Professional Documents
Culture Documents
Buku Teks Jauharah Tauhid
Buku Teks Jauharah Tauhid
٢٠١٩
2019
ڤڠهرڬاءن
No. Siri Buku: 0204
13 3املوت
22 6الروح
41
9اليوم اآلخر
45
10الشفاعة
53 12التوبة
ج
الصفحة املوضوع
70 17الرصاط
73 18احلوض
77
20اجلنة والنار
د
مقدمة
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم عىل رسول رب العاملني ،حممد وعىل آله وصحبه
والتابعني أمجعني ،وبعد:
فهذا هو اجلزء الثالث من كتاب (تيسري رشح جوهرة التوحيد) للشيخ إبراهيم
البيجوري املقرر عىل طالب الصف الثالث الثانوي ،وهو امتداد للجزء الثاين الذي
تناول موضوعات تتعلق بأفعال العباد ،والتوفيق واخلذالن ،والوعد والوعيد ،والصالح
واألصلح ،والقضاء والقدر ،ورؤية اهلل تعاىل ،وحاجة البرش إىل الرسالة ،والوحي
وأنواعه ،والرسل ،والواجب يف حقهم واملستحيل واجلائز ،واملعجزة ،ومعجزات نبينا ،
وكرامات األولياء ،واعتقادنا يف الصحابة .
ويأيت هذا اجلزء ،ليمكن الطالب من دراسة موضوعات تتعلق بالسمعيات كاملالئكة،
واجلن والشياطني ،واملوت ،وأجل املقتول ،والروح ،وسؤال القرب وعذابه ونعيمه،
والبعث ،واحلساب ،واليوم اآلخر وما يتعلق به من شفاعة ،وحسنات وسيئات ،وتوبة،
ووزن وميزان ،ورصاط ،وحوض ،وجنة ونار ..والكليات اخلمس ،واإلمامة ،واألمر
باملعروف والنهي عن املنكر .
وقد استهدف الكتاب تقريب وتيسري هذه املوضوعات إىل أذهان الطالب بأسلوب
مبسط ،يتواءم مع الواقع ا ُملعاش ،رغبة يف إعداد جيل قادر عىل التفكري واالبتكار والنقد،
ومواجهة حتديات الواقع احلارض بحلول مناسبة.
وقد صيغت موضوعاته بطريقة تتيح للطالب أن يكون ف َّع ًال داخل الصف ،مشاركًا
يف نشاطات الدرس وتدريباته املتنوعة -بني مقالية وموضوعية -من أجل تنمية مهارات
التفكري العليا ،مثل القدرة عىل االستنتاج والتلخيص واملقارنة واملوازنة ...وغريها.
ه
وقد اهتمت اللجنة التي قامت عىل إخراج هذا الكتاب بعدة منطلقات أساسية يف
إعداده نجملها فيام ييل:
1 .1حتديد أهداف عامة للكتاب تسهم يف توضيح الرؤية فيام يتعلق بنوعية املحتوى الذي
حيتاجه الطالب ،واختيار خرباته التعليمية من معارف ومهارات وطرق تفكري...
2 .2االهتامم باملرحلة العمرية التي يمر هبا الطالب ،وهي مرحلة تتطلب فهم املجردات
بأسلوب مبسط.
3 .3االهتامم باللغة املستخدمة يف الكتاب ،حيث روعي يف الصياغة تيسري ما غمض من
عبارات الكتاب ،من خالل اختيار مجل بسيطة ومفردات تقع يف متناول الطالب.
4 .4استبعاد ما ال صلة له بعلم التوحيد من تفريعات هي أقرب ما تكون إىل علوم أخرى
كالفقه وعلوم اللغة وغريها.
5 .5استبعاد أبيات املنظومة التي ال تناسب الطالب الذين أعدت هلم هذه الطبعة.
6 .6إضافة عنوان لكل مبحث وعناوين أخرى فرعية تعني عىل فهم املادة العلمية ،وتسهم يف
إثراء خربات الطالب ،وزيادة رغبتهم يف التعلم.
7 .7االهتامم بالتقويم بمعنى إتْباع كل درس بعدة اختبارات متنوعة مقالية وموضوعية
حصله الطالب من معارف ومعلومات وتعمل عىل زيادة فاعلية من شأهنا قياس ما َّ
حتصيل املعلومات لدهيم ،عىل اعتبار أن التقويم له دور مهم يف ذلك.
8 .8استبعاد اهلوامش والرشوحات املضمنة هبا.
خالصا لوجهه الكريم ،وأن يفيد
ً ويف النهاية نسأل اهلل العيل القدير أن جيعل عملنا
منه طالب العلم .إنه نعم املجيب.
و
أهداف ُم َق ّرر الصف الثالث الثانوي
يتوقع بعد دراسة هذا املقرر حتقيق ما ييل:
1 .1يوضح املقصود بالسمعيات وطرق إثباهتا1212 ،يتعرف عىل املقصود بالشفاعة ،معدِّ ًدا
أنواعها ،مفندً ا الشبهات املثارة حوهلا. معدِّ ًدا قضاياها.
1313حيدد املقصود باحلسنات والسيئات، 2 .2يتعرف طبيعة املالئكة ،وأصنافهم،
ذاكرا مراتب تضعيف احلسنات. ً ً
مستدل وصفاهتم ،وحكم اإليامن هبم،
1414يوضح املقصود بالتوبة ورشوطها بالنقل والعقل عىل ذلك.
موضحا مواطن صحة التوبة ً وحكمها، موضحا آراء ً 3 .3يفرق بني اجلن والشياطني،
بالنسبة للكافر ،وحكم من عاد إىل الذنب مستدل عىل ما يذكر. ً العلامء يف حقيقتهام،
بعد التوبة. موض ًحا حكم اإليامن به. 4 .4يذكر حقيقة املوتِّ ،
موضحا مكفراهتا. ً 5 .5يوضح آراء أهل السنة واملعتزلة يف أجل 1515يصنف أنواع الذنوب،
موضحا
ً 1616يتعرف عىل املقصود بالكبائر، مستدل عىل ما يذكر. ًّ املقتول،
أقوال العلامء يف مرتكبها ،ودليل كل رأي. يبي مذاهب العلامء يف الروح ،و َع ْجب ِّ 6 .6
1717يذكر املقصود بصحائف األعامل، مستدل عىل ما يذكر. ًّ الذنب
موضحا طريقة أخذ هذه الصحائف، ً 7 .7يوضح حقيقة الروح وآراء العلامء يف
وحكم اإليامن بثبوهتا. مستدل عىل ما يذكر من آراء . ًّ حدوثها،
1818حيدد معنى الوزن وامليزان ،والرصاط، 8 .8يتعرف عىل املقصود باحلياة الربزخية
واحلوض ،والعرش ،والكريس ،والقلم، وحقيقة عذاب القرب ونعيمه ،مفندً ا
والكاتبني ،واللوح املحفوظ ،واجلنة والنار ،وما ًّ
مستدل الشبهات املثارة حول عذاب القرب،
يرتبط هبا من أحكام ،مد ِّل ًل عىل ما يذكر. عىل ما يذكر.
1919يتعرف عىل املقصود باملحافظة عىل الكليات 9 .9يتعرف عىل حقيقة البعث واحلساب واحلرش،
اخلمس ،راغ ًبا يف املحا فظة عليها . موض ًحا أنواع احلرش ،وما يرتبط هبا من أحكام. ِّ
2020يوضح املقصود باإلمامة ،حمدِّ ًدا رشوط 1010حيدِّ د املقصود باليوم اآلخر ،معدِّ ًدا
موضحا األحكام املتعلقة هبا. ً اإلمام، ذاكرا املراد هبول املوقف ،معدِّ ًدا أسامءهً ،
2121يتعرف عىل املقصود باألمر باملعروف أهوال يوم القيامة.
والنهي عن املنكر ،ودليل وجوهبام، 1111يذكر حكم اإليامن باليوم اآلخر ،وحكم
موضحا كيفية التحيل ً ورشوطهام، موضحا عالماته الصغرى والكربى. ً منكره،
بالفضائل والتخيل عن الرذائل.
ز
السمعيات
هذا هو القسم الثالث من أقسام علم التوحيد الثالثة( :اإلهليات النبوات -السمعيات)
وس ِّميت بالسمعيات؛ ألنه ال طريق ملعرفتها إال الكتاب والسنة
أيضاُ ،وقد تسمى الغيبيات ً
دخل للعقل يف الوصول إىل ما يذكر يف هذا واألصل يف وصوهلا إلينا السامع فقط ،فال َ
القسم ،وجيب اإليامن به كاملالئكة واجلن واألرواح واليوم اآلخر واجلنة والنار ،أما تسميتها
بالغيبيات فألهنا أمور غائبة عنّا ،وال نستطيع أن نصل للعلم هبا عن طريق علومنا املكتسبة.
ح
()1
غيب ،وليس
ٌ كل ٍ
أمر سمعي ويصح القول إن َّ
ُّ أخص من الغيبيات،
ُّ إ ًذا فالسمعيات
أمرا سمع ًّيا. ٍ
غيب ً ُّ
كل
والسمعيات ال سبيل إىل العلم هبا إال النص الصحيح قرآنًا كان أو سنة ،وال جمال
لالجتهاد فيها إال يف دائرة حتقيق النص وفهمه الفهم السوي يف إطار ضوابط الفكر
واالستدالل.
قضايا السمعيات:
ُ
وسؤال منكر ونكري، والنرش،
ُ ِ
احلرش، إثبات
ُ جعلها اإلمام الغزا ُّيل عرشة أمور هي:
اإلمامة ،و َأ َّن أفضل ِ
والنار ،وأحكا ُم ِ
وخلق اجلنة
ُ ُ
والرصاط، ُ
وامليزان وعذاب القرب،
ُ
ُ
ورشوط اإلمامة. الصحابة عىل حسب ترتيبهم يف اخلالفة،
۞۞۞
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة األنعام59 :
ط
املناقشة
1 .1عرف السمعيات ،وما حكم اإليامن هبا؟
2 .2الغيب أعم من السمعيات .وضح ذلك.
3 .3أكمل:
ي
1
املالئكة
قال النَاظِ ُم :
ـن ُ ْي ِم ُلــوا
ـري ًة َل ْ
وكَـاتِب َ ِ
ون خ َ ُ َ ا - ٦بِك ُِّل َع ْب ٍد َحافِـ ُظ َ
ـون ُو ِّك ُلـوا
جيب عىل كل مك َّلف رش ًعا اإليامن باملالئكة ،وذلك بأن يعتقد اعتقا ًدا جاز ًما بأهنم
موجودون ،وبأهنم مكرمون ال يعصون اهلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة البقرة .اآلية.285 :
1
وقال اهلل تعاىل:
()1
وجيب اإليامن باملالئكة الذين وردت أسامؤهم ،أو أوصافهم ،أو أصنافهم عىل
ً
إمجال. ً
إمجال فيكون اإليامن هبم ً
تفصيل ،وأ َّما ما ورد ذكرهم التفصيل
تعريف املالئكة:
واملالئكة يف اللغة :مجع َم َلك ،وأصله مألك من األلوك ثم ترصفوا يف لفظه فقالوا :مألك ،ثم
نقلوا حركة اهلمزة إىل الالم وحذفوا اهلمزة ،فقالواَ :م َلك محعه :مالئك ومالئكة ،واألَ ُلوكة
بمعنى الرسالة فكأن للملك رسالة حيملها هلذا سميهبذا االسم.
واصطالحا :هم أجسام لطيفة نورانية قادرة عىل التشكل بأشكال خمتلفة يف أشكالً
حسنة ،شأهنا الطاعة ومسكنها الساموات غال ًبا ،ومنهم من يسكن األرض ،وكان الرسل -
عليهم السالم -يروهنم تار ًة عىل صورهتم احلقيقية ،وتار ًة بأشكال أخرى.
قال تعاىل:
()4
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة األنبياء .اآلية .20 : ( )1سورة النساء .اآلية136. :
( )4النحل .اآلية.50-49 : ( )2سورة التحريم .اآلية .6 :
2
الفرق بني عصمة املالئكة وعصمة األنبياء:
نزوع إىل املعصية ،لعدم
ٌ الفرق بني عصمة املالئكة وعصمة األنبياء ّ
أن املالئكة ليس عندهم
وجود الشهوة يف تركيبهم ،أما األنبياء فعندهم القابلية للمعصية بفطرهتم ،ولكن اهلل حيفظهم
وحيول بينهم وبني املعصية؛ فالعصمة واجبة لألنبياء وللمالئكة كام يقول صاحب اجلوهرة:
لكل َحتِـ َّم* ِ
وع ْص َم ُة الباري ٍ
خلق املالئكة:
«خ ِل َق ْت املالئكة من
املالئكة من خملوقات اهلل تعاىل ،خلقها من نور ،كام قال رسول اهلل ُ :
()1
نور ،وخلق اجلان من مارج من نار ،وخلق آدم مما وصف لكم»
أصناف املالئكة:
أصناف خمتلفة-حسب-ما يوكل إليهم من أعامل ،ومما أثبتته النصوص من
ٌ ورد أن املالئكة
أصناف املالئكة ما ييل:
احلافظون والكاتبون:
1.1احلفظة :عهد اهلل إىل فريق من مالئكته أن يكونوا حفظة خللقه حيفظوهنم من املضار ،وهؤالء
احلفظة ألفراد اإلنس خاصة ،وقيل :إن للجن حفظ ًة كذلك،
يقول-سبحانه:-
()2
أي بأمر اهلل.
2.2ويقول رسول اهلل « :يتعاقبون فيكم مالئكة بالليل ومالئكة بالنهار».
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3متفق عليه. ( )1اخرجه مسلم.
( )2سورة الرعد .اآلية.11 :
3
حل ّف َ
اظ هم ال ُكتَّاب مستدلني بقوله سبحانه: ويری بعض العلامء َّ
أن ا ُ
()1
آخر .موصوف بالعلم ومعطوف بغري حرف عىل صنف ٌُ ويرى البعض :أن (الكاتبني)
الصنف األول وهم احلفظة .ويؤيد هذا الرأي القائل إن احلفظة غري الكتبة اآلية األوىل التي بينت
مهمة احلافظني.
أن لكل فرد عرش ًة بالليل ومث َلهم باهنار ،وقيل :عرشون ،وقيل غريأما عدد احلفظة :فقد ورد ّ
وح ْفظ اهلل للعبد إنام هو من القضاء ،املع ّلق أما القضاء املربم ،فال بد من إنفاذه ،فيتنحونذلكِ ،
عنه حتى َينْفذ.
3.3الكتبة :هنا فريق آخر من املالئكة وكَّلم اهلل تعاىل بكتابة كل ما يصدر عن العبد ،والكتبة
ملكان ،كل منهام رقيب أي حافظ ،وعتيد أي :حارض ،فليس اسم أحدمها رقيبا واآلخر
عتيدا كام يتوهم ،يقول -سبحانه :-
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة االنفطا .اآلية.12-10 :
( )3سورة ق .اآلية.18 : ( )2أخرجه الرتمذي.
4
ويكتبان كل يشء حتى األنني الصادر منه يف املرض ،ومها ال يتغريان ما دام ح ًّيا ،فإذا مات
يقومان عىل قربه يسبحان ويكتبان ثوابه إىل يوم القيامة إن كان مؤمنًا ،ويلعنانه إىل يوم القيامة ْ
إن
كافرا.
كان ً
احلكمة من الكتابة:
ليست الكتاب ُة حلاجة دعت إليها ،فإنه -سبحانه -يعلم خائنة األعني وما ختفي الصدور ،وإنام
ليقيم احلجة عىل العبيد يوم يعطى كل منهم كتابه فيقول:
()1
وقد ورد أن أحد امللكني عن يمني العبد ،وهو خمتص بكتابة احلسنات ،واآلخر عن يساره،
وهو خمتص بالسيئات ،كام ورد أن األول أمري عىل الثاين ،فإذا فعل العبد حسنة بادر م َلك اليمني
لكتابتها ،إذا فعل سيئة قال ملك اليسار :أأكتب؟ فيقول ملك اليمني :ال لعله يستغفر ،أو يتوب،
فإذا مضت فرتة ومل يتب قال :اكتب أراحنا اهلل منه ،أما املباحات فقيل :تكتب وقيل :ال ،واألصح
األول ،لعموم قوله تعاىل:
()2
ومها يالزمان الشخص منذ كونه نطفة إىل أن يموت ،وقيل :يتوارد عليه أربع ٌة ،اثنان ً
هنارا
واثنان ليالً ،يتعاقبون عند صالة العرص وعند صالة الصبح.
وهل الكتابة حقيقية؟ ،وهل هي عىل قرطاس؟ ،وما آلتها؟ وما مدادها؟ وما لغتها؟ ،كل
هذه أمور غيبية مل خيبزنا الرسول بتفاصيلها فنرتك علمها اهلل تعاىل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الكهف .اآلية.49 :
( )2سورة ق .اآلية.18 :
5
ومن أصنافهم:
محلة العرش :قال تعاىل:
()1
()2
()3
()4
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة املدثر .اآلية.30-26 : ( )1سورة احلاقة .اآلية.17 :
( )4سورة األنفال .اآلية.50 : ( )2سورة الزمر .اآلية.73 :
66
صفاهتم:
()1
ِ
شديد النبي يف صورة رجل ٍ
حسنة ،فقد ورد َّ ٍ ٍ
أن جربيل أتى َّ بأشكال التشكل 3.3القدرة عىل
ِ
بياض الثياب ،شديد سواد الشعر.
ال يأكلون وال يرشبون؛ وإنام خلقوا للعبادة يف الدنيا واآلخرة .قال تعاىل: 4.4
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة الذاريات .اآلية.27-26 : ( )1سورة األنبياء .اآلية.28-26 :
( )2سورة التحريم .اآلية.6 :
77
ذكورا وال إنا ًثا ،ومن وصفهم بالذكورة فهو فاسق ،ومن وصفهم باألنوثة فهو كافر؛
5.5ليسوا ً
لتكذيبه قول اهلل تعاىل:
()1
وقوله تعاىل:
()2
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة املدثر اآلية31 : ( )1سورة النجم اآلية27 :
( )2سورة الزخرف اآلية19 :
8
2
اجلن والشياطني
عال من العوامل الغيبية ال يعلم حقيقتهم إال اهلل تعاىل ّ
دل عىل ثبوهتم الكتاب اجلن والشياطنيَ :
والسنة وإمجاع العلامء.
واجل ُّن والشياطني ُأ ّم ٌة عاقل ٌة مم ِّيز ٌة أرسل إليهم رسول اهلل ﷺ ،فهم مأمورون باإليامن
باهلل -سبحانه -وتعاىل وتوحيده ،واإلقرار بالعبودية له.
آراء العلامء يف خلق اجلن:
واجلن من خملوقات اهلل تناسلوا من إبليس ،كام تناسل اإلنس من آدم ،ومن هؤالء وهؤالء املؤمن
والكافر ،وهذا رأي احلسن البرصي ،وقد ُر ِو َي عن ابن عباس ّ
أن ن َْسل إبليس هم الشياطني،
أما اجلن َفهم جنس آخر َف ُهم ولدُ اجلان ،وهم كاإلنس منهم املؤمن ومنهم الكافر.
()1
والرأي األول أقرب إىل الصواب ،فقد ذكر اهلل سبحانه أنه خلق اجلان من مارج من نار.
وقال يف حق إبليس إنه:
()2
فاجلن إذن خملوقون من النار ،وقد حتولوا إىل أجسام شفافة تستطيع التشكل بام تريد ،وفيهم
القدرة عىل رؤيتنا وليس فينا القدرة عىل رؤيتهم ،بقوله سبحانه:
()4
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة األعراف .اآلية.12 : ( )1أخرجه الطربي يف تفسريه بسند ضعيف.
( )4سورة األعراف .اآلية.27 : ( )2سورة الكهف .اآلية.50:
9
دليل ثبوت اجلن:
وقد ثبت وجود اجلن بالقرآن والسنة ،وسميت سورة كاملة باسمهم ،ذكر فيها سبحانه استامع
اجلن إىل دعوة اإلسالم ،واهتداء فريق منهم بذلك النور :قال تعاىل:
()1
()2
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة الرمحن .اآلية.34-33 : ( )1سورة اجلن .اآلية.15-14 :
( )2سورة األحقاف .اآلية.29 :
10
مقيم عليهم العجة:
كام يقول – سبحانه – لكافرهيم يوم القيامة ً
()1
وقد أنكر وجو َد اجل ِّن مجاع ٌة من املتكلمني؛ ورصفوا اآليات عن ظاهرها ،وقالوا :إن
املقصود باجلن والشياطني أولئك الكفرة من اإلنس ،وهذا قول َبعيدٌ عن احلق فالقرآن رصيح
يف وجود هذا العامل -اجلن -وتكليفه كاإلنس.
والسنة كذلك مليئة هبذا املعنى :وقد قابلهموب َّلغهم الدعوة ،واستمعوا إىل القرآن
وآمنوا به .وقد أثنى عليهم ﷺ ملا قرأ سورة «الرمحن» عىل الناس وسكتوا فقال« :إن اجلن كانوا
أحسن منكم ،ما قرأت عليهم( :فبأي آالء ربكام تكذبان) إال قالوا :وال بيشء من آالء ربنا
نكذب فلك احلمد».
()2
الشياطني:
أما الشياطني فهم عصاة اجلن وجنود إبليس ،مهمتهم تزيني الرش لإلنس واجلن ،وإبعا ُدهم
()3
جلا َّدة ،وفيهم يقول « :إن الشيطان جيري من ابن آدم جمرى الدم» ،ويدل عىل تكليفهم
عن ا َ
قوله سبحانه:
()4
وقوله:
()5
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )4سورة الذاريات .اآلية.56 : ( )1سورة األنعام .اآلية.130 :
( )5سورة األنعام .اآلية.130 : ( )2أخرجه الرتمذي.
( )3متفق عليه.
11
وقد افرتق العلامء يف حقيقة اجلن والشياطني إىل قولني:
األول :أن اجلن والشياطني حقيقتهام متغايرة ،فاجلن أجسام هوائية لطيفة تتشكل
بأشكال خمتلغة وتظهر منها أفعال عجيبة منهم املؤمن املطيع ومنهم الكافر العايص،
أما الشياطني فهي أجسام نارية ،مهمتها إلقاء النفس يف الغواية والضالل.
الثاين :أن اجلن والشياطني حقيقتهام واحدة وهي أجسام نارية عاقلة قابلة للتشكل بأشكال
حسنة أو قبيحة ،غري أن اجل َّن يشمل املطيع والعايص ،أما الشيطان ،فهو اسم
العايص املتمرد.
املناقشة
1.1عرف املالئكة لغة واصطالحا.
2.2ما حكم اإليامن باملالئكة ،وما حكم منكر وجودهم؟ دلل عىل ما تذكر.
3.3كيف تفرق بني عصمة املالئكة وعصمة األنبياء.
واصطالحا.
ً 4.4عرف اجلن لغة
5.5قارن بني املالئكة واجلن.
6.6أثبتت النصوص القرآنية والنبوية أصناف ًا للمالئكة ،اذكرها.
7.7كيف تدلل عىل أن بعض اجلن مسلمون؟
8.8هل هناك فرق بني اجلن والشياطني؟ وضح ذلك.
12
3
املوت
َق َال النَّاظِ ُم :
اإليامن باملوت:
وقوع املوت حقيقة مشاهدة ملموسة وليس من الغيبيات يف يشء.
فكيف جيب اإليامن باملوت؟ اإليامن باملوت الذي ُك ّل ِفنا به رش ًعا عىل وجهني:
األول :أن نؤمن َأ َّن كل اخللق إىل فناء ،وال يبقى إال اهلل-تعاىل-،
()1
واملخالفون يف هذا هم الدهرية الذين ال يؤمنون باهلل واليوم اآلخر ،ويقولون« :إن هي إال
أرحام تدفع ،وأرض تبلع».
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الرمحن.اآلية.27-26 :
13
املوت هو انتها ُء آجالِنَا التي قدَّ رها اهلل تعاىل لنا.
ِ
الثاينَ :أ َّن َ
سبب
واملخالفون يف ذلك هم الطبيعيون الذين ينسبون األشياء للطبيعة ،فيفرسون املوت عىل أنه
بسبب اختالل نظام الطبيعة.
واهلل-تعاىل-أخربنا َأ َّن املوت يأيت إذا انتهى األجل املكتوب يف علم اهلل السابق ،قال تعاىل:
()1
و َأ َّن املوت يكون عن طريق املالئكة التي تتوىل إخراج الروح من اجلسد ،قال تعاىل:
()2
وقال تعاىل:
()3
وقال تعاىل:
()5
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )4سورة الزمر.ماآلية.30 : ( )1سورة النحل .اآلية.61 :
( )5سورة األنبياء .اآلية.35-34 : ( )2سورة السجدة .اآلية.11 :
( )3سورة األنعا .ماآلية.61 :
14
واملوت هبذا حقيقة مشاهدة حمسوسة واقعة ىف حياة الناس.
15
4
أجل املقتول
َق َال النَّاظِ ُم :
متهيد
جيب اإليامن بأن اإلنسان وسائر احليوانات واجلن واملالئكة ال يموت أحد منهم حتى يتم أجله الذي
ً
مقتول بأي سبب من أسباب القتل كمن يقتله غريه. قدَّ ره اهلل له سواء مات حتف أنفه أم مات
أن لإلنسان ً
أجل واحدً ا ،ال يتأخر عنه وال يتقدم ،فاملقتول مات بأجله َّأو ًل :مذهب أهل السنة ّ
الذي حدده اهلل له ،كام قال اهلل تعاىل:
()1
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة يونس .اآلية.49 :
( )2سورة األنعام .اآلية.38 :
16
وت سول اهلل ﷺ قال« :إِ َّن ُروح ال ُق ِ
دس َن َف َث يف ُروعى أنه لن َت ُ َ وعن أنس بن مالك َ أ َّن َر َ
نفس حتَّى تستكمل ِر ْزقها َ
()1
لها».
وأج َ
فمن مل يمت بسبب القتل فإنه سيموت يف األجل الذي حدده اهلل له .فموته بالقتل معناه َّ
أن ُع ْم َر ُه
املحدد له قد انتهى.
وعقوبة القاتل عىل فعله وكسبه ،وخمالفته ألمر اهلل-تعاىل-يف صيانة النفس ،وعدم التعدي
رسه أن يع ِّظم اهللُ رزقه ،وأن يمدَّ يف َأجله
عليها .وال يعارض هذا قول رسول اهلل ﷺ« :من َّ
يصل َر ِ َ
َف ْل ْ
()2
حه.».
فهذا حممول عىل واحد من أمرين:
1.1أن يكون املرا ُد باملدِّ يف العمر :الربكة فيه؛ حيث يعمل فيه من األعامل الصاحلة الكبرية العظيمة
التي ال يستطيع غريه أن يعملها يف أوقات طويلة.
أن الزيادة الواردة يف احلديث بالنسبة ملا جاء يف صحف املالئكة ،وقد يعلق اهلل-تعاىل- َّ 2.2
إظهارا لشأهنا ،وهو-سبحانه -يعلم َأ َّن العبد سيصل رمحه ،أو
ً الزيادة يف العمر عىل الطاعة
ال يصلها ،وال بد لعلمه-تعاىل-أن يتحقق ،قال اهلل تعاىل:
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة الرعد .اآلية.39 : ( )1أخرجه البزار يف مسنده وصححه ابن حبان واحلاكم.
( )2متفق عليه.
17
ثانيا :مذهب املعتزلة:
القول األول للكعبي من املعتزلة :وهو أن القتل فعل العبد القاتل ،واملوت فعل اهلل ،فاملقتول ليس
ميتا واستدل عىل رأيه بقول اهلل-تعاىل:-
()1
ووجه االستدالل عنده عطف القتل عىل املوت ،والعطف يقتيض املغايرة ،مما يدل عىل
َأ َّن املقتول مل يمت ،وأن هناك أجلني :أجل القتل وأجل املوت ،فلو مل يقتل املقتول لعاش إىل
أجل موته.
(و َل ِئن ُّمت ُّْم) من غري سببَ ( ،أ ْو ُقتِ ْلت ُْم)
وجياب عىل هذا بأن معنى اآليةَ :
بأن متم بسبب.
أن للمقتول ً
أجل واحدً ا ،وهو أجل املوت ،والقاتل القول الثاين :جلمهور املعتزلة :وهو َّ
قطع عىل املقتول أجله ،فلو مل يقتله لعاش إىل أجله الذي حدده اهلل له.
القول الثالث :أليب اهلذيل العالف .أحد أئمتهم -وهو َأ َّن املقتول له ٌ
أجل واحدٌ وهو الوقت
ِ
السنة. الذي قتل فيه ،فلو مل يقتل ملات يف الوقت الذي قتل فيه ،وهو يف هذا يوافق َ
أهل
املناقشة
1.1ما معنى اإليامن باملوت؟ ،وما حكم اإليامن به؟.
2.2ما حكم منكر املوت؟ وما الدليل عىل فناء اخللق وبقا ،اخلالق؟
3.3لإلنسان أجل واحد عند أهل السنة ،فام رأي املعتزلة يف ذلك؟.
4.4كيف تفرس طول العمر يف قول النبي يف احلديث ((من رسه أن يعظم اهلل رزقه وأن
يمدَّ يف أجله فليصل رمحه)) ؟.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة آل عمران .اآلية.158 :
18
5
النفخ يف الصور وما اختلف يف فنائه
َق َال النَّاظِ ُم :
ُ
احلــــز ُّْن لـــلبــىل َّ
ووضــحـــا الذن ِ
َب كالروحِ لكن َص َّح َحا 67 -عجب َّ
اختلف العلامء يف فناء النفس أي الروح عند نفخ (إرسافيل) يف الصور النفخة أوىل:
1.1فذهبت طائفة إىل احلكم بفنائها عند ذلك لظاهر قوله تعاىل:
()1
وزي هبا .فجميع األنبياء بعد املوت تعود إليهم أرواحهم ،ثم ُيغشى عليهم فج ِ
يف الدنيا مرةُ ،
عند النفخة األوىل إال موسى ملا حصل له يف الدنيا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الرمحن .اآلية.26 :
( )2هم جربيل وميكا ئيل وإرسافيل وملك املوت.
19
ُ
إرسافيل يف الصور النفخة الثانية ،وتسمى :نفخة البعث .فيجمع اهلل األروح ثم َينفخ
إىل أجسادها.
وبني النفختني اربعون عا ًما على ما يف الصحيحني
الس ْبكي-وهو القول املختار -بقاء الروح ،ألن العلامء اتفقوا عىل بقائها
واختار اإلمام تقي الدين ُّ
ٍ
بعد املوت لسؤاهلا يف القرب ،وتنعيمها ،أو تعذيبها فيه .واألصل يف كل باق استمراره ،حتى يظهر
ما يرصف عنه.
فالدليل عىل بقائها :االستصحاب ،فتكون من املستثنى بقوله-تعاىل:-
()1
عجب الذنب:
هو عظم صغري يف آخر سلسلة ظهر اإلنسان.
1.1فذهب اإلمام إسامعيل بن حييى ا ُمل َـز ِن إىل أنه يبىل ويفنى متسكًا بظاهر قوله تعاىل:
()2
2.2وذهب مجهور العلامء إىل أنه ال َي ْبىل لألحاديث الصحيحة .ومنها قوله ﷺ« :كل ابن آدم يأكله
الرتاب إال عجب الذنب ،منه ُخ ِلق ،ومنه ُي َركَّب».
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3أخرجه البخاري ومسلم. ( )1سورة النمل .اآلية.78 :
( )2سورة الرمحن .اآلية.26 :
20
3.3وأما قوله تعاىل:
()1
املناقشة
1.1ما اسم امللك الذي ينفخ يف(الصور)؟ ،وكم عدد النفخات؟ وما الدليل من القرآن الكريم؟
2.2اختلف يف فناء (الروح) اذكر املذاهب بأدلتها مع الرتجيح.
3.3ما املقصود بعجب الذنب؟ وما املذاهب يف بقائه أو فنائه؟ وأهيا ختتار؟
4.4كيف فهم العلامء قوله تعاىل:
وقوله تعاىل:
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الرمحن .اآلية.26 :
21
6
الروح
َق َال النَّاظِ ُم :
()1
وقد فهم بعض العلامء النهي عن البحث يف الروح ،وأهنا من الغيب الذي استأثر اهلل بعلمه،
فقال بعضهم :البحث فيها مكروه ،ومنهم من قال بتحريمه ،وهو اإلمام اجلنيد.
لكن الكثري من العلامء مل يمنع من البحث فيها ،وقالوا :ليس يف اآلية ما يدل عىل املنع من
البحث فيها ،بل عىل العكس ،فإن فيها ما يشري إىل االستفادة من البحث فيها ،وهو ما يشري إليه
قوله-تعاىل:-
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة اإلرساء .اآلية.85 :
( )2سورة اإلرساء .اآلية.85 :
22
واختلف العلامء املجيزون للبحث يف الروح:
فمنهم من قال :إهنا جسم له صورة وأعضاء ،كالبدن ،وهذا الرأي لبعض املالكية.
وذهب مجاعة من الصوفية واملعتزلة إىل أهنا ليست بجسم وال َع َرض ،بل هي جوهر جمرد
يتعلق بالبدن تعلق تدبري.
وذهب ِ
«الع ُّز ب ُن عبد السالم» إىل أن لكل فرد روحني :روح اليقظة ،وروح احلياة ،فإذا
مقرمها إال اهلل تعاىل
خرجت روح اليقظة نام اإلنسان ،واذا خرجت روح احلياة مات ،وال يعرف ّ
وقد فهم هذا من قوله تعاىل:
()1
وليس يف اآلية ما ينص عىل وجود روحني لكل إنسان ،وإنام هي روح واحدةُ ،
وش ِّبه النوم
باملوت لعدم التمييز.
نص رشعي حيدّ د شكل الروح وحقيقتها؛ وال يتوقف عىل العلم بحقيقتها ايامن ومل يرد ٌ
أو عبادة ،بل تركت معرفتها والبحث فيها لإلنسان؛ ليستفيد من البحث فيها يف شئون حياته،
ولتكون آي ًة عىل اإليامن باهلل-تعاىل ،-كام هو الشأن يف البحث يف املخلوقات ،وقد قال سبحانه:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الزمر .اآلية.42 :
( )2سورة الذاريات .اآلية.21-20 :
23
حدوث الروح:
أمجع العلامء عىل حدوث الروح؛ ألهنا من العامل ،وهو حادث.
لكنهم اختلفوا فيام إذا كانت الروح خملوقة قبل البدن أم البدن خملوق قبلها .فمنهم من ذهب إىل
أن الروح خملوقة قبل البدن.
واستدلوا بقوله -تعال:-
()1
()2
وقول رسول اهلل « :األرواح جنو ٌد جمندة فام تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف»
فاألرواح يوم أخذت من الظهور كان بعضها يتدابر ،وبعضها يتقابل ،فام تدابر منها تنافر
واختلف ،وما تقابل تعارف وائتلف ،وذهب بعضهم -ومنهم اإلمام أبو حامد الغزايل -إىل أن
البدن خلق قبل الروح.
واستدلوا بقوله :
ُون َع َل َق ًة ِم ْث ُل َذلِ َكُ ،ث َّم َيك ُ
ُون ُم ْض َغ ًة ي َم ُع َخ ْل ُق ُه ِف َب ْط ِن ُأ َّم ِه َأ ْر َب ِع َ
ني َي ْو ًما ُن ْط َف ًةُ ،ث َّم َيك ُ «إِ َّن َأ َحدَ ك ُْم ُ ْ
()3 ِ ِ ِ ِم ْث ُل َذ َ
وح»... الر َلكُ ،ث َّم ُي ْرس ُل ا َمل َل ُك َف َينْ ُف ُخ فيه ُّ
ففي قوله« :فينفخ فيه الروح» دليل عىل َّ
أن الروح نفخت بعد تكوين اجلسد .والرأي األول أرجح.
وأما استدالل الفريق الثاين بحديث نفخ الروح فمردود عليه بأن النفخ ال يفيد اخللق يف
وقت النفخ ،ولكن قد ينفخ ما هو خملوق من قبل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3اكديت (أخرخه البخاري). ( )1سورة األعراف .اآلية.172 :
( )2متفق عايه.
24
وذهب أكثر أهل السنة إىل أن األسلم عدم البحث يف الروح؛ حتى ال َّ
تزل العقول ،فتثبت
أمورا ثابتة.
أمورا منتفية ،أو تنفي ً
ً
املناقشة
1.1ارشح مبينًا مذاهب العلامء يف جواز البحث يف الروح.
25
7
معنى القرب:
ِ
جوف األسامك، بقعة من األرض ،أم يف القرب هو كل مكان يضم جسد امليت؛ سواء أكان يف ٍ
أم يف قاع البحر ،أم َذ ْري اجلسد يف اهلواء ،فاجلو الذي تناثر فيه اجلسدُ يعدُّ ق ً
ربا له.
()1
ً
اتصال يتناسب مع احلياة الدنيوية التي روح اإلنسان متصل ًة بجسده يف الدنيا
وإذا كانت ُ
ً
اتصال يتناسب مع ما يلقاه الروح تعود بعد موت اإلنسان ومفارقته للدنيا؛ لتتصل
َ يعيشهاَّ ،
فإن
يف هذه احلياة الربزخية ،مما أخرب به الوحي :من سؤال ،أو نعيم ،أو عذاب.
واذا كنا يف الدنيا نشعر بآثار اتصال الروح باجلسد من غري َأ ْن نرى ذلك االتصال ،أو نشعر
مبارشا فإن اتصال الروح باجلسد بعد املوت ال سبيل لنا إىل إدراكه؛ فقد دخل
ً شعورا حس ًّيا
ً به
ِ ِ
مراحل اجلزاء التي ال يعرف أحد شي ًئا عنها إال صاحبها. اإلنسان -بدخوله قربه -بداية
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة املؤمنون .اآلية.100:
26
سؤال القرب:
إذا فارق اإلنسان الدنيا ودخل القرب أتاه ملكان :أحدمها منكر ،واآلخر نكري ،فيعيدان روحه إىل
جسده؛ لتعود له احلياة بالقدر الذي يفهم السؤال ،وجييب عنه ،وبقدر ما يشعر بام يالقيه يف هذه
املرحلة الربزخية مما ورد يف الرشع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1متفق عليه.
( )2أخرجه البخاري.
27
كيفية السؤال:
سؤال امللكني عن األمور العامة ،كام جاء يف األحاديثَ ،ف ُي َ
سأ ُل امليت عن ر ِّبه ،ودينه ،والنبي
الذي أرسل إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة إبراهيم .اآلية.27 :
( )2رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
28
عذاب القرب ونعيمه:
إذا فرغ امللكان من سؤال امليت بدأت نتائج إجايته عن سؤاهلام ،يالقيها يف حياته الربزخية ،فمن
َث َّبتـَه اهلل-تعاىل-يف السؤال كان يف نعيم القرب ،ومن مل ُي َث َّبت يف السؤال كان يف عذاب القرب إىل أن
يلقى جزاءه يوم القيامة.
ووجه داللة اآلية أهنا عطفت إدخاهلم النار عىل إغراقهم بالفاء ،والعطف بالفاء يفيد الرتتيب
نارا بعد إغراقهم.
والتعقيب ،بمعنى أهنم أدخلوا ً
وقوله تعاىل عن آل فرعون:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة نوح .اآلية.25 :
( )2سورة غافر .اآلية.46 :
29
بمجرد إدباره عن
َّ وهناك أدل ٌة أخرى من القرآن الكريم تفيد َّ
أن املكلف يبدأ يتلقى بعض جزائه
الدنيا ،بخروج روحه ،كقوله-تعاىل:-
()1
وقوله-تعاىل:-
()2
قوله-تعاىل:-
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة حممد اآلية.27 : ( )1سورة األنعام .اآلية.93 :
( )2سورة األنفال .اآلية.51-50 :
30
من السنة النبوية املطهرة:
كثرت األحاديث الدالة عىل ثبوت نعيم القرب وعذابه حتَّى بلغت يف جمموعها مبلغ التواتر
«يتعوذ من عذاب القرب» َّ فكثريا ما كان النبي ً املعنوي.
ان ِم ْن
بان وما يع َّذب ِ ِ
ب ْي ِن َف َق َال « :إِ َّنُ َام َل ُي َع َّذ َ َ ُ َ َ
وىف الصحيحني َع ْن ابن َع َّباسَ م َّر النَّبِ ُّي َع َل َق ْ َ
ِ ِ ()1
َان َل َي ْست َِت ِم ْن َب ْوله».
يم ِةَ ،و َأ َّما اآلخر َفك َ ِ
َان َي ْس َعى بِالنَّم َ
ها َفك َكَبِ ٍري ُث َّم َق َال َب َل َأ َّما َأ َحدُ ُ َ
خمالف يف ذلك.
ٌ وقد أمجع السلف قبل ظهور املخالف عىل إثبات عذاب القرب ،ومل يعرف عنهم
فهم يقولون :إننا نرى امليت جثة هامدة ،وال نرى عليه آثار نعيم أو عذاب ،ونرى املقتول
عذب؟!، مصلو ًبا وال أثر للعذاب والنعيم عليه ،وكيف جيمع من ُذ ِّري جسده يف اهلواء ل ُين َّعم أو ُي َّ
إىل غري ذلك من االستبعادات ،التي هي من جنس استبعادات منكري البعث حيث قالوا:
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة ق .اآلية.3 : ( )1متفق عليه.
( )2رواه الرتمذي وقال هذا حديث غريب.
31
اجلواب عن شبهات املنكرين:
ال وليست بمستحيلة ويكفي أن يعلم املنكرون أن عذاب القرب ونعيمه من األمور املمكنة عق ً
عقالً ،وقد أخرب هبا القرآن والسنة ،وأمجع عليها سلف األمة قبل ظهور املخالف.
أمورا كثرية يف حياتنا ،وكم من أشياء ِ
ولو كان جمر ُد استبعاد اليشء سب ًبا يف إنكاره؛ ألنكرنا ً
كانت لغرابتها أشبه باملستحيل ،كوسائل االتصال والنقل احلديثة فقد أصبحت من املألوفات.
ويف حياتنا ما ُي َق ِّرب لنا إمكانية عذاب القرب ونعيمه؛ فإن النائم بجوارنا قد ّ
يتأل أو
يتلذذ ومن بجواره ال يشعر به ،وقد كان النبي ﷺ يرى امل َلك وحياوره وال حيس به من ّ
جيالسه من أصحابه.
واألمر داخل يف حيز املمكنات وليس من قبيل املستحيالت غاية األمر أن من املمكنات
أمورا مل نشاهدها ومل نتعود عىل تصورها وهضم كيفيتها فيتخيل اإلنسان ألول وهلة أن األمر ً
عسريا عىل اهلل جل وعال أن يعكس احلياة مرة أخرى عىل ذرات اجلسم سواء ً مستحيل ،فليس
كانت جمتمعة يف قرب ،أو موزعة يف فالة ،أو متفرقة يف بطن سبع فيعي بذلك السؤال واجلواب
ويرى امللك ويكلمه والكيفية ال نعملها فحقائق ما بعد املوت متعلقة بنظام خمتلف كل االختالف
عن نظام هذا العامل املرئي لنا.
املناقشة
1.1ما املقصود بالقرب؟ وما املراد باحلياة الربزخية؟
2.2ما الدليل عىل سؤال القرب؟ وعن أي يشء يسأل اإلنسان يف قربه؟
3.3ما أدلة نعيم القرب وعذابه من القرآن الكريم ،ومن السنة املطهرة؟
32
8
البعث واحلساب
َق َال النَّاظِ ُم :
البعث عبارة عن :إحياء اهلل املوتى وإخراجهم من قبورهم ،إما بعد مجع أجزائهم ،وإما عن عدم
حمض أي :فناء حمض ،وذلك استعدا ًدا للحرش واحلساب واجلزاء وإما إىل جنة وإما إىل نار.
إمكانية البعث:
ولكن :هل البعث عىل هذا احلال أمر ممكن؟ نعم؛ ألن البعث ال يلزم من فرض وقوعه حمال فهو
وأيضا؛ ألن القادر عىل البدء قادر
أمر ممكن ،وكل ممكن جائز الوقوع؛ إذن البعث جائز الوقوعً ،
عىل اإلعادة ،بل إن اإلعادة أهون ىف نظر العقالء.
األدلة عىل البعث :لقد ثبت البعث بالكتاب والسنة وإمجاع األمة ،قال تعاىل:
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سور املؤمنون .قاآلية.115 :
33
أيضا:
وقال ً
()1
وقال:
()2
أيضا:
وقال ً
()4
ويأيت هنا سؤال آخر :هل اإلعادة عن عدم حمض ،أو اإلعادة عبارة عن مجع األجزاء
املفرقة؟ اختلف املتكلمون يف هذه املسألة عىل رأيني:
أما الرأي األول فريى :أن الناس عندما يموتون تعدم أجسامهم وتفنى ،بحيث ال يكون
ثمة يشء وال يكون هناك أي أثر للجسم ،وهذا هو العدم املحض.
َّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة يونس .اآلية.53 : ( )1سورة يس .اآليتان.79-78 :
( )4سورة التغابن .اآلية.7 : ( )2سورة األنبياء.اآلية.103 :
34
ويستدل أصحاب هذا الرأي ببعض اآليات القرآنية منها قوله -تعاىل:-
()1
أيضا:
ومنها ً
()2
أما الرأي الثاين فريىَ :أ َّن الناس عندما يموتون تتفرق أجسامهم وتتحول هذه األجسام إىل
أجزاء مفرقة ،وخترج هذه األجزاء وتتحول من مادة إىل مادة أخرى ،وذلك مع االحتفاظ بأساس
املادة األصلية التي يتكون منها اجلسم.
ويستدل أصحاب هذا الرأي ببعض اآليات القرآنية منها قوله تعاىل لسيدنا إبراهيم عندما
سأله عن كيفية إحياء املوتى:
()3
أيضا:
ومنها ً
()4
وعىل كال الرأيني البد للمكلف أن يعتقد باملعاد ،وال يلزم أن يعتقد بأحد الرأيني ،وأن يعتقد
ال له ،وإال لزم أن اجلسم ا ُملثاب أو املعذب ليس هو أن ا ُمل َعاد هو اجلسم األول بعينه وليس مثي ً
اجلسم الذي أطاع وعىص.
واإلعادة تشمل األجسام أي األجزاء األصلية من اجلسم كاليد والقدم ،أما األجزاء التي
تزول مثل الشعر واألظافر فإهنا ال تعود.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة القيامة .اآلية.26 : ( )1سورة الرمحن .اآلية.26 :
( )4سورة القيامة .اآلية.4-3 : ( )2سورة القصص .اآلية.88 :
35
حكم إعادة األعراض:
أما األعراض فقد اخت ُِلف فيها :فقيل :تعود ،وعىل هذا فهي تشمل األعراض الالزمة فقط ،مثل:
الطول والعرض واللون ،بخالف األعراض غري الالزمة مثل :األصوات.
وقيل اإلعادة ال تشمل األعراض؛ ألنه يلزم عليها اجتامع املتنافيات كالطول والقرص،
ورد عليهم :بأن إعادة العرض ليست دفعة واحدة بل عىل التدريج كام كانت يف
والكرب والصغرُ ،
الدنيا ،لكن يمر عليه مجيع األعراض كلمح البرص ،والتفويض يف مثل هذه األمور أفضل ،وكذا
األمر يف إعادة الزمان.
وقد ورد أن األرض ال تأكل أجسام األنبياء وال تبيل أبداهنم ،وكذلك بعض الصاحلني
والشهداء والعلامء ،ال تبىل أبداهنم ،فإعادهتم ال تكون عن تفريق أو عدم.
احلرش:
هو َس ْوق الناس مجيع ًا إىل املوقف الذي حياسبون فيه بعد بعثهم من قبورهم ،ومكان املوقف
هو ا ألرض املبدلة كام يقول سبحانه:
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة إبراهيم .اآلية.38 :
36
أنواع احلرش أربعة :اثنان يف الدنيا ،واثنان يف اآلخرة.
احلرش األول يف الدنيا وهو :إخراج اليهود من جزيرة العرب ،وهو الوارد يف قوله تعاىل:
()1
احلرش الثاين يف الدنيا وهو :النار التي خترج من عدن باليمن قرب قيام الساعة فتسوق الكفار إىل
()2
املحرش ،فتكون معهم عىل مجيع أحواهلم فتبيت معهم حيث باتوا ،وتقيل معهم حيث قالوا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3أخرجه مسلم. ( )1سورة احلرش .اآلية.2 :
( )2تقيل وقالوا :من القيلولة وهو الراحة وقت الظهر.
37
معنى احلساب:
كانت،
قول ْرشاً ،
خريا كانت ،أو ً
واصطالحا :توقيف اهلل الناس عىل أعامهلم ً
ً احلساب لغة :العدد،
أو فعالً ،بعد أخذ كتبهم.
كانت ،أو ً
فعل، قول ْرشاً ،
خريا كانت ،أو ً
ويمكن أن يقال :هو اطالع اهلل العباد عىل أعامهلم ً
أو اعتقا ًدا.
عموم احلساب :
ويكون احلساب جلميع املكلفني من إنس وجان مؤمنني وكافرينَّ ،إل َم ْن وردت السنة بدخوهلم
تكريم هلم ،ففي احلديث «يدخل اجلنة من َأمتي سبعون ألفا ليس عليهم
ً اجلنة من غري حساب؛
حساب ،فقيل له هال استزدت ربك ،فقال :استزدته فزادين مع كل واحد من السبعني أل ًفا سبعني
أل ًفا ،فقيل هال استزدت ربك؟ فقال :استزدته فزادين ثالث حثيات بيده الكريمة».
()1
وهنا مسألة خالفية :وهي كيف ُيوقف اهللُ الناس عىل أعامهلم ،أو كيف حياسبهم؟
قيل يكلمهم اهلل -سبحانه -يف شأن أعامهلم ،وما هلم من ثواب ،وما عليهم من عقاب وهذا ما
تشهد له األحاديث الصحيحة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه الرتمذي وقال هذا حديث حسن غريب.
38
والكافر ينكر كفره ،فيأمر اهلل جوارحه أن تشهد
()1
وال يشغله سبحانه حماسبة أحد بل حياسب اجلميع م ًعا ،حتى يظن كل فرد أنه
املحاسب وحده.
كيفية احلساب :من احلساب اليسري والعسري ،ومنه الرس واجلهر ،وقد يكون بالعدل ،أو
بالفضل ،وذلك عىل حسب األعامل.
حكمة احلساب :إظهار تفاوت املراتب يف الكامل ،وفضائح أهل النقص ،ويف ذلك ترغيب
للناس يف احلسنات ،وزجر عن السيئات.
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة النور .اآلية.24 :
( )2سورة االنشقاق .اآلية.12-7 :
39
أيضا:
ويقول ً
()1
()2
ال ْل َحاء
ُؤدن احلقوق إىل أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة َ
ومن السنة يقول ﷺ« :لت َّ
()3
أيضا« :ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، من الشاة ال َق ْرن َاء» ويقول ً
()4
فيم عمل ،وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ،وعن جسمه فيم أباله» ،والنصوص وعن علمه َ
ىف هذا الباب كثرية جدًّ ا.
املناقشة
1.1ما معنى البعث ،وما الدليل عليه؟
2.2هل يبعث من مات يف البحار غرق ًا ،أو يف النار حرق ًا؟ وما دلليلك؟
3.3للحرش أنواع أربعة ،اذكرها .وهل هو جلميع املخلوقات؟ وضح ذلك.
4.4ما املقصود باحلساب رشع ًا؟ وملن يكون؟ وما أنواع اخللق بالنسبة له؟
5.5اذكر األدلة عىل احلساب من الكتاب والسنة مع بيان احلكمة منه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3أخرجه املسلم. ( )1سورة البفرة .اآلية.284 :
( )4أخرجه الرتمذي وقال هذا حديث حسن صحيح. ( )2اجللحاء :التي ال قرن هلا.
40
9
اليوم اآلخر
َق َال النَّاظِ ُم :
اليوم اآلخر هو يوم القيامة ،وأوله من وقت احلرش إىل ما ال يتناهى عىل الصحيح ،وقيل إىل
أن يدخل أهل اجلنة اجلنة وأهل النار النار.
متصل بآخر أيام الدنيا ،وإن كان ليس منها ،و ُي َّ
سمى هذا اليوم ٌ وسمي باليوم اآلخر؛ ألنه
أيضا وذلك لقيام الناس فيه من قبورهم وقيام حجتهم عليهم. بالقيامة ً
وقد تعددت أسامء هذا اليوم؛ لكثرة ما فيه من أحداث ،وأشهر هذه األسامء :اليوم اآلخر
والقيامة والقارعة واحلاقة.
املراد هبول املوقف :ما ينال الناس فيه من الشدائد لطول الوقوف ،قيل :إنَّه كألف سنة مما
تعدون قال-تعاىل:-
()1
أيضا إنه:
وقيل ً
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة السجدة .اآلية.5 :
( )2سورة املعارج .اآلية.4 :
41
وال تنايف بني اخلربين؛ ألن املقصود طول املدة ،والعدد ال مفهوم له ،أو أن اليوم خيتلف باختالف
أحوال الناس ،فريى الكفار أنه كخمسني ألف ،ويرى الفساق أنه كألف سنة ،ويرى غريهم أنه
فرتة يسرية ،حتى لريى املؤمن أنه أخف من صالة مكتوبة كام جاء يف بعض األخبار.
هول املوقف:
وىف هذا اليوم يشتد اهلول عىل الناس ،وتقرتب الشمس من الرؤوس ويغرق العصاة والكفار يف
()1
رق إىل كعبيه أو إىل ركبتيه أو إىل حقويه ،ومنهم من يلجمه عرقهم املنتن ،فمنهم من يكون ال َع ُ
()2
العرق إجلا ًما ،وقد أخربنا ﷺ «أن الناس حيرشون يف ذات اليوم حفا ًة عرا ًة ُغ ْرالً » ،فعجبت
عاثشة وسألت :أينظر بعضهم إىل عورة بعض؟ فأجاهبا عليه السالم بقوله سبحانه:
()4( )3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )4متفق عليه. ( )1إىل وسط جسده أي خرصه.
( )5سورة الصافات .اآلية.24 : ( )2غرال أي خللقتهم وهم صغار قبل اخلتان.
( )6سورة األنبياء .اآلية.103 : ( )3سورة عبس .اآلية.37 :
42
واليوم اآلخر حق ال مرا َء فيه ،كام أقر بثبوته مجيع األديان.
()1
أيضا:
ومن هذه األدلة ً
()2
ومنها:
()3
ُ
اإليامن بدونه، اإليامن باليوم اآلخر رك ٌن من اإليامن ،فال ُي ْق َب ُل
ُ حكم اإليامن باليوم اآلخر:
وعىل ذلك فمنكره كافر.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة هود .اآلية.105 : ( )1سورة لقامن .اآلية.33 :
( )2سورة آل عمران .اآلية.106 :
43
عالمات يوم القيامة :
عالمات اليوم اآلخر :عالمات ُص ْغرى ،و ُأ ْخرى كربى.
أوال :الصغرى
أوهلا مبعث خاتم املرسلني؛ حيث يقول«:بعثت أنا والساعة كهاتني ،وضم بني السبابة
والوسطى».
()1
ومنها ظهور املعايص وانتشارها ،وتطاول احلفاة العراة يف البنيان كام جاء يف حديث
جربيل حينام سأل عن الساعة .فقال ﷺ «:ما املسئول عنها بأعلم من السائل ولكني أخربك
()2
عن أرشاطها ...إلخ».
ثانيا :الكربى
وهناك عالمات كربى قريبة :منها ما أخرجه مسلم عن حذيفة قال«:اطلع النبي ﷺ علينا
ونحن نتذاكر فقال :ما تذاكرون؟ قالوا :نذكر الساعة .قال :إهنا لن تقوم حتى تروا قبلها عرش آيات،
فذكر الدخان ،والدجال ،والدابة ،وطلوع الشمس من مغرهبا ،ونزول عيسى بن مريم ﷺ ،ويأجوج
ومأجوج ،وثالثة خسوف ،خسف باملرشق وخسف باملغرب وخسف بجزيرة العرب ،وآخر ذلك
()3
نار خترج من اليمن تطرد الناس إىل حمرشهم».
املناقشة
1.1ما اليوم اآلخر ،وما أشهر أسامئه؟
2.2اذكر بعض أهوال القيامة.
3.3ماحكماإليامنباليوماآلخر؟وماحكممنكره؟معذكرالدليل.
4.4لليوم اآلخر عالمات صغرى وعالمات كربى .وضح ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3أخرجه مسلم. ( )1متفق عليه.
( )2متفق عليه.
44
10
الشفاعة
َق َال النَّاظِ ُم :
تعريف الشفاعة:
واصطالحا :هي سؤال اخلري من الغري ،وقد تنسب
ً الشفاعة لغ ًة :الوسيلة والطلب،
الشفاعة إىل اهلل سبحانه ،كام يف قوله:
()1
فيكون معناه قبول الشفاعة أو العفو ،وله سبحانه أن يعفو عمن اعرتف له بالوحدانية وملحمد-
خريا قط ،كام قال سبحانه:
عليه السالم-بالرسالة ،ومل يعمل ً
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الزمر .اآلية.44 :
( )2سورة النساء .اآلية.48 :
45
أدلتها:
ٍ
خمتلفة ،يقول سبحانه: مواضع وقد ورد ذكر الشفاعة يف القرآن الكريم يف
َ
()1
ويقول:
()2
شفاعة النبي ﷺ
َص به وهي الشفاعة العظمى. وهناك شفاعة :قد تنسب إىل نبينا ﷺ َ ْ
وتت ُّ
وقد تكون الشفاعة له ولغريه من األنبياء والصاحلني ،قال رسول اهلل ﷺ« :لكل ّ
نبي دعوة
قد دعاها ألمته وإين اختبأت دعويت شفاع ًة ألمتي» .أخرجه الشيخان عن أنس ،وذكر ﷺ
ِ
«أنه ُأ ْعطي ً
()4
مخسا مل يعطهن أحدٌ قبله ،ومنها الشفاعة».
والشافع :هو طالب اخلري من الغري للغري ،وا ُمل َش َّفع :مقبول الشفاعة ،وأول من يشفع يوم القيامة
()5
نبينا ﷺ ،فقد روى الشيخان أنه أول شافع ومشفع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )4متفق عليه. ( )1سورة طه .اآلية.109 :
( )5أخرجه الرتمذي وقال هذا حديث غريب. ( )2سورة البقرة .اآلية.255 :
( )3سورة األعراف .اآلية.53 :
46
ٍ
شفاعة مقبولة، فقد اختص ﷺ بأمور ثالثة :فهو أول شافع ،وهو أول ُم َش َّفعِ ،وشفاعت ُه ُ
أول
ِ
الشفاعة لغريه من األنبياء والصاحلني ،ولعل هذا هو املقام املحمود ،الذي وبذلك َي ْفت َُح َ
باب
وعد-سبحانه-به نبيه يف قوله:
()1
وأهل ِ
النار يف النار. ِ استقرار ِ
أهل اجلنَّة يف اجلنة ُ وآخر ُه
ُ أو هو ُ
أول املقا ِم املحمود،
والشفاعة أنواع:
الشفاعة العظمى ،مل ينكرها أحد من املسلمني. 1.1
شفاعته عليه السالم يف إدخال فريق اجلنة بغري حساب. 2.2
3.3شفاعته يف رفع درجات بعض املؤمنني ،وقد يشفع لغريه يف رفع الدرجات كذلك .وهذه
الشفاعات موضع اتفاق بني علامء الكالم.
4.4الشفاعة ملرتكب الكبرية ،الذي مات دون توبة بأن ال يدخل النار أصالً ،أو أن خيرج من النار
بعد أن ُأ ْد ِخ َله َا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة اإلرساء .اآلية.79 :
47
أما املعتزلة فقد أنكروه حيث يرون وجوب تعذيب أهل الكبائر ،كام أنكره اخلوارج
الذين حيكمون بالكفر عىل مرتكب الكبرية ويوجبون ختليده يف النار ،واحلق مع ُ
أهل السنة،
ُ
فقول اهلل سبحانه:
()1
رصيح يف إثبات هذا الرأي ،فلم ُي َع ّلق سبحانه املغفرة عىل توبة ،وإنام علقها عىل املشيئة ،أما إذا
تاب ،فهناك وعد آخر بقبول التوبة ،ووعد الكريم ال يتخلف ،يقول سبحانه:
()2
شبهة وردها:
قيل :إن قوله سبحانه:
()3
ور َّد هذا الكالم بأن املقصود هبم الكفار ،الذين اعرتفوا بقوله
ُ
()4
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة املدثر .اآلية.48 : ( )1سورة النساء .اآلية.48 :
( )4سورة املدثر .اآلية.46 : ( )2سورة الشورى .اآلية.25 :
48
وكذلك قوله سبحانه عىل لسان الكفار يوم القيامة
()1
()2
ِ
الشفاعة ،فإذنه سبحانه يف قوله: فقد استثنى من ذلك عموم
()3
()5
واالستغفار شفاعة ،وقد روي أنه عليه السالم قال«:شفاعتي ألهل الكبائر من أمتي».
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )4سورة حممد اآلية.19 : ( )1سورة الشعراء .اآلية.101-99 :
( )5أخربه الرتمذي ،وقال هذا حديث حسن صحيح. ( )2سورة البقرة .اآلية.48 :
( )3سورة طه .اآلية.109 :
49
املناقشة
واصطالحا.
ً 1.1عرف الشفاعة لغة
2.2للنبي ﷺ عدة شفاعات اذكرها.
؟ ً
مستدل بقوله -تعاىل:- 3.3كيف ترد عىل من أنكر الشفاعة
4.4هل يشفع الصاحلون والعلامء لغريهم؟ وضح هذا املوضوع.
50
11
احلسنات والسيئات
َق َال النَّاظِ ُم :
تعريف احلسنات
مجع حسنة ،وهي ما يمدح فاعلها رش ًعا ،وسميت حسنة؛ حلسن وجه فاعلها.
واملراد باحلسنة:
املقبولة األصلية التي عملها العبد ،أو ما يف حكمها ،كام إذا تصدّ ق شخص عن شخص آخر
بصدقة ،ووهب له ثواب هذه الصدقة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة األنعام .اآلية.160 :
51
وقد ت َُضاعف إىل «سبعني ،أو سبعامئة ضعف ،أو إىل أضعاف كثرية» ،ال يعلمها إال اهلل سبحانه:
()1
هم بحسنة
وتتفاوت مراتب التضعيف تب ًعا للتفاوت ،واإلخالص ،وحسن النية ،أما إذا ّ
فلم يعم ْلها ،فإهنا تكتب حسنة واحدة من غري مضاعفة ،وكذلك إذا عزم عىل معصية ثم تركها
تكتب له حسنة.
تعريف السيئات:
مجع سيئة ،وهي :ما يذم فاعلها رش ًعا ،وهي :ما يذم فاعلها رشعا ،صغرية كانت ،أو كبرية،
وسميت سيئة؛ ألن فاعلها ُي َساء عند املقابلة عليها يوم القيامة.
واملراد بالسيئة:
مثل ،أو ما يف حكمها ،كأن ب شخص ًا ،أو َع َّق والديه ً التي عملها العبد حقيقة ،كأن يكون َس َّ
يكون ظلم أحدً ا يف دنياه فيؤخذ من سيئات املظلوم و ُت ْط َرح عىل الظامل .أما من فعل سيئة ،فإهنا ال
تضاعف ،بل حتسب عليه سيئة واحدة قال-تعاىل-
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة البقرة .اآلية.261 :
( )2سورة اآلنعام .اآلية.160 :
52
12
التوبة
َق َال النَّاظِ ُم :
اخ َت َل ِ ْ
ف َو ِف ا ْل َق ُب ِ
ول َر ْأ ُ ُيم َقدْ ْ ِ
يدِّ ُد ت َْو َب ًة َلا ا ْق َ َ
ت ْ
ف ِ
َ - 83لك ْن ُ َ
التوبة:
واصطالحا :هي ما استجمع ثالثة أركان :اإلقالع
ً لغة :مطلق الرجوع ،وكذلك املتاب بمعنى التوبة،
فلو مل ْ يقلع ،أو مل يندم ،أو عزم عىل العود فليس
عن الذنب ،والندم عىل فعله ،والعزم عىل أال يعودْ ،
بتائب .هذا إن مل تتعلق املعصية باآلدمي ،فإن تعلقت به فلها ركن رابع وهو رد املظلمة إىل ذلك اآلدمي،
أيضا صدورها قبل الغرغرة قبيل املوت يقول سبحانه: أو حتصيل الرباءة منه ،ومن رشوطها ً
()1
وجوب التوبة:
كبريا ،فتأخري التوبة ذنب
صغريا أم ً
ً فورا عىل من ارتكب ذن ًبا ،سواء كانوالتوبة واجبة ً
آخر ،ويتفاوت هذا الذنب باعتبار التأخري.
وعند املعتزلة يتعدد الذنب بالرتاخي ،فترتاكم الذنوب ،وتزيد كلام تأخر يف التوبة.
أما دليل وجوب التوبة :فرشعي عند األشاعرة ،وهو قوله سبحانه:
()1
وعند املعتزلة يثبت الوجوب بالعقل؛ ألن العقل يدرك حسنها فيوجبها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة النور .اآلية.31 :
54
حكم من عاد إىل الذنب بعد التوبة:
يرى املعتزلة :أن فعل الذنب بعد التوبة منه ينقض التوبة ،فيعود ذنبه الذي تاب منه بعوده إليه،
فرشط صحة التوبة عندهم ّأل يعاود الذنب بعد التوبة.
وعند الصوفية :معاودة الذنب بعد التوبة أقبح من «سبعني» ذن ًبا بال توبة ،ومها رأيان ضعيفان.
أما اهل السنة :فريون أن العود إىل الذنب ال ينقض التوبة ،ما دام عاز ًما عند التوبة عىل عدم
العود ،وعليه إن وقع يف الذنب مرة أخرى أن جيدّ د توبة أخرى وهكذا ،فال يرض إال اإلرصار
عىل املعايص.
واستدل أهل السنة عىل ما ذهبوا إليه ببعض األدلة منها قوله تعاىل:
()1
()2
أيضا قوله ﷺ«:والذي نفيس بيده لو مل تذنبوا ،لذهب اهلل بكم وجلاء بقوم ومن هذه األدلة ً
()3
يذنبون ،فيستغفرون اهلل ،فيغفر هلم».
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3أخرجه مسلم. ( )1سورة البقرة .اآلية.222 :
( )2سورة آل عمران .اآلية.135 :
55
آراء العلامء يف قبول التوبة:
هل جيب عىل اهلل تعاىل أن يقبل توبة التائب :ذهب أهل السنة إىل أن اهلل يتفضل بقبول
التوبة إذا استجمعت رشائطها؛ حيث يقول:
()1
ويقول سبحانه:
()2
فهذا وعد كريم ،ووعد الكريم ال يتخلف ،وإنام ندعو بقبوهلا خوفا من أن تكون رشوطها غري
متحققة من اإلخالص ،وحسن النية.
وتوقف إمام احلرمني والقايض أبو بكو الباقالين من أهل السنة ،فلم يقطعا بالقبول ،بل هي
معلقة باملشيئة ،وقالوا :إن قوله تعاىل:
()3
وذهبت املعتزلة إىل أن اهلل تعاىل جيب عليه أن يقبل توبة عباده إن تابوا ،وكانت توبتهم
مستجمعة للرشوط ،وهذا كالم فيه تطاول عىل اهلل تعاىل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورةالشوري .اآلية.25 : ( )1سورة النساء .اآلية.17 :
( )2سورةالشوري .اآلية.25 :
56
وقد أمجعوا عىل أن توبة الكافر مقبولة بمشيئته؛ بدليل قوله سبحانه:
()1
وهذا يؤيد رأي األشعري؛ إذ ال فرق بني الكافر وبني املؤمن العايص يف قبول التوبة ،بل العايص
أوىل بالقبول إذا حتققت رشوطها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة األنفال .اآلية.38 :
57
13
الذنوب كبائر وصغائر
َق َال النَّاظِ ُم :
أما الصغائر فهي :ما ليس فيه حد فيها الدنيا ،وال توعد بعذاب يف اآلخرة.
وتُعطى الصغائر حكم الكبائر باإلرصار عليها والتفاخر هبا ،أما إن فعلها من غري نية العود فهي صغائر.
وبعد أن علمنا أن الذنوب «صغائر ،وكبائر» وهو الرأي الصحيح ،نجد أن هناك من خالف
يف هذه املسألة:
1.1فخالف املرجئة؛ حيث ذهبوا إىل أن الذنوب كلها صغائر ال ترض مرتكبها ما دام عىل اإلسالم.
2.2وخالف أيضا اخلوارج؛ حيث ذهبوا إىل أن الذنوب كلها كبائر ،وأن كل كبرية كفر.
ص هبا َأي :اهلل ،ولكن ال ِ
نظرا لعظمة َم ْن ُع َ
3.3وثالث ذهب إىل أن الذنوب كلها كبائرً ،
َي ْك ُفر مرتكبها ،كام قالت اخلوارج ،إال بام هو ك ُف ٌر كسجود لصنم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1متفق عليه.
58
مك َفرات الذنوب:
يك ّفر اهلل الذنب بفعل بعض الصاحلات ،كالوضوء ،والعمرة ،وصلة الرحمَّ ،
والصدَ قة ،يقول سبحانه:
()1
فالسيئات كاألمراض ،واحلسنات دواء هلا ،وتغفر الذنوب باجتناب الكبائر ،كام يقول سبحانه:
()2
وقد اتفق املسلمون عىل أن التكفري يرتتب عىل االجتناب ،فقد َوعَدَ سبحانه بذلك ،ووعده
ال يتخلف.
ثم اختلفوا هل هذا الرتتيب قطعي أم ظني؟ فذهب مجاعة من الفقهاء واملحدثني واملعتزلة:
إىل أنه قطعي؛ ألنه ثبت بدليل قطعي ،وهو قوله سبحانه:
()3
وذهب أئمة الكالم إىل أنه ظني؛ الحتامل تعلقه عىل املشيئة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة النساء .اآلية.31 : ( )1سورة هود .اآلية.114 :
( )2سورة النساء .اآلية.31 :
59
أما الكبائر:
فمنها ما يتعلق باهلل وحده ،وهو ُي ْغ َف َر بالتوبة ،وأشد الذنوب املتعلقة به سبحانه الكفرُ ،ي ْغ َف ُر
بالتوبة ،يقول سبحانه:
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورةاألنفال .اآلية.38 :
60
14
السنَّةَّ :
أن َم ْن مات قبل أن يتوب من الكبائر ،فأمره مفوض إىل اهلل ،إن شاء ثان ًيا :يرى أهل ُّ
غفر له ،وإن شاء أدخله النار دون خلود فيها ،وهذا مفهوم من عموم قوله سبحانه:
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورةالنساء .اآلية.116 :
61
أما املعتزلة:
فريون أن مرتكب الكبرية ،الذي مات دون أن يتوب منها ،ال بد من خلوده يف النار؛ وهذا رأي
خيالف رصيح القرآن والسنة ،فقوله سبحانه:
()1
رصيح يف جواز املغفرة بدون توبة ،ويقول « :من قال ال إله إال اهلل دخل اجلنة»« ،فقال أبو ذر:
وإن زنى ،وإن رسق؟ قال»« :وإن زنى ،وإن رسق»« ،فأعاد أبو ذر سؤاله ثالثا ،والرسول يرد
بنفس الرد ،ثم قال يف الثالثة« »:وإن زنى وإن رسق رغم أنف أيب ذر».
()2
ويف ختليد مرتكب الكبرية يف النار ،تسوية بينه وبني الكفار ،مع أن اهلل خاطب العصاة بوصف
اإليامن كام يف قوله سبحانه:
()3
يقول املاتريدية :نعم ،إنه جيب تعذيب بعض العصاة؟ ليتحقق الوعيد.
ويقول األشاعرة :إنه ال جيب تعذيب أحد ،بل جتوز املغفرة جلميع املؤمنني ،وهذا بنا ٌء عىل
املذهب من أنه جيوز ختلف الوعيد ،وإن كان ال جيوز ختلف الوعد.
وقد رأى الشيخ «عبد السالم بن إبراهيم اللقاين» أن املقصود باألمة أمة الدعوة ،فتشمل
الكفار ،والذين مل يستجيبوا ،فيجوز أن يكون البعض املعذب عىل بعض الكبائر من الكفار.
62
واحلاصل أن الناس عىل قسمني :مؤمن وكافر ،فالكافر خم ّلد يف النار إمجا ًعا ،واملؤمن عىل
قسمني :طائع وعاص ،فالطائع يف اجلنة إمجا ًعا ،والعايص عىل قسمني :تائب وغري تائب ،فالتائب
يف اجلنة إمجا ًعا ،وغري التائب يف املشيئة ،وعىل تقدير عذابه فإنه ال خي ّلد يف النار.
املناقشة
1.1اختص اهلل أمة حممد بمضاعفة احلسنات فام مراتب التضعيف ،مع ذكر الدليل.
2.2تتنوع الذنوب إىل صغائر وكبائر ،فام مفهوم كل واحد منهام .وما دليل انقسامها؟ وما
املقصود بالكبائر؟ وما أمثلتها؟
3.3للتوبة النصوح أركان ،فام هي؟
4.4اختلف العلامء فيمن عاد إىل الذنب بعد التوبة منه .وضح اخلالف بالتفصيل.
5.5قال صاحب اجلوهرة.
فأمره مفوض لربه ومن يمت ومل يتب من ذنبه
ما املقصود بالقول السابق ،وهل هناك خالف يف هذا .وما حكم مرتكب الكبرية عند
أهل السنة؟ وما أدلتهم؟ ومن املخالف هلم؟وما رأهيم؟
ّبي املذاهب يف حتقق وعد اهلل ،ووعيده .مع حتديد املذهب الصحيح. 6.6
63
15
صحائف األعامل
َق َال النَّاظِ ُم :
مومن إال وله كل يوم صحيفة ،فإذا طويتوقيل :إن لكل يوم صحيفة ،كام َو َر َد« :ما من ُ
وليس فيها استغفار طويت ،وهي سوداء مظلمة ،واذا طويت ،وفيها استغفار طويت ،وهلا نور
()1
يتألأل ،فإذا كان يوم احلسابُ ،وصلت هذه الصحف بعضها ببعض حتى تكون صحيفة واحدة».
وقيل :إن هناك من ينسخ هذه الصحف املتعددة يف صحيفة واحدة؛ فالكتاب الذي يعطى
لصاحبه كتاب واحد فيه كل صغرية وكبرية ،كام يقول اهلل سبحانه وتعاىل ،عىل لسان املجرمني:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ذكره النسفي ،مل يرو هذا احلديث يف يشء من كتب السنة.
( )2سورةالكهف .اآلية.49:
64
أما بالنسبة لطريقة أخذ الكتاب :فإن املؤمن يأخذ كتابه بيمينه إكرا ًما له ،قال تعاىل:
()1
خاصا باألمة اإلسالمية ،بل هو عام ىف مجيع األمم ،لكل من وجب عليه وإعطاء الكتب ليس ًّ
احلساب ،أما من عافاه اهلل من احلساب ،كاألنبياء ،ومن أكرمهم اهلل بإدخاهلم اجلنة بغري حساب،
فليس هناك حاجه إلعطائهم كتبهم ،وسيكون عىل رأس من يدخلون اجلنة بغري حساب من غري
األنبياء أبو بكر كام ورد.
ولكن َم ْن يدفع الصحف للعباد :ورد أن ِر ً
حيا ُت َط ِّ ُي الكتب من خزانة حتت العرش ،فال ختطئ
صحيفة عنق صاحبها ،كام ورد أن كل شخص يدعى فيعطى كتابه ،فالريح ُت َط ّيها ،واملالئكة
يسلموهنا ألصحاهبا بأيامهنم إن كانوا مؤمنني ،وبشامئلهم ومن وراء ظهورهم إن كانوا كافرين.
أما املؤمن العايص ،فقد اختلفت األقوال ىف شأنه ،ومل يقل أحد بأخذه بشامله ،وتو ّقف
البعض عن احلكم ،والصحيح أنه يأخذ ُه بيمينه ،ألنه مؤمن ،كام جزم بذلك اإلمام املاوردي،
وهو املشهور.
()3
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة االنشقاق .اآليات.12-7 : ( )1سورة احلاقة .اآلية.19 :
( )2سورة احلاقة .اآلية.25 :
65
الدليل عىل هذه املسأله :قد ثبت أخذ صحائف األعامل بالكتاب ،والسنة ،واإلمجاع،
يقول سبحانه:
()1
وقال:
حكم اإليامن بثبوت صحائف األعامل :واجب ،ومنكره كافر ،ملا سبق من األدلة.
وكيف يقرأ كتابه وقد يكون أم ًّيا؟ وما هي اللغة التي تكتب هبا الصحف ،وللناس لغات
شتى ،وهلجات خمتلفة؟
قيل إن القراءة ليست مقصودة بحقيقتها ،بل ذلك جماز عن العلم ،فتعرض عليه أعامله
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة اإلرساء .اآليتان.14-13 :
( )2سورة الكهف .اآلية.49 :
66
16
الوزن وامليزان
قال النَّاظِ ُم :
يكون الوزن ملن ُيعطى الكتاب استعدا ًدا للحساب ،وأما من ُأعفوا من احلساب ،فال
يعطون صح ًفا ،وال تُوزن هلم ٌ
أعامل.
وعملية الوزن والتقدير حتتاج إىل آلة يكون هبا الوزن ،وهي امليزان.
صفة امليزان:
وقيل :يف وصف امليزانَّ ،
إن له قصبة وكفتني ولسانًا ،كهيئة موازين الدنيا.
ويكون ثِ َق ُل امليزان وخفته عىل هيئته يف الدنيا ،وقيل عكس ذلك ،فيصعد الثقيل إىل أعىل ،وهيبط
اخلفيف إىل أسفلً ،
أخذا من قوله سبحانه:
()1
واألوىل التفويض يف هذه التفاصيل ،وهل هو ميزان واحد ،أو موازين متعددة لكل شخص
ميزان ،أو لكل عمل ميزان؟ أقوال خمتلفة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة فاطر .اآلية.10 :
67
وهل توزن أعامل الكفار ،أو يكفي الكفر ليدخلهم النار؟ وقد ّيكون للكافر حسنات
وسيئات غري الكفر:
()1
فال بد من وزن حسناهتم وسيئاهتم فريجح الكفر ويلقى يف النار ،أما قوله سبحانه:
()2
أما أهل السنة :فريون أن محل هذه النصوص عىل ظاهرها وحقيقتها ،أوىل من تأويلها
صورا حسية هلا وزن ،أو أن توزن نفس الصحف، ً ورصفها ،فاحلقيقة ممكنة ،بأن تصوراملعاين
ويشهد لذلك حديث البطاقة ،الذي رواه الرتمذي والذي ُذكر فيه ،أنه ُيؤتَى بشخص ُينرش عليه
سجل ،يعرتف بكل ما فيها من سيئات ،ثم توضع يف كفة حسناته بطاقة ،فيها ً تسعة وتسعون
األشخاص أنفسهم،
ُ كلمة التوحيد فتطيش السجالت ،وهذا لرجل أراد اهلل له اخلري ،أو تُوزن
وقد وردت آثار تشهد لكل رأي من هذه اآلراء.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة فصلت .اآلية.46 :
( )2سورة الكهف .اآلية.105 :
68
دليل الوزن وامليزاث:
ورد إثبات الوزن والميزان في الكتاب والسنة ،وأجمعت عليهما األمة ،يقول سبحانه:
()1
ويقول سبحانه:
()2
ويقول:
()3
مر من أدلة.
حكم اإليامن بالوزن وامليزان :واجب ،ومنكره كافر ،ملا ّ
احلكمة من الوزن :إظهار العدالة اإلهلية املطلقة ،وطمأنة املؤمنني ،وانذار املجرمني ،
وإقامة احلُ ّجة عىل املخالفني.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة القارعة .اآليات.11-6 : ( )1سورة األعراف .اآليتان.9-8 :
( )2سورة األنبياء .اآلية.47 :
69
17
الرصاط
َق َال النَّاظِ ُم :
والرصاط لغة :الطريق الواضح الصحيح ،ويف االصطالح :جرس ممدود عىل متن جهنم ترده
مجيع اخلالئق ،ما عدا طائفة من الكفارُ ،ي َع َّجل بإلقائهم يف جهنم من املوقف مبارشة.
ويسري عىل الرصاط من يدخل اجلنة بغري حساب ،والكل صامت ال يتكلم إال األنبياء
يقولون :اللهم س ّلم س ّلم.
تعارضا يف األوصاف ،ولذلك مل يعرتفواً وقد اشتبه األمر عىل املعتزلة ،فظنوا أن هناك
بالرصاط عىل حقيقته املشهورة ،بل رصفوه عن ظاهره وقالوا :املراد به األدلة الواضحة ،فليس
يمر عليه الناس.
هناك رصاط حقيقي ممدود عىل متن جهنّم ّ
أما أهل السنة فريون أنّه ليس هناك ما يدعو إىل هذا التأويل ،ورصف النصوص عن ظاهرها،
ألن احلقيقة ممكنة ،واختالف األوصاف يف الضيق والسعة يمكن فهمه باعتباراملارين عليه حسب
يشق عليهم املرور حتى يبدو أمامهم الطريق ض ِّي ًقا حا ًّدا،
أعامهلم التي تنري هلمالطريق ،فالعصاة ّ
سهل. ٍ
بفضل من اهلل ،فريون الطريق أمامهم واس ًعا ً يعبون
والصاحلون ُ
70
دليل ثبوت الرصاط :أنه قد ورد ذكره يف القرآن الكريم ،حيث يقول سبحانه:
()1
ض ُب اجلرس عىل جهنم، كام ورد يف السنة الصحيحة ذكر الرصاط وأوصافه ،يقول « :ثم ُي ْ َ
وحتل الشفاعة ،ويقولون اللهم سلم سلم ،قيل يا رسول اهلل ،وما اجلرس؟ قال َد ْح ٌض مزلة فيه
()2
خطاطيف».
أيضا أن املالئكة تقوم عىل جانبيه ،وكذلك الكالليب التي تأخذ العصاة ،فتلقي
وورد ً
هبم يف النار ،وأن فيه طريقني ،فأهل السعادة يسلكون طريق اليمني ،وأهل الشقاء يسلكون
طريق ِّ
الشامل.
()3
اخلالصة :أن مجيع املؤمنني يعرتفون بالرصاط يف اجلملة ،واملعتزلة منهم يرصفون النصوص
عن ظاهرها ،ويرون أن املقصود الطريق ،أو األدلة الواضحة.
حكم اإليامن بالرصاط :واجب ،ومنكره كافرملا سبق من األدلة ،أما منكر هذا التفصيل
فليس بكافر ،وال فاسق.
71
املناقشة
1.1ما املقصود بصحائف األعامل؟ وكيف يأخذها العباد؟ وما دليل ذلك؟ وما حكم اإليامن
هبا؟ وما حكم منكرها؟
2.2ما حكم اإليامن بالوزن وامليزان يوم القيامة؟ وكيف نفهم قوله تعاىل :
؟
3.3ما املقصود بالرصاط يوم القيامة؟ وما دليله؟ وكيف نفهم التفاصيل الواردة فيه؟ وكيف
خيتلف العباد يف املرور عليه؟ وما حكم اإليامن به؟ وما حكم منكر ذلك؟
72
18
احلوض
َق َال النَّاظِ ُم :
اءنَا ِف النَّ ْق ِ
ـل َحت ٌْم ك ََم َقدْ َج َ ض َخ ْ ِي ُّ
الر ْس ِل - 90إِ َيم ُننَا بِ َح ْو ِ
تعريفه:
قيل يف تعريفه :هو جسم خمصوص كبري متسع اجلوانب يكون عىل األرض املبدلة قال تعاىل:
()1
عند ما يشتد املوقف بالناس ،يظهر اهلل -سبحانه -كرامة هذه األمة ،وخصائصها ،فتكون لرسوهلا
الشفاعة العظمى ىف إهناء املوقف ،ثم يكون أتباعه ّأول َم ْن يمرون عىل الرصاط ،ثم خيصهم اهلل
سبحانه بخاصة أخرى يرشبون منه ،فال يظمأون أبدً ا.
وقد ورد يف الصحيحني أن رسول اهلل قال« :حويض مسرية شهر وزواياه سواء ،ماؤه أبيض
()2
من اللبن ،ورحيه أطيب من املسك ،وكيزانه أكثر من نجوم السامء من رشب منه فال يظمأ أبدً ا».
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة إبراهيم .اآلية.48 :
( )2متفق عليه.
73
حوضا،
ً وقيل :لكل نبى حوض ،يرده من آمن به ،كام ورد عن احلسن مرفو ًعا« ،أن لكل نبي
أهيم أكثر تب ًعا ،وإين
وهو قائم عىل حوضه ،وبيده عصا يدعو من عرفه من أمته ،أال وإهنم يتباهون ّ
ألرجو أن أكون أكثرهم تب ًعا».
()1
واألحاديث الواردة يف احلوض كثرية جدًّ ا تكاد تكون متواترة ،وكلها جممعة عىل نسبة
احلوض إىل النبي ،وإن اختلفت يف وصفه ،ففي بعض الروايات أنه مسرية شهر ،ويف البعض
اآلخر أنه مسرية شهرين ،وبعضها مثل املسافة بني مكة وأيلة ،وقيل كاملسافة بني عدن وعامنْ ،أو
بني صنعاء واملدينةْ ،أو ْبي املدينة وبيت القدس ،واملقصود من كل ذلك أنه واسع حلد كبري.
ولقد أدى هذا االختالف يف صفة احلوض ببعض املعتزلة إىل إنكاره ،وأولوه بأنه نوع
من رضوان اهلل ونعمه ،وليس هناك ما يمنع أن يكون رضوان اهلل هبذه الصورة التي وردت يف
أيضا ما يدعو إىل رصف هذه النصوص عن ظاهرها ما دامت احلقيقة األحاديث ،وليس هناك ً
ممكنة ،وهذا هو احلق ،وهو رأي أهل السنة.
أما مكانه :فلم يرد يف السنة الصحيحة حتديدٌ له ،وقداختلفت األقوال فيه :فهناك من يقول
إنه قبل الرصاط؛ ليرشب منه املؤمنون ،بعد خروجهم من القبور ِع َط ً
اشا.
وفريق آخر يرى أن موضعه بعد الرصاط قبل اجلنة ،والناس يف حاجة إىل الرشب منه يف هذا
املوضع ،ألهنم يقفون بعد الرصاط ليتحللوا من املظامل فيام بينهم.
وفريق ثالث يرى أن هناك حوضني لنبينا ،أحدمها قبل الرصاط ،واآلخر بعده ،وال
حرج عىل فضل اهلل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أيب الدنيا.
74
19
والكريس والقلم واللوح املحفوظ
ّ اإليامن بالعرش
َق َال النَّاظِ ُم :
2 .2الكريس:
وهو جسم عظيم نوراين حتت العرش .فوق السامء السابعة .قال تعاىل:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة احلاقة .اآلية.17 :
( )2سورة البقرة .اآلية.255 :
75
3 .3القلم:
وهو جسم عظيم نوراين خلقه اهلل .وأمره أن يكتب ما كان ،وما يكون إىل يوم القيامة .كام ورد
يف السنة املطهرة.
4 .4الكاتبون:
وهم املالئكة الكتبة .منهم من يكتب أفعال العباد ،ومنهم من يكتب من اللوح املحفوظ يف
صحف املالئكة لتنفيذها.
5 .5اللوح املحفوظ:
وهو جسم كتب فيه القلم بإذن اهلل ما كان وما يكون إىل يوم القيامه قال تعاىل:
()1
وقال:
()2
وهذه األمور الغيبية خلقها اهلل ِحلكَم تقرص عقولنا عن إدراكها ،وليست حلاجة اهلل إليها .فلم
الكريس للجلوس ،وال القلم الستحضار ما غاب عن علمه تعاىل ،وال َّ خيلق العرش لالرتقاء ،وال
الكاتبني وال اللوح لضبط ما خياف نسيانه.
حكم ا ِ
إليامن بام سبق:
جيب عىل املكلف اإليامن بكل ما سبق من :عرش وكريس ،وكتبة ،ولوح ،كغريها من األمور
السمعية الثابتة باألدلة من الكتاب والسنة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة الربوج .اآلية.22-21 :
( )2سورة يس .اآلية.12 :
76
20
اجلنة والنار
َق َال النَّاظِ ُم :
َل َت ِ ُل َِل ِ
اح ٍد ذي ِجنَّ ْه دت ك َ
َاجلنَّه - 94والن َُّار َح ٌّق ُأ ِ
وج ْ
تعريفه اجلنة:
اجلنة يف اللغة :البستان ،ويف االصطالح :دار الثواب التي أعدها هلل للمؤمنني ،لتكون دار
إقامة خالدة مؤ َّبدة ُم َعدَّ ة للسعداء ،الذين فارقوا الدنيا عىل اإليامن.
درجات اجلنة:
واجلنة درجات بعضها فوق بعض ،أفضلها الفردوس ،وهي أعالها ،وتليها جنة «عدن»،
ثم «جنة اخللد» ،ثم «النعيم» ،ثم «املأوى»« ،ودار السالم»« ،ودار اجلالل» فهي سبع ،وكلها
متصلة بمقام الوسيلة ،والدرجة الرفيعة؛ لينعم أهل اجلنة مجي ًعا بمشاهدة املصطفى .
وقيل :هي نار واحدة ختتلف طبقاهتا ،وشدة العذاب فيها ،كام يقول سبحانه:
()1
يرى البعض أن اجلنة والنار غري موجودتني اآلن ،وهو ليس بصواب ،كيف وقد أخرب اهلل -
داري ثواب وعقاب يف كثري من آي القرآن الكريم،
ْ سبحانه -عن إعداد اجلنة والنار ،وكوهنام
قال تعاىل :
()2
أيضا:
وقال ً
()3( )1
وقوله:
()4
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة الكهف اآليتان٠٧ :ا٠٨ ،ا ( )1سورة النساء .اآلية٤٥ :ا.
( )4سورة األحزاب اآلية٦٤ : ( )2سورة مريم .اآلية .63
78
فجمهور املسلمني يرى أهنام موجدتان اآلن ،استنا ًدا هلذه اآليات ،وغريها الكثري.
واستدل املعتزلة عىل عدم وجود اجلنة والنار اآلن ،بأنه ال داعي لوجودمها اآلن ،ومن ناحية
أخرى قد ذكر اهلل أن َع ْرض اجلنة كعرض السامء واألرض ،فكيف يتصور وجودمها اآلن؟
والرد عىل هذه الشبه يسري؛ ألن ملك اهلل تعاىل ليس حمدو ًدا هبذه الساموات السبع
واألراضني حتى ال جيد مكانًا للجنة والنار.
أما احلكمة من إعدادمها منذ خلق الساموات واألرض ،فال يعلمها إال اهلل سبحانه.
خلود اجلنة والنار :نصوص القرآن رصحية يف استمرار اجلنة والنار وعدم فنائهام ،يف كثري
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة النساء .اآلية ٢٢ :١
79
ويقول يف حق الكافرين
()1
وال يشذ عن هذا اإلمجاع غري اجلهمية ،الذين قالوا :بفنائهام بعد النعيم والعذاب.
واخللود ىف النار خاص بالكافرين ،أما عصاة املؤمنني فإهنم خيرجون منها ويدخلون اجلنه
فيخلدون فيها.
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة االحزاب .اآليتان٦٥ ،٦٤ :.
( )2سورة هود .اآليات٠٦ :ا ٠٨ -ا.
80
أما جزاء غر املك ّلفني :إن كانوا من أوالد املؤمنني ،فالراجح أهنم يف اجلنة ،وأما غريهم
فقيل يف اجلنة ،وقيل غري ذلك.
ويف اجلنة من أنواع النعيم (ما ال عني رأت ،وال أذن سمعت ،وال خطر عىل قلب برش) كام
ورد يف مسلم أو يف البخاري.
وكذلك يف عذاب النار فيها من األهوال ما ال يعلمه إال اهلل ،ويكفي أن وقودها
الناس واحلجارة.
ولذلك أمرنا النبي أن نستعيذ باهلل من النار وأن نسأله اجلنة.
املناقشة
1.1ما املقصود بحوض نبينا حممد ؟ وما مذهب أهل السنة فيه؟ وما دليلهم؟ وهل هو
قبل الرصاط أو بعده؟ وضح ذلك.
2.2ملاذا أنكر املعتزلة وجود حوض النبي ،وما مذهب أهل السنة واجلامعة يف إثباته؟
وما أدلتهم؟
كل من :العرش ،الكريس ،القلم ،اللوح املحفوظ. عرف ًّ
ِّ 3.3
4.4ما حكم اإليامن هبذه املخلوقات؟ وما دليل كل منها؟ وما حكم منكر وجودها؟
واصطالحا.
ً 5.5عرف اجلنة والنار لغة
6.6قيل :إن اجلنات سبع فام هي؟
81
21
اآلثار املرتتبة عىل اإليامن بالسمعيات:
ً
أول :المالئكة:
لإليامن باملالئكة أثر كبري يف حياة املسلم ،من ذلك:
1.1تقوية شعور املسلم بعظمة اهلل تعاىل ،وقد اتضح ذلك من صفاهتم ووظائفهم التي تفيد ما هلم
من قدرات وصفات عظيمة ،ومع هذا فاملالئكة جند من جنود اهلل تنفذ أوامر اهلل
()1
2.2توضيح مركز اإلنسان الكبري يف الكون وأمهيته يف احلياة ،فاملالئكة الذين هم أشد من
اإلنسان قوة قد أمروا بالسجود آلدم عليه السالم ،وسخروا لتدبري أمور حياتنا يف الدنيا
والقيام بشئوننا يف اآلخرة.
3.3يدفع اإلنسان إىل التشبه هبم يف الطاعة واملداومة عىل عمل الصاحلات.
4.4يدفع املرء إىل االستحياء من اهلل تعاىل وذلك ليقني اإلنسان بأن املالئكة تتغشاه يف جمالسه
وتتوىل كتابة أعامله ،يتعاقبون عليه يف صحوه وغفلته فال يقدم عىل خطأ أومعصية.
5.5يستشعر اإلنسان بإيامنه باملالئكة األُنس وعدم الوحشة أو االستسالم لليأس ليقينه بأن هناك
مالئكة يقومون عىل حفظه ورعايته بأمر من اهلل تعاىل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة التحريم .اآلية.6:
82
ثانيا :عموم السمعيات:
لإليامن باليوم اآلخر وسائر السمعيات آثار فكرية ونفسية وخلقية منها:
1.1فكر ًّيا :من يؤمن باحلياة األخرى جيد :تفسري الكثري من ظواهر احلياة اإلنسانية التي يدرك
معناها من خالل إيامنه باليوم اآلخر وما فيه.
شعورا بالرضا والطمأنينة والقناعة،ً 2.2نفس َّيا :يزرع اإليامن باليوم اآلخر يف نفس املسلم
نظرا ليقينه يف العدالة اإلهلية املطلقة ،فيصرب ويتحمل ما يالقيه من شدائد وحمن يف احلياة،
ً
فتتحقق سعادته يف الرساء والرضاء عىل السواء ،بخالف غري املؤمن باحلياة اآلخرة ،فإنه ال
يقوى عىل جماهبة ما يقع فيه من حمن ويكون بني قلق ويأس وإحباط قد يؤدي إىل ما نراه من
حماوالت إهناء حياته باالنتحار.
ُ 3.3خ ُل ِق ًّيا :يعمل اإلملام باليوم اآلخر عىل االلتزام بالقيم األخالقية لدى اإلنسان املؤمن؛ ألنه
ومن ثم يكون حرص املؤمن يوقن بأن ما يقدمه يف حياته الدنيا سيحاسب عليه يف اآلخرةِ ،
عىل األخالق الفاضلة واألعامل الصاحلة التي سيجزى عليها أمام اهلل تعاىل ،يقول تعاىل:
()1
ويقول سبحانه:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة البقرة .اآلية.223 :
( )2سورة البقرة .اآلية.272 :
83
22
الكليات اخلمس التي أوجب الرشع حفظها
َق َال النَّاظِ ُم :
لقد ْأوجب الشارع عىل كل إنسان املحافظ َة عىل مخس َة أمور ،والتي تسمى بالكليات اخلمس،
وقيل ِس ٌّت ،وإنام سميت بالكليات؛ ألنه يتفرع عليها أحكام كثرية؛ وألهنا وجبت يف كل م ّلة.
ً
أول :الدين :الدين هو ما رشعه اهلل لعباده من األحكام ،واملراد بحفظه صيانته عن الكفر
مبال بحرمتها ،وانتهاك وجوبوانتهاك حرمة املحرمات ،كأن يفعل املحرمات غري ٍ
الواجبات ،كأن يرتك الواجبات غري مبال بوجوهبا ،وحلفظ الدين رشع القتال.
صغرياً ،
عاقل ،أو غري عاقل ،وحلفظ ً كبريا ،أو ثان ًيا :النفس أي :نفس برشية ً
ذكرا ،أو أنثىً ،
النفس رشع القصاص.
راب ًعا :النسب :واملراد به االرتباط الذي يكون بني الوالد وولده ،وحلفظه رشع حد الزنا.
خامسا :العقل :وهومناط التكليف ،وحلفظه رشع حد رشب اخلمر ،والدية ملن أذهبه بجناية .
ً
سادسا :العرض :واملراد به موضع املدح والذم من اإلنسان ،وحلفظه رشع حد القذف.
ً
84
23
املعلوم من الدين بالرضورة
َق َال النَّاظِ ُم :
املعلوم من الدين بالرضورة هو :ما يعلمه خواص املسلمنيوعوامهم ،وذلك كوجوب الصالة ،
وحرمة الزنا.
حكم منكر املعلوم من الدين بالرضورة :كافر ،ألن جحده مستلزم لتكذيب النبي ،
وذلك بعد إقامة احلجة عليه.
واختُلف فيمن أنكر شي ًئا ُأمجع عليه إمجا ًعا قطع ًّيا ،فقيل يكفر ،والراجح أنه ال يكفر إال إذا
كان معلو ًما من الدين بالرضورة ،وعليه فاملعول عليه يف القضية هو املعلوم من الدين بالرضورة،
وليس شي ًئا آخر.
واعتقاد إباحة حمرم معلوم من الدين بالرضورة ،يشمل الكبائر والصغائر كالكذب ً
مثل،
ويشمل ما كان حتريمه لعينه ،مثل الزنا ،وما كان حتريمه لعارض ،كصوم يوم العيد ،فإن حتريمه
لعارض ،وهو اإلعراض عن ضيافة اهلل – تعاىل ،-وخالف يف ذلك البعض .
85
24
اإلمامة
َق َال النَّاظِ ُم :
َفــاهللُ َيــك ِْفينَــا َأ َذا ُه َو ْحــدَ ُه - 101إِ َّل بِكُـ ْف ٍر َفـا ْنبِ َذ ّن َع ْ
ـهـدَ ه
مقدمة:
ً
أصول عامة وترك للمسلمني قضية اإلمامة (احلكم) من القضايا الكلية التي وضع اإلسالم هلا
تفاصيلها وذلك أنه اشرتط للحكم بعد االلتزام بتنفيذ رشع اهلل أن يقوم عىل ثالثة مبادئ :العدل،
والشورى والطاعة ألويل األمر فيام أحب املؤمن أو كره إال أن يؤمر بمعصية فال سمع وال طاعة.
يرش عىل شخص بعينه ،أو ألرسة بعينها لتويل وملا انتقل الرسول إىل الرفيق األعىل مل ْ
كفؤا
اخلالفة من بعده مما يدل عىل أن أمر املسلمني يف هذه القضية موكول إىل األمة ختتار من تراه ً
من املسلمني ،ليتوىل أمرها ولقد كانت البيعة التي متت أليب بكر الصديق يف سقيفة بني ساعدة
نص عليه. ٍ
بيعة حرة من غري عهد ووصية أو ّ
86
حكم تنصيب إمام عدل :واجب عىل األمة ،عند عدم النص من اهلل -تعاىل ،-أو رسوله عىل
شخص معني ،أو عدم االستخالف من اإلمام السابق ،وهذا الوجوب بالرشع ،وليس بالعقل ،
كام زعمت املعتزلة.
ومن الوجوه الدالة عىل نصب اإلمام :أن الشارع أمر بإقامة احلدود ،وسد الثغور ،وجتهيز
اجليوش ،وهذا ال يتم إال بإمام يرجعون إليه ،ويف تنصيب اإلمام رفع رضر عن املسلمني ،ورفع
الرضر واجب رش ًعا.
ويأيت هنا سؤال ،ملاذا يذكر علامء التوحيد اإلمامة يف كتب التوحيد ،وهي ليست من
أركان اإليامن؟
غالبا يذكر علامء الكالم اإلمامة يف كتبهم؛ لبيان حكمها ،وللرد عىل أهل البدع واألهواء
الذين جعلوا اإلمامة من أصول الدين ،كالرافضة وغريهم ،وملا ترتب عىل هذا األمر من قدحهم
يف اخللفاء الراشدين،وغلوهم يف أئمتهم .
رشوط اإلمام:
وجيب عىل األمة طاعة اإلمام ،ولكن يف حدود الرشع ،فإذا أمر بمحرم ،أو مكروه ال جتب
طاعته ،وإذا أمر بمباح ،وكان فيه مصلحة للمسلمني فتجب طاعته.
ما الذي يوجب خلعه؟ الذي يوجب خلعه كفره ،أو أمره بكفر ،أو أن يوجد منه ما يوجب
اختالل أحوال املسلمني .
87
25
األمر باملعروف والنهي عن املنكر
َق َال النَّاظِ ُم :
ش ِف ابتِدَ ا ِع َم ْن َخـ َل ْ
ف َوك ُُّل َ ٍّ ف ـي ِف ا ِّت َبا ٍع َم ْ
ـن َسـ َل ْ ُـل َخ ْ ٍ
َ - 106فك ُّ
ِ
َمـا ُأبِ َ
يح ا ْفـ َع ْل َو َد ْع َما َل ْ ُي َب ْح ُـل َهـدْ ٍي لـلنَّبِي َقـدْ َر َج ْ
ـح َ - 107وك ُّ
املعروف هو :ما عرف الرشع خريه ،وطلبه عىل سبيل الندب ،أو الوجوب.
واملنكر هو :ما أنكره الرشع ،وهنى عن فعله عىل سبيل الكراهة ،أو التحريم.
()1
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سورة آل عمران .اآلية104:.
88
منكرا فليغريه بيده ،فإن مل يستطع فبلسانه ،فإن مل يستطع
ويف احلديث قال النبي « :من رأى منكم ً
فبقلبه وذلك أضعف اإليامن» )1(.و ُيؤخذ من هذا احلديث أن مراتب اإلنكار ثالثة :أفضلها التغيري
باليد؛ يليها التغيري بالقول ،وأقلها التغيري بالقلب أي :اإلنكار بالقلب ،وأما اإلمجاع :فألن املسلمني
يف الصدر األول وبعده ،كانوا يتواصون به ،ويوبخون تاركه.
شروط األمر بالمعروفه والنهي عن المنكر:
1 .1أن يكون القائم عىل األمر باملعروف والنهي عن املنكر ،عا ًملابام يأمر وينهى.
2 .2أن يأمن أن ال يؤ ّدي إنكاره إىل منكر أكرب منه ،كأن ينهى عن رشب اخلمر ،فيؤدي هنيه إىل
القتل ً
مثل.
3 .3أن يغلب عىل الظن أن أمره باملعروف وهنيه عن املنكر مؤثر.
ويندب األمر باملندوب والنهي عن املكروه ،أما األمر بالواجب والنهي عن احلرام ،فهو
واجب وجوبا كفائ ًّيا ،والبعض قال عين ًّيا ،وجيب األمر والنهي فور وقوع املخالفة وبمناسبتها.
التحيل بالفضائل والتخيل عن الرذائل:
ِ
ب، من األمور التي جيب أن يتخىل عنها اإلنسان النميم ُة ،والغيب ُة؛ وال ُع ْج ُ
ب ،والك ْ ُ
واحلَ َسدُ ،واملِرا ُء.
ً
أول :النميمة :هي نقل كالم الناس بعضهم إىل بعض ،عىل وجه اإلفساد بينهم.
قال النووي :هي إفشاء الرس ،وهتك العرض ،ومن ُحِلت إليهنميمة ،لزمه ستة أمور :أن
ال يصدق النامم ،وأن ينهاه عن ذلك ،وأن يبغضه ،وأن ال يظن باملنقول عنه السوء ،وأن ال
حيمله ما ُح ِكي له عىل التجسس ،وأن ال حيكي النميمة عنه ،كأن يقول فالن حكى يل كذا.
هذا وقد حرم الشارع النميمة؛ ملا يرتتب عليها من الفساد ،ويف احلديث:
()2
«ال يدخل اجلنة َّنمم».
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم.
( )2رواه البخاري.
89
شخصا يريد
ً وقد أجاز الشارع النميمة إذا دعت إليها احلاجة واملصلحة ،كام إذا علمت
البطش بآخر ،فال مانع من إخبار اآلخرليأخذ ِح ْذ َره.
ثان ًيا :الغيبة :وهي ذكرك أخاك بام يكره ،ولو كان فيه ،أو حتى بحضوره ،ويف احلديث ،أنه
ُس ِئ َل« :أرأيت إن كان يف أخي ما ذكرت؟ قال إن كان فيه فقد اغتبته ،وإن مل يكن فيه
()1
فقد َ َبتَّه».
والغيبة :قد تكون بالكالم ،كام هو ظاهر ،وقد تكون بغريه ،فقد تكون بإشارة ،أو بتقليد،
أو ما شابه ،وكام حترم الغيبة عىل املغتاب ،كذلك حيرم عىل العبد سامعها ،وجيب عىل السامع
أن ينهى املغتاب.
والغيبة تباح يف أحوال :للمصلحة مثل التظلم ،واالستعانة عىل تغيري املنكر ،وكذلك
مثل ،كاألعمى واألصم وغريها.التعريف ،بمعنى أنه ال ُي ْعرف إال هبذا االسم ً
وال بد من التوبة من الغيبة ،فإذا علم من وقعت عليه الغيبة ،فال بد من عفوه ،أما إذا مل يعلم
فيكفي االستغفار.
وهو حرام ،ومما يعني اإلنسان عىل دفعه ،أن يعلم أنه يفسد العمل.
ب :وهو َب َط ُر احلق و َغ ْم ُط الناس كام يف احلديث ،أما أن يكون اإلنسان ثوبه حسنًا ِ
راب ًعا :الك ْ ُ
ونعله نظي ًفا فهذا ليس من الكرب يف يشء ،ومن أدلة حتريمه قوله « :ال يدخل اجلنة َم ْن
يف قلبه مثقال ذرة من كرب».
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم.
( )2رواه مسلم.
90
خامسا :احلسد :وهو متني زوال النعمة عن الغري ،أما إذا متنى أن يكون له مثلها ،فال بأس به
ً
فهو غبطة.
ويف احلديث« :إياكم واحلسد فإن احلسد يأكل احلسنات كام تأكل النار احلطب».
()2
سادسا :املراء :هو منازعة الغري فيام يدعي صوابه ،وحمل كونه مذمو ًما ،إذا كان لتحقري غريك،
ً
بح َّجته من صاحبه ،فأقيض له ،فمن وإظهار مزيتك عليه ،كام يقول « :قد يكون أحدكم َأ ْ َ
ل ُن ُ
()3
قضيت له بيشء ،فإنام قضيت له بقطعة من النار ،فليأخذها ،أو فليدعها».
التحيل بالفضائل:
وهذا من باب التحلية بعد التخلية ،فإذا ختىل اإلنسان عن أدرانه ،فعليه بعد ذلك أن يستزيد
من اخلريات؛ ويتأسى بخري اخللق أمجعني وبمن تبعه إىل يوم الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3متفق عليه. ( )1سورة الفلق .اآلية.5:
( )2أخرجه أبو داود بسند ضعيف.
91
26
خامتة املنظومة
َق َال النَّاظِ ُم :
ِ
اخلالص ِ
الـرياء ثم يف ِم َن - 109هذا وأرجو اهلل يف اإلخالص
ِ
هلؤالء قد َغ َوى فمن َي ِم ْل ـوى ِ - 110م َن الرجي ِم ثم َن ْف ِس َ
ْ واهل َ
عند السؤال مطل ًقا ُح َّجتنا - 111هـذا وأرجـو اهللَ أن يمنحـنا
ـم ِ
نبي دأبـُـ ُه املـراح ْ
عـىل ٍّ الــدائـم
ْ الصال ُة والسال ُم
- 112ثم َّ
ـن ُأ َّمـتِه ِ
وتـابع لنـهجـه م ْ حممــد وصـحــبِه وعــرتتِه
ٍ - 113
الرجاء هو :تعلق القلب بمرغوب فيه ،مع األخذ يف األسباب ،وإال فهو طمع مذموم ويف احلديث
()1 «ماأقل حياء من يطمع يف جنتي بغري عمل ،كيف أجود برمحتي عىل من ِ
بخ َل بطاعتي». َّ القديس:
َ َ
واإلخالص :قصدُ اهلل بالعبادة وحده .وهو سبب اخلالص من أهوال يوم القيامة .وهو
واجب عيني عىل كل مكلف يف مجيع الطاعات .قال تعاىل:
()2
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )1اخلرب املذكور مل يرد يف يشء من كتب السنة ولكنه ورد يف بعض التفاسري كتفسري «الكشف
والبيان للثعلبي»«وتفسري البحر املحيط»أليب حيان األندلس و «الكشاف» للزخمرشي بصيغة« :وروي
أن اهلل عز وجل أوحي إىل موسى كذا »...وذكر اخلرب املذكور ،انظر كتب التفاسري يف سورة
آل عمران آية .136
92
خالصا ،وما ابتغي به وجهه».
()1
ً وقال « :إن اهلل ال يقبل من العمل إال ما كان
والتسميع :أن يعمل العمل وحده ،ثم خيرب به الناس ،ألجل تعظيمهم له ،أو جللب خري منهم.
والرجيم :هو الشيطان املرجوم .أي املطرود من رمحة اهلل ،أو الراجم للناس بوسوسته،
واملراد :إبليس وأعوانه.
واملراد بالنفس .األ َّمارة بالسوء وهي التي تأمر بالسوء ،وال تأمر باخلري.
واهلوى هو :ميل النفس إىل مرغوهبا .ويستعمل غال ًبا يف ميل النفس عن احلق نحو:
()3
()4
يسارع يف هواك».
وقد يستعمل يف امليل للحق .كقول عائشة ريض اهلل عنها للنبي « :ال أرى ربك إال َ
وقوله( :عند السؤال مطل ًقا) أي يف الدنيا ،ويف القرب ،ويوم القيامة.
ثم ختم بالصالة والسالم الدائمني عىل نبي الرمحة ،وعىل صحبه ،وعرتته أي أهل بيته
ونسله ،ومن تبع سنته من أمته .صلوات اهلل وسالمه عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( )3سورة ص .اآلية.26: ( )1أخرجه النسائي يف السنن ،والطرباين يف
( )4أخرجه البخاري بلفظ « :ما أرى ربك.»...ذ. املعجم األوسط.
( )2أخرجه مسلم.
93
املناقشة
1 .1أوجب الشارع حفظ الكليات اخلمس ،فام هي؟ وما احلدود التي رشعها ملن يعتدي عليها؟
2 .2ما املقصود بالعلوم من الدين بالرضورة؟ وما حكم منكره؟
3 .3قال صاحب اجلوهرة:
َف َل ت َِز ْغ َع ْن َأ ْم ِر ِه ا ُمل َبني َف َل ْي َس ُر ْكنًا ُي ْع َت َقدْ ِف الدِّ ِ
ين
يشري البيت السابق إىل قضية اإلمامة ،فامذا تعرف عنها؟ وما رشوط اإلمام؟
4 .4ينادى البعض باألمر باملعروف والنهي عن املنكر ،فام ضوابط ذلك؟
94
Dengan ini SAYA BERJANJI akan menjaga buku ini
dengan baiknya dan bertanggungjawab atas kehilangannya,
serta mengembalikannya kepada pihak sekolah pada
tarikh yang ditetapkan.
Sekolah ______________________________
Tarikh
Tahun Tingkatan Nama Penerima
Terima
9 789672 212393