Professional Documents
Culture Documents
2 5326042420960313929
2 5326042420960313929
من قانون مصارف العيون العراقي المعدل رقم ( ) لسنة شوال ) ۱(1تنص المادة الثالثة ،
على ما يأتي - ( -:يشترط في الحاالت المنصوص عليها في الفقرة من المادة السابقة ض99رورة الحص99ول
على إقرار تحريري من المت9برعين أو الموص9ين وهم ك99املو األهلي9ة ،ويس99ري ه99ذا الحكم أيضً9ا على الح9االت
الواردة في الفقرة ،فإذا كان الشخص قاصرًا أو ناقص األهلية فيجب الحصول على إقرار تحريري من وليه
وال يشترط موافقة أحد في الحاالت األخرى المنصوص عليها في المادة السابقة) ،ويراجع نص
فـ أ من م ( ) من قانون عمليات زرع األعضاء البشرية العراقي رقم ( ) لسنة .التي وردت في ذات الصدد.
( )2يراجع نص م ( ) من القانون المدني العراقي النافذ.
ولإلجابة عن هذا السؤال أرى عدم وجود مسوغ شرعي أو قانوني يستدعي الموافقة على
هـذا التصرف ،ففي رأيي ان أيا من هؤالء يجب ان يمنع منعًا باتًا مـن التصرف بأي عضو مـن
أعضائـه حـال الحيـاة مـا خـال األعضاء المتج ددة كال دم والجلـد لضآلـة الضـرر المتحق ق مـن
جـراء ذلك .
فمن لم يكن راشدًا ال يكون مؤهًال التخاذ مثل هذا القرار الص عب أي ب تر أح د أعض ائه وزرع ه
في جسد آخر.
وألن الرأي السائد شرعًا وقانونًا هو إباحة التصرف باألعضاء البشرية على سبيل التبرع
حصرًا .وبما ان تبرع القاصر يعد باطًال بطالنًا مطلقًا النطوائه على ضرر محض علي ه ال يمكن
للقاصر أو لمن هو في حكمه التصرف بأحد أعضائه حتى لو أذن الولي أو الوص ي أو القيم ب ذلك
وحتى لو كان المتصرف إليه شقيقًا أو شقيقة للمتصرف.
اما رضا المتصرف إليه فهو ضروري أيضًا ولكن يمكن االستعاضة عنه برضا الولي أو
الوص ي أو القيم ،ب ل في حال ة الض رورة يمكن للط بيب الج راح إج راء الت دخل الج راحي دون
2
الحصول على موافقة المريض أو ذويه إذا ما تطلب األمر ذلك (. )1
ولقد تطرق الكاس اني في ب دائع الص نائع وعلى وج ه التحدي د في الفص ول المتعلق ة ب الحجر إلى
مسألة األهلية ،إذ يقول -:
(اما التصرفات القولية فعلى ثالثة أقسام نافع محض وضار محض ودائر بين الضرر والنفع ،ام ا
المجنون فال تصح منه التصرفات القولية كلها فال يجوز طالقه وعتاقه وكتابته واقراره وال ينعق د
بيعه وشراؤه حتى ال تلحقه االجازة ،وال يصح منه قبول الهبة والصدقة والوص ية وك ذا الص بي
الذي ال يعقل ألن األهلية شرط لجـواز انعقاده وال أهلية بدون العقل ،واما الص بي العاق ل فتص ح
منه التصرفات النافع ة بال خ وف وال تصـح منـه التص رفات الض ارة المحض ة باألجم اع وام ا
الدائرة بين الضرر والنفع كالبيع والشراء وااليجارة ونحوه فينعقد عندنا موقوفًا على اج ازة ولي ه
فان اجاز جاز وان رد بطل) (. )2
-ان ال يكون التصرف بالعضو البشري منطويًا على مساس بالنظام الع ام واآلداب ،بمع نى
ان ال ينص ب ه ذا التص رف ان كـان صـادرًا من االنس ان الحي على عضـو وحي د في الجس م
أو على الكليتين معا أو على الرئتين معًا ،مما يفض ي إلى كالقلب والكبد والمعدة وغير ذلك
الوفاة أو االصابة بعاهة مستديمة.
)۱(3د .رياض الخاني :المظاهر القانونية لعمليات نقل وزرع القلب والتصرف بأعض99اء الجس99م البش99ري بحث
منشور في المجلة الجنائية القومية .اصدار المركز القومي للبحوث االجتماعي99ة والجنائي99ة الع99دد األول .آذار /
. .ص ،المجلد
( )2ينظر :د .أحمد شوقي أبو خطوة :المرجع السابق ،ص
وبطبيعة الحال أن هذه االحكام الصادرة من القضاء االيطالي قاطبة تعكس المب ادئ والقيم
السائدة في المجتمعات الغربية التي ال تنسجم مع اخالق ومبادئ المجتمعات العربية أو اإلسالمية.
فل و ان مث ل ه ذه القض ية عرض ت على اح دى المح اكم في اي بل د إس المي ف أن الحكم
الصادر سيكون بتجريم فعل الطبيب وفرض العقوبة القصوى بحق ه وبح ق ك ل من المنق ول من ه
والمنقول إليه نظرًا النتهاكهم الفظيع لألخالق واآلداب العامة ،حيث ان االق رار بمش روعية ه ذا
الفعل الشائن والشنيع سينجم عنه ال محالة اختالط في االنساب وشيوع الفوضى في المجتمع.
وعليه فأن االخالل بالنظام العام واآلداب سيقود إلى اعتب ار التص رف باألعض اء البش رية ب اطًال
ًا 4
بطالنًا مطلق .
-ينبغي ان يس تهدف ك ل تص رف من التص رفات ال واردة على االعض اء البش رية تحقي ق
مصلحة عالجية راجحة للم ريض( )1بغي ة المحافظ ة على حيات ه أو ص حته ،وال ب أس ان تك ون
الغاية من هذا التصرف هو تحقيق مصلحة علمية قد تعود بالفائ دة على الم ريض وعلى المجتم ع
سواء بسواء كما هو الحال في التجارب الطبية التي لواله ا لم ا توص ل االطب اء إلى ايج اد عالج
لكث ير من االم راض المستعص ية بي د ان اباح ة ه ذه التج ارب ،يجب ان يك ون طبق ا لش روط
وضوابط معينة تضمن الخير للبشرية وتدرأ الشر عنها ،وسأتولى تفصيل ذلك الحقًا.
ان اجراء اي عمل جراحي من شأنه نزع عضو من جسد شخص ليزرع في جسد آخ ر ، -
يتعين أن تقرر ضرورته لجنة طبية مختصة ومخولة بم وجب الق انون باتخ اذ مث ل ه ذا الق رار ،
ومرد ذلك االهمية والخطورة البالغة التي يتسم بها هذا النوع من العمليات ،مما يس توجب ال تيقن
من ان اية عملي ة من ه ذه العملي ات ال تش كل خط رًا على ص حة أو حي اة المتص رف من جه ة ،
والتأكد من ضرورة اللجوء إلى هذه الوسيلة العالجية بالنسبة للمتصرف إليه من جهة أخرى.
) وتجدر االشارة إلى أن قانون نقل وغرس االعضاء البش رية الس وري رقم (
منه على هذا الشرط كما يأتي -: -م ،ينص ف لسنة
(ان تقوم لجنة اطباء مؤلفة من ثالثة اطب اء بفحص المت برع وتق دير م ا ان ك ان ال ترخيص بنق ل
العضو من جسمه ال يشكل خطرًا على حياته)(.)2
) من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية العراقي على ما يأتي -: )۱(4تنص م (
(يجوز اجراء عمليات زرع االعضاء البش99رية للمرض9ى به99دف تحقي9ق مص9لحة عالجي9ة راجح9ة لهم تقتض9يها
المحافظة على حياتهم).
وتحدي99دًا ) لسنة ( )2لقد ورد ذات النص في قانون االنتفاع بأعضاء جسم االنسان االردني رقم (
منه. ،م في ف
/ امـا التشريع الفرنسي المتعلـق بأخـذ االعضـاء البشرية وزرعهـا الصـادر فـي
،فقـد قـرر أنـه ان كـان المتصرف بالعضـو قاصـرًا ،فالبـد / /
مـن الحصول على موافقة لجنة طبية مؤلف ة من ثالث ة اختصاص يين في االق ل على أن يك ون من
بينهم طبيبان ،مارسا الطب لمدة ال تقل عن عشرين عامًا ،وتتخذ هذه اللجن ة موقف ًا بع د دراس ة
وافية للنت ائج المرتقب ة لعملي ة النق ل س واء على الص عيد النفس ي أو الجس دي ،وذل ك فض ًال عن
موافقة الممثل القانوني للقاصر (.)1
وفي الحقيقة ان المشرع العراقي لم يشترط تشكيل مثل هذه اللجنة الطبي ة ،واكتفى بق رار
) من ق انون مص ارف العي ون الع راقي المع دل من احد االطباء ،وهذا م ا تنص علي ه م (
كاآلتي -:
(ال يجوز استئصال عيون وفقًا ألحكام هذا القانون اال اذا تم ذل ك من قب ل ط بيب مخ ول من قب ل
5
احدى المستشفيات المرخص لها بإنشاء مصارف عيون)(.)2
وقـد حـذا المشرع اللبناني حذو المش رع الع راقي ،اذ ينص المرس وم االش تراعي رقـم (
على ما يأتي -: ) لسنة
(ان يعاين " اي المتبرع " من قبل الطبيب المكلف بأجراء العملية والذي ينبهه على نتائج العملي ة
واخطارها ومحاذيرها ويتأكد من فهمه لكل ذلك).
وتأسيسًا على ما تقدم يالحظ ان دور هذه اللجنة الطبية يتمحور بشكل رئيسي حول تبصير
كل من طرفي العمل الجراحي اي المتصرف والمتصرف اليه بالنتائج المؤكدة والمحتملة المتولدة
من العملية ،كي يكون كل منهما على بينة ودراية كافية أو ال ب أس به ا على اق ل تق دير من أج ل
اتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن ،وعلى وج ه الخص وص بالنس بة للمتص رف ال ذي س يفقد اح د
أعضائه على اثر العملية .
ونتساءل في هذا السياق ،هل يباح للطبيب ان يكذب على مريضه ؟
لقد دعا جانب من القضاء والفق ه الق انوني ومنهم العمي د (كاربونيي ه) إلى معاقب ة الط بيب
عن الكذب المتشائم دون الكذب المتفائل بشرط عدم استعمال الوسائل التدليسية ،والكذب المتشائم
هو اخفاء الطبيب للعالمات والنتائج الحسنة عن المريض ،وجعله يعتقد بأن حالته الص حية أس وأ
مما اظهرته الفحوص والتحاليل الطبية ،وهذا نوع من الكذب ال يوجد ما يبرره اال
) لس999نة )1(5ينظ999ر :د .حس999ام ال999دين كام999ل االه999واني :تعلي999ق على الق999انون الفرنس999ي رقم (
بشأن نقل وزرع االعضاء البشرية -بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة اص99دار جامع99ة الك99ويت – الع99دد
.ص الثاني -السنة الثانية .يونيو /
) من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية العراقي في ذات الصدد. ( ) 2يراجع نص م (
في حاالت استثنائية نادرة ،أما الكذب المتقاتل فهو اخف اء حقيق ة الم رض وعواقب ه الوخيم ة عن
المريض ،طالما ان ذكر الحقيقة لن يكون له سوى اثر سلبي على حالة المريض الصحية ،ب ل ان
الكذب المتفائل يستهدف عادة مصلحة المريض وتحسين حالته النفسية في االقل(.)1
اال أن العم ل الج راحي ال ذي نحن بص دده ،وال ذي يض م اطراف ًا ثالث ة ،اذ فض ًال عن
الطبيب والمريض هنال ك ط رف ث الث اال وه و المتص رف أو الم انح للعض و البش ري ،وال ذي
اعتقده هنا ان الطبيب يجب ان ينأى عن الكذب مطلقًا ،وعلي ه ان يطل ع المتص رف والمتص رف
اليه على الحقيقة كما هي لكي ال تنعقد مسؤوليته.
ولكن ماذا لو كان المنقول منه ميتًا ؟ فهل يتحتم تشكيل مثل هذه اللجنة؟
ان قانون عمليات زرع األعضاء العراقي يجيب عن هذا التساؤل مـن خـالل نـص ف ب
منه ،التي تني ط مهم ة تحدي د لحظ ة الم وت بلجن ة من االطب اء االختصاص يين على ان –م
يكون اح دهم مختص ًا ب االمراض العص بية ،وان ال يك ون من بين اعض اء ه ذه اللجن ة الط بيب
المعالج والطبيب المنفذ لعملية الزرع.
وطبقًا للمادة من حيث مـن قـانون زرع االعضاء الفنزويلي الصادر في /يوليو
ان تشخيص الموت يكون من قبل لجنة طبية مؤلفة من ثالثة اختصاص يين ،ويتم اثبات ه بمح رر
موقع عليه من قبلهم على ان يكون الفريق الطبي ال ذي يق وم ب اجراء عملي ة ال زرع مختلف ًا تم ام
االختالف عن االطباء الذين تحققوا من الوفاة.
ه ذه المس ألة / / اما في فرنسا فلقد حسم المرسوم الصادر في
) منه التي اكدت وجوب التحقق من الوفاة من قب ل طبي بين ال يق ل منص ب في م (
احدهما عن رئيس قسم في المستشفى أو نائب لرئيس القسم وان يختلف الفريق الطبي الذي يتحقق
6
من الوفاة تمامًا عن الفريق الذي يقوم بعملية االستئصال والغرس(.)2
واقترح في هذا الس ياق ان تش كل لجن ة من اطب اء اكف اء ينت دبهم وزي ر الص حة من غ ير
اللجنـة التـي تقرر ابتداءًا ضـرورة اجراء العمليـة مـن اجـل فـحـص المتصـرف ان كـان حي ًا
والمتصرف الي ه س لفًا قب ل اج راء عملي ة نق ل العض و للتأك د من م دى دق ة التش خيص وس المة
المتصرف من الناحية العقلية والنفسية وان يناط بهذه اللجنة مهم ة توجي ه وارش اد ط رفي العم ل
الجراحي وتقديم النصح لهما ،ويا حبذا لو تشكل هذه اللجن ة في اعق اب العملي ة أيض ًا للتأك د من
مدى دقة الجراحة ومدى مراعاة االطباء الجراحين ألصول مهنتهم.
. )1(6ينظر :د .أحمد شوقي أبو خطوة :المرجع السابق ،ص
. ( )2ينظر :المرجع نفسه ،ص
وينص قانون نقل وغرس االعضاء السوري على نظير االقتراح المذكور اعاله وذل ك في
غضون عرضه للشروط الالزمة ألجراء عمليات نقل االعض اء البش رية ك االتي (ان تق وم لجن ة
طبية مؤلفة من ثالثة اطباء اختصاصيين غير االطباء الذين سيقومون بعملية الغرس لتقدير م دى
حاجة المستفيد لعملية النقل)(.)1
ان عمليات بتر وغرس االعضاء البشرية ينبغي أن تج ري في مراك ز استش فائية مخول ة -
رس ميًا بمقتض ى الق انون أي مج ازة من قب ل وزارة الص حة ب أجراء ه ذا الن وع من العملي ات
الجراحية وان تكون مهيأة س لفًا وم زودة بكاف ة المس تلزمات الطبي ة الالزم ة لض مان نج اح ه ذه
العمليات ومنع ح دوث أي ة مض اعفات ص حية ق د تلح ق بالمتص رف أو بالمتص رف الي ه ،وإن
استلزام توفر هذا الشرط ينبعث من خطورة عمليات نقل االعضاء األدمية وم ا تتطلب ه من عناي ة
7
مركزة اثناء العملية وبعدها.
ويتضح موقف المش رع الع راقي به ذا الخص وص في نص م ( ) من ق انون مص ارف
العيون ال تي اش ترطت ان تتم عملي ات نق ل العي ون في مستش فى الرم د (ابن الهيثم حالي ا) أو في
مستشفى الجمه وري (دائ رة مدينـة الطـب حالي ًا) ،أو في أي مستش فى أخ رى تح دد بتعليم ات
يصدرها وزير الصحة(.)2
علما ان المشرع العراقي لم يحصر اجراء هذه العملي ات في المستش فيات الحكومي ة ،ب ل
سمح لبعض المستشفيات األهلية بإجرائها أيضًا بشرط الحصول على ترخيص رسمي.
وفي الهند أيضًا ال تجرى عمليات نقل االعضاء البش رية اال في مستش فيات م رخص له ا
سلفًا بذلك ،حيث يشترط ان تكون هذه المستشفيات مجهزة تجهيزا جي دا ،بم ا يتف ق م ع س ياقات
الزرع المعترف بها والمعايير الدولية السائدة في هذا المجال ،وتخض ع ه ذه المستش فيات بص فة
دورية للتفتيش بغية التأكد من مراعاة ما تقدم (.)3
ان ابرام أي تصرف قانوني باألعض اء البش رية يقتض ي اس تيفاء ش كلية معين ة ،يتطلبه ا -
القانون بغية الشروع ب أجراء العم ل الج راحي ،وذل ك انبث اق من االهمي ة البالغ ة ،ال تي يمثله ا
التصرف بأي عضو من االعضاء اآلدمية.
)1(10نقال عن س99ميرة عاي99د ال99ديات :عملي99ات نق99ل وزرع األعض99اء البش99رية بين الش99رع والق99انون -رس99الة
دكتوراه -مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع -عمان -االردن - -ص .
( )2ينظر فرج صالح الهرش :موقف القانون من التطبيقات الطبي99ة الحديث99ة -ال99دار الجماهيري99ة -مص99راتة -
بدون سنة طبع – ط -
لعالم مرموق أن يتبرع بأحد اعضائه لعامل بسيط للحيلولة دون االنتقاص من المنفعة االجتماعي ة
التي يقدمها هذا العالم بالمقارنة مع المنفعة المقدمة من قبل العامل(.)1
ومن وجه ة نظ ر إس المية فلق د ذهب دينن ا الح نيف إلى ايث ار المص لحة االجتماعي ة
وتفضيلها على المصلحة الفردية ،وهذا ما يستقى من القاعدة الشرعية التالية -:
(يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام)(.)2
كما أن المتتبع لكتب الفقه اإلسالمي يجد ان فقه اء الش ريعة ،ي رون أن ح ق اإلنس ان في
الحياة وسالمة البدن هو من قبيل الحقوق التي يجتمع فيها الحقان أي حق هللا تع الى وح ق العب د ،
فيرى بعضهم ان الحق في الحياة وسالمة الجس م ه و ح ق مش ترك بين العب د ورب ه ،اال ان ح ق
العبد هو الغالب الن ه ذا الح ق في ه نف ع للف رد ودرء المفس دة في حماي ة الجس م ،وليس في ذل ك
(11 )3
تحقيق لمصلحة خالصة هلل تعالى .
اما البعض اآلخر فيفرق بين الحق في الحياة والحق في س المة الجس م ،ف يرى ان الح ق
في الحياة هو حق خالص هللا ،اما الحق في سالمة الجسم واألعضاء فأن التصرف به من شأنه
ان يؤول إلى أحد األمرين التاليين -:
-تصرف يفضي بصاحبه إلى الموت يقينًا أو ظنًا وهذا النوع من التص رفات يتعل ق بح ق هللا
فال يجوز أن يصدر من العبد.
-تصرف ليس من شأنه ان يؤدي إلى الموت ال يقينًا وال ظنًا ،فهذا التصرف ضمن هذا القيد
هو من حق العبد(.)4
)1(11ينظر :د .حسام الدين االهواني :مجلة العلوم القانونية واالقتصادية -المرجع السابق – ص
( ) 2مجلة األحكام العدلية – م ( ) ،ولقد تبنى القانون المدني العراقي هذه القاعدة في م ( ) .
( )3ينظـر :عصام أحمد محمد :حماية الحق في سالمة الجسم في الشريعة اإلسالمية -بحث منشور في مجلة
القضاة -مطابع دار المعارف -مصر -العدد -السنة - -ص
( )4ينظر :محمد سعيد رمضان البوطي :انتفاع اإلنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيا أو ميت99ا ـ بحث منش99ور
في مجلة مجمع الفقه اإلسالمي -جدة -العدد / -
وفي رأيي المتواض ع ان الح ق في الحي اة وس المة الجس م ه و ح ق مش ترك بين الخ الق
والمخلوق اال ان حق العبد (الحق الخاص) هو الراجح وهللا اعلم.
ثانيًا :ـ السبب المشروع -:يقيم انصار هذا االتجاه مذهبهم على أس اس نظري ة الس بب أو الب اعث
الدافع إلى التصرف ،فكلما استهدف العمل القانوني الوصول إلى غاي ة نبيل ة ،اس بغ ه ذا الس بب
على التصرف طابعًا شرعيًا وصار أساسًا له.
ولقد أعتمد القضاء الفرنسي على هذه النظرية في تبرير مشروعية عمليات نقل األعض اء
البشرية ،وكان ذلك قبـل سـن التش ريع المتعلـق بأخـذ األعضـاء وزرعه ا الص ادر فـي عـام
في فرنسا.
فالبد ان يتوخى كـل طـرف مـن أط راف العملي ة الجراحي ة (وهم الط بيب والمتص رف
والمتصرف إليه) تحقيق مصلحة عالجية راجحة للمريض المستفيد من عملية ال زرع ،ف اذا ك ان
الطبيب الجراح ينشد الشهرة أو أجراء تجربة علمية فحسب مثًال ،أو كان غرض المتص رف من
تصرفه هو التخلص من الخدمة العسكرية أو االنتحار وإلى أخره مما يتنافى مع مقتضيات النظ ام
العام واآلداب تالشي األساس الذي يرتكز عليه هذا العمل القانوني.
ولقد انتقد هذا االتجاه لعدم انضباط المعي ار ال ذي يق وم علي ه ( ،)1وفي اعتق ادي ان الس بب
12
يصلح ان يكون شرطًا في التصرف ال أساسًا له.
ومن المناس ب هن ا ان اش ير للس بب في ض وء الش ريعة اإلس المية ،فاإلس الم حث على
النوايا الحسنة التي ترنو إلى تحقيق غايات سامية ،وه ذا م ا يتجلى في الح ديث النب وي الش ريف
[إنما األعمال بالنيات ولكل ام رئ م ا ن وى] ( )2وك ذا في قول ه تع الى ﴿ال يؤاخ ذكم هللا ب اللغو في
()3
أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم﴾
ثالثًا -:حالة الضرورة -:ذهب البعض في فرنسا إلى تأسيس ( )4عمليات نق ل األعض اء البش رية
على حالة الضرورة ،التي تعرف بأنها ( :وضع مادي يحول دون مسؤولية من يرتكب فعًال
) 1(12ينظر :د .حسام األهواني :مجلة العلوم القانونية واالقتصادية -المرجع السابق -ص .
هـ) .دار إحياء الكتب العربية ( )2سنن أبي ماجة للحافظ أبي عبدهللا محمد بن يزيد القزويني ( :هـ
-بيروت -من يا رب ان خدها اال ان نام -دار و مد -رقم الحديث ( ) .
( )3سورة البقرة /
-حيث اس99تندت إلى ه99ذا ( )4ينظر في عرض هذا الرأي د .أحمد شوقي أبو خطوة :المرجع الس99ابق – ص
األساس إحدى محاكم التحقيق في فرنسا في احد قراراتها.
يجرمه القانون ،وذلك من أجل حماية مصلحة أعلى أو مساوية في األقل للمصلحة ال99تي ي99ؤدي
الفعل المرتكب إلى التضحية بها) (. )1
وهذه الحالة سندها الش رعي القاع دة الفقهي ة (الض رورات ت بيح المحظ ورات)( )2وقاع دة
13
(الضرر االشد يزال بالضرر االخف)(. )3
والمغزى من حالة الضرورة ،هو ان يواجه الشخص خطرًا جسيمًا مح دقًا (ح اًال) بنفس ه
أو بنفس غيره ،وربما بماله أو بمال غيره ،وال يمكنه تف ادي ه ذا الخط ر اال باألق دام على فع ل
يلحق ضررا بالغير ،يكون أقل جسامة من الخطر المحدق.
وتأسيس عمليات نقل األعضاء البشرية على حالة الضرورة ،مرده اضطرار الطبيب إلى
انقاذ المريض الذي يواجه خطرًا جس يمًا مح دقًا بحيات ه ،ق د ي ؤدي إلى وفات ه أو اص ابته بعاه ة
مستديمة ،وال سبيل إلى تالفي هذا الخطر اال باستئصال عضو من جس د ش خص س ليم ،ل يزرع
بعدئذ في جسد الم ريض به دف انق اذه من ب راثن الم وت أو العج ز ،والب د من االش ارة في ه ذا
السياق إلى الشروط الالزمة لقيام حالة الضرورة وهي كاآلتي :
أ -ان يكون الطبيب امام حالة مرضية مستعصية بحيث يتع ذر عالجه ا اال باستئص ال عض و من
جسم سليم وزرعه محل العضو التالف في جسم المريض.
ب -ان يكون الضرر الناجم عن عملية نقل العضـو أقل جسامة من الضرر الذي يصيب المريض
،ان لم تجز له العملية.
جـ -ان يك ون نق ل العض و من المتص رف إلى المتص رف إلي ه ه و الخي ار الوحي د المتبقي ل دى
الطبيب لعالج المريض ،واال فال موجب لحالة الضرورة.
اال ان هذه النظرية قد وجهت لها بعض االنتقادات ومنها تجاه ل ارادة االش خاص أو االس تخفاف
بها فقد يؤدي االستناد إلى حالة الضرورة كأساس لهذا النوع الخطير من العملي ات الجراحي ة إلى
اقدام األطباء على ن زع أي عض و من جس م أي م ريض لزرع ه في جس م م ريض آخ ر ومن ثم
التشبث بحالة الضرورة ،كما ان معظم التشريعات في العالم تعتبر حالة
) 1(13د .غسان جميل الوسواسي :حدود مسؤولية االطباء عن اخطائهم في الشريعة والق99انون -بحث منش99ور
-ص في مجلة العدالة العراقية اصدار وزارة العدل /بغداد -العدد األول -
) ) وقد تبني مشرع القانون الم99دني الع99راقي ه99ذه القاع99دة في م ( ( )2ينظر في مجلة األحكام العدلية م (
منه .
) من ق.م.ع. ) وقد تبنى المشرع هذه القاعدة في م ( ( )3ينظر المرجع نفسه م (
منه
الضرورة مانعًا من موانع المسؤولية الجنائية ال سببا من أسباب االباحة ،مما قد يترتب عليه قيام
مسؤولية األطباء المدنية وبالتالي احجامهم عن ممارسة عملهم (. )1
ان حالة الضرورة معروفة أيض ًا في ش ريعتنا اإلس المية ،ولق د تع ددت التعريف ات ال تي
قيلت بشأنها ،فالحنفية والشافعية ذهبوا إلى اعتبار الجوع محور لحال ة الض رورة ،حيث عرفه ا
أبو بكر الجص اص بأنه ا ( :هي خ99وف الض99رر أو الهالك على النفس أو بعض األعض99اء ب99ترك
األكل)( )2أما الشافعي فقد عرف المض طر بأن ه ( :من خ99اف من ع99دم األك99ل على نفس99ه موت ً9ا أو
مرضً9ا مخوفً9ا أو زيادت9ه أو ط9ول مدت9ه أو انقطاع9ه عن رفقت9ه أو خ9وف ض9عف عن مش9ي أو
ركوب فمن لم يجد حالًال يأكله ووجد محرمًا لزمه أكله) (. )3
ولقد نظر الدردير من المالكية إلى الضرورة نظرة أعم بقول ه ( :هي الخ99وف على النفس
من الهالك علمًا (يقينا) أو ظنًا) .
(14 )4
اال ان ارجح التعريفات من وجهة نظري ه و تعري ف األس تاذ وهب ة ال زحيلي م ع إض افة
كلمة (الدين) له وهو اآلتي ( :الض رورة هي ان تط رأ على اإلنس ان حال ة من الخط ر أو المش قة
الش ديدة بحيث يخ اف ح دوث ض رر أو اذى بال دين أو ب النفس أو ب العرض أو بالعق ل أو بالم ال
وتوابعها ،ويتعين ان يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعًا لضرر
عنه في غالب ظنه ضمن حدود الشرع)(. )5
اذ يمتاز هذا التعريف بالوضوح والشمولية.
وتأسيسًا على ما سبق يتضح أن حفظ النفس هو احدى الضرورات الخمس ال تي يل زم بن و
آدم بمراعاته ،وان مؤدى أخ ذ الش ارع بالض رورة ه و ان بعض األحك ام الش رعية ،ق د تك ون
مرهقة لإلنسان المكلف بها ،لذا فأن الرحمن الرحيم قد أباح لعبده االنتقال من المشقة إلى التيس ير
. ) 1(14د .حسام الدين االهواني :مجلة العلوم القانونية واالقتصادية .المرجع السابق ،ص
هـ) ،المطبع9ة البهي9ة المص9رية . ( )2أحكام القرآن لإلمام أبي بكر أحمد بن علي ال9رازي الجص9اص ( :ت
/
هـ) .ش99ركة الطباع99ة الفني99ة (( )3الفق99ه الش99افعي) األم لإلم99ام أبي عبدهللا محم99د بن ادريس الش99افعي ( :
م / هـ المتحدة ،مصر ،
(( )4الفقه المالكي) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ محم99د بن أحم99د بن عرف99ة الدس99وقي :المطبع99ة
م/ ، هـ االزهرية ،مصر -
( ) 5د .وهبة الزحيلي :نظرية الضرورة الشرعية ،مكتبة الفارابي ،دمشق ،سوريا ،بدون سنة طبع .ص
). ( )6مجلة األحكام العدلية م (
ومن الصعوبة إلى السهولة ،وسند ذلك القاع دة الش رعية (المش قة تجلب التيس ير)( ، )6رخص ة
من الباري (عزوجل) رحمة بالعباد ورأفة بهم ،كما اس تند في ق ولي ه ذا إلى م ا يلي من اآلي ات
البينات -:
ان مبدأ حرمة جسد اإلنسان يحتل مكـان الصدارة في سائر الوثائق الدولية لحقوق اإلنسان
منذ نشأة منظمة األمم المتحدة ،وعلى وجه الخصوص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ان الص ادر
(16 )1
/ / في
ولقد سبق للشريعة اإلسالمية منذ القرن الس ابع الميالدي أن وجهت النظ ر إلى أهمي ة ه ذا
الحق ،فجعلته قاعدة أساسية من قواعدها ،حتى يمكن الق ول ان موق ف الش ريعة اإلس المية من ه
يتسم بالوضوح والتشدد في الحماية ،التي تتمثل في نوع العقوبة التي توقع على ك ل من يتط اول
على الحق في الحياة وسالمة الجسم بأن جعلته القصاص ،إذ قال تعالى ﴿َو َلُك ْم ِفي اْلِقَص اِص َحَي اٌة
َيا ُأوِلي اَأْلْلَباِب﴾( . )2وهذا التشدد يجعل الشريعة اإلس المية في مقدم ة االتفاقي ات الدولي ة لحق وق
اإلنسان من هذه الزاوية ،ناهيك فيما ك ان علي ه الوض ع قب ل ظه ور اإلس الم س واء في الق وانين
الوضعية أو الشرائع األخرى (. )3
وبناء عليه سأتولى البحث في مدى شرعية نقل األعضاء من األحياء في مطلبين ،ارص د
في األول موقف الشريعة اإلسالمية ،أما الثاني فأخصصه لموقف القانون الوضعي.
المطلب األول :موقف الشريعة اإلسالمية
ان الش ريعة اإلس المية في طليع ة الش رائع الديني ة والنظم القانوني ة من حيث االع تراف بكرام ة
اإلنسان والحقوق المتساوية لكل ف رد وع دم التن ازل عن الض مانات ال تي تحف ظ لإلنس ان أدميت ه
وكرامته ،وان ذلك يتجلى في قوله (عزوجل) ﴿َو َلَقْد َك َّر ْم َنا َبِني آَد َم َو َح َم ْلَناُهْم ِفي اْلَبِّر َو اْلَبْح ِر
) من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على ما يأتي ( -:لكل فرد الح99ق في الحي99اة والحري99ة )1(16تنص م (
وسالمة شخصه) ،ينظر االعالن المذكور في د .محم99د س99ليم محم99د غ99زوي :جريم99ة اب99ادة الجنس البش99ري ،
هـ ص مطبعة التوفيق ،عمان ،
. ( )2سورة البقرة /
( )3ينظر :د .عبد العزيز محمد سرحان :المدخل لدراسة حقوق اإلنسان في الق99انون ال99دولي -مطبع99ة جامع99ة
. .ص ط الكويت
َو َر َز ْقَناُهْم ِم َن الَّطِّيَباِت َو َفَّض ْلَناُهْم َع َلى َك ِث يٍر ِمَّم ْن َخ َلْقَن ا َتْفِض ياًل ﴾ ( ، )1وك ذا روي ان المص طفى
عليه أفضل الصالة والسالم ق د ق ال بينم ا ك ان يط وف بالكعب ة [ :م99ا أطيب99ك وأطيب رحيق99ك م99ا
أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند هللا حرمة منك] ( )2كما
يقول الصادق األمين [كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه] (. )3
وفي سياق الحديث عن مدى شرعية التصرف الشرعي باألعضاء البشرية من وجهة نظر
إسالمية ،البد من التمييز بين من يطلق عليه تسمية معصوم الدم ومن يطل ق علي ه تس مية مه در
الدم ،فاألول هو كل من لم يستحق القتل شرعًا سواء أكان مس لمًا ام ال ،ام ا الث اني فه و ك ل من
ارتكب جريم ة عقوبته ا القت ل (االع دام) كالمرت د عن اإلس الم والقات ل عم دًا ع دوانًا وال زاني
17
المحصن( ....)4وإلى غير ذلك.
وفي اعتقادي أن نقل األعضاء البش رية بين معص ومي ال دم ج ائز ش رعًا اس تدالًال بقول ه
تعالى في سورة اإلسراء اآلنفة الذكر ﴿َو َلَقْد َك َّر ْم َنا َبِني آَد َم ﴾/اآلية ( ، )5وقوله تعالى ﴿َأْح َياَه ا َفَك َأَّنَم ا
َأْح َيا الَّناَس َج ِم يعًا﴾ اآلية ( ، )6وقوله (عزوجل) ﴿اَّل َيْنَه اُك ُم ُهَّللا َع ِن اَّل ِذ يَن َلْم ُيَق اِتُلوُك ْم ِفي ال ِّديِن َو َلْم
ُيْخ ِر ُجوُك م ِّم ن ِدَياِرُك ْم َأن َتَبُّر وُهْم َو ُتْقِس ُطوا ِإَلْيِهْم ۚ ِإَّن َهَّللا ُيِح ُّب اْلُم ْقِسِط يَن ﴾ (. )7
فهذه اآليات البيئات عامة في مدلولها ،إذ تنصرف إلى كافة بني آدم وكافة األحياء .
ومشتقاته الذي ينقل من جسم أي شخص متوفى أو حي ،وأي مبلغ يستلم من ج99راء تس99ليم أي
عضو أو نسيج يعاد إلى الشخص الذي دفعه) (. )1
ويالحظ مما تقدم ان تصرف اإلنسان بدمه مباح حتى على سبيل المعاوضة ،رغم ان هذه
االخيرة محظورة بالنسبة لبقية أعضاء الجسم البشري(. )2
اما نقل الجلد الذي يتم في اطار عمليات التجميل ،فهو مباح أيضًا ،اذ ان الجلد كذلك يع د
من األعضاء المتج ددة ،اال ان ه ذه االباح ة ق د تنتفي في بعض الح االت ،كم ا في حال ة اجب ار
جراحي التجميل على اجراء عمليات تجميل لتجار المخدرات في أمريكا الجنوبي ة ،حيث تزده ر
تلك التجارة على نطاق واسع ،مما يعرض حياة اولئك الجراحين لخطر القت ل من قب ل عص ابات
المخدرات سواء أقاموا بعملية التجميل ام ال ،مما حذا بهؤالء األطباء إلى التنس يق م ع الس لطات
وابالغها في حال تعرضهم لتهديدات مماثلة) (. )3
اما ما يباح نقله من األعضاء غير المتجددة ،فيمكن الق ول اجم اًال بأنه ا القرني ات والكلي
واجزاء من األمعاء وإلى غير ذلك...
وفي الحقيقة انني ال اتفق مع اتجاه بعض القوانين إلى اباحة نقل قرنية من عين إنس ان حي
إلى آخر ومنها قانون مصارف العي ون الع راقي المع دل ال ذي تنص م ( ) من ه على م ا يلي -:
(تحصل هذه المصارف على العيون الصالحة من المصادر اآلتية -:
18
-عيون االشخاص الذين يوصون بها أو يتبرعون بها).
(1) Areview of international and national legislation, Int.Dig. Hlth Leg., 1991,
18
بالتقاط صور وتحويلها إلى اشارات كهربائية ترسل إلى المخ ليقوم باس99تيعابها ،وه99ذه العين تت99ألف من ال99واح
رقيقة مصنوعة من الخزف القادر على التقاط الضوء وتحويله إلى اش99ارات كهربائي99ة عن طري99ق مئ99ات اآلالف
من الخاليا الضوئية الموجودة على سطح تلك األلواح ،ويعتقد العلماء ان المخ البشري س9وف يحت9اج إلى م9دة
طويلة حتى يتعود على هذه االشارات الكهربائية ويستوعبها ومن ثم يترجمها إلى صور .
-منش99ور في تقرير اذاعـة القسـم العـربـي فـي هيئـة اإلذاعـة البريطانية -برنامج العـالم هـذا الصباح
موقع اإلذاعة على االنترنيت http://www.bbc arabic.co.uk -:
(3) Abouna , George M. and white, Arthur G . : : CURRENT STATUS OF
CLINICAL ORGAN TRANSPLANTATION , Bosten , Martinus Nijhoff
Publishers, The Hague, 1984, p.97.
( )4د .رمضان أبو السعود :المرجع السابق -ص
)1(20ينظر :د .ض99اري خلي99ل محم99ود :م99وت ال99دماغ من منظ99ور جن99اني -بحث منش99ور في مجل99ة دراس99ات
،ش99وال / القانوني99ة -اص99دار بيت الحكم99ة -بغ99داد -الع99دد الراب99ع -الس99نة الثاني99ة -ك99انون األول /
. هـ -ص
. ( )2د .رمضان أبو السعود :المرجع السابق -ص
ومن وجهة نظري ان االتجاه الث اني ال ذي ي ذهب إلى تقيي د اج راء التج ارب الطبي ة على الجس م
البشري بقيود معينة هو االصوب واالصح ،فهو يضمن للمتبرع أكبر ق در من الحماي ة وفي ذات
الوقت يضمن للمجتمع أكبر قدر ممكن من النفع االجتماعي ،الذي يتولد في حال نجاح التجربة.
ولقد تبنى المشرع العراقي موق9ف االتج99اه الث99اني ،وذل9ك في البن99د س99ابعًا من دس99تور الس99لوك
المهني الطبي النافذ الذي ينص على اآلتي -:
( -تع د التج ارب الطبي ة على الم ريض عمًال جنائي ًا اال إذا اج ريت بموافق ة الم ريض أو
(المخولين بالنيابة عنه عن د ع دم امك ان استحص ال موافق ة من الم ريض وض رورة مرض ه)) ،
وعلى ان تجرى هذه التجارب ألغ راض علمي ة بحت ة وفي مراك ز بحث علمي أو معاه د علمي ة
تعليمية
مع ترف به ا من هيئ ة علمي ة علي ا ،على ان يك ون اله دف منه ا مص لحة الم ريض نفس ه أوًال
والحاالت المرضية المماثلة ثانيًا.
-المب دأ فـي اطـالق تط بيق نت ائج التج ارب العلمي ة العالجي ة االيجابي ة ه و ان تك ون تل ك
التجارب قد خضعت للبحث العلمي ونجحت عند الحيوانات المختبري ة ثم عن د مجموع ة متبرع ة
بصورة كتابية موثقة من المرضى من بني اإلنسان.
يجب االمتناع عن اجراء أي تجربة فيها احتمال وجود خطر على حياة أو صحة الشخص -
بصورة واضحة).
) منه النص التالي -: اما في مصر ،فالدستور المصري قد تبني في م (
(جواز اجراء التجارب الطبية على جسم اإلنسان شريطة ذلك الحصول على موافقته)(. )1
بينما يتضح موقف المشرع الليبي حيال اجراء التجارب العلميـة مـن خـالل نـص فـ جـ مـن م (
،التي ورد فيها ما يأتي -: ) من قانون المسؤولية الطبية رقم ( ) لسنة
(يحظ99ر اج99راء التج99ارب العلمي99ة على جس99م اإلنس99ان الحي اال برض99اه ولغ99رض تحقي99ق منفع99ة
مرجوة له بمعرفة اطباء مرخص لهم بأجرائها طبقًا لألسس العلمية المتعارف عليها)(. )2
وتذهب بعض التشريعات في الواليات المتحدة االمريكية إلى اجازة اجراء التج ارب الطبي ة ألول
مرة على المحكوم عليهم باإلعدام ،فاذا مات من تجرى علي ه التجرب ة ،اعت بر مس توفيًا للعقوب ة
وإذا لم يمت ،تخفف عقوبته من االعدام إلى السجن ،ألنه أسدى خدمة لإلنسانية (.)3
ثانيًا :ـ األعضاء البشرية التي ال يجوز نقلها -:تعد األعضاء البشرية التي ال نظير لها في الجس م
كالقلب والكبد والمعدة ...وإلى آخره من بين األعض اء ال تي ال يج وز نقله ا من ش خص حي إلى
آخر ،ويعزى سبب ذلك إلى كونها تؤدي بحياة المتصرف ،وهذا ممنوع قانون ًا ومخ الف للنظ ام
(21 )4
العام واآلداب .
كما ال يجوز نقل زوج من األعضاء المزدوجة في آن واحد ألنه يفضي أيضًا إلى الوفاة.
وتنص م ( ) .فـ أ من قانون االنتفاع بأعضاء جس م اإلنس ان األردني به ذا الخص وص
على اآلتي ( -:ان ال يقع النقل على عضو أساسي للحياة إذا كان هذا النقل قد يؤدي لوفاة
المت99برع ول99و ك99ان ه99ذا بموافقت99ه) ،ام ا ق انون عملي ات زرع األعض اء الع راقي فأن ه لم ينص
صراحة على مثل هذا الحكم.
كما يحظر استئصال أو ب تر األعض اء البش رية ال تي ي ؤدي نقله ا إلى إص ابة المتص رف
بض رر جس يم أو عاه ة مس تديمة كنق ل اللس ان أو الحنج رة ( )1أو إحـدى الي دين أو ال رجلين أو
(22 )2
كلتيهما .
سنة صوته كامال بعد أن خضع )۱(22استعاد أمريكي فقد حباله الصوتية في حادث دراجة نارية قبل حوالي
في مستش9فى (كليفون9د) في ألول عملية زرع حنجرة في الع9الم ،وق9د اج9ريت العملي9ة في ك9انون الث9اني /
والية أوهايو األمريكية ،ولكن لم يتم االعالن عنها اال مؤخرًا ،وقد قام بأجراء العملي9ة ط9بيب ي9دعى (مارش9ال
ستروم) لمريض يدعى (تيموتي) ،ولم يزرع هذا الطبيب لمريضه حنجرة فقط ،بل قام أيض99ا ب99زرع اج99زاء من
العنق والقصبة الهوائية واألعصاب والغدد الدرقية وش9به الدرقي9ة ،وهي عملي9ة لم يس99بقه إليه99ا أح9د ،وعقب
العملية مباشرة كان صوت (تيم9وتي) يب9دو وكأن9ه نقي9ق ض9فدع ،وبعدئ9ذ تحس9ن بش9كل كب9ير ،والي9وم أص9بح
يتحدث بصوت عاد ،ولقد صرح الدكتور (ستروم) بإمكاني99ة اع99ادة الص99وت لمن ب99ترت حبال99ه الص99وتية بس99بب
سرطان الحنجرة منذ خمس سنوات في األقل ،أنا كونيك99ا :نج99اح أول عملي99ة زرع حنج99رة -مق99ال منش99ور في
.م9999أخوذ من االن9999ترنيت ع9999بر الموق9999ع الت9999الي : جري9999دة الش9999رق األوس9999ط -لن9999دن -
http://www.asharqawsat.com
( )2استرد النحات والرسام الفرنسي دينيس تيشالبية يديه بع9د من س9نوات من فق9دها وبع9د ان خض9ع لجراح9ة
مجهرية دقيقـة تعـد أول عمليـة تجـرى على مس9توى الع9الم لزراعـة يـدين اثن9تين في آن واحـد ،ففـي /
آفاق (دينيس) من آثار التخدير في مستشفى (ادوار هير يوت) الكائن في مدينة ليـون وقد ردت إليه يداه /
فردا ،ك99ان من ساعة ،واشترك في هذه العملية طاقم جراحي مكون من بعد عملية جراحية استغرقت
جراحا انقسموا إلى فريقين ألجراء عمليتين في آن واحد ،ففي البداية كان ينبغي عليهم ربط العظ99ام بينهم
بين الي99دين والجس99د وبع99د ذل99ك تمت عملي99ة رب99ط ال99دورة الدموي99ة ثم األوت99ار والعض99الت وأخ99يرا األعص99اب
الرئيسية ،ينظر د .أحمد عربود :جراحة مجهرية استغرقت ساعة لحظة بلحظة -مق99ال منش99ور في مجل99ة
-السنة األولى – األحد ، / /ص الصدى -دبي -العدد
ويمكن القول اجم اًال ان كاف ة التش ريعات ال تي اطلعت عليه ا لم تتط رق إلى ه ذا الحظ ر
ولكن يمكن استنتاج ذلك من تحليل النصوص العامة الواردة في كل تشريع.
ومما يمنع نقله أيضًا األعضاء التناسلية الناقلة للصفات الوراثية وغير الناقلة لها ،ويش مل
هذا الحظ ر البويض ات والحي امن رغم كونه ا من األعض اء المتج ددة وم رد ذل ك الحيلول ة دون
اختالط االنساب أو المساس باألعراض.
واعتقد ان هذا ال يكون اال في المجتمعات التي تقيم وزنا لالنساب واالعراض.
وتجدر اإلش ارة إلى (ان الراغ بين في االنج اب (من البريط انيين) يفض لون التوج ه إلى المحط ة
االمريكية نظرًا لعدم قانونية االتجار بالبويضات المخصبة داخل بريطانيا ،األم ر ال ذي ق د ي دفع
الراغ بين في االنج اب إلى االنتظ ار لس نوات طويل ة للعث ور على متبرع ة لهم ،لكن الق وانين
االمريكية المتساهلة في هذا الصدد تمكن االزواج من اختيار المتبرعة المناسبة لطفلهم المرتقب ،
اذ يكون بوسعهم انتقاء سيدة ذات ص حة وجم ال ،وتق ول التق ارير أن وج ود االن ترنيت كوس يلة
اتص ال حديث ة س هل كث يرًا ه ذه االج راءات ،بحيث أص بح في وس ع االزواج ان يع ثروا على
المتبرعة التي يري دونها ع بر الش بكة ،ويعت بر اختي ار البويض ة المناس بة وتخص يبها معملي ا ثم
زرعها في رحم االم ه و األم ل الوحي د بالنس بة لغ ير الق ادرين على االنج اب ،غ ير ان الق انون
البريطاني الذي يعتمد قواعد متشددة لهذه العملية ،يضع الزوجين على قائمة االنتظار لم دة ثالث
سنوات قبل حصولهما على بويضة من متبرعة مجهولة.
وتعتبر والية (كاليفورنيا) االمريكية هي وجهة البريطانيين في ال وقت ال راهن ،حيث يتم
بيع البويضات البشرية وشراؤها بحرية تامـة مـع ت وفر معلوم ات كامل ة عن ص احبة البويض ة
وصورتها وثقافتها وحالتها الصحية ،وبوسع الذين يرغب ون في الش راء ان يتم وا ك ل االتفاق ات
قبل التوجه إلى أميركا إلتمام عملية الزراعة.
) آالف دوالر اال ان قيمة الصفقة بكاملها م ع ورغم أن سعر البويضة ال يزيد عن (
) ألف دوالر أمريكي. تكاليفها القانونية قد تبلغ (
وتقول تقارير لوكاالت امريكية تعمل في هذه الس وق الرائج ة ان ح والي ( ) في المئ ة
من الس يدات الالتي يتجهن إلى الوالي ات المتح دة لش راء البويض ات وزراعته ا ي رجعن حب الي
بالفعل.
وتقول هيئة أبحاث االجنة والخص وبة البش رية في بريطاني ا :أنه ا تع رف ان المزي د من
االزواج يتجهون إلى الواليات المتحدة لشراء بويضات بشرية ،وقد اعربت الهيئ ة عن قلقه ا من
التساهل الذي تبديه تشريعات بعض الواليات األمريكية تجاه تجارة البويضات البشرية ،ويش كك
بعض منتق دي ه ذه التج ارة في اخالقياته ا مش يرين إلى أنه ا تس عى لتص ميم نم وذج هندس ي
لمواصفات الطفل الكامل ،وهو أمر ال تخفيه الوكاالت العاملة في هذا المج ال ،حيث تق ول أنه ا
ترغب في ضمان أفضل المواصفات الجينية للطفل المخل ق به ذه الطريق ة .وت رى ش يري س مث
التي تدير وكالة للتبرع بالبويضات واالمهات البديالت في (لوس انجلوس) ان تقدم االنترنيت
جعـل األزواج تـواقين إلى االنتقـاء ،خاصـة فيمـا يتعلـق بمواصـفات صـاحبة البويضـة
وأمكانياتها) (. )1
ومن بين المستشفيات االمريكية التي تمتهن تجارة البويضات هو مستشفى مركز الباسفيك
لالخص اب ،حيث تق دم ه ذه المستش فيات تس هيالت قانوني ة ال يوج د مثله ا في ك ل من انگل ترا
23
وفرنسا وغيرهما.
وكان المركز المذكور قد تولى معالجة الكثير من النساء الفرنسيات وأبرزهن السيدة
(جانين) التي حملت وهي في الرابعة والستين من عمرها بنطفة ملقحة من أخيها المشلول ،والتي
أثارت حكايتها زوبعة كبيرة ال تزال مطروحة في الصحافة الفرنسية ح تى الي وم ،الن مث ل ه ذه
الممارسات تعد من المحرمات في القارة القديمة.
وعلى عكس ذلك تمامًا نجد ان الواليات المتحدة اصبحت هدفا وسوقًا رائجًا لكل عائلة
تعاني العقم ،فهناك في أروقة المراكز االمريكية يمكن شراء البويض ات االنثوي ة والحي امن بع د
/ / )۱(23تقرير اذيع من القسم العربي في هيئة اإلذاعة البريطانية .برنامج العلم والتكنلوجي99ا ،
.منشور في موقع اإلذاعة على االنترنيت http://www.bbc arabic.co.uk -:
( )2ينظر سيف السعدي :تجارة االنجاب تزدهر في ل99وس انجل99وس ،مق9ال منش99ور في مجل99ة الص9دى .دبي ،
،ص العدد ،السنة الثالثة ،األحد
االطالع علـى صـور أص حابها ،ففي ه ذه الس وق يمكن ش راء ك ل ش يء ش رط دف ع المبل غ
) ملي ارات المطلوب .ووص ل حجم االس تثمارات في ص ناعة االنج اب إلى م ا يرب و على (
) مرك زًا بع د ان دوالر ،ووصل عدد المراكز المتخصصة التي تعمل في هذا الس وق إلى (
كان عددها ال يتجاوز مركزين قبل عقدين ،ل ذا فليس غريب ًا ان تق رأ اعالن ًا في إح دى الص حف
األمريكية يطلـب متبرعـة ببويضاتها على ان تكون ذكي ة ورياض ية وال يزي د طولهـا عـن ( )
سم وان تكون قد انهت الدراسة الثانوية بمعدل ال يقل عن جيد جدًا ،وان كان سعر البويضة حتى
) دوالر غير ان ك ثرة الطلب ات وبخاص ة من قب ل عام الشان عمان عمان لحلية لم يتجاوز (
) دوالر كح د ادني ،ناهي ك عن اقب ال االج انب الواف دين لغ رض العالج رف ع الثمن إلى (
()2
رموز الحياة الفنية من جميالت هوليود على بيع بويضاتهن بأسعار ملتهبة .
وخالصة القول ان التهتك واالستهتار قد بلغ حدًا مقززًا وموازيًا للسلوك الحيواني ،الذي
ال يردعه رادع وال يحكمه دين أو خلق ،وأبعد هللا مجتمعن ا اإلس المي عن مث ل ه ذه الق ذارات ،
وال أقول ان المجتمع اإلسالمي يخلـو مـن الس لبيات ولكـن فـي األق ل ال ت زال القواعـد الدينيـة
والقانونية التي تسود األمة نقية ومثالية وبعيدة عن االنحالل.