Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫الجمهورية‬

‫الجزائرية‬
‫الديمقراطية‬
‫الشعبية‬
‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة عبد الحميد بن باديس – مستغانم –‬


‫كلية العلوم االقتصاد ية‪ ،‬التجارية وعلوم التسيير‬

‫موضوع البحث‬

‫مجموعة دول بريكس‬

‫مقياس ‪ :‬مدخل لعلم االقتصاد‪.‬‬

‫إعداد الطالبين‪ :‬دوبي بونوة محمد أمين والمداح عماد الدين‬

‫تحت إشراف‪ :‬األستاذة نعيمي حكيمة‬

‫السنة الجامعية‪2023/2024 :‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد صعود تكتل بريكس من أهم مالمح العقد األول من القرن الحادي والعشرين وذلك بفعل مقوماته الجغرافية واالقتصادية‬
‫والعسكرية التي يمكن أن تحوله إلى قطب عالمي ينافس القطب الغربي فضال عن احتفاظه بأكبر احتياطي من النقد األجنبي‬
‫كما أنه يضم خمس دول من مختلف قارات العالم بينهما دولتين في مجلس األمن الدولي هما (روسيا والصين)‪ ،‬لكن‬
‫بالرغم من ذلك هناك جملة من المعوقات والتحديات التي تعرقل صعود هذا التكتل‪.‬‬

‫ماهية بريكس وأهدافه؟ وماهي أبرز توجهاته المستقبلية والتحديات والصعوبات التي تواجهه؟‬ ‫اإلشكالية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مدخل مفاهيمي للبريكس وغاياته ومؤسساته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬بريكس النشأة والمفهوم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف بريكس‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شروط إنضمام إلى البريكس و مؤسساته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المعوقات التي تواجه مجموعة بريكس وتوجهاته المستقبلية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحديات والصعوبات التي تواجه مجموعة بريكس‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آفاق بريكس المستقبلية‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫المبحث األول‪ :‬مدخل مفاهيمي للبريكس وغاياته ومؤسساته‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البريكس النشأة والمفهوم‪:‬‬

‫النشأة والمفهوم‪:‬‬
‫يقوم انشاء اي كيان دولي اساسـا علـى اتفـاق الـدول المعنيـة فيمـا بينهـا‪ ،‬وقـد يـتم مـع هـذا بمبـادرة مـن دولـة واحـدة‪،‬‬
‫ونـشأة الكيانـات والتجمعـات الدوليـة يـستغرق بـضع أعـوام قـد تطـول أو تقـصر بحـسب اهميـة الكيـان أو التجمـع‬
‫المـراد إنـشاؤه‪ ،‬وبحـسب الظروف والعوامل التي تدفع بالدول الراغبة في انشاء الكيـان (أيـا كـان نوعـه)‪ ،‬واخـتالف‬
‫المدة الزمنية يعـود إلـى التهيئـة واجـراء المـشاورات والمناقـشات بـين الـدول للوصـول إلـى اتفاق تجمع عليه غالبية دول‬
‫‪1‬‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫‪ .‬وفي حالة مجموعة بـريكس موضـوع الدراسـة البـد لنـا ان نوضـح بـدايات التقـارب بـين دول هـذه المجموعـة‪ ،‬فـنلحظ‬
‫حـدوث تقـارب بـين الـصين وروسـيا قبـل والدة هـذه المجموعة وطبيعة التقارب كان السير في طريـق الـشراكة‬
‫االسـتراتيجية بالخمـسينيات مـن القـرن الماضـي بهـدف زيـادة قوتهمـا فـي التـصدي للواليـات المتحـدة االمريكيـة وتلـت‬
‫‪2‬‬
‫هذا التقارب محاوالت من هاتين الدولتين لضم الهند‪.‬‬
‫وقـد ظـل الحـال بـين مـد وجـزر إلـى عـام ‪ 2008‬حـين اجتمـع وزراء خارجيـة هـذه الـدول الـثالث (روسـيا والـصين‬
‫والهنـد) وعرفـت آنـذاك هـذه المجموعـة باسـم (ريـك)‪ ،‬وهي الحروف االولى من اسماء هذه الـدول‪ ،‬قبـل هـذا االجتمـاع‬
‫وفـي عـام ‪ 2001‬اشـار احـد االقتـصاديين فـي مؤسـسة غولـدمان ساسـا إلـى اسـم (بريـك) لإلشـارة إلـى اربـع دولً ‬
‫صـاعدة فـي مـستقبل العــالم االقتـصادي‪ ،‬وقـد تحقـق ذلــك فعـال بانـضمام البرازيـل عــام ‪ 2009‬صـاحبة الحـرف (‪)B‬‬
‫وهـو مـا بـشر بظهـور تكتـل فاعـل علـى الـساحة الدوليـة‪ ،‬وفــي كــانون األول ‪ 2011‬انــضمت دولــة جنــوب افريقيــا‬
‫‪3‬‬
‫صــاحبة الحــرف (‪ )S‬فــأعطىً انضمامها بعدا اكبر لهذه المجموعة في رقعتها الجغرافية العالمية‪.‬‬

‫اول مــن طــرح اســم بــريكس هــو جيــم اونيــل رئــيس مؤســسة غولــدمان ســايكس المالية‪ ،‬اذ اشار اليه في أحد‬
‫‪4‬‬
‫تقاريره للمؤسسة‪.‬‬
‫على الرغم من ان التفـاوض علـى تـشكيل مجموعـة بـريكس مـر بمراحـل واسـتغرق أعــوام عــدة لكــن فــي عام‬
‫‪ 2006‬اضــفى اول اجتمــاع لــوزراء خارجيــة البرازيــل وروســيا والهنــد والــصين علــى هــامش اجتماعــات‬
‫‪5‬‬
‫الجمعيــة العامــة لألمــم المتحــدة فــي نيويــورك (أيلول ‪ )2006‬طابعا رسميا على التجمع الجديد‪.‬‬

‫‪ 1‬عبــد المجيــد مــصلح العــسالي‪ ،‬ادارة المنظمــات الدوليــة‪ ،‬مؤســسة طيبــة للنــشر والتوزيــع‪ ،‬القــاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.28‬‬
‫‪ 2‬جاسـيت سـنج‪ ،‬التـسلح النـووي واالمـن االقليمـي مـن منظـور هنـدي‪ ،‬تـوازن القـوى فـي جنـوب اسـيا‪ ،‬مركـز‬
‫االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬ابو ظبي‪ ،‬ط‪ ،2004، 1‬ص ‪.59‬‬
‫‪ 3‬خليـل حـسين‪ ،‬موسـوعة المنظمـات االقليميـة والقاريـة‪ ،‬ج‪ ،2‬منـشورات الحلبـي‪ ،‬بيـروت‪ ،‬ط‪،2013، 1‬ص‪.419‬‬
‫‪ 4‬عبـد القـادر ورسـمه غالـب‪ ،‬مجموعـة بـريكس ومكانتهـا فـي البنيـة الدوليـة ‪ ،‬مجلـة افـاق المـستقبل‪ ،‬مركـز االمارات‪،‬‬
‫العدد ‪( ،62‬ابريل‪/‬مايو‪/‬يونيو)‪،2015،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 5‬ليلـى عاشـور حـاجم وسـالي موفـق‪ ،‬تكتـل القـوى االقتـصادية الـصاعدة‪ :‬مجموعـة البـريكس (‪)BRICS‬انموذجـا‪ ،‬مجلـة‬
‫قـضايا سياسـية‪ ،‬كليـة العلـوم الـسياسية‪ ،‬جامعـة النهـرين‪ ،‬العـددان (‪ ،)46-45‬آب‪ /‬كـانون األول ‪ ،2016،‬ص‪.5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف البريكس‪:‬‬

‫أهداف بريكس‪:‬‬
‫انطلقت مجموعة البريكس من اهداف اقتصادية مشتركة تكون حافزا لتماسك هذه المجموعة (متخذين من اإلتحاد األوربي‬
‫نموذجا في ذلك)‪ ،‬ذلك لالن دول المجموعة مختلفة عن بعضها في الكثير من الجوانب السياسية والثقافية‪ ،‬لذلك ركزت‬
‫اهدافها على‪:‬‬
‫‪ .‬تشجيع التجارة واالستثمارات لتحقيق تكامل اقتصادي خاصة في مجال النفط والغاز والبنى التحتية‪ ،‬وقد اشار‬ ‫أ‪-‬‬
‫الباحث في اقتصاد التنمية بجامعة جوهانسبرغ (ستيفن جيلد) في هذا المضمار ان هذا لن يكون االهتمام الوحيد‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫لكنه سيكون العملية الهامة في مساعدة الدول نفسها لتحقيق اغراضها األخرى‪.‬‬
‫ضرورة إصالح مؤسسات التمويل الدولية من اجل زيادة دور القوى االقتصادية الصاعدة في صناعة القرار داخل‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫مؤسسات النقد الدولية (الصندوق والبنك الدوليين)‪.‬‬
‫محاولة تغيير نظام النقد الدولي بتقليل االعتماد على الدوالر األمريكي في المدفوعات الدولية‪ ،‬حيث تبلور الدول‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪3‬‬
‫الخمس اتفاقية تقديم قروض او منح لبعضها البعض بعمالتها المحلية لتدويل تلك العمالت وتأسيس اليات جديدة‪.‬‬
‫تهتم المجموعة بشكل خاص بالتعاون التكنلوجي خاصة في مجاالت الطاقة المتجددة وتحسين استخدامها السيما وان‬ ‫ث‪-‬‬
‫‪4‬‬
‫البرازيل تعد الدولة الرائدة في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .‬االتفاق على هوية موحدة وتعاون مؤسسي بما يجعلهم مجموعة جيوسياسية وجيو اقتصادية لها وزنها قادرة على‬ ‫ج‪-‬‬
‫الثبات ودرء المخاطر مع خلق نظام للنسيق األمني فيما بينهم‪.‬‬
‫العمل على تأسيس نظام عالمي جديد بعيد عن الهيمنة األمريكية مع العمل على إصالح المنظمات السياسية الدولية‬ ‫ح‪-‬‬
‫‪5‬‬
‫وتحديدا األمم المتحدة ومجلس األمن‪.‬‬
‫السعي لسحب دول صاعدة وناجحة تشارك هذه المجموعة في تطلعاتها‪ ،‬اذ يمكن االنفتاح على العالم اإلسالمي‬ ‫خ‪-‬‬
‫السيما الدول الرئيسية فيه مثل إيران‪ ،‬تركيا‪ ،‬ماليزيا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شروط اإلنضمام و مؤسساته ‪:‬‬

‫شروط اإلنضمام‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫‪ -‬ضرورة االستقرار السياسي في الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬يستلزم ان يكون هناك عالقات ثنائية مع دول البريكس‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون إقتصاد الدولة رئيسي في منطقته‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون لها موقع إستراتيجي للتجارة ‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على النمو السريع‪.‬‬
‫مؤسساته‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫هناك عدد من المؤسسات المالية واالقتصادية في البنية المالية لتكتل البريكس‪ ،‬أبرزها هو بنك التنمية الجديد ويشار اليه‬
‫كذلك باسم بنك تنمية البريكس مع صندوق احتياطي نقدي بقيمة ‪ 150‬مليار تم انشاءهما على التوالي وذلك اثناء القمة في‬

‫‪ 1‬احمد دياب‪ ،‬البريكس تكتل القوى الصاعدة‪ ،‬ملف األهرام اإلستراتيجي‪ ،‬مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية‪،‬‬
‫مؤسسة األهرام الدولية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ايار‪ ،2011،‬ص‪.1‬‬
‫‪ 2‬آفاق التعاون البراغماتي بين دول مجموعة البريكس‪ ،‬صحيفة الشعب اليومية‪ 28،‬اذار‪ ،2012 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ 3‬براهما تشالني‪ ،‬بريكس‪ :‬البحث عن هوية موحدة وتعاون مؤسسي‪ ،‬مركز الجزيرة للدارسات‪ 7 ،‬ايار ‪ ،2012،‬ص‪.2‬‬
‫‪ 4‬وسن إحسان عبد المنعم ترتيبات اإلقليمية الجديدة والتغيرات في ميزان القوى العالمي‪ -‬تكتل مجموعة دول البريكس‬
‫أنموذجا‪ ،‬مجلـة قـضايا سياسـية‪ ،‬كليـة العلـوم الـسياسية‪ ،‬جامعـة النهـرين‪ ،‬العـدد‪ ،58،2020‬ص‪.163‬‬
‫‪ 5‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪ ،‬بريكس‪ ،‬متاح على الرابط اإلكتروني‪.ar.m.wikipedia.org‬‬
‫شنغهاي في تموز عام ‪ .2014‬وتأتي اهمية ترتيبات االحتياطي االحتمالي لتوفير الحماية ضد ضغوط السيولة العالمية‪،‬‬
‫والتي تشمل قضايا العملة حيث تتأثر العمالت الوطنية لألعضاء سلبا بسبب الضغوط المالية العالمية‪.‬‬
‫كما وجد ان االقتصادات الناشئة التي شهدت التحرير االقتصادي السريع مرت بزيادة التقلبات االقتصادية مما جعل البيئة‬
‫االقتصادية غير مستقرة وبحاجة الى هذه االحتياطيات االحتمالية التي أصبح ينظر اليها كمنافس لصندوق النقد الدولي‬
‫ويتكون األساس القانوني لالحتياطي من معاهدة انشاء ترتيب االحتياطي في البريكس عام ‪ 2014‬ودخلت حيز التنفيذ بعد‬
‫‪1‬‬
‫مصادقة جميع األعضاء وتم اإلعالن عنها في قمة البريكس السابعة في تموز ‪.2015‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المعوقات التي تواجه مجموعة بريكس وتوجهاته المستقبلية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحديات والصعوبات التي تواجه مجموعة بريكس‪:‬‬

‫التحديات والصعوبات التي تواجه مجموعة بريكس‪:‬‬


‫التحديات سياسية ‪ :‬إن من أبرز التحديات التي تواجه دول البريكس على صعيد السياسي ‪ ،‬هي انتشار‬ ‫‪-1‬‬
‫الفساد السياسي الناتج عن ضعف المؤسسات السياسية و عدم قدرتها على اتخاذ القرارات ‪ ،‬بسبب سيطرة‬
‫بعض المسؤولين الحكوميين النافذين في الدولة على القرارات المصيرية وتمتعهم بسلطات استثنائية‬
‫وفرص كثيرة اللتماس الرشوة ‪ ،‬ونهب الثروة العامة مما يؤدي إلى ضعف المجتمع المدني و تهميش دور‬
‫المؤسسات العامة ‪ ،‬كذلك عدم وضوح القوانين و انعدام الشفافية فيها مما يجعلها قابلة للتفسير بشكل خاطئ‬
‫‪ ،‬فضال عن جمود األنظمة و التشريعات ‪ ،‬وضعف شديد في أداء السلطات التشريعية والتنفيذية و القضائية‬
‫‪ ، 2‬وهو ما انعكس بشكل سلبي على التنمية االقتصادية لدول بريكس و استدامة نموها ‪ ،‬وأثبتت العديد من‬
‫الدراسات بأن المزيد من الفساد يرافقه تباطؤ في النمو االقتصادي وضعف فرص جذب االستثمار وفقدان‬
‫االستثمارات األجنبية المباشرة التي تمثل مصدرا مهما في خلق فرص العمل و انخفاض في الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي ‪ ،‬ومن ثم انعكس تزايد المشاكل السياسية والصراعات الداخلية في دول البريكس سلبيا على‬
‫سمعة التكتل على المستوى العالمي ‪.3‬‬
‫التحديات االجتماعية ‪ :‬بالرغم من أن تكتل بريكس حقق قبل زيد اقتصادية كبرى ساعدته في أن يصبح‬ ‫‪-2‬‬
‫قوى فاعلة في النظام االقتصادي العالمي بفضل نموه االقتصادي سريع وناتجه المحلي اإلجمالي الذي‬
‫تجاوزه (‪ )%22.23‬في عام ‪ 42018‬وأصبح على قدم المساواة مع القوة االقتصادية الكبرى في العالم إال‬
‫أن هذا النمو االقتصادي لم ترافقه تنمية شاملة‪ ،‬اذ ان هناك تباين كبير على مختلف مستويات(االقتصادية ‪،‬‬
‫الديمغرافية ‪ ،‬الجغرافية واالجتماعية) بين الجهات و األقاليم المختلفة داخل دول مجموعة بريكس ‪ ،‬ومن‬
‫ثم أصبحت هذه الدول تواجه جملة من التحديات وهي التحديات مشتركة في معظمها بين الدول الخمس‪، 5‬‬
‫اذ تعاني روسيا من مشكالت بشرية بحاجة لحلول مستعجلة فيما يخص الجانب الجغرافي السكاني حيث‬
‫يتمركز حوالي ‪ %70‬من السكان الروس في الجزء الغربي األوروبي( تحديدا في العاصمة موسكو و‬
‫مدينة سان بطرسبرغ ) على حساب فراغ واسع موجود في الجزء األسيوي يشكل نسبة ‪ %95‬من المساحة‬
‫الكلية لروسيا ويعود ذلك إلى سوء التوزيع الديموغرافي وعدم توظيف الجغرافية بشكل مخطط ومدروس‬
‫بما يؤدي إلى اضمحالل القوة وتحول هذه الجغرافية إلى عبء ثقيل بسبب عدم القدرات على استثمارها أو‬

‫‪ 1‬محمد صالح الدين‪ ،‬رائد النهضة البرازيلية لوال دي سيلفا‪ ،‬من سلسلة كتب مشاهير العالم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفاروق للنشر‪،‬‬
‫عمان‪ ،2012،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬هشام مصطفى محمد سالم الجمل‪ ،‬الفساد االقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور‬
‫االقتصاد اإلسالمي والوضعي‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬العدد ‪ ،2014، 30‬ص‪.547‬‬
‫‪ 3‬فاتح عمارة‪ ،‬دور التكتالت االقتصادية في الحوكمة االقتصادية العالمية مجموعة البريكس أنموذجا‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫(غير منشورة)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015،‬ص‬
‫‪.114‬‬
‫‪ 4‬األمم المتحدة كتيب اإلحصاءات العالمية‪ ،‬إدارة الشؤون االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬شعبة اإلحصاءات‪ ،‬السلسلة(‪ ،)V‬العدد‬
‫‪ ،42‬نيويورك ‪ ،2018‬ص (‪.)3،33،69،133،171،257،261‬‬
‫‪ 5‬عبد القادر رزيق المخادمي‪ ،‬تكتل دول البريكس نحو نظام عالمي جديد‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪،2017،‬‬
‫ص‪190-189‬‬
‫توظيفها بالشكل األنسب لذا فإن االستمرار في إهمال العالقة ما بين توزيع السكان والمساحة لهذا الحد‬
‫يؤدي إلى تراكمات واسعة قد تنعكس بشكل كلي على االقتصاد الروسي بالتحديد وكافة قطاعات الدولة‬
‫بشكل عام في ظل تكتل بشري كبير داخل مناطق صغيرة مقابل وجود مساحات شاسعة من روسيا غير‬
‫مستغلة فعلى الرغم من انخفاض درجات الحرارة في بعضها إال أنها قابلة للتوظيف واالستثمار البشري‬
‫سواء في مجال الزراعة أو الصناعة السيما في ظل تطور برنامج التعديل مناخي والهندسة البيئية القادرة‬

‫على تهيئة الظروف مؤاتيه للزراعة والصناعة والمعيشة‪ ،1‬بينما تعاني الصين من المشكالت الديمغرافية‬
‫والتنوعات األثنية فهي تتكون من أكثر من ‪ 56‬عرق و قومية ومن أهمها قومية االيغور المسلمة التي تحكم‬
‫نفسها ذاتيا في إقليم شنغ يانغ‪ ،‬وقد خاضت هذه الفئة مشكالت عديدة مع الحكومات الصينية المتعاقبة منذ‬
‫القرن السابع عشر حتى اآلن ومن جانب آخر يالحظ أن الكتلة السكانية البشرية الصينية بدأت تظهر عليها‬
‫مالمح الشيخوخة المفرطة بثقل سكاني تجاوز المليار نسمة وربما يعود السبب في ذلك إلى سياسة الطفل‬
‫الواحد التي تبناها الحزب الشيوعي منذ ‪ 1978‬كما تفاقمت الفجوة في مستويات المعيشة والتطور‬
‫االقتصادي بين المناطق الساحلية المتقدمة والمناطق الداخلية والريفية المتخلفة مما أدى إلى ظهور مشكلة‬
‫الهجرة الداخلية نحو المدن الرئيسية بسبب توفر الخدمات الصحية والتعليمية الجيدة فيها مقابل ضعفها في‬
‫مناطق القرى واألرياف التي تعاني بنسبة عالية من التخلف في جميع المستويات‪ ،‬وما يسببه ذلك من ثقل‬
‫وضغط كبيرين تعاني منه المدن الرئيسية كما تواجه الصين معضلة بالغة الخطورة والتعقيد تتمثل في كيفية‬
‫إيجاد توازن بين سرعة النمو السكاني والتآكل في حجم الموارد نتيجة التحول من االقتصاد الزراعي إلى‬
‫االقتصاد الصناعي ‪ ،‬فضال عن تفشي األمراض واألوبئة ‪ ،‬الفقر‪ ،‬البطالة ‪ ،‬التخلف ‪،‬انخفاض مستوى‬
‫التعليم‪ ...‬الخ ‪،‬كذلك أزمة الطاقة والعمل على تأمين مصادر بديلة لها في حين تعد الهند أكبر منطقة لتركز‬
‫الفقراء في العالم وعلى الرغم من تحسن مستوى دخل الفرد النسبي الذي شهده في السنوات اآلخرة إال أنه‬
‫بعيدا جدا عما هو عليه في الدول المتقدمة ويرجع ذلك إلى جمود هيكل العمالة في القطاعات االقتصادية‬
‫الهندية كما تعاني من انتشار األوبئة واألمراض المية الملوثة وأزمة الطاقة وقد عاملت الهند على الحد من‬
‫هذه المشاكل االقتصادية والتنموية إال أنها لم ترتقي إلى مستوى الكفاءة‪ ،2‬وإذا كانت جنوب إفريقيا قد‬
‫قضت على آثار الفصل العنصري في جانبه السياسي فإن التحديات التي تواجهها الدولة ما بعد األبارتايد‬
‫وبقوة هي المشاكل االقتصادية واالجتماعية في النظام العنصري هو الذي كان وراء إنتاج مثل هذه التنمية‬
‫المشتركة من فوارق بين األغنياء والفقراء وهناك فئة من الناس تمتلك المصانع والمزارع وتعيش في مدن‬
‫تضاهي أوروبا في تنظيمها وخدماتها في المقابل هناك أغلبية ساحقة تعيش الفقر والحرمان والجهل وربع‬
‫سكان جنوب إفريقيا أواكثرهم من العاطلين عن على العامل ويعيشون بدخل يومي محدود (دوالر واحد)‬
‫وهم بذلك يعادلون أفقر الفقراء في العالم رغم أنها من الدول الخمسة التي تدعى إلى االجتماع السنوي لقمة‬
‫الدول الثمانية األغنى في العالم وهي أيضا من دول العشرين‪ ،‬كما إن معدالت البطالة في جنوب إفريقيا ال‬
‫تزال مرتفعة وتفاوت مستويات الدخل بين البيض والسود حيث يحصل البيض على ستة أضعاف دخل‬
‫السود و نسبة البطالة بين البيض أقل من ‪7%‬مقابل أكثر من ‪% 28‬السود وال يزالون البيض يتمتعون‬
‫بأوفر الحظوظ التعليم الذي يعتبر سيئا بالنسبة للغالبية السود ومن أخطار آثار التفاوت االقتصادي ارتفاع‬
‫معدل الجريمة انتشار واسع لإليدز واألمراض مزمنة مما يشكل تهديدا حقيقيا كبير لمستقبل جنوب إفريقيا‬
‫كدولة تسعى إلى التقدم والتطور أما بالنسبة للبرازيل ‪،‬فعلى الرغم من أنها حققت قفزة اقتصادية كبرى لكن‬
‫هذه النمو االقتصادي لم ترفع ترافقه تنمية شاملة ‪ ،‬إذا أن هناك تباين اقتصادي بين الجهات واألقاليم‬
‫الداخلية ومن ثم أصبحت تواجه جملة من التحديات أبرزها تفاوت في توزيع قيمة الدخل الفردي بين‬
‫الواليات البرازيلية بل داخل ذات الوالية‪ ،‬تفاوت في الملكية والمردودية الفالحية‪ ،‬سيطرة الرأسمالية‬
‫أجنبية على قطاعات اإلنتاجية الوطنية مما يجعل البرازيل خاضعة للتبعية األجنبية األوروبية واألمريكية‪،‬‬
‫واحتكار واليات الجنوب الشرقي والمناطق الساحلية للثروة االقتصادية والمالية بينما ينتشر الفقر والبطالة‬

‫‪ 1‬علي بشاربكر أغوان‪ ،‬القوى الكبرى وإعادة تشكيل النظام الدولي (دراسة في فرضيات الصعود واألفول)‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه (غير منشورة)‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،2017 ،‬ص‪.159-158‬‬
‫‪ 2‬المصدر نفسه ص ‪191-189‬‬
‫واألمية في المناطق الداخلية والشمالية (فاألحياء الراقية إلى جانب أحياء الصفيح)‪ ،‬مشكلة مديونية‬
‫وتضخم‪.‬‬
‫مشاكل الحدودية و النزاعات اإلقليمية ‪ :‬تواجه دول بريكس تحديات كبيرة تحد من صعودها بوصفها قوة‬ ‫‪-3‬‬
‫عالمية وإن إحدى أهم هذه التحديات هي مسألة عالقاتها مع جيرانها ‪ ،‬إذ لديها نزاعات إقليمية جادة مع‬
‫أغلبية الدول المجاورة لها‪ ،‬فتواجه الصين مسألة ترسيم الحدود مع جيرانها في أكثر من جهة ومع أكثر من‬
‫دولة‪ ،‬فهناك نزاع مع اليابان في بحر الصين الشرقي حول جزر سينكاكو والنزاع الحدودي مع الهند الذي‬
‫مر بتجربة مواجهات مسلحة في الستينات من القرن الماضي‪ ،‬وبدأ منذ العام ‪ 2005‬حوار مشترك بينهما‬
‫حول قضايا مختلفة منها السيطرة على األراضي وإدارة الحدود التي تمتد عبر فسحة الهماليا‪ ،‬فضال عن‬
‫النزاعات االنفصالية في إقليم التبت‪ ، 1‬أما بالنسبة للهند فإنها تواجه مشاكل مع باكستان على امتداد حدودها‬
‫الغربية وقد أدى الصراع بين باكستان والهند حول إقليم كشمير إلى التأثير المباشر والغير المباشر على‬
‫العالقات الثنائية الهند وباكستان مع دول منطقة والعالم ككل حيث أراد كل منهما استقطاب الدول األخرى‬
‫في اإلقليم كما سعت كل من الدول اإلقليمية وخاصة المعنية بالقضية الكشميرية (الهند‪-‬الصين‪-‬باكستان) إلى‬
‫التنافس حول من يؤثر أكثر في المنطقة‪ ،‬وتمثلت أكثر التهديدات خطورة على أمن الهند ووحدة أراضيها‬
‫في مساعدة الصين العسكرية والنووية والصاروخية لباكستان في (جو عام) من الصداقة تمتد جذورها إلى‬
‫الستينات من القرن الماضي واالمتيازات الصينية المتزايدة في نيبال وبنغالديش و احتمال تقدم البحرية‬
‫الصينية في المحيط الهندي عبر تسهيالت في ميانمار و جزر الكوكوس ‪ ،‬فضال عن بناء ميناء جوادور‬
‫الجديد في باكستان‪ .‬أما بالنسبة للنزاعات اإلقليمية‪ ،‬فنالحظ وجود تباين في المواقف بين روسيا والصين‬
‫حول قضية جنوب آسيا حيث الصراع الهندي الباكستاني الذي أخذ الطابع نووي‪ ،‬فالصين دعمت باكستان‬
‫ضد الهند لكي تضعف قوة الهندية وتشغيلها عن االنصراف إلى الخالفات الحدودية(الصينية‪-‬الهندية) كما‬
‫تحاول عرقلة بروز الهند كقوة آسيوية تنافس الصين‪ ،‬أما روسيا فإنها دعمت الهند وزودتها باألسلحة لكي‬
‫‪2‬‬
‫تكون عامل ضغط تستخدمها روسيا ضد الصين بحيث تجعل من الهند قوة موازية للصين في آسيا‪.‬‬
‫التباعد الجغرافي بين دول بريكس‪ :‬أدى التباعد الجغرافي إلى ضعف التجارة البينية لدول بريكس نتيجة‬ ‫‪-4‬‬
‫ارتفاع تكاليف النقل‪ ،‬األمر الذي يسمح بزيادة القدرة التنافسية لدول الجوار على حساب دول تكتل‪ ،‬ثم تلجأ‬
‫الدول إلى بحث عن بدائل أقرب للتبادل التجاري‪ 3،‬حيث يمكن القول إن الجغرافيا هي من أهم الثوابت التي‬
‫تحكم العالقات االقتصادية بين دول بريكس‪ ،‬اذ يرتفع حجم التبادل التجاري بين الدول المتجاورة‬
‫جغرافيا(روسيا‪-‬الصين‪-‬الهند) بصورة أفضل عن تجارتها مع دول البعيدة جغرافيا السيما (البرازيل –‬
‫جنوب إفريقيا)‪.‬‬
‫هيمنة الواليات المتحدة األمريكية على النظام العالمي ‪ :‬لقد استطاعت الواليات المتحدة األمريكية منذ‬ ‫‪-5‬‬
‫نهاية الحرب العالمية الثانية في العام ‪ 1945‬أن تسيطر على مجمل االقتصاد العالمي وتتحكم فيه‪ ،‬من‬
‫خالل فرض هيمنتها على المؤسسات األساسية القائدة لالقتصاد العالمي والمتمثلة بصندوق النقد والبنك‬
‫الدوليين ومنظمة التجارة العالمية إلى جانب معظم الشركات المتعددة الجنسية وأنظمة االتصال واإلعالم‬
‫والمعلومات الحديثة بأشكالها المختلفة ‪ ،‬التي مثلت وجها صريحا للهيمنة االقتصادية على العالم وما‬
‫ساعدها في ذلك هو سعيها النضمام في العديد من التكتالت االقتصادية الدولية واإلقليمية خدمة لمصالحها‬
‫االقتصادية التي تنعكس بشكل إيجابي على فاعلية سياستها الخارجية وتوظيفها هيمنتها الراهنة على مجلس‬
‫األمن الدولي النتزاع شرعية استخدام عناصر قوتها العسكرية والسياسية في التدخل في مناطق مختلفة من‬
‫العالم دون أن يكون لمجلس األمن واألمم المتحدة موقفا رادعا تجاه ذلك‪ ،‬وقد ازداد هذا تفوق مع نهاية‬
‫الحرب الباردة حيث أصبح الوضع مناسب للواليات المتحدة األمريكية لكي تبسط هيمنتها وتفرض زعامتها‬
‫على العالم السيما بعد حرب الخليج الثانية في عام‪ 1991‬والتي احتكرت فيها الواليات المتحدة األمريكية‬
‫دواليب إدارتها ففي هذه المدة تحديدا تحدث الرئيس األمريكي عن والدة نظام عالمي جديد أكثر عدال‬

‫‪ 1‬سالي موفق عبد الحميد حبيب‪ ،‬التكتالت االقتصادية الدولية ودورها في االقتصاد العالمي بريكس أنموذجا رسالة‬
‫ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين ‪ ،2017،‬ص‪.182-181‬‬
‫‪ 2‬كاظم هاشم نعمة‪ ،‬الصين في السياسة اآلسيوية‪ ،‬ط‪ ،1‬الداراآلكاديمية للطباعة والتآليف والترجمة والنشر‪ ،‬طرابلس‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.265‬‬
‫‪ 3‬فاتح عمارة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫بزعامة الواليات المتحدة األمريكية ومنذ ذلك الحين تمحورت االستراتيجية األمريكية في المحافظة على‬
‫هذا النظام التي تحتل فيه مركز قيادة عبر تعزيز حضورها العسكري والدبلوماسي واالقتصادي الوازن‬
‫والمكثف على الساحة الدولية‪ ،1‬وفي هذا السياق عملت الواليات المتحدة األمريكية على تحجيم دور تكتل‬
‫بريكس من خالل تطويق المناطق التي توجد فيها مصالح المجموعة للحد من تصاعدها كقوة فاعلة في‬
‫النظام الدولي وعملت على التدخل بمختلف الطرق لالحتواء للعديد من المناطق التي تعد إستراتيجية بالنسبة‬
‫لدول بريكس إذ اعتمدت أسلوب إقامة التحالفات العسكرية إستراتيجية التي تعد أحد ثوابت بارزة في الخط‬
‫العام لالستراتيجية األمريكية الشاملة هي تمثل واحد من أهم الوسائل لتحقيق األمن القومي األمريكي و‬
‫فرض الهيمنة العالمية فقد أنشأت العديد من التحالف الدولية في مختلف مناطق العالم ويعد حلف شمال‬
‫األطلسي من أهم هذه التحالفات في تحقيق الهيمنة األمريكية اذا يعمل على توسيع عضويته بضم دول‬
‫جديدة من وسط وشرق أوروبا بهدف تدعيم قيادة الواليات المتحدة األمريكية ألوروبا الغربية وتوسيع مدى‬
‫هذه القيادة نحو الشرق وضفاء الشرعية على اختراق مناطق هامة في وسط اسيا لتطويق روسيا والصين‬
‫كما عملت الواليات المتحدة األمريكية على دعم التعددية جغرافية (أي تشجيع الحركات االنفصالية) في‬
‫أوراسيا بهدف تحديد حدود الحركة لكل من روسيا والصين ومنع ظهور تحالف قوي ينافس الواليات‬
‫المتحدة األمريكية على السلطة والنفوذ لذلك يمكن القول بأن االستراتيجية األمريكية تهدف إلى منع ظهور‬
‫أية قوة منافسة لها على الصعيد الدولي والحفاظ على الوضع الراهن وديمومة النظام األحادي القطبية وما‬
‫‪2‬‬
‫يمليه عليه من السيطرة والتحكم في السياسات العالمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آفاق بريكس المستقبلية‪:‬‬

‫آفاق بريكس المستقبلية‪:‬‬


‫استنادا إلى التحديات التي تواجه تكتل بريكس تم طرح مشهدين يتم من خاللها تقسيم األدوار التي يمكن أن يمارسها هذا‬
‫التكتل في النظام الدولي‪:‬‬
‫تراجع دور تكتل بريكس لصالح قوة أخرى في النظام الدولي ‪ :‬تم بناء هذا المشهد استنادا إلى العقبات‬ ‫‪-1‬‬
‫والتحديات الكبيرة التي تواجه تكتل بريكس إذ من المستحيل أن تستمر دول بريكس في تفوقها ونموها في ظل‬
‫هذه التحديات فعلى الرغم تزايد دورها على الساحة العالمية وزيادة قوتها االقتصادية‪ ،‬إال أن دورها ال يزال‬
‫مهمش في النظام العالمي وال تزال الواليات المتحدة األمريكية تتمتع بتفوق حاسم في ركائز القوة السياسية‬
‫واالقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والجيوسياسية كافة‪ ،‬وبالمقابل فإن تكتل بريكس يفتقر لمقاومات القطب‬
‫الدولي(االقتصادية‪ ،‬العسكرية‪ ،‬التكنولوجية) ومن ثم فإن مستقبل النظام الدولي الجديد القائم على األحادية سيظل‬
‫مرهونا بالهيمنة األمريكية التي تجدد نفسها منطلقة من امتالكها لعدد من عناصر القوة بما يجعلها تتمتع بتفوق‬
‫‪3‬‬
‫نوعي في المجاالت كافة وهذا يعزز من قدرة ونزوع الواليات المتحدة األمريكية لالحتفاظ بالقيادة العالمية‪،‬‬
‫وأن هذا المشهد وجدت أمامه فرص ومعطيات تدعمه في الواقع الدولي‪ ،‬وأهمها عدم قدرة تكتل بريكس على‬
‫موازنة التفوق الكبير للواليات المتحدة األمريكية في المجاالت كافة خالل العقدين القادمين على األقل‪ .‬ال يمكن‬
‫الحكم بصحة هذا المشهد ألن التحديات التي تواجه تكتل بريكس موجودة في الدول ذات االقتصاديات المتقدمة‬
‫السيما الواليات المتحدة األمريكية إال أنها لم تكن سبب في تراجعها كما أن تكتل بريكس يعمل بشكل دؤوب‬
‫إليجاد الحلول المناسبة وتجاوز هذه التحديات والتقليل من آثارها والتقليل الفجوة مع الدول المتقدمة‪.‬‬
‫صعود تكتل بريكس كقوة بديلة للقوة الغربية في النظام الدولي ‪ :‬تم بناء هذا المشهد استنادا على نقطتين‬ ‫‪-2‬‬
‫أساسيتين األولى تتمثل باالنتعاش القتصادي الذي عرفته اقتصاديات دول بريكس(قبل نشوء التكتل) منذ أواخر‬
‫تسعينات والثانية تتمثل بتراجع دور الواليات المتحدة األمريكية في النظام العالمي بعد األزمة المالية العالمية‬

‫‪ 1‬سارة قاسم عبد الرضا األسدي‪ ،‬تأثير تجمع البريكس في النظام الدولي‪ ،‬رسالة ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬الجامعة‬
‫المستنصرية‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،2017 ،‬ص‪.190-189‬‬
‫‪ 2‬أليكس كالينيوكس‪ ،‬االستراتيجية الكبرى لإلمبراطورية األمريكية‪ ،‬مركز الدراسات االشتراكية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‬
‫‪.15-14‬‬
‫‪ 3‬مروان سالم علي العلي‪ ،‬اإلقليمية الجديدة والنظام الدولي (دراسة في إشكالية التأثير والتأثر)‪ ،‬أطروحة دكتوراه (غير‬
‫منشورة)‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،2014 ،‬ص‪.319‬‬
‫لعام ‪ 2008‬بشكل عام واالنفتاح األمريكي غير المسؤول في اتجاهات عدة دون ضبط هذا االنفتاح وبرمجته‬
‫وحساب كلفة اإلستراتيجية في تعميق تراجع الواليات المتحدة عن موقعها السابق في النظام السياسي الدولي‬
‫كقوة مهيمنة على العالم‪ 1،‬إال أن هذا يفرض على تكتل بريكس العديد من التحديات و القيام بمزيد من‬
‫اإلصالحات كزيادة تحرير التجارة واالستثمار خاصة على المستوى المحلي وإصالح المؤسسات لدعم السوق‬
‫المعقدة السيما اإلصالحات القانونية واإلدارية إلعادة هيكلة الدولة ومع استمرار النمو االقتصادي لتكتل‬
‫البريكس يمكن أن يتجاوز الناتج المحلي اإلجمالي لالقتصاديات تكتل بريكس الدول السبعة التي بدأت اقتصاداتها‬
‫تتعافى من تداعيات األزمة المالية العالمية ‪ ،‬إال أن نموها االقتصادي ضعيف مقارنة مع دول بريكس ومن‬
‫المتوقع أن تتفوق دول بريكس على اقتصاديات مجموعة( ‪ )G8‬بدءا في العام ‪ 2030‬وستصبح من بين‬
‫االقتصاديات الست األبرز في العالم ويكون ناتج المحلي اإلجمالي لدول بريكس أكثر من ضعفي الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي لمجموعة ( ‪ )G8‬في عام ‪.2050‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫مما تم تناوله سابقا في الورقة البحثية‪ ،‬يمكن القول إن تكتل بريكس كأي قوة اقتصادية حديثة تواجه العديد من العقبات‬
‫والتحديات التي تعمل على تقييد حركتها والحد من نموها المتصاعد لكن بالرغم من ذلك يستطيع التكتل الهيمنة على‬
‫النظام العالمي وذلك ألن مقومات األحادية القطبية لم تعد ترتكز بيد قوة واحدة في النظام الدولي‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫‪ 1‬فاتح عمارة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.127‬‬
‫عبــد المجيــد مــصلح العــسالي‪ ،‬ادارة المنظمــات الدوليــة‬ ‫‪-1‬‬
‫جاسـيت سـنج‪ ،‬التـسلح النـووي واالمـن االقليمـي مـن منظـور هنـدي‪ ،‬تـوازن القـوى فـي‬ ‫‪-2‬‬
‫جنـوب اسـيا‪ ،‬مركـز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪،‬‬
‫خليـل حـسين‪ ،‬موسـوعة المنظمـات االقليميـة والقاريـة‪ ،‬ج‪.2‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عبـد القـادر ورسـمه غالـب‪ ،‬مجموعـة بـريكس ومكانتهـا فـي البنيـة الدوليـة‪ ،‬مجلـة افـاق‬ ‫‪-4‬‬
‫المـستقبل‪.‬‬
‫ليلـى عاشـور حـاجم وسـالي موفـق‪ ،‬تكتـل القـوى االقتـصادية الـصاعدة‪ :‬مجموعـة البـريكس (‬ ‫‪-5‬‬
‫‪)BRICS‬انموذجـا‪ ،‬مجلـة قـضايا سياسـية‪ ،‬كليـة العلـوم الـسياسية‪ ،‬جامعـة النهـرين‪.‬‬
‫احمد دياب‪ ،‬البريكس تكتل القوى الصاعدة‪ ،‬ملف األهرام اإلستراتيجي‪ ،‬مركز الدراسات‬ ‫‪-6‬‬
‫السياسية واإلستراتيجية‪ ،‬مؤسسة األهرام الدولية‪.‬‬
‫آفاق التعاون البراغماتي بين دول مجموعة البريكس‪ ،‬صحيفة الشعب اليومية‬ ‫‪-7‬‬
‫براهما تشالني‪ ،‬بريكس‪ :‬البحث عن هوية موحدة وتعاون مؤسسي‪ ،‬مركز الجزيرة للدارسات‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫وسن إحسان عبد المنعم ترتيبات اإلقليمية الجديدة والتغيرات في ميزان القوى العالمي‪ -‬تكتل‬ ‫‪-9‬‬
‫مجموعة دول البريكس أنموذجا‪ ،‬مجلـة قـضايا سياسـية‪ ،‬كليـة العلـوم الـسياسية‪ ،‬جامعـة‬
‫النهـرين‪.‬‬
‫محمد صالح الدين‪ ،‬رائد النهضة البرازيلية لوال دي سيلفا‪ ،‬من سلسلة كتب مشاهير العالم‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫هشام مصطفى محمد سالم الجمل‪ ،‬الفساد االقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات‬ ‫‪-11‬‬
‫مكافحته من منظور االقتصاد اإلسالمي والوضعي‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة األزهر‪.‬‬
‫فاتح عمارة‪ ،‬دور التكتالت االقتصادية في الحوكمة االقتصادية العالمية مجموعة البريكس‬ ‫‪-12‬‬
‫أنموذجا‪ ،‬رسالة ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫األمم المتحدة كتيب اإلحصاءات العالمية‪ ،‬إدارة الشؤون االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬شعبة‬ ‫‪-13‬‬
‫اإلحصاءات‪ ،‬السلسلة(‪.)V‬‬
‫عبد القادر رزيق المخادمي‪ ،‬تكتل دول البريكس نحو نظام عالمي جديد‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪-14‬‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫علي بشاربكر أغوان‪ ،‬القوى الكبرى وإعادة تشكيل النظام الدولي (دراسة في فرضيات الصعود‬ ‫‪-15‬‬
‫واألفول)‪ ،‬أطروحة دكتوراه (غير منشورة)‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪.‬‬
‫سالي موفق عبد الحميد حبيب‪ ،‬التكتالت االقتصادية الدولية ودورها في االقتصاد العالمي بريكس‬ ‫‪-16‬‬
‫أنموذجا رسالة ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪.‬‬
‫كاظم هاشم نعمة‪ ،‬الصين في السياسة اآلسيوية‪ ،‬ط‪ ،1‬الداراآلكاديمية للطباعة والتآليف‬ ‫‪-17‬‬
‫والترجمة والنشر‪ ،‬طرابلس‪.‬‬
‫سارة قاسم عبد الرضا األسدي‪ ،‬تأثير تجمع البريكس في النظام الدولي‪ ،‬رسالة ماجستير (غير‬ ‫‪-18‬‬
‫منشورة)‪ ،‬الجامعة المستنصرية‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪.‬‬
‫أليكس كالينيوكس‪ ،‬االستراتيجية الكبرى لإلمبراطورية األمريكية‪ ،‬مركز الدراسات االشتراكية‪،‬‬ ‫‪-19‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫مروان سالم علي العلي‪ ،‬اإلقليمية الجديدة والنظام الدولي (دراسة في إشكالية التأثير والتأثر)‪،‬‬ ‫‪-20‬‬
‫أطروحة دكتوراه (غير منشورة)‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪.‬‬

You might also like