Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 27

‫كمية الحقوق بجامعة طنطا‬

‫المؤتمر العممي الرابع‬

‫القانون و اإلعالم‬

‫يومي ‪ 32/32‬أفريل ‪3102‬‬

‫مداخمة بعنوان ‪:‬‬

‫حرية اإلعالم في الجزائر‬

‫–سمطات إدارية تنظيمية واسعة مقابل حرية إعالمية ضيقة‪-‬‬

‫من إعداد ‪ :‬الدكتورة ضريفي نادية و الدكتور لجمط فواز‬

‫جامعة المسيمة – الجزائر ‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعد الحرية أحد أىم ركائز العمل اإلعالمي فال يمكن أن نتصور وجود إعالم يقوم بالدور‬
‫ُ‬
‫المنوط بو في ظل مصادرة لحريتو من أي جية كانت وتحت أي غطاء كان ‪ ،‬والحقيقة أن‬
‫المؤسس الدستوري قد كفل حرية التعبير التي يعد من بين أىم أوجييا اإلعالم ‪ ،‬واذا كانت الحرية‬
‫‪1‬‬
‫وىناك فرق بين القيد عمى حرية‬ ‫ىي إحدى وجيي العمل الصحفي فوجييا اآلخر ىو المسؤولية‬
‫الرأي والتعبير بصفة عامة وحرية اإلعالم بصفة خاصة وبين المسؤولية الناتجة عن قيام اإلعالمي‬
‫بميامو وأنشطتو ‪ ،‬فالقيد ىو منعو من مزاولة كافة أنشطتو بالحرية الالزمة والمطموبة والتي تعد‬
‫شرطا لمقيام بالميام عمى أحسن وجو ‪ ،‬أما المسؤولية فيي النتيجة التي تمحق األعمال التي يقوم‬

‫بيا الصحفي والتي تشكل خرقا لمقانون الساري المفعول ‪ ،‬وقد تكون المسؤولية في حد ذاتيا قيداً‬
‫وىذا في حالة ما إذا كان حجم المسؤولية أكبر بكثير من الميام والخطأ الناتج عن عمل الصحفي‬
‫أي أن ىناك فرق واسع وعدم تناسب بين الصالحيات والجزاءات المفروضة نتيجة مخالفة وتجاوز‬
‫ىذه الصالحيات ‪.‬‬

‫لقد أقر المشرع الجزائري من خالل القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم‬
‫والقانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري جممة من الشروط عمى ممارسة نشاطين‬
‫ميمين في الحياة اإلعالمية وىما نشاط الصحافة المكتوبة ونشاط السمعي البصري وال يخفى عمى‬
‫أحد ما ليذين النشاطين من أىمية في حياة المواطن اليومية ‪ ،‬إذ ال يوجد شخص ال يطمع عمى‬
‫مجمة أو ال يشاىد التمفاز أو عمى األقل ال يتصفح مواقع االنترنت ‪ ،‬ونظ ار ليذه األىمية البالغة‬
‫أحاط المشرع ىذين النشاطين بجممة من الشروط من أجل ضبطيما وفقا لمقانون ووفقا لما يخدم‬
‫مصمحة الوطن والمواطن ويحافظ عمى النظام العام من الغمو واساءة استعماليما لما ليما من‬
‫انتشار واسع بين المواطنين مما يجعل خطرىما عمى قدر أىميتيما وانتشارىما وتأثيرىما في‬
‫المواطنين ‪ ،‬ويمكن لنا في ىذا الصدد أن نطرح تساؤل " ىل وضع المشرع شروطا تنظيمية‬
‫لممارسة نشاط اإلعالم أم أنو وضع قيودا عميو ؟ ‪ ،‬والى أي مدى وفَّق في إحداث موازنة بين‬

‫‪1‬‬
‫خالد مصطفى فهمً ‪ ،‬المسؤولية المدنية للصحفي عن أعماله الصحفية ‪ ،‬دار الجامعة للنشر ‪ ،‬اإلسكندرٌة ‪ ، 2003 ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪2‬‬
‫الحق في ممارسة نشاط اإلعالم بكل حرية وبين تنظيمو تنظيماً يكفل عدم خروجو عن القانون‬
‫وعدم المساس بالنظام العام بصفة عامة ؟‬

‫إن المتصفح ألحكام القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم والقانون رقم ‪51-11‬‬
‫المتعمق بالنشاط السمعي والبصري وكل القوانين والمراسيم وحتى الق اررات الو ازرية ال بد أن يالحظ‬
‫تمك النية المبيتة في خنق حرية اإلعالم ووضع القيود عمييا وبكافة أشكاليا وىذا ضماناً لعدم‬
‫خروجيا عن النيج والخط المسطر من طرف السمطة ‪ ،‬وعدم خروجو عن سياستيا ونيجيا ال بد‬
‫أن يكون بضمان إعالم يعمل لمصمحة السمطة ال يحيد عن ذلك ‪ ،‬والقيود المفروضة عمى حرية‬
‫اإلعالم ضمن القانونين المذكورين أعاله تتخذ أشكاال متعددة ‪ ،‬فنجد القيود اإلدارية التنظيمية‬
‫المتعمقة بكيفيات ممارسة نشاط الصحافة المكتوبة ونشاط السمعي البصري والرخصة واالعتماد‬
‫المطموبين لذلك والتي تدخل مباشرة في صالحيات وسمطات اإلدارة التنظيمية ‪ ،‬والتي سنتناوليا في‬
‫ىذه المداخمة تحت عنوان " سمطات إدارية تنظيمية واسعة مقابل حرية إعالمية ضيقة "‪.‬‬

‫إن الحكم االستباقي عمى اإلدارة واإلقرار بالسمطات الواسعة التي تممكيا مقارنة بيامش‬
‫الحرية الضيق الذي تتمتع بو حرية اإلعالم واألنشطة المتعمقة بو إنما تؤكده أحكام القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم وكذا القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي‬
‫البصري ‪ ،‬وىذا من خالل إجراء عممية مسح لمنصوص المكونة ليذين القانوني نجد أن ما نسبتو‬
‫‪ ℅25‬من النصوص ىي عبارة عن نصوص تنظيمية تشكل سمطات اإلدارة تجاه القائمين‬
‫والممارسين ألنشطة اإلعالم ‪ ،‬وما نسبتو ‪ ℅05‬من النصوص ىي عبارة عن جزاءات إدارية‬
‫وجزائية وىي أيضا تعتبر سمطات تجاه أنشطة اإلعالم ‪ ،‬أما بقي النسبة وىي ‪ ℅15‬فيي عبارة‬
‫عن حقوق وامتيازات لصالح اإلعالم ىذا من الناحية الشكمية ‪.‬‬

‫أما من الناحية الموضوعية فالنصين ييدفان بال ريب إلى تنظيم مينة اإلعالم وارساء‬
‫قواعد متينة من أجل إعالم قوي وىادف ‪ ،‬وفي المقابل يشكالن من خالل السمطات التنظيمية‬
‫الواسعة والتي تعد أحيانا غير ضرورية قيدا عمى ممارسة أنشطة اإلعالم ‪ ،‬وىذه السمطات سواء‬

‫‪3‬‬
‫المتعمقة بنشاط الصحافة المكتوبة أو نشاط السمعي البصري إنما تتعمق أساسا بالترخيص أو‬
‫االعتماد ‪ ،‬اإلخطار ‪ ،‬التصريح ‪.‬‬

‫المطمب األول ‪:‬‬

‫القيود التنظيمية المتعمقة بممارسة نشاط الصحافة المكتوبة‬

‫لقد خصص القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم الباب الثاني منو لتنظيم نشاط‬
‫اإلعالم عن طريق الصحافة المكتوبة وىذا في فصمين ‪ ،‬خصص الفصل األول إلصدار النشريات‬
‫الدورية بنوعييا ( النشريات الدورية لإلعالم العام والنشريات الدورية المتخصصة)‪ 1‬وخصص‬
‫الفصل الثاني منو لتنظيم عممية التوزيع والبيع في الطريق العام لمنشريات الدورية ىذا باإلضافة‬
‫إلى نشاط طبع واستيراد الدوريات األجنبية وممارسة ميام مراسل إلحدى األجيزة اإلعالمية‬
‫األجنبية ‪ ،‬وكذا القيود المتعمقة بالشفافية اإلدارية والمالية والتعددية اإلعالمية يضاف إلييا أخي ار‬
‫نشاط الصحافة المكتوبة عن طريق االنترنت ‪.‬‬

‫إن كل ىذه األنشطة المتعمقة بالصحافة المكتوبة ‪ -‬والتي يشترك في بعضيا نشاط السمعي‬
‫البصري كما سيأتي ذكره الحقا – منظمة وفقا ألحكام القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق‬
‫باإلعالم ‪ ،‬وتنظيميا يأخذ شكل الشروط والقيود التي ينجر عنيا في غالب األحيان المنع من‬
‫ممارسة نشاط اإلعالم المتعمق بالصحافة المكتوبة ‪ ،‬وأغمب ىذه الشروط متعمقة أساسا باالعتماد‬
‫الذي نص عميو القانون العضوي كشرط لمسماح بممارسة ىذه األنشطة من قبل الجية اإلدارية‬
‫‪0‬‬
‫‪ ،‬والترخيص اإلداري ىو أساس النظام الوقائي وىو نظام صارم نسبيا‬ ‫المخول ليا قانونا ذلك‬
‫ولكن أقل شدة مقارنة مع أسموب المنع أو الحظر والذي يقصد بو المنع والنيي المطمق عن‬
‫ممارسة نشاط معين ‪ ،‬لذا فالترخيص يحتل مرتبة وسطى بين نظام اإلخطار ونظام الحظر الذي ال‬

‫‪2‬‬
‫أنظر المواد ‪ 00- 02-06‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫حمدي حمودة ‪ ،‬نظام الترخيص و اإلخطار – دراسة تطبٌقٌة مقارنة على حرٌة إصدار الصحف فً كل من مصر فرنسا والمملكة المتحدة ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربٌة ‪ ،‬القاهرة ‪ 2000 ،‬ص ‪. 25‬‬

‫‪4‬‬
‫يكون إال بموجب نص قانوني صريح نظ ار لخطورتو عمى الحقوق والحريات‪ 1‬ويبقى اعتماد نظام‬
‫الترخيص كأصل لحماية النظام العام بكافة أبعاده من كل األنشطة التي قد تشكل خط ار عميو ‪. 2‬‬

‫سنتطرق إلى أنشطة اإلعالم التي يتم ممارستيا عن طريق الصحافة المكتوبة مبرزين دور‬
‫اإلدارة فييا من خالل جممة القيود والشروط الواجب توافرىا من اجل الحصول عمى موافقتيا والتي‬
‫تتجسد في االعتماد ‪ ،‬مبرزين وجو التنظيم ووجو القيد في الشروط الموضوعة من أجل ممارسة‬
‫ىذه األنشطة ‪.‬‬

‫‪ -10‬شرط االعتماد إلصدار النشريات الدورية ‪ :‬لقد عرف القانون العضوي رقم ‪52-11‬‬
‫الم تعمق باإلعالم النشريات الدورية من خالل تعداد أنواعيا ‪ ،‬فيي في مفيوم القانون العضوي‬
‫تشمل الصحف والمجالت بجميع أنواعيا والتي ليا فترات منتظمة تصدر فييا ‪ ،‬وقد صنفيا القانون‬
‫العضوي إلى صنفين ‪ ،‬النشريات الدورية لإلعالم العام وىي كل نشرية تتناول خب ار حول وقائع‬
‫ألحداث وطنية ودولية وتكون موجية لمجميور ‪ ،‬أما النشريات المتخصصة فيي تمك النشريات‬
‫التي تتناول خب ار لو عالقة بميادين خاصة وتكون موجية لفئات محددة من الجميور ‪. 3‬‬

‫إن إصدار النشريات يرتبط ارتباطا وثيقا بحرية الصحافة فيي الوسيمة المباشرة لالتصال‬
‫بالمواطن من خالل إيصال المعمومة لو وتوعيتو ومن ثم القدرة عمى توجيو الرأي العام إلى خدمة‬
‫المصمحة العامة من خالل حماية مبدأ الشرعية ‪ ،‬لذا فإن حرية إصدار الصحف يعبر من دون‬
‫شك عمى طبيعة النظام السائد فكمما كان النظام ديمقراطيا كانت الحرية أكبر وال يحتاج األمر إال‬
‫لمجرد إخطار أو تصريح ‪ ،‬والعكس بالنسبة لألنظمة التسمطية التي تتقيد فييا ىذه الحرية فيكون‬
‫لزاما إلصدار نشرية أن تكون ىناك موافقة من قبل السمطة المعنية ويكون في شكل اعتماد أو‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬والذي بدوره قد يكون مقيداً أو تقديرياً ‪ ،‬فالترخيص المقيد ىو الذي تحدد فيو اإلدارة‬ ‫ترخيص‬

‫محمد هاملً ‪ ،‬آليات إرساء دولة القانون في الجزائر ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية ‪ ،‬جامعة أبوبكر بمقايد ‪ -‬تممسان –‬
‫‪4‬‬

‫‪ ،. 1511- 1511‬ص ‪. 322‬‬


‫جابر جاد نصار ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة مقارنة في ظل القانون رقم ‪ 69‬لسنة ‪ ، 1663‬دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ ،1551‬ص ‪. 60‬‬
‫‪6‬‬
‫أنظر المواد ‪ 00-02-06‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫جابر جاد نصار ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 52‬‬

‫‪5‬‬
‫شروطا لمنحو فإن توافرت كان ليا منحو مباشرة ‪ ،‬أما الترخيص التقديري فيو الذي مع توافر‬
‫الشروط يكون لإلدارة الحرية المطمقة في منحو من عدمو تحت غطاء المصمحة العامة والنظام‬
‫العام فيو إذا سمطة تقديرية ‪ ،‬وىو أخطر أنواع الترخيص لمساسو مباشرة بحرية التعبير وحرية‬
‫إصدار النشريات ‪. 5‬‬

‫والجدير بالذكر أن حرية إصدار الصحف في الجزائر تراوحت بين التشديد والتخفيف ثم‬
‫التشديد ‪ ،‬فعقب االستقالل اختارت اإلرادة السياسية فرض احتكار الحزب والدولة عمى الصحافة‬
‫المكتوبة لكن بعد دستور ‪ُ 1656‬خفف نوعا ما من القيود المفروضة عمى حرية إصدار الصحف‬
‫ليشترط مجرد اإلخطار وىذا من خالل نص المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 54-65‬المتعمق باإلعالم‬
‫الممغى ثم يعاود التشديد من خالل القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ليشترط‬
‫االعتماد وق بمو التصريح لممارسة نشاط إصدار النشريات ‪ ،‬وقد اوجب القانون عمى طالب االعتماد‬
‫مجموعة من الشروط واإلجراءات التي يجب اتباعيا من أجل الحصول عمى اعتماد قصد إصدار‬
‫النشريات الدورية وىي كما يمي ‪:‬‬

‫‪0‬‬
‫محمد هاملً ‪ ،‬حرية الصحافة بين سلطة اإلدارة ورقابة القاضي اإلداري ‪ ،‬مجلة العلوم القانونٌة واإلدارٌة ‪ ،‬العدد ‪ ، 2000-04‬مجلة تصدر‬
‫عن كلٌة الحقوق جامعة سٌدي بلعباس ‪ ،‬دار الرشاد ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪. 231‬‬

‫‪6‬‬
‫أ‪ -‬الشروط الشكمية ‪ :‬لقد حددت المادة ‪ 11‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق‬
‫باإلعالم القواعد التي يجب اتباعيا قصد الحصول عمى االعتماد ‪ ،‬حيث نصت عمى أن ‪" :‬‬
‫إصدار كل نشرية دورية يتم بحرية ؛‬

‫يخضع إصدار كل نشرية دورية إلجراءات التسجيل ومراقبة صحة المعمومات بإيداع‬
‫تصريح مسبق موقع من طرف المدير مسؤول النشرية لدى سمطة ضبط الصحافة المكتوبة‬
‫المنصوص عمييا في ىذا القانون العضوي ويسمم لو فو ار وصل بذلك ‪ ".‬ويعد األمر تراجع‬
‫وتقيقر بالنسبة لحرية الصحافة من خالل تقييد حرية إصدارىا لمصحف بقيد االعتماد ‪ ،‬فمم يكتفي‬
‫المشرع بمجرد التصريح كما كان في القانون رقم ‪ 54-65‬المتعمق باإلعالم وكما تعتمده معظم‬
‫الدول أيضا كفرنسا مثال بموجب المادة ‪ 52‬من قانون حرية الصحافة لسنة ‪ ، 1651‬األمر الذي‬
‫ال يعد مقبوال بالنظر إلى أن القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم جاء في فترة تبنت‬
‫فييا الدولة اإلصالحات السياسية وفتح ورشة كبيرة إلعادة صياغة كل القوانين خاصة منيا‬
‫المتعمقة بالحريات ‪ ،‬ثم إنو بالنظر إلى الفترة التي جاء فييا القانون رقم ‪ 54-65‬المتعمق باإلعالم‬
‫(الممغى) تعد فترة جد حساسة وخطيرة جدا في حياة الدولة الجزائرية نتيجة االنزالقات التي شيدتيا‬
‫جراء االنفتاح السياسي واإلعالمي ومع ذلك لم نجد التقييد الذي جاء بو القانون العضوي رقم ‪-11‬‬
‫‪ 52‬المتعمق باإلعالم رغم أنو جاء ليشكل القطيعة مع كل ما يحد من حريات األفراد ‪ ،‬لذا نقول أن‬
‫المشرع استدرك ىفوة ىامش الحرية الواسع الذي منحو لإلعالم فيما يخص إصدار الصحف من‬
‫خالل القانون رقم ‪ ( 54-65‬الممغى ) ليعود أدراجو مرة أخرى لمقيود ويحذو حذوا بعض الدول‬
‫التي ال تزال لحد اليوم تأخذ بنظام االعتماد ىذا بدال من أن يخطو خطوة إضافية في مجال إعطاء‬
‫‪6‬‬
‫‪ ،‬وىذا في نظرنا ما ىو إال إجراء ليتفادى بو ما‬ ‫ىامش اكبر وأوسع لحرية إصدار الصحف‬
‫حدث من إحداث دامية نتيجة االنفتاح اإلعالمي غير المدروس وغير المحسوب عواقبو نظ ار لعدم‬
‫وجود أرضية صمبة آنذاك لممارسة مثل ىذه الحرية ‪ ،‬وال يعد ىذا مبر ار مقبوال من قبل المشرع‬

‫‪9‬‬
‫تعتمد الجمهورٌة الٌمنٌة نظام الترخٌص من خالل قانون تنظٌم الصحافة ‪ ،‬كما تعتمد ذات النظام المملكة العربٌة السعودٌة من خالل نظام‬
‫المطابع والمطبوعات ونفس الشًء بالنسبة لقانون الصحافة المصري وقانون المطبوعات والنشر لعام ‪ 1923‬بالمملكة األردنٌة الهاشمٌة أنظر‬
‫مرجع محمد عمر حسٌن ‪ ،‬حرية الصحافة في مصر ودور القضاء في حمايتها ( دراسة مقارنة ) ‪ ،‬رسالة للحصول على درجة الدكتوراه فً‬
‫الحقوق ‪ ،‬كلٌة الحقوق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ، 1999 ،‬ص ‪. 205‬‬

‫‪7‬‬
‫لتقييد حرية إصدار الصحف باالعتماد بالنظر إلى التطور الحاصل في المجتمع الجزائري وفي‬
‫تفكيره والذي أصبح يختمف كمية عمى ما كان عميو قبل عشريتين من الزمن ‪.‬‬

‫لقد حددت المادة ‪ 11‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم الشروط الواجب‬
‫توافرىا في التصريح فنصت عمى أنو يتضمن التصريح ‪ ...‬ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ -‬عنوان النشرية وتوقيت صدورىا ؛‬


‫‪ -‬موضوع النشرية ؛‬
‫‪ -‬مكان صدورىا ؛‬
‫‪ -‬لغة أو لغات النشرية ؛‬
‫‪ -‬اسم ولقب وعنوان ومؤىل المدير مسؤول النشرية ؛‬
‫‪ -‬الطبيعة القانونية لشركة نشر النشرية ؛‬
‫‪ -‬أسماء وعناوين المالك أو المالك ؛‬
‫‪ -‬مكونات رأسمال الشركة أو المؤسسة المالكة لعنوان النشرية ؛‬
‫‪ -‬المقاس والسعر ؛‬

‫كما نصت المادة ‪ 16‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم عمى أنو كل‬
‫تغيير ميما يكن نوعو يدخل عمى العناصر المكونة ليذا التصريح يجب أن يبمغ كتابيا لسمطة‬
‫ضبط الصحافة المكتوبة خالل ‪ 15‬أيام إلدراج ىذا التغيير‪ ،‬وتسممو وثيقة التصحيح خالل ‪05‬‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬‬ ‫يوما الموالية لتاريخ التبميغ‬

‫ونشير ىنا أيضا أن إصدار الصحف يمكن أن يكون من قبل األفراد رغم عدم ورودىم صراحة‬
‫في المادة ‪ 51‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ولكن يمكن أن يستشف من‬
‫المصطمح المستعمل في نص المادة" تضمن أنشطة اإلعالم عمى وجو الخصوص ‪ "...‬فمصطمح‬

‫‪10‬‬
‫أنظر المادة ‪ 19‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫عمى وجو الخصوص يفيد الذكر عمى سبيل المثال مما يتيح لألفراد الطبيعيين ىذا الحق ‪ ،‬وىو‬
‫خالف ما كان في قانون ‪ 1665‬الذي أتاح بصريح العبارة لألفراد ىذا الحق ‪.11‬‬

‫ب‪ -‬اإلجراءات المتبعة في إيداع التصريح وسمطاتيا تجاىو ‪ :‬نص القانون العضوي عمى‬
‫الجية التي ليا صالحية استقبال ممف التصريح ‪ ،‬كما نص أيضا عمى السمطات التي تممكيا حيال‬
‫ممف التصريح ونتناوليا كما يمي ‪:‬‬

‫ب‪-‬أ ‪-‬الجية المختصة بتمقي التصريح بإصدار النشريات ‪ :‬نصت المادة ‪ 11‬من القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم عمى أن إيداع التصريح يكون لدى سمطة ضبط الصحافة‬
‫المكتوبة من طرف مدير مسؤول النشرية وىذا بعد أن يوقعو ‪ ،‬إذا فقد فصمت المادة ‪ 11‬بصريح‬
‫العبارة في الجية المخول ليا قانونا تمقي التصريح ‪ ،‬وما يالحظ عمى اإلجراء أنو جديد ضمن‬
‫أحكام القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم إذ أنو في القانون رقم ‪ 54-65‬المتعمق‬
‫باإلعالم ( الممغى) وفي أحكام مادتو ‪ 11‬كان ىذا اإلجراء من صالحيات وكيل الجميورية‬
‫المختص إقميميا ‪ ،‬وىذا التعديل قد يكون إيجابيا بالنظر إلى أن الجية المخول ليا تمقي التصريح‬
‫نصف أعضائيا من الصحفيين مما يعطي ضمانة أكبر باإلضافة إلى أنو من الناحية المنطقية‬
‫يجب إعطاء ىذه الصالحية لسمطة تعنى قانونا بأنشطة اإلعالم والصحافة المكتوبة ىذا من جية‬
‫ثم إن إبعادىا عن سمطة النيابة تحمل نوعا ما االستقاللية وابعاد التوجس من نفوس الصحفيين من‬
‫كل المتابعات الجزائية التي قد تطاليم نتيجة نشاطيم عن طريق إصدار النشريات من جية ثانية‬
‫‪ ،‬كما أنو من جية أخرى إلحاق ىذه الصالحية بوكيل الجميورية لو مزاياه العديدة ‪ ،‬فيو يحقق‬
‫االستقاللية التامة عن اإلدارة باإلضافة إلى أنو ُيبقى نشاط إصدار الصحف تحت رقابة وكيل‬
‫الجميورية الذي يتابع بدوره كل الخروقات والتجاوزات ويقوم مباشرة بتحريك الدعوى العمومية التي‬
‫ىي اختصاص أصيل لو ‪ ،‬أيا كان مبررات ىذا التعديل فيجب انتظار ما ستفرزه النتائج التطبيقية‬

‫‪11‬‬
‫تنص المادة ‪ 45‬من قانون تنظٌم الصحافة المصري صراحة على منع األفراد من تملك الصحف ‪ ،‬كما نشٌر أٌضا إلى فكرة عدم إمكانٌة تملك‬
‫األجنبً للصحٌفة وهو ما قضت به المادة ‪ 23‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم حٌن اشترطت الجنسٌة الجزائرٌة فً مدٌر‬
‫النشرٌة الدورٌة مع أن هذا ٌتعارض والتزامات الجزائر الدولٌة خاصة أحكام المادتٌن ‪ 19-02‬من العهد الدولً للحقوق المدنٌة و السٌاسٌة والذي‬
‫انضمت إلٌه الجزائر بموجب المرسوم الرئاسً رقم ‪ 62-09‬ونش فً الجرٌدة الرسمٌة عدد ‪ 11‬سنة ‪ 1992‬والذي ٌقضً بكفالة حرٌة التعبٌر‬
‫لكل إنسان دونما وضع اعتبار للحدود أٌا كانت جنس – عرق – دٌن – لون ‪ ، ...‬لذا كان على الجزائر أن تحترم التزاماتها بهذا الخصوص بأن‬
‫توسع الحق فً امتالك وإدارة النشرٌة حتى لألجانب ضمن حد ود نسب مئوٌة على غرار ما فعله المشرع الفرنسً الذي ٌسمح بذلك فً حدود ‪20‬‬
‫℅ حسب نص المادة ‪ 02‬من القانون الفرنسً الصادر فً ‪. 1906/00/10‬‬

‫‪9‬‬
‫ليذا التعديل لمحكم عمى الجية األفضل والتي تخدم مصالح الصحفيين فسواء كانت الجية المخول‬
‫ليا تمقي التصريح ىي سمطة ضبط الصحافة المكتوبة أو وكيل الجميورية فالعبرة بيامش الحرية‬
‫‪.11‬‬

‫ب‪-‬ب‪ -‬السمطات التي تممكيا سمطة ضبط الصحافة المكتوبة تجاه التصريح ‪ :‬تضمنت‬
‫المواد من ‪ 10‬إلى ‪ 15‬والمادة ‪ 11‬من القانون العضوي المتعمق باإلعالم كل المسائل المتعمقة‬
‫بالصالحيات الممنوحة لسمطة ضبط الصحافة المكتوبة تجاه التصريح المودع لدييا والذي تكون‬
‫وجوبا قد سممت بو وصل لممودع حسب نص المادة ‪ ، 11‬فقد أعطى القانون لسمطة ضبط‬
‫الصحافة المكتوبة أجل ستين يوما (‪ )35‬من تاريخ إيداع التصريح من أجل منح االعتماد ىذا بعد‬
‫دراسة الممف المودع لدييا وفحصو فحصا دقيقا بالنظر إلى الصالحيات والميام التي تتمتع بيا في‬
‫ضبط نشاط الصحافة المكتوبة ‪ ،‬ويمنح االعتماد بعد ذلك إلى المؤسسة الناشرة وىذا االعتماد يعد‬
‫بمثابة الموافقة عمى الصدور األمر الذي يجعل من االعتماد شرطا أساسيا والزما في ممارسة‬
‫نشاط إصدار الصحف ‪.10‬‬

‫كما أنو يمكن لسمطة ضبط الصحافة المكتوبة أن ترفض طمب منح االعتماد وىو من‬
‫‪11‬‬
‫‪ ،‬إال أن المشرع قيده بضوابط ‪ ،‬يتمثل الضابط األول في وجوب تبميغ صاحب الطمب‬ ‫صالحيتيا‬
‫بقرار الرفض قبل انتياء مدة ‪ 35‬يوما المنصوص عمييا في المادة ‪ ، 10‬أما الضابط الثاني فيو‬
‫وجوب تبرير قرار الرفض لنكون أمام قرار إداري مكتمل األركان يجوز الن يكون محل مخاصمة‬
‫أمام الجية القضائية المختصة ‪ ،‬األمر الذي يعد ضمانة لطالب اعتماد إصدار الصحف من‬
‫تعسف سمطة ضبط الصحافة المكتوبة بالرغم من أن نصف عدد أعضائيا من الصحفيين إال أن‬
‫ذلك ال يمنع من إحاطة ىذا الحرية بضمانات إضافية تحول دون دخول ممثمي الصحفيين في‬
‫سمطة ضبط الصحافة المكتوبة في نيج السمطة األمر الذي يشكل ضمانة أيضا لمبدأ الشرعية‬
‫كون أن السمطة القضائية طرفا في تنظيم مسالة منح االعتماد والتي يفترض فييا االستقاللية التامة‬

‫‪12‬‬
‫تجدر المالحظة أنه فً فرنسا اختصاص تلقً التصرٌح ممنوح لوكٌل الجمهورٌة حصرا ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫أنظر المادة ‪ 13‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫أنظر المادة ‪ 14‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫عن أي جية وعدم خضوعيا إال لمقانون والضمير حسب ما نصت عميو المادة ‪ 105‬دستور‬
‫الجزائر لعام ‪. 1663‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 12‬عمى أنو يجب أن تضمن سمطة ضبط الصحافة المكتوبة االعتماد‬
‫المعمومات المتعمقة بتعريف الناشر وخصائص النشرية كما ىو منصوص عميو في الماد ‪11‬‬
‫واالعتماد غير قابل لمتنازل بأي شكل من األشكال كالكراء مثال وقد شدد المشرع في الجزاء‬
‫المتعمق بالتنازل عن االعتماد لشخص آخر والذي ينتج عنو سحب االعتماد مباشرة دون المساس‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬‬ ‫بالمتابعات القضائية‬

‫كما يسحب االعتماد أيضا في حال عدم صدور النشرية الدورية مدة سنة ابتداء من تاريخ‬
‫تسميمو ‪ ،‬كما أن توقف النشرية الدورية عن الصدور لمدة ‪ 65‬يوما ينتج عنيا تجديد اإلجراءات‬
‫المنصوص عمييا في المادتين ‪ 11‬و‪ 11‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ‪،‬‬
‫ىذا باإلضافة إلى أن بيع النشرية الدورية أو التنازل عنيا يجعل من االعتماد الممنوح ليا الغيا‬
‫مما يستوجب عمى المالك الجديد طمب االعتماد من جديد ووفقا لإلجراءات والكيفيات المنصوص‬
‫عمييا في المواد ‪ 10-11-11‬من القانون العضوي رم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ىذا ويجب عمى‬
‫مسؤول الطبع أن يطمب من الناشر نسخة من االعتماد مصادقا عميو قبل طيع العدد األول من أية‬
‫نشرية دورية ودون استظيار االعتماد يمنع الطبع تحت مسؤولية الطابع ‪.13‬‬

‫‪-13‬شرط الترخيص لطبع أو إصدار أو استيراد النشريات الدورية األجنبية ‪ :‬لم يغفل المشرع‬
‫من خالل القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم عن تنظيم مسالة ميمة تتعمق بالنشريات‬
‫الدورية األجنبية ‪ ،‬ذلك أن ىذه المسألة غاية في األىمية إذ أنو من جية ال يمكن إغفال حق‬
‫األجانب المتواجدين بالجزائر خاصة والمواطنين بصفة عامة المتطمعين لمعرفة ما يدور حوليم في‬
‫العالم وال يجوز حرمانيم من حق المعرفة واالطالع خاصة ونحن نعيش االنفتاح عمى اآلخر بكل‬
‫أبعاده ‪ ،‬ومن جية أخرى مقتضيات النظام العام واختالف الثقافات والعادات والتقاليد تتطمب من‬

‫‪15‬‬
‫أنظر المادتٌن ‪ 15-14‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫أنظر المواد ‪-10-12-16‬و المادة ‪ 21‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الدولة المحافظة عمى اليوية من خالل تسخير كل الوسائل المادية والقانونية من أجل حمايتو ‪،‬‬
‫ومن بين الوسائل القانونية ما تضمنتو أحكام القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ‪.‬‬

‫لقد أخضع المشرع الجزائري طبع أو إصدار واستيراد النشريات الدورية األجنبية إلى شرط‬
‫الترخيص ‪ ،‬حيث نص عمى ذلك في ‪ 50‬مواد تناولت المادة ‪ 11‬مسألة طبع العناوين الممموكة‬
‫لشركات أجنبية فنصت عمى أنو ‪ " :‬يخضع طبع أي عنوان ممموك لشركة أجنبية إلى ترخيص‬
‫من الوزارة المكمفة باالتصال ‪ ، " ...‬كما نصت المادة ‪ 04‬عمى أنو ‪ ... " :‬يخضع استيراد‬
‫النشريات الدورية األجنبية إلى ترخيص مسبق من سمطة ضبط الصحافة المكتوبة ‪ "...‬في حين‬
‫نصت المادة ‪ 05‬عمى أنو ‪ " :‬يخضع إصدار و‪ /‬أو استيراد النشريات الدورية من قبل الييئات‬
‫األجنبية والبعثات الدبموماسية والموجية لمتوزيع المجاني إلى ترخيص من الوزارة المكمفة‬
‫بالشؤون الخارجية " ‪.‬‬

‫باستقراء المواد ‪ 05-04-11‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم المتعمقة‬


‫بطبع واصدار واستي ارد النشريات الدورية األجنبية نالحظ بعض النقاط القانونية المتعمقة بيذه‬
‫المسألة والتي تثير غموض يستدعي منا مناقشتو مع مالحظة أن المواد كميا أحالت موضوعاتيا‬
‫عمى التنظيم مما يعني أنو سيكون ىناك شرح وتفصيل ليذه المسائل ‪ ،‬وبما أن التنظيم ال يزال‬
‫غائب غير موجود وىي عادة المشرع في إحاالتو عمى التنظيم في كل القوانين إال ناد اًر ال بأس أن‬
‫نطرح بعض األفكار المتعمقة بيذا الموضوع ‪:‬‬

‫أ‪ -‬تنوع في الجيات المخول ليا منح الترخيص ‪ :‬لقد منح المشرع من خالل القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم صالحية منح الترخيص لجيات ثالث مختمفة وحسب كل‬
‫حالة ‪ ،‬فالترخيص لطبع العناوين األجنبية الممموكة لشركات أجنبية ىي من صالحية الوزارة‬
‫المكمفة باالتصال ‪ ،‬أما استيراد النشريات الدورية األجنبية فتخضع ىي األخرى إلى الترخيص‬
‫المسبق من سمطة ضبط الصحافة المكتوبة ‪ ،‬في حين إصدار و‪/‬أو استيراد النشريات الدورية من‬
‫قبل الييئات األجنبية والبعثات الدبموماسية فالترخيص ىو من اختصاص الوزارة المكمفة بالشؤون‬
‫الخارجية ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ىذا التنوع في الجيات المخول ليا منح الترخيص إنما ُيعزى إلى إرادة المشرع في تقسيم‬
‫الميام والبحث عن التخصص الذي يضمن بدقة عدم طبع أو إصدار أو استيراد أي نشرية دورية‬
‫أجنبية قد تمس بمصالح الدولة وتيدد النظام العام في أبعاده المختمفة ‪ ،‬والمالحظ أيضا أن المشرع‬
‫حدد نوع النشريات فجعل من اختصاص و ازرة االتصال طبع العناوين في حين كان من اختصاص‬
‫سمطة ضبط الصحافة المكتوبة النشريات الدورية األجنبية أما و ازرة الشؤون الخارجية فقد كمفت‬
‫بالنشريات التي تصدر أو تستورد من قبل الييئات األجنبية والبعثات الدبموماسية وىو من‬
‫اختصاصيا لقدرتيا عمى التعامل مع مثل ىذه الجيات ‪.‬‬

‫ب‪ -‬غياب ضبط دقيق لممصطمحات ‪ :‬لممصطمحات أىمية قصوى وتحديدىا واعطائيا‬
‫المفيوم والتعريف المناسب يغني عن الجدل والمغط كما يساىم أيضا في تحديد اآلثار الناتجة عنو‬
‫‪ ،‬والمشرع من خالل القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم وفي مسألة النشريات الدورية‬
‫األجنبية نالحظ أنو قد أغفل تحديد بعض المصطمحات الميمة في نظرنا والتي تسبب خمطا في‬
‫الفيم خاصة في غياب التنظيم الذي ربما قد يتعرض لمسالة المصطمحات ويفييا حقيا من الشرح‬
‫ونالحظ ما يمي ‪:‬‬

‫ب‪-‬أ‪ -‬إستعمل المشرع في المادة ‪ 11‬المذكور نصيا أعاله مصطمح " عنوان " والترخيص‬
‫المطموب ىنا كونو ممموك لشركة أجنبية مما يعني أنو حتى وان كان العنوان بالمغة العربية فيو‬
‫يحتاج أيضا لمترخيص ‪ ،‬والمشرع قد أخضع ىذه النقطة لمترخيص ضماناً لعدم لجوء أي شخص‬
‫لطبع نشرية ال تخدم مصالح السمطة لدى شركات أجنبية بعد أن ضمنت السمطة أن نشره بواسطة‬
‫المؤسسات الوطنية غير ممكن األمر الذي يزيد في التضييق من حرية اإلعالم بشكل كبير بل يعد‬
‫األمر مصادرة لمحق في اإلعالم والنشر ‪.‬‬

‫ب‪-‬ب‪ -‬غياب مفيوم دقيق وواضح لمصطمح " األجنبية " لم يحدد المشرع المعيار المتبع‬
‫في وصف النشرية باألجنبية ‪ ،‬ىل اعتمد معيار المغة أو معيار األصل األجنبي ويطرح المشكل‬
‫أيضا في حال ما تم ترجمة النشرية من لغة أجنبية إلى المغة الوطنية ىل يتم اعتبارىا نشرية‬
‫أجنبية ‪ ،‬كل ىذه المسائل تحتاج إلى تفصيل عمى غرار ما فعل المشرع الفرنسي الذي كان دقيقا‬

‫‪13‬‬
‫في تحديده لمفيوم النشرية األجنبية حيث اعتمد في تحديد ذلك عمى معياري " المغة واألصل‬
‫‪14‬‬
‫‪.‬‬ ‫األجنبي " لينيي بذلك الجدل حول ىذا المفيوم‬

‫ب‪-‬ج‪ -‬كما استعمل المشرع في نص المادة ‪ 05‬المذكور نصيا أعاله مصطمح "‬
‫الموجية لمتوزيع المجاني " مما يعني بمفيوم المخالفة وفي غياب النص أنو يمكن لمييئات‬
‫األجنب ية والبعثات الدبموماسية بممارسة نشاط إصدار واستيراد النشريات األجنبية الموجية لمبيع مما‬
‫يجعل األمر يحتاج أكثر إلى التفصيل في ىذه النقطة وفي ظل عدم الحديث في المادة ‪ 05‬عن‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬‬ ‫التنظيم الذي يتولى التفصيل في المسالة سيكون ىناك غموض يكتنف ىذه الفكرة‬

‫‪ 12‬القيود اإلدارية المتعمقة بمزاولة نشاط توزيع وبيع النشريات بالتجول أو في الطريق العام أو‬
‫باألمكنة العمومية ‪ :‬يعد توزيع وبيع النشريات الدورية بالتجول وفي الطريق العام وفي األماكن‬
‫العمومية من مظاىر حرية الصحافة وحرية اإلعالم بصفة عامة ‪ ،‬إذ أن حظر بيع الصحف بيذه‬
‫الطريقة ووضع قيود وعوائق إدارية يعيق حرية الصحافة ‪ ،‬وال تقوم بيذا اإلجراء إال األنظمة‬
‫الشمولية غير الديمقراطية التي تضطيد الشعب فتخاف إن بيعت ووزعت الصحف بيذه الطريقة‬
‫الواسعة أن ينتشر الوعي لدى الشعب فيقوم بالثورة عمييا وازاحتيا من النظام ‪ ،‬وعميو فمظير بيع‬
‫الصحف وتوزيعيا بالتجول وفي الطريق العام وأيضا في األماكن العمومية ىو أحد مظاىر‬
‫الديمقراطية الحقة أين ال يحتاج لمقيام بيذا النشاط إال مجرد تصريح لمجية المخول ليا قانونا تمقيو‬
‫‪.16‬‬

‫يعد التصريح من أخف القيود اإلدارية عمى اإلطالق في ممارسة الحريات ويسمى أيضا‬
‫باإلخطار ‪ ،‬وقد عرفو الفقو عمى أنو ‪ ":‬مجرد إعالن اإلدارة برغبة األفراد في ممارسة نشاط معين‬
‫لكي تكون عمى عمم بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن ممارسة ىذا النشاط " ‪ ،15‬فتقوم اإلدارة‬

‫‪12‬‬
‫محمد هاملً ‪ ،‬دعائم إرساء دولة القانون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 302- 306‬‬
‫‪10‬‬
‫المادة ‪ 39‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم تكلمت عن صدور تنظٌم ٌتولى تنظٌم الجهاز المكلف بإثبات التوزٌع ‪ ،‬أي أن‬
‫موضوع إصدار واستٌراد النشرٌات الدورٌة األجن بٌة من طرف الهٌئات األجنبٌة والبعثات الدبلوماسٌة قد اكتفى منه المشرع وال ٌوجد به غموض‬
‫أو تفصٌل ٌحتاج إلى إصدار تنظٌم ٌتولى التفصٌل فٌه ‪.‬‬
‫أشرف رمضان عبد الحكٌم ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة تحميمية في التشريع المصري والقانون المقارن ‪ ،‬دار أبو المجد لمطباعة ‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪19‬‬

‫مصر ‪. 1554 ،‬ص ‪.132‬‬


‫‪20‬‬
‫نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪ – 94‬وأنظر أٌضا مرجع ‪ :‬حمدي حمودة ‪ ،‬نظام الترخٌص واإلخطار ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪14‬‬
‫المختصة بما تممكو من صالحيات في ىذا المجال من التحقق من صحة البيانات ومدى دقتيا‬
‫وكذا التحقيقات اإلدارية واألمنية الالزمة لمواجية أي خطر قد يحدث نتيجة ممارسة ىذا النشاط‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،11‬دون أن تممك اإلدارة الحق في رفض ممارسة النشاط الذي تم إخطارىا بو‬

‫لقد تناول القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم مسألة توزيع وبيع النشريات‬
‫بالتجول وفي الطريق العام وأيضا في األماكن العامة ونظميا قانونا وقد سمك في الموافقة عمى‬
‫ممارسة ىذا النشاط المسمك الديمقراطي السيل غير المشدد الخالي من كل العراقيل والمعوقات‬
‫فاشترط لذلك مجرد التصريح وىو ما نصت عميو المادة ‪ 02‬بقوليا‪ ":‬يخضع بيع النشريات الدورية‬
‫بالتجول و‪/‬أو في الطريق العام أو في مكان عمومي آخر إلى تصريح مسبق لدى رئيس‬
‫المجمس الشعبي البمدي " ‪ ،‬ورئيس المجمس الشعبي البمدي يضطمع بيذه الميام منطمقا من‬
‫الصالحيات التي يتمتع بيا والتي تخولو الحفاظ عمى النظام العام بصفتو ممثال لمدولة ولو في ذلك‬
‫كل الوسائل القانونية والمادية التي تساعده عمى القيام بيذا الدور أي التصدي لكل األعمال التي‬
‫من شأنيا أن تيدد النظام العام في كل أبعاده ‪ ،‬وىو بذلك يممك صالحيات الضبط اإلداري ويتمتع‬
‫‪10‬‬
‫‪.‬‬ ‫أيضا بصفة الضبطية القضائية‬

‫لقد اعتمد المشرع الجزائري عمى نظام التصريح لمزاولة نشاط بيع النشريات الدورية بالتجول‬
‫وفي الطريق العام وفي األماكن العمومية ترسيخا منو لحرية الصحافة من خالل تسييل عممية‬
‫توزيع الصحف وبيعيا بكل حرية ‪ ،‬وىو األمر الذي َّ‬
‫أكد عميو من خالل أحكام المواد ‪-01-00‬‬
‫‪ 06- 03‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ‪ ،‬فتوزيع النشريات الدورية يكون‬
‫مجانا أو بالبيع بالعدد أو باالشتراك توزيعا عموميا أو بالمساكن ‪ ،‬ويمارس ىذا النشاط بكل حرية‬
‫وتسير الدولة عمى ضمان ترقية توزيع الصحافة المكتوبة عبر كامل التراب الوطني وىذا بيدف‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫تمكين كل المواطنين من الوصول إلى الخبر‬

‫محمد باهً أبو ٌونس ‪ ،‬حرية اإلعالم ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،‬القاىرة ‪،1551 ،‬ص ‪. 224‬‬
‫‪21‬‬

‫‪22‬‬
‫أشرف رمضان عبد الحكٌم ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪. 94‬‬
‫‪23‬‬
‫أنظر المواد من ‪ 05‬إلى ‪ 95‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدٌة تخص هذه المواد صالحٌات رئٌس المجلس الشعبً البلدي ممثال للدولة‬
‫‪24‬‬
‫أنظر المواد ‪ -34-33‬و ‪ 36‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن المشرع لم تقف إرادتو عند مجرد وضع أحكام يمكن أن توصف‬
‫أقر‬
‫بااليجابية في مجال ترقية ودعم حرية الصحافة من خالل تسييل عممية تداوليا وتوزيعيا ‪ ،‬بل َّ‬
‫إنشاء جياز يكمف بإثبات التوزيع والذي ال يزال عبارة عن مجرد نص أحال المشرع كيفيات تنظيمو‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬‬ ‫إلى التنظيم والذي من دون شك سيسيم في استقاللية ودعم توزيع نشاط الصحافة‬

‫المطمب الثاني ‪:‬‬

‫القيود التنظيمية المتعمقة بممارسة نشاط السمعي البصري‬

‫لقد أصبحت الممارسة اإلعالمية في الجزائر متاحة بفعل التوسيع في مجال الحريات التي‬
‫تمكن من التعبير الحقيقي واظيار الكفاءات بعد إزالة كل ما يمكن أن يشكل عائق أمام ىذه الحرية‬
‫‪ ،‬وبالتالي أصبح اإلعالم الجزائري نموذجا من خالل تعدد الوسائل والمنابر اإلعالمية خاصة منيا‬
‫السمعية البصرية ‪ ،‬ولم يعد اإلعالم اليوم محصو ار في حرية التعبير فحسب بل ىو أيضا صناعة‬
‫واستثمار وأوضاع اجتماعية لمصحفيين وىو ما يجب أن يتضمنو قانون اإلعالم وقانون السمعي‬
‫البصري ‪.‬‬

‫تحتل أجيزة اإلعالم السمعي البصري األىمية الكبرى داخل أي دولة وفي أي مجتمع وىذا‬
‫بالنظر إلى اتساع دائرة المستقبمين ليا وكذا القدرة التي تممكيا عمى التأثير في الرأي العام وتوجييو‬
‫‪13‬‬
‫‪ ،‬لذا نجد أنو يصطمح عمييا عند السياسين واإلعالميين " بأجيزة‬ ‫كماً ونوعاً وبالسرعة الالزمة‬
‫اإلعالم الثقيمة " ‪ ،‬بينما أطمق عمييا » ‪ «Mc LUHAN‬إسم "وسائل اإلعالم الساخنة" بينما‬
‫‪14‬‬
‫‪.‬‬ ‫أطمق عمى وسائل اإلعالم المكتوبة إسم " وسائل اإلعالم الباردة "‬

‫ونشاط اإلعالم عن طريق السمعي البصري في الحقيقة ىو أحد مظاىر الحرية‬


‫والديمقراطية ‪ ،‬لذا نجد أن نشاط السمعي البصري يعتمد أيضا كمعيار لتحديد طبيعة النظام شأنو‬

‫‪25‬‬
‫أنظر المادة ‪ 39‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫عصام إبراهٌم خلٌل إبراهٌم ‪ ،‬النظام القانوني لحرية االتصال السمعي البصري ‪ ،‬رسالة لنل درجة الدكتوراه فً الحقوق ‪ ،‬كلٌة الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة ‪ ، 2002 ،‬ص ‪. 102‬‬
‫‪22‬‬
‫محمد هاملً ‪ ،‬التجربة الجزائرٌة فً حرٌة اإلعالم على ضوء المواثٌق الدولٌة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 23‬‬

‫‪16‬‬
‫حر خال من القيود مفتوح لمقطاع‬
‫شأن الصحافة المكتوبة ‪ ،‬فكمما كان نشاط السمعي البصري ٌ‬
‫الخاص بكل حرية دون عوائق إدارية أمكن وصف النظام بأنو نظام ديمقراطي والعكس في حال ما‬
‫إذا كان التضييق والتشديد والمنع واالحتكار الطابع السائد والمميز لممارسة نشاط السمعي البصري‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬‬ ‫فالنظام بال ريب ىو نظام تسمطي شمولي‬

‫عرفت المادة ‪ 25‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم النشاط السمعي‬
‫لقد َّ‬
‫البصري بأنو ‪ " :‬كل ما يوضع تحت تصرف الجميور أو فئة منو عن طريق االتصال الالسمكي‬
‫أو بث إشارات أو عالمات أو أشكال مرسومة أو صور أو أصوات أو رسائل مختمفة ال يكون ليا‬
‫‪16‬‬
‫تضمنيا الدولة ‪،‬‬ ‫طابع المراسمة الخاصة " والنشاط السمعي البصري ميمة ذات خدمة عمومية‬
‫إال أن ىناك فرق بين تضمنيا وتحتكرىا والجزائر شأنيا شأن العيد من الدول قامت باحتكار خدمة‬
‫السمعي البصر منذ االستقالل باعتباره نشاطا استراتيجيا وميما في الدولة يساعدىا عمى نشر‬
‫‪05‬‬
‫‪.‬‬ ‫سياستيا وتعميم توجييا‬

‫لقد استمر احتكار الدولة لمنشاط السمعي البصري عقودا من الزمن سيطر فييا الرأي الواحد‬
‫مما اضر كثي ار بفكرة االنفتاح السياسي واإلعالمي الذي تبنتو الجزائر عقب دستور ‪، 1656‬‬
‫فقانون اإلعالم لعام ‪ 1651‬وأيضا قانون اإلعالم لعام ‪ 1665‬لم يأتيا بالجديد فيما يخص حرية‬
‫نشاط السمعي البصري وبقى حك ار عمى الدولة ‪ ،‬إلى أن جاء خطاب رئيس الجميورية العام‬
‫‪ 1511‬الذي أعمن فيو عن البدء في تنفيذ حزمة من اإلصالحات السياسية وعمى رأسيا فتح قطاع‬
‫السمعي البصري أمام القطاع الخاص ‪ ،‬واليوم وبعد صدور القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق‬
‫باإلعالم والقانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري نطرح سؤال حول استقاللية‬
‫نشاط السمعي البصري وىل تم فتحو فعال أمام القطاع الخاص تجسيدا لما جاء في خطاب‬
‫الرئيس ‪.‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪eme‬‬
‫‪Jean MARGANE , droit de l’homme et libertés publique ,5 édition , PUF , paris , 2000 , p 313 .‬‬
‫‪29‬‬
‫أنظر المادة ‪ 59‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم – والمادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بالنشاط السمعً البصري ‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫عرفت الجزائر اإلعالم السمعً البصري قبل االستقالل إذ ٌرجع إنشاء اإلذاعة الجزائرٌة إلى سنة ‪ 1952‬بمدٌنة الناظور المغربٌة ‪ ،‬وقد كان‬
‫التلفزٌون الجزائري امتدادا للتلفزٌون الفرنسً وتحول بعد االستقالل إلى مؤسسة وطنٌة وصدر مرسوم المنظم لإلذاعة والتلفزة الجزائرٌة بتارٌخ‬
‫‪ 1963-00-01‬الذي ٌعتبرها مؤسسة عمومٌة موحدة تابعة للدولة ولها طابع تجاري وصناعً منح لها احتكار اإلعالم السمعً البصري – أنظر‬
‫مرجع زهٌر إحدادن ‪ ،‬مدخل لعلوم اإلعالم واالتصال ‪ ،‬دٌوان المطبوعات الجامعٌة ‪ ،‬طبعة ‪ ، 03‬الجزائر ‪ ، 1993 ،‬ص ‪. 114‬‬

‫‪17‬‬
‫لقد جاء القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم والقانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق‬
‫بالنشاط السمعي البصري خاليان من النص صراحة عمى أن نشاط السمعي البصري حر ‪ ،‬إال انو‬
‫يمكن أن نستشف ذلك من خالل طريقة تنظيم القانونين لمممارسين ليذا النشاط ‪ ،‬وفي ىذا الصدد‬
‫نصت المادة ‪ 31‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم في المادة ‪ 31‬عمى أنو ‪":‬‬
‫يمارس النشاط السمعي البصري من قبل ‪:‬‬

‫‪ -‬ىيئات عمومية ؛‬
‫‪ -‬مؤسسات وأجيزة القطاع العمومي ؛‬
‫‪ -‬المؤسسات أو الشركات التي تخضع لمقانون الجزائري ‪" ...‬‬

‫كما يمكن أيضا مالحظة ذلك في القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري‬
‫وىذا من خالل نص المادة ‪ 54‬التي نصت في شرحيا لممفاىيم المتعمقة بنشاط السمعي البصري‬
‫عمى ما يمي " السمطة المانحة ‪ :‬ىي السمطة التنفيذية الموقعة عمى المرسوم المتضمن رخصة‬
‫إلنشاء خدمة اتصال سمعي بصري لصالح شخص معنوي خاص يخضع لمقانون الجزائري "‪.‬‬

‫كيفية تقسيم القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري لخدمات االتصال‬
‫السمعي البصري توحي بفتحو لمقطاع الخاص ‪ ،‬إذ نجده قسميا إلى قسمين تناول في الفصل‬
‫األول " خدمات االتصال السمعي البصري التابعة لمقطاع العمومي " وتناول في الفصل الثاني "‬
‫خدمات االتصال السمعي البصري المرخصة " ‪ ،‬ما يفيد أن ىناك نوعين من الممارسين لنشاط‬
‫السمعي البصري ‪.01‬‬

‫‪31‬‬
‫لقد أعلنت الم جموعة البرلمانٌة " تكتل الجزائر الخضراء" رفضها المصادقة على مشروع القانون السمعً البصري لكون ٌكرس الغلق‬
‫والهٌمنة وٌقٌد الحرٌات وٌحد من المبادرات الفردٌة والجماعٌة ‪ ،‬مسجلة مجموعة من النقاط السلبٌة فً مشروع قانون السمعً البصري منها "‬
‫حصر خدمات االتصال السمعً البصري للخواص فً القنوات الموضوعاتٌة دون القنوات العامة التً بقٌت حكرا على القطاع العام األمر الذي‬
‫ٌعتبر تمٌٌزا ومخالفا ألحكام الدستور " كما أوردت مالحظات أخرى حول سلطة ضبط نشاط السمعً البصري فٌما ٌخص نوعٌتهم وكٌفٌة تعٌٌنهم‬
‫و وكذا الصالحٌات الواسعة لهذه ا لسلطة فً إلغاء الرخصة وسحبها وتهمٌش دو القضاء فً ذلك ‪ ،‬األمر الذي أدى ببعض المستثمرٌن فً هذا‬
‫المجال إلى التوجه للخارج طلبا لالعتماد للتواصل مع الرأي العام الجزائري ‪.‬‬
‫وقد تقدم بعض النواب باقتراح تعدٌل المادة ‪ 61‬من مشروع القانون العضوي المتعلق باإلعالم كً ٌنص صراحة على أن " نشاط السمعً‬
‫البصري نشاط حر " غٌر أن هذا االقتراع قوبل بالرفض من قبل لجنة الثقافة واالتصال والسٌاحة بالمجلس الشعبً الوطنً ( التعدٌل رقم‬
‫‪ 2011/20/51‬المودع لدى لجنة الثقافة واالتصال والسٌاحة بالمجلس الشعبً الوطنً بتارٌخ ‪. 2011/11/29 :‬‬
‫مع مالحظة أن المشرع الفرنسً بعد ما كان ٌحتكر نشاط السمعً البصري كلٌة قام بتحرٌره صراحة وهذا من خالل قانون ‪ٌ 29‬ولٌو ‪1902‬‬
‫حٌث نص صراحة فً المادة ‪ 01‬منه على أن " اإلعالم السمعً البصري حر " ‪ ،‬وقد أوجد هٌئة مستقلة تختص بمراقبة المنافسة الحرة وكفالة‬
‫التعددٌة فً اإلعالم لسمعً البصري تمثلت فً إنشاء " المجلس السمعً البصري " ‪. "CSA‬‬

‫‪18‬‬
‫ضمن القانون العضوي رقم ‪52-11‬‬
‫عمى غرار نشاط الصحافة المكتوبة فإن المشرع قد َّ‬
‫المتعمق باإلعالم والقانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بنشاط السمعي البصري قيودا عمى ممارسة نشاط‬
‫السمعي البصري وىي في مجمميا تشكل قيودا إدارية تنظيمية تتعمق بمنح الرخصة لممارسة نشاط‬
‫السمعي البصري ‪ ،‬وكذا االتفاقية التي يجب أن تبرم بين سمطة ضبط السمعي البصري وبين‬
‫المستفيد من الرخصة ‪.‬‬

‫‪ -10‬شرط الرخصة لممارسة نشاط السمعي البصري ‪ :‬لقد تناولت المادة ‪ 30‬شرط الترخيص‬
‫وىذا بقوليا ‪ ":‬يخضع إنشاء كل خدمة موضوعاتية لالتصال السمعي البصري ‪ ،‬والتوزيع عبر‬
‫خط اإلرسال اإلذاعي المسموع أو التمفزي ‪ ،‬وكذا استخدام الترددات اإلذاعية الكيربائية إلى‬
‫ترخيص يمنح بموجب مرسوم " ‪ ،‬وعميو فإن أي طالب لممارسة خدمة موضوعاتية لالتصال‬
‫‪01‬‬
‫ال بد لو من رخصة ‪ ،‬ولم ُيفصل القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق‬ ‫السمعي البصري‬
‫باإلعالم في اإلجراءات والكيفيات المتعمقة بالحصول عمى الرخصة وكذا طبيعة المرسوم الذي‬
‫تمنح بموجبو ‪ ،‬وبصدور القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بنشاط السمعي البصري يكون قد أجاب‬
‫عمى العيد من األسئمة التي كانت عالقة في القانون العضوي ‪.‬‬

‫أ – مفيوم واجراءات منح الرخصة ‪ :‬الرخصة شرط قانوني لممارسة نشاط السمعي البصري (‬
‫الخدمة الموضوعاتية )‪ ،‬كما أن ليا إجراءات تُتَبع في الحصول عمييا وتفصيل ذلك كما يمي ‪:‬‬

‫أ‪-‬أ ‪ .‬مفيوم الرخصة ‪ :‬نصت المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 51-11‬عمى أنو ‪ " :‬تشكل الرخصة‬
‫التي تقدميا السمطة المانحة بموجب مرسوم ‪ ،‬العقد الذي من خاللو تنشأ خدمة لالتصال‬
‫السمعي البصري الموضوعاتية ‪ ، " ...‬وعميو فالمادة واضحة تماما في مسألة العالقة بين السمطة‬
‫المانحة والتي عرفتيا المادة ‪ 54‬من نفس القانون عمى أنيا السمطة التنفيذية الموقعة عمى المرسوم‬
‫المتضمن رخصة إلنشاء خدمة اتصال سمعي بصري وبين الشخص المعنوي الخاص الخاضع‬
‫لمقانون الجزائري وىي عالقة عقدية تحتاج إلى إبرام اتفاق بين سمطة ضبط السمعي البصري‬
‫والمستفيد األمر الذي يؤكد تمسك الدولة بيذا النشاط من خالل فرض رقابة شديدة عمى ىذا المنح‬

‫‪32‬‬
‫"الخدمة الموضوعاتٌة " أو قناة موضوعاتٌة " هً برامج تلفزٌونٌة أو سمعٌة تتمحور حول موضوع أو عدة مواضٌع " هذا حسب ما عرفته‬
‫المادة ‪ 02‬المتعلقة بالتعارٌف وتحدٌد المفاهٌم ‪ ،‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بالنشاط السمعً البصري‬

‫‪19‬‬
‫‪ ،‬فالرخصة عقد والعقد يحتاج إلى اتفاقية تحوي بدورىا شروط استعمال الرخصة وفق ما نص عميو‬
‫القانون وأيضا دفتر الشروط الذي يحدد كيفية وحدود ممارسة نشاط السمعي البصري ‪ ،‬األمر الذي‬
‫يجعمنا نحكم عمى ممارسة نشاط السمعي البصري ال يزال تحت سمطة الدولة واشرافيا المباشر وان‬
‫كان لألمر ما يبرره كون أن النشاط لو أىميتو البالغة كما أسمفنا في الحقل اإلعالمي من خالل‬
‫القدرة الكبيرة التي يتمتع بيا في توجيو الرأي العام وتعبئتو واألثر الذي قد ينتج عن إساءة استخدام‬
‫ىذا النشاط إن ىو فتح بال قيد األمر الذي قد ييدد النظام العام إال انو من ناحية حرية اإلعالم‬
‫خاصة المتعمق بنشاط السمعي البصري يعد تضييقا واضحا عمى ممارسة ىذه الحرية األمر الذي‬
‫يؤدي حتما إلى إنقاص فاعمية ىذه اآللية في حماية مبدأ الشرعية من خالل اعتماد منيج التوجيو‬
‫وعدم المعارضة من قبل السمطة ‪.‬‬

‫أ‪-‬ب‪ .‬شكميات واجراءات منح الرخصة ‪ :‬تقوم سمطة ضبط السمعي البصري بواسطة إعالن‬
‫‪00‬‬
‫المبمغ لمرأي العام عبر‬
‫الترشح تنفيذ اإلجراء المتعمق بمنح الرخصة ‪ ،‬ويحدد اإلعالن عن الترشح ُ‬
‫أية وسيمة وطنية لإلعالم النقاط المتعمقة بالنشاط السمعي البصري المزمع إنشاؤه سيما ‪:01‬‬

‫‪ -‬القدرات المتوفرة لمبث األرضي و‪/‬أو عبر الساتل و‪/‬أو عبر الكابل ؛‬
‫‪ -‬طبيعة خدمة االتصال السمعي البصري المزمع إنشاؤىا ؛‬
‫‪ -‬المنطقة الجغرافية المغطاة ؛‬
‫‪ -‬المغة أو لغة البث ؛‬
‫‪ -‬كل المعمومات األخرى والمواصفات التقنية المكممة التي تضعيا الييئة العمومية ‪...‬‬
‫‪ -‬القواعد العامة لمبرمجة ؛‬
‫‪ -‬القواعد المطبقة عمى اإلشيار والرعاية واالقتناء عبر التمفزيون ؛‬
‫‪ -‬نسب األعمال الفنية والبرامج الوطنية ‪.‬‬

‫كما اشترط المشرع عمى المترشحين المؤىمين إلنشاء خدمات االتصال السمعي البصري‬
‫الموضوعاتية شروطا تتعمق بالجنسية الجزائرية لممساىمين وتمتعيم بالحقوق مدنية والخضوع‬

‫‪33‬‬
‫أنظر المادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بنشاط السمعً البصري ‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫أنظر المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بنشاط السمعً البصري ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫لمقانون الجزائري بالنسبة لمشخصية المعنوية وان يكون رأسماليا وطنيا خالصا مع إثبات مصدر‬
‫‪02‬‬
‫‪ ،‬وتقوم سمطة ضبط السمعي البصري بدراسة ممف الترشح من خالل‬ ‫األموال المستثمرة ‪...‬‬
‫االستماع العمني لممترشحين الذين استوفوا الشروط الذي ىو عبارة عن مقابمة تديرىا في جمسة‬
‫عامة وعمنية وتتعمق بقدرات المرشحين الذين استجابوا إلعالن الترشح الستغالل خدمة اتصال‬
‫‪03‬‬
‫‪ ،‬وتركز سمطة ضبط السمعي البصري بوجو خاص عمى نقاط تضمن بيا‬ ‫سمعي بصري‬
‫الشفافية والنزاىة واالحترافية وىي من الناحية المينية تعد أم اًر جيدا من أجل ضمان منح الرخصة‬
‫لألجدر بعيدا عن كل الحسابات والخمفيات ومن ناحية أخرى تعطي ىذه النقاط السمطة التقديرية‬
‫لسمطة ضبط النشاط السمعي البصري خاصة إذا عممنا أن تشكيمتيا تخمو من ممثمي الصحافة‬
‫األمر الذي قد يضر بضمانات االختيار األمثل لممترشحين في ظل ضغط السمطة من أجل إقصاء‬
‫كل من يعارض سياسياتيا وبرامجيا وكذا توجياتيا عمى جميع األصعدة السياسية واالقتصادية‬
‫والثقافية ‪ ، ...‬وىذه النقاط نصت عمييا المادة ‪ 12‬وىي ‪:‬‬

‫‪ -‬تنويع المتعاممين مع ضرورة الحيطة من تعسف الوضعيات المييمنة والممارسات األخرى‬


‫التي تعيق حرية المنافسة ؛‬
‫‪ -‬تجربة المترشحين في األنشطة السمعية البصرية ؛‬
‫‪ -‬التمويل وآفاق نمو الموارد لفائدة النشاط السمعي البصري ؛‬
‫‪ -‬المساىمة في اإلنتاج الوطني لمبرامج ‪.‬‬

‫بعد ما يتم اختيار المترشح الممنوح لو الرخصة يقوم بدفع مقابل مالي وتسمم الرخصة باسم‬
‫الشخص المعنوي الذي وقع عميو االختيار وتستغل من طرفو دون سواه وتحدد مدة الرخصة‬
‫المسممة باثني عشر سنة (‪ )11‬الستغالل خدمة البث التمفزيوني وست (‪ )53‬سنوات بالنسبة‬
‫لخدمة البث اإلذاعي وىي قابمة لمتجديد خارج إطار اإلعالن من طرف السمطة المانحة وىذا بعد‬
‫رأي معمل تبديو سمطة ضبط السمعي البصري ‪ ،‬ويجب عمى المستفيد من الرخصة مباشرة‬
‫استغالل خدمة السمعي البصري في أجل سنة (‪ )51‬واحدة بالنسبة لخدمة البث التمفزيوني وستة‬

‫‪35‬‬
‫أنظر المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بنشاط السمعً البصري ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بنشاط السمعً البصري ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫(‪ )53‬أشير بالنسبة لخدمة البث اإلذاعي تبدأ الميمة من تاريخ إبرام العقد مع الييئة العمومية‬
‫المكمفة بالبث اإلذاعي والتمفزي والمتعمق بإرسال وبث البرامج المسموعة أو التمفزيونية ‪.04‬‬

‫ب‪ -‬شروط استعمال الرخصة ‪ :‬حددت المواد من ‪ 15‬إلى ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق‬
‫بالنشاط السمعي البصري شروط استعمال الرخصة وىي مجموعة من االلتزامات التي تقع عمى‬
‫عاتق الشخص المعنوي المرخص لو استغالل خدمة لالتصال السمعي البصري وأىميا ما يمي ‪:‬‬

‫‪ -‬إبرام اتفاقية بين سمطة ضبط السمعي البصري والمستفيد ‪ :‬وغاية االتفاقية تحديد كل الشروط‬
‫الواجب ُّ‬
‫التقيد بيا من اجل استعمال الرخصة ‪ ،‬األمر الذي يعكس مدى بسط نفوذ اإلدارة عمى‬
‫المستفيد من خالل تحديد شروط االستعمال وىو ما يمس باستقاللية الشخص المعنوي المرخص لو‬
‫استغالل خدمة لالتصال السمعي البصري ‪ ،‬كما تتضمن االتفاقية إلى جانب الشروط المحددة في‬
‫القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري بنود دفتر الشروط العامة الذي يعد أيضا‬
‫من محتويات االتفاقية كنموذج نيائي وثابت ضمن االتفاقية ‪ ،‬وقد نصت عمى دفتر الشروط العامة‬
‫المادة ‪ 14‬من القانون رقم ‪ 51-11‬بقوليا ‪ " :‬يحدد دفتر الشروط العامة الصادر بمرسوم بعد رأي‬
‫سمطة الضبط السمعي البصري القواعد العامة المفروضة عمى كل خدمة لمبث التمفزيوني أو‬
‫لمبث اإلذاعي " ‪ ،‬كما تضمنت المادة ‪ 15‬النص عمى االلتزامات التي تسمح باحترام والتقيد‬
‫بمجموعة من العناصر التي تشكل في مجميا ضوابط لحماية النظام العام ونشاط السمعي البصري‬
‫‪ -‬احترام متطمبات الوحدة الوطنية واألمن‬ ‫ونذكر عمى سبيل المثال ما نصت عميو المادة ‪15‬‬
‫والدفاع الوطنيين ؛‬

‫‪ -‬احترام المصالح االقتصادية والدبموماسية لمبالد ؛‬

‫‪ -‬االلتزام بالمرجعية الدينية الوطنية واحترام المرجعيات الدينية األخرى ‪ ...‬؛‬

‫‪ -‬احترام القيم الوطنية ورموز الدولة كما ىي محددة في الدستور ؛‬

‫‪32‬‬
‫أنظر المواد من ‪ 26‬إلى ‪ 32‬والمادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بالنشاط السمعً البصري ‪.‬‬
‫انظر أٌضا المواد ‪ 33‬إلى ‪ 36‬والمتعلقة ببٌع مؤسسة تستغل خدمة اتصال سمعً بصري وتحوٌل الحقوق المرتبط بالرخصة للمالك الجدٌد وحق‬
‫السلطة المانحة فً الشفعة وما إلى ذلك من األحكام المتعلقة بموضوع نقل الملكٌة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬احترام التعددية الحزبية وتعددية التيارات الفكرية ‪ ...‬؛‬

‫‪ -‬احترام متطمبات اآلداب العامة والنظام العام ؛ ‪،05 ...‬‬

‫والمالحظ عمى كل ىذه االلتزامات أنيا استعممت وصيغة بمصطمحات مرنة ىالمية مفتوحة‬
‫عمى تأويالت عديدة مما ال يخدم مصمحة الشخص المعنوي المرخص لو استغالل خدمة لالتصال‬
‫السمعي البصري ‪ ،‬وىي عادة المشرع الجزائري لما يتعمق األمر بااللتزامات تجاىو يمجا إلى‬
‫المرونة في المصطمحات واعتماد نظام المصطمحات الفضفاضة ليضمن مجاال واسع لتقييد حرية‬
‫المستفيد من الرخصة الستغالل خدمة االتصال السمعي البصري ‪.‬‬

‫‪ -‬كما يتعين عمى شخص معنوي مرخص لو استغالل خدمة لالتصال السمعي البصري أن يحوز‬
‫نظاما نيائيا لبث البرامج عبر التراب الوطني ‪.‬‬

‫‪ -‬إلزامية تقديم الرخصة من طرف ناشر البرنامج لموزع المحتوى ‪.06‬‬

‫‪ -13‬شرط االعتماد لممارسة مينة مراسل إلحدى الييئات اإلعالمية األجنبية ‪ :‬الحقيقة أن مينة‬
‫مراسل إلحدى الييئات األجنبية ال يتعمق بالنشاط السمعي البصري فقط ‪ ،‬وانما يتعمق بنشاط‬
‫الصحافة المكتوبة أيضا ‪ ،‬ومن الناحية العممية نجد أن مينة مراسل إلحدى الييئات اإلعالمية‬
‫األجنبية تكون لممؤسسات اإلعالمية العاممة في حقل النشاط السمعي البصري وبتصفح مواد‬
‫القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي البصري نجده لم يتناول تنظيم ىذا النشاط وانما‬
‫نجده منظما في نص المادة ‪ 51‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم التي نصت‬
‫عمى أنو ‪ ":‬يشترط عمى الصحفيين المحترفين الذين يعممون لحساب جياز يخضع لمقانون‬
‫األجنبي الحصول عمى اعتماد " ‪ ،‬ولم تفصل المادة في الكيفيات والشروط واإلجراءات الواجب‬
‫اتباعيا لمحصول عمى ىذا االعتماد بل أكتفت في الفقرة الثانية منيا إلى إحالة كل ذلك إلى التنظيم‬
‫‪.15‬‬

‫‪30‬‬
‫أنظر المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بالنشاط السمعً البصري ‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫أنظر المواد ‪ 41‬إلى ‪ 46‬من القانون رقم ‪ 04-14‬المتعلق بالنشاط السمعً البصري ‪ ،‬والتً تحدد بعض الشروط األخرى الستعمال الرخصة‬
‫والمتعلقة برأس المال وتغٌٌره ونسب الحصص الممكن امتالكها ‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أنظر الفقرة الثانٌة من المادة ‪ 01‬من القانون العضوي رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫إن تحديد كيفيات تطبيق المادة ‪ 51‬من القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم‬
‫تقتضي منا الرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-51‬المحدد لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين‬
‫يمارسون المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي ‪ ،11‬والذي حدد الشروط والكيفيات واإلجراءات‬
‫المتعمقة بالحصول عمى االعتماد لممارسة مينة مراسل إلحدى الييئات األجنبية وقد اشترطت‬
‫المادة ‪ 50‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-51‬المحدد لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون‬
‫المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي خضوع نشاطيم الممارس في الجزائر إلى اعتماد تسممو‬
‫الو ازرة المكمفة باالتصال بعد أخذ رأي السمطات المعنية ‪ ،‬وقد َّ‬
‫ميز المرسوم بين الصحفيين ذوي‬
‫الجنسية األجنبية وبين الصحفيين من الجنسية الجزائرية ‪ ،‬أما الصحفيين األجانب فتسميم االعتماد‬
‫ليم يكون بناء عمى ممف يحتوي عمى الوثائق التالية ‪ ( :‬استمارة يمألىا المعني تسمميا الممثميات‬
‫الدبموماسية أو القنصمية الجزائرية – طمب صادر عن الييئة المستخدمة لمصحفي – صورة من‬
‫الم َم َّ‬
‫ثمية‬ ‫البطاقة المينية لمصحفي – صورتان شمسيتان ) ‪ ،‬ويتم إيداع طمب االعتماد لدى ُ‬
‫الدبموماسية أو القنصمية الجزائرية في البمد الذي يوجد بو مقر الييئة المستخدمة ‪ ،‬واذا كان‬
‫االعتماد يتعمق بصفة مراسل دائم فعالوة عمى الشروط المذكور سابقا تضاف إلييا أيضا شرطي‬
‫اإلقامة بالجزائر وتوفر مكتب يمثل الجياز اإلعالمي األجنبي الذي يطمب الحصول عمى االعتماد‬
‫لحسابو ‪.11‬‬

‫أما الصحفيين الجزائريين فقد اشترطت المادة ‪ 53‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪111-51‬‬
‫المحدد لكيفيات ا عتماد الصحفيين الذين يمارسون المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي تقديم‬
‫ممف يحتوي عمى استمارة يمألىا المعني تسمميا مصالح الو ازرة المكمفة باالتصال – طمب من‬
‫الييئة المستخدمة لمصحفي – صورة من البطاقة المينية لمصحفي – صورتان شمسيتان –مستخرج‬
‫من صحيفة السوابق القضائية ‪ ،‬وفي حال كان طمب االعتماد يتعمق بصفة مراسل دائم أو محققين‬
‫لنشريو دورية أو وكالة أنباء أو مصمحة اتصال سمعية بصرية خاضعة لقانون أجنبي اشترط‬
‫المرسوم شروطا إضافية تتمثل في اإلقامة بصفة دائمة في الجزائر – الحصول عمى الموافقة من‬
‫‪41‬‬
‫المرسوم التنفٌذي رقم ‪ 211-04‬المؤرخ فً ‪ٌ 22‬ولٌو ‪ 2004‬المحدد لكٌفٌات اعتماد الصحفٌٌن الذٌن ٌمارسون المهنة لحساب هٌئة تخضع‬
‫لقانون أجنبً ‪ ،‬جرٌدة رسمٌة رقم ‪ 42‬الصادرة بتارٌخ ‪ٌ 20 :‬ولٌو ‪. 2004‬‬
‫‪42‬‬
‫أنظر المواد ‪ 05-04-03‬من المرسوم التنفٌذي رقم ‪ 211-04‬المحدد لكٌفٌات اعتماد الصحفٌٌن الذٌن ٌمارسون المهنة لحساب هٌئة تخضع‬
‫لقانون أجنبً ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الييئة المستخدمة بالنسبة لمصحفيين الذين يمارسون المينة في أجيزة إعالمية عمومية – وأن ال‬
‫‪10‬‬
‫يكون قد تعرض إلى عقوبة جنائية أو جنحة تمس بأمن بالدولة‬

‫لقد حدد المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-51‬المحدد لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون‬
‫المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي مدة االعتماد باثني عشر (‪ )11‬شي ار قابمة لمتجديد‬
‫بالنسبة لمصحفيين الذين يمارسون المينة بصفة مراسمين دائمين ‪ ،‬وسبعة (‪ )54‬أيام قابمة لمتجديد‬
‫بالنسبة لمذين يمارسون المينة بصفة مبعوثين خاصين ‪ ،‬وتسمم ليم بطاقة االعتماد من الو ازرة‬
‫المكمفة باالتصال التي تخوليم ممارسة النشاط الصحفي في الجزائر ويتم إرجاعيا عند نياية‬
‫الميمة أو عند سحبيا بسبب خرق القوانين ‪ ،‬كما حدد المرسوم واجبات تقع عمى عاتقيم تتمثل في‬
‫عدم إمكانية عمميم لحساب أكثر من جياز إعالمي أجنبي واحد كما يجب عمييم إمضاء مقاالتيم‬
‫باالسم الوارد في بطاقة االعتماد باإلضافة إلى ضرورة إخطار الو ازرة المكمفة باالتصال مسبقا بكل‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫توظيف لمغير سواء بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة‬

‫ما يمكن مالحظتو عمى أحكام المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-51‬المحدد لكيفيات اعتماد‬
‫الصحفيين الذين يمارسون المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي أنو شدد في بعض المواضع‬
‫المتعمقة بحرية الصحفيين وان كان األمر منطقي فيو يتعمق بعمل الصحفي لحساب جياز إعالمي‬
‫أجنبي األمر الذي يجب أخذ معو الحيطة والحذر لكن دون إفراط ‪ ،‬ومن بين النقاط التي ضيق‬
‫فييا المرسوم عمى حرية الصحفيين اشتراطو صحيفة السوابق العدلية لمصحفيين الجزائريين دون‬
‫األجانب تمييز ال مبرر لو ‪ ،‬والعمل لحساب جياز إعالمي أجنبي واحد يؤثر أيضا عمى حرية‬
‫الصحفيين ويقمص من حجم األخبار ‪ ،‬لكن نأمل أن تتم مراجعة المرسوم التنفيذي رقم ‪111-51‬‬
‫المحدد لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المينة لحساب ىيئة تخضع لقانون أجنبي كي‬
‫يصبح يتماشى مع القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم كون المرسوم يرتكز في‬

‫‪43‬‬
‫أنظر المادتٌن ‪-02-06‬من المرسوم التنفٌذي رقم ‪ 211-04‬المحدد لكٌفٌات اعتماد الصحفٌٌن الذٌن ٌمارسون المهنة لحساب هٌئة تخضع‬
‫لقانون أجنبً ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫أنظر المواد من ‪ 00‬إلى ‪ 13‬من المرسوم التنفٌذي رقم ‪ 211-04‬المحدد لكٌفٌات اعتماد الصحفٌٌن الذٌن ٌمارسون المهنة لحساب هٌئة‬
‫تخضع لقانون أجنبً ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫التأشيرات عمى القانون رقم ‪ 54-65‬وبالخصوص عمى المادة ‪ 01‬منو ومعموم أن ىذا القانون قد‬
‫تم إلغائو بموجب القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم مما يستدعي إعادة النظر في‬
‫المرسوم وتضمينو كل مبادئ وأىداف القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم ‪.‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫دور حرية التعبير حماية مبدأ الشرعية أدى إلى إظيار دورىا الجديد الذي أدى إلى عقمنة‬
‫ممارسة ىذه الحرية ‪ ،‬وحرية التعبير ليست بالحرية الجديدة عمى المنظومة الدستورية الجزائرية بل‬
‫قد وجدت في أول دستور وتم التنصيص عميو ضمن المبادئ الراسخة في وجدان األمة وأخذ‬
‫يتطور من خالل جممة القوانين التي نظمت ممارسة ىذه الحرية ‪.‬‬

‫فنجد أن القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم والذي توج مسار اإلصالحات‬
‫السياسية والقانونية في ىذا الجانب قد حمل الكثير من األمور االيجابية لممارسة ىذه الحرية فيو‬
‫بتحديده لحقوق وواجبات الصحفي وأىميا الحق في الحصول عمى المعمومة يكون قد رسم معالم‬
‫ممارسة ىذا الحق لإلعالمي ولممواطن ‪ ،‬كما أن االستقاللية التي ينشدىا قطاع اإلعالم منذ أمد قد‬
‫ترجمت من خالل سمطتين لمضبط موكل ليما ميام ضبط قطاع الصحافة المكتوبة وقطاع النشاط‬
‫السمعي البصري ‪ ،‬كل ىذا باإلضافة إلى جممة من العناصر األخرى زادت في قدرة اإلعالم وقوتو‬
‫عمى نحو أصبح معو قاد ار عمى أن يحقق الحماية الفعالة لمبدأ الشرعية من خالل إلزام كل‬
‫السمطات في الدولة لسمطان القانون وتمتزم بو خوفا من فضح تجاوزاتيا أمام الشعب الذي ال محالة‬
‫سوف يقف في وجييا ويطالب برحيميا ‪.‬‬

‫واإلعالم يعاني ىو اآلخر جممة من العوائق أدت إلى إضعاف دوره والتقميص من حجمو‬
‫مما أثر سمبا عمى حماية مبدأ الشرعية ‪ ،‬وأىم ىذه المعوقات ودائما ىي السمطات التي تممكيا‬
‫اإلدارة في مواجية ممارسة حرية اإلعالم ‪ ،‬فيي تممك سمطات إدارية تنظيمية واسعة األمر الذي‬
‫أدى إلى التضييق في ممارسة حرية اإلعالم ‪ ،‬كما أن ىناك قيود إدارية متعمقة بالشفافية عمى‬
‫نوعييا اإلدارية والمالية وقيود تتعمق بالتعددية اإلعالمية ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كما أن من بين أىم المعوقات التي تقف في وجو الممارسة اإلعالمية الحقة والرصينة ىي‬
‫العقوبات بنوعييا اإلدارية والجزائية ‪ ،‬وان كان األمر منطقي وحتمي ألن لكل حرية حد وممارستيا‬
‫ال ينبغي بأي شكل من األشكال أن تتعدى ىذا الحد فتأتي العقوبات اإلدارية والجزائية لتشكل ىذا‬
‫الحد الذي يعني تجاوزه الخضوع لمجزاءات المقررة سمفا سواء كانت عقوبات إدارية أو جزائية ‪ ،‬إال‬
‫أن األمر يتطمب إقامة نوعا من التوازن بين الممارسة اإلعالمية والعقوبات المقررة ‪ ،‬وما يالحظ‬
‫أن القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم قد خالف كل القوانين التي سبقتو في مسالة‬
‫العقوبات الجزائية ‪ ،‬حيث ألغى كل عقوبات الحبس وىي ميزة تحسب لمقانون وتدعم عمل‬
‫اإلعالمي مما يتيح لو القدرة عمى العمل ‪ ،‬ومع ذلك تبقى مسالة الغرامات المالية الكبيرة سواء في‬
‫القانون العضوي رقم ‪ 52-11‬المتعمق باإلعالم أو القانون رقم ‪ 51-11‬المتعمق بالنشاط السمعي‬
‫البصري تطرح مشكل التخوف من المتابعات القضائية والعجز عن دفع ىذه الغرامات األمر الذي‬
‫يجعل اإلعالمي في تبعية دائمة لمدولة ‪.‬‬

‫‪27‬‬

You might also like