Professional Documents
Culture Documents
Document 12 T
Document 12 T
حماية المجتمع :يسعى القانون الجنائي إلى حماية المجتمع من الجرائم ،وذلك من خالل ردع
األفراد عن ارتكابها ومعاقبة مرتكبيها.
إعادة تأهيل الجناة :يهدف القانون الجنائي إلى إعادة تأهيل الجناة ومساعدتهم على االندماج في
المجتمع مرة أخرى.
إحقاق العدالة :يسعى القانون الجنائي إلى تحقيق العدالة من خالل معاقبة مرتكبي الجرائم بشكل
عادل ومتناسب مع خطورة الجريمة.
الظهير الشريف رقم 1.59.413صادر في 28جمادى الثانية 26( 1382نونبر )1962
بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي كما تم تعديله.
القوانين الخاصة :مثل القانون رقم 103.13المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
األعراف :تلعب األعراف دوًرا هاًم ا في تفسير القانون الجنائي وتطبيقه.
الفقه اإلسالميُ :يعد الفقه اإلسالمي مصدًرا هاًم ا للقانون الجنائي في المغرب ،خاصة فيما يتعلق
بالجرائم األخالقية والجرائم ضد األسرة.
الجنايات :هي أخطر أنواع الجرائم ،وعقوبتها الحبس لمدة تزيد عن 5سنوات.
الجنح :هي جرائم أقل خطورة من الجنايات ،وعقوبتها الحبس لمدة تقل عن 5سنوات.
المخالفات :هي أقل أنواع الجرائم خطورة ،وعقوبتها الغرامة أو الحبس لمدة قصيرة.
اإلجراءات الجنائية
التحقيق :تبدأ اإلجراءات الجنائية بالتحقيق في الجريمة ،وذلك من قبل الشرطة أو الدرك الملكي.
المحاكمة :إذا تم العثور على أدلة كافية ضد المتهم ،يتم إحالته إلى المحكمة لمحاكمته.
النطق بالحكم :بعد سماع جميع األدلة ،تصدر المحكمة حكمها في القضية.
تنفيذ الحكم :يتم تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة من قبل السلطات المختصة.
تعريف الدفاع اللشرعيّ 1:
عرف الدفاع اللشرعيّ ،بتعريفات عدة ،نذكر منها تعريفًا واحدًا في الفقه
عرّ فه الشيخ عبد القادر عودة رحمه هللا تعالى فقال“ :
في الشريعة هو :واجب اإلنسان في حماية نفسه أو نفس غيره ،وحقه في حماية ماله
أو مال غيره من كل اعتداء حالّ غير مشروع بالقوة الالزمة لدفع هذا االعتداء وُيسمى
يختلف عن الدفاع الشرعيّ العام ،الذي يصطلح على تسميته باألمر بالمعروف
والنهي عن المنكر .ونحن آثرنا عدم تقييده بالخاص في العنوان ،ألن المستقر عليه في
األنظمة المقارنة إطالقه،إذ مجرد ذكر الدفاع الشرعي ينرصف إلى الدفاع الشرعي
الخاص.
عرّ فه بعض شّر اح القانون فقال«] :الدفاع الشرعيّ معناه أن يحرس اإلنسان.
نفسه أو غيره[.
يفترق الدفاع الشرعيّ عن حالة الرضورة بفروق عدة ،بيانها على النحو التالي:
-1أن الدفاع الشرعيّ يكون التقاء عدوان صادر عن إنسان ،بينما الرضورة
تكون التقاء فعل يمسُّ الحق،مصدره غير اإلنسان( ،ال يمكن وصفه بأنه مشروعٌ أو
غير مشروع،مُحقّ أو غير مُحقّ ،كعمل الحيوان مثل :هجوم الكلب العقور ،أو قوة
من قوى الطبيعة ،كاندالع حريق ،أو حدوث فيضان ،أو تصدّ ع مبنى ،فإنه في مثل
هذه الحاالت يجوز دفع الخطر عن النفس استنادًا إلى فكرة الرضورة ،وليس الدفاع
الشرعيّ
-2أنه ال ُيشترط لقيام حالة الدفاع كون الخطر الذي يتعّر ض له الدافع جسيمًا.،
-3أن الدفاع الشرعيّ سببٌ من أسباب التبرير،وهذا يعني وصف فعل المدافع
بأنه مشروع ،بخالف الرضورة فهي مانعٌ من المسؤولية ،ومقتضى ذلك وصف فعل
من يوجد في حالة الرضورة بأنه غير مشروع ،وإن امتنعت مسؤوليته.
-5أن الدفاع الشرعي حق يُم نح لكل من يتعرض لخطرٍ غير محق ،اما الرضورة
فهي حالة استثنائية ترتكب فيها الجريمة ضد شخص برئ ،ولذا يجب أن تنحرص في
أضيق الحدود ،ويترتب على ذلك ،أن من يكون في حالة دفاع ال يطالب بالهرب ،لما.
في ذلك من الجبن الذي ال تقره الكرامة اإلنسانية ،وهذا بخالف حالة الرضورة .
في اإلكراه.
-2أن أثر الدفاع الشرعي يمتدّ إلى كل من ساهم في الجريمة ،بخالف اإلكراه.
-3أنه ال يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي كون الخطر جسيمًا ،بخالف اإلكراه.
حالة الضرورة التي تهمنا هنا هي الحالة التي يجد اإلنسان نفسه أو غيره مهددا بخطر جسيم
وحال يضيق عليه نطاق اختياره فال يستطيع تالفيه وال تجنبه إال بارتكاب جريمة هي ما
تعرف بالجريمة الضرورية التي تمس حقوق الغير .والحاالت التي تقع فيها الضرورة كثيرة
منها من يدفع الخطر الذي يتهدد حقه عن طريق التضحية بحق شخص بريء أقل قيمة من
حقه وذلك كمن يضطر إلى أخذ طعام غيره في حدود ما يسد به رمقه لينجو من خطر الموت
جوعا فال يعد مرتكبا لجريمة السرقة .كما تضمنت الفقرة الثانية من الفصل 124ق.ج إلى
جانب حالة الضرورة 'اإلكراه المعنوي' الذي يؤدي في بعض صوره إلى فقدان اإلرادة
ولذلك يعد في نظر البعض من موانع المسؤولية كمن يهدد شخصا بخطر جسيم قصد حمله
أوال :هل تعتبر الضرورة من موانع المسؤولية أم من أسباب التبرير؟ من التشريعات من
غير المعقول أن يتحمل المسؤولية الجنائية وذلك بالرغم من بقاء السلوك المادي محتفظا
بصفته اإلجرامية .وهنالك عدة تشريعات تعتبر حالة الضرورة سببا من أسباب التبرير ،ألن
الضرورة تقوم على أساس التضحية بمصلحة في سبيل اإلبقاء على مصلحة أخرى تعلو
عليها في األهمية أو تتساوى معها .فاعتبار حالة الضرورة من أسباب التبرير يحقق منفعة
اجتماعية كلما كانت المصلحة المراد حمايتها أكثر قيمة من المصلحة المضحى بها .أما
الشريعة اإلسالمية فقد قررت حالة الضرورة وجعلتها مبدأ عاما لإلباحة .بينما المشرع
المغربي باستعماله لعبارة (ال جناية وال جنحة وال مخالفة )..يكون قد جعل من حالة
الضرورة سببا من أسباب التبرير ولو أراد أن يجعلها مانعا من موانع المسؤولية لعبر عن
ذلك بقوله (ال مسؤولية) .لكن إذا كان هذا الجانب واضحا فإن الفقرة الثانية من الفصل 124
ق.ج ال زالت تثير االهتمام بالنسبة لنقطة هامة تتعلق بمضمونها وتجعلنا نتساءل عما إذا
كان المشرع المغربي اعتبر اإلكراه المعنوي إحدى صور الضرورة وهل حالة اإلكراه
المادي التي ألحها بحالة الضرورة ال تثير أي إشكال قانوني؟ بالنسبة 'لإلكراه المعنوي'
يذهب بعض الفقه إلى أن المشرع المغربي اعتبر من صور حالة الضرورة ،وبالتالي فيجب
أن ينهض سببا من أسباب التبرير .والمشرع المغربي يكاد يكون وحده في هذا االختيار ألن
جل التشريعات درجت على اعتبار اإلكراه المعنوي مانعا من موانع المسؤولية وذلك بسبب
فقدان اإلرادة وحرية االختيار ،ألن اإلكراه المعنوي يتمثل في ضغط شخص آخر لحمله
على ارتكاب جريمة .وحقيقة األمر تتمثل في كون حالة الضرورة هي فكرة موضوعية تنفي
الركن القانوني للجريمة بينما اإلكراه المعنوي حقيقة ذاتية تنفي الركن المعنوي وبذلك يكون
مانعا من موانع المسؤولية وال ينزع عن الفعل صفة اإلجرامية .أما 'اإلكراه المادي' فاقترانه
مع حالة الضرورة أثار نقاشا حول طبيعة كل منهما .فاإلكراه المادي يصل إلى محور إرادة
اإلنسان واختياره ،كما أنه يمحو الركن المادي للجريمة .ثانيا :شروط حالة الضرورة:
أ -يجب أن يكون الخطر جسيما وحاال ،ذلك أن الشخص الذي يتحمل الجريمة الضرورية
يكون بريئا وليست له عالقة بهذه الجريمة .ونفس االحتراز يعتد به فيشترط أن يكون الخطر
حاال غير مستقبل ،فالخطر الذي تحقق وانتهى ال يعتبر حاال وبالتالي ال يسمح بارتكاب
ب -أن يكون الخطر حقيقيا :إن الخطر الوهمي ال يبيح ارتكاب الجريمة الضرورية.
ج -يجب أال يكون إلرادة الفاعل دخل في حلول الخطر ،ذلك أن من القواعد العامة أن
اإلنسان إذا تسبب في خطر بنفسه فإنه ال يمكن أن يقاومه بارتكاب جريمة أو يدفع عنه هذا
د -يجب أال يكون هناك واجب قانوني يفرض على الشخص مواجهة الخطر وتقضي هذه
الحالة أن يرتكب إنسان جريمة لدفع خطر ناجم عن القيام بواجبه القانوني أو بمهمة داخلة
في اختصاصاته.
أ -يشترط في الجريمة الضرورية أن ترتكب لدرء الخطر وإبعاده عن نفس الفاعل أو عن
ماله أو مال
غيره ،وال يمكن أن يساءل الشخص هل قيامه بدفع الخطر عن طريق ارتكاب الجريمة كان
بحسن نية أو بسوء نية مادام أنه استعمل الفعل الضروري وتوافرت شروطه.
ب -كما يجب أن تكون الجريمة المرتكبة هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر أي أن يتوفر فعل
اآلثار المترتبة على الضرورة من الناحية الجنائية تتمثل في عدم توقيع أي الجزاء جنائي
على الفاعل وال على المساهمين والشركاء وذلك ألن األفعال المباحة ال يمكن أن تكون محال
البعض أنه ال يمكن المطالبة بذلك ألن المسؤولية المدنية تنتفي على اعتبار أن مرتكب
الجريمة الضرورية لم يرتكب أي خطأ يوجب عليه التعويض .ويرى جانب آخر من الفقه أن
مرتكب الجريمة الضرورية يجب عليه تعويض الضحية أي الضرر الذي أصابه ألن
الضحية هنا لم تقم بأي فعل أو اعتداء تستحق عليه هذا الجزاء وهو حرمانه من التعويض،
ويبني أصحاب
هذا الرأي قولهم على قاعدة اإلثراء بال سبب التي تجعل المضطر يغتني بدون حق يحافظ
أما من حيث اإلثبات فإن توافر شروط حالة الضرورة يقع على عاتق المتهم الذي استعمل
حالة الضرورة وإثبات حالة الضرورة من األمور الموضوعية التي يرجع أمر البث فيها إلى
قاضي الموضوع .وبصفة عامة فالقواعد المتعلقة بحالة الضرورة تستنبط في مواجهة عدة
حاالت يجد اإلنسان نفسه مضطرا للتعدي على حقوق الغير ،ولهذا فارتكاب فعل ولو مخالف
للقانون يجد سنده في عدم المساءلة عنه حينما يكون
التبرير ناتجا عن ترخيص صريح للقانون كما هو الشأن في حالة 'الدفاع الشرعي'
التجاء المجني عليه إلى استعمال القوة إلبعاد الخطر عنه يعبر عن حقيقة نفسية إنسانية هي
الدفاع عن النفس ومقاومة العدوان ،ولذلك فإن القانون حينما أباح الدفاع الشرعي يكون قد
ارتكز على الواقع العلمي لألشخاص فتدخل لينظمه ويضع له الحدود والقواعد حتى ال يساء
استعماله .والدفاع الشرعي فكرة قديمة أخذت بها كل المجتمعات البشرية ونصت عليها
الديانات السماوية .فالدفاع الشرعي أو الدفاع عن النفس حق يملكه كل شخص ليرد على
االعتداءات غير المشروعة التي تستهدف شخصه أو ماله ،وبما أن االعتداء يكون غير
مشروع فالمجني عليه يستطيع استعمال هذا الحق ليبعد الخطر عنه وال يلزمه القانون
باالنتظار حتى تتدخل السلطة المختصة لمتابعة المعتدي ،وإنما يمنح القانون للشخص
المتعرض لالعتداء استثناء حق التصدي لهذا االعتداء ودفع الخطر عنه ولو أن أفعال الدفاع
هذه تكون غير مشروعة .فالدفاع الشرعي 'استثناء' من قاعدة التجريم الذي ينقل أفعال
المدافع ولو غير مشروعة من دائرة التجريم إلى دائرة اإلباحة ،والسبب في ذلك هو أن
القانون الجنائي الذي يحمي مصالح األفراد والجماعة يكون معطال وال يمكن أن يتدخل
ليحمي مصالح الشخص المعتدى عليه فيرخص لهذا األخير في أن يدافع عن نفسه ويحمي
حقوقه بنفسه محققا بذلك هدف المشرع الجنائي في المحافظة على مصالح المجتمع .وقد
اختلف الفقهاء حول تحديد األساس الذي يقوم عليه الدفاع الشرعي ،إال أنه أمام صراحة
الفصل 124ق.ج فإن األساس هو األساس الذي تقوم عليه أسباب التبرير الذي يقضي بنوع
من الموازنة بين المصالح المتعارضة لألفراد وترجيح المصلحة األولى بالحماية .فحينما
تتعارض مصلحتان
"مصلحة المعتدي" و"مصلحة المعتدى عليه" ،تصبح مصلحة المعتدي عليه أولى بالحماية
والدفاع ،وبهذا المعنى أخذ المشرع المغربي فجعل الدفاع الشرعي سببا من أسباب التبرير
حيث ينص الفصل 127ق.ج على أنه (ال جناية وال جنحة وال مخالفة في األحوال اآلتية:
-1إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية -2 .إذا اضطر الفاعل ماديا
إلى ارتكاب الجريمة أو كان في حالة استحال عليه فيها استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب
خارجي لم يستطع مقاومته -3 .إذا كانت الجريمة قد استلزمها ضرورة حالة للدفاع الشرعي
عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره .بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع
خطورة االعتداء ) باإلضافة إلى ذلك تعرض المشرع المغربي إلى حالتين خاصتين من
لكي يكون هناك دفاع شرعي ال بد من وجود اعتداء وأن تتوفر في هذا االعتداء شروط
معينة -1 .أن يكون الفعل اعتداء غير مشروع :بالرجوع إلى الفقرة الثالثة في الفصل
124ق.ج المتعلقة بالدفاع الشرعي نجد أن المشرع المغربي لم يتعرض إلى تحديد فعل
االعتداء وهل يجب أن يشكل جريمة تامة بالمعنى القانوني .وإنما تكلم فقط على خطورة
االعتداء الذي يجب على الدفاع أن يكون متناسبا معه ،ويفهم من هذا أن الدفاع الشرعي ال
يجوز إال إذا كان فعل االعتداء غير مشروع أي ال يعتمد على أمر من القانون أو على
ترخيص منه .أما إذا كان فعل االعتداء مشروعا فال يصح استعمال الدفاع الشرعي ضده
مهما عرض اآلخرين للخطر،لكن الخالف يثور هل يشترط توافر عناصر الجريمة كاملة
لتبرير فعل االعتداء؟ اختلف الفقه في تكييف الجريمة ،فذهب جانب منه إلى القول بضرورة
توافر العناصر الكاملة للجريمة من ركن مادي وركن معنوي إلى جانب الركن القانوني وأن
يكون للمعتدي األهلية الجنائية لتحمل المسؤولية ،ومعنى هذا أن الدفاع الشرعي ال يجوز
ضد خطر االعتداء الصادر من شخص أو غير مميز ،وذهب جانب آخر من الفقه إلى القول
بأن االعتداء الذي يشكل جريمة يعتبر فعال غير مشروع أي فعال إجراميا ويستوي في ذلك
أن يصدر عن شخص مسؤول أو غير مسؤول ذلك أن انعدام المشروعية فكرة موضوعية
ضابطها الخضوع لنص تجريم وعدم الخضوع لسبب إباحة وال يهم إذا كان الشخص
الصادرة عنه أفعال غير مشروعة أهال لتحمل المسؤولية أم ال .وينتج عن هذا التأصيل
لفكرة الدفاع الشرعي تقرير قاعدة عامة وهي أنه متى كان االعتداء غير مشروع فإنه يجوز
الدفاع ضد هذا االعتداء .والدفاع الشرعي ال يمكن استعماله ضد دفاع شرعي آخر ،ذلك أن
فعل المعتدي عليه مرخص به قانونا للرد على فعل االعتداء ،ولذلك ال يجوز للمعتدي األول
أن يقاوم فعل الدفاع ألن هذا األخير مهما شكل من خطر فهو مشروع فال دفاع ضد دفاع
ولكن المسألة تدق عندما يتعلق األمر بأحد رجال السلطة العامة كضابط الشرطة القضائية
الذي يدخل منزل أحد األشخاص ليفتشه أو يلقي القبض عليه دون أن يكون مرخصا له ال
بالتفتيش وال بإلقاء القبض .ال شك أن فعل االعتداء غير مشروع ،فهل يجوز للشخص الذي
تعرض لالعتداء الصادر من أحد رجال السلطة العامة أن يقاومه على أساس الدفاع
الشرعي؟
لإلجابة على هذا وجدت ثالث نظريات:
-نظرية أولى :وتعتبر أن دفاع الشخص يكون مشروعا في حالة تعرضه لالعتداء ولو كان
هذا االعتداء صادرا من أحد رجال السلطة العامة ألن دفاع الشخص عن نفسه في هذه الحالة
ال يعتبر عصيانا حسب الفصل 300ق.ج وقد تعرضت هذه النظرية إلى النقد لكونها تسمح
للفرد بأن يقاوم رجال السلطة العامة مما يدعوا إلى اإلخالل بالنظام العام وعدم احترام
السلطة .
– نظرية ثانية :وال تجيز مطلقا استعمال حق الدفاع الشرعي ضد رجال السلطة العامة مهما
كانت أعمالهم غير قانونية .وتجدر المالحظة إلى أن القضاء المغربي يتبع عادة هذه النظرية
ألنه يرى أن االعتراف للشخص بحق الدفاع من شأنه أن يدخل بالنظام العام...
-نظرية الثالثة :توفيقية بين النظريتين السابقتين :وتفرق بين كون عدم مشروعية االعتداء
ظاهرة فتجيز فيها للشخص حق الدفاع وبين كونها غير ظاهرة وعندما ال تجيز له الدفاع
ضد أعمال رجال السلطة العامة ،إال أنه يجب التحفظ على هذا االتجاه وعدم السماح لرجال
السلطة العامة في التالعب بحقوق األفراد حينما تكون ألفعالهم صفة االعتداء .إلى أن نطاق
الدفاع الشرعي ال يقتصر على هذه الحاالت بل يمكن استعماله حتى بالنسبة لألشخاص الذين
-2أن الفعل اعتداء على النفس أو المال :أجاز المشرع المغربي حق الدفاع ضد كل اعتداء
ينصب على النفس أو المال ويستوي في ذلك أن يكون االعتداء موجها إلى نفس المدافع أو
ماله أو إلى نفس أو مال غيره ،والنفس هنا يجب أن تحمل على معنى واسع بحيث تشمل كل
الحقوق اللصيقة بشخص اإلنسان .فال يقصد بالعدوان على النفس لمجرد االعتداء على الحياة
وإنما ينصرف ذلك إلى جرائم القتل والضرب والجرح والحبس بدون وجه حق وهتك
العرض والسب والقذف ،وكذلك أباح المشرع المغربي الدفاع الشرعي ضد االعتداء الذي
-3أن يكون االعتداء خطرا حقيقيا :يجب أن يهدد االعتداء بخطر حقيقي مصالح المعتدى
عليه حتى يمكنه استعمال الدفاع الشرعي .ومعنى هذا أنه ال يعتد بالخطر الوهمي الذي يمكن
لإلنسان أن يتصوره فيعتقد أنه في خطر يهدده...فالقاعدة العامة هنا هي أنه إذا توافرت
شروط الدفاع الشرعي ومنها أن يهدد االعتداء بخطر حقيقي فإن فعل المعتدى عليه يصبح
مباحا ولو اعتقد خطأ بأنه ليس في حالة دفاع شرعي وعلى العكس من ذلك إذا لم تكن هذه
الشروط متوافرة فإن فعل المعتدى عليه يظل غير مشروع ولو اعتقد خطأ بأنه في حالة دفاع
شرعي.
-4أن يكون الخطر حاال :يستفاد هذا الشرط من األساس الذي يقوم عليه الدفاع الشرعي
وهو أن المعتدى عليه يجد نفسه بخطر داهم ال يترك المجال لاللتجاء إلى السلطات العامة
فيرد باعتداء آخر للدفاع عن نفسه أو ماله .وقيام حالة الدفاع الشرعي تتطلب وجود خطر
حال أي عدوان لم يبدأ بعد ولكنه على وشك الوقوع ،ويدخل في هذه الحالة كذلك أن االعتداء
قد بدأ ولكنه لم ينته بعد فالمعتدى عليه أن يتدخل ليمنع استمرار العدوان عليه استنادا غلى
حقه في الدفاع الشرعي .ولكن إذا وقع االعتداء وانتهى فإن الخطر تنتفي عنه صفة الحلول
وبالتالي فال مجال للدفاع الشرعي ألن القانون منح الدفاع الشرعي لدفع الخطر ال لتوقيع
فإن توافر شروط االعتداء وحدها ال يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي وإنما ال بد من توافر
-1أن يكون فعل الدفاع ضروريا والزما :ويعني ذلك أن عمل الدفاع ال يقوم به الشخص إال
إذا لم يجد سبيال آخر للدفاع عن نفسه ،أي أن ارتكاب الجريمة كان هو الوسيلة لدفع الخطر.
ومن ثم فإن الخطر إذا كان من النوع الذي يسمح بااللتجاء إلى السلطات العامة في الوقت
المناسب أي دون أن تتعرض حقوق المدافع إلى الضرر ولم يقم باالحتماء بها فإن حالة
الدفاع الشرعي ال تجوز .كما أن القانون لم يقيد الدفاع بعدم القدرة على تفادي الخطر
بطريقة أخرى غير ارتكاب الجريمة .وعليه فإن المعتدى عليه غير ملزم بالهرب إذا وجد
نفسه أمام عدوان وفضل أن يدافع عن نفسه بارتكاب جريمة ألن الدفاع حق واألولى أن
يمارس حقه بدل أن يلتجأ إلى وسيلة الهرب لما فيها من سخرية تتنافى مع الكرامة اإلنسانية.
وأخيرا يجب أن نشير إلى أنه لكي يكون الدفاع الزما ال بد أن يوجه إلى مصدر الخطر .فال
يحق للمعتدى عليه أن يترك المعتدي ويوجد دفاعه إلى ابنه أو زوجته ألنه سوف ال يدفع
الخطر القائم وإنما سيكون معتديا على أشخاص ليست لهم يد فيما وقع من اعتداء ،ولذلك إذا
اتجه المعتدى عليه بدفاعه إلى غير المعتدي فإنه يساءل عن فعله.
-2تناسب فعل الدفاع مع فعل االعتداء :نص المشرع المغربي على هذا الشرط في الفقرة
الثالثة من الفصل 124ق.ج حين استعمل عبارة 'بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة
االعتداء' وفكرة التناسب هنا غير واضحة بحيث يمكن أن تنصرف غلى معادلة بين الوسائل
المستعملة في االعتداء والدفاع أو موازنة بين الضررين بالنسبة للمعتدى عليه والمعتدي.
والحقيقة أن فكرة التناسب ال تعني ال هذا وال ذلك ،ألنها مرتبطة بالهدف أو باألساس الذي
ومن هنا فإن الدفاع الشرعي ال يعتبر انتقاما من المعتدى وال عقوبة له وإنما هو وسيلة
إلبعاد خطر العدوان .ففكرة التناسب ال تقضي أن تكون هناك مساواة مجردة بين الضرر
الذي ينتج عن فعل االعتداء والضرر الذي يحدثه فعل الدفاع ،بل التناسب أمر منسي إذ
العبرة هنا أن يثبت لدى المدافع أن الوسيلة التي استعملها كانت أنسب الوسائل أو كانت هي
الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر وبالتالي فإن الضرر الناتج هو القدر المناسب لرد االعتداء .إذن
شرط التناسب ال يتحقق بصفة مجردة وإنما حسب ظروف المعتدى عليه والوسيلة التي تم
استعمالها ،ويقوم على أساس معيار موضوعي قوامه الشخص العادي الموضوع في نفس
تعترض موضوع الدفاع الشرعي وهي أنه في حالة انعدام التناسب بين فعل الدفاع وفعل
االعتداء نكون أمام تجاوز في حق الدفاع وبالتالي ينعدم المبرر وتبقى المسؤولية الجنائية
قائمة .ذلك أن المعتدى عليه إذا كان باستطاعته أن يرد على االعتداء بوسيلة أقل من الوسيلة
التي لجأ إليها فإن على العكس من ذلك يتجاوز حدود الدفاع الشرعي ويصبح فعله غير جائز
تسمى بالحاالت الملحقة أو بالحاالت الخاصة للدفاع الشرعي ،والمشرع المغربي بعدما نص
على الحكم العام للدفاع الشرعي تعرض لحالتين خاصتين نص عليها في الفصل 125ق.ج
بقوله " :تعتبر الجريمة نتيجة الضرورة الحالة للدفاع الشرعي في الحالتين اآلتيتين:
القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليال لدفع تسلق أو كسر حاجز أو حائط أو -1
الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفسه ضد مرتكب السرقة أو النهب -2
بالقوة .فلماذا سميت هذه الحاالت بالممتازة أو الملحقة بالدفاع الشرعي؟ يرى البعض
أنها سميت كذلك ألن االعتداء فيها المتمثل في هجوم بالليل يكتسي صفة اإلبهام الذي
ترجح فيها جسامة الخطر كجرائم النهب أو االعتداء أو األفعال التي تسهل ذلك من
تحطيم أو تسلق سياج ...لذلك فالقانون ال يقيم وزنا في مثل هذه الحاالت للشروط
وخاصة شرط التناسب بين فعل االعتداء وفعل الدفاع وذلك لتعذر تحديد ما يمكن أن
يسفر عنه االعتداء في هذه الظروف .ويرى البعض اآلخر أن هذه الحاالت هي حاالت
ملحقة بالدفاع الشرعي ألن شروط الدفاع الشرعي مستلزمة فيها أيضا وكل ما في
األمر أن الشخص المعتدي عليه غير ملزم بإقامة الدليل عليها .ويظهر أن المشرع
المغربي يأخذ بالرأي األخير ألنه لم يأت بشروط خاصة وإنما أقام قرينة قانونية على
وجودها ،وتكون حالة الدفاع الشرعي قائمة في هاتين الحالتين بمجرد توافر شروطهما
لحالة الدفاع الشرعي عالقة بالنضام العام لذلك يمكن اثارتها في اّية مرحلة من مراحل
الدعوى ،وقيام حالة الدفاع الشرعي من األمور الموضوعية التي تختص بالفصل فيها