واقع التكريس التشريعي والقضائي لقوانين البوليس والأمن في القانون الدولي الخاص المغربي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لقوانين البوليس واألمن في القانون الدولي الخاص املغربي‬
‫‪The reality of legislative and judicial embodiment of police and security‬‬
‫‪laws in Moroccan private international law‬‬
‫مصطفى القاسمي‬
‫جامعة محمد الخامس الرباط ‪ -‬املغرب‬

‫امللخص‪:‬‬
‫تتناول املقالة قوانين البوليس واألمن‪ -‬قوانين النظام العام االجتماعي و االقتصادي ‪-‬التي تكون‬
‫واجبة التطبيق على الروابط القانونية التي تدخل في نطاق سريانها‪ ،‬في منازعات القانون الدولي‬
‫الخاص‪ ،‬أيا كانت طبيعتها وطنية أم دولية‪ ،‬وهي ترمي بذلك إلى تحقيق الحماية الالزمة للنظام‬
‫القانوني للمجتمع القاض ي ‪،‬حيث أن هذه االعتبارات تقتض ي تطبيق هذه القواعد مباشرة دون أن‬
‫يسبقه أي بحث في طبيعة املسألة أو املنازعة على خالف ماهو معمول به عند إعمال منهج قاعدة‬
‫اإلسناد‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬قوانين األمن والبوليس الوطنية‪ ،‬قوانين البوليس‬
‫واألمن األجنبية‪ ،‬التكريس التشريعي‪ ،‬التكريس القضائي‪.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪This article deals with police and security regulations -laws of social and‬‬
‫‪econmic public order- that are necessary applicable to legal relations, that‬‬
‫‪fall within the scope of their application in the disputes of private‬‬
‫‪international law, whatever their nature national or international, and it‬‬
‫‪aims to achieve the necessary protection for the legal system of judge‬‬
‫‪community, whereas ,these considerations require the application of these‬‬
‫‪rules direcly; without preceding them by any research on the nature of the‬‬
‫‪matter or dispute ,contrary to what is used in the enforcement of the‬‬
‫‪attribution rules.‬‬
‫‪Key words: Private international law, National laws of police and security ,‬‬
‫‪Foreign laws of police and security, The legislative embodiment, The‬‬
‫‪judicial embodiment.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪182‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إذا كان األصل في أية رابطة قانونية على صلة بدول مختلفة يتعين على القاض ي أن يطبق‬
‫القانون الذي تشير به قاعدة اإلسناد وفقا للمنهج التنازعي التقليدي الذي يقوم على تحليل‬
‫العالقات محل النزاع بحثا عن القانون الواجب التطبيق في شأنها سواء كان هذا القانون هو قانون‬
‫القاض ي أو قانون أجنبي‪ ،‬فإن هذا األمر ليس مطلقا من كل قيد‪ ،‬بل توجد عدة قوانين ال تسمح‬
‫طبيعتها الخاصة بقبول االشتراك القانوني بين الدول املختلفة‪ ،‬ففي وجود تلك القوانين يلتزم‬
‫القاض ي بتطبيق قانونه الوطني فقط‪ ،‬وإن كانت قاعدة اإلسناد تقض ي بتطبيق قانون أجنبي‪.‬‬
‫ومن بين هذه القواعد القانونية قواعد البوليس واألمن التي تكون واجبة التطبيق على الروابط‬
‫القانونية التي تدخل في نطاق سريانها‪ ،1‬أيا كانت طبيعتها وطنية أم دولية‪ ،‬وهي ترمي بذلك إلى‬
‫تحقيق الحماية الالزمة للنظام القانوني للمجتمع القاض ي ‪،‬حيث أن هذه االعتبارات تقتض ي تطبيق‬
‫هذه القواعد مباشرة دون أن يسبقه أي بحث في طبيعة العالقة ‪ ،‬كما يتطلب ذلك منهج قاعدة‬
‫اإلسناد‪.2‬‬
‫ولقد ظهرت هذه القواعد مع مطلع القرن العشرين في ظل املذهب االشتراكي نتيجة تطور الفكر‬
‫السياس ي واالقتصادي‪ ،‬و بفضل تزايد تدخل الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وسن‬
‫العديد من القوانين التوجيهية األمرة التي ال تفرق في تطبيقها بين العالقات الداخلية أو الدولية‪،‬‬
‫وهو ما أدى إلى ظهور منهج قواعد البوليس واألمن على مستوى القانون الدولي الخاص إلى جانب‬
‫منهج قاعدة اإلسناد ومنهج القواعد املادية في فض منازعات العالقات الدولية الخاصة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫يقصد بالقواعد البوليس‪ ،‬مجموعة القواعد املوضوعية في النظام القانوني الوطني والذي بلغ طابعها األمر حدا يقتض ي إعمالها‬
‫على املسائل التي تدخل في مجال سريانها بصرف النظر عن نوع العالقة وطنية بحتة أم ذات طابع دولي‪.‬‬
‫كما تعرف هذه القواعد من جهة أخرى بأنها " القواعد التي تالزم تدخل الدولة‪ ،‬والتي ترمي إلى تحقيق وحماية املصالح الحيوية‬
‫والضرورية االقتصادية واالجتماعية للجماعة‪ ،‬والتي يترتب على عدم احترامها إهدار ما تبتغيه السياسة التشريعية‪ ،‬وتكون واجبة‬
‫التطبيق على كافة الروابط التي تدخل في مجال سريانها أيا كانت طبيعتها وطنية أم ذات طابع دولي‪ :‬أحمد عبد الكريم سالمة‪:‬‬
‫القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص (دراسة تحليلية تطبيقية)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية سنة ‪ ،1985‬ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 2‬جميلة أوحيدة‪ ،‬آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص املغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪ 3‬محمود محمد ياقوت‪ ،‬قانون اإلرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪.25‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪183‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫وقد انتهى جانب من الفقه إلى ضرورة اعتماد املعيار الوظيفي أو املوضوعي للكشف وتقييم‬
‫قاعدة قانونية بأنها ترقي إلى مصاف قواعد بوليس واألمن تطبق على النزاعات الداخلية و الدولية‬
‫الخاصة دون تفرقة‪ ،‬بعد أن خلصوا إلى عدم كفاية معيار الغاية أو الهدف‪،‬وكذلك املعيار العضوي‬
‫واملادي‪ ،‬فقام هذا املعيار عليهما معا تبعا للوظيفة التي تؤديها القواعد في النظام القانوني الذي تعد‬
‫جزء منه‪.1‬‬
‫ومما ال ريب فيه أن تدخل املشرع املغربي في السنوات األخيرة بسن وتعديل وتغيير جملة من‬
‫القوانين في شتى املجاالت االقتصادية واالجتماعية بهدف حماية النظام العام االقتصادي‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬حتم عليه تكريس نصوص قانونية أمرة ذات التطبيق الفوري على جميع النزاعات‬
‫ذات الطبيعة الدولية والداخلية دون تفريق ‪ ،‬وهو ما يقتض ي بالضرورة تدخل املشرع من أجل‬
‫رسم حدود تطبيق قوانين البوليس واألمن املغربية على منازعات القانون الدولي الخاص حتى ال‬
‫يغالى في تطبيقها من طرف القاض ي املغربي والحرص على عدالة تطبيق القانون األكثر مالئمة‬
‫وارتباطا بها‪.‬‬
‫كما أن ازدهار حركية الروابط القانونية على مستوى الدولي بفضل العوملة أدى إلى تشبكها بأكثر‬
‫من نظام قانوني لدول مختلفة و نتج عنه بروز مشكل تطبيق قواعد البوليس األجنبية التي لها‬
‫ارتباط بالعالقة الى جانب القوانين األخرى ذات الصلة ‪ ،‬وهو ما أصبح يفرض على املشرع املغربي‬
‫االنفتاح على هذه القواعد وذلك بتحديد شروط تطبيقها كلما كانت على صلة جدية بالنزاع‬
‫املعروض على القاض ي املغربي‪.‬‬
‫وبناء عليه تبرز أهمية دراسة هذا املوضوع من كونه يعالج مسألة تتعلق بقواعد تتصل‬
‫بالنزاعات الداخلية والدولية دون تمييز‪ ،‬تتنامى بصورة مطردة ‪ ،‬وبشكل ملموس في القانون‬
‫املغربي‪ ،‬والسيما أن القضاء املغربي ذهب في بعض من قراراته إلى تطبيق القانون املغربي على‬
‫روابط قانونية الدولية الخاصة دون استشارة القانون املختص‪ ،‬نظرا ملا تحققه هذه قواعد من‬
‫حماية مصالح حيوية للدولة غايتها ضمان االستقرار على مستوى النظام العام االجتماعي‬
‫واالقتصادي‪.‬‬
‫لذلك سيكرس موضوع الدراسة لإلجابة عن إشكالية‪ :‬واقع تعامل كل من املشرع والقضاء‬
‫املغربيين مع قوانين البوليس واألمن في القانون الدولي الخاص املغربي؟‬

‫‪ 1‬ياقوت محمد محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪184‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫إن اإلجابة عن هذه اإلشكالية تقتض ي نهج مقاربة تحليلية من خالل التطرق لواقع التكريس‬
‫التشريعي لقوانين البوليس واألمن من جهة (املطلب األول) وواقع التعامل القضائي في تطبيقها من‬
‫جهة ثانية (املطلب الثاني)‬
‫املطلب األول‪ :‬واقع التكريس التشريعي لقوانين البوليس واألمن الوطنية‬
‫لقد ساهمت التطورات والتحوالت التي شهدها العالم بسبب العوملة وحركية األموال واألفراد‪ ،‬ال‬
‫محالة في دفع املشرع املغربي في اآلونة األخيرة إلى تبني سياسة القوانين التوجيهية و الحمائية تحتوي‬
‫على قواعد أمرة ترقى إلى مصاف قوانين بوليس‪ ،‬تطبق على جميع النزاعات مهما كانت طبيعتها‬
‫(الفقرة األولى) ونفس األمر أصبح مكرسا في قوانين املقارنة التي أضحت تزخر بقواعد أمرة تسري‬
‫على جميع العالقات والنزاعات مهما كانت طبيعتها دولية أو وطنية دون تفريق أو استشارة للقانون‬
‫املختص بالنزاع بمقتض ى قاعدة اإلسناد(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬بالنسبة لقوانين البوليس و األمن الوطنية‬
‫لقد كان من املفروض بعد حصول البالد على االستقالل أن يتدخل املشرع املغربي بإصالح ظهير‬
‫الوضعية املدنية للفرنسيين واألجانب أو إصدار مدونة جديدة تنظم القانون الدولي الخاص املغربي‬
‫و تتجاوز بعض الحلول التقليدية التي أصبحت قاصرة وال تساير التطور الذي عرفته منظومة‬
‫القانون الدولي الخاص املقارنة‪.‬‬
‫ولقد بات مسلما به أن القانون املغربي عرف عدة تحوالت ومستجدات ‪ ،‬إذ جرى تحديثه‬
‫بصدور مجموعة من القوانين تتضمن قواعد حمائية العامة للمجتمع تهدف إلى حماية األسس‬
‫االجتماعية واالقتصادية للبالد‪ ،‬نذكر على سبيل املثال مدونة األسرة لسنة ‪ ،2004‬مدونة التجارة‬
‫لسنة ‪ ،1996‬قانون املستهلك رقم ‪ 31.08‬لسنة ‪ ،2011‬والقانون املتعلق بحرية األسعار واملنافسة‬
‫لسنة ‪ ،2014‬وقانون ‪ 65.99‬املتعلق بمدونة الشغل‪ ،‬باإلضافة إلى قوانين أخرى كلها تتضمن قواعد‬
‫حمائية وتوجيهية ذات وصف قوانين بوليس سواء أتت بصياغة صريحة أو ضمنية يستنبطها‬
‫القاض ي‪،‬مما يستوجب تطبيقها كلما كان النزاع املعروض على القاض ي املغربي له روابط وصلة‬
‫وثيقة بالقانون املغربي‪.‬‬
‫وعليه أضحى ضروريا على املشرع املغربي‪ ،‬أن يتدخل لتنظيم حدود تطبيق قواعد البوليس‬
‫املغربية على النزاعات الدولية الخاصة‪ ،‬ويكون من األفضل عليه االستفادة من تجارب التشريعات‬
‫املقارنة واالتفاقيات الدولية التي نظمت إمكانية تطبيق القواعد اآلمرة املنتمية إلى قانونها الوطني‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪185‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫على النزاعات الدولية الخاصة‪ ،‬نذكر على سبيل املثال ما كرسته االتفاقيات الدولية الجماعية التي‬
‫أخذت بتطبيق قواعد البوليس واألمن‪ ،‬وسمحت لقضاء الدول التي يعرض عليها النزاع أن تعطي‬
‫األولوية لتطبيق القواعد اآلمرة التي تنتمي إلى قانونه‪ ،‬بغض النظر عن القانون الواجب التطبيق‪،‬‬
‫وهو ما نصت عليه اتفاقية روما املتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على االلتزامات التعاقدية و‬
‫الصادرة سنة ‪ 1980‬واملعدلة سنة ‪ 2008‬في الفصل‪ 9‬الذي جاء فيه"ال تنال نصوص االتفاقية من‬
‫قواعد قانون بلد القاض ي التي تحكم بنحو أمر العالقة العقدية أيا كان القانون الواجب التطبيق‬
‫على العقد"‪.1‬‬
‫وأما على مستوى التشريعات املقارنة نجد أن‪ :‬القانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري لسنة‬
‫‪ 1987‬في املادة ‪ 18‬ينص على‪'' :‬إعمال القانون املختص بمقتض ى قواعد اإلسناد املقررة في هذا‬
‫القانون ال ينال من مجال سريان القواعد األمرة في القانون السويسري والتي تفرض أهدافها‬
‫الخاصة ضرورة تطبيقها على النزاع" ‪ .2‬ونفس املقتض ى كرسه القانون الدولي الخاص البلجيكي‬
‫لسنة ‪ 2004‬في الفصل ‪ 20‬الذي جاء في متنه "األحكام الواردة في القانون املختص ال يمكن أن تؤثر‬
‫على تطبيق القواعد اآلمرة أو النظام العام للقانون البلجيكي التي تريد االنطباق على نزاع دولي أيا‬
‫كان القانون الذي تحدده قاعدة اإلسناد بالنظر إلى الغرض والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه‪. 3"...‬‬
‫وكذلك املادة ‪ 3‬من القانون املدني الفرنس ي لسنة ‪ 1804‬التي تنص على أن "قوانين األمن والبوليس‬
‫ملزمة لكل من يقطن اإلقليم الفرنس ي"‪ .‬ونفس املنحى سلكه املشرع االسباني في القانون املدني‬
‫الصادر سنة ‪ 1889‬في الفص ‪ 8‬الذي جاء فيه أن "قواعد األمن والبوليس‪ ،‬تطبق على كل من هو‬
‫فوق التراب اإلسباني"‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Article 9‬‬
‫‪Lois de police‬‬
‫‪1. 2. Les dispositions du présent règlement ne pourront porter atteinte à l'application d66es lois de police du‬‬
‫‪juge saisi.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art. 18‬‬
‫‪Sont réservées les dispositions impératives du droit suisse qui, en raison de leur but particulier, sont‬‬
‫‪applicables quel que soit le droit désigné par la présente loi.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art.20 :‬‬
‫‪« Les dispositions de la présente loi ne portent pas atteinte à l’application des règles impératives ou ordre‬‬
‫‪public du droit belge qui entendre régir une situation international quel que soit le droit désigné par les‬‬
‫» ‪règles de conflit de lois, en vertu de la loi ou en raison de leur but manifeste.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Artículo 8.‬‬
‫‪1. Las leyes penales, las de policía y las de seguridad pública obligan a todos los que se hallen en territorio‬‬
‫‪español.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪186‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫وأما على مستوى التشريعات العربية نجد أن املشرع الجزائري كرس نصا صريحا يرجح فيه‬
‫تطبيق قوانين البوليس الوطنية على النزاعات الدولية في املادة ‪ 5‬من القانون املدني لسنة ‪1975‬‬
‫التي تنص على ما يلي‪'':‬يخضع كل سكان القطر الجزائري لقوانين الشرطة واألمن''‪.‬‬
‫كما كرس املشرع التونس ي في الفصل ‪ 38‬من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية لسنة‬
‫‪ 1996‬تطبيق قواعد التطبيق الضروري التونسية حيث جاء فيه"تطبق مباشرة ومهما كان القانون‬
‫ّ‬
‫املعين من قواعد التنازع أحكام القانون التونس ي التي يكون تطبيقها ضروريا بالنظر إلى الغرض‬
‫املقصود من وضعها"‪.‬‬
‫و املالحظ أن أغلب التشريعات املقارنة التي نظمت كيفية تطبيق قواعد اآلمرة الواردة في قانونها‬
‫على نزاعات الدولية الخاصة‪ ،‬دون استشارة القانون املختص اشترطت شرطين‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون تطبيقها يرمي إلى تحقيق أغراض وأهداف تحمي السياسات االجتماعية‬
‫واالقتصادية للدولة‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن تكون العالقة موضوع النزاع تدخل في نطاق السريان املكاني لتطبيق النص‬
‫القانوني‪-‬أي اتصال العالقة محل النزاع بالنظام الوطني‪ -‬الذي له وصف قاعدة آمرة‪ ،‬تفاديا‬
‫ملفاجئة األطراف بقانون لم يكونوا يتوقعون تطبيقه عليه‪.‬‬
‫وعلى نحو آخر‪ ،‬فان تطبيق قواعد البوليس الوطنية على النزاعات الدولية الخاصة ليس بمنأى‬
‫عن بعض اإلشكاالت القانونية من قبيل الفرض الذي تتنازع فيه أكثر من قاعدة بوليسية تنتمي كل‬
‫منها لنظام قانوني مختلف يتوسطهم قانون القاض ي املغربي‪ ،‬بحيث يكون لكل منها إرادة االنطباق‬
‫على جان ب من جوانب الرابطة العقدية محل النزاع‪ ،‬فما هو املعيار الذي يمكن أن يستند عليه‬
‫القاض ي في إعمال املفاضلة بين هذه القواعد ؟‬
‫ولذلك ذهب الفقه‪ 1‬إلى اقتراح فرضين كحل لهذا اإلشكال‪:‬‬
‫الفرض األول‪:‬ضرورة ترجيح تطبيق قاعدة البوليس الوطنية ملا يكفله ذلك من تحقيق لألهداف‬
‫االجتماعية واالقتصادية التي ترمي هذه القاعدة إلى تحقيقها في دولة القاض ي‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪POMMIER , " principe d’autonomie et loi du contrat en droit international privé conventionnel ", Thèse de‬‬
‫‪doctorat, Paris, 1992, p201.‬‬
‫‪ 2‬محمد إبراهيم على محمد‪ ،‬القواعد الدولية اآلمرة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪، 2001 ،‬ص‪.103‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪187‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫الفرض الثاني‪:‬تطبيق قاعدة البوليس التي يؤدي إعمالها إلى إرضاء املصالح التي تسعى إلى‬
‫تحقيقها باقي قواعد البوليس األخرى التي تريد االنطباق(كما لو قام القاض ي بتطبيق قاعدة‬
‫البوليس التي تقرر حدا أقص ى لسعر الفائدة يقل عن الحد املقرر في باقي القواعد‪.1‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬قد يصطدم تطبيق قواعد البوليس الوطنية على نزاع معين بمشكلة تنازع‬
‫االنتقالي بين تاريخ إبرام عقد الشغل مثال و لحظة البت في النزاع‪ ،‬فهل القاض ي املغربي سيطبق‬
‫مبدأ عدم رجعية القوانين على مراكز القانونية التي نشأت قبل تاريخ دخول قاعدة بوليس حيز‬
‫التنفيذ؟‪.‬‬
‫وكما هو معلوم أن ظ‪.‬و‪.‬م‪.‬ف‪.‬أ‪ .‬لم ينظم هذه املسألة وهو نفس األمر بالنسبة القوانين الداخلية‪،‬‬
‫ولكن على خالفه ذهبت محكمة في قرار صادر عنها بتاريخ ‪ 2009/09/23‬إلى اعتبار عقد تشغيل‬
‫األجنبي املفتقر إلى التأشيرة باطل وغير منتج ألي أثر إال فيما يخص األجور املستحقة‪،‬وتأشيرة‬
‫السلطات اإلدارية املختصة لتشغيل األجير الزمة لقيام عقد الشغل وليست مجرد إجراء شكلي‪،‬‬
‫وبالتالي ال غنى عنها حتى ولو أثبت األجير اشتغاله باملقاولة لسنوات"‪.2‬‬
‫هو ما يوضح أن محكمة النقض ذهبت إلى تطبيق املادة ‪ 516‬من مدونة الشغل بأثر رجعي على‬
‫عقد الشغل الذي أبرم قبل دخولها حيز التنفيذ‪ ،‬مما يبرر أن التوجه القضائي يميل إلى تطبيق‬
‫قواعد البوليس بأثر فوري ورجعي على املراكز القانونية التي نشأت قبل دخول هذه القواعد حيز‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫وإجماال لقد أضحى مسلما به على املشرع املغربي أن يسلك منحى التشريعات املقارنة في تكريس‬
‫نص قانوني صريح يعالج كيفية تطبيق قوانين البوليس املغربية على النزاعات الدولية الخاصة‬
‫واإلشكاالت التي يطرحها تطبيقها ‪ ،‬بحيث يسمح للقاض ي املغربي بإعمال منهج قواعد البوليس‬
‫واألمن إلى جانب منهج قاعدة اإلسناد التقليدي بشكل مستقل‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد محمود الياقوت‪ ،‬قانون اإلرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪ 2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1006‬املؤرخ في ‪ 23/09/2009‬في امللف عدد ‪ 1256/5/1/2008‬منشور في الجريدة االلكترونية القانونية‬
‫الرابط أسفله‪.13 juin 2018 à 12:13:40/ http://www.alkanounia.comAF-2008-1-5-1256-j15.html :‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪188‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بالنسبة لقوانين البوليس واألمن األجنبية‬


‫من أهداف القانون الدولي الخاص هو التنسيق بين مختلف األنظمة القانونية بحيث أن قبول‬
‫تطبيق قوانين البوليس األجنبية من املشرع املغربي سيسمح بتطبيق قوانين البوليس الدولة املغربية‬
‫من قبل املشرع األجنبي‪.1‬‬
‫وعليه فإن القاض ي املغربي سيكون ملزما بتطبيق قواعد البوليس األجنبية على الوقائع املتنازع‬
‫فيها والتي تدخل ضمن نطاق سريانها‪ ،‬وفقا ملا حدده املشرع األجنبي بصرف النظر عن القانون‬
‫املختص بمقتض ى قاعدة اإلسناد‪ ،‬وذلك عندما تكون العالقة محل النزاع مرتبطة بأكثر من نظام‬
‫قانوني يتضمن قواعد أمرة تريد االنطباق لحماية أغراض سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية التي‬
‫وضعت من أجلها‪ ،2‬وهنا نكون أمام إرادة منفردة وأحادية لتطبيق هذه القواعد وهي إرادة التي‬
‫يتعين وفقا لها تطبيق القواعد األجنبية على وقائع النزاع املطروحة أمام القاض ي املغربي‪.‬‬
‫ويمكن تصور نزاع معروض على القضاء املغربي له صلة بأكثر من دولة سواء عن طريق محل‬
‫اإلبرام‪ ،‬أو التنفيذ الذي قد يتجزء في دول مختلفة‪ ،‬أو املوطن‪ ،3‬مما يجعل التصرف القانوني‬
‫مرتبط بأكثر نظام قانوني يتضمن قواعد أمرة تريد االنطباق على العالقة محل النزاع بصرف النظر‬
‫عن القانون املختص بمقتض ى قاعدة اإلسناد والتي ال تشكل جزءا منه‪.4‬‬
‫ولقد ثار خالف بين الفقه حول إلزامية تطبيق هذه القواعد من عدمه بين من يرى عدم إلزام‬
‫القاض ي بتطبيقها‪،‬ألنها ال تنتمي إلى القانون املختص بمقتض ى قواعد التنازع وبين من يلزم القاض ي‬
‫بتطبيقها ولو لم تكن جزء من النظام القانوني املختص شريطة أن تكون على صلة وثيقة بالنزاع‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫بدران شكيب الرفاعي‪ ،‬عقود االستهالك في القانون الدولي الخاص‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪،‬دار شتات‪ ،‬للنشر والبرمجيات‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.344‬‬
‫‪2‬‬
‫‪SIDI MOHAMED ALIOUAT:«contrat bancaires internationaux el la loi applicable», mémoire de magister‬‬
‫‪de droit bancaire et financier international, faculté de droit –Oran ,Algérie,2010 ,p 297.‬‬
‫‪ 3‬على سبيل املثال "إذا تعاقد شخص تونس ي له إقامة اعتيادية في ايطاليا مع فرع لشركة مغربية في ايطاليا على شراء سلع‬
‫استهالكية يتم تسليمها في بريطانية‪،‬وعند تسليم السلعة وجد املشتري أن هناك اختالفا في املواصفات املتفق عليها وتمسك املورد في‬
‫حقه في تغيير بعض املوصفات استنادا إلى القانون االيطالي( قانون بلد اإلبرام)‪،‬فإذا قام املشتري التونس ي برفع أمام القضاء املغربي‪،‬‬
‫فان القاض ي املغربي سيطبق القانون املختار بين الطرفين استنادا إلى الفصل ‪ 13‬من ظهير الوضعية املدنية للفرنسيين واألجانب‪،‬غير‬
‫أنه يكون ملزما بمراعاة القواعد اآلمرة في بلد التنفيذ الذي هو بريطانيا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫مبروك بنموس ى‪ ،‬شرح مجلة القانون الدولي الخاص التونس ي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬املغاربية للطباعة والنشر واإلشهار‪،2003 ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪5‬‬
‫محمود محمد ياقوت‪ ،‬قانون اإلرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.157‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪189‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫وعليه يثار التساؤل ما هي شروط تطبيق قواعد بوليس األجنبية أمام القاض ي املغربي؟ ففي ظل‬
‫غياب نص صريح ينظم شروط تطبيق قوانين البوليس األجنبية في ق‪.‬د‪.‬خ‪.‬م ندعو املشرع املغربي‬
‫لالستفادة من تجارب بعض التشريعات املقارنة واالتفاقيات الدولية التي نظمت كيفية و شروط‬
‫تطبيق قوانين البوليس األجنبية بغض نظر عن القانون املختص بمقتض قاعدة اإلسناد‪.‬‬
‫ومن بين االتفاقيات الدولية التي نظمت كيفية قواعد البوليس األجنبية‪ ،‬نجد اتفاقية الهاي‬
‫لسنة ‪ 1978‬املتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الوساطة والتمثيل التجاري تنص في املادة ‪16‬‬
‫على ‪'':‬عند تطبيق هذه االتفاقية فإنه يجوز االعتداد بالنصوص األمرة لكل دولة تربطها صلة جدية‬
‫بالنزاع املطروح وذلك فيما لو كانت هذه النصوص يجب تطبيقها وفقا لقانون تلك الدولة أيا كان‬
‫القانون الذي يعينه قواعد التنازع فيه''‪.1‬‬
‫وكذلك أخدت اتفاقية روما لسنة ‪ 1980‬في الفصل ‪ ،2 9‬بإمكانية تطبيق قواعد األمن والبوليس‬
‫األجنبية التي لها صلة وثيقة بالنزاع حيث " يجوز إعطاء أثر لقوانين بوليس الدول التي تكون قد‬
‫نفدت أو نشأت فيها االلتزامات الناشئة عن العقد‪......‬وعند تحديد ما إذا كان يجب تطبيق تأثيرات‬
‫هذه القوانين‪ ،‬يجب أخد في االعتبار طبيعة هذه األهداف وغرضها فضال عن النتائج املترتبة على‬
‫تطبيقها أو عدم تطبيقها"‪.3‬‬
‫وأما على مستوى تجارب التشريعات املقارنة‪ ،‬نجد الفقرة الثانية من الفصل ‪ 20‬من القانون‬
‫الدولي الخاص البلجيكي الصادر بتاريخ ‪ 2004‬تنص "‪...‬عندما يطبق قانون الدولة ما بموجب هذا‬
‫القانون‪ ،‬يمكن إعطاء اثر للقواعد األمرة أو القانون العام لقانون دولة أخرى يرتبط بها النزاع‬
‫ارتباطا وثيقا‪،‬إلى الحد الذي تنطبق عليه هذه األحكام وفقا لقانون هذه الدولة األخيرة‪،‬أيا كان‬

‫‪1‬‬
‫‪Article 16‬‬
‫‪Lors de l'application de la présente Convention, il pourra être donné effet aux dispositions impératives de‬‬
‫‪tout Etat avec lequel la situation présente un lien effectif, si et dans la mesure où, selon le droit de cet Etat,‬‬
‫‪ces dispositions sont applicables quelle que soit la loi désignée par ses règles de conflit.‬‬
‫‪2‬‬
‫والتي تم تعديلها سنة ‪.2008‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Il pourra également être donné effet aux lois de police du pays dans lequel les obligations découlant du‬‬
‫‪contrat doivent être ou ont été exécutées, dans la mesure où lesdites lois de police rendent l'exécution du‬‬
‫‪contrat illégale. Pour décider si effet doit être donné à ces lois de police, il est tenu compte de leur nature et‬‬
‫‪de leur objet, ainsi que des conséquences de leur application ou de leur non-application.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪190‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫القانون الذي تحدده قواعد التنازع‪،‬وعند تقرير ما إذا كان يجب تفعيل هذه األحكام‪ ،‬يتم أخد بعين‬
‫االعتبار طبيعتها والغرض منها والعواقب املترتبة على تطبيقها أو عدم تطبيقها"‪.1‬‬
‫ونفس التوجه كرسه املشرع السويسري في القانون الدولي الخاص الصادر بتاريخ ‪ 1987‬في‬
‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 19‬الذي جاء فيه" ‪ ...‬يجوز أخذ في االعتبار قاعدة أمرة في قانون غير‬
‫القانون الذي يحدده هذا القانون إذا كانت العالقة محل النزاع ذات ارتباط بهذا القانون‪ ،‬و عند‬
‫تقرير ما إذا كان ينبغي أخد هذا القانون في الحسبان ‪ ،‬يجب مراعاة الغرض املقصود منها والنتائج‬
‫التي يجب تطبيقها من أجل الوصول إلى اختيار مالئم يأخذ بعين االعتبار محتوى القانون‬
‫السويسري"‪.2‬‬
‫كما ذهب املشرع التونس ي في مجلة القانون الدولي الخاص التونس ي إلى تكريس شروط تطبيق‬
‫قواعد البوليس األجنبية في الفصل ‪ 38‬الذي جاء فيه"‪.....‬و ّ‬
‫يطبق القاض ي أحكام القانون األجنبي‬
‫غير ّ‬
‫املعين بقواعد التنازع إذا كان لهذا القانون روابط وثيقة بالوضعية القانونية و كان تطبيق‬
‫األحكام املذكورة ضروريا بالنظر إلى الغرض املقصود منها‪.‬‬
‫وال يمنع من تطبيق القانون األجنبي أو أخذه بعين االعتبار اكتساؤه صبغة القانون العام"‪.3‬‬
‫وإمكانية التطبيق لقواعد البوليس األجنبية لم يقتصر تكريسها على التشريعات الوطنية بل‬
‫نظمتها كذلك االتفاقيات الدولية الجماعية‪.‬‬
‫وعليه يتضح من هذه التجارب املقارنة في تنظيمها لقواعد البوليس األجنبية‪ ،‬أنها تميل إلى ترك‬
‫املجال للسلطة التقديرية للقاض ي في تطبيق هذه القواعد من خالل مراعاة االعتبارات التالية‪:‬‬
‫أوال‪:‬أهدافها التي يجب أن تأخذ بعين االعتبار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Règles spéciales d'applicabilité‬‬
‫‪Art. 20. Lors de l'application, en vertu de la présente loi, du droit d'un Etat, il peut être donné effet aux‬‬
‫‪dispositions impératives ou d'ordre public du droit d'un autre Etat avec lequel la situation présente un lien‬‬
‫‪étroit, si et dans la mesure où, selon le droit de ce dernier Etat, ces dispositions sont applicables quel que‬‬
‫‪soit le droit désigné par les règles de conflit de lois. Pour décider si effet doit être donné à ces dispositions, il‬‬
‫‪est tenu compte de leur nature et de leur objet ainsi que des conséquences qui découleraient de leur‬‬
‫‪application ou de leur non application.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art. 19 .Lorsque des intérêts légitimes et manifestement prépondérants au regard de la conception suisse du‬‬
‫‪droit l’exigent, une disposition impérative d’un droit autre que celui désigné par la présente loi peut être‬‬
‫‪prise en considération, si la situation visée présente un lien étroit avec ce droit.‬‬
‫‪Pour juger si une telle disposition doit être prise en considération, on tiendra compte du but qu’elle vise et‬‬
‫‪des conséquences qu’aurait son application pour arriver à une décision adéquate au regard de la conception‬‬
‫‪suisse du droit.‬‬
‫ذكر الطبعة‪ ،2008 ،‬ص‪. 546‬‬ ‫ّ‬
‫الغزواني‪ ،‬تعليق على مجلة القانون الدولي الخاص التونسية‪ ،‬بدون‬ ‫‪ 3‬لطفي الشادلي ومالك‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪191‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫ثانيا‪:‬البحث في نتائج التي تترتب على تطبيقها ومقارنتها مع النتائج التي يمكن أن تترتب من عدم‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫كما يستفاد أن تطبيق هذه القواعد يكون وفقا للشروط محددة وهي‪:‬‬
‫الشرط األول‪:‬أن تكون هذه القواعد تنتمي إلى قانون غير قانون املختص بمقتض ى قواعد‬
‫اإلسناد‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬يجب أن تكون هذه القواعد واجبة التطبيق بوصفها قواعد بوليس تبعا للنظام‬
‫القانوني الذي تنتمي إليه‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬ضرورة أن تكون هناك رابطة حقيقية وثيقة بين قانون الدولة التي تنتمي إليه‬
‫هذه القاعدة النزاع املطروح‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬عدم تعارض قواعد البوليس األجنبية مع النظام العام في دولة القاض ي وفقا‬
‫للمعنى املقصود في مجال القانون الدولي الخاص‪.‬‬
‫الشرط الخامس‪ :‬ينبغي أن يكون هناك مبرر لتطبيق هذه القواعد بالنظر إلى طبيعتها وهدفها‬
‫وغايتها والنتائج املترتبة على تطبيق هذه القواعد من عدمه‪.‬‬
‫وعلى نحو أخر‪ ،‬قد يجد القاض ي املغربي نفسه أمام تنازع بين عدة قواعد بوليس أجنبية تريد‬
‫االنطباق على النزاع املعروض عليه‪ ،‬فما هو سبيل لفض مثل هذا اإلشكال؟‪.‬‬
‫وجواب على ذلك‪ ،‬ذهب الفقه إلى اقتراح ثالثة الحلول‪:‬‬
‫الحل األول ‪:‬إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى الدولة التي كان يمكن أن تختص محاكمها‬
‫أيضا بالفصل في النزاع‪ ،‬على أساس أن اختصاص محاكم هذه الدولة بالنزاع يفيد في حد ذاته‬
‫ارتباطه بهذه الدولة مما يحقق لها مصلحة جدية في تطبيق قانونها في هذه الحالة‪.‬‬
‫الحل الثاني‪:‬إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى دولة التنفيذ ألنها هي املصلحة األولى الجديرة‬
‫بالحماية‪ ،‬وفي هذه الدولة سيتم تنفيذ الحكم مما يقتض ي تدخل سلطات العامة لديها الذين ال‬
‫يخضعون إال ألوامر مشرع دولتهم‪.1‬‬
‫الحل الثالث‪:‬إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى القانون الذي يتمتع بالفاعلية األقوى في‬
‫مواجهة أطراف املنازعة‪ ،‬بحيث يصعب عليهم استبعادها أو اإلفالت منها‪،2‬‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬ ‫‪ 1‬محمود محمد ياقوت‪ ،‬قانون اإلرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CHRISTOPHE SERQGLINI , Loi police et justice arbitrale internationale, Dalloz, 2000, p412.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪192‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫و الحل األخير الذي نساير‪،‬وفي الغالب سيكون قاعدة البوليس التي تنتمي للدولة املتوقع تنفيذ‬
‫الحكم فيها وهو الحل الذي نقترح على املشرع املغربي األخذ به مستقبال في تنظيمه ملنهج قواعد‬
‫البوليس‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه االعتبارات القانونية والفقهية‪ ،‬ندعو املشرع املغربي إلى إيراد نص قانوني يؤكد‬
‫قبوله تطبيق قواعد البوليس الوطنية واألجنبية من خالل رسم حدود تطبيقها‪ ،‬والسيما أن القضاء‬
‫املغربي ذهب في بعض قراراته إلى تطبيق قواعد البوليس نوردها في املطلب الثاني‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪:‬التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس و األمن‬
‫لقد ذهب القضاء في بعض قراراته إلى تطبيق القانون املغربي مباشرة على بعض املنازعات‬
‫الدولية الخاصة(الفقرة األولى)‪ ،‬كما كرس نفس التوجه بالنسبة لقواعد البوليس األجنبية (الفقرة‬
‫الثانية) بغض النظر عن القانون املختص بمقتض ى قاعدة اإلسناد‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس واألمن الوطنية‬
‫إذا كانت قواعد البوليس واألمن تتسم بطابع أمر‪ ،‬يقتض ي إعمالها وتطبيقها ملا ترمي إليه من‬
‫اعتبارات تتعلق باألسس االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬للمجتمع‪ ،1‬فان القاض ي املغربي‬
‫يكون ملزم بتطبيقها كلما كانت العالقة لها صلة قوية بدولته‪ ،‬إما عن طريق محل اإلبرام‪ ،‬أو محل‬
‫التنفيذ‪ ،‬أو الجنسية‪ 2‬إذا كان أحد األطراف يحمل الجنسية املغربية‪.‬‬
‫وفي السياق أعاله ذهبت محكمة النقض املغربية في قرار فريد من نوعه إلى تعطيل إعمال‬
‫الفصل ‪ 3‬من ظ‪.‬و‪.‬م‪.‬ف‪.‬ل‪ .‬بخصوص تطبيق القانون الشخص ي على أهلية تعاقد مصري مع بنك‬
‫مغربي‪،‬حيث جاء في القرار" لكن حيث أن البنك املقرض حين تعاقد مع طالب النقض كامل جاهال‬
‫بالقانون املصري الذي ينظم أهلية الطاعن‪،‬وأن واقعة جهله لهذا القانون ال يمكن أن تنعكس أو‬
‫تمس بمصالحه املترتبة عن التعاقد‪ ،‬وأن املحكمة بذلك قد استبعدت الفصل ‪ 3‬من ظ و م ف‬
‫ل‪،‬وطبقت القانون املغربي الذي يتيسر للمتعاقدين االضطالع عليه باعتبار أن األمر يتعلق برابطة‬
‫قانونية مختلطة بين شخصين من جنسيتين مختلفتين‪،‬مما جعل قراراها في محله والوسيلة بدون‬
‫أساس"‪.3‬‬
‫‪1‬‬
‫‪SANDRINE CLAVEL :Droit international prive ,Dalloz ,2016, p105‬‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬القانون الدولي الخاص النوعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.188‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار املجلس األعلى عدد ‪،3253‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪،2003‬ملف مدني عدد ‪،2002/2/1/3045‬منشور بمجلة قضاء املجلس‬
‫األعلى عدد‪،2003، 61‬ص‪.40‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪193‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫والواضح أن محكمة النقض في ظل غياب نص قانوني يكرس االستثناء على القاعدة األصل‬
‫الواردة في الفص ‪ 3‬من ظ و ف ل فيما يخص تطبيق القانون الشخص ي على األهلية‪ ،‬أن قرارها‬
‫كان نتيجة تأثرها بالقرار الشهير الصادر عن محكمة النقض الفرنسية في قضية ليزا ردي‪.1‬‬
‫ومما ال شك فيه أن محكمة النقض ذهبت إلى تقرير املصلحة الجديرة بالحماية هي مصلحة‬
‫املتعاقد الوطني ‪،‬وحتى إن كان طرفا العقد أجنبين‪،2‬فإن فكرة املصلحة تكمن في تأمين سالمة‬
‫املعامالت التي تتم على اإلقليم الوطني‪،‬وبالتالي حماية املصلحة الوطنية لدولة القاض ي‪ ،3‬أي الدولة‬
‫املغربية‪.‬‬
‫وفي اعتقادنا أن تطبيق القانون املغربي على أهلية األجنبي كاستثناء في التصرفات التي يكون فيها‬
‫الطرف الوطني جاهال بنقص أهلية الطرف األجنبي‪ ،‬أو في عالقة مختلطة بين شخصين من جنسية‬
‫مختلفة وكان محل إبرام التصرف باملغرب ‪،‬يجب تكريسه كاستثناء بقاعدة آمرة على الفصل ‪ 3‬من‬
‫ظ‪.‬و‪.‬م‪.‬ف‪.‬ل‪.‬أسوة ببعض التشريعات املقارنة التي كرست ذلك‪ ،‬مثل املشرع التونس ي في في‬
‫الفصل‪ 40‬من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية لسنة ‪.41996‬‬

‫‪ 1‬تتلخص وقائع هذا القرار في أن شابا مكسيكيا يسمى ليزاردي عمره ‪23‬سنة اشترى من تاجر فرنس ي بعض املجوهرات‪ ،‬وحرر مقابل‬
‫ثمنها سندات بقيمة ‪ 800‬فرنك‪ ،‬وعند حلول أجل األداء‪ ،‬امتنع هذا الشاب عن األداء مرتكزا على الدفع املتمثل في كون السندات‬
‫املذكورة باطلة لنقص أهليته وفقا لقانونه الوطني( املكسيكي)‪ ،‬الذي يحدد سن الرشد في ‪ 25‬سنة‪ ،‬غير أن القضاء الفرنس ي لم‬
‫بستجب لهذا الدفع ‪،‬حيث أيدت محكمة النقض محاكم املوضوع التي حكمت على ليزاردي بأداء قيمة السندات‪ ،‬على أساس أن‬
‫التاجر الفرنس ي ال يلزم بمعرفة جميع القوانين األجنبية‪ ،‬ويكفي أن يكون تعاقد بدون خفة أو رعونة وبحسن نية"‪ :‬يونس صالح الدين‬
‫علي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪ 2‬في قرار ملحكمة االستئناف بالرباط الصادر في ‪ 18‬نونبر ‪ 1937‬قض ى بإبطال تصرف تم بين أم قاصرين بصفتها وصية عليهم وبين‬
‫شخص له جنسية فرنسية استنادا إلى املادة ‪ 56‬من ظ ل ع‪.‬دون أي استشارة للقانون الوطني الذي يحكم األهلية‪،‬وهذا يؤكد أن‬
‫محكمة االستئناف بالرباط أولت أهمية كبيرة ملبدأ استقرار املعامالت‪ :‬محمد امعنان عيساوي‪":‬تنازع القوانين بشأن األهلية في‬
‫القانون الدولي الخاص املغربي"‪،‬بحث نيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪،‬كلية الحقوق‪-‬أكدال‪،2007-2006،‬‬
‫ص‪.154‬‬
‫‪3‬‬
‫يونس صالح الدين علي‪":‬دراسة تحليلية في تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي وتنفيذ األحكام األجنبية‪.‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،2016 ،‬ص ‪.298‬‬
‫ّ‬
‫التصرف للقانون الشخص ي بالنسبة للذوات الطبيعية‪ ،‬أما بالنسبة للذوات املعنوية فهي تخضع إلى‬ ‫‪ 4‬الفصل ‪ - 40‬تخضع أهلية‬
‫قانون الدولة التي تتعاطى فيها ذلك النشاط‪.‬وإذا كان أحد األطراف في التزام مالي له األهلية حسب قانون الدولة التي أبرم فيها ذلك‬
‫االلتزام فإنه ال يمكنه االحتجاج بعدم أهليته أو نقصانها عمال بقانونه الشخص ي أو بقانون الدولة التي نشأ فيها أ و تعاطى فيها‬
‫نشاطه إال إذا كان الطرف املتعاقد معه يعلم أو كان عليه العلم بانعدام أهليته أو نقصانها عند إبرام االلتزام‪.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪194‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫وفضال عن ذلك‪ ،‬ذهبت محكمة النقض في القرار الصادر بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ 2011‬إلى تطبيق‬
‫الفصل ‪ 49‬من مدونة األسرة املغربية على دعوى مرفوعة من طرف زوج أجنبي أمام املحكمة‬
‫املغربية للمطالبة باقتسام األموال املكتسبة خالل فترة الزواج‪،‬وذلك عمال بمقتضيات الفقرة ‪ 3‬من‬
‫املادة‪ 2‬من مدونة األسرة التي تنص على سريان أحكامها على العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين‬
‫مغربيا‪.1‬‬
‫وعلى نحو أخر‪ ،‬ذهبت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ ‪ 1‬فبراير إلى ‪ 2002‬في عقد رهن‬
‫املبرم على عقار يملكه قاصر بواسطة والده في إطار النيابة القانونية وذلك لضمان قرض لفائدة‬
‫البنك يعتبر صحيحا‪،‬وال مجال لتطبيق القانون املصري املتعلق باألهلية والوالية ألن قاعدة اإلسناد‬
‫مستثناة بشأن هذا التصرف مادام الرهن قد انصب على عقار يقع باملغرب عمال بأحكام الفصل‬
‫‪ 17‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬املتعلق بشأن الوضعية املدنية لألجانب‪،‬واملحكمة ملا استبعدت‬
‫الفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 1913/08/12‬وطبقت القانون املغربي الذي يتيسر للمتعاقدين االطالع عليه‬
‫باعتبار أن األمر يتعلق برابطة قانونية مختلطة أي واقعة بين شخصين من جنسيين مختلفين يكون‬
‫قرارها في محله‪.2‬‬
‫وفي مجال الشغل ذهبت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ ‪ 23‬شتنبر ‪ 2009‬إلى اعتبار عقد‬
‫تشغيل أجنبي املفتقر للتأشيرة باطل وغير منتج ألي أثر‪ ،‬إال فيما يخص األجور املستحقة استنادا‬
‫إلى القاعدة أمرة الواردة في الفقرة األولي من املادة ‪ 516‬من مدونة الشغل التي جاء فيها" يجب على‬
‫كل مشغل يرغب في تشغيل أجير أجنبي أن يحصل على رخصة من قبل السلطات الحكومية املكلفة‬
‫بالتشغيل تسلم على شكل تأشيرة توضع على عقد الشغل‪ .‬يعتبر تاريخ التأشيرة هو تاريخ بداية عقد‬
‫الشغل"‪.3‬‬
‫وعلى مستوى القانون االتفاقي في موضوع اإلجراءات الضرورية لحماية الطفل املحضون‪،‬ذهب‬
‫املجلس األعلى في قرار مؤرخ في ‪2000/11/30‬إلى االستدالل بالفصل ‪ 25‬من االتفاقية الفرنسية‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 310‬الصادر بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ 2011‬في امللف الشرعي عدد ‪ ،2010/1/2/431‬منشور في مجلة محكمة‬
‫النقض العدد ‪ ،74‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3253‬املؤرخ في ‪ 2003/11/12‬في امللف املدني عدد‪ ،2002/2/1/3045:‬منشور في مجلة محكمة النقض‪،‬‬
‫العدد ‪ ،62‬سنة ‪ ،2004‬ص‪.20‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 1006‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬شتنبر ‪ 2009‬في امللف عدد ‪ 1256/1/2008‬منشور في جريدة الكترونية‬
‫‪13 juin 2018 à 12:13:40/ http://www.alkanounia.com -2008-1-5-1256-j15.html‬‬ ‫"القانونية" في رابط أسفله‪:‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪195‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫املغربية‪ ،1‬من أجل جلب االختصاص القضائي والتشريعي للقاض ي املغربي حيث جاء فيه" يأمر‬
‫القاض ي في الدولة التي نقل إليها الطفل واحتفظ به فيها بتسليمه فورا بصفة وقتية إلى الحاضن‬
‫املمارس لحضانة الطفل الفعلية قبل النزاع"‪.2‬‬
‫واملالحظ أن هذه القرارات طبقت القانون املغربي مباشرة استنادا إلى نصوص أمرة ترجح‬
‫تطبيقه على القانون األجنبي‪ ،‬غير أن تطبيقه لم يؤسس استنادا إلى نص قانوني في القانون الدولي‬
‫الخاص املغربي يشكل القاعدة العامة وسند القانوني في تطبيقه‪ ،‬وهو ما يقوي طرحنا على ضرورة‬
‫تدخل املشرع املغربي بتنظيم كيفية وشروط ومعايير تطبيق قواعد البوليس املغربية على النزاعات‬
‫الدولية الخاصة حتى ال يتم مفاجئة األطراف بقانون لم يكونوا يتوقعون تطبيقه‪ ،‬بل يجب أن‬
‫يكون األصل هو إعمال املنهج التنازعي واالستثناء إعمال منهج قواعد البوليس في حالة الضرورة‬
‫عندما يكون النزاع يدخل في نطاق تطبيق قاعدة بوليسية تحقق أهداف وغايات مرتبطة بمصلحة‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس واألمن األجنبية‬
‫املالحظ أن القضاء املغربي ذهب في بعض قراراته القليلة إلى تطبيق قواعد البوليس األجنبية‬
‫على التصرفات القانونية بغض النظر عن القانون الذي اختاره األطراف وهذا ما يستشف من‬
‫إحدى القرارات الفريدة ملحكمة االستئناف بالقنيطرة الصادر بتاريخ ‪31‬يناير ‪ 1994‬استبعدت‬
‫تطبيق القانون املختار على عقد هبة لفائدة فرنسيين وإبطاله بدعوى أنه يخالف مقتضيات املادة‬
‫‪ 10‬من ظ هير الوضعية املدنية للفرنسيين واألجانب الذي يلزم الفرنسيين بإبرام عقودهم التي تتم‬
‫باملغرب وفقا للشكل املحدد طبقا لقوانينهم الوطنية ‪.‬‬
‫وقد جاء هذا القرار مسببا في حيثياته بمجموعة من املقتضيات القانونية لتبريره نذكر من بينها ‪:‬‬
‫‪ -‬إن الفصل ‪ 10‬من ظهير ‪ 1913‬ينص على أن العقود التي يبرمها الفرنسيين املقيمون باملغرب يجب‬
‫أن تتم على الشكل املحدد طبقا لقوانينهم الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 931‬من القانون املدني الفرنس ي يعتبر الصدقة أو الهبة عقدا رسميا يتعين تحريره من‬
‫طرف موثق‪.‬‬

‫‪ 1‬االتفاقية املتعلقة بحالة األشخاص واألسرة وبالتعاون القضائي املبرمة بين اململكة املغربية والجمهورية الفرنسية سنة ‪.1981‬‬
‫‪ 2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1158‬املؤرخ في ‪ 2000/11/30‬في امللف الشرعي عدد‪ ،98/1/2/206:‬منشور في كتاب محمد الشافعي‪،‬‬
‫األجانب باملغرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،2006 ،‬ص ‪.109‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪196‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫‪ -‬إن عقد الهبة املحررة من طرف الواهب شخصيا جاء مخالفا للقانون الفرنس ي ولذلك فهو باطل‪.1‬‬
‫وعليه كان مفروضا على املحكمة االستناد فقط إلى فصل ‪ 931‬من القانون املدني الفرنس ي‬
‫كقاعدة أمرة تلزم الفرنسيين إبرام بعض تصرفات في الشكل الرسمي دون االعتماد على‬
‫عبارة"الفرنسيين "الواردة في الفصل ‪ 10‬من ظهير الوضعية للفرنسيين واألجانب لتبرير‬
‫موقفها‪،‬والذي نعتقد أن نطاق سريانها كان مرتبط بفترة الحماية‪،‬أما بعد استقالل املغرب فانه‬
‫أصبح متجاوزا االحتفاظ بهذه العبارة‪،‬بل أضحى ضروريا إعادة الصياغة وحذفها حتى تكون قاعدة‬
‫إسناد قاعدة مجردة‪.‬‬
‫وفي قرار أخر استبعدت محكمة االستئناف بالرباط تطبيق القانون الفرنس ي الذي يجيز تحرير‬
‫وصية بخط اليد‪ ،‬وطبقت الفصل ‪ 992‬من القانون املدني الهولندي الذي يفرض لصحة الوصية‬
‫أن تحرر لدى موثق(قرار محكمة االستئناف بالرباط في ‪.2)1920.6.8‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وإجماال يمكن القول أن قوانين البوليس و األمن أضحت في حاجة ماسة إلى تدخل املشرع‬
‫املغربي لتنظيمها‪ ،‬ورسم حدود تطبيقها على منازعات القانون الدولي الخاص حماية لتوقعات‬
‫املشروعة األشخاص ‪ ،‬و تكريسا لألمن القانوني ‪ ،‬والسيما أن القانون املغربي أصبح يزخر بمثل‬
‫هذه القواعد بفضل تزايد تدخل الدولة بوضع قواعد قانونية تحمي األسس االجتماعية‬
‫واالقتصادية للدولة في مواجهة إرادة األطراف‪ ،‬ولهذا نفتح الباب لطرح سؤال ليكون محل دراسة‬
‫أخرى لهذا املقال‪ ،‬كيف يمكن الكشف وتقيييم قاعدة قانونية داخلية أمرة ترتقي الى مصاف‬
‫قاعدة بوليسية تطبق على جميع املنازعات الوطنية والدولية بغض النظر عن طبيعتها الداخلية‬
‫الدولية؟ و ماهو املعيار املناسب لذلك؟‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بالقنيطرة ملف عدد ‪ 94/1386‬املؤرخ في ‪ ،1994/1/31‬قرار منشور في "مجلة اإلشعاع" ‪،‬العدد ‪،12‬‬
‫‪ ،1995‬ص‪.190‬‬
‫‪ 2‬مجموعة ببنان املغربية ‪،1922‬املجلد‪2‬ص‪:12‬بور مضان محمد‪":‬كيفية تفعيل قواعد القانون األجنبي أمام القضاء باملغرب"‪،‬دار أبي‬
‫رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،2008 ،‬ص ‪.70‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪197‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬


‫أوال ‪ :‬باللغة العربية‬
‫أ‪ -‬الكتب‬
‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬القانون الدولي الخاص النوعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪-‬‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون‬
‫الدولي الخاص ‪ -‬دراسة تحليلية تطبيقية‪ -‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1985 ،‬‬
‫‪ -‬بدران شكيب الرفاعي‪ ،‬عقود االستهالك في القانون الدولي الخاص‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪ ،‬دار‬
‫شتات‪ ،‬للنشر والبرمجيات‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬جميلة أوحيدة‪ ،‬آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص املغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬لطفي الشادلي ومالك الغزواني‪ ،‬تعليق على مجلة القانون الدولي الخاص التونسية‪،‬بدون ذكر‬
‫الطبعة‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬مبروك بنموس ى‪ ،‬شرح مجلة القانون الدولي الخاص التونس ي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬املغاربية للطباعة‬
‫والنشر واإلشهار‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬مجموعة ببنان املغربية ‪،1922‬املجلد‪ ،2‬بورمضان محمد‪،‬كيفية تفعيل قواعد القانون األجنبي‬
‫أمام القضاء باملغرب‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬محمد إبراهيم على محمد‪ ،‬القواعد الدولية اآلمرة ‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪.2001،‬‬
‫‪ -‬محمود محمد ياقوت‪ ،‬قانون اإلرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬يونس صالح الدين علي‪ ،‬دراسة تحليلية في تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي‬
‫وتنفيذ األحكام األجنبية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2016 ،‬‬
‫ب‪ -‬الرسائل‬
‫‪ -‬محمد امعنان عيساوي‪" :‬تنازع القوانين بشأن األهلية في القانون الدولي الخاص املغربي"‪،‬بحث‬
‫نيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬أكدال‪.2007-2006 ،‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪198‬‬
‫مصطفى القاسمي‬ ‫واقع التكريس التشريعي والقضائي لوانين البوليس واألمن في القانون الخاص املغربي‬

‫ج‪ -‬القرارات القضائية‬


‫‪ -‬محكمة النقض عدد ‪ 310‬الصادر بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ 2011‬في امللف الشرعي عدد ‪،2010/1/2/431‬‬
‫منشور في مجلة محكمة النقض ‪ ،‬العدد ‪.2012 ،74‬‬
‫‪ -‬قرار املجلس األعلى عدد ‪ ،3253‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪ ،2003‬ملف مدني عدد‬
‫‪،2002/2/1/3045‬منشور بمجلة قضاء املجلس األعلى‪ ،‬عدد‪.2003 ، 61‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3253‬املؤرخ في ‪ 2003/11/12‬في امللف املدني عدد‪،2002/2/1/3045:‬‬
‫منشور في مجلة محكمة النقض‪-‬العدد ‪-62‬سنة ‪.2004‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة االستئناف بالقنيطرة ملف عدد ‪ 94/1386‬املؤرخ في ‪ ،1994/1/31‬قرار منشور في‬
‫مجلة اإلشعاع ‪،‬العدد ‪.1995-12‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1158‬املؤرخ في ‪ 2000/11/30‬في امللف الشرعي عدد‪(98/1/2/206:‬قرار‬
‫منشور في كتاب محمد الشافعي‪":‬األجانب باملغرب‪ ،‬الجزء األول"‪،‬الطبعة األولى‪،‬مطبعة الوراقة‬
‫الوطنية –مراكش‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض‪ ،‬عدد ‪1006‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬شتنبر ‪ 2009‬في امللف عدد ‪1256/1/2008‬‬
‫منشور في جريدة الكترونية "القانونية" على الرابط‪http://www.alkanounia.com :‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغة األجنبية‬
‫‪A - Ouvrages‬‬
‫‪- Christophe Serqglini, Loi police et justice arbitrale internationale, Dalloz,‬‬
‫‪Paris, 2000.‬‬
‫‪- Sandrine Clavel, Droit international privé, Dalloz, Paris, 2016.‬‬
‫‪B- Thèses‬‬
‫‪- Pommier : principe d’autonomie et loi du contrat en droit international‬‬
‫‪privé conventionnel, Thèse de doctorat, Paris, 1992.‬‬
‫‪- Sidi Mohamed Aliouat:«contrat bancaires internationaux el la loi‬‬
‫‪applicable», mémoire de magister de droit‬‬ ‫‪bancaire et financier‬‬
‫‪international, faculté de droit -Oran, Algérie, 2010.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد الثاني مارس ‪ - 2020‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪199‬‬

You might also like