‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة الدكتور يحي فارس – المدية ‪-‬‬

‫كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية‬

‫القسم ‪:‬علوم إنسانية‬

‫الشعبة ‪:‬تاريخ‬

‫تحت عنوان‪:‬‬

‫‪-4‬‬ ‫مدينة المهدية بالمغرب األدنى (ق‬

‫‪6‬ه)الموافق ل ‪12-10:‬م‬

‫مذكرة مقدمة للحصول على شهادة الماستر في تخصص تاريخ الغرب االسالمي في العصر الوسيط‬

‫إشراف ‪:‬‬ ‫اعداد‪:‬‬

‫أ‪.‬د ‪/‬موسى هصام‬ ‫سمية زروال‬
‫سهام شريط‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫اسم ولقب االستاذ‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة المدية‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬توفيق مزاري عبد الصمد‬
‫مشرفا و مقررا‬ ‫جامعة المدية‬ ‫أ‪.‬د ‪/‬موسى هصام‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة المدية‬ ‫د‪ /‬حمزة حاجي‬
‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪0441‬ه‪0440-‬ه‪9102/‬م‪-‬م‪9191‬‬
 ‫شكر و عرفان ‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على افضل النبيئين محمد الصادق األمين عليو الصالة وافضل التسليم‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫اقرار بالفضل لذويو‪ ,‬فان الواجب يدفعنا الى ان نخص بالشكر بعد اهلل تعالى ألستاذنا المشرف‬

‫الدكتور موسى عصام الذي أعطانا الكثير ولم يبخل علينا في تقديم العون المعرفيي والمعنوي فكان‬

‫نعم االستاذ ونعم المشرف فجزاه اهلل خيرا وبارك لو في عملو وعمره‪.‬‬

‫الى كل من عملنا حرفا فصرنا نخط العبارات الى استاذة قسم التاريخ وأعضاء لجنة المناقشة‬

‫واخيرا كل ممن ساعدنا من قريب او بعيد في اعداد ىذا العمل ولو بكلمة طيبة‪.‬‬

‫أشكركم جميعا‪.‬‬
 ‫اهدي ثمزة عملي إلى الىبع الصافي والكنز الغالي والتي سعت جاهدة في تزبيتي‬
‫وتىجيهي أمي حفظك هللا‪.‬‬
‫إلى هىر دربي الذي لم ًبخل علي ًىميا بدعمه املادي واملعىىي ‪,‬أبي لك كل الاحترام‬
‫وأطال هللا في عمزك‪.‬‬
‫إلى من أعطىوي بدون ملابل واحبىوي بدون حدود إلى من ًجزي حبهم في عزوقي‬
‫‪,‬ألاخىة حميد‪ ,‬جياللي‪ ,‬حمشة‪ ,‬رتيبت ‪.‬رسيلت‪ ,‬حىان وسوجتي أخي حميدة إلى بزاعم‬
‫ألاسزة شيماء‪ ,‬رؤييا‪ ,‬أالء‪ ,‬أسماء‪ ,‬حسام‪ ,‬محمد‪ً ,‬ىسف‪ ,‬عبد الصمد‪,‬‬
‫إلى من تحلى الحياة بزفلتهم ‪,‬صدًلاتي سلمى فاًشة وسزين‪.‬‬
‫إلى من كاسمت التعب والشلاء وكاهت لي عىها في كل الصعاب سميلتي في البحث‬
‫سهام‪.‬‬

‫إلى كل من ساعدوي في البحث من كزيب أو بعيد‪.‬‬

 ‫الحمد هلل الذي أهار طزيلي وكان لي خير عىن ‪.‬‬
‫إلى اغلى ما أملك في هذه الدهيا الى من كان سبب الىجىد على هذه ألارض إلى من‬
‫وضعت الجىت تحت أكدامها‪ ,‬ارجىا كد أكىن هلت رضاها أمي أطال هللا في عمزها‪.‬‬
‫إلى من ادًن له بحياتي إلى من ساهدوي وكان شمعت تحترق لتض يء طزيلي ‪.‬إلى من‬
‫اكن لها مشاعز التلدًز والاحترام والعزفان أبي الغالي‬
‫الى من احبهم اخي محمد واخي اسالم وعمتي الغاليت التي كاهت امي الثاهيت‬
‫"شميست"‪.‬‬
‫الى من اسعى بزفلتهن صدًلاتي اللىاتي تلاسمت معهم الحلىة واملزة ‪.‬فاًشة‬
‫ووسزين وسلمى والى رفيلت دربي وعائلتها الكزيمت "سميت"‪.‬‬
 ‫قائمة المختصرات‬

‫العبارة‬ ‫الرمز‬
‫توفي‬ ‫ت‬
‫تحقيق‬ ‫تح‬
‫ترجمة‬ ‫تر‬
‫الجزء‬ ‫ج‬
‫دون طبع‬ ‫دط‬
‫دون بلد‬ ‫دب‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫طبعة‬ ‫ط‬
‫العدد‬ ‫ع‬
‫الميالدي‬ ‫م‬
‫الهجري‬ ‫ه‬
‫مجلد‬ ‫مج‬
‫مقدمة‬
 ‫مقدمة‬

‫ادلهدية مدينة ملكية و قلعة حصينة زلصورة يف نطاقها الضيق داخل أسوارىا ‪،‬وتعد من بني أىم ادلدن‬
‫اليت أنشأت يف تاريخ الغرب اإلسالمي حيث كان للمدينة تاريخ حافل منذ بداية تأسيسها يف زمن الفاطميني‬
‫الذين اختذوا منها مركزا حلكمهم‪ ،‬عندما أدرك الفاطميون ضرورة بناء مدينة خاصة هبم‪ ،‬حتظى بالوالء التام ذلم‬
‫واالبتعاد عن ادلناوئني ذلم‪.‬‬

‫والفاطميون كما نعرف أسرة شيعية ‪،‬قامت يف ادلغرب االدىن و األوسط حني أقبل دعاة االمساعلية على‬
‫نشر مذىبهم ‪،‬حىت أفلح عببيد اهلل أول اخللفاء الفاطميني ‪،‬يف القضاء على حكم االغالبة يف افريقية عام‬
‫‪296‬ه(‪909‬م)‪.‬مث استطاع أن يبسط نفوذه على بالد ادلغرب و اختذ مدينة ادلهدية ‪،‬مقرا حلكمو سنة‬
‫‪308‬ه(‪920‬م)‪،‬و ذالك دلوقعها اجلغرايف ادلميز فهي تطل على البحر من ثالث جهات جعلت من ادلدينة حصنا‬
‫منيعا قادرا على التصدي للغزوات اخلارجية وجعلتها مركزا جتاريا ىاما حبوض البحر االبيض ادلتوسط فقد اكتسبت‬
‫الدولة الفاطمية ‪،‬أيام عبيد اهلل ادلهدي وابنو القائم بأمر اهلل ‪،‬مركزا ىاما بني دول البحر ادلتوسط ‪.‬‬

‫ويف حقيقة األمر فإننا إذا ما تتبعنا تاريخ مدينة ادلهدية فإننا سنجده حافال باألحداث السياسية‬
‫والعسكرية‪ ،‬وشاىدا على أحداث مهمة يف تاريخ ادلغرب السالمي‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫ىناك أسباب موضوعية وذاتية دفعتنا الختيار ادلوضوع‪:‬‬

‫‪ -‬األسباب الموضوعية‬

‫األمر الذي دفعنا إىل البحث يف ىذا ادلوضوع إزالة اإلهبام والغموض عنو وتقدًن معلومات أوفر‪ ،‬و البحث يف‬
‫جوانب غامضة من تاريخ ادلدينةمل حتظ باىتمام الباحثني‪.‬‬

‫فمدينة ادلهدية على الرغم من أهنا من أىم مدن بالد ادلغرب إىل جانب مدينة القريوان وجباية (الناصرية‬
‫)و قلعة بين محاد و فاس‪ ،‬إال أهنا مل حتظ بالشهرة الكافية كبقية ادلدن اليت ذكرت‪.‬‬

‫‪ -‬األسباب الذاتية‪:‬‬

‫رغبتنا يف التعرف على مدينة ادلهدية اليت استطاع بواسطتها الفاطميون تثبيت أقدامهم يف بالد ادلغرب‪،‬‬
‫فكانت حاضرة ىامة يف تارخيهم بادلنطقة الذي دام أكثر من قرن من الزمن‪.‬‬

‫‌ب‬
 ‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تناولنا موضوع مدينة ادلهدية بادلغرب األدىن من القرن( ‪6-4‬ه)‪12-10(/‬م )وىو من ادلواضيع اذلامة‪،‬‬
‫اليت أردنا من خالذلا تسليط الضوء على مجلة االحداث والوقائع التارخيية للمدينة ‪،‬و القوى ادلختلفة اليت تعاقبت‬
‫على حكمها و التوقف عند أىم ادلنعطفات اليت مرت هبا ادلدينة ‪.‬‬

‫االشكالية ‪:‬‬

‫'' ما أهمية مدينة المهدية في حياة الفاطميين ‪،‬و ما مدى تأثيرها السياسي والحضاري ؟''‬

‫ولالجابة عن ىذه اإلشكالية طرحنا التساؤالت التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬ما ظروف تأسيس مدينة ادلهدية؟‬

‫‪ ‬وفيما دتثلت أدوار مدينة ادلهدية؟‬
‫‪ ‬وما ىي أبرز ادلظاىر احلضارية يف ادلدينة و أحوازىا ؟‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫فيما خيص الدراسات السابقة وما توصلنا اليو من مجع و حصر للبيبيوغرافيا مل صلد دراسات متخصصة‬
‫يف تاريخ ادلدينة اال ما وقفنا عليو من نصوص متناثرة يف سلتلف ادلصادر و كذا ما وقفنا عليو يف بعض الدراسات‬
‫احلديثة منها على سبيل ادلثال كتاب تاريخ ادلغرب يف العصر اإلسالمي لصاحبو عبد احلميد حسني محودة ‪،‬و كذا‬
‫كتاب تاريخ ادلغرب العريب‬

‫المنهج‪ :‬لقد اعتمدنا يف ىذه الدراسة على‪:‬‬

‫ادلنهج الوصفي‪ ،‬الذي يعتمد على عرض األحداث ومتابعة التحوالت‪ ،‬وعلى ربطها زمانيا ومكانيا‬
‫وترتيبها حسب األمهيةمن أجل الوصول اىل تفسريات منطقية ذلا دالئل و براىني و احلصول على أىم ادلعلومات‬
‫اليت يصعب احلصول عليها من مناىج البحث األخرى معتمدين على خطة تتكون من‪:‬‬

‫مقدمة‪ :‬احتوت على دتهيد للموضوع وأسباب اختياره ‪ ،‬باإلضافة إىل أمهية الدراسة واإلشكالية‪.‬‬

‫تضمنت اخلطة أيضا ثالث مباحث يندرج حتت كل مبحث ثالثة عناصر ‪،‬ادلبحث األول بعنوان مدينة‬
‫ادلهدية وظروف تأسيسها ‪.‬‬

‫‌ج‬
 ‫‪ ‬ادلوقع اجلغرايف‪.‬‬
‫‪ ‬التسمية‪.‬‬
‫‪ ‬النشأة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أدوار مدينة المهدية‬

‫‪ ‬سياسيا وعسكريا‪.‬‬
‫‪ ‬اقتصاديا و اجتماعيا ‪.‬‬
‫‪ ‬دينياوثقافيا‪.‬‬

‫أما المبحث الثالث‪ :‬فجاء بعنوان المظاهر الحضارية لمدينة المهديةو قسمناه الى العناصصر التالية‬

‫‪ ‬ادلرافق السياسية والعسكرية‪.‬‬

‫‪ ‬ادلرافق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬ادلرافق الدينية‪.‬‬

‫الخاتمة‪ :‬ضمناىا مبجموع االستنتاجات ادلتوصل يف البحث‪.‬‬

‫كما ذيلنا ادلذكرة مبجموعة من ادلالحق اضافة اىل قائمة ادلصادر و ادلراجع ‪.‬‬

‫تقيم ادلصادر و ادلراجع ‪:‬‬

‫كتب التاريخ العام ‪:‬‬

‫ابن عذارى ادلراكشي ‪،‬البيان ادلغرب يف أخبار ادلغرب (ت بعد ‪712‬ه‪1321/‬م) وأفادنا يف التعرف‬
‫على اخللفاء الفاطميني و فًتة حكم كل خليفة ‪،‬و اىم األحداث اليت وقعت يف فًتة حكم كل خليفة ‪.‬‬

‫ابن خلدون‪،‬ديوان ادلبتدأ و اخلرب يف تاريخ العرب و الرببر و من عاصرىم من ذوي الشأن األكرب‬
‫(ت‪808‬ه‪1405/‬ه)يعد مصدرا ثريا ‪،‬حيث حتدث يف جزئو الرابع عن مدينة ادلهدية و فصل يف اجلانب‬
‫السياسي للمدينة كما حتدث عن خلفائها‪.‬‬

‫‌د‬
 ‫الكتب الجغرافية التاريخية و الرحلة ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلدريسي‪،‬نزىة ادلشتاق يف اخًتاق اآلفاق (ت‪547‬ه‪1159/‬م)يشمل كتابو معلومات ىامة يف‬

‫اجلغرافيا فهو يتحدث عن ادلدن والقرى واالمصار ‪،‬فقد استفدنا منو يف التعرف على ادلدينة من حيث‬
‫موقعها ومرافقها باإلضافة اجلانب االقتصادي ‪.‬‬
‫‪ ‬احلموي‪ ،‬معجم البلدان (ت‪626‬ه ‪1228/‬م) مصدر مهم يف جغرافية العامل اإلسالمي‪ ،‬فقد حتدث يف‬
‫جزئو اخلامس عن مدينة ادلهدية‪.‬‬
‫‪ ‬التجاين ‪،‬رحلة التجاين (ت ‪721‬ه) تعد من اىم الرحالت فقد فادتنا ىذه الرحلة كثريا خاصة يف‬
‫اجلانب السياسي ‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫أما بالنسبة للمراجع فهي عديدة نذكر منها على سبيل ادلثال‪:‬‬

‫‪ ‬يوسف بن امحد حوالة ‪ ،‬احلياة العلمية يف افريقية (ادلغرب األدىن)منذ ادتام الفتح و حىت منتصف القرن‬
‫اخلامس اذلجري (‪450/95‬ه) مكننا ىذا الكتاب من االطالع على سلتلف اجلوانب الثقافية للخالفة‬
‫الفاطمية لبلد ادلغرب‪.‬‬
‫‪ ‬حسن حسين عبد الوىاب‪ ،‬خالصة تاريخ تونس أفادنا ىذا ادلرجع يف التعرف على ادلدينة وادلرافق‬
‫ادلوجودة فيها‪.‬‬

‫وقد واجهتنا عدة صعوبات‪ ،‬أثناء عملية البحث عن ادلادة التارخيية من بينها‪:‬‬

‫‪-1‬اختالف أراء ادلؤرخون حول تفاصيل لكثري من األحداث ‪(،‬من بينها تاريخ بناء ادلدينة وتاريخ وفاة اخللفاء‬
‫باإلضافة إىل مقتل أبو عبد اهلل الشيعي واخوه العباس ‪.)...‬فقد حاولنا جاىدين الوصول اىل احلقيقة‪ ،‬وذلك‬
‫باالعتماد على أسس علمية مبنية على التدقيق و التمحيص والًتجيح بني األقوال واألدلة اليت دتكننا من احلصول‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪-2‬باالضافة إىل عدم توفر الكتب ادلتخصصة يف الدراسات الثقافية للخالفة الفاطمية ببالد ادلغرب ‪.‬‬

‫‪-3‬كما صدفتنا مشكلة أخرى دتثلت يف صعوبة احلصول على الكتب الورقية شلا اضطرنا االعتماد كتب ‪pdf‬‬
‫وحبكم أننا مبتدئات يف رلال البحث ‪،‬وضعية جائحة كوفيد‪19‬اليت حالت دون االستفادة من سلتلف الكتب على‬
‫مستوى ادلكتبات اجلامعية و العمومية شلا توجب علينا التعامل مع ىذه اآللية االلكًتونية ‪.‬‬

‫‌ه‬
 ‫المبحث األول‪:‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف‬
‫التأسيس‬
‫موقع الجغرافي‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬التسمية‬
‫‪ -3‬نشأة المدينة‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬

‫يعترب إنشاء مدينة اظتهدية من أبرز اؾتازات الدكلة الفاطمية بإفريقية‪ ،‬كيأيت إنشاء ىذه اظتدينة يف إطار‬
‫ظاىرة عامة سادت أغلب الدكؿ الناشئة ببناء مدينة جديدة تتخذىا عاصمة عتا‪ ،‬كيبدأ اعمار اظتدينة باختيار‬
‫موقعها كحتديد موضعها‪ ،‬فقد قاـ عبيد اهلل اظتهدم بنفسو يف سنة ‪300‬ق‪913-912/‬ـ باختيار موقع يتميز‬
‫بضمانات أمنية مثالية فوقع اختياره على شبو جزيرة رتة (مابُت سوسة كصفاقس )‪،‬فاختيار اظتهدم للساحل يعٍت‬
‫أحد األمرين أكعتما‪:‬أف اظتهدم رأل أف تتوجو دكلتو كجهة حبرية ‪،‬دبعٌت االنفتاح على العامل اطتارجي فيما كراء‬
‫البحر (سواء من حيث العالقات االقتصادية ك اظتبادالت التجارية )‪،‬أك من حيث العالقات اضتربية حيث تصبح‬
‫الدكلة الفاطمية دكلة جهادية ‪.‬‬

‫‪ -1‬موقع الجغرافي ‪:‬‬

‫حُت أراد عبيد اهلل اظتهدم‪ 1‬أف يؤسس حضارة لدكلتو ‪،‬جاريا على عادة الدكؿ اإلسالمية يف العصور‬
‫الوسطى‪ ،‬فخرج سنة (‪300‬ق‪913 -912 /‬ـ)‪ ،‬يرتاد موضعا ‪2‬على الشريط الساحلي يف اظتنطقة اليت بنيت فيو‬
‫اظتدينة ‪ ،3‬فوقع اختياره على مكاف يبعد ستُت ميال جنو ي القَتكاف‪5،4‬جزيرة رتة‪6،‬على ساحل البحر اظتتوسط فوؽ‬
‫‪7‬‬
‫كتلة صخرية‬

‫‪1‬عبد اهلل اظتهدين اظتلقب باظتهدم‪ ،‬أبو ػتمد‪ ،‬قاؿ الرازم "اختلف الناس يف نسب عبد اهلل فيقاؿ قوـ‪ :‬ىو عبد اهلل بن ػتمد بن ػتمد بن عبد الرزتاف‬
‫بن البصرم من مدينة سلمية كزعم ىو أف عبد اهلل بن ػتمد بن إشتاعيل بن جعفر بن ػتمد بن علي بن اضتسن بن علي بن أ ي طالب كقاؿ أبو بكر بن‬
‫الطيب الباقالين كذكر عبيد اهلل بنيو ىم أدعياء أدىم بنو عبيد اهلل بن ميموف القداح ادعوا إىل علي بن أ ي طالب‪ ،‬أنظر‪ :‬عبد اهلل ػتمد بن عبد اهلل بن‬
‫أ ي بكر القضاعي‪ ،‬ابن اآلبار ‪،‬الحلة السبراء‪ ،‬تح حسن مؤنس‪ ،‬ج‪،1‬دار اظتعارؼ مصر‪ ،‬ط‪ ،1985 ،2‬ص ‪.191-190‬‬
‫أنظر اظتلحق رقم ‪-2 .02‬‬
‫‪3‬عبد اضتميد حسُت زتودة ‪ ،‬تاريخ المغرب في العصر االسالمي منذ الفتح االسالمي و حتى قيام الدولة الفاطمية ‪،‬دار الثقافة لنشر ‪،‬مصر‬
‫‪،‬ط‪1،1428‬ق ‪2007/‬ـ ‪،‬ص‪.392‬‬
‫‪ 4‬القَتكاف‪ :‬ىي قاعدة البالد اإلفريقية‪ ،‬كأـ مدائنها‪،‬عدت أعظم مدف اظتغرب ‪ ،‬كأكثرىا بشرا‪ ،‬كأيسرىا أمواال‪ ،‬ككاف ابو عبد اهلل الشيعي يقوؿ‪ :‬رأيت‬
‫بإفريقية شيئُت ما رأت مثلهما يف اظتشرؽ الذم بباب تونس من القَتكاف‪ ،‬يعٍت ىذا الساحل الكبَت‪ ،‬كالقصر الذم برقادة اظتعركؼ بقصر البحر‪،‬أنظر‪:‬‬
‫ػتمد بن عبد اظتنعم‪،‬اضتمَتم ‪ ،‬الروض المعطار في خبر االقطار ‪ ،‬تح ‪،‬إحساف عباس ‪ ،‬مكتبة لبناف‪،‬لبناف ‪،‬ط‪ ،1984 ، 2‬ص ‪.487-486‬‬
‫‪5‬ػتمد رتاؿ الدين سركر‪ ،‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ ،‬دار الفكر العر ي‪ ،‬مصر‪ ،1995،‬ص ‪.28‬‬
‫‪6‬شهاب الدين أزتد بن عبد الوىاب النويرم‪،‬نهاية األرب في فنون االدب ‪ ،‬تح‪ :‬ؾتيب مصطفى فواز‪ ،‬كحكمت كشلي فواز‪ ،‬ج ‪ ،28‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بَتكت ‪،‬ط‪1434 ،1‬ق‪2004 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫حسن بن ػتمد الوزاف الفاسي ‪(،‬اظتعرككؼ بليوف االفريقي)‪،‬وصف افريقيا ‪،‬تر ػتمد حجي كػتمد األخضر‪،‬ج‪،،2‬دار الغرب االسالمي ‪،‬لبناف‬ ‫‪7‬‬

‫ط‪،2،1983‬ص ‪.85‬‬
‫‪6‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫يف ؿتر البحر ‪1‬مابُت سوسة ك صفاقس‪ 2‬ك البحر أحاط هبا من رتيع اصتهات ‪،‬اال من اصتانب الغر ي‪ 3‬ك‬
‫موضعها حيث طوؿ اربع ك ثالثوف درجة ك أربعوف دقيقة ‪،‬ك العرض اثنتاف كثالثوف درجة‪، 4‬ك كاف ىذا اظتوقع‬
‫‪5‬‬
‫ػتط اععجاب جغرايف ظتا يتميز بو من حصانة‪.‬‬

‫اذ عزـ اظتهدم على بناء اظتدينة اليت اختذىا فيما بعد عاصمة لدكلتو الفتية ك معصما ألىل بيتو‪ ،‬كلتكى‬
‫عنو أنو قاؿ‪'' :‬بنيتها لتعتصم فيها الفواطم ساعة من هنار''‪6،‬كىي جزيرة متصلة بالرب كهيئة كف متصل بزند‬
‫كجعلها دار ملكو‪ 7،‬ككاف ابتداء بناىا يف بداية يوـ السبت طتمس خلوف من ذم القعدة سنة ثالث‬
‫‪303‬ق‪881/‬ـ ‪ ،‬فلما ارتفع السور أمر راميا بالقوس أف يرمي سهما إىل ناحية اظتغرب‪ ،8‬فرمى ‪،‬فانتهى إىل موضع‬
‫اظتصلى فقاؿ‪" :‬إىل ىذا اظتوضع يصل صاحب اضتمار يعٍت أبا يزيد اطتارجي''‪ ،9‬ألنو يركب زتارا فقالوا‪ :‬أف األمر‬
‫كاف كما قاؿ كأف أبا يزيد كصل إىل موضع السهم‪ ،‬ككقف ساعة مث رجع كمل يظهر مث أمر بعمارة مدينة أخرل إىل‬
‫جانب اظتهدية ‪،‬كجعل بُت اظتدينتُت طوؿ ميداف كأفردىا بسور كأبواب كشتاىا (زكيلة) ‪.‬‬
‫‪11 10‬‬

‫‪ 1‬ػتمود مقديش ‪،‬نزهة األنظار في عجائب التاوريخ و األخبار ‪،‬تح علي الزكادم ك ػتمد ػتفوظ ‪،‬دار الغرب االسالمي ‪،‬لبناف ‪،‬ط‪1‬‬
‫‪،1988،‬مج‪،1‬ص‪.112‬‬
‫‪2‬حسن حسٍت عبد الوىاب ‪،‬خالصة تاريخ تونس ‪،‬دار الكتب العربية الشرقية ‪،‬تونس‪،‬ط‪3،1373‬ق‪1951/‬ـ‪،‬ص‪80.‬‬
‫‪3‬غتهوؿ ‪،‬االستبصارفي عجائب االمصار ‪،‬تح سعد زغلوؿ عبد اضتميد‪،‬دار الشؤكف الثقافية العامة‪ ،‬العراؽ ‪(،‬د‪،‬س )‪،‬ص‪.117‬‬
‫‪4‬أ ي اضتسن علي بن موسى بن سعيداظتغر ي(اظتعركؼ بابن سعيد)‪ ،‬كتاب الجغرافيا ‪،‬تح اشتاعيل العر ي ‪،‬منشورات اظتكتب التجارم لللطباعة ك النشر‬
‫ك التوزيع ‪،‬لبناف‪،‬ط‪،1،1970‬ص‪).144‬‬
‫‪5‬عبد اضتميد حسُت زتودة ‪،‬نفسو ‪،‬ص‪.393‬‬
‫عبد الرزتاف ابن خلدكف ‪(،‬اظتعركؼ بابن خلدكف)‪ ،‬تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكبر‪ ،‬ج‪ ،4‬دار الفكر‪ ،‬بَتكت‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪1421‬ق‪2001 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪ 7‬ابن األثَت أ ي اضتسن علي بن أ ي الكرـ ػتمد بن ػتمد بن عبد الكرًن بن عبد الواحد الشيباين اظتعركؼ بابن أ ي األثَت اصتزرم اظتلقب بعز الدين‪،‬‬
‫الكامل في التاريخ‪،‬مج‪6‬ف تح‪ ،‬ػتمد يوسف الدقاؽ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪،‬ط‪1407 ،1‬ق‪1987 ،‬ـ ‪ ،‬ص‪.486‬‬
‫‪8‬تقي الدين بن ػتمد بن علي اظتقريزم ‪،‬اتعاظ الحنفا بأخبار األئمة الفاطميين الخلفاء‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.70‬‬
‫‪ 9‬أبو يزيد اطتارجي‪ :‬ىو ابو يزيد ؼتلد بن كداد اليفرين الزنايت ‪ ،‬ىو ؼتلد بن كداد بن سعد بن اهلل بن مغيث بن كرماف بن ؼتلد بن عثماف كرنتيث ابن‬
‫تيفراسن بن شتيدار بن يفرف ‪.‬أنظر ‪ :‬ابن عذارل اظتراكشي ‪ ،‬بيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب ‪ ،‬تح ج‪.‬س‪.‬كوالف ك إلفي بركفينسياؿ‬
‫‪،‬ج‪،1‬دار الثقافة بَتكت لبناف‪،‬ط‪ ،1983 ،3‬ص ‪.216‬‬
‫‪ 10‬زكيلة ‪ :‬مدينة كبَتة قدنتة أزلية يف صحراء ‪ ،‬كىي غتمع الرقاؽ كمنها مترج إىل بالد إفريقيا كغَتىا من البالد كبلد الزكيلة كثَت النخل كالثمار‪.‬‬
‫أنظر‪:‬غتهوؿ ‪ ،‬االستبصار‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪11‬القزكيٍت ( زكرياء بن ػتمد بن ػتمود )‪ ،‬أثار البالد وأخبار العباد ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بَتكت ‪ ،‬ص ‪.276‬‬
‫‪7‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كمل يتجاكزه كأمر اظتهدم بقياس مسافة ىذه الرمية ‪،‬ككانت مائتُت كثالثة كثالثُت ذراعا فقاؿ اظتهدم‪'':‬‬
‫‪1‬‬
‫ىذا منتهي ما تقيم اظتهدية يف أيدينا من السنُت''‪.‬‬

‫كاف عبيد اهلل اظتهدم أثناء ارتياده لساحل البالد انطالقا من مدينة تونس‪ ،‬ككصوال إىل اظتوقع الذم‬
‫اختاره إلقامة عاصمة جديدة‪ ،‬متضع لعدة أسباب كدكافع عتا عالقة بضماف األمن‪ ،‬كإقامة عاصمة جديدة تطمئن‬
‫فيها األسرة‪ ،‬كتستقر بفضلها أركاف الدكلة‪ ،‬كتكوف رمزا لعصر سيادة العادلة كالفضيلة‪ ،‬ككناية عن طبيعة النظاـ‬
‫اصتديد الذم يعرب عن اسم اظتدينة كىو اظتهدية نسبة إىل اإلماـ اظتهدم عبيد اهلل‪.‬‬

‫‪ 1‬ػتمد عبد اهلل بن ػتمد بن أزتد التجاين ‪،‬رحلة التيجاني ‪،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬تونس‪ ،1989،‬ص ‪.322-320‬‬
‫‪8‬‬
 ‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬

‫‪ -2‬التسمية‬

‫‪-1‬أسباب اختيار المهدية ‪:‬‬

‫كتدر بالذكر أف عبيد اهلل اعتدم مل لتبذ فكرة اإلقامة يف رقادة عاصمة األغالبة سابقا كالقَتكاف ‪ ،‬إذ كانتا‬
‫ال تصلحاف حسبو لتحقيق األغراض السياسية كالعسكرية كاظتذىبية اظتنشودة ألهنا كانت تزخر بالسنيُت كبقايا‬
‫‪1‬‬
‫أنصار األغالبة اظتعاديُت لو ك لدكلتو‪.‬‬

‫لذلك تطلع لبناء عاصمة مفتوحة على البحر حىت تكوف قاعدة لتنظيم زتالتو لالستالء على مصر كبال‬
‫اظتغرب كاألندلس‪ 2‬قصد التحصُت هبا على أىل بنيو كمنها ما أشارت إليو كتابات مؤرخيهم من قرب ظهور أبو‬
‫يزيد اطتارجي كثورتو عليهم كعيثو يف ملكهم ‪ 3‬كمن أجل ذلك بٌت اظتهدية كحصنها كاستقر هبا كىو يقوؿ‪'':‬كل‬
‫ذلك إفتا أعددناه ظتقاـ ساعة من النهار ككاف يقصد بذلك ظهور الدجاؿ ؼتلد بن كيداد'' ‪ 4‬كيضيف البكرم‬
‫‪5‬‬
‫سبب آخر دتثل يف احتياط اظتهدم من الكتاميُت الذين سعوا طتلعو بسبب قتلو ال ي عبد اهلل الشيعي ‪.‬‬

‫‪-2‬التسمية ‪:‬‬

‫كرد ذكر اسم احملمدية يف اظتصادر العربية نسبة اىل عبيد اهلل اظتهدم ‪ 6‬كىي مدينة بافريقية بقرب القَتكاف‬
‫‪10‬‬
‫‪7‬حسنة حصينة ‪8‬جليال قدرىا شهَت يف قواعد االسالـ ‪9‬ػتدثة على ساحل افريقية كاف يقاؿ لتلك الناحية رتة‬

‫‪ -1‬حسن ابراىيم ‪ ،‬طو شرؼ ‪ ،‬اظترجع السابق ‪،‬ص ‪.204‬‬

‫‪ -2‬عبد العزيز سامل تاريخ ‪ ،‬المغرب في العصر االسالمي ‪ ،‬مؤسسة شباب اصتامعة االسكندرية ‪،‬مصر ‪ ،2011 ،‬ص ‪.518‬‬
‫‪ -3‬ابن اآلبار ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ج‪،1‬ص‪.192‬‬
‫‪ -4‬القاضي النعاف بن ػتمد ‪ ،‬المجالس والمسايرات ‪ ،‬تح اضتبيب الفقي كآخركف ‪ ،‬دار اظتنتظر بَتكت ‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪1996،1‬ـ‪ ،‬ص‪.542‬‬
‫‪ -5‬أ ي عبيدعبد اهلل بن عبد العزيز بن ػتمد البكرم ‪ ،‬المسالك و الممالك ‪،‬تح رتاؿ طلبة ‪،‬ج‪،2‬دار الكتب العلمية ‪،‬لبناف ‪،‬ط‪1،1424‬ق‪2003/‬ـ‬
‫‪،‬ص‪.203‬‬
‫‪-6‬حسُت زتودة ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫‪ -7‬القزكيٍت ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ -8‬سراج الدين بن الوردم ‪ ،‬خريدة العجائب وفريدة الغرائب ‪ ،‬تح ‪ ،‬أنور ػتمود زنايت ‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية ‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،2007، 1‬ص‪.55‬‬
‫‪ -9‬التيجاين ‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪ .320‬أنظر ‪ :‬حسن حسٍت عبد الوىاب ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪ -10‬اضتمَتم ‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.561‬‬
‫‪9‬‬
 ‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫‪ -‬استحدثها اظتهدم عبيد اهلل كشتاىا هبذا االسم‪ 1‬بناىا كجعلها حاضرة‪ 2‬ككرسي ؽتلكة إفريقية‪.3‬‬

‫كؽتا لفت انتباىنا ك ما كقفنا عليو من نصوص ترتبط بعملية التاسيس تركيزىا على االساطَت اليت ال‬
‫تدخل ضمن الكتابات التارمتية ؽتاذكره أبو عبد اهلل بن حبوس الفاسي يف سيدنا اطتليفة اإلماـ األكؿ أمَت اظتؤمنُت‬
‫رضي اهلل عنهم ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬

‫لكنك األسد اضتامي األطافَت (‪)4‬‬ ‫بطالع األسد اختط البناء هبا‬

‫ك ىنا يشَت حسن إبراىيم حسن أف تسمية اظتهدية مل تنسب إىل عبيد اهلل اظتهدم كحده بل أهنا مدينة‬
‫‪5‬‬
‫األئمة‪ ،‬الفاطميُت اظتهديُت ك اظتهتدين‬

‫تاريخ التأسيس (البناء )‪:‬‬

‫اختلف اظتؤرخوف يف السنة اليت كضع فيها عبيد اهلل اظتهدم أساس مدينتو فَتل البكرم (ت‪ )487‬أف‬
‫‪7‬‬
‫البناء قد مت سنة ثالذتائة ككمل سورىا سنة ذتاف يف شواؿ‪ ، 6‬كيتفق يف ىذا الرأم كل من اضتمَتم (ت‪900‬ق)‬

‫كالنويرم (ت‪733‬ـ)‪ ،8‬كالقزكيٍت (ت ‪682‬ق)‪ ،9‬أما ابن األثَت (ت‪630‬ىػ) فَتل أف الشركع يف بناءىا‬
‫كاف يوـ السبت طتمس خلوف من ذم القعدة سنة ثالث كثالذتائية‪،10‬كيتفق معو كل من أبو الفداء‬

‫‪ -1‬أ ي عبد اهلل ػتمد بن ػتمد بن عبد اهلل بن ادريس اضتمدم اضتسيٍت (االدريسي) ‪،‬نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق ‪،‬مكتبة الثقافة الدينية ‪،‬مصر‬
‫‪ 1422‬ىػ ‪2002‬ـ ‪ ،‬مج‪ 1‬ص‪ :281‬أنظر اضتمَتم اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪ .541‬أنظر ‪ :‬االصطخرم اظتعركؼ بالكرخي ‪ ،‬المسالك والممالك ‪،‬‬
‫دار صادر ‪ ،‬لبناف ‪(،‬د‪،‬ط)‪ ، 1927،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -2‬أ ي سعيد ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص‪.144‬‬
‫‪ -3‬عماد الدين اشتاعيل بن ػتمد بن عمر ‪(،‬اظتعركؼ بأ ي الفداء )‪،‬تقويم البلدان ػ‪،‬دار صادر ‪،‬لبناف ‪ ،1830،‬ص‪135‬؛ أنظر‪ :‬بن سباىي زاده ػتمد‬
‫بن علي الربكسوم‪ ،‬أوضح المسالك الى معرفة البلدان‪،‬تح اظتهدم عبد اهلل ركاخية‪،‬دار الغرب االسالمي‪،‬لبناف ط‪1424، 1‬ق‪2006/‬ـ‪،‬ص‪.613‬‬
‫‪ -4‬أ ي عبد اهلل ػتمد بن علي بن زتاد‪ ،‬أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم‪ ،‬تح التهامي نقرة‪ ،‬عبد اضتليم عويسي‪ ،‬دار الصحوة للنشر‪ ،‬القاىرة ؛ د‪،‬س‪ ،‬د‪،‬ط ‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ 5‬حسن ابراىيم حسن ‪،‬طو شرؼ ‪ ،‬عبيد اهلل المهدي امام الشيعة االسماعيلية و مؤنس الدولة الفاطمية في بالد المغرب ‪،‬مكتبة النهضة اظتصرية‬
‫‪،‬مصر‪(،‬د‪،‬ط‪،‬د‪،‬س)‪،‬ص‪.208‬‬
‫‪ -6‬البكرم ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.203‬‬
‫‪ -7‬اضتمَتم ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪.54 ،‬‬
‫‪ -8‬النويرم ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ج‪،28‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -9‬القزكيٍت ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ 10‬ابن األثَت ‪ ،‬اظتصدرالسابق ‪،‬ج‪ ، 6‬ص‪.489‬‬
‫‪10‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫(ت‪732‬ىػ)‪،1‬كابن اآلبار(ت‪658‬ىػ)‪،2‬كالربكسوم(ت‪997‬ىػ)‪،3‬كاظتقريزم(ت‪845‬ىػ)‪4‬كالتيجاين (ت‪721‬ق)‬
‫كاضتموم (ت‪621‬ـ)‪ ،6‬ك القلقشندم (ت‪821‬ـ)‪ 7‬كسعد زغلوؿ الذم يرل أف عملية البناء قد دتت حتت‬
‫إشراؼ اظتهدم نفسو كىذا ما يسفر عظمة البناء كحسن تنفيذه ‪. 8‬‬

‫كلكننا نرجح ركاية البكرم الذم يرل أف تاريخ بناء اظتهدية كاف سنة ثالث مئة ككمل سورىا سنة ستس‬
‫‪،‬كانتقل اليها سنة ذتاف ىي األقرب اىل الصواب ‪،‬كالدقة‪،‬لكوهنا أقدمهما ‪ ،‬إال أنو يوضح التسلسل الزمٍت الذم‬
‫استغرقتو عملية البناء كالتشييد بدءا من الشركع يف البناء ‪ ،‬مث استكماؿ السور ‪ ،‬كىي مدة زمنية كافية الستكماؿ‬
‫مرافق اظتدنية ‪.‬‬

‫أما عبد اضتكيم العفيفي ‪ ،‬فَتل أف تاريخ بناءىا كاف سنة ‪304‬ىػ‪918 /‬ـ ‪ 9‬فحُت يرل حسُت مؤنس‬
‫أف بناء اظتهدية كاف يف سنة ‪ 305‬ىػ ‪ 917 /‬ـ ‪ . 10‬كيتفق معو يف ىذا الرأم ػتمد رتاؿ دين سركر‪.11‬‬

‫أما ػتمد سهيل طقوش فَتل بأف البناء بدأ يف عاـ ‪ 306‬ىػ (‪913-912‬ـ) كانتهى يف عاـ (‪306‬ىػ‬
‫‪919-918/‬ـ ) ‪ ،‬كانتقل إليها مع أىلو كأموالو كذخائره كجنده عاـ ‪308‬ق‪920/‬ـ‪.12‬‬

‫على الرغم من اختال ؼ اظتصادر التارمتية على تاريخ بناء اظتهدية ‪ ،‬إال أهنا اتفقت على تاريخ انتقاؿ‬
‫‪13‬‬
‫اظتهدم إىل حاظرتو اصتديدة يف شواؿ سنة ‪308‬ق‪.‬‬

‫‪ -1‬أ ي الفداء ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ص‪.135‬‬

‫‪ -2‬ابن اآلبار ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ج‪،1‬ص‪.192‬‬
‫‪ -3‬ا لربكسوم ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.613‬‬
‫‪ -4‬ا ظتقريزم ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ج‪،1‬ص‪.70‬‬
‫‪ -5‬ا لتجاين ؛ اظتصدر السابق ‪ ،‬ص‪.321 .320‬‬
‫‪ -6‬شهاب الدين أ ي عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل اضتموم الركمي البغدادم( اظتعركؼ اضتموم )‪،‬معجم البلدان‪،‬ج‪، 5‬دار صادر ‪،‬لبناف‬
‫‪1397،‬ق‪1977/‬ـ‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪ - 7‬الشيخ أ ي العباس أزتد القلقشندم (القلشندم )‪ ،‬صبح االعشبي ‪،‬ج‪ ،5‬اظتطبعة االمَتية اظتعاصرة ‪(،‬د‪،‬ط)‪ 1333،‬ىػ‪1915/‬ـ) ‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ -8‬سعد زغلوؿ عبد اضتميد ‪ ،‬تاريخ المغرب العربي ‪ ،‬ج‪ ،3‬منشأة اظتعارؼ االسكندرية ‪ (،‬د‪،‬ط‪،‬د‪،‬س)‪،‬مصر‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ -9‬عبد اضتكيم العفيفي ‪ ،‬موسوعة ‪ 1111‬مدينة اسالمية ‪ ،‬اكراؽ شرقية ‪ ،‬لبناف ‪،‬ط‪1421، 1‬ق‪2000/‬ـ ‪ ،‬ص‪.473 -472‬‬
‫‪ -10‬حسُت مؤنس ‪ ،‬معالم تاريخ المغرب واالندلس ‪ ،‬دار الرشاد ‪ ،‬مصر‪1993،‬ـ‪،‬ص‪..147‬‬
‫‪ -11‬ػتمد رتاؿ سركر ‪ ،‬اظترجع السابق ‪،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -12‬ػتمد سهيل طقوش ‪ ،‬تاريخ الفاطميين في شمال افريقية ومصر وبالد الشام ‪292‬هـ ‪762 -‬هـ ‪ 911 /‬م – ‪ 1221‬م) ‪ ،‬دار النفائس ‪،‬‬
‫لبناف‪- ،‬ط‪3،1428‬ق‪2007/‬ـ ‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -13‬البكرم‪،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص‪ ،203‬أنظر ‪ :‬ابن عذارل ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ج‪،1‬ص ‪.184‬‬
‫‪11‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كيبدك أف عبيد اهلل اظتهدم كاف يفضل الرحيل اىل اظتهدية بعد استكماؿ مرافقها كافة كلكنو اضطر إىل‬
‫سرعة االنتقاؿ بسبب االمطار الغزيرة كامتدحو شعراء افريقية يف تلك اظتناسبة نذكر منو ‪.1‬‬

‫هبنك أيها اظتلك السهاـ‬ ‫قدكـ فيو للدىر ابتساـ‬

‫خططت الرحيل يف بلد كرًن‬ ‫راعتو بك اظتالئكة الكراـ‬

‫كعندما اكتمل البناء اظتهدية ‪ ،‬عرب عبيد اهلل اظتهدم عن غبطتو بقولو‪'' :‬اليوـ آمنت على الفاطميات يعٍت‬
‫بناتو ‪، ''2‬ىذا من جهة‪ ،‬يف حُت يرم سعد زغلوؿ أف ىذه اظتقولة ترمز اىل ما ىو ابعد من ذلك أم توطيد اركاف‬
‫الدكلة ك االطمئناف ك القدرة على مواجهة اطتصوـ يف الداخل اك يف اطتارج ( برا ك حبرا)‪ 3،‬كظتا رأل أف إعجاب‬
‫الناس كاف يقوؿ‪ :‬ىذا الساعة من هنار‪ ،‬ككاف كذلك ألف أبا يزيد كصل اىل موضع السهم ككقف فيو ساعة ‪،‬‬
‫كعاد كمل يظفر ‪.4‬‬

‫مساحة المهدية‪:‬‬

‫كاف اتساع اظتهدية يف أكؿ بنائها من اصتوؼ إىل القبلة قدر غلوة‪5‬سهم‪ ،‬فستصغرىا اظتهدم عند ذلك‬
‫فردـ من البحر مقدارىا‪ ،‬كأدخلو يف اظتدينة فاتسعت كاصتامع األعظم‪ 6‬اآلف كالدار اظتعركؼ يف القدًن بدار‬
‫‪7‬‬
‫احملاسبات من رتلة ما ردـ من البحر‪.‬‬

‫كابتٌت لسائر الناس مدينة أخرل تسمى زكيلة كىي احدل اظتهديتُت كبينهما قدر غلوة سهم كجعل‬
‫‪8‬‬
‫األسواؽ كالفنادؽ فيها‪ ،‬كأدار هبا فنادؽ متسعة تتجمع هبا مياه األمطار فكانت كالربض ظتدينة اظتهدية‪.‬‬

‫كعليو فقد بلغت مساحة اظتهدية بعد أف ردـ اظتهدم مقدار غلوة يف حبر حوايل ‪370‬ـ ىذا من جهة‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن عذارم ‪ ،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪، 1‬ص ‪.184‬‬

‫‪ - 2‬ياقوت اضتموم ‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص ‪.23‬أنظر ‪ :‬القزكيٍت ‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ - 3‬سعد زغلوؿ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ -4‬ابن األثَت‪ ، ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ج‪،6‬ص ‪.489‬‬
‫‪ -5‬الغلوة‪ :‬كحدة قياس مسافات قدنتة‪ ،‬مقياس يوناين األصل يبلغ (‪ 185‬مًتا)‪ .‬يعٍت ‪.370=2*185‬‬
‫أنظر‪،ar.m.wikipedia.ong. :‬ت‪،‬د ‪8‬مارس ‪ ،2020‬الساعة ‪ ،22:14‬ت‪،‬خ ‪.14:30‬‬
‫‪-‬أنظر الملحق رقم‪.90‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ -‬التيجاين‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪ .323‬أنظر‪ :‬البكرم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -8‬حسن حسٍت عبد الوىاب‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫‪12‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كمن جهة أخرل يرل ػتمد عبد الستار أف اظتهدية عبارة عن شبو جزيرة ساحلية ترتبط بأرض إفريقية‬
‫ظتسافة قصَتة تبلغ ؿتو ‪400‬ـ‪ ،‬بينما يبلغ طوعتا أك امتدادىا يف البحر ميل ‪1580‬ـ كىذه اظتنطقة بُت سوسة من الشماؿ‬
‫‪1‬‬
‫كمدينة صفاقس من اصتنوب‪.‬‬

‫ك عليو نتكن القوؿ بأف ىدؼ عبيد اهلل اظتهدم من توسيع مساحة اظتهدية (ردـ جزء من البحر )ىو‬
‫بناء عدة مرافق من بينها دار احملاسبات ك اصتامع األعظم ‪.‬‬

‫‪ -1‬ػتمد عبد الستار عثماف‪ ،‬موسوعة العمارة الفاطمية الحربية المدنية الدينية‪ ،‬دار القاىرة‪ ،‬القاىرة‪،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.15‬‬
‫‪13‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬

‫‪ -3‬نشأة المدينة‬

‫مل تعد سلمية منذ أف كىل اطتليفة العباسي اظتعتضد (‪279‬ق‪289-‬ق) مكانا صاضتا إليواء األئمة‬
‫اظتستورين‪ ،‬كما مل يعد اإلماـ االشتاعيلي اظتستور يتمتع دبا كاف يتمتع بو األئمة قبلو‪ ،‬فثار القرامطة يف كجهو‪ ،‬ىذا‬
‫باإلضافة إىل ركاج الدعوة اإلشتاعيلية ركاجا كبَتا يف كل من اليمن كبالد اظتغرب قد أذف بقرب زكاؿ عهد سيادة‬
‫سلمية‪ ،‬إذ كاف ال بد لإلماـ اظتستور من أف يظهر‪ ،‬كلدكر السًت أف ينتهي‪ ،‬كاظتذىب االشتاعيلي من أف ينهض‬
‫على أكتاؼ أئمة خلفاء‪ ،‬بعد كل ىذه األمور بدأت رحلة اظتهدم يف سنة ‪287‬ق‪ ،‬كانتهت بإخراجو من سجن‬
‫سجلماسة‪ ،‬كتربعو على عرش اطتالفة اإلشتاعيلية يف أكائل سنة ‪287‬ق‪ ،‬كىكذا نتكننا تقسيم رحلة عبيد اهلل‬
‫اظتهدم من سلمية إىل رقادة إىل أربع مراحل‪:‬‬

‫رحلة عبيد اهلل المهدي إلى المغرب‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الرحلة من سلمية إلى الرملة‬ ‫‪-2‬‬

‫يف ىذه اظترحلة نتناكؿ أسباب ىجرة اظتهدم من سلمية‪ 1‬من أبرزىا تنبو الدكلة العباسية إىل خطورة مركز‬
‫سلمية يف القرف الثالث للهجرة فقد أدرؾ كل من اظتعتضد (‪289-279‬ق) كاظتكتفي‪295-289(، 2‬ق) أف‬
‫الدعوة لألماـ اإلشتاعيلي اظتستور‪ ،‬قد بلغت ذركهتا دبا بذلو كل من الداعيُت ابن حوشب‪ 3‬ابن فضل‪4‬يف‬
‫التكمينن للمذىهب االشتاعيلي يف اظتشرؽ (اليمن )كبالد اظتغرب دبا قاـ بو الداعية ابو عبد اهلل الشيعي الصنعاين‬
‫بتكليف من ابن حوشب‪ ، 5‬كما أدرؾ العباسيوف أف اضتركة قد اختمرت يف فارس كخصوصا طربستاف كخرساف‪،‬‬
‫كما أدركوا أف نشاط اإلشتاعيليُت يزداد يف سلمية يف حزـ لذلك حاكلو القضاء على ىذه اضتركة قبل أف يستفحل‬
‫خطرىا‪ ،‬كؽتا ساعد العباسيُت أف أحد كالة سل مية من قبلهم قد ثارت شكوكو حوؿ ذم مقاـ كبَت يف ىذه اظتدينة‬

‫‪ 1‬سلمية‪:‬بفتح أكلو ككسر اظتيم كختفيف الياء قرية من بالاد اليمامة حسنة عامرة قد أدقت هبا حددائق النخيل ‪،‬عتا دتمور حسنة االلواف شهية اظتأكل‬
‫‪،‬بينها كبُت زتص مرحلة ‪.‬أنظر ‪:‬اضتمَتم‪،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص‪.320‬‬
‫‪ -2‬اظتكتفي‪ :‬اظتكتفي باهلل أبو ػتمد ابن علي ابن اظتعتضد باهلل أىب العباس أزتد بن اظتوفق بن اظتتوكل‪ ،‬ككانت خالفتو ست سنُت كستة أشهر كسبعة‬
‫عشر يوما ككاف عمره ثالثة كثالثن سنة‪ .‬انظر‪ :‬ابن األثَت ‪ ،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪ ،6‬ص‪.437‬‬
‫‪ -3‬ابن حوشب‪ ،‬أبا القاسم اضتسُت بن فرح بن حوشب بن زاداف الكويف‪ .‬انظر‪ :‬سيف الدين القصَت ‪،‬بن حوشب والحركة الفاطمية في اليمن‪ ،‬دار‬
‫الينابيع يف دمشق‪( ،1993 ،‬د‪،‬ط)‪ ،‬ص‪16‬‬
‫‪ -4‬ابن فضل‪ :‬علي بن فضل مساعد ابن حوشب قاـ يف سنة ‪ 294‬ق بغزك مدينة زبيد كما جاكرىا كأخرج منها أصحاهبا لبعض الوقت كلكن ىؤالء‬
‫األمراء مل يلبثوا أف عادكا كاستقركا يف ملكهم بعد مقتل ابن فضل سنة يف ‪303‬ق‪ ،‬انظر سيف الدين القصَت‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -5‬أبو عبد اهلل الشيعي‪ :‬داعية عبيد اهلل اظتهدم‪ ،‬عاظتا أدبيا شاعرا‪ ،‬ىو الذم حارب جيش زيادة اهلل ابن األغلب كىزمو‪ ،‬نائبا عن عبيد اهلل كناصرا‬
‫ظتذىبو كداعيا إىل دعوتو‪ .‬انظر‪ :‬ابن اآلبار‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪.195-194‬‬
‫‪14‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫بالضافة إىل ػتاكلة أبناء زكركيو الفتك بو‪ .‬لذلك أدرؾ اإلماـ اإلشتاعيلي استحالة بقائو يف سلمية كعزـ على‬
‫اعتركب منها‪ ،‬كسرعاف ما عمل دعاة اظتهدم ببغداد‪1‬كىم حامد ابن العباس ‪،‬كابن عبد‪ ،‬كرتاعة من الشيعة كتبوا‬
‫إىل اظتهدم أف بٍت أىب ػتمد قد عزموا قتلك كقتل أىلك‪،‬ك ؽتا جاء يف النص خبصوص ذالك قوؿ جعففر اضتاجب‬

‫" فاف كنت قاعدا فقم فاهنم قد زحفوا إليك‪ ...‬فأمر اظتهدم يف الوقت الذم كصل إليو ىذا اطترب يف‬
‫الرحيل فأخذ معو أىب القاسم كلده كجعفر اضتاجب ك ابن بركة اطتاضن ال غَت كترؾ القصر كما ىو كخرج كقت‬
‫صالة العصر كمل يعرؼ بو أحد فلما خرج كصل إىل ظاىر اظتدينة قعد ساعة يشاكر نفسو كيستخَت اهلل ربو فبعث‬
‫إىل غيالف الرباحي كاف رجال من العرب كاف يف قرية يقاؿ عتا سلهب‪ ،‬فقاـ أليو غيالف كمعو ثالثوف فارسا فمشى‬
‫معو الليل كلو حىت كصل إىل زتص كرجع عنو غيالف ك دتادل ىو يومو ذلك حىت كصل إىل طرابلس الشاـ‪،‬‬
‫فأقامو بو يوـ يوما كاحدا مث توجو إىل فلسطُت الرملة فاقاـ هبا مث اتصل بو اف اكالد ابا ػتمد كصل كاىل سلمية‬
‫كطلبوه فلم كتدكه فبعد سنة كاملة قاموا يدكركف عليو فجاؤا إىل أخيو أىب ػتمد فقالوا ىو صاحبنا‪ ،‬فقاؿ عتم أىل‬
‫سلمية ليس ىو صاحبكم كىو ىرب كىو مستخف بالرملة"‪ ،2‬ىذا من جهة‪.‬‬

‫بينما أشار الباحث فرحات الدشراكم أف اظتهدم قد أقاـ هبا مدة اطوؿ ‪ 3‬ؽتا أشار إليو جعفر اضتاجب‪،‬‬
‫أم ما يناىز الستُت من رجب ‪289‬ق حىت بداية صائفة‪291‬ق‪.‬‬

‫رحلته من الرملة إلى الفسطاط‪:‬‬

‫ظتا خرج عبيد اهلل بعد انتصار ػتمد بن سليماف الكاتب علي اضتسُت بن زكركيو القرطمي اظتعركؼ عند‬
‫اإلشتاعلية بأ ي مهزكؿ‪ ،‬كبعد أف حتقق اظتهدم بأف القرامطة أفنوا أسرتو ك أىلو يف سلمية كأف بقاؤه يف الشاـ أمرا‬
‫ػتفوفا باظتخاطر‪.‬‬

‫فقد كاف اظتهدم كىو بالرملة‪ ،‬على اتصاؿ دائم بدعاتو يف األقاليم اظتختلفة كخصوصا تلك األقاليم اليت‬
‫مر هبا كما أف كجهة اظتهدم مل تكن معركفة على كجو التحقيق‪.‬‬

‫خرج اظتهدم يف رحلة إىل مصر يف منتصف ‪291‬ق‪ ،‬كدتتاز تلك اظترحلة من رحلة اظتهدم بأمور منها‪:‬‬

‫‪-1‬حسن إبراىيم حسن‪ ،‬طو شرؼ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.126-125‬‬

‫‪-2‬جعفر اضتاجب‪ ،‬مذكرات في حركة المهدي الفاطمي‪ ،‬تح ‪،‬ايفانوؼ ‪(،‬د‪،‬ب)‪(،‬د‪،‬س)‪(،‬د‪،‬ط)‪ ،‬ص‪.97-96‬‬
‫‪ -3‬فرحات الدشراكم‪ ،‬الخالفة الفاطمية بالمغرب (‪367-296‬ه‪927-919/‬م)‪،‬تر زتادم الساحلي ‪،‬دار الغرب االسالمي لبناف‬
‫ط‪1،1994‬ـ‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪15‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫أف اظتهدم كجد يف مصر أشياعا كثَتين‪ ،‬فهاىو داعيتو أبو علي كاف مقيما دبصر يدعوا هبا‪ ،1‬فتقدـ إليو‬
‫اظتهدم كقاؿ‪:‬‬

‫{ قبل دخولنا مصر بأف ال ينزلو عنده كال عند ما يشار إليو بشيء من أمرنا كأف ينزلو عند من يثق بو‪،‬‬
‫فانزلو عند اف عياش‪ ،2‬كما أف أنصار اظتهدم دبصر ساعدكه على التسًت بشىت الطرؽ‪ ،3‬فقد كصل اظتهدم إىل‬
‫مصر يف زم التجار كىو يطلب االمور الكبار‪ ،‬كالطلب عليو من بٍت العباس حثيث‪ ،‬ك الكتب تنفذ من سائر‬
‫األمصار‪ ،‬كعامة األقطار‪ ،‬باشتو كصفتو‪ ،‬كزيو كىيئتو‪...4‬‬

‫كمل ختل فًتة إقامة اظتهدم يف الفسطاط من الصعوبات‪ ،‬فقد أحدثت اظتعارؾ الدائرة بُت العباسيُت ك‬
‫القرامطةمن جهة‪ ،‬كبينهم كبُت الطولونيُت من جهة أخرل‪ ،‬كضعا غامضا استغلو اظتهدم لتسًت كاالفالت من‬
‫التتبعات‪.‬‬

‫بٍت طولوف بعد مدة قليلة من‬ ‫إال أنو سرعاف ما أصبح عرضة لتفتيشات أعواف اظتكتفي‪ ،‬إثر اهنزاـ‬
‫اخفاؽ بٍت زكركيو‪ ،‬كدخوؿ القائد العباسي ػتمد بن سليماف مع العامل النويشرم الذم استقر يف الفسطاط من‬
‫رتادل الثانية‪296‬ق‪ ،‬قد دفعتو ا ىل البحث على ملجأ آخر أكثر أمنا خارج مصر‪ ،‬كقد خرج االماـ من‬
‫الفسطاط يف منتصف صائفة ‪296‬ق متجها إىل إفريقية‪.5‬‬

‫رحلته من الفسطاط إلى طرابلس‪:‬‬

‫أخذت رسائل عبد اهلل الشيعي تنفذ على عبيد اهلل اظتهدم منذ أف خرج من سلمية‪ ،‬كلقد تأكد عبد اهلل‬
‫زكاؿ دكلة األغالبة‪ ،‬بعد أف مات إبراىيم بن األغلب‪ 6‬يف سنة ‪289‬ق‪ ،‬كتوىل بعده ابنو أبو العباس الذم‬

‫‪ -1‬حسن إبراىيم حسن‪ ،‬طو شرؼ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.130-129‬‬

‫‪ -2‬جعفر اضتاجب‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ -3‬حسن إبراىيم حسن‪ ،‬طو شرؼ‪ ،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪-4‬عبد اهلل بن ػتمد بن علي بن زتاد‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ -5‬فرحات الدشراكم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ -6‬إبراىيم ابن األغلب‪ :‬األغلب ابن إبراىيم بن سامل‪ ،‬أبو عقاؿ خامس األغالبة بإفريقية كيل األمر بعد كفاة أخيو زيادة اهلل سنة ‪223‬ق كحسنت‬
‫سَتتو‪ .‬انظر‪ :‬خَت الدين الزركلي ‪ ،‬األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال و النساء من العرب و المستعربين و المستشرقين ‪،‬ج‪،1‬دار العلم‬
‫للماليُت ‪،‬لبناف ‪،‬ط‪15،2002‬ـ ‪،‬ص‪.335‬‬
‫‪16‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫اضطربت أمور األغالبة يف عهده‪ ،‬كتأكد اظتهدم أف دكلتو قائمة‪ ،‬فخرج من مصر كقصد بالد كتامة دبكاف يسمى‬
‫(الطاحونة‪) 1‬يف طريقو إىل طرابلس‪.‬‬

‫كقد عاىن اظتهدم كصحبو يف ىذه اظترحلة صعاب رتة بدأت هبجوـ عيسى النوشرم قبل أف يغادر حدكد‬
‫مصر‪ .2‬فخرج النوي شرم فالحقو فكلما رآه مل يشك فيو فقبض عليو كنزؿ ببستاف‪ ....‬فخوفو باهلل كأنكر حالو كمل‬
‫يزؿ متوفو كيتلطفو فأطلقو كخلى سبيلو‪ ....‬ككما ضتق أصحابو رأم ابنو أىب القاسم قد ضيع كلبا كاف لو يصيد بو‬
‫كىو يبكي عليو‪ ،‬فعرؼ عبيد اهلل أنو تركوه يف البستاف الذم كانوا فيو فرجع اظتهدم بسبب الكلب حىت دخل‬
‫البستاف‪ ...‬قاؿ النوشرم ألصحابو قبحكم اهلل أردمت أف حتملوين على قتل ىذا فلو كاف يطلب ما يقاؿ‪ ...‬ما كاف‬
‫رجع يف طلب الكلب كتركو‪ ،‬كبدأ اظتهدم يف اعترب فالحقو لصوص دبوضع يقاؿ لو الطاحونة فأخذك بعض متاعو‬
‫كانتهى اظتهدم ككلده إىل مدينة طرابلس‪ ،3‬كأقاـ اظتهدم كأصحابو يف طرابلس دكف أف يثَتكا أم حادث يف أكؿ‬
‫األمر‪ ،‬كظتا كجد نف سو يف الطرؼ الشرقي من ؽتلكة األغلبية قرر اإلماـ الذم كاف ينوم التوجو إىل ايكيجاف أف‬
‫يسيقو إليها أبو العباس صحبة الكتامُت‪ ،‬كلكن من باب اضتذر أمرىم بالذىاب إىل القَتكاف للقياـ دبهمة‬
‫استطالعية قبل االلتحاؽ بايكيجاف ‪ ،‬ذلك أف زيادة اهلل ظتا علم بدخوؿ اظتهدم إىل ؽتلكتو أمر بالسؤاؿ عنو‬
‫ككصل اطترب إىل اظتهدم كىو بطرابلس‪ ،4‬كأف صاحبو أبا العباس بالقَتكاف‪ ،‬فأخذكا أبو العباس فأنكر كقاؿ إفتا أنا‬
‫رجل تاجر فحبسو كشتع اظتهدم فسار إىل (قسطيلية‪.6)5‬‬

‫قاؿ جعفر كاتفقت للمهدم قافلة بعد كصويل إليو باظتاؿ الذم كجهٍت يف طلبو يريد سجلماسة على‬
‫طريق قسطيلية‪ ،‬فنزلنا مدينة يقاؿ عتا (توزر)‪ ،7‬كأقمنا هبا أياما إىل أف عيدنا هبا كخرجنا منها يوـ العيد إىل‬
‫‪8‬‬
‫سجلماسة‪.‬‬

‫‪ -1‬الطاحونة‪ :‬تقع على بعض مراحل غر ي اإلسكندرية‪ .‬انظر‪ :‬فرحات الدشراكم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪( 17‬اعتامش‪)21‬‬
‫‪ -2‬حسُت إبراىيم حسن‪ ،‬طو شرؼ‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪-3‬ابن األثَت‪ ،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪،6‬ص‪.454‬‬
‫‪ -4‬فرحات الدشراكم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ -5‬قسطيلية‪ :‬ىي بالد كاسعة كمدف عديدة هبا النخل ك الزيتوف ‪ ،‬من مدهنا‪ :‬توزر كاضتمة كتقيوس كمدينتها العظمى توزر‪ .‬انظر‪ :‬اضتمَتم‪ ،‬اظتصدر‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.480‬‬
‫‪ -6‬ابن األثَت ‪،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪ ،6‬ص ‪.454‬انظر‪ :‬ابن جعفر‪،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ -7‬توزر‪ :‬بالفتح مث السكوف كف تح الزاء‪ ،‬مدينة يف أقصي افريقية من نواحي الزاب الكبَت‪ ،‬هبا ـتل كثَت‪ .‬انظر‪ :‬ياقوت اضتموم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.57‬‬
‫‪-8‬جعفر اضتاجب‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪17‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫الرحلة من طرابلس إلى سجلماسة‪:‬‬

‫ظتا دخل عبيد اهلل سجلماسة‪1‬استأجر دارا رتيلة كأقاـ فيها دكف أف يثَت أدىن شبهة حوؿ شخصو‪2‬قاؿ‬
‫جعفر {فلما كصلنا إىل سجلماسة استأجرنا هبا دارا حسنة من رجل يعرؼ بأ ي حبشة للمهدم‪ ......‬ككاف إىل‬
‫‪3‬‬
‫جانب الدار بستاف ملصق هبا كيف الدار باب يفتح إليو}‪.‬‬

‫كاتبع اظتهدم طريقتو للعودة‪ ،‬فأغدؽ على كاليها اليسع بن مدرار‪ ،4‬فأىدل لو اظتهدم فسر بو اليسع‬
‫كأحبو‪ ،5‬كاكتسب فيما ب عد بفضل ىداياه تقدير صاحب تلك اظتدينة اليسع بن مدرار‪ ،‬الذم عاملو معاملة‬
‫حسنة‪ ،‬إىل أف بلغو كتابة من زيادة اهلل حبقيقة أمر ضيفو (كعلم باقًتاب جنود الداعي)‪ 6‬كأنو الرجل الذم يدعو‬
‫إليو عبد اهلل الشيعي فقبض عليو كحبسو‪ 7،‬كسألو عن نسبو كحالو‪ ،‬ك ىل إليو قصد أبو عبد اهلل‪ ،‬فاعًتؼ‬
‫بالنسب‪ ،‬إذ مل يسعو إنكاره كلكنو مل يعًتؼ بعالقتو مع الداعي فلم نتتحنو بأكثر من أف جعلو يف دار كجعل‬
‫عليها حرسا كجعل ابنو القائم بأمر اهلل كذلك يف دار أخرل ليفرؽ بينهما ‪ ....‬كامتحن رجاال كانوا معهما‬
‫‪8‬‬
‫بالعذاب ليقركا عليهما‪ ،‬فلم بكن منهم إال ما قااله‪.‬‬

‫كاضتقيقة أنو ما إف ركز الداعي أبو عبد اهلل سلطتو يف رقادة‪ ،‬حىت أخذ يتأىب للزحف ؿتو سجلماسة‬
‫الستقداـ عبيد اهلل اظتهدم‪ ،9‬خرج أبو عبد اهلل من رقادة يوـ اطتميس لنصف الثاين من شهر رمضاف‪ ،10‬ككاف أبو‬
‫عبد اهلل حريصا أكال كقبل كل شيء على انقاذ حياة اظتهدم‪ .‬كبناءا على ذلك سعى على مالطفة اليسع كعدـ‬
‫اظهار أم عداء ضده‪( ،‬ككتبو إليو كتابا يؤمنو جانبو‪ ...‬فلما كصلت الرسل بكتابو رمى بو بعد ما علم ما‬
‫فيو‪ ،11)....‬كاتصل ذلك بأ ي عبد اهلل‪ ،‬فعاكده كالطفو خوفا من أف يكوف منو إىل اظتهدم (ع ـ) ما يكرىو‪،‬‬

‫‪ -1‬حسن إبراىيم حسن‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬

‫‪ -2‬فرحات الدشراكم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ -3‬جعفر اضتاجب‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -4‬حسن إبراىيم حسن‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪ -5‬ابن األثَت‪،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،6‬ص‪.455‬‬
‫‪ -6‬فرحات الدشراكم‪،‬نفسو‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ -7‬ابن األثَت‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.455‬‬
‫‪ -8‬فرحات الدشراكم‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.178-177‬‬
‫‪ -9‬ػتمد سهيل طقوش‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪ -10‬ابن عذارم‪ ،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص‪.156‬‬
‫‪ -11‬فرحات الدشراكم‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪18‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كأعرض لو عن ذكره تقية عليو‪ ،‬ككاف منو آخر مثل ما كاف منو أكال كجل يف طغيانو‪ .‬فعاكده ثالثة فتمادل كأصر‬
‫على غيو فاستعاف باهلل كعبأ عساكره كدنا من اظتدينة فخرج إلية اليسع بن مدرار فيمن معو فما لبث أف اقتحمتو‬
‫اطتيل يف اظتدينة بعد أف ناكشها ساعة‪ ،‬كقتلوا من أصحابو رتاعة ككاف ذلك قرب اظتساء فاختلط الظالـ‪ ،‬كرجع‬
‫‪1‬‬
‫العسكر فنزؿ حيث كاف‪.‬‬

‫فلما جنو الليل فرؽ أصحابو من أىلو كبٍت عمو‪ ،‬كبات أبو عبد اهلل يف غم عظيم خوفا على عبيد اهلل‬
‫اظتهدم‪ ،‬فلما أصبح خرج إليو أىل البلد كأعلموه هبرب اليسع فدخل ىو ك أصحابو البلد كأتوا مكاف عبيد اهلل‬
‫كأخرجوا ابنو يف يوـ األحد من سبع خلوف من ذم اضتجة سنة ست كتسعُت كمائتُت‪ ،2‬فكانت يف الناس مسرة‬
‫عظيمة كادت تذىب بعقوعتم‪ ،‬ك مشى ىو كرؤساء القبائل بُت أيديهما ك أبو عبد اهلل يقوؿ للناس ىذا موالكم ك‬
‫ىو يبكي من شدة الفرح‪ ،‬حىت كصل إىل الفسطاط‪ ،‬فنزؿ فيو كأمر بطلب اليسع فأدرؾ فاخذ كضرب بالسياط مث‬
‫‪5‬‬
‫قتل‪ ،3‬كأقاـ اظتهدم بسجلماسة أربعُت يوما مث سار يريد إفريقية‪ ،4‬كأحضر األمواؿ من ايكجاف كجعلها أزتاال‪.‬‬

‫وصول عبيد اهلل المهدي إلى رقادة‪:‬‬

‫كاف كصوؿ عبيد اهلل اظتهدم إىل رقادة يف يوـ اطتميس لعشر بقُت من شهر ربيع اآلخر سنة سبع‬
‫كتسعُت كمائتُت‪ ،6‬كيف ىذه السنة زاؿ ملك بٍت األغلب من إفريقية‪ ،‬كملك بٍت مدرار من سجلماسة‪ ،‬كملك بٍت‬
‫رستم من تيهرت‪ ،‬فنزؿ عبيد اهلل اظتهدم يف القصر اظتعركؼ بالصحن‪ ،‬كنزؿ ابنو بقصر بٍت الفتح‪ ،7‬كأمر يوـ‬
‫اصتمعة أف يذكر اشتو يف اطتطبة كيلقب باظتهدم أمَت اظتؤمنُت يف رتيع البالد ‪ ....‬كدعوىم إىل مذىبهم كقتل من‬
‫ال يوافق‪ ، 8‬مث عرض عليو الشيعي جوارم زيادة اهلل فاصطفى منهن لنفسو كأعطى كلده كفرؽ أكثرىم على كجوه‬
‫‪10‬‬
‫كتامة كقسم عليهم أعماؿ إفريقية‪ ،9‬كدكف الدكاكين‪ ،‬كجب اظتواؿ كاستقرت قدمو‪ ،‬كدانت لو أىل البالد‪.‬‬

‫‪-1‬القاضي النعماف‪،‬كتاب افتتاح الدعوة‪ ،‬تح فرحات دشراكم ‪،‬الشركة التونسية للتوزيع ‪،‬تونس ‪،‬ط‪2،1986‬ـ ‪،‬ص‪.279-278‬‬
‫‪-2‬اظتقريزم‪ ،‬اظتصدر السابق ص‪.65‬‬
‫‪ -3‬ابن األثَت‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،6‬نص‪.460‬‬
‫‪ -4‬النويرم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،28‬ص‪.64‬‬
‫‪ -5‬اظتقريزم‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪ .66‬انظر‪ :‬فرحات الدشراكم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ -6‬النويرم‪،‬نفسو ‪،‬ص‪ .65‬انظر‪ :‬اظتقريزم‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ -7‬ابن عذارم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،1‬ص‪.158‬‬
‫‪ -8‬اظتقريزم‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ -9‬النويرم‪،‬نفسو‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -10‬اظتقريزم‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪19‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كقاؿ الشعراء فيو كمدحوه‪ ،1‬ككاف أكؿ من مدحهم منهم‪ ،‬ك أنشده من شعراء افريقية سعدكف الورجيٍت‪-‬‬
‫كاف شاعرا نتدح بٍت األغلب‪ -‬كاستؤذف لو يف الدخوؿ عليو كأنشده ما قاؿ فيو ما قاؿ فيو‪.2‬‬

‫فعظم عليو إبعاده عن مراكز األمر كالنهي بعد أف ذاؽ لذت اضتكم أثناء اهنماؾ أ ي عبد اهلل الداعي يف‬
‫اضتملة العسكرية ضد سجلماسة‪ ،‬فحمل لواء اظتعارضة‪ ،‬كاستقطب رتاعة من كجوه عامة كتامة‪ ،‬كأكقع الشبهة يف‬
‫عبيد اهلل اظتهدم‪3.‬كذلك أف عبيد اهلل كتب إىل عاملو بطرابلس كأمره بقتل أ ي زاؾ‪ 4‬كقتل أبا عبد اهلل بعده‬
‫الشيعي‪ ،‬فبعث عامل طرابلس بأ ي زاؾ ككاف عمو‪ ،‬مث عرض عليو كتاب عبيد اهلل بأمر قتلو‪ ،‬فلما قرأه أبو زاؾ قاؿ‬
‫‪5‬‬
‫لو {يا عم نفذ ما أمرت بو} فضرب عنقو ككتب إىل عبيد اهلل خبرب قتلو‪ ،‬فلما كصل اطترب إىل عبيد اهلل أمر غركية‬
‫بن يوسف أف يكمن خلف قصر الصحن‪ ،‬فإذا مر هبما أبو عبد اهلل كأخوه العباس‪ ،‬طعنوقتا بالرماح حىت نتوتا‬
‫فلما مرا باظتوضع الذم فيو الكمُت خرج عليهما فصاح أبو عبد اهلل بغركية ال تفعل يا كلدم‪ ،‬فقاؿ غركية{أمرين‬
‫بقتلك من أمرت الناس بطاعتو‪ ،‬كاـتلعت لو من اظتلك بعد توطئتو} مث طعنو كاحدة خر منها صريعا ككقعت يف‬
‫أ ي العباس تسعة عشرة طعنة كذلك يوـ الثالثاء كقت الزكاؿ مستهل ذم القعدة مث أمر عبيد اهلل بدفنهما‪ ،‬فدفنا‬
‫‪6‬‬
‫يف اصتناف‪.‬‬

‫الصعوبات التي واجهة عبيد اهلل المهدي‪:‬‬

‫التخلص من أبو عبد اهلل الداعي‪:‬‬

‫كيف سنة ذتاف كتسعُت كمائتُت قتل أبو عبد اهلل الشيعي‪ ،7‬ككاف سبب قتلو أف اظتهدم ظتا استقامت لو‬
‫البالد باشر األمور بنفسو ككف يدم ا ي عبد اهلل الشيعي كأخيو أىب العباس‪ ،8‬كيذكر ابن خلدكف أنو {ظتا استقاـ‬

‫‪-1‬القاضي النعماف ‪،‬افتتاح الدعوة ‪،‬اظتصدر السابق ‪،‬ص‪.300‬‬

‫‪-2‬أنظر اظتلحق رقم ‪.01‬‬
‫‪ -3‬ػتمد سهيل طقوش‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ -4‬أبا زاؾ‪ :‬أبا زاكي دتاـ بن معارؾ‪ .‬انظر‪ :‬القاضي النعماف‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪ -5‬عركية‪ :‬ىناؾ اختالؼ يف ىذا االسم يقوؿ ابن عذارم بأنو عركية بن يوسف‪ ،‬أما القاضي النعماف (افتتاح الدعوة ص‪ )312‬فَتل بأنو غزكية بن‬
‫يوسف‪.‬‬
‫‪-6‬ابن عذارم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪ . 164‬ىناؾ اختالؼ يف تاريخ مقتل أبو عبد اهلل الشيعي كأخوه أبو العباس‪ ،‬فَتل كل من ابن عذارل‬
‫ص‪ 164‬ك ابن اآلبار ص‪ 192‬أف اظتقتل كاف يوـ الثالثاء مستهل ذك اضتجة ذتاف كتسعوف يف حُت يرل القاضي النعماف افتتاح الدعول ص‪ ،316‬أف‬
‫مقتل أبو عبد اهلل الشيعي ك أىب العباس كاف يوـ االثنُت ضاحية النهار يوـ النصف من رتادل اآلخر سنة ذتاف كتسعُت كمائتُت‪.‬‬
‫‪ -7‬ابن األثَت ‪،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪،6‬نص‪.461‬‬
‫‪ -8‬اظتقرزم‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪20‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫سلطاف عبيد اهلل اظتهدم بإفريقية استبد بأمره‪ ،‬ككفح أبا عبد اهلل الشيعي كأخاه أبا العباس عن االستبداد عليو‪،‬‬
‫كالتحكم يف أمره فعظم ذلك فلم يصغ إليو‪ ،‬مث استمالو أبو العباس ظتثل رأيو‪ ،‬فأجابو كبلغ ذلك إىل اظتهدم فلم‬
‫يصدقو‪ ،‬مث هنى أبا عبد اهلل عن مباشرة الناس‪ ،‬كقاؿ إنو مفسد للهيبة}‪ 1.‬ككاف عبد اهلل يعظمو كيقوـ لو عن‬
‫غتلسو كيقبل يده كما قدمناه‪ ،‬ككاف أل ي عبد اهلل من الرئاسة كنفوذ الكلمة كالغلبة على األمور كلها‪ ،‬فلما صار‬
‫األمر لعبيد اهلل زالت تلك الرئاسة عن أبو عبد اهلل كأخيو‪ .‬فداخلو اضتسد‪ 2.‬قاؿ اظتعز عليو السالـ‪ :‬ما عسى أف‬
‫كتعلو ىذا اصتاىل من أمر أ ي عبد اهلل فقد عرفتموه‪ ،‬كأف أخاه أبا العباس كاف سبب قتلو كأف اظتهدم ما أراد قتلو‪،‬‬
‫كإف استحق القتل عنده حفظا ظتا تقدـ لو‪ ،‬كإف كاف قد سعى مع أخيو كماؿ إليو كغلب اعتول عليو ظتا رأل‬
‫‪3‬‬
‫األمور خرجت من يديو‪.‬‬

‫كظتا قتل أبو عبد اهلل كأبو العباس ثار رتاعة من بٍت األغلب ككانوا بالقصر القدًن فأخرجوا منو‬
‫الكتاميُت‪ ....‬كقتلوا رتاعة منهم‪ ...‬كقتل من الطائفتُت قتلى كثر‪ .‬فبلغ ذلك عبيد اهلل فرد كتامة كأنكر عليهم‬
‫فتفرغ بنو األغلب كانصرفوا إىل دكرىم فًتكهم عبيد اهلل مث قبض عليهم فقتلوا على باب رقادة‪ .4‬كمن ىنا نتكننا‬
‫القوؿ بأف اظتهدم صر كابتهج بعد ختلصو من عقبة كبَتة كانت تتعرض مسَتة حكمو اظتطلق‪ ،‬كهتدد عرشو‪.‬‬

‫المقاومة السنية‪:‬‬
‫كاجو عبيد اهلل اظتهدم صعوبات كبَتة يف بسط نفوذه اظتذىيب‪ ،‬على اجملتمع اإلفريقي السٍت حيث جابو‬
‫أىل إفريقية ك علماءىا اظتالكية باظتقاطعة السلبية كاإلنكار أكال مث بالقوة ثانيا‪ ،‬كدتثلت ردكد الفعل بثورات عاتية‬
‫‪5‬‬
‫اجتاحت بعض اظتدف اإلفريقية نذكر منها‪.‬‬
‫ثورة القصر القديم‪:‬‬
‫كاد قتل أىب عبد اهلل البد أف يسفر عن عواقب كخيمة‪ ،‬فقد تقبل القَتكاف بفزع خرب اغتياؿ الرجل الذم‬
‫مل يزؿ اشتو مرتبطا بقياـ الدكلة اصتديدة‪ ،‬كقد خشي من بقى من بٍت األغلب يف القصر القدًن‪ 6‬من اظتهدم‪،‬‬

‫‪ -1‬ابن خلدكف‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،4‬ص‪.79‬‬

‫‪ -2‬النويرم ‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ج‪،28‬ص‪.66‬‬
‫‪ -3‬القاضي النعماف المجالس و المسايرات‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.184-183‬‬
‫‪ -4‬النويرم ‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ -5‬ػتمد سهيل طقوش‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ -6‬القصر القدًن‪ :‬كيسمى بالقصر القدًن بالنسبة لقصر رقادة‪ ،‬الذم بناه إبراىيم بن األغلب أزتد يف سنة ‪264‬ق‪ ،‬كعرؼ بالقصر األبيض ردبا لبياض‬
‫لوف جدرانو‪ .‬انظر‪ :‬السيد عبد العزيز سامل‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫‪21‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫كأصبحوا ػتتاطُت منو‪ ،‬بقيادة أحد كجهائهم‪ ،‬كىو أبو اضتسن بن أ ي حجر‪ ،‬ك ما لبث أف اندلع اضتادث الذم‬
‫سيؤكؿ هبم إىل الثورة‪ ،‬فقد اغتم بنو األغلب فرصة خصومة نشبت يف سوؽ القصر القدًن بُت بعض الكتاميُت‬
‫كبُت أحد السكاف إلجالء رتيع الكتامُت من اظتدينة‪.1‬كيذكر القاضي النعماف { كاف عامتهم بالقصر القدًن فوقع‬
‫بُت بعض السوقة فيو كبعض الك تاميُت شر‪....‬فًتكهم اظتهدم مث أمر بالقبض على رتاعة من كجههم فقبض‬
‫‪2‬‬
‫عليهم فقتلوا صربا على باب رقادة ك جعلت رؤكسهم عليو‪.‬‬
‫ثورة أهل القيروان على كتامة‪:‬‬

‫أعقبت ثورة القصر القدًن ثورة أخرل اندلعت يف القَتكاف‪ ،3‬فلم تكن ىذه اضتادثة تعرب عن القطيعة بُت‬
‫العناصر األغل بية كالنظاـ الشيعي فحسب‪ ،‬بل كانت تعرب عن ىشاشة عالقات حسن اصتوار اليت حرص الداعي‬
‫منذ دخولو رقادة على إقامتها بُت الكتاميُت كأىل القرية‪ ،4‬فقد شجر أيضا بُت بعض أىل القَتكاف ك بعض‬
‫الكتاميُت شرا هبا كقاموا على من كاف بداخلها فقتلوا منهم يف ساعة كاحدة زىاء سبع مائة رجل‪ ،‬قاموا أيضا‬
‫بأعماؿ التخريب كأشاعوا جوا من الفوضى كاالضطراب‪ ،‬كمل يتمكن عامل الفاطميُت على القَتكاف أزتد بن أ ي‬
‫‪5‬‬
‫خنزير من القضاء على تلك الثورة إال بشق األنفس‪.‬‬

‫كعليو فقد استتب األمن يف القصر القدًن ك القَتكاف على حد سواء باإلضافة إىل ثورات أخرل كثركة‬
‫طرابلس الغرب كصقلية ك اظتقاكمة الرببرية ( ثورة الزناتيُت ك الكتاميُت) اليت استطاع اظتهدم استادىا أيضا‪.‬‬

‫كعقب ىذه الثورات‪ ،‬أدرؾ اظتهدم اظتخاطرات اليت أحاطت بدكلتو الناشئة‪ ،‬لذا عمد (أراد) البحث عن‬
‫مكاف يكوف لتأسيس عاصمة جديدة ‪.‬‬

‫فاختار مكانا على طرؼ الساحل الشرقي إلفريقية على بعد ستُت ميال جنوب القَتكاف‪.‬‬

‫كمل يشعر عبيد اهلل اظتهدم باالطمئناف على بيتو كملكو إال بعد أف فرغ من بناء اظتهدية الذم بدأ يف بنائها‬
‫عاـ ‪300‬ق ك انتهى يف عاـ ‪306‬ق‪ ،‬كانتقل إليها مع أىلو ك أموالو ك ذخائره ك جنده عاـ ‪ ،308‬كيؤثر عنو‬
‫أنو عندما استقر فيها‪" :‬اآلف أمنت على الفاطميات‪".‬‬

‫‪ -1‬فرحات الدشراكم‪،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪ -2‬القاضي النعماف‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫‪ -3‬ػتمد سهيل الطقوش‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ -4‬فرحات الدشراكم‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ -5‬القاضي النعماف‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪22‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬

‫وفاة عبيد اهلل المهدي‪:‬‬

‫بعد رحلة اظتهدم اليت انطلقت من بالد اظتشرؽ ككصلت حىت بالد اظتغرب‪ ،‬كاف عتا تاريخ طويل‬
‫كاإلؾتازات ‪،‬كلعل أبرز ىذه اإلؾتازات بناءه ظتدينة حصينة قادرة على غتاهبة األعداء اظتًتبصُت هبا‪ ،‬فاستقرت لو‬
‫األمور‪ ،‬كدانت لو البالد كسائر العباد‪.‬‬

‫ملك عبيد اهلل اظتهدم إفريقية كرتيع اظتغرب‪ ،‬ككاف لو ستة أكالد‪ ،‬أكربىم كيل عهده أبو القاسم عبد الرزتاف بن‬
‫عبيد اهلل اظتهدم ‪1.‬‬

‫كأقاـ اظتهدم ساكنا بقية عمره باظتهدية‪ ،2‬إىل أف مات ليلة الثالثاء ‪ 15‬ربيع األكؿ إثر مرض قصَت‪ ،3‬سنة اثنُت‬
‫كعشرين كثالذتائة‪4.‬‬

‫ككانت إمارتو منذ أف كصل إىل رقادة إىل يوـ كفاتو أربع كعشرين سنة كعشرة أشهر كعشرين يوما‪.‬‬

‫كقيل ظتا مات كتم ابنو القاسم أمر كفاتو سنة حىت دبر أمره‪ ،5‬كدتكن من تثبيت أقدامو يف اضتكم‪.‬‬

‫وفي االخير نستنتج‪:‬‬

‫‪ -1‬قياـ عبيد اهلل اظتهدم باختيار موضع اظتهدية بنفسو كذلك دكف االعتماد على أعوانو أك اظتختصُت من رجالو‬
‫بذلك ‪،‬كما فعل غَته من اطتلفاء‪ ،‬كىو أمر يكشف حرص عبيد اهلل اظتهدم على تأمُت ذريتو كأتباعو‪.‬‬

‫‪ -2‬حرص عبيد اهلل اظتهدم على أف تكوف مدينتو على ساحل البحر‪ ،‬كىو توجو مل يكن مرغوبا بو يف اختيار‬
‫مواضع اظتدف يف الفًتة األكىل من تاريخ الدكلة اإلسالمية‪ ،‬فتوجو عبيد اهلل اظتهدم إىل موضع ساحلي ظتدينة يؤكد‬
‫تغَت ىذه اظتفاىيم السابقة‪ ،‬خاصة اف توفرت القوة الالزمة للدفاع عنها من جهة البحر‪ ،‬كمع توفر ىذه القوة لعبيد‬
‫اهلل اظتهدم استطاع أف يستفيد من ؽتيزات اظتوقع الساحلي‪ ،‬باإلضافة إىل سهولة ارتباط ىذه اظتدينة بالطرؽ البحرية‬

‫‪ 1‬ابن عذارل‪ ،‬اظتصدر السابق‪،‬ج‪ ،1‬ص ‪.208‬‬

‫‪ 2‬ػتمود مقديش‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص ‪.347‬‬
‫‪ 3‬ػتمد سيهل طقوش‪ ،‬اظترجع السابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 4‬التيجاين‪ ،‬اظتصدر السابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬
‫‪ 5‬النويرم‪ ،‬اظتصدر السابق ‪،‬ج‪،28‬ص ‪ .70‬ىناؾ اختالؼ يف مدة اإلمامة فَتل النويرم أف إمامتو (اظتهدم) منذ أف كصل إىل رقادة إىل يوـ كفاتو أربعا‬
‫أربعا كعشرين سنة كعشرة أشهر كعشرين يوما‪ ،‬يف حُت يرل القاضي النعماف يف كتابة افتتاح الدعوة ص ‪ ،330-329‬كانت مدة إمامتو منذ أف كصل‬
‫إىل رقادة إىل اليوـ الذم نعي فيو أربعا كعشرين سنة كشهرا كاحدا كعشرين يوما‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫باإلضافة إىل الطرؽ الربية ‪،‬كىي ميزة ال تتوفر للمدف الداخلية‪ ،‬كال شك أف توفر االتصاؿ البحرم بُت ىذه اظتدينة‬
‫كموانئ البحر اظتتوسط اظتوجودة يف ذلك الوقت أكسبها مقومات اقتصادية كحربية‪.‬‬

‫‪24‬‬
 ‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬
‫سياسيا وعسكريا‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬اقتصاديا واجتماعيا‬
‫‪ -3‬دينيا وثقافيا‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫كانت حالة بالد اؼبغرب بعد وفاة عبيد اهلل اؼبهدي سنة ‪322‬ه تتطلب كل جهود ابنو القاسم الذي‬
‫ألت إليو اػبالفة ولقب القائم بأمر اهلل‪ ،‬كما كانت شخصية اػبلفية الفاطمي الثاين (القائم) قليلة التألق يف‬
‫سلسلة ػبلفاء الفاطميُت بافريقية ‪،‬حيث ثار يف عهده أبو يزيد ـبلدين كيداد‪ ،‬فتضائل بذلك النفوذ الفاطمي يف‬
‫بالد اؼبغرب منذ قيام الثورة‪ -‬ولئن بقي اسم اؼبهدي ملتصقا بتأسيس اؼبدينة‪ ،‬واسم منصور مقرونا بسحق ثورة‬
‫اػبوارج‪ ،‬واسم اؼبعز غَت منفصل عن فتح مصر‪ ،‬فإن ذكر القائم بأمر اهلل مل يكن مرتبطا بأي عمل باىر ودبرور‬
‫السنُت أصبحت اؼبدينة مهددة باألخطار احملدقة هبا من كل صوب إىل أن سقطت يف يد النورماندين ''روجار''‬
‫سنة ‪543‬ه وبقيت ربت سلطتهم إىل أن اسًتجعها اؼبوحدون‪.‬‬

‫سياسيا و عسكريا‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪-1‬سياسيا‪:‬‬
‫القائم وثورة أبي يزيد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ويل بعد اػبليفة عبد اهلل اؼبهدي ولده ؿبمد أبو قاسم وكان شهما ذا بطش‪ ،‬غزى جنوة وفتحها عنوة‪.‬‬

‫لقد حرص اػبليفة الفاطمي الثاين منذ اعتالء العرش على تدعيم قواتو العسكرية وتعزيز سلطتو يف‬
‫افريقية‪ ...‬فقد عزز اػبليفة الفاطمي يف الزاب صاحب اؼبسيلة علي بن ضبدون على بٍت كمالن وربالف مع قبيلة‬
‫تلكات الصنهاجية ضد أعداد مغراوة الزناتُت‪ ،‬وساعد رئيس تلكاتة زيري بن مناد على تأسيس مدينة أشَت سنة‬
‫(‪ 324‬ه)‪ ،‬وأسرع إىل قمع الثورة اليت أعلنها اؽبواريون من ناحية طرابلس‪ ،‬وهبذا سبكن القائم من بسط سلطانو‬
‫‪2‬‬
‫على طرابلس من جديد‪.‬‬

‫ويف آخر أيامو (القائم) ثار عليو أيب يزيد ـبلد بن كيداد نكاري‪ ،3‬الذي قوي أمره واشتدت شوكتو‬
‫وراحت دعوتو لدى بعض قبائل الرببر يف نفوسة وزاب واؼبغرب األقصى‪ ،4‬انطلقت الثورة فعليا يف أواخر صبادى‬
‫األوىل عام (‪ 322‬ه)‪ ،‬وابتدأت بتنظيم غارات على باغية‪ ،‬واكتفى أبو يزيد يف أول األمر باؽبجوم على‬

‫‪ 1‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.347‬‬

‫‪ 2‬فرحات الدشرواي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.246-245‬‬
‫‪ 3‬التيجاين ‪،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬
‫‪ 4‬ؿبمد سهيل طقوش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪26‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫اؼبمتلكات الواقعة يف ضواحي باغية للحصول على غنائم‪ ،‬وسرعان ما أفضت جاذبية النهب‪ ،‬إىل ارتفاع اتباع‬
‫اؼبتمرد‪ ،‬فبا شجعو على زحف على باغية ذاهتا‪ ،‬فقد أوشك على االستيالء عليها‪ ،‬ولكنو مل يتمكن من ذلك‬
‫‪1‬‬
‫بسبب ما أبدتو اغبامية من مقاومة مستميتة‪.‬‬

‫إال أن العمليات األخرى الناجحة قد زادت يف نفوذ أيب يزيد آلت يف آخر األمر إىل انشغال بال السلطة‬
‫‪2‬‬
‫اؼبركزية‪.‬‬

‫فتلقى عامل طبنة‪ ،‬كبون بن تصوال بالتوجو إىل باغاية لنجدهتا‪ ،‬وحاول ىذا العامل إثارت الشقاق بن أيب‬
‫يزيد وأتباعو‪ ،‬فحث رؤساء القبائل األوراسية على تسليمو‪ ،‬لكنو كاد أن يقع يف كمُت نصبوه لو‪ ،‬ومل هبد وسيلة‬
‫للخالص غَت التحصُت يف باغاية‪ ،‬يف الوقت الذي جدد أيب يزيد ىجماتو عليها‪ ،‬غَت أنو فشل يف االستيالء‬
‫عليها‪ ،‬عندئذ أدرك أن تركيزه على باغية‪ ،‬وأخر زحفو على أفرافية‪ ،‬وكانت اؼبهدية ؿبط أنظاره‪ ،‬فتخلى عن حصار‬
‫باغاية‪ ، 3‬وكتب إىل بٍت واسي قبائل زناتة من ضواحي قسنطينة يأمرىم حبصارىا‪ ،‬فحاصروىا سنة ثالث وثالثُت‪،‬‬
‫مث فتح سبة صلحا وؾبانة كذلك‪ ، ،‬وكان عسكر الكتاميُت على أريس فانقضوا وملكها أيب يزيد وأعرقها وهنبها‬
‫وقتل يف اعبامع من عبأ إليو وبعث عسكرا إىل سبيبة ففتحها وقتل عاملها وبلغ اػبَت إىل القائم (القاسم) فقال ال‬
‫بد أن يبلغ اؼبصلى من اؼبهدية‪ ،‬مث جهز العساكر وبعثها إىل رقادة والقَتوان وبعث مع خادمو مسَتوا اػبصي‬
‫‪4‬‬
‫غبربة‪ ،‬وبعث عسكرا مع خادمو بشرى إىل باجة‪ ،‬فنهض إليو أيب يزيد وىزمو يف تونس‪.‬‬

‫ودخل أبو يزيد باجة بالسيف مث خرج بشرى من تونس بعد أن وىل عليهم واليا من قبلو فسار حىت وصل‬
‫سوسة‪ ،‬فلم علم القائم باؽبزيبة أ مده باعبيوش واألموال وأمره أن يستعد للقاء أيب يزيد ثانية‪ ،‬فكتب أىل تونس‬
‫أليب يزيد يلتمسون تأمينهم فأمنهم وخرج بشرى من سوسة ووصل إىل اؼبرصد‪ ،‬فلما علم أيب يزيد وجو إىل القائم‬
‫‪5‬‬
‫أيوب بن خَتان فوصال إىل اؼبرصد‪ ،‬فاهنزم أيوب وقتل من أصحابو ألوف وأسر منهم فوجههم بشرى إىل اؼبهدية‪.‬‬

‫‪ 1‬فرحات الدشرواي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬

‫‪ 2‬نفسو‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪ 3‬ؿبمد سهيل طقوش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 4‬ابن خلدون‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج‪ ،4‬ص ‪.53-52‬‬
‫‪ 5‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪.348 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫ؼبا اهنزم أصحاب أيب يزيد صبع اعبموع وسار إىل قتال الكتاميُت فوصل إىل اعبزيرة وتالقى الطالئع وجرى‬
‫بينهم قتال فاهنزم طالئع الكتاميُت وتبعهم الرببر إىل رقادة ونزل أيب يزيد بالغرب من القَتوان يف مئة ألف مقاتل‪،‬‬
‫وعاملها خليل ال يلتفت إىل أيب يزيد وال يبايل بو والناس يأتونو وىبربونو بقرهبم‪ ،‬فأمر أن ال ىبرج أحد للقتال وكان‬
‫‪1‬‬
‫ينتظر وصول ميسورا‪.‬‬

‫مث ضياقو أيب يزيد‪ ،‬فخرج وىزمو أيب يزيد فمضى إىل القَتوان‪ ،‬ودخل أبو يزيد رقادة‪ ،‬وبعث أيوب الزويلي‬
‫يف عسكر إىل القَتوان فملكها يف صفر سنة ثالث وثالثُت وهنبها وأمن خليال‪ ،‬فقتلو ايب يزيد وزحف إىل ميسورا‬
‫إىل أيب يزيد‪ ،‬وكان معو أبو كيمالن فكاتبوا أيب يزيد وداخلوه يف الغدر دبيسور‪ ،‬وكتب أليو القائم بذلك فحذرىم‬
‫فطردىم عنو‪ ،‬وغبقوا بأيب يزيد وساروا معو إىل ميسور فاهنزم ميسور وقتلو بٍت كمالن‪ ،‬وبلغت ىزيبة ميسور إىل‬
‫‪2‬‬
‫القائم باؼبهدية فاستعد للحصار‪.‬‬

‫فأمر حفر خندق حول ارباض اؼبهدية وزويلة‪ ،3‬وتعزيز ربصينها‪ ،‬ووجو رسالة إىل الكتاميُت يأمرىم فيها‬
‫‪4‬‬
‫بالقدوم لنجدتو ىذا من جهة‪.‬‬

‫مساعدة زيري بن مناد للقائم‪:‬‬

‫على غرار اؼبساعدات اليت طلبها القائم من الكتاميُت‪ ،‬فقد طلب اؼبساعدة أيضا من زيري بن مناد زعيم‬
‫قبيلة صنهاجة‪ ،‬فلحق بو إىل اؼبهدية‪ ،5‬وقام دبهاصبة القوات احملاصرة‪ ،‬فاستطاع تزويد اؼبهدية باإلمدادات وتقوية‬
‫‪6‬‬
‫حاميتها للصمود‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن األثَت ‪،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ج‪، 7‬ص‪.190‬‬

‫‪ 2‬ابن خلدون‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،4‬ص ‪.53‬‬
‫‪ 3‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.325‬‬
‫‪ 4‬ؿبمد سهيل طقوش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪5‬نفسو‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ 6‬جورج مارسيو‪ ،‬المغرب وعالقتها بالمشرق اإلسالمي في العصور الوسطى‪ ،‬تر‪ :‬ؿبمود عبد الصمد ىيكل‪ ،‬منشأة اؼبعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،1991 ،‬‬
‫ص ‪.176‬‬

‫‪28‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫حصار أبي يزيد للمهدية‪:‬‬

‫ؼبا ظبع أبو يزيد بتأىب صنهاجة‪ ،‬كتامة وغَتىم لنصرة القائم خاف ورحل كبو اؼبهدية‪ ،‬فنزل على طبسة‬
‫‪2‬‬
‫عشر ميال‪ ،1‬فعسكر ىناك‪ ،‬واتصل حصاره ؽبا‪ ،‬فقتل بُت الفريقُت عدد كبَت من اعبند أكثرىا من جيوش القائم‪.‬‬

‫وؼبا طال على جند أيب يزيد اؼبقام وسئموا التغريب على بالدىم وربققوا حصانة اؼبهدية‪ ،‬انفصل على أيب‬
‫يزيد‪ ،3‬جزء من قواتو واضطر على رفع اغبصار على اؼبهدية‪ ،4‬فلم يبقى معو إال طوائف من ىوارة وزناتة ومت‬
‫‪5‬‬
‫القائم يف آخر ىذه السنة وأيب يزيد ؿباصرا لسوسة‪.‬‬

‫المنصور وفشل ثورة أبي يزيد‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫ويل بعد (القائم) ابنو إظباعيل اؼبلقب باؼبنصور فبادر ببناء جيش بري وحبري‪.‬‬

‫توجهت جيوشو إىل سوسة‪ ،‬وكان جيش اؼبنصور الربي أربع مائة فارس‪ ،‬فهجم على جيش أيب يزيد يف معسكره‬
‫‪7‬‬
‫يف يوم كثَت الغيم وأطلقوا النار يف ؾبتمع حطب كان ىناك‪.‬‬

‫يقول ابن األثير‪ « :‬فلما رأى ذلك أيب يزيد وأصحابو خافوا وظنوا أن أصحابو يف تلك الناحية قد ىلكوا‪.»..‬‬

‫‪8‬‬
‫فاهنزم أيب يزيد وأصحابو‪ ،‬وتوجو إىل القَتوان فلم يقبلوه و قتلوا صباعة من أصحابو‪ ،‬فهرب عنهم‪.‬‬

‫وخرج اؼبنصور من اؼبهدية للبحث عن ايب يزيد ‪ ،‬قال اؼبؤرخون‪ :‬فلم يزل يهزمو ويقتفي أثره إال أن أخذه جروبا يف‬
‫‪9‬‬
‫جبل كيانة‪ ،‬وذلك يف شهر ؿبرم سنة ست وثالثُت‪ ،‬فسلخ جلده‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن األثَت‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج ‪ ،7‬ص‪.191‬‬

‫‪ 2‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصر السابق‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫‪ 3‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪ 4‬جورج مارسيو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪ 5‬ؿبمود مقديش‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫‪ 6‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪ 7‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.351‬‬
‫‪ 8‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪ 9‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.352-351‬‬

‫‪29‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫وحشاه تبنا‪ ،‬وازبذ لو قفصا فأدخلو فيو مع قردين يالعبانو‪، 1...‬وطيف بو من جبال صنهاجة باؼبغرب‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫مث صلب هبا إىل أن مزقتو الرياح بعد أن مزق مشل العامل يف البالد‪.‬‬

‫بناء المنصور لمدينة صبرة‪:‬‬

‫وؼبا مت للمنصور أمره ومل يبقى من ينازعو أحب االنتقال من اؼبهدية إىل مدينة صربة وىي مالسقة‬
‫للقَتوان‪ ،‬وقد بٌت صورىا وجعل فيها قصرا لنفسو فكان انتقالو إليها أول سنة سبع وذلك أصل تسمية صربة‬
‫‪3‬‬
‫باؼبنصورية‪.‬‬

‫مث خرج يف شهر رمضان سنة إحدى وأربعُت من اؼبنصورية إىل جلولة يتنزه هبا ومعو حضية كان مغرما هبا‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫فأمطر اهلل عليهم بردا كثَتا وسلط عليهم روبا عظيما‪ ،‬فأخرج منها من اؼبنصورية‪.‬‬

‫وفاة المنصور‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫تويف اؼبنصور إظباعيل بن القاسم سنة إحدى وأربعُت لسبع سنُت من خالفتو‪.‬‬

‫المعز وانتقال الفاطميين إلى مصر‪:‬‬

‫ويل بعد (اؼبنصور) ابنو معد‪ ،‬ولقب اؼبعز لدين اهلل فاستقام أمره‪ ،6‬وبويع بوالية العهد يف حياة أبيو‬
‫اؼبنصور‪ ،‬مث جددت لو البيعة بعد وفاة أبيو‪ ،‬خرج إىل بالد إفريقية ليمهد قواعدىا‪ ،‬فانقاد لو صبيع العباد يف سائر‬
‫‪8‬‬
‫البالد‪7.‬ومل تزل صربة دار ملكهم‪ ،‬إىل أن انتقلوا إىل مصر سنة اثنيت وستُت وثالشبائة‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن خلدون ‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،4‬ص ‪.57‬‬

‫‪ 2‬ؿبمود مقديش ‪،‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.352‬‬
‫‪ 3‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫‪ 4‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.352‬‬
‫‪ 5‬ابن خلدون ‪،‬نفسو‪.58،‬‬
‫‪ 6‬ابن خلدون‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ 7‬ؿبمود مقديش ‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫‪ 8‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.328‬‬

‫‪30‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫تعيين زيري بن مناد على إفريقية‪:‬‬

‫استخلف على إفريقية زيري بن مناد الصنهاجي‪ 2 ،1‬فسلم إليو إفريقية وأعماؽبا وسائر أعمال اؼبغرب يوم‬
‫‪3‬‬
‫األربعاء لسبع يقُت من ذي اغبجة‪ ،‬وفوض إليو أمور البالد كلها‪ ،‬إال بالد جزيرة الصقلية وطرابلس‪.‬‬

‫وفاة المعز لدين اهلل‪:‬‬

‫وكانت والدة اؼبعز باؼبهدية‪ ،‬ووافتو دبصر يوم اعبمعة اغبادي عشر ربيع اآلخر‪ ،‬وقيل الثالث عشر سنة‬
‫‪4‬‬
‫طبس وستُت وثالشبائة‪.‬‬

‫والية تميم‪:‬‬

‫مل رأى اؼبعز اختالل األحوال وتغلب األعراب على البالد علم أن صربة ال ربضنو منهم‪ ،‬فبٌت على‬
‫االنتقال إىل اؼبهدية‪ ،5‬فوىل ابنو سبيم الذي ولد باؼبنصورية سنة ‪ 422‬ه‪ ،‬ووىل اؼبهدية سنة ‪ 445‬ه‪ ،‬وعمره آنذاك‬
‫ث الث وعشرون سنة‪ ،‬وأقام هبا إىل أن خرج والده من اؼبنصورية متوجها كبوىا‪ ،‬فلما دنا منها‪ ،6‬وخرج سبيم للقائو‬
‫وترجل وقبل األرض بُت يديو‪ ،‬ومشى أمامو‪ ،7‬وسار منو إىل اؼبهدية‪ ،‬فنزل اؼبعز القصر‪ ،‬وأقام ابنو سبيم متكفال‬
‫‪8‬‬
‫بأمر الدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬زيري بن مناد الصنهاجي‪ :‬ىو أبو الفتوح بلكُت بن زيري بن مناد اغبيمري الصنهاجي‪ ،‬وىو جد باديس‪ ،‬وظبي أيضا يوسف‪ ،‬استخلفو اؼبعز بن‬
‫منصور على إفريقية‪ ،‬وكان استخالفو سنة إحدى وستُت وثالشبائة‪ ،‬إىل أن تويف يوم األحد لسبع يقُت من ذي اغبجة سنة ثالث وسبعُت‪ ،‬أنظر‪ :‬ابن‬
‫خلكان‪ :‬وفيات األعيان‪،‬اؼبصدر الساابق ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪(.286‬رقم ‪.)119‬‬
‫‪ 2‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ص ‪.356‬‬
‫‪ 3‬النويري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،28‬ص ‪.87‬‬
‫‪ 4‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 5‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ص ‪.328‬‬
‫‪ 6‬ابن عذاري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.298‬‬
‫‪ 7‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ 8‬ابن عذاري‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.299‬‬

‫‪31‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫ويف سنة ‪ 455‬ه فتح سبيم مدينة سوسة ويف سنة ‪ 456‬ه ردف إىل اؼبهدية ضبو بن سبيم الربغواطي‬
‫الثائر دبدينة صفاقص فورد خربه إىل سبيم‪ ،‬فسار غليو ومعو طائفة كبَتة من زغبة ورياح‪ ،1‬فالتقيا بظاىر اؼبهدية‬
‫‪2‬‬
‫فهزمو سبيم وعاد ضبو إىل صفاقص خائبا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويف سنة ست وسبعُت‪ ،‬وصل غبصار (اؼبهدية) إبراىيم بن ؿبمد الثائر بقابس ومعو صبع عظيم من األعراب‪.‬‬

‫فنزلوا على اؼبهدية أمَتىم (مالك بن علوان الصخري) فهجموا على عسكر إبراىيم وخرج سبيم دبن معو‬
‫‪5‬‬
‫من جنده‪ ،‬فهجم عليهم من اعبهة األخرى‪ ،4‬فهزمو‪ ،‬وأقلع عنها منهزما ودخل القَتوان‪.‬‬

‫دخول النصارى على مدينة المهدية‪:‬‬

‫ويف سنة ‪ 480‬ه كسفت ا لشمس كسوفا كليا‪ ،‬وجرى فيها ما جرى من نزول الروم على اؼبهدية يف‬
‫‪6‬‬
‫ثالشبائة مركبا حربيا‪ ،‬وعلى ظهورىا ثالثون ألف مقاتل‪.‬‬

‫حيث استوىل على اؼبهدية وزويلة صباعة من رجال من مدينيت بيزا وجنوة‪ ،‬وقاموا بنهب ما فيها‬
‫وإحراقها‪.7‬‬
‫‪8‬‬
‫فكان من تغلبهم على اؼبهديتُت وعيثهم فيها ما ىو مشهور ومعلوم‪.‬‬
‫وعبأ سبيم إىل قصره ‪9‬اؼبعروف بقصر اؼبهدي‪ ،‬وىو قصر حصُت فأقام بو إىل أن وقع الصلح بينو وبينهم‬
‫على مائة ألف دينار تدفع ؽبم‪ ،‬ويقلعون ؼبا حصل يف أيديهم من اؼبسلمُت فدفعت ؽبم وأقلعوا بأموال اؼبسلمُت‬
‫‪10‬‬
‫ونسائهم وأبنائهم‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن عذارى‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪.299‬‬

‫‪ 2‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ 3‬نفسو‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ 4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 5‬ابن عذاري‪،‬نفسو ‪ ، ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ 6‬نفسو‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ 7‬ؿبمد الطاليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ 8‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪-‬أنظر الملحق رقم‪.30‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ 10‬التجاين نفسو ‪ ،‬ص ‪.331‬‬

‫‪32‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫وفاة تميم بن المعز‪:‬‬

‫مات يف منتصف رجب سنة ‪ 501‬ه‪ ،‬فكان عمره تسعا وسبعُت سنة‪ ،‬ووالية من يوم وفاة أبيو ستا‬
‫‪1‬‬
‫وأربعُت سنة وعشرة أشهر ونصف‪.‬‬

‫والية يحي بن تميم‪:‬‬

‫ويل بعد والده (سبيم) ابنو وبي‪ ،‬ولد باؼبهدية سنة ‪ 475‬ه‪ ،‬وويل سنة ‪ 501‬ه‪ ،‬وعمره آنذاك ثالث‬
‫‪2‬‬
‫وأربعُت سنة‪.‬‬

‫فكان فبا حدث من االسباب اؼب ؤدية ان تغلب النصارى على اؼبهدية‪ ،‬التغلب الثاين‪ ،‬الذي أدى إىل‬
‫تغلب دولة صنهاجة‪ ،3...‬ويف سنة ‪ 508‬ه ويل أمَت إفريقية وبي ابنو علبا مدينة صفاقص وويل أخاه مدينة‬
‫‪4‬‬
‫سوسة‪.‬‬

‫وفاة يحي بن تميم‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫تويف ثاين عيد النحر سنة ‪ 509‬ه فجأة مقتوال يف قصره باؼبهدية‪ ،‬فكانت مدة ملكو شبان سنُت وستة أشهر‪.‬‬

‫والية علي بن يحي بن تميم‪:‬‬

‫ؼبا مات وبي بن سبيم باؼبهدية سنة تسع وطبسمائة‪ ،‬ويل بعده علي بن وبي‪ ،‬فوقعت الوحشة بينو وبُت‬
‫رجار بسبب السفينة اليت أنشأىا‪ ،‬ورافع بن مكي بن كامل بقابس‪ ،‬فوقعت اؼبقاتلة بُت اسطول علي وأسطول‬
‫رجار‪ ،6‬ويف سنة ‪ 512‬ه وصل إىل األمَت علي بن وبي‪ ،‬من قبل صاحب الصقلية رجار رسول منو يلتمس‬

‫‪ 1‬ابن عذاري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص ‪.304‬‬

‫‪ 2‬نفسو‪ ،‬ص ‪.304‬‬
‫‪ 3‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ 4‬ابن عذاري‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪ 5‬نفسو‪ ،‬ص ‪.304‬‬
‫‪ 6‬التيجاين‪ ،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.334‬‬

‫‪33‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫ذبديد العقود‪ ،‬وتأكيد العهود‪ ،‬ويطلب أمواال كاتب لو موقفو باؼبهدية‪ ،‬فرد على رسولو دون جواب‪ ،‬فتزايدت‬
‫‪1‬‬
‫الوحشة بينو وبُت روجار‪.‬‬

‫وفاة علي بن يحي‪:‬‬

‫ومل تزل الفتنة بينهما (بُت علي ورجار) إىل أن مات علي‪ ،2‬ويف ربيع آخر من سنة ‪ 515‬ه‪ ،‬فكانت‬
‫‪3‬‬
‫دولتو طبس سنُت وأربعة أشهر واثٍت عشر يوما‪.‬‬

‫والية الحسن بن علي‪:‬‬

‫كان أبوه قد فوض إليو األمر يف حياتو‪ ،‬وعمره اثنيت عشرة سنة‪ ،‬وتسعة أشهر مولده يف مدينة سوسة يف‬
‫رجب سنة ‪ 502‬ه‪ ،‬ويف سنة ‪ 516‬ه‪ ،‬غزا أبو عبد اهلل بن ميمون قائد علي بن يوسف جزيرة صقلية‪،4‬‬
‫‪5‬‬
‫فاستفتح من حصونا وسب منها سبايا كثَتة‪ ،‬فلم يشك النصارى أن الباعث لعلي بن يوسف ىو اغبسن‪.‬‬

‫فاستنفر أىل بالد الروم قاطبة‪ ،‬وؼبا علم اغبسن بذلك أمر بتشييد األسوار‪ ،‬وازباذ األسلحة‪ ،‬وحشد‬
‫القبائل‪ ،‬واستقدم العرب‪ ،‬فجاءت اغبشود من كل جهة ومكان‪ ،6‬ونزلت األعراب بظاىر اؼبهدية‪ ،‬فلما كان يوم‬
‫السبت ػبمس بقُت من صبادى األوىل سنة سبع عشرة وطبسمائة‪ ،‬وصل أسطول رجار إىل اؼبهدية فأرسى باعبزيرة‬
‫‪7‬‬
‫اؼبعروفة جبزيرة األحاسي‪.‬‬

‫وكان روجار قد أمر أسطولو ان يدخل تلك اعبزيرة ويأخذ قصر الديباس‪ ،‬ودخلوا القصر للسنتُت ثالثا‬
‫من صبادى أوىل‪ ،‬ويف آخر ليلة كرب اؼبسلمون‪ ،‬ودخلوا اعبزيرة‪ ،‬فاهنزم الروم‪ ،‬وأحاطت العساكر بقصر الديباس‬
‫تقاتلو‪ ،‬وأىل األسطول يف البحر يعانون ذلك إال أن طلب الروم األمان‪ ،‬وخرجوا يف منتصف صبادى األخر‬

‫‪ 1‬ابن عذاري‪،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،1‬ص ‪.307‬‬

‫‪ 2‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫‪ 3‬ابن عذاري‪ ،‬نفسو ‪،‬ص ‪.206‬‬
‫‪ 4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.308‬‬
‫‪ 5‬التيجاين ‪،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.335‬‬
‫‪ 6‬ابن عذاري‪ ،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.308‬‬
‫‪ 7‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪34‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫فأخذهتم السيوف وقتلوا عن آخرىم‪ 1‬وبعد ىذا االهنزام أنشأ روجار يف ظاىر األمر بينو وبُت اغبسن صلحا‪ ،‬وكان‬
‫بُت اغبسن وبُت عمو وبي بن اؼبعز بن باديس بن اؼبعز بن اؼبنصور بن ناصر بنب علناس بن ضباد صاحب جباية‪،‬‬
‫بعث وبي يف ىذه اؼبدة حملاصرتو للمهدية أسطوال‪ ،‬فحاصر اؼبهدية‪ ،‬فاستمد اغبسن اؼبساعدة من روجار فأمده‬
‫بأسطولو‪ ،‬فارربل أسطول وبي عن اؼبهدية‪ ،‬وكان لروجار جواسيس باؼبهدية‪ ،‬فكتبوا إليو يعلمونو باألخبار‪ ،‬فأمر‬
‫‪2‬‬
‫رجار جرير قائد األسطول اؼبتوجو بالنصرة باؽبجوم عليها وأخذىا ففعل ذلك غدرا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫مث تناقصت حال ملوكها مع حصانة اؼبوضع حىت استوىل عليها الفرنج سنة ثالث وأربعُت وطبسمائة‪.‬‬
‫فقد كان الغالء اؼبتوايل يف إفريقية‪ ،‬فأضعف ىذا الغالء أكثر جند اغبسن وأىلك خيلهم‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فكانت بقية العسكر يف ؿباربة بن خرسان صاحب تونس‪ ،‬كل ىذه األسباب دفعت اغبسن على تسليم اؼبهدية‬
‫‪4‬‬
‫لنصارى‪ ،‬وأمر بالرحيل عنها‪ ،‬وخرج منو مع أىلو وولده وحشمو وتبعو الناس فارين‪.‬‬
‫ويؤكد ابن عذارى حرص رجار على االستيالء على اؼبهدية ويظهر ىذا من خالل قولو‪ « :‬فلن يزل رجار‬
‫وقائده جورجا يوحالن على اؼبهدية حبيلهما‪ ،‬إال أن اتستوىل عليها يف ىذه السنة ‪ 543‬ه‪ ،‬وبقية بأيدي الروم‬
‫‪5‬‬
‫حىت افتتحها اؼبوحدون»‪.‬‬

‫استرجاع الموحدين لمدينة المهدية‪:‬‬

‫بعد فرار اغبسن من اؼبهدية‪ ،‬أحب االنتقال إىل مصر لكنو عدل عن السفر إليها عندما علم دبراقبة‬
‫‪6‬‬
‫النصارى (جرير) لو وقرر بعد ذلك التوجو إىل اػبليفة عبد اؼبؤمن بن علي باؼبغرب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫فاجتمع اغبسن بعبد اؼبؤمن دبدينة متيجة وذلك سنة ‪ 547‬ه‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن عذاري‪،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ج‪، ،1‬ص ‪.309‬‬

‫‪ 2‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.340-339‬‬
‫‪ 3‬القزويٍت‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.277-276‬‬
‫‪ 4‬التيجاين‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ 5‬ابن عذارى‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ 6‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.342‬‬
‫‪ 7‬نفسو‪ ،‬ص ‪.343‬‬

‫‪35‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫وكان اغبسن بن علي الصنهاجي آخر ملوك بٍت زيري يشجع عبد اؼبؤمن على غزو إفريقية واستنقاذىا من‬
‫‪1‬‬
‫الفرقبة‪.‬‬
‫إىل أن ربرك إليها سنة اربعة وطبسُت وطبسمائة ففتح تونس وأذىب بٍت خرسان‪ ،2‬وأقام عبد اؼبؤمن يف‬
‫تونس ثالثة أيام‪ ،‬مث سار إىل مدينة اؼبهدية‪ ،‬فاحتل مدينة زويلة مث حاصر مدينة اؼبهدية لكنو مل ينل منها وأدرك‬
‫عبد اؼبؤمن أن االستيالء عن اؼبهدية مل يتم إال دبواصلة اغبصار فًتة طويلة‪ ،‬فظل على حصارىا ستة أشهر‪ ،‬وؼبا‬
‫ضاق الفرقبة من طول اغبصار سئلوا عبد اؼبؤمن النزول عن اؼبهدية مقابل السَت بأمان إىل الصقلية فوافق عبد‬
‫‪3‬‬
‫اؼبؤمن‪.‬‬
‫ودخل عبد اؼبؤمن مدينة اؼبهدية صلحا‪ ،‬واستوىل اؼبوحدون عليها يف عاشر من شهر ؿبرم سنة ‪550‬ه‪،4‬‬
‫ووىل على اؼبهدية أبا عبد اهلل ؿبمد بن فرج الكومي‪ ،‬وأسكن اغبسن زويلة‪ ،5‬وبعد ذلك بأربعة عقود من السنُت‪،‬‬
‫ربالف عبد الكرمي الرجراجي الكومي وىو من قبيلة عبد اؼبؤمن بن علي مع بٍت غانية‪ ،‬فاستقل بأمر اؼبدينة يف‬
‫أواخر خالفة الناصر ‪ 595‬ه‪ 610 -‬ه‪ ،‬وتلقب باؼبوكل على اهلل‪ ،‬لكن اػبليفة اؼبوحدي اسًتجع اؼبهدية وكامل‬
‫‪6‬‬
‫إفريقية سنة ‪ 602‬ه‪ ،‬وقام بًتميم ربصيناهتا‪.‬‬

‫‪-2‬عسكريا‪:‬‬

‫حرص الفاطميون منذ إعالن خالفتهم على تكوين جيش قوي‪ ،‬يكون قادرا على ضباية كياهنم السياسي‪،‬‬
‫والدفاع عن مصاغبهم يف الداخل واػبارج‪ ،‬وكان ىذا اعبيش عبارة عن خليط من األجناس‪ ،‬يبتلك عدة حربية‬
‫كبَتة ومتنوعة‪.‬‬

‫‪ 1‬ىشام أبو رميلة‪ ،‬عالقات الموحدون بالمماليك النصرانية والدول اإلسالمية في األندلس‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ 1،1404‬ه‪1989 /‬م ‪،‬ص‬
‫‪.64‬‬
‫‪ 2‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ 3‬ىشام أبو رميلة‪،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.67-66‬‬
‫‪ 4‬ابن عذارى‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،1‬ص ‪.316‬‬
‫‪ 5‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.349‬‬
‫‪ 6‬ؿبمد طاليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.174 ،‬‬

‫‪36‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫عناصر الجيش‪:‬‬

‫‪ -‬كتامة ‪ :‬لقد كان الرببر الكتاميون ‪ ،‬من بالد إفريقية الصغرى‪ ،‬يبثلون طوال الفًتة اإلفريقية من العهد الفاطمي‬
‫العنصر اؼبتوقف داخل جيش العبيديُت‪ 1.‬فكان أكثر جند عبيد اهلل اؼبهدي ؾبتمع من قبيلة كتامة‪ ،2‬حيث‬
‫يشَت القاضي النعمان يف كتابو افتتاح الدعوة‪ ،‬أن عبيد اهلل اؼبهدي قسم كتامة أسباعا‪ ،‬وجعل لكل سبع منها‬
‫عسكرا‪ ،3‬باإلضافة إىل قبائل أخرى قد شاركت كتامة‪ ،‬يف نصرة الفاطميُت‪ ،‬فمثال قبيلة عجسية وقفت إىل‬
‫جانب الفاطميُت أثناء ثورة أيب يزيد‪ ،‬وقبيلة صنهاجة اليت ساعدتو ىي األخرى اػبليفة اؼبنصور أثناء ؿباربتو‬
‫‪4‬‬
‫الثائر أيب يزيد‪.‬‬
‫‪ -‬الصقالبة ‪ :‬يعترب الصقالبة من بُت األوائل‪ ،‬فمنذ أن خرج اؼبهدي من سليمة‪ ،‬كان ؿباطا دبجموعة من اغبرص‬
‫‪5‬‬
‫تتألف من بعض النصارى من ذوي األصل الصقاليب‪.‬‬
‫‪ -‬جماعة زويلين ‪ :‬كان زويلُت يؤلفون داخل اعبيش الفاطمي فيلقا خاصا بقيادة واحد من بٍت جنسهم اظبو‬
‫‪6‬‬
‫صندل‪ ،‬وقد برزوا أثناء حصار أيب يزيد ؼبدينة اؼبهدية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬العنصر العربي‪ :‬يتعلق األمر بعناصر جنود إفريقية‪.‬‬

‫عدة الجيش‪:‬‬

‫‪ -‬األساطيل الحربية‪ :‬األسطول بالنسبة للفاطميُت كان لو أنبية‪ ،‬وقد ذكر أهنم عندما كانوا يف اؼبغرب ازبذوا‬
‫‪8‬‬
‫من اؼبهدية قاعدة ألسطوؽبم‪ ،‬وجعلوا من سوسة قاعدة ثانية‪.‬‬

‫‪ 1‬فرحات الدشراوي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.537‬‬

‫‪ 2‬بوبة ؾباين و آخرون ‪ ،‬من قضايا التاريخ الفاطمي في دوره المغربي ‪،‬دار هباء ‪،‬اعبزائر ‪(،‬د‪،‬ط)‪ ،2007،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ 3‬القاضي النعمان‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ 4‬عبد اهلل ؿبمد صبال الدين‪ ،‬الدولة الفاطمية قيامها في بالد المغرب وانتقالها إلى مصر إلى حماية القرن الرابع ىجري مع عناية خاصة‬
‫بالجيش‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬القاىرة‪ 1411 ،‬ه‪1991 ،‬م‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪ 5‬فرحات الدشراوي‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.545-541‬‬
‫‪ 6‬نفسو‪،‬ص ‪.546‬‬
‫‪ 7‬نفسو‪ ،‬ص ‪.546‬‬
‫‪ 8‬اؼبعز لدين اهلل الفاطمي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182-181‬‬

‫‪37‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫وكانت اؼبراكب اليت يتكون منها األسطول الفاطمي يف البحر‪ ،‬وكانت اؼبراكب اليت يتكون منها األسطول‬
‫‪1‬‬
‫الفاطمي بالبحر اؼبتوسط على أنواع ـبتلفة منها‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬الشواني الحربية‪ :‬وىي سفن كبَتة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ‬الشلندي‪ :‬وىي مركب حريب كبَت‪ ،‬مسطح‪ ،‬يستعمل غبمل العتاد واعبند‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫باإلضافة إىل مسطحات‪ ،‬والطرادات‪ ،‬والعشاريات‪ ،‬واغبراقات‪.‬‬

‫أدوات الحروب‪:‬‬

‫حافظ الفاطميون على امتالك األسلحة‪ ،‬وخاصة ما يعود منها ألسالفهم‪:‬‬

‫‪ -1‬السيف والرمح‪ :‬سالح الفارس والرجال على السواء‪ ،‬أما الرمح فهو عبارة عن قناة من اػبشب‪ ،‬ركب‬
‫‪5‬‬
‫فيها سنان من اغبديد وىو سالح الفرسان واؼبشاة على السواء‪.‬‬
‫باإلضافة إىل األقواس وىو اغبراب‪ ،‬وىي أقصر من رماح كان الفاطميون يستعملوهنا دبهارة كبَتة‪ ،‬كذلك‬
‫عرفوا اػبنجر والطرب (الفأس)‪ ،‬كذلك عرفوا الدروع‪ ،‬وأولوىا قسطا كبَتا من عنايتهم‪ ،‬وعٍت الفاطميون‬
‫‪6‬‬
‫ايضا باؼبنجيق وىو أداة ترمى هبا اغبجارة أو اغبديد أو السوائل اؼبلتهبة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الدبابات‪ :‬وىي عربات تصنع من اػبشب اؼبكسو باعبلد‪.،‬‬
‫‪8‬‬
‫كذلك عرف الفاطميون آلة حربية تسمى الصنبور‪ ،‬كانت كالدبابة‪ ،‬وتصنع من اػبشب اؼبغطى من اعبلد‪.‬‬

‫‪ 1‬بوبة ؾباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬

‫‪ 2‬اؼبعز لدين اهلل الفاطمي‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪ 3‬بوبة ؾباين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ 4‬اؼبعز لدين اهلل الفاطمي‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪ 5‬بوبة ؾباين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.177-176‬‬
‫‪ 6‬عبد اهلل ؿبمد صبال الدين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫‪ 7‬بوبة ؾباين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ 8‬عبد اهلل ؿبمد صبال الدين‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪38‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬
‫‪1‬‬
‫وكانت لديهم فرقة كربى تسمى "النفطية" مهمتها استخدام النار يف اغبروب‪.‬‬

‫ومل يهمل الفاطميون اػبيول واالىتمام هبا‪ ،‬ويف الدفاع كان العسكر الفاطمي يلجأون إىل خنادق وكانوا‬
‫‪2‬‬
‫وبفروهنا حول معسكراهتم لتحميهم من مباغتة العدو‪.‬‬

‫‪ 1‬اؼبعز لدين اهلل الفاطمي‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.181‬‬

‫‪ 2‬عبد اهلل ؿبمد صبال الدين‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪39‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫‪-2‬اقتصاديا و اجتماعيا‪:‬‬

‫مل ربظ اغبياة االقتصادية يف اؼبهدية باىتمام كبَت من طرف اػبلفاء الفاطميُت‪ ،‬األمر الذي عكس لنا قلو‬
‫يف اؼبنتوج الزراعي والصناعي ىذا من جهة‪.‬‬

‫من جهة أخرى فقد الحظننا من خالل اؼبصادر ازدىارا كبَتا يف التجارة‪ ،‬وذلك حبكم موقعها اؼبمتاز‬
‫األمر الذي ظبح ؽبا بتوسيع التجارة‪.‬‬

‫‪-1‬اقتصاديا‪:‬‬

‫الزراعة‪:‬‬

‫ذكر اإلدريسي بأن مدينة اؼبهدية ليس فيها جنات وال بساتُت لبل‪ ،‬وإمبا هبلب إليها بشيء من الفواكو‬
‫من قصور اؼبنستَت‪ 1،‬وكان خبارج زويلة من جهة غربيها ضبى كان قبل دخول العرب أرض إفريقية وإفسادىم ؽبا‬
‫جنات وبساتُت بسائر الثمار العجيبة والفواكو الطيبة‪ ،‬ومل يببقى منها هبذا اغبمى شيء‪ 2،‬وعلى مقربة من ىذه‬
‫اؼبدينة (زويلة) قرى كثَتة ومنازل وقصور يسكنها قوم بواد ؽبم زروع كثَتة ومواشي وأغنام وأبقار‪ ...‬وقمح وشعَت‬
‫‪3‬‬
‫وهبا زيتون كثَت‪.‬‬

‫ومن خالل كل ما ذكرناه يتضح لنا بأن سكان مدينة اؼبهدية مل يهتموا بالزراعة‪ ،‬وأن معظم اؼبنتوجات‬
‫الزراعية كانت تصلهم من اؼبدن اجملاورة ؽبا كزويلة وقصور واؼبنستَت‪.‬‬

‫الصناعة‪:‬‬

‫إىل جانب الزراعة‪ ،‬عرف الفاطميون الصناعة ومن بُت الصناعات اليت عرفها الفاطميون‪ ،‬قبد صناعة‬
‫‪4‬‬
‫األلبسة‪ ،‬حيث يذكر لنا اإلدريسي بأن مدينة اؼبهدية كانت تعمل هبا الثياب الرفيعة اعبيدة‪.‬‬

‫‪ 1‬اإلدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬

‫‪ 2‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 3‬اإلدريسي‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ 4‬اغبمَتي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.562‬‬

‫‪40‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫كما عرف الفاطميون صناعة أجود أنواع الزيوت‪ ،‬كزيت الزيتون‪ ،‬الذي وصفو ؿبمود مقديش بأنو‬
‫‪1‬‬
‫عجيب يف قولو‪ ... « :‬هبا زيتون كثَت‪ ،‬يعتصر منو زيت طيب‪ ،‬عجيب‪.»...‬‬

‫باإلضافة إىل أن ىذ ه الصناعات قبد صناعة السفن ويظهر ىذا من خالل بناء عبيد اهلل اؼبهدي لدار‬
‫‪2‬‬
‫إنشاء السفن‪.‬‬

‫التجارة‪:‬‬

‫كانت اؼبهدية مدينة حط وإقالع للسفن اغبجازية‪ ،3‬القاصدة إليها من بالد اؼبشرق وسفن اؼبغرب‬
‫‪4‬‬
‫واألندلس‪ ،‬وبالد الروم‪ ،‬وغَتىا من البالد وإليها ذبلب البضائع الكثَتة بقناطَت األموال‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وكانت فيها سلف اؼبسافرين إليها كثَتوا البضائع إليها ؾبلوبة من سائر البالد واألقطار‪.‬‬

‫كما كانت تقوم بتجهيز (تصدير) ـبتلف اؼبنتوجات كالزيوت اليت كانت تعم سائر إفريقية‪ ،‬ويتجهز هبا‬
‫أيضا إىل سائر بالد اؼبشرق‪ ،6‬باإلضافة إىل الثياب الرفيعة اليت كان يتجهز هبا إىل صبيع األفاق يف كل وقت وكل‬
‫‪7‬‬
‫حُت‪.‬‬

‫كما كان دبدينة زويلة األسواق اعبميلة وكان أملها ذبار نبالء ذو أذىان ثاقبة‪ ،‬وأفهام ذكية‪ ،‬وكان ؽبم‬
‫معرفة زائدة يف التجارة وطريقتهم ضبيدة يف اؼبعامالت‪8،‬ويظهر ىذا من خالل وصف ابن حوقل ؽبم‪...«:‬ذبارىا‬
‫‪9‬‬
‫طراة‪.» ..‬‬

‫‪ 1‬اإلدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.283‬‬

‫‪ 2‬ابن خلدون‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 3‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ 4‬اإلدريسي‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.281‬‬
‫‪ 5‬ؿبمود مقديش‪،‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 6‬اإلدريسي‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ 7‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.113-112‬‬
‫‪ 8‬نفسو‪ ،‬ص ‪.113-112‬‬
‫‪9‬أيب قاسم بن حوقل النصييب (اؼبعروف بابن حوقل )‪،‬صورة األرض ‪،‬منشورات دار مكتبة اغبحياة ‪،‬لبنان ‪1995،‬م‪ ،‬ص ‪.73‬‬

‫‪41‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫بيت المال‪:‬‬

‫المصالح المالية في عهد المهدي‪:‬‬

‫يف مطلع القرن العاشر من اؼبيالد‪ ،‬ويف الوقت الذي تسلم فيو مقاليد اغبكم يف رقادة أعلن عن قيام‬
‫اػبالفة الفاطمية‪ ،‬ذلك أن اػبليفة الفاطمي األول قد اقتصر على إعادة تشكيل دواليب اإلدارة األغلبية وإقرار‬
‫‪1‬‬
‫بعض اؼبوظفُت السابقُت الذين أظهروا مقدرهتم يف خدمة األمراء ألغالبة يف مناصبهم‪.‬‬
‫وقد أمر عبيد اهلل اؼبهدي باقتضاء واجب األموال وكان ديوان اػبراج قد أحرق ؼبا ىرب زيادة اهلل فأمر‬
‫فأحي ونصب ديوانا للكشف‪ ،‬وديوانا للضياع‪ ،‬وديوانا للهاربُت مع زيادة اهلل‪ ،‬ونصب ديوانا لألخطاء‪ ...‬وجعل‬
‫‪2‬‬
‫بيتا للمال وأقام لو ديوانا‪.‬‬
‫وفضال عن الدواوين األربعة اليت كانت تابعة إلدارة اؼبال اؼبركزية يوجد ديوان آخر ال يقل عن أنبيتو ديوان‬
‫اػبراج وىو ديوان السكة وقد ويل عليو نفس اؼبوظف الذي كان على رأسو أمراء بٍت األغلب‪ ،‬وىو أبو بكر بنوا‬
‫‪3‬‬
‫القامودي‪.‬‬
‫فبا هبدر اإلشارة إليو أن حياة اػبلفاء الفاطميُت يف إفريقية‪ ،‬زبتلف عنها يف مصر‪ ،‬ويتضح ىذا من‬
‫خالل التقشف الذي يعيشو الفاطمُت يف بالد اؼبغرب‪ ،‬باإلضافة إىل الثورات اليت كادت أن تعصف بالدولة‬
‫الفاطمية يف بالد اؼبغرب‪ ،‬فبا جعل اػبلفاء الفاطميون يف نضال مستمر‪ ،‬ومل يكن ؽبم الوقت الكايف‪ ،‬لالىتمام‬
‫باؼبناسبات واالحتفاالت واؼبواكب‪.‬‬

‫‪-2‬اجتماعيا ‪:‬‬

‫األعياد واالحتفاالت والمواكب‪:‬‬

‫األعياد‪ :‬من بُت األعياد اليت عرفها الفاطميون يف بالد اؼبغرب‪:‬‬

‫‪ 1‬فرحات الدشراوي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.477‬‬

‫‪ 2‬القاضي النعمان‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.304-303‬‬
‫‪ 3‬فرحات الدشراوي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.478-477‬‬

‫‪42‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫‪ -1‬عيد الفطر وعيد األضحى‪:‬‬

‫لقد احتفل الفاطميون يف أيام عيد الفطر وعيد األضحى اؼببارك‪ ،‬فأقاموا الصلوات يف اؼبساجد‪ ،‬وأعدوا‬
‫لذلك موائد الطعام‪ ،‬وتبدأ بدعوة اػبليفة ألىل بيتو واقربائو‪ ،‬لالحتفال بالعيد معو‪ 1،‬فقد أشار ابن اآلبار اىل‬
‫ذلك‪...( :‬وبعث اؼبعز إىل اؼبهدية يف عمومتو أىل بينو‪ ،‬فورد آلو وحضروا معو عيد األضحى‪ ،‬وخرج فصلى‬
‫‪2‬‬
‫بالناس وخطب وكبر)‪.‬‬

‫‪ -2‬المولد النبوي الشريف‪:‬‬

‫يعد من بُت أعيادىم اؼبشهورة ومواظبهم اؼبذكورة‪ ،‬ومساعيهم اؼبشكورة‪ ،‬تعظيمهم ليلة اؼبولد الشريف‪،‬‬
‫ذلك أنو قد ولد فيو سيد الكائنات صلى اهلل عليو وسلم‪ ،‬ولعل أول من اعتٌت بتعظيمو يف بالد إفريقية الغربية‪،‬‬
‫وأظهر فيو شعائر الوالدة احملمدية السلطان أبو عنان اؼبريٍت‪ ،‬شكر اهلل سعيو‪ ،‬مث اقتدى بو بنو أيب حفص يف الديار‬
‫‪3‬‬
‫التونسيُت‪.‬‬

‫‪ -3‬عيد عاشوراء‪:‬‬

‫مل وبتفل الفاطميون باألعياد الشيعية أثناء وجودىم باؼبغرب‪ ،4‬ما عدا إشارات قليلة يف اؼبصادر‪ ،‬حيث‬
‫‪5‬‬
‫يشَت القاضي النعمان يف كتابة اجملالس واؼبسايرات‪ ،‬عن فضائل عاشوراء‪ ،‬وحضر وقتو‪ ،‬وذكر مصاب اغبسُت‪.‬‬

‫‪ 1‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬الحياة االجتماعية والثقافية في الدولة الفاطمية في المغرب ومصر (‪297‬ه‪597-‬ه‪909 /‬م‪1171-‬م)‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل شهادة ماجستَت اآلداب يف التاريخ‪ ،‬جامعة شندي‪ ،2019 ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ 2‬ابن اآلبار‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج‪،2‬ص ‪.391‬‬
‫‪ 3‬ابن أيب دينار الفقيو النبيو العالمة أيب عبد اهلل الشيخ ؿبمد بن أيب القاسم الرعيٍت القَتواين‪ ،‬كتاب المؤنس في اخبار افريقية و تونس ‪،‬مطبعة الدولة‬
‫التونسية حباضرهتا احملمية‪،‬ط‪،1،1286‬ص‪.290‬‬
‫‪ 4‬حسُت خضري أضبد‪،‬عالقات الفاطميين في مصر بدول المغرب (‪567-326‬ه)(‪1171-973‬م)‪،‬مكتبة مدبويل ‪(،‬د‪،‬ب)‪،‬ط‪(،1‬د‪،‬س)‪،‬‬
‫ص‪.275‬‬
‫‪ 5‬القاضي النعمان‪ ،‬المجالس والمسايرات‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.397‬‬

‫‪43‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫‪ -4‬عيد النيروز‪:‬‬

‫ومن األعياد القديبة اليت احتفل هبا سكان اؼبغرب "عيد النَتوز"‪ ،1‬وىذا العيد يبدأ مع فصل الربيع‪،2‬‬
‫وىذا ما ذكره لنا القاضي النعمان يف كتابة اجملالس واؼبسايرات أنو فصل الربيع يكون اػبضر والزىر والنبت وتفتح‬
‫‪3‬‬
‫الشجر‪ ،‬ومن ألوان االطعمة وخبائث األشربة يف نزىهم إليو‪ ،‬وما يعكفون من ؽبوىم عليو‪.‬‬

‫االحتفاالت‪:‬‬

‫من بُت االحتفاالت اليت عرفها الفاطميون يف بالد اؼبغرب الزواج واػبتان‪...‬‬

‫‪ -1‬الزواج‪:‬‬

‫اتسمت احتفاالت الزواج ببالد اؼبغرب بالبذخ واؼبغاالة يف اؼبهور‪ ،‬وىذا ما نراه يف سنة ‪413‬ه عرس‬
‫اؼبعز‪ ...‬فكان لو عرس ما هتيأ قط ألحد ملوك اإلسالم‪ ،4‬وىذا ما أشار إليو أيضا جورج مارسيو إىل تقليد أمراء‬
‫‪5‬‬
‫بٍت زيري الفاطميُت يف البذخ‪ ،‬وقد ساعدهتم الوفرة على إشباع ىذا اؼبيل‪.‬‬

‫‪ -2‬الختان‪:‬‬

‫ينقل لنا القاضي النعمان يف كتابو اجملالس واؼبسايرات طريقة االحتفال باػبتان اعبماعي بقولو‪... « :‬‬
‫واػبتانون يف السرداقات على الكراسي وينب أيديهم اؼبنابر عبلوس الصبيان‪ ،‬والقوم يبسكوهنم يف حجورىم‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫ويذرون الذرارات اؼبمسكة للدم على فتاناهتم‪ ،‬وكان لكل صيب منهم مائتا درىم إىل مئة وطبسُت »‪.‬‬

‫‪ 1‬النَتوز‪ :‬ىو تعريب نوروز ويقال أن أول من ازبذه جم شاد‪ ،‬أحد ملوك الطبقة الثانية من الفرس‪ ،‬ومعٌت شاد الشعاع والضياء‪ ،‬وإن سبب ازباذىم ؽبذا‬
‫اليوم عيدا أن الدين كان قد فسد قبلو‪ ،‬فلما ملك جدده وأظهره‪ ،‬فسمي اليوم الذي ملك فيو نوروز أي اليوم اعبديد‪ ،‬أنظر القلقشندي‪ ، ،‬اؼبصدر‬
‫السابق‪ ،‬ج‪،2‬ص ‪.408‬‬
‫‪ 2‬حسُت اػبضري‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ 3‬القاضي النعمان‪،‬المجالس و المسايرات ‪،‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫‪ 4‬حسُت خضري‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.279‬‬
‫‪ 5‬جورج مارسيو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ 6‬القاضي النعمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.557‬‬

‫‪44‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫المواكب‪:‬‬

‫أما عن اؼبواكب يف بالد اؼبغرب فقد بالغ أمراء بٍت زيري يف رظبها‪ ،‬وتعدت مناسباهتا كتقليد للخلفاء‬
‫الفاطميُت من ناحية‪ ،‬ىذا أن أبا الفتح اؼبنصور بن يلكُت خرج سنة ‪374‬ه يف العيد إىل مسجد رقادة على‬
‫حصان سرجو مكلل بالدر والياقوت وىو يرتدي أحسن زي يف اؼبوكب‪ ،1‬كما تكررت اؼبواكب بانتظام يف عهد‬
‫اؼبنصور وخلفائو باديس بن اؼبعز‪ ،‬وكانت مصحوبة أحيانا باستعراضات هبا من الغرابة والطرافة ما يؤثر يف خيال‬
‫الشعب‪.2‬‬

‫طبقات المجتمع في عهد الفاطميين‪:‬‬

‫عرف ؾبتمع اؼبغرب اإلسالمي يف عهد الفاطميُت‪ ،‬كغَته من اجملتمعات األخرى‪ ،‬تباينا بُت طبقاتو‬
‫االجتماعية‪ ،‬انطالقا من اغباكم ووصوال إىل الرعية‪ ،‬حيث قسم اجملتمع إىل أربعة طبقات‪:‬‬

‫‪ -1‬طبقة الخلفاء ورجال الدولة‪:‬‬

‫وىي الطبقة العليا يف اجملتمع اؼبغريب اإلسالمي‪ ،‬تتألف من خلفاء‪ ،‬الوزراء‪ ،‬الوالة وغَتىم من أصحاب‬
‫‪3‬‬
‫السلطة ونفوذ‪ ،‬سبتعت ىذه الطبقة دبكانة السياسية رفيعة ألن السلطة كانت بيدىا‪.‬‬

‫‪ -2‬طبقة الجند‪:‬‬
‫منذ إعالن الفاطميُت ػبالفتهم حرصوا على بناء جيش يكون قادرا على ضبايتهم‪ ،4‬وال شك أن نواة‬
‫اعبيش الفاطمي بدأت تتشكل مع أفراد من قبيلة كتامة‪ ،‬ويف سنة ‪296‬ه قدر عدد اعبيش دبائيت ألف جندي‬
‫‪5‬‬
‫بُت راجل وفارس‪ ،‬ىذا العدد عند دخولو إىل رقادة إىل كبو ثالشبائة‪.‬‬

‫‪ 1‬حسُت خضري‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.276‬‬

‫‪ 2‬جورج مارسيو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪ 3‬غادة حسُت‪ ،‬بنية المجتمع المغربي اإلسالمي أثناء العصر الفاطمي (‪362-297‬ه‪972-909 /‬م)‪ ،‬تاريخ اإليداع ‪ 2014/10/12‬للنشر‬
‫يف ‪ ،2014/12/21‬ؾبلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية‪ ،‬سلسلة اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،2014 ،36‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ 5‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪45‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫‪ -3‬طبقة العبيد‪:‬‬

‫لقد شكل العبيد على اختالف أجناسهم وألواهنم شروبة كبَتة داخل النسيج االجتماعي للمغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ويف عهد الفاطميُت أيضا‪ ،‬وقد أصبح تأثَتىم ملحوظا‪ ،‬ال سيما يف اجملال اإلداري العسكري‪ ،‬ويف‬
‫باقي اجملاالت األخرى‪ ،‬ىذا فضال عن الوظائف األساسية كاػبدمة يف قصور اػبلفاء واألمراء وما يتعلق باألعمال‬
‫‪1‬‬
‫اؼبنزلية وغَتىا‪.‬‬

‫‪ -4‬طبقة التجار‪:‬‬

‫يبدو أن الوضع االجتماعي للتجار يف عهد الفاطميُت كان مروبا خاصة أن أبا عبيد اهلل الشيعي قد‬
‫منحهم األمان وأحسن استقباؽبم يف صبلة وجوه القَتوان ؼبا دخلها سنة ‪ 296‬ه‪ ،2‬وقد سبتع التجار يف العصر‬
‫الفاطمي حبرية نشاط كبَتة شجعت عناصر ىامة دبا يف ذلك األجانب على الولوج إىل بالد السودان وحىت أوروبا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد لعب التجار اليهود دورا رئيسيا يف انتعاش حركة اؼببادالت التجارية‪.‬‬

‫‪ -5‬طبقة العامة‪:‬‬

‫تأيت طبقة العامة يف أسفل اؽبرم االجتماعي‪ ،‬ارتبط مفهوم العامة يف نظر الفاطميُت بكل ما ىو حقَت‬
‫ووضيع‪ ، 4‬فقد شبههم اؼبعز لدين اهلل الفاطمي باغبجرة اليت ال رونق ؽبا ‪ ،‬كما وصفت يف مواضع أخرى باغبمَت‬
‫واعبمال وجاء على لسان اؼبعز يف وصفو ؽبذه الطبقة‪ (:‬ابتالنا اهلل برعي اغبمَت واعبمال‪ ،5‬فإننا مل نزل نتلطف يف‬
‫ىدايتهم ومسايرة أحواؽبم إىل أن ىبتم اهلل لنا باغبسٌت‪ ،‬وعموما فإن طبقة العامة تشمل صبيع فئات اجملتمع والتجار‬
‫‪6‬‬
‫والعاطلُت عن العمل)‪.‬‬

‫‪ 1‬غادة حسُت‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.306‬‬

‫‪ 2‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 3‬غادة حسُت‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ 4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.304‬‬
‫‪ 5‬نفسو‪،‬ص‪.304‬‬
‫‪ 6‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪46‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫‪-3‬دينيا و ثقافيا‪:‬‬

‫لقد عرف أىايل اؼبغرب تعاليم الشيعة منذ سنوات طويلة‪ ،‬على أيدي الدارسة الذين قبحوا يف إنشاء دولة‬
‫علوية يف اؼبغرب األقصى سنة ‪169‬ه‪ ،‬وقد رحب األىايل من الرببر بإنشاء ىذه الدولة اليت حققت ؽبم رغبتهم‬
‫يف اػبالص من اغبكم العباسي‪.‬‬

‫ومن ىذا اؼبنطلق سنتطرق يف البداية إىل تعريف الشيعة و اؼبذىب اإلظباعيلي‪ ،‬مث سنتطرق إىل اؼبقاومة السنية‪.‬‬

‫دينيا ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫تعريف الشيعة‪:‬‬

‫الشيعة‪ :‬لغة‪ :‬ىي الصحب واالتباع‪ ،‬يطلق يف عرف الفقهاء و اؼبتكلمُت من اػبلف والسلف على أتباع علي‬
‫وبنيو رضي اهلل عنهم‪.‬‬

‫أما المذىب اإلسماعيلي ‪ :‬اليت قالت بإمامة إظباعيل بن جعفر الصادق‪ ،‬وبعدما توىف إظباعيل يف حياة أبيو‬
‫الصادق سنة ‪45‬ه‪ ،‬انتقلت اإلمامة منو إىل ؿبمد‪ ،‬فأصبح اإلمام السابق‪ ،‬وكان ميمون القداح ىو أشهر‪ ،‬دعاة‬
‫اإلمام ؿبمد ابن إظباعيل‪ ،‬الذي انتقل ىو وابنو أضبد يف كثَت من األمصار‪ ،‬مث استقر يف قرية (سلمية) يف بالد‬
‫‪1‬‬
‫الشام اليت أصبحت دار ىجرة الشيعة لألئمة اإلظباعيلية‪.‬‬

‫المقاومة السنية‪:‬‬

‫وجد الفاطميون صعوبات كبَتة يف بسط نفوذىم على اجملتمع اإلفريقي السٍت‪ ،‬حيث واجو اػبليفة‬
‫اؼبهدي مقاطعة سلبية وإنكارا صامتا‪ ،‬جاهبو بو أىل إفريقية وعلماؤىا اؼبالكي‪ ،‬فقد ثبتت اؼبالكية السنية أقدامها‬
‫يف القَتوان وغَتىا من دول إفريقية؛ وجاىروه علماء اؼبذىب بإنكار مذىبو‪ ،‬وتبعهم يف ذلك عامة الناس‪.‬‬

‫ووقفت إفريقية كلها موقف معارضة سلبية‪ ،‬ودبا أنو ال سبيل غلى فرض دولة على أناس يقاطعونو مقاطعة‬
‫تامة ويعيشون بعيدا عنها‪ ،‬فقد كان طبيعيا‪ ،‬أن يبحث الفاطميون عن عصبة‪ ،‬يعتمدون عليها‪ ،‬فلم تستقر دعائم‬
‫نظامهم ىناك إال بقوة أنصارىم الكتاميُت الذين أشاء اػبليفة اؼبعز يف كل مناسبة بفضلهم على الدعوة‪ ،‬لذلك‬

‫‪ 1‬أبو عبد اهلل الشيعي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12-7‬‬

‫‪47‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫فقد حرص اػبليفة اؼبهدي على البعد عن رقادة والقَتوان مركز اؼبقاومة السنة وتأسس مدينة جديدة يف سنة ‪303‬‬
‫‪1‬‬
‫وىي مدينة اؼبهدية‪.‬‬

‫‪-2‬ثقافيا‪:‬‬

‫تنوع النشاط العلمي يف العصر الفاطمي يف بالد اؼبغرب ليشمل عددا من العلوم من أنبها العلوم الشرعية‬
‫والعلوم النقلية والعلوم التطبيقية‪.‬‬

‫أوال‪ -‬العلوم الشرعية‪:‬‬

‫اؼبقصود بالعلوم الشرعية ىنا التفسَت واغبديث والفقو‬

‫‪ .1‬التفسير‪ :‬أخذ الشيعة اإلظباعيلية التفسَت كوسيلة لنشر معتقداهتم ومبادئهم‪ ،‬فقد شهد الفاطميُت توسعا يف‬
‫علم التفسَت الشيعي على يد عاؼبُت‪ 2،‬من أبرز علماء اؼبذىب االظباعيلي آنذاك وىو ما قاضى القضاء أبو اغبنيفة‬
‫ا لنعمان بن أيب عبد اهلل ؿبمد بن حيون‪ ،‬وجعفر بن اؼبنصور اليمٍت‪ ،‬فقد ألف كالمها كتب يف علم التفسَت‬
‫والتأويل‪ ،‬كانت ذات أنبية كربى يف خدمة اؼبعتقد االظباعيلي‪ 3،‬وكانا يؤلفان بإقرار واطالع من اػبليفة اؼبعز لدين‬
‫‪4‬‬
‫اهلل الفاطمي‪.‬‬

‫‪ .2‬الفقو‪ :‬ارتبط الفقو يف العصر الفاطمي ببالد اؼبغرب دببادئ اإلظباعيلية وبأشهر شخصية شيعية يف بالد‬
‫اؼبغرب‪ ،‬اال وىي شخصية القاضي النعمان‪ ،‬كان القاضي النعمان من أىل العلم والفقو والدين والنبل وكان مالزما‬
‫‪5‬‬
‫لصاحبو اؼبعز لدين اهلل‪.‬‬

‫‪ 1‬أيبن فؤاد‪ ،‬الدولة الفاطمية في مصر‪ ،‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتب‪ ،‬القاىرة‪ ،2007،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ 2‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة بلهول‪ ،‬الحياة الثقافية للدولة الفاطمية ببالد المغرب اإلسالمي‪296( ،‬ه‪362-‬ه) (‪909‬م‪973-‬م)‪ ،‬مذكرة لنيل درجة‬
‫اؼباسًت يف تاريخ اؼبغرب اإلسالمي الوسيط‪ ،‬جامعة أكلي ؿبمد أوغباج البويرة‪1435 ،‬ه‪1436-‬ه‪2014/‬م‪2015-‬م‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 3‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.118-117‬‬
‫يوسف بن أضبد حوالو ‪ ،‬الحياة العلمية في أفريقية المغرب ''المغرب األدنى'' منذ إتمام الفتح وحتى منتصف القرن الخامس الهجري‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪450/90‬ه) ج‪ ،1‬مركز حبوث الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مكة اؼبكرمة ‪1428‬ه‪2000/‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.463‬‬
‫‪ 5‬سامي العبيد ؿبمد أضبد‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.20-19‬‬

‫‪48‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫ومن الفقهاء الذين أثروا اغبياة الثقافية للدولة الفاطمية يف اؼبغرب أيضا‪ ،‬قبد الفقيو أبو يعلى أضبد بن‬
‫‪1‬‬
‫ؿبمد اؼباروذي‪ ،‬قاضي اؼبنصور‪ ،‬خدم اؼباروذي اػبلفاء الفاطميُت الثالث اؼبهدي والقائم و اؼبنصور‪.‬‬

‫‪ .3‬الحديث‪ :‬مل يواكب اغبديث التطور واالزدىار الذي عرفو الفقو عند الفاطميُت يف اؼبغرب‪ ،‬اىتم الفاطميون‬
‫بعلم اغبديث واعتربوه مصدرا من مصادر العقيدة اإلسالمية وأن إنبالو إنبال للدين ومبادئو‪ 2،‬عمل الفاطميون‬
‫على تأويل أحاديث الرسول صلي اهلل عليو وسلم دبا يناسب ميوالهتم وتطوراهتم ومبادئهم ولعل أو حديث أولو‬
‫‪3‬‬
‫الفاطميون لنا بعد دخوؽبم اؼبغرب‪.‬‬

‫ىو ما ذكره لنا القاضي النعمان يف كتابو اختالف األصول أن الرسول صلى اهلل عليو وسلم قد نبأ بقدوم‬
‫اؼبهدي ونص اغبديث ىو ''اؼبهدي من ولدي وبي سنيت ويتمم أمري يطالب بالثأر أىل بييت‪ ،‬يبأل األرض عدال‬
‫‪4‬‬
‫كما ملئت ظلما وجورا‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬العلوم النقلية‪:‬‬

‫اىتم الفاطميون بالعلوم النقلية وكان من أبرزىا‪ ،‬النثر والشعر واللغة والنحو‪.‬‬

‫‪ )1‬النر‪ :‬ىناك نوعُت من النثر‪ ،‬النثر الفٍت والنثر التأليفي‪.‬‬

‫‪ :1-1‬النثر الفني‪ :‬حفل عهد اػبليفة الفاطمي األول عبيد اهلل اؼبهدي (‪296‬ه‪322-‬ه) ‪،‬بكثرة اؼبكتبات‬
‫‪5‬‬
‫الرظبية اليت كانت تتبادل بنية وبُت ويل عهد أيب القاسم الذي كان مكلفا ببعض الفتوحات يف اؼبغرب ومصر‬
‫ويعترب أبو عبد اهلل الشيعي من أىم الكتاب يف عهد اػبليفة األول‪ ،‬وأيب اليسر إبراىيم بن ؿبمد الشباين الذي كان‬
‫متوليا شؤون ديوان الرسائل فقد استكتبو اػبليفة اؼبهدي وظل يزاول مهامو حىت توىف عام ‪298‬ه‪ 6‬مث استكتب‬

‫‪ 1‬ظبَتة عمَتة‪ ،‬نورة بلهول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص ‪.41‬‬

‫‪ 2‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ 3‬ظبَتة عمَتي‪،‬نورة بلهول ‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 4‬القاضي النعمان‪ ،‬اختالف أصول المذاىب‪ ،‬تح‪ ،‬مصطفى غالب‪ ،‬دار األندلس لطباعة والنشر‪ ،‬بَتوت‪1983 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،3‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 5‬يوسف بن أضبد حوالو‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ج ‪،2‬ص ‪.172‬‬
‫‪ 6‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪49‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫اػبليفة كاتبا آخر وىو أبو جعفر ؿبمد بن أضبد بن ىارون‪ ،‬مث البغدادي الذي ما لبث أن رقى إىل وظيفة صاحب‬
‫‪1‬‬
‫الديوان باإلضافة غلى الكتابة وذلك عام ‪300‬ه‪.‬‬

‫ويف عهد اػبليفة القائم بأمر اهلل (‪322‬ه‪334-‬ه) أصبح النشاط النثري قليل فيما يتصل باؼبكتبات‬
‫‪2‬‬
‫الرظبية‪ ،‬ذلك بسبب ثورة أيب يزيد‪ ،‬فقد أخذت كل سنوات عهده فانكفأ معزوال وؿباصرا يف عاصمتو اؼبهدية‪.‬‬

‫ومع عهد ابنو اػبليفة إظباعيل اؼبنصور (‪334‬ه‪341-‬ه) قد شهد تناول كتابات رظبية بُت اػبليفة‬
‫‪3‬‬
‫وقواده ورجال دولتو‪.‬‬

‫أما عهد اػبليفة الرابع اؼبعز لدين اهلل (‪341‬ه‪362-‬ه) فقد كان حافل بالنشاط النثري اإلداري والدليل‬
‫على ذلك أن سلطان الدولة وقوهتا تطلب تبادل الرسائل الديوانية بُت اػبليفة وقواده ورجال دولتو من جهة وبُت‬
‫‪4‬‬
‫اػبليفة وبعض الثائرين عليو من جهة أخرى مثال ذلك الرسالة اليت بعثها اػبليفة اؼبعز لدين اهلل للخليفة األموي‪.‬‬

‫‪ :2-1‬النثر التأليفي‪ :‬سانبت عدة أسباب أدت لقلة اإلنتاج األديب فيما يبدو أن ذلك يرجع إىل اؼبناخ اؼبذىيب‬
‫الشعيب االظباعيلي بُت اؼبغاربة الرافضُت لو‪ ،‬غال أنو على الرغم من ذلك وصلتنا كتب مهمة على سبيل اؼبثال‬
‫كتاب اجملالس واؼبسايرات كتاب قيم متعدد اعبوانب واالىتمامات وىو كتاب أديب فبتع طريق‪ ،‬إذ يعد من كتب‬
‫‪5‬‬
‫السيدة فقد ألف القاضي النعمان مادتو من مالزمتو شبو الدائمة للخليفة اؼبعز لدين اهلل‪.‬‬

‫أما المؤلف الثاني ىو كتاب اؽبمة وفضل األئمة للقاضي النعمان‪ ،‬والغرض من ىذا الكتاب تبيان فضل األئمة‬
‫‪6‬‬
‫وحاجة الناس ؽبم‪.‬‬

‫‪ 1‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪ 2‬ظبَتة عمَتي ‪ ،‬نورةبلهول‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ 3‬يوسف بن أضبد حوالو‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ 4‬سامي العبيد‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ 5‬يوسف بن أضبد حوالو‪،‬نفسو ‪،‬ص‪.185‬‬
‫‪ 6‬سامي العبيد‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪50‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫أما المؤلف الثالث ‪ :‬تلقيح العقول لألديب برية بن يسر الشباين‪ ،‬فالكتاب عبارة عن ؾبموعة من األمثال وقد‬
‫‪1‬‬
‫ألف ىذا الكتاب يف بداية عهد اػبليفة اؼبعز لدين اهلل (‪362-343‬ه)‪.‬‬

‫‪ )2‬الشعر‪ :‬عرف الفاطميون ثالث نوعيات من الشعراء وىم الشعراء اػبلفاء‪ ،‬والشعراء الفقهاءوالشعر األدباء‪.‬‬

‫‪-‬شعر الخلفاء‪ :‬عرف عن اػبلفاء الفاطميُت الذين تولوا اػبالفة يف الدور اؼبغريب نظمهم للشعر‪ ،‬وإذ كان حظهم‬
‫قد اختلف كما ونوعا من واحد آلخر‪ ،‬فاػبليفة عبيد اهلل اؼبهدي (‪296‬ه‪322-‬ه)‪ 2،‬كما وصفو ابن اآلبار يف‬
‫قولو‪ ...« :‬مفوىا فصيحا عاؼبا أدبيا»‪3،‬مل يعرف عنو سوى مقطوعتُت أحدنبا يف الوعيد وفبا جاء فيها‪:‬‬

‫وإن تعدلوا عٍت أرى قتلكم عدال‬ ‫فإن تستقيموا استقم لصالحكم‬

‫وادخلها عفول وأمألىا عدال‬ ‫أعلوا بسيفي قاىرا سيفكم‬

‫والمقطوعة الثانية‬

‫يف الفخر وتقع يف أربعة أبيات يفتخر فيها بنفسو وشجاعتو وجبيوشو‪.‬‬

‫إىل نفسو فسر هبا قائال‪:‬‬ ‫وكان عبيد اهلل اؼبهدي إذا نظر‬
‫‪4‬‬
‫يطلع للدنيا وللدين‪.‬‬ ‫مبارك الطلعة ميموهنا‬

‫اػبليفة القائم بأمر اهلل (‪322‬ه‪334-‬ه) كان أغزر شعرا من أبيو‪ ،‬فكان حريصا على اقتناء دواوين‬
‫الشعر‪.‬‬

‫يبعث هبا اىل األقطار والبلدان ومن قصائده الشعرية‪ ،‬القصيدة الشعرية اليت ارسلها إىل أبيو‪ ،‬وىي يف‬
‫الوعيد من ضمنها‬

‫أم أصد عن من قلة الفهم واألدب‬ ‫يا أىل شرف اهلل زالت حلو ملكهم‬

‫‪ 1‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.52-51‬‬

‫‪ 2‬يوسف بن أضبد حوالو‪،‬اؼبرجع السابق ‪،‬ص‪.245‬‬
‫‪3‬ابن اآلبار‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،1‬ص ‪.193‬‬
‫‪ 4‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪53-52‬‬

‫‪51‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬
‫‪1‬‬
‫من عاد عن أم اؽبداية مل يصب‬ ‫فووبا لكم خالفتم اغبق واؽبدي‬

‫أما اػبليفة اؼبنصور (‪341-334‬ه) ال يقل شاعرية عنهما‪ ،‬وقد عرفت لو مقطوعتان األوىل وتتكون من‬
‫شبانية أبيات‪ ،‬بعثها ضمن كتاب إىل ولده اؼبعز لدين اهلل‪ ،‬اثناء مطاردتو للثائر الرببري أيب يزيد واؼبقطوعة األخرى‬
‫‪2‬‬
‫يف الفخر وقد قاؽبا وىو يتأىب للنصر الوشيك على أيب يزيد‪.‬‬

‫ومل ىبتلف اؼبعز لدين اهلل (‪341‬ه‪362-‬ه) عنهم فقد كان شاعرا أيضا وأدبيا كان لو شعر يبيل فيو‬
‫‪3‬‬
‫غلى استخدام احملسنات البديعية اليت كانت سائدة يف عصره آنذاك‪.‬‬

‫‪ -‬الشعراء الفقهاء‪ :‬من الشعراء الفقهاء قبد الفقيو اإلظباعيلية األشهر أو حنيفة النعمان بن حيون‬
‫‪4‬‬
‫(ت‪363‬ه)‪ ،‬أحد الفقهاء الذين نضموا الشعر‪ ،‬ولقد وصف ابن فلكان شعره بالشعر الفحل‪.‬‬

‫الشعراء األدباء‬

‫م ن أوائل الشعراء الذين عرفهم عصر الفاطمُت وبالذات عهد اػبليفة عبيد اهلل اؼبهدي (‪323-296‬ه)‬
‫الشاعر ؿبمد البديل الكاتب ومثال عن شعره أنو ىب واقفا يبتدح اػبليفة اؼبهدي ‪ ،‬بان حلولو دبدينة رقادة‬
‫باألبيات اؼبشهورة اليت يقول مطلعها‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫حل هبا أدام ونوح‪.‬‬ ‫حل برقادة اؼبسيح‬

‫ومن الشعراء البارزين أيضا فبن عاصر اػبلفية عبيد اهلل اؼبهدي الشاعر اؼبعروف بسعدون الورجيٍت‪ ،‬ومن‬
‫الشعراء الذين عايشوا اػبلفاء الثالث (اؼبهدي والقائم واؼبنصور) الشاعر أو جعفر أضبد بن ؿبمد اؼبروذي‪ ،‬وقد‬
‫ترك عدة أبيات شعرية تدل على شاعريتو اعبيدة واؼبتمكنة‪ ،‬من بُت تلك األبيات بُت يف مدح اػبليفة اؼبنصور‪.‬‬

‫كما ابتهجت بدولتك القلوب‬ ‫لقد تاىت بطلعتك الغروب‬

‫‪ 1‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.126‬‬

‫‪ 2‬يوسف بن أضبد حوالو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.246‬‬
‫‪ 3‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ 4‬يوسف بن أضبد حوالو‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪ 5‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪52‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬
‫‪1‬‬
‫قبيب راح وبملو النجيب‬ ‫لقد زىت اػبالفة إذا حاذىا‬

‫‪ .3‬اللغة والنحو‬

‫كان للخلفاء الفاطميُت دورا يف ىذا اجملال فأظهر اػبليفة اؼبعز لدين اهلل اىتماما بالغا بالنحو‪ ،‬فمثال‬
‫ذلك‪ ،‬طلبو ذات مرة من أحد األئمة اؼبشهورين وىو الفراري القَتواين‪ ،‬تأليف كتابا يف النحو‪ ، 2‬وفبا ذكره القاضي‬
‫النعمان عن براعة اػبلفية اؼبعز اللغوية والنحوية ‪،‬أن اػبليفة كان كثَتا ما يعقد حلقات يف ؾبلسو مع كبار العلماء‬
‫تناقش فيها الكثَت من القضايا النحوية واللغوية‪ 3‬باإلضافة إىل القاضي النعمان‪،‬الذي يعترب أحد الذين اىتموا‬
‫بالعلوم العربية‪ ،‬عن طريق تأليفو لكتاب لغوي‪ ،‬ىو الرسالة ذات البيان اليت صنفها يف الرد على العامل الكويف‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫اللغوي عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬العلوم التطبيقية‬

‫اؼبقصود بالعلوم التطبيقية الطب والفلك والرياضيات مل تلق ىذه العلوم االىتمام الكايف بالقدر الذي‬
‫لقيتو باقي العلوم الشرعية واألدبية‪.‬‬

‫‪ )1‬الطب والصيدلية‪:‬‬

‫من أطباء إفريقية الذين عاصروا الدولتُت األغلبية والفاطمية زياد بن خلدون موىل بن األغلب‪ ،‬وىو أحد‬
‫الذين تلقى علومو الطبية على يد سليمان بن عمران‪ ،‬وؼبا قامت اػبالفة الفاطمية التحق خبدمة اػبلفية عبيد اهلل‬
‫‪5‬‬
‫اؼبهدي‪.‬‬

‫كما عرف العصر الفاطمي بروز أسرة العزار‪ ،‬اليت اشتغلت يف الطب يف عهدىم‪ ،‬وىي أسرة يهودية‬
‫‪6‬‬
‫عاشت يف إفريقية آنذاك وأول رجال ىذه األسرة ىو موسى بن العزار اصطحبو اػبلفية اؼبعز لدين اهلل إىل مصر‪.‬‬

‫‪ 1‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.56-55‬‬

‫‪ 2‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪ 3‬يوسف بن أضبد حوالو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ج ‪،2‬ص‪.322-321‬‬
‫‪ 4‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ 5‬سامي العبيد‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ 6‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬نفسو‪،‬ص‪.63-62‬‬

‫‪53‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫ويبدو أن موسى بن العزار كان الطبيب الرظبي للبالط‪ ،‬فقد ذكر بأنو ركب للخليفة عدة أدوية كشراب‬
‫التمر اؽبندي وىو أول ما ركب‪ ،‬ومن الكتب الطبية احملصنة اليت كتبها موسى بن العزار كتاب اؼبعزي‪ ،‬وقد صنفو‬
‫اػبليفة اؼبعز‪ ،‬وكتاب السعال ويف الصيدلة كتاب األفراباذين‪.1‬‬

‫‪ )2‬الفلك‪:‬‬

‫مل يعرف اؼبغرب اىتمام كثَتا بالرياضيات والفلك ولكن اػبلفاء الفاطميُت‪ ،‬كانوا مولعُت بالفلك‬
‫والتنجيم‪ 2‬فاػبليفة عبيد اهلل اؼبهدي الذي كان لو بصر بعلم النجوم قام يشاء عاصمتو اؼبهدية‪ ،‬وفق حسابات‬
‫‪3‬‬
‫فلكية‪ ،‬وىي أن كانت أقرب إىل علم التنجيم إال أهنا على كل تدل على ميلو ؽبذا اعبانب من العلوم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫واػبليفة اؼبنصور كان ىو اآلخر عاؼبا بالنجوم‪ ،‬ولكنو غَت مؤمن بتأثَتىا‪.‬‬

‫أما اػبليفة اؼبعز لدين اهلل فإنو كان ماىرا يف علم النجوم إىل جانب مهارتو يف علوم الطب واؽبندسة‬
‫ولكنو كان غَت مؤمن بتأثَتىا ىو اآلخر‪ ،‬وكان يرى أن النظر يف النجوم صاحل ؼبعرفة قدرة اهلل‪ ،‬ولكنو غَت نافع يف‬
‫‪5‬‬
‫معرفة حظوظ الناس‪.‬‬

‫‪ )3‬الرياضيات‬

‫كان للخلفاء الفاطميُت القائم واؼبنصور واؼبعز حسب رياضي ىندسي فمما نذكر للخليفتُت القائم‬
‫واؼبنصور‪ ،‬من نظر ىندسي ما رواه القاضي النعمان من رغبتها يف اجراء هنر يقع بعيدا عن القَتوان يدعى هنر‬
‫‪6‬‬
‫أيوب إىل اؼبدينة عن طريق قناة ‪ ،‬ولكن فتنة أيب يزيد وثورتو حالت دون ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬يوسف بن أضبد حوالو‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ج ‪،2‬ص‪.383‬‬

‫‪ 2‬سامي العبيد‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫‪ 3‬يوسف بن أضبد حوالو‪،‬نفسو‪ ،‬ص‪383‬‬
‫‪ 4‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول ‪،‬اؼبمرجع السابق‪،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 5‬سامي العبيد‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ 6‬يوسف بن أضبد حوالو‪ ،‬نفسو ‪،‬ص‪.391‬‬

‫‪54‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫فكر اػبليفة الثالث اؼبنصور دبواصلة جهود والده‪ ،‬ولكن مستشاريو ىولوا عليو األمر‪ ،‬وىو التخويف مل‬
‫‪1‬‬
‫يأبو بو اؼبعز استئنف العمل يوم األحد غرة ؿبرم سنة ‪342‬ه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫غَت أن مبو مدينة اؼبنصورة العاصمة اعبديدة اليت بناىا أبو بعد انتصاره على نورة أيب يزيد قلل من متجو اؼبشروع‪.‬‬

‫كما كان للخليفة اؼبعز ذو النظرة اؽبندسة الثاقبة عدة أعمال أخرى من بينها تفكَته يف إجراء البحر‬
‫الىعاصمتو اؼبنصورة والدليل على ذلك ما قالو القاضي النعمان‪« :‬يف خليج حىت تكون مراكبنا ربط وتقلع حباضرتنا‬
‫ذلك لإلشارة غلى ربط اؼبنصورة بالقَتوان»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫و ففي األخَت نستنتج ‪،‬‬

‫تعاقب على حكم مدينة اؼبهدية عدة خلفاء‪ ،‬وتباينت فًتة حكم كل خلفية بُت فًتة قوة وفًتة ضعف‬
‫‪ ،‬وأول اػبلفاء الذين عرفتهم الدولة عبيد اؼبهدي مؤسس اؼبدينة وأخرىم اغبسن بن علي ىذا األخَت الذي سقطت‬
‫يف عهده اؼبدينة يف يد النورماندين ''روجار'' ‪،‬وبقيت اؼبدينة ربت سلطتهم حىت اسًتجعها اؼبوحدون‪ ،‬وقاموا بًتميم‬
‫ربصيناهتا‪.‬‬

‫مل وبظ اعبانب االقتصادي باىتمام اػبلفاء الفاطمُت وحىت سكان مدينة اؼبهدية‪ ،‬ويظهر ىذا من خالل‬
‫قلة اإلنتاج الزراعي ‪،‬حبيث أننا مل نشهد أي نشاط زراعي يف مدينة اؼبهدية ‪،‬باإلضافة إىل قلة يف اؼبنتوج الصناعي‬
‫أيضا ‪،‬الذي اكبصر يف بعض اؼبنتوجات‪ ،‬كصناعة الزيوت‪ ،‬غَت أننا الحظنا وفرة يف صناعة األسلحة‪،،‬فقد تعددت‬
‫واختلفت أنواعها ‪،‬وىو ما يفسر اىتمام الفاطميُت باعبانب العسكري أي الصناعات اغبربية‪.‬‬

‫لقد أفرزت الطبقية يف اجملتمع الفاطيمي يف اؼبغرب بروز مبطُت من حيث اؼبستوى االجتماعي‪ ،‬ىنالك فئة‬
‫سبتلك األموال والقصور مثل اػبلفاء واألمراء واعبند ‪،‬وفئة ؿبرومة سخرت ثروهتا ػبدمة مصاحل الفئة األوىل مثل‬
‫الفالحُت واغبرفيُت والفقراء‪.‬‬

‫‪ 1‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪.64‬‬

‫‪2‬سامي العبيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪137‬‬
‫‪ 3‬ظبَتة عمَتي‪ ،‬نورة هبلول‪ ،‬نفسو‪،‬ص‪.64‬‬

‫‪55‬‬
‫أدوار مدينة المهدية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫كما أعطت الدولة الفاطمية أىل الذمة حقوقا كبَتة فاقت أمثاؽبم من أىل السنة باستثناء زمن اغباكم‬
‫بأمر اهلل الذي ضيق عليهم‪.‬‬

‫تعترب اؼبهدية مركزا ثقافيا من مراكز الثقافة والعلوم يف إفريقيا‪ ،‬حيث أصبحت مركز جذب كبَت للعلماء‬
‫واألدباء واألطباء وغَتىم‪ ،‬سواء كان ذلك بالسَت طواعية يف كنف الدولة الفاطمية ‪،‬أو أولئك الذين اضطرهتم‬
‫الظروف للسكن باؼبهدية من اؼبغاربة ''السنة''‪ ،‬فاحتشد هبا األدباء والشعراء ‪،‬وبانتقال اؼبهدي إىل عاصمتو‬
‫اعبديدة ضبل إليها كتب رقادة وعلمائها وكل نشاط الفكري والعلمي واألديب الذي مبى فيها‪ ،‬فأصبحت مركزا‬
‫للعلوم الطبيعية والرياضية‪.‬‬

‫‪56‬‬
 ‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬
‫المرافق السياسية والعسكرية‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬المرافق االقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ -3‬المرافق الدينية‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫شهد اؼبغرب اإلسالمي ربوالت وتقلبات جذرية على اؼبستويُت السياسي واغبضاري‪ ،‬ذلك أن الشمال‬
‫اإلفريقي مل بعرف الوحدة إال ربت حكم الدولة الفاطمية باؼبغرب‪ ،‬أما اعبانب اغبضاري فتربزه ؾبموع االبتكارات‬
‫العلمية والعمرانية‪ ،‬خاصة العسكرية منها‪ ،‬ويظهر ىذا االبتكار اغبضاري من خالل اؼبرافق اليت شيدىا الفاطميون‬
‫يف اؼبدينة اؼبهدية‪.‬‬

‫من بُت ىذه اؼبرافق قبد اؼبرافق السياسية والعسكرية كاألسوار الشاـبة باالضاافةة اىل أبواهبا وو حصوهنا ‪،‬اليت‬
‫كانت دبثابة السد اؼبنيع اليت ربصن اؼبدينة وو ربميها من األعداء اؼبًتببصُت هبا‪.‬‬

‫‪-1‬المرافق السياسية والعسكرية‪:‬‬

‫األسوار واألبراج‪:‬‬

‫‪-1‬األسوار ‪:‬‬

‫كانت األسوار واػبنادق احدى أىم الوسائل الدفاع اليت توجو إليها الفكر اإلسالمي يف القرون الوسطى‬
‫فكانت اؼبدن رباط بأسوار يتخللها أبراج‪ ،1‬وكان أسلوب فن التحصُت يف القرن‪3‬ه يقوم على أسس روعيت يف‬
‫إقامتها األسوار اؼبشيدة من أحجار رملية‪ 2،‬فقد أحاط عبيد اهلل اؼبهدي حضارتو اعبديدة بسور متُت ‪3،‬مبٍت‬
‫باغبجارة‪.4‬‬

‫ويذكر ابن خلدون أنو ؼبا ارتفع السور رمى عبد اهلل من فوقو بسهم إىل ناحية اؼبغرب‪ ،‬ونظر إىل منتهاه‬
‫وقال إىل ىذا اؼبوضع يصل صاحب اغبمار يعٍت أبا يزيد‪.5‬‬

‫‪ 1‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.40‬‬

‫‪-2‬بوبة ؾباين وآخرون‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.761‬‬
‫‪-3‬عبد اغبميد حسون ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق ص‪.391‬‬
‫‪-4‬اغبمَتي ‪،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ص ‪ .265‬انظر‪ :‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫‪-5‬ابن خلدون‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج‪،0‬ص‪.09‬‬

‫‪58‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫كان ىذا السور يتسع لفارسُت‪ ،‬وىو ما يعٍت أن السور كان ظبيكا‪1‬فقد عرف إىل جانب ضخامتو حبسنو‬
‫ودقة إحكامو‪ ،2‬فبناء األسوار هبذا السمك كان أمر جرت بو العادة يف انشاء اسوار اؼبدن الكربى اليت تقوم‬
‫أسوارىا بدور إجيايب يف الدفاع عن اؼبدينة كمدينة بغداد‪ ،‬وال شك أن ظبك األسوار هبذا القياس أيضا يرتبط‬
‫بوسائل الدفاع عن اؼبدن يف العصور الوسطى حيث ديثل خطا دفاعيا من الرماة الذين يقومون بالدفاع من سطح‬
‫السور الذي ديثل خط الدفاع األعلى أو من غَته ‪، ...‬ويرتبط ظبك السور دبدى اغباجة إىل االرتفاع باألسوار‬
‫ارتفاعا يعيق أي ؿباولة لتسلقها‪ ،‬وكلما كانت اغباجة اىل االرتفاع كلما زاد ظبك السور‪ ،‬وىكذا يكشف ظبك‬
‫سور اؼبهدية عن مستوى التخطيط الذي نفذ بو‪3‬وقد وصفو أيب الفداء بأنو سور شاىق يف اؽبواء باغبجر األبيض‬
‫بأبرجة عظام‪ 4‬ليقوى على تأمُت اؼبدينة من اعبهة الغربية اليت ترتبط بالرب وىي أضعف جهة من ناحية التحصُت‬
‫الطبيعي و من أىتم بتحصينها ربصينا قويا‪ ،‬انعكس يف زيادة ظبك السور وبنائو باغبجر‪ ،‬وتدعيمو أيضا بالروابط‬
‫الرخامية‪ 5‬وقد بٍت السور بأحجار التالت أي الستور الصغَت وىي أحجار تشبو تلك اليت بنيت هبا بعض اؼبمالك‬
‫‪6‬‬
‫الفاطمية القاىرة‬

‫‪-2‬األبراج‪:‬‬

‫وكان السور مزودا بقالع وفتحات يطلق منها النار لتعزيز اعبند‪ ،7‬وفيو ستة عشر برجا‪ 8‬شبانية يف السور‬
‫السور األول‪ ،‬وشبانية يف الزيادة‪ ،‬منها برج أيب الوزان النحوي‪ ،‬وبرج عيسى وبرج الدىان نسبت إليهم لقرب‬
‫مساكنهم منهم ىذا من جهة‪.9‬‬

‫‪-1‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬

‫‪-2‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪-3‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.71-76‬‬
‫‪-4‬أبو الفداء‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .732‬انظر‪ :‬ابن سباىي زاده‪ ،‬اؼبصر السابق‪ ،‬ص‪ .673‬انظر القلقشندي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج‪،2‬ص‪.747‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -6‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬
‫‪-7‬نفسو ‪ ،‬ص‪.393‬‬
‫‪-‬أنظر الملحق رقم ‪.40‬‬
‫‪8‬‬

‫‪-9‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.543‬‬

‫‪59‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫من جهة أخرى يرى مارمول ‪ marmol‬يف وصفو ؼبدينة اؼبهدية أن السور كان يشتمل على ستة أبراج‪،‬‬
‫برجان طرفيان مسقطهما مستدير ويتميز باالرتفاع‪ ،‬باإلضافة إىل أربعة مربعة اؼبسقط يف القطاع األوسط من‬
‫السور‪ ،‬والربج الثاين من جهة الشرق‪ ،‬وىو برج اؼبدخل الرئيسي‪ ،‬وال يوجد مدخل اخر يف ىذه اعبهة اليت تربط‬
‫اؼبدينة بالرب‪ ،‬ويوجد أسفل ىذا الربج قبو ضخم‪ ...‬وعلى بعد شبان خطوات من السور أو القلعة يوجد سور اخر‬
‫أكثر اخنفاضا يبلغ ظبكو طبسة عشر قدما‪ ،‬وىذا البناء تسعة أبراج‪ ،‬كل ثالثة منها رتبت لتقابل برجُت من أبراج‬
‫السور الكبَت‪ ،‬واؼبدينة يبلغ ؿبيطها ‪ 3344‬خطوة وحيصنا أبراج‪ ،‬بُت كل برج والذي يليو ‪ 34‬خطوة‪.1‬‬

‫ويف العصور الوسطى استخدمت األبراج يف عدة أغراض وكانت قلعة صغَتة للدفاع عن البالد‪ ،‬وكان‬
‫يوجد هبا مسجدا إلقامة الشعائر الدينية للمقيمُت بالربج‪ ،‬كما كانت األبراج تستخدم ؽبداية السفن‪ ،‬وردبا‬
‫‪2‬‬
‫استخدمت كسجن او معتقل سياسي‪.‬‬

‫‪-3‬الخنادق‪:‬‬

‫أشارت اؼبصادر إىل وجود خندق خارج أسوار اؼبهدية ويعترب ىذا اػبندق جزءا مهما من منظومة العناصر‬
‫اؼبعمارية اغبربية ؽبذه اؼبدينة ولكن يالحظ أن إنشاء ىذه اػبندق قد حدث يف عهد القائم ابن اؼبهدي حيث‬
‫يشَت التجاين يف حديثو عن حروب القائم بُت عبيد اهلل مع أيب يزيد عام ‪333‬ه‪ ،‬إىل أن القائم أمر حبفر خندق‬
‫حول أراضي اؼبهدية وزويلة‪ ،‬ويف وضع اخر يذكر ان أبا يزيد زحف إىل اؼبهدية فوصل إىل خنادقها‪ ،‬واقتحم اؼباء‬
‫‪3‬‬
‫دبن معو فوصل اؼباء اىل صدور خيوؽبم‪.‬‬

‫ويشَت اإلدريسي أنو من جهة الرب خندق كبَت تستقر بو مياه السماء وخبارجها‪4.‬وقد حفرت خنادق‬
‫‪5‬‬
‫حول أراضي اؼبهدية اعتبارا من اخر ربيع الثاين ‪333‬ه‪.‬‬

‫‪-1‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.79-73‬‬

‫‪-2‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ -4‬اإلدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.533‬‬
‫‪-5‬بوبة ؾباين واخرون‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.769‬‬

‫‪60‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫األبواب‪:‬‬

‫أما األبواب فكان للمدينة ببان كبَتان يوصفان بالعظمة اليت ال نظَت ؽبا وكان لكل لباب‪ 1‬منهما‬
‫مصراعان ىائالن من اغبديد‪ ،‬وزن كل مصراع ‪( 744‬مائة) قنطار‪ 2،‬وطولو ثالثون شربا‪.3‬‬
‫كان اؼبهدي يقف على فرسو فيأمر الصناع دبا يصنعون‪ ،‬أمر بعمل باب من حديد للمدينة‪ ،‬فجعل‬
‫صفائح مصمتة مث أثبت فيها اؼبسامَت‪4،‬يف كل مسمار من مسامَته ستة أرطال‪5،‬فبقيت تتقلقل فقال للصناع‪ :‬ما‬
‫عندكم يف ىذا؟ فقالوا‪ :‬ال ندري فأمرىم بتسمَتىا كذلك مث أمر بإبقاد النار ربت الباب كلو حىت التهب واتصلت‬
‫اؼبسامَت بالصفائح فعادت كلها قطعت واحدة‪ 6،‬وقد لفق بعضو على بعض من غَت خشب ال يدرى مثلهما يف‬
‫الصنعة والوثاقة‪7،‬وؼبا مت الباب على ىذه الصفة أحب اختبار وزنو فأمرىم أن يضعوا احدى مصراعيو على ظهر‬
‫السفينة بالرمل واغبجارة إىل أن وصل منهما ما وصل أوال واستخرج الرمل منها فوزن على كرات فكان وزن كل‬
‫مصراع مائة قنطار‪ ،‬وؼبا علموا قدره وحاولوا تركيبو صعب عليهم فتحو فلم تكن اؼبائة من الرجال تستطيع ذلك‬
‫‪8‬‬
‫فأمر اؼبهدي أن يكون مداره على الزجاج فهان أمره وعاد الرجل الواحد يتوىل منو ما كانت اؼبائة تعجز عنو‪.‬‬

‫واألمر الذي يلفت النظر أن البابُت كان مزخرفُت بصور اغبيوان‪ ،9‬صور أسود من النحاس األصفر‪.10‬‬

‫وىو ما يعٍت أن الفن الفاطمي األول يف بالد اؼبغرب كان فن تصويري يأخذ بصور الشخوص اغبية‪ ،‬سباما‬
‫كما كان الفن اإلسالمي األول على عهد األموين‪11،‬وىي من أعجب ما عمل يف اإلسالم‪.12‬‬

‫‪- 1‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.42‬‬

‫‪-2‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق ص‪.92‬‬
‫‪-3‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .545‬انظر‪ :‬االستبصار‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.771‬‬
‫‪-4‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.357‬‬
‫‪-5‬البكري‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪ .545‬انظر‪ :‬اغبموي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.537‬‬
‫‪-6‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.355-357‬‬
‫‪-7‬اغبمَتي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .265‬انظر‪ :‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫‪-8‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪-9‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.96-92‬‬
‫‪-10‬ؿبمد الطاليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.713‬‬
‫‪-11‬سعد زغلول‪ ،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪-12‬االستبصار‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.771‬‬

‫‪61‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫ويصف ابن حوقل أبواب اؼبهدية {‪ ...‬ليس ؽبما فيما رأيت شبيو وال نظَت غَت البابُت اللذين على سور‬
‫‪1‬‬
‫الرافقة وعلى مثاؽبا عمال‪.}...‬‬

‫وكان بداخل كل باب من أبواب اؼبدينة دىليز يسع طبسمائة فارس‪ ،‬ومل يبقى من األبواب حىت الوقت‬
‫اغباضر إال الباب اؼبعروف بربج السقيفة الكحالء‪ ،‬وىو مدخل اؼبدينة الرئيسي ‪2‬من جهة الغرب وىو عبارة عن‬
‫‪3‬‬
‫حصن منيع مدمج يف السور‪ ،‬وظل على حالتو األصلية إىل عصر األتراك يف القرن اغبادي عشر‪.‬‬

‫‪-4‬األرباض‪:‬‬

‫كان للمهدية أرباض كثَتة أىلة عمارة أقرهبا إليها ربض زويلة فيو األسواق واغبمامات‪ 4‬فلم يكن من‬
‫الغريب أن يبٍت عبيد اهلل اؼبهدي إىل جانب اؼبهدية ضاحية العامة‪ ،‬عرفت باسم زويلة نسبة إىل بربر زويلة سكاهنا‬
‫األوائل‪.‬‬

‫كانت اؼبسافة بُت اؼبهدية ومدينة زويلة الشعبية تقدر ب اتساع ميدان‪ 5‬وجعل األسواق والفنادق فيها‬
‫وأدار هبا خنادق متسعة ذبتمع هبا مياه األمطار‪ ،‬فكانت كالربض ؼبدينة اؼبهدية‪.6‬‬

‫فقد شيد عبيداهلل اؼبهدي زويلة بعد تأمُت نفسو من غدر الرعية‪ ،7‬حيث يشَت اغبموي بأن اؼبهدي قد‬
‫أسكن أرباب الدكاكُت من البزازين وغَتىم فيها يرضبهم وأىاليهم‪ :‬قال إمنا فعلت ذلك ألمن عائالهتم وذلك أن‬
‫أمواؽبم عندي وأن أىاليهم ىناك‪ ،‬فإن أرادوين بكيد وىم بزويلة‪ ،‬كانت أمواؽبم عندي فال ديكنهم ذلك وإن‬
‫أرادوين بكيد وىم باؼبهدية‪ ،‬خافوا عل حرمهم ىناك‪ ،‬وبنيت بيٍت وبينهم سورا وبابا فأنا آمن منهم ليال وهنارا ألين‬
‫أفرق بينهم وبُت أمواؽبم ليال وبُت حرمهم هنارا‪8‬فيضمن بذلك طاعتهم الدائمة‪.‬‬

‫‪-1‬ابن حوقل‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪ 2‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.46‬‬
‫‪ -3‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫‪ -4‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.543‬‬
‫‪ -5‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -6‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ص ‪.‬‬
‫‪ -7‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.041‬‬
‫‪ -8‬اغبموي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.357‬‬

‫‪62‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫وتكشف ىذه الرواية أن مدينة اؼبهدية كانت تضم منشآت ذبارية ديارس فيها العامة ذبارهتم وصناعتهم‬
‫باعتبار أن الدكاكُت يف تلك العصور كانت يف ؾبال التجارة والصناعة يف الغالب‪ ،‬كما أنشأ عبيد اهلل اؼبهدي‬
‫بزويلة صبلة من األسواق لتكفي حاجات زويلة دون االضطرار إىل الذىاب إىل أسواق اؼبهدية اليت أنشأت ػبدمة‬
‫اغباشية و العسكر القاطنُت باؼبدينة‪ ،‬كذلك فإن إنشاء الفنادق دبدينة زويلة كان للتجار الغرباء وغَتىم فبن يأتون‬
‫إ ىل زويلة أو اؼبهدية من البالد اجملاورة‪ ، ،‬وىكذا وفر عبيد اهلل اؼبهدي مواضع مناسبة ؽبؤالء التجار و الزائرين من‬
‫الغرباء بزويلة فطبق بذلك عليهم ما طبق على العامة من اىل زويلة نفسها يف إطار رؤية تأمُت اؼبهدية اليت سعى‬
‫‪1‬‬
‫إليها عبيد اهلل اؼبهدي بإنشاء ىذه اؼبدينة‪.‬‬

‫كما جعل اؼبعز بن باديس جعل عليها سورا عند دخول العرب إىل ارضو سنة أربعة وأربعُت وأربع مائة‬
‫‪2‬‬
‫وقد خربت ىذه اؼبدينة اآلن ومل يبقى ؽبا أثر‪.‬‬

‫باإلضافة إىل أرباض أخرى كربض اغبمى الذي كان مسكنا ألجناد إفريقية من العرب و الرببر‪ ،‬قصر أيب‬
‫سعيد و بقة و قساس و الغينط ة وربض قفصة وغَتىا‪ ،‬ومل تزل دار ملك ؽبم إىل أن وىل األمر إظباعيل بن القاسم‬
‫سنة أربع و ثالثُت وثالشبائة فسار إىل القَتوان ؿباربا أليب يزيد وازبذ مدينة صربة واستوطنها بعده ابنو معو‪ ،‬وحلت‬
‫‪3‬‬
‫أكثر أرباض اؼبهدية وهتدمت‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.00-03‬‬

‫‪ -2‬التيجاين‪،‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ص‪.350‬‬
‫‪ -3‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.540‬‬

‫‪63‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫‪-2‬المرافق االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬

‫تعددت وتنوعت اؼبنشآت االقتصادية واالجتماعية يف مدينة اؼبهدية‪ ،‬ويأيت على رأس ىذه اؼبنشآت‬
‫واؼبرافق اؼبيناء‪ ،‬باإلضافة إىل الدور والقصور واغبمامات واػبانات وأىراء والطعام و اؼبواجل واؼبدارس‪،‬فكل ىذه‬
‫اؼبرافق عكست لنا مدى حرص و اىتمام اػبلفاء هبذه اؼبرافق نظرا ألمهيتها يف اغبياة االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬

‫‪-1‬الدور‪ :‬بنيت باؼبهدية للحاشية وأىل اغباشية ورجال الدولة‪ 1‬حيث يشَت ابن حوقل إىل نظافة اؼبنازل‬
‫والدور يف اؼبهدية‪ 2‬وىو نفس ما أشار إليو اإلدريسي يف قولو {‪ ...‬ؽبا حسن مبان لطيفة نظيفة اؼبنازل‪ ...‬وديارىا‬
‫حسنة‪ ،3}...‬وفيما خيتص بالطراز اؼبعماري ؼبنازل اؼبهدية فتلتزم اؼبصادر األثرية الصمت عن ىذا اؼبوضوع‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وكانت الدار تشتمل على اؼبنشآت التجارية والصناعية التالية‪:‬‬

‫دار الصناعة ‪ :‬عرفها اؼبقريزي بأهنا اسم ؼبكان فقد أعد إلنشاء اؼبراكب البحرية‪ ،‬وقد عنيت الدول‬
‫اإلسالمية اؼبختلفة بإنشاء االساطيل وكان أكثرىا عناية هبا الدولة الفاطمية‪ ،‬فقد كان عبيد اهلل اؼبهدي يأمر‬
‫الصناع دبا يعلمون‪ ،‬حيث أمر أن تنقر دار الصناعة يف اعببل‪ ،5‬ويشَت البكري بأهنا كانت شرقي قصر عبيد اهلل‬
‫تتسع ألكثر من مائيت مركب وفيها قبوان كبَتان طويالن آلالت اؼبراكب‪ 6‬ويف اطار وصف البكري لدار الصناعة‬
‫‪ 7‬يتضح كرب حجمها‪ ،‬فقد كانت تتسع ألكثر من مائيت مركب‪ ،‬وىي طاقة ضخمة يكشف عن حجم طاقة‬
‫العمل ؽبذه الدار كانت تشتمل على مبنيُت غبفظ اآلالت و العدد اليت كانت تستخدم يف صناعة السفن‬
‫واصالحها وىذان اؼببنيان كانا كبَتين وهبيئة مستطيلة‪ ،‬وكان يعلو كال منهما سقف معقود قبوا‪ ،‬ويكشف كرب‬
‫حجم اؼببنيُت عن كثرة اآلالت و العدد اليت كانت تستخدم يف صناعة السفن وإصالحها وىو ما يؤكد ضخامة‬

‫‪ -1‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪047‬‬

‫‪ -2‬ابن حوقل‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬االدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .535‬انظر‪ :‬ؿبمود مقديش ‪،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.775‬‬
‫‪ -4‬عبد اغبميد حسُت ضبود‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.047‬‬
‫‪ -5‬اؼبقريزي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -6‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ . 545‬ىناك اختالف يف اتساع دار الصناعة للمراكب فقد شار كل من البكري ص‪ 545‬وابن االثَت ‪،‬ج‪ 6‬ص‪039‬‬
‫وصبال الدين سرور ص‪ 59‬بأهنا تتسع ؼبئيت مركب‪ ،‬أما اؼبقريزي ص‪ 14‬وابن خلدون‪،‬ج ‪ ،0‬ص‪ 09‬فقد أشار أنو تتسع ؼبئة سفينة‪.‬‬
‫‪ 7‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.43‬‬

‫‪64‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫انتاج ىذه الدار من السفن‪ ،‬وضخامة اػبدمة اليت تؤديها للسفن اليت ربتاج إصالح‪ ،1‬فقد كانت شديدة اغبصانة‬
‫‪3‬‬
‫إذ كانت يف حضن اعببل فكانت منقورة فيو‪2‬وىي من عجائب الدنيا‪.‬‬

‫دار الطرز‪:‬‬

‫أقام عبيد اهلل اؼبهدي دار الطرز ومن اؼبرجح أهنا تقع يف نطاق دار الصناعة أو على مقربة منها‪ ،4‬حيث‬
‫كان يعمل هبا من الثياب اغبسنة الدقيقة اعبيدة اؼبنسوبة اليها ما حيمل ويتجهز بو التجار اىل صبيع االفاق يف كل‬
‫وقت وحُت ما ليس يقدر على عمل مثلو يف غَتىا‪ ،5‬ويشَت القلقشندي بأنو كان يعمل بو القماش االفريقي وىو‬
‫‪6‬‬
‫ثياب رقاع من القطن والكتان معاومن الكتان وحده ومنو جل كساوى أىل اؼبغرب‪.‬‬

‫وىذا دليل على أن صناعة اؼبنسوجات كانت مزدىرة باؼبهدية وقد أمر اػبليفة عبيد اهلل كاتبو جوذر يف‬
‫احدى الرسائل اؼبتبادلة بينهما‪ ،‬أن يكتب اظبو على الطراز والبسط {‪ ...‬وانفذ اليو بعد ذلك بأن يثبت اظبو يف‬
‫الطراز من أعمال العبيد الرقامُت بالذىب فيما تلبسو االئمة صلوات اهلل عليهم و كذلك ما يعملو العبيد‬
‫اغبريصون من عجيب أعماؽبم و معجز صنعتهم وقال لو {أكتب ؽبم يثبتوا يف الطراز و البسط فبا عمل على‬
‫‪7‬‬
‫يدي جوذر موىل أمَت اؼبؤمنُت باؼبهدية اؼبرضية}‪.‬‬

‫دار السكة‪:‬‬

‫يدخل يف اطار اؼبنشآت الصناعية باؼبهدية‪ ،‬دار النقود اليت شيدىا عبد اهلل اؼبهدي‪ ،‬وقد وصلت إلينا‬
‫الدنانَت مضروبة باؼبهدية مؤرخة سنة ‪372‬ه و ‪353-373‬ه‪ .‬وكانت تلك الدنانَت تزين بنقوش مكتوب عليها‬
‫{االمام اؼبهدي باهلل} وعلى الوجو االخر {عبيد اهلل أمَت اؼبؤمنُت} ىذا من جهة‪ 8،‬ومن جهة أخرى أمر عبيد‬

‫‪ -1‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬

‫‪ -2‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ -3‬التجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.353-355‬‬
‫‪ -4‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.045‬‬
‫‪ -5‬االدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .535-537‬أنظر‪ :‬اغبمَتي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪ -6‬القلقشندي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.745‬‬
‫‪-7‬ايب علي منصور العزيز اعبوذري‪ ،‬سيرة األستاذ جوذر‪،‬مع كامل ؿبمد حسُت وؿبمد عبد اؽبادي شعَتة‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر د‪،‬س ص‪.25‬‬
‫‪ -8‬عبد اغبميد حسن ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.340‬‬

‫‪65‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫اهلل اؼبهدي بضرب دار السكة ‪ .‬يرى القاضي نعمان أن الدنانَت الينقش أحد ألحد ولكنو جعل مكان األظباء‬
‫من وجو{بلغة حجة هلل }من وجو آخر {تفرق أعداء اهلل}‪ ،‬ونقش سكة جعل فيها مكان ذلك {اغبمد هلل رب‬
‫العاؼبُت}‪ ،‬و نقش على السالح { عدة يف سبيل اهلل‪ ،‬ووسم اػبيل باؼبلك هلل} ونقش يف فضة خاسبو{ فتوكل‬
‫على اهلل إنك على اغبق اؼببُت} ويف اػبامت الذي يطبع بو كتبو{ و سبت كلمة ربك صدقا وعدال المبدل لكلماتو‬
‫‪1‬‬
‫وىو السميع العليم}‪.‬‬

‫وكانت النقود الفاطمية اؼبضروبة باؼبهدية ربمل شعارات اؼبذىب الشيعي ومن احملتمل أن تكون دعاية‬
‫لنشر اؼبذىب الشيعي ببالد اؼبغرب‪ ،‬فيوجد دينار مؤرخ سنة ‪333‬ه نقش عليو {بسم اهلل} ضرب ىذا الدينار‪،‬‬
‫الدينار باؼبهدية سنة ‪333‬ه االمام القائم باهلل‪ ،‬ؿبمد رسول اهلل‪ ،‬أمَت اؼبؤمنُت‪ ،‬وسبت كلمة ربك صدقا وعدال‪ ،‬ال‬
‫مبدل لكلماتو وىو السميع العليم‪ ،‬وعلى الوجو االخر ؿبمد أبو القاسم‪ ،‬ال الو اال اهلل وحده ال شريك لو‪،‬‬
‫اؼبهدي باهلل‪ ،‬وعلى الرغم من انتقال الفاطميُت من اؼبهدية إىل مدينة صربه حاضرة الفاطميُت الثانية يف عهد‬
‫اؼبنصور باهلل سنة ‪ 336‬ه فلم يهملوا دار الضرب باؼبهدية حيث وصلنا منها دينار مؤرخ سنة ‪304‬ه نقش عليو‬
‫‪2‬‬
‫{ال الو اال اهلل وحده ال شريك لو ؿبمد رسول اهلل}‪ ،‬عبد اهلل إظباعيل اؼبنصور باهلل أمَت اؼبؤمنُت‪.‬‬

‫دار المحاسبات‪:‬‬

‫باإلضافة إىل دار احمل اسبات اليت مل يرد ذكرىا يف اؼبصادر ما عدا البكري الذي قال فيها‪ ...{ :‬ودار‬
‫‪3‬‬
‫احملاسبات فيها ردم من البحر وغَت ذلك من اؼبنازل}‪.‬‬

‫‪-2‬الميناء (المرسى)‪:‬‬

‫أمر اؼبهدي حبفر ميناء‪ 4‬للمدينة‪ ،5‬الذي يعد من عجائب العامل‪،‬‬

‫‪ -1‬القاضي النعمان‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.527-524‬‬

‫‪ -2‬عبد اغبميد حسن ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.340‬‬
‫‪ -3‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .543‬انظر‪ :‬حسن حسٍت عبد الوىاب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪ .37-34‬انظر‪ :‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.353‬‬
‫ص‪.353‬‬
‫‪- 4‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.41‬‬
‫‪ -5‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.355‬‬

‫‪66‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫ويذكر القاضي النعمان أن اؼبيناء كان يف آخر اؼبدينة ‪1،‬فقد كان على الساحل اعبنويب لشبو اعبزيرة يف‬
‫نصفو الشرقي‪ ،2‬وكان حجرا صلدا حيث جعلو حصنا ؼبراكبو اغبربية‪ ،3‬ويظهر ىذا من خالل ما ذكره كل من‬
‫البكري واغبموي {‪ ...‬مرساىا منقور حبجر صلد يسع ثالثُت مركبا}‪ 4،‬وأقام على مدخل اؼبيناء الذي نقره يف‬
‫الصخر برجُت عظيمُت للحراسة‪ ،‬ربط بينهما بسالسل من حديد‪ ،5‬فإذا ارادوا أن تدخل سفينة أو مركب أرسل‬
‫حراس البحر سلسلة حىت تدخل السفينة مث مدوىا كما كانت‪ ،6‬وذلك هبدف تنظيم دخول اؼبراكب وخروجها‬
‫‪7‬‬
‫هنارا والتحرز من مراكب العدو البحري الرومي ليال‪.‬‬

‫ومازال ىذا اؼبيناء باقيا اىل اليوم ‪8‬وتبلغ مساحتو ‪ 756‬مًتا طوال و‪ 21‬مًتا عرضا‪ ،‬ويكشف األسلوب‬
‫الذي نفذ بو ىذا اؼبرسى وىو أسلوب نقره يف اغبجر الصلد عن رؤية معمارية مدركة ألساليب إنشاء بعض اؼبباين‬
‫بالنقر وىذا أسلوب عرفو اؼبصريون القدماء ونفذوا بو بعض اؼبعابد واؼبقابر‪، ...‬ولكن يالحظ أن استخدام ىذا‬
‫األسلوب يف حفر مرسى للسفن استخدام ذكي ألن الصخر الطبيعي قوي على اؼباء وأمواجو أكثر من أي بناء‬
‫باألسلوب الذي يعتمد على بناء حوائط‪.‬‬

‫كذلك فإن فكرة إنشاء برجُت على طريف اؼبرسى سبتد بينهما سلسلة يوفر فرصة جيدة ؼبراقبة البحر من‬
‫جهة اؼبرسى ويؤمن اؼبراكب من باؼبرسى من دخول سفن الروم‪ ،‬وبالرغم من ىذه الوظيفة اغبربية للمرسى فإن‬
‫‪9‬‬
‫تشكيل الربجُت ونقر اؼبرسى بالقياس اؼبذكور أضفى بال شك رؤية صبالية‪.‬‬

‫‪ 1‬القاضي النعمان ‪،‬افتتاح الدعوة ‪،‬اؼبصدر السابق ‪،‬ص ‪353‬‬

‫‪ -2‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪-3‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪ -4‬البكري‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪ .543‬انظر‪ :‬اغبموي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.537‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد سهيل طقوش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪97‬‬
‫‪ -6‬االستبصار‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪ .771‬انظر‪ :‬البكري‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪ .543‬انظر‪ :‬التجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪ .353‬انظر‪ :‬اغبموي‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.537‬‬
‫‪-7‬سعد زغلول‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ 8‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.43‬‬
‫‪ -9‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬

‫‪67‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫‪-3‬القصور‪:‬‬

‫كانت مدينة اؼبهدية كثَتة القصور‪1،‬ونواة مركزية كما ىي العادة يف بناء اؼبدن العربية اإلسالمية‪ ،2‬قد أخذ‬
‫أخذ عبيد اهلل يف بناء قصوره هبا فبٌت قصره الكبَت‪ 3‬اؼبعروف بو الذي كانت بو طيقان الذىب‬

‫‪4‬‬
‫وبٌت ابنو أبو القاسم بإيزائو قصره اؼبعروف بو أيضا بينهما فسحا بشرقي قصر عبيد اهلل‪.‬‬

‫إن اىتمام اػبلفاء الفاطميُت بعمارة القصور الضخمة والفخمة ‪،‬جاء يف إطار توظيف العمارة ألغراض‬
‫دعائية سياسية تعلن عن قيام دولة فتية وخالفة أسسها عبيد اهلل اؼبهدي لتمد نفوذىا على العامل اإلسالمي السٍت‬
‫وتنشر مذىبها الشيعي‪.‬‬

‫وذبدر اإلشارة إىل ظبى زبطيطية مهمة يف ىذه اؼبدينة تتمثل يف بناء قصرين ‪،‬أحدمها للخالفة واآلخر‬
‫البنو بينهما ميدان فسيح فسحة ‪ ،‬وىو ذات التخطيط الذي تكرر يف مدينة القاىرة حيث بٌت القصر الشرقي‬
‫الكبَت للخليفة اؼبعز وبٌت بعد ذلك القصر الغريب البنو العزيز وترك فيما بُت القصرين ميدان عرف اؼبيدان بُت‬
‫‪5‬‬
‫القصرين‪.‬‬

‫قصر لخم ‪ :‬معروف بقصر الكاىنة بينو وبُت اؼبهدية ‪ 73‬ميال عجيب البنيان فقد بٍت واحكم باغبجارة طول‬
‫اغبجر منها ‪ 52‬شرب وارتفاع القصر يف اؽبواء ‪50‬قاما وىو من داخلو كلو مدرج اىل أعاله‪ ،‬وأبواهبا طاقات‬
‫‪6‬‬
‫بعضها فوق بعضو‪.‬‬

‫ويصف اغبموي قصور مدينة اؼبهدية بأهنا قصور عالية‪ ،7‬فظلت قصور مدينة اؼبهدية باقية حىت عصر ابن‬
‫ابن ضباد ‪653‬ه‪،‬‬

‫‪ -1‬ابن حوقل‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪ -2‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪- 3‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.43‬‬
‫‪ -4‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .353‬انظر‪ :‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.543‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -6‬االستبصار‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫‪ -7‬اغبموي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.537‬‬

‫‪68‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫وحفلت اغبياة االجتماعية يف تلك القصور بكثرة اعبواري‪ ،‬مثل سالف وضبز ونشوة وىذا يدل على‬
‫‪1‬‬
‫وجود الفنانُت واؼبغنيُت وأرباب آالت الطرب وترانيم‪...‬‬

‫‪-4‬الحمامات والخانات‪:‬‬

‫بٌت عبيد اهلل اؼبهدي باؼبهدية اغبمامات‪ ،‬وىي من اؼبرافق اؽبامة يف اؼبدن اإلسالمية‪ ،‬نظرا ألثرىا يف‬
‫‪2‬‬
‫التطهَت والنظافة‪.‬‬

‫فقد وصف اإلدريسي ضبامات اؼبهدية بأهنا ضبامات جليلة‪ ،‬أما اػبانات فقد وصفها بالكثرة‪ ،3‬يف حُت‬
‫‪4‬‬
‫وصفها ابن حوقل بأهنا حسنة اغبمامات واػبانات‪.‬‬

‫وكان يالحظ يف بنائها أهنا كانت تصمم حبيث تتيح للمستخدم أن ينتقل تدرجييا من اعبو اغبار إىل اعبو‬
‫البارد حىت ال يصاب بأذى‪ ،‬وكان اغبمام يسخن عن طريق ايقاد النار ربت أرضيتو‪ ،‬وكان يشتمل على أنابيب‬
‫‪5‬‬
‫اؼباء الساخن والبارد داخل اعبدران‪.‬‬

‫‪-5‬أهراء الطعام‪:‬‬

‫بٌت عبيد اهلل اؼبهدي باؼبدينة ـبازن القمح (الطعام) يف سراديب ربت األرض‪ 6‬ولألسف مل ذبد اؼبصادر‬
‫‪7‬‬
‫التارخيية و األثرية معلومات كافية لرسم صورة واضحة اؼبعامل عنها‪.‬‬

‫‪-1‬عبد اغبميد حسن ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.047‬‬

‫‪ -2‬نفسو‪ ،‬ص‪.042‬‬
‫‪ -3‬االدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.535‬‬
‫‪ -4‬ابن حوقل‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -5‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.042‬‬
‫‪ -6‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ -7‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.042‬‬

‫‪69‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫فقد شرع عبيد اهلل حبفر األىراء بداخل اؼبدينة‪ ...‬وخزن األىراء بالطعام‪ ،1‬ويقصد باألىراء بيت كبَت‬
‫جيمع فيو طعام السلطان والذي جرى عليو مصطلح الدول اإلسالمية يف العصور الوسطى‪ .‬ان األىراء ىي‬
‫األماكن اليت زبزن هبا الغالل واألشياء اػباصة باػبليفة أو السلطان احتياطا لطوارئ‪ ،‬وكانت ال تفتح إال عند‬
‫الضرورة‪ ،‬كما حدث أثناء ثورة أيب يزيد عندما حاصر مدينة اؼبهدية‪ ،2‬حيث يشَت التيجاين إىل ان عبيد اهلل‬
‫‪3‬‬
‫اختزن األىراء بالطعام ‪ ...‬مث أمر حبفضها‪ ،‬ومل تفتح إال يف أيام أيب يزيد ولوال ذلك ما أطاقوا اغبصار‪.‬‬

‫‪-6‬المواجل‪:‬‬

‫حرص عبيد اهلل اؼبهدي على ضرورة توفَت اؼبياه االزمة حبضارهتا اغباكمها‪ ،4‬نضرا لندرة اؼبياه فقد أكثر‬
‫من بناء خزانات اؼبياه اليت سبأل دبياه االمطار‪ ،5‬ويظهر ذلك من خالل كثرة اؼبواجل واعبباب اؼبوجودة يف اؼبهدية‬
‫آنذاك‪ ،‬حيث أشار كل من البكري واغبموي {‪ ....‬ويف اؼبهدية اؼبواجل العظام ثالشبائة وستون وغَتىا جيري اليها‬
‫من القناة اليت فيها}‪ ،‬واؼباء اعباري باؼبهدية جلبو عبيد اهلل من قرية منانش وىي على مقربة من اؼبهدية يف أقداس‬
‫ويصب يف صهريج داخل اؼبهدية عند جامعها من الصهاريج إىل القصر بالدواليب‪ ،‬وكذلك يستقي أيضا بقرية‬
‫‪6‬‬
‫مناقش من اآلبار ويصب يف ؾبلس حيري منو يف تلك القناة‪.‬‬

‫كما أشار أيضا كل من اإلدريسي واغبمَتي أن سكان مدينة اؼبهدية قد شربوا من اؼبواجل و يصف‬
‫اإلدريسي أن آبار مدينة اؼبهدية بأهنا غَت عذبة‪ 7،‬ونظرا ألن مصدر اؼباء كان خارج اؼبدينة كان ربوط من خطر‬
‫السيطرة على ىذا اؼبصدر من قبل األعداء أثناء حصار اؼبدينة‪ ،‬فقد أدرك عبيد اهلل اؼبهدي ىذا اػبطر إدراكا‬
‫واضحا فخطط لتجنب ىذا اػبطر بإنشاء العديد من الصهاريج واؼبواجل واعبباب داخل اؼبدينة لتخزين أكرب كمية‬

‫‪ -1‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .353‬انظر‪ :‬ابن األثَت ‪،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،6‬ص‪ .039‬انظر‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،7‬ص‪.09‬‬
‫انظر‪ :‬اؼبقريزي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -2‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.042‬‬
‫‪ -3‬التيجاين‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫‪ -4‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.040‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد سهيل طقوش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ -6‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .543‬انظر‪ :‬اغبموي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.537‬‬
‫‪ -7‬اغبمَتي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .265‬انظر‪ :‬اإلدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.535‬‬

‫‪70‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫من اؼباء تكفي اؼبدينة ألطول مدة فبكنة وقت اغبصار‪ 1.‬وىذا ما أشار إليو التيجاين يف قولو‪ ...‬بٌت اعبياب‬
‫‪2‬‬
‫ومألىا باؼباء مث أمر حبفضها ومل تفتح إال يف أيام أيب يزيد ولوال ذلك ما اطاقوا اغبصار‪.‬‬

‫المدارس‪:‬‬

‫ما إن بسطت الدولة الفاطمية سيطرهتا على بالد اؼبغرب‪ ،‬حىت قامت بفتح اؼبدارس‪ ،‬فكانت منربا وداعيا‬
‫إىل مذىبهم‪ ،‬فنظموىا تنظيما منهجيا مل يعهدىم اؼبغرب قبل ذلك‪ 3.‬ويشَت القلقشندي إىل ثالث مدارس وىي‬
‫‪4‬‬
‫الشماعية والفرضية ومدرسة اؽبواء‪.‬‬

‫كما ولع الفاطميون جبمع الكتب واالعتناء هبا ولعل ما ذكر عن اؼبهدي ضبلو للكتب وعدم زبليو عنها‬
‫حىت يف أقصى الظروف أثناء توجهو إىل اؼبغرب‪ ،‬حييث اعًتضت طريقو عصابة لصوص فاستولت على ما معو‪،‬‬
‫ويف ىذا الصدد يشَت القاضي النعمان يف قولو «‪ ...‬كان أعظم ما ذىب لو كتب فيها علوم من علوم األئمة‪،‬‬
‫فلما خرج القاسم بأمر اهلل إىل مصر يف الغزوة األوىل اليت غزاىا أخذ الذين قطعوا على الرفقة برد ما انتهبوا واسًتع‬
‫الكتب بعينها‪ ،‬وكان اؼبهدي يقول‪ :‬ولو مل تكن ىذه الغزوة إىل رد ىذه الكتب لكان ذلك فتحا عظيما‪ ،‬وسر‬
‫باسًتجاعها سروا عجيبا‪5.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪-2‬التيجاين‪،‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ص‪.353‬‬
‫‪ 3‬عبد اؼبالك مغشيش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 4‬القلقشندي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪،‬ج‪ ،2‬ص ‪.745‬‬
‫‪ 5‬القاضي النعمان‪ ،‬افتتاح الدعوة‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.767‬‬

‫‪71‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫‪-3‬المرافق الدينية‪:‬‬

‫بقيت بعض اؼبرافق الدينية اؼبهدية‪ ،‬شاىدة على براعة الفاطمية يف فن العمارة‪ ،‬ومن بُت ىذه اؼبرافق‬
‫اؼبسجد‪-‬اعبامع‪ -‬الذي يعترب أحد اؼبعايَت اليت سبيز اؼبدينة عن غَتىا من اؼبستوطنات الصغَتة‪ ،‬كما يعترب اعبامع‬
‫مركز اإلشعاع الديٍت للمذىبو الشعيب مذىب الدولة‪.‬‬

‫‪-1‬جامع المهدية الكبير‪:‬‬

‫جرت العادة يف تأسيس اؼبدن اإلسالمية على أن يكون اؼبسجد يف وسط اؼبدينة ‪،‬كما ىو اغبال يف‬
‫الفسطاط والقَتوان وبغداد‪ ،‬وجبوار اؼبسجد دار اإلمارة‪ ،‬بينما قبد الوضع ـبتلفا يف مسجد اؼبهدية‪ ،‬إذ كان يقع يف‬
‫اعبزء الشرقي بالقرب من دار الصناعة‪ ،1‬ويذكر كل من البكري والتجاين بأن اعبامع األعظم اآلن ودار اؼبعروفة يف‬
‫القدمي دار احملاسبات من صبلة ما ردم من البحر‪ ،2‬ويكشف ىذا العمل عن مدى حرص عبيد اهلل اؼبهدي على‬
‫اختيار موضع مدينة اؼبهدية رغم صغره وتغلبو على صغر اؼبساحة بردم جزء من البحر‪.‬‬

‫فإنشاء اؼبسجد (اعبامع) يف أي مدينة إسالمية مبكرة كان من احملاور التخطيطية األساسية ؽبا‪ ،‬باعتباره‬
‫أحد اؼبعايَت اليت سبيز اؼبدينة عن غَتىا من اؼبستوطنات الصغَتة‪ ،‬واىتم عبيد اهلل اؼبهدي بإنشاء اؼبسجد (اعبامع)‬
‫يف مدينتو من ىذا اؼبنطلق ومن منطلق آخر‪ ،‬حيث كان للمسجد (اعبامع) دور مهم يف تأكيد السلطة السياسية‬
‫للدولة الناشئة خاصة أهنا زبتلف يف منصبها عن اؼبذىب السٍت للخالفة العباسية و اػبالفة األموية لبالد األندلس‬
‫‪ ،‬ويف اطار االسبام بتأكيد ىذا الدور حرص اػبلفاء الفطميون ابتداءا من عبيد اهلل اؼبهدي على دور اؼبسجد يف‬
‫الدعاية اإلسالمية لدولتهم باعتبار أن اػبطبة شارة من شارات اؼبلك و باعتبار أن اؼبسجد اعبامع ىو مركز‬
‫‪3‬‬
‫االتشاع الديٍت للمذىب الشيعي مذىب الدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.399‬‬

‫‪ -2‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .543‬انظر‪ :‬التيجاين‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.353‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪72‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫يشغل ىذا اعبامع مساحة مستطيلة اؼبسقط ‪ 64 *35‬مًت‪ ،‬ويوجد اؼبدخل الرئيسي للجامع بالواجهة‬
‫‪2‬‬
‫الشمالية‪ ،1‬يكتنفو من كال اعبانبُت باب آخر ومت إضافة جزء آخر حديث يشتمل على دور اؼبياه ومئذنة حديثة‪.‬‬

‫المدخل الرئيسي البارز‪:‬‬

‫يتمثل اؼبدخل الرئيسي هبذه الواجهة الشمالية للجامع بأنو من النوع البارز عن ظبت الواجهة‪ ،‬فهو‬
‫يتكون من كتلتُت بارزتُت على اعبانبُت‪ ،‬مسقط كل منهما مستطيل الشكل قياساتو ‪ 3*3.2‬مًت بارتفاع ‪ 9‬مًت‬
‫ويربط بُت الكتلتُت من أعلى عقد اؼبدخل‪ ،‬وىو من النوع الذي يشبو حدوة الفرس بارتفاع ‪ 9‬مًت‪ 3‬ويبلغ اتساعو‬
‫‪ 0‬مًتن وتؤدي فتحت الباب إىل فبر مقىب ينتهي إىل باب يعلوه عتب يعلوه عقد‪ ،‬ويؤدي ىذا الباب إىل داخل‬
‫اؼبسجد‪.‬‬

‫ويكتنف اؼبدخل دخلتان كالمها عقد من النوع السندي يشبو حدوة الفرس يعلومها دخلتان أخريان كل‬
‫منهما عقد نصف دائري‪ ،‬ويف ركٍت الواجهة بروازان يبلغ طول كل منهما ‪ 1.3‬مًت‪ ،‬وىذان الربوازان عبارة عن‬
‫‪4‬‬
‫قاعدتُت ؼبئذنتُت أصليتُت بركن اعبامع‪.‬‬

‫ومن اعبدير بالذكر أن اؼبدخل البارز واؼبئذنتُت الركنيتُت البارزتُت أيضا عن ظبت الواجهة ظبتان معماريتان‬
‫‪5‬‬
‫يف ىذا اعبامع قبد ؽبما ما دياثلهما يف الواجهة الغربية الرئيسية عبامع اغباكم بأمر اهلل دبدينة القاىرة‪.‬‬

‫مسجد الجامع من الداخل‪:‬‬

‫تؤدي ف تحة الباب اليت بصدر فبر اؼبدخل الرئيسي إىل الرواق الشمايل‪ ،‬وىو عبارة عن سقيفة تغطيها‬
‫أقبية متقاطعة‪ ،‬وتطل ىذه السقيفة على صحن اعبامع ببائكة تتكون من ثالثة عشر عقد ويالحظ أن القطاع‬
‫‪6‬‬
‫الشرقي على ديُت الداخل من الباب الرئيسي يف ىذا الرواق أعمق نسبيا من اعبانب الغريب‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر اؼبلحق رقم ‪.49‬‬

‫‪ -2‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -4‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.044‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -6‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪73‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫أما صحن اعبامع فمستطيل الشكل ‪ 32*24‬مًت وال حيف بو أي مباين من اعبانب الشرقي ويطل عليو‬
‫من اعبانب الغريب رواق بو سقيفة حديثة ربملها بائكة تتكون من تسعة عقود ؿبمولة على دعائم‪ ،‬وربمل ىذه‬
‫‪1‬‬
‫البائكة (سقوف) سقوف من قبوات متقاطعة‪.‬‬

‫فيذكر أحد علماء اآلثار أن اػبليفة الفاطمي اغبافظ لدين اهلل قد بٌت أعمدة رخامية ربيط باعبوانب‬
‫األربعة لصحن اعبامع‪ ،‬كما بٌت عقودا فوق ىذه األعمدة وعرفت ىذه اإلضافة اؼبعمارية باسم {رواق} وقرر أن‬
‫‪2‬‬
‫إضافة رواق إىل صحن اعبامع كان إحدى التأثَتات اؼبعمارية اإلسالمية اليت دخلت إىل مصر من بالد اؼبغرب‪.‬‬

‫أما صحن جامع األزىر فهو مكان متسع غَت مسقوف‪ ،‬مرصوف باغبجر‪ ،‬وللجامع منرب واحد وىو من‬
‫اػبشب اؼبخروط اعبميل الصنع‪ ،‬ولو خطيب خاص يف اعبمعة واألعياد‪ ،‬كما أنشئ باألزىر عند تأسيسو منارة‬
‫‪3‬‬
‫واحدة مث أصبحت فيما بعد طبس منارات‪.‬‬

‫ويف اعبامع رواق للقبلة وىو أكرب األروقة حيث يشغل مساحة مستطيلة يبلغ قياسها ‪ 53*34‬مًتا‪،‬‬
‫ويالحظ أن ىذا الرواق يكتنفو من اعبانبُت الشرقي والغريب فناءان مكشوفان‪ ،‬يتكون ىذا الرواق من تسع‬
‫بالطات عمودية على جدار القبلة ىذا من جهة‪ ،4‬ومن جهة أخرى أشار البكري أن باعبامع سبع بالطات متقنة‬
‫متقنة البناء‪.5‬‬

‫ويالحظ أن بناء ىذا الرواق حديث نسبيا‪ ،‬كما يالحظ بناء جدار للقبلة األصلي‪ ،‬وكذلك بناء سقيفة‬
‫تتقدم رواق القبلة‪ ....‬ويشتمل جدار القبلة اغبديث على ؿبراب حديث أيضا وهبذا احملراب كتابات تشَت إىل‬
‫ذبديده سنة ‪7330‬ه‪ ،‬ويوجد خلف احملراب اغبديث احملراب األصلي عبامع اؼبهدية وديكن رؤيتو من خالل‬
‫‪6‬‬
‫فتحات نافذة يف احملراب اغبديث‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.044‬‬

‫‪ -2‬حسُت خضَتي أضبد‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.762‬‬
‫‪ -3‬علي إبراىيم حسن‪ ،‬تاريخ جوهر الصقلي قائد المعز لدين اهلل الفاطمي‪ ،‬مكتبة النهضة اؼبصرية القاىرة‪ ،‬ط‪ ،7963 ،5‬ص‪.96‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -5‬البكري‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.543‬‬
‫‪ -6‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪74‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫واحملراب األصلي تسع ‪ .........‬ـبصصة من ‪ 74.2‬فصوص بتبادل ويبلغ اتساع حنية احملراب مًتين‬
‫وعمقها مًتا واحدا ويشغل اؼبساحة احملصورة بُت هناية القنوات وبداية طاقية احملراب بكتابة كوفية يف أربعة سطور‬
‫يبلغ عرضها ‪ 34‬سم إىل مًت واحد‪.‬‬

‫ولقد تغَتت ذباويف احملراب وأصبحت مؤلفة من طبقات رفيعة نصف أسطوانية تعلوىا ؿباريب زخرفية‬
‫‪1‬‬
‫وقد أثر ىذا الطراز اؼبتبع يف ؿباريب جامع اؼبهدية يف تراث احملاريب التونسية فيما بعد‪.‬‬

‫مصلى العيد‪:‬‬

‫ورد يف بعض الروايات اؼبصدرية إشارات إىل مصلى العيد دبدينة اؼبهدية فقد ذكر التيجاين يف ثنايا حديثو‬
‫عن أحداث الصراع بُت أيب يزيد بن كيداد‪ ،‬أحد الثوار على – القائم‪-‬أن أبا يزيد عندما‪ ......‬وصل إىل مصلى‬
‫اؼبهدية يف عهد القائم مل يبقى بينو وبُت اؼبهدية إال رمية سهم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وتكشف ىذه الرواية أن دبيناء مصلى العيد يف مدينة اؼبهدية كان خارج أسوارىا على بعد رمية سهم‪.‬‬

‫ويذكر سعد زغلول أن صالة العيد كانت تقام يف مصلى العيد يف اؽبواء الطلق باإلضافة إىل صلوات‬
‫‪3‬‬
‫اؼبناسبات الكربى من االستسقاء‪ ،‬الكسوف واػبسوف وغَتىا‪.‬‬

‫‪-2‬المدافن‪:‬‬

‫كانت مدينة اؼبهدية زبلو من جبانة للعامة‪ ،‬ومن احملتمل أن يكون سبب ذلك ىو ضيق مساحة اؼبهدية‪،‬‬
‫إذا ما قورنت باؼبدن اإلسالمية األخرى كالقَتوان وبغداد والقاىرة‪ ،‬فضال عن كثرة اؼبنشات اليت أقيمت عليها ‪ ،‬فبا‬
‫‪4‬‬
‫ال يدع ؾباال إلقامة مدافن للعامة تستغرق مساحة كبَتة من اؼبدينة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.044 ،‬‬

‫‪ -2‬ؿبمد عبد الستار عثمان‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪-3‬سعد زغلول‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -4‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.042‬‬

‫‪75‬‬
 ‫المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬ ‫المبحث الثالث‬

‫وىذا ما أكده كل من اإلدريسي وؿبمود مقديش يف قوؽبم ليس باؼبهدية جبانة تعرف يف وقتنا ىذا‪ ،‬معدا‬
‫اؼبنستَت الذي كان أىل اؼبهدية يدفنون فيهم موتاىم وحيملوهنم يف الزوارق فيدفنوهنم يف اؼبنستَت مث يعودون إىل‬
‫‪1‬‬
‫بلدىم‪.‬‬

‫أغلب الظن أنو كان يوجد باؼبهدية جبانة خاصة باػبلفاء ‪2‬مل نعرف مكاهنا بالضبط ولكنها من احملتمل‬
‫أن تكون ملحق بأحد القصور‪ 3،‬فعندما تويف أبو عبيد اهلل اؼبهدي يف النصف من شهر ربيع األول سنة اثنتُت‬
‫وعشرين وثالشبائة وىو ابن ثالث وستُت سنة‪ ،‬وكانت إمارتو منذ وصل إىل رقادة إىل يوم وفاتو أربع وعشرين سنة‬
‫‪4‬‬
‫وعشرة أشهر وعشرين يوما‪ ،‬قال وؼبا مات كتم ابنو أبو القاسم موتو سنة حىت دبر أمره‪.‬‬

‫فال يعقل أن يكون يف موضوع آخر خارج اؼبهدية ويؤكد ابن ضباد على أن عبيد اهلل اؼبهدي دفن باؼبهدية‬
‫‪5‬‬
‫بقولو‪ :‬ومل يركب أبو القاسم دابة باؼبهدية منذ مات أبو عبيد اهلل إىل ان تويف ىو حزنا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ويف اؼبهدية كانت وفاة اإلمام اؼبازري‪-‬رضبو اهلل‪-‬ومنها نقل إىل اؼبنستَت‪.‬‬

‫وفي االخير نستنتج ‪:‬‬

‫شيد عبيد اهلل اؼبهدي غبضارتو األسوار شاىقة االرتفاع‪ ،‬وزودىا بأبراج قوية للدفاع‪ ،‬مث وضع نواة اؼبدنية‬
‫الداخلية وتشمل اؼبسجد والقصور وجعل بُت القصور رحبة فسيحة‪ ،‬كما شيد اؼبنشآت الصناعية والتجارية‪،‬‬
‫وعندما اكتظت اؼبهدية بالسكان امتد العمران يف اعبهة الغربية للمدينة فشيد عدة أرياض ونقل إليها الرعية‪.‬‬

‫كما كان باب اؼبهدية أمنوذجا لطراز جديد من البوابات احملصنة مل يعرف ؽبا مثيل من قبل‪ ،‬وإن دل ىذا‬
‫شيء فإمنا يدل على االرتباط الوثيق ما بُت تطور فن العمارة العسكرية واألسلحة خاصة‪ ،‬فكلما تطورت وسائل‬
‫اؽبجوم تطورت معها وسائل الدفاع‪.‬‬

‫‪-1‬اإلدريسي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪ .535‬انظر‪ :‬ؿبمود مقديش‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫‪ 2‬أنظر اؼبلحق رقم‪.74‬‬
‫‪ -3‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.042‬‬
‫‪ -4‬النويري ‪،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج ‪،53‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -5‬عبد اغبميد حسُت ضبودة‪،‬نفسو ‪ ،‬ص‪.042‬‬
‫‪ -6‬ؿبمود مقديش‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.773‬‬

‫‪76‬‬
‫الخاتمة‬
 ‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‬

‫بعد دراسة تاريخ مدينة ادلهدية اليت حاولنا أن نتوقف فيها عند أىم ادلنعطفات اليت مرت هبا ىذه‬
‫ادلدينة‪ ،‬ومن خالل ىذا البحث ادلستفيض للروايات اليت تناولت تاريخ ادلهدية نستخلصو عدة استنتاجات‪:‬‬

‫‪ -‬ان مدينة ادلهدية تعد من أىم االجنازات اليت ارتبطت بتاريخ الفاطميني وحاكمهم األول أبو عبد اهلل ادلهدي‬
‫حيث استمد اسم ادلدينة من اسم ادلهدي‪.‬‬

‫‪ -‬كان بناء ادلدينة باألساس إنشاء مدينة خالصة بإتباع ادلذىب االمساعيلي ليأمتن فيها ىؤالء من خصومهم من‬
‫ادلذاىب (أىل السنة)‪ ،‬فقد القى أتباع اإلمساعيلية معارضة شديدة من أتباع ادلذىب ادلالكي الذين أنكروا ادلظاىر‬
‫الدينية للفاطميني ‪،‬‬

‫السيما يف مدينة القريوان‪ ،‬فأراد عبد اهلل ادلهدي بناء مدينة ليمارس فيها الفاطميون عقائدىم اإلمساعيلية حبرية‪.‬‬

‫‪ -‬كان ادلهدي يهدف من وراء بناء مدينة ادلهدية الساحلية إىل مواجهة البيزنطيني الذين حاولوا أن يتحرشوا هبم‪،‬‬
‫كماجنح يف بسط سيطرة الفاطميني على حوض الغريب للبحر ادلتوسط ومد النفوذ الفاطمي على جزيرة صقيلة‪.‬‬

‫‪ -‬لقد جنح الفاطميون يف إقامة أول دولة شيعية يف قلب االمتداد السين من ادلغرب إىل حدود ادلشرق‪ ،‬واحلق أن‬
‫قيام ىذه الدولة كان حدثا خطريا يف تاريخ اإلسالم‪ ،‬حبيث أوجد خالفة ثالثة تنافس اخلالفة العباسية واخلالفة‬
‫األموية‪ ،‬بتوسعها شرقا لتحكم مصر وبالد الشام واحلجاز وامتد نفوذىا إىل اليمن‪.‬‬

‫البذر الذي وضعو ابو عبد اهلل الشيعي ‪،‬قد أينع و أمثر و ظل الغرس الفاطمي قائما ببالد ادلغرب‪ ،‬ىذا ما جعللها‬
‫تكتب صفحات رليدة من تاريخ مدينة ادلهدية ‪.‬‬

‫عرفت مدينة ادلهدية حياة فكرية و فنية مزدىرة رغم كل الثغرات اليت مرت هبا ادلدينة ىذا ماجعلها أيقونة ادلدن‬
‫ادلغربية و كذلك من ادلدن العريقة تارخييا و حضاريا ‪.‬‬

‫لقد وجدت حياة ثقافية وف فكرية فعال يف العهد الفاطمي يف بالد ادلغرب‪،‬على الرغمم من أىدافها ادلذىبية اال انو‬
‫ساىم علماء مغاربة يف ىذه احلياة‪،‬على الرغم من تنوع مذاىبهم واختالفها‪.‬‬

‫‪78‬‬
 ‫الخاتمة‬

‫يعد العصر الفاطمي من ضمن أزىى العصور االسالمية ‪،‬اذ يف ىذا العصر عرفت البحرية االسالمية قمة‬
‫رلدىا ويظهر ىذ ا يف الفن ادلعماري الفاطمي و منوذج ىذا باب ادلهدية الذي يعد طراز جديد مل يعرف ذلا مثيل‬
‫من قبل‪.‬‬

‫استطاعت الدولة الفاطمية ‪،‬و ىي يف بالد ادلغرب أن حتتل مكانا ممرموقا يف تاريخ األساطيل االسالمية‪ ،‬سواء يف‬
‫ادلهدية أو سوسة أو افريقية أو بونة ‪.‬‬

‫‪79‬‬
 ‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫المصادر ‪:‬‬

‫‪ .1‬زلمد بن عبد ادلنعم‪،‬احلمريي ‪ ،‬الروض ادلعطار يف خرب االقطار ‪ ،‬تح ‪،‬إحسان عباس ‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬لبنان‬
‫‪،‬ط‪.1984 ، 2‬‬
‫‪ .2‬ابن أيب دينار الفقيو النبيو العالمة أيب عبد اهلل الشيخ زلمد بن أيب القاسم الرعيين القريواين‪ ،‬مطبعة الدولة‬
‫التونسية حباضرهتا احملمية‪،‬ط‪.1،1286‬‬
‫‪ .3‬ابن األثري أيب احلسن علي بن أيب الكرم زلمد بن زلمد بن عبد الكرًن بن عبد الواحد الشيباين ادلعروف‬
‫بابن أيب األثري اجلزري ادللقب بعز الدين‪ ،‬الكامل يف التاريخ‪،‬مج‪6‬ن تح‪ ،‬زلمد يوسف الدقاق‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪1407 ،1‬ه‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬ابن عذارى ادلراكشي ‪ ،‬بيان ادلغرب يف أخبار األندلس وادلغرب ‪ ،‬تح ج‪.‬س‪.‬كوالن و إلفي بروفينسيال‬
‫‪،‬ج‪،1‬دار الثقافة بريوت لبنان‪،‬ط‪.1983 ،3‬‬
‫‪ .5‬أيب احلسن علي بن موسى بن سعيدادلغريب(ادلعروف بابن سعيد)‪ ،‬تح امساعيل العريب ‪،‬منشورات ادلكتب‬
‫التجاري للطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬لبنان‪،‬ط‪.1،1970‬‬
‫‪ .6‬أيب العباس أمحد القلقشندي (القلشندي )‪ ،‬صبح االعشيب ‪،‬ج‪ ،5‬ادلطبعة االمريية ادلعاصرة‬
‫‪(،‬د‪،‬ط)‪ 1333،‬ىـ‪1915/‬م)‪.‬‬
‫‪ .7‬أيب عبد اهلل زلمد بن عبد اهلل بن أيب بكر القضاعي‪ ،‬ابن اآلبار ‪،‬احللة السرباء‪ ،‬تح حسن مؤنس‪،‬‬
‫ج‪،1‬دار ادلعارف مصر‪ ،‬ط‪.1985 ،2‬‬
‫‪ .8‬أيب عبد اهلل زلمد بن زلمد بن عبد اهلل بن ادريس احلمدي احلسيين (االدريسي) ‪،‬نزىة ادلشتاق يف‬
‫اخرتاق اآلفاق ‪،‬مكتبة الثقافة الدينية ‪،‬مصر ‪ 1422‬ىـ ‪2002‬م ‪ ،‬مج‪ 1‬ص‪ 281‬االصطخري ادلعروف‬
‫بالكرخي ‪ ،‬ادلسالك وادلمالك ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬لبنان ‪(،‬د‪،‬ط)‪.1927،‬‬
‫‪ .9‬أيب عبيدعبد اهلل بن عبد العزيز بن زلمد البكري ‪ ،‬ادلسالك و ادلمالك ‪،‬تح مجال طلبة ‪،‬ج‪،2‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪،‬لبنان ‪،‬ط‪1،1424‬ه‪2003/‬م‬
‫‪ .10‬ايب علي منصور العزيز اجلوذري‪ ،‬سرية األستاذ جوذر‪،‬مع كامل زلمد حسني وزلمد عبد اذلادي شعرية‪،‬‬
‫دار الفكر العريب‪ ،‬مصر د‪،‬س‪.‬‬
‫‪ .11‬أيب قاسم بن حوقل النصييب (ادلعروف بابن حوقل )‪،‬صورة األرض ‪،‬منشورات دار مكتبة احلحياة ‪،‬لبنان‬
‫‪1995،‬م‪.‬‬

‫‪81‬‬
 ‫‪ .12‬تقي الدين بن زلمد بن علي ادلقريزي ‪،‬اتعاظ احلنفا بأخبار األئمة الفاطميني اخللفاء‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪ .13‬حسن بن زلمد الوزان الفاسي ‪(،‬ادلعرووف بليون االفريقي)‪،‬وصف افريقيا ‪،‬تر زلمد حجي وزلمد‬
‫األخضر‪،‬ج‪،،2‬دار الغرب االسالمي ‪،‬لبنان ط‪.2،1983‬‬
‫‪ .14‬خري الدين الزركلي ‪،‬األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال و النساء من العرب و ادلستعربني و ادلستشرقني‬
‫‪،‬ج‪،1‬دار العلم للماليني ‪،‬لبنان ‪،‬ط‪ 15،2002‬م ‪.‬‬
‫‪ .15‬سراج الدين بن الوردي ‪ ،‬خريدة العجائب وفريدة الغرائب ‪ ،‬تح ‪ ،‬أنور زلمود زنايت ‪ ،‬مكتبة الثقافة‬
‫الدينية ‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.2007، 1‬‬
‫‪ .16‬شهاب الدين أيب عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل احلموي الرومي البغدادي( ادلعروف احلموي )‪،‬معجم‬
‫البلدان‪،‬ج‪، 5‬دار صادر ‪،‬لبنان ‪1397،‬ه‪1977/‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬شهاب الدين أمحد بن عبد الوىاب النويري‪،‬هناية األرب يف فنون االدب ‪ ،‬تح‪ :‬جنيب مصطفى فواز‪،‬‬
‫وحكمت كشلي فواز‪ ،‬ج ‪ ،28‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪،‬ط‪1434 ،1‬ه‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .18‬عبد الرمحان ابن خلدون ‪(،‬ادلعروف بابن خلدون)‪ ،‬تاريخ ابن خلدون ادلسمى ديوان ادلبتدأ واخلرب يف‬
‫تاريخ العرب والرببر ومن عاصرىم من ذوي الشأن األكرب‪ ،‬ج‪ ،4‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪1421 ،‬ه‪،‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬عماد الدين امساعيل بن زلمد بن عمر ‪(،‬ادلعروف بأيب الفداء )‪،‬تقوًن البلدان ـ‪،‬دار صادر ‪،‬لبنان‬
‫‪ ،1830،‬ص‪135‬بن سباىي زاده زلمد بن علي الربوسوي ‪ ،‬أوضح ادلسالك اللى معرفة البلدان ‪،‬تح‬
‫ادلهدي عبد اهلل رواخية‪،‬دار الغرب االسالمي ‪،‬لبنان ط‪1،1424‬ه‪2006/‬م‪.‬‬
‫‪ .20‬القاضي النعان بن زلمد ‪ ،‬اجملالس وادلسايرات ‪ ،‬تح احلبيب الفقي وآخرون ‪ ،‬دار ادلنتظر بريوت ‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪1،1996‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬القاضي النعمان‪ ،‬اختالف أصول ادلذاىب‪ ،‬تح‪ ،‬مصطفى غالب‪ ،‬دار األندلس لطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1983‬م‪ ،‬ط‪.3‬‬
‫‪ .22‬القزويين ( زكرياء بن زلمد بن زلمود )‪ ،‬أثار البالد وأخبار العباد ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪.‬‬
‫‪ .23‬رلهول ‪،‬االستبصاريف عجائب االمصار ‪،‬تح سعد زغلول عبد احلميد‪،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬العراق‬
‫‪(،‬د‪،‬س)‪.‬‬
‫‪ .24‬زلمد عبد اهلل بن زلمد بن أمحد التجاين ‪،‬رحلة التيجاين ‪،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬تونس‪. ،1989،‬‬
‫‪ .25‬زلمود مقديش ‪،‬نزىة األنظار يف عجائب التاوريخ و األخبار ‪،‬تح علي الزوادي و زلمد زلفوظ ‪،‬دار‬
‫الغرب االسالمي ‪،‬لبنان ‪،‬ط‪،1،1988‬مج‪.،1‬‬

‫‪82‬‬
 ‫المراجع ‪:‬‬

‫‪ .1‬أبو رميلة ىشام ‪ ،‬عالقات ادلوحدون بادلماليك النصرانية والدول اإلسالمية يف األندلس‪ ،‬دار الفرقان‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪ 1،1404‬ه‪1989 /‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬بن محاد أيب عبد اهلل زلمد بن علي ‪ ،‬أخبار ملوك بين عبيد وسريهتم‪ ،‬تح التهامي نقرة‪ ،‬عبد احلليم‬
‫عويسي‪ ،‬دار الصحوة للنشر‪ ،‬القاىرة ؛ د‪،‬س ‪ ،‬د‪،‬ط‪.‬‬
‫‪ .3‬بن حوشب سيف الدين القصري واحلركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬دار الينابيع يف دمشق‪،1993 ،‬‬
‫(د‪،‬ط)‬
‫‪ .4‬مجال الدين عبد اهلل زلمد ‪ ،‬الدولة الفاطمية قيامها يف بالد ادلغرب وانتقاذلا إىل مصر إىل محاية القرن‬
‫الرابع ىجري مع عناية خاصة باجليش‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬القاىرة‪ 1411 ،‬ه‪1991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬احلاجب جعفر ‪ ،‬مذكرات يف حركة ادلهدي الفاطمي‪ ،‬تح ‪،‬ايفانوف ‪(،‬د‪،‬ب)‪(،‬د‪،‬س)‪(،‬د‪،‬ط)‪.‬‬
‫‪ .6‬حسن ابراىيم حسن ‪،‬طو شرف ‪،‬عبيد اهلل ادلهدي امام الشيعة االمساعيلية و مؤنس الدولة الفاطمية‬
‫يف بالد ادلغرب ‪،‬مكتبة النهضة ادلصرية ‪،‬مصر‪(،‬د‪،‬ط‪،‬د‪،‬س)‪.‬‬
‫‪ .7‬حسن حسين عبد الوىاب‪،‬خالصة تاريخ تونس ‪،‬دار الكتب العربية الشرقية ‪،‬تونس‪،‬‬
‫ط‪3،1373‬ه‪1951/‬م ‪.‬‬
‫‪ .8‬حسن علي إبراىيم‪ ،‬تاريخ جوىر الصقلي قائد ادلعز لدين اهلل الفاطمي‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‬
‫القاىرة‪ ،‬ط‪.1963 ،2‬‬
‫‪ .9‬محودة عبد احلميد حسني ‪،‬تاريخ ادلغرب يف العصر االسالمي منذ الفتح االسالمي و حىت قيام‬
‫الدولة الفاطمية ‪،‬دار الثقافة لنشر ‪،‬مصر ‪،‬ط‪1،1428‬ه ‪2007/‬م ‪.‬‬
‫‪ .10‬خضري حسني أمحد‪،‬عالقات الفاطميني يف مصر بدول ادلغرب (‪567-326‬ه)(‪-973‬‬
‫‪1171‬م)‪،‬مكتبة مدبويل ‪(،‬د‪،‬ب)‪،‬ط‪(،1‬د‪،‬س)‪.‬‬
‫‪ .11‬الدشراوي فرحات ‪ ،‬اخلالفة الفاطمية بادلغرب (‪365-296‬ه‪975-909/‬م)‪،‬تر محادي‬
‫الساحلي ‪،‬دار الغرب االسالمي لبنان ‪،‬ط‪1،1994‬م‪.‬‬
‫‪ .12‬سامل عبد العزيز تاريخ ‪ ،‬ادلغرب يف العصر االسالمي ‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة االسكندرية‬
‫‪،‬مصر ‪.2011 ،‬‬
‫‪ .13‬سرور زلمد مجال الدين ‪ ،‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪.1995،‬‬
‫سعد زغلول عبد احلميد ‪ ،‬تاريخ ادلغرب العريب ‪ ،‬ج‪ ،3‬منشأة ادلعارف االسكندرية ‪(،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫د‪،‬ط‪،‬د‪،‬س)‪،‬مصر‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ .15‬طقوش زلمد سهيل ‪ ،‬تاريخ الفاطميني يف مشال افريقية ومصر وبالد الشام ‪297‬ىـ ‪567 -‬ىـ‬
‫‪ 910 /‬م – ‪ 1771‬م) ‪ ،‬دار النفائس ‪ ،‬لبنان‪- ،‬ط‪3،1428‬ه‪2007/‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬عثمان زلمد عبد الستار ‪ ،‬موسوعة العمارة الفاطمية احلربية ادلدنية الدينية‪ ،‬دار القاىرة‪،‬‬
‫القاىرة‪،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫‪ .17‬العفيفي عبد احلكيم ‪ ،‬موسوعة ‪ 1000‬مدينة اسالمية ‪ ،‬اوراق شرقية ‪ ،‬لبنان ‪،‬ط‪1‬‬
‫‪1421،‬ه‪2000/‬م ‪.‬‬
‫فؤاد أمين ‪ ،‬الدولة الفاطمية يف مصر‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للكتب‪ ،‬القاىرة‪.2007،‬‬ ‫‪.18‬‬
‫مارسيو جورج ‪ ،‬ادلغرب وعالقتها بادلشرق اإلسالمي يف العصور الوسطى‪ ،‬تر‪ :‬زلمود عبد‬ ‫‪.19‬‬
‫الصمد ىيكل‪ ،‬منشأة ادلعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1991 ،‬‬
‫‪ .20‬رلاين بوبة و آخرون ‪ ،‬من قضايا التاريخ الفاطمي يف دوره ادلغريب ‪،‬دار هباء ‪،‬اجلزائر‬
‫‪(،‬د‪،‬ط)‪.2007،‬‬
‫مؤنس حسني ‪ ،‬معامل تاريخ ادلغرب واالندلس ‪ ،‬دار الرشاد ‪ ،‬مصر‪1993،‬م‪.‬‬ ‫‪.21‬‬
‫الرسائل الجامعية ‪:‬‬

‫‪ .1‬حوالو يوسف بن أمحد ‪ ،‬احلياة العلمية يف أفريقية ادلغرب ''ادلغرب األدىن'' منذ إمتام الفتح وحىت منتصف‬
‫القرن اخلامس اذلجري‪450/90( ،‬ه) ج‪ ،1‬مركز حبوث الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مكة ادلكرمة‬
‫‪1428‬ه‪2000/‬م‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .2‬سامي العبيد زلمد أمحد‪ ،‬احلياة االجتماعية والثقافية يف الدولة الفاطمية يف ادلغرب ومصر (‪297‬ه‪-‬‬
‫‪597‬ه‪909 /‬م‪1171-‬م)‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ماجستري اآلداب يف التاريخ‪ ،‬جامعة شندي‪.2019 ،‬‬
‫‪ .3‬عمريي مسرية ‪ ،‬نورة بلهول‪ ،‬احلياة الثقافية للدولة الفاطمية ببالد ادلغرب اإلسالمي‪296( ،‬ه‪362-‬ه)‬
‫(‪909‬م‪973-‬م)‪ ،‬مذكرة لنيل درجة ادلاسرت يف تاريخ ادلغرب اإلسالمي الوسيط‪ ،‬جامعة أكلي زلمد‬
‫أوحلاج البويرة‪1435 ،‬ه‪1436-‬ه‪2014/‬م‪2015-‬م‪.‬‬
‫المجالت‬

‫‪ .1‬حسني غادة ‪ ،‬بنية اجملتمع ادلغريب اإلسالمي أثناء العصر الفاطمي (‪362-297‬ه‪972-909 /‬م)‪،‬‬
‫تاريخ اإليداع ‪ 2014/10/12‬للنشر يف ‪ ،2014/12/21‬رللة جامعة تشرين للبحوث والدراسات‬
‫العلمية‪ ،‬سلسلة اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪.2014 ،36‬‬

‫‪84‬‬
 ‫المواقع االلكترونية‬

‫‪،ar.m.wikipedia.ong. .1‬ت‪،‬د ‪8‬مارس ‪ ،2020‬الساعة ‪ ،22:14‬ت‪،‬خ ‪.14:30‬‬

‫‪85‬‬
‫المالحق‬
 ‫المالحق‬

‫أنظر امللحق رقم ‪01:‬‬

‫ليست معاملهن ثوب دثور‬ ‫قف باملطي على مرابع دور‬

‫رحيان ريح صبا وريح دبور‬ ‫لعبت هبا حىت حمت آثارها‬

‫فلما انتهى إىل قوله‪:‬‬

‫ويد النوى ملكت عنان مسَتي‬ ‫وسفيهة هبت تصد عن النوى‬

‫من قبل غبت فأبت بعد دهور‬ ‫خافت علي من اخلطوب ألنٍت‬

‫مأسورة مجعت على مأسور‬ ‫مث اجتمعت بعد ذلك فياهلا‬

‫فلما قال هذا استعرب املهدي وتلقى دموعه بكمه‪ ،‬فسكت سعدون وأومأ إليه أن قال‪ ،‬فمر فيها حىت انتهى إىل قوله‪:‬‬

‫بنت النيب وعًتة التطهَت‬ ‫أعن ابن فاطمة تصدين أمرا‬

‫من أهل بيت الوحي خَت مزور‬ ‫كفي عن التخبيط إين زائر‬

‫فقال أبو عبد اهلل وكان قائما بُت يدي املهدي‪ :‬صدقت‪ ،‬هو أفضل العاملُت فقبل سعدون األرض بُت يدي املهدي‬

‫ومر فيها حىت انتهى إىل قوله‪:‬‬

‫لقدومه أركان كل أمَت‬ ‫هذا أمَت املؤمنُت تضعضعت‬

‫أمنت مغارهبا من احملذور‬ ‫هذا االمام الفاطمي ومن به‬

‫من مهرب من جيشه املنصور‬ ‫والشرق ليس لشامه وعراقه‬

‫ويفاز منه بعدله املنشور‬ ‫حىت يفوز من اخلالفة باملٌت‬

‫شعر يوضح تغٍت الورجيٍت بعبيد اللله املهدي‪.‬‬

‫افتتاح الدعوة‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.302-300‬‬

‫‪78‬‬
 ‫المالحق‬

‫امللحق رقم ‪02‬‬

‫خريطة توضح موقع مدينة املهدية‬

‫حسُت خضري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.406‬‬

‫امللحق رقم ‪03‬‬

‫خمطط يوضح موقع القصر الكبَت و الصغَت و دار الصناعة ‪.‬‬

‫سعد زغلول‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.77‬‬

‫‪77‬‬
 ‫المالحق‬

‫انظر امللحق رقم ‪04:‬‬

‫صورة توضح سور املهدية واالبراج اليت تعلو و مقربة املدينة ‪.‬‬

‫صورة شخصية من التقاط األستاذ املشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام‪.‬‬

‫أنظر امللحق رقم ‪.05:‬‬

‫صورة توضح الباب الرئيسي لسور مديينة مدينة املهدية ‪.‬‬

‫صورة شخصية من التقاط األستاذ املشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام ‪.‬‬

‫‪78‬‬
 ‫المالحق‬

‫أنظر امللحق رقم ‪.06:‬‬

‫صورة توضح املمر (يشبه النفق )املوصل بُت الباب اخلارجي ملدينة املهدية ووسطهها حيث يظهر مسك السور‬
‫التحصيٍت احمليط هبا‪.‬‬

‫صورة شخصيية من التقاط األستاذ املشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام ‪.‬‬

‫أنظر الملحق رقم ‪.00:‬‬

‫صورة توضح ميناء مدينة المهدية في العهد الفاطمي ( صورة مقابلة)‬

‫صورة شخصية من التقاط االستاذ المشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام‬

‫‪89‬‬
 ‫المالحق‬

‫أنظر الملحق رقم ‪.00:‬‬

‫صورة توضح ما تبقى من ميناء مدينة المهدية في العهد الفاطمي‬

‫صورة شخصية من التقاط األستاذ المشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام‬

‫أنظر الملحق رقم ‪.00:‬‬

‫صورة توضح مدخل المسجد الكبير بمدينة المهدية‬

‫( باب المسجد والساحة المحيطة به )‬

‫صورة شخصية من التقاط االستاذ املشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام‬

‫‪89‬‬
 ‫المالحق‬

‫أنظر امللحق رقم‪.10:‬‬

‫صورة توضح أقرب مقربة ملدينة املهدية ‪.‬‬

‫صورة شخصية من التقاط األستاذ املشرف أ‪.‬د‪/‬موسى هصام‬

‫‪89‬‬
 ‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫‪-‬‬ ‫شكر‬
‫‪-‬‬ ‫إهداء‬
‫أ‬ ‫مقدمة‬
‫‪42-6‬‬ ‫المبحث األول‪ 7‬مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬
‫‪6‬‬ ‫‪ .1‬موقع الجغرافي ‪7‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ .4‬التسمية‬
‫‪12‬‬ ‫‪ .3‬نشأة المدينة‬
‫‪26-42‬‬ ‫المبحث الثاني‪ 7‬مدينة المهدية الموقع وظروف التأسيس‬
‫‪46‬‬
‫‪ .1‬سياسيا و عسكريا‪7‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .4‬اقتصاديا واجتماعيا‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .3‬دينيا وثقافيا‬
‫‪46-24‬‬ ‫المبحث الثالث‪ 7‬المظاهر الحضارية لمدينة المهدية‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .1‬المرافق السياسية والعسكرية‬
‫‪62‬‬ ‫‪ .4‬المرافق االقتصادية واالجتماعية‬
‫‪44‬‬ ‫‪ .3‬المرافق الدينية‬
‫‪45‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪51‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪54‬‬ ‫المالحق‬
‫‪63‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪39‬‬