bf08 1 PDF

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫جذع مشترك ماستر التدبير اإلداري والمالي للجماعات الترابية‬

‫وماستر اإلدارة والقانون‬

‫وحدة القانون اإلداري المقارن‬


‫عرض تحت عنوان ‪:‬‬

‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫إنجاز الطلبة‪:‬‬

‫د‪.‬المصطفى المصباحي‬ ‫مارس محمد‬ ‫‪‬‬


‫مزوغ عبد الرحيم‬ ‫‪‬‬
‫عالمي موالي عبد العزيز‬ ‫‪‬‬
‫حسناء أيت يوسف‬ ‫‪‬‬
‫صحوفي مريم‬ ‫‪‬‬
‫سناء سبيل‬ ‫‪‬‬
‫فاطمة الزهراء أبو الفتح‬ ‫‪‬‬

‫الموسم الجامعي ‪2020-2019‬‬


‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫يرتبط مفهوم الحكامة باإلدارة‪ ،‬فكالهما مفهومين مترابطين‪ ،‬حيث أن الحكامة الجيدة تقتضي‬
‫وجود إدارة جيدة‪ ،‬وعلى ضوء هذا الترابط الوثيق تبرز العالقة الوطيدة بين مبادئ الحكامة‬
‫والتدبير اإلداري الذي تراهن عليه الدول في تجويد وتحسين صورة مرافقها العامة‪ ،‬حيث أضحى‬
‫المرفق العمومي في الوقت الراهن إحدى االهتمامات الكبرى لدى شريحة عريضة من المهتمين‬
‫بقضايا التدبير المرتبط بالشأن العام والموصل للتنمية الشاملة‪ ،‬كما أن المرفق العام يعتبر تجسيدا‬
‫ملموسا ومظهرا حقيقيا لنشاط الدول‪ ،‬وشكال من أشكال تدخل هذه األخيرة في الحياة العامة‬
‫للمواطنين من أجل إشباع متطلباتهم واالستجابة لحاجياتهم المتزايدة بهدف تحقيق المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وهذا ما افرز أهمية بالغة في البحث عن آليات ناجعة ووسائل معقلنة لتدبيره حتى يكون‬
‫في مستوى تطلعات المواطنين‪ .‬وهو ما تمظهر ببالدنا عبر دسترة مبادئ حكامة المرافق العامة‪،‬‬
‫والرغبة األكيدة في الرقي بمفهوم المرفق العام عبر إصدار ميثاق وطني للمرافق العامة الذي‬
‫ساهم بدون أدنى شك في تعزيز آليات الحكامة الرائدة وبناء صرح ديمقراطي حديث أساسه حسن‬
‫التدبير والشفافية والمساواة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز الولوجية للمرافق العامة تماشيا‬
‫مع ما جاء به دستور ‪ ،2011‬بما يهدف إلى إسهام المواطن في إعداد سياسة عمومية ترمي إلى‬
‫تحسين عالقته باإلدارة‪ ،‬وكذا تدبير الخدمات اإلدارية المقدمة بجعلها في المتناول‪ ،‬ولعل هذه‬
‫المبادئ وغيرها من أهم األهداف واألسس التي يمكن أن تبنى عليه حكامة جيدة للمرافق العامة‪.‬‬

‫فإذا كانت المرافق العمومية المحلية تحتل مكانة هامة للقيام بخدمات أساسية‪ ،‬كونها أداة لتلبية‬
‫الحاجيات اليومية للمواطنين في قطاعات حيوية‪ ،‬كالنقل والماء والكهرباء والتطهير السائل وجمع‬
‫النفايات واالزبال في إطار حكامة جيدة‪ ،1‬فإن هذه األخيرة تعتبر مطلبا دوليا ‪ ،‬حقوقيا‪ ،‬وسياسيا‪.‬‬
‫فهي في نفس الوقت مطلبا للتدبير‪ ،‬فاعتماد الحكامة في التدبير والتسيير هو المصباح السحري‬
‫الذي سينير الطريق أمام اإلصالح اإلداري المنشود‪.‬‬

‫‪ - 1‬المصطفى المصبحي‪ ،‬مقالة بعنوان "حكامة التدبير المفوض للمرافق العمومية" ‪ ،https://www.attadbir.com ،2010‬تاريخ االطالع‬
‫‪ 16‬نونبر ‪،2019‬الساعة ‪.19:34‬‬
‫‪-1-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫وحتى نحيط بجوانب هذا الموضوع ارتأينا في البداية طرح العديد من المفاهيم األساسية التي‬
‫يتوجب على الباحث والمطلع لمضمون هذا الموضوع اإلحاطة بها وبمدلولها‪.‬‬

‫‪ ‬المرافق العمومية‪ :‬اإلدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية األخرى‬


‫‪.2‬‬
‫ومجموعاتها والهيئات التابعة لها واألجهزة العمومية‬
‫‪ ‬المرفق العام‪ :‬كل نشاط تقوم به المرافق العمومية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫الجاري بها العمل من أجل تلبية حاجيات المرتفق وتحقيق المصلحة العامة‪.3‬‬
‫‪ ‬األجهزة العمومية‪ :‬المؤسسات والمقاوالت العمومية وكل شخص اعتباري خاضع‬
‫للقانون العام‪.4‬‬
‫‪ ‬الخدمة العمومية‪ :‬كل خدمة تقدمها المرافق العمومية لفائدة المرتفق‪.5‬‬
‫‪ ‬المرتفق‪ :‬الشخص المتعامل مع المرافق العمومية سواء كان شخصا ذاتيا أو اعتباريا‪.6‬‬
‫‪ ‬التدبير الحديث‪ :‬هو التدبير الذي يعتمد على مجموعة من المبادئ والمقاربات واآلليات‬
‫من أجل تحقيق الجودة والفعالية والنجاعة‪ ،‬والذي يرتكز على التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪،‬‬
‫والتوجيه‪ ،‬والتنسيق والمراقبة‪.‬‬
‫‪ ‬الحكامة‪ :‬يعني هذا المصطلح أوال وقبل كل شيء التعبير عن ممارسة السلطة السياسية‬
‫وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده‪ ،‬ثانيا هو مفهوم استعجالي تبناه المنتظم الدولي‬
‫لتجاوز حالة الخلل القائم في نماذج التنمية التي ال يجد فيها المجتمع الفرصة المناسبة‬
‫للتعبير عن رأيه ومواقفه وحمولته الثقافية في المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين‬
‫مستواه المعيشي‪ .‬ثالثا تعتبر آلية للتدبير الرشيد و الحكيم للموارد بهدف تحقيق التوازن‬
‫في شتى الميادين‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تشكل دعامة ومدخال أساسيا للوصول إلى حالة‬
‫التنمية البشرية المستدامة‪ ،‬لهذا فقد تم تعريف الحكامة على أنها " الطريقة التي تباشر‬
‫بها السلطة في إدارة موارد الدولة االقتصادية منها واالجتماعية بهدف تحقيق التنمية"‪.‬‬
‫لذلك فالحكامة الجيدة‪ ٬‬في أي مجتمع وأي مؤسسة حكومية كانت أو غير حكومية‪ ٬‬تبقى‬

‫المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 54.19‬الصادر بتاريخ ‪ 04‬يوليوز ‪. 2019‬بمثابة ميثاق المرافق العمومية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪-2-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫من أهم الضروريات إلنجاح المشاريع التنموية‪ ٬‬إال أن تطبيقها يتطلب سيادة جو تسوده‬
‫الشفافية والمسؤولية ودولة القانون والمشاركة والالمركزية والتنسيق بين كل المتدخلين‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق سنحاول التطرق في عرضنا هذا لإلجابة عن اإلشكالية المحورية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ما مدى مساهمة التنصيص الدستوري لمبادئ و آليات الحكامة في تحسين تدبير‬
‫المرفق العمومي حتى يستجيب لتطلعات المواطنين؟‬

‫تتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬


‫‪ -‬ماهي المقتضيات الدستورية والمؤسساتية المؤطرة والضابطة لحكامة المرفق‬
‫العمومي؟‬
‫‪ -‬ماهي االختالالت التي تعاني منها المرافق العمومية؟‬
‫‪ -‬كيف يساهم التدبير العمومي الحديث المرتكز على الحكامة الجيدة في تحسين خدمات‬
‫المرفق العمومي؟‬
‫‪ -‬أهمية الموضوع‪:‬‬
‫يكتسي موضوع مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي أهمية جلية تتضح‬
‫في إبراز أهمية الحكامة في ميدان المرافق العمومية‪ ،‬وكذا الرهانات والواقع الذي‬
‫يمكن أن يصاحب اعتماد الحكامة الجيدة في أداء المرافق العمومية بالمغرب‪ ،‬خاصة‬
‫مع المستجدات التي جاء بها دستور ‪ 2011‬والتغيرات التي يعرفها المغرب‪.‬‬
‫و لإلحاطة بجوانب الموضوع ارتأينا االستعانة بالمناهج القانونية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المنهج القانوني ‪ :‬من أجل التطرق للمقتضيات القانونية التي تؤطر مبادئ حكامة المرفق‬
‫العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬المنهج التحليلي‪ :‬وذلك من اجل تحليل النصوص القانونية الخاصة بحكامة للمرافق العمومية‬
‫واألحكام الدستورية‪ ،‬والوقوف عند غاية المشرع من دسترة مبادئ الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫وبناء على ما سبق وفي محاولة لإللمام بالموضوع تم العمل على تقسيمه وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المبادئ المستمدة من الوثيقة الدستورية‬

‫المطلب األول المبادئ الكالسيكية المؤطرة لسير المرفق العمومي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ المساواة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ استمرارية المرافق العمومية‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتعديل‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المعايير التي يخضع لها المرفق العمومي استرشادا بالدستور الجديد‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ترسيخ مبادئ الجودة والشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ترسيخ مبادئ احترام القانون والحياد والمشاركة‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬هيئات ومؤسسات حكامة المرافق العامة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التدبير العمومي الحديث ورهان الحكامة الجيدة‬

‫المطلب األول‪ :‬آفاق ورهانات حكامة المرافق العمومية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختالالت المرافق العمومية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رهانات وتوصيات تحسين المرافق العمومية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديث أساليب التدبير والتنظيم‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديث على مستوى أساليب التدبير‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديث على مستوى األداء‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تحديث الوسائل البشرية وتطوير آليات المراقبة‬

‫‪-4-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫المبحث األول‪ :‬المبادئ المستمدة من الوثيقة الدستورية‬


‫ال أحد ينكر أن المرافق العامة تحتل مكانة األهمية في المجتمع بما تناط بها من حيوية تلبي‬
‫حاجيات المواطنين وتحقق الخدمات العامة لفائدة المرتفقين‪ ،‬لذلك فإن رهان ديمقراطية تدبير‬
‫وسير المرافق العامة ال يتحقق فقط من خالل المبادئ الكالسيكية التي تحكم سير هذه المرافق‬
‫والمتجسدة في المساواة أمام المرافق العامة وقابليتها للتعديل والتغيير واستمراريتها (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬بل البد من الركون إلى المبادئ الحديثة والهيئات والمؤسسات الدستورية التي تكرس‬
‫أبجديات الحكامة الجيدة‪ ،‬ومن هذه اآلليات مبدأ الشفافية‪ ،‬الجودة‪ ،‬التشارك وربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة‪ ،‬وغيرها من المبادئ (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المبادئ الكالسيكية المؤطرة لسير المرفق العمومي‬


‫اتفق فقهاء القانون اإلداري على أن هناك مبادئ أساسية مشتركة ما بين مختلف المرافق‬
‫العمومية تحكم سير ونشاط هذه المرافق‪ ،‬حيث صنفها "لوريس روالن‪"LORIS ROLLAND‬‬
‫إلى ثالثة مبادئ أساسية‪ ،‬وتسمى في بعض األحيان بقوانين روالن وهي‪ :‬مبدأ استمرارية المرفق‬
‫العمومي‪ ،‬مبدأ المساواة أمام المرفق العمومي‪ ،‬ومبدأ التكيف الدائم للمرفق العمومي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ المساواة‬


‫يشكل مبدأ المساواة الحجر األساس لتكريس دولة الحق والقانون‪ ،‬وإشاعة األمن والطمأنينة لدى‬
‫المواطنين والوقاية من التطاحنات التي قد يسببها التمييز وعدم المساواة‪ ،‬وقد خص الدستور المغربي‬
‫هذا المبدأ بمجموعة من الفصول منها الفصل السادس الذي نص على أن " القانون هو أسمى تعبير‬
‫عن إرادة األمة‪ .‬والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬بما فيهم السلطات العمومية‪ ،‬متساوون‬
‫أمامه‪ ،‬وملزمون باالمتثال له "‪ .7‬كما نص الفصل ‪ 31‬على أنه " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪ ،‬لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪،‬‬
‫على قدم المساواة‪ ،‬من الحق في العالج والعناية الصحية؛‪ ،8" ...‬كما نص الفصل ‪ 154‬على أنه "‬
‫يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها‪،‬‬
‫واإلنصاف في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستمرارية في أداء الخدمات‪ .‬تخضع المرافق العمومية‬

‫‪ - 7‬الفصل ‪ 6‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪ - 8‬الفصل ‪ 31‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪-5-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية‬
‫التي أقرها الدستور"‪.9‬‬

‫وتنضبط المرافق العمومية في سريانها لهذه المبادئ إذ تلتزم بمعاملة المواطنين المنتفعين على قدم‬
‫المساواة سواء من حيث ولوج وظائفها واالستفادة من فرص العمل بها‪ ،‬أو من حيث االنتفاع‬
‫بخدماتها‪ ،‬وأخيرا من حيث تحمل أعبائها‪.10‬‬

‫ويقتضي مبدأ المساواة تواجده سواء على مستوى العالقات الداخلية للمرفق العام أو على مستوى‬
‫عالقاته الخارجية‪:‬‬

‫‪ -‬على المستوى الداخلي للمرفق العام‪:‬‬

‫معنى ذلك ضرورة قيام المرفق العام بمعاملة موظفيه على قدم المساواة‪ ،‬سواء من هم مستخدمون‬
‫لديه حاال أو من هم سيكونون مستخدمين لديه مستقبال‪ .‬ذلك أن جميع المواطنين لهم الحق في ولوج‬
‫الوظا ئف الشاغرة لدى المرفق العام‪ ،‬كما أن جميع المستخدمين لهم الحق في االستفادة من الترقية‬
‫الداخلية أو من االمتيازات التي يخولها لهم القانون‪ ،‬دون التمييز بينهم ألسباب تعود إلى عرقهم أو‬
‫انتماءاتهم أو معتقداتهم‪ ،‬سواء كانت ذات طابع سياسي أو ديني‪ .‬وهو االتجاه الذي سار عليه التشريع‬
‫وأكده اإلجتهاد القضائي في أكثر من مناسبة‪.11‬‬

‫‪ -‬على المستوى الخارجي للمرفق العام‪:‬‬

‫إن هذا المستوى يهم عالقات المرفق العام مع المرتفقين‪ ،‬أي المستفيدين من خدماته‪ .‬ذلك أن ما‬
‫يقوم به المرفق من أعمال لصالح الجمهور‪ ،‬يجب أن يتم على مبدأ المساواة دون التمييز بين هذا أو‬
‫ذلك‪ .‬ويبدو أن هذا النوع من العالقات ال يطرح أي إشكال ما دام مبدأ المساواة يفرض نفسه لكونه‬
‫يدخل في طبيعة األشياء‪.12‬‬

‫‪ - 9‬الفصل ‪ 154‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪ - 10‬أحمد أجعون‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬الطبعة ‪ ،2014/2013‬مطبعة ووراقة سجلماسة الزيتون‪ -‬مكناس‪ -‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 11‬محمد كرامي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،2015‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ -‬الدارالبيضاء – ص ‪.298‬‬
‫‪ - 12‬محمد كرامي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪-6-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ استمرارية المرافق العمومية‬

‫تقوم المرافق العمومية على أساس تحقيق المصلحة العامة للجميع عن طريق تقديم وتوفير خدمات‬
‫أساسية للمواطنين قصد إشباع حاجياتهم الضرورية‪ ،‬لذا كان من الضروري على السلطات العامة‬
‫ضمان السير العادي والمنتظم لهذه المرافق بشكل تنجلي معه العوائق واالكراهات التي من شانها أن‬
‫تحول دون تأدية المرفق العمومي لخدماته باستمرار‪ ،‬وبالتالي تجنب اإلخالل بالنظام العام‪.‬‬

‫ويرجع األ ساس القانوني لهذا المبدأ انطالقا من االجتهاد القضائي وبالضبط مجلس الدولة‬
‫الفرنسي‪ ،‬كما كرسه االجتهاد القضائي المغربي في الحكم عدد ‪ 69‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬يونيو‬
‫‪ 1998‬حينما قضت المحكمة اإلدارية بأكادير بأن "أي تحديد للطاقة االستيعابية يعتبر إغالقا جزئيا‬
‫للمرفق الجامعي‪ ،‬وبالتالي خرق مبدأ استمرارية المرفق العام‪ ،‬والذي يعني استمرار المرفق في أداء‬
‫الخدمة االجتماعية التي أنشا من أجلها"‪.13‬‬

‫كما نص المشرع المغربي على هذا المبدأ ألول مرة في الدستور انطالقا مما جاء في الفصل‬
‫‪ 154‬السالف ذكره‪ .‬ويقضي هذا المبدأ بحتمية ديمومة صيرورة المرفق العام و بصورة جيدة‬
‫ومنتظمة‪ ،‬الن الحياة العامة في المجتمع و الدولة ترتكز و تتوقف على سير المرافق العامة بانتظام‬
‫و اطراد وأي توقف أو خلل في سير المرافق العامة يؤدي إلى شلل وتوقف الحياة العامة في المجتمع‬
‫والدولة‪ ،‬ومبدأ دوام حسن سير المرافق العامة هو من المبادئ العامة للقانون التي اكتشفها وأقرها‬
‫القضاء‪.14‬‬

‫ويقتضي مبدأ االستمرارية توافر جملة من الضمانات تعمل جميعا على تجسيده في أرض الواقع‪.‬‬
‫ومن هذه الضمانات ما وضعه المشرع ومنها ما رسخه القضاء اإلداري‪ .‬وتتمحور هذه الضمانات‬
‫في‪:‬‬

‫‪ -‬مسؤولية اإلدارة عن توقف المرافق العامة‪ :‬عندما تتكفل اإلدارة بتامين سير المرفق العام‬
‫بصورة مباشرة‪ ،‬مثل اتباع أسلوب الوكالة‪ ،‬فإن أي توقف يتعرض له المرفق العمومي يعتبر عمال‬
‫غير مشروع تترتب عليه مسؤوليتها‪.‬‬

‫‪ - 13‬حكم عدد ‪ 69‬بتاريخ ‪ ،1998/06/26‬أحمد شوقي ضد جامعة اللقرويين بفاس‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 25‬أكتوبر‪-‬دجنبر‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.223‬‬
‫‪ - 14‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري – الجزء الثاني – الطبعة الخامسة‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪-7-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬مسؤولية صاحب االمتياز عن توقف المرفق العام‪ :‬عندما تقوم اإلدارة بإسناد المرفق‬
‫العمومي إلى صاحب االمتياز‪ ،‬فإن هذا األخير يكون ملزما بتأمين سير نشاطه ضد أي توقف‪ ،‬ولو‬
‫كان هذا التوقف ناتج عن كون المرفق ال يدر أي ربح أو عن حصول عجز لدى صاحب االمتياز‪.‬‬
‫وفي حالة عدم التزامه‪ ،‬فإن ذلك تترتب عنه مسؤوليته‪ .‬غير أن بإمكانه أن يطالب من اإلدارة مانحة‬
‫االمتياز بأن تساهم في إعادة التوازن المالي للعقدة‪ ،‬تطبيقا للنظريات المعمول بها في هذا الباب‪.‬‬

‫‪ -‬االستقالة ومبدأ االستمرارية‪ :‬إن االستقالة هي الوسيلة التي يمكن بواسطتها للموظف أن‬
‫يضع حدا للعمل الذي يقدمه لإلدارة‪ ،‬غير أن هذه الوسيلة ال يمكن ممارستها بصفة مطلقة‪ ،‬بل إن‬
‫المشرع قد أخضعها للسلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬حيث أجاز لها أن تقبلها أو أن ترفضها إذا كان من‬
‫شانها المس بمبدأ االستمرارية‪ .‬وعلى هذا األساس نظمها الظهير رقم ‪ 1.58.008‬الصدر بتاريخ‬
‫‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق بالنظام األساسي للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬الموظف الفعلي ومبدأ االستمرارية‪ :‬احتراما لمبدأ االستمرارية‪ ،‬فإن المشرع قد يجيز في‬
‫بعض األحيان األعمال التي قد تبدو لإلدارة وكأنها غير صحيحة من الناحية الشكلية‪ .‬وهو ما يظهر‬
‫من خالل األعمال الصادرة عن الموظف الفعلي‪ ،‬والتي قد تبدو في حالتين‪ :‬حالة الظروف العادية‪،‬‬
‫ثم حالة الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫‪ -‬أعمال الموظف الفعلي أثناء الظروف العادية‪ :‬قد يحدث‪ ،‬أثناء الظروف العادية‪ ،‬أن‬
‫يتصرف أشخاص ظاهريا كما لو كانوا موظفين في وضعية قانونية‪ ،‬في حين أنهم ليسوا كذلك‪،‬‬
‫وبالتالي فإن األعمال التي يقومون بها لإلدارة تفتقد لألساس القانوني‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن المشرع قد‬
‫اعتبر هذه األعمال صحيحة‪ ،‬وذلك حفاظا على استمرارية المرافق العامة التي هي شرط ضروري‬
‫للحفاظ على م صالح المرتفقين الذين تعاملوا مع اإلدارة بدون أدنى علم بوضعية الموظف الفعلي‬
‫الذي تصدر عنه هذه األعمال‪ .‬وقد تأخذ هذه الحالة أشكاال مختلفة‪ ،‬كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬حالة انعدام التعيين‪.15‬‬

‫‪ -‬حالة التعيين الباطل‪.16‬‬

‫‪ -‬حالة التظاهر باالختصاص‪.17‬‬

‫‪ - 15‬مثال ذلك حالة الشخص الذي يتعود على تقديم خدمات لإلدارة بدون أن تربطه بهذه األخيرة أية عالقة قانونية‪.‬‬
‫‪ - 16‬مثال ذلك الشخص الذي يتم تعيينه في اإلدارة‪ ،‬فتبين أن قرار تعيينه يشوبه عيب من العيوب الشكلية‪.‬‬
‫‪-8-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬حالة التمادي غير المشروع‪.18‬‬

‫‪ -‬أعمال الموظف الفعلي أثناء الظروف االستثنائية‪ :‬إن وضعية الموظف الفعلي أثناء‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬تختلف عن وضعيته أثناء الظروف العادية‪ .‬ذلك أن قيامه باألعمال لصالح‬
‫اإلدارة‪ ،‬أثناء الظروف االستثنائية‪ ،‬يتم بشكل اضطراري‪ .‬وهو ما نالحظه أثناء الحروب أو‬
‫الثورات أو االنقالبات‪ ،‬حيث يضطر بعض األشخاص‪ ،‬على إثر فرار الموظفين أو مغادرتهم‬
‫لوظائفهم‪ ،‬بأن يؤمنوا سير المرافق العامة‪ .‬فاألعمال اإلدارية التي يقوم بها هؤالء األشخاص‪ ،‬سواء‬
‫كانوا عاديين أو ثوارا أو انقالبيين‪ ،‬تعتبر صحيحة‪ ،‬رغم صدورها عن أشخاص في وضعية غير‬
‫قانونية‪ ،‬وذلك احتراما لمبدأ استمرارية المرفق العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬اإلضراب ومبدأ االستمرارية‪ :‬عندما نبحث مسألة اإلضراب‪ ،‬من خالل التشريع المقارن‪،‬‬
‫نالحظ أن مبدأ استمرارية المرافق العامة قد ظل دائما حاضرا‪ ،‬جعل االعتراف بحق اإلضراب‬
‫وتنظيمه يعرف الكثير من التعثر‪ .‬فإذا كانت بعض التشريعات قد عملت على التوفيق‪ ،‬ولو نسبيا‪،‬‬
‫بين مبدأ االستمرارية وحق اإلضراب‪ ،‬فإن بعض التشريعات األخرى الزال يعتريها الكثير من‬
‫الغموض في هذا المجال‪ ،‬حيث إنها لم تتمكن من مالمسة حق اإلضراب إال بصورة محتشمة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمغرب فإن مبدأ استمرارية المرافق العامة وحق اإلضراب‪ ،‬يمكن طرحهما من خالل‬
‫التطور الذي عرفه هذا المجال‪ .‬فقبل دستور ‪ 14‬دجنبر ‪ ،1962‬كان اإلضراب محرما بمقتضى‬
‫الفصل ‪ 5‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ ،1958‬وهو الموقف الذي أكده اإلجتهاد القضائي‪ .19‬أما بعد‬
‫الدستور‪ ،‬نجد أن اإلضراب قد تم التنصيص عليه‪ ،‬لكن القانون التنظيمي الذي يبين شروط ممارسته‬
‫الزال لم يصدر بعد‪ .‬مما أمكن معه القول إن جميع التأويالت قد ظلت ممكنة‪ .‬فإذا كانت المركزيات‬
‫النقابية تعتبر أن اإلضراب حق دستوري‪ ،‬يكون من حق جميع القطاعات المهنية أن تمارسه‪ ،‬فإن‬
‫اإلدارة قد ظلت‪ ،‬حفاظا على مبدأ االستمرارية‪ ،‬متشبتة بروح الفصل ‪ 14‬من دستور ‪،1962‬‬
‫معتبرة أن ممارسة اإلضراب تقتضي صدور القانون التنظيمي الذي يحدد شروطها‪ ،‬مما دفع‬
‫المشرع المغربي‪ ،‬للتقليص من حدة التأويالت‪ ،‬إلى التدخل إلخراج المجاالت الحيوية من حلبة‬
‫النقاش‪ .‬وذلك بأن أصدر قوانين تحرم صراحة ممارسة اإلضراب في بعض المرافق العامة الرئيسية‬

‫‪ - 17‬مثال ذلك الموظف الذي يقوم بأعمال ال تدخل في اختصاصه‪.‬‬


‫‪ - 18‬مثال ذلك الموظف الذي تمت إحالته على التقاعد‪.‬‬
‫‪ - 19‬أنظر قرار اإلدارية ‪ ،‬بالمجلس األعلى‪ ،‬محمد الحيحي ضد وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة‪ 17 ،‬أبريل ‪.1961‬‬
‫‪-9-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫للمجتمع‪ .‬وهو ما نالحظه بالنسبة للنظام األساسي لمتصرفي وزارة الداخلية‪ ،‬والنظام المتعلق بإدارة‬
‫السجون‪ ،‬والنظام األساسي للقضاء‪ .‬وعلى العموم كل المرافق العامة التي تفرض حيوية نشاطها‬
‫ضرورة احترام مبدأ االستمرارية‪ ،‬مثل القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي‬
‫واألمن الوطني‪...‬إلخ‪.20‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتعديل‬

‫وهي خاصية أساسية في مفهوم المرفق العام‪ ،‬حيث يأتي هذا المبدأ كنتيجة الستمرارية المرفق‬
‫العام‪ ،‬حيث يجوز للسلطة اإلدارية أن تتدخل في أي وقت لتعديل وتغيير القواعد التي تحكم سير‬
‫المرافق العامة حتى تواكب المتطلبات والظروف االجتماعية واالقتصادية خدمة للمصلحة العامة‪.‬‬

‫إن مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتطور من المبادئ القانونية العامة‪ ،‬والتي لها مكانة ضمن مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،21‬فالمرافق العامة قائمة أصال لتلبية الحاجات ذات المنفعة العامة وسعيا لبلوغ الفعالية‬
‫و الزيادة في المردو دية ظهرت أهمية إتباع أساليب متنوعة في تدبير المرافق العامة‪ ،22‬فهي تحتاج‬
‫دائما إلى مواكبة التحوالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية والتكنولوجية وغيرها‪ ،‬فتجد نفسها أمام‬
‫متطلب التغيير والتطور بجودة ونوعية خدماتها وقدرتها على إحداث تغيير وتطوير في أساليب‬
‫وقواعد المرافق العامة بإرادتها المنفردة وال يقيده إال شرط المصلحة العامة‪ .23‬فمن خالل هذا المبدأ‬
‫تستطيع اإلدارة إذن أن تغير وضع المرفق العام ومركزه القانوني سواء أكان مع العاملين به أو مع‬
‫المرافق األخرى أو المصالح األخرى‪ ،‬بحيث يكتسب المرفق العام القدرة على االستمرارية من‬
‫خالل التماشي و التعاطي مع المتغيرات االجتماعية أو السياسية آو االقتصادية ليكون باقيا ومستمرا‬
‫وقادرا على إشباع الحاجيات العامة وتحقيق النفع العام المنوط به تحقيقه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المعايير التي يخضع لها المرفق العمومي استرشادا بالدستور الجديد‬
‫لقد جاء الدستور الجديد للمملكة بعدة مبادئ حكماتية من خالل الباب الثاني عشر "الحكامة الجيدة"‬
‫وذلك وعيا بأهمية الحكامة الجيدة في ترشيد عمل المرافق العمومية‪ .‬من بين هذه المبادئ نجد الجودة‪،‬‬
‫‪ - 20‬محمد كرامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.298 –294‬‬
‫‪ - 21‬حسن البنان‪ ،‬مبدأ قابلية قواعد المرفق العام للتغير و التطور‪،‬دراسة مقارنة في المؤسسات االقتصادية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الموصل ‪ ،2014‬ص‪.8‬‬
‫‪ - 22‬حسن البنان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ - 23‬حسن البنان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪-10-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫الشفافية‪ ،‬ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬احترام القانون‪ ،‬الحياد‪ ،‬النزاهة وغيرها من المبادئ‪ .‬إضافة‬
‫لمجموعة من الهيئات والمؤسسات الدستورية التي لها عالقة بحكامة المرافق العمومية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ترسيخ مبادئ الجودة والشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة‬


‫نص الفصل ‪ 154‬من الدستور في فقرته الثانية على‪ " :‬تخضع المرافق العمومية لمعايير‬
‫الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي‬
‫أقرها الدستور" لذلك يمكن رصد هذه المعايير التي جاء بها الدستور الجديد لتحديد معالم المرفق‬
‫العام‪ ،‬وما يجب أن يخضع له‪ ،‬من اجل تحقيق الحكامة الجيدة‪ ،‬وتتمثل خصوصا في معيار‬
‫الجودة (أ)‪ ،‬معيار الشفافية (ب) ومعياري المسؤولية والمحاسبة (ت)‪.‬‬

‫أ‪ -‬معيار الجودة‪:‬‬


‫دخل المغرب في برنامج واسع من اإلصالحات السياسية الدستورية واالقتصادي‬
‫واالجتماعية‪ ،‬هذه اإلصالحات ترمي إلى اعتماد مقاربة جديدة للتدبير والتنمية عن طريق‬
‫مرفق عمومي نشيط يخضع لمعايير الحكامة الجيدة‪ ،‬ومن ضمن هذه العناصر التخطيط على‬
‫أساس جودة الخدمات‪ ،24‬ويشكل التخطيط محورا أساسيا لإلصالح والتغيير في سبيل رفع‬
‫مستوى أداء أجهزة القطاع العام بالمغرب‪.25‬‬

‫والجودة في مجال تدبير المرافق العمومية تتغير حسب طبيعة هذه األخيرة وحسب تطور‬
‫نشاطاتها والظروف المحيطة بها‪ ،‬لذلك فإن المشرع وسعيا منه على الوفاء بمطلب كل‬
‫المتعاملين مع المرافق العمومية وتحقيق تلك المتطلبات بما يتوافق وتوقعاتهم‪ ،‬عمل على‬
‫دسترة هذا المعيار وجعل المرافق تخضع له مما يؤكد على نتيجة واحدة وهي رد االعتبار‬
‫للمرافق العمومية وجعلها في مستوى تطلعات المرتفقين‪.‬‬

‫‪ - 24‬إبراهيم الشافعي‪ ،‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات في القانون العام المعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 25‬نوال الهناوي‪ ،‬تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام‪ ،‬رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001/2000‬ص ‪.91‬‬
‫‪-11-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫ب‪ -‬معيار الشفافية‪:‬‬


‫لقد أ صبح مبدأ الشفافية في الوقت الراهن معيارا أساسيا لتقييم أداء تدبير المرافق العمومية‬
‫فهو يسمح للمرتفقين باإلطالع على مختلف العمليات التي يقوم بها المسير من اجل تنفيذ‬
‫الخدمات‪ ،‬وبالتالي معرفة تفاصيل إدارة المرفق العمومي‪ ،‬فبإقرار هذا المبدأ ضمن قواعد‬
‫التدبير الجيد يتحقق احترام المنافسة والشرعية والمساواة أمام القانون‪.‬‬

‫وهو ما جاء به نص الدستور من خالل الفصل ‪ 27‬الذي ينص "على جميع المواطنات‬
‫والمواطنين الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة اإلدارة العمومية والمؤسسة‬
‫المنتخبة‪ ،‬والهيئات المكلفة بمهام المرافق العمومية"‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن الحكامة الجيدة تدمج في مفهومها عدة معايير في مقدمتها الجودة‬
‫وشفافية التدبير‪ ،‬ولتحقيق ذلك يرى البعض بضرورة تنزيل جملة من التدابير أهمها‪:26‬‬

‫‪ -‬تنزيل قانون يتضمن الولوج الغير المقيد للمعلومات ومراجعة الفصل ‪ 18‬من النظام‬
‫األساسي للوظيفة العمومية المتعلق بالسر المهني‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية وتطعيمه بمقتضيات تحد من السلطة‬
‫التقديرية الواسعة لضمان الشفافية التامة للصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬تسريع وثيرة قوانين التصريح بالممتلكات لتشمل جميع المرافق العمومية وتطبيق‬
‫اإلجراءات ضد المخالفات المتعلقة بالتصاريح المزيفة‪.‬‬
‫ت‪ -‬معياري المسؤولية والمحاسبة‪:‬‬
‫هو مبدأ هام في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬يهدف إلى وضع حد لهدر المال العام وإعمال‬
‫الحكامة الجيدة في التدبير‪ .‬وبذلك فإن كل من تحمل المسؤولية فهو ليس بمنأى عن المساءلة‬
‫والمحاسبة‪ ،‬بحيث ألزم المشرع الدستوري المرافق العمومية باعتماد مبدأ جديد وهو ربط‬
‫المسؤولية بالمحاسبة لتكريس الحق والقانون‪ ،‬وكذلك من أجل استعادة ثقة المواطنين في‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫‪ - 26‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدارالبيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،2014‬ص ‪.393‬‬
‫‪-12-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫كما عمد المشرع المغربي إلى تعزيز عنصري المساءلة والمراقبة كركيزة أساسية لتدبير‬
‫الشأن العمومي‪ ،‬باعتماد قاعدة تالزم المسؤوليات والوظائف العمومية وربطها بالمحاسبة‪.27‬‬
‫وبذلك فالمحاسبة وسيلة لمعرفة نتيجة أعمال مرفق ما اعتمادا على مستندات مبررة لها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ترسيخ مبادئ احترام القانون والحياد والمشاركة‬


‫تنص مجموعة من الفصول من الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬على مجموعة من مبادئ‬
‫الحكامة الجيدة‪ ،‬من بينها‪:‬‬

‫أ‪ -‬مبدأ احترام القانون‪:‬‬


‫من بين معايير الحكامة األساسية معيار المشروعية ودولة الحق والقانون‪ .‬وكل تدبير ال‬
‫يتوفر على العنصرين المذكورين فهو تدبير عشوائي بعيد كل البعد عن المعايير المعتمدة في‬
‫التدبير الجيد‪.28‬‬

‫فمبدأ الشرعية يقتضي ضرورة الخضوع للقانون بمفهومه العام أي التزام السلطات العامة‬
‫في الدولة أثناء ممارستها لوظائفها حدود القانون وأحكامه حيث تأتي تصرفاتها وأعمالها‬
‫متطابقة معه وغير مخالفة له‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬عمل القضاء اإلداري بمختلف مستوياته على ترسيخ مبدأ احترام‬
‫القانون لالستناد عليه إللغاء بعض التصرفات الصادرة عن السلطات اإلدارية أو لتحميل‬
‫بعض المرافق العمومية المسؤولية عن األعمال أو األنشطة التي تخالف مبدأ المشروعية‪.29‬‬

‫ب‪ -‬مبدأ الحياد‪:‬‬


‫المقصود بمبدأ الحياد هو أن المرفق العمومي بجب أن يعمل من اجل تحقيق المصلحة‬
‫العامة وليس المصلحة الخاصة وعدم التمييز بين المرتفقين بناءا على األصل العرقي أو‬
‫القناعات اإليديولوجية أو السياسية أو الدينية‪ .‬لكن البعض يعتبر حياد المرفق العمومي‬

‫‪ - 27‬الفصل ‪ 156‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪ - 28‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 29‬الظهير الشريف رقم ‪ 1-11-25‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬القاضي بإحداث مؤسسة الوسيط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.5929‬‬
‫‪-13-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫مظهرا من مظاهر مبدأ المساواة‪ ،‬إال أن البعض اآلخر يراه متميزا ألن الحياد ال يهتم بحقوق‬
‫األشخاص فقط بل بواجبات المرفق في عالقته باألشخاص‪.‬‬

‫في هذا اإلطار ال يسمح للموظفين باستخدام صالحية مهامهم لتفضيل بعض المرتفقين‬
‫أو منحهم امتيازا أو باألحرى حرمان أي شخص مما يستحقه قانونا‪.30‬‬

‫ولضمان هذا الحياد يجب على الموظفين ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إيالء نفس األهمية لشكاوى المرتفقين وللخدمات المقدمة لهم بدون تمييز مبني نوع‬
‫الطبقة االجتماعية والجنس‪.‬‬
‫‪ -‬مزاولة مهامهم باالمتثال الصارم للقواعد واإلجراءات المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع الموارد والخدمات والتجهيزات الجماعية التي تدخل في نطاق مسؤوليتهم‬
‫بشكل عادل وبدون تمييز‪.‬‬
‫‪ -‬االمتناع عن الشطط في السلطة المخولة لهم‪.31‬‬

‫ت‪ -‬مبدأ المشاركة‪:‬‬


‫يعد من المبادئ األساسية التي جاء بها الدستور والتي تحكم تدبير الشأن العام والتي يقوم‬
‫عليها بشكل خاص المرفق العام الوطني والمحلي‪.32‬‬

‫ويقصد بهذا المبدأ إشراك شرائح المجتمع وفق آلية أو تنظيم مؤسساتي لتحقيق التنمية‬
‫الشاملة‪ ،‬فهذه التنمية تمكنهم من المساهمة الفعلية في تسيير الشؤون التي تعنيهم مباشرة‪.‬‬

‫إن هذه المقاربة التشاركية في تدبير المرفق العام كشكل من أشكال الحكامة والديمقراطية‬
‫جسدها الدستور الجديد‪ ،‬حيث جعلها من المرتكزات األساسية للتنظيم والتدبير الجهوي‬

‫‪ - 30‬الفصل ‪ 155‬من الدستور المغربي الجديد‪.‬‬


‫‪ - 31‬محمد بن داوود‪ ،‬حكامة المرافق العمومية‪ ،‬رسالة نيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪،2016-2015 ،‬‬
‫ص ‪.26‬‬
‫‪ - 32‬محمد بن داوود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪-14-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫والترابي من خالل تصدير الدستور الذي جعل من المشاركة المرتكز األول للدولة الحديثة‪،‬‬
‫إلضافة إلى مجموعة من الفصول‪.33‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬هيئات ومؤسسات حكامة المرافق العامة‬


‫هناك مؤسسات كثيرة لها عالقة بحكامة المرافق العمومية‪ ،‬غير أننا سنكتفي باإلشارة إلى‬
‫مؤسسة الوسيط والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والمجلس األعلى‬
‫للحسابات‪.‬‬

‫أ‪ -‬مؤسسة الوسيط‪:‬‬


‫نص الفصل ‪ 162‬من الدستور المغربي على أن الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪،‬‬
‫مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العالقة بين اإلدارة والمرتفقين واإلسهام في ترسيخ سيادة‬
‫القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقيم التخليق والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات‬
‫العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صالحيات السلطة العمومية‪.‬‬

‫في حين حدد القانون رقم ‪( 14.16‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪ 2019‬المتعلق بمؤسسة‬
‫الوسيط) اختصاصات أساسية للوسيط ومسطرة اللجوء إليه‪ ،‬ويمكن تلخيصها في المهام التالية‪:‬‬

‫‪ -‬النظر في تصرفات اإلدارة المخالفة للقانون أو المنافية لمبادئ العدل واإلنصاف‪.‬‬

‫‪ -‬تلقي الشكايات والتظلمات ومعالجتها وإجراء األبحاث والتحريات في شأنها‪.‬‬

‫‪ -‬الوساطة والتوفيق بين اإلدارة والمرتفقين‪.‬‬

‫أما فيما يخص دور الوسيط في ترسيخ مبادئ الحكامة اإلدارية وتحسين أداء اإلدارة‪ ،‬باعتباره‬
‫قوة اقتراحية لتحسين أداء اإلدارة والرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها‪ ،‬فإنه يرفع‬
‫تقارير خاصة إلى رئيس الحكومة تتضمن توصياته ومقترحاته الهادفة إلى‪:‬‬

‫‪ -‬ترسيخ قيم الشفافية والتخليق والحكامة في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬والعمل على‬
‫نشرها بين الموظفين والمرتفقين‪.‬‬

‫‪ - 33‬الفصول ‪( 1‬الفقرة ‪ ،)2‬الفصل ‪( 12‬الفقرة ‪ ،)3‬الفصل ‪ ،13‬الفصل ‪ ،14‬الفصل ‪ 136‬و الفصل ‪ 139‬من الدستور المغربي لسنة ‪.2011‬‬
‫‪-15-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬التقيد بقيم حقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها عالميا‪ ،‬وااللتزام بمراعاتها‪،‬‬
‫والنهوض بها في عالقة اإلدارة بالمرتفقين‪.‬‬

‫‪ -‬إصالح ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمهام اإلدارة وسائر‬


‫المرافق العمومية‪ ،‬من أجل تحسين فعاليتها وتنسيق مجاالت تدخلها‪.‬‬

‫‪ -‬تصحيح اإلختالالت التي قد تعتري سير المرافق العمومية وتطوير أداءها‪.‬‬


‫‪ -‬تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية لتيسير ولوج المواطنين إلى الخدمات التي‬
‫تقدمها اإلدارة في أحسن الظروف‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين الخدمات العمومية وضمان جودتها وتقريبها من المرتفقين‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين بنية االستقبال واالتصال بمختلف مرافق اإلدارة من أجل تواصل فعال مع‬
‫المرتفقين‪.34‬‬
‫وهكذا وحسب المادة الرابعة واألربعين من القانون المنظم لمؤسسة الوسيط فإنه إذا تبين‬
‫للوسيط أن مرفقا من المرافق العمومية ال يراعي مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص‪ ،‬وعدم‬
‫التمييز بين المرتفقين الذين يتوفرون على نفس الشروط المطلوبة‪ ،‬فيما يتخذه من إجراءات‬
‫وقرارات‪ ،‬أو ما يقوم به من تصرفات وأعمال‪ ،‬أو فيما يقدمه من خدمات‪ ،‬وجه إلى إدارة‬
‫المرفق المعني مذكرة تنبيه قصد إثارة انتباهها إلى اإلخالل الحاصل في معاملتها مع‬
‫المرتفقين‪ ،‬ومطالبتها باتخاذ جميع اإلجراءات والتدابير العاجلة الكفيلة بتصحيح الوضع‪،‬‬
‫وفق ما تقتضيه المبادئ العامة للقانون وقواعد العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫كما أنه يمكن للوسيط أن يبدي رأيه في كل قضية تعرضها عليه اإلدارات المعنية‪ ،‬بمناسبة‬
‫شكاية أو تظلم أحيل عليها‪ ،‬أو بخصوص المشاريع والبرامج التي تعدها قصد تحسين‬
‫أدائها‪ ،‬وبصفة خاصة من أجل تبسيط المساطر اإلدارية أو تحسين جودة الخدمات العمومية‬
‫التي تقدمها‪.‬‬

‫‪ - 34‬المادة ‪ 42‬من القانون ‪ 14.16‬المتعلق بإعادة تنظيم مؤسسة الوسيط‪.‬‬


‫‪-16-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫ب‪ -‬الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪:‬‬


‫حسب الفصل ‪ 167‬من الدستور المغربي فإن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة‬
‫ومحاربتها‪ ،‬تتولى‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬مهام المبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع تنفيذ‬
‫سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال‪ ،‬والمساهمة في تخليق‬
‫الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وثقافة المرفق العام‪ ،‬وقيم المواطنة المسؤولة‪.‬‬

‫وحتى يتأتى لهذه الهيئة أن تمارس مهامها فقد مكنها القانون المحدث لها من مجموعة من‬
‫المهام واالختصاصات‪ ،‬كما أوضح طريقة تلقي الشكايات من المواطنات أو المواطنين أو‬
‫من أي جهة مشتكية‪ .‬فحسب المادة الثالثة من القانون ‪ 113.12‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬يونيو‬
‫‪ 2015‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها فإنها تمارس‬
‫االختصاصات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تلقي التبليغات والشكايات والمعلومات المتعلقة بحاالت الفساد ودراستها‪ ،‬والتأكد‬


‫من حقيقة األفعال والوقائع الني تتضمنها وفق المسطرة المنصوص عليها في الباب‬
‫الرابع من هذا القانون‪ ،‬وإحالتها عند االقتضاء‪ ،‬إلى الجهات المختصة‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بعمليات البحث والتحري عن حاالت الفساد التي تصل إلى علم الهيئة‪ ،‬وفق‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬شريطة مراعاة االختصاصات الموكلة‬
‫بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل إلى السلطات وهيئات أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج للوقاية من جرائم الفساد واإلسهام في تخليق الحياة العامة‪ ،‬والسهر‬
‫على تنفيذها بتنسيق مع جميع السلطات والهيئات المعنية‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على نشر قواعد الحكامة الجيدة والتعريف بها‪ ،‬طبقا لميثاق المرافق العمومية‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 157‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -‬وضع برامج للتواصل والتوعية والتحسيس ونشر قيم النزاهة والسهر على تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي بطلب من الحكومة‪ ،‬بخصوص كل برنامج أو تدبير أو مشروع أو‬
‫مبادرة ترمي إلى الوقاية من الفساد أو مكافحته‪.‬‬

‫‪-17-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬إبداء الرأي بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان في مشاريع ومقترحات‬


‫القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية ذات الصلة بمجال الوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫كل فيها يخصه‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة أو إلى مجلسي البرلمان‪ ،‬تهدف إلى نشر‬
‫وتعزيز قيم النزاهة والشفافية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم‬
‫المواطنة المسؤولة‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة بشأن تبسيط المساطر واإلجراءات‬
‫اإلدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية واإلقليمية والوطنية المتعلقة بوضع‬
‫المغرب في مجال الفساد‪ ،‬واقتراح اإلجراءات المناسبة وتتبعها‪.‬‬
‫‪ -‬إنجاز دراسات وتقارير موضوعاتية حول مظاهر الفساد وسبل الوقاية منه‬
‫ومكافحته ونشرها‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطة الهيئة يقدم للبرلمان للمناقشة‪ ،‬طبقا ألحكام‬
‫الفصل ‪ 160‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة عالقة تعاون مع الهيئات العمومية والمنظمات غير الحكومية والجامعات‬
‫ومراكز البحوث الوطنية والدولية ذات األهداف المماثلة في مجال الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته وتبادل الخبرات في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم رئيس الجكومة ورئيسا مجلسي البرلمان‪ ،‬كل واحد فيها يخصه بإخبار الهيئة‬
‫بمآل اآلراء والتوصيات التي أدلت بها في إطار اإلحاالت المنصوص عليها في هذه‬
‫المادة‪.‬‬
‫هذا وتجب اإلشارة إلى أن على الهيئة أن تراعي االختصاصات الموكلة للسلطات أو‬
‫الهيئات األخرى بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫ت‪ -‬المجلس األعلى للحسابات‪:‬‬
‫يعد المجلس األعلى للحسابات الهيئة العليا الذي أعطاها الدستور سلطة الرقابة العليا‬
‫على حماية المال العام‪ ،‬ولقد أنيطت به مهام جديدة تتجلى في مراقبة التصريح اإلجباري‬

‫‪-18-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫للممتلكات‪ ،‬فإذا كان هذا اإلجراء يرتبط باإلجراءات القانونية التي سلف ذكرها ‪ ،‬فإن‬
‫المجلس األعلى للحسابات يعد الهيئة التي أنيطت به مهمة الرقابة عليها‪ ،‬وباإلضافة إلى‬
‫ذلك‪ ،‬فإن التأكيد على وجوب نشر أعماله وتقديم مساعدته للسلطات القضائية يشكل أهم أداة‬
‫تمكن من جعله مؤسسة قادرة على ضمان تحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التدبير العمومي الحديث ورهان الحكامة الجيدة‬

‫جاء التدبير العمومي الحديث بمجموعة من الوسائل واآلليات الحديثة من اجل النهوض‬
‫بالعمل العمومي ورفعه إلى مستوى المردودية الذي تعرفه المقاوالت الخاصة الناجحة التي‬
‫تعتمد طرق تدبيرية جد حديثة‪ .‬لكن هناك مجموعة من اإلكراهات والتحديات واإلختالالت‬
‫والعراقيل التي تحول دون تحقيق أهداف وغايات الجهاز اإلداري العمومي (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬الشيء الذي يتطلب تحديث أساليب التدبير والتنظيم لتحسين أداء المرافق العمومية‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آفاق ورهانات حكامة المرافق العمومية‬

‫لقد نص الدستور الجديد للمملكة من خالل تصديره وفي عدد من فصوله‪ ،‬على تقوية‬
‫مؤسسات الدولة وتعزيز حكامتها‪ ،‬مما يستدعي وضعها تحت المجهر لرصد نقائصها‬
‫وتحليل وضعيتها (الفقرة األولى)‪ ،‬ومحاولة تبني استراتيجيات إصالحية وتوصيات جادة‬
‫لتقويمها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختالالت المرافق العمومية‬

‫عرفت السنوات األخيرة انخراط المغرب في عملية إصالح واسعة للمرافق العمومية‪،‬‬
‫بهدف تحديث وتحسين حكامتها‪ ،‬حيث تم التعبير عن ذلك من خالل الخطاب الملكي ل ‪14‬‬
‫الذي صرح فيه عن إرادته القوية في تجويد المرافق العمومية من أجل‬ ‫‪35‬‬
‫أكتوبر ‪2016‬‬
‫تقديم خدمات جيدة للمرتفقين‪ ،‬هذا اإلصالح تمحور حول ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة تحديد مهام اإلدارة على ضوء الدور الجديد للدولة؛‬

‫‪ - 35‬الخطاب السامي الذي ألقاه جال لة الملك في افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية من الوالية التشريعية العاشرة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪.2016‬‬
‫‪-19-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬تقوية عدم التركيز اإلداري؛‬

‫‪ -‬تبسيط المساطر اإلدارية؛‬

‫‪ -‬تحديث الوظيفة العمومية وتدبير الموارد البشرية؛‬

‫‪ -‬النهوض بالحكومة اإللكترونية‪.36‬‬

‫من خالل تنزيل هذه المستويات على أرض الواقع تم رصد العديد من االختالالت التي‬
‫تهم حكامة المرافق العمومية‪ ،‬والتي تتجلى على الخصوص في‪:‬‬

‫أ‪ -‬تغييب المقاربة التشاركية‪:‬‬

‫من خالل تغييب مشاركة وإدماج مختلف المكونات المجتمعية والمجاالت الترابية في‬
‫مسار التنمية‪ ،‬وهو ما يظهر غياب كل من‪:‬‬

‫‪ ‬النزاهة‪ :‬كمنظومة القواعد والقيم المؤطرة لمسؤولية الحفاظ على الموارد‬


‫والممتلكات العامة واستخدامها بكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬الشفافية‪ :‬كمدخل أساسي لتوفير المعلومة الدقيقة في وقتها وإتاحة الفرصة للجميع‬
‫لإلطالع عليها ونشرها‪.‬‬
‫‪ ‬التضمينية‪ :‬كالتزام جماعي يضمن دائرة مشاركة المجتمع بجميع فعالياته في‬
‫تحضير وتنفيذ السياسات العامة‪.‬‬
‫ب‪ -‬غياب المساءلة وتقديم الحسابات من طرف المسؤولين على تدبير الشؤون العمومية‪:‬‬
‫‪ ‬بخصوص البرلمان‪ :‬وهو ما يبرره الضعف الموجود لدى البرلمان من خالل‬
‫مراقبة تنفيذ الميزانية عبر مناقشة قانون التصفية والمصادقة عليه من جهة‪ .‬ومن‬
‫جهة أخرى فإن دور لجان تقصي الحقائق‪ ،‬لم تعرف سوى محاوالت معدودة‪،‬‬
‫الزالت في حاجة إلى التطوير والجرأة في االستعمال واإلقدام على نشر التقارير‪.‬‬

‫‪ - 36‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.mmsp.gov.ma‬ميثاق المرافق العمومية‪ ،‬تاريخ اإلطالع ‪15‬‬
‫نونبر ‪ 2019‬الساعة ‪. 18:45‬‬
‫‪-20-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ ‬بخصوص المفتشيات العامة للوزارات‪ :‬فالمالحظ هو محدوديتها نظرا لغياب‬


‫تشريع شامل يحدد اختصاصاتها‪ ،‬باإلضافة إلى تقادم اإلطار التشريعي للمفتشية‬
‫العامة للمالية‪ .‬مع العلم أن تقارير هذه الهيئات ال تعرف طريقها للنشر‪.‬‬
‫ت‪ -‬اختالالت متعلقة بالقضاء‪:‬‬

‫يمكن إجمالها في محدودية االستقالل الوظيفي للقضاة وضعف مستوى النزاهة بقطاع‬
‫العدل‪ ،‬وانغالق تدبير العمل القضائي ومحدودية كفاءة وفعالية هذا الجهاز‪ ،‬كما أن التكوين‬
‫يتميز بعدم مالءمته ومواكبته التطورات والمستجدات‪.‬‬

‫ث‪ -‬تفشي ظاهرة الفساد كإحدى تجليات سوء الحكامة‪:‬‬

‫يمكن إيجاز أسباب هذه الظاهرة‪ ،‬لدى البعض‪ ،‬في االحتكار المقرون بالسلطة التقديرية‬
‫الواسعة في غياب المساءلة والنزاهة والشفافية‪ .‬بينما أرجعها البعض األخر إلى غياب‬
‫الشفافية واإلفالت من العقاب والرغبة في االغتناء وتدني األجور وعدم جدية مكافحة هذه‬
‫الظاهرة‪.37‬‬

‫على ضوء هذا التشخيص وخالصاته‪ ،‬البد من إصدار مجموعة من التوصيات‬


‫واالقتراحات المساعدة على بلورة مفهوم الحكامة داخل المرافق العمومية‪ ،‬وهو ما سنقوم به‬
‫في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رهانات وتوصيات تحسين المرافق العمومية‬

‫في إطار تحسين المرافق العمومية‪ ،‬انطالقا مما سبق‪ ،‬يتعين على المغرب منح الصدارة‬
‫ضمن أولوياته لتحسين مستوى الحكامة وترسيخ مقومات النزاهة والشفافية والمسؤولية‬
‫داخل المرفق العمومي‪ ،‬من خالل العمل على‪:‬‬

‫أ‪ -‬االستثمار في المؤسسات والخدمات العمومية‪:‬‬

‫‪ - 37‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.icpc.ma‬الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات الدستور الجديد‪،‬‬
‫تاريخ اإلطالع ‪ 15‬نونبر ‪ 2019‬الساعة ‪.19:16‬‬
‫‪-21-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫لالستثمار في المؤسسات والخدمات العمومية المغربية حسب البنك الدولي‪ 38‬يجب‪:‬‬

‫‪ -‬تعزيز سيادة دولة الحق والقانون من خالل جني المغرب الكثير من الفوائد تطبيقا‬
‫للحقوق الجديدة المنصوص عليها في الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬تحديث اإلدارة العمومية عن طريق تحقيق المركزية المسؤوليات في مجال إدارة‬


‫الموارد البشرية‪ ،‬وإلى مساءلة المسيرين والمدراء‪ ،‬وإلغاء الطابع البيروقراطي عن اإلدارة‬
‫وتطبيق فعال لمفاهيم األداء والنجاعة والنتائج في التدبير‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين حكامة الخدمات عن طريق وضع المواطن المرتفق في صلب النظام باعتباره‬
‫مستفيدا من تلك الخدمات ومنظما لها من خالل إعطائه الكلمة وإخبار الجمهور بشكل‬
‫منهجي والمساءلة‪ ،‬وعبر ت تبسيط عملية صنع القرار وتقريبها من المرتفقين‪ ،‬وتجريب‬
‫وتقييم مقاربات جديدة في مجال تقديم الخدمة العمومية‪.‬‬

‫ب‪ -‬توصيات المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪:‬‬

‫أعطى المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مجموعة من التوصيات والمقترحات في‬


‫موضوع حكامة المرافق العمومية ترتكز على خمس محاور‪ ،39‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬وضع استراتيجية بمقاربة شمولية‪ ،‬تكون بمثابة األساس لمجموع اإلصالحات‬


‫وأعمال اإلدارات المكلفة بالمرافق العمومية؛‬

‫‪ -2‬تحسين الولوج إلى المعلومة؛‬

‫‪ -3‬تبسيط المساطر واإلجراءات؛‬

‫‪ -4‬تنظيم وتحسين مراكز االستقبال‪ ،‬مع توفير مراكز اإلنصات واالستشارة والطعن‬
‫عند اللزوم؛‬

‫‪ - 38‬البنك الدولي‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ،www.puddocs.wodlsbank.gov‬المغرب في أفق ‪ ،2040‬تاريخ اإلطالع ‪ 15‬نونبر ‪ ،2019‬ااساعة‬
‫‪.19:52‬‬
‫‪ - 39‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.ces.ma‬حكامة المرافق العمومية‪ ،‬تاريخ اإلطالع ‪ 16‬نونبر ‪2019‬‬
‫الساعة ‪.10:32‬‬
‫‪-22-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -5‬إعادة توجيه وتسريع إستراتيجية الحكومة اإللكترونية وتعميم نزع الصبغة المادية‬
‫عن المساطر‪.‬‬

‫ت‪ -‬ميثاق المرافق العمومية‪:‬‬

‫حدد القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق المرافق العمومية المبادئ الكونية التي تنظم‬
‫العالقة بين المواطن والمرافق العمومية وفق ما تنص عليه الفصول ‪ 154‬و‪ 155‬و‪ 156‬من‬
‫الدستور‪ ،‬كما عمل على النهوض بالحكامة الجيدة والتنمية‪ ،‬وعلى تحسين وتحديث اإلدارة‬
‫وتنظيمها على أساس من المساواة واحترام الحقوق والكرامة والخصوصية‪ ،‬لتمكين المرتفق‬
‫من خدمات جيدة تلبي احتياجاته‪ .40‬ويهدف هذا الميثاق إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد التزامات المرافق العمومية وضوابط العمل العمومي في انسجام تام مع الغاية‬
‫األساسية المتمثلة في رعاية المصلحة العامة وخدمة المواطنين؛‬

‫‪ -‬اعتماده كإطار مرجعي يحدد القواعد التنظيمية والتدبيرية المؤطرة لمختلف‬


‫االلتزامات المنوطة بالمرافق العمومية؛‬

‫‪ -‬ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وتدعيم المشاركة المواطنة‪ ،‬مع تحديد حقوق وواجبات‬
‫المرتفقين في عالقتهم مع اإلدارة‪.41‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديث أساليب التدبير والتنظيم‬

‫إن تحديث المرافق العامة يمر عبر مجموعة من الخطوات التي تهم تحديث أساليب‬
‫التدبير (الفقرة األولى) والتنظيم (الفقرة الثانية) على اعتبار أن هذين العنصرين أساسيين‬
‫في االرتقاء بفعالية المرفق العام‪ ،‬باإلضافة إلى الوسائل التي يعتمد عليها بتأهيل العنصر‬
‫البشري وتطوير آليات المراقبة (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديث على مستوى أساليب التدبير‬

‫‪ - 40‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.ces.ma‬حكامة المرافق العمومية‪ ،‬تاريخ اإلطالع ‪ 16‬نونبر ‪2019‬‬
‫الساعة ‪( 11:15‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ - 41‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.mmsp.gov.ma‬ميثاق المرافق العمومية‪ ،‬تاريخ اإلطالع ‪15‬‬
‫نونبر ‪ 2019‬الساعة ‪.11:42‬‬
‫‪-23-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫إن سوء التدبير الذي تعرفه المرفق العام‪ ،‬يستوجب ضرورة ترشيد بعض األساليب‬
‫المعتمدة في التدبير كأسلوب المؤسسة العامة (أ) وإتباع أساليب أخرى تعتمد على التعاقد مع‬
‫القطاع الخاص (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬ترشيد المؤسسات العامة‪:‬‬

‫اعتمدت الدولة في البداية على أسلوب المؤسسات العامة في تدخلها في الميادين‬


‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬إلى أن عرفت هذه المؤسسات بمختلف أصنافها (مؤسسات عامة‬
‫مختلفة ووكاالت مختلطة) مجموعة من واالكراهات والسلبيات التي حالت دون قدرتها على‬
‫تحقيق أهدافها‪ . 42‬تمثلت أساسا في ضعف التسيير اإلداري نتيجة لعدم انعقاد المجالس‬
‫اإلدارية بكيفية منتظمة‪ ،‬وسوء التدبير المالي للمؤسسات العامة وضعف االهتمام بالجانب‬
‫االقتصادي‪ ،‬لذلك لجأت الدولة إلى سن سياسة الترشيد ترتكز على مجموعة من التدابير‬
‫أهمها‪:43‬‬

‫‪ -‬اعتماد منطق التعاقد بدل منطق السيطرة والتحكم الذي طغى على عالقة الدولة‬
‫بوحدات القطاع العام؛‬

‫‪ -‬اعتماد عقود البرامج التي تهدف إلى تحقيق التوازن المالي للمؤسسات العامة‪ ،‬وعقود‬
‫البرامج هي عبارة عن وثيقة مكتوبة ومدروسة وممضاة بكل تلقائية من لدن الدولة‬
‫والمؤسسات العامة وتحدد حقوق وواجبات كل منهما؛‬

‫‪ -‬اعتماد فترات انعقاد اجتماعات المجالس اإلدارية التي يجب أن تنعقد قبل ‪ 15‬دجنبر‬
‫من كل سنة‪ ،‬لتحديد وضبط مقترحات الميزانية وتقديمها انطالقا من ‪ 18‬دجنبر من كل سنة‬
‫إلى وزارة المالية قصد المصادقة عليها‪ ،‬وبمقتضى هذا التدبير أصبح من واجب المؤسسة‬
‫العامة صرف االعتمادات في حدود الميزانية المصادق عليها‪ ،‬وأن ال تتجاوزها بأي شكل‬
‫من األشكال‪.‬‬

‫‪ - 42‬محمد بن داوود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪ - 43‬محمد التغزوتي‪ ،‬الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬رسالة نيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬فاس‪ ، 2014-2013 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪-24-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫في هذا اإلطار الترشيدي تم حل مجموعة من المشاكل أهمها حل مشكل المتأخرات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تطوير أساليب تعاقدية‪:‬‬

‫لقد لجأت اإلدارة إلى إعمال األسلوب التعاقدي الذي يعتبر من الوسائل األساسية للحكامة‬
‫الجيدة‪ ،‬تم تطبيق هذا األسلوب في قطاعات مختلفة كالنقل واالتصال والطاقة‪ ،‬والذي‬
‫تمظهر في شكل اتفاقيات أو عقود أو شركات‪ ،‬ألنه يحقق لإلدارة الكثير من اإليجابيات التي‬
‫مكنتها من ترك تدبير بعض المرافق العامة المحلية كالماء والكهرباء لشركات خاصة تتوفر‬
‫على إمكانيات تقنية ولوجيستيكية وهي إمكانيات تفتقدها اإلدارة مما يحول دون تحقيق‬
‫الجودة في أداء الخدمات‪ ،‬عالوة على أن عقود التدبير المفوض تشكل من الوجهة‬
‫االقتصادية وسيلة إضافية لتمويل االستثمارات الدولية وبنياتها التحتية‪ ،‬وهي أهداف تصعب‬
‫تحقيقها باالعتماد على موارد مالية ذاتية للخزينة العامة‪ ،‬كما أن هذا األسلوب يمكن الدولة‬
‫من الحفاظ على مواردها المالية لتمويل القطاعات االجتماعية‪.‬‬

‫ولقد تم تدعيم هذا األسلوب من الناحية القانونية بإصدار القانون رقم ‪ 54.05‬المتعلق‬
‫بالتدبير المفوض للمرافق العامة الصادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ ،2006‬حيث جاء في الوقت‬
‫المناسب لسد الفراغ التشريعي في مجال تسيير المرافق العامة وضبط سلوكيات وممارسات‬
‫تواترت في غياب تام لمقتضيات قانونية خاصة بهذا األسلوب‪.44‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديث على مستوى األداء‬

‫إن تحديث أساليب أداء المرفق العام نحو تكريس انفتاح اإلدارة على محيطها‪ ،‬دفع بها‬
‫إلى االهتمام بتحسين التواصل مع المرتفقين (أ) من خالل تحسين ظروف استقبالهم داخل‬
‫المصالح اإلدارية‪ ،‬ومن ناحية أخرى بالخدمات التي يقدمها المرفق العام (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬تحسين التواصل مع المرتفقين‪:‬‬

‫‪ - 44‬آمال المشرقي‪ ،‬قراءة في القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،80‬ماي‪-‬يونيو‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.29‬‬
‫‪-25-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫إن تطوير آليات التواصل من لدن اإلدارة لتحسين عالقاتها مع الجمهور يساهم في‬
‫المرتفقين من الخدمات ويعمل على انفتاح اإلدارة على المجتمع‪ ،‬وهذا االنفتاح لن يتأتى‬
‫دون تطوير بنيات االستقبال وظروفه وكذا اعتماد الشفافية‪.‬‬

‫ب‪ -‬تطوير ظروف بنيات االستقبال‪:‬‬

‫إن عملية االستقبال التي تعكس االتصال األولي للمرتفقين مع المرفق تعد من الوظائف‬
‫التي يتعين االعتناء بها من لدن المرفق سعيا إلى توجيه المرتفقين وإرشادهم عبر مختلف‬
‫المصالح التابعة للمرفق‪ ،‬وتقديم المعلومات الالزمة للمرتفقين‪ ،‬والمعالجة السريعة لكل طلب‬
‫شخصي‪ ،‬وتقديم النصح والمساعدة للمرتفق‪ ،‬في حين أن تطوير ظروف وبنيات االستقبال‬
‫يستلزم إعادة هيكلة مصالح اإلدارة حتى تتالءم مع وظيفة االستقبال‪ ،‬كما يجب إحداث‬
‫مكاتب للعالقات العامة داخل كل إدارة عمومية تعمل على توجيه المرتفقين نحو المصلحة‬
‫المختصة‪.‬‬

‫ت‪ -‬اعتماد الشفافية في األداء المرفقي‪:‬‬

‫الشك أن األداء الجيد للمرافق العامة يرتبط بمدى انفتاح المرفق وإفصاحه عن أعماله‬
‫ونشاطه وإزاحة كل حواجز االتصال بينه وبين المرتفقين‪ ،‬لهذا فالمجهود الذي تبدله اإلدارة‬
‫بقصد االنفتاح على محيطها يمر بالضرورة عبر إعمال التكييف الالزم للمرفق العام بهدف‬
‫مواكبة متطلبات الشفافية اإلدارية وذلك باالعتراف بالحق في الخبر عن عمل المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬فالشفافية يتعين أن تفهم كشرط للحوار والتشاور‪ ،‬ولكن أيضا كوسيلة لالندماج‬
‫االجتماعي‪ ،‬كما أن الشفافية تتطلب أيضا تغييرا في العقليات وإعادة النظر في عالقة‬
‫اإلدارة بالمرتفقين‪.‬‬

‫وبذلك تبقى الحكومة مدعوة أكثر من غيرها إلى تأسيس قيم جديدة في تدبير الشأن العام‬
‫وتهذيب الحياة اإلدارية عبر قيم النزاهة والشفافية واالستقامة‪ ،‬والتزامها بميثاق حسن‬

‫‪-26-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫التدبير الذي ال يعد بالنسبة لها التزاما وحسب‪ ،‬وإنما قاعدة مرجعية لتجسيد الثقافة الجديدة‬
‫‪45‬‬
‫التي يجب أن تسود المرفق العام‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تحديث الوسائل البشرية وتطوير آليات المراقبة‬

‫في سبيل ضمان حسن أداء المرافق العامة وتلبية حاجيات المرتفقين في أحسن الظروف‬
‫البد من تطوير العنصر البشري (أ) واستخدام التكنولوجيا الحديثة (ب) باإلضافة إلى‬
‫تطوير آليات المراقبة (ت)‪.‬‬

‫أ‪ -‬تطوير العنصر البشري‪:‬‬

‫إن االهتمام بتطوير الموارد البشرية يرجع إلى اعتبار العنصر البشري‪ ،‬الذي يمثله‬
‫الموظف بالنسبة لإلدارة‪ ،‬بمثابة محور ارتكاز العمل اإلداري بحيث أن القدرة على‬
‫االستجابة لمطالب المرتفقين من طرف الجهاز اإلداري متوقفة على كفاءة العنصر البشري‪،‬‬
‫فمن أهم جوانب الحكامة الجيدة للمرافق العامة أن تكون الموارد البشرية مكونة ومؤطرة‬
‫ومحفزة بشكل جيد‪ ،‬ومن أجل تأهيل العنصر البشري وجعله المحور األساسي لتحقيق‬
‫فعالية أداء المرفق العام يتعين إعطاء أهمية للمعطيات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اعتماد أساليب جديدة في التوظيف باإلدارات العمومية تقوم على أساس المؤهالت‬
‫الحقيقية للمرشحين‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة إخضاع الموارد البشرية للتدريب والتكوين المستمر‪.‬‬

‫‪ -‬إصالح منظومة األجور‪.‬‬


‫‪46‬‬

‫ب‪ -‬استخدام التكنولوجيا الحديثة‪:‬‬

‫‪ - 45‬عبد هللا اإلدريسي‪ ،‬الوظيفة التأطيرية والتنموية للمرافق العامة في الخطاب اإلصالحي الرسمي وتحديات المرحلة االنتقالية بالمغرب‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،2002 ،35‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 46‬محمد التغزوتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪-27-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫إن إ ستراتيجية تحديث المرفق العام تأخذ بالحسبان انتشار التكنولوجيا واستعمال التقنيات‬
‫المعلوماتية والوسائل الجديدة‪ ،‬وهذه اإلمكانيات قد أدت إلى تحول كبير في تقدير ما يجب‬
‫‪47‬‬
‫القيام به على مستوى المرافق العمومية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد قام المغرب بوضع إستراتيجية وطنية للمغرب االلكتروني تهدف إلى إدماج‬
‫المغرب في مجتمع المعلوميات‪ ،‬وإلى تدعيم التناسق االجتماعي وتحقيق النمو االقتصادي‪.‬‬
‫وترتكز هذه اإلستراتيجية على ثالث أسس‪:‬‬

‫‪-‬إدارة سهلة الولوج للمواطن‪.‬‬

‫‪ -‬تقليص الفجوة الرقمية من خالل تطوير محتوى مالئم وتعميم البنية التحتية‬
‫لالتصاالت‪ ،‬وضمان ولوج سهل للخدمات‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين موقع المغرب على المستوى الدولي‪.‬‬

‫وقد عملت الحكومة على تبني وتطوير مناهج التدبير االلكتروني بغية تسهيل ولوج‬
‫المرتفقين للخدمات العمومية‪ ،‬وتحقيق االقتصاد في تكاليف اإلدارة‪ ،‬هي هذا اإلطار تم‬
‫تفعيل اللجنة الوطنية لإلدارة االلكترونية سنة ‪ 2004‬برئاسة وزارة تحديث القطاعات‬
‫العامة‪ ،‬وقد تكللت أشغال هذه اللجنة في الفترة الممتدة ما بين ‪ 2004‬و‪ 2005‬بوضع‬
‫البرنامج الوطني لإلدارة االلكترونية المسمى "إدارتي" حيث تعني هذه الفكرة انتماء اإلدارة‬
‫للمواطن وشعوره بأنها في خدمته‪ ،‬أما معناها بالفرنسية فيفيد إدخال المعلوميات في اإلدارة‪،‬‬
‫وربطها بالشبكة باستعمال تكنولوجيا المعلوميات‪.‬‬

‫كما تم إعداد خطة العمل للفترة الممتدة ما بين ‪ 2005‬و‪ 2008‬حيث وصل عدد‬
‫الخدمات على الخط سنة ‪ 2007‬إلى ‪ 190‬خدمة‪ ،‬ومن بين المشاريع المنجزة " بوابة‬
‫اإلدارة ‪ "www.service-publik.ma‬التي تعتبر آلية فعالة للتعريف بالمساطر‬
‫‪48‬‬
‫اإلدارية ودعم الشفافية‪.‬‬

‫‪ - 47‬محمد ايت المكي‪ ،‬من اجل تجديد المرفق العام‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬طبعة ثالثة‪ ،2011 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ - 48‬محمد بن داوود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪-28-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫وعموما‪ ،‬يمكن القول أن إدخال التقنيات التكنولوجية الحديثة إلى المرافق العامة يهدف‬
‫إلى تبسيط المساطر واإلجراءات وتسريع الخدمات المرفقية واالنتقال من المساطر على‬
‫الورق إلى المساطر على الخط‪.‬‬

‫ت‪ -‬تطوير آليات المراقبة‪:‬‬

‫بما أن مختلف المرافق العمومية تسخر العديد من اإلمكانات المادية والبشرية في بلوغ‬
‫أهدافها‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن يكون تحديد المسؤولية هي الركيزة األساسية لضمان تحقيق‬
‫األهداف‪ .‬وبذلك ال يمكن تصور وجود مرفق عام دون خضوعه للرقابة التي تتنوع بين‬
‫رقابة إدارية وأخرى قضائية‪.‬‬

‫‪ -‬رقابة إدارية‪:‬إن الرقابة اإلدارية التي تمارسها اإلدارة على نفسها من لدن الرؤساء‬
‫اإلداريين ارتبطت تقليديا بعملية فحص قانونية التصرفات اإلدارية‪ ،‬وذلك بمقارنة نشاط‬
‫اإلدارة وسلوك العاملين بها‪ ،‬بمختلف القواعد والنصوص القانونية المنظمة للعمل‪ ،‬في حين‬
‫أن الرقابة اإلدارية وفقا لمفهومها الحديث هي وظيفة إدارية قائمة بذاتها يراد بها التأكد من‬
‫أن األعمال قد تمت على الوجه المطلوب وفقا للمعايير المحددة‪ ،‬ولم تعد تقتصر على مجرد‬
‫عملية الكشف عن األخطاء ومعاقبة المتسببين فيها‪ ،‬فالرقابة الحديثة ابتعدت عن العمل‬
‫الزجري الصرف واتخذت بعدا جديدا يصبو إلى إشاعة روح االبتكار وترشيد اإلدارة على‬
‫أن تلمس وسائل التنظيم والتسيير المالئم‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪ -‬رقابة قضائية‪ :‬لقد حرص المغرب ‪،‬في السنوات األخيرة‪ ،‬على تركيز اهتمامه على‬
‫تفعيل الرقابة القضائية على المال العام‪ ،‬من أجل مواصلة إصالح وتحديث المرافق العامة‪،‬‬
‫وتأتي هذه اإلصالحات التي شهدها المجال المالي في السنوات األخيرة لترسيخ الرؤية‬
‫الجديدة لتدبير المرافق العمومية عن طريق تحديث الرقابة المالية‪ ،‬بإصباغ الصفة‬
‫الدستورية على مؤسسة المجلس األعلى للحسابات باعتبارها الهيئة العليا لمراقبة المالية‬
‫العمومية بالمملكة وذلك حسب الفصل ‪ 147‬من دستور ‪ ،2011‬أما الفصل ‪ 149‬من نفس‬
‫الدستور فينص على إحداث المجالس الجهوية للحسابات كتوجه جديد لسياسة الالمركزية‬

‫‪ - 49‬محمد التغزوتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬


‫‪-29-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫المالية‪ ،‬غير أنه بعد فشل تجربة إشراف المجلس األعلى للحسابات في القيام بمهمة‬
‫اإلشراف على الجماعات الترابية نظرا لتعدد مهام المجلس تم إسناد هذه المراقبة للمجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ ،‬حيث تمارس في حدود اختصاصاتها‪:‬‬

‫‪ ‬البث في حسابات الجهات والجماعات الترابية‪.‬‬


‫‪ ‬ممارسة وظيفة قضائية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة تسيير المقاوالت المخولة االمتياز في مرفق عام محلي والمعهود إليها‬
‫تسيير الشركات والمقاوالت التي تملكها الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وهكذا حرص المشرع المغربي على العناية باألجهزة المكلفة بحماية المال العام وخاصة‬
‫تلك التي تعنى بالرقابة القضائية التي تشكل أحد الركائز األساسية التي ينبني عليها التدبير‬
‫الحكماتي للمرافق العمومية‪.‬‬

‫‪-30-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إن دراستنا لموضوع مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬جعلتنا نخلص إلى مجموعة‬
‫من االستنتاجات‪ ،‬ندرجها كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬تعدد طرق وأساليب تدبير المرفق العمومي من خالل مجموعة من المبادئ التقليدية‬
‫والمستحدثة‪.‬‬
‫‪ ‬عزم المغرب على االرتقاء بمستوى عمل وخدمات المرفق العمومي من خالل ترسانة‬
‫قانونية جد قوية أطرت مبادئ حكامة المرفق العمومي وتكريس هذه المبادئ دستوريا‪.‬‬
‫‪ ‬إشراف هيئات وطنية على مدى احترام مبادئ الحكامة الجيدة‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة الحكامة الجيدة للمرافق العمومية هي أزمة موارد وأطر بشرية غير مؤهلة ال تطلع‬
‫على أخر المستجدات في مجال عملها‪.‬‬

‫وتبعا لهذه الخالصات يمكن اقتراح ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬على المستوى العملي‪:‬‬


‫‪ ‬تفعيل مبادئ الحكامة الجيدة للمرافق العمومية من خالل العمل بالمقتضيات الدستورية التي‬
‫تنص على ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬إلزامية التقارير الصادرة عن هيئات الحكامة الجيدة المؤطرة لنظام المرافق العمومية‪،‬‬
‫ونخص هنا بالذكر مؤسسة الوسيط والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪.‬‬
‫‪ ‬على المستوى االستراتيجي‪:‬‬
‫‪ ‬رسم إ ستراتيجية شاملة لكل إدارات المرافق العمومية على المستوى الحكومي والتعاون‬
‫األفقي بين هذه المرافق بغية تسهيل حصول المرتفق على خدمات بأقل تكلفة وفي وقت‬
‫وجيز‪ ،‬خصوصا بالنسبة للخدمات التي تتطلب الولوج ألكثر من مرفق‪.‬‬
‫‪ ‬لتغيير النظرة السلبية للمواطنين اتجاه المرافق العمومية البد من دعم الثقة بين المرفق‬
‫والمرتفق وذلك من خالل استكمال مسلسل المبادرات اإلصالحية التي بدأت تأخذها بعض‬
‫اإلدارات‪.‬‬
‫‪ ‬على المستوى التشريعي‪:‬‬
‫‪-31-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ ‬تطبيق مقتضيات ميثاق المرافق العمومية لما لها من تأثير إيجابي على سير هذه المرافق‪.‬‬
‫وضع نصوص قانونية خاصة بالرقابة القضائية للمعاقبة عن الرشوة والفساد وسوء التدبير‬ ‫‪‬‬
‫وهدر المال العام‪.‬‬
‫‪ ‬على المستوى اإلداري‪:‬‬
‫‪ ‬لتفادي أزمة الموارد البشرية غير المؤهلة وغير الكفؤة رغم توفر العنصر المالي والوسائل‬
‫يتوجب مواكبة العاملين بالمرفق العمومي وأعوان اإلدارة بالتكوين المستمر والتأطير‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز نجاعة اإلدارة الرقمية والحكومة اإللكترونية في أفق تبسيط المساطر والتقييم الفعال‬
‫للعمل المرفقي‪.‬‬

‫‪-32-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫المراجع‬

‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد أجعون‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬الطبعة ‪ ، 2014/2013‬مطبعة ووراقة سجلماسة الزيتون‪ -‬مكناس‪.‬‬
‫‪ -‬محمد كرامي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،2015‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ -‬الدارالبيضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري – الجزء الثاني – الطبعة الخامسة‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬حسن البنان‪ ،‬مبدأ قابلية قواعد المرفق العام للتغير و التطور‪ ،‬دراسة مقارنة في المؤسسات‬
‫االقتصادية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الموصل ‪.2014‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية‬
‫المتقدمة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬طبعة ‪.2014‬‬

‫‪ ‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم الشافعي‪ ،‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات في‬
‫القانون العام المعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪.‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي‪ ،‬تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام‪ ،‬رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة‬
‫القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001/2000‬‬
‫‪ -‬محمد بن داوود‪ ،‬حكامة المرافق العمومية‪ ،‬رسالة نيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪.2016-2015 ،‬‬
‫‪ -‬محمد التغزوتي‪ ،‬الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬رسالة نيل شهادة الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية الحقوق‪ ،‬فاس‪.‬‬

‫‪ ‬القوانين والوثائق الرسمية‪:‬‬


‫‪ -‬الدستور المغربي لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1-11-25‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬القاضي بإحداث مؤسسة‬
‫الوسيط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.5929‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق المرافق العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 14.16‬المتعلق بإعادة تنظيم مؤسسة الوسيط‪.‬‬

‫‪-33-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫‪ -‬الخطاب السامي لجاللة الملك في افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية من الوالية التشريعية‬
‫العاشرة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪.2016‬‬
‫‪ -‬قرار للمجلس األعلى‪ ،‬محمد الحيحي ضد وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة‪ 17 ،‬أبريل‬
‫‪.1961‬‬

‫‪ ‬المجالت‪:‬‬
‫‪ -‬حكم عدد ‪ 69‬بتاريخ ‪ ، 1998/06/26‬أحمد شوقي ضد جامعة اللقرويين بفاس‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 25‬أكتوبر‪-‬دجنبر ‪.1998‬‬
‫‪ -‬آمال المشرقي‪ ،‬قراءة في القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،80‬ماي‪-‬يونيو ‪.2008‬‬
‫‪ -‬عبد هللا اإلدريسي‪ ،‬الوظيفة التأطيرية والتنموية للمرافق العامة في الخطاب اإلصالحي الرسمي‬
‫وتحديات المرحلة االنتقالية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع‬
‫الساعة‪ ،‬عدد ‪.2002 ،35‬‬
‫‪ -‬محمد ايت المكي‪ ،‬من اجل تجديد المرفق العام‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬طبعة‬
‫ثالثة‪.2011 ،‬‬

‫‪ ‬المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪ -‬المصطفى المصبحي‪ ،‬مقالة بعنوان "حكامة التدبير المفوض للمرافق العمومية" ‪- 2010 -‬‬
‫‪.https://www.attadbir.com‬‬
‫‪ -‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪، www.mmsp.gov.ma‬‬
‫ميثاق المرافق العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.icpc.ma‬الحكامة الجيدة بين‬
‫الوضع الراهن ومقتضيات الدستور الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬البنك الدولي‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ،www.puddocs.wodlsbank.gov‬المغرب في أفق‬
‫‪.2040‬‬
‫‪ -‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ ، www.ces.ma‬حكامة المرافق‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪-34-‬‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪1...........................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ المستمدة من الوثيقة الدستورية ‪5...................................................‬‬
‫المطلب األول المبادئ الكالسيكية المؤطرة لسير المرفق العمومي ‪5........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ المساواة ‪5..................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ استمرارية المرافق العمومية ‪6...........................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتعديل ‪10...................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المعايير التي يخضع لها المرفق العمومي استرشادا بالدستور الجديد ‪10..................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ترسيخ مبادئ الجودة والشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة ‪11...........................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ترسيخ مبادئ احترام القانون والحياد والمشاركة ‪13..........................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬هيئات ومؤسسات حكامة المرافق العامة ‪15...................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التدبير العمومي الحديث ورهان الحكامة الجيدة ‪19..........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آفاق ورهانات حكامة المرافق العمومية ‪19...................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختالالت المرافق العمومية ‪19..................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رهانات وتوصيات تحسين المرافق العمومية ‪21..............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديث أساليب التدبير والتنظيم ‪23............................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديث على مستوى أساليب التدبير ‪23........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديث على مستوى األداء ‪25..................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تحديث الوسائل البشرية وتطوير آليات المراقبة ‪27..........................................‬‬

‫خاتمة ‪31..........................................................................................................‬‬

‫المراجع ‪33........................................................................................................‬‬

‫‪-35-‬‬

You might also like