬عصام الدبس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102 .‬‬


‫‪ - 0‬إميان أمحد‪" ،‬قراءات نظرية‪ :‬الدميقراطية والتحول الدميقراطي‪ ،‬اجلزء اخلامس"‪ ،‬سلسلة دراسات سياسية‪ ،‬املعهد املصري للدراسات السياسية واإلسرتاتيجية‪02( ،‬‬
‫مارس ‪ ،)0310‬ص ص‪0. – 1.‬‬
‫‪ – 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪0..‬‬
‫‪ – 4‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪3. .‬‬

‫‪37‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫تتطلب وجود انتخابات تنافسية دورية ونزيهة وحرة‪ ،‬يُضمن من خالهلا حق املواطنني يف التصويت‪ ،‬وضمان‬
‫حرياهتم يف االختيار‪.41‬‬
‫‪ - 3‬فاعلية منظمات المجتمع المدني‪ :‬إن قوة اجملتمع املدين وكثافة املنظمات غري احلكومية ما بعد املرحلة‬
‫االنتقالية‪ ،‬ال تظهر فقط يف تعميق احلرية واملدنية كما يقول كل من "‪ "Karatnycky‬و"‪،"Ackerman‬‬
‫ولكن أيضا يف تعزيز قدرات الدولة على ترسيخ سيادة قانون‪ ،‬والسيطرة على انتشار الفساد‪ ،‬وتعزيز فعالية احلكومة‬
‫واجلودة الرقابية واملساءلة واالستقرار السياسي‪ ،‬كما يستعرض كل من "‪ "Diskin‬و"‪ "Hazan‬يف مقال هلم‬
‫سنة ‪ ،0331‬املتغريات املؤسساتية واجملتمعية والوسيطة واخلارجية كمتغريات أساسية لتحقيق االستدامة والرتسيخ‬
‫الدميقراطيني‪ ،42‬ويعترب "الري دميوند ‪ "Larry Diamond‬أن وجود جمتمع مدين قوي وفعال ومستقل له أمهية‬
‫كبرية يف كبح التوجهات السلطوية للحكومات‪ ،‬حيث ُخيضع احلكومات لنوع من الرقابة غري الرمسية‪ ،‬كما يرى‬
‫أيضا "دونالد ر‪.‬كيلي ‪ "Donald R. Kelly‬بأن اجملتمع املدين القوي يسهم يف حتقيق التماسك‬
‫الدميقراطي‪.43‬‬
‫‪ - 4‬استقرار الدولة ورسوخ شرعيتها‪ :‬لقد تقدمي تعريف للشرعية على أهنا‪" :‬أن تكون السلطة القائمة متمتعة‬
‫بقبول احملكومني‪ ،‬وذلك بإرادهتم ودون قهر"‪ ،‬فالسلطة السياسية الشرعية هي السلطة الناجتة عن اإلرادة العامة‪،‬‬
‫فليس للسلطة حق استخدام أدوات القهر إلخضاع اإلرادة العامة‪ ،44‬وعلى حسب "هانتنجتون" أن الدميقراطيات‬
‫اجلديدة يف موقف ال حتسد عليه‪ ،‬فبافتقادها للشرعية ال سبيل إىل حتقيق كفاءة عالية يف األداء‪ ،‬وبافتقادها إىل‬
‫الكفاءة ال سبيل إىل اكتساب الشرعية‪ ،45‬فال بد للنظام القائم أن يعمل على التجديد الذايت وتعاقب األجيال‬
‫على السلطة وزيادة االستقطاب االجتماعي وضمان استقرار الدولة حىت يضمن رسوخ شرعيته‪.‬‬

‫‪ – 1‬صدفة حممد حممود‪" ،‬مفهوم التح ول الدميقراطي واملفاهيم وثيقة الصلة به"‪ ،‬ورقة حبثية مقدمة قسم العلوم السياسية‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬أوت ‪ ،0313‬ص‪13. .‬‬
‫‪ – 1‬هشام عبد الكرمي وخرية بن عبد العزيز‪" ،‬دور اجملتمع املدين يف استدامة الدميقراطية"‪ ،‬اجمللة اجلزائرية لألمن والتنمية‪ ،‬ع‪( ،1 .‬جوان ‪ ،)0313‬ص ص‪– 71 .‬‬
‫‪23.‬‬
‫‪ – 0‬صدفة حممد حممود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪12. – 17 .‬‬
‫‪ – 3‬علي لكحل‪" ،‬الشرعية والتحول الدميقراطي يف بلدان املغرب العريب يف السياق الداخلي والدويل"‪ ،‬أعمال امللتقى الوطين السابع‪" :‬مسارات التجارب الدميقراطية‬
‫يف األقطار املغاربية"‪ ،‬أيام ‪ 03‬و‪ 14‬أفريل ‪ ،0314‬جامعة اجلزائر‪ ( ،3‬اجلزائر‪ :‬دار هومه للنشر والتوزيع‪ ،)0311 ،‬ص‪43. .‬‬
‫‪ – 4‬صامويل هانتنجتون‪ ،‬املوجة الثالثة "التحول الدميقراطي يف أواخر القرن العشرين"‪( ،‬ترمجة‪ :‬عبد الوهاب علوب)‪( ،‬الكويت‪ :‬دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،)1113‬ص‪340. .‬‬

‫‪38‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ - 5‬طبيعة المؤسسات السياسية ومدى فاعليتها في أداء وظائفها‪ :‬لقد وضع "هانتنجتون" عددا من‬
‫املؤشرات أشار إليها باعتبار أن حتقيقها ميثل جناحا يف إقامة املؤسسات السياسية‪ ،‬ومنها‪ :‬درجة تكيف هذه‬
‫املؤسسات مع مرور الزمن مع تغريات اجملتمع وتباين الوظائف اليت ميكن أن تقوم هبا‪ ،‬درجة الرتاتبية اهلرياركية وتعدد‬
‫هياكل املؤسسة‪ ،‬درجة استقالهلا يف إدارة شؤوهنا ودرجة االتساق الداخلي فيما بينها‪ ،46‬لذلك يتوجب على‬
‫احلكومات أن ختلق املؤسسات واألطر الالزمة للمحافظة على القانون العام والنظام‪ ،‬فاألطر القانونية ضرورية خللق‬
‫وضع معيشي مستقر وآمن‪ ،‬ويتطلب اإلطار القانوين الفعال والعادل أن تكون القوانني معلنة ومعروفة للمواطنني‬
‫سلفا‪ ،‬وأن توضع هذه القوانني موضع التنفيذ‪ ،‬وأن توجد الوسائل الكفيلة بتطبيقها‪.47‬‬
‫‪ - 6‬الفصل بين السلطات‪ :‬تستوجب الدميقراطية عدم اجلمع بني السلطات يف قبضة فرد أو هيئة واحدة‪ ،‬وعلى‬
‫الدستور أن يكفل الفصل بني السلطات‪ ،‬ولتحقيق ذلك عليه أن يبني اختصاصات كل مؤسسة من املؤسسات‬
‫املناط هبا أداء سلطة من سلطات الدولة‪ ،‬كما أنه على الدستور أن حيدد اختصاصات احلكومة واجملالس النيابية‬
‫وهيئات القضاء‪.48‬‬
‫‪ - 7‬الشفافية‪ :‬وتشمل كل الوسائل اليت تسهل الوصول إىل املعلومات وفهمهم آلليات صنع القرار‪ ،‬إهنا كظاهرة‬
‫تشري إىل تقاسم املعلومات والتصرف بطريقة مكشوفة‪ ،‬فهي تتيح ملن هلم مصلحة يف شأن ما أن جيمعوا معلومات‬
‫حوله‪ ،‬ومتتلك األنظمة ذات الشفافية إجراءات واضحة لكيفية صنع القرار على الصعيد العام‪ ،‬وكذلك يف‬
‫عمليات االنتخاب‪ ،‬فمن الطبيعي أنه عندما تتحقق الشفافية تزيد مشاركة املواطنني يف الشؤون العامة واخنراطه يف‬
‫النقاش العام حول خمتلف السياسات والفعاليات‪ ،‬وبالتايل فإن تطبيق الشفافية يعزز ويزيد من كفاءة وفعالية‬
‫املشاركة يف صنع القرار‪.49‬‬
‫‪ - 8‬المساءلة‪ :‬يقصد هبا حتميل األفراد واملنظمات مسؤولية األداء الذي يتم قياسه بأقصى قدر ممكن من‬
‫املوضوعية‪ ،‬كما تعرف ببساطة بأهنا التزام من يف يدهم السلطة بتحمل تبعات أفعاهلم‪ ،‬فهي تصف احلقوق‬
‫واملسؤوليات املوجودة بني الناس‪ ،‬واملؤسسات وتشمل احلكومات واجملتمع املدين واألطراف الفاعلة واليت هلا أثر‬
‫على حياهتم‪ ،‬ففي النظم الدميقراطية تساعد عالقات املساءلة على ضمان متسك صانعي القرار باملعايري والقواعد‬

‫‪ - 1‬إميان أمحد‪" ،‬قراءات نظرية‪ :‬الدميقراطية والتحول الدميقراطي‪ ،‬اجلزء اخلامس"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3..‬‬
‫‪ – 1‬سفيان فوكة‪ ،‬سفيان فوكة‪" ،‬التنمية والتمكني من خالل اإلدارة الرشيدة للحكم‪ :‬قراءة نقدية"‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للسياسات العامة‪ ،‬ع‪( ،3 .‬فيفري ‪ ،)0314‬ص‬
‫ص‪43. – 31 .‬‬
‫‪ - 0‬إميان أمحد‪" ،‬قراءات نظرية‪ :‬الدميقراطية والتحول الدميقراطي‪ ،‬اجلزء اخلامس"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1..‬‬
‫‪ – 3‬سفيان فوكة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪43. .‬‬

‫‪39‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫واألهداف املتفق عليها علنا‪ ،‬وم ن هذا املنظور جند أن للمساءلة غرضا سياسيا هو التحقق من إساءة استخدام‬
‫صالحيات السلطة التنفيذية السياسية‪ ،‬وغرضا تشغيليا هو ضمان فعالية أداء احلكومات‪ .50‬وعليه فاملساءلة تعترب‬
‫مطلبا جوهريا للحكم الرشيد ليس فقط يف املؤسسات احلكومية جتاه املواطنني واملتأثرين بقراراهتا‪ ،‬بل وملؤسسات‬
‫القطاع اخلاص ومؤسسات اجملتمع املدين أيضا‪ ،‬وبشكل عام ال ميكن االلتزام باملساءلة يف غياب الشفافية ودولة‬
‫القانون‪.51‬‬
‫وعليه فإن حتقيق استدامة وترسيخ الدميقراطية تتطلب هتيئة مناخ دميقراطي وثقافة دميقراطية ودعمها‬
‫باملساءلة العامة كعنصر وركيزة أساسية من عناصر قيام دولة احلق والقانون‪ ،‬فاألجهزة واملؤسسات القضائية وآليات‬
‫الرقابة املستقلة احملايدة والفعالة اليت تكفل سيادة القانون ينبغي أن تتسم بالشفافية‪ ،‬ويتعني على املؤسسات‬
‫الدميقراطية أن تكفل مشاركة اجلميع يف اجملتمعات املتجانسة وغري املتجانسة على السواء‪ ،‬وذلك من أجل احلفاظ‬
‫على التنوع والتعددية واحلق يف االختالف يف ظل مناخ من التسامح‪.52‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫حاولنا من خالل هذا البحث بيان كيفيات التأسيس لدولة احلق والقانون من خالل تطبيق مبادئ احلكم‬
‫الرشيد‪ ،‬وذلك باعتمادنا عناصرا متدرجة مبسطة لتوضيح العالقة بني دولة احلق والقانون واحلكم الرشيد‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل التعرف على مقومات دولة احلق والقانون‪ ،‬ومبادئ ومؤشرات احلكم الرشيد‪ ،‬حيث نلمس أن كل من‬
‫تلك املقومات واملؤشرات من شأهنا معا أن تأسس لدولة احلق والقانون لتجسيد احلكم الرشيد‪ ،‬إذ أهنا تشري إىل‬
‫العالقة التكاملية بني احلكم الرشيد ودولة احلق والقانون‪ ،‬كما أن تكامل األدوار بني مكونات احلكم الرشيد فيما‬
‫بينها‪ ،‬مع تكامل مقومات دولة احلق والقانون‪ ،‬باإلضافة إىل الضمانات الالزمة لقيام دولة احلق والقانون‪ ،‬من‬
‫شأنه أن خيلق العدالة وأن جيسد الدميقراطية وأن حيقق األهداف الوطنية من أجل حتسني مستوى معيشة املواطنني‪،‬‬
‫ولتحقيق النجاح والرفاهية والنمو االقتصادي والسياسي والذي تطمح إليه كل الدول والشعوب‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ – 4‬نفس املرجع‪ ،‬ص ص‪41. – 43 .‬‬


‫‪ - 1‬زهري الكايد‪" ،‬إدماج السياسات السكانية يف إطار احلكمانية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.131 – 133 .‬‬
‫‪ – 0‬هشام عبد الكرمي‪" ،‬العناصر احملققة الستدامة الرتسيخ الدميقراطي يف الدول العربية‪ :‬بني الفعالية احلكومية واألداء الدميقراطي"‪ ،‬جملة اجتاهات سياسية‪( ،‬جانفي‬
‫‪ ،)0312‬ع‪ ،0.‬ص‪.11 .‬‬

‫‪40‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ – 1‬الدبس‪ ،‬عصام‪ ،‬النظم السياسية‪ :‬أسس التنظيم السياسي‪ ،‬الدول‪ ،‬احلكومات‪ ،‬احلقوق واحلريات العامة‪( ،‬عمان‪ :‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪.)0313 ،‬‬
‫‪ – 2‬احلاليقة‪ ،‬غادة‪" ،‬مفهوم دولة القانون"‪ ،)0312/32/11( ،‬نقال عن الرابط التايل‪:‬‬
‫‪https://mawdoo3.com/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D8%AF‬‬
‫‪%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9‬‬
‫‪%88%D9%86‬‬
‫‪ – 3‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ ،‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪" ،‬دولة احلق والقانون"‪ ،)0310/30/33( ،‬نقال عن الرابط التايل‪:‬‬
‫‪https://mawdoo3.com/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84‬‬
‫‪%D8%AD%D9%82_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D‬‬
‫‪9%88%D9%86‬‬
‫‪ – 4‬الكايد‪ ،‬زهري‪" ،‬إدماج السياسات السكانية يف إطار احلكمانية"‪ ،‬جملة السكان والتنمية‪ ،‬ع‪.)0331( ،11.‬‬
‫‪ – 5‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ ،‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ ،‬احلكمانية‪ :‬قضايا وتطبيقات‪( ،‬القاهرة‪ :‬املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.)0333 ،‬‬
‫‪ – 6‬املساوي‪ ،‬حممد‪ ،‬حقوق اإلنسان يف الدساتري العربية اجلديدة وسؤال دولة احلق والقانون‪ :‬املغرب وتونس ومصر منوذجا‪،‬‬
‫(برلني‪ :‬املركز العريب للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية للنشر‪.)0312 ،‬‬
‫‪ – 7‬خليفة‪ ،‬حممد‪" ،‬إشكالية التنمية واحلكم الراشد يف اجلزائر"‪ ،‬مداخلة يف امللتقى الوطين حول "التحوالت السياسية وإشكالية‬
‫التنمية يف اجلزائر‪ :‬واقع وحتديات" أيام ‪ 17 – 10‬ديسمرب ‪ ،0332‬الشلف‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ – 8‬دباغي‪ ،‬سارة‪" ،‬احلكم الراشد كآلية لتحقيق التنمية االقتصادية"‪ ،‬جملة فكر وجمتمع‪ ،‬ع‪( ،31 .‬جوان ‪.)0310‬‬
‫‪ – 9‬أمحد‪ ،‬إميان‪" ،‬قراءات نظرية‪ :‬الدميقراطية والتحول الدميقراطي‪ ،‬اجلزء اخلامس"‪ ،‬سلسلة دراسات سياسية‪ ،‬املعهد املصري‬
‫للدراسات السياسية واإلسرتاتيجية‪ 02( ،‬مارس ‪.)0310‬‬
‫‪ – 11‬عبد الكرمي‪ ،‬هشام وبن عبد العزيز‪ ،‬خرية‪" ،‬دور اجملتمع املدين يف استدامة الدميقراطية"‪ ،‬اجمللة اجلزائرية لألمن والتنمية‪ ،‬ع‪.‬‬
‫‪( ،1‬جوان ‪.)0313‬‬
‫‪ – 11‬عبد الكرمي‪ ،‬هشام‪" ،‬العناصر احملققة الستدامة الرتسيخ الدميقراطي يف الدول العربية‪ :‬بني الفعالية احلكومية واألداء‬
‫الدميقراطي"‪ ،‬جملة اجتاهات سياسية‪ ،‬ع‪( ،0.‬جانفي ‪.)0312‬‬
‫‪ – 12‬عبد النور ناجي‪" ،‬دور منظمات اجملتمع املدين يف حتقيق احلكم الرشيد يف اجلزائر‪ :‬دراسة حالة األحزاب السياسية"‪ ،‬جملة‬
‫املفكر‪ ،‬ع‪( ،3.‬فيفري ‪.)0332‬‬
‫‪ – 13‬غريب‪ ،‬حممد‪" ،‬الدميقراطية واحلكم‪ :‬رهانات املشاركة السياسية وحتقيق التنمية"‪ ،‬جملة دفاتر السياسة والقانون‪( ،‬أفريل‬
‫‪.)0311‬‬
‫‪ – 14‬فوكة‪ ،‬سفيان‪" ،‬التنمية والتمكني من خالل اإلدارة الرشيدة للحكم‪ :‬قراءة نقدية"‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للسياسات العامة‪ ،‬ع‪.‬‬
‫‪( ،3‬فيفري ‪.)0314‬‬
‫‪ – 15‬لكحل ‪ ،‬علي‪" ،‬الشرعية والتحول الدميقراطي يف بلدان املغرب العريب يف السياق الداخلي والدويل"‪ ،‬أعمال امللتقى الوطين‬
‫السابع‪" :‬مسارات التجارب الدميقراطية يف األقطار املغاربية"‪ ،‬أيام ‪ 03‬و‪ 14‬أفريل ‪ ،0314‬جامعة اجلزائر‪ ( ،3‬اجلزائر‪ :‬دار هومه‬
‫للنشر والتوزيع‪.)0311 ،‬‬

‫‪41‬‬
‫املجلد‪ / 50 :‬العدد‪ 50 :‬ديسمبر ‪ 0505‬ص ‪20 -02 :‬‬ ‫مجلة دفاتر املتوسط‬

‫‪ – 16‬حم مود‪ ،‬صدفة حممد‪" ،‬مفهوم التحول الدميقراطي واملفاهيم وثيقة الصلة به"‪ ،‬ورقة حبثية مقدمة قسم العلوم السياسية‪ ،‬كلية‬
‫االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬أوت ‪0313.‬‬
‫‪ – 17‬هانتنجتون‪ ،‬صامويل‪ ،‬املوجة الثالثة "التحول الدميقراطي يف أواخر القرن العشرين‪( ،‬ترمجة‪ :‬عبد الوهاب علوب)‪( ،‬الكويت‪:‬‬
‫دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع‪.)1113 ،‬‬
‫‪ – 18‬احلكامة اجليدة بني الوضع الراهن ومقتضيات الدستور اجلديد ‪( ،0311‬املغرب‪ :‬جوان ‪ ،0311‬اهليئة املركزية للوقاية من‬
‫الرشوة)‪.‬‬

‫‪42‬‬

You might also like