Professional Documents
Culture Documents
671657400 هنري 100 قصة مختارة
671657400 هنري 100 قصة مختارة
671657400 هنري 100 قصة مختارة
هبة المجوس
كوزموبوليت في مقهى
بين الجوالت
خدمة الحب
الغرفة المفروشة
الورقة االخيرة
الشاعر والفالح
تجوال في افازيا
تقرير بلدي
دليل الكيك
I
هبة المجوس
دوالر وسبعة وثمانون سنًتا .هذا كان كل شيء .وستون سنًتا منها كانت عبارة عن قروش.
قروش تم جمعها واحدة واحدة أو اثنتين في كل مرة من خالل الضغط على البقال ورجل
الخضار والجزار حتى تحمر وجنتها من االتهام الصامت بالبخل الذي ينطوي عليه التعامل
الوثيق .عدت ديال هذا الرصيد ثالث مرات .دوالر وسبعة وثمانون سنًتا .وغًدا سيكون عيد
الميالد.
لم يتبقى شيء يمكن القيام به سوى االنهيار على األريكة الصغيرة المتهالكة والصراخ .لذا
ً
تأمال أخالقًيا بأن الحياة تتكون من الشهقات والشماتات قامت ديال بذلك .وهذا ما يثير
واالبتسامات ،مع سيطرة الشماتات.
بينما تتراجع سيدة المنزل تدريجًيا من المرحلة األولى إلى المرحلة الثانية ،دعنا نلقي نظرة
على المنزل .شقة مفروشة بقيمة 8دوالرات في األسبوع .لم يكن وصفها بالضبط مفتوً حا،
ولكن بالتأكيد كانت هذه الكلمة على استعداد اللنضمام إلى فرقة التسول .في البهو أسفله
كان هناك صندوق بريد ال يمكن أن يتسع لخطاب واحد ،وزر كهربائي ال يمكن أن يستدرج
منه أي إصبع بشري ضغطة .كان هناك أيًض ا بطاقة ملحقة بها باسم "السيد جيمس ديلينغهام
يونغ"
.
تم رمي "ديلينغهام" إلى الرياح خالل فترة سابقة من االزدهار عندما كان مالكه يتقاضى
دوالرا في األسبوع .اآلن ،عندما انخفضت الدخل إلى 20 تفً
بدتحرو
بد دوالرا، ً 30
"ديلينغهام" غير واضحة ،كما لو كانت تفكر جدًيا في التقليص إلى "د" متواضعة وغير
متواضعة .ولكن كلما عاد السيد جيمس ديلينغهام يونغ إلى المنزل ووصل إلى شقته في
الطابق العلوي ،كان يسمى "جيم" وكان يعانق بشدة من قبل السيدة جيمس ديلينغهام يونغ،
التي تم تقديمها لكم سابًقا باسم ديال .وهذا أمر جيد جًدا.
انتهت ديال من بكائها وراجعت وجنتيها باستخدام قطعة البودرة .وقفت بجانب النافذة
ونظرت بتثاقل إلى قطة رمادية تسير على سياج رمادي في فناء خلفي أيًض ا رمادي .سيكون
غًدا عيد الميالد ،ولديها فقط دوالر وسبعة وثمانون سنًتا لشراء هدية لجيم .لقد كانت توفير
كل قرش يمكنها لشهور.
2 هنري 100-قصة مختارة
الرا في األسبوع ال تذهب بعيًدا .كانت المصاريف أكبر مما مع هذه النتيجة .عشرون دوً
حسبته .دائً ما ما تكون .فقط دوالر وسبعة وثمانون سنًتا لشراء هدية لجيم .جيمها .قضت
طا لشيء جميل له .شيء رائع ونادر وثمين -شيء قلياًل العديد من الساعات السعيدة تخطيً
ما يقترب من كونه يستحق شرف أن يكون مملوً كا لجيم.
كان هناك مرآة بين النوافذ في الغرفة .ربما رأيت مرآةً بين النوافذ في شقة بقيمة 8دوالرات.
يمكن لشخص نحيف جًدا ورشيق جًدا أن يحصل ،من خالل مشاهدة انعكاسه في تسلسل
سريع من الشرائط الطولية ،على تصور دقيق إلى حد ما لمظهره الخارجي .ديال ،التي
كانت نحيفة ،كانت قد استوعبت هذا الفن.
فجأة ،اندفعت من النافذة ووقفت أمام المرآة .كانت عينيها تتأألل ببريق مشرق ،ولكن وجهها
فقد لونه في غضون عشرين ثانية .سحبت شعرها بسرعة ودعته ينزل إلى طوله الكامل.
كان هناك اثنان من الممتلكات لجيمز ديلينغهام يونغ يفتخران بهما بشدة .األولى كانت ساعة
جيم الذهبية التي كانت لوالده وجده .األخرى كانت شعر ديال .إذا عاشت ملكة سبأ في الشقة
المقابلة عبر الفتحة الهوائية ،لكان ديال قد دعت شعرها يعلو من النافذة يوً ما ما ليجف فقط
لتخفيض قيمة مجوهرات وهدايا جاللتها .لو كان الملك سليمان ناظر البناية ،بكل كنوزه
مرورا بجانبه ،فقط ليرى
مكدسة في القبو ،لكان جيم سيكون قد أخرج ساعته في كل مرة ً
كيف يقتنص لحيته بالغيرة.
لذلك ،سقط شعر ديال الجميل حولها ،يتدفق ويتأألل مثل شالل من المياه البنية .وصل إلى
أسفل ركبتيها وجعل نفسه تقريًبا ثوًبا لها .ثم قامت بتجميعه مرة أخرى بشكل عصبي
وسريع .لمحت للحظة واحدة ووقفت في مكانها بينما تساقطت دموع قليلة على السجادة
الحمراء المتعبة.
تبعتها جاكيتها البني القديم ،ووضعت قبعتها البنية القديمة .مع دوران التنانير وبريق متألق
ال يزال في عينيها ،تحوم خارج الباب وتنزل الدرج إلى الشارع.
حيث توقفت ،كان االلفتة تقرأ" :السيدة صوفروني .لوازم الشعر بجميع أنواعه ".طارت
ديال مرة أللعلى ،وجمعت نفسها ،وهي تنفس بسرور .المدام ،ذات الحجم الكبير ،شاحبة،
بيضاء جًدا ،بالكاد تبدو كـ"صوفروني".
شعرا" ،قالت السيدة" .خلعي قبعتك ودعيني ألقي نظرة على مظهره.
"أشتري ً
هنري 100-قصة مختارة
3
لشهور .مع هذه النتيجة .عشرون دوالرا في األسبوع ال تذهب بعيًدا .كانت المصاريف ً
أكبر مما حسبته .دائً ما ما تكون .فقط دوالر وسبعة وثمانون سنًتا لشراء هدية لجيم .جيمها.
قضت العديد من الساعات السعيدة تخطيً طا لشيء جميل له .شيء رائع ونادر وثمين -شيء
قلياًل ما يقترب من كونه يستحق شرف أن يكون مملوً كا لجيم.
كان هناك مرآة بين النوافذ في الغرفة .ربما رأيت مرآةً بين النوافذ في شقة بقيمة 8دوالرات.
يمكن لشخص نحيف جًدا ورشيق جًدا أن يحصل ،من خالل مشاهدة انعكاسه في تسلسل
سريع من الشرائط الطولية ،على تصور دقيق إلى حد ما لمظهره الخارجي .ديال ،التي
كانت نحيفة ،كانت قد استوعبت هذا الفن.
فجأة ،اندفعت من النافذة ووقفت أمام المرآة .كانت عينيها تتأألل ببريق مشرق ،ولكن وجهها
فقد لونه في غضون عشرين ثانية .سحبت شعرها بسرعة ودعته ينزل إلى طوله الكامل.
كان هناك اثنان من الممتلكات لجيمز ديلينغهام يونغ يفتخران بهما بشدة .األولى كانت ساعة
جيم الذهبية التي كانت لوالده وجده .األخرى كانت شعر ديال .إذا عاشت ملكة سبأ في الشقة
المقابلة عبر الفتحة الهوائية ،لكان ديال قد دعت شعرها يعلو من النافذة يوً ما ما ليجف فقط
لتخفيض قيمة مجوهرات وهدايا جاللتها .لو كان الملك سليمان ناظر البناية ،بكل كنوزه
مرورا بجانبه ،فقط ليرى
مكدسة في القبو ،لكان جيم سيكون قد أخرج ساعته في كل مرة ً
كيف يقتنص لحيته بالغيرة.
لذلك ،سقط شعر ديال الجميل حولها ،يتدفق ويتأألل مثل شالل من المياه البنية .وصل إلى
أسفل ركبتيها وجعل نفسه تقريًبا ثوًبا لها .ثم قامت بتجميعه مرة أخرى بشكل عصبي
وسريع .لمحت للحظة واحدة ووقفت في مكانها بينما تساقطت دموع قليلة على السجادة
الحمراء المتعبة.
تبعتها جاكيتها البني القديم ،ووضعت قبعتها البنية القديمة .مع دوران التنانير وبريق متألق
ال يزال في عينيها ،تحوم خارج الباب وتنزل الدرج إلى الشارع.
حيث توقفت ،كان االلفتة تقرأ" :السيدة صوفروني .لوازم الشعر بجميع أنواعه ".طارت
ديال مرة أللعلى ،وجمعت نفسها ،وهي تنفس بسرور .المدام ،ذات الحجم الكبير ،شاحبة،
بيضاء جًدا ،بالكاد تبدو كـ"صوفروني".
شعرا" ،قالت السيدة" .خلعي قبعتك ودعيني ألقي نظرة على مظهره".
"أشتري ً
أما الساعتان التاليتان فانقضيتا بأجنحة وردية .دعونا ننسى االستعارة المبتذلة .كانت تبحث
في المتاجر عن هدية لجيم.
وجدتها ً أخيرا .بالتأكيد ،كانت مصممة لجيم وال ألي شخص آخر .لم يكن هناك آخر مثلها
في أي من المتاجر ،وقد قامت بعكس كل متجر منها .كانت سلسلة فوب من البالتينوم
بتصميم بسيط ونقي ،تعلن قيمتها بشكل صحيح من خالل مادتها وليس من خالل الزخرفة
الزائفة -كما يجب أن تفعل كل األشياء الجيدة .كانت حتى تستحق أن تكون جزً ءا من
الساعة .بمجرد أن رأتها ،عرفت أنها يجب أن تكون لجيم .كانت تشبهه .الهدوء والقيمة -
دوالرا من أجلها ،وسارعت
هذا الوصف ينطبق على االثنين .أخذوا منها واحًدا وعشرون ً
إلى العودة إلى المنزل مع السنتين والسبعة والثمانين سنًتا.
بفضل تلك السلسلة المثبتة على ساعته ،قد يكون جيم قلًقا من الوقت بشكل مناسب في أي
مكان .بالرغم من جمال الساعة ،كان يلقي أحياًنا نظرة سرية عليها بسبب الحزام الجلدي
القديم الذي كان يستخدمه بداًل من السلسلة.
عندما وصلت ديال إلى المنزل ،تالشى سكرها قلياًل بفعل الحذر والعقالنية .أخرجت مكواة
شعرها وأضاءت الغا ز وبدأت في إصالح التلف الذي سببته السخاء المضاف إلى الحب.
وهو دائً ما مهمة ضخمة ،أيها األصدقاء ،مهمة ضخمة.
في غضون أربعين دقيقة ،كانت رأسها مغطى بأجزاء صغيرة ومتقاربة من الشعر تجعلها
تبدو تماً ما مثل صبي مدرسة غائب .نظرت إلى تصويرها في المرآة لفترة طويلة وبعناية
وبنقد.
في الساعة السابعة تم تحضير القهوة ووضع مقالة القلي على ظهر الموقد ،ساخنة وجاهزة
لطهي شرائح اللحم.
متأخرا أبًدا .ثنت ديال السلسلة بيدها وجلست على زاوية الطاولة بالقرب من
لم يكن جيم ً
الباب الذي يدخل دائً ما منه .ثم سمعت خطوته على الدرج في الطابق األول ،واشتدت وجهها
للحظة واحدة فقط .كان لديها عادة تقول فيها صلوات صامتة صغيرة حول أبسط األشياء
اليومية ،واآلن همست" :رجاً ء يا هلال ،اجعله يعتقد أنني ما زلت جميلة".
فتح الباب ودخل جيم وأغلقه .بدا نحيً فا وجاًدا للغاية .يا له من رجل مسكين ،كان في
ً
ومكبال بعائلة! كان بحاجة إلى معطف جديد وكان بال قفازات. العشرينيات فقط -
دخل جي م داخل الباب ،كمن يقف بال حراك ككلب صيد عند رائحة القنص .كانت عينيه
تعبيرا فيها لم تستطع أن تقرأه ،وكان يرعبها .لم يكن ذلك
ُمثّبتة على ديال ،وكانت هناك ً
غضًبا ،وال مفاجأة ،وال عدم اعتراف ،وال رعًبا ،وال أي من المشاعر التي كانت مستعدة
لها .كان يحدق بها بثبات بهذا التعبير الغريب على وجهه.
"جيم ،حبيبي" ،صرخت" ،ال تنظر إلّ ي بهذه الطريقة .قصرت شعري وباعته ألنني لم
أستطع أن أعيش عبر عيد الميالد من دون أن أقدم لك هدية .سينمو مرة أخرى -لن تمانع،
أليس كذلك؟ كان علي فقط أن أفعل ذلك .شعري ينمو بسرعة كبيرة .قل 'عيد ميالد سعيد!'
جيم ،ولنكن سعداء .ال تعرف ما هو جميل -ما هو هدية جميلة لديك".
"قصيتي شعرك؟" سأل جيم ،بصعوبة ،كما لو أنه لم يصل إلى هذه الحقيقة الواضحة حتى
بعد أصعب الجهود العقلية.
"قصيته وباعته" ،قالت ديال" .أليس أنا نفسي بغض النظر عن شعري؟"
"ال تحاول البحث عنه" ،قالت ديال" .لقد تم بيعه ،أقول لك -تم بيعه وذهب .إنه عشية عيد
الميالد ،يا صبي .كن لطيًفا معي ،ألنني قصصته من أجلك .ربما تم تعداد شعر رأسي"،
استمرت بهذا اللطف المفاجئ" ،ولكن ال أحد يستطيع أبًدا أن يحصي محبتي لك .هل أضع
الشرائح على الشواية ،جيم؟"
6 هنري 100-قصة مختارة
من خارج غيبوبته ،بدا جيم وكأنه استيقظ بسرعة .احتضن ديال .لنلقي نظرة سريعة وذات
تصفح متحفظ إلى كائن غير مهم في اتجاه آخر .ثمانية دوالرات في األسبوع أو مليون
دوالر في السنة -ما الفرق؟ عاِلم الرياضيات أو شخص ذكي سيقدم لك اإلجابة الخاطئة.
جلب المجوس هدايا ثمينة ،ولكن هذا لم يكن واحًدا منها .سيتم إلقاء الضوء على هذا الزعم
المظلم الحًقا.
"ال ترتكبي أي خطأ ،ديل" ،قال" ،بشأني .ال أعتقد أن هناك شيًئا في القص أو الحالقة أو
الشامبو يمكن أن يجعلني أحب فتاتي أقل .ولكن إذا كنت ستفتحين تلك الحزمة ،قد ترى
لماذا أخذتني بعيًدا في البداية".
أصابع بيضاء وناعمة مزقت الحبل والورق .ثم صرخة نشوة ،وبعد ذلك ،أللسف! تغيير
سريع ونسائي إلى دموع ونحيب هستيري ،مما استدعى فورا استخدام جميع قوى الراحة
لسيد الشقة.
هناك كانت المشطات -مجموعة من المشطات ،الجانبية والخلفية ،التي كانت ديال تعبد
طوياًل في نافذة على الشارع العريض .مشطات جميلة من الزيبرا النقي ،بحواف مرصعة
بالجواهر -بالظل الذي يتناسب مع الشعر الجميل المختفي .إنها مشطات غالية الثمن ،كانت
تعلم ذلك ،وقلبها كان يتوقف ببساطة ويتوقعها دون أمل في الحصول عليها .واآلن كانت
لها ،ولكن الشعر الذي كان يجب أن يزين تلك الزينات المرغوبة قد رحل.
لم يكن جيم قد رأى هدية جميلته بعد .عرضتها له بحماس على راحة يدها المفتوحة .بدا
المعدن الثمين الممل بوهج يتأألل بانعكاس من روحها الساطعة والحماسية.
"أليس رائً عا ،جيم؟ بحثت في كل أنحاء المدينة ألجدها .سيتعين عليك أن تنظر إلى الوقت
مئة مرة في اليوم اآلن .أعطني ساعتك .أريد أن أرى كيف تبدو عليها".
بداًل من االمتثال ،سقط جيم على األريكة ووضع يديه تحت خلف رأسه وابتسم.
هنري 100-قصة مختارة
7
"ديل" ،قال" ،لنضع هدايا عيد الميالد الخاصة بنا جانًبا ونحتفظ بها لفترة .إنها جميلة جًدا
اللستخدام في الوقت الحالي .لقد باعت الساعة للحصول على المال لشراء مشطاتك .واآلن
افترضي أن تضعي الشرائح على الشواية".
المجوس ،كما تعلمون ،كانوا حكماء -حكماء بشكل رائع -جلبوا هدايا للرضيع في المذود.
ابتكروا فن إعطاء هدايا عيد الميالد .كانت هداياهم وبحكمة ،بال شك ،حكيمة ،وربما تحمل
امتياز تبديلها في حالة التكرار .وها أنا قد عرضت عليكم بتواضع قصة غير مثيرة عن
طفلين أغبياء في شقة ،قد ضحيا بأغلى كنوز بيتهما بغباء بسبب بعضهما البعض .ولكن في
كلمة أخيرة إلى الحكماء في هذه األيام ،لنقل أن كل من يقدم الهدايا هؤالء االثنان كانا األكثر
حكمة .من بين جميع من يقدمون الهدايا ويستلمونها ،مثلما هما األكثر حكمة .في كل مكان
هما حكماء .هما المجوس.
8 هنري 100-قصة مختارة
II
عالمي في المقهى
عند منتصف الليل ،كانت الكافيتيريا مزدحمة .بشكل ما ،تمكنت الطاولة الصغيرة التي
جلست عليها من الهروب من أعين القادمين ،وكانت هناك كراسي فارغة على الجانبين تمد
أذرعها بضيافة مادية لتدفق الزبائن.
ثم جلس عالمي في واحدة منهما ،وكنت سعيًدا بذلك ،فلدي نظرية تقول أنه منذ آدم لم يكن
هناك مواطن حقيقي للعالم .نسمع عنهم ،ونرى عالمات أجنبية على األمتعة بكثرة ،ولكننا
نجد مسافرين بداًل من عالميين.
أدعو لنظرك في المشهد -الطاوالت ذات األعلى من الرخام ،ومجموعة المقاعد المبطنة
بالجلد على الجدران ،والشركة المبهجة ،والسيدات االلتي يرتدين أزياء نصف رسمية،
والتحدث بورقة ناعمة مرئية للذوق واالقتصاد والثراء أو الفن ،والجرسون الكادح والمحب
للعطاء ،والموسيقى التي تستجيب بحكمة للجميع مع هجماتها على الملحنين؛ مزيج من
الحديث والضحك -وإذا أردت ،يمكن أن يكون هناك "فيرتسبورغر" في أكواب زجاجية
طويلة تنحني نحو شفتيك مثل كرز ناضج يتأرجح على فرعه أمام منقار طائر غراب.
أخبرني نحات من موش تشانك أن المشهد هو حًقا باريسي.
العالمي الذي جلس في الكافيتيريا اسمه إ .رشمور كوغالن ،وستسمع عنه في الصيف المقبل
في جزيرة كوني .أخبرني أنه سينشئ "جذًبا" جديًدا هناك ،ويقدم تسلية ملكية .ثم انطلقت
محادثته عبر خطوط العرض وخطوط الطول .أخذ العالم الكبير والمستدير في يده ،على
األقل بهذا التعبير ،بطريقة مألوفة واستهتارية ،وبدا أنه ال يتعدى حجم بذرة كرز ماراسكينو
في فاكهة العنب المقدمة على طاولة مطعم .تحدث بانزعاج عن خط االستواء ،وقفز من
قارة إلى أخرى ،وسخر من المناطق ،وامتص المحيطات العالية بمنديله .بلغفة من يده،
سيتحدث عن سوق معين في حيدر آباد .زفير! سيأخذك للتزلج على الجليد في البالند .زيب!
اآلن ستركب األمواج مع الكاناكاس في كيااليكاهيكي .بريستو! سيجذبك عبر مستنقع بلوط
في والية أركنساس ،ثم سيجففك للحظة على سهول القلويات في مزرعته في إيداهو ،ثم
سيعصف بك في مجتمع أرشدوكات فيينا .أحياًنا ،سيخبرك عن نزلة برد اصيب بها في
نسيم البحيرة في نبات شوشوال .لقد كنت ستوجه.
الرسالة إلى "إ .رشمور كوغالن ،السيد ،األرض ،النظام الشمسي ،الكون" ،وكنت واثًقا من
أنها سترسل له.
هنري 100-قصة مختارة
9
كنت واثًقا أنني ً أخيرا وجدت العالم الحقيقي الوحيد منذ آدم ،واستمعت إلى حديثه الشامل
حول العالم مخشًيا أن أكتشف فيه نغمة المسافر المتنقل العادي .ومع ذلك ،لم تتراجع آراؤه
أبًدا ،كان محايًدا تجاه المدن والبلدان والقارات تماً ما كما تجاه الرياح أو الجاذبية.
الكوكب الصغير ،تفكرت بسعادة في وبينما كان إيه .رشمور كوجالن يتفوه بحديثه عن هذا
لمدينة بومباي .في قصيدة لها ،قال شخصية عالمية عظيمة كتبت للعالم كله وكرست نفسها
منهم ،يتجولون هنا وهناك،إن هناكً فخرا ومنافسة بين مدن األرض ،وأن "الذين يتكاثرون
وكلما ساروا "عبر شوارع مجهولة ول كنهم يلتصقون بأطراف مدنهم كالطفل بفستان أمه".
وغباء وحنان ،مما يجعل من اسمها تصدح بالضجيج" ،يتذكرون مدينتهم األم بأكثر وفاء
الذي يخرج منهمً
رمزا للوفائية على الوفائية .وأثارت سعادتي ألنني اكتشفت أنني قد ضبطت
السيد كيبلين وهو غافل .هنا وجدت رجاًل ليس مصنوًعا من التراب؛ إنه ليس لديه فخر
ضيق بمكان والدته أو بلده ،وإذا تباهى ،سيتباهى بكوكبه المستدير بأكمله ضد المريخيين
وسكان القمر.
اندلعت المحادثة حول هذه المواضيع من إيه .رشمور كوجالن بسبب الركن الثالث على
طاولتنا.وأثناء ما كان إ .رشمور كوغالن يتحدث لي عن تضاريس السكك الحديدية
السيبيرية ،دخلت الفرقة إلى مزيج موسيقي .والجزء األخير كان "ديكسي" ،وبينما تندفع
النغمات المنشطة خارً جا ،تعمل تصفيًقا كبيرا من معظم الطاوالت تقريًبا على إغماضها. ً
وتستحق هذه المشهد الملحوظ فقرة للقول إنه يمكن مشاهدته كل مساء في العديد من المقاهي
في مدينة نيويورك .تم استهالك أطنان من المشروبات على مر السنين من أجل تفسيره.
بعضهم قد تحدث بسرعة بأن جميع الجنوبيين في المدينة يتجهون إلى المقاهي عند غروب
الشمس .يثير هذا التصفيق لنغمة الـ "ديكسي" في مدينة شمالية البعض من الدهشة ،ولكنه
ليسً أمرا غير قابل للحل .الحرب مع إسبانيا ،والمحاصيل الوفيرة لسنوات من النعناع
والبطيخ ،والفائزين بالرهانات البعيدة في مضمار سباق نيو أورليانز ،والوالئم الرائعة التي
تقدمها المواطنون من إنديانا وكانساس الذين يشكلون جمعية نورث كاروالينا ،جعلت من
الجنوب نوًعا من الهوس في مانهاتن .ستقول لك منتجة األظافر بلطف أن أصبعك السبابي
ولكنالعديدمنالسيداتاأليسر يذكرهاً
ولكن العديد من كثيرا بأصبع رجل في ريتشموند ،فرجينيا .بالطبع،
يجب أن يعملن اآلن -تعرف ،الحرب ،تعرفون.
عندما بدأت أغنية "ديكسي" ُتعزف ،قفز شاب ذو شعر داكن من مكان مجهول بصرخة
حربية على طريقة موسبي وهو يرفع قبعته ذات الحافة الناعمة بجنون .ثم تجول في وسط
الدخان ،وجلس على الكرسي الشاغر في طاولتنا وأخرج سجائر.
10 هنري 100-قصة مختارة
كان المساء في فترة التواصل االجتماعي ،عندما يتالشى التحفظ .أحدنا طلب ثالث أكواب
من بيرة "فيرتسبور غر" من النادل؛ فأبدى الشاب ذو الشعر الداكن انضمامه للطلب من
ً
سؤاال ألنني أردت تجربة نظريتي. خالل ابتسامة وإيماءة برأسه .سرعت ألسأله
"عفوا" ،قال" ،لكن هذا سؤال ال أحب أن ُيطرح أبًدا .ما الذي يهم أين يأتي اإلنسان منه؟
ً
هل من العدل أن نحكم على اإلنسان بعنوان عنوان بريده البريدي؟ لقد رأيت كنتاكيين
يكرهون الويسكي ،وفيرجينيين لم ينحدروا من بوكاهونتاس ،وإنديانيين لم يكتبوا رواية،
ومكسيكيين لم يرتدوا ً سرواال من القماش الفاخر مزيًنا بدوالرات فضية مخيطة على
الخياطة ،وإنجليزيين مضحكين ،ويانكيز مبذرين ،وجنوبيين باردي الدم ،وغربيين ذوي
أفق ضيق ،ونيويوركيين مشغولين جًدا ليتوقفوا لساعة في الشارع لمشاهدة كاتب بقال ذو
ذراع واحد يعّبئ توت الكرنب في أكياس ورقية .دع اإلنسان يكون إنساًنا وال ُتعاقبه بتصنيفه
ضمن أي منطقة".
"عذرا لي" ،قلت" ،ولكن فضولي لم يكن عبثًيا تماً ما .أعرف الجنوب ،وعندما يعزف الفرقة
ً
"ديكسي" ،أحب أن أراقب .لقد شكلت اعتقاًدا بأن الرجل الذي يصفق لهذه األغنية بعنف
خاص ووالء منطقي قطعي هو بالتأكيد من سكان سيكاكوس ،نيو جيرسي ،أو من منطقة
بين مري هيل اليسيوم ونهر هارلم في هذه المدينة .كنت على وشك أن أختبر رأيي من
خالل السؤال من هذا السيد عندما تدخلت مع نظريتك الخاصة -األكبر ،يجب أن أعترف".
ثم تحدث الشاب ذو الشعر الداكن إلي ،وأصبح من الواضح أن عقله يتحرك أيًضا على
أسسه الخاصة.
"أود أن أكون زهرة بحرية" ،قال بسرية" ،على قمة واٍد ،وأن أغني تو-رالو-رالو ".وكان
ذلك واضً حا جًدا ،لذلك توجهت مرة أخرى إلى كوغالن" .لقد طافت عيني العالم اثنتي
عشرة مرة" ،قال" ،أعرف إسكيمو في أوبرنافيك الذي يرسل إلى سينسيناتي لشراء ربطات
عنقه ،ورأيت راعي ماعز في أوروغواي فاز بجائزة في منافسة ألغاز إفطار باتل كريك".
أدفع إيجارا على غرفة في القاهرة ،مصر ،وأخرى في يوكوهاما طوال السنة .لدي حذاء ً
متوقع لي في مقهى في شنغهاي ،وال يجب علي أن أخبرهم كيفية طهي بيضي في ريو دي
جانيرو أو سياتل .إنه عالم قديم صغير .ما فائدة التفاخر بأنك من الشمال أو الجنوب أو
القصر القديم في الوادي ،أو طريق يوكليد في كليفالند ،أو قمة بايك ،أو مقاطعة فيرفاكس
في فرجينيا ،أو سهول هوليجان ،أو أي مكان؟ سيكون العالم أفضل عندما نتوقف عن أن
هنري 100-قصة مختارة 11
نكون أغبياء حول مدينة متعفنة أو عشرة فدادين من أراضي مستنقعية فقط ألنناُ ولدنا
هناك".
"يبدو أنك متسموا حًقا بروح عالمية" ،قلت بإعجاب" .لكن يبدو أيًضا أنك ستنقد الوطنية".
"بقايا عصر الحجر" ،أعلن كوغالن بحماس" .نحن جميً عا إخوة -الصينيون واإلنجليز
والزولو والباتاغونيين ،وسكان منعطف نهر كاو .سيأتي يوً ما ُتمحى فيه كل هذه الفخر
البسيط بمدينتك أو واليتك أو منطقتك أو بلدك ،وسنصبح جميًعا مواطنين للعالم ،كما ينبغي
لنا أن نكون".
"ولكن أثناء تجوالك في األراضي األجنبية" ،استمررت" ،هل تعود أفكارك إلى مكان ما -
إلى مكان عزيز و "-
"ليس هناك أي مكان" ،تدخل كوغالن بانفعال" .الجزء األرضي الكروي الكوكبي ،الُ مَّ
سطح
قليال على القطبين ،والمعروف باسم األرض ،هو مسكني .لقد التقيت بالعديد من المواطنين ً
المحصورين في هذا البلد في الخارج .لقد رأيت رجاال من شيكاغو يجلسون في قارب في ً
البندقية في ليلة مضيئة بالقمر ويفاخرون بقناة تصريف المياه الخاصة بهم .لقد رأيت رجاًل
من الجنوب بعد تقديمه لملك إنجلترا يمّد د لهذا العاهل ،دون أن يطرق عينيه ،بمعلومات أن
جدته من جهة أمه كانت مرتبطة بزواج بيركينز ،من تشارلستون .كان لدي نيويوركي تم
اختطافه للحصول على فدية من قبل بعض اللصوص في أفغانستان .أرسل أهله المال وعاد
إلى كابول مع الوسيط" .أفغانستان؟" قال له األهالي من خالل مترجم" .حسًنا ،ليست بطيئة
كثيرا ،أليس كذلك؟" "أوه ،ال أعلم" ،قال هو ،وبدأ يخبرهم عن سائق سيارة أجرة في الجادة
ً
السادسة وبرودواي .هذه األفكار ال تناسبني .لست مقيًدا بأي شيء ال يزيد قطره عن 8000
ميل .فقط ضعني كـ إيه .رشمور كوغالن ،مواطن كوكبي'.
صاماخاللالضجيجوالدخانودعني رفيق العالمية الكبير وتركني ،ألنه اعتقد أنه رأى شخً
ص ا ما خالل الض جيج
يعرفه .لذلك تركت مع البريوينكل المتطلع ،الذي تقلصت قدرته على التعبير عن تطلعاته
للجلوس ،وهو موسيقي ،على قمة واد.
جلست وأنا أفكر في مواطن العالم الواضح لدي وتساءلت عن كيفية تفوق الشاعر الكتشافه.
كان هو اكتشافي و القاهرة ،مصر ،وأخرى في يوكوهاما طوال السنة .لدي حذاء متوقع لي
في مقهى في شنغهاي ،وال يجب علي أن أخبرهم كيفية طهي بيضي في ريو دي جانيرو
أو سياتل .إنه عالم قديم صغير .ما فائدة التفاخر بأنك من الشمال أو الجنوب أو القصر القديم
في الوادي ،أو طريق يوكليد في كليفالند ،أو قمة بايك ،أو مقاطعة فيرفاكس في فرجينيا،
أو سهول هوليجان ،أو أي مكان؟ سيكون العالم أفضل عندما نتوقف عن أن نكون أغبياء
حول مدينة متعفنة أو عشرة فدادين من أراضي مستنقعية فقط ألنناُ ولدنا هناك".
12 هنري 100-قصة مختارة
"يبدو أنك متسموا حًقا بروح عالمية" ،قلت بإعجاب" .لكن يبدو أيًضا أنك ستنقد الوطنية".
"بقايا عصر الحجر" ،أعلن كوغالن بحماس" .نحن جميًعا إخوة -الصينيون واإلنجليز
والزولو والباتاغونيين ،وسكان منعطف نهر كاو .سيأتي يوً ما ُتمحى فيه كل هذه الفخر
البسيط بمدينتك أو واليتك أو منطقتك أو بلدك ،وسنصبح جميً عا مواطنين للعالم ،كما ينبغي
لنا أن نكون".
"ولكن أثناء تجوالك في األراضي األجنبية" ،استمررت" ،هل تعود أفكارك إلى مكان ما -
إلى مكان عزيز و "-
"ليس هناك أي مكان" ،تدخل كوغالن بانفعال" .الجزء األرضي الكروي الكوكبي ،الُ مَّ
سطح
قليال على القطبين ،والمعروف باسم األرض ،هو مسكني .لقد التقيت بالعديد من المواطنين ً
المحصورين في هذا البلد في الخارج .لقد رأيت رجاال من شيكاغو يجلسون في قارب في ً
البندقية في ليلة مضيئة بالقمر ويفاخرون بقناة تصريف المياه الخاصة بهم .لقد رأيت رجاًل
من الجنوب بعد تقديمه لملك إنجلترا يمّد د لهذا العاهل ،دون أن يطرق عينيه ،بمعلومات أن
جدته من جهة أمه كانت مرتبطة بزواج بيركينز ،من تشارلستون .كان لدي نيويوركي تم
اختطافه للحصول على فدية من قبل بعض اللصوص في أفغانستان .أرسل أهله المال وعاد
إلى كابول مع الوسيط" .أفغانستان؟" قال له األهالي من خالل مترجم" .حسًنا ،ليست بطيئة
كثيرا ،أليس كذلك؟" "أوه ،ال أعلم" ،قال هو ،وبدأ يخبرهم عن سائق سيارة أجرة في الجادة
ً
السادسة وبرودواي .هذه األفكار ال تناسبني .لست مقيًدا بأي شيء ال يزيد قطره عن 8000
ميل .فقط ضعني كـ إيه .رشمور كوغالن ،مواطن كوكبي'.
صاماخاللالضجيجوالدخانودعني رفيق العالمية الكبير وتركني ،ألنه اعتقد أنه رأى شخً
ص ا ما خالل الض جيج
يعرفه .لذلك تركت مع البريوينكل المتطلع ،الذي تقلصت قدرته على التعبير عن تطلعاته
للجلوس ،وهو موسيقي ،على قمة واد.
جلست وأنا أفكر في مواطن العالم الواضح لدي وتساءلت عن كيفية تفوق الشاعر الكتشافه.
كان هو اكتشافي و أنا كنت مؤمًنا به .كيف كان ذلك؟ 'الرجال الذين يتكاثرون منهم،
يتاجرون ذهاًبا وإياًبا ،ولكنهم يتمسكون بحوافر مدنهم كطفل يتشبث بفستان والدته'.
ليس كذلك بالنسبة لـ إيه .رشمور كوغالن .كان له العالم بأسره -
تم تعطيل تأمالتي بضجيج هائل ونزاع في جزء آخر من المقهى .رأيت فوق رؤوس الزبائن
الجالسين إيه .رشمور كوغالن وشخص آخر لم أعرفه يشتبكان في معركة رهيبة .قاتلوا
بين الطاوالت كالتيتان ،وتحطمت النظارات ،وسقط الرجال قبعاتهم وتعرضوا للضرب،
وصاحت امرأة سمراء ،وبدأت امرأة شقراء في الغناء "تيزينج".
هنري 100-قصة مختارة 13
كان مواطني العالم يحتفظ بكرامة وسمعة األرض عندما تقدم الجرسونات على شكل زحف
طائر معروف وأخرجوهما خارً جا ما زالوا يقاومون.
'الرجل ذو الربطة الحمراء' (هذا كان مواطن العالم لدي) ،قال لي' ،غضب بسبب األمور
التي قيلت عن الرصيف السيء وإمدادات المياه في المكان الذي جاء منه بسبب الرجل
اآلخر'.
'لماذا' ،قلت بحيرة' ،ذلك الرجل هو مواطن للعالم -عالمي .إنه '-
'كانه أصاًل من ماتاوامكيج ،ماين' ،واصل مكارثي' ،ولن يتحمل أي انتقادات عن المكان'.
III
بين الجوالت
بدا القمر في شهر مايو بإشراقه الساطع على منزل السيدة ميرفي الخاص باإلقامة .بالرجوع
إلى التقويم ستكتشف مساحة كبيرة من األراضي التي سقطت عليها أشعته أيًض ا .كان الربيع
في عزه ،وكان موسم الحمى القشعرية على وشك القدوم .كانت الحدائق خضراء بأوراقها
الجديدة وكان هناك مشترين للتجارة في الغرب والجنوب .كانت الزهور ووكالء منتجعات
الصيف تتفتح ،والهواء واإلجابات على الوسون كانت تصبح أكثر لطًفا ،وأصوات آالت
العزف ،والنوافير ،ولعبة البينوكل كانت تعزف في كل مكان.
كانت نوافذ منزل السيدة ميرفي إللقامة مفتوحة .كانت مجموعة من المستأجرين يجلسون
على الشرفة العالية على سجادات دائرية ومسطحة تشبه الفطائر األلمانية.
في إحدى نوافذ الطابق الثاني من الجهة األمامية ،كانت السيدة مكاسكي.
انتظرت زوجها .كان العشاء يبرد على الطاولة ،حيث ذهبت حرارته إلى السيدة مكاسكي.
عند الساعة التاسعة جاء السيد مكاسكي .كان يحمل معاطفه على ذراعه والسيجارة في
أسنانه ،واعتذر للمستأجرين الذين كانوا على الدرج عن اإلزعاج أثناء اختياره لبقع الحجر
بينهم لوضع حجمه 9بعرض د .
عندما فتح باب غرفته ،تلقى مفاجأة .بداًل من غطاء المدفأة المعتاد أو مهراوة البطاطس التي
عليه تفاديها ،جاءت الكلمات فقط.
أن تعتذر لشبه القمامة في"سمعتك" ،جاءت البدائل الشفهية ألدوات المطبخ" .يمكنك
ستمشي على عنق زوجتك الشوارع لوضع قدميك الباطنتين على ذيول فساتينهن ،ولكنك
مضى وقت طويل منذ أن مثل حبل المالبس دون حتى "قبلة لقدمي" ،وأنا متأكدة أنه قد
يمكن شراؤه بعد أن انفقت تركت أللمور تأخذ مجراها من النافذة ألجلك ،والطعام بارد كما
أجورك في جاليغر كل سبت مساً ء ،وكان رجل الغاز هنا مرتين اليوم".
"امرأة!" قال السيد مكاسكي ،ملقياً معطفه وقبعته على كرسي" ،صوتك يشكل إهانة لشهيتي.
عندما تنتقد األدب تقومين بإزالة الجبس بين الطوب في أسس المجتمع .إنه ليس أكثر من
ممارسة انتقام سيد عندما تسألين رأي السيدات اللواتي يعوقن الطريق لكي تتدخلين بينهن.
هل ستخرجين وجهك البغيض من النافذة وتهتمين بالطعام؟"
انهضت السيدة مكاسكي بثقل وذهبت إلى الموقد .كان هناك شيء في طريقتها يحذر السيد
مكاسكي .عندما انخفضت زوايا فمها فجأة كما يحدث مع الميزان يشير ذلك عادة إلى هبوط
أواني الفخار والقصدير.
"وجه خنزير ،أليس كذلك؟" قالت السيدة مكاسكي وألقت مقالة مليئة باللحم المقدد والشجرة
نحو سيدها .
السيد مكاسكي لم يكن مبتدًئا في الجدل .كان يعرف ما يجب أن يأتي بعد الطبق الرئيسي.
على الطاولة كانت لحمة لحم مشوية من لحم الخنزير ،مزينة بأوراق نبات الشامروك .رد
عليه بذلك ،واستدعى الرد المناسب بنكهة فطيرة الخبز في طبق فخاري .قطعة من جبنة
سويسرية ألقيت بدقة من قبل زوجها أصابت السيدة مكاسكي تحت عين واحدة .عندما ردت
بإبريق قهوة متجه بدقة مليء بسائل ساخن أسود نصف عطري ،يجب أن يكون النزاع قد
انتهى وفًقا أللطباق.
ً
مأكوال بقيمة 50سنًتا .دع البهيميين الرخيصة يعتبرون القهوة ولكن السيد مكاسكي لم يكن
نهاية العشاء ،إن أرادوا ذلك.دعهم يرتكبون هذا الخطأ .كان أذكى بكثير .الصحون باألصابع
لم تكن خارج نطاق تجربته .لم تكن متوفرة في "بنسيون ميرفي"؛ ولكن ما يعادلها كان على
مقر بة .بانتصار ،أرسل وعاء الغسيل المصنوع من الجرانيت نحو رأس خصمه الزوجي.
تجنبت السيدة مكاسكي في الوقت المناسب .أمسكت بمكواة مسطحة ،والتي أملت أن تكون
نوًعا من المشروبات القلبية ،بها آمال في إنهاء النزاع الذوقي .ولكن صرخة عالية وموجعة
من الطابق السفلي جعلتها هي والسيد مكاسكي يتوقفان في نوع من وقف إجباري.
الشرطي كليري واقً فا بأذن واحدة مستدركة ،يستمع في الرصيف عند زاوية المنزل ،كان
"إنهم جون مكاسكي وزوجته يفعلونها مرة أخرى"، إلى دوي أدوات المنزل التي تتحطم.
أصعد وأوقف الضجة .لن أفعل ذلك .إنهم زوجان تأمل الشرطي" .أتساءل هل يجب أن
يستمر طوياًل .بالتأكيد ،سيكون عليهما أن يقترضا متزوجان ،ولديهما قليل من المتعة .لن
مزيًدا من األطباق للمواصلة ".وفي تلك اللحظة توجه الصراخ العالي إلى الطابق السفلي،
هنري 100-قصة مختارة 1
5
مشيرا إلى الخوف أو الضرورة الماسة" .على األرجح القطة" ،قال الشرطي كليري ،وسار
ً
بسرعة في اتجاه آخر.
المستأجرون على الدرج اضطربوا .السيد تومي ،وهو مسوق تأمين من مواليد المهنة
ومحقق من مهنة ،دخل لتحليل الصراخ .عاد باألخبار بأن طفل ميرفي الصغير مايك ُف ِ قَد .
بعد المرسل ،خرجت السيدة ميرفي -وهي تحمل معها مائتي رطل من الدموع والهستيريا،
متعلقة بالهواء وتصرخ نحو السماء لفقدان ثالثين ن
ل ً
انتقالم
انتقا رطال من النمش والشقاوة.
التأثير العميق ،بالتأكيد؛ ولكن السيد تومي جلس بجوار السيدة بيردي ،صانعة قبعات،
وتوأمت أيديهما بتعاطف .التوأمتان العانس ،السيدتان والشيء المشتكيتان دائً ما من الضجة
فورا إذا كان أي شخص قد نظر وراء الساعة.في القاعات ،سألتاً
الكابتن غريج ،الذي جلس بجوار زوجته البدينة على الدرج العلوي ،قام وأغلق معطفه" .تم
فقد الصغير؟" صاح" .سأفتش في المدينة ".لم تسمح له زوجته أبًدا بالخروج بعد الغروب.
ولكنها اآلن قالت" :اذهب ،لودوفيك!" بصوت باريتوني" .من يستطيع أن ينظر إلى حزن
تلك األم دون أن يتدفق لمساعدتها لديه قلب من حجر" ".أعطني حوالي ثالثين أو -ستين
سنًتا ،يا حبيبتي" ،قال الكابتن" .األطفال الضائعين أحياًنا يتجولون بعيًدا .قد أحتاج لتذاكر
القطار
".
الرجل العجوز ديني ،الذي كان يجلس في غرفة القاعة بالطابق الرابع في الخلف ،والذي
كان يحاول قراءة صحيفة بجوار مصباح الشارع ،انتقل إلى الصفحة التالية لمتابعة المقال
عن إضراب النجارين .صاحت السيدة ميرفي نحو القمر" :أوه ،مايك ،من فضلك ،أين
ذهبت صغيري؟"
"متى رأيته آخر مرة؟" سأل الرجل العجوز ديني ،مع عين واحدة على تقرير اتحاد
الصناعات البنائية.
"أوه "،صرخت السيدة ميرفي" ،كان أمس ،أو ربما منذ أربع ساعات! ال أعرف .ولكنه
ُف ِ قَد ،صغيري مايك .كان يلعب على الرصيف صباح اليوم فقط -أو كان يوم األربعاء؟ أنا
مشغولة جًدا بالعمل حتى يصعب علي االحتفاظ بالتواريخ .لكنني فحصت المنزل من األعلى
حتى القبو ،وُف ِ قَد .أوه ،من أجل حب الجنة " -
صامتة ،قوية ،ضخمة ،وقفت المدينة الكبيرة دائً ما ضد منتقديها .يطلقون عليها أنها صلبة
كالحديد؛ يقولون إنه ال نبض للشفقة ينبض في صدرها؛ يقارنون شوارعها بالغابات المتخالفة
وصحاري الحمم البركانية .ولكن تحت القشرة الصلبة للكركند يمكن العثور على طعام لذيذ
وشهي .ربما كانت تشبيً ها مختلًفا أحكم .لكن ال أحد يجب أن يأخذ ذلك على محمل الجد .لن
نطلق على أحد لفظة "كركند" إال بوجود مخالب جيدة وكافية.
16 هنري 100-قصة مختارة
ال يوجد كارثة تلمس قلب اإلنسانية المشتركة مثل تاهب طفل صغير .أقدامهم غير مؤكدة
وضعيفة جًدا؛ الطرق وعرة وغريبة جًدا.
عجل الكابتن غريغز إلى الزاوية ،وصعد الجادة إلى مكان بيلي" .أعطني شراًبا قوًّيا من
الجاوداردي" ،قال للمنادي" .هل رأيت طفل ضائع يبلغ من العمر ست سنوات ،وجهه متسخ
وساقيه معوجتين حول هنا؟"
احتفظ السيد تومي بيد السيدة بيردي على الدرج" .فكر في ذلك الجرو الصغير العزيز"،
قالت السيدة بيردي" ،فقد من جنب أمه
"أليس كذلك؟" وافق السيد تومي ،وهو يضغط على يدها" .قلي إنني سأبدأ وأساعد في
البحث عنهم!"
"ربما" ،قالت السيدة بيردي" ،يجب أن تفعل ذلك .ولكن يا إلهي ،السيد تومي ،أنت مثير
جًدا -ومتهور -ماذا لو حدث لك حادث في حماسك ،ثم ماذا سيحدث "-
قرأ الرجل العجوز ديني عن اتفاق التحكيم ،وبه إصبع واحد على األسطر.
في الطابق الثاني المقابل ،خرج السيد والسيدة مكاسكي من النافذة ليستعيدا نفسيهما .كان
السيد مكاسكي يجمع الشمندر من بين ثيابه باستخدام إصبعه األوسط المعوج ،وزوجته كانت
تمسح عيًنا لم تكن األمالح من لحم الخنزير المشوي قد فيدتها .سمعوا الصياح من األسفل،
وأخرجوا رؤوسهم من النافذة.
"إنه الصغير مايك الذي ُف ِ قَد " ،قالت السيدة مكاسكي بصوت همس" ،المالك الجميل الصغير
الذي يشكل عبً ءا ،الفتى!"
"الصبي الصغير الذي ضاع؟" قال السيد مكاسكي وهو يميل من النافذة.
"حسًنا ،اآلن ،هذا أمر سيء بما فيه الكفاية .األطفال ،يكونون مختلفين .إذا كانت امرأة،
فسأكون مستعًدا ،ألنهم يتركون السالم وراءهم عندما يرحلون".
"جون" ،قالت بشكل مشوق" ،ضاع صبي السيدة ميرفي .إنها مدينة كبيرة جًدا لفقدان األوالد
الصغار .كان عمره ست سنوات .جون ،نفس العمر الذي كان سيكون عليه صبينا الصغير
إذا كان لدينا واحًدا قبل ست سنوات".
هنري 100-قصة مختارة 17
"لكن لو كان لدينا ،جون ،فكر في مدى الحزن الذي سيكون في قلوبنا هذه الليلة ،مع هروب
صبينا الصغير في المدينة وسرقته في أي مكان على اإلطالق".
"تتحدثين بسفاهة" ،قال السيد مكاسكي" .بات سيكون اسمه ،على اسم والدي القديم في
كانتريم".
"أنت تكذب!" قالت السيدة مكاسكي ،بدون غضب" .شقيقي كان يستحق عشرة من أسرة
مكاسكي الوحشية .باسمه سيتم تسمية الصبي ".مالت على حافة النافذة ونظرت إلى الهمس
والزحام أدناه.
"جون" ،قالت السيدة مكاسكي بلطف" ،آسفة ألنني كنت عجولة معك".
"كان عبقرية سريعة ،كما تقولين" ،قال زوجها" ،والخضروات المسرعة والقهوة المشبعة
بالحيوية .إنه ما يمكنك تسميته بالغداء السريع ،وال تقولي كذبة".
جلست السيدة مكاسكي ذراعها داخل ذراع زوجها وأخذت يده الخشنة بين يديها.
"استمعي إلى صراخ ا لسيدة ميرفي الفقيرة" ،قالت" .إنه أمر رهيب أن يتم فقدان صغير
بالمدينة الكبيرة هذه .إذا كان صغيرنا فيالن ،جون ،لكنت سأحطم قلبي".
بصورة محرجة ،سحب السيد مكاسكي يده .لكنه وضعها حول كتفي زوجته القريبتين.
"هذا غباء ،بالطبع" ،قال بصوت عال" ،ولكني سأكون منزعً جا قلياًل أنا أيًضا ،إذا تم
اختطاف -بات أو أي شيء من هذا القبيل .ولكن لم يكن هناك أطفال لنا .أحياًنا كنت قاسًيا
وصعًبا معك ،جودي .انسي ذلك".
مالوا مًعا ،ونظروا إلى الدراما القلبية التي يجري أداؤها أسفلهم.
لطالما جلسوا هكذا .الناس اندفعوا على الرصيف ،يزدحمون ،يسألون ،يمألون الهواء
بالشائعات والتخمينات غير المقنعة .السيدة ميرفي تسير هنا وهناك في وسطهم ،كجبل ناعم
يتدفق عليه شالل مسموع من الدموع .حضر وانصرف الرسل.
"إنه صوت السيدة ميرفي" ،قالت السيدة مكاسكي ،وهي تستمع" .تقول إنها عثرت على
18 هنري 100-قصة مختارة
مايك الصغير نائً ما وراء لفة اللينوليوم القديمة تحت السرير في غرفتها".
نهضت السيدة مكاسكي بثقل ،وتوجهت نحو خزانة األطباق ،وزاويتا فمها تهدالن.
عاد الشرطي كليري حول الزاوية بينما تفرق الحشد .فوجئ ،وقلب أذنه نحو شقة مكاسكي
حيث بدت ضجة الحديد واألواني واألدوات المطبخ الملقاة بقوة كما كانت من قبل .أخرج
الشرطي كليري ساعته.
"بواسطة الثعابين المرحلة!" صاح" .جون مكاسكي وسيدته كانوا يتقاتلون لمدة ساعة وربع
بالتوقيت .يمكن للسيدة أن تعطيه 40باونًدا .قوة لذراعه".
طَّ ي مسن ديني صحيفته واستعجل صعود الساللم أللعلى في الوقت الذي كانت فيه السيدة
ميرفي على وشك إغالق الباب لليلة.
IV
غرفة السقفية
تبدأ السيدة باركر أواًل بعرض لك الصالونين المزدوجين .لن تجرؤ على تقاطعها أثناء
وصفها لمزاياهم وميزات السيد الذي استأجرهما لمدة ثماني سنوات .بعد ذلك ،ستتمكن من
تهتهت إعتراًفا بأنك لست طبيًبا أو طبيب أسنان .كانت طريقة السيدة باركر في التعامل مع
هذا االعتراف بحيث لن تتمكن فيما بعد من الترفيه عن نفس الشعور نحو والديك ،اللذين
تركوا باإلهمال تدريبك في إحدى المهن التي تتناسب مع صالونات السيدة باركر.
بعد ذلك ،ستصعد طابًقا واحًدا من الساللم وستلقي نظرة على الطابق الثاني بسعر 8دوالر.
دوالرا كما كان يدفعه السيد توزنبيري
مقتنًعا بأسلوبها في الطابق الثاني أنها تستحق 12 ً
دائً ما له حتى غادر ليتولى إدارة مزرعة برتقال أخيه في فلوريدا بالقرب من بالم بيتش،
حيث تقضي السيدة ماكنتاير دائً ما فصول الشتاء والتي تملك الغرفة األمامية المزدوجة مع
حمام خاص ،نجحت في التصرف بشكل غير متفهم بأنك تريد شيًئا أرخص من ذلك.
هنري 100-قصة مختارة 1
9
إذا نجوت من ازدراء السيدة باركر ،سيتم أخذك لترى غرفة السيد سكيدر الواسعة في
الطابق الثالث .لم تكن غرفة السيد سكيدر شاغرة .إنه يكتب مسرحيات ويدخن سجائر فيها
طوال اليوم .ولكن تم استدعاء كل من يبحث عن غرفة لزيارة غرفته إللعجاب باللمبريكينز.
بعد كل زيارة ،سيقوم السيد سكيدر ،من الرعب الذي تسببه إمكانية طرده ،بدفع جزء من
إيجاره.
ثم -أوه ،ثم -إذا الزلت تقف على قدم واحدة ويدك الحارة تمسك بالدوالرات الرطبة الثالثة
في جيبك ،وصرخت بصوت مبحوح بفقرك البشع والمذنب ،لن تكون السيدة باركر مرشدك
أبًدا .ستصدر صوًتا عالًيا "كالرا" ،ستظهر لك ظهرها ،وستسير بسرور إلى الطابق السفلي.
ثم ستقوم كالرا ،خادمة اللون ،بمرافقتك عبر السلم المغطى الذي يخدم كالطابق الرابع،
وستريك غرفة السقف الزجاجي .تحتل مساحة 7في 8قدً ما في منتصف القاعة .على
جانبيها خزانة ظالمية أللدوات أو غرفة تخزين.
في الغرفة كانت سرير حديد ومغسلة وكرسي .والرف كان الدرج .بدت جدرانها األربع
عارية تضغط عليك كجوانب عملة نقدية .يدك تالمس حلقك ،وتلتهم الهواء ،تنظر ألعلى
كمن ينظر من األعماق ،وتتنفس مرة أخرى .من خالل زجاج السقف الزجاجي الصغير
كنت ترى مربً عا من االلنهاية الزرقاء.
في يوم من األيام ،جاءت اآلنسة ليسون تبحث عن غرفة .كانت تحمل آلة كتابة مصممة
ليتم حملها من قبل سيدة أكبر بكثير .كانت فتاة صغيرة جًدا ،مع عيون وشعر يستمر في
النمو بعد أن توقفا ،ويبدو دائً ما وكأنهما يقوالن" :يا للهول ،لماذا لم تستمر معنا؟"
أظهرت لها السيدة باركر الصالونين المزدوجين" .في هذه الخزانة" ،قالت" ،يمكن أن
تحتفظ بجسم هيكلي أو بنج أو فحم "-
"ولكنني لست طبيبة وال طبيبة أسنان" ،قالت اآلنسة ليسون بارتجاف.
منحتها السيدة باركر نظرة االعتراض والتعاطف والسخرية والبرودة الثلجية التي كانت
تحتفظ بها ألولئك الذ ين لم يتأهلوا كأطباء أو طبيبات أسنان ،وقادت الطريق إلى الطابق
الثاني.
"ثمانية دوالرات؟" ،قالت اآلنسة ليسون" .يا إلهي! لست هيتي إذا بدا وكأني غبية".
20 هنري 100-قصة مختارة
"أنا مجرد فتاة عاملة فقيرة .أرني شيًئا أعلى وأقل ".قفز السيد سكيدر ورش المشباك بأعقاب
السجائر بسمع الطرقة على بابه.
"عذرا ،السيد سكيدر" ،قالت السيدة باركر ،بابتسامتها الشيطانية على مظهره الشاحب" .لم
ً
أكن أعلم أنك هنا .طلبت من السيدة أن تلقي نظرة على لمبريكينزك".
"إنها جميلة للغاية ألي شيء" ،قالت اآلنسة ليسون ،وهي تبتسم بالطريقة التي يفعلها المالئكة
تما
ًما.
ً
مشغوال جًدا في محو بطلة أحدث مسرحيته (غير بعد أن غادرا ،أصبح السيد سكيدر
المنتجة) ذات الشعر األسود الطويل وإدخال واحدة صغيرة ومشاغبة ذات شعر غامق
ومالمح حيوية.
"سيقفز أنا هيلد على الفور" ،قال السيد سكيدر لنفسه ،وهو يضع قدميه على اللمبريكينز
ويختفي في سحابة دخان تشبه الحبار الجوي.
قريًبا ،تحدث نداء "كالرا!" إلى العالم حالة محفظة اآلنسة ليسون .استولى عليها جني
غامض ،صعد بها إلى درجة ظالمية ،دفعها إلى قبو مع وميض ضوء في قمته ومرتجً فا
الكلمات التهديدية والكابالستية "دوالران!"
كل يوم تذهب اآلنسة ليسون للعمل .في الليل تأتي بأوراق مكتوب عليها وتقوم بعمل نسخ
باستخدام آلة الكتابة .في بعض األحيان ليس لديها عمل في الليل ،وفي هذا الوقت ستجلس
على درج السطح العالي مع المستأجرين اآلخرين.
لم يكن من المقرر أن تكون اآلنسة ليسون ضيفة لغرفة السقف الزجاجي عندما تم رسم
الخطط لخلقها .كانت قلبها مرح ومليء باألفكار الغريبة والرقيقة .في إحدى المرات ،سمحت
للسيد سكيدر بقراءة ثالث فصول من كوميديته العظيمة (غير المنشورة) "إنها ليست مزحة؛
أو ،وريث المترو".
كان هناك احتفال بين السادة المستأجرين عندما يكون آللنسة ليسون وقت للجلوس على
الدرج لساعتين تقريًبا .ولكن اآلنسة لونغنيكر ،الشقراء الطويلة التي تدرس في مدرسة عامة
وتقول "حًقا!" لكل شيء قلته ،تجلس على أعلى الدرج وتنفخ .واآلنسة دورن ،التي تطلق
النار على البط في كوني كل يوم أحد وتعمل في متجر ،تجلس على أسفل الدرج وتنفخ.
تجلس اآلنسة ليسون على الدرج األوسط ،وسرعان ما سيتجمع الرجال حولها.
خصوً صا السيد سكيدر ،الذي قد صورها في عقله بالدور الرئيسي في دراما رومانسية
خاصة (غير معلنة) في الحياة الحقيقية .
هنري 100-قصة مختارة 21
أسألك أن تسمحوا للدراما أن تتوقف بين ما يتجول الجوقة إلى أمام المسرح ويسقط دمعة من
التراجيديا على سمنة السيد هوفر .أعدوا األنابيب لمأساة الشحم ،وبؤس الوزن ،وكارثة
السمنة .لو تم اختبارها ،ربما كان يمكن لفالستاف أن يضفي المزيد من الرومانسية للطن
مقارنة بأضلع روميو التي تمزقت .قد يتنهد العاشق ،لكنه ال يجب أن ينفخ .لرجال الدهون
يتم إحالتهم إلى قطار موموس .عبًثا يدق قلب أصدق قلب فوق حزام بقياس 52بوصة.
ارحل ،هوفر! هوفر ،البالغ من العمر خمسة وأربعين عاً ما ،محمر الوجنتين وغبي ،قد
ينجح في أخذ هيلين نفسها .هوفر ،البالغ من العمر خمسة وأربعين عاً ما ،محمر الوجنتين
وغبي وسمين ،هو طعام للهالك .لم تكن هناك أي فرصة بالنسبة لك ،هوفر.
وبينما جلس مستأجرو غرفة السيدة باركر هكذا في مساء صيفي ،نظرت اآلنسة ليسون إلى
السماء وصرخت بضحكتها الصغيرة:
نظر الجميع إلى أعلى -بعضهم إلى نوافذ ناطحات السحاب ،وبعضهم يبحثون عن طائرة
هوائية موجهة بواسطة جاكسون.
"إنها تلك النجمة" ،شرحت اآلنسة ليسون ،مشيرة بإصبعها الصغير" .ليس النجمة الكبيرة
التي تومض -النجمة الزرقاء الثابتة بالقرب منها .يمكنني أن أراها كل ليلة من خالل سقفي
الزجاجي .سميتها بيلي جاكسون".
"حسًنا حًقا!" قالت اآلنسة لونغنيكر" .لم أكن أعلم أنك عالم فلك ،اآلنسة ليسون".
"أوه ،نعم" ،قالت النجمة الصغيرة بالنظر إلى نمط أكمامهم المقرر ارتداؤها الخريف المقبل
في المريخ" .
"حسًنا حً قا!" قالت اآلنسة لونغنيكر" .النجمة التي تشيرين إليها هي غاما ،من كوكبة
كاسيوبيا .إنها تقريًبا من الدرجة الثانية ،وعبورها عبر المريديان هو " -
"أوه" ،قال السيد إيفانز الشاب جًدا" ،أعتقد أن اسم بيلي جاكسون هو اسم أفضل بكثير لها.
"نفس الشيء هنا" ،قال السيد هوفر ،وهو يتنفس بصوت عاٍ ل متحدًيا اآلنسة لونغنيكر.
"أعتقد أن اآلنسة ليسون لديها نفس الحق في تسمية النجوم مثل أي من تلك العرافين القدماء".
"هو ال يظهر بشكل جيد من هنا" ،قالت اآلنسة ليسون" .يجب أن تراه من غرفتي .تعلمين
أنه يمكن رؤية النجوم حتى في النهار من قاع بئر .في الليل ،غرفتي تبدو كبئرة منجم فحم،
وتجعل بيلي جاكسون يبدو كمشبك الماس الكبير الذي تثبت به ليلة رداءها".
حدث وقت بعد ذلك عندما لم تحضر اآلنسة ليسون أوراًقا مهمة لتنسيقها في المنزل .وعندما
ذهبت في الصباح ،بداًل من العمل ،ذهبت من مكتب إلى مكتب ودعت قلبها يتساقط في تناثر
رفض بارد تم نقله عبر الفتيان المتكبرين في المكتب .استمر ذلك.
جاء مساء عندما تسلقت اآلنسة ليسون بتعب درج السيدة باركر في الوقت الذي عادت فيه
دائً ما من العشاء في المطعم .ولكنها لم تتناول العشاء.
بمجرد أن دخلت القاعة ،قابلها السيد هوفر واستغل فرصته .سألها أن تتزوجه ،واستقرت
سمنته فوقها كالثلجة الواقعة .تجنبته ،وأمسكت بالدرابزين .حاول أن يمسك بيدها ،ورفعتها
وضربته بضعف في وجهه .خطوة بخطوة ذهبت إلى أعلى ،وجرت نفسها بواسطة
الدرابزين .مرت بجانب باب السيد سكيدر بينما كان يقوم بإضافة الحبر األحمر إلى
توجيهات المسرح في كوميديته (الغير مقبولة) لـ ميرتل ديلورم (اآلنسة ليسون) ،للرقص
بشكل دوراني من الجهة اليسرى إلى جانب الكونت .وصعدت الدرج المفروش بالسجاد
ً أخيرا وفتحت باب غرفة السقف المزجج.
كانت ضعيفة جًدا لتشغيل اللمبة أو لتخليع مالبسها .سقطت على السرير الحديدي ،حيث ال
يمكن أن يتجاوز جسدها الهش الربيع المتآكل .وفي تلك الغرفة الداكنة ،رفعت جفنيها الثقيلين
ببطء وابتسمت .فكان بيلي جاكسون يضيء عليها ،هادًئا ومشرًقا وثابًتا من خالل السقف
المزجج .لم يكن هناك عالم حولها .كانت غارقة في حفرة من الظالم ،مع تلك المربع
الصغير من الضوء الباهت ُيحدد النجم الذي سمته بشكل غريب وبطريقٍ ة فاشلة .يجب أن
تكون اآلنسة لونغنيكر على حق؛ إنه نجم غاما ،من كوكبة كاسيوبيا ،وليس بيلي جاكسون.
ومع ذلك ،لم تستطع أن تتركه يكون نجم غاما.
وبينما هي مستلقية على ظهرها ،حاولت مرتين أن ترفع ذراعها .في المرة الثالثة ،وصلت
إصبعين نحيلين إلى شفتيها ونفخت قبلة من عمق الحفرة السوداء إلى بيلي جاكسون .سقطت
ذراعها ببالهة.
"وداًعا ،بيلي" ،همست بضعف".أنِ ت ماليين األميالmبعيًدا ولن تلمعي حتى مرة واحدة.
ولكنِك بقيِ ت حيث يمكنني رؤيتِك معظم الوقت هناك على األعلى عندما لم يكن هناك سوى
الظالم للنظر إليه ،أليس كذلك؟ ...ماليين األميال ...وداًعا ،بيلي جاكسون".
فال في العاشرة في اليوم التالي ،وُاضطرت
عثرت كالرا ،الخادمة الملونة ،على البابُ مقً
لفتحه بالقوة .لم تكن الخل وصفع المعصمين وحتى الريش المحترق ذات جدوى ،وركض
شخص ما ليتصل بالهاتف الستدعاء سيارة اإلسعاف.
هنري 100-قصة مختارة 23
في الوقت المناسب ،اقتربت سيارة اإلسعاف من البابُ مصدرة أصوات الجرس العالية،
جاهزا ،نشيً
طا، ونزل الطبيب الشاب والقادر ،في معطفه األبيض المصنوع من الكتان، ً
وواثًقا ،ووجهه الناعم نصفه بجاذبية ونصفه بعبوسية ،وارتقى الدرجات بسرور.
"آه نعم ،دكتور" ،شمتت السيدة باركر ،كما لو أن مشكلتها كانت أكبر من مشكلة وجود
مشكلة في المنزل" .ال يمكنني التفكير في ما يمكن أن يكون المشكلة معها .لم يكن هناك
شيء يمكن فعله إلحضارها إلى وعيها .إنها سيدة شابة ،آه ،اآلن آه ،إيلسي ليسون .لم يحدث
من قبل في منزلي " -
"ما هي الغرفة؟" صاح الطبيب بصوت مرعب ،وهو صوت لم تكن السيدة باركر معتادة
عليه.
يبدو أن طبيب اإلسعاف كان على دراية بموقع الغرف السقفية .لقد ذهب إلى األعلى على
الدرج ،أربع خطوات في كل مرة .تبعته السيدة باركر ببطء ،كما تقتضي كرامتها.
في الهبوط األول التقت به وهو يعود يحمل الفلكي في ذراعيه .توقف وفضح لسانه الماهر،
وليس بصوت عاٍ ل .تدحرجت السيدة باركر تدريجًيا كقماشة صلبة تنزل من مكانها على
الجدار .بقيت ثنايا في ذهنها وجسدها بعد ذلك .أحياًنا كان غرفتها المتسائلين الفضوليين
يسألونها عما قاله الطبيب لها.
"اترك ذلك يكون" ،ستجيب" .إذا استطعت أن تحصل على مغفرة ألني سمعته فسأكون
راضًيا".
توجه الطبيب من سيارة اإلسعاف بثقله من خالل زحام الفضول الذين يتبعون مطاردة
الفضول ،حتى انكمشوا على جانب الرصيف ،لوجهه كان وكأنه شخص يحمل موتاه
الخاصة.
لوحظ أنه لم يضع الجثة التي كان يحملها على السرير المعد لها في سيارة اإلسعاف ،وكان
كل ما قاله هو" :قود بسرعة ،ويلسون" للسائق.
صغيرا ،والجملة
خبرا ً
هذا كل شيء .هل هو قصة؟ في صحيفة الصباح التالية ،شاهدتً
األخيرة فيها قد تساعدك (كما ساعدتني) على ربط األحداث مً عا.
بالقول" :الدكتور وليام جاكسون ،طبيب اإلسعاف الذي راجع الحالة ،يقول أن المريضة
ستتعافى".
V
خدمة الحب
عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو أي عمل خدمي صعًبا .هذا هو فرضيتنا .سيقوم هذا القصة
باستخالص استنتاج منها ،وسيظهر في الوقت نفسه أن الفرضية غير صحيحة .سيكون ذلك
وإنجازا في سرد القصص أقدمً
قليال من سور الصين العظيم. أمرا جديًدا في المنطق، ً
ً
جو الرابي خرج من المناطق الوسطى في الغرب األوسط مع إلهام لفن الرسم .في سن
الست سنوات رسم صورة لمضخة المدينة مع مواطن بارز يمر بها بسرعة .تم وضع هذا
الجهد في إطار وتعليقه في نافذة صيدلية بجانب إذن الذرة ذات عدد غير متساوي من
الصفوف .في العشرينات غادر إلى نيويورك مرتدياً ربطة عنق فاخرة ورأسمال مقيد بشكل
أقوى قلياًل .
قامت ديليا كاروثرز بأداء أشياء في ستة أوكتافات بواعد واعدة في قرية صغيرة تحت
أشجار الصنوبر في الجنوب ،حتى قام أقاربها بتقديم مساهمات كافية في قبعتها المزخرفة
لكي تذهب "شمااًل " وتكمل تعليمها .لم يستطيعوا رؤية جمالها ،ولكن هذه هي قصتنا.
التقى جو وديليا في أتيليه حيث اجتمع عدد من طالب الفن والموسيقى لمناقشة اإلضاءة
وفاغنر والموسيقى وأعمال ريمبراندت وصور والدتوفل وورق الحائط وشوبان وأولونج.
أصبح جو وديليا مغرمين ببعضهما البعض ،أو بكل منهما على حدة ،حسبما تفضل ،وفي
وقت قصير تزوجا -ألنه (انظر أعاله) ،عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو أي عمل خدمي
صعًبا .بدأ السيد والسيدة الرابي بإقامة منزلية في شقة .كانت شقة وحيدة -شيء ما يشبه
المالحظة الصوتية للميز الشارب في أسفل الطرف األيسر من لوحة المفاتيح .وكانوا سعداء؛
ألن لديهم فنهم وكانوا لبعضهم .ونصيحتي للشاب الثري ستكون -بيع كل ما تمتلكه وامنحه
للفقراء -لمراقب المبنى مقابل امتياز العيش في شقة مع فنك وديليا.
إذا كان المنزل سعيًدا ،فإنه ال يمكن أن يكون ضيً قا جًدا -دع الخزانة تنهار وتتحول إلى
طاولة البلياردو؛ دع المدفأة تتحول إلى آلة تجديف ،والمكتب إلى غرفة نوم احتياطية،
ومغسلة اليدين إلى بيانو عمودي؛ دع الجدران األربعة تتقارب إذا أرادت ذلك ،حتى تكون
أنت وديليا بينهما .ولكن إذا كان المنزل من نوع آخر ،دعه يكون واسً عا وطوياًل -ادخل
من بوابة الذهب ،وعلق قبعتك في هاتيراس ،ورداءك في رأس الكريوس ،واخرج من خالل
البرادور.
كان جو يرسم في فصل الماجستير العظيم -تعرف شهرته .رسومه مرتفعة ،دروسه خفيفة
-إضاءته العالية قد جلبت له شهرة .كانت ديليا تدرس تحت إشراف روزنستوك -تعرف
سمعته كشخص يشوش على مفاتيح البيانو.
كانوا سعداء للغاية طالما استمرت أموالهم .وهكذا هو الحال مع الجميع -لكنني لن أكون
قادرا قريًبا جًدا
ساخرا .كانت أهدافهم واضحة ومحددة تماً ما .كان من المقرر أن يكون جوً
ً
على إنتاج لوحات يشتريها السادة الكبار ذوو اللحى الرفيعة والمحافظ الممتلئة من بعضهما
البعض في استوديوهاته المتياز شرائها .كان من المقرر أن تصبح ديليا ملمة ثم مستصغرة
للموسيقى ،حتى إذا رأت مقاعد األوركسترا والصناديق لم يباع فيها تعاني من التهاب الحلق
وتتناول اإلربيان وترفض الصعود إلى المسرح.
ولكن في رأيي ،كانت أفضل جزء في الحياة المنزلية في الشقة الصغيرة -الدردشات
الحميمة والنقاشات النشطة بعد الدراسة في نهاية اليوم؛ العشاء المريح وفطور خفيف
ومنعش؛ تبادل الطموحات -طموحات متشابكة إما مع بعضها البعض أو أقل مهمية -
المساعدة واإللهام المتبادل؛ و -اعذرني على بساطتي -الزيتون المحشو وشطائر الجبن
في الحادية عشر مساً ء.
ولكن بعد فترة تراجع اإللهام الفني .هذا يحدث أحياًنا ،حتى إذا لم يقوم أحد بإيقافه .كل شيء
يخرج وال شيء يأتي ،كما يقول العامة .كان هناك نقص في المال لدفع أجور السيد ماجستير
والسيد روزنستوك .عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو أي عمل خدمي صعًبا .لذلك ،قالت
ديليا إنها يجب أن تقدم دروًسا في الموسيقى للحفاظ على القدر.
لمدة يومين أو ثالثة ،خرجت لجمع تالميذ لها .في إحدى الليالي ،عادت إلى البيت مبتهجة.
"جو ،عزيزي" ،قالت بفرح" ،لدي تلميذة .وأوه ،أروع األشخاص! ابنة الجنرال -الجنرال
إيه بينكني -على شارع الحادية والسبعين .منزل رائع ،جو -يجب أن ترى الباب األمامي!
أر شيًئا مثله من قبل.
يمكنك أن تسميه بيزنطًيا .والداخل! أوه ،جو ،لمَ
"تلميذتي هي ابنة الجنرال كليمنتينا .أنا أحبها جًدا بالفعل .إنها شيء رقيق -ترتدي دائً ما
اللون األبيض .وأسلوبها اللطيف والبسيط!"
26 هنري 100-قصة مختارة
لم تبلغ سوى الثامنة عشرة من العمر .سأقدم ثالث دروس في األسبوع؛ وتخيل ،جو! 5
دوالر للدرس .ال يمانعني ذلك قلياًل ؛ ألنه عندما أحصل على تالميذ إضافيين أو ثالثة،
يمكنني استئناف دروسي مع السيد روزنستوك .اآلن ،قومي بتمتين تلك التجاعيد بين
حاجبيك ،عزيزي ،ولنتناول عشاً ء لطيًفا.
"هذا كل شيء على ما يرام بالنسبة لك ،ديليا" ،قال جو مهاجً ما علبة البازالء بسكين النحت
والفأس" ،ولكن ماذا عني؟ أتظن أنني سأسمح لك بالكدح من أجل األجور بينما أنا أتالعب
في عوالم الفن العالي؟ ال ،بأعظم عظام بينفنوتو تشيليني! أعتقد أنني يمكنني بيع الصحف
أو وضع الرصف ،وجلب دوالرين أو اثنين".
"جو ،عزيزي ،أنت سخيف .يجب أن تستمر في دراستك .ليس كما لو قد توقفت موسيقاي
وبدأت في العمل في شيء آخر .بينما أقدم الدروس ،أتعلم .أنا دائماً مع موسيقاي .ويمكننا
أن نعيش بسعادة مثل المليونيرات بـ 15دوالر في األسبوع .ال يجب أن تفكر في ترك السيد
ماجستير".
"حسًنا" ،قال جو ممًدا يده لصحن الخضروات المجوف باللون األزرق" .لكني أكره أن
ً
وعزيزا في القيام ت تلعبين دوراً رائًعا
تقومي بإعطاء الدروس .ليس هذا فًنا .ولكنك أنِ
بذلك".
"عندما يحب اإلنسان فنه ،ال يبدو أي عمل خدمي صعًبا" ،قالت ديليا.
ثنى الماجستير على السماء في تلك الرسمة التي قمت بها في الحديقة "،قال جو" .ومنحني
تينكل إذًنا بتعليق واحدتين منها في نافذته .قد أبيع واحدة إذا رأى النوع المناسب من الغباء
المالي إياها".
"أنا واثقة أنك ستفعل ذلك" ،قالت ديليا بلطف" .واآلن دعونا نشكر الجنرال بينكني وهذا
لحم العجل المحمر".
في نهاية األسبوع ،قامت ديليا بإلقاء ثالثة فواتير بقيمة خمسة دوالرات على الطاولة
المركزية لمقاس 10 × 8بوصة في غرفة االستقبال بالشقة المقاسة 10 × 8قدً ما.
"في بعض األحيان " ،قالت بتعب طفيف" ،تجعلني كليمنتينا متعبة .أخشى أنها ال تمارس
كثيرا .وثم ترتدي دائً ما اللون األبيض تماً ما،
بما فيه الكفاية ،ويجب أن أخبرها بنفس األشياءً
وهذا يصبحً ممال .لكن الجنرال بينكني رجل قدير رائع! كنت أتمنى لو كنت تعرفه ،جو".
أحياًنا يأتي وقت يكون جنرال بينكني معنا عندما أكون مع كليمنتينا على البيانو -هو أرمل،
تعرف -ويقف هناك يجر أذناب شاربه األبيض" .وكيف تسير النغمات النصفية والنصفية
النصفية؟" يسأل دائً ما.
"أتمنى لو تستطيع رؤية الجدران الخشبية في غرفة الرسم تلك ،جو! وتلك الستائر
المصنوعة من سجادة األستراخان .وكليمنتينا لديها سعال صغير غريب .آمل أن تكون أقوى
وزيرا
مما تبدو عليه .حًقا ،أصبحت معتزة بها ،إنها لطيفة وأصيلة .أخو جنرال بينكني كان ً
لبوليفيا مرة واحدة".
وبعد ذلك ،بمظهر من مونت كريستو ،أخرج جو عشرة وخمسة واثنين وواحد -جميعها
ورقات نقدية قانونية -ووضعها بجانب أرباح ديليا.
"باعت ذلك اللوحة المائية للمعلم لرجل من بيوريا" ،أعلن بكل حماسة.
"أنا مسرورة ألنك استمريت" ،قالت ديليا بحماسة" .أنت متأكد من الفوز ،عزيزي .ثالثة
دوالرا! لم نكن نمتلك هذا المبلغ من المال من قبل .سنتناول المحار الليلة".
وثالثون ً
"كليمنتينا" ،شرحت" ،أصرت على تناول رابيت ويلش بعد درسها .إنها فتاة غريبة .رابيت
ويلش في الخامسة مساً ء .الجنرال كان هناك .يجب أن تكون قد رأيته يركض للحصول
على صينية الطهي ،جو ،تماً ما كما لو لم يكن هناك خادم في البيت .أعلم أن كليمنتينا ليست
في صحة جيدة؛ إنها عصبية جًدا .عندما خدمت الرابيت ،أسكبت الكثير منها الساخنة جًدا
فوق يدي ومعصمي .كان األمر مؤلً ما جًدا ،جو .وكانت الفتاة العزيزة آسفة جًدا! ولكن
الجنرال بينكني! -جو ،تقريًبا ذهب هذا الرجل العجوز إلى الجنون .ركض إلى األسفل
صا"
وأرسل شخً
"إنه شيء ناعم" ،قالت ديليا" ،كان عليه زيت .أوه ،جو ،هل باعت لوحة أخرى؟" لقد رأت
المال على الطاولة.
"هل فعلت ذلك؟" قال جو" .استفسري من الرجل من بيوريا .حصل على محطته اليوم،
وهو غير متأكد ولكنه يعتقد أنه يرغب في لوحة من المتنزهات ورؤية لنهر هدسون .في
أي وقت من بعد ظهر اليوم أصبتي بحروق يدك ،ديلي؟"
"الساعة الخامسة ،أعتقد" ،قالت ديلي بأسلوب مؤلم" .الحديد -أقصد الرابيت -خرج من
النار حوالي تلك الساعة .يجب أن تكون قد رأيت جنرال بينكني ،جو ،عندما " -
"اجلسي هنا للحظة ،ديليا" ،قال جو .جذبها إلى الكوتش ،جلس بجانبها ووضع ذراعه حول
كتفيها" .ماذا كنت تفعلين خالل األسبوعين الماضيين ،ديلي؟" سألها.
لم تستمر للحظة أو لحظتين مع عين مليئة بالحب والعناد ،وهمرت ببعض العبارات بشكل
غامض عن جنرال بينكني؛ ولكن بعد ذلك انخفضت رأسها وخرجت الحقيقة والدموع.
"لم أتمكن من الحصول على أي تالميذ" ،اعترفت" .ولم أتحمل أن تتوقف عن دروسك؛
فحصلت على وظيفة ككوي القمصان في غسيل األموال الكبير في شارع الرابع
هنري 100-قصة مختارة 29
والعشرين .وأعتقد أنني قمت بعمل جيد جًدا عندما قمت بتخيل جنرال بينكني وكليمنتينا،
أليس كذلك ،جو؟ وعندما وضعت فتاة في مكان الغسيل مكواة ساخنة على يدي هذا المساء،
كنت طريقي كل الطريق من العودة إلى المنزل وأنا أختلق تلك القصة عن الرابيت الويلزي.
ألست غاضًبا ،جو؟ وإذا لم أكن قد حصلت على العمل ،ربما لم تكن قد باعت لوحاتك لذلك
الرجل من بيوريا".
"لم يكن من بيوريا" ،قال جو ببطء.
"حسًنا ،ال يهم من أين كان .كم أنت ذكي ،جو -و -قبلني ،جو -وما الذي جعلك تشك في
أنني ال أعطي دروس موسيقى لكليمنتينا؟"
"لم أشك" ،قال جو" ،حتى الليلة .ولم أكن سأفعل ذلك حتى ،لكنني أرسلت هذا القطن والزيت
من غرفة المحرك هذا المساء لفتاة في الطابق العلوي تعرضت يدها للحروق من مكواة
التجعيد .لقد قمت بتشغيل المحرك في تلك الغسيل خالل األسبوعين الماضيين".
ولكن ديليا أوقفته بيدها على شفتيه" .ال" ،قالت " -فقط " عندما يحب المرء".
VI
ظهور ماجي
في كل ليلة سبت ،كان نادي "البرسيم األخضر االجتماعي" يقيم حفاًل راقصاً في قاعة
"جيف آند تيك الرياضي" في الجهة الشرقية .من أجل حضور إحدى هذه الرقصات ،يجب
عضوا في "جيف آند تيك" ،أو إذا كنت تنتمي إلى القسم الذي يبدأ بالقدم اليمنى
أن تكون ً
في الرقص الفالس ،فيجب أن تعمل في مصنع صناديق ورق "راينجولد" .ومع ذلك ،كان
أي عضو في "البرسيم األخضر" ً مخوال بمرافقة أو مرافقة شخص خارجي إلى رقصة
واحدة .ولكن في الغالب ،كل عضو في "جيف آند تيك" كان يأتي مع فتاة من مصنع صناديق
30 هنري 100-قصة مختارة
الورق التي يحبها ،وقليلون هم الغرباء الذين يمكنهم أن يفتخروا بأنهم شاركوا في الرقصات
العادية.
العريض وأسلوبها الخاص في الرقص ثنائي الخطوة بالقدم بسبب عيونها المملة وفمها
إلى الرقصات مع آنا مكارتي وصديقها .كانت آنا وماجي اليسرى ،كانت ماجي تول تذهب
وكانوا أعز األصدقاء على اإلطالق .لذا ،كانت آنا دائً ما يعمالن جنًبا إلى جنب في المصنع،
منزل ماجي كل ليلة سبت حتى يمكن لصديقتها أن تذهب تجعل جيمي بيرنز يأخذها أمام
معهما إلى الرقصة.
جمعية "جيف آند تيك الرياضي" عاشت حسب اسمها .تم تجهيز قاعة الجمعية في شارع
أورتشارد باختراعات تعزز من تكوين العضالت .وباستخدام األلياف التي تم تطويرها بهذه
الطريقة ،كان أعضاء الجمعية يشاركون في مواجهات مرحة مع الشرطة والمنظمات
االجتماعية والرياضية المنافسة .وبين هذه األنشطة األكثر جدية ،جاءت حفالت ليلة السبت
مع فتيات مصنع صناديق الورق كعامل تنقية وكواجهة فّ عالة .أحياًنا يمر الخبر ،وإذا كنت
من النخبة التي تصعد بحذاء البالية على الدرج الخلفي المظلم ،قد ترى حادثة خفيفة الوزن
وُ مرضية تقريًبا تحدث داخل الحبال.
في أيام السبتُ ،يغلق مصنع صناديق ورق "راينجولد" في الساعة 3مساً ء .في أحد بعد
الظهرات مثل تلك ،سارت آنا وماجي مً عا في الطريق إلى المنزل .عند باب ماجي ،قالت
آنا كالعادة" :كن جاهزة في السابعة ،تماً ما ماجي؛ وسيأتي جيمي وأنا ألخذِك ".
ولكن ما هذا؟ بداًل من الشكر المتواضع والممتن من الشخص غير المرافق ،كان بإمكانك
أن تالحظ رأًسا مرتفًعا ،وابتسامة فخورة عند زوايا الفم العريض ،وحتى وميًض ا في العين
البنية المملة.
"شكرا ،آنا" ،قالت ماجي" ،لكن ال حاجة لك وال لجيمي أن تتعبوا هذه الليلة .لدي صديق
ً
رجل سيأتي ليصطحبني إلى الحفلة".
انقضت آنا الجميلة على صديقتها ،هزتها ،وعاتبتها وناشدتها .هل يمكن أن تكون ماجي تول
قد جذبت رجاًل ؟ ماجي ،البسيطة ،العزيزة ،المخلصة ،الغير جذابة ،الرائعة كصديقة،والغير
مطلوبة كشريكة في الرقصة ثنائية الخطوة أو في مقعد مضاء بضوء القمر في الحديقة
الصغيرة .كيف حدث ذلك؟ متى حدث؟ ومن هو؟
هنري 100-قصة مختارة 31
"سترون هذا الليلة" ،قالت ماجي ،مشرقة بحماس من أولى ثمار قطفتها في كروم الحب.
"إنه راق وممتاز حًقا .إنه أطول ببوصتين من جيمي ،ولبسه مواكب للموضة .سأقدمه لك،
آنا ،بمجرد أن نصل إلى القاعة".
كانت آنا وجيمي من أوائل أعضاء "البرسيم األخضر" الذين وصلوا في تلك الليلة .كانت
عيون آنا معنية بشكل مشرق بباب القاعة لتلتقط أول لمحة لـ "صيد" صديقتها.
في الساعة ،8:30دخلت اآلنسة تول إلى القاعة مع رفيقها .سريًعا ،اكتشفت عينها
االنتصارية صديقتها تحت جناح جيمي المخلص.
"يا إلهي!" صرخت آنا" ،ماجي لم تنجح بتاًتا -ال ،بالطبع! رفيق رائع؟ حسًنا ،أعتقد ذلك!
أسلوب؟ انظر إليه".
"اذهب إلى أي مدى تريد" ،قال جيمي بصوت يحمل فيه خشونة" .قم بالحصول عليه إذا
كنت تريد ذلك .هؤالء األشخاص الجدد دائً ما ما ينجحون مع الزمالء .ال تهتم بي .أعتقد أنه
ليس هو من يضغط على كل الليمون .ها!"
"استمتع بالصمت ،جيمي .تعلم ما أعنيه .أنا سعيدة من أجل ماجي .أول رجل لديها على
اإلطالق .أوه ،إليهم يأتون".
عبر األرض ،ابحرت ماجي كما يبحر يخٌت على طراز مغري ،يتبعها مدمرة راقية.
وبالفعل ،رفيقها برر إعجاب الصديقة المخلصة به .كان أطول ببوصتين من العبي جيف
آند تيك الرياضي المعتادين؛ شعره الداكن مجعد ،وعينيه وأسنانه تلمعان في كل مرة يمنح
فيها ابتسامته المتكررة.
رجال نادي البرسيم األخضر لم يضعوا ثقتهم في سحر الشكل الخارجي بقدر ما وضعوه
في قوته ،وإنجازاته في الصراعات المباشرة ،ومحافظته على الحرية من القمع القانوني
الذي كان يهدد به باستمرار .العضو في الجمعية الذي يرغب في جلب فتاة من مصنع
صناديق الورق إلى عربته االنتصارية ال يستعين بأساليب بو بروميل .لم ُيعتبر ذلك وسائل
شرفية للحرب .العضالت ِّ المتورمة ،المعطف الذي يجرح أزراره على الصدر ،وهواء
اإلقتناع الواعي بتفوق الذكور في علم الخلق ،وحتى عرض هادئ للساقين المعوجتين
كعوامل مهيمنة وساحرة في المبارزات الرقيقة للحب -كانت هذه هي األسلحة والذخائر
المعتمدة لفرسان "البرسيم األخضر" .لذا شاهدوا تلك االنحناءات والوضعيات الجذابة للزائر
بهذه الزوايا الجديدة لذقنهم.
"صديق لي ،السيد تيري أوسوليفان" ،هذه كانت صيغة ماجي للتعريف .قادته حول
32 هنري 100-قصة مختارة
الغرفة ،قدمته لكل عضو جديد يصل إلى نادي "البرسيم األخضر" .بدت اآلن جميلة تقريًبا،
مع ال تألق الفريد في عينيها الذي يأتي للفتاة مع من يحبها ألول مرة وللقطة صغيرة مع
فأرها األول.
أخيرا" ،هذا هو الكالم الذي انتشر بين فتيات مصنع صناديق الورق.
"ماجي تول لديها رفيق ً
"انظروا إلى زوج ماجي" -هكذا عّبر أعضاء "جيف آند تيك" عن استهانتهم االلمبالية.
عادةً في حفالت الرقص األسبوعية ،كانت ماجي تحتفظ بمكان على الجدار مع ظهرها.
متفان إلى الرقص ،حتى أنها كانت ترى
شعرت وعبرت عن شكر كبير عندما دعاها شريٌك ٍ
أن متعته تضيع وتتناقص .حتى أصبحت معتادة على مالحظة آنا تقرص الحادة جيمي
بكوعها كإشارة له لدعوة صديقتها للمشي فوق قدميه خالل الرقصة ثنائية الخطوة.
اقتحمت الفتيات لتستمد منها مقدمات للتعريف برفيقها .أما شبان "البرسيم األخضر" ،بعد
عامين من العمى ،فقد تمكنوا فجأة من رؤية سحر مس تول .قاموا بثني عضالتهم القوية
أمامها وطلبوها للرقص.
هكذا حققت ماجي نجاً حا .ولكن لتيري أوسوليفان سقطت أوسمة الليلة بكثافة وسرعةّ .
هز
رأسه ،وابتسم وقام بأداء سبعة حركات الكتساب الرشاقة في غرفتك أمام نافذة مفتوحة لمدة
وجوا .كانت كلماته تنزلق
ً ً
طرازا وأسلوًبا عشر دقائق يومًيا .رقص كما لو كان فان ،وقدم
على لسانه بسهولة ،ورقص مرتين على التوالي مع فتاة مصنع صناديق الورق التي جلبها
ديمبسي دونوفان.
ديمبسي كان قائد الجمعية .كان يرتدي بدلة رسمية ،وكان بإمكانه شد العارضة مرتين بيد
واحدة .كان واحًدا من مساعدي "بيج مايك" أوسوليفان ،ولم يتعرض أبًدا للمتاعب .ال يجرؤ
أي شرطي على اعتقاله.
في كل مرة كان يكسر فيها رأس رجل يجري عربة باليدين أو يطلق النار على عضو في
جمعية هاينريك ب .سويني للرحالت واألدب في الركبة ،كان سيأتي ضابط ويقول:
"الكابتن يود أن يراك لبضع دقائق في المكتب عندما تجد الوقت ،ديمبسي ،يا ولدي".
هنري 100-قصة مختارة 33
ولكن هناك كان سيتواجد بعض ا لسادة هناك مع سالسل ذهبية كبيرة وسيجارات سوداء؛
وشخص ما سيقدم قصة مضحكة ،ومن ثم سيعود ديمبسي ويعمل نصف ساعة مع أثقال
أمرا آمًنا للغاية
الدمبل بوزن ستة باوند .لذا ،كان األداء على حبل مشدود عبر نياغارا كانً
مقارنة بالرقص مرتين مع فتاة مصنع صناديق الورق التابعة لديمبسي دونوفان .عند الساعة
العاشرة ،تألق وجه "بيج مايك" أوسوليفان الجولي والمستدير على الباب لمدة خمس دقائق
على الساحة .كان دائً ما يلقي نظرة لمدة خمس دقائق ،يبتسم للفتيات ويقدم سيجارات بيرفكتو
الحقيقية أللوالد المسرورين .كان ديمبسي دونوفان عند جانبه فوً را ،يتحدث بسرعة .نظر
"بيج مايك" بعناية إلى الراقصين ،ابتسم ،وأغلق برأسه وانصرف .توقفت الموسيقى .تشتت
الراقصون إلى الكراسي على طول الجدران .أطلق تيري أوسوليفان ،بإشارته المثيرة ،فتاة
جميلة باللون األزرق لشريكها وعاد للبحث عن ماجي .دخل ديمبسي على الفور في منتصف
األرض وقابله.
كان لدينا غريزة رائعة ورثناها من روما تجعل تقريًبا الجميع يتجهون للنظر إليهما -كان
هناك شعور غامض بأن مصارعين اثنين قد التقيا في الساحة .توجه اثنان أو ثالثة من
أعضاء "جيف آند تيك" ذوي أكمام المعطف الضيقة باتجاههما.
"لحظة ،السيد أوسوليفا ن" ،قال ديمبسي" .آمل أن تستمتع .أين قلت أنك تعيش؟"
كان مصارعا الجالدين متكافئين تماً ما .قد يكون لدى ديمبسي حوالي عشرة باوند من الوزن
ليعطيه .كان أوسوليفان لديه عرض مع سرعة .لديمبسي كان لديه عين جليدية ،وفتحة
سيطرة في الفم ،وفك ال يمكن تدميره ،وبشرة تشبه بشرة الجميلة ،وبرودة بطل .أظهر
ً
وقليال من السيطرة على سخريته البارزة .كانوا أعداً ء الزائر مزيًدا من النار في استهانته
حسب القانون المكتوب عندما كانت الصخور ذات تركيب سائل .كانوا كل واحد منهم
رائعين للغاية ،وقويين للغاية ،وال يمكن مقارنتهما .يجب أن يبقى أحدهم فقط على قيد الحياة.
ي في
"أعيش في شارع جراند" ،قال أوسوليفان بسخرية" .وال توجد مشكلة في العثور علّ
المنزل .أين تعيش أنت؟" تجاهل ديمبسي السؤال.
"أنت تقول إن اسمك أوسوليفان" ،واصل" .حسًنا" ،بيج مايك" يقول أنه لم يرك من قبل".
"كثير من األشياء لم يرها من قبل" ،قال المفضل في الحفلة" .عادًة "،تابع ديمبسي بصوته
الحلو المجهد" ،أوسوليفان في هذه المنطقة يعرفون بعضهم البعض .لقد قمت بمرافقة أحد
أعضاء جمعيتنا السيدات هنا ،ونريد فرصة للتأكد .إذا كان لديك شجرة عائلية ،دعنا نرى
جذورا؟"
بعض فروع أوسوليفان التاريخية تظهر عليها .أم هل تريد منا أن نكشفها منك ً
"لو كنت تريد منا أن نهتم بشؤوننا الخاصة" ،اقترح أوسوليفان بلطف.
34 هنري 100-قصة مختارة
أضاءت عيون ديمبسي .رفع إصبعه المستوحى وكأن فكرة رائعة قد أصابته.
"لقد فهمتها اآلن" ،قال بلطف" .إنها مجرد خطأ صغير .أنت لست أوسوليفان .أنت قرد ذو
عذرا لعدم التعرف عليك في البداية".
ذيل حلقيً .
ومعرفة أوسوليفان ومن جهة ،قام بحركة سريعة ،لكن آندي جيوغهان كان مستعًدا وأمسك
بذراعه.
أومَّقت ديمبسي رأسه إلى آندي ووليام ماكماهان ،أمين نادي الجمعية ،وتوجه بسرعة نحو
باب في الخلف من القاعة .انضم أعضاء آخرين في جمعية "جيف آند تيك" بسرعة إلى
الفريق الصغير .تم اآلن أخذ تيري أوسوليفان بين أيدي لجنة القواعد وحكام االجتماعات
االجتماعية .تحدثوا إليه بإيجاز وبلطف ،وأخذوه خارج الباب نفسه في الخلف.
هذا الحركة من أعضاء "كلوفر ليف" يحتاج إلى توضيح .كان هناك غرفة أصغر خلف
قاعة الجمعية يستأجرونها من قبل النادي .في هذه الغرفةُ ،تحل المشكالت الشخصية التي
ً
تنشأ على أرض الرقص ،رجال بجوار رجل ،باستخدام أسلحة الطبيعة ،تحت إشراف اللجنة.
ال يمكن ألي سيدة أن تقول إنها شهدت مشاجرة في حفلة "كلوفر ليف" خالل سنوات عدة.
يضمن أعضاؤه السادة ذلك.
بسهولة و سالسة قام ديمبسي واللجنة بعملهم التمهيدي حتى لم يالحظ الكثيرون في القاعة
إيقاف االنتصار االجتماعي ألوسوليفان الساحر .من بين هؤالء كانت ماغي .بحثت عن
مرافقها.
شجارا مع رفيقك ليزي،
"سيجارة!" قالت روز كاسيدي" .ألم تكنين هنا؟ ديمبس دونوفان بدأ ً
وخرجوا لغرفة الذبح معه .كيف يبدو شعري بهذه الطريقة ،ماغي؟"
وضعت ماغي يدها على صدر قميصها المصنوع من النسيج المموج.
"ذهب للقتال مع ديمبسي!" قالت بانفاس متقطعة" .يجب أن يتم إيقافهم .ديمبسي دونوفان ال
يمكنه أن يقاتله .لماذا ،سيقتله!"
ثم همس أوسوليفان شيًئا غير مفهوم بين أسنانه .تبادل ديمبسي وأعضاء اللجنة نظرات .ثم
نظر ديمبسي إلى أوسوليفان بدون غضب كما ينظر إلى كلب ضال ،وأومأ برأسه في اتجاه
الباب" .الدرج الخلفي ،جوزيبي" ،قال بإيجاز" .شخص ما سيقذف قبعتك بعدك ".توجهت
ماغي نحو ديمبسي دونوفان .كان هناك بقعة حمراء مشرقة على خديها ،وعبرها عنها
دموع بطيئة .لكنها نظرت إليه بشجاعة في العين" .كنت أعلم ذلك ،ديمبسي" ،قالت وعيونها
تبدو باهتة حتى في دموعها" .كنت أعلم أنه إيطالي .اسمه طوني سبينيلي .تسرعت عندما
قالوا لي إنك وهو كنتما تتشاجران .هؤالء اإليطاليون دائً ما يحملون سكاكين .ولكنك ال تفهم،
ديمبسي .لم يكن لي رفيق في حياتي أبًدا .تعبت من أن أأتي مع آنا وجيمي كل ليلة ،لذا
ترتبت معه أن يدعو نفسه أوسوليفان وأحضرته معي .كنت أعلم أنه لن يحدث شيء له إذا
جاء كإيطالي .أعتقد أنني سأستقيل من النادي اآلن ".توجه ديمبسي إلى آندي جيوغان.
"ارمي ذلك السكين خارج النافذة" ،قال" ،وقل لهم في الداخل أن السيد أوسوليفان تلقى
رسالة هاتفية للذهاب إلى قاعة تاماني ".ثم توجه مرة أخرى إلى ماغي.
"قولي يا ماغ "،قال" ،سأرافقك إلى البيت .وماذا عن السبت المقبل؟ هل ستأتيين معي إلى
الحفل إذا جئت ألصطحبك؟"
كان من الملفت للنظر كيف يمكن لعيون ماغي أن تتغير بسرعة من الباهتة إلى البنية
االلمعة.
"معك ،ديمبسي؟" تلعثمت قائلًة" ،قول -هل يمكن للبطة أن تسبح؟"
VII
الشرطي والنشيد
على مقعده في مدريسون سكوير ،حركت موقف سوابي بعدم راحة .عندما تزقزق اإلوز
البري في الليالي الباردة ،وعندما تصبح النساء بال معاطف جلدية لطيفة مع أزواجهن،
وعندما يتحرك سوابي بعدم راحة على مقعده في الحديقة ،يمكنك أن تعلم أن فصل الشتاء
على األبواب.
ورقة يابسة سقطت في حجرة سوابي .هذه بطاقة جاك فروست .جاك لطيف مع سكان
تحذيرا مناسًبا من دعوته السنوية .في زوايا أربع
مدريسون سكوير الدائمين ،ويعطي ً
36 هنري 100-قصة مختارة
شوارع ،يسلم بطاقته الورقية إلى رياح الشمال ،الخادم في قصر كل شيء في الهواء الطلق،
حتى يتسنى لسكانها التجهيز.
أدركت عقل سوابي أن الوقت قد حان له أن يقرر أن يجمع نفسه في لجنة فريدة من نوعها
للوسائل والوسائل لتوفير الحماية من الصرامة القادمة .ولذلك تحرك بعدم راحة على مقعده.
طموحات الشتاء لسوابي لم تكن من أعلى الطموحات .فيها لم تكن هناك اعتبارات للرحالت
البحرية إلى البحر األبيض المتوسط ،أو للسماء الجنوبية المنومة ،أو للتجوال في خليج
فيزوف .كانت ما نفسه يتوق إليه هو ثالثة أشهر على الجزيرة .ثالثة أشهر من اإلقامة
والسرير المؤكد والرفقة المؤنسة ،بعيدين عن بورياس وعناصر الشرطة ،بدا لسوابي أنها
جوهر ما يرغب فيه الشخص.
لسنوات طويلة ،كانت بيوت الرعاية الكريمة لبالكويل هي مخبئه للشتاء .تماً ما كما أن
نيويوركرز األكثر حً
ظا قد اشتروا تذاكرهم إلى بالم بيتش والريفييرا كل شتاء ،هكذا قام
سوابي بالترتيبات المتواضعة لرحيله السنوي إلى الجزيرة .واآلن قد حان الوقت .في الليلة
السابقة ،فشلت ثالث صحف سبتية ،تم توزيعها تحت معطفه ،حول كاحليه وفوق حجرته،
في صد الماء البارد وهو ينام على مقعده بالقرب من نافورة الرش في الميدان القديم .لذا
ظهرت الجزيرة كبيرة وفورية في ذهن سوابي.ازدرى التدابير المتخذة بإسم اإلحسان
للمعتمدين على المدينة.
في رأي سوابي ،كانت القانون أكثر تلطً فا من اإلحسان .كان هناك دورة ال نهائية من
المؤسسات ،المحلية واإلحسانية ،التي يمكنه أن يبدأ فيها ويحصل على مأوى وطعام يتناسب
مع الحياة البسيطة .ولكن بالنسبة لروح سوابي الفخورة ،فإن هدايا اإلحسان مرتبطة بعبء.
إذا ل م تكن في عملة نقدية ،يجب أن تدفع بذلك بإذالل الروح مقابل كل منفعة يتم تلقيها على
يد اإلحسان .كما كان لقيصر بروتوس له ،يجب أن يكون لكل سرير خيري عشرته من
حمام ،ولكل رغيف خبز تعويضه من استفتاء خاص وشخصي .ولهذا من األفضل أن يكون
الشخص ضيًفا للقانون ،الذي ،رغم أنه مجرى وفًقا للقواعد ،إال أنه ال يتدخل بشكل مفرط
في الشؤون الخاصة للسيد.
بعدما قرر سوابي الذهاب إلى الجزيرة ،انطلق على الفور لتحقيق رغبته .كان هناك طرق
سهلة عديدة للقيام بذلك .أسهلها كان تناول وجبة فاخرة في مطعم مكلف ،ثم بعد إعالن
اإلعسار ،تسليم نفسه بصمت وبدون ضجيج لشرطي .والقاضي اللطيف سيتولى الباقي.
ترك سوابي مقعده وتجول خارج الميدان وعبر بحر األسفلت المستوي ،حيث تتداخل
ً
شماال على برودواي ،وتوقف أمام مقهى متأللئ، برودواي والشارع الخامس ،ثم توجه
حيث يتجمع كل ليلة أفضل منتجات العنب ودودة الحرير والبروتوبالزما.
كان لدى سوابي ثقة في نفسه من أدنى زر فيسته حتى أعلى .كان محلوًقا ،وكانت معطفه
الئًقا وكان عنقه األسود المرتبط بشكل جميل معلًقا حول رقبته قد تم تقديمه له من قبل راهبة
هنري 100-قصة مختارة 37
خدمية في عيد الشكر .إذا استطاع أن يصل إلى طاولة في المطعم دون أن يشك فيه أحد،
سيحقق النجاح .لن يثير الجزء الذي سيظهر فوق الطاولة أي شك في عقل النادل .كان يفكر
سوابي أن الدجاج المحمص مع زجاجة من شابلي وكمامبر هما شيء مناسب ،وبعد ذلك
كوب قهوة قوي وسيجارة .دوالر واحد للسيجارة سيكون كافًيا .لن يكون المبلغ اإلجمالي
مرتفًعا لدرجة أن يستدعي أي تجسيد عظيم اللنتقام من إدارة المقهى ،ومع ذلك سيشعر
بالشبع والسعادة بالنسبة لرحلته إلى مالذه الشتوي.
ولكن حينما دخل سوابي باب المطعم ،وقعت عين رئيس النادل على سرواله الممزق وحذائه
المهترئ .أدينته يداً قويتان وجاهزتان حولته بصمت وعجلة إلى الرصيف وأبعدت عنه
النهاية االإلفتراضية للواقف المهدد.
مال سوابي عن برودواي .بدا أن طريقه إلى الجزيرة المرغوبة لن يكون طريًقا لذيًذ ا .يجب
أن يفكر في وسيلة أخرى لدخول العالم القليل.
في زاوية من الجادة السادسة ،كانت أضواء كهربائية وسلع عرضت بذكاء وراء زجاج
حجرا صخرًيا ورماه عبر الزجاج.
مصقول تجعل نافذة المحل ملفتة للنظر .أخذ سوابي ً
جاء الناس يركضون حول الزاوية ،وكان الشرطي في الصدارة .وقف سوابي ومعه يديه
في جيوبه ،وابتسم عند رؤية أزرار النحاس.
"أال تعتقد أنه من الممكن أن يكون لدي شيء للقيام به؟" قال سوابي ،ليس بدون سخرية،
ولكن بصداقة ،كما ُيحيي اإلنسان الحظ السعيد.
رفضت عقل الشرطي قبول سوابي حتى كدليل .الرجال الذين يكسرون النوافذ ال يبقون
للتفاوض مع خدام القانون .إنهم يهربون .رأى الشرطي رجاًل يركض في منتصف الطريق
ليلحق بسيارة .انضم إلى المطاردة ومعه عصاه المرسومة .أما سوابي ،فباستياء في قلبه،
تمشى ببطء على طول الشارع ،فشل مرتين.
في الجانب المقابل من الشارع كان هناك مطعم ليس له طموحات كبيرة .كان يخدم الشهية
الكبيرة والمحافظ المتواضعة .كانت أدواته المنزلية وجوهه كثيفة ،وكانت حساءه
ومفروش اته رقيقة .دخل سوابي هذا المكان بأحذيته المتهمة وسرواله المكشوف دون أي
تحدي .جلس عند طاولة واستهلك شريحة لحم بقر ،وفطائر البانكيك ،والدونات ،والفطيرة.
ثم خَّير النادل الحقيقة أن القرش األدق وهو نفسه غريبان.
"اآلن ،انشغل واتصل بشرطي" ،قال سوابي" .وال تجعل سيد ينتظر".
"ال شرطي لك" ،قال النادل ،بصوت يشبه كعك الزبدة وعين تشبه الكرز في كوكتيل
مانهاتن" .يا ،كون!"
38 هنري 100-قصة مختارة
بدقة ،ألقى اثنان من النوادل سوابي على أذنه اليسرى على الرصيف الخشن .انتهض ،وكأنه
قطعة قائمة ،وهز الغبار عن مالبسه .بدت االعتقال كحلم وردي .بدا الجزيرة بعيدة جًدا.
ضحك شرطي واقف أمام صيدلية على بعد بابين منه وسار في الشارع.
سافر سوابي خمسة مبان قبل أن تسمح له شجاعته بالتعرض اللعتقال مجدًدا .هذه المرة،
قدمت الفرصة ما سماها لنفسه بسخرية "سهلة" .امرأة شابة من مظهر متواضع وجذاب
كانت تقف أمام نافذة عرض ،تنظر بإهتمام نشيط إلى مجموعة من فناجين الحالقة وحامالت
الحبر ،وعلى بعد مترين من النافذة ،كان يتكأ شرطي ذو مالمح صارمة على حنفية ماء.
كان التصميم الخاص بسوابي أن يتجسد دور "المتحرش" الذي يكرهه الناس.
المظهر الراقي واألنيق لضحيته وقربه من الشرطي الذي يتحلى بضمير حسن ،دفعه
للتصديق أنه سرعان ما سيرى لمسة الشرطة الرسمية السارة على ذراعه التي ستضمن له
إقامته خالل فصل الشتاء على الجزيرة الصغيرة الجميلة.
صوب ربطة العنق الجاهزة للسيدة الخدمية ،وجر األصفاد الخاصة به للخارج، سوابي ّ َّ
ووضع قبعته بزاوية جذابة وتحرك بجانب السيدة الشابة .أطلق عليها نظرات ،ثم أصابه
السعال وأصوات البصق المفاجئة ،ابتسم ،تبسم ،ومر بجرأة من خالل القائمة الوقحة
والمحتقرة لممارسي التحرش .الحظ سوابي بزاوية من عينه أن الشرطي كان يراقبه
بتركيز .ابتعدت السيدة الشابة بضع خطوات ،ثم عادت وأعطت اهتمامها المركز إلى فناجين
الحالقة .تبع سوابي خطواتها ،وواثًقا قفز بجرأة إلى جانبها ،رفع قبعته وقال:
الشرطي كان ال يزال يراقب .كان يمكن للسيدة الشابة المضطهدة أن تمد يدها بإصبعها
وسيكون سوابي في الطريق إلى مالذه الجزيري تقريًبا .بالفعل ،تخيل أنه يستطيع أن يشعر
بالدفء اللطيف لدى دخوله محطة الشرطة .واجهته السيدة الشابة ومدت يدها ،ثم أمسكت
بأكمام معطف سوابي.
"بالتأكيد ،مايك" ،قالت بفرح" ،إذا ساعدتني على الحصول على دلو من الصابون .لو كنت
سأتحدث إليك من قبل ،لكن الشرطي كان يراقب".
بينما كانت السيدة الشابة تلعب دور األشجار اللثوية حول جذعه ،مر سوابي بجانب
الشرطيُ ،مغمًض ا في حالة من الكآبة .يبدو أنه محكوم عليه بالحرية.
في الزاوية التالية ،تخلص من رفيقته وركض .توقف في المنطقة حيث يمكن العثور على
الشوارع األخف والقلوب والوعود واللحن .النساء بالفرو والرجال بالمعاطف الكبيرة
يتحركون بسعادة في الهواء الشتوي .انتاب سوابي خوف مفاجئ من أنه تم تحصينه ضد
االعتقال بسبب تعويذة رهيبة .جلب هذا الفكر قلياًل من الذعر معه ،وعندما وصل إلى
شرطي آخر يرتبك أمام مسرح رائع ،أمسك بقشة "سلوك غير منظم".
هنري 100-قصة مختارة 39
على الرصيف ،بدأ سوابي في الصراخ بلغة سافرة بصوته الخشن .رقص ،وعوى ،وتهت،
وأزعج بذلك العاللم.
بيأس ،توقف سوابي عن صخبه الباطل .هل لن يضع أي شرطي يده عليه؟ في خياله ،بدت
الجزيرة كأركاديا ال يمكن الوصول إليها .أغلق معطفه الرقيق ضد الرياح الباردة.
"أوه ،هل هي؟" سخر سوابي ،مضيًفا اإلهانة إلى السرقة الصغيرة" .حسًنا ،لماذا ال تستدعي
شرطًيا؟ أنا أخذتها .مظلتك! لماذا ال تستدعي شرطًيا؟ هناك واقًفا واحًدا في الزاوية".
أبطأ صاحب المظلة خطواته .فعل السوابي النفس ،مع قدرة مؤكدة أن الحظ سيعود للعدوان
عليه .نظر الشرطي إلى االثنين بفضول.
"بالطبع" ،قال صاحب المظلة " -هذا -أو بمعنى آخر -حسًنا ،أنت تعرف كيف يحدث هذا
الخطأ -أنا -إذا كانت مظلتك هذه ،آمل أن تعذرني -أخذتها هذا الصباح في مطعم -إذا
اعترفت بأنها لك ،إذا -آمل أن تعذرني " -
ولكن في زاو ية هادئة بشكل غير عادي ،توقف سوابي .هنا كانت كنيسة قديمة ،غريبة
ومتداخلة ومشطبة .من خالل إحدى النوافذ الملونة بلون البنفسج ،توهج ضوء ناعم ،حيث،
بال شك ،كان العازف يلهو على المفاتيح ،متأكًدا من إتقانه للنشيد السبتي القادم .لقد انسكب
إلى أذني سوابي موسيقى حلوة أدركته وأبقته مندهًش ا على سياج الحديد.
كانت القمر فوق ،المً عا وهادًئا .كانت المركبات والمشاة قليلين ،والعصافير تغرد بخمول
في األسطح -لم يكن المشهد سوى مقبرة كنيسة ريفية لفترة قصيرة.
والنشيد الذي عزفه العازف جعل سوابي متمسً كا بسياج الحديد ،فقد كان يعرفه جيًدا في
األيام عندما كانت حياته تحتوي على أشياء مثل األمهات والورود والطموحات واألصدقاء
واألفكار النقية والياقات النظيفة.
تغييرا فجائًيا
تجمع بين الحالة العقلية المستقبلة لسوابي والتأثيرات حول الكنيسة القديمة ً
ورائً عا في روحه .نظر إلى الهاوية التي سقط فيها برعب سريع ،األيام المهدرة ،والرغبات
الغي ر جديرة ،واآلمال الميتة ،والقدرات المهدمة ،والدوافع الرديئة التي شكلت وجوده.
وكذلك في لحظة ،استجاب قلبه بإثارة لهذا المزاج الجديد .دفعه اندفاع فوري وقوي إلى
محاربة مصيره اليائس .سيسحب نفسه من الوحل ،وسيصنع من نفسه رجاًل مرة أخرى؛
سيهزم الشر الذي استولى عليه .كان هناك وقت؛ ال يزال نسبياً شاًبا .سيستعيد طموحاته
القديمة المشتاقة ويسعى وراءها دون تردد .لقد أثرت تلك األلحان الرسمية والحلوة على
ثورة فيه .غًدا سيذهب إلى منطقة وسط المدينة الصاخبة ويبحث عن عمل .فقد قدم له تاجر
صامهً مافيالفراء مرةً وظيفة كسائق .سيبحث عنه غًدا ويطلب الوظيفة .سيصبح شخً ا
ً
ص ا مهم
العالم .سيكون...
شعر سوابي بيد وضعت على ذراعه .نظر بسرعة حوله إلى وجه شرطي كبير.
"ثالثة أشهر على الجزيرة" ،قال القاضي في محكمة الشرطة صباح اليوم التالي
VII
أنا ال أفترض أن هذا سيثير استغراب أيٍ منكم لقراءة مساهمة من حيوان .قد أثبت السيد
كيبلينج والعديد من اآلخرين حقيقة أن الحيوانات يمكنها التعبير عن أنفسها بلغة إنجليزية
مجزية ،وال يذهب أي مجلة إلى الصحافة في هذه األيام من دون قصة عن حيوان فيها،
باستثناء المجالت القديمة من النمط الشهري التي ما زالت تنشر صوراً لبراين ومأساة مونت
بيليه.
ولكن ال تتوقعوا أي أدب متعجرف في قطعتي ،مثلما يتحدث بيرو ،الدب ،وسناكو ،الثعبان،
وتامانو ،النمر ،في كتب الغابة.
كلب أصفر قضى معظم حياته في شقة رخيصة في نيويورك ،نائً ما في زاوية على تحت
التنورة القطنية القديمة (تلك التي سكبت عليها نبيذ بورت في حفل عشاء نقابة عامالت
الرصيف) .ال يمكن أن ُيتوقع من كلب أصفر قضى معظم حياته في شقة رخيصة في
نيويورك ،نائً ما في زاوية على تحت التنورة القطنية القديمة (تلك التي سكبت عليها نبيذ
بورت في حفل عشاء نقابة عامالت الرصيف) .ال يمكن أن ُيتوقع منه أن يقوم بأي حيل
بفن الكالم.
ولدت ككلب أصفر؛ التاريخ والمكان والنسب والوزن مجهولون .أول شيء أستطيع تذكره،
كانت امرأة عجوز تحملني في سلة على شارع برودواي والشارع الثالث والعشرين ،حاولت
بيعي لسيدة بدينة .كانت العجوز األم تروج لي بشكل قوي كجرو بوميرانيان هامبلتونيان
ريد إيرلندي كوتشين صيني ستوك بوجيس فوكس تيريير .لم تمض وقت طويل حتى
اشتبهت السيدة البدينة بـ Vوهي تمشي بين عينات القماش القطني المموج في حقيبة التسوق
حتى تمكنت منه وتوقفت .من تلك اللحظة أصبحت حيوان أليف -جرو األم المحبوب .هل
جربت يوً ما ،يا قارًئا رقيًقا ،أن يرفعك امرأة تزن 200باوند وتتنفس عبًقا من جبن
الكاممبرت وعطر "بو دي إسبانيا" وتقوم بلطم أنفها حولك بينما تقول طوال الوقت بصوت
مشدد" :أوه ،أنت لطيف ،أنت طيف ،أنت لوطي ،أنت بيتسي-ويتسي!"
من كلب صفراء ذو أصل نبيل نموت إلى أن أصبحت كلب صفراء مجهول النسب يبدو
وكأنه تقاطع بين قطة أنجورا وصندوق من الليمون .لكن مستديرة اللقمة لم تفهم .اعتقدت
أن الجروين البدائيين اللذين طاردهما نوح إلى السفينة لم يكونا سوى فرع جانبي من أسالفي.
استغرق منها شرطيين لمنعها من التسجيل بي في حديقة ماديسون سكوير غاردن للفوز
بجائزة السبيستان ساند هاوند.
سأخبركم عن تلك الشقة .البيت كان عادًيا في نيويورك ،مفروًش ا برخام باريان في قاعة
الدخول وحصى فوق الطابق األول .شقتنا كانت في الطابق الثالث -حسًنا ،ليست طوابق
بالمعنى المعروف -يجب أن تصعد إليها .استأجرت مستديرة اللقمة الشقة غير مفروشة،
ووضعت األشياء العادية -مجموعة مكونة من ثالث قطع قديمة من عام ،1903ولوح
زيتي يصور جيشا في مقهى هارلم ،ونبات مطاطي ،والزوج.
42 هنري 100-قصة مختارة
إذا علم الرجال كيف تقضي النساء وقتهن عندما يكن لوحدهن ،لن يتزوجوا أبًدا .لورا لين
جيبي ،حلوى الفول السوداني المكسر ،قليل من كريم اللوز على عضالت العنق ،األطباق
التي لم ُتغسل ،نصف ساعة حديث مع بائع الثلج ،قراءة مجموعة من الرسائل القديمة ،زوج
من الخيار المخل ل وزجاجتين من مستخرج الشعير ،ساعة واحدة تتطلع من ثقب في ستارة
النافذة إلى الشقة في الجانب اآلخر من الممر -هذا تقريًبا كل ما في األمر .عشرون دقيقة
قبل أن يأتي إلى المنزل من العمل ،تنظف المنزل ،وتجهز شعرها المستعار حتى ال يظهر،
وتبدأ بالخياطة لتلعب دور الوهم لمدة عشر دقائق.
عشت حياة كلب في تلك الشقة .معظم الوقت كنت ممدًدا في زاويتي أشاهد السيدة البدينة
وهي تضيع الوقت .أحياًنا أنام وأحلم بمطاردة القطط إلى القبو والنباح على السيدات
الكبيرات بالسن والقفازات السوداء ،كما يفعل الكلب .ثم تقفز علي بكثير من تلك الكالم
الفارغ عن البوودل وتقبلني على األنف -ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ الكلب ال يستطيع
مضغ القرنفل.
بدأت أشعر بالشفقة تجاه زوجها ،كلبي إذا لم أفعل ذلك .كنا نبدو متشابهين جًدا بحيث الحظه
الناس عندما نخرج ،لذلك قررنا تجنب الشوارع التي يمر سيارة مورجان بها ،واقتصرنا
على تسلق تالل الثلوج التي تراكمت في ديسمبر الماضي في الشوارع التي يعيش فيها
الناس الفقراء.
إحدى المساءات عندما كنا نتجول هكذا ،وأنا أحاول أن أبدو وكأنني كلب سانت برنارد
الفائز بجائزة ،وكان الرجل العجوز يحاول أن يبدو وكأنه لن يقتل أول من عزف له عازف
الجرسين في مشهد زفاف من مارش ميندلسوهن ،نظرت إليه وقلت له ،بطريقتي:
"لماذا تبدو بهذا العصبية يا بروج عنيد؟ هي ال ُتقبلك .ال يتعين عليك الجلوس على ركبتيها
واالستماع إلى حديث يمكن أن يجعل من محتوى كتاب مسرحية موسيقية يبدو كأنه أقوال
إبيكتيتوس .يجب أن تكون ممتًنا ألنك لست كلًبا .قوم بتجاوز ذلك ،بينديك ،واطرد الحزن
بعيًدا".
ظل الرجل الذي وقع له حادث الزواج ينظر إلي بوجه يحمل تقريًبا ذكاء الكلب.
"لكن ،نحن على حقيقة تسحق العيون!" قال الرجل العجوز مبتسً ما" ،لكن نحن على حقيقة
تسحق العيون إذا لم يطلب ابن ليمونيدة السيلتزر مني الدخول لتناول مشروب .دعني أفكر
-منذ متى وأنا أوفر من الجلد من خالل وضع قدم واحدة على المسند؟ أعتقد أنني سأفعل
ذلك "-
كنت أعلم أنني استطعت اإليقاع به .احتسى هوت سكوتش وجلس على طاولة .لمدة ساعة،
كان يشرب الكامبلز .جلست بجانبه وأنا أطلب من النادل بضرب ذيلي ،وأتناول الطعام
44 هنري 100-قصة مختارة
المجاني مثلما لم تستطع أمي في شقتها تقديمه بأطعمتها المصنوعة في المنزل ،التي اشترتها
من محل تجاري أللطعمة الشرقية قبل ثماني دقائق من وصول أبي إلى المنزل.
عندما نفدت منتجات اسكتلندا كلها باستثناء خبز الجاودار ،قام الرجل العجوز بتحريري من
عصابة الربط وألقاها في الشارع.
'سوف تعذرني ،تشونك' ،قال إيكي' .يجب أن أعمل وصفة طبية يتوجب استالمها قريًبا'.
'قل' ،قال مكغوان بنظرة مفاجئة' ،قل ،إيكي ،أليس هناك دواء نوع ما -نوع من المساحيق
التي ستجعل الفتاة تحبك أكثر إذا أعطيتها إياها؟'
عادة تجعل شفة إيكي تحت أنفه تتموج بسخرية من التنوير العلمي الفائق؛ ولكن قبل أن
يستطيع الرد ،واصل مكغوان قائاًل :
'قال لي تيم ليسي مرة واحدة أنه حصل على بعض من دكتور مشهور وأطعمها لفتاته في
ماء الصودا .من الجرعة األولى كانت رائعة وكأن الجميع اآلخرين يبدون بقيمة 30سنًتا
بالنسبة لها .تزوجوا في أقل من أسبوعين'.
تواضع تشونك مكغوان قوي وبسيط .لكان أي شخص يستطيع قراءة الناس بشكل أفضل
من إيكي يمكنه أن يرى أن جسده القوي كان يعلق على أسالك ناعمة .مثل جنرال جيد
يعتزم غزو أراضي العدو ،كان يسعى لحماية كل نقطة ضد الفشل المحتمل.
المساحيق ألعطيه 'كنت أعتقد' ،واصل تشونك بأمل' ،أنه إذا كان لدي مسحوق واحد من هذه
من التراجع عن لروزي عندما أراها في وجبة العشاء هذه الليلة ،قد يجعلها قوية ويمنعها
النساء أفضل في االقتراح بالهروب .أظن أنها ال تحتاج إلى فريق من البغال لسحبها ،ولكن
ناجً حا'. التدريب منهن في الجري .إذا كان هذا الشيء يعمل لفترة قصيرة فقط سيكون
'متى ستحدث هذه الجنونية بالهروب؟' سأل إيكي
'تس عة في الساعة' ،قال السيد مكغوان' .العشاء في السابعة .في الثامنة تذهب روزي إلى
الفراش بصداع .في الساعة التاسعة يسمح لي السيد بارفينزانو بالدخول إلى فناء منزله،
حيث يوجد لوح من سياج ريدل ،في المجاورة الجانبية .أنا أمر تحت نافذتها وأساعدها في
النزول من سلم الهروب .يجب أن ننجح في الوقت المبكر من أجل القس .كل شيء سيكون
سهاًل إذا لم ترفض روزي عندما يسقط العلم .هل يمكنك أن تعمل لي واحدة من هذه
المساحيق ،إيكي؟'
فرك إيكي شونشتاين أنفه ببطء.
'تشانك' ،قال له' ،إنها مساحيق من هذا النوع التي يجب أن يتعامل الصيادلة معها بعناية
شديدة .لك وحدك من معارفي سأثق به مسحوًقا من هذا النوع .ولكن لك أصنعه ،وسوف
ترى كيف سيجعل روزي تفكر فيك.
هنري 100-قصة مختارة 45
ذهب إيكي وجلس خلف مكتب الوصفات .هناك سحق إلى مسحوق قرصين قابلين للذوبان،
يحتوي كل منهما على ربع جرام من المورفين .أضاف إليهما قلياًل من سكر الحليب لزيادة
الحجم ،وطوى الخليط بشكل جيد في ورقة بيضاء .إذا تم تناول هذا المسحوق من قبل
شخص بالغ ،فإنه سيضمن ساعات عديدة من النوم العميق دون خطر على النائم وسلمه هذا
إلى تشانك مكغوان ،ونصحه بتناوله بالسائل إذا كان ذلك ممكًنا ،واستقبل الشكر الحار من
لوشينفار الفناء.
ً
تبدأ ذكاء إيكي في تصرفه بعد سرد تحركاته االلحقة .أرسل رسوال للسيد ريدل وكشف له
خطط مكغوان للهرب مع روزي .كان السيد ريدل رجاًل بديًنا ،يتميز ببشرة مغبرة وسرعة
في العمل.
'ممتن جًدا' ،قال إليكي بإيجاز' .الكسول األيرلندي الفاسق! غرفتي الخاصة فوق روزي،
سأذهب إلى هناك بنفسي بعد العشاء وسأحمل بندقية الطلقات النارية وأنتظر .إذا جاء إلى
فنائي ،فسيخرج بعيًدا في سيارة اإلسعاف بداًل من عربة الزفاف'.
مع روزي التي كانت محتجزة في قبضة مورفيوس لساعات طويلة من النوم العميق ،والوالد
النزوع إلى العنف في االنتظار ،مسلً حا ومسبًقا ،شعر إيكي بأن منافسه قريًبا بالفعل من
اإلخفاق.
طوال الليل في متجر الضوء األزرق ،انتظر في واجباته فرصة لسماع أخبار عن الفاجعة،
ولكن لم يأتي أي خبر.
في الثامنة صباً حا ،وصل كاتب النهار وانطلق إيكي على عجل إلى منزل السيدة ريدل
لمعرفة النتيجة .وها هو ،حينما خرج من المتجر ،من الذي اندفع من عربة ترام مارة
وأمسك يده؟ إنه تشانك مكغوان مع ابتسامة الفائز والبهجة على وجهه.
'حققناها' ،قال مكغوان بابتهاج في ابتسامته' .وصلت روزي إلى سلم الحريق في الوقت
المحدد تماً ما ،وكنا تحت السقف عند القس في الساعة (¼ . )9.30هي في الشقة اآلن -
طهيت البيض هذا الصباح بقميص نوم أزرق -يا لها من حظ ،يجب أن تأتي في يوم ما،
إيكي ،وتناول الطعام معنا .لدي وظيفة بالقرب من الجسر ،وهذا هو مكان وجهتي اآلن'.
'أوه ،ذلك الشيء الذي أعطيتني إياه!' قال مكغوان وابتسم بشموخ؛ 'حسًنا ،األمر كان بهذه
الطريقة .جلست على طاولة العشاء ليلة أمس في منزل ريدل ،ونظرت إلى روزي ،وقلت
لنفسي" ،تشانك ،إذا حصلت على الفتاة ،فاحصل عليها بصدق -ال تحاول أي خدعة مع
ذات محبة شريفة مثلها" .ووضعت الورقة التي أعطيتها لي في جيبي .ثم وقعت نظراتي
على شخص آخر موجود ،الذي قلت لنفسي أنه غير ودي للغاية تجاه صهره المستقبلي،
لذلك ترقبت فرصتي وسكبت تلك المسحوق في قهوة السيد ريدل -هل ترى؟
46 هنري 100-قصة مختارة
لحظة غير قابلة اللنتقال .فهذا العطر كان يعود آللنسة ليزلي؛ إنه عطرها الخاص ،وحدها
هي تمتلكه.
جلبه العطر على نحو حي وتقريبي أمامه .تقلص العالم المالي فجأة إلى نقطة .وهي في
الغرفة المجاورة -على بعد عشرين خطوة.
"باهلل عليك ،سأفعلها اآلن" ،قال ماكسويل ،نصف بصوت عاٍ ل" .سأسألها اآلن .أتعجب لم
لم أفعل ذلك منذ فترة طويلة".
اندفع إلى المكتب الداخلي بسرعة شخص يحاول تغطية شيء قصير .اندفع نحو مكتب كاتبة
اآلخرين.
لقد التقطت عليه نظرة بابتسامة .انتشى لون زهري فاتح على خدها ،وعينيها كانت لطيفة
وصريحة .أنحنى ماكسويل على كوع واحد على مكتبها .ال يزال يمسك ورق متطاير بكلتا
يديه والقلم فوق أذنه.
"اآلنسة ليزلي" ،بدأ بعجلة" ،لدي لحظة واحدة فقط .أريد أن أقول شيًئا خالل تلك اللحظة.
هل ستكونين زوجتي؟ لم يكن لدي الوقت ألغازلك بالطريقة العادية ،ولكنني حًقا أحبك.
تحدثي بسرعة ،من فضلك -هؤالء األصدقاء يعبرون عن غضبهم من االتحاد الباسيفيك".
"يا له من حديث غريب" ،صاحت السيدة الشابة .انتهزت من مكانها وتطلعت إليه بعيون
بيضاء مندهشة.
"أال تفهم؟" قال ماكسويل بتوتر" .أريدك أن تتزوجينني .أحبك ،اآلنسة ليزلي .كنت أريد أن
أخبرك ،وقبضت على لحظة عندما تراجعت األمور قلياًل .هم ينادونني على الهاتف اآلن.
قولي لهم أن ينتظروا دقيقة ،بيتشر .هل لن يكون لديكي قلياًل من الوقت ،اآلنسة ليزلي؟"
كانت كاتبة اآلخرين تتصرف بطريقة غريبة جًدا .في البداية ،بدا وكأنها ُأثرّية بالذهول؛ ثم
بدأت الدموع تنبع من عينيها المتعجبتين؛ وبعد ذلك ابتسمت بشكل مشمس من خاللهما،
وانزلقت إحدى ذراعيها بلطف حول عنق الوسيط.
"أعرف اآلن" ،قالت بلطف" .هذه القضية القديمة هي التي أخرجت كل شيء آخر من عقلك
للوقت الحالي .كنت خائًفا في البداية .أال تتذكر ،هارفي؟ تزوجنا أمس في الثامنة مساً ء في
الكنيسة الصغيرة في الزاوية".
VIII
الغرفة المفروشة
هنري 100-قصة مختارة 47
غير ثابتة ،متغيرة ،فانية مثل الزمن نفسه ،يوجد مجموعة هائلة من السكان في منطقة
الطوب األحمر في الجانب الغربي السفلي من المدينة ،وهؤالء ال مأوى لهم ولكن لديهم مئة
منزل .ينتقلون من غرفة مفروشة إلى أخرى ،متنقلون دائً ما -متنقلون في مكان اإلقامة،
متنقلون في القلب والعقل .يغنون "منزل حلو منزل" بأنماط الراجتايم؛ يحملون متعلقاتهم
الشخصية في صندوق صغير؛ ُتلتف الكرمة حول قبعة صورة؛ ونبات المطاط هو شجرة
التين الخاصة بهم.
لذا يجب أن تكون للمنازل في هذه المنطقة ،بعد أن استضافت ألف مقيم ،ألف حكاية لترويها،
وغالًبا ما تكون مملة ،ال شك في ذلك؛ ولكن من الممكن أن يتم العثور على شبح أو اثنين
في أعقاب كل هؤالء األشباح المتجولة .في إحدى الليالي بعد الغسق ،تجوب شاٌب بين هذه
القصور الحمراء المتهاوية ،يجري نحو أجراسها .وعند البيت الثاني عشر ،وضع حقيبته
النحيفة على الخطوة ومسح الغبار من شريط قبعته وجبينه .الجرس بدا ضعيًفا وبعيًدا في
عمق مناطق نائية وفارغة .وعند باب هذا المنزل ،الذي كان البيت الثاني عشر وراء جرسه،
جاءت خادمة المنزل التي جعلته يفكر في دودة غير صحية ومشبعة تمتص جوزتها حتى
قشورا فارغة واآلن تسعى لملء الفراغ بزوار صالحين للتأكل .سألها إذا كان هناك
أصبحت ً
غرفة إلليجار.
"تفضلوا" قالت الخادمة .صوتها نبع من حنجرتها؛ بدت حنجرتها كأنها مبطنة بالفراء" .لدي
طابق العلوي الثالث ،الذي شاغر منذ أسبوع .هل ترغب في رؤيته؟" تبع الشاب الخادمة
عبر الساللم .ضوء خافت ال يأتي من مصدر محدد خفف من ظالل القاعات .ساروا بال
صوت على سجادة الدرج التي لوحها النول الخاص بها لن يقسمها .بدت وكأنها تحولت إلى
تحولت في ذلك الهواء المليء بالظلمة والخالي من الشمس إلى طحلب غني أو نبات؛ أنهاّ
نبات ينمو على شكل بقع على الدرج ويكون لزً جا تحت القدم مثل المادة العضوية .في كل
منعطف للسلم كانت هناك حنايا فارغة في الجدار .قد تكون النباتات قد وضعت فيها في
وقت ما .إذا كان األ مر كذلك ،فإنها لقد ماتت في تلك الهواء النتن والملوث .قد يكون
القديسون قد وقفوا هناك ،ولكنه لم يكن من الصعب تصور أن العفاريت والشياطين قد
سحبوهم إلى الظالم ونزلوا بهم إلى أعماق غير مقدسة في حفرة مؤثثة من األسفل.
نادرا
"هذه هي الغرفة" ،قالت الخادمة ،من حنجرتها المبطنة بالفراء" .إنها غرفة جميلةً .
ما تكون شاغرة .كان لدي بعض األشخاص األنيقين فيها الصيف الماضي -ال مشكلة على
اإلطالق ،ودفعوا مقدً ما حتى اللحظة .الماء في نهاية الردهة" .سبراولز وموني" أبقياها
محجوزة لمدة ثالثة أشهر .قد قدموا عرض فودفيل .اآلنسة "بريتا سبراولز" -ربما سمعت
بها -أوه ،هذه كانت أسماء مسرحية فقط -هنا فوق المضمار هو المكان الذي كانت تعلق
عليه شهادة الزواج ،مؤطرة .الغاز هنا ،وكما ترى يوجد الكثير من مساحة الخزانة .إنها
نادرا ما تبقى شاغرة لفترة طويلة.
غرفة يحبها الجميعً .
"هل لديك الكثير من األشخاص المتعلقين بالمسرح يسكنون هنا؟" سأل الشاب.
ي مرتبطة بالمسارح .نعم ،يا سيدي ،هذا منطقة
"يأتون ويذهبون .نسبة كبيرة من مستأجرّ
48 هنري 100-قصة مختارة
المسرح .ال يبقى الفنانون في مكان طوياًل أبدًا .أحصل على نصيبي منهم .نعم ،يأتون
ويذهبون".
استأجر الغرفة ،ودفع مقدماً لمدة أسبوع .قال إنه متعب وسيستولي على الغرفة على الفور.
عّ د مبلغ النقود .كانت الغرفة جاهزة ،قالت ،حتى مناشف وماء .وبينما ابتعدت الخادمة،
وضع ،للمرة األلف ،السؤال الذي كان يحمله على طرف لسانه.
"فتاة صغيرة -اآلنسة فاشنر -اآلنسة إيلويز فاشنر -هل تتذكر مثل هذه الشخصية بين
مستأجريك؟ ربما كانت تغني على المسرح .فتاة ذات شعر أشقر ذهبي ووجه نحيل وطول
متوسط ،ولديها خال داكن بالقرب من حاجبها األيسر".
"ال ،ال أتذكر االسم .األشخاص في عالم المسرح لديهم أسماء يتغيرونها بنفس تكرار تغيير
غرفهم .يأتون ويذهبون .ال ،ال أتذكر هذا".
ال .دائماً ال .خمسة أشهر من االستجواب االلفتراضي والنفي الحتمي .قضى الكثير من
نهارا في استجواب المديرين والوكالء والمدارس والفرق الغنائية؛ ولياًل بين جماهير
الوقتً
المسارح من فرق ممثلين مشهورين إلى صاالت موسيقية منخفضة إلى درجة تجعله يخشى
أن يجد ما يأمل فيه .من أحبها أكثر من غيره حاول أن يجدها .كان واثًقا من أنه منذ اختفائها
من المنزل ،تختبئ هذه المدينة المحاطة بالمياه بها في مكان ما ،لكنها كانت مثل رمل سريع
ضخم ،تحرك جزيئاته باستمرار ،بال أساس ،حبيباته العلوية لليوم ُتدفن غًدا في الوحل
والوحل
.
استقب لت الغرفة المؤثثة ضيفها الجديد بضوء أول من الضيافة المزيفة ،ترحيب متهافت
وهزيل وسطحي يشبه ابتسامة مغرورة المرأة فاسقة .الراحة المغلوطة جاءت في تألق
مستند من األثاث المتدهور ،والنسيج المزين الممزق لكنبة وكرسيين ،ومرآة زجاجية
رخيصة بعرض قدم بين النافذتين ،من إطارات صور منجدة بالذهب وسرير نحاسي في
الزاوية.
استلقى الضيف ،كان كالعقد ،على كرسي ،بينما حاولت الغرفة ،ملتبسة في كالمها كما لو
كانت شقة في بابل ،أن تخبره عن مستأجريها المختلفين.
سجادة متعددة األلوان مثل جزيرة استوائية مشرقة ذات شكل مستطيل ،محاطة ببحر من
ا لبسط المتسخ الموجج .على الجدار المغطى بورق ملون كانت تلك الصور التي تطارد
المرء البال مأوى من منزل إلى منزل " -عشاق الهوغونوت"" ،أول خالف"" ،إفطار
الزفاف"" ،بسيخه عند النافورة" .كانت الخطوط البسيطة للموقد متأللئة مخفية عن العيون
خلف تلك الستائر المشددة بشكل مبالغ فيه ،ترتدي بطريقة متهورة مائلة على الجانب ،تشبه
أوشحة الباليه األمازوني .وعلى الموقد كانت بعض المقتنيات المهجورة التي تم التخلص
منها من قبل ساكني الغرفة عندما حملتهم رياح الحظ السارة إلى ميناء جديد -بعض الزهور
الصغيرة أو ربما صور للممثالت ،زجاجة دواء ،بعض البطاقات المتناثرة من ورق لعب.
هنري 100-قصة مختارة 49
واحدة تلو األخرى ،تحولت عالمات صغيرة تركها سلسلة الضيوف الذين زاروا الغرفة
المفروشة إلى عالمات ذات معنى .المساحة المبهتة في السجادة أمام المضمار أخبرتنا أن
امرأة جميلة قد مرت في الحشد .بصمات أصابع صغيرة على الحائط تحدثت عن السجناء
الصغار الذين يحاولون العثور على الطريق إلى الشمس والهواء .بقعة متناثرة تشبه ظل
انفجار قنبلة ،تشهد حيث تم رمي كأس أو زجاجة مكسورة بمحتوياتها على الحائط .عبر
المرآة الزجاجية الضيقة تم كتابة اسم "ماري" بحروف غير منتظمة باستخدام الماس .بدا
أن توالي السكان السابقين للغرفة المفروشة قد تحولوا بغضب -ربما أغرتهم برودتها
الزاهية إلى حد االل مقاومة -وأثروا على غضبهم عليها .كان األثاث متشقًقا ومجروً حا؛
الكنبة ،المشوهة بسبب األسر االنفجارية ،بدت كوحش مرعب تم قتله أثناء وقوعه في تشنج
غريب .انفصلت قطعة كبيرة من الموقد المصنوع من الرخام بفعل انقالب عنيف .كل لوح
في األرض كان له ميل وصراخ خاص كما لو كان يعاني من عذاب فردي .بدا أن كل هذا
العداء والضرر قد تم خلقه في الغرفة على يد أولئك الذين اعتبروها لبعض الوقت منزلهم؛
ومع ذلك ،قد يكون ذلك بقيمة الغريزة المنزلية المخدوعة ،والغضب الغاضب على آلهة
المنزل الزائفة التي أثارت غضبهم .المأوى الذي هو ملكنا يمكننا تنظيفه وتزيينه واالعتناء
به
.
المستأجر الشاب على الكرسي سمح لهذه األفكار باالنسياب ،بخفية وهدوء ،عبر عقله ،بينما
تكشيرا وضحً كا مفرً
تندفع إلى الغرفة أصوات وروائح مفروشة .سمع في إحدى الغرف ً طا
وشخيرا
للنوم، وغير متحكم؛ وفي الغرف األخرى نقاًش ا على الهامش ،وقرع ونشيد النردً ،
بائًسا؛ فوقه سمع صوت البانجو يرن بحماس .األبواب اندفعت في مكان ما؛ تصدرت
القطارات المرتفعة أصواتها بشكل متقطع؛ وقطة صاحت بشكل مأساوي على سياج خلفي.
وتنفس هواء المنزل -رائحة رطبة بداًل من رائحة -عبق بارد وعفن كأنه من أقبية تحت
األرض امتزج مع التنفس الكريه للزيوليوم والخشب المعفن والفاسد.
ثم ،فجأة ،بينما كان يرتاح هناك ،امتألت الغرفة برائحة الميغنيت القوية والحلوة .جاءت
مثل هبة واحدة من الرياح بثبات ورائحة وتأكيد لدرجة أنها بدت تماً ما كزائر حي .وصاح
الرجل بصوت عاٍ ل" ،ماذا ،عزيزي؟" كما لو كان قد دعي ،وقفز وأعاد وجهه .الرائحة
الغنية التشبث به وألفته .مد يديه نحوها ،كانت حواسه كلها مرتبكة ومتداخلة للوقت .كيف
يمكن للشخص أن يتم استدعاؤه بشكل قاطع بواسطة رائحة؟ بالتأكيد يجب أن يكون الصوت
قد كان .ولكن ،أليس هو الصوت الذي لمسه ،الذي لمسه بحنان؟
"لقد كانت في هذه الغرفة" ،صاح ،وقفز لينتزع منها دلياًل ،ألنه كان يعرف أنه سيراهن
على التعرف على أصغر شيء كان ينتمي لها أو لمسته .رائحة الميغنيت الغامرة هذه،
الرائحة التي أحبتها وجعلتها لها -من أين جاءت؟
الغرفة كانت قد ُأعيد ترتيبها على نحو عرضي .مبعثرة على مفرش الطاولة الرقيق كانت
نصف دستة من دبابيس الشعر -تلك األصدقاء المتزنة والمجهولة إللناث ،أنثى من الجنس،
متعددة المزاج ومستقلة الزمن .تجاهلها ،وكان يدرك عدم وجود هويتها االنتصارية .أثناء
50 هنري 100-قصة مختارة
تفتيش أدراج المضمار ،وجد منديل يد ناعم مهمل وصغير .ضغطه على وجهه .كان مختلً
طا
وجريًئا بعطر الهليوتروب ،وألقاه على األرض .في درج آخر وجد أزرار غريبة ،وبرنامج
مسرحي ،وبطاقة رهن ،وحلوى مربعة مفقودة ،وكتاب عن تفسير األحالم .في الدرج األخير
وجد قوس شعر من الساتان األسود للنساء ،الذي أوقفه بين الجليد والنار .ولكن القوس
األسود من الساتان أيًض ا هو زينة هادئة وغير شخصية ومشتركة بين النساء ،وال يروي
صا .ثم عبر الغرفة كما لو كان كلًبا على الرائحة ،انزالقاً على الجدران ،معتبراً زوايا
قصً
البسط البارزة على يديه وركبتيه ،يفحص الموقد والطاوالت ،والستائر والستائر ،والخزانة
المائلة في الزاوية ،بحًثا عن عالمة مرئية ،غير قادر على إدراك أنها هنا بجانبه ،حوله،
ضده ،فيه ،فوقه ،تتشبث به ،تناديه ،تستدرجه ،تناديه بكل شدة من خالل الحواس الدقيقة
حتى أصبحت حواسه األكثر خشونة تدرك النداء .مرة أخرى أجاب بصوت عاٍ ل" ،نعم،
عزيزتي!" وتحول ،بعيونه المتوحشة ،لينظر إلى الفراغ ،ألنه لم يتمكن بعد من استشفاف
الشكل واللون والحب واألذرع الممتدة في رائحة الميغنيت .يا إلهي! من أين تلك الرائحة،
ومنذ متى كانت الروائح تمتلك صوًتا للنداء؟ هكذا تلمس.