Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 27

‫المبحث األول‬

‫شروط التصرف القانوني‬


‫باألعضاء البشرية وأساسه‬
‫ان الوقوف على مدى شرعية التصرف الق انوني باألعض اء البش رية يقتض ي في الب دء الوق وف‬
‫على الشروط واألسس التي يبنى عليها هذا التصرف ومن ثم االسترسال بإلقاء الضوء على البناء‬
‫التنظيمي للتصرف باألعضاء البشرية ‪ ،‬وعليه اقس م ه ذا المبحث إلى مطل بين ‪ ،‬اخص ص األول‬
‫لشروط التصرف القانوني باألعضاء البشرية والثاني ألساسه‬
‫‪1‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬شروط التصرف القانوني باألعضاء البشرية‬
‫ان االقدام على التصرف القانوني بأحد األعضاء البشرية من قبل شخص لمص لحة ش خص آخ ر‬
‫من الخطورة بمكان ‪ ،‬مما يستوجب ضمان توفر جملة من الشروط التي ت ؤمن ص حة ه ذا الن وع‬
‫من التصرف ‪ ،‬وهذه الشروط يمكن إجمالها باآلتي ‪-:‬‬
‫تحلي ة – أن التص رف بالعض و البش ري ينبغي ان يك ون مبني ًا على رض ا المتص رف بالدرج ة‬
‫األولى(‪ )1‬فضًال عن رضا المتصرف إليه (أي المريض) ان أمكن‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن الرضا ال يكون صحيحًا اال بتمام االهلية من جهة وبالخلو من عي وب اإلرادة من‬
‫جهة أخرى ‪ ،‬وكمال األهلية في القانون المدني العراقي هو اتمام سن معان حلة سنة(‪.)2‬‬
‫ولكن يجدر بنا التساؤل في هذا السياق ‪ ،‬ه ل يج وز للقاص ر أو لمن ه و في حكم ه (أي من ك ان‬
‫ناقصًا أو عديم األهلية بحكم القانون أو بحكم القضاء) أو للصبي المأذون ل ه بالتج ارة أو الم أذون‬
‫له بالزواج ان يتصرف بأحد أعضائه؟‬

‫من قانون مصارف العيون العراقي المعدل رقم ( ) لسنة شوال‬ ‫‪ ) ۱(1‬تنص المادة الثالثة ‪،‬‬
‫على ما يأتي ‪ - ( -:‬يشترط في الحاالت المنصوص عليها في الفقرة من المادة السابقة ض‪99‬رورة الحص‪99‬ول‬
‫على إقرار تحريري من المت‪9‬برعين أو الموص‪9‬ين وهم ك‪99‬املو األهلي‪9‬ة ‪ ،‬ويس‪99‬ري ه‪99‬ذا الحكم أيض‪ً9‬ا على الح‪9‬االت‬
‫الواردة في الفقرة ‪ ،‬فإذا كان الشخص قاصرًا أو ناقص األهلية فيجب الحصول على إقرار تحريري من وليه‬
‫وال يشترط موافقة أحد في الحاالت األخرى المنصوص عليها في المادة السابقة) ‪ ،‬ويراجع نص‬
‫فـ أ من م ( ) من قانون عمليات زرع األعضاء البشرية العراقي رقم ( ) لسنة ‪ .‬التي وردت في ذات الصدد‪.‬‬
‫(‪ )2‬يراجع نص م ( ) من القانون المدني العراقي النافذ‪.‬‬
‫ولإلجابة عن هذا السؤال أرى عدم وجود مسوغ شرعي أو قانوني يستدعي الموافقة على‬
‫هـذا التصرف ‪ ،‬ففي رأيي ان أيا من هؤالء يجب ان يمنع منعًا باتًا مـن التصرف بأي عضو مـن‬
‫أعضائـه حـال الحيـاة مـا خـال األعضاء المتج ددة كال دم والجلـد لضآلـة الضـرر المتحق ق مـن‬
‫جـراء ذلك ‪.‬‬
‫فمن لم يكن راشدًا ال يكون مؤهًال التخاذ مثل هذا القرار الص عب أي ب تر أح د أعض ائه وزرع ه‬
‫في جسد آخر‪.‬‬
‫وألن الرأي السائد شرعًا وقانونًا هو إباحة التصرف باألعضاء البشرية على سبيل التبرع‬
‫حصرًا‪ .‬وبما ان تبرع القاصر يعد باطًال بطالنًا مطلقًا النطوائه على ضرر محض علي ه ال يمكن‬
‫للقاصر أو لمن هو في حكمه التصرف بأحد أعضائه حتى لو أذن الولي أو الوص ي أو القيم ب ذلك‬
‫وحتى لو كان المتصرف إليه شقيقًا أو شقيقة للمتصرف‪.‬‬
‫اما رضا المتصرف إليه فهو ضروري أيضًا ولكن يمكن االستعاضة عنه برضا الولي أو‬
‫الوص ي أو القيم ‪ ،‬ب ل في حال ة الض رورة يمكن للط بيب الج راح إج راء الت دخل الج راحي دون‬
‫‪2‬‬
‫الحصول على موافقة المريض أو ذويه إذا ما تطلب األمر ذلك (‪. )1‬‬
‫ولقد تطرق الكاس اني في ب دائع الص نائع وعلى وج ه التحدي د في الفص ول المتعلق ة ب الحجر إلى‬
‫مسألة األهلية ‪ ،‬إذ يقول ‪-:‬‬
‫(اما التصرفات القولية فعلى ثالثة أقسام نافع محض وضار محض ودائر بين الضرر والنفع‪ ،‬ام ا‬
‫المجنون فال تصح منه التصرفات القولية كلها فال يجوز طالقه وعتاقه وكتابته واقراره وال ينعق د‬
‫بيعه وشراؤه حتى ال تلحقه االجازة ‪ ،‬وال يصح منه قبول الهبة والصدقة والوص ية وك ذا الص بي‬
‫الذي ال يعقل ألن األهلية شرط لجـواز انعقاده وال أهلية بدون العقل ‪ ،‬واما الص بي العاق ل فتص ح‬
‫منه التصرفات النافع ة بال خ وف وال تصـح منـه التص رفات الض ارة المحض ة باألجم اع وام ا‬
‫الدائرة بين الضرر والنفع كالبيع والشراء وااليجارة ونحوه فينعقد عندنا موقوفًا على اج ازة ولي ه‬
‫فان اجاز جاز وان رد بطل) (‪. )2‬‬
‫‪ -‬ان ال يكون التصرف بالعضو البشري منطويًا على مساس بالنظام الع ام واآلداب ‪ ،‬بمع نى‬
‫ان ال ينص ب ه ذا التص رف ان كـان صـادرًا من االنس ان الحي على عضـو وحي د في الجس م‬
‫أو على الكليتين معا أو على الرئتين معًا ‪ ،‬مما يفض ي إلى‬ ‫كالقلب والكبد والمعدة وغير ذلك‬
‫الوفاة أو االصابة بعاهة مستديمة‪.‬‬

‫‪ )1(2‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬


‫(‪ )2‬ينظر بدائع الصنائع للكاساني ‪ :‬المرجع السابق ‪/ ،‬‬
‫كما ان اباحة نقل هذه االعضاء من االحياء سوف ي دفع المص ابين ب األمراض النفس ية أو العقلي ة‬
‫وربما أولئك الذين يعانون من مشاكل عويصة إلى التبرع بأعضائهم بغية االنتحار‪.‬‬
‫فقد الحظ الدكتور (‪ )Lunde‬الذي يعمل في احدى مستشفيات مدينة (‪)stand ford‬‬
‫األمريكية ‪ ،‬بأن هن اك ع ددًا كب يرًا من المص ابين ب األمراض النفس ية والعقلي ة ل ديهم مي ل كب ير‬
‫لالنتحار ‪ ،‬فقد اتص لوا ب ه هاتفي ًا أو ارس لوا رس ائل كم ا حض ر بعض هم إلى مستش فى (‪Stand‬‬
‫‪ )ford‬للتبرع بقلوبهم ‪ ،‬وقد فسر الدكتور (‪ )Lunde‬هذا االس تعداد للت برع بأن ه انتح ار‪ ،‬فه ؤالء‬
‫األش خاص ال يق دمون على االنتح ار بأنفس هم ل ذا فعن طري ق الت برع بأعض ائهم يك ون الط بيب‬
‫‪3‬‬
‫الجراح هو األداة المنفذة لهذه الجريمة (‪. )1‬‬
‫كما ان التصرف باالعضاء البشرية بهدف المتاجرة بها يعتبر اخالًال خطيرًا بالنظام العام‬
‫للمجتمع ويهدد أمنه وسالمه‪.‬‬
‫كما ال يجوز نقل األعضاء التناسلية الناقلة للصفات الوراثية اذ قد يسفر ذلك عن اختالط‬
‫في االنساب مما يشكل اخالال باآلداب العامة‪.‬‬
‫ولقد عرضت على محكمة نابولي الجزائية دعوى ضد أحد االطباء لقيامه بنق ل خص ية من ش اب‬
‫ايطالي يدعى (بول سلفاتوري) ‪ ،‬علمًا بأن هذا النقل قد تم برضا هذا االخ ير وفي مقاب ل آالف‬
‫ليرة ايطالية وزرعها في رجل برازيلي ثري يدعى (البونيا) ‪ ،‬ولكن المحكمة‬
‫المذكورة قضت ببراءة الطبيب استنادًا إلى انه لم يحصل من جراء هذه العملية ضرر للمنقول منه‬
‫‪ ،‬وقررت ان هذه العملية مشروعة ‪ ،‬ألن رضا المجنى علي ه بـرر االعت داء على س المة جس مه‬
‫طالما أن هذا االعتداء ال يؤدي إلى عج زه عن القي ام بوظيفت ه االجتماعي ة‪ .‬وق د تأيي د ه ذا الحكم‬
‫استئنافيًا على أساس ان نزع خصية من شخص لزرعها في جس د آخ ر‪ ،‬ال يض عف دائم ًا عض و‬
‫التناسل ‪ ،‬وطبقًا لنص م ( ) من قانون العقوبات االيطالي الذي ورد فيه ما يأتي ‪-:‬‬
‫(ال عقاب على من يتعدى على حق الغير أو يجعله في خطر إذا حصل ذلك برضا ص احب الح ق‬
‫وكان من الجائز التصرف بالحق)‪ ،‬وقد طعن في الحكم ب النقض ‪ ،‬غ ير أن محكم ة النقض اق رت‬
‫الحكم المطعون فيه (‪. )2‬‬

‫‪ )۱(3‬د‪ .‬رياض الخاني ‪ :‬المظاهر القانونية لعمليات نقل وزرع القلب والتصرف بأعض‪99‬اء الجس‪99‬م البش‪99‬ري بحث‬
‫منشور في المجلة الجنائية القومية ‪ .‬اصدار المركز القومي للبحوث االجتماعي‪99‬ة والجنائي‪99‬ة الع‪99‬دد األول ‪ .‬آذار ‪/‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬ص‬ ‫‪ ،‬المجلد‬
‫(‪ )2‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫وبطبيعة الحال أن هذه االحكام الصادرة من القضاء االيطالي قاطبة تعكس المب ادئ والقيم‬
‫السائدة في المجتمعات الغربية التي ال تنسجم مع اخالق ومبادئ المجتمعات العربية أو اإلسالمية‪.‬‬
‫فل و ان مث ل ه ذه القض ية عرض ت على اح دى المح اكم في اي بل د إس المي ف أن الحكم‬
‫الصادر سيكون بتجريم فعل الطبيب وفرض العقوبة القصوى بحق ه وبح ق ك ل من المنق ول من ه‬
‫والمنقول إليه نظرًا النتهاكهم الفظيع لألخالق واآلداب العامة ‪ ،‬حيث ان االق رار بمش روعية ه ذا‬
‫الفعل الشائن والشنيع سينجم عنه ال محالة اختالط في االنساب وشيوع الفوضى في المجتمع‪.‬‬
‫وعليه فأن االخالل بالنظام العام واآلداب سيقود إلى اعتب ار التص رف باألعض اء البش رية ب اطًال‬
‫ًا ‪4‬‬
‫بطالنًا مطلق ‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي ان يس تهدف ك ل تص رف من التص رفات ال واردة على االعض اء البش رية تحقي ق‬
‫مصلحة عالجية راجحة للم ريض(‪ )1‬بغي ة المحافظ ة على حيات ه أو ص حته ‪ ،‬وال ب أس ان تك ون‬
‫الغاية من هذا التصرف هو تحقيق مصلحة علمية قد تعود بالفائ دة على الم ريض وعلى المجتم ع‬
‫سواء بسواء كما هو الحال في التجارب الطبية التي لواله ا لم ا توص ل االطب اء إلى ايج اد عالج‬
‫لكث ير من االم راض المستعص ية بي د ان اباح ة ه ذه التج ارب ‪ ،‬يجب ان يك ون طبق ا لش روط‬
‫وضوابط معينة تضمن الخير للبشرية وتدرأ الشر عنها ‪ ،‬وسأتولى تفصيل ذلك الحقًا‪.‬‬
‫ان اجراء اي عمل جراحي من شأنه نزع عضو من جسد شخص ليزرع في جسد آخ ر ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتعين أن تقرر ضرورته لجنة طبية مختصة ومخولة بم وجب الق انون باتخ اذ مث ل ه ذا الق رار ‪،‬‬
‫ومرد ذلك االهمية والخطورة البالغة التي يتسم بها هذا النوع من العمليات ‪ ،‬مما يس توجب ال تيقن‬
‫من ان اية عملي ة من ه ذه العملي ات ال تش كل خط رًا على ص حة أو حي اة المتص رف من جه ة ‪،‬‬
‫والتأكد من ضرورة اللجوء إلى هذه الوسيلة العالجية بالنسبة للمتصرف إليه من جهة أخرى‪.‬‬
‫)‬ ‫وتجدر االشارة إلى أن قانون نقل وغرس االعضاء البش رية الس وري رقم (‬
‫منه على هذا الشرط كما يأتي ‪-:‬‬ ‫‪-‬م‬ ‫‪ ،‬ينص ف‬ ‫لسنة‬
‫(ان تقوم لجنة اطباء مؤلفة من ثالثة اطب اء بفحص المت برع وتق دير م ا ان ك ان ال ترخيص بنق ل‬
‫العضو من جسمه ال يشكل خطرًا على حياته)(‪.)2‬‬

‫) من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية العراقي على ما يأتي ‪-:‬‬ ‫‪ )۱(4‬تنص م (‬
‫(يجوز اجراء عمليات زرع االعضاء البش‪99‬رية للمرض‪9‬ى به‪99‬دف تحقي‪9‬ق مص‪9‬لحة عالجي‪9‬ة راجح‪9‬ة لهم تقتض‪9‬يها‬
‫المحافظة على حياتهم)‪.‬‬
‫وتحدي‪99‬دًا‬ ‫) لسنة‬ ‫(‪ )2‬لقد ورد ذات النص في قانون االنتفاع بأعضاء جسم االنسان االردني رقم (‬
‫منه‪.‬‬ ‫‪،‬م‬ ‫في ف‬
‫‪/‬‬ ‫امـا التشريع الفرنسي المتعلـق بأخـذ االعضـاء البشرية وزرعهـا الصـادر فـي‬
‫‪ ،‬فقـد قـرر أنـه ان كـان المتصرف بالعضـو قاصـرًا ‪ ،‬فالبـد‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫مـن الحصول على موافقة لجنة طبية مؤلف ة من ثالث ة اختصاص يين في االق ل على أن يك ون من‬
‫بينهم طبيبان ‪ ،‬مارسا الطب لمدة ال تقل عن عشرين عامًا ‪ ،‬وتتخذ هذه اللجن ة موقف ًا بع د دراس ة‬
‫وافية للنت ائج المرتقب ة لعملي ة النق ل س واء على الص عيد النفس ي أو الجس دي ‪ ،‬وذل ك فض ًال عن‬
‫موافقة الممثل القانوني للقاصر (‪.)1‬‬
‫وفي الحقيقة ان المشرع العراقي لم يشترط تشكيل مثل هذه اللجنة الطبي ة ‪ ،‬واكتفى بق رار‬
‫) من ق انون مص ارف العي ون الع راقي المع دل‬ ‫من احد االطباء ‪ ،‬وهذا م ا تنص علي ه م (‬
‫كاآلتي ‪-:‬‬
‫(ال يجوز استئصال عيون وفقًا ألحكام هذا القانون اال اذا تم ذل ك من قب ل ط بيب مخ ول من قب ل‬
‫‪5‬‬
‫احدى المستشفيات المرخص لها بإنشاء مصارف عيون)(‪.)2‬‬
‫وقـد حـذا المشرع اللبناني حذو المش رع الع راقي ‪ ،‬اذ ينص المرس وم االش تراعي رقـم (‬
‫على ما يأتي ‪-:‬‬ ‫) لسنة‬
‫(ان يعاين " اي المتبرع " من قبل الطبيب المكلف بأجراء العملية والذي ينبهه على نتائج العملي ة‬
‫واخطارها ومحاذيرها ويتأكد من فهمه لكل ذلك)‪.‬‬
‫وتأسيسًا على ما تقدم يالحظ ان دور هذه اللجنة الطبية يتمحور بشكل رئيسي حول تبصير‬
‫كل من طرفي العمل الجراحي اي المتصرف والمتصرف اليه بالنتائج المؤكدة والمحتملة المتولدة‬
‫من العملية ‪ ،‬كي يكون كل منهما على بينة ودراية كافية أو ال ب أس به ا على اق ل تق دير من أج ل‬
‫اتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن ‪ ،‬وعلى وج ه الخص وص بالنس بة للمتص رف ال ذي س يفقد اح د‬
‫أعضائه على اثر العملية ‪.‬‬
‫ونتساءل في هذا السياق ‪ ،‬هل يباح للطبيب ان يكذب على مريضه ؟‬
‫لقد دعا جانب من القضاء والفق ه الق انوني ومنهم العمي د (كاربونيي ه) إلى معاقب ة الط بيب‬
‫عن الكذب المتشائم دون الكذب المتفائل بشرط عدم استعمال الوسائل التدليسية ‪ ،‬والكذب المتشائم‬
‫هو اخفاء الطبيب للعالمات والنتائج الحسنة عن المريض ‪ ،‬وجعله يعتقد بأن حالته الص حية أس وأ‬
‫مما اظهرته الفحوص والتحاليل الطبية‪ ،‬وهذا نوع من الكذب ال يوجد ما يبرره اال‬

‫) لس‪999‬نة‬ ‫‪ )1(5‬ينظ‪999‬ر ‪ :‬د‪ .‬حس‪999‬ام ال‪999‬دين كام‪999‬ل االه‪999‬واني ‪ :‬تعلي‪999‬ق على الق‪999‬انون الفرنس‪999‬ي رقم (‬
‫بشأن نقل وزرع االعضاء البشرية ‪ -‬بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة اص‪99‬دار جامع‪99‬ة الك‪99‬ويت – الع‪99‬دد‬
‫‪.‬ص‬ ‫الثاني ‪ -‬السنة الثانية ‪ .‬يونيو ‪/‬‬
‫) من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية العراقي في ذات الصدد‪.‬‬ ‫(‪ ) 2‬يراجع نص م (‬
‫في حاالت استثنائية نادرة ‪ ،‬أما الكذب المتقاتل فهو اخف اء حقيق ة الم رض وعواقب ه الوخيم ة عن‬
‫المريض ‪ ،‬طالما ان ذكر الحقيقة لن يكون له سوى اثر سلبي على حالة المريض الصحية‪ ،‬ب ل ان‬
‫الكذب المتفائل يستهدف عادة مصلحة المريض وتحسين حالته النفسية في االقل(‪.)1‬‬
‫اال أن العم ل الج راحي ال ذي نحن بص دده ‪ ،‬وال ذي يض م اطراف ًا ثالث ة ‪ ،‬اذ فض ًال عن‬
‫الطبيب والمريض هنال ك ط رف ث الث اال وه و المتص رف أو الم انح للعض و البش ري ‪ ،‬وال ذي‬
‫اعتقده هنا ان الطبيب يجب ان ينأى عن الكذب مطلقًا ‪ ،‬وعلي ه ان يطل ع المتص رف والمتص رف‬
‫اليه على الحقيقة كما هي لكي ال تنعقد مسؤوليته‪.‬‬
‫ولكن ماذا لو كان المنقول منه ميتًا ؟ فهل يتحتم تشكيل مثل هذه اللجنة؟‬
‫ان قانون عمليات زرع األعضاء العراقي يجيب عن هذا التساؤل مـن خـالل نـص ف ب‬
‫منه ‪ ،‬التي تني ط مهم ة تحدي د لحظ ة الم وت بلجن ة من االطب اء االختصاص يين على ان‬ ‫–م‬
‫يكون اح دهم مختص ًا ب االمراض العص بية ‪ ،‬وان ال يك ون من بين اعض اء ه ذه اللجن ة الط بيب‬
‫المعالج والطبيب المنفذ لعملية الزرع‪.‬‬
‫وطبقًا للمادة من حيث مـن قـانون زرع االعضاء الفنزويلي الصادر في ‪ /‬يوليو‬
‫ان تشخيص الموت يكون من قبل لجنة طبية مؤلفة من ثالثة اختصاص يين ‪ ،‬ويتم اثبات ه بمح رر‬
‫موقع عليه من قبلهم على ان يكون الفريق الطبي ال ذي يق وم ب اجراء عملي ة ال زرع مختلف ًا تم ام‬
‫االختالف عن االطباء الذين تحققوا من الوفاة‪.‬‬
‫ه ذه المس ألة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫اما في فرنسا فلقد حسم المرسوم الصادر في‬
‫) منه التي اكدت وجوب التحقق من الوفاة من قب ل طبي بين ال يق ل منص ب‬ ‫في م (‬
‫احدهما عن رئيس قسم في المستشفى أو نائب لرئيس القسم وان يختلف الفريق الطبي الذي يتحقق‬
‫‪6‬‬
‫من الوفاة تمامًا عن الفريق الذي يقوم بعملية االستئصال والغرس(‪.)2‬‬
‫واقترح في هذا الس ياق ان تش كل لجن ة من اطب اء اكف اء ينت دبهم وزي ر الص حة من غ ير‬
‫اللجنـة التـي تقرر ابتداءًا ضـرورة اجراء العمليـة مـن اجـل فـحـص المتصـرف ان كـان حي ًا‬
‫والمتصرف الي ه س لفًا قب ل اج راء عملي ة نق ل العض و للتأك د من م دى دق ة التش خيص وس المة‬
‫المتصرف من الناحية العقلية والنفسية وان يناط بهذه اللجنة مهم ة توجي ه وارش اد ط رفي العم ل‬
‫الجراحي وتقديم النصح لهما ‪ ،‬ويا حبذا لو تشكل هذه اللجن ة في اعق اب العملي ة أيض ًا للتأك د من‬
‫مدى دقة الجراحة ومدى مراعاة االطباء الجراحين ألصول مهنتهم‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ )1(6‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ينظر ‪ :‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‬
‫وينص قانون نقل وغرس االعضاء السوري على نظير االقتراح المذكور اعاله وذل ك في‬
‫غضون عرضه للشروط الالزمة ألجراء عمليات نقل االعض اء البش رية ك االتي (ان تق وم لجن ة‬
‫طبية مؤلفة من ثالثة اطباء اختصاصيين غير االطباء الذين سيقومون بعملية الغرس لتقدير م دى‬
‫حاجة المستفيد لعملية النقل)(‪.)1‬‬
‫ان عمليات بتر وغرس االعضاء البشرية ينبغي أن تج ري في مراك ز استش فائية مخول ة‬ ‫‪-‬‬
‫رس ميًا بمقتض ى الق انون أي مج ازة من قب ل وزارة الص حة ب أجراء ه ذا الن وع من العملي ات‬
‫الجراحية وان تكون مهيأة س لفًا وم زودة بكاف ة المس تلزمات الطبي ة الالزم ة لض مان نج اح ه ذه‬
‫العمليات ومنع ح دوث أي ة مض اعفات ص حية ق د تلح ق بالمتص رف أو بالمتص رف الي ه ‪ ،‬وإن‬
‫استلزام توفر هذا الشرط ينبعث من خطورة عمليات نقل االعضاء األدمية وم ا تتطلب ه من عناي ة‬
‫‪7‬‬
‫مركزة اثناء العملية وبعدها‪.‬‬
‫ويتضح موقف المش رع الع راقي به ذا الخص وص في نص م ( ) من ق انون مص ارف‬
‫العيون ال تي اش ترطت ان تتم عملي ات نق ل العي ون في مستش فى الرم د (ابن الهيثم حالي ا) أو في‬
‫مستشفى الجمه وري (دائ رة مدينـة الطـب حالي ًا) ‪ ،‬أو في أي مستش فى أخ رى تح دد بتعليم ات‬
‫يصدرها وزير الصحة(‪.)2‬‬
‫علما ان المشرع العراقي لم يحصر اجراء هذه العملي ات في المستش فيات الحكومي ة ‪ ،‬ب ل‬
‫سمح لبعض المستشفيات األهلية بإجرائها أيضًا بشرط الحصول على ترخيص رسمي‪.‬‬
‫وفي الهند أيضًا ال تجرى عمليات نقل االعضاء البش رية اال في مستش فيات م رخص له ا‬
‫سلفًا بذلك ‪ ،‬حيث يشترط ان تكون هذه المستشفيات مجهزة تجهيزا جي دا ‪ ،‬بم ا يتف ق م ع س ياقات‬
‫الزرع المعترف بها والمعايير الدولية السائدة في هذا المجال ‪ ،‬وتخض ع ه ذه المستش فيات بص فة‬
‫دورية للتفتيش بغية التأكد من مراعاة ما تقدم (‪.)3‬‬
‫ان ابرام أي تصرف قانوني باألعض اء البش رية يقتض ي اس تيفاء ش كلية معين ة ‪ ،‬يتطلبه ا‬ ‫‪-‬‬
‫القانون بغية الشروع ب أجراء العم ل الج راحي ‪ ،‬وذل ك انبث اق من االهمي ة البالغ ة ‪ ،‬ال تي يمثله ا‬
‫التصرف بأي عضو من االعضاء اآلدمية‪.‬‬

‫لس‪999‬نة‬ ‫) من ق‪999‬انون نق‪999‬ل وغ‪999‬رس االعض‪999‬اء الس‪999‬وري رقم‬ ‫مـن م (‬ ‫‪ )1(7‬يراج‪999‬ع نص ف‬


‫المعدل ‪.‬‬
‫) من‬ ‫) من قانون مصارف العيون المع‪99‬دل ‪ ،‬ويراج‪99‬ع نص م (‬ ‫)وم(‬ ‫(‪ )3‬يراجع نص م (‬
‫قانون عمليات زرع األعضاء البشرية العراقي‪.‬‬
‫‪(3) Professor Samiran Nundy, Origin and genesis of the Transplantation of‬‬
‫‪Human Organs Act, 1994, of India, Int. Dig. Hlth Leg., 1996, Vol.47, No. 1,p.90.‬‬
‫) من ه‬ ‫وهذه الشكلية تحدد في ضوء قانون عمليات زرع االعضاء الع راقي من خالل نص م (‬
‫كاالتي ‪-:‬‬
‫((يتم الحصول على االعضاء ألجل اجراء عمليات الزرع من ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬من يتبرع بها أو يوصي بها حال حياته شريطة ان يكون كامل االهلية عند التبرع أو االيصاء‬
‫وبإقرار كتابي))‪.‬‬
‫) من قانون نقل وغرس االعضاء البشرية الس وري المع دل على م ا‬ ‫من م (‬ ‫كما تنص ف‬
‫يأتي ‪-:‬‬
‫(ان ال يتم نقل العضو من المتبرع اال بعد الحصول منه على موافق‪99‬ة خطي‪99‬ة ص‪99‬ريحة ح‪99‬رة غ‪99‬ير‬
‫مشوبة ‪ ،‬وشريطة ان يكون المتبرع متمتعًا بكامل اهليت‪99‬ه) ‪ ،‬زد على ذل ك ان المش رع الس وري‬
‫قد اشترط في م ( ) من ذات القانون ألجراء عملي ات الغ رس للمس تفيد الحص ول على موافق ة‬
‫هذا االخير الخطية ان كان كامل االهلية وموافقة وليه الشرعي ان كان قاصرًا وموافقة عائلت ه ان‬
‫ك ان غ ير ق ادر على االفص اح عن ارادت ه‪ .‬ولق د انف رد الق انون الس وري به ذا النص عن س ائر‬
‫القوانين العربية‪.‬‬
‫) من قانون االنتفاع بأعضاء جسم االنسان األردني على اآلتي ((ان يوافق‬ ‫وتنص م (‬
‫المتبرع خطيًا وهو بكامل إرادته واهليته على نقل العضو من جس مه ‪ ،‬وذل ك قب ل اج راء عملي ة‬
‫‪8‬‬
‫النقل)(‪.)1‬‬
‫اما في لبنان فلقد علق المرسوم االشتراعي المرقم ( ) الصادر عام‬
‫اجراء أية عملية لنقل الكلى على قرار يصدر من وزير الصحة والشؤون االجتماعية اللبناني(‪.)2‬‬
‫وفي كل من فرنسا وايطاليا يلزم استصدار قرارًا قضائيا من اجل الس ماح ب أجراء ه ذا الن وع من‬
‫العمليات ‪ ،‬مع العلم ان المشرع االيطالي قد تطلب ذلك في حالة كون المتصرف من غ ير اق ارب‬
‫المتصرف اليه ‪ ،‬وبموجب التش ريعات االنكل و امريكي ة ف ان المتص رف يجب ان تك ون موافقت ه‬
‫كتابة وبمحضر موقع عليه من قبل شاهدين(‪.)3‬‬
‫وتذهب بعض التشريعات ومنها تشريع لكسمبرغ المتعلق بنقل االعضاء الصادر في‬
‫إلى السماح للسلطات بالمطالبة بالجث ة الس تخدامها في االغ راض العالجي ة أو‬
‫العلمية‪ .‬حتى ان لم يعبـر المـتـوفى اثناء حياتـه عـن رغبتـه صـراحة باستئص ال االعض اء من‬
‫جثته(‪ .)4‬في حين يعتبر التشريع الياباني الخاص بالحصول على االعضاء البشرية‬
‫) من قانون االنتفاع بأعضاء االنسان االردني ‪.‬‬ ‫‪ )1(8‬يراجع نص (م ‪/‬‬
‫(‪ )2‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬وجيه خاطر ‪ :‬المرجع السابق ‪ -‬ص ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد محمود سعيد ‪ :‬المرجع السابق ‪ -‬ص‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )4‬د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫االكثر ص رامة في الع الم ‪ ،‬اذ ال يس مح لألطب اء‬ ‫ألغراض الزرع والصادر في ايلول ‪/‬‬
‫مطلقًا بأخذ اي عضو من شخص ميت‪ ،‬دون ان يكون قد ترك موافقة خطية قبل موت ه فض ًال عن‬
‫موافقة عائلته (‪.)1‬‬
‫وقبل االنتهاء من هذا المطلب ‪ ،‬اجد من المناسب هنا اي راد اح د التطبيق ات القض ائية ال تي‬
‫اث يرت ام ام اح دى المح اكم اللبناني ة ‪ ،‬وال تي تنط وي على انته اك لبعض ش روط التص رف‬
‫‪9‬‬
‫باألعضاء البشرية التي سبق ذكرها ‪ ،‬وتتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي ‪-:‬‬
‫س نة طفلت ه إلى اح دى المستش فيات‬ ‫‪ ،‬ادخل احد الشباب الب الغ‬ ‫إبان شهر آذار من عام‬
‫الجل تطبيبه ا ‪ ،‬وق د ك ان يع اني من الفق ر والع وز ‪ ،‬وفي غض ون ذل ك تق دم من ه اح د االطب اء‬
‫العاملين في المستشفى ‪ ،‬واستفسر منه عما اذا كان يقبل ببيع احدى كليتي ه لزرعه ا في جس د اح د‬
‫المرضى المصابين بالعجز الكلوي ‪ ،‬وقد ابدى هذا الش اب اس تعداده للقبـول لق اء الحص ول على‬
‫) دوالر ‪ ،‬وبناء على ذلك استلم المستفيد ايصاًال خطيًا من الشاب يتضمن تعهده بهب ة‬ ‫مبلغ (‬
‫اح دى كليتي ه للمس تفيد‪ ،‬وعقب ذل ك ادخ ل إلى اح دى المستش فيات ‪ ،‬ف ترك تحت رعاي ة اح د‬
‫االطباء ‪ ،‬الذي نفذ العملية قبل التأكد من اخذ الكليـة تبرع ًا ‪ ،‬ودون تنبيـه المتص رف الش اب إلى‬
‫مخاطر العملية ومحاذيرها ‪ ،‬وخاصة العطل الدائم دون التقيد باألنظم ة والش روط ال تي تض منها‬
‫) لس نة ‪ ،‬وق د نتج عن ذل ك اص ابة المتص رف الش اب‬ ‫المرسوم االشتراعي المرقم (‬
‫بالمائ ة ‪ ،‬ناهي ك عن المض اعفات النفس ية الس يئة ال تي ابعدت ه عن زوجت ه‬ ‫بعج ز مق داره‬
‫وطفلته ‪ ،‬سببها رفض المستفيد وهو الثري الكبير مساعدته‪ .‬ولهذا فقد تقدم هذا الشاب للمحاكم ة ‪،‬‬
‫بزعم ان التعهد الصادر منه ‪ ،‬سوري ‪ ، ،‬حيث منه ب الغش واالحتي ال ‪ ،‬وان المس تفيد ق د اوهم ه‬
‫بالوقوف إلى جانبه واعطائه مبلغًا ماليًا أخرا في المستقبل ‪ ,‬وقيام اخ وة بينهم ا ‪ ،‬مم ا يش كل على‬
‫) من ق انون العقوب ات اللبن اني الص ادر في ع ام‬ ‫حد قول الشاب احتياًال اس تنادًا لنص م (‬
‫‪ ،‬وان عملية نزع الكلي ة وزرعه ا ق د حص لت خالف ًا للق انون والنظ ام الع ام ‪ ،‬وذل ك باالش تراك‬
‫والتدخل والتنسيق بين المس تفيد وإدارة المستش فى والط بيب ‪ ،‬ودون تنبيه ُه إلى احتم ال حص ول‬
‫) دوالرًا ه و مقاب ل زهي د ‪ ،‬وادعى بأن ه لم‬ ‫عطل دائم ‪ ،‬كما زعم المدعي الشاب ان مبل غ (‬
‫يبصر بالمخاطر والمحاذير المترتبة على العملية ‪ ،‬فضًال عن جهله بالقوانين قبل اقدامه على بي ع‬
‫)‬ ‫كليته اليسرى للمستفيد ‪ ،‬مما يشكل على حـد رأيـه انتهاكـا للمرسوم االشتراعي رقـم (‬
‫واحكـام م‬ ‫لسنة‬

‫‪(1)Professor Masahiro Morioka: Organ transplant Laws fire, article in the‬‬


‫‪9‬‬

‫‪Nikkei‬‬ ‫‪weekly‬‬ ‫‪oct.23.2000,‬‬ ‫‪p.1,‬‬ ‫‪taken‬‬ ‫‪from‬‬ ‫‪Internet:‬‬


‫‪http://www.Lifestudies.org /nikkei.htm /‬‬
‫( ) من قانون العقوبات اللبناني معطوفة على م ( ) من ه لجه ة المستش فى ‪ ،‬وق د ح دد االض رار‬
‫التي لحقت به س واء المادي ة أو المعنوي ة بقيم ة ( ) ال ف دوالر أو م ا يعادله ا بالعمل ة اللبناني ة ‪،‬‬
‫وطلب الحكم باالدانة والتعويض عن األضرار بالتكافل والتضامن‪.‬‬
‫وحيث ان المشرع اللبناني قد عالج موضوع اخذ االنس جة واالعض اء البش رية لألغ راض‬
‫‪ ،‬وك ذلك عـالج‬ ‫الطبيــة والعلميـة فـي المرسـوم االشتراعي المرقم ( ) والصــادر بتـاريخ‬
‫ذات الموضـوع فـي قـانون اآلداب الطبيـة رقـم ( ) والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد ( )‬
‫‪ ،‬حيث جاء في م ( ) من المرسوم االشتراعي المذكور ما يأتي ‪-:‬‬ ‫بتاريخ‬
‫(ال يسمح بأخذ االنس جة واالعض اء البش رية من جس م اح د االحي اء لمعالج ة م رض أو ج روح‬
‫شخص آخر اال وفقا للشروط التالية مجتمعة ‪-:‬‬
‫سنة من عمره‪.‬‬ ‫أن يكون الواهب قد اتم‬
‫ان يع اين من قب ل الط بيب المكل ف ب أجراء العملي ة ‪ ،‬وال ذي ينبه ه على نت ائج العملي ة‬ ‫‪-‬‬
‫واخطارها ومحاذيرها ‪ ،‬ويتأكد من فهمه لكل ذلك‪.‬‬
‫ان يوافق الواهب خطيًا وبملء حريته على اجراء العملية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ان يكون اعطاء االعضاء على سبيل الهبة المجانية غ ير المش روطة ‪ ،‬وال يج وز اج راء‬ ‫‪-‬‬
‫العملية لمن ال تسمح حالت ه الص حية ب ذلك ‪ ،‬أو في ح ال احتم ال تهدي د ص حته بخط ر ج دي من‬
‫جرائه)‪.‬‬
‫وحيث ورد في ( ) من قانون اآلداب الطبية المار الذكر ما يأتي ‪-:‬‬
‫(يمكن استئصال عضو من انسان بالغ حي يتمتع بكامل قواه العقلية في سبيل اج راء عملي ة زرع‬
‫ذات هدف عالجي ‪ ،‬وذلك بعد موافقة الواهب الخطية الحرة والصريحة بحض ور ش اهد وبع د ان‬
‫تشرح له نتائج هذا االستئصال ‪ ،‬وال يجوز حث مت برع على الت برع بعضـو ي ؤثر على حيات ه)‪.‬‬
‫وحيث تبين مما سبق ان الشروط المطلوبة قانونًا ألخ ذ وزرع الكلى ق د ت وفرت في ه ذه القض ية‬
‫برضى المدعي حسب األصول ‪ ،‬مم ا ال يش كل جرم ًا وحيث أن ق ول الم دعي بص ورية اق راره‬
‫بالهبة ‪ ،‬ال يمكن التعويل عليه من قبل المحكم ة ‪ ،‬الن ه ذا االق رار ق د ورد في منظم ل دى ك اتب‬
‫عدل ‪ ،‬اذ يتعين االخذ به طالما لم يبطل من المرجع المختص ‪ ،‬وحيث أن جرم ‪:‬‬
‫االحتيال المعاقب عليه بموجب م ( ) عقوبات والمسند إلى المس تفيد الم دعى علي ه غ ير مت وفر ‪،‬‬
‫ألن موضوع ال نزاع يتعل ق بعضـو بش ري ‪ ،‬يخ رج من مفه وم الم ال‪ ،‬ال ذي ي رد علي ه رس مي‬
‫االحتيال ‪ ،‬وحيث ان جرم م ( ) عقوبات يتطلب خطأ جزائيا في صورة اهم ال أو قل ة اح تراز أو‬
‫عدم التقيد ب القوانين واالنظم ة ‪ ،‬األم ر غ ير المت وفر وال دلي ل علي ه ‪ ،‬وحيث ان الم دعي يعت بر‬
‫المدعى عليهم (اي المستفيد وادارة المستشفى والطبيب) شركاء أو متدخلين في جرم م‬
‫( ) عقوبات ‪ ،‬وهو جرم غ ير قص دي ال يق وم في ه االش تراك أو الت دخل القاص رين على الج رم‬
‫القصدي ‪ ،‬كما استقر عليه االجتهاد التمييزي‪.‬‬
‫وبن اء على م ا تق دم قض ت المحكم ة بك ف التعقيب ات الجزائي ة عن الم دعى علي ه لجه ة ج رمي‬
‫المادتين ( ) و ( ) عقوبات النتفاء العناصر فضًال على البراءة منه ا النتف اء ال دليل على الخط أ‬
‫الجزائي (‪.)1‬‬
‫واعتقد ان حكم المحكمة أعاله كان مجحفا بحق المدعي الش اب ‪ ،‬فه ل الم ال المع اقب على اخ ذه‬
‫عن طريق االحتيال بمقتضى م ( ) عقوبات لبن اني اثمن من العض و اآلدمي المع رى من الحماي ة‬
‫القانوني ة ؟ اال تكفي قرين ة انقط اع ص لة القراب ة بين المتص رف والمتص رف الي ه ألثب ات ك ون‬
‫التصرف معاوضة ؟ بل حتى تنعدم اية معرفة سابقة بينهما‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اساس التصرف القانوني باألعضاء البشرية‬
‫ان دراسة شروط التصرف الق انوني باألعض اء البش رية تقودن ا إلى تحدي د األس اس ال ذي‬
‫يرتكز عليه هذا التصرف‪.‬‬
‫وبوجه عام فأن هذا االساس كان وال يزال من المسائل الخالفية التي احت دم حوله ا النق اش‬
‫والجدال في أوساط الفقه القانوني ‪ ،‬لذا سأستعرض هذه اآلراء على التتابع ‪-:‬‬
‫أوال ‪:‬ـ رضا المتصرف المقترن بالمصلحة االجتماعية ‪ -:‬يقيم أصحاب ه ذا االتج اه م ذهبهم على‬
‫اس اس الموازن ة بين المص لحة الفردي ة والمص لحة االجتماعي ة ‪ ،‬ويقص د ب األولى مص لحة‬
‫المتصرف بعضوه البشري التي مبعثها حفه في سالمة جسمه ‪ ،‬أي حرمة هذا الجسد وسموه على‬
‫اي سوء قد يلحق به هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فهنالك المصلحة االجتماعية المنبثقة من حق‬
‫المجتمع باالستفادة من اي كائن بشري يتواجد فيه ‪ ،‬وعليه فمصلحة الفرد والجماعة ال تتحقق وال‬
‫تتكامل اال بتكامل اعضاء الجسم البشري (‪.)2‬‬
‫وهكذا فالمصلحتان تتالقيان في ذات النقطة وانطالقًا منها يبرر هذا االتجاه نقل العض و من‬
‫شخص إلى آخ ر ‪ ،‬طالم ا نجم عن ذل ك زي ادة في المنفع ة االجتماعي ة وارس اء قواع د التض امن‬
‫االجتماعي المستش ف من رض ا المنص رف ‪ ،‬وطالم ا ان م ا كس به المتص رف الي ه ومن ورائ ه‬
‫المجتمع يفوق ما لحق بالمتصرف من ضرر‪.‬‬
‫ويؤخذ على هذا االتج اه ع دم وض وح مع الم ه ذه المص لحة االجتماعي ة وكيفي ة تقييمه ا ‪،‬‬
‫ناهيك عما تنطوي عليه من تقويض لمبدأ المساواة بين االفراد ‪ ،‬اذ بموجب هذه النظرية ال يتسنى‬

‫‪ )1(10‬نقال عن س‪99‬ميرة عاي‪99‬د ال‪99‬ديات ‪ :‬عملي‪99‬ات نق‪99‬ل وزرع األعض‪99‬اء البش‪99‬رية بين الش‪99‬رع والق‪99‬انون ‪ -‬رس‪99‬الة‬
‫دكتوراه ‪ -‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ -‬عمان ‪ -‬االردن ‪ - -‬ص ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر فرج صالح الهرش ‪ :‬موقف القانون من التطبيقات الطبي‪99‬ة الحديث‪99‬ة ‪ -‬ال‪99‬دار الجماهيري‪99‬ة ‪ -‬مص‪99‬راتة ‪-‬‬
‫بدون سنة طبع – ط ‪-‬‬
‫لعالم مرموق أن يتبرع بأحد اعضائه لعامل بسيط للحيلولة دون االنتقاص من المنفعة االجتماعي ة‬
‫التي يقدمها هذا العالم بالمقارنة مع المنفعة المقدمة من قبل العامل(‪.)1‬‬
‫ومن وجه ة نظ ر إس المية فلق د ذهب دينن ا الح نيف إلى ايث ار المص لحة االجتماعي ة‬
‫وتفضيلها على المصلحة الفردية ‪ ،‬وهذا ما يستقى من القاعدة الشرعية التالية ‪-:‬‬
‫(يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام)(‪.)2‬‬
‫كما أن المتتبع لكتب الفقه اإلسالمي يجد ان فقه اء الش ريعة ‪ ،‬ي رون أن ح ق اإلنس ان في‬
‫الحياة وسالمة البدن هو من قبيل الحقوق التي يجتمع فيها الحقان أي حق هللا تع الى وح ق العب د ‪،‬‬
‫فيرى بعضهم ان الحق في الحياة وسالمة الجس م ه و ح ق مش ترك بين العب د ورب ه ‪ ،‬اال ان ح ق‬
‫العبد هو الغالب الن ه ذا الح ق في ه نف ع للف رد ودرء المفس دة في حماي ة الجس م ‪ ،‬وليس في ذل ك‬
‫(‪11 )3‬‬
‫تحقيق لمصلحة خالصة هلل تعالى ‪.‬‬
‫اما البعض اآلخر فيفرق بين الحق في الحياة والحق في س المة الجس م ‪ ،‬ف يرى ان الح ق‬
‫في الحياة هو حق خالص هللا ‪ ،‬اما الحق في سالمة الجسم واألعضاء فأن التصرف به من شأنه‬
‫ان يؤول إلى أحد األمرين التاليين ‪-:‬‬
‫‪ -‬تصرف يفضي بصاحبه إلى الموت يقينًا أو ظنًا وهذا النوع من التص رفات يتعل ق بح ق هللا‬
‫فال يجوز أن يصدر من العبد‪.‬‬
‫‪ -‬تصرف ليس من شأنه ان يؤدي إلى الموت ال يقينًا وال ظنًا ‪ ،‬فهذا التصرف ضمن هذا القيد‬
‫هو من حق العبد(‪.)4‬‬

‫‪ )1(11‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬حسام الدين االهواني ‪ :‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ‪ -‬المرجع السابق – ص‬
‫(‪ ) 2‬مجلة األحكام العدلية – م ( ) ‪ ،‬ولقد تبنى القانون المدني العراقي هذه القاعدة في م ( ) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظـر ‪ :‬عصام أحمد محمد ‪ :‬حماية الحق في سالمة الجسم في الشريعة اإلسالمية ‪ -‬بحث منشور في مجلة‬
‫القضاة ‪ -‬مطابع دار المعارف ‪ -‬مصر ‪ -‬العدد ‪ -‬السنة ‪ - -‬ص‬
‫(‪ )4‬ينظر ‪ :‬محمد سعيد رمضان البوطي ‪ :‬انتفاع اإلنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيا أو ميت‪99‬ا ـ بحث منش‪99‬ور‬
‫في مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ‪ -‬جدة ‪ -‬العدد ‪/ -‬‬
‫وفي رأيي المتواض ع ان الح ق في الحي اة وس المة الجس م ه و ح ق مش ترك بين الخ الق‬
‫والمخلوق اال ان حق العبد (الحق الخاص) هو الراجح وهللا اعلم‪.‬‬
‫ثانيًا ‪:‬ـ السبب المشروع ‪ -:‬يقيم انصار هذا االتجاه مذهبهم على أس اس نظري ة الس بب أو الب اعث‬
‫الدافع إلى التصرف ‪ ،‬فكلما استهدف العمل القانوني الوصول إلى غاي ة نبيل ة ‪ ،‬اس بغ ه ذا الس بب‬
‫على التصرف طابعًا شرعيًا وصار أساسًا له‪.‬‬
‫ولقد أعتمد القضاء الفرنسي على هذه النظرية في تبرير مشروعية عمليات نقل األعض اء‬
‫البشرية ‪ ،‬وكان ذلك قبـل سـن التش ريع المتعلـق بأخـذ األعضـاء وزرعه ا الص ادر فـي عـام‬
‫في فرنسا‪.‬‬
‫فالبد ان يتوخى كـل طـرف مـن أط راف العملي ة الجراحي ة (وهم الط بيب والمتص رف‬
‫والمتصرف إليه) تحقيق مصلحة عالجية راجحة للمريض المستفيد من عملية ال زرع ‪ ،‬ف اذا ك ان‬
‫الطبيب الجراح ينشد الشهرة أو أجراء تجربة علمية فحسب مثًال ‪ ،‬أو كان غرض المتص رف من‬
‫تصرفه هو التخلص من الخدمة العسكرية أو االنتحار وإلى أخره مما يتنافى مع مقتضيات النظ ام‬
‫العام واآلداب تالشي األساس الذي يرتكز عليه هذا العمل القانوني‪.‬‬
‫ولقد انتقد هذا االتجاه لعدم انضباط المعي ار ال ذي يق وم علي ه (‪ ،)1‬وفي اعتق ادي ان الس بب‬
‫‪12‬‬
‫يصلح ان يكون شرطًا في التصرف ال أساسًا له‪.‬‬
‫ومن المناس ب هن ا ان اش ير للس بب في ض وء الش ريعة اإلس المية ‪ ،‬فاإلس الم حث على‬
‫النوايا الحسنة التي ترنو إلى تحقيق غايات سامية ‪ ،‬وه ذا م ا يتجلى في الح ديث النب وي الش ريف‬
‫[إنما األعمال بالنيات ولكل ام رئ م ا ن وى] (‪ )2‬وك ذا في قول ه تع الى ﴿ال يؤاخ ذكم هللا ب اللغو في‬
‫(‪)3‬‬
‫أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم﴾‬

‫ثالثًا ‪ -:‬حالة الضرورة ‪ -:‬ذهب البعض في فرنسا إلى تأسيس (‪ )4‬عمليات نق ل األعض اء البش رية‬
‫على حالة الضرورة ‪ ،‬التي تعرف بأنها ‪( :‬وضع مادي يحول دون مسؤولية من يرتكب فعًال‬

‫‪ ) 1(12‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حسام األهواني ‪ :‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ‪ -‬المرجع السابق ‪ -‬ص ‪.‬‬
‫هـ) ‪ .‬دار إحياء الكتب العربية‬ ‫(‪ )2‬سنن أبي ماجة للحافظ أبي عبدهللا محمد بن يزيد القزويني ‪ ( :‬هـ‬
‫‪ -‬بيروت ‪ -‬من يا رب ان خدها اال ان نام ‪ -‬دار و مد ‪ -‬رقم الحديث ( ) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة ‪/‬‬
‫‪ -‬حيث اس‪99‬تندت إلى ه‪99‬ذا‬ ‫(‪ )4‬ينظر في عرض هذا الرأي د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة ‪ :‬المرجع الس‪99‬ابق – ص‬
‫األساس إحدى محاكم التحقيق في فرنسا في احد قراراتها‪.‬‬
‫يجرمه القانون ‪ ،‬وذلك من أجل حماية مصلحة أعلى أو مساوية في األقل للمصلحة ال‪99‬تي ي‪99‬ؤدي‬
‫الفعل المرتكب إلى التضحية بها) (‪. )1‬‬
‫وهذه الحالة سندها الش رعي القاع دة الفقهي ة (الض رورات ت بيح المحظ ورات)(‪ )2‬وقاع دة‬
‫‪13‬‬
‫(الضرر االشد يزال بالضرر االخف)(‪. )3‬‬
‫والمغزى من حالة الضرورة ‪ ،‬هو ان يواجه الشخص خطرًا جسيمًا مح دقًا (ح اًال) بنفس ه‬
‫أو بنفس غيره ‪ ،‬وربما بماله أو بمال غيره ‪ ،‬وال يمكنه تف ادي ه ذا الخط ر اال باألق دام على فع ل‬
‫يلحق ضررا بالغير ‪ ،‬يكون أقل جسامة من الخطر المحدق‪.‬‬
‫وتأسيس عمليات نقل األعضاء البشرية على حالة الضرورة ‪ ،‬مرده اضطرار الطبيب إلى‬
‫انقاذ المريض الذي يواجه خطرًا جس يمًا مح دقًا بحيات ه ‪ ،‬ق د ي ؤدي إلى وفات ه أو اص ابته بعاه ة‬
‫مستديمة ‪ ،‬وال سبيل إلى تالفي هذا الخطر اال باستئصال عضو من جس د ش خص س ليم ‪ ،‬ل يزرع‬
‫بعدئذ في جسد الم ريض به دف انق اذه من ب راثن الم وت أو العج ز ‪ ،‬والب د من االش ارة في ه ذا‬
‫السياق إلى الشروط الالزمة لقيام حالة الضرورة وهي كاآلتي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ان يكون الطبيب امام حالة مرضية مستعصية بحيث يتع ذر عالجه ا اال باستئص ال عض و من‬
‫جسم سليم وزرعه محل العضو التالف في جسم المريض‪.‬‬
‫ب‪ -‬ان يكون الضرر الناجم عن عملية نقل العضـو أقل جسامة من الضرر الذي يصيب المريض‬
‫‪ ،‬ان لم تجز له العملية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬ان يك ون نق ل العض و من المتص رف إلى المتص رف إلي ه ه و الخي ار الوحي د المتبقي ل دى‬
‫الطبيب لعالج المريض ‪ ،‬واال فال موجب لحالة الضرورة‪.‬‬
‫اال ان هذه النظرية قد وجهت لها بعض االنتقادات ومنها تجاه ل ارادة االش خاص أو االس تخفاف‬
‫بها فقد يؤدي االستناد إلى حالة الضرورة كأساس لهذا النوع الخطير من العملي ات الجراحي ة إلى‬
‫اقدام األطباء على ن زع أي عض و من جس م أي م ريض لزرع ه في جس م م ريض آخ ر ومن ثم‬
‫التشبث بحالة الضرورة ‪ ،‬كما ان معظم التشريعات في العالم تعتبر حالة‬

‫‪ ) 1(13‬د‪ .‬غسان جميل الوسواسي ‪ :‬حدود مسؤولية االطباء عن اخطائهم في الشريعة والق‪99‬انون ‪ -‬بحث منش‪99‬ور‬
‫‪-‬ص‬ ‫في مجلة العدالة العراقية اصدار وزارة العدل ‪ /‬بغداد ‪ -‬العدد األول ‪-‬‬
‫)‬ ‫) وقد تبني مشرع القانون الم‪99‬دني الع‪99‬راقي ه‪99‬ذه القاع‪99‬دة في م (‬ ‫(‪ )2‬ينظر في مجلة األحكام العدلية م (‬
‫منه ‪.‬‬
‫) من ق‪.‬م‪.‬ع‪.‬‬ ‫) وقد تبنى المشرع هذه القاعدة في م (‬ ‫(‪ )3‬ينظر المرجع نفسه م (‬
‫منه‬
‫الضرورة مانعًا من موانع المسؤولية الجنائية ال سببا من أسباب االباحة ‪ ،‬مما قد يترتب عليه قيام‬
‫مسؤولية األطباء المدنية وبالتالي احجامهم عن ممارسة عملهم (‪. )1‬‬
‫ان حالة الضرورة معروفة أيض ًا في ش ريعتنا اإلس المية ‪ ،‬ولق د تع ددت التعريف ات ال تي‬
‫قيلت بشأنها ‪ ،‬فالحنفية والشافعية ذهبوا إلى اعتبار الجوع محور لحال ة الض رورة ‪ ،‬حيث عرفه ا‬
‫أبو بكر الجص اص بأنه ا ‪( :‬هي خ‪99‬وف الض‪99‬رر أو الهالك على النفس أو بعض األعض‪99‬اء ب‪99‬ترك‬
‫األكل)(‪ )2‬أما الشافعي فقد عرف المض طر بأن ه ‪( :‬من خ‪99‬اف من ع‪99‬دم األك‪99‬ل على نفس‪99‬ه موت ‪ً9‬ا أو‬
‫مرض‪ً9‬ا مخوف‪ً9‬ا أو زيادت‪9‬ه أو ط‪9‬ول مدت‪9‬ه أو انقطاع‪9‬ه عن رفقت‪9‬ه أو خ‪9‬وف ض‪9‬عف عن مش‪9‬ي أو‬
‫ركوب فمن لم يجد حالًال يأكله ووجد محرمًا لزمه أكله) (‪. )3‬‬
‫ولقد نظر الدردير من المالكية إلى الضرورة نظرة أعم بقول ه ‪( :‬هي الخ‪99‬وف على النفس‬
‫من الهالك علمًا (يقينا) أو ظنًا) ‪.‬‬
‫(‪14 )4‬‬

‫اال ان ارجح التعريفات من وجهة نظري ه و تعري ف األس تاذ وهب ة ال زحيلي م ع إض افة‬
‫كلمة (الدين) له وهو اآلتي ‪( :‬الض رورة هي ان تط رأ على اإلنس ان حال ة من الخط ر أو المش قة‬
‫الش ديدة بحيث يخ اف ح دوث ض رر أو اذى بال دين أو ب النفس أو ب العرض أو بالعق ل أو بالم ال‬
‫وتوابعها ‪ ،‬ويتعين ان يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعًا لضرر‬
‫عنه في غالب ظنه ضمن حدود الشرع)(‪. )5‬‬
‫اذ يمتاز هذا التعريف بالوضوح والشمولية‪.‬‬
‫وتأسيسًا على ما سبق يتضح أن حفظ النفس هو احدى الضرورات الخمس ال تي يل زم بن و‬
‫آدم بمراعاته ‪ ،‬وان مؤدى أخ ذ الش ارع بالض رورة ه و ان بعض األحك ام الش رعية ‪ ،‬ق د تك ون‬
‫مرهقة لإلنسان المكلف بها ‪ ،‬لذا فأن الرحمن الرحيم قد أباح لعبده االنتقال من المشقة إلى التيس ير‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ) 1(14‬د‪ .‬حسام الدين االهواني ‪ :‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ‪ .‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫هـ) ‪ ،‬المطبع‪9‬ة البهي‪9‬ة المص‪9‬رية ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أحكام القرآن لإلمام أبي بكر أحمد بن علي ال‪9‬رازي الجص‪9‬اص ‪ ( :‬ت‬
‫‪/‬‬
‫هـ) ‪ .‬ش‪99‬ركة الطباع‪99‬ة الفني‪99‬ة‬ ‫(‪( )3‬الفق‪99‬ه الش‪99‬افعي) األم لإلم‪99‬ام أبي عبدهللا محم‪99‬د بن ادريس الش‪99‬افعي ‪( :‬‬
‫م ‪/‬‬ ‫هـ‬ ‫المتحدة ‪ ،‬مصر ‪،‬‬
‫(‪( )4‬الفقه المالكي) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ محم‪99‬د بن أحم‪99‬د بن عرف‪99‬ة الدس‪99‬وقي ‪ :‬المطبع‪99‬ة‬
‫م‪/ ،‬‬ ‫هـ‬ ‫االزهرية ‪ ،‬مصر ‪-‬‬
‫(‪ ) 5‬د‪ .‬وهبة الزحيلي ‪ :‬نظرية الضرورة الشرعية ‪ ،‬مكتبة الفارابي ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا ‪ ،‬بدون سنة طبع ‪ .‬ص‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪ )6‬مجلة األحكام العدلية م (‬
‫ومن الصعوبة إلى السهولة ‪ ،‬وسند ذلك القاع دة الش رعية (المش قة تجلب التيس ير)(‪ ، )6‬رخص ة‬
‫من الباري (عزوجل) رحمة بالعباد ورأفة بهم ‪ ،‬كما اس تند في ق ولي ه ذا إلى م ا يلي من اآلي ات‬
‫البينات ‪-:‬‬

‫﴿َو اَل ُنَك ِّلُف َنْفًس ا‬ ‫(‪)2‬‬


‫﴿َال ُيَك ِّلُف ُهّللا َنْفسًا ِإَّال ُو ْس َعَها﴾ ‪ /‬اآلية (‪ )1‬و ﴿َو اَل ُنَك ِّلُف َنْفًسا ِإاَّل ُو ْس َعَها﴾ ‪ /‬اآلية‬
‫(‪)3‬‬
‫ِإاَّل ُو ْس َعَهاۖ َو َلَدْيَنا ِكَٰت ٌب َينِط ُق ِبٱْلَح ِّق ﴾ اآلية‬
‫رابعًا ‪:‬ـ استعمال الحق ‪ -:‬ان كافة األسس التي سبق ذكرها يتم االرتكاز عليها عند غياب التشريع‬
‫الخ اص المنظم لعملي ات نق ل األعض اء البش رية ‪ ،‬أي ان س ن مث ل ه ذا التش ريع س يكون مه دًا‬
‫لألساس القانوني الذي تس تند علي ه العملي ات الجراحي ة الرامي ة إلى نق ل العضـو البشـري مـن‬
‫‪15‬‬
‫المتصرف إلى المتصرف إليه المريض‪.‬‬
‫كما انه يمنح الطبيب الج راح حق ا ‪ ،‬يس تعمله م تى م ا تحققت الش روط ال تي ينص عليه ا‬
‫المشرع‪ .‬ويذهب الفق ه الح ديث إلى أن العم ل الط بي بوج ه ع ام يس تمد مش روعيته مباش رة من‬
‫القانون ‪ ،‬بمعنى ان هذا األخير هو الذي يضفي الش رعية على س ائر الممارس ات الطبي ة ‪ ،‬س واء‬
‫تلك التي يقوم بها الطبيب أو بقية افراد األسرة الطبية من ممرض ين وص يادلة وغ يرهم(‪ .)4‬وذل ك‬
‫بشرط الحصول على اجازة أو رخصة رسمية من الجهة التي يحددها المشرع سلفًا‪ .‬وهكذا يعت بر‬
‫العمل الطبي سببا من أسباب االباحة تنتفي ازاءه المسؤوليتان الجنائية والمدني ة على ح د س واء ‪،‬‬
‫حيث تنص م ( ) من قانون العقوبات العراقي المعدل (‪ )5‬على ما يلي ‪-:‬‬
‫( ال جريمة إذا وقع الفعل استعماال لحق مقرر بمقتضى القانون ‪ ،‬ويعتبر استعماال للحق ‪-:‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ -‬عمليات الجراحة والعالج على أصول الفن متى أجريت برضا الم‪99‬ريض أو ممثلـه أو أج‪99‬ريت‬
‫بغير رضاء ايهما في الحاالت العاجلة)‪.‬‬
‫) منه على اآلتي ‪-:‬‬ ‫اما في اطار القانون المدني العراقي النافذ فتنص م (‬
‫‪ )1(15‬سورة البقرة ‪/‬‬
‫(‪ )2‬سورة األنعام ‪/‬‬
‫(‪ )3‬سورة المؤمنون ‪/‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ينظر د‪ .‬غسان جميل الوسواسي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫تعود المعدل‪.‬‬ ‫) لسنة‬ ‫(‪ )5‬قانون العقوبات العراقي الصادر بالرقم (‬
‫تحويل على ما يأتي ‪:‬‬ ‫) من القانون المدني المصري لعام‬ ‫(‪ )6‬تنص م (‬
‫(ان استعمال الحق استعماال جائزًا دون تجاوز أو تعسف ال يمكن ان يكون خطأ وال يسأل صاحب الحق ولو نشأ‬
‫عن فعله ضرر للغير)‪.‬‬
‫(الجواز الشرعي ينافي الضمان فمن استعمل حقه استعماًال جائزًا ال يضمن ما ينشأ عن ذلك من‬
‫الضرر) (‪. )6‬‬

‫وختام ًا له ذا المطلب اط رح رأيي بش أن أس اس التص رف الق انوني باألعض اء البش رية‬


‫وخالصة هذا الرأي ان أية عملية من عمليات نق ل األعض اء البش رية تتول د منه ا ثالث عالق ات‬
‫قانونية‪.‬‬
‫فاألولى التي تمثل المحور الذي تدور حوله هذه الرس الة ترب ط بين المتص رف والمتص رف إلي ه‬
‫قوامها التصرف القانوني المبرم بين الطرفين سواء اكان تبرعًا ام معاوضة وأساسها القانوني هو‬
‫استعمال المتصرف لحقه بالتصرف بأي عضو من أعضائه وهذا الحق ممنوح له بم وجب ق انون‬
‫عمليات زرع األعضاء البشرية العراقي النافذ وكذا ق انون مص ارف العي ون المع دل وذل ك وفق ًا‬
‫للشروط والضوابط المنصوص عليها في كل من هذين التشريعين‪.‬‬
‫اما العالقة الثانية التي تربط بين الطبيب الجراح من جهة وبين المتص رف من جه ة أخ رى ال تي‬
‫مبناها عقد االستقطاع وكذا العالقة التي تربط الطبيب بالمتص رف إلي ه ال تي قوامه ا عق د العالج‬
‫الطبي فاألساس القانوني لكلتيهما هو استعمال الطبيب لح ق مق رر ل ه بمقتض ى الق انون الع ام أو‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ومن المالح ظ أن بقي ة األس س أي رض ا المتص رف المق ترن بالمص لحة االجتماعي ة والس بب‬
‫المشروع وكذا حالة الضرورة أضحت من جملة الشروط الواجب توفرها في أي تصرف ق انوني‬
‫يرد على األعضاء البشرية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫مدی شرعية نقل األعضاء من األحياء‬

‫ان مبدأ حرمة جسد اإلنسان يحتل مكـان الصدارة في سائر الوثائق الدولية لحقوق اإلنسان‬
‫منذ نشأة منظمة األمم المتحدة ‪ ،‬وعلى وجه الخصوص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ان الص ادر‬
‫(‪16 )1‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫في‬
‫ولقد سبق للشريعة اإلسالمية منذ القرن الس ابع الميالدي أن وجهت النظ ر إلى أهمي ة ه ذا‬
‫الحق ‪ ،‬فجعلته قاعدة أساسية من قواعدها ‪ ،‬حتى يمكن الق ول ان موق ف الش ريعة اإلس المية من ه‬
‫يتسم بالوضوح والتشدد في الحماية ‪ ،‬التي تتمثل في نوع العقوبة التي توقع على ك ل من يتط اول‬
‫على الحق في الحياة وسالمة الجسم بأن جعلته القصاص ‪ ،‬إذ قال تعالى ﴿َو َلُك ْم ِفي اْلِقَص اِص َحَي اٌة‬
‫َيا ُأوِلي اَأْلْلَباِب﴾(‪ . )2‬وهذا التشدد يجعل الشريعة اإلس المية في مقدم ة االتفاقي ات الدولي ة لحق وق‬
‫اإلنسان من هذه الزاوية ‪ ،‬ناهيك فيما ك ان علي ه الوض ع قب ل ظه ور اإلس الم س واء في الق وانين‬
‫الوضعية أو الشرائع األخرى (‪. )3‬‬
‫وبناء عليه سأتولى البحث في مدى شرعية نقل األعضاء من األحياء في مطلبين ‪ ،‬ارص د‬
‫في األول موقف الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬أما الثاني فأخصصه لموقف القانون الوضعي‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬موقف الشريعة اإلسالمية‬
‫ان الش ريعة اإلس المية في طليع ة الش رائع الديني ة والنظم القانوني ة من حيث االع تراف بكرام ة‬
‫اإلنسان والحقوق المتساوية لكل ف رد وع دم التن ازل عن الض مانات ال تي تحف ظ لإلنس ان أدميت ه‬
‫وكرامته ‪ ،‬وان ذلك يتجلى في قوله (عزوجل) ﴿َو َلَقْد َك َّر ْم َنا َبِني آَد َم َو َح َم ْلَناُهْم ِفي اْلَبِّر َو اْلَبْح ِر‬

‫) من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على ما يأتي ‪( -:‬لكل فرد الح‪99‬ق في الحي‪99‬اة والحري‪99‬ة‬ ‫‪ )1(16‬تنص م (‬
‫وسالمة شخصه) ‪ ،‬ينظر االعالن المذكور في د‪ .‬محم‪99‬د س‪99‬ليم محم‪99‬د غ‪99‬زوي ‪ :‬جريم‪99‬ة اب‪99‬ادة الجنس البش‪99‬ري ‪،‬‬
‫هـ ص‬ ‫مطبعة التوفيق ‪ ،‬عمان ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )2‬سورة البقرة ‪/‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان ‪ :‬المدخل لدراسة حقوق اإلنسان في الق‪99‬انون ال‪99‬دولي ‪ -‬مطبع‪99‬ة جامع‪99‬ة‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬ص‬ ‫ط‬ ‫الكويت‬
‫َو َر َز ْقَناُهْم ِم َن الَّطِّيَباِت َو َفَّض ْلَناُهْم َع َلى َك ِث يٍر ِمَّم ْن َخ َلْقَن ا َتْفِض ياًل ﴾ (‪ ، )1‬وك ذا روي ان المص طفى‬
‫عليه أفضل الصالة والسالم ق د ق ال بينم ا ك ان يط وف بالكعب ة ‪[ :‬م‪99‬ا أطيب‪99‬ك وأطيب رحيق‪99‬ك م‪99‬ا‬
‫أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند هللا حرمة منك] (‪ )2‬كما‬
‫يقول الصادق األمين [كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه] (‪. )3‬‬
‫وفي سياق الحديث عن مدى شرعية التصرف الشرعي باألعضاء البشرية من وجهة نظر‬
‫إسالمية ‪ ،‬البد من التمييز بين من يطلق عليه تسمية معصوم الدم ومن يطل ق علي ه تس مية مه در‬
‫الدم ‪ ،‬فاألول هو كل من لم يستحق القتل شرعًا سواء أكان مس لمًا ام ال ‪ ،‬ام ا الث اني فه و ك ل من‬
‫ارتكب جريم ة عقوبته ا القت ل (االع دام) كالمرت د عن اإلس الم والقات ل عم دًا ع دوانًا وال زاني‬
‫‪17‬‬
‫المحصن(‪ ....)4‬وإلى غير ذلك‪.‬‬
‫وفي اعتقادي أن نقل األعضاء البش رية بين معص ومي ال دم ج ائز ش رعًا اس تدالًال بقول ه‬
‫تعالى في سورة اإلسراء اآلنفة الذكر ﴿َو َلَقْد َك َّر ْم َنا َبِني آَد َم ﴾‪/‬اآلية (‪ ، )5‬وقوله تعالى ﴿َأْح َياَه ا َفَك َأَّنَم ا‬
‫َأْح َيا الَّناَس َج ِم يعًا﴾ اآلية (‪ ، )6‬وقوله (عزوجل) ﴿اَّل َيْنَه اُك ُم ُهَّللا َع ِن اَّل ِذ يَن َلْم ُيَق اِتُلوُك ْم ِفي ال ِّديِن َو َلْم‬
‫ُيْخ ِر ُجوُك م ِّم ن ِدَياِرُك ْم َأن َتَبُّر وُهْم َو ُتْقِس ُطوا ِإَلْيِهْم ۚ ِإَّن َهَّللا ُيِح ُّب اْلُم ْقِسِط يَن ﴾ (‪. )7‬‬
‫فهذه اآليات البيئات عامة في مدلولها ‪ ،‬إذ تنصرف إلى كافة بني آدم وكافة األحياء ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ )۱(17‬سورة اإلسراء ‪/‬‬


‫)‪.‬‬ ‫‪ -‬رقم الحديث (‬ ‫(‪ )2‬سنن ابن ماجة للقزويني ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫)‪.‬‬ ‫‪ ،‬رقم الحديث (‬ ‫(‪ )3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‬
‫(‪( )4‬الفقه الحنبلي) المغني البن قدامـة للفقيـه أبـي محمد عبدهللا بن أحمـد بـن محم‪99‬د بن قدام‪99‬ة المقدس‪99‬ي ‪( :‬‬
‫) ‪ ،‬دار المنار للنشر ‪ .‬بدون مكان طبع ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )5‬سورة اإلسراء ‪/‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )6‬سورة المائدة ‪/‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )7‬سورة الممتحنة ‪/‬‬
‫اما نقل العضو إلى مهدر الدم فال أرى جدوى من ذل ك ‪ ،‬فه ؤالء جميع ًا يحكم عليهم بالقت ل ‪ ،‬فهم‬
‫اذا في حكم الموتى ‪ ،‬بل ان اجسادهم قد تكون مصدرًا جي دًا لألعض اء البش رية ‪ ،‬وس أتولى بحث‬
‫هذا الموضوع الحقًا‪.‬‬

‫ومشتقاته الذي ينقل من جسم أي شخص متوفى أو حي ‪ ،‬وأي مبلغ يستلم من ج‪99‬راء تس‪99‬ليم أي‬
‫عضو أو نسيج يعاد إلى الشخص الذي دفعه) (‪. )1‬‬
‫ويالحظ مما تقدم ان تصرف اإلنسان بدمه مباح حتى على سبيل المعاوضة ‪ ،‬رغم ان هذه‬
‫االخيرة محظورة بالنسبة لبقية أعضاء الجسم البشري(‪. )2‬‬
‫اما نقل الجلد الذي يتم في اطار عمليات التجميل ‪ ،‬فهو مباح أيضًا ‪ ،‬اذ ان الجلد كذلك يع د‬
‫من األعضاء المتج ددة ‪ ،‬اال ان ه ذه االباح ة ق د تنتفي في بعض الح االت ‪ ،‬كم ا في حال ة اجب ار‬
‫جراحي التجميل على اجراء عمليات تجميل لتجار المخدرات في أمريكا الجنوبي ة ‪ ،‬حيث تزده ر‬
‫تلك التجارة على نطاق واسع ‪ ،‬مما يعرض حياة اولئك الجراحين لخطر القت ل من قب ل عص ابات‬
‫المخدرات سواء أقاموا بعملية التجميل ام ال ‪ ،‬مما حذا بهؤالء األطباء إلى التنس يق م ع الس لطات‬
‫وابالغها في حال تعرضهم لتهديدات مماثلة) (‪. )3‬‬
‫اما ما يباح نقله من األعضاء غير المتجددة ‪ ،‬فيمكن الق ول اجم اًال بأنه ا القرني ات والكلي‬
‫واجزاء من األمعاء وإلى غير ذلك‪...‬‬
‫وفي الحقيقة انني ال اتفق مع اتجاه بعض القوانين إلى اباحة نقل قرنية من عين إنس ان حي‬
‫إلى آخر ومنها قانون مصارف العي ون الع راقي المع دل ال ذي تنص م ( ) من ه على م ا يلي ‪-:‬‬
‫(تحصل هذه المصارف على العيون الصالحة من المصادر اآلتية ‪-:‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬عيون االشخاص الذين يوصون بها أو يتبرعون بها)‪.‬‬

‫‪(1) Areview of international and national legislation, Int.Dig. Hlth Leg., 1991,‬‬
‫‪18‬‬

‫‪Vol.42 , No.3 , p.400.‬‬


‫المنش‪99‬ور في الوق‪99‬ائع العراقي‪99‬ة رقم‬ ‫(‪ )2‬لق‪99‬د اص‪99‬در مجلس قي‪99‬ادة الث‪99‬ورة ق‪99‬رارًا ب‪99‬الرقم ( ) في ‪/ /‬‬
‫ينص على اآلتي ‪ - ( :‬ل‪99‬وزير الص‪99‬حة اص‪99‬دار تعليم‪99‬ات تتض‪99‬من م‪99‬ا‬ ‫(الشمال الريان الص‪99‬ادرة في ‪/ /‬‬
‫يأتي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬تحدي‪99‬د س‪99‬عر قنينـة الـدم ال‪99‬تي يجهزه‪99‬ا المرك‪99‬ز الوط‪99‬ني لنق‪99‬ل ال‪99‬دم إلى المستش‪99‬فيات الحكومي‪99‬ة واألهلي‪99‬ة‬
‫والمؤسسات الصحية األخرى ومرضى من االجانب‪.‬‬
‫) من قانون بنك العيون المصري على ما يلي ‪-:‬‬ ‫وكذا تنص م (‬
‫(يتلقى بنك العيون رصيده من مصدرين هما ‪-:‬‬

‫‪ -‬عيون االشخاص الذين يوصون أو يتبرعون بها‪.‬‬


‫)‬ ‫‪-‬‬
‫ويتضح مما تقدم أن المقصود من كلمة التبرع المجاورة لكلم ة الوص ية في ك ل من ه ذين‬
‫النصين هو اباحة التبرع بالعيون حال الحياة اي هبتها من قبل ش خص س ليم العي نين إلى ش خص‬
‫آخر كف بصره (‪ ، )1‬ولكنني اقترح حصر مفهوم المتبرع في هذا السياق بشخص فاقد البصر ‪ ،‬لم‬
‫يتقرر استئصال عينيه واصيب بالعمى نتيجة لعط ل لح ق بأح د األج زاء الداخلي ة للعين م ع بق اء‬
‫قرنيتها سليمة بحيث يمكن التبرع بها للغير ‪ ،‬وابرر رأيي ه ذا ب القول ان الت برع بإح دى العي نين‬
‫يلحق بالمتبرع ضررًا جسيمًا اذ يصيبه بعاهة مس تديمة حيث يص بح اع ور مم ا ي ؤثر س لبًا على‬
‫شكله أو مظهره الخارجي ‪ ،‬اال يعد ذلك مساسًا خطيرًا بسالمة المتصرف الجسدية؟‪.‬‬
‫وج دير بال ذكر ان العلم أخ ذ ب التطور بش كل م ذهل ‪ ،‬بحيث يمكن في المس تقبل المنظ ور‬
‫زرع عين اصطناعية لألبصار بها (‪.)2‬‬
‫اما عمليات نقل الكلي فتعد األكثر نجاحًا وشيوعًا في هذا المضمار (‪ ، )3‬لذا يالحظ بأنها قد‬
‫حازت على اهتمام المش رعين في ش تى البل دان ‪ ،‬مم ا أدى إلى اص دار تش ريعات خاص ة تع ني‬
‫وق انون استئص ال‬ ‫بتنظيم عمليـات نقـل الكلى ومثالهـا قـانون زرع الكلـي الكـويتي لعـام‬
‫‪.‬‬ ‫وزرع الكلى االيطالي الصادر عام‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ان نقل إحدى الكليتين ال يترتب عليه من الناحية الطبية مساسًا بال دور‬
‫أو الوظيفة التي تطلع بها الكلية األخرى ‪ ،‬اذ ان استئصال أي كلية ال يترتب عليه س وى المس اس‬
‫بجسم اإلنسان من الناحية التشريحية ‪ ،‬فهو يحرمه بصفة مستديمة من إحدى الكلي تين ‪ ،‬ولكن ليس‬
‫لذلك تأثير على جسم اإلنسان من الناحية الوظيفي ة ‪ ،‬اال ان ذل ك يجب ان يتق رر بمقتض ى تقري ر‬
‫(‪19 )4‬‬
‫طبي واضح ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحديد الحاالت التي يكون تجهيز الدم فيها مجانًا على أن يكون من بينها الح‪99‬االت الطارئ‪99‬ة والعاجل‪99‬ة بتق‪99‬دير‬
‫من مدير المستشفى أو الطبيب الخافر‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع االيرادات المستحصلة من تجهيز الدم بتعليمات يصدرها ديوان الرئاسة بع‪99‬د حص‪99‬ول موافق‪99‬ة الرئاس‪99‬ة‬
‫عليها)‪.‬‬
‫‪ .‬ومنش‪99‬ور في‬ ‫(‪ )3‬تقرير اذاعة القسم العربي في هيئة اإلذاع‪9‬ة البريطاني‪9‬ة ‪ .‬برن‪9‬امج الع‪99‬الم ه‪99‬ذا الص‪9‬باح ‪،‬‬
‫موقع اإلذاعة على االنترنيت ‪http:// www.bbc arabic.co.uk‬‬

‫‪ )۱(19‬د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة ‪ :‬المرجع الساق ‪ -‬ص ‪.‬‬


‫(‪ )2‬ان علم‪99‬اء الفض‪99‬اء في وكال‪99‬ة الفض‪99‬اء األمريكي‪99‬ة (ناس‪99‬ا) ق‪99‬د اعلن‪99‬وا عن قي‪99‬امهم بص‪99‬نع عين اص‪99‬طناعية‬
‫مستعينين بتكنولوجيا التصوير التي تتم من على االقمار الصناعية في الفضاء الخارجي ‪ ،‬حيث تقوم ه‪99‬ذه العين‬
‫وق د أوض ح الب احثون في كلي ة الطب في (ويسنكس ون) االمريكي ة ‪ ،‬ب أن البق اء على قي د‬
‫)‬ ‫) إلى (‬ ‫الحياة بعد عملية زرع كلية منقولة من جسد إنسان حي قد ارتفع من (‬
‫(‪)1‬‬
‫بين االعوام‬
‫وأرى من المناسب هذا الحديث عن مدى شرعية التصرف بالعضو البشري ألج ل إج راء‬
‫التجارب الطبية ‪ ،‬حيث انقسم الفقه القانوني في هذا الصدد إلى اتجاهين ‪ ،‬أولهم ا ي ذهب إلى ع دم‬
‫اباحة التجارب الطبية على جسم اإلنس ان الم ريض ومن ب اب أولى على جس م اإلنس ان الس ليم ‪،‬‬
‫على اعتبار ان مصلحة األول أي المريض من هذه التج ارب تب دو احتمالي ة وال تكفي بح د ذاته ا‬
‫إلباحة التدخل الطبي ‪ ،‬اما بالنسبة للشخص السليم الذي يخضع جسده لتجربة طبية ما انطالق ا من‬
‫مبدأ التضامن االجتماعي ‪ ،‬فيرى أنصار ه ذا االتج اه ان مص لحة الغ ير من ه ذه التج ارب غ ير‬
‫واضحة وغير قوية ‪ ،‬كي تبرر المساس بجسد المتبرع ‪ ،‬بيد ان االتجاه الثاني يواف ق على اج راء‬
‫‪20‬‬
‫مثل هذه التجارب وفقًا لشروط معينة وهي ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -‬يجب ان تجرى التجربة على شخص مريض بالمرض الذي تستهدف التجربة ايج اد عالج‬
‫له‪.‬‬
‫من يجب أن تك ون التجرب ة الطبي ة قائم ة على أس س علمي ة واض حة تقره ا الجمعي ات الطبي ة‬
‫المعترف بها‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال تعرض التجرب ة حي اة الم ريض المت برع للخط ر ‪ ،‬بمع نى أن ال تنط وي على‬
‫مخاطر أو اضرار جسيمة قد تلحق بالمريض)‪.‬‬

‫بالتقاط صور وتحويلها إلى اشارات كهربائية ترسل إلى المخ ليقوم باس‪99‬تيعابها ‪ ،‬وه‪99‬ذه العين تت‪99‬ألف من ال‪99‬واح‬
‫رقيقة مصنوعة من الخزف القادر على التقاط الضوء وتحويله إلى اش‪99‬ارات كهربائي‪99‬ة عن طري‪99‬ق مئ‪99‬ات اآلالف‬
‫من الخاليا الضوئية الموجودة على سطح تلك األلواح ‪ ،‬ويعتقد العلماء ان المخ البشري س‪9‬وف يحت‪9‬اج إلى م‪9‬دة‬
‫طويلة حتى يتعود على هذه االشارات الكهربائية ويستوعبها ومن ثم يترجمها إلى صور ‪.‬‬
‫‪ -‬منش‪99‬ور في‬ ‫تقرير اذاعـة القسـم العـربـي فـي هيئـة اإلذاعـة البريطانية ‪ -‬برنامج العـالم هـذا الصباح‬
‫موقع اإلذاعة على االنترنيت ‪http://www.bbc arabic.co.uk -:‬‬
‫‪(3) Abouna , George M. and white, Arthur G . : : CURRENT STATUS OF‬‬
‫‪CLINICAL ORGAN TRANSPLANTATION , Bosten , Martinus Nijhoff‬‬
‫‪Publishers, The Hague, 1984, p.97.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ :‬المرجع السابق ‪ -‬ص‬

‫‪ )1(20‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬ض‪99‬اري خلي‪99‬ل محم‪99‬ود ‪ :‬م‪99‬وت ال‪99‬دماغ من منظ‪99‬ور جن‪99‬اني ‪ -‬بحث منش‪99‬ور في مجل‪99‬ة دراس‪99‬ات‬
‫‪ ،‬ش‪99‬وال ‪/‬‬ ‫القانوني‪99‬ة ‪ -‬اص‪99‬دار بيت الحكم‪99‬ة ‪ -‬بغ‪99‬داد ‪ -‬الع‪99‬دد الراب‪99‬ع ‪ -‬الس‪99‬نة الثاني‪99‬ة ‪ -‬ك‪99‬انون األول ‪/‬‬
‫‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬ص‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ :‬المرجع السابق ‪ -‬ص‬
‫ومن وجهة نظري ان االتجاه الث اني ال ذي ي ذهب إلى تقيي د اج راء التج ارب الطبي ة على الجس م‬
‫البشري بقيود معينة هو االصوب واالصح ‪ ،‬فهو يضمن للمتبرع أكبر ق در من الحماي ة وفي ذات‬
‫الوقت يضمن للمجتمع أكبر قدر ممكن من النفع االجتماعي ‪ ،‬الذي يتولد في حال نجاح التجربة‪.‬‬
‫ولقد تبنى المشرع العراقي موق‪9‬ف االتج‪99‬اه الث‪99‬اني ‪ ،‬وذل‪9‬ك في البن‪99‬د س‪99‬ابعًا من دس‪99‬تور الس‪99‬لوك‬
‫المهني الطبي النافذ الذي ينص على اآلتي ‪-:‬‬
‫( ‪ -‬تع د التج ارب الطبي ة على الم ريض عمًال جنائي ًا اال إذا اج ريت بموافق ة الم ريض أو‬
‫(المخولين بالنيابة عنه عن د ع دم امك ان استحص ال موافق ة من الم ريض وض رورة مرض ه)) ‪،‬‬
‫وعلى ان تجرى هذه التجارب ألغ راض علمي ة بحت ة وفي مراك ز بحث علمي أو معاه د علمي ة‬
‫تعليمية‬

‫مع ترف به ا من هيئ ة علمي ة علي ا ‪ ،‬على ان يك ون اله دف منه ا مص لحة الم ريض نفس ه أوًال‬
‫والحاالت المرضية المماثلة ثانيًا‪.‬‬
‫‪ -‬المب دأ فـي اطـالق تط بيق نت ائج التج ارب العلمي ة العالجي ة االيجابي ة ه و ان تك ون تل ك‬
‫التجارب قد خضعت للبحث العلمي ونجحت عند الحيوانات المختبري ة ثم عن د مجموع ة متبرع ة‬
‫بصورة كتابية موثقة من المرضى من بني اإلنسان‪.‬‬
‫يجب االمتناع عن اجراء أي تجربة فيها احتمال وجود خطر على حياة أو صحة الشخص‬ ‫‪-‬‬
‫بصورة واضحة)‪.‬‬
‫) منه النص التالي ‪-:‬‬ ‫اما في مصر ‪ ،‬فالدستور المصري قد تبني في م (‬
‫(جواز اجراء التجارب الطبية على جسم اإلنسان شريطة ذلك الحصول على موافقته)(‪. )1‬‬
‫بينما يتضح موقف المشرع الليبي حيال اجراء التجارب العلميـة مـن خـالل نـص فـ جـ مـن م (‬
‫‪ ،‬التي ورد فيها ما يأتي ‪-:‬‬ ‫) من قانون المسؤولية الطبية رقم ( ) لسنة‬
‫(يحظ‪99‬ر اج‪99‬راء التج‪99‬ارب العلمي‪99‬ة على جس‪99‬م اإلنس‪99‬ان الحي اال برض‪99‬اه ولغ‪99‬رض تحقي‪99‬ق منفع‪99‬ة‬
‫مرجوة له بمعرفة اطباء مرخص لهم بأجرائها طبقًا لألسس العلمية المتعارف عليها)(‪. )2‬‬
‫وتذهب بعض التشريعات في الواليات المتحدة االمريكية إلى اجازة اجراء التج ارب الطبي ة ألول‬
‫مرة على المحكوم عليهم باإلعدام ‪ ،‬فاذا مات من تجرى علي ه التجرب ة ‪ ،‬اعت بر مس توفيًا للعقوب ة‬
‫وإذا لم يمت ‪ ،‬تخفف عقوبته من االعدام إلى السجن ‪ ،‬ألنه أسدى خدمة لإلنسانية (‪.)3‬‬
‫ثانيًا ‪:‬ـ األعضاء البشرية التي ال يجوز نقلها ‪ -:‬تعد األعضاء البشرية التي ال نظير لها في الجس م‬
‫كالقلب والكبد والمعدة ‪ ...‬وإلى آخره من بين األعض اء ال تي ال يج وز نقله ا من ش خص حي إلى‬
‫آخر ‪ ،‬ويعزى سبب ذلك إلى كونها تؤدي بحياة المتصرف ‪ ،‬وهذا ممنوع قانون ًا ومخ الف للنظ ام‬
‫(‪21 )4‬‬
‫العام واآلداب ‪.‬‬
‫كما ال يجوز نقل زوج من األعضاء المزدوجة في آن واحد ألنه يفضي أيضًا إلى الوفاة‪.‬‬
‫وتنص م ( ) ‪ .‬فـ أ من قانون االنتفاع بأعضاء جس م اإلنس ان األردني به ذا الخص وص‬
‫على اآلتي ‪( -:‬ان ال يقع النقل على عضو أساسي للحياة إذا كان هذا النقل قد يؤدي لوفاة‬

‫المت‪99‬برع ول‪99‬و ك‪99‬ان ه‪99‬ذا بموافقت‪99‬ه) ‪ ،‬ام ا ق انون عملي ات زرع األعض اء الع راقي فأن ه لم ينص‬
‫صراحة على مثل هذا الحكم‪.‬‬
‫كما يحظر استئصال أو ب تر األعض اء البش رية ال تي ي ؤدي نقله ا إلى إص ابة المتص رف‬
‫بض رر جس يم أو عاه ة مس تديمة كنق ل اللس ان أو الحنج رة (‪ )1‬أو إحـدى الي دين أو ال رجلين أو‬
‫(‪22 )2‬‬
‫كلتيهما ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ )۱(21‬د‪ .‬أحمد محمود سعيد ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬


‫(‪ )٢‬سعد سالم عبد الك‪99‬ريم العس‪99‬يلي ‪ :‬المس‪99‬ؤولية المدني‪99‬ة عن النش‪99‬اط الط‪99‬بي في الق‪99‬انون اللي‪99‬بي ‪ ،‬منش‪99‬ورات‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬ص‬ ‫جامعة قار یونس ‪ ،‬بنغازي ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ ) ٣‬د‪ .‬عبد الوهاب عمر البطراوي ‪ :‬المسؤولية الجنائية لألطباء ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ :‬المرجع السابق – ص‬

‫سنة صوته كامال بعد أن خضع‬ ‫‪ )۱(22‬استعاد أمريكي فقد حباله الصوتية في حادث دراجة نارية قبل حوالي‬
‫في مستش‪9‬فى (كليفون‪9‬د) في‬ ‫ألول عملية زرع حنجرة في الع‪9‬الم ‪ ،‬وق‪9‬د اج‪9‬ريت العملي‪9‬ة في ك‪9‬انون الث‪9‬اني ‪/‬‬
‫والية أوهايو األمريكية ‪ ،‬ولكن لم يتم االعالن عنها اال مؤخرًا ‪ ،‬وقد قام بأجراء العملي‪9‬ة ط‪9‬بيب ي‪9‬دعى (مارش‪9‬ال‬
‫ستروم) لمريض يدعى (تيموتي) ‪ ،‬ولم يزرع هذا الطبيب لمريضه حنجرة فقط ‪ ،‬بل قام أيض‪99‬ا ب‪99‬زرع اج‪99‬زاء من‬
‫العنق والقصبة الهوائية واألعصاب والغدد الدرقية وش‪9‬به الدرقي‪9‬ة ‪ ،‬وهي عملي‪9‬ة لم يس‪99‬بقه إليه‪99‬ا أح‪9‬د ‪ ،‬وعقب‬
‫العملية مباشرة كان صوت (تيم‪9‬وتي) يب‪9‬دو وكأن‪9‬ه نقي‪9‬ق ض‪9‬فدع ‪ ،‬وبعدئ‪9‬ذ تحس‪9‬ن بش‪9‬كل كب‪9‬ير ‪ ،‬والي‪9‬وم أص‪9‬بح‬
‫يتحدث بصوت عاد ‪ ،‬ولقد صرح الدكتور (ستروم) بإمكاني‪99‬ة اع‪99‬ادة الص‪99‬وت لمن ب‪99‬ترت حبال‪99‬ه الص‪99‬وتية بس‪99‬بب‬
‫سرطان الحنجرة منذ خمس سنوات في األقل ‪ ،‬أنا كونيك‪99‬ا ‪ :‬نج‪99‬اح أول عملي‪99‬ة زرع حنج‪99‬رة ‪ -‬مق‪99‬ال منش‪99‬ور في‬
‫‪ .‬م‪9999‬أخوذ من االن‪9999‬ترنيت ع‪9999‬بر الموق‪9999‬ع الت‪9999‬الي ‪:‬‬ ‫جري‪9999‬دة الش‪9999‬رق األوس‪9999‬ط ‪ -‬لن‪9999‬دن ‪-‬‬
‫‪http://www.asharqawsat.com‬‬
‫(‪ )2‬استرد النحات والرسام الفرنسي دينيس تيشالبية يديه بع‪9‬د من س‪9‬نوات من فق‪9‬دها وبع‪9‬د ان خض‪9‬ع لجراح‪9‬ة‬
‫مجهرية دقيقـة تعـد أول عمليـة تجـرى على مس‪9‬توى الع‪9‬الم لزراعـة يـدين اثن‪9‬تين في آن واحـد ‪ ،‬ففـي ‪/‬‬
‫آفاق (دينيس) من آثار التخدير في مستشفى (ادوار هير يوت) الكائن في مدينة ليـون وقد ردت إليه يداه‬ ‫‪/‬‬
‫فردا ‪ ،‬ك‪99‬ان من‬ ‫ساعة ‪ ،‬واشترك في هذه العملية طاقم جراحي مكون من‬ ‫بعد عملية جراحية استغرقت‬
‫جراحا انقسموا إلى فريقين ألجراء عمليتين في آن واحد ‪ ،‬ففي البداية كان ينبغي عليهم ربط العظ‪99‬ام‬ ‫بينهم‬
‫بين الي‪99‬دين والجس‪99‬د وبع‪99‬د ذل‪99‬ك تمت عملي‪99‬ة رب‪99‬ط ال‪99‬دورة الدموي‪99‬ة ثم األوت‪99‬ار والعض‪99‬الت وأخ‪99‬يرا األعص‪99‬اب‬
‫الرئيسية ‪ ،‬ينظر د‪ .‬أحمد عربود ‪ :‬جراحة مجهرية استغرقت ساعة لحظة بلحظة ‪ -‬مق‪99‬ال منش‪99‬ور في مجل‪99‬ة‬
‫‪ -‬السنة األولى – األحد ‪ ، / /‬ص‬ ‫الصدى ‪ -‬دبي ‪ -‬العدد‬
‫ويمكن القول اجم اًال ان كاف ة التش ريعات ال تي اطلعت عليه ا لم تتط رق إلى ه ذا الحظ ر‬
‫ولكن يمكن استنتاج ذلك من تحليل النصوص العامة الواردة في كل تشريع‪.‬‬
‫ومما يمنع نقله أيضًا األعضاء التناسلية الناقلة للصفات الوراثية وغير الناقلة لها ‪ ،‬ويش مل‬
‫هذا الحظ ر البويض ات والحي امن رغم كونه ا من األعض اء المتج ددة وم رد ذل ك الحيلول ة دون‬
‫اختالط االنساب أو المساس باألعراض‪.‬‬

‫واعتقد ان هذا ال يكون اال في المجتمعات التي تقيم وزنا لالنساب واالعراض‪.‬‬
‫وتجدر اإلش ارة إلى (ان الراغ بين في االنج اب (من البريط انيين) يفض لون التوج ه إلى المحط ة‬
‫االمريكية نظرًا لعدم قانونية االتجار بالبويضات المخصبة داخل بريطانيا ‪ ،‬األم ر ال ذي ق د ي دفع‬
‫الراغ بين في االنج اب إلى االنتظ ار لس نوات طويل ة للعث ور على متبرع ة لهم ‪ ،‬لكن الق وانين‬
‫االمريكية المتساهلة في هذا الصدد تمكن االزواج من اختيار المتبرعة المناسبة لطفلهم المرتقب ‪،‬‬
‫اذ يكون بوسعهم انتقاء سيدة ذات ص حة وجم ال ‪ ،‬وتق ول التق ارير أن وج ود االن ترنيت كوس يلة‬
‫اتص ال حديث ة س هل كث يرًا ه ذه االج راءات ‪ ،‬بحيث أص بح في وس ع االزواج ان يع ثروا على‬
‫المتبرعة التي يري دونها ع بر الش بكة ‪ ،‬ويعت بر اختي ار البويض ة المناس بة وتخص يبها معملي ا ثم‬
‫زرعها في رحم االم ه و األم ل الوحي د بالنس بة لغ ير الق ادرين على االنج اب ‪ ،‬غ ير ان الق انون‬
‫البريطاني الذي يعتمد قواعد متشددة لهذه العملية ‪ ،‬يضع الزوجين على قائمة االنتظار لم دة ثالث‬
‫سنوات قبل حصولهما على بويضة من متبرعة مجهولة‪.‬‬
‫وتعتبر والية (كاليفورنيا) االمريكية هي وجهة البريطانيين في ال وقت ال راهن ‪ ،‬حيث يتم‬
‫بيع البويضات البشرية وشراؤها بحرية تامـة مـع ت وفر معلوم ات كامل ة عن ص احبة البويض ة‬
‫وصورتها وثقافتها وحالتها الصحية ‪ ،‬وبوسع الذين يرغب ون في الش راء ان يتم وا ك ل االتفاق ات‬
‫قبل التوجه إلى أميركا إلتمام عملية الزراعة‪.‬‬
‫) آالف دوالر اال ان قيمة الصفقة بكاملها م ع‬ ‫ورغم أن سعر البويضة ال يزيد عن (‬
‫) ألف دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫تكاليفها القانونية قد تبلغ (‬
‫وتقول تقارير لوكاالت امريكية تعمل في هذه الس وق الرائج ة ان ح والي ( ) في المئ ة‬
‫من الس يدات الالتي يتجهن إلى الوالي ات المتح دة لش راء البويض ات وزراعته ا ي رجعن حب الي‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫وتقول هيئة أبحاث االجنة والخص وبة البش رية في بريطاني ا ‪ :‬أنه ا تع رف ان المزي د من‬
‫االزواج يتجهون إلى الواليات المتحدة لشراء بويضات بشرية ‪ ،‬وقد اعربت الهيئ ة عن قلقه ا من‬
‫التساهل الذي تبديه تشريعات بعض الواليات األمريكية تجاه تجارة البويضات البشرية ‪ ،‬ويش كك‬
‫بعض منتق دي ه ذه التج ارة في اخالقياته ا مش يرين إلى أنه ا تس عى لتص ميم نم وذج هندس ي‬
‫لمواصفات الطفل الكامل ‪ ،‬وهو أمر ال تخفيه الوكاالت العاملة في هذا المج ال ‪ ،‬حيث تق ول أنه ا‬
‫ترغب في ضمان أفضل المواصفات الجينية للطفل المخل ق به ذه الطريق ة‪ .‬وت رى ش يري س مث‬
‫التي تدير وكالة للتبرع بالبويضات واالمهات البديالت في (لوس انجلوس) ان تقدم االنترنيت‬

‫جعـل األزواج تـواقين إلى االنتقـاء ‪ ،‬خاصـة فيمـا يتعلـق بمواصـفات صـاحبة البويضـة‬
‫وأمكانياتها) (‪. )1‬‬
‫ومن بين المستشفيات االمريكية التي تمتهن تجارة البويضات هو مستشفى مركز الباسفيك‬
‫لالخص اب ‪ ،‬حيث تق دم ه ذه المستش فيات تس هيالت قانوني ة ال يوج د مثله ا في ك ل من انگل ترا‬
‫‪23‬‬
‫وفرنسا وغيرهما‪.‬‬
‫وكان المركز المذكور قد تولى معالجة الكثير من النساء الفرنسيات وأبرزهن السيدة‬
‫(جانين) التي حملت وهي في الرابعة والستين من عمرها بنطفة ملقحة من أخيها المشلول ‪ ،‬والتي‬
‫أثارت حكايتها زوبعة كبيرة ال تزال مطروحة في الصحافة الفرنسية ح تى الي وم ‪ ،‬الن مث ل ه ذه‬
‫الممارسات تعد من المحرمات في القارة القديمة‪.‬‬
‫وعلى عكس ذلك تمامًا نجد ان الواليات المتحدة اصبحت هدفا وسوقًا رائجًا لكل عائلة‬
‫تعاني العقم ‪ ،‬فهناك في أروقة المراكز االمريكية يمكن شراء البويض ات االنثوي ة والحي امن بع د‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪ )۱(23‬تقرير اذيع من القسم العربي في هيئة اإلذاعة البريطانية ‪ .‬برنامج العلم والتكنلوجي‪99‬ا ‪،‬‬
‫‪ .‬منشور في موقع اإلذاعة على االنترنيت ‪http://www.bbc arabic.co.uk -:‬‬
‫(‪ )2‬ينظر سيف السعدي ‪ :‬تجارة االنجاب تزدهر في ل‪99‬وس انجل‪99‬وس ‪ ،‬مق‪9‬ال منش‪99‬ور في مجل‪99‬ة الص‪9‬دى ‪ .‬دبي ‪،‬‬
‫‪،‬ص‬ ‫العدد ‪ ،‬السنة الثالثة ‪ ،‬األحد‬
‫االطالع علـى صـور أص حابها ‪ ،‬ففي ه ذه الس وق يمكن ش راء ك ل ش يء ش رط دف ع المبل غ‬
‫) ملي ارات‬ ‫المطلوب‪ .‬ووص ل حجم االس تثمارات في ص ناعة االنج اب إلى م ا يرب و على (‬
‫) مرك زًا بع د ان‬ ‫دوالر ‪ ،‬ووصل عدد المراكز المتخصصة التي تعمل في هذا الس وق إلى (‬
‫كان عددها ال يتجاوز مركزين قبل عقدين ‪ ،‬ل ذا فليس غريب ًا ان تق رأ اعالن ًا في إح دى الص حف‬
‫األمريكية يطلـب متبرعـة ببويضاتها على ان تكون ذكي ة ورياض ية وال يزي د طولهـا عـن ( )‬
‫سم وان تكون قد انهت الدراسة الثانوية بمعدل ال يقل عن جيد جدًا ‪ ،‬وان كان سعر البويضة حتى‬
‫) دوالر غير ان ك ثرة الطلب ات وبخاص ة من قب ل‬ ‫عام الشان عمان عمان لحلية لم يتجاوز (‬
‫) دوالر كح د ادني ‪ ،‬ناهي ك عن اقب ال‬ ‫االج انب الواف دين لغ رض العالج رف ع الثمن إلى (‬
‫(‪)2‬‬
‫رموز الحياة الفنية من جميالت هوليود على بيع بويضاتهن بأسعار ملتهبة ‪.‬‬
‫وخالصة القول ان التهتك واالستهتار قد بلغ حدًا مقززًا وموازيًا للسلوك الحيواني ‪ ،‬الذي‬
‫ال يردعه رادع وال يحكمه دين أو خلق ‪ ،‬وأبعد هللا مجتمعن ا اإلس المي عن مث ل ه ذه الق ذارات ‪،‬‬
‫وال أقول ان المجتمع اإلسالمي يخلـو مـن الس لبيات ولكـن فـي األق ل ال ت زال القواعـد الدينيـة‬
‫والقانونية التي تسود األمة نقية ومثالية وبعيدة عن االنحالل‪.‬‬

You might also like