Professional Documents
Culture Documents
المحكمة الرقمية في أفق مشروع قانون حول استعمال الوسائط الإلكترونية (العقود والاعمال
المحكمة الرقمية في أفق مشروع قانون حول استعمال الوسائط الإلكترونية (العقود والاعمال
المحكمة الرقمية في أفق مشروع قانون حول استعمال الوسائط الإلكترونية (العقود والاعمال
الفوج الثالث
الفصل الثالث
الموسم الجامعي
2021-2020
1
مقدمة
العالم برمته يتقدم ويتطور نتيجة ثورة المعلوماتية واالتصاالت التي فاقت تقنياتها وتحديثاتها
كل التصورات ،فأينما اتجهنا اليوم ثمة حواسيب ووسائل اتصال أسقطت الحواجز المكانية
والزمانية ،وجعلت من العالم قرية صغيرة ،تمثل التقنية فيها واسطة النشاط ،وأداة اقتصاد
المعرفة ،ورأس المال الفكري ،وقد تولد عن ثورة االتصاالت وتكنولوجيا المعلومات العديد
من التطبيقات التي أثرت تأثيراً كبيراً في عدد كبير من أوجه النشاط االجتماعي واالقتصادي،
،Commerce -Electroniqueوالحكومة كان من أهمها ظهور التجارة اإللكترونية
اإللكترونية ، Gouvernement -Electroniqueوالتعليم اإللكتروني – Electronique
.Education1
وعلى الرغم من تبني كثير من الدول مفهوم الحكومة االلكترونية ،وبالتالي انتقال معظم
تعامالت المجتمع الحكومية ،االقتصادية ،اإلعالمية ،ومكوناته إلى البيئة االلكترونية ،فإن
مرفق القضاء لم يحقق تقدما ملحوظا في غالبية دول العالم ،ومن بينها المغرب ،مقارنة بما هو
حاصل على مستوى القطاع الخاص وبعض األجهزة الحكومية األخرى ،ما أسهم في تأخر
القضايا في المحاكم خاصة في ظل حاالت الطوارئ ،وهو ما قد يؤثر على الحياة االجتماعية
واألمنية ،إذ ينجم عن تأجيل البت في الدعاوى ،نشوب بعض المشاكل قد تدفع الخصوم إلى
العنف.
وقد نبهت الرسالة الملكية السامية الموجهة للمؤتمر الدولي األول للعدالة المنعقد بتاريخ 2
ابريل 2018إلى ضرورة اعتماد المحكمة الرقمية للرفع من النجاعة القضائية حيث جاء فيها
" إن الرفع من أداء العدالة يظل في مقدمة االنشغاالت ،نظرا لما هو منتظر منها ،سواء من
لدن األفراد أو من قبل المجتمع وال سبيل إلى ذلك ،إال بتطوير اإلدارة القضائية ،حتى تدعم
جهود القضاة .وقد أبانت التجربة على الدور الذي يمكن أن تلعبه المحكمة الرقمية في هذا
1-صفاء اوتاني ،المحكمة االلكترونية "المفهوم والتطبيق" مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية – المجلد - 82العدد األول 8108-ص
.2
2
المجال" وقد تعززت أهمية تفعيل المحكمة الرقمية خاصة بعد جائحة كورونا في ظل حالة
الحجر الصحي وعدم إمكانية عقد جلسات حضورية في جميع القضايا األمر الذي جعل وزارة
العدل المغربية تبحث عن حل إلعادة الروح للجهاز القضائي ،وذلك عن طريق استغالل المادة
الثالثة من المرسوم قانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية ،2التي تضمنت صيغة عامة هي
بمثابة تفويض عام يعطي للسلطة التنفيذية الصالحية في أن تحل محل السلطة التشريعية لكي
تتخذ "جميع التدابير الالزمة التي تقتضيها هذه الحالة"، 3وهي صيغة مكنت السلطة التنفيذية
من سلطة تقديرية واسعة التخاذ كل اإلجراءات الكفيلة بمواجهة حالة الطوارئ الصحية.4
وكان اللجوء لوسائل االتصال الحديثة هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يعيد الروح من
جديد للمؤسسة القضائية ،وذلك في إطار اإلجراءات االحترازية التي كان يقوم بها المغرب
لمحاربة تفشي فيروس كورونا المستجد حيث تم اعتماد هذه األخيرة في العديد من محاكم
المملكة مؤخرا ،إال أن ذلك أثار جدال واسعا داخل الساحة القانونية حيث عبر العديد عن
استيائهم 5من هذا الحل الذي يفتقد لمشروعيته القانونية وبناء على ذلك ،فقد بادر المشرع
المغربي لسد الفراغ القانوني ،الذي كان يعرفه نظام التقاضي عن بعد ،وذلك بإصدار مشروع
قانون يتعلق باس تعمال الوسائط االلكترونية في اإلجراءات القضائية ،حيث سيعمل هذا النص
القانوني على إلحاق بعض التعديالت على قانون المسطرة المدنية وكذا المسطرة الجنائية.
2مرسوم بقانون رقم 8.898198صادر في 23مارس 8181يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها،
الجريدة الرسمية عدد 6867مكرر بتاريخ 24مارس 2020ص .1782
- 3نصت المادة الثالثة من المرسوم السالف الذكر على انه "على الرغم من جميع األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،تقوم الحكومة،
خالل فترة إعالن حالة الطوارئ ،باتخاذ جميع التدابير الالزمة التي تقتضيها هذه الحالة ،وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية ،أو
بواسطة مناشير وبال غات ،من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض ،وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة
األشخاص وضمان سالمتهم .ال تحول التدابير المتخذة المذكورة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات التي تقدمها
للمرتفقين.".
-4نور الدين الناصري ،قراءة في مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية في اإلجراءات القضائية ،مقال منشور بالموقع
االلكتروني bibliotdroit.comتاريخ الزيارة 01يناير 8180على الساعة .08: 01
-5عبر عن هذا االستياء األستاذ المهدي شبو بقوله " رجاء وفروا جهودكم وجهود مساعدي القضاة وجهاز كتابة الضبط حتى تتحقق مقومات
االنطالقة الحقيقية للمحكمة الرقمية من جميع المناحي ،فرغم كل ما قمتم به سينقط المغرب صفرا ( )0في مؤشرات المحكمة الرقمية فالرقمنة لن
تتحقق بالمسح الضوئي فهي تدابير تشريعية وتنظيمية وتقنية وديجيتالية نفتقد اليوم ابسط مقوماتها ".المهدي شبو ،المداخل الحقيقية للجلسة
الرقمية ،مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 05.باقي البيانات غير مذكورة ،ص 255
3
أهمية الموضوع:
األهمية العلمية
تتجلى في دراسة موضوع مستجد من الناحية القانونية ذلك أن الحديث عن رقمنة القضاء في
المغرب لم يبدأ فعليا إال في السنوات األخيرة وكذلك تناول التغييرات التي ستهم القانونين
المسطريين الجنائي والمدني بعد دخول مشروع القانون حيز التنفيذ.
األهمية العملية
تتجلى في معرفة الصعوبات التي تقف في وجه تفعيل ورش المحكمة الرقمية ودورها في
الرفع من النجاعة القضائية واستغالل الزمن القضائي من رفع الدعوى إلى صدور الحكم.
إشكالية البحث:
ما مدى تمكن مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية في اإلجراءات القضائية
من إرساء دعائم المحكمة الرقمية في القانون المغربي؟
4
المنهج المتبع
لإلجابة عن اإلشكالية المحورية المطروحة أعاله سنعتمد المنهج التحليلي عن طريق تحليل
مضامين المشروع ،وكذلك المنهج االستنباطي عن طريق التدرج من مفهوم المحكمة الرقمية
وصوال إلى تطبيقاتها ومميزاتها باإلضافة إلى المنهج االستداللي عن طريق االقتباس
واالستشهاد بمواقف الفقه والباحثين فيما يخص مشروع القانون.
خطة البحث
المبحث الثاني :تطبيقات المحكمة الرقمية في ضوء مشروع استعمال الوسائط االلكترونية
5
المبحث األول :اإلطار العام للمحكمة الرقمية
تفرض المحكمة الرقمية أسلوبا غير مألوف في تسيير اإلجراءات والمعامالت القضائية،
وذلك بالتحول إلى االعتماد الكلي على الوسائط اإللكترونية في كل مراحل الدعوى من قيدها
ومباشرتها وحفظ ملفاتها وتبعا لذلك سنتناول ماهية هذه المحكمة (المطلب األول) على أن
نتناول مميزات هذه المحكمة ودورها في الرفع من النجاعة القضائية (المطلب الثاني).
يقتضي تناول ماهية المحكمة الرقمية تناول تعريفها وأبرز المداخل التي تقوم عليها (الفقرة
األولى) كما يقتضي منا تناول أبرز النصوص القانونية المؤطرة لها في التشريع المغربي
وبعض التشريعات المقارنة (الفقرة الثانية).
سنتناول في إطار هذه الفقرة التعاريف التي أعطيت للمحكمة الرقمية (أوال) كما سنتناول
أبرز الخصائص التي تقوم عليها هذه المحكمة (ثانيا).
أضحت المحكمة الرقمية ضرورة ملحة وخيارا استراتيجيا الغاية منه تطوير العدالة بل نقطة
فاصلة بين مفهوم المحكمة الحضورية والمحكمة عن بعد أو المحكمة الرقمية التي تمكن
مرتفقي القضاء من مواصلة دعاويهم القضائية دون ضرورة توفر الحضور المادي بالمحكمة
ويراد بالمحكمة الرقمية معنيان أولهما خاص وهي المحكمة المختصة نوعيا بالنظر في الجرائم
الرقمية كجرائم التشهير االلكتروني واالبتزاز االلكتروني واإلشادة باإلرهاب عبر مواقع
التواصل االجتماعي وغيرها ،وثانيهما عام وهو الذي يهمنا في هذا اإلطار والمقصود به
المحاكم التي تنظر في القضايا المعروضة عليها باعتماد مجموعة من التقنيات المعلوماتية
والضوابط القانونية المتوافقة مع اإلجراءات المسطرية والتقنية المعمول بها وقد عرفها أحد
6
الباحثين 6بأنها تنظيم تقني معلوماتي تفاعلي مؤمن على الشبكة العالمية ،يتيح للمتقاضين
تحريك دعاويهم وتقديم البيانات واالطالع على مجريات الجلسات ،وللقضاة النظر في الدعاوى
وتدوينها وحفظها والفصل فيها عبر الوسائل التقنية الحديثة كما عرفها أيضا احد الباحثين بأنها
" سلطة لمجموعة متخصصة من القضاة النظاميين بنظر الدعوى ومباشرة اإلجراءات 7
القضائية بوسائل الكترونية مستحدثة ،ضمن نظام أو أنظمة قضائية معلوماتية متكاملة
األطراف والوسائل تعتمد منهج تقنية شبكة الربط الدولية (االنترنيت) وبرامج الملفات
الحاسوبية االلكترونية بنظر الدعاوى والفصل بها وتنفيذ األحكام بغية الوصول لفصل سريع
بالدعاوى والتسهيل على المتقاضين" .
ويمكن أن نعرف بدورنا المحكمة الرقمية على أنها محكمة تعتمد على التكنولوجيا في
الد عاوى المرفوعة أمامها منذ رفع هذه الدعاوى مرورا بكل مراحلها حيث تتم االستعاضة
بالحضور المادي للقضاة والمحامين واألطراف ،بحضور افتراضي عن بعد باستعمال وسائل
تقنية وشبكة األنترنيت.
هذا ويتقاطع مفهوم المحكمة الرقمية مع مفهوم المحكمة االلكترونية على نحو يجعل البعض
يستخدم هذين المفهومين كمترادفين ،لكن بالرغم من التداخل الحاصل بين المحكمة االلكترونية
والمحكمة الرقمية إال أن هناك حدود فاصلة بينهما ،فالمحكمة االلكترونية يقصد بها استخدام
تكنولوجيات المعلومات واالتصال في تحقيق الولوج لمرفق العدالة وتسهيل التواصل بين
م ختلف الفاعلين في ميدان القانون والقضاء .وبالتالي فإن المحكمة اإللكترونية ال تمارس
إجراءات الدعوى بشكل إلكتروني فهي محكمة وإن كانت تعتمد على التكنولوجيا في بعض
جوانبها فإنها لم تصل بعد لالستغناء الكلي عن الوسائل التقليدية كاستعمال األوراق والحضور
المادي للمتقاضين عكس المحكمة الرقمية.
6 -عبد العزيز بن سعد الغانم ،المحكمة اإللكترونية "دراسة تأصيلية مقارنة" دار جامعة نايف للنشر ،الرياض الطبعة األولى 8102ص .05
7-حازم محمد الشرعة ،التقاضي االلكتروني والمحاكم االلكترونية ،دار الثقافة ،األردن ،8101،ص.52
7
ثانيا :خصائص المحكمة الرقمية
تعتمد المحكمة الرقمية على األنظمة المعلوماتية وشبكة األنترنيت وبالتالي عدم
استعمال الوثائق والمستندات الورقية المكتوبة في كل إجراءات الدعوى وفي جميع
مراحلها.
المحكمة الرقمية غير مقيدة بزمان حيث تستمر جلسات المحكمة الرقمية تحت أي
ظرف يصعب معه الحضور المادي كما أنها غير مقيدة بمكان حيث قد تكون األطراف
في مدينة والهيئة القضائية في مدينة أخرى وبالتالي تجاوز كل المشاكل التي يثيرها
االختصاص المحلي.
محكمة مؤهلة من حيث اعتمادها على موارد بشرية مكونة تكوينا تقنيا على استعمال
الوسائط اإللكترونية.
المحكمة الرقمية خالية من الحضور المادي لألطراف حيث تقدم خدماتها عن بعد
وتعفي من االنتقال لمقر المحكمة.
جلسات المحكمة الرقمية تكون في الغالب جلسات مغلقة أي سرية وال يمكن للجمهور
حضور هذه الجلسات عكس المحكمة الحضورية.
للجلسة الرقمية على غرار المحكمة العادية مقوماتها ومداخلها التي ال يمكن أن تتحقق إال
بوجودها ويمكن القول إن للمحكمة الرقمية ثالثة مداخل أساسية:
.1المدخل التشريعي
ويتمثل في نصوص قانونية مكتوبة صادرة عن السلطة المختصة وذلك بالتنصيص في
قانوني المسطرتين المدنية والجنائية على اإليداع االلكتروني للمقاالت والعرائض واألداء
االلكتروني للرسوم القضائية ورقمنة التبليغ عن طريق الفاكس والبريد االلكتروني والرسائل
8
النصية وغيرها دون إغفال االعتراف التشريعي بإدارة الدعوى بالطريقة الرقمية 8لذلك البد
من إعادة النظر في القوانين النافذة في كل دول العالم ،للتفاعل مع هذا التغيير نتيجة للتطور
التكنولوجي الحاصل في المجتمعات ويتماشى معه الستيعاب التقنية العلمية الجديدة التي دخلت
في كل مجاالت الحياة ،وهو ما سعى إليه المشرع المغربي من خالل المشروع المتعلق
باستعمال الوسائط االلكترونية في اإلجراءات القضائية ،وهنا تبرز أهمية الوسيلة التشريعية
لهذا النظام ،لتكون نقطة ارتكاز ووسيلة قانونية مشروعة لتطبيق إجراءات هذه اآللية الحديثة،
باستخدام وسائل التق نية العلمية الحديثة ،ومن ثم مواكبة المتغيرات واستثمارها لتحقيق العدالة
واللحاق بالعالم المتقدم.
.2المدخل التقني
عن طريق تجهيز محاكم المملكة بشبكة األنترنيت وترقية مساعدي القضاء رقميا بربط
مكاتبهم بالشبكة ،فال يعقل في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين أن تجد مكتبا في المحكمة
ال يتوفر على هاتف ثابت وأنترنيت دون التحدث عن الفاكس الذي يمكن يصنفه ضمن الكماليات
التي ال تتاح إال لخاصة الخاصة .9
.3المدخل البشري
يتطلب إحداث محكمة رقمية ،موارد بشرية ذات كفاءة تساير األدوات التكنولوجية وهذه
الموارد البشرية تتمثل في:
القضاة وذلك باعتبارهم األساس في العمل القضائي حيث في إطار المحكمة الرقمية
يستعمل القضاة الوسائل التكنولوجية في تدبير العمل القضائي والمعلوميات في إنتاج
األحكام؛
كتاب الضبط مؤهلين بتكوين قانوني وإداري عالي ومتمكنون من استعمال التقنيات
المعلوماتية في تدبير عمل كتابة الضبط؛
9
مهندسون وتقنيون متخصصون لتتبع وصيانة التجهيزات المعلوماتية والتقنية
بالمحكمة.
إن المقصود باإلطار التشريعي للمحكمة الرقمية هو مجموعة النصوص القانونية المتعلقة
بالمجال الرقمي بشكل عام والتي تنظم بعض اإلجراءات المتصلة بعمل المحكمة الرقمية بشكل
غير مباشر أو مباشر وعليه سنتناول هذا اإلطار التشريعي في القانون المغربي (أوال) وبعض
القوانين المقارنة (ثانيا).
إن اإلطار القانوني للمحكمة الرقمية هو مجموعة النصوص القانونية المنظمة لمختلف
العمليات المرتبطة بسير الدعاوى أمام هذه المحاكم كالتوقيع اإللكتروني عند تسلم التبليغ
االلكتروني مثال أو اإلقرار االلكتروني وذلك حتى تكون هذه اإلجراءات في إطار الشرعية.
ويجد نظام المحكمة الرقمية أساسه في مجموعة من النصوص القانونية المتفرقة والتي تتعلق
بالنظم المعلوماتية بشكل عام ومن هذه القوانين.
10ظهير شريف رقم 0912908.الصادر بتنفيذ القانون 52915المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الجريدة الرسمية عدد 5521
بتاريخ 6دجنبر ،8112ص .222.
10
القانون رقم 30.30المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي 11وقد جاء هذا
القانون بمجموعة من الضمانات الفعلية لحماية المعطيات الشخصية ذلك أن المحاكم
الرقمية تقوم بمسك وحفظ وتدبير مجموعة من المعطيات والمعلومات ذات الطابع
الشخصي للمتقاضين الشيء الذي يتطلب ضمان حمايتها من اإلتالف أو الولوج غير
المشروع أو غير المرخص إليها.
حيث يعتبر قطاع االتصاالت أساس 12
القانون 69.02المنظم للبريد والموصالت
المحكمة الرقمية ذلك أنها تستعمل شبكة األنترنت من أجل توفير خدماتها وعقد
جلساتها.
وكل القوانين المرتبطة بالمجال الرقمي فهي تسعى إلى إرساء إطار تشريعي للتحول الرقمي
للقضاء إال أن هذه القوانين وحدها قاصرة عن تفعيل المحكمة الرقمية دون توفر اإلطار
التشريعي الخاص ،إذ يرى أحد الباحثين 13أن ما أسموه بالجلسة الرقمية على طريقتها المغربية
لم تسهل من عمل القضاء ومساعديه ،بل زادت من تعقيده ،وال تحمل من مقومات الجلسة
الرقمية إال االسم ،وذلك لغياب اإلطار القانوني والتقني لها.
كانت البداية على الصعيد الفيدرالي ،عن طريق تعديل القوانين الفيدرالية لإلجراءات المدنية
لتأمين اإلطار التشريعي للمحكمة الرقمية في المحاكم الفدرالية وإنشاء نظم معالجة إلدارة
الدعاوى الرقمية ،وعليه تم إنشاء األساس القانوني لرفع الدعوى من خالل وسائل إلكترونية
وذلك من خالل القانون e-5-0الصادر سنة 7001الذي أسس لنظام رقمي لعمل المحاكم
الفدرالية األمريكية ،وقد تم تنزيل عدة برامج من أجل تحقيق رقمنة المحاكم الفدرالية
األمريكية ،فعلى سبيل المثال نجد نظام electronic case file Ecfالمستحدث سنة
11-الظهير رقم 091.905الصادر بتنفيذ 1.912المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الجريدة
الرسمية عدد 5200بتاريخ 82فبراير ،811.ص .558
12-ظهير شريف رقم 09.29068بتنفيذ القانون رقم 819.6المتعلق بالبريد والمواصالت ،الجريدة الرسمية عدد 1502بتاريخ 02سبتمبر
0..2ص.2280
13مهدي شبو ،م.س ،ص .852
11
6337الذي يهدف إلى تبديل نظام إدارة الدعوى عن طريق التكنولوجيات الحديثة وزيادة
فعاليتها ،عن طريق مشاركة المحاكم في الشبكات االلكترونية 14إذ من الضروري إعداد ملفات
الدعاوى وتخزينها الكترونيا على موقع المحكمة وتختلف تطبيقات المحكمة الرقمية حسب
الواليات فمثال والية كولورادو تعتمد في محاكمها رفع الدعاوى بشكل الكتروني منذ سنة
7001مما جعلها رائدة في هذا المجال فيما واليات أخرى كميشيغان ونورث كاروالينا
وديالوير ولويزيانا ،فهي تعتمد ما يسمى بمحاكم السايبر التي تعتمد على استخدام التقنيات
الحديثة في إجراءات القضايا المدنية ،بحيث تحل النزاعات بين الخصوم من خالل وسائل
االتصال الحديثة مثل video" "conferenceدون الحاجة للحضور الشخصي المادي
15
للخصوم ومحاميهم والشهود وأصبح باإلمكان حضورهم للمحكمة في بعض الدعاوى
لقد كانت محكمة " "la marneأول محكمة بفرنسا تستعمل هذه التقنية استنادا إلى المادة
71-706من قانون المسطرة الجنائية من اجل االستماع إلى الشهود في قضية عرضت عليها
سنة ، 2004وبعدها استعملت محكمة االستئناف "بسان ديس" نفس التقنية حيث وجدت فيها
وسيلة القتصاد المصاريف من جهة ،وكذلك وسيلة ناجعة في التركيز على الشهود المنتجة
شهادتهم في الدعوى . 16
وتستند المحكمة الرقمية في فرنسا على شبكة افتراضية للمحامين والتي تؤمن التواصل
االلكتروني بين مكاتب المحامين وكتابات الضبط مختلف المحاكم وتمكن هذه الشبكة المحامي
على االطالع على ملفاته المدرجة بالجلسة وكذا التوصل باإلجراءات والتقاضي عن بعد،
ويمكن في المجال الجنائي اللجوء إلى تقنيات التواصل السمعي البصري عن بعد حسب
الشروط حسب الشوط المنصوص عليهم في المادة 71-706السالفة الذكر
14
michael griese, elecronic ligitaion filing in the usa, austalia and gemany: a comparison
تاريخ الزيارة 8180/0/01على الساعة Classic austlii.edu. Au 21: 08
-15عبد العزيز بن سعد الغانم م.س ،ص 022و.022
-16هشام البالوي ،المحاكمة عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة ،مقال منشور بمجلة رئاسة النيابة العامة ،العدد االول يونيو ،2020ص .19
12
المطلب الثاني :خطوات التقاضي عبر المحكمة الرقمية ودورها في تسهيل
عملية التقاضي
في إطار األوراش التي فتحتها وزارة العدل والحريات بشأن إصالح منظومة العدالة،17
شكلت المحكمة الرقمية رهانا فارقا يؤسس لتصور بديل يرتقي بالممارسة اإلجرائية أما
المحاكم من مستواها التقليدي المادي إلى مستوى رقمي تستثمر فيه منجزات الطفرة
المعلومياتية في عالم االتصال والتواصل.
وعليه نجد أن إصالح القضاء حظي بأولوية شاملة تنفيذا لمبدأ “القضاء في خدمت المواطن
وذلك بغية تسهيل عملية التقاضي ،انطالقا من تحقيق االتجسيد المادي للمساطر واإلجراءات
أمام المحاكم ،والحد من االستعمال للسجالت الورقية لما قد تسببه من ضياع للقضايا ،وتجاوز
مرحلة ازدواجية العمل اليدوي والعمل المحسوب.
و على هذا األساس سنقوم بالتطرق لخطوات التقاضي عبر المحكمة الرقمية في (الفقرة
األولى) في حين سنخصص (الفقرة الثانية) للوقوف عن دور التقاضي عن بعد في تسهيل
عملية التقاضي.
إن أول إجراء من إجراءات التقاضي التي تمر بها الدعوى القضائية هو التسجيل في
السجالت الرسمية للمحكمة المختصة بعد دفع الرسوم القضائية وتسجيل الدعوى القضائية
االلكترونية ،وذلك من خالل موقع على شبكة االنترنيت يحمل عنوان معين يستطيع من خالله
الخصوم والمحامين الدخول إلى النظام ،18وتسجيل الدعاوى القضائية وتسليم الوثائق
17 -يوم الخميس 8102 /1. /08تم اإلعالن الرسمي عن ميثاق إصالح منظومة العدالة ،بعد أزيد من سنة على إنطالق حواره الوطني إثر
تنصيب جاللة الملك ألعضاء هيئأته العليا في 2ماي ،8108ويتضمن الميثاق ستة أهداف استراتيجية كبرى هي :توطيد استقالل السلطة
القضائية ،وتخليق منظومة العدالة ،وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات ،واالرتقاء بفعالية ونجاعة القضاء ،وإنماء القدرات المؤسسية
لمنظومة العدالة ،وتحديث االدارة القضائية ،وتعزيز حكامتها ،إضافة إلى 26هدفا فرعيا و 811آلية تشمل 252إجراء تنفيذيا .وتميز الحوار
الوطني إلصالح منظومة العدالة بعقد 10اجتماعا لهيأته العليا ،و 00ندوة جهوية غطت الخريطة القضائية للمملكة ،وتدخل 000هيئة ومنظمة
باستشارات كتابية ،و 011ندوة مواكبة على صعيد المحاكم في إطار منهجية تشاركية إدماجية مع األخذ بعين االعتبار توصيات ذوي الخبرة من
داخل الوطن وخارجه .وأكد وزير العدل والحريات خالل الندوة الصحفية التي تلت اإلعالن عن بنوذ الميثاق على أن جل اإلجراءات التي
تضمنتها الوثيقة ستنجز خالل الفترة 8105-8102في حين حدد أجل تنفيذ اإلجراء المتعلق بالمحكمة الرقمية في سنة .8181
-18من بين هذه األنظمة نجد :برنامج تدبير القضايا “ساج” Système automatisé des juridictionsأهم مشروع معلوماتي لوزارة العدل
حيث تقدمه كبرنامج مندمج يرجع تاريخ تطوير نسخته األولى إلى سنة .8116
13
والمستندات ودفع الرسوم القضائية ،حيث يقوم كل من المدعى بإعداد عريضة الدعوى
والمدعى عليه بإعداد الئحته الجوابية على الدعوى القضائية على قرصين مدمجين ( ) CD
يملكان السعة ذاتها ثم تدخل بيانات هذين القرصين إلى البرنامج الحاسوبي علما أن لوائح
الدعوى التي يتم إرسالها ليست لوائح مطبوعة أو ورقية وإنما لوائح عالية التقنية .19
ثم بعد ذلك يقوم المدعي بتوكيل محامي للدفاع عنه بشكل الكتروني عن طريق الربط
االلكتروني مع دائرة كاتب العدل المختص فيستصدر وكالة بالخصومة بعد إدخال بياناته
الالزمة المطلوبة والتأكد من هويته عن طريق الربط االلكتروني مع مديرية األحوال المدنية
فيطلب منه إدخال رقمه (الكود) الذي 20
المختصة في نطاق مشروع الحكومة االلكترونية
يحصل عليه من نقابة المحامين وذلك من خالل تفعيل قانون التوقيع االلكتروني والحكومة
االلكترونية وبعدها يقوم الحاسوب الرقمي بالتحقق من صحة البيانات والتأكد من هوية
المستخدم الموقع ويسمح له بالدخول ويفتح له قائمة الختيار المحكمة المختصة مدنية كانت أو
جزائية..
ويرفق المحامي بعريضة الدعوى الموقعة الكترونيا منه بريده االلكتروني أو رقم هاتفه
المحمول لمراسلته الكترونيا وبعد التأكد من كافة المستندات والوثائق المرفقة وتسديد رسوم
الدعوى عن طريق النقود االلكترونية أو وسائل السداد المتعددة 21مثل (ماستر كارد) أو (فيزا
كارد) أو تحويل بنكي يتم تسجيلها كمحرر الكتروني بالمحكمة المختصة.22
وبعد إتمام تسجيل عريضة الدعوى القضائية الكترونيا ودفع الرسوم القضائية عنها نصل
إلى مرحلة إجراء التبليغات القضائية باعتبارها تحتل أهمية بالغة الخطورة في العمل القضائي
تم تطوير البرنامج في إطار التعاون بين المملكة المغربية واالتحاد األوربي في إطار مشروع ،MEDA2الذي كان يهدف إلى تحسين وظائف
النظام القضائي المغربي ،وذلك بدعم مشاريع تحديث محاكم المملكة وتقوية القدرات التنظيمية والهيكلية للوزارة.
وتشمل العمليات الوظيفية لهذا النظام المعلوماتي جميع اإلجراءات والمساطر التي يمر منها الملف القضائي من تسجيله وأداء الرسوم القضائية في
الحاالت التي لم يشملها اإلعفاء إلى أخر مرحلة وهو التنفيذ.
19 -محمد عصام الترساوي – تداول الدعوى القضائية أمام المحاكم االلكترونية –دار النهضة العربية – القاهرة 8102-ص .22
-20محمد عصام الترساوي ،م س ،ص .22
-21ان خيارات الدفع االلكتروني للرسوم القضائية كثيرة ومتنوعة ولكن المشكلة التي تكمن في تطبيق هذه الطرق هو الكيفية في مراقبة هذه
الوسائل ونعتقد من األفضل إعداد برنامج الكتروني بجانب برنامج الدعوى يتم فيه إدخال بيانات لقيم الدعاوى ونسبة الرسوم فان استوفى الرسم
القانوني بقيمته الصحيحة تظهر البيانات الدالة على ذلك ،والتي تشير إلى قيمة الرسم وما تم دفعه وكيفية الدفع وإذا لم تدفع الرسوم أو كانت
الرسوم ناقصة يشعر البرنامج كل من يريد فتح ملف الدعوى بأن هناك خلال يتعلق بقيمة الرسم.
22 -حازم محمد الشرعة – التقاضي االلكتروني والمحاكم االلكترونية –ط– 0دار الثقافة للنشر والتوزيع –عمان –االردن -8101-ص.66
14
ألنه إذا لم تتم التبليغات بصورة صحيحة يتعذر إجراء المرافعة مما يؤدي إلى عدم حسم
الدعوى.
خالصة القول وبناء على ما سبق هذه جل الخطوات التي تمر بها خطوات التقاضي عبر
المحكمة الرقمية والتي تتخذ طابعا تقنيا ،يمكن القضاة والخصوم من متابعة دعواهم والحضور
وتسجيل الطلبات ،واالتصال بموظفي وقضاة المحاكم اتصاال مرئيا إلكترونيا.
إن العمل بمحكمة رقمية يتم عن طريق استخدام تقنيات المعلومات واالتصال في إنجاز
إجراءات التقاضي أمام المحاكم ،وذلك من خالل تحويل اإلجراءات االعتيادية (الورقية) إلى
إجراءات إلكترونية.
والبد من اإلشارة إلى أن ملفات الدعاوى اإللكترونية تختلف بالضرورة عما هو موجود
حاليا ،فتزول اآللية التق ليدية في التدوين إلجراءات التقاضي ،وتحل محلها آليات برمجية
متطورة تختلف من حيث الشكل والمضمون ،كما تختلف آلية تقديم البيانات ،األمر الذي يؤدي
إلى سرعة البت في الدعاوى من جهة ،وتوفير الجهد والمال على المتقاضين ومحاميهم من
جهة أخرى.23
ونظرا لكون التقاضي االلكتروني يتم عن بعد فأول ما يتبادر لدهن أن هذا النوع من التقاضي
يتميز بالعديد من المميزات وهي كالتالي:
23 -تقرير عن أهم منجزات وزارت العدل والحريات برسم سنة 8108منشور بموقع الوزارة.
24 -هذه الميزة موجهة بشكل خاص لصورة المحكمة المتجسدة "بالحاسوب القاضي" المطبقة في الصين والبرازيل.
-أنشأت الصين وتحديداً في مدينة زيبو -في إقليم شاندونج -محكمة" إلكترونية" ،تعتمد على برنامج حاسوبي متطور ،يقوم هذا البرنامج بحفظ
القوانين واألنظمة النافذة كافة ،وذلك فضالً عن حفظ ظروف اإلدانة المحتملة ،والسوابق القضائية.
-يقوم النموذج البرازيلي في تطبيق المحكمة اإللكترونية على استخدام برنامج حاسوبي ،يعتمد على الذكاء االصطناعي ،يعرف "بالقاضي
اإللكتروني"
15
وكذلك إعمال الشفافية داخل وخارج نظام المحاكم انطالقا من اللجوء إلى المحاكم وصوال
إلى الحكم والتتبع عن بعد ،والبعد عن كل المالبسات المتمثلة في السمسرة وقد تهدف االنظمة
المعلوماتية إلى تخليق منظومة العدالة من كل مظاهر الفساد واالنحراف وتعزيز ثقة المواطن
فيها ،وتعزيز دور القضاء في تخليق الحياة العامة من خالل الخدمات التي توفرها الرقمنة.25
كما أنها تختصر على المحامي كثيراً من المراجعات اإلدارية غير الضرورية للمحاكم
ودواوينها ،فيستطيع -وهو في مكتبه -الدخول إلى موقع المحكمة ،واالطالع على ملف الدعوى
ودراسته ومتابعته ،مما يؤدي إلى نجاحه في أداء عمله ،واالرتقاء بأدائه المهني إلى مستوى
أفضل.
كما أن المحكمة اإللكترونية تغلق أبواب التخلف عن حضور الجلسات إلطالة أمد التقاضي،
وتقطع الطريق على افتعال األعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل .كما تترفق بالخصوم
بعدم طلبهم في جلسات الدعوى جميعها؛ إذ يتعرض كثير منهم للتعطيل بسبب تأخير الجلسات
المحددة أو تأجيلها ،وتقلل النفقات والتكاليف بعيدة المدى ،وتسهل االستعالم عن المعامالت
القضائية والصكوك العقارية والوكاالت وغيرها.26
من جهة أخرى تخفف المحكمة اإللكترونية االزدحام في المحاكم ،كما تقلل االحتقانات
والتوتر والمشاحنات بين الخصوم؛ خصوصا ً في الدعاوى التجارية والمالية ،والدعاوى
األسرية الخاصة.
ستساهم المحكمة اإللكترونية بادخار نشاط القاضي الذي يهدر كثير منه في تهدئة الخصوم،
وسيساعده استخدام التقنيات الحديثة في زيادة عدد الدعاوى التي ينظرها القاضي في اليوم
الواحد ،كما أن عمل المحكمة اإللكترونية سيسهل عملية تدقيق الدعاوى عبر االتصال بملف
-25زكرياء العظمي ،المحكمة الرقمية في التشريع المغربي الرهانات والتحديات ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني ، alkanounia.infoتاريخ
االطالع ،8181/10/02على الساعة .0292.
-26صفاء أوتاني ،المحكمة اإللكترونية (المفهوم والتطبيق) ،مقال منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ،82العدد
األول ،سنة ،8108ص .021
16
الدعوى عن بعد ،وتمكن محاكم االستئناف والنقض من الدخول إلى ملف الدعوى األصل عند
اللزوم؛ دون أعباء مالية ،وال مراسالت بريدية ،وال تأخير في الرد المطلوب.27
باإلضافة إلى ذلك فإن استخدامها سيساعد في االرتقاء بأداء القضاة ،فعندما يستخدم القاضي
برامج إلكترونية قانونية تحتوي على النصوص القانونية واالجتهادات القضائية إلصدار
حكمه ،فإن ذلك سيساعده في التغلب على ضيق الوقت ،وضخامة األعمال المسندة إليه
باستخدامه للتقنيات الحديثة.
كما ستسهم حوسبة التقاضي في جعل سجالت المحكمة أكثر أمنا ،ألن الوثائق والمستندات
(الورقية)؛ فمن السهل اكتشاف أي تغيير أو تزوير فيها ،باإلضافة إلى سهولة االطالع عليها
والوصول إليها.28
فيما يخص تحسين شروط العمل بالنسبة إلى الجهاز اإلداري القضائي فإنه سيؤدي إلى ارتفاع
مستوى أمان سجالت المحكمة ألن الوثائق والمستندات اإللكترونية أكثر صدقية؛ فمن السهل
اكتشاف أي تغيير فيها ،إلى جانب سهولة االطالع عليها والوصول إليها والتعجيل في إصدار
الصكوك القضائية وكذا اإلسراع في تنفيذ األحكام .29
كما تهم التقنيات المعلوماتية في االستغناء عن األرشيف القضائي الضخم ،وإدخالها معلوماتيا
باستعمال أقراص ونسخ احتياطية منها ،بحيث ال تشغل إال حيزا مكانيا بسيطا ،بدال من
المستودعات الضخمة التي تشغل أماكن واسعة.
17
وفي نفس الوقت ذاته يقلل هدا االستخدام من فقد الملفات ،أو تلفها أو حفظها في مكان خطأ كل
هذه ،في ظل محكمة رقمية سيساعد على بلوغ األهداف المرسومة من خالل الرفع من جودة
األداء في مرفق العدالة.
وعليه وكخالصة على ما سبق فإن كل هذه المميزات في ظل تكييف تكنولوجيا المعلومات
للتأقلم مع العمل القضائي؛ في ظل محكمة رقمية سيساعد على بلوغ األهداف المرسومة من
خالل الرفع من جودة األداء في مرفق العدالة.
وفي ختام هده النقطة نود ان نشير إلى ما جاء في إحدى مداخالت الهيئة المشرفة على هدا
المشروع في جل الندوات التي قامت بتنظيمها وزارة العدل والحريات 30وذلك إثر تقديمهم
ألهم مميزاته ،وبدأ العمل بمجموعة من التطبيقات التي من شانها إرساء دعائم محكمة رقمية
في أفق.6363
30 -فحسب ما جاء في مداخلته أكد وزير العدل و الحريات أن الهدف من رقمنة المحاكم هو أن تكون قادرة على إعطاء المعلومة في وقتها ،ليتابع
المواطن القضايا بتفاصيلها مع إمكانية القضاء على الورق واالعتماد على الفضاء اإللكتروني.
18
المبحث الثاني :تطبيقات المحكمة الرقمية في ضوء مشروع قانون استعمال
الوسائط االلكترونية
إن التقاضي من خالل المحكمة االلكترونية ،دعامة من دعائم التقاضي اإللكتروني ،وتعد
كتنظيم تقني معلوماتي يتيح ألطراف الدعوى تسجيل دعواهم وتقديم أدلتهم وحضور جلسات
المحاكمة ،تمهيدا للوصول إلى الحكم وتنفيذه ،من خالل وسائل االتصال اإللكترونية ،والتي
هي جزء من نظام معلوماتي يمكن القضاة من االتصال بالخصوم دون حضورهم المادي،
ومباشرة إجراءات التقاضي ،والتحقيق وسماع الشهود من خالل هذه الدعامة ،ولغرض تطبيق
إجراءات التقاضي عن بعد ،ال بد من وجود محكمة تعمل بالوسائل االلكترونية ،يباشر من
خاللها مجموعة من القضاة النظر في الدعاوى ،والفصل فيها بصفة قانونية ،بمعنى بموجب
تشريعات تخولهم مباشرة ذلك بتلك الوسائل ،باعتماد تقنيات فائقة في الحداثة لملفات الدعاوى
والتي سيتم تدوين االجراءات القضائية من خاللها.
وسنحاول من خالل هذا المبحث اإلحاطة بمختلف القواعد الجديدة التي جاء بها المشروع
المتعلق باستعمال الوسائط االلكترونية في إجراءات التقاضي من خالل التصميم التالي:
لقد جاء المشروع ا لمتعلق بإستعمال الوسائط اإللكترونية في إجراءات التقاضي في الشق
المتعلق بالمسطرة المدنية بأحكام جديدة من أجل وضع سند قانوني يسهم بإستعمال أمثل
للمعلوميات والتكنولوجيا الحديثة في الخدمات واإلجراءات القضائية .وسنحاول التطرق في
هذا المطلب للمقتضيات التي جاء بها المشروع من خالل تناول مختلف اإلجراءات المسطرية
19
أمام المحاكم العادية (الفقرة األولى) ،ثم األحكام المتعلقة بالتنقيد وبعض المساطر الخاصة
(الفقرة الثانية) ،لنتناول في األخير بعض المقتضيات الخاصة بمحكمة النقض (الفقرة الثالثة).
إن المقتضيات القانونية التي جاء بها المشرع في الباب المتعلق بإستعمال الوسائط
اإللكترونية في المسطرة المدنية ال تخرج عن نطاق تتميم مجموعة من المواد أونسخ وتعويض
مواد أخرى ،خاصة فيما يتعلق بإجراءات تقييد الدعوى والتبليغ والجلسات واألحكام
واإلستئناف ،وتنقسم اإلجراءات المسطرية إلى إجراءات أمام المحاكم االبتدائية(أوال)
وإجراءات أمام محاكم اإلستئناف (ثانيا).
يتبين لنا من خالل قراءتنا للفصول 0731و 0732-7و 3306من المشروع أن المشرع جاء
بمستجدات مهمة تهم على الخصوص كيفية رفع الدعوى والبيانات الواجب إدراجها بالمقال
االفتتاحي وكيفية تعين القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية.
كقاعدة عامة فإن الدعوى ترفع بواسطة مقال افتتاحي مكتوب يحمل توقيع المدعي أو من
ينوب عنه ،واستثناء عن طريق تصريح شفوي يدلي به المدعي أمام عون من أعوان كتابة
- 31ينص الفصل 20من المشروع ما يلي ":ترفع الدعوى.............................ال يمكن له التوقيع.
يودع المقال ومرفقاته لدى كتابة الضبط على حامل ورقي ،أو عبر النظام اإللكتروني المعد لهذه الغاية.
تقيد القضايا في سجل ورقي أو رقمي معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها مع بيان أسماء االطراف وكذا تاريخ االستدعاء.
تحدد الكيفيات التقنية لعمليات اإليداع في النظام المعلوماتي بمقتضى نص تنظيمي
- 32وجاء في الفصل 20-0من المشروع ما يلي“ :يعين تلقائيا بواسطة النظام المعلوماتي المعد لهذه الغاية ،بمجرد إيداع المقال بكتابة الضبط،
القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر إلى جانب تاريخ أول جلسة ،ويسلم إليه الملف داخل أجل 81ساعة."...
- 33وينص كذلك الفصل 28من المشروع على ما يلي... ":كما يجب أن يتضمن المقال البطاقة الوطنية للتعريف للمدعي أو ما يقوم مقامها ،وعند
االقتضاء عنونه اإللكتروني الرسمي ،وكذا االسم الشخصي والعائلي لوكيل المدعي وموطنه عند توكيله ،واالسم الشخصي والعائلي لمحاميه
ورقمه الوطني وحسابه اإللكتروني المهني.
يجب أن يبين بإيجاز.......................................المستندات المرفقة ونوعها.
يعتبر وصال كذلك الوصل المستخرج من النظام المعلوماتي في حالة اإليداع اإللكتروني."...
20
الضبط ،34غير أن المستجد الذي أتى به المشروع هو إمكانية إيداع المقال االفتتاحي ومرفقاته
عبر النظام اإللكتروني ويتم تقيد القضايا في سجل رقمي.
لإلشارة فبخصوص كيفيات اإليداع في النظام المعلوماتي فالمشرع لم يبينها ويحددها في
المشروع ،لكنه أحال على نص تنظيمي سيصدر الحقا.
أضاف المشرع من خالل الفصل 06من المشروع مجموعة من البيانات التي يجب على
المدعي إدراجها في المقال االفتتاحي للدعوى متى إختار إيداعه عبر النظام اإللكتروني وهي:
من خالل الفصل 07-7المشار إليه أعاله يتضح أنه سيصبح بإمكان رئيس المحكمة تعين
القاضي ا لمقرر أو القاضي المكلف بالقضية عن طريق النظام المعلوماتي المعد لهذه الغاية
وعن طريق هذا النظام سيتم تحديد تاريخ الجلسة ،كما أنه في حالة تغير القاضي المقرر أو
القاضي المكلف بالقضية بموجب مقرر يتم تضمينه بالنظام المعلوماتي .وأشار كذلك المشرع
في الفقرة األخيرة من الفصل السالف الدكر من المشروع على أنه يتم تضمين جميع اإلجراءات
المتعلقة بالقضية من قبيل التبليغ والتحقيق وغيرها في النظام المعلومات
21
ب :التبليغ
بمجرد تحديد تاريخ الجلسة وضمانا لحقوق الدفاع ،تسهر المحكمة على تبليغ االطراف عن
طريق إحدى الوسائل المنصوص عليها قانونا في الفصل 0135من قانون المسطرة المدنية،
والمشرع في المشروع المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية في إجراءات التقاضي قام بنسخ
وتعويض الفصل 01من ق م م حيت جاءت صياغته كالتالي ...":يمكن للمحكمة أن تأمر،
عند االقتضاء ،بتبليغ االستدعاء بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط أو بالطريقة اإلدارية أو
بأي وسيلة أخرى للتبليغ بما فيها التبليغ اإللكتروني طبقا ألحكام الباب األول مكرر من القسم
الثالث من هذا القانون.
إذا كان المرسل إليه يقيم خارج المغرب ،يوجه االستدعاء بواسطة عنوانه اإللكتروني
الرسمي أو السلم اإلداري على الطريقة الديبلوماسية أو بواسطة البريد المضمون."...
يتضح من خالل هذا الفصل أنه بإمكان المحكمة تبليغ االستدعاء بالطريقة اإللكترونية عن
طريق العنوان اإللكتروني الرسمي.
لقد نظم المشرع التبليغ اإللكتروني بواسطة الباب األول مكرر الفصول من 97-7إلى97-0
تمم به القسم الثالث من ق م م والمعنون بالمسطرة أمام المحاكم اإلبتدائية ،وهذا الباب جاء
بمستجدات وأحكام خاصة بالتبليغ اإللكتروني ومن أبرزها:
- 35ينص الفصل 22من قانون المسطرة المدنية على ما يلي ":يوجه االستدعاء بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط ،أو أحد األعوان القضائيين أو
عن طريق البريد برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل أو بالطريقة اإلدارية .
إذا كان المرسل إليه يقيم خارج المغرب ،يوجه االستدعاء بواسطة السلم اإلداري على الطريقة الدبلوماسية أو بواسطة البريد المضمون ،عدا إذا
كانت مقتضيات االتفاقيات الدولية تقضي بغير ذلك.
- 36تعرف المنصة اإللكترونية بأنها البيئة التفاعلية التي تقوم بتوظيف جميع التقنيات المختلفة الخاصة باألنترنيت مع اإلدارة المسؤولة عن نوع
المحتوى الموجود على المنصة ،والمنصة اإللكترونية ال تقتصر على شكل أو نوع واحد من األنظمة فيوجد العديد من األنواع الخاصة بالمنصات
اإللكترونية.
22
ولإلشارة فإن المشرع لم يقم بإعطاء تعريف للمنصة اإللكترونية على غرار مجموعة من
المصطلحات الواردة في المشروع (النظام المعلوماتي ،حساب الكتروني مهني ،عنوان
إلكتروني ،الوسائط اإللكترونية )...والتي كان حريا بالمشرع أن يخصص لهاته المصطلحات
الفصل األول من المشروع لتفادي حدوت لبس لدلى القارئ.
اعتبر المشرع المقاالت والمدكرات والمرفقات وكل اإلجراءات المحررة على دعامة
إلكترونية والمتوصل بها عن طريق النظام المعلوماتي صحيحة ولها نفس الحجية التي تتمتع
بها الوثيقة المحررة على دعامة ورقية ،كما أن المشرع أضفى الحجية على صور المستندات
وجعلها مقبولة في اإلجراءات التي تتم عبر الوسائط اإللكترونية في الفصل ،97-7وهذا ما
يتماشى ومقتضيات الفصل 993من ظهير االلتزامات والعقود التي نصت في فقرتها الثانية
على أنه" تقبل لإلثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية
للشروط المشار إليها في الفصلين 971-7و 971-6وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف
الحصول على نسخ منها أو الولوج إليها".
بالنسبة العتماد التبليغ اإللكتروني كوسيلة للتبليغ فإننا نالحظ تناقض وعدم الحسم من
طرف المشرع في هذا المشروع ،حيث بمقارنة الفصلين 97-5و ،97-2يتضح أن الفصل -5
97يمنح كامل الحرية لألطراف في إبداء رغبتهم العتماد هذه الوسيلة وذلك بتقديم الطرف
الذي يرغب في استخدام التبليغ اإللكتروني تصريحا بالمنصة اإللكترونية يتضمن عنوانه
اإللكتروني الرسمي ،على أن يشعر المنصة بكل تغير يطرأ على عنوانه اإللكتروني ،كما له
اإلمكانية للتراجع عن هذا التصريح في كل وقت.
بينما نجد الفصل 97-2يعطي للمحكمة الصالحية في القيام بإجراءات التبليغ بواسطة
الوسائط اإللكترونية تلقائيا ،الشيء الذي يضعنا أمام تناقض صارخ.
سيتم إحداث حساب إلكتروني مهني لكل محامي ومفوض قضائي وتضمن الحسابات
في المنصة اإللكترونية وسيتم كذلك تضمين الحسابات اإللكترونية الرسمية لإلدارات العمومية
بالمنصة.
23
وبخصوص النقطتين األخيرتين فإننا نثمن التوجه التشريعي بشأن تضمين المنصة
اإللكترونية العناوين اإللكترونية لإلدارات العمومية ،بحيث أن هذا المقتضى من شأنه تسهيل
التواصل بين المحاكم من جهة ومختلف اإلدارات العمومية مما سيسهل على مختلف المحاكم
التوصل بالمعلومات المتوفرة لدى مختلف اإلدارات مما يكسب الوقت ويسرع في البت في
النزاعات.
من جهة أخرى يمكن طرح سؤال ما الجدوى من تضمين المنصة الحساب اإللكتروني
للمفوض القضائي والحال أنه سيتم االعتماد على التبليغ اإللكتروني؟ وهل دور المفوض ما
زال فعال رغم أنه سيتم التبليغ بالطريقة اإللكترونية؟
وبخصوص شهادة التسليم في حالة التبليغ اإللكتروني فقد اعتبر الفصل 97-0أن
اإلشعار بالتوصل المستخرج من النظام المعلوماتي بمثابة شهادة التسليم.
كما أن الفصل 97-0نص على نقطتين أساسيتين تتمثالن في عدم تأثير التبليغ
اإللكتروني على أوصاف االحكام وعلى مختلف اآلجال المتعلقة بطرق الطعن وغيرها من
األجال المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية والقوانين االخرى.
بخصوص الجلسات واألحكام فإن المشرع جاء في هذا المشروع بمجموعة من المستجدات
تهم بالخصوص إجراءات التحقيق ومحاضر الجلسات ومقتضيات تتعلق باألحكام.
.1إجراءات التحقيق
إن من بين المستجدات التي أتى بها الشروع هو إتاحة اإلمكانية للطرف الذي طلب بإجراء
من إجراءات التحقيق كالخبرة أو المعاينة أو تحقيق الخطوط وغيرها أداء صوائر اإلجراء
إلكترونيا ،وذلك استنادا لمقتضيات الفصل 52من المشروع.
24
كما أنه باستقراء الفصل 00من المشروع يتضح أن المحضر الذي يتم تحريره بشهادة
الشهود يمكن لكل من كاتب الضبط والقاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية أو رئيس
الجلسة توقيعه إلكترونيا.
.2محاضر الجلسات
38
بالنسبة لألحكام فإن المشرع نص في المشروع على مجموعة من المقتضيات الجديدة
تتمثل فيما يلي:
إتاحة اإلمكانية لهيئة الحكم وكاتب الضبط لتوقيع الحكم بطريقة إلكترونية.
بعد ترقيم االحكام ،تجلد أصولها قصد تكوين سجل منها وتحفظ إلكترونيا في النظام
المعلوماتي،
إمكانية تسليم نسخ لألحكام بعد اإلشهاد على مطابقتها لألصل لمن يطلبها من األطراف
بطريقة إلكترونية متى كانت المحكمة مجهزة بنظام معلوماتي خاص
كما أنه لكل شخص له مصلحة من غير األطراف الحصول على نسخة من الحكم
بطريقة إلكترونية ويتم تضمين النظام المعلوماتي اسم الشخص وتاريخ التسليم.
25
ثانيا :اإلجراءات المسطرية أمام محاكم اإلستئناف وغرف االستئنافات بالمحاكم اإلبتدائية
.1اإلستئناف
يعتبر اإلستئناف درجة ثانية من درجات التقاضي ،ويقدم أمام كتابة ضبط المحكمة مصدر
ة الحكم المطعون فيه ،ومن أبرز المستجدات التي جاء بها المشروع بخصوص اإلستئناف
مقتضيات تهم بيانات المقال االستئنافي وكيفيات إيداعه.39
بالنسبة للبيانات التي يجب إدراجها في المقال االستئنافي فباإلضافة للبيانات المنصوص
عليها في الفصل 796من ق م م ،نص الفصل 796من المشروع على مجموعة من البيانات
الجديدة وتتمثل فيما يلي:
كقاعدة عامة فإن المقال االستئنافي يكون في شكل سجل ورقي ويقدم أمام كتابة ضبط
المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه ،إال أن المشروع جاء بمقتضيات جديدة بهذا
الخصوص:40
26
إمكانية تثبيت المقال االستئنافي في شكل سجل رقمي وإيداعه عبر النظام اإللكتروني
المعد لهذه الغاية؛
إعطاء الوصل المستخرج من النظام المعلوماتي في حالة اإليداع اإللكتروني نفس
حجية الوصل الذي يتم تسليمه يدويا في حالة تقديم المقال االستئنافي لدى كتابة الضبط.
.2إجراءات التحقيق المسطرية
التي تتناول إجراءات التحقيق المسطرية أمام محاكم اإلستئناف في 41
باستقرائنا للفصول
المشروع يتضح لنا أن المشرع جاء بمجموعة من األحكام المهمة والتي نبرزها فيما يلي:
إمكانية إيداع مدكرات الدفاع والردود وكل المذكرات والمستنتجات عبر النظام
اإللكتروني المعد لهذه الغاية؛
يتم تعين المستشار المقرر تلقائيا من طرف الرئيس األول لمحكمة اإلستئناف بواسطة
النظام المعلوماتي المعد لهذه الغاية بمجرد إيداع المقال بكتابة الضبط محكمة الدرجة الثانية؛
في حالة تغير المستشار المقرر يمكن أن يضمن ذلك بالنظام اإللكتروني؛
يتم تضمين وإدراج جميع اإلجراءات المتعلقة بالقضية في النظام المعلوماتي المعد لهذه
الغاية؛
يمكن توقيع أصل القرار إلكترونيا من طرف الرئيس والمستشار المقرر وكاتب الضبط
عوض توقيعه يدويا،
يتم ترقيم األحكام ويكون منها سجل ويتم حفظها إلكترونيا.
في أخر هذه الفقرة نشير إال أنه بالنسبة للمقتضيات التي نظم بها المشرع الطعن بالنقض في
إطار هذا المشروع يتبين أنه نظم مقال الطعن بالنقض بنفس المقتضيات التي تحكم المقال
االفتتاحي للدعوى ال من حيت البيانات التي يمكن أن تدرج فيه من قبيل الرقم الوطني والحساب
اإللكتروني للمحامي ،وال من حيت كيفيات إيداعه حيت يمكن أن يتم إيداعه عبر النظام
اإللكتروني وفقا لما جاء في الفصول 055و 052و 026من المشروع.
27
الفقرة الثانية :المقتضيات المتعلقة بطرق التنفيذ وبعض المساطر الخاصة
إن المقتضيات الجديدة التي جاء بها المشرع بخصوص التنفيذ يمكن وصفها بكونها بسيطة
وتنحصر باألساس في الحجز التحفظي والحجز التنفيذي والحجز لدى الغير.
في هذا الشق جاء المشرع بمقتضى مهيم ويتمثل في تنصيصه على أنه ال تسري أجال
اإلستئناف أو النقض في تبليغ األحكام أو القرارات المبلغة إلى القيم إال بعد نشرها في الموقع
اإللكتروني لوزارة العدل ،وال يبتدئ سريان أجل اإلستئناف إال بعد مرور ثالثين يوما من
تاريخ النشر.42
الحجز التحفظي:
المستجد الذي أتى به المشرع في هذا الصدد يتمثل في أنه بعد تحرير الحجز التحفظي من
طرف عون التنفيذ وفق الشكليات المحددة في الفصل 955من ق م م وفي حالة تعلق الحجز
بعقار غير محفظ ،فإن العون يبلغ األمر الصادر بالحجز إلى المحجوز عليه إن أمكن ،ويتم
إيداع نسخة من هذا األمر ومن المحضر بكتابة ضبط المحكمة المختصة ويتم تقييده في سجل
رقمي موضوع رهن إشارة العموم.
الحجز التنفيذي:
كما هو معلوم فإنه يجب على عون التنفيذ طبقا ألحكام الفصل 919من ق.م إشهار بيع
العقار بالمزاد العلني على نفقة طالب التنفيذ أي الدائن الحاجز وذلك بتعليق اإلعالن في
28
مجموعة من األماكن التي حددها المشرع في الفصل السابق الدكر ،إال أن المشرع في إطار
المشروع نص على وسيلة إشهار جديدة وهي النشر في الموقع اإللكتروني للوزارة المكلفة
بالعدل.43
بالنسبة للمساطر الخاصة فإن المشرع جاء بتعديالت لبعض الفصول تهم مسطرة األمر
باألداء ومسطرة البيع القضائي للقاصر
جاء في الفصل 750من المشروع ما يلي ":تسجل مقاالت األمر باألداء في تواريخها بسجل
خاص ورقي أو رقمي لدى كتابة ضبط المحكمة المقدم إليها الطلب ،ويجب أن تبين فيه أسماء
المدعين والمدعى عليهم وموطنهم وتاريخ االمر المشار إليه في الفصل 750أعاله القاضي
بقبول الطلب إما جزئيا أو كليا أو رفضه ،ومبلغ الدين وأساس المطالبة به ،وتاريخ التعرض
إن قدم".
يتضح من خالل الفصل أعاله أن المستجد الوحيد الذي جاء به المشرع فيما يخص مسطرة
االمر باألداء هو إمكانية تسجيل مقاالت االمر باألداء بسجل رقمي لدى كتابة ضبط المحكمة
المقدم إليها الطلب.
29
السلطة اإلدارية المحلية وينشر ،إن اقتضي الحال ،في صحيفة يومية أو أكثر ،وفي الموقع
اإللكتروني للوزارة المكلفة بالعدل".
وهكذا يتبين أن المشرع يتجه إلى اعتماد وسيلة جديدة في إشهار بيع عقار القاصر في المزاد
العلني والمتمثلة في ضرورة النشر في الموقع اإللكتروني للوزارة المكلفة بالعدل.
30
المطلب الثاني :استعمال الوسائط االلكترونية في المسطرة الجنائية
لما كان التقاضي عن بعد هو المحور األساسي الذي تتعلق به جل جوانب التحول الرقمي
للعدالة بالمغرب خاصة ما تعلق منه بإعداد البنية التحتية القانونية الضرورية لعقد الجلسات
االلكترونية ،السيما المحاضر االلكترونية وما ينجزه كاتب الضبط الكترونيا ،والتوقيع
االلكتروني الذي يضفي الحجية على الوثائق المحملة على دعائم الكترونية ،وكل مقومات
التقاضي األخرى.
فإن المشرع المغربي قد أسس لمقومات المحكمة الرقمية والتقاضي عن بعد من خالل
مشروع استعمال الوسائط االلكترونية في اإلجراءات القضائية –المدنية والجنائية-وما يهمنا
في هذا اإلطار هو استعمال هذه الوسائط االلكترونية في المادة الجنائية ،لذلك سنتعرض في
هذا المطلب إلى المقتضيات القانونية التي تحكم عملية التقاضي بشكل إلكتروني في المادة
الجنائية.
حيث بالرجوع إلى هذا المشروع ال سيما في بابه الثاني المتعلق بالمادة الجنائية نجده تضمن
العديد من المقتضيات القانونية الجديدة والتي تهم التقاضي في المادة الجنائية بشكل إلكتروني،
وهذه المقتضيات الجنائية الجديدة نجد منها تلك المتعلقة باستعمال تقنيات االتصال عن بعد في
مجال الحراسة النظرية (الفقرة األولى) ،ومنها المتعلقة باستعمال تقنيات االتصال عن بعد في
مجال التحقيق اإلعدادي وتوجيه اإلنابة القضائية (الفقرة الثانية) ،ومنها المتعلقة باستعمالها
أمام المحكمة (الفقرة الثالثة).
31
الفقرة األولى :استعمال تقنيات االتصال عن بعد في مجال الحراسة النظرية
مما ال شك فيه أن الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية 44يعتبر من أخطر اإلجراءات التي
يقوم بها ضباط الشرطة القضائية لتعلقها بحرية اإلنسان وأمنه القانوني ،لذلك نظم المشرع
المغربي الوضع تحت الحراسة النظرية وقيده بالعديد من الشروط التي تشكل ضمانات أساسية
للشخص الموقوف.
وقد تناول المشرع المغربي إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية في المواد 22وما
يليها من قانون المسطرة الجنائية ،وهذه اإلجراءات تعتبر من أهم الصالحيات المخولة لضباط
الشرطة القضائية ،لذلك عمل على تنظيم أحكام الحراسة النظرية بدقة عالية.
والمستجد الذي جاء به المشروع المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية في هذا الصدد هو
أنه سيضيف للمادة 22من قانون المسطرة الجنائية فقرة أخرى مفادها أنه يمكن لوكيل الملك
أو الوكيل العام للملك ،بغرض تمديد الحراسة النظرية االستماع إلى الشخص المعني عن
طريق تقنية االتصال عن بعد ،وهذه الفقرة الجديدة ستشكل هي الفقرة السادسة من المادة 22
المشار إليها أعاله عندما ستتم المصادقة على هذا المشروع المتعلق باستعمال الوسائط
اإللكترونية في اإلجراءات القضائية.
وهذا المستجد المشار إليه سيسري أيضا على مقتضيات المادة 03من قانون المسطرة
الجنائية ،حسب ما ورد في المشروع حاليا.45
والفرق بين المادة 22والمادة 03من قانون المسطرة الجنائية هو أن األولى تندرج في إطار
البحث التمهيدي في حالة التلبس ،أما الثانية فتندرج في إطار البحث التمهيدي العادي.
-44الحراسة النظرية هي إيقاف الشخص المشتبه فيه وإبقائه رهن إشارة ضابط الشرطة القضائية لفائدة إجراءات البحث والتحري خالل مدة
محددة في مكان معين وهو مركز الشرطة القضائية.
-45الفقرة السادسة من المادة 21من مشروع استعمال الوسائط اإللكترونية في اإلجراءات القضائية.
32
وعالقه بالمستجد الذي جاء به المشرع المغربي في إطار هذا المشروع سيسمح لوكيل الملك
أو الوكيل العام للملك بغرض تمديد الحراسة النظرية االستماع إلى الشخص المعني عن طريق
تقنية االتصال عن بعد سواء تعلق األمر بالبحث التلبسي أو البحث التمهيدي العادي.
فإنه يمكن القول بأن هذه اآللية الجديدة ستكون ذا فعالية كبرى خاصة في البحث التمهيدي
العادي ،حيث إن المادة 03من قانون المسطرة الجنائية في صيغتها الحالية ،تنص في فقرتها
الثانية على أنه يمكن لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك بعد االستماع إلى الشخص الذي قدم
إليه أن يمنح إذنا مكتوبا بتمديد الحراسة النظرية مرة واحدة لمدة أربع وعشرين ساعة.
وعليه فإن األصل في هذا البحث التمهيدي هو أنه ال يمكن تمديد الحراسة النظرية إال بعد
تقديم الشخص أمام النيابة العامة ،واستثناء يجوز للنيابة العامة منح اإلذن بتمديد الحراسة
النظرية بدون تقديم الشخص إليها ويكون ذلك بموجب مقرر معلل بأسباب ،46أما في إطار
البحث التلبسي فيمكن للنيابة العامة تمديد الحراسة النظرية دون تقديم الشخص إليها ويكون
ذلك بإذن كتابي منها.
لذلك يمكن القول بأن المستجد الجديد الذي جاء به المشروع المتعلق باستعمال الوسائط
اإللكترونية والمتعلق باستعمال تقنية االتصال عن بعد بغرض تمديد الحراسة النظرية ،سيمكن
النيابة العامة من االستماع إلى الشخص عن بعد دون تقديمه أمامها ،مما يمكن القول معه أن
هذا اإلجراء سيساهم أيضا في ربح الوقت ،خاصة إذا كان مركز الشرطة القضائية الذي وضع
فيه الشخص الخاضع لتدابير الحراسة النظرية بعيدا عن المحكمة التي سيتم تقديمه أمامها.
لكن اللجوء إلى هذه التقنية الجديدة يتطلب في المقابل تأهيل مراكز الشرطة القضائية ،وذلك
بإحداث قاعات خاصة ومجهزة باآلليات التي ستساعد في إنجاح عملية االستماع إلى الشخص
من طرف النيابة العامة عن طريق تقنية االتصال عن بعد.
33
الفقرة الثانية :استعمال تقنية االتصال عن بعد في مجال التحقيق اإلعدادي
وإذا كان قاضي التحقيق في إطار قانون المسطرة الجنائية هو الطرف األصيل في القيام
بمهام التحقيق ،فبالرجوع إلى مشروع استعمال الوسائط اإللكترونية في شقه الثاني المتعلق
بالمادة الجنائية ،نجده ينص في المادة 7-700منه على أنه متى وجدت أسباب جدية تحول
دون حضور المتهم أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير ،أو لبعد أحدهم عن المكان
الذي يجرى فيه التحقيق ،يمكن لقاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد
األطراف أو من ينوب عنهم أن يقرر تلقي تصريحاته أو االستماع إليه أو مواجهته مع الغير
عبر تقنية االتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث.
وعليه يتضح من خالل هذه المادة الجديدة من المشروع المتعلق باستعمال الوسائط
اإللكترونية أن لقاضي التحقيق اللجوء إلى استعمال تقنية االتصال عن بعد في االستماع إلى
األشخاص المعنيين بالتحقيق -المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني -وكذا األشخاص
اآلخرين المتدخلين في عملية التحقيق كالشهود 47والخبراء ،حيث تعتبر الخبرة في هذا المجال
وسيلة تقنية يعتد بها في مجال اإلثبات الجنائي خاصة في الجرائم التي تقبل إجراءها ،كما يمكن
لقاضي التحقيق طبقا للمادة المشار إليها أعاله مواجهة المتهم مع الغير عبر تقنية االتصال عن
بعد وذلك حسب الكيفية التي تضمن سرية البث ،وهذه المواجهة في األصل ال يتم اللجوء إليها
في الغالب إال في حالة تشبث المتهم خالل مرحلة االستنطاق االبتدائي والتفصيلي بإنكاره للتهم
الموجهة إليه.
-47حيث تعتبر شهادة الشهود من وسائل اإلثبات القوية التي يعتمدها قضاء التحقيق في إدانة المتهمين ،والمشرع نظم إجراءات االستماع إلى
الشهود في المواد من 002إلى 022من قانون المسطرة الجنائية.
34
والمالحظ على المادة 7-700في نظرنا أنه يجب التنصيص فيها على موافقة المتهم في
حالة اللجوء الستعمال تقنية االتصال عن بعد تلقائيا من قبل قاضي التحقيق ،ألن موافقة المتهم
ضرورية حتى ال يتم التمسك ببطالن هذا اإلجراء فيما بعد.
أما إذا كان الشخص معتقل فإنه يمكن لقاضي التحقيق االستماع إليه أو استنطاقه باستعمال
تقنية االتصال عن بعد وذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة ،واالستماع أو االستنطاق يجب أن يتم
بكيفية تضمن سرية البث وبحضور موظف يعمل بالمؤسسة السجنية 48طبقا لمقتضيات المادة
0-700من المشروع.
وما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أن هذه اآللية قد تم اللجوء إليها من طرف المحاكم
المغربية خالل مرحلة تفشي جائحة كورونا -كوفيد -70وذلك بعدما تتم موافقة الشخص الذي
تم وضعه بالمؤسسة السجنية على محاكمته عن بعد ،وفي رأينا تبقى كل تلك المحاكمات غير
قانونية لغياب نص قانوني يضفي عليها المشروعية ،ولو أن ذلك يتم بعد موافقة الشخص
المعني باألمر ،لكن في المقابل للضرورة أحكام حيث إن تلك المحاكمات من الناحية الواقعية
لها ما يبررها نظرا لتفشي وباء كورونا.
ودائما في إطار تفعيل المحكمة الرقمية في اإلجراءات الجنائية فسبق أن قلنا بأن قاضي
التحقيق هو الطرف األصيل في القيام بمهام التحقيق ،لكن أحيانا قد تتداخل معه بعض الجهات
األخرى خاصة في إطار اإلنابة القضائية والتي هي بمثابة تفويض قانوني من طرف قاضي
التحقيق األصلي إلى قاض آخر أو إلى ضابط للشرطة القضائية للقيام بمهام التحقيق في إطار
مساطر خاصة حيث يقوم مقامه في عمل من أعمال التحقيق.
فبالرجوع إلى مقتضيات المادة 6-700من مشروع استعمال الوسائط اإللكترونية نجده
ينص على أنه لقاضي التحقيق توجيه إنابة قضائية لقاضي التحقيق بالمحكمة التي يوجد بدائرتها
الشخص المعني باألمر ،ويبين فيها األسباب التي تبرر اللجوء لتقنية االتصال عن بعد وهوية
الشخص أو األشخاص موضوع هذا اإلجراء ويحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها.
-48يلتزم هذا الموظف بالحفاظ على سرية التحقيق تحت طائلة العقوبات المقررة في الفصل 116من مجموعة القانون الجنائي.
35
وبعد ذلك يقوم قاضي التحقيق الموجهة إليه اإلنابة باستدعاء الشخص إلى مكتب أو قاعة
مجهزة بتقنية االتصال عن بعد ،وذلك بعد التأكد من هويتهم ويشعر النيابة العامة لدى محكمته
بذلك (أي محكمة قاضي التحقيق الموجهة إليه اإلنابة).
وعليه فهذه التقنية الجديدة في مجال اإلنابة القضائية المنصوص عليها في المشروع الجديد
تعتبر ذات أهمية قصوى حيث سيتمكن قاضي التحقيق من االستماع إلى األشخاص واستنطاقهم
وكذا مواجهتهم مع الغير باستعمال تقنيات االتصال عن بعد نظرا لمزاياها المتمثلة في ربح
الوقت وكذا الحاالت التي يتعذر فيها على الشخص الحضور أمام قاضي التحقيق بالمحكمة.
وما تجدر اإلشارة إليه أيضا في هذا الصدد أن األشخاص المستمع إليهم أو الذين تتم
مواجهتهم عن بعد ،يتمتعون بنفس الحقوق التي يخولها لهم مركزهم في األحوال التي ينجز
فيها اإلجراء بالطريقة العادية ،أي أن التحقيق باستعمال الوسائط اإللكترونية أو باستعمال تقنية
االتصال عن بعد ال يختلف عن التحقيق العادي إال اختالفا شكليا ،وما يؤكد ذلك أيضا أنه في
مجال اإلنابة مثال نجد بأن اإلجراءات نفسها تقريبا ،حيث نجد المشروع ينص على أن الشخص
الذي تم االستماع إليه يوقع على المحضر إلى جانب قاضي التحقيق الموجهة إليه اإلنابة وكاتب
الضبط وفي حالة رفضه التوقيع يشار إلى ذلك وعند استحاله التوقيع يشار إلى ذلك ،وهذه
اإلجراءات هي المعمول بغالبيتها في مجال التحقيق الذي يتم بشكل تقليدي.
ولم يقف المشروع الجديد عند هذا الحد فقط بل أقر أيضا أنه يمكن لوزير العدل في إطار
تنفيذ إنابة قضائية دولية لمحكمة أجنبية باالستماع إلى شخص أو أكثر إذا كان موجودا بالمغرب
ووافق بشكل صريح على قبول هذا الطلب طبقا لمقتضيات المادة 0-190من المشروع.
وهذا االستماع يتم وفق الكيفيات المنصوص عليها في المواد 0-091إلى 2-091من نفس
المشروع ،والشخص المستمع إليه يتمتع بكل حقوق الدفاع المخولة له بمقتضى القانون المغربي
أو القانون األجنبي.
كما أن المشروع نص على مجموعة من الضمانات في هذا الشق المتعلق بتنفيذ إنابة قضائية
دولية ،حيث مكن القاضي المغربي المشرف على تنفيذ اإلنابة القضائية تلقائيا أو بناء على
36
ممثل النيابة العامة أن يتعرض على طرح بعض األسئلة التي من شأنها المساس بمصالح
المغرب أو بثوابته أو تتعلق بسر من أسرار الدفاع الوطني ،49وأجاز للقاضي المغربي األمر
بإيقاف عملية االستماع في حالة إصرار المحكمة األجنبية على طرح السؤال المعترض عليه.
كما أنه ال يسمح للمحكمة األجنبية بطرح األسئلة مباشرة على الشخص المستمع إليه في
المغرب إال إذا كان تشريعها يسمح بنفس المعاملة.
والرأي فيما نعتقد أن هذه المقتضيات الجديدة المنصوص عليها في المشروع والمتعلقة بتنفيذ
اإلنابة القضائية الدولية تكرس مجموعة من الضمانات سواء تجاه األشخاص المستمع إليهم أو
تجاه سيادة الدولة المغربية التي ال يمكن المساس بها أبدا ،ونأمل أن يتم اإلبقاء على هذه
النصوص التي تؤطر تنفيذ اإلنابة القضائية الدولية باستعمال تقنية االتصال عن بعد عند
المصادقة على المشروع بصفة نهائية.
بالرجوع إلى مشروع استعمال الوسائط اإللكترونية في اإلجراءات القضائية السيما في بابه
الثاني المتعلق بالمادة الجنائية ،نجده يسمح للمحكمة بأن تلجأ تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة
العامة حسب مقتضيات المادة 091.9منه وذلك متى وجدت أسباب جدية تحول دون حضور
المتهم أو الضحية وكذا المطالب بالحق المدني إلى تقنية االتصال عن بعد المنصوص عليها
في المادة 700.7من نفس المشروع.
والمالحظ على هذه المادة وغيرها من المواد األخرى أن هذا المشروع لم يبين المقصود
باألسباب الجدية لذلك كان على المشرع تحديد هذه األسباب والحاالت التي يمكن اللجوء فيها
إلى تقنية االتصال عن بعد أمام المحكمة ،ولو أن المشروع في المادة 091.5نص على أن
هيئة المحكمة تصدر مقرر قضائيا تبين فيه األسباب التي تبرر اللجوء لتقنية االتصال عن بعد،
حيث يجب تحديد حاالت اللجوء إليها بشكل حصري حتى تكون معروفة لدى الجميع.
-49الفقرة الثالثة من المادة 2-21.من مشروع استعمال الوسائط اإللكترونية في اإلجراءات القضائية.
37
إضافة إلى ذلك أجاز المشرع المغربي طبقا لمقتضيات المادة 960.7من المشروع لغرفة
الجنايات استعمال تقنية االتصال عن بعد قصد االستماع إلى المتهم أو الضحية أو المطالب
بالحق المدني وذلك حسب نفس الكيفية المنصوص عليها في المواد 091.9إلى 091.1من
نفس المشروع.
وما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أيضا أن المشروع نص على إمكانية المحكمة للجوء
إلى استعمال تقنية االتصال عن بعد ولم يقيد ذلك بموافقه المتهم أو المطالب بالحق المدني
وغيرهم ،ونفس الشيء ينطبق على استعمال تقنية االتصال عن بعد أمام غرفة الجنايات
المنصوص عليها في المادة 960.7من هذا المشروع ،إضافة إلى ذلك فإن المشروع الجديد
ينص في إطار المادة الجنائية على أنه يمكن أن تذيل األحكام والقرارات واألوامر بالتوقيع
اإللكتروني لكل من رئيس الهيئة وكتاب الضبط ،50وهنا يجب استحضار المقتضيات المؤطرة
لعملية التوقيع اإللكتروني المنصوص عليها في القانون 50.35المتعلق بالتبادل اإللكتروني
للمعطيات القانونية.
وعليه نخلص من خالل كل ما تقدم في هذا الشق المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية في
المادة الجنائية أن تفعيل المحكمة الرقمية في هذا المجال سيشكل وسيلة فعالة لتبسيط المساطر
وخلق ديناميكية جديدة مبنية على السرعة والشفافية ،وكذلك المساهمة في تجاوز سلبيات
المحكمة الورقية التقليدية وتعزيز سبل التقاضي خاصة في المادة الجنائية.
أما بخصوص مدى انسجام هذه المقتضيات الجنائية الجديدة المنصوص عليها في المشروع
مع معايير المحاكمة العادلة فيمكن القول بأنه ليس في هذه المقتضيات ما يخالف مبادئ
المحاكمة العادلة ،ذلك أن المحاكمة العادلة تقوم على معايير أساسية هي الحضورية ،وضمان
حقوق الدفاع ،ومؤازرة المحامي ،والتساوي أمام القضاء والمحاكمة في أجل معقول وتسهيل
وتيسير الحصول على المعلومة القانونية والقضائية ،وهذه كلها قواعد كرسها المشروع الجديد
ضمن مقتضياته.
38
أما بخصوص مدى انسجامها مع مبدأ علنية الجلسات فنرى بأن المشرع المغربي اعتبر
اللجوء إلى تقنية االتصال عن بعد تدبيرا استثنائيا فقط ،لذلك ال ضير في تفعيل هذه المقتضيات
خاصة وأن المشرع نفسه أجاز اللجوء إلى سرية الجلسات وفق الشروط المنصوص عليها في
القانون ،لذلك فهو في المشروع الجديد حدد الحاالت التي يمكن اللجوء فيها إلى استعمال تقنية
االتصال عن بعد ،من قبيل تمديد الحراسة النظرية وتوجيه اإلنابة القضائية وغيرها من
الحاالت األخرى التي تناولناها بالدراسة في هذا البحث.
وفي نفس الوقت إذا كنا نتفق أن لرقمنه اإلجراءات القضائية في المادة الجنائية دور مهم،
فيجب أال يكون تفعيل هذا المشروع المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية بشكل استعجالي
حتى ال يكون ضرره أكثر من منافعه ،ولذلك يجب على المشرع المغربي استحضار كل
الحقوق المكفولة لألشخاص سواء في التشريع الوطني أو الدولي ،مع إشراك كل المتدخلين في
منظومة العدالة من قضاة ومحامون وكتاب الضبط وغيرهم في إعادة صياغة هذا المشروع
حتى تكون مقتضياته واضحة أكثر بالنسبة للجميع ،وحتى تساهم في إحقاق الحقوق وإنصاف
المظلومين ال العكس من ذلك.
وعموما تبقى هذه المستجدات التي جاء بها المشروع المتعلق باستعمال الوسائط اإللكترونية
في اإلجراءات القضائية مهمة في مجال تفعيل المحكمة الرقمية وذلك بالنظر إلى المزايا التي
ستوفرها ،وبالتالي فالمشرع المغربي أصبح يتجه نحو عصرنة قطاع العدالة من خالل
تنصيصه على استعمال تقنية االتصال عن بعد قصد تيسير اإلجراءات القضائية في المادة
الجنائية وكذا في المدنية.
39
خاتمة
في الختام يمكن القول أن تفعيل المحكمة الرقمية في عمل المحاكم المغربية أصبح ضرورة
ملحة خاصة في ظل األزمات الصحية وفرض الحجر الشامل حيث تحول المحكمة الرقمية
دون توقف عمل مرفق يعتبر من أهم مرافق الدولة وهو القضاء بل تتجاوز ذلك وتساهم حتى
في تجاوز السلبيات التي تطبع عمل القضاء من حيث توفير السرعة في البت في القضايا،
وكذلك اقتصاد النفقات على الدولة خاصة ما يتعلق بنقل المتهمين وكذا توفير النفقات على
المتقا ضين خاصة في حالة عدم توفر المحكمة المختصة للبت في النزاع في المدينة التي
يقطنون بها ،وتبعا لذلك فإن إخراج المحكمة الرقمية إلى حيز التطبيق من خالل تفعيل القانون
المتعلق بها واإلسراع في المصادقة عليه بات أمرا حتميا ،ومما ال شك فيه أن هذه القانون
سيحدث تحوال مهما داخل عمل المحاكم وفي القانون المغربي بشكل عام.
حالة الطوارئ الصحية ساهمت بشكل كبير في تسريع تنزيل إطار للمحكمة الرقمية
حتى وإن كان يفتقد للمشروعية القانونية أي النص القانوني المؤطر لهذه المحكمة؛
المشروع المتعلق بالمحكمة الرقمية ال يرقى إلى درجة تفعيل محكمة رقمية متكاملة
على غرار باقي التشريعات المقارنة خاصة التشريع األمريكي.
ضرورة تجهيز المحاكم المغربية بالوسائل التقنية والمعلوماتية التي تمكنها من إنجاح
ورش المحكمة الرقمية والحد ما أمكن من استعمال السجالت الورقية لتجاوز
ازدواجية العمل الورقي والعمل الرقمي وتفاديا إلرهاق أطر كتابة الضبط؛
تأهيل العنصر البشري وتكريس طابع شمولي للمحكمة الرقمية من تسجيل مقال
الدعوى مرورا بتبادل المذكرات إلى غاية صدور الحكم الفاصل في النزاع وممارسة
طرق الطعن وأداء الرسوم والصوائر القضائية؛
40
التخفيف من كثرة اإلحاالت على النصوص التنظيمية في مسودة المشروع ذلك أن
اإلحالة تشكل عيبا في الصياغة التشريعية ،خاصة إذا كانت هذه النصوص ستؤدي
إلى إفراغ النص األصلي من محتواه خاصة أن التجربة أبانت أن النصوص التنظيمية
لم يتم إخراجها لحيز الوجود في عديد من المناسبات كما أال يتم استعمال هذه اإلحاالت
في األمور المرتبطة باإلجراءات القضائية التي تكون دقيقة لكي ال تؤثر هذه اإلحاالت
سلبا على حقوق المتقاضين.
41
الئحة المراجع
الكتب:
حازم محمد الشرعة ،التقاضي االلكتروني والمحاكم االلكترونية ،دار الثقافة،
األردن.6373،
عبد العزيز بن سعد الغانم ،المحكمة اإللكترونية "دراسة تأصيلية مقارنة" دار
جامعة نايف للنشر ،الرياض الطبعة األولى .6371
محمد عصام الترساوي – تداول الدعوى القضائية أمام المحاكم االلكترونية –
دار النهضة العربية – القاهرة .6370-
المقاالت:
42
المراجع باللغة الفرنسية
michael griese, elecronic ligitaion filing in the usa, austalia
and gemany: a comparison Classic austlii.edu.
43
الفهرس
مقدمة 8 .....................................................................................................
المبحث األول :اإلطار العام للمحكمة الرقمية 6 .......................................................
المطلب األول :ماهية المحكمة الرقمية 6 ..............................................................
الفقرة األولى :تعريف المحكمة الرقمية ومداخلها 6 ..................................................
أوال :تعريف المحكمة الرقمية6 .........................................................................
ثانيا :خصائص المحكمة الرقمية 2 .....................................................................
ثالثا :مداخل المحكمة الرقمية 2 .........................................................................
الفقرة الثانية :اإلطار التشريعي العام للمحكمة الرقمية في المغرب وبعض التشريعات
المقارنة 01 .................................................................................................
أوال :اإلطار التشريعي للمحكمة الرقمية في القانون المغربي 01 ..................................
ثانيا :اإلطار القانوني للمحكمة الرقمية في بعض التشريعات المقارنة 00 ........................
المطلب الثاني :خطوات التقاضي عبر المحكمة الرقمية ودورها في تسهيل عملية التقاضي
02 ..........................................................................................................
الفقرة األولى :خطوات التقاضي عبر المحكمة الرقمية 02 .........................................
الفقرة الثانية :دور التقاضي عن بعد في تسهيل عملية التقاضي 05 ................................
أوال :السرعة والدقة بالنسبة إلى المتقاضين ومحاميهم 05 ..........................................
ثانيا :توفير الوقت والجهد بالنسبة إلى القضاة 06 ....................................................
ثالثا :تحسين شروط العمل بالنسبة إلى الجهاز اإلداري القضائي 02 ..............................
المبحث الثاني :تطبيقات المحكمة الرقمية في ضوء مشروع قانون استعمال الوسائط
االلكترونية 0. .............................................................................................
المطلب األول استعمال الوسائط اإللكترونية في المسطرة المدنية 0. ............................
الفقرة األولى :اإلجراءات المسطرية أمام المحاكم العادية 81 ...................................
أوال :اإلجراءات المسطرية أمام المحاكم اإلبتدائية 81 .........................................
ثانيا :اإلجراءات المسطرية أمام محاكم اإلستئناف وغرف االستئنافات بالمحاكم
اإلبتدائية 86 ..........................................................................................
44
الفقرة الثانية :المقتضيات المتعلقة بطرق التنفيذ وبعض المساطر الخاصة 82 ...............
أوال :المقتضيات المتعلقة بطرق التفنيد 82 .........................................................
ثانيا :بعض المساطر الخاصة 8. .................................................................
المطلب الثاني :استعمال الوسائط االلكترونية في المسطرة الجنائية 20 ...........................
الفقرة األولى :استعمال تقنيات االتصال عن بعد في مجال الحراسة النظرية 28 ................
الفقرة الثانية :استعمال تقنية االتصال عن بعد في مجال التحقيق اإلعدادي21 ...................
الفقرة الثالثة :استعمال تقنية االتصال عن بعد أمام المحكمة 22 ....................................
خاتمة 11 ...................................................................................................
الئحة المراجع 18 .........................................................................................
الفهرس 11 .................................................................................................
45