Professional Documents
Culture Documents
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
الجزائرية
الديمقراطية
الشعبية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
موضوع البحث
ماهية بريكس وأهدافه؟ وماهي أبرز توجهاته المستقبلية والتحديات والصعوبات التي تواجهه؟ اإلشكالية:
المبحث األول :مدخل مفاهيمي للبريكس وغاياته ومؤسساته.
الخاتمة
المبحث األول :مدخل مفاهيمي للبريكس وغاياته ومؤسساته:
النشأة والمفهوم:
يقوم انشاء اي كيان دولي اساسـا علـى اتفـاق الـدول المعنيـة فيمـا بينهـا ،وقـد يـتم مـع هـذا بمبـادرة مـن دولـة واحـدة،
ونـشأة الكيانـات والتجمعـات الدوليـة يـستغرق بـضع أعـوام قـد تطـول أو تقـصر بحـسب اهميـة الكيـان أو التجمـع
المـراد إنـشاؤه ،وبحـسب الظروف والعوامل التي تدفع بالدول الراغبة في انشاء الكيـان (أيـا كـان نوعـه) ،واخـتالف
المدة الزمنية يعـود إلـى التهيئـة واجـراء المـشاورات والمناقـشات بـين الـدول للوصـول إلـى اتفاق تجمع عليه غالبية دول
1
المنظمة.
.وفي حالة مجموعة بـريكس موضـوع الدراسـة البـد لنـا ان نوضـح بـدايات التقـارب بـين دول هـذه المجموعـة ،فـنلحظ
حـدوث تقـارب بـين الـصين وروسـيا قبـل والدة هـذه المجموعة وطبيعة التقارب كان السير في طريـق الـشراكة
االسـتراتيجية بالخمـسينيات مـن القـرن الماضـي بهـدف زيـادة قوتهمـا فـي التـصدي للواليـات المتحـدة االمريكيـة وتلـت
2
هذا التقارب محاوالت من هاتين الدولتين لضم الهند.
وقـد ظـل الحـال بـين مـد وجـزر إلـى عـام 2008حـين اجتمـع وزراء خارجيـة هـذه الـدول الـثالث (روسـيا والـصين
والهنـد) وعرفـت آنـذاك هـذه المجموعـة باسـم (ريـك) ،وهي الحروف االولى من اسماء هذه الـدول ،قبـل هـذا االجتمـاع
وفـي عـام 2001اشـار احـد االقتـصاديين فـي مؤسـسة غولـدمان ساسـا إلـى اسـم (بريـك) لإلشـارة إلـى اربـع دولً
صـاعدة فـي مـستقبل العــالم االقتـصادي ،وقـد تحقـق ذلــك فعـال بانـضمام البرازيـل عــام 2009صـاحبة الحـرف ()B
وهـو مـا بـشر بظهـور تكتـل فاعـل علـى الـساحة الدوليـة ،وفــي كــانون األول 2011انــضمت دولــة جنــوب افريقيــا
3
صــاحبة الحــرف ( )Sفــأعطىً انضمامها بعدا اكبر لهذه المجموعة في رقعتها الجغرافية العالمية.
اول مــن طــرح اســم بــريكس هــو جيــم اونيــل رئــيس مؤســسة غولــدمان ســايكس المالية ،اذ اشار اليه في أحد
4
تقاريره للمؤسسة.
على الرغم من ان التفـاوض علـى تـشكيل مجموعـة بـريكس مـر بمراحـل واسـتغرق أعــوام عــدة لكــن فــي عام
2006اضــفى اول اجتمــاع لــوزراء خارجيــة البرازيــل وروســيا والهنــد والــصين علــى هــامش اجتماعــات
5
الجمعيــة العامــة لألمــم المتحــدة فــي نيويــورك (أيلول )2006طابعا رسميا على التجمع الجديد.
1عبــد المجيــد مــصلح العــسالي ،ادارة المنظمــات الدوليــة ،مؤســسة طيبــة للنــشر والتوزيــع ،القــاهرة ،ط،1
،2010ص.28
2جاسـيت سـنج ،التـسلح النـووي واالمـن االقليمـي مـن منظـور هنـدي ،تـوازن القـوى فـي جنـوب اسـيا ،مركـز
االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ،ابو ظبي ،ط ،2004، 1ص .59
3خليـل حـسين ،موسـوعة المنظمـات االقليميـة والقاريـة ،ج ،2منـشورات الحلبـي ،بيـروت ،ط،2013، 1ص.419
4عبـد القـادر ورسـمه غالـب ،مجموعـة بـريكس ومكانتهـا فـي البنيـة الدوليـة ،مجلـة افـاق المـستقبل ،مركـز االمارات،
العدد ( ،62ابريل/مايو/يونيو)،2015،ص.29
5ليلـى عاشـور حـاجم وسـالي موفـق ،تكتـل القـوى االقتـصادية الـصاعدة :مجموعـة البـريكس ()BRICSانموذجـا ،مجلـة
قـضايا سياسـية ،كليـة العلـوم الـسياسية ،جامعـة النهـرين ،العـددان ( ،)46-45آب /كـانون األول ،2016،ص.5
المطلب الثاني :أهداف البريكس:
أهداف بريكس:
انطلقت مجموعة البريكس من اهداف اقتصادية مشتركة تكون حافزا لتماسك هذه المجموعة (متخذين من اإلتحاد األوربي
نموذجا في ذلك) ،ذلك لالن دول المجموعة مختلفة عن بعضها في الكثير من الجوانب السياسية والثقافية ،لذلك ركزت
اهدافها على:
.تشجيع التجارة واالستثمارات لتحقيق تكامل اقتصادي خاصة في مجال النفط والغاز والبنى التحتية ،وقد اشار أ-
الباحث في اقتصاد التنمية بجامعة جوهانسبرغ (ستيفن جيلد) في هذا المضمار ان هذا لن يكون االهتمام الوحيد،
1
لكنه سيكون العملية الهامة في مساعدة الدول نفسها لتحقيق اغراضها األخرى.
ضرورة إصالح مؤسسات التمويل الدولية من اجل زيادة دور القوى االقتصادية الصاعدة في صناعة القرار داخل ب-
2
مؤسسات النقد الدولية (الصندوق والبنك الدوليين).
محاولة تغيير نظام النقد الدولي بتقليل االعتماد على الدوالر األمريكي في المدفوعات الدولية ،حيث تبلور الدول ت-
3
الخمس اتفاقية تقديم قروض او منح لبعضها البعض بعمالتها المحلية لتدويل تلك العمالت وتأسيس اليات جديدة.
تهتم المجموعة بشكل خاص بالتعاون التكنلوجي خاصة في مجاالت الطاقة المتجددة وتحسين استخدامها السيما وان ث-
4
البرازيل تعد الدولة الرائدة في هذا المجال.
.االتفاق على هوية موحدة وتعاون مؤسسي بما يجعلهم مجموعة جيوسياسية وجيو اقتصادية لها وزنها قادرة على ج-
الثبات ودرء المخاطر مع خلق نظام للنسيق األمني فيما بينهم.
العمل على تأسيس نظام عالمي جديد بعيد عن الهيمنة األمريكية مع العمل على إصالح المنظمات السياسية الدولية ح-
5
وتحديدا األمم المتحدة ومجلس األمن.
السعي لسحب دول صاعدة وناجحة تشارك هذه المجموعة في تطلعاتها ،اذ يمكن االنفتاح على العالم اإلسالمي خ-
السيما الدول الرئيسية فيه مثل إيران ،تركيا ،ماليزيا.
1احمد دياب ،البريكس تكتل القوى الصاعدة ،ملف األهرام اإلستراتيجي ،مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية،
مؤسسة األهرام الدولية ،القاهرة ،ايار ،2011،ص.1
2آفاق التعاون البراغماتي بين دول مجموعة البريكس ،صحيفة الشعب اليومية 28،اذار ،2012 ،ص.1
3براهما تشالني ،بريكس :البحث عن هوية موحدة وتعاون مؤسسي ،مركز الجزيرة للدارسات 7 ،ايار ،2012،ص.2
4وسن إحسان عبد المنعم ترتيبات اإلقليمية الجديدة والتغيرات في ميزان القوى العالمي -تكتل مجموعة دول البريكس
أنموذجا ،مجلـة قـضايا سياسـية ،كليـة العلـوم الـسياسية ،جامعـة النهـرين ،العـدد ،58،2020ص.163
5ويكيبيديا الموسوعة الحرة ،بريكس ،متاح على الرابط اإلكتروني.ar.m.wikipedia.org
شنغهاي في تموز عام .2014وتأتي اهمية ترتيبات االحتياطي االحتمالي لتوفير الحماية ضد ضغوط السيولة العالمية،
والتي تشمل قضايا العملة حيث تتأثر العمالت الوطنية لألعضاء سلبا بسبب الضغوط المالية العالمية.
كما وجد ان االقتصادات الناشئة التي شهدت التحرير االقتصادي السريع مرت بزيادة التقلبات االقتصادية مما جعل البيئة
االقتصادية غير مستقرة وبحاجة الى هذه االحتياطيات االحتمالية التي أصبح ينظر اليها كمنافس لصندوق النقد الدولي
ويتكون األساس القانوني لالحتياطي من معاهدة انشاء ترتيب االحتياطي في البريكس عام 2014ودخلت حيز التنفيذ بعد
1
مصادقة جميع األعضاء وتم اإلعالن عنها في قمة البريكس السابعة في تموز .2015
1محمد صالح الدين ،رائد النهضة البرازيلية لوال دي سيلفا ،من سلسلة كتب مشاهير العالم ،ط ،1دار الفاروق للنشر،
عمان ،2012،ص .14
2هشام مصطفى محمد سالم الجمل ،الفساد االقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور
االقتصاد اإلسالمي والوضعي ،مجلة كلية الشريعة والقانون ،جامعة األزهر ،العدد ،2014، 30ص.547
3فاتح عمارة ،دور التكتالت االقتصادية في الحوكمة االقتصادية العالمية مجموعة البريكس أنموذجا ،رسالة ماجستير
(غير منشورة) ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم العلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،الجزائر ،2015،ص
.114
4األمم المتحدة كتيب اإلحصاءات العالمية ،إدارة الشؤون االقتصادية واالجتماعية ،شعبة اإلحصاءات ،السلسلة( ،)Vالعدد
،42نيويورك ،2018ص (.)3،33،69،133،171،257،261
5عبد القادر رزيق المخادمي ،تكتل دول البريكس نحو نظام عالمي جديد ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2017،
ص190-189
توظيفها بالشكل األنسب لذا فإن االستمرار في إهمال العالقة ما بين توزيع السكان والمساحة لهذا الحد
يؤدي إلى تراكمات واسعة قد تنعكس بشكل كلي على االقتصاد الروسي بالتحديد وكافة قطاعات الدولة
بشكل عام في ظل تكتل بشري كبير داخل مناطق صغيرة مقابل وجود مساحات شاسعة من روسيا غير
مستغلة فعلى الرغم من انخفاض درجات الحرارة في بعضها إال أنها قابلة للتوظيف واالستثمار البشري
سواء في مجال الزراعة أو الصناعة السيما في ظل تطور برنامج التعديل مناخي والهندسة البيئية القادرة
على تهيئة الظروف مؤاتيه للزراعة والصناعة والمعيشة ،1بينما تعاني الصين من المشكالت الديمغرافية
والتنوعات األثنية فهي تتكون من أكثر من 56عرق و قومية ومن أهمها قومية االيغور المسلمة التي تحكم
نفسها ذاتيا في إقليم شنغ يانغ ،وقد خاضت هذه الفئة مشكالت عديدة مع الحكومات الصينية المتعاقبة منذ
القرن السابع عشر حتى اآلن ومن جانب آخر يالحظ أن الكتلة السكانية البشرية الصينية بدأت تظهر عليها
مالمح الشيخوخة المفرطة بثقل سكاني تجاوز المليار نسمة وربما يعود السبب في ذلك إلى سياسة الطفل
الواحد التي تبناها الحزب الشيوعي منذ 1978كما تفاقمت الفجوة في مستويات المعيشة والتطور
االقتصادي بين المناطق الساحلية المتقدمة والمناطق الداخلية والريفية المتخلفة مما أدى إلى ظهور مشكلة
الهجرة الداخلية نحو المدن الرئيسية بسبب توفر الخدمات الصحية والتعليمية الجيدة فيها مقابل ضعفها في
مناطق القرى واألرياف التي تعاني بنسبة عالية من التخلف في جميع المستويات ،وما يسببه ذلك من ثقل
وضغط كبيرين تعاني منه المدن الرئيسية كما تواجه الصين معضلة بالغة الخطورة والتعقيد تتمثل في كيفية
إيجاد توازن بين سرعة النمو السكاني والتآكل في حجم الموارد نتيجة التحول من االقتصاد الزراعي إلى
االقتصاد الصناعي ،فضال عن تفشي األمراض واألوبئة ،الفقر ،البطالة ،التخلف ،انخفاض مستوى
التعليم ...الخ ،كذلك أزمة الطاقة والعمل على تأمين مصادر بديلة لها في حين تعد الهند أكبر منطقة لتركز
الفقراء في العالم وعلى الرغم من تحسن مستوى دخل الفرد النسبي الذي شهده في السنوات اآلخرة إال أنه
بعيدا جدا عما هو عليه في الدول المتقدمة ويرجع ذلك إلى جمود هيكل العمالة في القطاعات االقتصادية
الهندية كما تعاني من انتشار األوبئة واألمراض المية الملوثة وأزمة الطاقة وقد عاملت الهند على الحد من
هذه المشاكل االقتصادية والتنموية إال أنها لم ترتقي إلى مستوى الكفاءة ،2وإذا كانت جنوب إفريقيا قد
قضت على آثار الفصل العنصري في جانبه السياسي فإن التحديات التي تواجهها الدولة ما بعد األبارتايد
وبقوة هي المشاكل االقتصادية واالجتماعية في النظام العنصري هو الذي كان وراء إنتاج مثل هذه التنمية
المشتركة من فوارق بين األغنياء والفقراء وهناك فئة من الناس تمتلك المصانع والمزارع وتعيش في مدن
تضاهي أوروبا في تنظيمها وخدماتها في المقابل هناك أغلبية ساحقة تعيش الفقر والحرمان والجهل وربع
سكان جنوب إفريقيا أواكثرهم من العاطلين عن على العامل ويعيشون بدخل يومي محدود (دوالر واحد)
وهم بذلك يعادلون أفقر الفقراء في العالم رغم أنها من الدول الخمسة التي تدعى إلى االجتماع السنوي لقمة
الدول الثمانية األغنى في العالم وهي أيضا من دول العشرين ،كما إن معدالت البطالة في جنوب إفريقيا ال
تزال مرتفعة وتفاوت مستويات الدخل بين البيض والسود حيث يحصل البيض على ستة أضعاف دخل
السود و نسبة البطالة بين البيض أقل من 7%مقابل أكثر من % 28السود وال يزالون البيض يتمتعون
بأوفر الحظوظ التعليم الذي يعتبر سيئا بالنسبة للغالبية السود ومن أخطار آثار التفاوت االقتصادي ارتفاع
معدل الجريمة انتشار واسع لإليدز واألمراض مزمنة مما يشكل تهديدا حقيقيا كبير لمستقبل جنوب إفريقيا
كدولة تسعى إلى التقدم والتطور أما بالنسبة للبرازيل ،فعلى الرغم من أنها حققت قفزة اقتصادية كبرى لكن
هذه النمو االقتصادي لم ترفع ترافقه تنمية شاملة ،إذا أن هناك تباين اقتصادي بين الجهات واألقاليم
الداخلية ومن ثم أصبحت تواجه جملة من التحديات أبرزها تفاوت في توزيع قيمة الدخل الفردي بين
الواليات البرازيلية بل داخل ذات الوالية ،تفاوت في الملكية والمردودية الفالحية ،سيطرة الرأسمالية
أجنبية على قطاعات اإلنتاجية الوطنية مما يجعل البرازيل خاضعة للتبعية األجنبية األوروبية واألمريكية،
واحتكار واليات الجنوب الشرقي والمناطق الساحلية للثروة االقتصادية والمالية بينما ينتشر الفقر والبطالة
1علي بشاربكر أغوان ،القوى الكبرى وإعادة تشكيل النظام الدولي (دراسة في فرضيات الصعود واألفول) ،أطروحة
دكتوراه (غير منشورة) ،جامعة النهرين ،كلية العلوم السياسية ،2017 ،ص.159-158
2المصدر نفسه ص 191-189
واألمية في المناطق الداخلية والشمالية (فاألحياء الراقية إلى جانب أحياء الصفيح) ،مشكلة مديونية
وتضخم.
مشاكل الحدودية و النزاعات اإلقليمية :تواجه دول بريكس تحديات كبيرة تحد من صعودها بوصفها قوة -3
عالمية وإن إحدى أهم هذه التحديات هي مسألة عالقاتها مع جيرانها ،إذ لديها نزاعات إقليمية جادة مع
أغلبية الدول المجاورة لها ،فتواجه الصين مسألة ترسيم الحدود مع جيرانها في أكثر من جهة ومع أكثر من
دولة ،فهناك نزاع مع اليابان في بحر الصين الشرقي حول جزر سينكاكو والنزاع الحدودي مع الهند الذي
مر بتجربة مواجهات مسلحة في الستينات من القرن الماضي ،وبدأ منذ العام 2005حوار مشترك بينهما
حول قضايا مختلفة منها السيطرة على األراضي وإدارة الحدود التي تمتد عبر فسحة الهماليا ،فضال عن
النزاعات االنفصالية في إقليم التبت ، 1أما بالنسبة للهند فإنها تواجه مشاكل مع باكستان على امتداد حدودها
الغربية وقد أدى الصراع بين باكستان والهند حول إقليم كشمير إلى التأثير المباشر والغير المباشر على
العالقات الثنائية الهند وباكستان مع دول منطقة والعالم ككل حيث أراد كل منهما استقطاب الدول األخرى
في اإلقليم كما سعت كل من الدول اإلقليمية وخاصة المعنية بالقضية الكشميرية (الهند-الصين-باكستان) إلى
التنافس حول من يؤثر أكثر في المنطقة ،وتمثلت أكثر التهديدات خطورة على أمن الهند ووحدة أراضيها
في مساعدة الصين العسكرية والنووية والصاروخية لباكستان في (جو عام) من الصداقة تمتد جذورها إلى
الستينات من القرن الماضي واالمتيازات الصينية المتزايدة في نيبال وبنغالديش و احتمال تقدم البحرية
الصينية في المحيط الهندي عبر تسهيالت في ميانمار و جزر الكوكوس ،فضال عن بناء ميناء جوادور
الجديد في باكستان .أما بالنسبة للنزاعات اإلقليمية ،فنالحظ وجود تباين في المواقف بين روسيا والصين
حول قضية جنوب آسيا حيث الصراع الهندي الباكستاني الذي أخذ الطابع نووي ،فالصين دعمت باكستان
ضد الهند لكي تضعف قوة الهندية وتشغيلها عن االنصراف إلى الخالفات الحدودية(الصينية-الهندية) كما
تحاول عرقلة بروز الهند كقوة آسيوية تنافس الصين ،أما روسيا فإنها دعمت الهند وزودتها باألسلحة لكي
2
تكون عامل ضغط تستخدمها روسيا ضد الصين بحيث تجعل من الهند قوة موازية للصين في آسيا.
التباعد الجغرافي بين دول بريكس :أدى التباعد الجغرافي إلى ضعف التجارة البينية لدول بريكس نتيجة -4
ارتفاع تكاليف النقل ،األمر الذي يسمح بزيادة القدرة التنافسية لدول الجوار على حساب دول تكتل ،ثم تلجأ
الدول إلى بحث عن بدائل أقرب للتبادل التجاري 3،حيث يمكن القول إن الجغرافيا هي من أهم الثوابت التي
تحكم العالقات االقتصادية بين دول بريكس ،اذ يرتفع حجم التبادل التجاري بين الدول المتجاورة
جغرافيا(روسيا-الصين-الهند) بصورة أفضل عن تجارتها مع دول البعيدة جغرافيا السيما (البرازيل –
جنوب إفريقيا).
هيمنة الواليات المتحدة األمريكية على النظام العالمي :لقد استطاعت الواليات المتحدة األمريكية منذ -5
نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945أن تسيطر على مجمل االقتصاد العالمي وتتحكم فيه ،من
خالل فرض هيمنتها على المؤسسات األساسية القائدة لالقتصاد العالمي والمتمثلة بصندوق النقد والبنك
الدوليين ومنظمة التجارة العالمية إلى جانب معظم الشركات المتعددة الجنسية وأنظمة االتصال واإلعالم
والمعلومات الحديثة بأشكالها المختلفة ،التي مثلت وجها صريحا للهيمنة االقتصادية على العالم وما
ساعدها في ذلك هو سعيها النضمام في العديد من التكتالت االقتصادية الدولية واإلقليمية خدمة لمصالحها
االقتصادية التي تنعكس بشكل إيجابي على فاعلية سياستها الخارجية وتوظيفها هيمنتها الراهنة على مجلس
األمن الدولي النتزاع شرعية استخدام عناصر قوتها العسكرية والسياسية في التدخل في مناطق مختلفة من
العالم دون أن يكون لمجلس األمن واألمم المتحدة موقفا رادعا تجاه ذلك ،وقد ازداد هذا تفوق مع نهاية
الحرب الباردة حيث أصبح الوضع مناسب للواليات المتحدة األمريكية لكي تبسط هيمنتها وتفرض زعامتها
على العالم السيما بعد حرب الخليج الثانية في عام 1991والتي احتكرت فيها الواليات المتحدة األمريكية
دواليب إدارتها ففي هذه المدة تحديدا تحدث الرئيس األمريكي عن والدة نظام عالمي جديد أكثر عدال
1سالي موفق عبد الحميد حبيب ،التكتالت االقتصادية الدولية ودورها في االقتصاد العالمي بريكس أنموذجا رسالة
ماجستير (غير منشورة) ،كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،2017،ص.182-181
2كاظم هاشم نعمة ،الصين في السياسة اآلسيوية ،ط ،1الداراآلكاديمية للطباعة والتآليف والترجمة والنشر ،طرابلس،
،2007ص.265
3فاتح عمارة ،مصدر سابق ،ص.123
بزعامة الواليات المتحدة األمريكية ومنذ ذلك الحين تمحورت االستراتيجية األمريكية في المحافظة على
هذا النظام التي تحتل فيه مركز قيادة عبر تعزيز حضورها العسكري والدبلوماسي واالقتصادي الوازن
والمكثف على الساحة الدولية ،1وفي هذا السياق عملت الواليات المتحدة األمريكية على تحجيم دور تكتل
بريكس من خالل تطويق المناطق التي توجد فيها مصالح المجموعة للحد من تصاعدها كقوة فاعلة في
النظام الدولي وعملت على التدخل بمختلف الطرق لالحتواء للعديد من المناطق التي تعد إستراتيجية بالنسبة
لدول بريكس إذ اعتمدت أسلوب إقامة التحالفات العسكرية إستراتيجية التي تعد أحد ثوابت بارزة في الخط
العام لالستراتيجية األمريكية الشاملة هي تمثل واحد من أهم الوسائل لتحقيق األمن القومي األمريكي و
فرض الهيمنة العالمية فقد أنشأت العديد من التحالف الدولية في مختلف مناطق العالم ويعد حلف شمال
األطلسي من أهم هذه التحالفات في تحقيق الهيمنة األمريكية اذا يعمل على توسيع عضويته بضم دول
جديدة من وسط وشرق أوروبا بهدف تدعيم قيادة الواليات المتحدة األمريكية ألوروبا الغربية وتوسيع مدى
هذه القيادة نحو الشرق وضفاء الشرعية على اختراق مناطق هامة في وسط اسيا لتطويق روسيا والصين
كما عملت الواليات المتحدة األمريكية على دعم التعددية جغرافية (أي تشجيع الحركات االنفصالية) في
أوراسيا بهدف تحديد حدود الحركة لكل من روسيا والصين ومنع ظهور تحالف قوي ينافس الواليات
المتحدة األمريكية على السلطة والنفوذ لذلك يمكن القول بأن االستراتيجية األمريكية تهدف إلى منع ظهور
أية قوة منافسة لها على الصعيد الدولي والحفاظ على الوضع الراهن وديمومة النظام األحادي القطبية وما
2
يمليه عليه من السيطرة والتحكم في السياسات العالمية.
1سارة قاسم عبد الرضا األسدي ،تأثير تجمع البريكس في النظام الدولي ،رسالة ماجستير (غير منشورة) ،الجامعة
المستنصرية ،كلية العلوم السياسية ،2017 ،ص.190-189
2أليكس كالينيوكس ،االستراتيجية الكبرى لإلمبراطورية األمريكية ،مركز الدراسات االشتراكية ،مصر ،2002 ،ص
.15-14
3مروان سالم علي العلي ،اإلقليمية الجديدة والنظام الدولي (دراسة في إشكالية التأثير والتأثر) ،أطروحة دكتوراه (غير
منشورة) ،كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،2014 ،ص.319
لعام 2008بشكل عام واالنفتاح األمريكي غير المسؤول في اتجاهات عدة دون ضبط هذا االنفتاح وبرمجته
وحساب كلفة اإلستراتيجية في تعميق تراجع الواليات المتحدة عن موقعها السابق في النظام السياسي الدولي
كقوة مهيمنة على العالم 1،إال أن هذا يفرض على تكتل بريكس العديد من التحديات و القيام بمزيد من
اإلصالحات كزيادة تحرير التجارة واالستثمار خاصة على المستوى المحلي وإصالح المؤسسات لدعم السوق
المعقدة السيما اإلصالحات القانونية واإلدارية إلعادة هيكلة الدولة ومع استمرار النمو االقتصادي لتكتل
البريكس يمكن أن يتجاوز الناتج المحلي اإلجمالي لالقتصاديات تكتل بريكس الدول السبعة التي بدأت اقتصاداتها
تتعافى من تداعيات األزمة المالية العالمية ،إال أن نموها االقتصادي ضعيف مقارنة مع دول بريكس ومن
المتوقع أن تتفوق دول بريكس على اقتصاديات مجموعة( )G8بدءا في العام 2030وستصبح من بين
االقتصاديات الست األبرز في العالم ويكون ناتج المحلي اإلجمالي لدول بريكس أكثر من ضعفي الناتج المحلي
اإلجمالي لمجموعة ( )G8في عام .2050
الخاتمة:
مما تم تناوله سابقا في الورقة البحثية ،يمكن القول إن تكتل بريكس كأي قوة اقتصادية حديثة تواجه العديد من العقبات
والتحديات التي تعمل على تقييد حركتها والحد من نموها المتصاعد لكن بالرغم من ذلك يستطيع التكتل الهيمنة على
النظام العالمي وذلك ألن مقومات األحادية القطبية لم تعد ترتكز بيد قوة واحدة في النظام الدولي.