Professional Documents
Culture Documents
الاكتئاب PDF
الاكتئاب PDF
( االكتئاب)
وقد أشارت الدراسات والبحوث التي أجريت على عينة من الناس الذين يعانون من االكتئاب
النفسي إلى أن االكتئاب من االضطرابات النفسية اآلخذة باالنتشار بشكل كبير بين األفراد وعلى
الرغم مما يشكله االكتئاب من مخاطر على الصحة النفسية لألفراد فإنه قد يكون بدرجات
متفاوتة.
يعد االكتئاب النفسي ( ) Depressionاحد أكثر األمراض شيوعا في الوقت الحاضر وتؤكد
الدراسات الحديثة بإمكانية انتشاره في المستقبل ،واالكتتاب النفسي هو المرض الذي يؤثر على
طريقة التفكير والتصرف ويصاب به الذكور واإلناث على حد سواء ،كذلك يصاب الصغار
والكبار وكذلك المسنين ،ال يفرق بين مستوى التعليم والثقافة وال المستوى المادي ،الجميع
عرضة لإلصابة به ،وقد شهدت الحقبة األخيرة زيادة هائلة في حاالت حدوث االكتئاب النفسي
في كل إرجاء العالم ،وفي آخر إحصائية يشير تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن %2من
سكان العالم يعانون من االكتئاب ،أي حوالي ( )300مليون نسمة مصابين باالكتئاب النفسي في
العالم ،وأشارت المنظمة إلى أن فردا من بين خمسة أفراد يمرون خالل حياتهم بخبرة االكتئاب،
وهذا رقم ليس بالهين بالنسبة إلى باقي األمراض األخرى(.مركز ديبونو لتعليم التفكير،٢٠١٧ ،
.)٥
مفهوم االكتئاب:
و يفسر الباحثون مفهوم االكتئاب على انه حالة نفسية او معنوية تتسم بمشاعر انكسار النفس و
فقدان االمل والشعور بالكسل واالسترخاء و البالدة و الشعور بعدم القيمة ،و في بعض الحاالت
قد يشعر بفقدان الشهية و بعدم القدرة على النوم
ومعظم األفراد يصيبهم اكتئاب خفيف ،استجابة للعديد من األحداث الصادمة في حياتهم اليومية،
بينما عدد أقل لديهم رد فعل اكتئابي شديد تجاه نفس هذه األحداث ،ويعتمد تشخيص االكتئاب
لدى األفراد أو قابليتهم لإلصابة به على عوامل عديدة كالعوامل البيولوجية والوراثية ،والعوامل
النفسية أضافة إلى العوامل الخارجية (.نوفل ،ف.)١١٧-١١٦ ،٢٠١٦ ،
تعريف االكتئاب:
يعرف األطباء النفسيون االكتئاب :بأنه حالة من االنقباض في المزاج واجترار األفكار السوداء،
وهبوط في الوظائف الفسيولوجية وقد يكون مرضا في حد ذاته أو عرضا ً لبعض األمراض
العقلية مثل :الذهان أو الهوس المصحوب باكتئاب.
أما فرويد فعرفه :بأن حالة عصابية مؤقتة يثيرها فقدان عزيز وتتسم بالقلق وانتقاد -
الذات والحط من الذات.
ويعرف حامد زهران( )١٩٧٧االكتئاب "بأنه " :حالة من الحزن الشديد المستمر ،ينتج -
عن الظروف المحزنة األليمة وتعتبر عن شيء مفقود وإن كان المريض ال يعي
المصدر الحقيقي لذاته.
أما ( طه عبد القادر )1979( ،فعرف االكتئاب بأنه" :عبارة عن حالة من االضطراب -
النفسي تبدو واضحة بصورة خاصة في الجانب االنفعالي للشخصية ،إذ يتميز الفرد
المصاب باالكتئاب بالخوف الشديد واليأس من الحياة ووخز الضمير ،وبكاء على
شرور ترتكبها الشخصية في الغالب ،بل هي متوهمة إلى حد بعيد.
ويعرف الغزالي موسى ( )1993االكتئاب بأنه" :حالة من األلم النفسي تؤدي إلى شعور -
الفرد وإحساسه بالذنب وانخفاض ملحوظ في تقدير الذات والتحسر على الماضي
والتفكير فيه بصورة مستمرة ،والبحث في العلل واألسباب والخلل الذي حدث وأدى إلى
مثل هذا الشعور باإلضافة إلى التفتيش وراء المجهول .ويتخذ االكتئاب أشكاال متنوعة
ومتعددة مثل الوجد والمناجاة التي تتسم بالعزلة واالنطواء وأنماط من الهموم التي تأخذ
طابع الدوام واالستمرار.
وعرفه (فرج طه )1993 ،بأنه :حالة من االضطراب النفسي تبدو أكثر وضوحا في -
الجانب االنفعالي لشخصية المريض إذ تتسم بالحزن الشديد واليأس من الحياة ووخز
الضمير .ويقوم المبدأ النفسي القائل بأن النية تساوي الفعل بدور كبير في تغذية
اإلحساس بوخز الضمير ،وتأنيبه ،واستثارته ،ليأخذ بخناق الشخصية ويؤنبها بقسوة
ويجعل حياتها جحيما ال يطاق ،ومن هنا كان احتمال انتحار المريض كبيرا ،حتى
يتخلص من تلك الحياة المليئة بالحزن والهم واليأس والقلق والمخاوف التي قد تجعله
قليل النوم ،بطيء الحركة رافضا للطعام ومن ثم إصابة جسمه بالهزل
الشديد(.علي،م.)٦٢-٦١-٥٩-٥٨-٥٧ ،٢٠١٧،
أسباب االكتئاب:
.1الوراثة :تزيد احتمالية اإلصابة باالكتئاب عند أبناء المصابين بالمرض عن
غيرهم ،وتزداد االحتمالية أكثر عندما يكون هناك أكثر من شخص في األسرة
لديه المرض .وزيادة احتمالية اإلصابة ال تستلزم اإلصابة إنما تزيد فرصة
حدوثها .ومعنى هذا أنه من الممكن كذلك أن يكون عند الشخص تاريخ أسري
للمرض وال يُصاب هو به .تفسير ذلك أن هذا المرض يكون موجودًا في
الجينات التي تصل للشخص من الوالدين .ولقد أثبتت الدراسات أن نسبة
اإلصابة تزيد أيضا عند من لديه أفراد من أسرته يعانون من أمراض نفسية
غير االكتئاب .والجينات تحمل مليارات الصفات المتنوعة ومنها األمراض .ال
يعمل الجين الحامل للمرض بشكل مستمر ،وقد ال يعمل إطالقا ً طوال حياة
اإلنسان ،وقد ينشط لفترة فيسبب المرض .أسباب نشاط الجين متعددة،
والضغوط المختلفة التي يتعرض لها الشخص هي أحد أسباب ذلك .ليس شرطا ً
أن يكون الضغط النفسي سببه مشكلة كبرى ،لكن يمكن أن يحدث من ضغوط
الحياة العادية .وهذا ال يمنع أيضا أن جين المرض يمكن أن يعمل في أي وقت.
.2تغير كيمياء الدماغ :المخ عبارة عن ماليين الخاليا العصبية تتواصل مع
بعضها لتحدث فعال معينًا .فمثال لكي تحرك يدك فإن مركز اإلرادة يتواصل مع
أمرا للخاليا المحركة لليد لتتحرك اليد في النهاية
مركز حركة اليد ليصدر ً
بالفعل المطلوب ،وهذا كله في أجزاء من الثانية .يوجد في المخ مراكز
لل مشاعر والتفكير والمزاج والتركيز وغيرها من وظائف المخ المتعددة .ولكي
تتواصل كل خلية مع األخرى توجد بينهما مسافة صغيرة جدا تحتوي على
تأثيرا معينا ،ويختلف
ً مواد كيميائية تنطلق من الخلية األولى للثانية لتحدث
التأثير باختالف المادة الكيميائي ة وكميتها والخاليا المرسلة والمستقبلة لها أثبت
العلم الحديث أنه ليس هناك مركز واحد للمزاج المركز يتكون من مجموعة من
الخاليا لكنها مجموعة من المراكز التي تتواصل مع بعض ليتشكل المزاج ،من
هذه المراكز اللوزة المخية ،Amygdalaوقرن آمون ، Hippocampus
والقشرة أمام جبهية .Prefrontal cortex
تتضمن المواد الكيميائية التي تعمل في مراكز الدماغ مواد كثيرة ،أهمها
السيروتونين serotoninوالدوبامين dopamineوالنور أدرينالين
. Noradrenalineاختالل هذه المواد الكيميائية تتسبب في تغيرات مزاجية
وتسبب أمراضا نفسية مختلفة ومنها االكتئاب .هذا الخلل ال بد أن يستمر لفترة
طويلة حتى يحدث المرض ،وإال فهذه المواد الكيميائية تتغير بشكل مستمر
حسب طبيعة األحداث التي تمر باإلنسان ،فتبقى المشكلة هو أن تثبت على غير
الوضع الطبيعي لها .ومن هنا ظهرت فكرة األدوية النفسية التي تعمل على
تعديل تلك المواد الكيميائية في الدماغ ليعود الشخص المريض إلى طبيعته.
.3المشاكل والصدمات النفسية :وهي ناتجة عن المشاكل التي يتعرض لها
الشخص على مدار حياته وكيف يتفاعل معها ،أو بمعنى آخر كيف تؤثر عليه.
استقبال الناس للمشاكل والصدمات يختلف من شخص آلخر حسب أمور كثيرة،
أهمها شخصيته وطريقة تفكيره وصموده النفسي .بالتالي فنتيجة تلك الصدمة
الواحدة تختلف باختالف األشخاص ،وبناء عليه فبعض الصدمات النفسية (مثل
الضغط الشديد اثناء الدراسة أو العمل) قد تؤثر بشكل سلبي على الشخص حتى
تسبب له االكتئاب .ويدخل في ذلك أيضا المشاكل التي تعرض لها الشخص
أثناء الطفولة والمراهقة.
.4المشكالت االجتماعية :وتشمل األحداث السيئة التي تحدث بين الناس مثل وفاة
شخص عزيز أو الطالق أو انتهاء عالقة عاطفية غير ناجحة .ومثل هذه
األحداث على الرغم من تكرارها بشكل كبير في الواقع وحتى حكايتها في
القصص وتصويرها في األفالم فإنها تظل مؤثرة بشكل كبير على كل من
يتعرض لها ،مهما كان قد قرأ عنها أو شاهدها قبل ذلك .كذلك تتضمن مشاكل
الفقر والبطالة وضغوط الظروف السياسية واالقتصادية على الناس والتعرض
لمواقف يشعر الشخص فيها بالظلم أو القهر أو العجز.
.5التغيرات الهرمونية :التي تحدث بشكل طبيعي مثل :في أثناء الحمل وما بعد
الوالدة والتغيرات الهرمونية الشهرية لدى المرأة.
أعراض االكتئاب:
.1أعراض نفسية :كالشعور باليأس والحزن والكآبة والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس
والالمباالة والشعور بالنقص وتقلب المزاج بين الحين واآلخر والرغبة في االنطواء
والعزلة والشرود وإهمال المظهر الشخصي والنظافة والشعور بالذنب وأحيانا الهالوس
والخداعات واألفكار االنتحارية.
.2أعراض جسمية :وتتمثل في الشعور بالضيق وفقدان الشهية ونقص الوزن والصداع
واالحساس بالتعب العام واضطرابات النوم والضعف الجنسي أو البرود الجنسي
واضطرابات الطمث وتوهم المرض(.المليجي ،أ.)٦٦ ،٢٠٢٠ ،
أنواع االكتئاب:
هناك اختالف كبير بين الباحثين في تصنيف أنواع االكتئاب ولم يتفق الباحثون على تصنيف
واحد يمكن األخذ به في تصنيف االكتئاب ولكن من أهم التصنيفات أنه ينقسم على قسمين
أساسيين هما االكتئاب الذهاني واالكتئاب العصابي ،وهناك تصنيفات أخرى فمن الباحثين
من يضيف االكتئا ب الخفيف ،واالكتئاب العضوي وهناك من يزيد على هذه التصنيفات.
يفرق (إبراهيم ( ) 1988بين االكتئاب العصابي واالكتئاب الذهاني فيرى أن االكتئاب العصابي
ذو مصادر معروفة فهو ينشأ كاستجابة ألزمة خارجية .أما االكتئاب الذهاني فهو غير محدد
المصادر ،كما أن االكتئاب الذهاني أشد حدة وأكثر استمرارا.
ومع وجود تصنيفات أخرى لالكتئاب إال أن تقسيم االكتئاب على نوعين رئيسيين هو
التصنيف األهم ،مع أنه حتى هذا التصنيف فيه اختالف بين الباحثين .أن( إبراهيم)1998 ،
يؤكد أن التمييز بين النوعين ليس سهال في كل األحول ،فأعراض كل منهما متداخلة ولهذا
يحسن النظر لالكتئاب بصفته اضطراب واحد بأعراض مترابطة.
ويشير عبد الرحمن ( ) 2000إلى وحدة األمراض الوجدانية وعدم اختالفها إال في شدة
األعراض فقط وأنه ال يوجد اكتئاب نفسي واكتئاب ذهاني أو غيره كما أنه ال يوجد ما يثبت
فسيولوجيا وكيمياويا اختالف هذين النوعين من االكتئاب.
لقد قام كثير من العلماء بتصنيف االكتئاب ,فقد اختلفت المسميات فربما نجد نوعا من انواع
االكتئاب يطلق عليه عدة مسميات ,وعلى نحو عام يمكن تقسيم األنواع التالية:
.1االكتئاب العصابي ( : )Neurotic Depressionوهو استمرار
أعراض االكتئاب بعد زوال الحدث السلبي المسبب لالكتئاب
االستجابي لمدة اسبوعين تقريبا وما يرافقه من مشاعر القلق
واألحباط والخوف من المستقبل.
مظاهر االكتئاب:
تتنوع مظاهر االكتئاب في أشكالها وشدتها ،وذلك حسب نوع االكتئاب ومدته ،وهل ترافقه
أعراض أخرى أم ال ،ومن أي أنواع االكتئاب هو ،وال ننسى أن االكتئاب ال بد أن يتمشى
في مظاهره مع طبيعة الشخصية وظروف الفرد وجنسه وعمره .ومع ذلك سوف نستعرض
المظاهر الرئيسة لالكتئاب من الناحية العملية:
أ .المزاج
يتكدر المزاج ويهبط ويشعر المكتئب باليأس والقنوط ،وعدم القدرة على االستمتاع ،ويفقد
الرغبة في ممارسة أموره المختلفة في حياته اليومية ،كالعمل أو الدراسة ،ويفقد حماسه
للهوايات والمطالعة ومتابعة التلفاز ،ويجد أن كل ما يقوم به هو عبء ثقيل ،ال بد أن يجبر
نفسه عليه ،وعلى األغلب يكون المزاج في أسوأ أحواله في الفترة الصباحية ويتحسن في
المساء ،وقد يبدو المزاج المكتئب واضحا ً على تعابير الفرد ،فيميل إلى العبوس ويقل
الضحك واالبتسام إلى أقل درجة ،وقد تصبح الدموع سهلة وملحوظة ،ولكن عندما يشتد
االكتئاب قد يصعب على المريض أن يبكي ،وفي حاالت قليلة قد تكون حيلة االنكار النفسي
مسيطرة ،فتجد المكتئب مبتسما ً وكأنه يرتدي قناعا ً كاذبا ً من البهجة ،ال شك أن هبوط
المزاج هو المظهر الرئيس لهذا المرض ،ولكنه على األغلب ال يأتي وحده ،بل يترافق مع
مجموعة كبيرة من المظاهر األخرى .
ب .المظهر والحركة
قد ال يتغير مظهر المريض بشكل واضح في حاالت االكتئاب البسيطة والمتوسطة أحيانا ً ،وفي
حاالت تكدر المزاج ،ولكن التدقيق في المريض ومقارنة مظهره الحالي مع مظهره السابق لمن
يعرفه يجد فيه اإلهمال باألناقة والمظهر ،ويقل استعمال مواد التجميل ،وتميل المالبس إلى
األلوان الداكنة ،وتعابير الوجه إلى العبوس والجمود وتقطيب الحاجبين ،وقد يتحاشى المكتتب
النظر المباشر في عيون محدثه ،ويميل إلى النظر إلى األرض ،وغالبا ً ما يكون هناك تباطؤ
نفسي حركي ،فالكالم بطيء ،وقد يتخلله الكثير من التوقف ،واالستجابات البطيئة وقد يأخذ
المريض وقتا ً حتى يجيب على سؤال بسيط ،وحتى طريقة المشي وتغيير المالبس قد تتباطأ ،
وفي الحاالت الشديدة قد يصل التباطؤ لدرجة الذهول ،عندما يكون المريض في الفراش ال
يتحرك ،ومع أنه واع وعيناه مفتوحتان إال أنه ال يتجاوب مع األسئلة والمثيرات ،ويكتفي
بتحريك النظر .وفي حاالت أخرى قد يترافق االكتئاب مع تهيج شديد في الحركة ،وتجد
المريض غير قادر حتى على الجلوس ،يفرك يديه ،ويتحرك طوال الوقت بال هدف ذهابا ً وإيابا ً
رغم شعوره باإلرهاق الشديد ،ح تى الجلوس لعشر دقائق الستكمال فحصه من قبل الطبيب قد
يصبح مستحيالً.
ج .النوم
يضطرب النوم في األغلب ،فيصحو المريض مبكرا ً وفي أشد حاالت الضيق واالنزعاج ،وال
يستطيع العودة إلى النوم ،وقد يصحو نتيجة الكوابيس التي تدور حول الموت واألموات ،ومن
الممكن أن يكون النوم متقطعا ً وغير مشبع حتى ولو كانت ساعاته كافية ،وفي الحاالت التي
يترافق فيها االكتئاب مع بعض القلق النفسي قد يجد المريض صعوبة في أن يبدأ النوم أيضا ً ،
وليس غريبا ً أن يكون هناك صعوبة في بداية النوم ،وقد يكون النوم سطحيا ً متقطعا ً فيه الكثير
من الكوابيس والصحو مبكرا ً في مزاج كئيب ،وفي الحاالت الشديدة قد ينقطع النوم نهائيا ً .
وف ي نسبة قليلة من المرضى قد يزيد النوم ،ويسمى هذا االكتئاب "غير النموذجي" .
د .الطعام
تقل شهية المكتئب للطعام ،وقد يأكل بال شهية ثم يصل إلى درجة عدم القدرة على رؤية الطعام
أو شم رائحته ،ويقل معدل تناول الوجبات وكميتها ،وقد يفقد المريض قدرته على تذوق ما لذ
وطاب من الطعام ،فحتى األكل الذي كان يرغبه ،ال يكترث به ،ويصعب التأثير على قابليته
للطعام مهما كان الطعام شهيا ً ومغريا ً ،ويترافق هذا مع هبوط الوزن ،وقد يفقد المريض بضعة
كيلو غرامات في فترة شهور ،ولكن قد يصل فقدان الوزن إلى %40من الوزن األصلي في
فترة بسيطة ،ويصبح من الواضح على المريض الهزال الشديد والشحوب ،وفي قلة من
المرضى قد يزيد الطعام والوزن ،وخصوصا ً في االكتئاب الموسمي أو غير النموذجي في
اإلناث ،والذي يترافق مع زيادة في النوم .
ه .النشاط
يقل نشاط المكتئب عموما ً ،فقد ينقطع عن زيارة األهل واألصدقاء ،ويختفي عن المناسبات
ال صامتا ً ،ال يكترث حتى لقراءة صحيفته
واألفراح واألتراح ،ويقضي وقتا ً طويالً منعز ً
المفضلة ،أو االستحمام ،أو التسوق ،وقد يكون هذا األمر تدريجيا ً فال يالحظه ،وقد يكون
مفاجئا ً للجميع ،حتى الواجبات الدينية والتردد على المسجد يتوقف ،وقد يبدو هذا واضحا ً في
األعياد الدينية ،عندما ال يقوم المكتئ ب بما اعتاد عليه من نشاط في صلة األرحام وزيارة
األصدقاء ،وظهور الفرح والبهجة عليه وعلى أسرته ،وقد تجد أن قلة نشاط األم أو األب
انعكست على األطفال وعلى األسرة جميعها ،كما أن قلة النشاط االجتماعي قد يفهم من قبل
الناس على أنه عدم رغبة في التعامل معهم ،ويأخذون موقفا ً سلبيا ً من المريض وأسرته " ،مما
يزيد الطين بلة " ،فال يفكرون بزيارته أو االتصال معه أو االستفسار عن صحته ،مما يزيد
شعوره بالوحدة وفقدان األمل وتتأكد مشاعره بأن ال أحد يكترث به ،مما يدفعه للتشاؤم من
المستقبل والناس .
و .التفكير
يتغير تفكير اإلنسان المكتئب ،فال ينظر لألمور إال من منظار تشاؤمي قاتم ،يرى نفسه فاش ً
ال
،وال يثق بنفسه للقيام بالمهام البسيطة التي طالما كان يقوم بها بتفوق ،وال يرى من األشياء إال
مساوئها ،وال يتوقع إال الخسارة والمصائب ،وتُسيطر على تفكيره تساؤالت عن جدوى الحياة
ومعناها ،ويفاضل بين هذه الحياة والموت ،ويصل للتفكير بأن الموت هو األفضل فيتمناه ،وقد
يفكر باالنتحار ،ويتردد في اإلقدام عليه ،إما ألنه محرم ،أو خوفا ً من الوصمة التي تلحق
بعائلته ،وخوفا ً على أسرته وأطفاله الذين يعتمدون عليه في كل شيء ،يُعيد التفكير بالماضي
عن كل هفوة صغيرة أو كبيرة فيلوم نفسه عليها ،ويؤنبه ضميره ،وال يرى في المستقبل أي
بارقة أمل ،وال بصيص نور .وفي الحاالت الشديدة يحمل نفسه وزر أمور لم يقترفها ،ويصبح
اجترار األفكار هو ما يقضي به معظم وقته ،وبأسلوب غير منطقي يتركز حول فكرة أنا فاشل
وال أحد يكترث ،وعليه فإن المستقبل ميؤوس منه ،وهذا األسلوب في التفكير يجعل مريض
االكتئاب خالفا ً لغيره من المرضى ،ال يُقبل على العالج والشفاء ،ألنه بقناعته ال مخرج له من
هذا الوضع ،وأنه سيستمر هذا النمط من التفكير طوال حياته أو أنه سيموت قريبا ً ،أو يفقد
عقله ،ويترافق عليه مع الشعور بالذنب وتأنيب الضمير ،والذي قد يكون من أكثر األمور إيالما ً
.
ز .األعراض الجسدية
قد يصل مريض االكتئاب إلى الطبيب العام أو إختصاصي األمراض الباطنية أو القلب أو
الجهاز الهضمي أو األعصاب بشكاوى الصداع ،وألم الصدر ،وألم البطن ،وألم الظهر ،أو
جميعها معا ً .وقد يتردد المريض على أكثر من طبيب ويجري الكثير من الفحوصات ،وتزداد
األعراض الجسدية كلما ترافق االكتئاب مع القلق ،وقد يصل المريض لتوهم األمراض
العضوية وعدم القناعة بكل اآلراء الطبية المطمئنة والفحوصات السليمة .وال بد من التأكيد
على أن المريض العربي أكثر ميالً للشكوى من األعراض الجسدية بدل الشكوى النفسية
المباشرة ،والتي ما زال ينظر إليها بأنها ضعف ،أو تقاعس ،أو وهم .
ح .الجنس
من المألوف أن تقل الرغبة الجنسية تدريجيا ً لدى الذكور واإلناث ،وقد يضعف األداء الجنسي
واإلثارة أيضا ً ،وقد يصبح هذا العرض هو المسيطر والهاجس خصوصا ً عند الرجل ،الذي قد
يبكي على رجولته المفقودة ويختبر نفسه صباح مساء ،ليصل إلى قناعة أنه قد فقد رجولته ،
وال داعي لحياته ،ويتمحور تفكيره على هذا األمر وبصورة مزعجة جدا ً ،إذ أنه يبحث عن
المقويات الجنسية والهرمونات ويراجع األطباء والمشعوذين بهذا الشأن ،وقد يكون األثر
الجنسي وفقدان الرغبة ضمن األعراض الكثيرة ،وال يكترث لها المريض أو المريضة نظرا ً
إلى أن هناك أولويات أهم من الجنس .
ط .القدرات العقلية
يترافق االكتئاب مع ضعف التركيز واالنتباه ،وذلك لعدم االكتراث واالستغراق في اجترار
األفكار ،مما يؤدي إلى عدم تخزين المعلومات ،وعند محاولة استرجاعها ال يجدها المريض،
فيظن أنه قد بدأ بالنسيان وأنه سيفقد قدراته العقلية قريبا ً ،وقد تؤثر عليه مشكلة التركيز فإذا
كان على مقاعد الدراسة ،فإنه قد يفشل ألول مرة في حياته ،مما يزيد حاله سوءا ً ،وحتى ربة
البيت قد تجد نفسها غير قادرة على تذكر أمور البيت البسيطة ،فلقلة تركيزها يصبح أداؤها في
تدهور ،مما يحطم ما بقي لديها من ثقة بالنفس ،وفي كبار السن فوق الستين ،قد تكون مظاهر
النسيان أكثر ما يميز االكتئاب لدرجة أن يسمى االكتئاب عندها بالخرف الكاذب .
ي .األعراض الذهانية
ويقصد بها الهالوس والهذيانات وهي مرتبطة بالحواس المختلفة ،فيرى المريض صورا ً
ويسمع أصواتا ً ويشم روائحا ً ،ال أساس لها وال وجود لها إال في دماغه ،كما قد يتغير طعم
الغذاء ويشعر في جسمه أشياء غير موجودة ،وتترافق مع التوهم بالعدم ،أو التوهم بالذنب ،
فيرى المكتئب صور جنازته وقبره ،ويسمع من يوبخه ويقلل من شأنه ،ويدعوه لالنتحار ،
ويشم رائحة الموت ويتوهم أنه قد اقترف ذنوبا ً كبيرة بحق البشرية وال بد من إعدامه ،وإذا
وجدت هذه األعراض إضافة ألعراض االكتئاب األخرى ،فإن هذا ما يسمى الموت ويتوهم
باالكتئاب الذهاني .
المظاهر المذكورة لالكتئاب قد تترافق جميعها أو بعضها ،وقد تتفاوت في حدتها ،ولكنها
األساس في تشخيص المرض .
قد تظهر أعراض أخرى عند البعض ،مثل تبدد الشخصية وهو الشعور وكأن الشخص ليس هو
رغم أنه متأكد من ذاته أنه لم يتغير ،وهذا قد يتزامن مع تبدد الواقع وهو الشعور كأن المكان
والبلد والوجود قد تغيرت رغم المعرفة األكيدة بعدم وجود التغيير ،وهذان العرضان يخشى
المريض اإلباحة بهما العتقاده أن اآلخرين لن يفهموا ما يقصد وسوف يعدونه فاقدا ً لعقله .كما
أن هناك األفكار الوسواسية التي ق د تطغى على األعراض السابقة ،مثل فكرة الكفر أو العنف
أو أفكار جنسية يعدها المريض سخيفة ومرفوضة ومع ذلك يجد نفسه مضطرا ً للتفكير فيها ،
ورغم أنه يقاومها إال أنها تعاوده(.سرحان ،و ،الخطيب ،ج ،حباشنة ،م-٣٠-٢٩-٢٨ ،٢٠٠٨ ،
.)٣٦-٣٥-٣٤-٣٣-٣٢-٣١
النظرية السلوكية:
يشير ( ) Lewinson, 1974إلى أن النظرية السلوكية تعتبر االكتئاب ينجم عن تدني
مستوى الدعم اإليجابي وارتفاع مستوى الخبرات السلبية وغير السارة .ويحدث االكتئاب
جراء عوامل جديدة تنخفض بموجبها تفاعالت الفرد مع البيئة المؤدية إلى نتائج إيجابية
وتزداد معدالت الخبرات السيئة التي تمثل عقابا بالنسبة له .وإن التعزيز واالكتئاب
مفهومات متعلقان ببعضهما ،وأن السلوك والمشاعر للمكتئب تعكس دالئل على تدني
مستوى االستجابة المتوقفة على التعزيز اإليجابي الذي يكمن في وجود تفاعل للفرد مع
بيئته.
كما يبين (صالح ) ٢٠٠٠أن البيئة الخارجية المحيطة بالفرد لها تأثير سلبي وإيجابي على
الفرد .وعليه فاألنشطة السارة التي يقوم بها الفرد أو يوفرها له اآلخرون تمنحه الفرح
والسرور والسعادة .و فاألحداث األليمة تؤدي إلى التوتر والقلق وبالتالي الوصول إلى
االكتئاب.
النظرية البيولوجية:
تركز النظرية البيولوجية على أن الخبرات االنفعالية تؤثر على النشاط الكيميائي للدماغ
وبالتالي فالمشاعر واألفكار والسلوك قد تتغير تبعا للتغيرات الكيميائية للدماغ ،إن الخاليا
العصبية ترسل الرسائل الكهربائية عن طريق الموصالت العصبية المتمثلة في المواد
الكيميائي ة .وعليه فالخلل في الخاليا العصبية أو نقص المقدار المنقول من المادة الكيميائية
أو أي خلل وظيفي في عمل خاليا االستقبال كلها عوامل تسهم بشكل أساسي في اإلصابة
باالكتئاب ،ويمكن أن يتسبب ذلك في بعض األعراض االكتئابية كنقص في الشهية
واضطرابات في النوم ويكون تأثيره عند الفرد تأثيرا سلبيا للحياة(.األعظمي ،غ،٢٠١٣ ،
.)٤٧