Professional Documents
Culture Documents
الركن المعنوي في الجريمة
الركن المعنوي في الجريمة
لجًــــــــــــــــت الوٌاقشت:
رئيسا أستاذ جامعة بجاية األستاذ (ة):
مشرف و مقر ار
ا بجاية أستاذ جامعة د.طباش عز الدين
ممتحنا أستاذ جامعة بجاية األستاذ (ة):
﴾ ﴿ قالوا سبحانك ل ِلم لنا إّل ما ِّلمتنا إّنك أنت العليم الحكيم
أشكر اهلل تعالى الذي وفقنا و أِاننا في إنجاز واتمام هذا العمل المتواضع ،كما أتقدم
بجزيل الشكر وِظيم المتنان إلى األستاذ الدكتور الفاضل " طباش ِزالدين " ِلى قبوله
اإلشراف ِلى هذه المذكرة وِلى ما بذله من جهد طوال مدة إِدادنا لها ،والذي قدم لنا
توجيهاته وارشاداته القيمة في سبيل إنجاح هذا العمل.
كما أتقدم بخالص الشكر إلى أِضاء لجنة المناقشة الذين يشرفون ِلى مناقشة هذا
العمل المتواضع.
دون أن ننسى جميع األساتذة األفاضل لكلية الحقوق جامعة " ِبد الرحمان ميرة "
وشكر
ًا
إهداء
باسم اهلل الرحمان الرحيم
أهدي ثمرة جهدي المتواضع إلى من كان سببا لوجودي في هذه الحياة بعد اهلل تعالى
والدي العزيزين أطال اهلل في ِمرهما
إلى كل إخواني و زوجاتهم و أولدهم ،وأختص بالذكر أخي المتوفى رحمة اهلل ِليه
أتمنى من اهلل ِز وجل أن يجعله طي ار من طيور الجنة ويسكنه فسيح جنانه
إلى كل المعلمين واألساتذة الذين جمعني معهم المشوار الدراسي من الطور البتدائي
حتى وصولي إلى التعليم العالي
صورية
إهداء
أهدي ثمرة جهدي المتواضع إلى من كان سببا في وجودي والدي العزيزين أمي الغالية
وأبي الحبيب
سعاد
قائمة المختصرات
(ص) :صفحة
(ط) :طبعة
الجريمة ىذه الكممة البسيطة في تكوينيا المغوي والعظيمة في مضمونيا ،فيي ظاىرة
فريدة من نوعيا في حياة الفرد والمجتمع ال تحمل بين طياتيا إالّ معاني ظمم االنسان ألفراد
المجتمع نظ ار لكثرتيا وتنوعيا كان لزاما مزيد االىتمام بيا والتطرق إلى مختمف
أصنافيا ،والجريمة كسموك إنساني تتميز عن سائر أنواع السموك الغير مشروع بأنيا تصيب
األشخاص بضرر أو لمخطر ماال تعتبر صيانتو في نظر المجتمع شرطا جوىريا من شروط
كيانو ووجوده(.)1
والفعل اإلجرامي ىو تصرف إنساني معاقب عميو من قبل القانون ،ولئن كانت بعض
التصرفات البشرية معتبرة جرائم من قديم الزمان لما فييا من اعتداء واضح عمى مصالح
أجمعت الشرائع عمى وجوب المحافظة عمييا ،فإنو توجد تصرفات أخرى مباحة في بعض
المجتمعات ومجرمة في أخرى نظ ار لتأثر تشريعيا بنظرية فمسفية معينة أو سياسة جنائية
ىادفة.
فالجريمة تعرفيا النظم الجنائية عمى أنيا كل فعل أو امتناع عن فعل َينيى عنو
المشرع منصوص عميو في قانون العقوبات ،أو باألحرى ىي الفعل اإليجابي أو السمبي
المجرم من قبل القانون والمعاقب عميو منو ،وليا أساس يميزىا ويكسبيا كيانيا مثل األساس
المتعمق بالجانب األدبي لمجريمة وىو ما يجول بخاطر الجاني ويكمن في نفسو ،واألساس
-1عبد الحك م
ي فوده ،االستم اررية والوقتية في الجرائم العمدية ،دار األلفى لمتوزيع والنشر،مصر ،2004،ص.17
1
مقدمة
المتعمق بالجانب المادي الذي ال يعدو أن يكون تجسيما لمجانب النفسي وىي مرحمة التنفيذ
القاعدة العامة أن الجريمة تقوم عمى ثالثة أركان أساسية ،فاألول ىو ركن شرعي
(نص يجرم الفعل ويعاقَب عميو )،وىذا الركن ىو أىم ما يميز القانون الجنائي عن غيره من
" ) ،(2وبالتالي فالبد من الفروع األخرى " ال جريمة وال عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون
يقر أنو
تكييف الفعل المجرم وتقييده تحت المواد القانونية ،والركنين اآلخرين فالركن المادي ُّ
"ال جريمة دون سموك مادي" فال عقاب لدينا في القانون الجنائي عمى النوايا .
الركن المعنوي يتمثل في القصد الجنائي وىو اتجاه ارادة الجاني إلى تحقيق النتيجة
اإلجرامية مع عممو بأن ما ىو ُم ْقدم عميو يوقعو في اإلثم الجنائي ،وال تثير مسألة الوقوف
عمى الركن المادي أي صعوبات بالنظر إلى خصائصو المادية المدركة بالحواس ،غير أن
ما يثير الكثير من المشاكل العممية ىو كيفية الوقوف عمى الركن المعنوي ،السيما أن
(الركن مسألة الوقوف عمى توافر الركنين ترتبط بارتباط وجود أو عدم وجود الجريمة
الشرعي) .
1
كرو ،محاضرات في القانون الجنائي العام ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،تونس1988– 1987 ،
-اليادي ّ
ص ص.67،68
-2المادة األولى من األمر ،156-66مؤرخ في 8يونيو ، 1966يتضمن قانون العقوبات ،ج ر .ج
ج،عدد ،49صادرة بتاريخ 11يونيو ،1966المعدل و المتمم بالقانون رقم 02-16مؤرخ في 19يونيو ،2016ج
ر ،ج ج ،عدد، 37صادرة بتاريخ 22يونيو .2016
2
مقدمة
البد من وجود مسؤولية جنائية التي تعني إسناد الفعل إلى الجاني ،كما يكون الجاني
لحظة ارتكاب الجريمة متمتع بالوعي واإلرادة ،فارتكاب الجريمة حتى وان وصمت لحد القتل وثبت
أن الجاني غير مميز أو معدوم اإلرادة فال يسأل جنائيا .
إذ أنو من الصعب إسناد النتيجة االجرامية لصاحب السموك الذي أدى إلييا دون
معرفة طبيعة االستعداد النفسي لدى الجاني في تقبل تمك النتيجة ،ودون معرفة إن كان ذلك
« ال جريمة بدون ركن عن قصد أو عن طريق الخطأ ،وىذا ما يؤسس أيضا إلى قاعدة
معنوي »
لكن المالحظ اليوم ومع تطور المجتمعات من كل النواحي خاصة االقتصادية منيا
جعل التشريعا ت تتبنى أنواع جديدة من التجريم تتماشى و السرعة المطموبة لمفصل في مثل
القضايا االقتصادية ذات الطابع الجزائي وذلك بالمجو ء إلى االكتفاء بإثبات السموك المادي
دون الخوض في تعقيدات إثبات الركن المعنوي ،باعتباره حالة نفسية تستوجب أساليب معقدة
لمكشف عن طبيعتيا ،بل أن قانون العقوبات بنفسو يزخر أيضا بعدة نصوص تفترض ىذا
لذالك تظير أ ىدفنا في الدراسة لمبحث في مدى توافق ىذه الفكرة الحديثة ألركان
الجريمة مع المبادئ االساسية التي تتحكم في التجريم والعقاب خاصة فكرة ال جريمة دون
وىدفنا كذلك ىو ضرورة التنبيو لخطورة السياسة العقابية الحديثة التي تتجو أكثر
فأكثر نحو إفراغ الجريمة من ركنيا المعنوي من أجل تسييل عممية إسنادىا إلى فاعميا دون
3
مقدمة
لذلك فإن نطاق دراستنا ليذا الموضوع سوف يتمحور حول إشكالية مدى لزوم إثبات
قد اعتمدنا في ذلك عمى منيج تحميمي وصفي لدراسة عناصر ىذا الموضوع بتقسيمو
إلى فصمين نتناول في(الفصل األول) مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركن معنوي بصورتيو
القصد والخطأ ،و (الفصل الثاني) فكرة عدم لزوم إثبات الركن المعنوي في الجريمة باكتفاء
4
الفصل األول
أن َّ
كل شخص يصدر عنو فعل من األفعال المجرمة فيالقانون تقوم في حقو من المعروف قانونا َّ
يمس أمن و مصمحة المجتمع بكاممو وليس فقط األفراد.
المسؤولية الجنائية باعتبار أن الشخص ّ
و قيام الجريمة في القانون ال يتوقف فقط عمى ارتكاب الواقعة المادية من طرف الجاني
إنما يستمزم رابطة نفسية تصل بين الجاني والفعل المادي الذي يقوم بارتكابو).(1
وىذه الرابطة النفسية تتمثل في الركن المعنوي الذي يقوم عمى االرادة التي توجو سموك
تعمد
الجاني مع العمم التام أن ىذا السموك مخالف لمقانون ،بمعنى أن الجاني في ىذه الحالة ّ
ارتكاب ىذا الفعل المجرم ،كما انو ىناك حالة أخرى يقوم فييا الشخص بسموك مخالف لمقانون إال
أن الجاني في ىذا النوع من
أنو ليس قاصدا القيام بو و انما يقع منو عن خطأ أو إىمال؛ بمعنى ّ
الجريمة يعاقب عمى أساس جريمة غير عمدية .
و ىذا ما نحاول دراستو في ىذا الفصل تحت عنوان صور الركن المعنوي حيث قسناه الى
مبحثين خصص األول فيو لمقصد الجنائي و الثاني لمخطأ غير العمدي.
-1سمير عالية ،أصول قانون العقوبات القسم العام [معالمو ،نطاق تطبيقو ،الجريمة ،المسؤولية ،الجزاء ] ،المؤسسة
الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت ،1996،ص .234
5
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
المبحث االول
القصد الجنائي
لم يتم تعريف القصد الجنائي في قانون العقوبات الجزائري صراحة بل تم اإلشارة اليو بشكل
ضمني في كثير من مواده ،وذلك من خالل اشتراط توافر العمد لدى الجاني عند ارتكابو الجريمة
و قد ترك المجال لمفقو لمقيام بتعريف القصد الجنائي فأعطوه تعريفات عديدة يتمحور مضمونيا
حول نقطتين تتمثالن في اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع ضرورة العمم بكافة أركانيا
القانونية ،و إذا تحقق العمم و اإلرادة لدى الجاني قام القصد الجنائي و إذا انتفى أحدىما أو كمييما
انتفى قصد الجاني ).(1
(المطمب األول ) و لدراسة القصد الجنائي يقتضي تقسيم المبحث الى مطمبين نخصص
لمفيوم القصد الجنائي و(المطمب الثاني) ندرس فيو انواع القصد الجنائي ،تحديد وقتو و اثباتو .
المطمب األول
القصد الجنائي ىو الصورة األصمية األساسية لمركن المعنوي في الجريمة و يعتبر شرطًا
ضرورًيا لكي تقوم المسؤولية الجنائية في حق الجاني حيث يترأس قمة اليرم في الجريمة العمدية
باعتباره ينطوي عمى انصراف إرادة الجاني لمفعل المجرم و الى النتيجة المرغوب تحقيقيا ،وىو
يختمف باختالف نوع الجريمة ،وال يشترط تحقيق النتيجة لكي يتوافر القصد الجنائي و إنما
،وبالتفصيل يتحقق كذلك في حالة شروع الجاني في جريمتو دون الوصول إلى اليدف المطموب
وعناصره في في(الفرع األول) سنتناول في ىذا المطمب كل من تعريف القصد الجنائي
(الفرع الثاني) ،ومن ثم بيان أنواعو في (الفرع الثالث) عمى التوالي :
-1عبد اهلل سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري [الجريمة ] -القسم العام -ط،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر
،2005ص . 249
6
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
الفرع األول
كما سبق الذكر أن المشرع الجزائري لم يعرف القصد الجنائي بشكل صريح في القانون إنما
اكتفى باإلشارةإليو ضمنيا فقط و ذلك من خالل إدراج كممة العمد في كثير من النصوص القانونية
الدالة عمى قصد و نية الجاني التي تنعكس مباشرة عمى الجريمة التي يرتكبيا الجاني وارادة تحقيق
()1
و قد أشار الم ّشرع الجزائري إلى العمد في نصوص القانون في أمثمة كثيرة نذكر منيا ما النتيجة
ىو وارد في المادة 254من قانون العقوبات الجزائري التي خصصيا الم ّشرع لمقتل العمدي و التي
264من قانون عمدا » وكذلك المادة
نص فييا عمى ما يمى « :القتل ىو إزىاق روح إنسان ً
العقوبات الجزائري التي خصصت لمضرب و الجرح العمدي و التي تنص عمى ما يمي « :كل من
جروحا لمغير أو ضربة »
ً أحدث عمدا
لمقصد الجنائي مرادفات عديدة ،حيث يطمق عميو تسمية الخطأ المقصود أو العمدي
كذلك تسمية القصد العمدي وكل ىذه المصطمحات ليا نفس معنى القصد الجنائي ،وىو ُيعرف
يقينا بالعناصر المكونة لمجريمة مع إرادة تامة بتحقيق الواقعة االجرامية
عمما ً
عمى أنو عمم الجاني ً
و قبوليا(.)2
واالجتياد الفقيي لم يقصر في إعطاء تعريف لمقصد الجنائي حيث يدور حول نقطتين
أساسيتين ،رغم التعريفات المتعددة التي قدموىا و تتمثل ىذه النقطتين في عمم المجرم بعناصر
الجريمة و إرادة متجية لتحقيق ىذه العناصر(.)3
-1خمفي عبد الرحمان ،القانون الجنائي العام [دراسة مقارنة ] ،دار بمقيس لمنشر ،الجزائر ، 2016،ص . 216
-2عبد القادر عدو ،قانون العقوبات الجزائري [،القسم العام ] ،نظريو الجريمة ،نظرية الجزاء الجنائي ،دار ىومة
لمطباعة و النشر ،الجزائر ، 2010 ،ص . 181
-3بمعميات إبراىيم ،أركان الجريمة و طرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري [أركان الجريمة ،أىمية اإلثبات الجنائي
طرق اإلثبات الجنائية ] ،دار الخمد و نية لمنشر و التوزيع ،الجزائر ،2007 ،ص.119
7
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
الفرع الثاني
من خالل التعريف السابق فإن القصد الجنائي يحتوي عمى عنصرين أساسين يشمالن كل الوقائع
التي تقوم عمييا الجريمة،و إذا تمت الواقعة االجرامية عن عمم و إرادة الجاني سوف تعتبر جريمة
تامة يعاقب مرتكبيا و تسند إليو مسؤولية جزائية عمى أساس العمد،و إذا انتفى أحدىما أو كمييما
يتخمف قصد الجاني بمعنى أنو لقيام القصد الجنائي لدى المجرم ال يمكن االستغناء ال عن العمم ال
استنادا لذلك تقوم بتخصيص ىذا الفرع لدراسة عنصري القصد الجنائي [العمم
ً عن اإلرادة (،)1و
واالرادة] عمى التوالي :
من منطمق أن العمم أحد العناصر األساسية التي يقوم عمييا القصد الجنائي فإننا نحاول
دراستو من خالل استعراض معناه وبيان محمو.
العمم في قانون العقوبات الجزائري معناه توافر اليقين لدى الجاني بان سموكو يؤدي الى
()2
،فإذا انتفى العمم نتيجة اجرامية يعاقب عمييا قانونا مع عممو بجميع العناصر القانونية لمجريمة
بأحد ىذه العناصر انتفى القصد الجنائي ألنيا ىي التي تمد النشاط االجرامي الوصف القانوني
بالتالي تميزىا عن باقي الوقائع االجرامية األخرى كالقتل غير العمدي يحدث عن غير قصد بدون
()3
طا وثيقًا بالواقعة االجرامية التي يقوم بيا الجاني
عمم من الجاني ،فالعمم اليقيني يرتبط ارتبا ً
تعمد فعل ذلك(.)4
كجريمة السرقة مثالً فالجاني يعمم أنو فعل يجرمو القانون مع ذلك ّ
-1غازي حنون خمف الدراجي ،استظيار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان
،2012ص . 23
-2بمعميات إبراىيم ،المرجع السابق،ص . 120
-3عبد القادر عدو ،المرجع السابق ،ص .182
4
-Mayaud Yves, Droit Pénal Général,2e édition, presses universitaires de France, paris, 2004,
p249 .
8
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أما العمم بالوقائع فاألصل أن يكون الجاني عمى عمم بجميع الوقائع المكونة لمجريمة ألن
القصد الجنائي يتوافر إذا عمم الجاني بجميع العناصر التي تتكون منيا الجريمة (،)2فالمشرع يشترط
العمم بموضوع الحق المعتدى عميو ،حيث يتطمب القانون أن يكون الجاني عمى عمم بموضوع
الحق المعتدي عميو وىذا شرط ضروري لتوافر القصد الجنائي فالقتل مثال ىو اعتداء عمى حياة
إنسان و لكي يتوافر القصد في ىذه الجريمة يتطمب أن يكون الجاني عمى عمم يقيني أنو بصدد
القضاء عمى حياة إنسان ( ،)3كذلك العمم بالنتيجة أمر مطموب لتوافر القصد لدى الجاني إذ يجب
عميو أن يعمم بأن الفعل الذي يرتكبو من شأنو أن يرتب النتيجة التي يريد تحقيقيا و ىذه النتيجة
يشترطيا القانون حتى تترتب المسؤولية الجزائية في حق الجاني عمى أساس الخطأ العمدي بتوافر
ىذا األخير لديو تكون الجريمة عمدية(.)4
9
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
كما أن العمم بزمان ومكان ارتكاب الفعل اإلجرامي أمر يجب عمى الجاني العمم بو فاألصل أن
الم ّشرع الجزائري ال يعتد بمكان وزمان ارتكاب الجريمة فيو يجرم الفعل دون االعتداد ال بمكان
خطر عمى حق أو مصمحة األشخاص ًأيا
وال بزمان ارتكابو عمى أساس أن الفعل اإلجرامي يشكل ًا
المشرع يشترط في بعض الجرائم عمم الجاني بزمان ومكان ارتكاب
ِّ أن
كان المكان و الزمان ،إالّ ّ
الجريمة( ،)1فمثال جريمة اختطاف األطفال وتركيم ال تتم إالّ في مكان خالي منصوص عمييا في
المادة 314من قانون العقوبات الجزائري أو السرقة التي تتم في أماكن العبادة .وفي ما يخص
62من قانون الزمان نذكر عمى سبيل المثال جناية الخيانة في زمن الحرب نصَّت عمييا المادة
العقوبات الجزائري(.)2
من الوقائع التي يشترط القانون كذلك عمم الجاني بيا العمم ببعض الصفات في الجاني
أوالمجني عميو فاألصل ىو تطبيق النصوص القانونية عمى كل شخص يرتكب فعالً إجراميا
فالقانون يسري عمى الجميع دون البعض فقط ،إالّ أنو ىناك استثناء في بعض الجرائم فالمشرع
استثنى طائفة من االشخاص الذين يقومون ببعض الجرائم فال يتوافر القصد الجنائي لدييم إذا ثبت
أنيم يتصفون بحالة قانونية أو فعمية معينة ،نذكر عمى سبيل المثال جريمة الرشوة و اختالس
الخزينة العامة ،ال يرتكبيا إالّ موظف عام فعمم الجاني الذي يتيم بأحد ىذه الجرائم بأنو موظف
عام يتوافر القصد الجنائي لديو و تقوم المسؤولية في حقو (.)3
من الصفات الخاصة في الجاني نذكر عمى سبيل المثال جريمة الخيانة في الحروب و حمل أحد
األشخاص السالح ضد بمده (الجزائر) ،ففي ىذه الحالة يقوم قصد الجاني إذا كان يعمم أنو جزائري
يخون بمده(.)4
لكي يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني ىناك صفات خاصة بالمجني عميو يجب أن يعمم الجاني
بيا ،نذكر مثال جريمة الزنا نصت عمييا المادة 339من قانون العقوبات الجزائري ،يتوافر القصد
-1ة
نبي صالح ،المرجع السابق ،ص ص.57،58،59
-2راجع المواد 62 ،314منأمر رقم ،156-66المرجع السابق.
-3نبية صالح ،المرجع السابق ،ص.57
-4عبد اهلل سميمان ،المرجع السابق.252
10
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
كذلك ىناك العمم بالظروف المشددة التي تغير من وصف الجريمة التي تستوجب عمم الجاني بيا
مشددا من
ً وىي عناصر تابعة ألحد العناصر المكونة لمجريمة فتضفي عمييا وصفًا ويرتب ظرفًا
حيث أن الجريمة تصبح أكثر جسامة ،وعقوبتيا تكون أ ّشد (،)2ويجب أن يكون الجاني عمى عمم
بذلك الظرف المشدد الذي يغير من وصف الجريمة مثل جريمة الضرب واالعتداء عمى األصول
تختمف عن االعتداء عمى شخص غريب(.)3
ومن جية أخرى ىناك وقائع ترتبط بالجريمة إال أن ذلك االرتباط ال يكون وثيقاً وال تعد ىذه الوقائع
تكون الجريمة ،بالتالي ال يشترط القانون ضرورة العمم بيا ،أي أن
من العناصر األساسية التي ّ
القصد الجنائي يتوافر حتى ولو ثبت جيل الجاني بيا و تتمثل ىذه الوقائع في عناصر األىمية
الجنائية حيث تقوم األىمية في ىذه الحالة عمى اإلدراك و التمييز وىي من األمور التي يحددىا
القانون وىي تنتج أثرىا بغض النظر عن عمم الجاني بيا أو عدم عممو ،فمن يرتكب الجريمة
معتقداً أنو دون السن التي يعد فييا أىال لتحمل المسؤولية الجنائية ثم يتبين لمقاضي أنو قد بمغ
السن القانوني الذي يجعمو أىالً لتحمل المسؤولية ،فإن جيل الجاني بذلك ال يؤثر في توافر القصد
لديو(،)4ىناك أيضا الشروط الموضوعية لمعقاب إال أنيا ليست من العناصر المكونة لمجريمة
فالقصد الجنائي يتوافر دون اشتراط عمم الجاني بيا ،فالجزائري الذي يرتكب جريمة خارج إقميم
اء
ويحكم في الجزائر سو ً
الجميورية الجزائرية معاقب عمييا في القانون الجزائري سوف يتابع جزائيا ُ
يعمم بأن قانون بمده يجرم ذلك الفعل أو عدم عممو بذلك المادة 582ق إج(.)5
11
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
العمم بعناصر الجريمة شرط جوىري لقيام القصد الجنائي فإذا تخمف انتفى القصد ،و يؤدي
انعدام العمم بيذه العناصر الجيل بيا ،أو العمم بيا عمى نحو غير حقيقي و ىذا يسمى بالغمط
وكالىما ينفي القصد الجنائي لدى الجاني(.)2
،طبقا لنص المادة 74 القاعدة العامة أنو ال يجوز ألي إنسان أن يحتج بالجيل بالقانون
( ،)3فالعمم بالقانون أمر وجوبي فال يؤخذ الدفع من الباب األول الفصل الخامس من الدستور
12
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
بالجيل أو الغمط كعذر لنفي القصد الجنائي ،وحكم الجيل بالقانون أو الغمط فيو يستدعي التفرقة
بين قواعد قانون العقوبات ،وبين القوانين األخرى غير الجزائية(.)1
المبدأ العام الذي تسمكو جميع التشريعات أن العمم بمختمف القوانين العقابية أمر مفروض
عمى كل شخص ال يقبل إثبات العكس فاالحتجاج بالجيل أو الغمط فييا كذريعة لنفي القصد أمر
اء جناية أم جنحة أم مخالفة وسواء ورد
مرفوض ،و ىذا يعني ال يجوز لمن ارتكب جريمة سو ً
النص عمييا في قانون العقوبات أو القوانين المكممة لو أو أن يحتج بجيمو ليذا القانون أو تفسير
النص القانوني تفسير يشوبو غمط (.)2
وقد وجد ىناك استثناء ليذا األصل أنو ال تكميف بمستحيل إذا كان ىناك استحالة مطمقة بالتشريع
فال ُيسأل الشخص جنائياً لعدم وجود القصد الجنائي لديو كوجود قوة قاىرة كالحرب األىمية مثالً
حالت دون العمم بالتشريع الجديد(.)3
13
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
المال المسروق ممموكاً لمغير ،فإذا جيل الجاني ىذه القواعد أو أساء فيميا ينتفي القصد لديو
فالقانون يستمزم معرفة القانون المدني و ذلك لمعرفة الممكية لجريمة السرقة (.)1
ب – الجيل أو الغمط في الوقائع:
الجيل بواقعة معينة ىو انعدام العمم بيا ،و الغمط فييا ىو العمم بيا يخالف الحقيقة ؛فقد ينصب
الغمط عمى أحد الوقائع التي تدخل ضمن العناصر المكونة لمجريمة فنجد الغمط أو الجيل في
النتيجة اإلجرامية فييا ينتفي القصد الجنائي فيو يعد بمثابة االنحراف عن اليدف و تتحقق معو
نتيجة غير التي أراد تحقيقيا ،في حين أن الغمط أو الجيل في موضوع النتيجة ال ينفي القصد
الجنائي كمن أراد قتل إنسان فأخطأ في شخصيتو و قتل شخص أخر حيث ُيسأل الجاني عن القتل
العمد ألن القصد كان إزىاق روح إنسان و قد تم فعالً إزىاق تمك الروح(.)2
نجد كذلك الغمط في العالقة السببية حيث أن القانون يشترط عالقة سببية بين النشاط اإلجرامي
والنتيجة فإذا انصب الغمط عمى رابطة السببية ينتفي القصد الجنائي عمى أساس أن ىذه العالقة
،و ىناك فرق بين السببية المطمقة تكون في عنصر جوىري من العناصر المكونة لمجريمة
والسببية المقيدة ،ففي األولى يعاقب الم ّشرع عمى الفعل أيا كانت الوسيمة التي ارتكب بيا ذلك
الفعل ،كمن يطمق النار عمى شخص يقصد قتمو واقف عمى سطح المنزل فأصابو بيده وسقط عمى
األرض واصطدم بجسم صمب فمات بسبب ذلك االصطدام و ليس بسبب العيار الناري مع ذلك
يعد غمط جوىري بذلك
يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني ،أما السببية المقيدة فإذا وقع الغمط فييا ّ
ينتفي القصد الجنائي(.)3
14
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
اإلرادة ىي العنصر الثاني لمقصد الجنائي بعد العمم وىي قوة نفسية توجو كل أو بعض
أعضاء الجسم لتحقيق غرض غير مشروع،و بانتقاء اإلرادة ينتفي القصد الجنائي (،)1ونستنج ذلك
بالرجوع إلى نص المادة 48قانون عقوبات جزائري التي تنص عمى :
و لإلرادة أىمية تظير ()2
«ال عقوبة عمى من اضطرتو الى ارتكاب الجريمة قوة ال ِقبل لو بدفعيا»
في كونيا جوىر القصد الجنائي ،كما تظير في التمييز بين الجرائم العمدية إلى و غير العمدية
حيث تتجو اإلرادة في الجرائم العمدية إلى السموك و النتيجة معاً،أما في الجرائم غير العمدية تتجو
اإلرادة إلى السموك فقط دون النتيجة (.)3
إرادة السموك معناه أن الجاني يريد القيام بذلك السموك و يرغب فيو ويفترض عممو بماىية
ذلك الفعل و خطورتو عمى الحقوق التي يحمييا القانون ،رغم ذلك يرغب فيو وىذه الرغبة تجعل
أعضاء جسمو تمبي تمك اإلرادة وتدفعو إلى إتيان الحركة التي يتطمبيا ذلك السموك حتى تقوم تمك
الميمة (.)4
،وانما يمزم إرادة السموك وحده ال يكفي لقيام الجريمة التامة و توافر القصد الجرمي لدى الجاني
باإلضافة إلى ذلك أن تتحو إرادة الحاني إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية الناشئة عن ذلك السموك
بد من تحقيق
فالجاني إذا أراد قتل شخص ،يباشر بعممية القتل و إذا بو يصيبو فقط دون قتمو فال ّ
((5
النتيجة اإلجرامية لمقول بأن اإلرادة التي دفعتو إلى ذلك الفعل تامة
15
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
المطمب الثاني
،و مع العزم يتخذ القصد الجنائي أشكال و أنواع عديدة من خالليا تتم كل أنواع الجرائم
الذي يمتمكو الجاني لمقيام بالجريمة فإنو يقوم بتحديد وقت الرتكابيا بمعنى أنو ىناك وقت أو مدة
زمنية يتوافر فييا القصد الج نائي ،أما إثبات القصد فيرجع إلى القاضي الذي يستخمصو في حدود
سمطتو التقديرية .
و عمى ىذا األساس قسمنا المطمب إلى فرعين نتناول في (الفرع األول) أنواع القصد الجنائي،و في
(الفرع الثاني) كيفية إثبات القصد الجنائي.
الفرع األول
أنواع تختمف باختالف النظرة يتخذ القصد الجنائي صور متعددة،وقد قسمو الفقو الى عدة
إلييا()1فقد يكون القصد عاما أو خاصا ،وقد يكون مباش ار أو غير مباشر أومتعديا ،نقوم بعرضيا
كالتالي:
يكمن نطاق القصد الجنائي في القصد العام والقصد الخاص ،وسوف نتطرق إلييما كالتالي:
-1سمير عالة
ي ،المرجع السابق ،ص .242
16
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
القصد العام:
- 1
القصد العام متوفر في جميع الجرائم العمدية وىو انصراف إرادة الجاني لتحقيق الفعل المجرم مع
كاالعتداء عمى حق الحياة في جريمة القتل العمم بعناصر ىذا الفعل الذي ينيى عنو القانون
مثال(.)1
فالقصد الجنائي العام ىو ارتكاب الفعل و تحقيق نتيجتو أي تحقيق الغرض من الجريمة ،مع
ضرورة توافر العمم و اإلرادة و ىذا القصد ىو األكثر شيوعاً في غالبية الجرائم ،خصوصاً العمدية
فجريمة القتل العمد يكتمل فييا القصد إذا كان الجاني يعمم وقت ارتكاب الجريمة بأن اليدف ىو
القضاء عمى حياة إنسان و اتجاه اإلرادة الى ذلك(.)2
- 2القصد الخاص:
في الجريمة ،وىذا القصد يتطمبو القصد الخاص ىو الغاية التي يسعى الجاني إلى تحقيقيا
القانون في بعض الجرائم إلى جانب القصد العام مثال في جريمة القتل ال يكتفي لقياميا إثبات
القصد العام و ىو إرادة إتيان السموك و العمم بعدم المشروعية بل أنو يستوجب إثبات توافر نية
()3
إحداث النتيجة و ىي الوفاة و ىو ما يعني توافر القصد الخاص ،وتوافر ىذا األخير يقتضي أوالً
وجود العمم و اإلرادة لدى الجاني و ىما عنصري القصد العام بمعنى أن الجريمة التي يتطمب فييا
القصد الخاص يستمزم توافر أوال العام كشرط أساسي بعد ذلك يأتي القصد الخاص في المرتبة
()4
الثانية و ذلك في بعض الجرائم مجددة عمى سبيل الحصر
-1فريجة حسين ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،ط ،2ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،د س ن ،ص.47
2
-Dreyer Emmanuel, Droit pénalgénéral,Edition Litec, paris, p517.
3
-Mayaud Yves, op-cit , p278.
-4غازي حنون خمف الدراجي ،المرجع السابق،ص .39
17
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
- 1القصدالمباشر:
ىو عمم يقيني بعناصر الجريمة واتجاه اإلرادة إلى ارتكاب الفعل المجرم مع الرغبة في تحقيق
النتيجة،حيث أن تمك الرغبة عندما اتجيت إلى القيام بالفعل اتجيت في نفس الوقت وبشكل مباشر
إلى تحقيق النتيجة ( ،)1ولمقصد المباشر صورتين ىما :
القصد المحدد والقصد غير المحدد ،فاألول ىو تحديد الشخص المجني عميو كإطالق النار عمى
شخص محدد يقصد قتمو ،أما الثاني تترتب عميو عدة نتائج دون تحديد الشخص المجني عميو(.)2
- 2القصد غير المباشر:
ُيطمق عميو كذلك تسمية القصد االحتمالي وه و اقدام عمى نشاط اجرامي معين ،وىذا السموك يؤدي
إلى نتيجة وفي بالو أن تمك النتيجة ممكنة الوقوع ال أكيدة ،بمعنى أن الجاني يخاطر في القيام
أن الجاني كان يتوقع احتمال وقوعيا ويقبل
بيذا السموك حيث يريد الفعل و ال يريد النتيجة ،إالّ ّ
ىذا التوقع(.)3
لكي يتوافر القصد االحتمالي لدى الجاني البد أوالً من قصد مباشر إلى احداث نتيجة معينة
( ،)4و القصد تخالف القانون ،و إذا انتفى القصد المباشر ُيسأل الجاني عن جريمة غير عمدية
االحتمالي يقوم عمى عنصرين ىما :توقع حصول النتيجة الجرمية و يراد بو أ ن يتوقع الجاني
حصول النتيجة كأثر لمفعل الذي يقوم بو ،حيث قد تقع ىذه النتيجة و قد ال تقع .و الثاني ىو
قبول النتيجة الجرمية بمعنى أن الجاني ممزم بقبول نتيجة فعمو ميما كانت (.)5
18
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
1
-Bouloc Bernard, op-cit, p245.
2
-Dreyer Emmanuel, op-cit, p540.
-3سمير عالية،المرجع السابق،ص . 242
-4فريجة حسين ،المرجع السابق ،ص . 48
19
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أن ىذه األفعال الخارجية التي يأتييا الجاني و الظروف المحيطة بالدعوى ليست ىي القصد
إالّ ّ
بحد ذاتو إنما ىي مجرد قرائن و دالئل تكشف عنو ،فقد تصح مرة وقد تخيب مرة أخرى وقد تم
ّ
ترك إثبات القصد الجنائي لقاضي الموضوع الذي يمزم بيانو في الحكم صراحةً أو ضمناً(.)1
فيما يخص تحديد وقت توافر القصد الجنائي ف األصل أن يعاصرالسموك االجرامي من
فيسأل الجاني حينيا عن الجريمة العمدية ألنو توافر لديو القصد
بدايتو إلى غاية تحقيق النتيجة ُ
أثناء قيامو بالنشاط االجرامي ،ولكن في بعض األحيان قد يعاصر القصد الجرمي وقت ارتكاب
السموك دون النتيجة ،ومثال ذلك شخص يطمق النار عمى غريمو بقصد قتمو وبعد اطالق النار
أن ىذا األخير توفي أثناء نقمو إلى المستشفى ،و العبرة
شعر بالندم و قام بإسعاف المصاب إالّ ّ
فيسأل الجاني عن جريمة عمدية ألن
في ىذه الحالة بتوافر القصد وقت ارتكاب السموك االجرامي ّ
مسؤوليتو اكتممت و الندم االّحق ال ينفي القصد الجرمي ،وقد ُيعاصر القصد الجنائي وقت تحقق
النتيجة أي بعد السموك اإلجرامي ومثال ذلك الصيدلي الذي يخطأ في تركيب الدواء فيضع فيو
مادة سامة فيكتشف الحقاً أنيا سامة بعد تسميميا لممريض و يرفض تحذيره(.)2
في ىذا المثال المقدم فإن القصد الجنائي معاصر لفعل الجاني المتمثل في االمتناع عن
تنبيو المريض عن المادة السامة الموجودة في الدواء وقد تناوليا المجني عميو وأدت بو إلى الوفاة
شف الخطأ الذي وقع فيو ولم ينبو المريض
وفي ىذه الحالة ُيسأل الجاني عن جريمة عمدية إذا اكتُ َ
قبل وقوع النتيجة ،أما إذا اكتشف الجاني خطأه قبل تحقق النتيجة و لم يكن قاد اًر عمى تحذير
المريض أو اكتشف خطأه بعد الوفاة في ىذه الحالة ُيسأَل عن جريمة غير عمدية(.)3
قد يتوافر كذلك القصد الجنائي وقت تحقق النتيجة االجرامية كمن يصدم أحد األشخاص
عدولو فيقتنع بالنتيجة التي تحققت ففي ىذه الحالة ال
بالسيارة دون قصد ،بعد ذلك يتبين لو أنو ّ
ُيعتد بيذا القصد(.)4
20
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
المبحث الثاني
الخطأ الجنائي
األصل في الجرائم أن تكون قصدية واالستثناء تكون عن خطأ ،حيث تتجو إرادة الفاعل
معا ( ،)1إذ يعتبر الخطأ غير العمدي الصورة الثانية لمركن المعنوي إلى
باتجاه الفعل والنتيجة ً
جانب القصد الجنائي الذي يمثل صورتو األولى أي َّ
أن الركن المعنوي كمبدأ عام لو صورتان
األولى ىي القصد و الثانية ىي الخطأ غير العمدي.
الركن المعنوي في الجريمة غير العمدية يقوم عمى أساس الخطأ غير العمدي وينصرف
أثره إلى النتيجة اإلجرامية التي يعاقب عمييا القانون .تتميز الجريمة غير العمدية عن الجريمة
العمدية من حيث َّ
ان األولى الجاني فييا قد أراد النشاط لكنو لم يرد النتيجة بل وقعت بسبب خطأه
غير العمدي(،)2أما الثانية َّ
فإن الجاني قد أراد النشاط و النتيجة معا
(كمطمب أول ) أما (المطمب الثاني ) نتناول في ىذا المبحث مفيوم الخطأ غير العمدي
ندرس فيو أنواع األحكام الخطأ غير العمدي .
المطمـــب األول
معظم التشريعات العربية لم تتطرق إلى مفيوم الخطأ غير العمدي بل إكتفت بتحديد
صوره َّ
ولعل السَّبب في ذلك يعود إلى الصُّعوبة في جمل ِّ
كل الحاالت الموجودة ووضع تعريف عام
لمخطأ غير العمدي يجعل القاضي مقيد بيذا التعريف حيث ال تكون لو الحرية لمتعامل مع الوقائع
المتغيرة والمعقدة التي تعرض عميو.
21
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
مما يجعمنا ندرس في ىذا المطمب في (الفرع األول) تعريف الخطأ غير العمدي و معاييره ،أما
في و نتطرق إلى صور الخطأ غير العمدي (الفرع الثاني) عناصر الخطأ غير العمدي
(الفرع الثالث) .
الفرع األول
كما سبق القول ال يوجد تعريف خاص بشأن الخطأ غير العمدي لكن الفقو قد اجتيد بوضع تعار
يف مختمفة ووضع بعض المعايير التي يمكن األخذ بيا .
عرفو آخر «ىو سموك إرادي ينطوي عمى اإلخالل بواجب الحيطة واالنتباه الذي يفرضو
كما َّ
القانون والخبرة اإلنسانية أو الفعمية أو الفنية كان في استطاعتو تجنبيا»
وىناك من عرفو عمى أنو« اتجاه االرادة الى السموك االجرامي دون قبوليا بتحقق النتيجة
االجرامية التي يفضي الييا ىذا السموك مع عدم الحيمولة دون وقوعيا » و يترتب عمى ىذا النوع
من الخطأ وقوع الجرائم غير العمدية.
نستنتج من التعاريف السابقة أن كل فعل أو امتناع ارادي ترتبت عميو نتائج لم يريدىا
الفاعل أ ي عدم قبول النتيجة االجرامية و كان بوسعو تجنبيا و أن االرادة ال تتجو الى النتيجة
22
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
االجرامية و ال ترغب في وقوعيا ،ىذا ما يميز الخطأ غير العمدي عن القصد الجنائي أي أن
ىذا االخير تتجو فيو االرادة الى النتيجة و قبول تمك االرادة ليذه النتيجة (.)1
أىم الجرائم غير العمدية الواردة في قانون العقوبات الجزائري القتل الخطأ المنصوص عميو
في المادة 288من قانون العقوبات والجرح الخطأ المنصوص عميو في المادتين 289و 242
من قانون العقوبات (.)2
وىي المعيار الموضوعي المعيار إن خطأ الجاني يعتمد فيو عمى أساس ثالثة معايير
ّ
الشخصي و المعيار المختمط.
المعيار الموضوعي
- 1
23
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
القاضي أن الشخص المعتاد بالحيطة والحذر سوف يقع في نفس خطأ المتيم مع مراعىات
()1
و السمطة التقديرية تعود لمقاضي . الظروف الخارجية فينتفي الخطأ في حقو
و النقد الموجو ليذا المعيار أنو ال يحقق العدالة لتفاوت الناس في قدراتيم ألنو ييمل الظروف
الخاصة بالجاني مثل السن و المرض و الضعف....الخ باإلضافة الى صعوبة تحديد الرجل
العادي (.)2
2ا-لمعيار الشخصي
ينظر أنصار المعيار الشخصي الى الجاني نفسو و ما كان في وسعو أن يتخذه من
()3
فحسب ىذا المعيار أذ تبين أن الحيطة و الحذر في الظروف الشخصية خاصة أم خارجية
السموك المفضي لمجريمة كان من الممكن تفاديو لكن نض ار لمظروف و صفات الجاني ال يمكنو
تفادي الفعل المنسوب اليو فال يعتبر ىنا الفاعل مخطأ اذ ال يمكن مطالبة شخص أكثر من
()4
قدرتو نض ار لظروفو االجتماعية و ذلك في حدود ثقافتو و سنو و خبرتو
إ ن تطبيق ىذا المعيار يقوم عمى أساس النظر في سموك الجاني أوال ثم البحث فيما اذا اتخذ
واجب الحيطة و الحذر أي اذا ما كان يستطيع ان يسمك سموك مغاي ار أم ال ،فإذا تثبت أنو
()5
يستطيع أن يسمك سموكا مختمفا ثبت الخطأ في جانبو
غير أن ىذا المعيار لم يخمو من النقد مثمو مثل المعيار الموضوعي حيث أنو يؤدي الى
نتائج غير مقبولة كما أن ىذا المعيار يشوبو الغموض و صعوبة التطبيق فيو يستمزم دراسة واقعية
لشخصية الجاني و ظروف خاصة بثقافتو و حالتو العقمية و االجتماعية(. )1
هفي العموم ،كمية -1طباش عزالدين ،النظام القانوني لمخطأ غير العمدي في جرائم العنف ،رسالة لنيل درجة الدكتو ار
الحقوق و العموم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو،2014،ص .52
-2عمي عبد القادر القيواجي ،المرجع السابق،ص . 428
3
-نظام توفيق المجالي ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام [دراسة تحميمية في النظرية العامة ] ،ط ،3دار الثقافة لمنشر
و التوزيع ،األردن ،2016 ،ص .369
4
-Dreyer Emmanuel, op-cit, p 508.
5
. -عمي عبد القادر القيواجي ،المرجع السابق ،ص 428
24
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
المعيار المختمط
- 3
إن أنصار المعيار المختمط أدمجوا بين المعيار الموضوعي و المعيار الشخصي اذ أن قوام
ىذا المعيار الرجل العادي متوسط الذكاء الذي ينتمي الى فئة اجتماعية التي ينتمي الييا الجاني
وفي ظروف خارجية قد تحيط بالجاني السيما ظرف الزمان و مكان النشاط االجرامي و يعتبر
ىذا الضابط موضوعي في أساسو و أن اثبات الخطأ بحق الجاني أو عدم ثبوتو يرتبط بتوقع
العناصر الموضوعية حتى يتوفر الدليل عمييا فقدرة الجاني عمى توقع النتيجة االجرامية دليل بقدرة
الشخص العادي االنتباه عمى توقعيا ،مثال اذا كان الجراح ادت جراحتو الى وفاة المريض فان
قدرتو عمى توقع النتيجة تتحدد بقدرة طبيب جراح متوسط االنتباه من نفس الفئة عمى توقعيا ،كما
يؤخذ في ىذا المعيار الظروف و المالبسات التي صدر فييا السموك أي الظروف الخارجية التي
تحيط بالجاني و التي تأثر في قدرتو عمى توقع النتيجة ىنا مثل ظرف الزمان والمكان فيذه
الظروف ىي ظروف عامة ليس لمجاني دخل في انتظاميا فان حصل حادث في طريق صحراوي
فانو يمكن توقع النتيجة بالنسبة لو كما يمكن لمشخص العادي توقع ىذه النتيجة في مثل ىذه
الظروف ،و منو فان معيار الخطأ وفق أنصار معيار مختمط انو معيار موضوعي في أساسو و
مكوناتو غير أنو يتسع الى بعض العناصر الشخصية اذ ينظر فيو الى الفئة االجتماعية أو
الييئة أو الحرفة التي ينتمي الييا الجاني أي النظر الى الظروف الشخصية أو الذاتية لمجاني
()2
.
25
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
الفرع الــثــاني
يقوم الخطأ غير العمدي الى جانب المعايير السابقة بتوفر عنصرين ىما أوال اتجاه ارادة
الجاني الى اتيان السموك برغم من صفة الغموض التي تتصف فييا االرادة في الخطأ الغير
العمدي عمى خالف إلرادة في جرائم العمد أي تتجو االرادة إلى إتيان السموك و النتيجة فيتمثل
في توقع النتيجة أو استطاعة توقعيا.
إن اتجاه إرادة الجاني الى ارتكاب السموك شرط عام و الزم في الخطأ و العمد أيضا و أن
انتفى ىذا الشرط تخمف الركن المعنوي ألن من طبيعة الركن المعنوي أن تتجو ارادة الجاني الى
اتيان السموك المجرم و عمى ىذا األساس فانو يمزم ارادة الجاني الى احداث النشاط الذي ترتبت
عنو النتيجة االجرامية (.)1
لمخطأ العمدي صفتان األولى ال يتوقع فييا الجاني النتيجة االجرامية مع أنو كان
باستطاعتو تجنبيا و كان واجبا عميو ان يتوقعيا أما الثانية فييا يتوقع الجاني النتيجة االجرامية
لكنو ال يتخذ واجب الحيطة و الحذر لتجنبيا(.)2
تفترض ىذه الصورة أن الجاني لم يتوقع النتيجة اإلجرامية ولم تتجو إلييا إرادتو وىذا ال يعني
انعدام الصمة بينيا وبين اإلرادة ألن كان باستطاعة الجاني توقع النتيجة ويجب عميو ذالك ،مثال
شخص يطمق النار عمى حيوان او طائر في الغابة ثم يصيب انسان ،غير أن الشخص العادي
26
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
متوسط الحيطة و الحذر يمكن لو أن يتوقع مثل ىذه النتيجة و عمى ىذا األساس فان الفاعل
()1
يترتب الخطأ من جانبو بالنسبة الى الشخص المعتاد و تقوم المسؤولية الجنائية عميو
في ىذه الحالة الفاعل يتوقع النتيجة لكن يتصور أنو قد يتجنبيا غير أن ىذا التصوريقوده
الى ارتكاب الفعل المجرم أي الى ارتكاب جريمة غير عمدية و مثال ذلك شخص يقود سيارتو في
وسط مزدحم بالناس من البدييي أنو يتوقع صدم أحد المارة و مع ذلك يكمل طريقو و في ذىنو
أنو يستطيع تجنب الحادث نض ار لخبرتو في السياقة ،ىنا اذا ما صدم أحد المارة فيعتبر الفاعل
الخطأ الواعي ألن الجاني لم تفاجئ بالنتيجة ألنو مسؤوال عن فعمو ،و يكون ىذا الخطأ من نوع
كان قد توقعيا و اإلرادة ىنا آثمة ألن الجاني توقع النتيجة و رغم ذلك لم يتخذ القدر الكافي من
الحيطة و الحذر المذان قد يحدان من وقوع النتيجة .
إن القانون يفرض عمى الفرد أن يكون عمى قدر من الحيطة و الحذر في تصرفاتو الفعمية
،و أن يتجنب كل سموك يؤدي بو الى نتيجة اجرامية كما يبين لنا القانون حدود ىذه التصرفات
()2
و التي يعتبر االلتزام بيا مراعاة لواجب الحيطة و الحذر مع مراعاة القوانين و لوائح المرور
و تحديد االلتزام بيذه القواعد يرجع الى الرجل العادي في نفس ظروف التي تحيط بالجاني(.)3
الفرع الثالث
1
-محمود نجيب حسني ،المرجع السابق ،ص. 601
-2عبد اهلل سميمان ،المرجع السابق ،ص .279
-3خمفي عبد الرحمان ،المرجع السابق ،ص.226
27
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أو اىمالو أو عدم مراعاتو أألنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشير إلى ثالثة سنوات و بغرامة من
20000إلى 100000دينار»(.)1
نستخمص من نص المادة صور الخطأ غير العمدي ،وىي اإلىمال وعدم االنتباه أوال وعدم
الرعونة ثالثًا ،وأخي ار عدم مراعاة األنظمة.
ثانيا و ُّ
االحتراز واالحتياط ً
االىمال ىو ذلك السموك السمبي الذي يسمكو الجاني و ذلك عن طريق االمتناع أو الغفمة أو
(.)2
عدم اتخاذ االحتياطات الالزمة لتفادي وقوع النتيجة االجرامية
إ ذ يحدث الخطأ نتيجة موقف سمبي من طرف الجاني نتيجة لترك واجب أو نتيجة امتناع عن
الممرضة التي
ِّ تنفيذ أمر ما أو عدم اتخاذ االحتياطات الالزمة التي يدعو إلييا الحذر ،ومثال ذلك
بئر مثالً دون أن يضع إشارة تحقن المريض دون أن تجري عميو خبرة الحساسية ،أو كمن ِ
يحفر ًا
460 ُّ
تدل عمى ذلك (،)3حيث نجد أمثمة كثيرة منصوص عمييا في قانون العقوبات نص المادة
« يعاقب بغرامة من 3000إلى 6000دج ويجوز أيضا أن يعاقب بالحبس لمدة ثالث أيام عمى
األكثر كل من أىمل صيانة واصالح أو تنظيف األفران أو المداخن أو المصانع التي تشتعل فييا
()4
النار »
28
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أ و األم التي تترك طفميا بجوار موقد غاز مشتعل فيو ماء ساخن فيسقط عميو و يقتمو
أو يأخذ سكين ثم يسقط عميو و يتسبب في وفاتو ،أو اىمال حائز الحيوانات و عدم اتخاذه
االحتياطات الالزمة لمنع خروج ىذه الحيوانات التي قد تسبِّب في أذى َّ
الناس (.)1
ينصرف أثر االىمال إلى الحاالت التي يقع فييا الخطأ عن طريق السُّموك الِّسمبي عمى
عكس قمَّة ُّ
التحرز الذي بسببو يقع الخطأ عن طريق السُّموك اإليجابي ( ،)2أي عدم اتخاذ الجاني
ِّ
لتجنب وقوع النتيجة االجرامية ،ومثال ذلك األم المرضعة التي تنام بجوار االحتياطات الالزمة
ابنيا وتنقمَّب عميو أثناء النوم وتقتمو ،وىنا األم ارتكبت جريمة غير عمدية ،أو صاحب البناء الذي
ِّ
ييدم بيتو دون اتخاذ االحتياطات التي قد تسبِّب في قتل أو جرح األشخاص وكذلك سائق السِّيارة
الذي ينحرف إلى اليسار ويصطدم بسيارة تسير فى األمام و ذلك لعدم اتخاذ االحتياط الالزم
َّ
ويتسبب في إصابة من كانوا في السيارة (.)3
الرعونة
ثالثاُّ :
الرعونة لغة تعني الطيش والخفة وسوء التقدير وىي تتمثل في إقدام شخص دون النظر في
ُّ
الرعونة ال تختمف كثي ار عن قمِّة
الفعل و ُّ عواقب األمور وخطورتيا واآلثار التي تنتج عن ذلك
االحتراز فكالىما ينصرف أثرىما إلى عدم االنتباه والحيطة وسوء التقدير(.)4
لكن الفقو اعطى ليا تعريف مستقل وعميو الرعونة تعني االخالل بالقواعد المينية في
مجال ميني معين فان اقدم شخص عمى اتخاذ سموك او امتنع عنو فيكون في ذلك مخالفا
القواعد و االصول الفنية لسوء تقديره او لنقص كفاءتو المينية سمي خطا بالرعونة ( ،)5و مثال
29
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
ذلك سائق السيارة الذي يوقف سيارتو فجأة فتصدم السيارة التي تسير في الخمف مما يؤدي الى
اضرار جسيمة و كذلك تتحقق الرعونة بإقدام صاحب المينة بالقيام بعمل من اعمال مينتو و
ذلك يجيل قواعد ذلك العمل مما يؤدي جيمو الى ضرار ،كالميندس الذي يخطئ في تصميم
()1
. بناء لجيمو لقواعد تصميمو
في ىذه الصورة ال يخالف الجاني قواعد مينية او فنية كما ىو الحال بالنسبة لمرعونة
انما يخالف قاعدة من قواعد القانون التي ليا قوة الزامية ،فيجب عمى كل شخص االلتزام بيذه
القواعد بمجرد مخالف الجاني لما تنص عميو القوانين و االنظمة يندرج فعمو في صورة الخطأ
حتى لو انو ال يريد احداث النتيجة التي ينيى عنيا القانون ( ،)2و تفيد ىذه الصورة عدم تنفيذ
(.)3
القوانين و االنظمة في غالب االحيان لقيام المخالفة و إن لم تترتب عمييا نتيجة إجرامية
تشمل ىذه الصورة من صور الخطأ غير العمدي مخالفة النصوص التي توضع لمحفاظ
عمى االمن و النظام و لكفالة الصحة العامة سواء كانت قوانين او لوائح او انظمة سواء كانت
موجودة في قانون العقوبات ام في غيره من القوانين باإلضافة الى ق اررات االدارة باعتبارىا سمطة
عامة ،من أمثمة تمك الوائح الخاصة بالصحة العامة و قوانين تنظيم المين و الصناعات و قرار
منح او سحب رخصة السياقة او رخصة احراز السالح(.)4
يثور التساؤل في قانون العقوبات الجزائري حول صور الخطأ غير العمدي ىل وردت
في نص المادة 288قانون العقوبات عمى سبيل الحصر أم عمى سبيل المثال ؟ و الرأي الغالب
يرى ان الصور المتمثمة في الرعونة و عدم االحتياط و االىمال او عدم االنتباه و عدم مراعاة
االنظمة قد ورد عمى سبيل الحصر مما يتعين عمى القاضي عندما يحكم في الجريمة الغير
30
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
()1
لكن في الواقع ال توجد صورة لمخطأ غير العمدي ال تشير الى العمدية ان يتقيد بيذه الصور،
تمك الصور المذكورة في المادة 288من قانون العقوبات .
المطمب الثاني
اختمفت تقسيمات الخطأ غير العمدي ،فيناك من قسَّميا عمى أساس التوقُّع ،أي إذا كان
الجاني توقَّع الخطأ فيعبر عمى ىذا األخير عمى أنو خطأ واعي أما اذا لم يتوقع الجاني الخطأ
فيكون الخطأ ىنا غير واعي ،غير أن تقدم الدراسات جعمت لمخطأ تقسيم أخرى أكثر أىمية الذي
ىو تقسيم الخطأ إلى جسيم و يسير و خط أ جنائي و مدني و كذلك تقسيم الخطأ إلى خطأ عادي
و خط أ فني و قد تعددت أحكام الخطأ غير العمدي فيما يخص إثباتو و مما يجعمنا ندرس في
ىذا المطمب أنواع الخطأ غير العمدي (كفرع أول) و اثبات الخطأ (كفرع ثاني) و أخي ار حكم تعدد
الخطأ في (الفرع الثالث).
الفرع االول
كما سبق القول أن لمخطأ عدة تقسيمات ندرس منيا فقط تقسيم الخطأ الى خطا جسيم و يسير
أوالً الخطأ الجنائي و الخطأ المدني ثانياً و خطأ عادي و خطأ فني ثالثًا .
31
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
يرتبان المسؤولية المدنية والجنائية وىناك من يقول أن العبرة في تقدير الخطأ ىو إمكان توقع
النتجة المترتبة عن الفعل ،المشرع الجزائري في ىذا الصدد لم يميز بين الخطأ اليسير و الخطأ
()1
إ ذ يعتبر ،و تعود السمطة التقديرية لمقاضي في تقدير نوع الخطأ الجسيم في قانون العقوبات
مسلة موضوعية في ظل ظروف ووقائع القضية ،و يعتبر الخطأ مع التوقع خطأ
الخطأ الجسيم أ
أنو اإلجرامية لسموكو ،لكنو تصور في ذىنو جسيم ،حيث يتحقق إذا توقع الجاني النتيجة
أنو اكمل في ذلك ،مثل سيتجنبيا ،يكون الخطأ ىذا جسيم لعمم الجاني بخطورة سموكو غير
إنسانا و السائق الذي يقود السيارة بسرعة زائدة عن الحدود في طريق مزدحم بالناس فيصدم
()2
،و ىناك من يقول أن مجال الخطأ الجسيم يكون في نطاق القانون الجنائي ألن بو يقتمو
تترتب المسؤولية الجنائية أما الخطأ اليسير فمجالو في نطاق القانون المدني ألن قيام المسؤولية
(.)3
المدنية ال يتطمب القانون خطا جسيم اي بمجرد حصول الضرر تقوم المسؤولية
و لمتفرقة بين الخطأ الجسيم و الخطأ اليسير يستوجب وضع معيار لمتمييز بينيما فمعيار
الرجل العادي ال يصمح لمتمييز بين الخطأ الجسيم و الخطأ اليسير ألن ىذا المعيار يصمح إلثبات
الخطأ لكن ىناك معيار أخر يعتمد عميو و ىو أن الخطأ الجسيم خطا واضح لدرجة أنو يتوقعو
فنو أقل وضوحا إذ باستطاعة الشخص العادي توقعو بحيث تتطمب
أي شخص أما الخطأ اليسير إ
(.)4
استطاعة توقعو تبص ار غير عادي
إ ال أنو يظير في ىذا المعيار فيو نوع من الغموض فيصعب التفرقة فيو بين الخطأ الجسيم
و الخطأ اليسير فكالىما خطأن واضحان.
-1معوض عبد التواب ،الوسيطفي شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ ،ط ،10مكتبة عالم الفكر والقانون لمنشر والتوزيع،
طنطا،2004،ص.53
-2أكرم نشأت إبراىيم ،المرجع السابق ،ص .291
-3عبد اهلل سميمان ،المرجع السابق ،ص . 282
-4المرجع نفسو ،ص . 282
32
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أن عدم وجود معيار موحد لمتفرقة بين الخطأ الجسيم و الخطأ
و الخطأ الذي ال يعتد بو غير ّ
يسير أم جسيما مسئوال جزئيا و تعود
اليسير فالقانون يعتبر كل من أخطا سواء كان ىذا الخطأ ًا
السمطة التقديرية لمقاضي(.)1
ىناك من الفقو من قسم الخطأ الجنائي و الخطأ المدني عمى أساس أنو إذا ما كان الخطأ
نظر لخطورتو أما اذا كان الخطأ يسي ار و
جسيما فانو يرتب مسؤولية جنائية أي أنو خطأ جنائي ًا
بسيطا بحيث يترتب مسؤولية مدنية و يعتبر خطا مدني و يقدر فيو التعويض نسبة الى الضرر
(.)2
لقد أيد أنصار ىذا الرأي موقفيم عمى أن ىناك اختالف بين المسؤولية الجنائية و المدنية
حيث ان المسؤولية الجنائية تيدف إلى الردع و ذلك عن طريق كشف شخصية المتيم الخطير
الذي يرتكب خطأجسيم ،أما المسؤولية المدنية و ضيفتيا إعادة التوازن بين الذمم المالية و ذلك
بتقدير تعويض عمى كل خطا يسبب لمغير ضر ار ماديا كان او معنويا و ىو جزاء اخف من
العقوبة الرادعة ()3و أ ن الجريمة الجنائية يقررىا نص جنائي عمى سبيل الحصر في قانون
العقوبات و في القوانين المكممة أما الجريمة المدنية تنشأ عن كل خطأ شخصي سواء كان يسي ار أو
جسيما لقيام المسؤولية المدنية ،غير ان في اغمب الحاالت يترتب قانون العقوبات المسؤولية عمى
أ ساس القصد الجنائي و يكتفي القانون المدني لقيام المسؤولية بخطأ شخصي في صورة االىمال
أ و عدم االحتياط و لكن ىناك أين تكون المسؤولية المدنية و جنائية باإلىمال و عدم االحتياط
(.)4
كالقتل الخطأ و الجرح الخطأ
33
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
والسؤال يطرح نفسو ىل يمكن لمقاضي المدني أن يقر بوجود خطأ مدني في حين خمص
القاضي الجنائي بعدم وجود خطأ جنائي ؟
ىذا ما يجعمنا نتحدث عن ازدواجية الخطأ ووحدتو ،ىناك اتجاىين يتنازعان في معالجة الخطأ
الجنائي و الخطأ المدني االتجاه األول يرمي الى التفرقة بين الخطأ المدني و الجنائي اي ازدواجية
الخطأ و أسسوا رأييم عمى أن الخطأ ميما كان يسي ار يكفي لقيام المسؤولية المدنية أما المسؤولية
الجنائية فيجب ان يكون الخطأ جسيما (.)1
أما االتجاه الثاني ىو اتجاه حديث يرمي لوحدة الخطأ الجنائي و المدني إذ أيدوا فكرتيم
معا و ليس شرط ان يكون
أن الخطأ اليسير كاف لقيام المسؤولية المدنية و الجنائية ً
عمى أساس ّ
الخطأ جسيما لقيام المسؤولية الجنائية (.)2
فنظرية وحدة الخطأ من نتائجيا أنو إذا توبع شخص أمام القضاء الجنائي الرتكابو جريمة
غير عمديو في صورة االىمال أو عدم االحتياط و صدر الحكم في حقو بالبراءة فال يكون لمضحية
حق في طمب التعويض أمام القاضي المدني ،ألن اعتراف بوجود خطا مدني يناقض مع قرينة
316من قانون االجراءات البراءة ،لكن ىناك استثناء متعمق بمحكمة الجنايات في نص المادة
الجزائية حيث تنص عمى ما يمي «بعد ان تفصل المحكمة في الدعوة العمومية دون اشراك
المحمفين في طمبات التعويض المدني المقدمة سواء من المدعي المدني ضد المتيم المحكوم
()3
بالبراءة ضد المدعي المدني و تسمع أقوال النيابة العامة و أطراف الدعوى»
حسب نص ىذه المادة ُيستخمص أن المشرع الجزائري خول لمحكمة الجنايات والمحاكم المدنية ان
تقضي بوجود خطا حتى لو صدر حكم بالبراءة و ذلك بالتعويض لكل من الضحية او المتيم
المحكوم عميو بالبراءة ،كما توجد حالة خاصة متعمقة بالتعويض في حوادث المرور حيث قضت
المادة 8من األمر رقم 75-15التي تنص عمى ما يمي "ال تمنع القاضي الجزائي من الفصل في
34
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
الدعاوى المدنية و منح التعويضات لمطرف المدني حتى ولو استفاد المتيم بالبراءة ،ذلك أن نظام
()1
التعويض لضحايا حادث المرور وذوي حقوقيم أصبح يخضع الى نظرية الخطر و ليس الخطأ،
حيث سمحت لممدعي في حالة الحكم ببراءة المتيم المطالبة بالتعويض ألن التعويض في حوادث
()2
. المرور مبني عمى أساس الخطر وليس الخطأ
الخطأ العادي ىو ذلك الخطأ الذي يتحقق بسبب االخالل بواجب الحيطة و الحذر في ظروف
خارجية خاصة بكافة الناس وذالك باتخاذ العناية الالزمة عند قيام بسموك معين لمتجنب نتيجة غير
مشروعةأما الخطأ الفني ىو ذلك السموك االجرامي الذي يسمكو أىل المين و الفن و ذلك بالخروج
عن القواعد العممية و الفنية مثل الطب و الصيدلة و مينة المحاماة (.)3
إن التمييز بين الخطأ الفني و الخطأ العادي جعل رأي من الفقو بالقول بعدم مساءلة أىل
ّ
أن ولذلك قد أيدوا فكرتيم عمى الفن عن خط أىم أ ي عدم تقرير المسؤولية عن الخطأ الفني،
مساءلة أىل الفن عن أخطائيم يؤدي الى عرقمة التقدم العممي لعدم اطمئنانيم و تيديدىم بالمسائمة
الجنائية ،لكن ىذا الرأي قد يحد من حقوق االفراد و مصمحة المجتمع و أن حماية مصمحة االفراد
و خاصة المجتمع تعود الى مسؤولية أىل الفن عن اخطائيم و تيديدىم بالعقاب يجعميم اكثر
حرص ويقظة عن ممارسة اعماليم المينية ،و ىناك من يقول يجب مسائمة اىل الفن عن أخطائيم
الجسيمة فقط و ذلك لتحقق التقدم العممي من طرفيم ومساعدة القاضي في تقرير المسؤولية عن
األخطاء الفنية التي قد تكون بعيدة عن تخصصو و عدم البحث عن األخطاء اليسيرة او البسيطة
()4
.
1
بزامية التأمين عمى السيارات و نظام التعويض
-راجع المادة 8منأمر رقم 15-74مؤرخ في 1974-01-30متعمق إل
عن األضرار ،ج ر ،عدد ، 15الصادرة في 1974-02-19و المعدل بقانون 31-88المؤرخ في ، 1988-07-19ج
ر عدد 29الصادرة في . 1988-07-20
2
عدو ،المرجع السابق ،ص ص .205 ،203
-عبد القادر ّ
-3محمد عبد التواب ،المرجع السابق ،ص.57
-4عمي عبد القادر القيواجي ،المرجع السابق ،ص ص.442،441
35
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
بخالف ذاك يرى اغمب الفقياء انو يجب مسائمة اىل الفن عن اخطائيم سواء كانت جسيمة
أو بسيطة و يروا أنو ال جدوى من التفرقة بين الخطأ الفني و الخطأ العادي التي ال سند ليا من
القانون و تقدير الخطأ ال يصعب في ذلك لمقاضي ألن لكل عمم و فن قواعد مستقرة يمكن
لمقاضي معرفتيا و حتى االستعانة بخبير (.)1
من ىنا يمكن القول أن التفرقة بين الخطأ الفني و الخطأ العادي من الصعب تطبيقو حيث
قد يكون الخطأ الفني في نظر البعض خطأ عادي و مثال ذلك الطبيب الذي يترك قطعة قماش
في بطن المريض أثناء العممية و قد يتبادر في الذىن أنو خطأ عادي (.)2
الفرع الثاني
إن إثبات الخطأ في الجرائم غير العمدية يقع عمى عاتق النيابة العامة وعمى القاضي بيان
صور ىذا الخطأ في حكمو و ذلك باالعتماد عمى الوقائع و األدلة المقنعة و يجب عميو أن يبني
حكمو عمى قواعد منطقية و ال يخالف في ذلك تعريف الخطأ الذي يعتد بو في المسائل الجنائية و
المدنية (.)3
288من قانون فإن كان خطأ الجاني توفرت فيو الصور المنصوص عمييا في المادة
()4
فن سموكو يشكل مخالفة
و ىي االىمال و الرعونة و عدم االحتياط و عدم االنتباه إ العقوبات
فن القاضي
أو عدم توقعيا ،إ لقواعد عامة بغض النظر إذا ما كان ىناك توقع لمنتيجة اإلجرامية
مقيد بتطبيق نص المادة و إسناد حكمو عمى أساسيا .
36
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
أما فيما يخص مخالفة القواعد الخاصة مثل القوانين و االنظمة و التعميمات فإن ىذه
القواعد تفرض بحد ذاتيا واجب الحيطة و الجذر عمى االشخاص و عمييم ينصب واجب االلتزام
بالتصرف المنصوص عمييا و مخالفة ىذه النصوص يشكل خطأ ،و االحتجاج بأن الشخص لم
يخل بواجب الحيطة و الحذر ال يمنع الجاني من االعفاء من المسؤولية ،فعميو ان يتوقع النتائج
التي جاءت القاعدة عمى منعيا (.)1
الفرع الثالث
قد يحدث احيانا أن تقع النتيجة االجرامية بسبب خطأين يقترفيما شخصان إذ يأتي كل
أحدىما منيما بفعل مجرم في القانون ،حيث يعتبر كالىما مسؤوال عن الخطأ و ال ينفي
أي تبعا لمعقوبة المقررة لمفعل المسند إليو المسؤولية عن االخر ،لكن قد يختمف نوع المسائمة
الخطأ (.)2
و ال يمكن القول أن الخطأ أحدىما ينفي المسؤولية اآلخر ألن كل من ساىم في إحداث
النتيجة االجرامية يعتبر مسؤوال عن فعمو ،مثال ذلك الشخص الذي يسمم سيارتو لشخص اخر
ويعمم انو ال يممك رخصة سياقة و ىذا االمر مخالف لقواعد المرور فإذا ما أخطأ سائق السيارة
وتسبب بقتل أحد المارة فينا كال من مالك السيارة و سائق السيارة يعتبران مسؤوالن جنائيا عن
جريمة قتل الخطأ ،أو كما لو قام كل من الشخصين بصدم المجني عميو بسيارتو الخاصة و أدى
ذلك الى وفاتو و ان تبين أن احد الشخصين لم تكن لو عالقة بوقوع النتيجة االجرامية ’ كان
الشخص أخر مسؤوال وحده عن ذلك (.)3
-1م حمد حماد الييتي ،الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية ،ط ،1دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن ،2005،ص ص
.78 ،76
37
مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي الفصــــــل األول
كما أنو تنتفي المسؤولية الجنائية بسبب خط أ المعني عميو و حتى إن كان صدر خطأ من
المتيم و لكن بشرط ان تكون ىناك عالقة بين الخطأ و النتيجة و مثال ذلك الشخص الذي يقود
سيارتو دون رخصة وكان يحسن السياقة و رعى في ذلك كل االحتياطات االزمة و فجأة ألقى
شخص نفسو أمام السيارة و أصيب بجروح ىنا سائق السيارة ال يسأل عن إصابة المجني عميو ،
لعدم وجود عالقة سببية يبين خطأ السائق المتمثل في عدم حيازتو لرخصة السياقة و اصابة الجني
عميو(.)1
38
الفصل الثاني
بعد أن استعرضنا في الفصل األول صور الركن المعنوي المتمثمة في القصد الجنائي وىو
الصورة المألوفة لمركن المعنوي في الجنايات والجنح ويعتبر أعمى مراتب الخطأ بإعتباره ينطوي
عمى إرادة الفعل ونتيجتو أو اإلمتناع عنو ،والخطأ غير العمدي وىو صورة الركن المعنوي في عدد
جراء النتائج التي ترتبت
معين من الجرائم ويشير إلى مساىمة نفسية غير عمدية من قبل الجاني ّ
عمى فعمو أو امتناعو).(1
حد ما وليست
ومنو نستنتج فكرة الجريمة بدون ركن معنوي ،إالّ أن ىذه الفكرة نسبية إلى ّ
مطمقة حيث أنو نجد بعض الجرائم تقوم بمجرد توافر ركنيا المادي فقط ،بالتالي سيطرة الجانب
متقمصا وىذا يعني الخروج عن مبدأ الجريمة
ً المادي عمى ىذه الجرائم جعل الركن المعنوي فييا
بدون ركن معنوي وىذا ما سنتطرق لو في الفصل الثاني من بحثنا؛ وفيو نعرف في (المبحث
األول) فكرة الخطأ المفترض وبعض تطبيقاتو في القانون ،ونخصص(المبحث الثاني) لطبيعة
الركن المعنوي في المخالفات.
-1م حمد عبد المطيف عبد العال ،الجرائم المادية وطبيعة المسؤولية الناشئة عنيا ،دار النيضة العربية ،القاىرة1997 ،
ص.130
39
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
المبحث األول
القاعدة العامة في القوانين العقابية تستند إلى المبدأ الدستوري شخصية العقوبة أي شخصية
المسؤولية الجزائية ،ومقتضيات تطبيق ىذه القاعدة إثبات أن من ُيسأل عن جريمة ما البد أن
يكون قد صدر عنو فعل يخالف القانون يجعمو فاعال أو شريكا في الجريمة ،أو تكون إرادتو قد
إتجيت عمى نحو يقوم بو الركن المعنوي بمعنى إرادة الفعل وتحقيق نتيجة وذلك عن عمم؛ لكن قد
يخرج المشرع عن ىذه القاعدة عمى وجو الخصوص بصدد إثبات الخطأ فيفترض وجوده ويعاقب
عميو شخص دون توافر أي قصد ودون إمكانية نفي الخطأ(.)1
األمر الذي تطمب دراستو في ىذا المبحث بحيث سنتناول في (المطمب األول) المقصود
بافتراض الخطأ وفي(المطمب الثاني) نتطرق إلى تطبيقات فكرة الخطأ المفترض.
المطمب األول
الخطأ المفترض بصورتيو العمدية وغير العمدية ،إما أن يفترضو القضاء وذلك يكون في
بعض الجرائم في نطاق إثبات ركنيا المعنوي ،وا ّما أن يكون المشرع ىو الذي نص عمى ىذه
القرينة واألمر في كمتا الحالتين يترتب عميو اإلعفاء من إقامة الدليل عمى ثبوت الخطأ في حق
الشخص المسؤول ،مما يؤدي إلى القول بأن واقع الخطأ المفترض ىو نقل عبئ اإلثبات من الجية
المختصة بو إلى المتيم الذي عميو أن ينفي ثبوت الخطأ في حقو وذلك في حدود القانون(.)2
وقد قسمنا ىذا المطمب إلى فرعين خصصنا (الفرع األول) لتعريف الخطأ المفترض
واالختالف الفقيي بشأنو و(الفرع الثاني) لمبررات الخطأ المفترض.
40
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
الفرع األول
يعني الخطأ المفترض la faute présuméeعقاب الجاني لمجرد إرتكابو النشاط المؤثم
قانونا أو اإلمتناع عن إثبات فعل يمزم القانون إثباتو دون أن يتوافر لديو نية تحقق النتيجة
المحضورة قانونا ،ودون أن تنصرف إرادتو لمنتيجة ،والخطأ المفترض بذلك مثل جريمة تكاد تفتقر
إلى الركن المعنوي ،ويعتبر من ضروب المسؤولية المادية البحتة أو المسؤولية الموضوعية(.)1
والخطأ المفترض إما أن يكون بالصورة العمدية ويأخذ وصف العمد المفترض أو أن يكون
بصورة الغير العمدية ويأخذ وصف الخطأ غير العمدي المفترض ،وحيث أن واقع الخطأ المفترض
يتمثل بنقل عبئ اإلثبات عمى عاتق الجية المكمفة بإثباتو إلى جية المتيم ،فإن الخطأ الفترض
يمكن أن نعرفو ذات الخطأ بأحد صورتيو العمدية أو غير العمدية ،غير أنو إتصف بيذا الوصف
من إفتراض ثبوتو في جانب المتيم واعفاء القضاء من إقامة الدليل عميو واثباتو ،فالقضاء ال يقيم
الدليل عمى وجوده وىذا يعني أن ىناك قرينة في صالح اإلثبات تنسب الفعل إلى نفسية الفاعل أو
بمعنى أدق أن الخطأ ثابت بحق المتيم وال يقبل إقامة الدليل عمى ثبوتو من الجية المكمفة بذلك
فالخطأ المفترض يعني أن ىناك قدر من خطأ ثابت في جانب المتيم ويقع عبئ ىذا القدر عمى
المتيم(.)2
ثار جدل فقيي حول الخطأ الفترض من حيث وجوده ،فتقمص ىذا األخير جعل البعض
يعتقد بعدم وجوده ،فإنو يمكن الكشف عنو من خالل دراسة ىذين الرأيين:
-1سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات (دراسة مقارنة) ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان ،2003 ،ص
ص .576 ،575
-2محمد حماد الييتي ،المرجع السابق ،ص ص .129 ،128
41
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
الرأي األول :يرى أن الخطأ المفترض مقترن بتوافر األىمية لدى الشخص الذي يقترف
الخطأ ،بحيث أن ىذه األىمية مفترضة بمعنى أنو ال يمكن التطرق إلى الخطأ المفترض دون أن
تتوافر أىمية اإلسناد؛ ويترتب عمى ذلك عدم توافره في الحاالت التي تنعدم فييا األىمية كصغر
السن والجنون واإلكراه؛ باعتبار أن كل جريمة ولو كانت مادية تفترض تمتع مرتكبييا باإلرادة
الحرة(.)1
الرأي الثاني :يرى أن قرينة الخطأ المفترض ليست مطمقة بحيث ىناك فرصة لنقضيا
باعتبار أنو ىناك جرائم يرتكبيا الجاني وىو في حالة الغمط الحتمي الذي يتجاوز قدرات التوقع
لدى اإلنسان شديد الحرص والتدقيق ،وفي ىذه الحالة من الغمط فإن القضاء يصرح بانتفاء الجريمة
وىذا ما أخذبو القضاء الفرنسي ،كما أنو ىناك فرصة لتخمص الجاني من العقوبة إذا أثبت أنو لم
يرتكب الخطأ ،بمعنى أنو ينفي الخطأ عنو وىذا يعفيو من المسؤولية إذا ثبت أنو اتخذ كافة
االحتياطات الالزمة لتجنب ارتكاب أي جريمة(.)2
الفرع الثاني
نتطرق إلى بعض الحجج التي قيمت في صالح إفتراض الخطأ وأنو بالرغم من الصعوبات
التي تصادفيا فكرة الخطأ المفترض إال أنو يجب التمسك بيا ،ومن بين الحجج نذكر منيا:
42
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
اتجو معظم الفقو إلى القول بأن العقوبة في القانون الجنائي ال تسمط إال إذا صدر خطأ من
الجاني ،بمعنى أن العقوبة ال تفرض إال مقابل خطأ و ىذا الخطأ يكون مفترض ال يتم إثباتو من
قبل سمطة االتيام ألنو ثابت بالواقعة المادية ،و تتجو نظرة الفقو إلى أن الجزاء الجنائي أو العقوبة
ىو مقابل تعويضي تفرضو العدالة عمى المجرم بيدف إصالحو و تقويمو و يكون عبرة لباقي
األفراد في المجتمع و لغيره من المجرمين ،و تبعا لممنطق فالعقوبة ال تفرض عمى الشخص الذي
ارتكب سموك ليس مخالف لمقانون وال تقع عميو المسؤولية في ذلك ،إنما تكون العقوبة مفروضة في
حالة ما إذا ارتكب الشخص خطأ يقع الموم عميو و يستحق العقاب من أجمو).(1
إن المشرع إفترض درجة من الحيطة والحذر ألصحاب المين أو صنعة معينة ،مما يدفعيم
إلى التثبت دائما من مصدر المواد التي يتعاممون بيا ،ويبدو ما يدفع المشرع لفرض ىذا النمط ىو
محاولة قمع الغش الذي يصيب السمع التي ليا مساس مباشر بحياة اإلنسان ،وذلك بفرض
إجراءات عقابية مشددة ،إذ من يعمم أنو سينال عقاب القانون ،حينئذ يبذل قصارى جيده لتفادي
ىذا الغش(.)2
الجرائم بصورة عامة تمحق الضرر بالمجتمع ،غير أن نمط من الجرائم كالجرائم اإلقتصادية
بصورة خاصة تمحق الضرر بالمجتمع مباشرة كذلك كان التشديد في المسؤولية بإقامتيا عمى قرينة
مفترضة في جانب المسؤول مع إتساع نطاقيا لينال غير من ساىم باقترافيا بصورة مباشرة(.)3
43
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
إن من أىم مبررات إفتراض الخطأ ىو ضمان إلتزام بالنصوص القانونية وبصفة خاصة
القوانين واألنظمة التي تنظم الصناعة والعمل بحيث يكون مسؤول جنائيا عن اإلخالل بيده
النصوص ،لذلك إذا عمم المسؤول أنو سيسأل عن كل جريمة ترتكب من قبل من يعمل تحت
إشرافو ،فال شك أنو سيحاول ضمان عدم وقوع أي جريمة ،بل يبذل الجيد لعدم وقوعيا(.)1
المطمب الثاني
تتعدد الجرائم التي تقوم قانونا دون حاجة إلى توافر الركن المعنوي فييا وقد يختمف الفقو
حول تبريرىا باعتبارىا جرائم قميمة األىمية أو ذات عقوبة تافية ،لكن ذلك ال ينفي حقيقة كثرة
تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات واعتباره أساسا لجرائم جسيمة في بعض األحيان(.)3
السابق.117،
ً -1محمد حماد الييتي،المرجع
-2المرجع نفسه ،ص ص .118،119
-3سميمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص ص .577 ،576
44
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
وقد خصصنا ىذا المطمب لدراسة ىذه التطبيقات حيث قسمناه إلى فرعين (الفرع األول) فيو
نتناول تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات ،و(الفرع الثاني) نتناو ل تطبيقاتو في القوانين
األخرى.
الفرع األول
تتعدد تطبيقات الخطأ المفترض دون أن تقتصر عمى جرائم قميمة األىمية نذكرىا عمى سبيل
الحصر وىي جريمة القذف؛ إصدار الشيك بدون رصيد ،والفعل العمني المخل بالحياء نتناوليا
كأمثمة عن جرائم التي تفترض الخطأ بمجرد اسناد الواقعة إلى المتيم.
_1جريمة القذف:
نعني بالقذف اسناد عمني عمدي وىو إدعاء بواقعة محددة تستوجب عقاب أو احتقار من
أُسندت إليو ( ،)1وقد نظم المشرع الجزائري جريمة القذف في قانون العقوبات الجزائري في المادة
عد قذفا كل ادعاء بواقعة من شأنيا المساس بشرف واعتبار
296منو ،والتي تنص عمى ما يميُ " :ي ُ
األشخاص ،والييئة المدعى عمييا أو اسنادىا إلييم ،أو إلَى تمك الييئة ويعاقب عمى نشر ىذا
االدعاء أو ذلك االسناد مباشرة أو بطريق إعادة النشر حتى ولو تم ذلك عمى وجو التشكيك أو إذا
قصد بو شخص أو ىيئة دون ذكر االسم ولكن كان من الممكن تحديدىامن عبارات الحديث أو
الصياح أو التيديد أو الكتابة أو المنشورات أو الالفتات أو اإلعالنات موضوع الجريمة(.)2
1
-محمد صبحي نجم ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،القسم الخاص ،د ط ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر
،2000ص.98
-2راجع المادة 296من األمر ،156-66المرجع السابق.
45
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
ُيستخمص من نص ىذه المادة أنو ُيمنع كل ادعاء بواقعة تمس بشرف واعتبار األشخاص أو
الييئات؛ وليس من الضروري أن تكون وقائع القذف خاطئة أو يتم االستغناء عن اسم الشخص أو
الييئة بل يكفي استتنتاجو من خالل المقال وىذا يكفي لكي تقوم المسؤولية عمى القاذف(.)1
جريمة القذف من الجرائم العمدية يتخذ الركن المعنوي فييا صورة العمد ،وتتميز ىذه الجريمة
أنيا تقوم عمى أساس إفتراض العمد بحيث يفترض سوء النية لدى الجاني بمجرد اسناد واقعة
القذف إلى المجني عميو؛ مع العمم واإلدراك أن ىذه الواقعة لو كانت صحيحة يتم تسميط العقاب
عمى المجني عميو ،واحتقاره بين أىل وطنو ( ،)2بمعنى أن عمم الجاني بالواقعة التي يسندىا إلى
المجني عميو والتي توجب عقابو واحتقاره ،ىذا العمم يكون مفترض إذا كانت العبارات الصادرة من
الجاني شائنة وميينة.
ومتى توافر القصد الجنائي في القذف وقعت الجريمة دون اشتراط تحقيق نية اإلضرار فيو
فال أثر لمباعث عمى الجريمة وما سبقو من أعراض ،وبالتالي ليس لممتيم أن يدفع عنو التيمة
بدعوى أنو كان حسن النية(.)3
أدرج التشريع الجزائري جريمة إصدار شيك بدون رصيد ،بحيث نص عمى ىذه الجريمة في
قانون العقوبات في المواد من 373إلى 375منو).(4
-1بن عيسى كيينة -برانسي سميمة ،جريمة القذف بين قانون العقوبات وقانون اإلعالم ،مذكرة التخرج لنيل شيادة الماستر
في الحقوق ،تخصص القانون الخاص والعموم الجنائية ،الجزائر ،2015 ،ص .09
2
-بن عيسى كيينة ،برانسي سميمة ،المرجع السابق ،ص .21
3
-عبد الحميد المنشاوي ،جريمة القذف والسب وافشاء األسرار ،دط ،دار الفكر الجامعي ،مصر ،2000 ،ص .27
4
-راجع المواد 375،373من األمر رقم ،156-66المرجع السابق.
46
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
ويعرف الشيك أنو أمر مكتوب يصدره الساحب إلى المسحوب عميو بأن يدفع إلى المستفيد مبمغا
معين مما أودعو الساحب لديو ،باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود في التعامل بيا).(1
وقد انتشرت ىذه الجريمة بشكل سريع ممفت لالنتباه حيث أصبح الشيك وسيمة يستعممو
المستفيد لمتيديد واستيفاء حقو ،ويتم التعامل بو بين األشخاص والتجار وذلك من أجل السرعة في
المعامالت التجارية واالئتمان وتسييل التعامل بين الناس بدال من حمل النقود وتعرضيا لمسرقة
والضياع).(2
فيذه الجريمة عمدية في جميع صورىا يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد الجنائي وسوء
النية لدى صاحب الشيك وىذه ىي الميزة التي يختص بيا ىذا الركن وىي افتراض القضاء وجود
سوء النية لديو ،فقد عبر المشرع الجزائري عن الركن المعنوي ليذه الجريمة بعبارة سوء النية وقصد
اإلضرار بالمستفيد ) ،(4فيي ليست من الجرائم غير العمدية التي تقوم عمى الخطأ إنما تقوم عن
قصد اإلضرار والنية الخبيثة التي تكمن داخل الجاني اتجاه المستفيد فالقضاء يفترض خطأ الجاني
بمجرد قيام الركن المادي أي بمجرد ثبوت عدم الدفع دون حاجة إلى إثبات الركن المعنوي فييا
عبر عن سوء
حتى تقوم الجريمة فالعمم بجميع ىذه الوقائع ىو عمم مفترض في حق الساحب ُي ّ
-1أحمد أبو الروس ،جرائم السرقات والنصب وخيانة األمانة والشيك بدون رصيد ،المكتب الجامعي الحديث ،مصر
،1996ص .739
2
-محمد صبحي نجم ،المرجع السابق ،ص ص.157 ،156 ،155
-3عبد العزيز سعد ،جرائم االعتداء عمى األموال العامة والخاصة ،ط ،6دار ىومو لمنشر والتوزيع ،الجزائر2012،
ص.45
-4المرجع نفسه ،ص.50
47
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
القصد لديو ونية اإلضرار بالمستفيد ،1ىذا وان استعمال المشرع الجزائري لعبارة سوء النية في ىذه
الجريمة عوضا من كممة العمد أو العمم التي استعمميا في الجرائم األخرى يعني أن القصد الذي
يتطمبو لقياميا ىو قصد من نوع خاص ال يتوقف فقط عمى اتجاه إرادة صاحب الشيك إلى اصدار
شيك مع عممو التام أنو دون رصيد إنما ينبغي أن تكون نية صاحب الشيك متجية إلى اإلضرار
بالمستفيد(.)2
الفعل المخل بالحياء عبارة عن سموك عمدي ُيخ ّل بالحياء العام واألدب العام ،وىي حركة
( .) 3والمشرع أعضاء الجسم إراديا تأتي في شكل إشارة أو عمل من شأنو خدش شعور الغير
الجزائري عمى غرار باقي التشريعات يعاقب كل ُمرتكب ليذه الجريمة ،بحيث نص عمييا في المادة
333من قانون عقوبات جزائري كما يمي "كل من ارتكب فعال عمنيا مخال بالحياء يعاقب بالحبس
من شيرين إلى سنتين وبغرامة من 20.000إلى 100.000دج".
والفعل المخل بالحياء يأخذ مظاىر عديدة فقد يرتكبو الجاني عمى نفسو وقد يرتكبو عمى
جسم الغير برضاه أو بدون رضاه ،فإذا قام الجاني بالفعل المنافي لمحياء عمى نفسو فإن ىذه
فاضحا إذا تحققت بو العالنية ،فالجاني بسموكو ىذا يثير الشعور تماما أمام
ً الواقعة تُعتبر فعال
الجميور وفي نفس الوقت ىذا الفعل يثير الحياء لدى الناس كذلك تقوم ىذه الجريمة عندما ُيوقع
الجاني ىذا الفعل المنافي لمحياء عمى جسم غيره(.)4
-1عبد الرحمان توفيق أحمد ،شرح قانون العقوبات –القسم الخاص(-الجرائم الواقعة عمى األموال) ،دار الثقافة لمنشر
والتوزيع ،األردن ،2012 ،ص ص.263،264
-2عبد العزيز سعد ،المرجع السابق ،ص ص.50،51
-3محمد صبحي نجم ،المرجع السابق ،ص .83
-4محمد سعيد نمور ،شرح قانون العقوبات –القسم الخاص( -الجرائم الواقعة عمى األشخاص) ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع
األردن ،ص .253
48
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
ىذا الفعل من الجرائم العمدية يشترط لتوافرىا وجود القصد الجنائي العام ،يتخذ صورة العمد
يتحقق بانصراف إرادتو وعممو المفترض بكافة الظروف المكونة لمجريمة وأنو يخدش الحياء العام
دون وجود نية في ذلك ( ،)1وىذا ما يميز الركن المعنوي في ىذه الجريمة فقد تقوم بمجرد اىمال
الجاني وعدم أخذه لالحتياطات الالزمة رغم توافر القصد العام لديو بمعنى أنو ال ُيشترط توافر
القصد الخاص أو اثباتو لكي تقوم ىذه الجريمة بل يكفي القصد العام كاصابة أحد األشخاص
باليمع إثر زلزال مفاجئ أثناء النوم في الميل ويسارع لمغادرة المنزل دون مالبسو(.)2
الفرع الثاني
إلى جانب التطبيقات السابقة المنصوص عمييا في قانون العقوبات فإن فكرة إفترض الخطأ
تضمنتيا قوانين أخرى غير قانون العقوبات بما فيو قانون العقوبات اإلقتصادي وقانوم الجمارك أي
عدم ضرورة إثبات الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية والجمركية.
ال يخضع الركن المعنوي لمجرائم االقتصادية لنفس األحكام العامة المقررة في قانون
العقوبات إذ يتميز قانون العقوبات االقتصادي بضعف ىذا الركن وضالتو وقد استقر االجتياد
القضائي عمى أن القصد في ىذه الجرائم مفترض وعمى المتيم أن يثبت العكس(.)3
عرفت بعض القوانين الجريمة االقتصادية عمى أنيا كل فعل من شأنو إلحاق الضرر
باألموال العامة وبعمميات اإلنتاج والتوزيع والتداول واستيالك السمع والخدمات ،حيث تعاقب عميو
49
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
القوانين التي تيدف إلى حماية األموال العامة وكذلك ىناك تعريف آخر لمجريمة االقتصادية وىو
كل فعل أو امتناع يعاقب عميو القانون ويخالف السياسة االقتصادية لمدولة(.)1
إن سياسة وطبيعة الجرائم االقتصادية وتنفيذ أحكاميا،تطمبت إضافة الركن المعنوي وعدم
التشديد في إثابتو حيث افترضت بعض النصوص التشريعية خال ف لمقواعد العامة ،وجود القصد
أو وجود الخطأ،و كما جمعت بعض النصوص التشريعية االخرى بين القصد و الخطأ ،أي ال فرق
بين الجريمة التي أرتكبت عن قصد أو عن إىمال(.)2
وبالتالي ال ينظر في الجرائم االقتصادية إلى القصد أو الخطأ غير العمدي من إىمال وقمة
االحتراز وعدم التبصر وحتى إذ ما كان الشخص حسن النية أو سيئيا ،إذ تعتبر الجرائم
االقتصادية من الجرائم المادية ،أي النظر فييا إلى ما إذا تحقق السموك المادي والنتيجة اإلجرامية
ليذه الجريمة االقتصادية ،وأن ىذه األخيرة تتحقق بإتيان الفعل المادي ،غير أنو ىناك خطأ
مفترض بجانب مرتكب السموك المادي ،وال يمكن نفي المسؤولية في حقو ،إال في حالة قوة قاىرة
فإن الجرائم االقتصادية تقوم عمى أساس الخطأ مفترض ال
أو فقدان الوعي أو اإلدراك ،وعميو ّ
يمكن إثبات عكسو(.)3
من بين تطبيقات الخطأ المفترض في الجرائم االقتصادية نجد افتراض االىمال في الجرائم
التي تقع في محيط الشركات ،كإصدار أسيم يفترض فييا اإلىمال حيث يسمح القضاء لممدراء
بإثبات أنو كان يستحيل عمييم توقع الجريمة ،كذلك بشأن جريمة تداول أسيم غير مشروعة(.)4
-1جرجس يوسف طعمو ،مكانة الركن المعنوي في الجرائم االقتصادية (دراسة م قارنة) ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،لبنان،
،2005ص .6
-2ممحم مارون كرم ،الجريمة اإلقتصادية في القانون المبناني (دراسة قانونية تحميمية) ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان
،1999ص .215
،2منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان ،2015 ،ص ص -3ممحم مارون كرم ،الجريمة اإلقتصادية (دراسة مقارنة) ،ط
.136 -135
4
-أحمد عوض بالل ،المذىب الموضوعي ،المرجع السابق ،ص.271
50
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
كذلك نذكر عمى سبيل المثال جريمة الصرف وىي جريمة اقتصادية تمس بالضرر و الخطر
مصمحة اقتصادية تتمثل في النقود والعممة الوطنية و المجوىرات الثمينة ،فالركن المعنوي ليذه
الجريمة لو ميزة خاصة تنفرد بيا عن بقية الجرائم ،حيث ىذا الركن قد يغير من طبيعة الجريمة من
جريمة عمدية الى جريمة مادية تِبعـا إذا ما تطمب المشرع لقياميا توافر القصد الجنائي أم ال ،إذ أن
المشرع أعفى لقيام جريمة الصرف التي ينصب محميا عمى النقود والقيم من توافر القصد الجنائي
وال يشترطو لتحققيا ( ،)1حيث جاء في نص المادة 1من األمر 01-03عبارة «ال ُيعذر المخالف
بحسن ّنيتو »( ،) 2ىذا يعني أن المشرع يستبعد نية المخالف كركن لقيام الجريمة ،وبالتالي تُعفى
النيابة العامة من عبئ اثبات سوء ّنية المتيم كذلك ال يتم األخذ بحس ّنيتو كذريعة لإلفالت من
العقوبة و نفي المسؤولية عنو.
إن مسألة الركن المعنوي في الجرائم الجمركي ة أىميتيا ظئيمة إلى حد بعيد وكأنو بنفس
اء كان في صورة القصد أو صورة الخطأ ،و في ىذا النوع من الجرائم
الصفة لقانون المرور،سو ً
الجمركية الركن المعنوي فييا مفترض والخطأ فييا يعني اإلثم الجنائي يفترض وجوده لقيام الجريمة
بشكل عام ،لذلك ال يحتاج القاضي إثبات الركن المعنوي لقيام ىذه الخيرة ،وىذا األمر خطير عمى
النية أكثر من السموك المعبر
قاعدة ال جريمة بدون ركن معنوي ،ألن في القانون الجنائي يعاقب ّ
فنية الجاني ميما كنت ّنية حسنة فال دور
عنيا ،في قانون الجمارك ال دور لمركن المعنوي نيائيا ّ
لذلك.
1
-جرائم الصرف في التشريع الجزائريwww.staralgeria.net t 6531 ،
.14:05 ،2017/06/03
2
-أمر 01-03مؤرخ في ، 2003/02/19متعمق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصة بالصرف و حركة رؤوس
األموال من و إلى الخارج ،معدل و متمم باألمر رقم ،22-96ج ر ج ج ،العدد ،12صادرة في .2003
51
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
المشرع الجزائري نص صراحة عمى عدم تبرئة المتيم إستنادا إلى نيتو وذالك في نص المادة
1/281من قانون الجمارك التي تنص عمى ما يمي « ال يجوز لمقاضي تبرئة المتيم إستنادا إلى
نيتيم »).(1
نستخمص من نص المادة سالفة الذكر أنو تقوم المسؤولية الجنائية في مجال القانون
الجمارك بمجرد توافر الفعل المادي المخالف لمقانون دون البحث عن النية اإلجرامي ة ،2ولمقاضي
عدم األخذ بعين االعتبر النية ،بل األخذ بالوقائع المادية فقط بحيث ال يجوز اعتبار الجيل أو
حسن النية كعذر لنفي المسؤولية ،3حيث أن بمجرد وقوع الفعل المادي يفترض في الفاعل سوء
النية أي أن الخطأ مفترض في الجريمة الجمركية وال يمكن الدفع بحسن النية.
قرار اخر صادر في " 2001/06/05إن القضاء ببراءة المدعي عميو في الطعن عمى
أساس حسن النية رغم ثبوت المخالفة في محضر المعاينة يعد خطأ في تطبيق القانون يستوجب
)(5
نقض القرار"
-1راجع المادة 1/281من قانون ،07-79معدل ومتمم بقانون رقم 10-98مؤرخ في ،1998/08/22ج رج ج ،عدد61
الصادرة في .1998/08/23
-2أحسن بوسقيعة ،المنازعات الجمركية في شقيا الجزائي ،ط ،5دار ىومو لمطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر2011 ،
ص.16
-3جرجس يوسف طعمو ،المرجع السابق ،ص .246
-4قرار رقم 223417مؤرخ في ،2000/10/03مجمة االجتياد القضائي ،عدد خاص ،2002 ،ص.274
-5قرار رقم 343259مؤرخ في ،2001/06/05مجمة االجتياد القضائي ،عدد خاص ،2002 ،ص.286
52
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
واعتبرت أيضا أن الحائز عمى السيارة تمت جمركتيا بنموذج مزور يعتبر مسؤوال عن الغش
حتى وان كان النموذج ليس من صنعو.
من خالل كل ىذه الق اررات يتبين لنا بأن ال عبرة لمركن المعنوي في الجرائم الجمركية فيي
جرائم يتم إثباتيا عمى أساس خطأ مفترض ،ويقع عبئ عمى عاتق المتيم الذي يجب عميو نفي
خطأه إثبات عكس ما ادعتو النيابة العامة حول مسؤوليتو من ارتكاب الوقائع اإلجرامية ىذا ما
نصت عميو المادة 286من قانون الجمارك وىي كالتال ي« في كل دعوى تتعمق بالحبس تكون
البيانات عمى عدم ارتكاب المخالفة عمى المحجوز عميو»
ينقمب عبئ اإلثبات من النيابة العامة إلى المدعى عميو فيما يخص الطعن المعاينات
«تبقى المحاضر 254من قانون الجمارك الت تنص عمى المادية ،ذلك حسب نص المادة
الجمركية المحررة من طرف عونين عمى األقل صحيحة مالم يطعن فييا بالتزوير المعاينات
226من المادية» ،وبالنسبة لإلثبات عن طريق القرائن في المجال الجمركي فحسب نص المادة
قانون الجمارك ( ، )1انتقمت من قرينة قانونية مطمقة إلى قرينة بسيطة من ارتكاب الجريمة إلى غاية
226من قانون الجمارك إحضار الوثائق بالمثبتة أي أن المشرع الجزائري بعد تعديل المادة
بمقتضى قانون المالية لسنة 2003ألغى المشرع شرط تقديم الوثائق من أول طمب وأبقى فقط
ضرورة بيان األوراق المثبتة الحقا،أي أنو يفترض الخطأ لدى الجاني إلى غاية إحضار الوثائق
المثبتة إلثبات العكس.
األصل في قانون الجمارك ىو إفتراض الخطأ لكن ىناك حاالت إستثناىا المشرع تستوجب
إثبات الركن المعنوي إلى جانب اإلستثناء العام المستخمص من قانون المتعمق بمكافحة التيريب.
يعتبر الشريك والمستفيد من الغش من أىم استثناءات الواردة في قانون الجمارك المتمثل في
اشتراط القصد الجنائي في الجرائم الجمركية ،بحيث تنص المادة 309من قانون الجمارك ،2عمى
53
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
42و 43من قانون الشريك في ارتكاب الجريمة قبل إلغاءىا والتي أحالت إلى أحكام المادتين
()1
بشأن االشتراك وبالرجوع إلى نص المادتين يشترط لتوافر اإلشتراك توافر القصد العقوبات
الجنائي المتمثل في العمم واإلرادة وىذا ما يعني أن الشريك في الجريمة الجمركية يجب أن يتوفر
في حق إدانتو توافر القصد الجنائي فإذا لم تتوفر النية اإلجرامية لديو فال مجال لإلدانة.
()2
مستفيدا من الغش كل من حاول عمى
ً يعتبر وحسب نص المادة 311من قانون الجمركي
دراية منح مرتكبي المخالفات الجمركية إمكانية اإلفالت من العقاب ،والقول بكممة "دراية" تعني
سبق العمم إذ أن المادة 311من قانون الجمارك يشترط لقيام اإلستفادة من الغش توافر القصد
320من قانون الجمارك لقيام المخالفات من الجنائي المتمثل في سبق العمم ،وتشترط المادة
322من قانون الدرجة الثانية أن يكون اليدف منيا اليروب من دفع الرسوم ،وكذلك المادة
الجمارك( ، )3لقيام المخالفة من الدرجة الرابعة يشترط فييا قيام عنصر النية والعمم وذالك بإستعمال
وثائق وشيادات مزورة ،والدليل عن إشتراط القصد في قيام ىذا النوع من المخالفات ىي العبارتين
"اليدف" و "بإستعمال ووثائق مزورة" تتطمبان عنصر النية والعمم الذي يقوم بيما القصد الجنائي(.)4
وكذالك نص المادة 325من قانون الجمارك( ،)5يتضمن المخالفات التي تضبط في المكاتب
أو المراكز الجمركية أثناء عمميات الفحص والمراقبة ،حيث إستعمل المشرع عبارات دالة إشتراط
توافر القصد الجنائي ومن بين العبارة الدالة عمى شرط توافر النية لدى الفاعل نجد "اليدف" أو
"لمتمكن من الحصول" الدليل عمى إشتراط القصد الجنائي لقيام الجريمة الجمركية.
إلى جانب المخالفات التي تشكل جنحة من درجة أولى التي تتطمب توافر القصد الجنائي
()6
اعتبر الشروع في 318مكرر من قانون الجمارك لقياميا نجد المشرع الجزائري في المادة
1
-راجع المواد 42و 43من األمر رقم ،156-66المرجع السابق.
-2راجع المادة 309من قانون رقم ،07-76المرجع السابق.
-3راجع المواد 322 ،320 ،311من قانون ،07-76المرجع نفسه.
-4أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص ص .19 ،18
-5راجع المادة 325من قانون رقم ،07 -79المرجع السابق.
6
-راجع المادة 318مكرر من قانون رقم ،07-79المرجع نفسه.
54
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
()1
أي اإلحالة بشأن الجنحة الجمركية كالجنحة ذاتيا طبقا ألحكام المادة 30من قانون العقوبات
الشروع إلى ىذه المادة األخيرة.
الشروع في الجريمة حسب نص المادة 30من قانون العقوبات يشترط فيو القصد الجنائي
وىذا ما يؤكد الخروج عن المبدأ العام الذي ال يشترط فيو القصد لقيام الجريمة الجمركية.
إلى جانب ىذه اإلستثناءات السابقة نجد إستثناء آخر في ما يتعمق بقانون مكافحة التيريب
حسب قانون 23أوت 2005المتعمق بالتيريب ( ،)2باعتبار أن الجناية تقتضي بالضرورة توافر
القصد الجنائي ،فإن أعمال التيريب المتمثمة في تيريب األسمحة والتيريب الذي يشكل تيديدا
خطير عمى األمن الوطني أو اإلقتصاد الوطني أو الصحة العمومية فكمتا الحالتين تشكل جناية
ًا
جمركية يجب توافر القصد فييا.
( )3
حيث استعمال أما المادة 11من األمر المؤرخ في 2005-08-23المتعمق بالتيريب
مخزن لمتيريب أو تخصيص وسيمة نقل لمتيريب يعتبر فييا الفاعل مذنبا بتوافر العمم واإلرادة لمقيام
بالتيريب أي توافر القصد الجنائي لدى الجاني(.)4
المبحث الثاني
ثار جدل فقيي حول ضرورة توافر الركن المعنوي بالنسبة لبعض الجرائم فقد ذىب رأي إلى
إنكار ىذا الركن والقول بأن ىناك بعض الجرائم تتوافر بتحقق الركن المادي فييا فقط ،أي بمجرد
ويطمق عمييا الجرائم المادية أي تمك التي تتحقق مادياً فقط دون حاجة إلى
إثبات السموك الماديُ ،
1
-راجع المادة 30من أمر ،156-66المرجع السابق.
-2أمر رقم ،06-05المؤرخ في ،2005-08-23المتعمق بمكافحة التيريب ،ج رج ج ،عدد 59صادر في 28أوت
.2005
3
-راجع المادة 11من أمر رقم ،06-05المرجع نفسه.
-4أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص ص .21 ،20
55
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
إثبات الركن المعنوي ،ويسمييا البعض المسؤولية دون خطأ أو المسؤولية الموضوعية ،ومن ىذه
الجرائم المخالفات وىي الجرائم التي تمي الجنايات والجنح من حيث الجسامة ،تتمثل عادة في
مخالفة أحد نصوص القانون أو األنظمة ،وتجريم المخالفات ال ييدف إلى معاقبة المساس بحقوق
الغير بقدر ما ييدف إلى ضمان الوقاية والمحافظة عمى النظام واألمن كما أن العقوبات المقررة
ليا قميمة أو ضئيمة بالمقارنة لتمك المقررة لمجنح والجنايات إالّ أنو ُيالحظ في بعض األحوال أن
القانون يرفع عقوبة المخالفة إلى درجة عقوبات الجنح إالّ أن ذلك ال يمنع من معاممة ىذه الجنح
معاممة المخالفات فيما يتعمق بالركن المعنوي.
ونظر لمطبيعة الخاصة لممخالفات وركنيا المعنوي ،إقتصرت دراستنا عمى البحث في ماىية
ًا
ىذا الركن في المخالفات (كمطمب أول) إضافة إلى تحقق ىذه المخالفات بدون خطأ
(كمطمب ثاني).
المطمب األول
ىناك جدل واسع النطاق حول تكييف الركن المعنوي في المخالفات ويمكن التمييز في ىذا
الصدد بين نظريتين ،أوليما تعالج الموضوع من جية نظر مادية بحتة ،وثانييما تعالجو من وجية
نظر شخصية (ذاتية) والتي تستندان إلى فكرة عدم لزوم الركن المعنوي في المخالفات ،إالّ أنو
ىناك اتجاه معاكس ينادي بضرورة إثبات الركن المعنوي في المخالفات ،نعالج في ىذا المطمب
النظريات التي تنادي بإقصاء الركن المعنوي في بعض الجرائم ،واإلكتفاء بالركن المادي فييا ونجد
من بين ىذه الجرائم المخالفات ،ويطمق عمييا تسمية الجرائم المادية ،مما يعفي النيابة العامة من
واجب إثبات الخطأ ،بل تكتفي بإثبات إرتكاب السموك المادي من جانب المتيم(.)1
1
-أنور محمد صدقي المساعدة ،المسؤولية الجزائية عن الجرائم االقتصادية ،ط ،1دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن،
،2009ص .252
56
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
حيث قسمنا ىذا المطمب إلى ثالث فروع ( ،الفرع األول) نتناول فيو النظرية المادية البحتة
(الفرع الثاني) نتناول فيو النظرية الشخصية الذاتية( ،الفرع الثالث) نتناول فيو تقدير النظريات التي
قامت عمييا فكرة الجريمة المادية.
الفرع األول
نادى فريق من الفقو الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشر بالفكرة المادية البحتة لممخالفات،
بمعنى أن الجريمة تتحقق بقيام الركن المادي ليس إالّ ،دون البحث في أي عنصر إرادي أو نفسي
متعمق بالشخص مرتكب الجريمة(.)1
وأول من درس الفكرة المادية البحتة لممخالفات الفقيو الفرنسي "ىوريو" حيث يرى أن الجرائم
المادية ُيكتفى فييا بوجود رابطة سببية بين الفعل المادي ومخالفة القانون ،وابعاد العنصر النفسي
المكون لمخطأ دون النظر إلى النية اإلجرامية التي تتكون في نفسية الجاني واستبعاد عنصر
ّ
اإلىمال وعدم الحيطة والحذر ،وكل البواعث واألعذار التي تدفع ىذا األخير إلى إرتكاب السموك
اإلجرامي ،وقد برز العميد ىوريو نظريتو بأن المخالفات ىي مجرد أفعال ضد قواعد البوليس فقط
المتعمقة بالنظام القانوني واألخالقي والمحافظة عمى األمر الواقع ،بالتالي فالجرائم التي تتكون من
جراء مخالفة ىذه القواعد تتحقق بمجرد األفعال المادية(.)2
إن فكرة الجريمة المادية التي تقصي الركن المعنوي أيدىا معظم الفقو مع تحفظ واحد ىو
ضرورة إثبات صدور السموك المادي اإلرادي دون إثبات الركن المعنوي في حق الجاني ،فمو ثبت
في محضر الشرطة مثال أن سائق السيارة خالف إشارة المرور الحمراء توافرت المسؤولية الجزائية
1
-أحمد عوض بالل ،الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية بدون خطأ (دراسة مقارنة) ،دار النيضة العربية ،مصر
،1993ص .330
-2عبد الرؤوف ميدي ،المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن ،مطبعة المدني ،مصر،
،1976ص.177
57
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
في حقو دون حاجة إلى إثبات القصد أو الخطأ لديو ،كذلك تقع جريمة الوقوف في مكان ممنوع
الوقوف فيو بمجرد ترك السيارة في ىذا المكان ،دون ضرورة إثبات صدور خطأ أو قصد من سائق
السيارة ،فمجرد تحقق السموك المادي المكون لمجريمة المخالفة كاف لتحقق المسؤولية واقامة
العقاب عمييا(.)1
الفرع الثاني
إن اجتياد الفقو الفرنسي خصوصا لمتوصل إلى تحميل آخر يتماشى مع قواعد المسؤولية
الجنائية التي تقوم عمى أساس الخطأ التي تقضي بأن ال عقوبة بدون خطأ أي عدم األخذ بمبدأ
المسؤولية بدون خطأ ،وقد تعددت اآلراء الفقيية في ىذا المجال فالبعض يرمي إلى توسع فكرة
مفيوم الخطأ لتؤكد أن المسؤولية عن الجرائم المادية تقع عن الخطأ ،ورأي أخر يذىب إلى افتراض
الخطأ لقيام المسؤولية الجنائية(.)2
إلى جانب ىذين الرأيين ظير إتجاه ثالث يقضي بوجود خطأ في الفعل المادي المكون
لمجريمة المادية ذاتيا ،وبالرجوع إلى كل ىذه االختالفات الفقيية بشأن الخطأ في الجرائم المادية
جعميا تتميز عن غيرىا من الجرائم ( ،)3حيث تنقسم النظرية الشخصية الذاتية إلى ثالث نظريات
وىي :النظرية الموسعة لمفيوم الخطأ ،ونظرية الخطأ المفترض ونظرية الخطأ المتضمن الفعل
المادي المكون لمجريمة.
58
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
يرى أنصار ىذه النظرية أن المسؤولية حسب رأييم تقوم بدون خطأ يعني أن الخطأ ال يمزم
إثباتو ،واثبات تخمف الخطأ ال يعفي المخالف ،وتقوم المسؤولية بمجرد مخالفة نص قانوني أو
الئحي ،وال ييم إن كانت المخالفة عمدية أو غير عمدية ،أو مرتكبة بحسن النية أو سوء النية
وكذلك جيل نصوص الموائح ،وينظر أنصار ىذه النظرية إلى ضرورة توافر اإلسناد الجنائي لقيام
أن ىذه النظرية
المسؤولية حيث تنتفي ىذه األخيرة بانتفاء اإلسناد والتجريد من كل خطأ ،حيث ّ
تستدعي الخمط بين مفيوم اإلسناد والخطأ ،فاإلسناد يعني نسبة الجريمة إلى شخص يتمتع باإلرادة
أما الخطأ يعني توجو تمك اإلرادة توجييا خاطئا الرتكاب سموك معاقب عميو قانونا ،فإن توفر
اإلرادة يستقل عن التوجو إلى ارتكاب السموك الخاطئ ،فيمكن أن يتوفر اإلسناد دون الخطأ ،كما
أن انعدام اإلسناد ال يعدم الخطأ بطريقة مباشرة واّنما ينعدم بطريقة غير مباشرة فقط(.)1
ّ
وكذلك فيما يتعمق بحسن النية لقيام المسؤولية حيث ّأنو ال يعذر بحسن النية أي أن الغمط
في الوقائع أو في القانون ال يعفي من المسؤولية ،عمى الرغم من القواعد العامة التي تجعل الغمط
نافيا لمقصد الجنائي(.)2
إن أصحاب ىذه النظرية يرفضون فكرة المسؤولية بدون خطأ ،فإنكار الخطأ كشرط لمعقاب
ّ
يؤدي إلى إىدار العدالة ،وقد يؤدي إلى المساس بأمن المجتمع ،وأن المسؤولية بدون خطأ تؤدي
1
-Jacques-Henri Robert, Droit pénal général, 4e édition, presses universitaires de francs, paris
1999, p 330.
2
-Ibid, p 330.
-3عبد الرؤوف ميدي ،المرجع السابق ،ص ص .179 ،178
59
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
إلى عدم الردع وتجنب تدخل القانون ،فالجريمة تفترض في أساسيا خطأ ،وأن كل الجرائم تتضمن
رابطة نفسية بين الفاعل والواقعة المادية المسندة إليو ،أي بمجرد قيام السموك المادي المخالف
لمقانون أو األنظمة ،والقواعد المعاقب عمييا يفترض في الجاني الخطأ وبالتالي قيام الجريمة ،مما
يعفي النيابة العامة من اإلثبات ويقع اإلثبات عمى المتيم ال ّذي يصعب التخمص منو(.)1
كما يرى أنصار ىذه النظرية أن الخطأ يتمثل في عدم الحرص أو الحيطة والحذر واإلىمال
أن حسن النية أي الجيل بالقانون والوقائع ال يعفي من
في التعرف عمى الحقوق والواجبات ،و ّ
المسؤولية ،أي حسن النية ال ينفي الخطأ ،لكن ىناك استثناء حيث إذا أثبت المتيم أن خطأ كان
سبب قوة قاىرة تنفي المسؤولية بحقو ،وان الطبيعة الخاصة لمجرائم المادية منيا المخالفات ال
تستدعي البحث عن الخطأ المستقل عن الركن المادي ،وعمى النيابة العامة التحقق من ثبوت
السموك المادي لمجريمة ،غير ّأنو ىناك خالف بشأن صور الخطأ المفترض فيناك من يقول أن
محل االفتراض ىو العمد أو اإلىمال وىناك من يرى أن افتراض الخطأ ينصب عمى الخطأ غير
كون القصد الجنائي
العمدي في مخالفة القوانين والموائح ،وىناك من اعتبر أن االفتراض ُي ّ
المستخمص من الفعل المادي لمجريمة(.)2
وىناك صورتين الفتراض الخطأ الجنائي وىما االفتراض التشريعي واالفتراض القضائي
حيث تمجأ التشريعات الجنائية إلى افتراض الخطأ في نصوص صريحة ،بما فييا افتراض الخطأ
في حيازة أشياء معينة كالبضائع واألدوات أو منتجات معينة ،وبالتالي يفترض في حائز تمك
البضائع أو األشياء سوء النية لديو ،مثال حيازة سالح أو آالت حادة حتى ولو يستعمميا الفاعل
يفترض فيو سوء النية ،مثال االستعداد الرتكاب الجريمة ،وكذلك افتراض الخطأ فيما يتعمق بالغش
بما فييم التجار فال يعذر بعدم العمم فساد المواد التي يعرضيا لمبيع ،أي يفترض العمم بالغش(.)3
60
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
كما يفترض الخطأ في بعض االلتزامات التعاقدية التزامات عقد المقاولة والنقل أو التوريد أو
التزام األشغال العامة ،فإن ارتكاب أي غش في تنفيذ ىذه العقود ،أو استراد بضاعة أو مواد
مغشوشة يفترض فيو الخطأ ،إلى جانب افتراض الخطأ التشريعي نمجأ إلى فرض الخطأ
القضائي،إن صعوبة إثبات الخطأ وعدم اعتراف المتيم بو ،سمح لسمطة االتيام بإثبات الركن
المعنوي بطريقة غير مباشرة وذلك بالمجوء إلى قرائن واقعية ،ويظير االفتراض القضائي لمخطأ
الجنائي في جرائم السب مثال ذلك بإطالق عبارات مخمة بالشرف الغير واعتباره ،وكذلك افتراض
الخطأ فيما يخص الشركات مثال وذلك بالتداول بأسيم غير مشروعة(.)1
يتبنى أصحاب ىذه النظرية الرأي القائل بأن الركن المعنوي في المخالفات والجنح المخالفية
يتحقق بوجود الخطأ ال ّذي ىو متصل بالسموك المادي المكون لمجريمة ،وفي نظرىم ال ينفصل عنو
ألنو ال يحتاج إلى إقامة الدليل ،وقيام الجريمة المادية
بالتالي ليس لمنيابة العامة أن تثبت وجوده ّ
يقتصر عمى تحقق الفعل المادي من جانب المتيم وىذا الفعل المادي سببو األساسي ىو الخطأ(.)2
بأن
وقد ذىب أحد الفقياء ال ّذين تبنوا فكرة الخطأ المتضمن في الفعل المادي إلى القول ّ
يكونيا الفعل المادي ،واّنما تتكون بفعل الخطأ ال ّذي ال يمكن فصمو عن ىذا الفعل
المخالفة ال ّ
المادي ،وعمى قول أحد الفقياء أن األصل في الجرائم أن تكون عن خطأ أي ّأنو ال توجد جريمة
بدون خطأ واذا كانت نصوص القانون ال تشير إليو بشكل دائم فيذا راجع إلى عدم انفصالو عن
الفعل المادي المرتكب من طرف الجاني ،ونفس االتجاه سار عميو الدكتور مصطفى السعيد
مصطفى بالقول بأن الخطأ ىو أساس المسؤولية الجنائية في مختمف التشريعات وعدم لزوم توافر
عنصر القصد أو اإلىمال في جرائم المخالفات وبعض المخالفات المجنحة ،ىذا ال يعني أن
-1أحمد عوض بالل ،المذىب الموضوعي وتقمص الركن المعنوي لمجريمة (دراسة مقارنة) ،الطبعة األولى ،دار النيضة
العربية ،مصر ،1988 ،ص ص .271 ،226
-2عمر السعيد رمضان ،الركن المعنوي في المخالفات ،رسالة لمحصول عمى درجة الدكتوراه في الحقوق ،دار الكتاب
العربي ،القاىرة ،1959 ،ص .64
61
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
القانون ال يعتد بالخطأ كأساس لجميع الجرائم سواء كانت عمدية أم غير عمدية ،بحيث أن مجرد
ارتكاب الفعل المادي يعتبره القانون خطأ يستمزم قيام المسؤولية الجنائية في حق المخالف ،وان
ثم النطق
أقر العقوبة لمرتكب الفعل المخالف فإنو يشترط ّأوال وجود الخطأّ ،
كان القانون قد ّ
بالعقوبة وبدون عنصر الخطأ ال وجود ألي عقاب(.)1
فالخطأ موجود حتما في جرائم المخالفات وىو ينتج من وجود الفعل ذاتو و مخالفة أحد
الموائح التنظيمية ىي في ذاتيا خطأ ،وقول المتيم بأن ارتكابو ليذه المخالفة ليس عن قصد أو قام
بذلك عن حسن النية ليس عذر لنفي الخطأ عنو ،بل يتعين تسميط العقوبة عميو بمجرد ارتكابو ليذه
2
أن من يخالف القانون يعد مخطئا وال وجود لخطأ مفترض
المخالفة ألنو مخطئ فعالً ،باعتبار ّ
سابق الوجود ،ألن الجريمة المادية تنتج عن فعل وىذا الفعل يكون خاطئ في أصمو وىو دليل
تعد خطأ ،لذلك فإن مجرد
عمى نقص االنتباه واالحتياط ،فطاعة القانون واجبة بالتالي مخالفتو ّ
تحقق الواقعة المادية المكونة لمجريمة ولو بسيطة يعتبر خطأ(.)3
-1محمد عبد المطيف عبد العال ،المرجع السابق ،ص ص.153 ،152
-2عبد الرؤوف ميدي ،المرجع السابق ،ص .180
-3أحمد عوض بالل ،المرجع السابق ،ص .347
-4محمد عبد المطيف عبد العال ،المرجع السابق ،ص ص .155 ،154
62
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
الفرع الثالث
أصحاب النظرية المادية البحتة فقد َبرر أحد الفقياء الجريمة المادية عمى أساس أنيا
مجموعة من المخالفات التي تتعمق بقواعد النظام االجتماعي و المحافظة عمييا لذلك فإن قيام
و يؤخذ عمى المخالفة في ىذه الحالة تتحقق بمجرد ارتكاب السموك المادي من طرف المخالف
ىذه الحالة في العقوبة التي تُ َسمَّطُ عمى المتيم تُفيم عمى أنيا مجرد تحذير أكثر مما تفيم عمى أنيا
انصب سموكو عمى مخالفة القانون كما أنو يمكن اعتبار المخالفات من
ّ ضد شخص مخطأ
عقاب ّ
و األنظمة و ال يمكن جرائم الخطأ القائمة عمى اإلىمال أو قمة االحتراز و عدم مراعاة القوانين
قبول وجود مخالفة دون ركن معنوي و ال يجوز إدانة ُمرتكبيا إالّ بوجود ىذا الركن(.)1
أما نظرية الخطأ المفترض فقد ّبررت فكرة الجريمة المادية عمى أساس افتراض الخطأ من
إقصاء
ً الفاعل و ىي مقبولة نوعاً ما من حيث أنيا تُقر بتوافر الركن المعنوي ،و لم تقم بإقصائو
تاماَ إنما تفترضو ،حيث يقوم عمى عاتق المتيم نفي التيمة عمى نفسو و ال تقوم النيابة العامة
أن فكرة افتراض المسؤولية أمر غير مقبول(.)2
بإثبات ىذه التيمة ضد المتيم ،إالّ ّ
ىناك أيضاً نظرية ثالثة ّبررت فكرة الجريمة المادية عمى أساس أن الركن المعنوي في
ىذه الجرائم يتضمنو الركن المادي ،أي أن الخطأ يكمن في المخالفة ذاتيا و تعيين إدانة المتيم
بمجرد ارتكابو لمفعل المادي الم ّكون لممخالفة ،و يعاب عمى ىذه النظرية أنيا عبارة عن كارثة
الجريمة المادية عمى أساس أن ُمرتكب المخالفة مخطئ فعالً ،و بذلك تنشأ قرينة
قانونية ألنيا تقيم ّ
قانونية قاطعة غير قابمة إلثبات العكس وال يقع عمى عاتق المتيم أن يبذل أي جيد إلثبات عدم
63
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
مسؤوليتو القانونية و حسب ىذه النظرية فالمسؤولية تقوم عمى أساس الركن المادي فقط الذي
يتضمن بداخمو وجود عنصر الخطأ و ىذا تفسير قانوني غير مقبول(.)1
المطمب الثاني
بالرجوع إلى الجدل ال ّذي ثار حول ضرورة توافر الركن المعنوي في جرائم المخالفات
يستوجب الوقوف عند نقطة ميمة يتمحور مضمونيا حول عنصر الخطأ ما إذا كان شرط ضروري
لتحقق المخالفات أم أنيا تقوم دون حاجة إلى وجود خطأ المخالف واثباتو ،كما أنو ىناك أمر أخر
ال يمكن التغاضي عنو وىو توفر اإلدراك لدى المخالف وتحقق اإلرادة لديو في الفعل الذي يرتكبو
ىل يعد شرط الزم لقيام جريمة المخالفة.
قسمنا ىذا المطمب إلى فرعين( ،الفرع األول) نتناول فيو مدى تجرد المخالفات من أي عنصر
شخصي ،و في (الفرع الثاني) نتطرق إلى ضرورة توافر أىمية اإلسناد.
الفرع األول
إن الركن المعنوي في المخالفات ومع الجدل الذي أثاره ذلك من أجل الوصول إلى حقيقة
إن كان فعال تتضمنو جرائم المخالفات كركن ثاني إلى جانب الركن المادي ،فالرأي الراجح يسمّم
بأن المخالفات جرائم ال تختمف في أركانيا والقواعد التّي تسير وفقيا الجنايات والجنح ،ما لم ينص
ّ
القانون عمى خالف ذلك ويستند ىذا االتجاه إلى المبدأ العام ال جريمة بدون ركن معنوي ،فالركن
المعنوي الزم في كل جريمة إالّ في حاالت المسؤولية المفترضة ،وذلك يكون بنص صريح في
القانون ،كذلك القواعد التي وضعيا القانون بشأن الركن المعنوي لمجريمة ىي قواعد عامة خصص
نطاقيا لمجنايات والجنح والمخالفات لذلك البد من تطمب الركن المعنوي في المخالفات كسائر
64
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
الجرائم األخرى ( ،)1رغم أن الصورة التي يتخذىا ىذا الركن لقيام الجريمة ليست محل اتفاق ،فقد
ظيرت اتجاىات عديدة في ىذا الصدد تحدد الصورة التي يتخذىا ىذا الركن في جرائم المخالفات،
إذ ىناك بعض الجرائم يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد ( ،)2ومثال ذلك المخالفة التي نصت
عمييا المادة 1/444من قانون عقوبات جزائري ( ،)3والتي تقرر عقاب « كل من اقتمع أو خرب أو
قطع أو قشر شجرة إلىالكيا مع عممو أنيا ممموكة لمغير و كل من أتمف طعما وكل من قطع
حشائش أو بذو ار ناضجة أو خضراء مع عممو أنيا ممموكة لمغير » ،والفقرة الثانية من نفس المادة
نصت عمى عقاب «كل من أغرق الطرق أو أمالك الغير وذلك برفعو مصب مياه المطاحن أو
ّ
المصانع أو المستنقعات عن منسوب االرتفاع الذي تحدده السمطة المختصة».
وىناك بعض المخالفات يتخذ الركن المعنوي فييا صورة الخطأ غير العمدي ،4ومثال ذلك
المخالفة المنصوص عمييا في المادة 2/442والتي تعاقب «كل من تسبب بغير قصد في إحداث
جروح أو إصابة أو مرض ال يترتب عميو عجز كمي عن العمل لمدة تتجاوز ثالثة أشير وكان
ذلك ناشئا عن رعونة أو عدم احتياط أو عدم انتباه أو إىمال أو عدم مراعاة».
وقد يأخذ الركن المعنوي في بعض المخالفات صورة القصد أو صورة الخطأ غير العمدي ،5
()6
تعاقب «كل من رفض القيام بأعمال أو ومثال ذلك المخالفة التي نصت عمييا المادة 8/451
بأداء خدمات أو بتقديم مساعدة طمبت منو قانونا أو أىمل ذلك وكان بإمكانو القيام بيذا وذلك في
ظروف وقعت فييا حوادث أو ضياع أو غرق أو نصب أو حريق أو كوارث أخرى وكذلك في
حاالت النيب والسمب أو تمبس أو صياح الجميور أو تنفيذ قضائي».
1
-Boloc Bernard, op-cit, p251.
-2عمي عبد القادر القيوجي ،المرجع السابق ،ص .445
-3راجع المادة 444من أمر رقم ،156-66المرجع السابق.
-4عمي عبد القادر القيوجي ،المرجع السابق ،ص .446
-5المرجع نفسه ،ص .446
-6راجع المادة 8/451من أمر رقم ،156/66المرجع السابق.
65
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
ىناك أيضا بعض جرائم المخالفات ال تحدد نصوص القانون فييا الصورة التي يجب أن
أن المشرع ال يشير إلى نوع الجريمة سواء عمدية أو غير عمدية
يتخذىا الركن المعنوي بمعنى ّ
وىذا الموقف ىو ال ّذي أثار ذلك الجدل القائم حول ضرورة الركن المعنوي ليذه المخالفات ،كما
ىناك طائفة أخرى من المخالفات التّي أثارت نفس الجدل يعاقب عمييا القانون بنفس عقوبات
الجنح ذلك يرجع إلى طبيعة المصمحة التّي يحمييا القانون والغرض المستيدف من العقاب
عمييا،إالّ ّأنيا تأخذ صفة المخالفات ويطمق عمييا تسمية المخالفات المجنحة ،بناء عمى ذلك فإن
المخالفات والمخالفات المجنحة ال تختمف عن غيرىا من الجرائم من حيث لزوم الركن المعنوي
لقياميا إلى جانب الركن المادي تطبيقا لممبدأ العام ال ّذي استقرت عميو مختمف التشريعات أنو ال
()1
نص القانون يتم احترام ىذا
جريمة بدون ركن معنوي ،فإذا كان المشرع قد حدد صورتو في ّ
فإن األصل ىو اشتراط القصد طبقا لمقاعدة العامة في كل الجرائم
النص أما إذا أغفل ذكر ذلك ّ
ّ
أن كل جريمة تنطوي عمى إرادة ارتكاب فعل مجرم قانونا يخالف بو أمر المشرع(.)2
باعتبار ّ
إال أنو بالعودة إلى المصالح واألغراض التي ييدف المشرع إلى حمايتيا من خالل تجريمو
لممخالفات باعتبارىا قواعد تيدف إلى التنظيم وحسن اإلدارة ،وىي مصالح عامة يشترطيا قواعد
النظام االجتماعي ،فالجريمة تقوم بمجرد مخالفة أحد ىذه القواعد ولو لم تقترن ىذه المخالفة بإرادة
الجاني( ، )3والوقائع التي يصنفيا المشرع ضمن المخالفات في القانون تتحقق دون إثبات الخطأ في
( ،) 4وفي ىذه حق مرتكبيا ،إذ يكفي قيام المخالفة في شكميا المادي حتى يكون المتيم مسؤوال
فإنو ال ُيعفى من
أن المخالف التزم ببذل العناية المعتادة تحول دون وقوع المخالفةّ ،
الحالة رغم ّ
،ألنو في جرائم المخالفات نظ ار لطبيعة المصالح التي تحمييا ال
العقاب ولو أثبت ّأنو حسن النية ّ
66
عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة الفصل الثاني
يعتد فييا ببذل العناية أو حسن النية فمن خالف يعاقب ،إالّ في حالة ثبوت قوة قاىرة أو عمى األقل
وجود غمط حتمي(.)1
الفرع الثّاني
أن الجرائم المادية مثميا مثل الجرائم العادية تشترط لقياميا توافر
أ ّكد أصحاب ىذا االتجاه ّ
أىمية االسناد لدى مرتكبيا ،والمقصود بأىمية اإلسناد واإلدراك واالختيار ،والخاصية التي تميز
الجرائم المادية عن غيرىا ىو تجردىا من عنصر الخطأ ( ،)2خالفا لمجرائم العادية ال ّذي يمثل فييا
الخطأ سببا لمعقوبة المنصوص عمييا في القانون ،حيث يتفق ىذا الرأي عمى ضرورة توافر أىمية
اإلسناد لدى ال ّشخص المخالف ،فإذا تخمف ىذا الشرط فيو ال يكون أىال لتحمل العقاب باعتبار أن
توافر اإلدراك واالختيار فيو شرط أساسي لقيام المسؤولية الجنائية(.)3
حسب أصحاب ىذا الرأي فالجرائم المادية تشترط إرادة الفعل كشرط الزم في السموك
اإلجرامي ،والعقاب عمييا ال يشترط بالضرورة توافر الخطأ في السموك ال ّذي يرتكبو المخالف،
فعنصر اإلرادة ليس مجردا في ىذه الجرائم بل عمى العكس ليا دور كبير في قيام الواقعة المادية
لتحقيقيا ورغم ّأنيا مادية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المادي فإن القانون يشترط لتسميط العقاب أن
يكون الفعل عمى األقل تحقق عن حرية وارادة المخالف(.)4
67
خاتمة
خاتمة
68
خاتمة
ضف إلى ذلك تطبيقات الخطأ المفترض في القوانين األخرى غير قانون العقوبات والتي تتمثل في
الجرائم االقتصادية والجرائم الجمركية و المخالفات بشكل عام.
الركن المادي لمجريمة االقتصادية يتّسم بطابع الغموض والتوسع في مضمونو ،وأصبحت
مصطمحات نص التجريم في المادة االقتصادية يتسع ألكثر من معنى ،ضف إلى ذلك استبعاد
الزما لمجريمة االقتصادية ،إنما ىو محل افتراض تشريعي
طا ً الركن المعنوي الذي لم يعد شر ً
قضائي يستدل عميو بعناصر مادية ال عالقة ليا بالنوايا الحسنة ،ولقد تدعم موقف المشرع في
تكريس الجريمة االقتصادية كجريمة مادية القضاء الذي تخمى بدوره عن مسألة البحث في الخطأ
ويستخمص مما سبق أن المشرع في إطار
الجزائي أو في مدى توافر الركن المعنوي من عدمو ُ
الجريمة االقتصادية يستبعد الخطأ كأساس إلسناد المسؤولية الجزائية عن ىذه الجرائم ،وىذا فيو
إقصاء صريح لمركن القصدي أو المعنوي وفي المقابل تكريس لمصفة المادية لمجريمة االقتصادية،
وتبعا لذلك فإنو يكون من غير االزم عمى سمطة االتيام إقامة الحجة إلثبات الجريمة االقتصادية.
ً
من خالل دراستنا ليذا الموضوع صادفنا بعض النقائص أغفل المشرع عنيا ،فارتأينا تقديميا في
شكل اقتراحات نأمل من المشرع أخذىا بعين االعتبار نذكر منيا ضرورة وضع تعريف خاص
وشامل لصور الركن المعنوي دون االكتفاء باإلشارة إلييا في النصوص القانونية ،التمييز بين
الخطأ اليسير و الخطأ الجسيم في قانون العقوبات ،ضرورة الفصل بين الخطأ الجزائي والمدني
وتبيان المشرع صراحة لنوع المبدأ الذي اعتنقو و يسير ِوفقو ىل أخذ بمبدأ وحدة الخطأ أم
ازدواجيتو.
69
خاتمة
ضف إلى ذلك عدم اإلكثار من فكرة المجوء إلى افتراض الخطأ في القانون الجزائي خاصة في
الجرائم الخطيرة التي تستوجب االسناد المعنوي لمجريمة ،مثال في قانون الجمارك القائم جرائمو
عمى افتراض الخطأ أصبح ينص عمى جرائم من وصف الجنايات بحيث يصعب اسنادىا إلى
فاعميا دون اثبات الركن المعنوي.
70
قائمة المراجع
قائمة المراجع
/1الكتب:
.1أحسن بوسقيعة ،المنازعات الجمركية في شقيا الجزائي ،ط ،5دار ىومو لمطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر،
.2011
.2أحمد أبو الروس ،جرائم السرقات والنصب وخيانة األمانة والشيك بدون رصيد ،المكتب الجامعي الحديث ،مصر،
.1996
.3أحمد عوض بالل ،الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية بدون خطأ (دراسة مقارنة) ،دار النيضة العربية ،مصر،
.1993
،__________ .4المذىب الموضوعي وتقمص الركن المعنوي لمجريمة (دراسة مقارنة) ،الطبعة األولى ،دار
النيضة العربية ،مصر.1988 ،
كرو ،محاضرات في القانون الجنائي العام ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،تونس. 1988– 1987 ، .5اليادي ّ
.6أكرم نشأت إبراىيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ،دط ،الدار الجامعية لمطباعة و النشر ،بيروت ،د
س ن.
.7بمعميات إبراىيم ،أركان الجريمة و طرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري [أركان الجريمة ،أىمية اإلثبات
الجنائي ،طرق اإلثبات الجنائية ] ،دار الخمد و نية لمنشر و التوزيع ،الجزائر .2007 ،
.8بن شيخ لحسين مبادئ القانون الجنائي العام ،دط ،دار ىومو ،الجزائر.2002 ،
.9جرجس يوسف طعمو ،مكانة الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية (دراسة قارنة) ،المؤسسة الحديثة لمكتاب،
لبنان.2005 ،
.10خمفي عبد الرحمان ،القانون الجنائي العام [دراسة مقارنة ] ،دار بمقيس لمنشر ،الجزائر .2016،
.11سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات (دراسة مقارنة) ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان.2003 ،
.12سمطان عبد القادر الشاوي /محمد عبد اهلل الوريكات ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ط ، 1دار وائل لمنشر،
األردن. 2011 ،
.13سمير عالية ،أصول قانون العقوبات القسم العام [معالمو ،نطاق تطبيقو ،الجريمة ،المسؤولية ،الجزاء ] ،المؤسسة
الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت .1996،
.14عبد اهلل سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري [الجريمة ] -القسم العام -ط ، 6ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر. 2005،
.15عبد الحميد المنشاوي ،جريمة القذف والسب وافشاء األسرار ،دط؛ دار الفكر الجامعي ،مصر.2000 ،
ي فوده ،االستم اررية والوقتية في الجرائم العمدية ،دار األلفى لمتوزيع والنشر،مصر.2004،
.16عبد الحك م
71
قائمة المراجع
.17عبد الرحمان توفيق أحمد ،شرح قانون العقوبات –القسم الخاص(-الجرائم الواقعة عمى األموال) ،دار الثقافة لمنشر
والتوزيع ،األردن.2012 ،
.18عبد الرؤوف ميدي ،المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن ،مطبعة المدني ،مصر،
.1976
.19عبد القادر عدو ،قانون العقوبات الجزائري [،القسم العام ] ،نظريو الجريمة ،نظرية الجزاء الجنائي ،دار ىومة
لمطباعة و النشر ،الجزائر . 2010 ،
.20عبد العزيز سعد ،جرائم االعتداء عمى األموال العامة والخاصة ،ط ،6دار ىومو لمنشر والتوزيع ،الجزائر.2012،
.21غازي حنون خمف الدراجي ،استظيار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان
.2012
.22فريجة حسين ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،ط ،2ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،د س ن.
.23فخري عبد الرزاق الحديثي ،خالد حميدي الزعبي ،شرح قانون العقوبات -القسم العام -دار الثقافة لمنشر
والتوزيع ،األردن .2010،
.24كامل السعيد ،شرح األحكام العامة في قانون العقوبات[،دراسة مقارنة ] ط ،1دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن
.2009
.25م حمد عبد المطيف عبد العال ،الجرائم المادية وطبيعة المسؤولية الناشئة عنيا ،دار النيضة العربية ،القاىرة،
.1997
.26محمد صبحي نجم ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،القسم الخاص ،د ط ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.2000
.27محمد سعيد نمور ،شرح قانون العقوبات –القسم الخاص( -الجرائم الواقعة عمى األشخاص) ،دار الثقافة لمنشر
والتوزيع ،األردن.
.28م حمد حماد الييتي ،الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية ،ط،1دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن .2005،
.29معوض عبد التواب ،الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ ،ط ،10مكتبة عالم الفكر والقانون لمنشر
والتوزيع ،طنطا.2004،
،ط ،4توزيع دار المطبوعات الجامعية، ،__________ .30الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ
مصر.1998،
.31ممحم مارون كرم ،الجريمة االقتصادية في القانون المبناني (دراسة قانونية تحميمية) ،منشورات الحمبي الحقوقية،
لبنان .1999
،__________ .32الجريمة االقتصادية (دراسة مقارنة) ،ط ،2منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان2015 ،
72
قائمة المراجع
.33نبية صالح ،النظرية العامة لمقصد الجنائي [مقارناً بكل من القصد االحتمالي و القصد المتعدي و القصد الخاص
مكتبة دار الثقافة لمنشر و التوزيع األردن .2004،
، 1دار .34نظام توفيق المجالي ،دراسة تحميمية في النظرية العامة لمجريمة و المسؤولية الجزائية [القسم العام] ط
الثقافة لمنشر و التوزيع ،األردن .2009،
،___________ .35شرح قانون العقوبات،القسم العام [دراسة تحميمية في النظرية العامة ]،ط ،3دار الثقافة لمنشر
و التوزيع ،األردن.2016 ،
.1اطروحات دكتوراه
- 1طباش عزالدين ،النظام القانوني لمخطأ غير العمدي في جرائم العنف ،رسالة لنيل درجة الدكتو ار ه في
العموم ،كمية الحقوق و العموم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو.2014،
- 2عمر السعيد رمضان ،الركن المعنوي في المخالفات ،رسالة لمحصول عمى درجة الدكتوراه في الحقوق ،دار
الكتاب العربي ،القاىرة.1959،
.2مذكرات الماستر
- 1أسامة فايز عوض اهلل حسن ،جرائم الصرف في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شيادة الماستر في الحقوق
تخصص قانون جنائي ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة.2016-2015 ،
- 2بن عيسى كيينة -برانسي سميمة ،جريمة القذف بين قانون العقوبات وقانون اإلعالم ،مذكرة التخرج لنيل
شيادة الماستر في الحقوق ،تخصص القانون الخاص والعموم الجنائية ،جامعة الجزائر.2015 ،
73
قائمة المراجع
.2النصوص التشريعية
- 1األمر رقم 15-74مؤرخ في 1974-01-30متعمق نإلزامية التأمين عمى السيارات و نظام
التعويض عن األضرار ،ج ر ع ، 15الصادرة في 1974-02-19و المعدل بقانون -88
31المؤرخ في ، 1988-07-19ج ر عدد 29الصادرة في . 1988-07-20
- 2أمر رقم ،06-05المؤرخ في ،2005-08-23المتعمق بمكافحة التيريب ،ج ر عدد 59صادر
،17-05بتاريخ 31ديسمبر ،2005 في 28أوت ،2005الموافق عميو بموجب القانون رقم
المعدل والمتمم باألمر رقم 09-06مؤرخ في 05يونيو ،2006الموافق عميو بالقانون رقم -06
20مؤرخ في 31ديسمبر ،2006جر عدد 80مؤرخ في 11ديسمبر.2006
- 3أمر رقم ، 156 -66مؤرخ في 8يونيو ، 1966يتضمن قانون العقوبات ،ج ر .ج ج،عدد،49
02-16مؤرخ في 19يونيو صادرة بتاريخ 11يونيو ،1966المعدل و المتمم بالقانون رقم
،2016ج ر ،ج ج ،عدد، 37صادرة بتاريخ 22يونيو .2016
- 4أمر رقم ،155-66مؤرخ في 8يونيو ،1996يتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ،ج رج ج عدد
،49صادرة بتاريخ 11يونيو ،1966المعدل و المتمم بالقانون رقم 07-17مؤرخ في 27مارس
،2017ج رججعدد، 20صادرة بتاريخ29مارس.2017
-4المواقع اإللكتزونية
74
قائمة المراجع
بالمغة الفرنسية:ثانيا
1- Mayaud Yves, Droit Pénal Général,2e édition, presses universitaires de France, paris,
2004 .
2- Dreyer Emmanuel, Droit pénal général, Edition Litec, paris, 2010.
3- Bouloc Bernard, Droit pénal général, 19e édition, Dalloz , paris, 2005.
4- Jacques-Henri Robert, Droit pénal général, 4e édition, presses universitaires de francs,
paris 1999.
75
فهرس المحتويات
فهرس المحتويات
المقدمة 1 ....................................................................................
76
فهرس المحتويات
الفصل الثاني :عدم لزوم إثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة39 ............................
المبحث األول :افتراض الخطأ كصورة لعدم لزوم إثبات الركن المعنوي40 ..................
77
فهرس المحتويات
الفرع الثالث :تقدير النظريات التي قامت عمييا فكرة الجريمة المادية63 ...................
78
:ملخص
يعتبر الركن المعنوي أحد أىم عناصر الجريمة التي ال يمكن اسناد المسؤولية الجزائية لمرتكبيا
باعتبار أن القانون الجزائي ال ييتم باألثار المادية لمسموك،دون اثبات درجة اإلستعداد النفسي لديو
إال أن الطابع المعنوي ليذا العنصر جعل ميمة،أكثر من اىتمامو بدرجة خطورة اإلجرامية لمجاني
أي بين العمد وصوره من جية، باإلضافة الى صعوبة التمييز بين صوره أيضا،اثباتو صعبة
.والخطأ غير العمدي وصوره من جية أخرى
مبسطة ال
ّ إذ أن ىذه الصعوبة جعمتيا التشريعات الحديثة مبر ار لتبني نصوص تجريمية
ونظ ار، بدعوى استحالة ذلك تارة،تقتضي إثبات ىذا العنصر الجوىري إلسناد المسؤولية
لخصوصية بعض الجرائم والتي تقتضي اإلسراع في الفصل فييا تارة أخرى خاصة عندما يتعمق
أو بدعوى تفاىة الجريمة خاصة عندما تكون بتكييف مخالفة،األمر بجرائم ذات طابع اقتصادي
."معنوي وىذا في الحقيقة يخالف مبدأ أساسي في التجريم وىو قاعدة " ال جريمة بدون ركن
Resume:
L’élément moral est la composante de l’infraction qui constitue le lien
entre l’acte matériel et l’auteur lorsque ce dernier a agi librement et avec
discernement, il est la condition primordiale de l’imputation de
l’infraction, et à base de cet élément qu’il est possible de différencier entre
les actions et omissions commis soit avec intention ou par non-intention.
L’élément moral représente aujourd’hui un enjeu très particulier, causé
par la nouvelle orientation de la politique pénale vers la large adoption des
incriminations sans prendre compte de la faute de l’auteur, parfois à cause
de la complexité de l’infraction et qui exige un solution rapide comme
l’infraction économique, et parfois à cause de la simplicité de l’infraction
comme les contraventions, ce qui constitue une véritable atteinte au
principe « pas d’infraction sans élément moral ».