Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 90

‫جاهعت عبذ الرحوي هيـرة‪-‬بجايت‬

‫كليت الحقىق والعلىم السياسيـت‬


‫قــــــــسن القاًىى الخاص‬

‫الركن المعنوي في الجريمة‬

‫هذكرة لٌيل شهادة الواستر في الحقىق‬


‫ـثـخصص القاًىى الخاص و العلىم الجٌائيت‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫الطالب ‪:‬‬


‫ة‬ ‫من إعداد‬
‫‪ ‬د‪.‬طباش عز الدين‬ ‫‪ ‬أنقوش سعاد‬
‫‪ ‬إشعالل صورية‬

‫لجًــــــــــــــــت الوٌاقشت‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫أستاذ جامعة بجاية‬ ‫األستاذ (ة)‪:‬‬
‫مشرف و مقر ار‬
‫ا‬ ‫بجاية‬ ‫أستاذ جامعة‬ ‫د‪.‬طباش عز الدين‬
‫ممتحنا‬ ‫أستاذ جامعة بجاية‬ ‫األستاذ (ة)‪:‬‬

‫السنة الجامعية ‪2017/2016‬‬


‫شكر وتقدير‬

‫باسم اهلل الرحمان الرحيم‬


‫قال اهلل تعالى‬

‫﴾‬ ‫﴿ قالوا سبحانك ل ِلم لنا إّل ما ِّلمتنا إّنك أنت العليم الحكيم‬

‫اآلية ‪ 32‬من سورة البقرة‬

‫أشكر اهلل تعالى الذي وفقنا و أِاننا في إنجاز واتمام هذا العمل المتواضع‪ ،‬كما أتقدم‬
‫بجزيل الشكر وِظيم المتنان إلى األستاذ الدكتور الفاضل " طباش ِزالدين " ِلى قبوله‬
‫اإلشراف ِلى هذه المذكرة وِلى ما بذله من جهد طوال مدة إِدادنا لها‪ ،‬والذي قدم لنا‬
‫توجيهاته وارشاداته القيمة في سبيل إنجاح هذا العمل‪.‬‬

‫كما أتقدم بخالص الشكر إلى أِضاء لجنة المناقشة الذين يشرفون ِلى مناقشة هذا‬
‫العمل المتواضع‪.‬‬

‫دون أن ننسى جميع األساتذة األفاضل لكلية الحقوق جامعة " ِبد الرحمان ميرة "‬

‫وشكر‬
‫ًا‬
‫إهداء‬
‫باسم اهلل الرحمان الرحيم‬
‫أهدي ثمرة جهدي المتواضع إلى من كان سببا لوجودي في هذه الحياة بعد اهلل تعالى‬
‫والدي العزيزين أطال اهلل في ِمرهما‬

‫إلى أخواتي وأزواجهن و أولدهن‬

‫إلى كل إخواني و زوجاتهم و أولدهم‪ ،‬وأختص بالذكر أخي المتوفى رحمة اهلل ِليه‬
‫أتمنى من اهلل ِز وجل أن يجعله طي ار من طيور الجنة ويسكنه فسيح جنانه‬

‫إلى أِز إنسان ِلى قلبي زوجي الغالي و ِائلته الكريمة‬

‫إلى جميع األقارب واألصدقاء والزمالء‬

‫إلى كل المعلمين واألساتذة الذين جمعني معهم المشوار الدراسي من الطور البتدائي‬
‫حتى وصولي إلى التعليم العالي‬

‫إلى كل من يعرفني و يحبني‬

‫صورية‬
‫إهداء‬
‫أهدي ثمرة جهدي المتواضع إلى من كان سببا في وجودي والدي العزيزين أمي الغالية‬
‫وأبي الحبيب‬

‫دون أن أنسى أخي وأخواتي الكتكوتات إلينا ودلين‬

‫دون أن أنسى جدي العزيز الذي كان لي سندا ماديا ومعنويا‬

‫دون أن أنسى اغمى إنسان عمى قمبي‬

‫وكل اصدقائي وزمالئي‬

‫سعاد‬
‫قائمة المختصرات‬

‫(ق إ ج)‪ :‬قانون اإلجرءات الجزائية‬

‫(د س ن)‪ :‬دون سنة النشر‬

‫(د س)‪ :‬دون سنة‬

‫(ج ر)‪ :‬جريدة رسمية‬

‫(ج ر ج ح)‪:‬جريدة رسمية للجمهورية الجزائرية‬

‫(ص)‪ :‬صفحة‬

‫(ص‪ ،‬ص)‪ :‬صفحة وصفحة‬

‫(ط)‪ :‬طبعة‬

‫(إلخ)‪ :‬إلى آخره‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫الجريمة ىذه الكممة البسيطة في تكوينيا المغوي والعظيمة في مضمونيا‪ ،‬فيي ظاىرة‬

‫فريدة من نوعيا في حياة الفرد والمجتمع ال تحمل بين طياتيا إالّ معاني ظمم االنسان ألفراد‬

‫المجتمع نظ ار لكثرتيا وتنوعيا كان لزاما مزيد االىتمام بيا والتطرق إلى مختمف‬

‫أصنافيا‪ ،‬والجريمة كسموك إنساني تتميز عن سائر أنواع السموك الغير مشروع بأنيا تصيب‬

‫األشخاص بضرر أو لمخطر ماال تعتبر صيانتو في نظر المجتمع شرطا جوىريا من شروط‬

‫كيانو ووجوده(‪.)1‬‬

‫والفعل اإلجرامي ىو تصرف إنساني معاقب عميو من قبل القانون‪ ،‬ولئن كانت بعض‬

‫التصرفات البشرية معتبرة جرائم من قديم الزمان لما فييا من اعتداء واضح عمى مصالح‬

‫أجمعت الشرائع عمى وجوب المحافظة عمييا‪ ،‬فإنو توجد تصرفات أخرى مباحة في بعض‬

‫المجتمعات ومجرمة في أخرى نظ ار لتأثر تشريعيا بنظرية فمسفية معينة أو سياسة جنائية‬

‫ىادفة‪.‬‬

‫فالجريمة تعرفيا النظم الجنائية عمى أنيا كل فعل أو امتناع عن فعل َينيى عنو‬

‫المشرع منصوص عميو في قانون العقوبات‪ ،‬أو باألحرى ىي الفعل اإليجابي أو السمبي‬

‫المجرم من قبل القانون والمعاقب عميو منو‪ ،‬وليا أساس يميزىا ويكسبيا كيانيا مثل األساس‬

‫المتعمق بالجانب األدبي لمجريمة وىو ما يجول بخاطر الجاني ويكمن في نفسو‪ ،‬واألساس‬

‫‪ -1‬عبد الحك م‬
‫ي فوده ‪ ،‬االستم اررية والوقتية في الجرائم العمدية‪ ،‬دار األلفى لمتوزيع والنشر‪،‬مصر‪ ،2004،‬ص‪.17‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫المتعمق بالجانب المادي الذي ال يعدو أن يكون تجسيما لمجانب النفسي وىي مرحمة التنفيذ‬

‫التي تمي التفكير والتصميم(‪.)1‬‬

‫القاعدة العامة أن الجريمة تقوم عمى ثالثة أركان أساسية‪ ،‬فاألول ىو ركن شرعي‬

‫(نص يجرم الفعل ويعاقَب عميو )‪،‬وىذا الركن ىو أىم ما يميز القانون الجنائي عن غيره من‬

‫" )‪ ،(2‬وبالتالي فالبد من‬ ‫الفروع األخرى " ال جريمة وال عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون‬

‫يقر أنو‬
‫تكييف الفعل المجرم وتقييده تحت المواد القانونية‪ ،‬والركنين اآلخرين فالركن المادي ُّ‬

‫"ال جريمة دون سموك مادي" فال عقاب لدينا في القانون الجنائي عمى النوايا ‪.‬‬

‫الركن المعنوي يتمثل في القصد الجنائي وىو اتجاه ارادة الجاني إلى تحقيق النتيجة‬

‫اإلجرامية مع عممو بأن ما ىو ُم ْقدم عميو يوقعو في اإلثم الجنائي‪ ،‬وال تثير مسألة الوقوف‬

‫عمى الركن المادي أي صعوبات بالنظر إلى خصائصو المادية المدركة بالحواس ‪،‬غير أن‬

‫ما يثير الكثير من المشاكل العممية ىو كيفية الوقوف عمى الركن المعنوي‪ ،‬السيما أن‬

‫(الركن‬ ‫مسألة الوقوف عمى توافر الركنين ترتبط بارتباط وجود أو عدم وجود الجريمة‬

‫الشرعي) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كرو‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام ‪،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬تونس‪1988– 1987 ،‬‬
‫‪ -‬اليادي ّ‬

‫ص ص‪.67،68‬‬

‫‪ -2‬المادة األولى من األمر ‪ ،156-66‬مؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ، 1966‬يتضمن قانون العقوبات ‪،‬ج ر ‪.‬ج‬
‫ج‪،‬عدد‪ ،49‬صادرة بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪،1966‬المعدل و المتمم بالقانون رقم ‪ 02-16‬مؤرخ في ‪ 19‬يونيو ‪،2016‬ج‬
‫ر ‪،‬ج ج ‪،‬عدد‪، 37‬صادرة بتاريخ ‪22‬يونيو ‪.2016‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫البد من وجود مسؤولية جنائية التي تعني إسناد الفعل إلى الجاني‪ ،‬كما يكون الجاني‬

‫لحظة ارتكاب الجريمة متمتع بالوعي واإلرادة ‪ ،‬فارتكاب الجريمة حتى وان وصمت لحد القتل وثبت‬

‫أن الجاني غير مميز أو معدوم اإلرادة فال يسأل جنائيا ‪.‬‬

‫إذ أنو من الصعب إسناد النتيجة االجرامية لصاحب السموك الذي أدى إلييا دون‬

‫معرفة طبيعة االستعداد النفسي لدى الجاني في تقبل تمك النتيجة‪ ،‬ودون معرفة إن كان ذلك‬

‫« ال جريمة بدون ركن‬ ‫عن قصد أو عن طريق الخطأ‪ ،‬وىذا ما يؤسس أيضا إلى قاعدة‬

‫معنوي »‬

‫لكن المالحظ اليوم ومع تطور المجتمعات من كل النواحي خاصة االقتصادية منيا‬

‫جعل التشريعا ت تتبنى أنواع جديدة من التجريم تتماشى و السرعة المطموبة لمفصل في مثل‬

‫القضايا االقتصادية ذات الطابع الجزائي وذلك بالمجو ء إلى االكتفاء بإثبات السموك المادي‬

‫دون الخوض في تعقيدات إثبات الركن المعنوي‪ ،‬باعتباره حالة نفسية تستوجب أساليب معقدة‬

‫لمكشف عن طبيعتيا‪ ،‬بل أن قانون العقوبات بنفسو يزخر أيضا بعدة نصوص تفترض ىذا‬

‫الركن بمجرد توافر العناصر المادية لمجريمة‪.‬‬

‫لذالك تظير أ ىدفنا في الدراسة لمبحث في مدى توافق ىذه الفكرة الحديثة ألركان‬

‫الجريمة مع المبادئ االساسية التي تتحكم في التجريم والعقاب خاصة فكرة ال جريمة دون‬

‫إثبات الركن المعنوي باعتباره أساس إثبات المسؤولية الجزائية‪.‬‬

‫وىدفنا كذلك ىو ضرورة التنبيو لخطورة السياسة العقابية الحديثة التي تتجو أكثر‬

‫فأكثر نحو إفراغ الجريمة من ركنيا المعنوي من أجل تسييل عممية إسنادىا إلى فاعميا دون‬

‫االكتراث بدرجة خطورة استعدادىم النفسي الذي ىو أساس توقيع العقاب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫لذلك فإن نطاق دراستنا ليذا الموضوع سوف يتمحور حول إشكالية مدى لزوم إثبات‬

‫الركن المعنوي لقيام الجريمة في ضل السياسة العقابية الحديثة؟‬

‫قد اعتمدنا في ذلك عمى منيج تحميمي وصفي لدراسة عناصر ىذا الموضوع بتقسيمو‬

‫إلى فصمين نتناول في(الفصل األول) مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركن معنوي بصورتيو‬

‫القصد والخطأ‪ ،‬و (الفصل الثاني) فكرة عدم لزوم إثبات الركن المعنوي في الجريمة باكتفاء‬

‫بافتراضو أو عدم أىمية ذالك نتيجة تفاىة الجريمة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‬

‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركن‬


‫معنوي‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أن َّ‬
‫كل شخص يصدر عنو فعل من األفعال المجرمة فيالقانون تقوم في حقو‬ ‫من المعروف قانونا َّ‬
‫يمس أمن و مصمحة المجتمع بكاممو وليس فقط األفراد‪.‬‬
‫المسؤولية الجنائية باعتبار أن الشخص ّ‬

‫و قيام الجريمة في القانون ال يتوقف فقط عمى ارتكاب الواقعة المادية من طرف الجاني‬
‫إنما يستمزم رابطة نفسية تصل بين الجاني والفعل المادي الذي يقوم بارتكابو)‪.(1‬‬

‫وىذه الرابطة النفسية تتمثل في الركن المعنوي الذي يقوم عمى االرادة التي توجو سموك‬
‫تعمد‬
‫الجاني مع العمم التام أن ىذا السموك مخالف لمقانون ‪ ،‬بمعنى أن الجاني في ىذه الحالة ّ‬
‫ارتكاب ىذا الفعل المجرم ‪،‬كما انو ىناك حالة أخرى يقوم فييا الشخص بسموك مخالف لمقانون إال‬
‫أن الجاني في ىذا النوع من‬
‫أنو ليس قاصدا القيام بو و انما يقع منو عن خطأ أو إىمال؛ بمعنى ّ‬
‫الجريمة يعاقب عمى أساس جريمة غير عمدية ‪.‬‬

‫و ىذا ما نحاول دراستو في ىذا الفصل تحت عنوان صور الركن المعنوي حيث قسناه الى‬
‫مبحثين خصص األول فيو لمقصد الجنائي و الثاني لمخطأ غير العمدي‪.‬‬

‫‪ -1‬سمير عالية ‪،‬أصول قانون العقوبات القسم العام [معالمو ‪،‬نطاق تطبيقو ‪،‬الجريمة ‪،‬المسؤولية ‪ ،‬الجزاء ] ‪،‬المؤسسة‬
‫الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع ‪،‬بيروت ‪ ،1996،‬ص ‪.234‬‬

‫‪5‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫المبحث االول‬

‫القصد الجنائي‬

‫لم يتم تعريف القصد الجنائي في قانون العقوبات الجزائري صراحة بل تم اإلشارة اليو بشكل‬
‫ضمني في كثير من مواده ‪ ،‬وذلك من خالل اشتراط توافر العمد لدى الجاني عند ارتكابو الجريمة‬
‫و قد ترك المجال لمفقو لمقيام بتعريف القصد الجنائي فأعطوه تعريفات عديدة يتمحور مضمونيا‬
‫حول نقطتين تتمثالن في اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع ضرورة العمم بكافة أركانيا‬
‫القانونية ‪،‬و إذا تحقق العمم و اإلرادة لدى الجاني قام القصد الجنائي و إذا انتفى أحدىما أو كمييما‬
‫انتفى قصد الجاني )‪.(1‬‬

‫(المطمب األول )‬ ‫و لدراسة القصد الجنائي يقتضي تقسيم المبحث الى مطمبين نخصص‬
‫لمفيوم القصد الجنائي و(المطمب الثاني) ندرس فيو انواع القصد الجنائي ‪،‬تحديد وقتو و اثباتو ‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫مفيوم القصد الجنائي‬

‫القصد الجنائي ىو الصورة األصمية األساسية لمركن المعنوي في الجريمة و يعتبر شرطًا‬
‫ضرورًيا لكي تقوم المسؤولية الجنائية في حق الجاني حيث يترأس قمة اليرم في الجريمة العمدية‬
‫باعتباره ينطوي عمى انصراف إرادة الجاني لمفعل المجرم و الى النتيجة المرغوب تحقيقيا ‪،‬وىو‬
‫يختمف باختالف نوع الجريمة ‪ ،‬وال يشترط تحقيق النتيجة لكي يتوافر القصد الجنائي و إنما‬
‫‪،‬وبالتفصيل‬ ‫يتحقق كذلك في حالة شروع الجاني في جريمتو دون الوصول إلى اليدف المطموب‬
‫وعناصره في‬ ‫في(الفرع األول)‬ ‫سنتناول في ىذا المطمب كل من تعريف القصد الجنائي‬
‫(الفرع الثاني)‪ ،‬ومن ثم بيان أنواعو في (الفرع الثالث) عمى التوالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سميمان ‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري [الجريمة ] ‪-‬القسم العام ‪-‬ط‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ،2005‬ص ‪. 249‬‬

‫‪6‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫الفرع األول‬

‫تعريف القصد الجنائي‬

‫كما سبق الذكر أن المشرع الجزائري لم يعرف القصد الجنائي بشكل صريح في القانون إنما‬
‫اكتفى باإلشارةإليو ضمنيا فقط و ذلك من خالل إدراج كممة العمد في كثير من النصوص القانونية‬
‫الدالة عمى قصد و نية الجاني التي تنعكس مباشرة عمى الجريمة التي يرتكبيا الجاني وارادة تحقيق‬
‫(‪)1‬‬
‫و قد أشار الم ّشرع الجزائري إلى العمد في نصوص القانون في أمثمة كثيرة نذكر منيا ما‬ ‫النتيجة‬
‫ىو وارد في المادة ‪ 254‬من قانون العقوبات الجزائري التي خصصيا الم ّشرع لمقتل العمدي و التي‬
‫‪ 264‬من قانون‬ ‫عمدا » وكذلك المادة‬
‫نص فييا عمى ما يمى ‪ « :‬القتل ىو إزىاق روح إنسان ً‬
‫العقوبات الجزائري التي خصصت لمضرب و الجرح العمدي و التي تنص عمى ما يمي ‪« :‬كل من‬
‫جروحا لمغير أو ضربة »‬
‫ً‬ ‫أحدث عمدا‬

‫لمقصد الجنائي مرادفات عديدة ‪ ،‬حيث يطمق عميو تسمية الخطأ المقصود أو العمدي‬
‫كذلك تسمية القصد العمدي وكل ىذه المصطمحات ليا نفس معنى القصد الجنائي ‪،‬وىو ُيعرف‬
‫يقينا بالعناصر المكونة لمجريمة مع إرادة تامة بتحقيق الواقعة االجرامية‬
‫عمما ً‬
‫عمى أنو عمم الجاني ً‬
‫و قبوليا(‪.)2‬‬

‫واالجتياد الفقيي لم يقصر في إعطاء تعريف لمقصد الجنائي حيث يدور حول نقطتين‬
‫أساسيتين‪ ،‬رغم التعريفات المتعددة التي قدموىا و تتمثل ىذه النقطتين في عمم المجرم بعناصر‬
‫الجريمة و إرادة متجية لتحقيق ىذه العناصر(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬خمفي عبد الرحمان ‪،‬القانون الجنائي العام [دراسة مقارنة ]‪ ،‬دار بمقيس لمنشر ‪،‬الجزائر ‪، 2016،‬ص ‪. 216‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر عدو ‪،‬قانون العقوبات الجزائري ‪ [،‬القسم العام ] ‪ ،‬نظريو الجريمة ‪ ،‬نظرية الجزاء الجنائي ‪ ،‬دار ىومة‬
‫لمطباعة و النشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2010 ،‬ص ‪. 181‬‬
‫‪ -3‬بمعميات إبراىيم ‪ ،‬أركان الجريمة و طرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري [أركان الجريمة ‪ ،‬أىمية اإلثبات الجنائي‬
‫طرق اإلثبات الجنائية ]‪ ،‬دار الخمد و نية لمنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2007 ،‬ص‪.119‬‬

‫‪7‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫الفرع الثاني‬

‫عناصر القصد الجنائي‬

‫من خالل التعريف السابق فإن القصد الجنائي يحتوي عمى عنصرين أساسين يشمالن كل الوقائع‬
‫التي تقوم عمييا الجريمة‪،‬و إذا تمت الواقعة االجرامية عن عمم و إرادة الجاني سوف تعتبر جريمة‬
‫تامة يعاقب مرتكبيا و تسند إليو مسؤولية جزائية عمى أساس العمد‪،‬و إذا انتفى أحدىما أو كمييما‬
‫يتخمف قصد الجاني بمعنى أنو لقيام القصد الجنائي لدى المجرم ال يمكن االستغناء ال عن العمم ال‬
‫استنادا لذلك تقوم بتخصيص ىذا الفرع لدراسة عنصري القصد الجنائي [العمم‬
‫ً‬ ‫عن اإلرادة (‪،)1‬و‬
‫واالرادة] عمى التوالي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عنصر العمم في القصد‬

‫من منطمق أن العمم أحد العناصر األساسية التي يقوم عمييا القصد الجنائي فإننا نحاول‬
‫دراستو من خالل استعراض معناه وبيان محمو‪.‬‬

‫العمم في قانون العقوبات الجزائري معناه توافر اليقين لدى الجاني بان سموكو يؤدي الى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪،‬فإذا انتفى العمم‬ ‫نتيجة اجرامية يعاقب عمييا قانونا مع عممو بجميع العناصر القانونية لمجريمة‬
‫بأحد ىذه العناصر انتفى القصد الجنائي ألنيا ىي التي تمد النشاط االجرامي الوصف القانوني‬
‫بالتالي تميزىا عن باقي الوقائع االجرامية األخرى كالقتل غير العمدي يحدث عن غير قصد بدون‬
‫(‪)3‬‬
‫طا وثيقًا بالواقعة االجرامية التي يقوم بيا الجاني‬
‫عمم من الجاني ‪ ،‬فالعمم اليقيني يرتبط ارتبا ً‬
‫تعمد فعل ذلك(‪.)4‬‬
‫كجريمة السرقة مثالً فالجاني يعمم أنو فعل يجرمو القانون مع ذلك ّ‬

‫‪ -1‬غازي حنون خمف الدراجي ‪ ،‬استظيار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد ‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪،‬لبنان‬
‫‪،2012‬ص ‪. 23‬‬
‫‪-2‬بمعميات إبراىيم ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر عدو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Mayaud Yves, Droit Pénal Général,2e édition, presses universitaires de France, paris, 2004,‬‬
‫‪p249 .‬‬

‫‪8‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫عالما بالقانون الذي يعاقب عمى كل الجرائم ميما كان نوعيا‬


‫ويفترض في الجاني أن يكون ً‬
‫ُ‬
‫كون الجريمة‪ ،‬وعمى ىذا األساس فان محل العمم يتكون‬
‫و أن يكون عمى دراية بجميع الوقائع التي تُ ّ‬
‫من عمم بالقانون وعمم بالوقائع‪،‬فيما يخص العمم بالقوانين العقابية فمن المعروف قانونا أن كل‬
‫إنسان يفترض فيو العمم بالقوانين العقابية وال ُيعذر أحد بجيمو أو يحتج بذلك أو وقع في غمط في‬
‫يعتد بو‬
‫قانونا ال ّ‬
‫القانون‪ ،‬فإذا احتج الجاني الذي قام بجريمة القتل مثالً بعدم عممو بأنو فعل مجرم ً‬
‫كعذر لنفي المسؤولية التي تقوم عميو‪ ،‬وىذا مبدأ أساسي تقوم عميو مصمحة المجتمع‪ ،‬فالسارق‬
‫ُيعاقب و القاتل ُيعاقب أو باألحرى كل من ارتكب جريمة من الجرائم ميما كانت‪،‬و عدم األخذ بيذا‬
‫استنادا إلى ذلك فان‬
‫المبدأ يعني إتاحة الفرصة لممجرمين باالحتجاج بالجيل أو الغمط في القانون و ً‬
‫أغمب التشريعات والقوانين العقابية تأخذ بيذا المبدأ فيناك من ينص عميو صراحة وىناك من يذكره‬
‫ضمنا(‪.)1‬‬
‫ً‬

‫أما العمم بالوقائع فاألصل أن يكون الجاني عمى عمم بجميع الوقائع المكونة لمجريمة ألن‬
‫القصد الجنائي يتوافر إذا عمم الجاني بجميع العناصر التي تتكون منيا الجريمة (‪،)2‬فالمشرع يشترط‬
‫العمم بموضوع الحق المعتدى عميو ‪،‬حيث يتطمب القانون أن يكون الجاني عمى عمم بموضوع‬
‫الحق المعتدي عميو وىذا شرط ضروري لتوافر القصد الجنائي فالقتل مثال ىو اعتداء عمى حياة‬
‫إنسان و لكي يتوافر القصد في ىذه الجريمة يتطمب أن يكون الجاني عمى عمم يقيني أنو بصدد‬
‫القضاء عمى حياة إنسان (‪ ،)3‬كذلك العمم بالنتيجة أمر مطموب لتوافر القصد لدى الجاني إذ يجب‬
‫عميو أن يعمم بأن الفعل الذي يرتكبو من شأنو أن يرتب النتيجة التي يريد تحقيقيا و ىذه النتيجة‬
‫يشترطيا القانون حتى تترتب المسؤولية الجزائية في حق الجاني عمى أساس الخطأ العمدي بتوافر‬
‫ىذا األخير لديو تكون الجريمة عمدية(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬غازي حنون خمف الدراجي ‪،‬المرجع السابق ‪،‬صص ‪. 26 ،25 ، 24‬‬


‫‪ -2‬نبية صالح ‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي [مقارناً بكل من القصد االحتمالي و القصد المتعدي و القصد الخاص ]‬
‫مكتبة دار الثقافة لمنشر و التوزيع األردن ‪ ، 2004،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل سميمان‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪4‬‬
‫عدو‪،‬المرجع السابق‪ ،‬صص‪.183،184‬‬
‫‪ -‬عبد القادر ّ‬

‫‪9‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫كما أن العمم بزمان ومكان ارتكاب الفعل اإلجرامي أمر يجب عمى الجاني العمم بو فاألصل أن‬
‫الم ّشرع الجزائري ال يعتد بمكان وزمان ارتكاب الجريمة فيو يجرم الفعل دون االعتداد ال بمكان‬
‫خطر عمى حق أو مصمحة األشخاص ًأيا‬
‫وال بزمان ارتكابو عمى أساس أن الفعل اإلجرامي يشكل ًا‬
‫المشرع يشترط في بعض الجرائم عمم الجاني بزمان ومكان ارتكاب‬
‫ِّ‬ ‫أن‬
‫كان المكان و الزمان‪ ،‬إالّ ّ‬
‫الجريمة(‪ ،)1‬فمثال جريمة اختطاف األطفال وتركيم ال تتم إالّ في مكان خالي منصوص عمييا في‬
‫المادة ‪ 314‬من قانون العقوبات الجزائري أو السرقة التي تتم في أماكن العبادة‪ .‬وفي ما يخص‬
‫‪ 62‬من قانون‬ ‫الزمان نذكر عمى سبيل المثال جناية الخيانة في زمن الحرب نصَّت عمييا المادة‬
‫العقوبات الجزائري(‪.)2‬‬
‫من الوقائع التي يشترط القانون كذلك عمم الجاني بيا العمم ببعض الصفات في الجاني‬
‫أوالمجني عميو فاألصل ىو تطبيق النصوص القانونية عمى كل شخص يرتكب فعالً إجراميا‬
‫فالقانون يسري عمى الجميع دون البعض فقط ‪ ،‬إالّ أنو ىناك استثناء في بعض الجرائم فالمشرع‬
‫استثنى طائفة من االشخاص الذين يقومون ببعض الجرائم فال يتوافر القصد الجنائي لدييم إذا ثبت‬
‫أنيم يتصفون بحالة قانونية أو فعمية معينة‪ ،‬نذكر عمى سبيل المثال جريمة الرشوة و اختالس‬
‫الخزينة العامة ‪،‬ال يرتكبيا إالّ موظف عام فعمم الجاني الذي يتيم بأحد ىذه الجرائم بأنو موظف‬
‫عام يتوافر القصد الجنائي لديو و تقوم المسؤولية في حقو (‪.)3‬‬
‫من الصفات الخاصة في الجاني نذكر عمى سبيل المثال جريمة الخيانة في الحروب و حمل أحد‬
‫األشخاص السالح ضد بمده (الجزائر)‪ ،‬ففي ىذه الحالة يقوم قصد الجاني إذا كان يعمم أنو جزائري‬
‫يخون بمده(‪.)4‬‬
‫لكي يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني ىناك صفات خاصة بالمجني عميو يجب أن يعمم الجاني‬
‫بيا‪ ،‬نذكر مثال جريمة الزنا نصت عمييا المادة ‪ 339‬من قانون العقوبات الجزائري ‪،‬يتوافر القصد‬

‫‪ -1‬ة‬
‫نبي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.57،58،59‬‬
‫‪ -2‬راجع المواد ‪62 ،314‬منأمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬نبية صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪-4‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬المرجع السابق‪.252‬‬

‫‪10‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫القصر مع العمم بأن المخطوف‬


‫ّ‬ ‫فييا كون المرأة متزوجة مع العمم بذلك ‪،‬كذلك جريمة اختطاف‬
‫قاصر منصوص عمييا في المادة ‪ 322‬من قانون العقوبات الجزائري(‪.)1‬‬

‫كذلك ىناك العمم بالظروف المشددة التي تغير من وصف الجريمة التي تستوجب عمم الجاني بيا‬
‫مشددا من‬
‫ً‬ ‫وىي عناصر تابعة ألحد العناصر المكونة لمجريمة فتضفي عمييا وصفًا ويرتب ظرفًا‬
‫حيث أن الجريمة تصبح أكثر جسامة ‪ ،‬وعقوبتيا تكون أ ّشد (‪،)2‬ويجب أن يكون الجاني عمى عمم‬
‫بذلك الظرف المشدد الذي يغير من وصف الجريمة مثل جريمة الضرب واالعتداء عمى األصول‬
‫تختمف عن االعتداء عمى شخص غريب(‪.)3‬‬

‫ومن جية أخرى ىناك وقائع ترتبط بالجريمة إال أن ذلك االرتباط ال يكون وثيقاً وال تعد ىذه الوقائع‬
‫تكون الجريمة ‪،‬بالتالي ال يشترط القانون ضرورة العمم بيا ‪،‬أي أن‬
‫من العناصر األساسية التي ّ‬
‫القصد الجنائي يتوافر حتى ولو ثبت جيل الجاني بيا و تتمثل ىذه الوقائع في عناصر األىمية‬
‫الجنائية حيث تقوم األىمية في ىذه الحالة عمى اإلدراك و التمييز وىي من األمور التي يحددىا‬
‫القانون وىي تنتج أثرىا بغض النظر عن عمم الجاني بيا أو عدم عممو‪ ،‬فمن يرتكب الجريمة‬
‫معتقداً أنو دون السن التي يعد فييا أىال لتحمل المسؤولية الجنائية ثم يتبين لمقاضي أنو قد بمغ‬
‫السن القانوني الذي يجعمو أىالً لتحمل المسؤولية‪ ،‬فإن جيل الجاني بذلك ال يؤثر في توافر القصد‬
‫لديو(‪،)4‬ىناك أيضا الشروط الموضوعية لمعقاب إال أنيا ليست من العناصر المكونة لمجريمة‬
‫فالقصد الجنائي يتوافر دون اشتراط عمم الجاني بيا‪ ،‬فالجزائري الذي يرتكب جريمة خارج إقميم‬
‫اء‬
‫ويحكم في الجزائر سو ً‬
‫الجميورية الجزائرية معاقب عمييا في القانون الجزائري سوف يتابع جزائيا ُ‬
‫يعمم بأن قانون بمده يجرم ذلك الفعل أو عدم عممو بذلك المادة ‪ 582‬ق إج(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬راجع المواد ‪ 339‬و ‪ ،322‬من أمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬غازي حنون خمف الدراجي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.254‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ص‪.256،255‬‬
‫‪ -5‬راجع المادة ‪ 582‬من أمر رقم ‪ ،155-66‬مؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1996‬يتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬ج رج ج‬
‫‪ 07-17‬مؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪،2017‬ج‬ ‫عدد ‪ ،49‬صادرة بتاريخ ‪11‬يونيو ‪،1966‬المعدل و المتمم بالقانون رقم‬
‫رججعدد‪،20‬صادرة بتاريخ‪29‬مارس‪.2017‬‬

‫‪11‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫تحصل عمييا سواء توقع‬


‫ّ‬ ‫إن القانون يعاقب المجرم ميما كانت النتيجة اإلجرامية التي‬
‫جسامتيا أو لم يتوقع ذلك ‪،‬فيو ليس ممزم بمعرفة جسامة النتيجة أو أي ظرف مشدد متعمق بذلك‬
‫حتى ينال الجزاء فالقصد الجنائي ال ينتفي لدى الجاني جراء ضربو لممجني عميو و أفضى فعمو‬
‫في الضرب إلى الوفاة و ىو باألخير لم يتوقع تمك النتيجة ‪،‬كذلك الظروف المشددة التي ال تغير‬
‫من وصف الجريمة فالقانون ال يشترط ضرورة العمم بيذه الظروف ألنيا ال تغير من وصف‬
‫الجريمة ‪،‬فال ُيؤخذ كعذر لنفي القصد لدى الجاني بمعنى أن القصد الجنائي يتوافر سواء كان‬
‫الجاني يعمم بذلك أو ال يعمم ‪،‬فالجاني الذي كان قد حكم عميو سابقاً و قد ثبت أنو نسي ذلك فقد‬
‫ُيعد عائداً وذلك الرتكابو جريمة جديدة و لو ثبت أنو نسي الحكم السابق (‪.)1‬‬

‫‪ -2‬أثر الجيل أوالغمط عمى توافر القصد الجنائي ‪:‬‬

‫العمم بعناصر الجريمة شرط جوىري لقيام القصد الجنائي فإذا تخمف انتفى القصد ‪،‬و يؤدي‬
‫انعدام العمم بيذه العناصر الجيل بيا‪ ،‬أو العمم بيا عمى نحو غير حقيقي و ىذا يسمى بالغمط‬
‫وكالىما ينفي القصد الجنائي لدى الجاني(‪.)2‬‬

‫أ‪-‬الجيل و الغمط في القانون ‪:‬‬

‫‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪74‬‬ ‫القاعدة العامة أنو ال يجوز ألي إنسان أن يحتج بالجيل بالقانون‬
‫(‪ ،)3‬فالعمم بالقانون أمر وجوبي فال يؤخذ الدفع‬ ‫من الباب األول الفصل الخامس من الدستور‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سميمان‪،‬المرجع السابق ‪،‬صص ‪.255، 256‬‬


‫‪ -2‬كامل السعيد‪ ،‬شرح األحكام العامة في قانون العقوبات‪[،‬دراسة مقارنة ] ط‪، 1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪2009‬‬
‫ص ‪.295‬‬
‫‪ -3‬راجع المادة‪ 74‬من دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة‪ ،1996‬المنشور بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫رقم‪ ،438-96‬مؤرخ في ‪7‬ديسمبر ‪ ،1996‬ج رج ج‪ ،‬عدد‪ ،76‬صادرة في‪ 8‬ديسمبر ‪ ،1996‬معدل ومتمم بالقانون رقم‬
‫‪ 03-02‬مؤرخ في‪ 10‬أفريل ‪ ،2002‬ج ر ج ج ‪ ،‬عدد‪ ،25‬صادرة في ‪ 14‬أفريل ‪ ،2002‬وبالقانون رقم ‪ ،19-08‬مؤرخ‬
‫في ‪ 15‬نوفمبر ‪ ،2008‬ج ر ج ج ‪ ،‬عدد ‪ ،63‬صادرة ‪ 16‬أفريل ‪ ،2008‬معدل و متمم بالقانون رقم ‪ ،01-16‬مؤرخ في‬
‫‪ 6‬مارس ‪ ،2016‬ج ر ج ج‪ ،‬عدد ‪ ،14‬صادرة في ‪ 7‬مارس ‪.2016‬‬

‫‪12‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫بالجيل أو الغمط كعذر لنفي القصد الجنائي ‪ ،‬وحكم الجيل بالقانون أو الغمط فيو يستدعي التفرقة‬
‫بين قواعد قانون العقوبات‪ ،‬وبين القوانين األخرى غير الجزائية(‪.)1‬‬

‫الجيل أو الغمط في قواعد قانون العقوبات‪:‬‬

‫المبدأ العام الذي تسمكو جميع التشريعات أن العمم بمختمف القوانين العقابية أمر مفروض‬
‫عمى كل شخص ال يقبل إثبات العكس فاالحتجاج بالجيل أو الغمط فييا كذريعة لنفي القصد أمر‬
‫اء جناية أم جنحة أم مخالفة وسواء ورد‬
‫مرفوض ‪ ،‬و ىذا يعني ال يجوز لمن ارتكب جريمة سو ً‬
‫النص عمييا في قانون العقوبات أو القوانين المكممة لو أو أن يحتج بجيمو ليذا القانون أو تفسير‬
‫النص القانوني تفسير يشوبو غمط (‪.)2‬‬

‫وقد وجد ىناك استثناء ليذا األصل أنو ال تكميف بمستحيل إذا كان ىناك استحالة مطمقة بالتشريع‬

‫فال ُيسأل الشخص جنائياً لعدم وجود القصد الجنائي لديو كوجود قوة قاىرة كالحرب األىمية مثالً‬
‫حالت دون العمم بالتشريع الجديد(‪.)3‬‬

‫الجيل أوالغمط في القوانين غير الجزائية‪:‬‬


‫نعني بالقوانين غير الجزائية سائر القوانين األخرى كالقانون المدني و اإلداري و قانون األحوال‬
‫الشخصية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ ،‬فقد‬ ‫فإذا جيل الجاني أحكام ىذه القوانين أو وقع في غمط فييا فإن القصد الجنائي ينتفي لديو‬
‫يتطمب الم ّشرع العمم ببعض التشريعات كالقانون المدني يجب لقيام جريمة السرقة مثالً أن يكون‬

‫‪ -1‬كامل السعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 296‬‬


‫‪ -2‬نظام توفيق المجالي ‪ ،‬دراسة تحميمية في النظرية العامة لمجريمة و المسؤولية الجزائية [القسم العام] ط ‪، 1‬دار الثقافة‬
‫لمنشر و التوزيع ‪ ،‬األردن ‪،2009‬ص ‪.339‬‬
‫‪ ،‬ط ‪، 1‬دار وائل لمنشر‪،‬‬ ‫‪ -3‬سمطان عبد القادر الشاوي ‪ /‬محمد عبد اهلل الوريكات ‪ ،‬المبادئ العامة في قانون العقوبات‬
‫األردن‪ ،2011 ،‬ص ‪.239‬‬

‫‪13‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫المال المسروق ممموكاً لمغير ‪،‬فإذا جيل الجاني ىذه القواعد أو أساء فيميا ينتفي القصد لديو‬
‫فالقانون يستمزم معرفة القانون المدني و ذلك لمعرفة الممكية لجريمة السرقة (‪.)1‬‬
‫ب – الجيل أو الغمط في الوقائع‪:‬‬
‫الجيل بواقعة معينة ىو انعدام العمم بيا‪ ،‬و الغمط فييا ىو العمم بيا يخالف الحقيقة ؛فقد ينصب‬
‫الغمط عمى أحد الوقائع التي تدخل ضمن العناصر المكونة لمجريمة فنجد الغمط أو الجيل في‬
‫النتيجة اإلجرامية فييا ينتفي القصد الجنائي فيو يعد بمثابة االنحراف عن اليدف و تتحقق معو‬
‫نتيجة غير التي أراد تحقيقيا ‪ ،‬في حين أن الغمط أو الجيل في موضوع النتيجة ال ينفي القصد‬
‫الجنائي كمن أراد قتل إنسان فأخطأ في شخصيتو و قتل شخص أخر حيث ُيسأل الجاني عن القتل‬
‫العمد ألن القصد كان إزىاق روح إنسان و قد تم فعالً إزىاق تمك الروح(‪.)2‬‬
‫نجد كذلك الغمط في العالقة السببية حيث أن القانون يشترط عالقة سببية بين النشاط اإلجرامي‬
‫والنتيجة فإذا انصب الغمط عمى رابطة السببية ينتفي القصد الجنائي عمى أساس أن ىذه العالقة‬
‫‪،‬و ىناك فرق بين السببية المطمقة‬ ‫تكون في عنصر جوىري من العناصر المكونة لمجريمة‬
‫والسببية المقيدة ‪،‬ففي األولى يعاقب الم ّشرع عمى الفعل أيا كانت الوسيمة التي ارتكب بيا ذلك‬
‫الفعل‪ ،‬كمن يطمق النار عمى شخص يقصد قتمو واقف عمى سطح المنزل فأصابو بيده وسقط عمى‬
‫األرض واصطدم بجسم صمب فمات بسبب ذلك االصطدام و ليس بسبب العيار الناري مع ذلك‬
‫يعد غمط جوىري بذلك‬
‫يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني ‪ ،‬أما السببية المقيدة فإذا وقع الغمط فييا ّ‬
‫ينتفي القصد الجنائي(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬نظام توفيق المجالي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.341‬‬


‫‪ -2‬أكرم نشأت إبراىيم ‪،‬القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ‪،‬دط ‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة و النشر ‪،‬بيروت ‪،‬د س‬
‫ن‪ ،‬ص ص ‪.274،273‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Mayaud Yves, Droit penal general, op-cit, p251.‬‬

‫‪14‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫ثانيا ‪:‬عنصر اإلرادة في القصد‬

‫اإلرادة ىي العنصر الثاني لمقصد الجنائي بعد العمم وىي قوة نفسية توجو كل أو بعض‬
‫أعضاء الجسم لتحقيق غرض غير مشروع‪،‬و بانتقاء اإلرادة ينتفي القصد الجنائي (‪،)1‬ونستنج ذلك‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 48‬قانون عقوبات جزائري التي تنص عمى ‪:‬‬
‫و لإلرادة أىمية تظير‬ ‫(‪)2‬‬
‫«ال عقوبة عمى من اضطرتو الى ارتكاب الجريمة قوة ال ِقبل لو بدفعيا»‬
‫في كونيا جوىر القصد الجنائي ‪ ،‬كما تظير في التمييز بين الجرائم العمدية إلى و غير العمدية‬
‫حيث تتجو اإلرادة في الجرائم العمدية إلى السموك و النتيجة معاً‪،‬أما في الجرائم غير العمدية تتجو‬
‫اإلرادة إلى السموك فقط دون النتيجة (‪.)3‬‬

‫إرادة السموك معناه أن الجاني يريد القيام بذلك السموك و يرغب فيو ويفترض عممو بماىية‬
‫ذلك الفعل و خطورتو عمى الحقوق التي يحمييا القانون ‪،‬رغم ذلك يرغب فيو وىذه الرغبة تجعل‬
‫أعضاء جسمو تمبي تمك اإلرادة وتدفعو إلى إتيان الحركة التي يتطمبيا ذلك السموك حتى تقوم تمك‬
‫الميمة (‪.)4‬‬

‫‪ ،‬وانما يمزم‬ ‫إرادة السموك وحده ال يكفي لقيام الجريمة التامة و توافر القصد الجرمي لدى الجاني‬
‫باإلضافة إلى ذلك أن تتحو إرادة الحاني إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية الناشئة عن ذلك السموك‬
‫بد من تحقيق‬
‫فالجاني إذا أراد قتل شخص ‪ ،‬يباشر بعممية القتل و إذا بو يصيبو فقط دون قتمو فال ّ‬
‫(‪(5‬‬
‫النتيجة اإلجرامية لمقول بأن اإلرادة التي دفعتو إلى ذلك الفعل تامة‬

‫‪ -1‬بمعميات إبراىيم ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.121‬‬


‫‪ -2‬راجع المادة ‪ 48‬من أمر رقم ‪ ،156 -66‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.-Mayaud Yves, Droit pénal général, op-cit, p251.‬‬
‫‪-4‬غازي حنون خمف الدراجي ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 33‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Mayaud Yves, Droit pénal général, op-cit, p251.‬‬

‫‪15‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫المطمب الثاني‬

‫تقسيمات القصد الجنائي واثباتو‬

‫‪،‬و مع العزم‬ ‫يتخذ القصد الجنائي أشكال و أنواع عديدة من خالليا تتم كل أنواع الجرائم‬
‫الذي يمتمكو الجاني لمقيام بالجريمة فإنو يقوم بتحديد وقت الرتكابيا بمعنى أنو ىناك وقت أو مدة‬
‫زمنية يتوافر فييا القصد الج نائي‪ ،‬أما إثبات القصد فيرجع إلى القاضي الذي يستخمصو في حدود‬
‫سمطتو التقديرية ‪.‬‬
‫و عمى ىذا األساس قسمنا المطمب إلى فرعين نتناول في (الفرع األول) أنواع القصد الجنائي‪،‬و في‬
‫(الفرع الثاني) كيفية إثبات القصد الجنائي‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫أنواع القصد الجنائي‬

‫أنواع تختمف باختالف النظرة‬ ‫يتخذ القصد الجنائي صور متعددة‪،‬وقد قسمو الفقو الى عدة‬
‫إلييا(‪)1‬فقد يكون القصد عاما أو خاصا ‪ ،‬وقد يكون مباش ار أو غير مباشر أومتعديا‪ ،‬نقوم بعرضيا‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫أوال ‪:‬من حيث نطاق القصد ‪:‬‬

‫يكمن نطاق القصد الجنائي في القصد العام والقصد الخاص‪ ،‬وسوف نتطرق إلييما كالتالي‪:‬‬

‫‪-1‬سمير عالة‬
‫ي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬

‫‪16‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫القصد العام‪:‬‬
‫‪- 1‬‬
‫القصد العام متوفر في جميع الجرائم العمدية وىو انصراف إرادة الجاني لتحقيق الفعل المجرم مع‬
‫كاالعتداء عمى حق الحياة في جريمة القتل‬ ‫العمم بعناصر ىذا الفعل الذي ينيى عنو القانون‬
‫مثال(‪.)1‬‬
‫فالقصد الجنائي العام ىو ارتكاب الفعل و تحقيق نتيجتو أي تحقيق الغرض من الجريمة ‪ ،‬مع‬
‫ضرورة توافر العمم و اإلرادة و ىذا القصد ىو األكثر شيوعاً في غالبية الجرائم ‪ ،‬خصوصاً العمدية‬
‫فجريمة القتل العمد يكتمل فييا القصد إذا كان الجاني يعمم وقت ارتكاب الجريمة بأن اليدف ىو‬
‫القضاء عمى حياة إنسان و اتجاه اإلرادة الى ذلك(‪.)2‬‬
‫‪- 2‬القصد الخاص‪:‬‬
‫في الجريمة ‪ ،‬وىذا القصد يتطمبو‬ ‫القصد الخاص ىو الغاية التي يسعى الجاني إلى تحقيقيا‬
‫القانون في بعض الجرائم إلى جانب القصد العام مثال في جريمة القتل ال يكتفي لقياميا إثبات‬
‫القصد العام و ىو إرادة إتيان السموك و العمم بعدم المشروعية بل أنو يستوجب إثبات توافر نية‬
‫(‪)3‬‬
‫إحداث النتيجة و ىي الوفاة و ىو ما يعني توافر القصد الخاص ‪ ،‬وتوافر ىذا األخير يقتضي أوالً‬
‫وجود العمم و اإلرادة لدى الجاني و ىما عنصري القصد العام بمعنى أن الجريمة التي يتطمب فييا‬
‫القصد الخاص يستمزم توافر أوال العام كشرط أساسي بعد ذلك يأتي القصد الخاص في المرتبة‬
‫(‪)4‬‬
‫الثانية و ذلك في بعض الجرائم مجددة عمى سبيل الحصر‬

‫‪-1‬فريجة حسين‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Dreyer Emmanuel, Droit pénalgénéral,Edition Litec, paris, p517.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Mayaud Yves, op-cit , p278.‬‬
‫‪ -4‬غازي حنون خمف الدراجي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.39‬‬

‫‪17‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫ثانيا ‪:‬من حيث إرادة نتيجة السموك‪:‬‬

‫‪- 1‬القصدالمباشر‪:‬‬
‫ىو عمم يقيني بعناصر الجريمة واتجاه اإلرادة إلى ارتكاب الفعل المجرم مع الرغبة في تحقيق‬
‫النتيجة‪،‬حيث أن تمك الرغبة عندما اتجيت إلى القيام بالفعل اتجيت في نفس الوقت وبشكل مباشر‬
‫إلى تحقيق النتيجة (‪ ،)1‬ولمقصد المباشر صورتين ىما ‪:‬‬
‫القصد المحدد والقصد غير المحدد‪ ،‬فاألول ىو تحديد الشخص المجني عميو كإطالق النار عمى‬
‫شخص محدد يقصد قتمو‪ ،‬أما الثاني تترتب عميو عدة نتائج دون تحديد الشخص المجني عميو(‪.)2‬‬
‫‪- 2‬القصد غير المباشر‪:‬‬
‫ُيطمق عميو كذلك تسمية القصد االحتمالي وه و اقدام عمى نشاط اجرامي معين ‪،‬وىذا السموك يؤدي‬
‫إلى نتيجة وفي بالو أن تمك النتيجة ممكنة الوقوع ال أكيدة ‪،‬بمعنى أن الجاني يخاطر في القيام‬
‫أن الجاني كان يتوقع احتمال وقوعيا ويقبل‬
‫بيذا السموك حيث يريد الفعل و ال يريد النتيجة ‪،‬إالّ ّ‬
‫ىذا التوقع(‪.)3‬‬
‫لكي يتوافر القصد االحتمالي لدى الجاني البد أوالً من قصد مباشر إلى احداث نتيجة معينة‬
‫(‪ ،)4‬و القصد‬ ‫تخالف القانون ‪،‬و إذا انتفى القصد المباشر ُيسأل الجاني عن جريمة غير عمدية‬
‫االحتمالي يقوم عمى عنصرين ىما ‪ :‬توقع حصول النتيجة الجرمية و يراد بو أ ن يتوقع الجاني‬
‫حصول النتيجة كأثر لمفعل الذي يقوم بو ‪،‬حيث قد تقع ىذه النتيجة و قد ال تقع ‪ .‬و الثاني ىو‬
‫قبول النتيجة الجرمية بمعنى أن الجاني ممزم بقبول نتيجة فعمو ميما كانت (‪.)5‬‬

‫‪ -1‬غازي حنون خمف الدراجي‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 40‬‬


‫‪2 -‬‬
‫‪Bouloc Bernard, Droit pénal général, 19e édition, Dalloz , paris, 2005, p242.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Dreyer Emmanuel, op-cit, p539.‬‬
‫‪ -4‬غازي حنون خمف الدراجي ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 43‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.-Bouloc Bernard, op-cit , p243.‬‬

‫‪18‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫‪-3‬القصد الم تعدي ‪:‬‬


‫أن‬
‫يطمق عمى القصد المتعدي حالة تجاوز القصد‪ ،‬يكون ذلك في الجريمة المتعدية القصد ‪ ،‬أي ّ‬
‫النتيجة المتحصمة فاقت التوقع و ذلك عندما يتولد عن السموك اإلجرامي حدث أكثر جسامة من‬
‫ذلك الذي يتوقعو الجاني‪ ،‬كالضرب المفضي إلى الموت ىذه النتيجة ليست متوقعة لدى الجاني‬
‫أن ىذا الضرب أدى بو إلى الموت‪ ،‬وىذه الحالة تعدت‬
‫‪،‬فيو يريد فقط ضرب المجني عميو إالّ ّ‬
‫قصد الجاني(‪.)1‬‬
‫وقد اختمف الفقو حول القصد المتعدي ‪،‬فالبعض يرى أنو صورة ثالثة من الركن المعنوي مستقمة‬
‫إلى جانب القصد و الخطأ‪ ،‬والبعض األخر يعتبره من صورة الخطأ غير العمدي ‪ ،‬حيث يرى رأي‬
‫ثالث أنو بالرغم من وجود خالف بين تجاوز القصد و بين حدوث النتيجة المتجاوزة القصد ‪،‬يجب‬
‫أن تُ َعامل كميا معاممة واحدة من حيث الجزاء فيعاقب الجاني عمى أساس الجريمة العمدية(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫الفرع الثاني‬
‫كيفيةإثبات القصد الجنائي‬
‫يعتبر القصد الجنائي صورة من صور الركن المعنوي لمجريمة أو باألحرى ىو ركن من أركان‬
‫الجريمة ال تقوم بدونو ‪ ،‬بالتالي يمزم إثباتو واقامة دالئل صحيحة عميو دون افتراضو بشكل عشوائي‬
‫حتى يكون ىناك تطبيق سميم لمعدالة(‪.)3‬‬
‫باعتبار القصد نية باطنية ترتبط بنفسية الجاني و نوياه ‪،‬ال تستطيع المحكمة إثباتو مباشرة و إنما‬
‫تتأكد من توافره لدى الجاني عن طريق االستنتاج من المظاىر الخارجية و الظروف المحيطة‬
‫بالجريمة‪ ،‬كاستخدام آلة قاتمة في جريمة القتل مثال فقد يستنتج قاضي الموضوع توافر القصد في‬
‫ىذه الجريمة مثالً من خالل نوع السالح المستخدم كذلك تعدد االصابات أو من خالل وجود عداوة‬
‫سابقة بين الجاني والمجني عميو(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bouloc Bernard, op-cit, p245.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Dreyer Emmanuel, op-cit, p540.‬‬
‫‪ -3‬سمير عالية‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 242‬‬
‫‪ -4‬فريجة حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 48‬‬

‫‪19‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أن ىذه األفعال الخارجية التي يأتييا الجاني و الظروف المحيطة بالدعوى ليست ىي القصد‬
‫إالّ ّ‬
‫بحد ذاتو إنما ىي مجرد قرائن و دالئل تكشف عنو ‪ ،‬فقد تصح مرة وقد تخيب مرة أخرى وقد تم‬
‫ّ‬
‫ترك إثبات القصد الجنائي لقاضي الموضوع الذي يمزم بيانو في الحكم صراحةً أو ضمناً(‪.)1‬‬
‫فيما يخص تحديد وقت توافر القصد الجنائي ف األصل أن يعاصرالسموك االجرامي من‬
‫فيسأل الجاني حينيا عن الجريمة العمدية ألنو توافر لديو القصد‬
‫بدايتو إلى غاية تحقيق النتيجة ُ‬
‫أثناء قيامو بالنشاط االجرامي ‪ ،‬ولكن في بعض األحيان قد يعاصر القصد الجرمي وقت ارتكاب‬
‫السموك دون النتيجة ‪ ،‬ومثال ذلك شخص يطمق النار عمى غريمو بقصد قتمو وبعد اطالق النار‬
‫أن ىذا األخير توفي أثناء نقمو إلى المستشفى ‪ ،‬و العبرة‬
‫شعر بالندم و قام بإسعاف المصاب إالّ ّ‬
‫فيسأل الجاني عن جريمة عمدية ألن‬
‫في ىذه الحالة بتوافر القصد وقت ارتكاب السموك االجرامي ّ‬
‫مسؤوليتو اكتممت و الندم االّحق ال ينفي القصد الجرمي ‪،‬وقد ُيعاصر القصد الجنائي وقت تحقق‬
‫النتيجة أي بعد السموك اإلجرامي ومثال ذلك الصيدلي الذي يخطأ في تركيب الدواء فيضع فيو‬
‫مادة سامة فيكتشف الحقاً أنيا سامة بعد تسميميا لممريض و يرفض تحذيره(‪.)2‬‬
‫في ىذا المثال المقدم فإن القصد الجنائي معاصر لفعل الجاني المتمثل في االمتناع عن‬
‫تنبيو المريض عن المادة السامة الموجودة في الدواء وقد تناوليا المجني عميو وأدت بو إلى الوفاة‬
‫شف الخطأ الذي وقع فيو ولم ينبو المريض‬
‫وفي ىذه الحالة ُيسأل الجاني عن جريمة عمدية إذا اكتُ َ‬
‫قبل وقوع النتيجة ‪،‬أما إذا اكتشف الجاني خطأه قبل تحقق النتيجة و لم يكن قاد اًر عمى تحذير‬
‫المريض أو اكتشف خطأه بعد الوفاة في ىذه الحالة ُيسأَل عن جريمة غير عمدية(‪.)3‬‬
‫قد يتوافر كذلك القصد الجنائي وقت تحقق النتيجة االجرامية كمن يصدم أحد األشخاص‬
‫عدولو فيقتنع بالنتيجة التي تحققت ففي ىذه الحالة ال‬
‫بالسيارة دون قصد ‪،‬بعد ذلك يتبين لو أنو ّ‬
‫ُيعتد بيذا القصد(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬سمير عالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪242‬‬


‫‪ -2‬سمطان عبد القادر الشاوي ‪/‬محمد عبد اهلل الوريكات‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪-4‬سمطان عبد القادر الشاوي ‪/‬محمد عبد اهلل الوريكات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬

‫‪20‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫المبحث الثاني‬

‫الخطأ الجنائي‬

‫األصل في الجرائم أن تكون قصدية واالستثناء تكون عن خطأ‪ ،‬حيث تتجو إرادة الفاعل‬
‫معا (‪ ،)1‬إذ يعتبر الخطأ غير العمدي الصورة الثانية لمركن المعنوي إلى‬
‫باتجاه الفعل والنتيجة ً‬
‫جانب القصد الجنائي الذي يمثل صورتو األولى أي َّ‬
‫أن الركن المعنوي كمبدأ عام لو صورتان‬
‫األولى ىي القصد و الثانية ىي الخطأ غير العمدي‪.‬‬

‫الركن المعنوي في الجريمة غير العمدية يقوم عمى أساس الخطأ غير العمدي وينصرف‬
‫أثره إلى النتيجة اإلجرامية التي يعاقب عمييا القانون‪ .‬تتميز الجريمة غير العمدية عن الجريمة‬
‫العمدية من حيث َّ‬
‫ان األولى الجاني فييا قد أراد النشاط لكنو لم يرد النتيجة بل وقعت بسبب خطأه‬
‫غير العمدي(‪،)2‬أما الثانية َّ‬
‫فإن الجاني قد أراد النشاط و النتيجة معا‬

‫(كمطمب أول ) أما (المطمب الثاني )‬ ‫نتناول في ىذا المبحث مفيوم الخطأ غير العمدي‬
‫ندرس فيو أنواع األحكام الخطأ غير العمدي ‪.‬‬

‫المطمـــب األول‬

‫مفيوم الخطأ غير العمدي‬

‫معظم التشريعات العربية لم تتطرق إلى مفيوم الخطأ غير العمدي بل إكتفت بتحديد‬
‫صوره َّ‬
‫ولعل السَّبب في ذلك يعود إلى الصُّعوبة في جمل ِّ‬
‫كل الحاالت الموجودة ووضع تعريف عام‬
‫لمخطأ غير العمدي يجعل القاضي مقيد بيذا التعريف حيث ال تكون لو الحرية لمتعامل مع الوقائع‬
‫المتغيرة والمعقدة التي تعرض عميو‪.‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيواجي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 42‬‬


‫‪-2‬خمفي عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪21‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫مما يجعمنا ندرس في ىذا المطمب في (الفرع األول) تعريف الخطأ غير العمدي و معاييره ‪ ،‬أما‬
‫في‬ ‫و نتطرق إلى صور الخطأ غير العمدي‬ ‫(الفرع الثاني) عناصر الخطأ غير العمدي‬
‫(الفرع الثالث) ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫تعريف الخطأ غير العمدي ومعاييره‬

‫كما سبق القول ال يوجد تعريف خاص بشأن الخطأ غير العمدي لكن الفقو قد اجتيد بوضع تعار‬
‫يف مختمفة ووضع بعض المعايير التي يمكن األخذ بيا ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ غير العمدي‬

‫عرفو كما يمي‪« :‬عدم اتخاذ‬ ‫الم ِّشرع الجزائر ّ‬


‫ي الخطأ غير العمدي‪ ،‬ولكن الفقو َّ‬ ‫لم ُيعِّرف ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫الضارة التي كان في وسعو توقعيا وتجنبيا»‬
‫ّ‬ ‫الجاني واجب الحيطة والحذر لمنع النتيجة‬

‫عرفو آخر «ىو سموك إرادي ينطوي عمى اإلخالل بواجب الحيطة واالنتباه الذي يفرضو‬
‫كما َّ‬
‫القانون والخبرة اإلنسانية أو الفعمية أو الفنية كان في استطاعتو تجنبيا»‬

‫وىناك من عرفو عمى أنو« اتجاه االرادة الى السموك االجرامي دون قبوليا بتحقق النتيجة‬
‫االجرامية التي يفضي الييا ىذا السموك مع عدم الحيمولة دون وقوعيا » و يترتب عمى ىذا النوع‬
‫من الخطأ وقوع الجرائم غير العمدية‪.‬‬

‫نستنتج من التعاريف السابقة أن كل فعل أو امتناع ارادي ترتبت عميو نتائج لم يريدىا‬
‫الفاعل أ ي عدم قبول النتيجة االجرامية و كان بوسعو تجنبيا و أن االرادة ال تتجو الى النتيجة‬

‫‪ -1‬حمفي عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪22‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫االجرامية و ال ترغب في وقوعيا ‪ ،‬ىذا ما يميز الخطأ غير العمدي عن القصد الجنائي أي أن‬
‫ىذا االخير تتجو فيو االرادة الى النتيجة و قبول تمك االرادة ليذه النتيجة (‪.)1‬‬

‫أىم الجرائم غير العمدية الواردة في قانون العقوبات الجزائري القتل الخطأ المنصوص عميو‬
‫في المادة ‪ 288‬من قانون العقوبات والجرح الخطأ المنصوص عميو في المادتين ‪ 289‬و ‪242‬‬
‫من قانون العقوبات (‪.)2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬معايير الخطأ غير العمدي‬


‫ً‬

‫وىي المعيار الموضوعي المعيار‬ ‫إن خطأ الجاني يعتمد فيو عمى أساس ثالثة معايير‬
‫ّ‬
‫الشخصي و المعيار المختمط‪.‬‬

‫المعيار الموضوعي‬
‫‪- 1‬‬

‫ظر إليو الى ما كان يفعمو‬ ‫َّ‬


‫إن أساس المعيار الموضوعي ىو « الرجل العادي » و ين‬
‫شخص مجرد يتمتع بقدر من الحيطة والحذر لو وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت‬
‫مخطئ(‪،)3‬و يقصد أنصار ىذه‬ ‫بو فان تبين أنو كان بوسعو أن يتجنب النتيجة فانو يعتبر‬
‫النظرية بالظروف الخارجية التي أحاطت بالفعل وقت اقتراف السموك ‪ ،‬كظرف الزمان كما لو‬
‫كان السائق يقود السيارة ليال أو أطفأ النور فجأة وقت وقوع الحادثة حيث أصحاب ىذه النظرية‬
‫ييتمون بالظروف الخارجية التي أحاطت بالجاني وقت اقتراف السموك بالنسبة لمرجل العاديالذي‬
‫تصرف بالحيطة و الحذر و يدخل كذلك في مفيوم الظروف ظرف المكان كما لو كان‬
‫(‪)4‬‬
‫و مفاد ىذا المعيار أن يقاس‬ ‫المكان الذي حدث فيو السموك أو االصابة مكتظ بالناس‬
‫سموك الشخص متوسط الذكاء واالنتباه في المحيط االجتماعي الذي يعيش فيو الجاني فإن قدر‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيواجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.426‬‬


‫‪-2‬راجع المواد ‪ 288،289،242‬من االمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Mayaud Yves, op-cit, p 272.‬‬
‫‪-4‬كامل السعيد‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.282‬‬

‫‪23‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫القاضي أن الشخص المعتاد بالحيطة والحذر سوف يقع في نفس خطأ المتيم مع مراعىات‬
‫(‪)1‬‬
‫و السمطة التقديرية تعود لمقاضي ‪.‬‬ ‫الظروف الخارجية فينتفي الخطأ في حقو‬

‫و النقد الموجو ليذا المعيار أنو ال يحقق العدالة لتفاوت الناس في قدراتيم ألنو ييمل الظروف‬
‫الخاصة بالجاني مثل السن و المرض و الضعف‪....‬الخ باإلضافة الى صعوبة تحديد الرجل‬
‫العادي (‪.)2‬‬

‫‪ 2‬ا‪-‬لمعيار الشخصي‬

‫ينظر أنصار المعيار الشخصي الى الجاني نفسو و ما كان في وسعو أن يتخذه من‬
‫(‪)3‬‬
‫فحسب ىذا المعيار أذ تبين أن‬ ‫الحيطة و الحذر في الظروف الشخصية خاصة أم خارجية‬
‫السموك المفضي لمجريمة كان من الممكن تفاديو لكن نض ار لمظروف و صفات الجاني ال يمكنو‬
‫تفادي الفعل المنسوب اليو فال يعتبر ىنا الفاعل مخطأ اذ ال يمكن مطالبة شخص أكثر من‬
‫(‪)4‬‬
‫قدرتو نض ار لظروفو االجتماعية و ذلك في حدود ثقافتو و سنو و خبرتو‬

‫إ ن تطبيق ىذا المعيار يقوم عمى أساس النظر في سموك الجاني أوال ثم البحث فيما اذا اتخذ‬
‫واجب الحيطة و الحذر أي اذا ما كان يستطيع ان يسمك سموك مغاي ار أم ال‪ ،‬فإذا تثبت أنو‬
‫(‪)5‬‬
‫يستطيع أن يسمك سموكا مختمفا ثبت الخطأ في جانبو‬

‫غير أن ىذا المعيار لم يخمو من النقد مثمو مثل المعيار الموضوعي حيث أنو يؤدي الى‬
‫نتائج غير مقبولة كما أن ىذا المعيار يشوبو الغموض و صعوبة التطبيق فيو يستمزم دراسة واقعية‬
‫لشخصية الجاني و ظروف خاصة بثقافتو و حالتو العقمية و االجتماعية(‪. )1‬‬

‫هفي العموم ‪،‬كمية‬ ‫‪ -1‬طباش عزالدين ‪،‬النظام القانوني لمخطأ غير العمدي في جرائم العنف ‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتو ار‬
‫الحقوق و العموم السياسية ‪ ،‬جامعة مولود معمري ‪،‬تيزي وزو‪،2014،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -2‬عمي عبد القادر القيواجي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 428‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬نظام توفيق المجالي‪ ،‬شرح قانون العقوبات ‪،‬القسم العام [دراسة تحميمية في النظرية العامة ] ‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الثقافة لمنشر‬
‫و التوزيع ‪ ،‬األردن‪ ،2016 ،‬ص ‪.369‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Dreyer Emmanuel, op-cit, p 508.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬عمي عبد القادر القيواجي‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪428‬‬

‫‪24‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫المعيار المختمط‬
‫‪- 3‬‬

‫إن أنصار المعيار المختمط أدمجوا بين المعيار الموضوعي و المعيار الشخصي اذ أن قوام‬
‫ىذا المعيار الرجل العادي متوسط الذكاء الذي ينتمي الى فئة اجتماعية التي ينتمي الييا الجاني‬
‫وفي ظروف خارجية قد تحيط بالجاني السيما ظرف الزمان و مكان النشاط االجرامي و يعتبر‬
‫ىذا الضابط موضوعي في أساسو و أن اثبات الخطأ بحق الجاني أو عدم ثبوتو يرتبط بتوقع‬
‫العناصر الموضوعية حتى يتوفر الدليل عمييا فقدرة الجاني عمى توقع النتيجة االجرامية دليل بقدرة‬
‫الشخص العادي االنتباه عمى توقعيا‪ ،‬مثال اذا كان الجراح ادت جراحتو الى وفاة المريض فان‬
‫قدرتو عمى توقع النتيجة تتحدد بقدرة طبيب جراح متوسط االنتباه من نفس الفئة عمى توقعيا‪ ،‬كما‬
‫يؤخذ في ىذا المعيار الظروف و المالبسات التي صدر فييا السموك أي الظروف الخارجية التي‬
‫تحيط بالجاني و التي تأثر في قدرتو عمى توقع النتيجة ىنا مثل ظرف الزمان والمكان فيذه‬
‫الظروف ىي ظروف عامة ليس لمجاني دخل في انتظاميا فان حصل حادث في طريق صحراوي‬
‫فانو يمكن توقع النتيجة بالنسبة لو كما يمكن لمشخص العادي توقع ىذه النتيجة في مثل ىذه‬
‫الظروف ‪،‬و منو فان معيار الخطأ وفق أنصار معيار مختمط انو معيار موضوعي في أساسو و‬
‫مكوناتو غير أنو يتسع الى بعض العناصر الشخصية اذ ينظر فيو الى الفئة االجتماعية أو‬
‫الييئة أو الحرفة التي ينتمي الييا الجاني أي النظر الى الظروف الشخصية أو الذاتية لمجاني‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 1‬نظام توفيق المجالي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬صص‪.369 ،368‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ص ‪.371 ،370‬‬

‫‪25‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫الفرع الــثــاني‬

‫عناصر الخطأ غير العمدي‬

‫يقوم الخطأ غير العمدي الى جانب المعايير السابقة بتوفر عنصرين ىما أوال اتجاه ارادة‬
‫الجاني الى اتيان السموك برغم من صفة الغموض التي تتصف فييا االرادة في الخطأ الغير‬
‫العمدي عمى خالف إلرادة في جرائم العمد أي تتجو االرادة إلى إتيان السموك و النتيجة فيتمثل‬
‫في توقع النتيجة أو استطاعة توقعيا‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬اتجاه ارادة الجاني الى ارتكاب السموك‬

‫إن اتجاه إرادة الجاني الى ارتكاب السموك شرط عام و الزم في الخطأ و العمد أيضا و أن‬
‫انتفى ىذا الشرط تخمف الركن المعنوي ألن من طبيعة الركن المعنوي أن تتجو ارادة الجاني الى‬
‫اتيان السموك المجرم و عمى ىذا األساس فانو يمزم ارادة الجاني الى احداث النشاط الذي ترتبت‬
‫عنو النتيجة االجرامية (‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬توقع النتيجة أواستطاعة توقعيا‬

‫لمخطأ العمدي صفتان األولى ال يتوقع فييا الجاني النتيجة االجرامية مع أنو كان‬
‫باستطاعتو تجنبيا و كان واجبا عميو ان يتوقعيا أما الثانية فييا يتوقع الجاني النتيجة االجرامية‬
‫لكنو ال يتخذ واجب الحيطة و الحذر لتجنبيا(‪.)2‬‬

‫أ‪ -‬حالة عدم توقع النتيجة االجرامية‬

‫تفترض ىذه الصورة أن الجاني لم يتوقع النتيجة اإلجرامية ولم تتجو إلييا إرادتو وىذا ال يعني‬
‫انعدام الصمة بينيا وبين اإلرادة ألن كان باستطاعة الجاني توقع النتيجة ويجب عميو ذالك ‪ ،‬مثال‬
‫شخص يطمق النار عمى حيوان او طائر في الغابة ثم يصيب انسان ‪،‬غير أن الشخص العادي‬

‫‪ -1‬خمفي عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 226‬‬


‫‪ -2‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات (القسم العام)‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬د س‪ ،‬ص‪.601‬‬

‫‪26‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫متوسط الحيطة و الحذر يمكن لو أن يتوقع مثل ىذه النتيجة و عمى ىذا األساس فان الفاعل‬
‫(‪)1‬‬
‫يترتب الخطأ من جانبو بالنسبة الى الشخص المعتاد و تقوم المسؤولية الجنائية عميو‬

‫ب‪ -‬حالة توقع النتيجة االجرامية وعدم اتجاه االرادة الييا‬

‫في ىذه الحالة الفاعل يتوقع النتيجة لكن يتصور أنو قد يتجنبيا غير أن ىذا التصوريقوده‬
‫الى ارتكاب الفعل المجرم أي الى ارتكاب جريمة غير عمدية و مثال ذلك شخص يقود سيارتو في‬
‫وسط مزدحم بالناس من البدييي أنو يتوقع صدم أحد المارة و مع ذلك يكمل طريقو و في ذىنو‬
‫أنو يستطيع تجنب الحادث نض ار لخبرتو في السياقة ‪ ،‬ىنا اذا ما صدم أحد المارة فيعتبر الفاعل‬
‫الخطأ الواعي ألن الجاني لم تفاجئ بالنتيجة ألنو‬ ‫مسؤوال عن فعمو ‪،‬و يكون ىذا الخطأ من نوع‬
‫كان قد توقعيا و اإلرادة ىنا آثمة ألن الجاني توقع النتيجة و رغم ذلك لم يتخذ القدر الكافي من‬
‫الحيطة و الحذر المذان قد يحدان من وقوع النتيجة ‪.‬‬

‫إن القانون يفرض عمى الفرد أن يكون عمى قدر من الحيطة و الحذر في تصرفاتو الفعمية‬
‫‪،‬و أن يتجنب كل سموك يؤدي بو الى نتيجة اجرامية كما يبين لنا القانون حدود ىذه التصرفات‬
‫(‪)2‬‬
‫و التي يعتبر االلتزام بيا مراعاة لواجب الحيطة و الحذر‬ ‫مع مراعاة القوانين و لوائح المرور‬
‫و تحديد االلتزام بيذه القواعد يرجع الى الرجل العادي في نفس ظروف التي تحيط بالجاني(‪.)3‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫صور الخطأ غير العمدي‬

‫‪ 288‬من قانون العقوبات حيث‬ ‫َّ‬


‫إن صورة الخطأ غير العمدي متعددة ومذكورة في المادة‬
‫تنص عمى ما يمي‪ « :‬كل من قتل خطأ أو َّ‬
‫تسبب في ذلك برعونتو أوعدم احتياطو أو عدم انتباىو‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 601‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل سميمان ‪،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.279‬‬
‫‪ -3‬خمفي عبد الرحمان ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬

‫‪27‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أو اىمالو أو عدم مراعاتو أألنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشير إلى ثالثة سنوات و بغرامة من‬
‫‪ 20000‬إلى ‪ 100000‬دينار»(‪.)1‬‬

‫نستخمص من نص المادة صور الخطأ غير العمدي ‪ ،‬وىي اإلىمال وعدم االنتباه أوال وعدم‬
‫الرعونة ثالثًا‪ ،‬وأخي ار عدم مراعاة األنظمة‪.‬‬
‫ثانيا و ُّ‬
‫االحتراز واالحتياط ً‬

‫أوال‪ :‬اإلىمـــال وعدم االنتبــاه‬

‫االىمال ىو ذلك السموك السمبي الذي يسمكو الجاني و ذلك عن طريق االمتناع أو الغفمة أو‬
‫(‪.)2‬‬
‫عدم اتخاذ االحتياطات الالزمة لتفادي وقوع النتيجة االجرامية‬

‫إ ذ يحدث الخطأ نتيجة موقف سمبي من طرف الجاني نتيجة لترك واجب أو نتيجة امتناع عن‬
‫الممرضة التي‬
‫ِّ‬ ‫تنفيذ أمر ما أو عدم اتخاذ االحتياطات الالزمة التي يدعو إلييا الحذر ‪،‬ومثال ذلك‬
‫بئر مثالً دون أن يضع إشارة‬ ‫تحقن المريض دون أن تجري عميو خبرة الحساسية ‪ ،‬أو كمن ِ‬
‫يحفر ًا‬
‫‪460‬‬ ‫ُّ‬
‫تدل عمى ذلك (‪،)3‬حيث نجد أمثمة كثيرة منصوص عمييا في قانون العقوبات نص المادة‬
‫« يعاقب بغرامة من ‪ 3000‬إلى ‪ 6000‬دج ويجوز أيضا أن يعاقب بالحبس لمدة ثالث أيام عمى‬
‫األكثر كل من أىمل صيانة واصالح أو تنظيف األفران أو المداخن أو المصانع التي تشتعل فييا‬
‫(‪)4‬‬
‫النار »‬

‫و كذلك المالِك الذي َّ‬


‫يتسبب بقتل أو جرح إنسان بسبب إىمالو لعدم وضع اإلنارة عمى‬
‫المواد و األشياء الموجودة في مكان عام‪ ،‬أو عدم اتِّخاذ واجب الحيطة والحذر لحماية من يقترب‬
‫تؤدي إلى وفاة َّ‬
‫الشخص‪.‬‬ ‫باآلالت الخطيرة التي قد ِّ‬

‫‪ -1‬راجع المادة ‪ 288‬من األمر رقم ‪ ،156- 66‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬سمير عالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬صص‪. 251 ، 250‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬محمود نجيب حسني‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.606‬‬
‫‪ -4‬بن شيخ لحسين‪ ،‬مبادء القانون الجنائي العام‪ ،‬دار ىومو‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.100‬‬

‫‪28‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أ و األم التي تترك طفميا بجوار موقد غاز مشتعل فيو ماء ساخن فيسقط عميو و يقتمو‬
‫أو يأخذ سكين ثم يسقط عميو و يتسبب في وفاتو ‪ ،‬أو اىمال حائز الحيوانات و عدم اتخاذه‬
‫االحتياطات الالزمة لمنع خروج ىذه الحيوانات التي قد تسبِّب في أذى َّ‬
‫الناس (‪.)1‬‬

‫ثا ًنيا‪ :‬قمَّة االحتياط و ُّ‬


‫التحــرز‬

‫ينصرف أثر االىمال إلى الحاالت التي يقع فييا الخطأ عن طريق السُّموك الِّسمبي عمى‬
‫عكس قمَّة ُّ‬
‫التحرز الذي بسببو يقع الخطأ عن طريق السُّموك اإليجابي (‪ ،)2‬أي عدم اتخاذ الجاني‬
‫ِّ‬
‫لتجنب وقوع النتيجة االجرامية ‪ ،‬ومثال ذلك األم المرضعة التي تنام بجوار‬ ‫االحتياطات الالزمة‬
‫ابنيا وتنقمَّب عميو أثناء النوم وتقتمو ‪ ،‬وىنا األم ارتكبت جريمة غير عمدية ‪،‬أو صاحب البناء الذي‬
‫ِّ‬
‫ييدم بيتو دون اتخاذ االحتياطات التي قد تسبِّب في قتل أو جرح األشخاص وكذلك سائق السِّيارة‬
‫الذي ينحرف إلى اليسار ويصطدم بسيارة تسير فى األمام و ذلك لعدم اتخاذ االحتياط الالزم‬
‫َّ‬
‫ويتسبب في إصابة من كانوا في السيارة (‪.)3‬‬

‫الرعونة‬
‫ثالثا‪ُّ :‬‬

‫الرعونة لغة تعني الطيش والخفة وسوء التقدير وىي تتمثل في إقدام شخص دون النظر في‬
‫ُّ‬
‫الرعونة ال تختمف كثي ار عن قمِّة‬
‫الفعل و ُّ‬ ‫عواقب األمور وخطورتيا واآلثار التي تنتج عن ذلك‬
‫االحتراز فكالىما ينصرف أثرىما إلى عدم االنتباه والحيطة وسوء التقدير(‪.)4‬‬

‫لكن الفقو اعطى ليا تعريف مستقل وعميو الرعونة تعني االخالل بالقواعد المينية في‬
‫مجال ميني معين فان اقدم شخص عمى اتخاذ سموك او امتنع عنو فيكون في ذلك مخالفا‬
‫القواعد و االصول الفنية لسوء تقديره او لنقص كفاءتو المينية سمي خطا بالرعونة (‪ ،)5‬و مثال‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيواجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ص ‪.434 ،433‬‬


‫‪ -2‬كامل سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪ -3‬عمي عبد القادر القيواجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.435‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪ -5‬عبد القادر عدو‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 201 ،200‬‬

‫‪29‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫ذلك سائق السيارة الذي يوقف سيارتو فجأة فتصدم السيارة التي تسير في الخمف مما يؤدي الى‬
‫اضرار جسيمة و كذلك تتحقق الرعونة بإقدام صاحب المينة بالقيام بعمل من اعمال مينتو و‬
‫ذلك يجيل قواعد ذلك العمل مما يؤدي جيمو الى ضرار ‪ ،‬كالميندس الذي يخطئ في تصميم‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بناء لجيمو لقواعد تصميمو‬

‫رابعا‪ :‬عدم مراعاة القوانين واأل نظمة‬

‫في ىذه الصورة ال يخالف الجاني قواعد مينية او فنية كما ىو الحال بالنسبة لمرعونة‬
‫انما يخالف قاعدة من قواعد القانون التي ليا قوة الزامية ‪ ،‬فيجب عمى كل شخص االلتزام بيذه‬
‫القواعد بمجرد مخالف الجاني لما تنص عميو القوانين و االنظمة يندرج فعمو في صورة الخطأ‬
‫حتى لو انو ال يريد احداث النتيجة التي ينيى عنيا القانون (‪ ،)2‬و تفيد ىذه الصورة عدم تنفيذ‬
‫(‪.)3‬‬
‫القوانين و االنظمة في غالب االحيان لقيام المخالفة و إن لم تترتب عمييا نتيجة إجرامية‬

‫تشمل ىذه الصورة من صور الخطأ غير العمدي مخالفة النصوص التي توضع لمحفاظ‬
‫عمى االمن و النظام و لكفالة الصحة العامة سواء كانت قوانين او لوائح او انظمة سواء كانت‬
‫موجودة في قانون العقوبات ام في غيره من القوانين باإلضافة الى ق اررات االدارة باعتبارىا سمطة‬
‫عامة‪ ،‬من أمثمة تمك الوائح الخاصة بالصحة العامة و قوانين تنظيم المين و الصناعات و قرار‬
‫منح او سحب رخصة السياقة او رخصة احراز السالح(‪.)4‬‬

‫يثور التساؤل في قانون العقوبات الجزائري حول صور الخطأ غير العمدي ىل وردت‬
‫في نص المادة ‪ 288‬قانون العقوبات عمى سبيل الحصر أم عمى سبيل المثال ؟ و الرأي الغالب‬
‫يرى ان الصور المتمثمة في الرعونة و عدم االحتياط و االىمال او عدم االنتباه و عدم مراعاة‬
‫االنظمة قد ورد عمى سبيل الحصر مما يتعين عمى القاضي عندما يحكم في الجريمة الغير‬

‫‪ -1‬أكرم نشأت إبراىيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 287‬‬


‫‪ -2‬سمطان عبد القادر الشاوي ‪ ،‬محمد عبد اهلل الوريكات ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 254‬‬
‫‪ -3‬أكرم نشأت إبراىيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 287‬‬
‫‪ -4‬عمي عبد القادر القيواجي‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 437‬‬

‫‪30‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫(‪)1‬‬
‫لكن في الواقع ال توجد صورة لمخطأ غير العمدي ال تشير الى‬ ‫العمدية ان يتقيد بيذه الصور‪،‬‬
‫تمك الصور المذكورة في المادة ‪ 288‬من قانون العقوبات ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫أنواع الخطأ غير العمدي وأحكام ه‬

‫اختمفت تقسيمات الخطأ غير العمدي ‪ ،‬فيناك من قسَّميا عمى أساس التوقُّع ‪ ،‬أي إذا كان‬
‫الجاني توقَّع الخطأ فيعبر عمى ىذا األخير عمى أنو خطأ واعي أما اذا لم يتوقع الجاني الخطأ‬
‫فيكون الخطأ ىنا غير واعي ‪ ،‬غير أن تقدم الدراسات جعمت لمخطأ تقسيم أخرى أكثر أىمية الذي‬
‫ىو تقسيم الخطأ إلى جسيم و يسير و خط أ جنائي و مدني و كذلك تقسيم الخطأ إلى خطأ عادي‬
‫و خط أ فني و قد تعددت أحكام الخطأ غير العمدي فيما يخص إثباتو و مما يجعمنا ندرس في‬
‫ىذا المطمب أنواع الخطأ غير العمدي (كفرع أول) و اثبات الخطأ (كفرع ثاني) و أخي ار حكم تعدد‬
‫الخطأ في (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع االول‬

‫أنواع الخـــطأ غير العمــدي‬

‫كما سبق القول أن لمخطأ عدة تقسيمات ندرس منيا فقط تقسيم الخطأ الى خطا جسيم و يسير‬
‫أوالً الخطأ الجنائي و الخطأ المدني ثانياً و خطأ عادي و خطأ فني ثالثًا ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الخـــطأ اليسير و الخطأ الجسيم‬

‫أن ىذا التقسيم لو أىمية كبيرة في‬


‫يجب التمييز بين الخطأ اليسير و الخطأ الجسيم ‪ ،‬حيث ّ‬
‫مجال المسؤولية الجزائية حيث يشترط توافر الخطأ الجسيم لقيام المسؤولية الجنائية بخالف‬
‫الضرر تقوم المسؤولية بغض النظر اذا ما كان ىذا الخطأ‬
‫المسؤولية المدنية أذ بمجرد حصول ّ‬
‫أن غالب الفقو ال يؤيد ىذا الرأي مشي ار إلى أن كال من الخطأ الجسيم واليسير‬
‫جسيما أو يسي ار إال ّ‬

‫‪ -1‬خمفي عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ص ‪.147 ،146‬‬

‫‪31‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫يرتبان المسؤولية المدنية والجنائية وىناك من يقول أن العبرة في تقدير الخطأ ىو إمكان توقع‬
‫النتجة المترتبة عن الفعل‪ ،‬المشرع الجزائري في ىذا الصدد لم يميز بين الخطأ اليسير و الخطأ‬
‫(‪)1‬‬
‫إ ذ يعتبر‬ ‫‪،‬و تعود السمطة التقديرية لمقاضي في تقدير نوع الخطأ‬ ‫الجسيم في قانون العقوبات‬
‫مسلة موضوعية في ظل ظروف ووقائع القضية ‪،‬و يعتبر الخطأ مع التوقع خطأ‬
‫الخطأ الجسيم أ‬
‫أنو‬ ‫اإلجرامية لسموكو ‪،‬لكنو تصور في ذىنو‬ ‫جسيم‪ ،‬حيث يتحقق إذا توقع الجاني النتيجة‬
‫أنو اكمل في ذلك ‪ ،‬مثل‬ ‫سيتجنبيا‪ ،‬يكون الخطأ ىذا جسيم لعمم الجاني بخطورة سموكو غير‬
‫إنسانا و‬ ‫السائق الذي يقود السيارة بسرعة زائدة عن الحدود في طريق مزدحم بالناس فيصدم‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬و ىناك من يقول أن مجال الخطأ الجسيم يكون في نطاق القانون الجنائي ألن بو‬ ‫يقتمو‬
‫تترتب المسؤولية الجنائية أما الخطأ اليسير فمجالو في نطاق القانون المدني ألن قيام المسؤولية‬
‫(‪.)3‬‬
‫المدنية ال يتطمب القانون خطا جسيم اي بمجرد حصول الضرر تقوم المسؤولية‬

‫و لمتفرقة بين الخطأ الجسيم و الخطأ اليسير يستوجب وضع معيار لمتمييز بينيما فمعيار‬
‫الرجل العادي ال يصمح لمتمييز بين الخطأ الجسيم و الخطأ اليسير ألن ىذا المعيار يصمح إلثبات‬
‫الخطأ لكن ىناك معيار أخر يعتمد عميو و ىو أن الخطأ الجسيم خطا واضح لدرجة أنو يتوقعو‬
‫فنو أقل وضوحا إذ باستطاعة الشخص العادي توقعو بحيث تتطمب‬
‫أي شخص أما الخطأ اليسير إ‬
‫(‪.)4‬‬
‫استطاعة توقعو تبص ار غير عادي‬

‫إ ال أنو يظير في ىذا المعيار فيو نوع من الغموض فيصعب التفرقة فيو بين الخطأ الجسيم‬
‫و الخطأ اليسير فكالىما خطأن واضحان‪.‬‬

‫أن المعيار األفضل ىو‬


‫حيث ال يوجد ما يسمى بخطأ واضح و خطا قميل الوضوح إذ ّ‬
‫معيار الرجل العادي متوسط الحيطة و الحذر ‪ ،‬ويكفي التمييز بين الخطأ الذي يمكن االعتداد بو‬

‫‪ -1‬معوض عبد التواب‪ ،‬الوسيطفي شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ‪ ،‬ط‪ ،10‬مكتبة عالم الفكر والقانون لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫طنطا‪،2004،‬ص‪.53‬‬
‫‪-2‬أكرم نشأت إبراىيم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل سميمان ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 282‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 282‬‬

‫‪32‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أن عدم وجود معيار موحد لمتفرقة بين الخطأ الجسيم و الخطأ‬
‫و الخطأ الذي ال يعتد بو غير ّ‬
‫يسير أم جسيما مسئوال جزئيا و تعود‬
‫اليسير فالقانون يعتبر كل من أخطا سواء كان ىذا الخطأ ًا‬
‫السمطة التقديرية لمقاضي(‪.)1‬‬

‫ثانيا ‪:‬الخطأ الجنائي و الخطأ المدني‬

‫ىناك من الفقو من قسم الخطأ الجنائي و الخطأ المدني عمى أساس أنو إذا ما كان الخطأ‬
‫نظر لخطورتو أما اذا كان الخطأ يسي ار و‬
‫جسيما فانو يرتب مسؤولية جنائية أي أنو خطأ جنائي ًا‬
‫بسيطا بحيث يترتب مسؤولية مدنية و يعتبر خطا مدني و يقدر فيو التعويض نسبة الى الضرر‬
‫(‪.)2‬‬

‫لقد أيد أنصار ىذا الرأي موقفيم عمى أن ىناك اختالف بين المسؤولية الجنائية و المدنية‬
‫حيث ان المسؤولية الجنائية تيدف إلى الردع و ذلك عن طريق كشف شخصية المتيم الخطير‬
‫الذي يرتكب خطأجسيم‪ ،‬أما المسؤولية المدنية و ضيفتيا إعادة التوازن بين الذمم المالية و ذلك‬
‫بتقدير تعويض عمى كل خطا يسبب لمغير ضر ار ماديا كان او معنويا و ىو جزاء اخف من‬
‫العقوبة الرادعة (‪)3‬و أ ن الجريمة الجنائية يقررىا نص جنائي عمى سبيل الحصر في قانون‬
‫العقوبات و في القوانين المكممة أما الجريمة المدنية تنشأ عن كل خطأ شخصي سواء كان يسي ار أو‬
‫جسيما لقيام المسؤولية المدنية ‪ ،‬غير ان في اغمب الحاالت يترتب قانون العقوبات المسؤولية عمى‬
‫أ ساس القصد الجنائي و يكتفي القانون المدني لقيام المسؤولية بخطأ شخصي في صورة االىمال‬
‫أ و عدم االحتياط و لكن ىناك أين تكون المسؤولية المدنية و جنائية باإلىمال و عدم االحتياط‬
‫(‪.)4‬‬
‫كالقتل الخطأ و الجرح الخطأ‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.281‬‬


‫‪ -2‬خمفي عبد الرحمان ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Dreyer Emmanuel, op-cit, p502.‬‬
‫‪4‬‬
‫عدو‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.203 ،202‬‬
‫‪ -‬عبد القادر ّ‬

‫‪33‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫والسؤال يطرح نفسو ىل يمكن لمقاضي المدني أن يقر بوجود خطأ مدني في حين خمص‬
‫القاضي الجنائي بعدم وجود خطأ جنائي ؟‬

‫ىذا ما يجعمنا نتحدث عن ازدواجية الخطأ ووحدتو ‪ ،‬ىناك اتجاىين يتنازعان في معالجة الخطأ‬
‫الجنائي و الخطأ المدني االتجاه األول يرمي الى التفرقة بين الخطأ المدني و الجنائي اي ازدواجية‬
‫الخطأ و أسسوا رأييم عمى أن الخطأ ميما كان يسي ار يكفي لقيام المسؤولية المدنية أما المسؤولية‬
‫الجنائية فيجب ان يكون الخطأ جسيما (‪.)1‬‬

‫أما االتجاه الثاني ىو اتجاه حديث يرمي لوحدة الخطأ الجنائي و المدني إذ أيدوا فكرتيم‬
‫معا و ليس شرط ان يكون‬
‫أن الخطأ اليسير كاف لقيام المسؤولية المدنية و الجنائية ً‬
‫عمى أساس ّ‬
‫الخطأ جسيما لقيام المسؤولية الجنائية (‪.)2‬‬

‫فنظرية وحدة الخطأ من نتائجيا أنو إذا توبع شخص أمام القضاء الجنائي الرتكابو جريمة‬
‫غير عمديو في صورة االىمال أو عدم االحتياط و صدر الحكم في حقو بالبراءة فال يكون لمضحية‬
‫حق في طمب التعويض أمام القاضي المدني‪ ،‬ألن اعتراف بوجود خطا مدني يناقض مع قرينة‬
‫‪ 316‬من قانون االجراءات‬ ‫البراءة‪ ،‬لكن ىناك استثناء متعمق بمحكمة الجنايات في نص المادة‬
‫الجزائية حيث تنص عمى ما يمي «بعد ان تفصل المحكمة في الدعوة العمومية دون اشراك‬
‫المحمفين في طمبات التعويض المدني المقدمة سواء من المدعي المدني ضد المتيم المحكوم‬
‫(‪)3‬‬
‫بالبراءة ضد المدعي المدني و تسمع أقوال النيابة العامة و أطراف الدعوى»‬

‫حسب نص ىذه المادة ُيستخمص أن المشرع الجزائري خول لمحكمة الجنايات والمحاكم المدنية ان‬
‫تقضي بوجود خطا حتى لو صدر حكم بالبراءة و ذلك بالتعويض لكل من الضحية او المتيم‬
‫المحكوم عميو بالبراءة ‪ ،‬كما توجد حالة خاصة متعمقة بالتعويض في حوادث المرور حيث قضت‬
‫المادة ‪ 8‬من األمر رقم ‪ 75-15‬التي تنص عمى ما يمي "ال تمنع القاضي الجزائي من الفصل في‬

‫‪-1‬كامل السعيد‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.295‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Dreyer Emmanuel, op-cit, p499 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬راجع المادة ‪ 316‬من األمر رقم ‪ ،155-66‬المرحع السابق ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫الدعاوى المدنية و منح التعويضات لمطرف المدني حتى ولو استفاد المتيم بالبراءة ‪،‬ذلك أن نظام‬
‫(‪)1‬‬
‫التعويض لضحايا حادث المرور وذوي حقوقيم أصبح يخضع الى نظرية الخطر و ليس الخطأ‪،‬‬
‫حيث سمحت لممدعي في حالة الحكم ببراءة المتيم المطالبة بالتعويض ألن التعويض في حوادث‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫المرور مبني عمى أساس الخطر وليس الخطأ‬

‫ثالثا‪ :‬الخطأ العادي و الخطأ الفني‬

‫الخطأ العادي ىو ذلك الخطأ الذي يتحقق بسبب االخالل بواجب الحيطة و الحذر في ظروف‬
‫خارجية خاصة بكافة الناس وذالك باتخاذ العناية الالزمة عند قيام بسموك معين لمتجنب نتيجة غير‬
‫مشروعةأما الخطأ الفني ىو ذلك السموك االجرامي الذي يسمكو أىل المين و الفن و ذلك بالخروج‬
‫عن القواعد العممية و الفنية مثل الطب و الصيدلة و مينة المحاماة (‪.)3‬‬

‫إن التمييز بين الخطأ الفني و الخطأ العادي جعل رأي من الفقو بالقول بعدم مساءلة أىل‬
‫ّ‬
‫أن‬ ‫ولذلك قد أيدوا فكرتيم عمى‬ ‫الفن عن خط أىم أ ي عدم تقرير المسؤولية عن الخطأ الفني‪،‬‬
‫مساءلة أىل الفن عن أخطائيم يؤدي الى عرقمة التقدم العممي لعدم اطمئنانيم و تيديدىم بالمسائمة‬
‫الجنائية‪ ،‬لكن ىذا الرأي قد يحد من حقوق االفراد و مصمحة المجتمع و أن حماية مصمحة االفراد‬
‫و خاصة المجتمع تعود الى مسؤولية أىل الفن عن اخطائيم و تيديدىم بالعقاب يجعميم اكثر‬
‫حرص ويقظة عن ممارسة اعماليم المينية ‪،‬و ىناك من يقول يجب مسائمة اىل الفن عن أخطائيم‬
‫الجسيمة فقط و ذلك لتحقق التقدم العممي من طرفيم ومساعدة القاضي في تقرير المسؤولية عن‬
‫األخطاء الفنية التي قد تكون بعيدة عن تخصصو و عدم البحث عن األخطاء اليسيرة او البسيطة‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بزامية التأمين عمى السيارات و نظام التعويض‬
‫‪ -‬راجع المادة‪ 8‬منأمر رقم ‪ 15-74‬مؤرخ في ‪ 1974-01-30‬متعمق إل‬
‫عن األضرار ‪،‬ج ر‪ ،‬عدد‪ ، 15‬الصادرة في ‪ 1974-02-19‬و المعدل بقانون ‪31-88‬المؤرخ في ‪، 1988-07-19‬ج‬
‫ر عدد‪ 29‬الصادرة في ‪. 1988-07-20‬‬
‫‪2‬‬
‫عدو ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.205 ،203‬‬
‫‪ -‬عبد القادر ّ‬
‫‪ -3‬محمد عبد التواب‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.57‬‬
‫‪ -4‬عمي عبد القادر القيواجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.442،441‬‬

‫‪35‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫بخالف ذاك يرى اغمب الفقياء انو يجب مسائمة اىل الفن عن اخطائيم سواء كانت جسيمة‬
‫أو بسيطة و يروا أنو ال جدوى من التفرقة بين الخطأ الفني و الخطأ العادي التي ال سند ليا من‬
‫القانون و تقدير الخطأ ال يصعب في ذلك لمقاضي ألن لكل عمم و فن قواعد مستقرة يمكن‬
‫لمقاضي معرفتيا و حتى االستعانة بخبير (‪.)1‬‬

‫من ىنا يمكن القول أن التفرقة بين الخطأ الفني و الخطأ العادي من الصعب تطبيقو حيث‬
‫قد يكون الخطأ الفني في نظر البعض خطأ عادي و مثال ذلك الطبيب الذي يترك قطعة قماش‬
‫في بطن المريض أثناء العممية و قد يتبادر في الذىن أنو خطأ عادي (‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫اثبات الخطأ الغير العمدي‬

‫إن إثبات الخطأ في الجرائم غير العمدية يقع عمى عاتق النيابة العامة وعمى القاضي بيان‬
‫صور ىذا الخطأ في حكمو و ذلك باالعتماد عمى الوقائع و األدلة المقنعة و يجب عميو أن يبني‬
‫حكمو عمى قواعد منطقية و ال يخالف في ذلك تعريف الخطأ الذي يعتد بو في المسائل الجنائية و‬
‫المدنية (‪.)3‬‬

‫‪ 288‬من قانون‬ ‫فإن كان خطأ الجاني توفرت فيو الصور المنصوص عمييا في المادة‬
‫(‪)4‬‬
‫فن سموكو يشكل مخالفة‬
‫و ىي االىمال و الرعونة و عدم االحتياط و عدم االنتباه إ‬ ‫العقوبات‬
‫فن القاضي‬
‫أو عدم توقعيا‪ ،‬إ‬ ‫لقواعد عامة بغض النظر إذا ما كان ىناك توقع لمنتيجة اإلجرامية‬
‫مقيد بتطبيق نص المادة و إسناد حكمو عمى أساسيا ‪.‬‬

‫‪ -1‬اكرم نشأت ابراىيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 289‬‬


‫‪ -2‬كامل السعيد ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.287‬‬
‫‪ -3‬اكرم نشأت ابراىيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 294‬‬
‫‪ -4‬راجع المادة ‪ 288‬من األمر ‪ ،155-66‬المرجع السابق ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫أما فيما يخص مخالفة القواعد الخاصة مثل القوانين و االنظمة و التعميمات فإن ىذه‬
‫القواعد تفرض بحد ذاتيا واجب الحيطة و الجذر عمى االشخاص و عمييم ينصب واجب االلتزام‬
‫بالتصرف المنصوص عمييا و مخالفة ىذه النصوص يشكل خطأ ‪ ،‬و االحتجاج بأن الشخص لم‬
‫يخل بواجب الحيطة و الحذر ال يمنع الجاني من االعفاء من المسؤولية ‪ ،‬فعميو ان يتوقع النتائج‬
‫التي جاءت القاعدة عمى منعيا (‪.)1‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫حكم تعدد االخطاء‬

‫قد يحدث احيانا أن تقع النتيجة االجرامية بسبب خطأين يقترفيما شخصان إذ يأتي كل‬
‫أحدىما‬ ‫منيما بفعل مجرم في القانون ‪ ،‬حيث يعتبر كالىما مسؤوال عن الخطأ و ال ينفي‬
‫أي تبعا لمعقوبة المقررة لمفعل المسند إليو‬ ‫المسؤولية عن االخر ‪ ،‬لكن قد يختمف نوع المسائمة‬
‫الخطأ (‪.)2‬‬

‫و ال يمكن القول أن الخطأ أحدىما ينفي المسؤولية اآلخر ألن كل من ساىم في إحداث‬
‫النتيجة االجرامية يعتبر مسؤوال عن فعمو ‪ ،‬مثال ذلك الشخص الذي يسمم سيارتو لشخص اخر‬
‫ويعمم انو ال يممك رخصة سياقة و ىذا االمر مخالف لقواعد المرور فإذا ما أخطأ سائق السيارة‬
‫وتسبب بقتل أحد المارة فينا كال من مالك السيارة و سائق السيارة يعتبران مسؤوالن جنائيا عن‬
‫جريمة قتل الخطأ ‪ ،‬أو كما لو قام كل من الشخصين بصدم المجني عميو بسيارتو الخاصة و أدى‬
‫ذلك الى وفاتو و ان تبين أن احد الشخصين لم تكن لو عالقة بوقوع النتيجة االجرامية ’ كان‬
‫الشخص أخر مسؤوال وحده عن ذلك (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬م حمد حماد الييتي‪ ،‬الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية‪ ،‬ط ‪،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع ‪ ،‬األردن ‪ ،2005،‬ص ص‬
‫‪.78 ،76‬‬

‫‪ -2‬كامل السعيد ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 284‬‬


‫‪ -3‬نضام توفيق المجالي ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.272‬‬

‫‪37‬‬
‫مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركه معنوي‬ ‫الفصــــــل األول‬

‫كما أنو تنتفي المسؤولية الجنائية بسبب خط أ المعني عميو و حتى إن كان صدر خطأ من‬
‫المتيم و لكن بشرط ان تكون ىناك عالقة بين الخطأ و النتيجة و مثال ذلك الشخص الذي يقود‬
‫سيارتو دون رخصة وكان يحسن السياقة و رعى في ذلك كل االحتياطات االزمة و فجأة ألقى‬
‫شخص نفسو أمام السيارة و أصيب بجروح ىنا سائق السيارة ال يسأل عن إصابة المجني عميو ‪،‬‬
‫لعدم وجود عالقة سببية يبين خطأ السائق المتمثل في عدم حيازتو لرخصة السياقة و اصابة الجني‬
‫عميو(‪.)1‬‬

‫‪-1‬أكرم نشأت إبراىيم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 292‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫عدم لزوم إثبات الركن المعنوي‬


‫لقيام الجريمة‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بعد أن استعرضنا في الفصل األول صور الركن المعنوي المتمثمة في القصد الجنائي وىو‬
‫الصورة المألوفة لمركن المعنوي في الجنايات والجنح ويعتبر أعمى مراتب الخطأ بإعتباره ينطوي‬
‫عمى إرادة الفعل ونتيجتو أو اإلمتناع عنو‪ ،‬والخطأ غير العمدي وىو صورة الركن المعنوي في عدد‬
‫جراء النتائج التي ترتبت‬
‫معين من الجرائم ويشير إلى مساىمة نفسية غير عمدية من قبل الجاني ّ‬
‫عمى فعمو أو امتناعو)‪.(1‬‬

‫حد ما وليست‬
‫ومنو نستنتج فكرة الجريمة بدون ركن معنوي‪ ،‬إالّ أن ىذه الفكرة نسبية إلى ّ‬
‫مطمقة حيث أنو نجد بعض الجرائم تقوم بمجرد توافر ركنيا المادي فقط‪ ،‬بالتالي سيطرة الجانب‬
‫متقمصا وىذا يعني الخروج عن مبدأ الجريمة‬
‫ً‬ ‫المادي عمى ىذه الجرائم جعل الركن المعنوي فييا‬
‫بدون ركن معنوي وىذا ما سنتطرق لو في الفصل الثاني من بحثنا؛ وفيو نعرف في (المبحث‬
‫األول) فكرة الخطأ المفترض وبعض تطبيقاتو في القانون‪ ،‬ونخصص(المبحث الثاني) لطبيعة‬
‫الركن المعنوي في المخالفات‪.‬‬

‫‪ -1‬م حمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬الجرائم المادية وطبيعة المسؤولية الناشئة عنيا‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪1997 ،‬‬
‫ص‪.130‬‬

‫‪39‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‬

‫افتراض الخطأ كصورة لعدم لزوم إثبات الركن المعنوي‬

‫القاعدة العامة في القوانين العقابية تستند إلى المبدأ الدستوري شخصية العقوبة أي شخصية‬
‫المسؤولية الجزائية‪ ،‬ومقتضيات تطبيق ىذه القاعدة إثبات أن من ُيسأل عن جريمة ما البد أن‬
‫يكون قد صدر عنو فعل يخالف القانون يجعمو فاعال أو شريكا في الجريمة‪ ،‬أو تكون إرادتو قد‬
‫إتجيت عمى نحو يقوم بو الركن المعنوي بمعنى إرادة الفعل وتحقيق نتيجة وذلك عن عمم؛ لكن قد‬
‫يخرج المشرع عن ىذه القاعدة عمى وجو الخصوص بصدد إثبات الخطأ فيفترض وجوده ويعاقب‬
‫عميو شخص دون توافر أي قصد ودون إمكانية نفي الخطأ(‪.)1‬‬

‫األمر الذي تطمب دراستو في ىذا المبحث بحيث سنتناول في (المطمب األول) المقصود‬
‫بافتراض الخطأ وفي(المطمب الثاني) نتطرق إلى تطبيقات فكرة الخطأ المفترض‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫المقصود بفكرة افتراض الخطأ‬

‫الخطأ المفترض بصورتيو العمدية وغير العمدية‪ ،‬إما أن يفترضو القضاء وذلك يكون في‬
‫بعض الجرائم في نطاق إثبات ركنيا المعنوي‪ ،‬وا ّما أن يكون المشرع ىو الذي نص عمى ىذه‬
‫القرينة واألمر في كمتا الحالتين يترتب عميو اإلعفاء من إقامة الدليل عمى ثبوت الخطأ في حق‬
‫الشخص المسؤول‪ ،‬مما يؤدي إلى القول بأن واقع الخطأ المفترض ىو نقل عبئ اإلثبات من الجية‬
‫المختصة بو إلى المتيم الذي عميو أن ينفي ثبوت الخطأ في حقو وذلك في حدود القانون(‪.)2‬‬

‫وقد قسمنا ىذا المطمب إلى فرعين خصصنا (الفرع األول) لتعريف الخطأ المفترض‬
‫واالختالف الفقيي بشأنو و(الفرع الثاني) لمبررات الخطأ المفترض‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد حماد الييتي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪40‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‬

‫تعريف الخطأ المفترض واالختالف الفقهي بشأنه‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ المفترض‪:‬‬

‫يعني الخطأ المفترض ‪la faute présumée‬عقاب الجاني لمجرد إرتكابو النشاط المؤثم‬
‫قانونا أو اإلمتناع عن إثبات فعل يمزم القانون إثباتو دون أن يتوافر لديو نية تحقق النتيجة‬
‫المحضورة قانونا‪ ،‬ودون أن تنصرف إرادتو لمنتيجة‪ ،‬والخطأ المفترض بذلك مثل جريمة تكاد تفتقر‬
‫إلى الركن المعنوي‪ ،‬ويعتبر من ضروب المسؤولية المادية البحتة أو المسؤولية الموضوعية(‪.)1‬‬

‫والخطأ المفترض إما أن يكون بالصورة العمدية ويأخذ وصف العمد المفترض أو أن يكون‬
‫بصورة الغير العمدية ويأخذ وصف الخطأ غير العمدي المفترض‪ ،‬وحيث أن واقع الخطأ المفترض‬
‫يتمثل بنقل عبئ اإلثبات عمى عاتق الجية المكمفة بإثباتو إلى جية المتيم‪ ،‬فإن الخطأ الفترض‬
‫يمكن أن نعرفو ذات الخطأ بأحد صورتيو العمدية أو غير العمدية‪ ،‬غير أنو إتصف بيذا الوصف‬
‫من إفتراض ثبوتو في جانب المتيم واعفاء القضاء من إقامة الدليل عميو واثباتو‪ ،‬فالقضاء ال يقيم‬
‫الدليل عمى وجوده وىذا يعني أن ىناك قرينة في صالح اإلثبات تنسب الفعل إلى نفسية الفاعل أو‬
‫بمعنى أدق أن الخطأ ثابت بحق المتيم وال يقبل إقامة الدليل عمى ثبوتو من الجية المكمفة بذلك‬
‫فالخطأ المفترض يعني أن ىناك قدر من خطأ ثابت في جانب المتيم ويقع عبئ ىذا القدر عمى‬
‫المتيم(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختالف الفقهي بشأن الخطأ المفترض‪:‬‬

‫ثار جدل فقيي حول الخطأ الفترض من حيث وجوده‪ ،‬فتقمص ىذا األخير جعل البعض‬
‫يعتقد بعدم وجوده‪ ،‬فإنو يمكن الكشف عنو من خالل دراسة ىذين الرأيين‪:‬‬

‫‪ -1‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لقانون العقوبات (دراسة مقارنة)‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص‬
‫ص ‪.576 ،575‬‬
‫‪ -2‬محمد حماد الييتي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.129 ،128‬‬

‫‪41‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الرأي األول‪ :‬يرى أن الخطأ المفترض مقترن بتوافر األىمية لدى الشخص الذي يقترف‬
‫الخطأ‪ ،‬بحيث أن ىذه األىمية مفترضة بمعنى أنو ال يمكن التطرق إلى الخطأ المفترض دون أن‬
‫تتوافر أىمية اإلسناد؛ ويترتب عمى ذلك عدم توافره في الحاالت التي تنعدم فييا األىمية كصغر‬
‫السن والجنون واإلكراه؛ باعتبار أن كل جريمة ولو كانت مادية تفترض تمتع مرتكبييا باإلرادة‬
‫الحرة(‪.)1‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬يرى أن قرينة الخطأ المفترض ليست مطمقة بحيث ىناك فرصة لنقضيا‬
‫باعتبار أنو ىناك جرائم يرتكبيا الجاني وىو في حالة الغمط الحتمي الذي يتجاوز قدرات التوقع‬
‫لدى اإلنسان شديد الحرص والتدقيق‪ ،‬وفي ىذه الحالة من الغمط فإن القضاء يصرح بانتفاء الجريمة‬
‫وىذا ما أخذبو القضاء الفرنسي‪ ،‬كما أنو ىناك فرصة لتخمص الجاني من العقوبة إذا أثبت أنو لم‬
‫يرتكب الخطأ‪ ،‬بمعنى أنو ينفي الخطأ عنو وىذا يعفيو من المسؤولية إذا ثبت أنو اتخذ كافة‬
‫االحتياطات الالزمة لتجنب ارتكاب أي جريمة(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫مبررات إفتراض الخطأ‬

‫نتطرق إلى بعض الحجج التي قيمت في صالح إفتراض الخطأ وأنو بالرغم من الصعوبات‬
‫التي تصادفيا فكرة الخطأ المفترض إال أنو يجب التمسك بيا‪ ،‬ومن بين الحجج نذكر منيا‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.146‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫‪42‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ _1‬ضمان تنفيذ العقوبة‪:‬‬

‫اتجو معظم الفقو إلى القول بأن العقوبة في القانون الجنائي ال تسمط إال إذا صدر خطأ من‬
‫الجاني‪ ،‬بمعنى أن العقوبة ال تفرض إال مقابل خطأ و ىذا الخطأ يكون مفترض ال يتم إثباتو من‬
‫قبل سمطة االتيام ألنو ثابت بالواقعة المادية ‪،‬و تتجو نظرة الفقو إلى أن الجزاء الجنائي أو العقوبة‬
‫ىو مقابل تعويضي تفرضو العدالة عمى المجرم بيدف إصالحو و تقويمو و يكون عبرة لباقي‬
‫األفراد في المجتمع و لغيره من المجرمين ‪،‬و تبعا لممنطق فالعقوبة ال تفرض عمى الشخص الذي‬
‫ارتكب سموك ليس مخالف لمقانون وال تقع عميو المسؤولية في ذلك ‪،‬إنما تكون العقوبة مفروضة في‬
‫حالة ما إذا ارتكب الشخص خطأ يقع الموم عميو و يستحق العقاب من أجمو)‪.(1‬‬

‫‪ _2‬التنظيم المسبق لقاعدة الحيطة والحذر‪:‬‬

‫إن المشرع إفترض درجة من الحيطة والحذر ألصحاب المين أو صنعة معينة‪ ،‬مما يدفعيم‬
‫إلى التثبت دائما من مصدر المواد التي يتعاممون بيا‪ ،‬ويبدو ما يدفع المشرع لفرض ىذا النمط ىو‬
‫محاولة قمع الغش الذي يصيب السمع التي ليا مساس مباشر بحياة اإلنسان‪ ،‬وذلك بفرض‬
‫إجراءات عقابية مشددة‪ ،‬إذ من يعمم أنو سينال عقاب القانون‪ ،‬حينئذ يبذل قصارى جيده لتفادي‬
‫ىذا الغش(‪.)2‬‬

‫‪ _3‬الخطر االجتماعي لبعض الجرائم‪:‬‬

‫الجرائم بصورة عامة تمحق الضرر بالمجتمع‪ ،‬غير أن نمط من الجرائم كالجرائم اإلقتصادية‬
‫بصورة خاصة تمحق الضرر بالمجتمع مباشرة كذلك كان التشديد في المسؤولية بإقامتيا عمى قرينة‬
‫مفترضة في جانب المسؤول مع إتساع نطاقيا لينال غير من ساىم باقترافيا بصورة مباشرة(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫‪ -2‬محمد حماد الييتي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.116 ،114‬‬

‫‪43‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ _4‬ضمان االلتزام بالنصوص القانونية‪:‬‬

‫إن من أىم مبررات إفتراض الخطأ ىو ضمان إلتزام بالنصوص القانونية وبصفة خاصة‬
‫القوانين واألنظمة التي تنظم الصناعة والعمل بحيث يكون مسؤول جنائيا عن اإلخالل بيده‬
‫النصوص‪ ،‬لذلك إذا عمم المسؤول أنو سيسأل عن كل جريمة ترتكب من قبل من يعمل تحت‬
‫إشرافو‪ ،‬فال شك أنو سيحاول ضمان عدم وقوع أي جريمة‪ ،‬بل يبذل الجيد لعدم وقوعيا(‪.)1‬‬

‫‪ _5‬حسن السياسة الجنائية‪:‬‬

‫عدة وسائل‪ ،‬حتى ولو إقتضى األمر الخروج عمى‬


‫لمقوانين الجنائية أىداف تعتمد عمى ّ‬
‫القواعد العامة‪ ،‬فالمشرع ال يفرض الخطأ فحسب بل يقرره كقاعدة عامة امتناع المسؤولية من كان‬
‫فاقد اإلرادة وقت إرتكاب الجريمة إالّ أنو قد خرج عن ىذه القاعدة فيفرض مسؤولية الشخص عن‬
‫الجريمة التي يرتكبيا حتى وان كان فاقد اإلدراك واإلرادة وذلك في حالة السكر أو المخدرات‪ ،‬وىذا‬
‫األمر مقبول ومبرر عمى أساس مكافحة لممسكرات والمخدرات التي ىي سبب الجرائم(‪.)2‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫تطبيقات فكرة الخطأ المفترض‬

‫تتعدد الجرائم التي تقوم قانونا دون حاجة إلى توافر الركن المعنوي فييا وقد يختمف الفقو‬
‫حول تبريرىا باعتبارىا جرائم قميمة األىمية أو ذات عقوبة تافية‪ ،‬لكن ذلك ال ينفي حقيقة كثرة‬
‫تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات واعتباره أساسا لجرائم جسيمة في بعض األحيان(‪.)3‬‬

‫السابق‪.117،‬‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬محمد حماد الييتي‪،‬المرجع‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.118،119‬‬
‫‪ -3‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.577 ،576‬‬

‫‪44‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد خصصنا ىذا المطمب لدراسة ىذه التطبيقات حيث قسمناه إلى فرعين (الفرع األول) فيو‬
‫نتناول تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات‪ ،‬و(الفرع الثاني) نتناو ل تطبيقاتو في القوانين‬
‫األخرى‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات‬

‫تتعدد تطبيقات الخطأ المفترض دون أن تقتصر عمى جرائم قميمة األىمية نذكرىا عمى سبيل‬
‫الحصر وىي جريمة القذف؛ إصدار الشيك بدون رصيد‪ ،‬والفعل العمني المخل بالحياء نتناوليا‬
‫كأمثمة عن جرائم التي تفترض الخطأ بمجرد اسناد الواقعة إلى المتيم‪.‬‬

‫‪ _1‬جريمة القذف‪:‬‬

‫نعني بالقذف اسناد عمني عمدي وىو إدعاء بواقعة محددة تستوجب عقاب أو احتقار من‬
‫أُسندت إليو (‪ ،)1‬وقد نظم المشرع الجزائري جريمة القذف في قانون العقوبات الجزائري في المادة‬
‫عد قذفا كل ادعاء بواقعة من شأنيا المساس بشرف واعتبار‬
‫‪ 296‬منو‪ ،‬والتي تنص عمى ما يمي‪ُ " :‬ي ُ‬
‫األشخاص‪ ،‬والييئة المدعى عمييا أو اسنادىا إلييم‪ ،‬أو إلَى تمك الييئة ويعاقب عمى نشر ىذا‬
‫االدعاء أو ذلك االسناد مباشرة أو بطريق إعادة النشر حتى ولو تم ذلك عمى وجو التشكيك أو إذا‬
‫قصد بو شخص أو ىيئة دون ذكر االسم ولكن كان من الممكن تحديدىامن عبارات الحديث أو‬
‫الصياح أو التيديد أو الكتابة أو المنشورات أو الالفتات أو اإلعالنات موضوع الجريمة(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد صبحي نجم‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬د ط‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ،2000‬ص‪.98‬‬
‫‪ -2‬راجع المادة ‪ 296‬من األمر ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ُيستخمص من نص ىذه المادة أنو ُيمنع كل ادعاء بواقعة تمس بشرف واعتبار األشخاص أو‬
‫الييئات؛ وليس من الضروري أن تكون وقائع القذف خاطئة أو يتم االستغناء عن اسم الشخص أو‬
‫الييئة بل يكفي استتنتاجو من خالل المقال وىذا يكفي لكي تقوم المسؤولية عمى القاذف(‪.)1‬‬

‫جريمة القذف من الجرائم العمدية يتخذ الركن المعنوي فييا صورة العمد‪ ،‬وتتميز ىذه الجريمة‬
‫أنيا تقوم عمى أساس إفتراض العمد بحيث يفترض سوء النية لدى الجاني بمجرد اسناد واقعة‬
‫القذف إلى المجني عميو؛ مع العمم واإلدراك أن ىذه الواقعة لو كانت صحيحة يتم تسميط العقاب‬
‫عمى المجني عميو‪ ،‬واحتقاره بين أىل وطنو (‪ ،)2‬بمعنى أن عمم الجاني بالواقعة التي يسندىا إلى‬
‫المجني عميو والتي توجب عقابو واحتقاره‪ ،‬ىذا العمم يكون مفترض إذا كانت العبارات الصادرة من‬
‫الجاني شائنة وميينة‪.‬‬

‫ومتى توافر القصد الجنائي في القذف وقعت الجريمة دون اشتراط تحقيق نية اإلضرار فيو‬
‫فال أثر لمباعث عمى الجريمة وما سبقو من أعراض‪ ،‬وبالتالي ليس لممتيم أن يدفع عنو التيمة‬
‫بدعوى أنو كان حسن النية(‪.)3‬‬

‫‪ _2‬جريمة إصدار شيك بدون رصيد‪:‬‬

‫أدرج التشريع الجزائري جريمة إصدار شيك بدون رصيد‪ ،‬بحيث نص عمى ىذه الجريمة في‬
‫قانون العقوبات في المواد من ‪ 373‬إلى ‪ 375‬منو)‪.(4‬‬

‫‪ -1‬بن عيسى كيينة‪ -‬برانسي سميمة ‪ ،‬جريمة القذف بين قانون العقوبات وقانون اإلعالم ‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل شيادة الماستر‬
‫في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الخاص والعموم الجنائية‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬بن عيسى كيينة‪ ،‬برانسي سميمة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد المنشاوي ‪،‬جريمة القذف والسب وافشاء األسرار‪ ،‬دط‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬راجع المواد ‪ 375،373‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويعرف الشيك أنو أمر مكتوب يصدره الساحب إلى المسحوب عميو بأن يدفع إلى المستفيد مبمغا‬
‫معين مما أودعو الساحب لديو ‪،‬باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود في التعامل بيا)‪.(1‬‬

‫وقد انتشرت ىذه الجريمة بشكل سريع ممفت لالنتباه حيث أصبح الشيك وسيمة يستعممو‬
‫المستفيد لمتيديد واستيفاء حقو‪ ،‬ويتم التعامل بو بين األشخاص والتجار وذلك من أجل السرعة في‬
‫المعامالت التجارية واالئتمان وتسييل التعامل بين الناس بدال من حمل النقود وتعرضيا لمسرقة‬
‫والضياع)‪.(2‬‬

‫الم َد ّون عمى الشيك‪ ،‬أو إذا‬


‫تتم الجريمة إذا لم يكن لدى الساحب رصيد في البنك في التاريخ ُ‬
‫كان الرصيد الموجود في البنك غير قابل لمسحب‪ ،‬أو إذا أبمغ الساحب البنك بعدم الدفع رغم أنو قد‬
‫واذا‬ ‫قام بإصدار الشيك صحيحا إلى المسحوب عميو كما أنو ىناك رصيد كافي في البنك لو‪،‬‬
‫تحققت احدى ىذه الصور أو بعضيا فإن قانون العقوبات يعاقب الجاني عمى أساس سوء النية)‪.(3‬‬

‫فيذه الجريمة عمدية في جميع صورىا يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد الجنائي وسوء‬
‫النية لدى صاحب الشيك وىذه ىي الميزة التي يختص بيا ىذا الركن وىي افتراض القضاء وجود‬
‫سوء النية لديو‪ ،‬فقد عبر المشرع الجزائري عن الركن المعنوي ليذه الجريمة بعبارة سوء النية وقصد‬
‫اإلضرار بالمستفيد )‪ ،(4‬فيي ليست من الجرائم غير العمدية التي تقوم عمى الخطأ إنما تقوم عن‬
‫قصد اإلضرار والنية الخبيثة التي تكمن داخل الجاني اتجاه المستفيد فالقضاء يفترض خطأ الجاني‬
‫بمجرد قيام الركن المادي أي بمجرد ثبوت عدم الدفع دون حاجة إلى إثبات الركن المعنوي فييا‬
‫عبر عن سوء‬
‫حتى تقوم الجريمة فالعمم بجميع ىذه الوقائع ىو عمم مفترض في حق الساحب ُي ّ‬

‫‪ -1‬أحمد أبو الروس‪ ،‬جرائم السرقات والنصب وخيانة األمانة والشيك بدون رصيد‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر‬
‫‪ ،1996‬ص ‪.739‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.157 ،156 ،155‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز سعد‪ ،‬جرائم االعتداء عمى األموال العامة والخاصة‪ ،‬ط‪ ،6‬دار ىومو لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪2012،‬‬
‫ص‪.45‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪47‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القصد لديو ونية اإلضرار بالمستفيد ‪،1‬ىذا وان استعمال المشرع الجزائري لعبارة سوء النية في ىذه‬
‫الجريمة عوضا من كممة العمد أو العمم التي استعمميا في الجرائم األخرى يعني أن القصد الذي‬
‫يتطمبو لقياميا ىو قصد من نوع خاص ال يتوقف فقط عمى اتجاه إرادة صاحب الشيك إلى اصدار‬
‫شيك مع عممو التام أنو دون رصيد إنما ينبغي أن تكون نية صاحب الشيك متجية إلى اإلضرار‬
‫بالمستفيد(‪.)2‬‬

‫‪ _3‬جريمة الفعل العمني المخل بالحياء‪:‬‬

‫الفعل المخل بالحياء عبارة عن سموك عمدي ُيخ ّل بالحياء العام واألدب العام‪ ،‬وىي حركة‬
‫( ‪ .) 3‬والمشرع‬ ‫أعضاء الجسم إراديا تأتي في شكل إشارة أو عمل من شأنو خدش شعور الغير‬
‫الجزائري عمى غرار باقي التشريعات يعاقب كل ُمرتكب ليذه الجريمة‪ ،‬بحيث نص عمييا في المادة‬
‫‪ 333‬من قانون عقوبات جزائري كما يمي "كل من ارتكب فعال عمنيا مخال بالحياء يعاقب بالحبس‬
‫من شيرين إلى سنتين وبغرامة من ‪ 20.000‬إلى ‪100.000‬دج"‪.‬‬

‫والفعل المخل بالحياء يأخذ مظاىر عديدة فقد يرتكبو الجاني عمى نفسو وقد يرتكبو عمى‬
‫جسم الغير برضاه أو بدون رضاه‪ ،‬فإذا قام الجاني بالفعل المنافي لمحياء عمى نفسو فإن ىذه‬
‫فاضحا إذا تحققت بو العالنية‪ ،‬فالجاني بسموكو ىذا يثير الشعور تماما أمام‬
‫ً‬ ‫الواقعة تُعتبر فعال‬
‫الجميور وفي نفس الوقت ىذا الفعل يثير الحياء لدى الناس كذلك تقوم ىذه الجريمة عندما ُيوقع‬
‫الجاني ىذا الفعل المنافي لمحياء عمى جسم غيره(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان توفيق أحمد‪ ،‬شرح قانون العقوبات –القسم الخاص‪(-‬الجرائم الواقعة عمى األموال)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2012 ،‬ص ص‪.263،264‬‬
‫‪ -2‬عبد العزيز سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.50،51‬‬
‫‪ -3‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -4‬محمد سعيد نمور‪ ،‬شرح قانون العقوبات –القسم الخاص‪( -‬الجرائم الواقعة عمى األشخاص)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‬
‫األردن‪ ،‬ص ‪.253‬‬

‫‪48‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ىذا الفعل من الجرائم العمدية يشترط لتوافرىا وجود القصد الجنائي العام‪ ،‬يتخذ صورة العمد‬
‫يتحقق بانصراف إرادتو وعممو المفترض بكافة الظروف المكونة لمجريمة وأنو يخدش الحياء العام‬
‫دون وجود نية في ذلك (‪ ،)1‬وىذا ما يميز الركن المعنوي في ىذه الجريمة فقد تقوم بمجرد اىمال‬
‫الجاني وعدم أخذه لالحتياطات الالزمة رغم توافر القصد العام لديو بمعنى أنو ال ُيشترط توافر‬
‫القصد الخاص أو اثباتو لكي تقوم ىذه الجريمة بل يكفي القصد العام كاصابة أحد األشخاص‬
‫باليمع إثر زلزال مفاجئ أثناء النوم في الميل ويسارع لمغادرة المنزل دون مالبسو(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫تطبيقات الخطأ المفترض في القوانين األخرى‬

‫إلى جانب التطبيقات السابقة المنصوص عمييا في قانون العقوبات فإن فكرة إفترض الخطأ‬
‫تضمنتيا قوانين أخرى غير قانون العقوبات بما فيو قانون العقوبات اإلقتصادي وقانوم الجمارك أي‬
‫عدم ضرورة إثبات الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية والجمركية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضعف الركن المعنوي في الجرائم االقتصادية‬

‫ال يخضع الركن المعنوي لمجرائم االقتصادية لنفس األحكام العامة المقررة في قانون‬
‫العقوبات إذ يتميز قانون العقوبات االقتصادي بضعف ىذا الركن وضالتو وقد استقر االجتياد‬
‫القضائي عمى أن القصد في ىذه الجرائم مفترض وعمى المتيم أن يثبت العكس(‪.)3‬‬

‫عرفت بعض القوانين الجريمة االقتصادية عمى أنيا كل فعل من شأنو إلحاق الضرر‬
‫باألموال العامة وبعمميات اإلنتاج والتوزيع والتداول واستيالك السمع والخدمات‪ ،‬حيث تعاقب عميو‬

‫‪ -1‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.86‬‬


‫‪ -2‬طباش عز الدين‪ ،‬محاضرات في مادة القانون الجنائي الخاص (مقدمة لطمبة الماستر األول تخصص قانون خاص‬
‫وعموم جنائية)‪،‬منشورات جامعة بجاية عمى الموقع ‪ ،2016_2015، Elearning univ.bejaia‬ص ‪.56‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أسامة فايز عوض اهلل حسن‪ ،‬جرائم الصرف في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماستر في الحقوق تخصص‬
‫قانون جنائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،2016-2015 ،‬ص‪.31‬‬

‫‪49‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القوانين التي تيدف إلى حماية األموال العامة وكذلك ىناك تعريف آخر لمجريمة االقتصادية وىو‬
‫كل فعل أو امتناع يعاقب عميو القانون ويخالف السياسة االقتصادية لمدولة(‪.)1‬‬

‫إن سياسة وطبيعة الجرائم االقتصادية وتنفيذ أحكاميا‪،‬تطمبت إضافة الركن المعنوي وعدم‬
‫التشديد في إثابتو حيث افترضت بعض النصوص التشريعية خال ف لمقواعد العامة‪ ،‬وجود القصد‬
‫أو وجود الخطأ‪،‬و كما جمعت بعض النصوص التشريعية االخرى بين القصد و الخطأ‪ ،‬أي ال فرق‬
‫بين الجريمة التي أرتكبت عن قصد أو عن إىمال(‪.)2‬‬

‫وبالتالي ال ينظر في الجرائم االقتصادية إلى القصد أو الخطأ غير العمدي من إىمال وقمة‬
‫االحتراز وعدم التبصر وحتى إذ ما كان الشخص حسن النية أو سيئيا‪ ،‬إذ تعتبر الجرائم‬
‫االقتصادية من الجرائم المادية‪ ،‬أي النظر فييا إلى ما إذا تحقق السموك المادي والنتيجة اإلجرامية‬
‫ليذه الجريمة االقتصادية‪ ،‬وأن ىذه األخيرة تتحقق بإتيان الفعل المادي‪ ،‬غير أنو ىناك خطأ‬
‫مفترض بجانب مرتكب السموك المادي‪ ،‬وال يمكن نفي المسؤولية في حقو‪ ،‬إال في حالة قوة قاىرة‬
‫فإن الجرائم االقتصادية تقوم عمى أساس الخطأ مفترض ال‬
‫أو فقدان الوعي أو اإلدراك‪ ،‬وعميو ّ‬
‫يمكن إثبات عكسو(‪.)3‬‬

‫من بين تطبيقات الخطأ المفترض في الجرائم االقتصادية نجد افتراض االىمال في الجرائم‬
‫التي تقع في محيط الشركات‪ ،‬كإصدار أسيم يفترض فييا اإلىمال حيث يسمح القضاء لممدراء‬
‫بإثبات أنو كان يستحيل عمييم توقع الجريمة‪ ،‬كذلك بشأن جريمة تداول أسيم غير مشروعة(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬جرجس يوسف طعمو‪ ،‬مكانة الركن المعنوي في الجرائم االقتصادية (دراسة م قارنة)‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -2‬ممحم مارون كرم‪ ،‬الجريمة اإلقتصادية في القانون المبناني (دراسة قانونية تحميمية)‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.215‬‬
‫‪ ،2‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2015 ،‬ص ص‬ ‫‪ -3‬ممحم مارون كرم‪ ،‬الجريمة اإلقتصادية (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‬
‫‪.136 -135‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬أحمد عوض بالل‪ ،‬المذىب الموضوعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.271‬‬

‫‪50‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كذلك نذكر عمى سبيل المثال جريمة الصرف وىي جريمة اقتصادية تمس بالضرر و الخطر‬
‫مصمحة اقتصادية تتمثل في النقود والعممة الوطنية و المجوىرات الثمينة‪ ،‬فالركن المعنوي ليذه‬
‫الجريمة لو ميزة خاصة تنفرد بيا عن بقية الجرائم‪ ،‬حيث ىذا الركن قد يغير من طبيعة الجريمة من‬
‫جريمة عمدية الى جريمة مادية تِبعـا إذا ما تطمب المشرع لقياميا توافر القصد الجنائي أم ال‪ ،‬إذ أن‬
‫المشرع أعفى لقيام جريمة الصرف التي ينصب محميا عمى النقود والقيم من توافر القصد الجنائي‬
‫وال يشترطو لتحققيا (‪ ،)1‬حيث جاء في نص المادة ‪ 1‬من األمر ‪ 01-03‬عبارة «ال ُيعذر المخالف‬
‫بحسن ّنيتو »(‪ ،) 2‬ىذا يعني أن المشرع يستبعد نية المخالف كركن لقيام الجريمة‪ ،‬وبالتالي تُعفى‬
‫النيابة العامة من عبئ اثبات سوء ّنية المتيم كذلك ال يتم األخذ بحس ّنيتو كذريعة لإلفالت من‬
‫العقوبة و نفي المسؤولية عنو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المعنوي في الجرائم الجمركية‬

‫إن مسألة الركن المعنوي في الجرائم الجمركي ة أىميتيا ظئيمة إلى حد بعيد وكأنو بنفس‬
‫اء كان في صورة القصد أو صورة الخطأ‪ ،‬و في ىذا النوع من الجرائم‬
‫الصفة لقانون المرور‪،‬سو ً‬
‫الجمركية الركن المعنوي فييا مفترض والخطأ فييا يعني اإلثم الجنائي يفترض وجوده لقيام الجريمة‬
‫بشكل عام‪ ،‬لذلك ال يحتاج القاضي إثبات الركن المعنوي لقيام ىذه الخيرة ‪،‬وىذا األمر خطير عمى‬
‫النية أكثر من السموك المعبر‬
‫قاعدة ال جريمة بدون ركن معنوي‪ ،‬ألن في القانون الجنائي يعاقب ّ‬
‫فنية الجاني ميما كنت ّنية حسنة فال دور‬
‫عنيا‪ ،‬في قانون الجمارك ال دور لمركن المعنوي نيائيا ّ‬
‫لذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جرائم الصرف في التشريع الجزائري‪www.staralgeria.net t 6531 ،‬‬
‫‪.14:05 ،2017/06/03‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أمر ‪ 01-03‬مؤرخ في ‪ ، 2003/02/19‬متعمق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصة بالصرف و حركة رؤوس‬
‫األموال من و إلى الخارج‪ ،‬معدل و متمم باألمر رقم ‪ ،22-96‬ج ر ج ج ‪ ،‬العدد‪ ،12‬صادرة في ‪.2003‬‬

‫‪51‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المشرع الجزائري نص صراحة عمى عدم تبرئة المتيم إستنادا إلى نيتو وذالك في نص المادة‬
‫‪ 1/281‬من قانون الجمارك التي تنص عمى ما يمي « ال يجوز لمقاضي تبرئة المتيم إستنادا إلى‬
‫نيتيم »)‪.(1‬‬

‫نستخمص من نص المادة سالفة الذكر أنو تقوم المسؤولية الجنائية في مجال القانون‬
‫الجمارك بمجرد توافر الفعل المادي المخالف لمقانون دون البحث عن النية اإلجرامي ة ‪ ،2‬ولمقاضي‬
‫عدم األخذ بعين االعتبر النية‪ ،‬بل األخذ بالوقائع المادية فقط بحيث ال يجوز اعتبار الجيل أو‬
‫حسن النية كعذر لنفي المسؤولية ‪ ،3‬حيث أن بمجرد وقوع الفعل المادي يفترض في الفاعل سوء‬
‫النية أي أن الخطأ مفترض في الجريمة الجمركية وال يمكن الدفع بحسن النية‪.‬‬

‫ىذا ماأخذت بو المحكمة العميا في قرارىا الصادر في ‪ 2000/10/03‬يقضي بأن" من حاز‬


‫سيارة تمت جمركتيا بنموذج مزور يصبح مسؤوال عن الغش")‪ ،(4‬وذلك حسب نص المادة ‪ 303‬من‬
‫«يكون مسؤوال عن الغش كل من يحوز بضاعة محل‬ ‫قانون الجمارك التي تنص عمى مايمي‬
‫الغش» نستنتج من نص المادة أن كل شخص يضبط من طرف أعوان الجمارك وبحوزتو بضاعة‬
‫محل الغش يعتبر مسؤوال عن الغش وعميو إثبات عكس ذلك‪.‬‬

‫قرار اخر صادر في ‪ " 2001/06/05‬إن القضاء ببراءة المدعي عميو في الطعن عمى‬
‫أساس حسن النية رغم ثبوت المخالفة في محضر المعاينة يعد خطأ في تطبيق القانون يستوجب‬
‫)‪(5‬‬
‫نقض القرار"‬

‫‪ -1‬راجع المادة ‪ 1/281‬من قانون‪ ،07-79‬معدل ومتمم بقانون رقم‪ 10-98‬مؤرخ في ‪،1998/08/22‬ج رج ج‪ ،‬عدد‪61‬‬
‫الصادرة في ‪.1998/08/23‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المنازعات الجمركية في شقيا الجزائي‪ ،‬ط ‪،5‬دار ىومو لمطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪2011 ،‬‬
‫ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬جرجس يوسف طعمو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ -4‬قرار رقم ‪ 223417‬مؤرخ في ‪ ،2000/10/03‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪ ،2002 ،‬ص‪.274‬‬
‫‪ -5‬قرار رقم ‪ 343259‬مؤرخ في ‪ ،2001/06/05‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪ ،2002 ،‬ص‪.286‬‬

‫‪52‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫واعتبرت أيضا أن الحائز عمى السيارة تمت جمركتيا بنموذج مزور يعتبر مسؤوال عن الغش‬
‫حتى وان كان النموذج ليس من صنعو‪.‬‬

‫من خالل كل ىذه الق اررات يتبين لنا بأن ال عبرة لمركن المعنوي في الجرائم الجمركية فيي‬
‫جرائم يتم إثباتيا عمى أساس خطأ مفترض‪ ،‬ويقع عبئ عمى عاتق المتيم الذي يجب عميو نفي‬
‫خطأه إثبات عكس ما ادعتو النيابة العامة حول مسؤوليتو من ارتكاب الوقائع اإلجرامية ىذا ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 286‬من قانون الجمارك وىي كالتال ي« في كل دعوى تتعمق بالحبس تكون‬
‫البيانات عمى عدم ارتكاب المخالفة عمى المحجوز عميو»‬

‫ينقمب عبئ اإلثبات من النيابة العامة إلى المدعى عميو فيما يخص الطعن المعاينات‬
‫«تبقى المحاضر‬ ‫‪ 254‬من قانون الجمارك الت تنص عمى‬ ‫المادية‪ ،‬ذلك حسب نص المادة‬
‫الجمركية المحررة من طرف عونين عمى األقل صحيحة مالم يطعن فييا بالتزوير المعاينات‬
‫‪ 226‬من‬ ‫المادية»‪ ،‬وبالنسبة لإلثبات عن طريق القرائن في المجال الجمركي فحسب نص المادة‬
‫قانون الجمارك (‪ ، )1‬انتقمت من قرينة قانونية مطمقة إلى قرينة بسيطة من ارتكاب الجريمة إلى غاية‬
‫‪226‬من قانون الجمارك‬ ‫إحضار الوثائق بالمثبتة أي أن المشرع الجزائري بعد تعديل المادة‬
‫بمقتضى قانون المالية لسنة ‪ 2003‬ألغى المشرع شرط تقديم الوثائق من أول طمب وأبقى فقط‬
‫ضرورة بيان األوراق المثبتة الحقا‪،‬أي أنو يفترض الخطأ لدى الجاني إلى غاية إحضار الوثائق‬
‫المثبتة إلثبات العكس‪.‬‬

‫األصل في قانون الجمارك ىو إفتراض الخطأ لكن ىناك حاالت إستثناىا المشرع تستوجب‬
‫إثبات الركن المعنوي إلى جانب اإلستثناء العام المستخمص من قانون المتعمق بمكافحة التيريب‪.‬‬

‫يعتبر الشريك والمستفيد من الغش من أىم استثناءات الواردة في قانون الجمارك المتمثل في‬
‫اشتراط القصد الجنائي في الجرائم الجمركية‪ ،‬بحيث تنص المادة ‪ 309‬من قانون الجمارك ‪،2‬عمى‬

‫‪ -1‬راجع المادة ‪ 226‬من قانون رقم ‪ ،07-79‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬راجع المادة ‪ 309‬من قانون رقم ‪ ،07-79‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 42‬و ‪ 43‬من قانون‬ ‫الشريك في ارتكاب الجريمة قبل إلغاءىا والتي أحالت إلى أحكام المادتين‬
‫(‪)1‬‬
‫بشأن االشتراك وبالرجوع إلى نص المادتين يشترط لتوافر اإلشتراك توافر القصد‬ ‫العقوبات‬
‫الجنائي المتمثل في العمم واإلرادة وىذا ما يعني أن الشريك في الجريمة الجمركية يجب أن يتوفر‬
‫في حق إدانتو توافر القصد الجنائي فإذا لم تتوفر النية اإلجرامية لديو فال مجال لإلدانة‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫مستفيدا من الغش كل من حاول عمى‬
‫ً‬ ‫يعتبر‬ ‫وحسب نص المادة ‪ 311‬من قانون الجمركي‬
‫دراية منح مرتكبي المخالفات الجمركية إمكانية اإلفالت من العقاب‪ ،‬والقول بكممة "دراية" تعني‬
‫سبق العمم إذ أن المادة ‪ 311‬من قانون الجمارك يشترط لقيام اإلستفادة من الغش توافر القصد‬
‫‪ 320‬من قانون الجمارك لقيام المخالفات من‬ ‫الجنائي المتمثل في سبق العمم‪ ،‬وتشترط المادة‬
‫‪ 322‬من قانون‬ ‫الدرجة الثانية أن يكون اليدف منيا اليروب من دفع الرسوم‪ ،‬وكذلك المادة‬
‫الجمارك(‪ ، )3‬لقيام المخالفة من الدرجة الرابعة يشترط فييا قيام عنصر النية والعمم وذالك بإستعمال‬
‫وثائق وشيادات مزورة‪ ،‬والدليل عن إشتراط القصد في قيام ىذا النوع من المخالفات ىي العبارتين‬
‫"اليدف" و "بإستعمال ووثائق مزورة" تتطمبان عنصر النية والعمم الذي يقوم بيما القصد الجنائي(‪.)4‬‬

‫وكذالك نص المادة ‪ 325‬من قانون الجمارك(‪ ،)5‬يتضمن المخالفات التي تضبط في المكاتب‬
‫أو المراكز الجمركية أثناء عمميات الفحص والمراقبة‪ ،‬حيث إستعمل المشرع عبارات دالة إشتراط‬
‫توافر القصد الجنائي ومن بين العبارة الدالة عمى شرط توافر النية لدى الفاعل نجد "اليدف" أو‬
‫"لمتمكن من الحصول" الدليل عمى إشتراط القصد الجنائي لقيام الجريمة الجمركية‪.‬‬

‫إلى جانب المخالفات التي تشكل جنحة من درجة أولى التي تتطمب توافر القصد الجنائي‬
‫(‪)6‬‬
‫اعتبر الشروع في‬ ‫‪ 318‬مكرر من قانون الجمارك‬ ‫لقياميا نجد المشرع الجزائري في المادة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬راجع المواد ‪ 42‬و‪ 43‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬راجع المادة ‪ 309‬من قانون رقم ‪ ،07-76‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬راجع المواد ‪ 322 ،320 ،311‬من قانون ‪ ،07-76‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.19 ،18‬‬
‫‪ -5‬راجع المادة ‪ 325‬من قانون رقم ‪ ،07 -79‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬راجع المادة ‪ 318‬مكرر من قانون رقم ‪ ،07-79‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫(‪)1‬‬
‫أي اإلحالة بشأن‬ ‫الجنحة الجمركية كالجنحة ذاتيا طبقا ألحكام المادة ‪ 30‬من قانون العقوبات‬
‫الشروع إلى ىذه المادة األخيرة‪.‬‬

‫الشروع في الجريمة حسب نص المادة ‪ 30‬من قانون العقوبات يشترط فيو القصد الجنائي‬
‫وىذا ما يؤكد الخروج عن المبدأ العام الذي ال يشترط فيو القصد لقيام الجريمة الجمركية‪.‬‬

‫إلى جانب ىذه اإلستثناءات السابقة نجد إستثناء آخر في ما يتعمق بقانون مكافحة التيريب‬
‫حسب قانون ‪ 23‬أوت ‪ 2005‬المتعمق بالتيريب (‪ ،)2‬باعتبار أن الجناية تقتضي بالضرورة توافر‬
‫القصد الجنائي‪ ،‬فإن أعمال التيريب المتمثمة في تيريب األسمحة والتيريب الذي يشكل تيديدا‬
‫خطير عمى األمن الوطني أو اإلقتصاد الوطني أو الصحة العمومية فكمتا الحالتين تشكل جناية‬
‫ًا‬
‫جمركية يجب توافر القصد فييا‪.‬‬

‫( ‪)3‬‬
‫حيث استعمال‬ ‫أما المادة ‪ 11‬من األمر المؤرخ في ‪ 2005-08-23‬المتعمق بالتيريب‬
‫مخزن لمتيريب أو تخصيص وسيمة نقل لمتيريب يعتبر فييا الفاعل مذنبا بتوافر العمم واإلرادة لمقيام‬
‫بالتيريب أي توافر القصد الجنائي لدى الجاني(‪.)4‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫عدم لزوم إثبات الركن المعنوي في المخالفات‬

‫ثار جدل فقيي حول ضرورة توافر الركن المعنوي بالنسبة لبعض الجرائم فقد ذىب رأي إلى‬
‫إنكار ىذا الركن والقول بأن ىناك بعض الجرائم تتوافر بتحقق الركن المادي فييا فقط‪ ،‬أي بمجرد‬
‫ويطمق عمييا الجرائم المادية أي تمك التي تتحقق مادياً فقط دون حاجة إلى‬
‫إثبات السموك المادي‪ُ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬راجع المادة ‪ 30‬من أمر ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬أمر رقم ‪ ،06-05‬المؤرخ في ‪ ،2005-08-23‬المتعمق بمكافحة التيريب‪ ،‬ج رج ج‪ ،‬عدد ‪ 59‬صادر في ‪ 28‬أوت‬
‫‪.2005‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬راجع المادة ‪ 11‬من أمر رقم ‪ ،06-05‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.21 ،20‬‬

‫‪55‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إثبات الركن المعنوي‪ ،‬ويسمييا البعض المسؤولية دون خطأ أو المسؤولية الموضوعية‪ ،‬ومن ىذه‬
‫الجرائم المخالفات وىي الجرائم التي تمي الجنايات والجنح من حيث الجسامة‪ ،‬تتمثل عادة في‬
‫مخالفة أحد نصوص القانون أو األنظمة‪ ،‬وتجريم المخالفات ال ييدف إلى معاقبة المساس بحقوق‬
‫الغير بقدر ما ييدف إلى ضمان الوقاية والمحافظة عمى النظام واألمن كما أن العقوبات المقررة‬
‫ليا قميمة أو ضئيمة بالمقارنة لتمك المقررة لمجنح والجنايات إالّ أنو ُيالحظ في بعض األحوال أن‬
‫القانون يرفع عقوبة المخالفة إلى درجة عقوبات الجنح إالّ أن ذلك ال يمنع من معاممة ىذه الجنح‬
‫معاممة المخالفات فيما يتعمق بالركن المعنوي‪.‬‬

‫ونظر لمطبيعة الخاصة لممخالفات وركنيا المعنوي‪ ،‬إقتصرت دراستنا عمى البحث في ماىية‬
‫ًا‬
‫ىذا الركن في المخالفات (كمطمب أول) إضافة إلى تحقق ىذه المخالفات بدون خطأ‬
‫(كمطمب ثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫ماهية الركن المعنوي في الجرائم المخالفات‬

‫ىناك جدل واسع النطاق حول تكييف الركن المعنوي في المخالفات ويمكن التمييز في ىذا‬
‫الصدد بين نظريتين‪ ،‬أوليما تعالج الموضوع من جية نظر مادية بحتة‪ ،‬وثانييما تعالجو من وجية‬
‫نظر شخصية (ذاتية) والتي تستندان إلى فكرة عدم لزوم الركن المعنوي في المخالفات‪ ،‬إالّ أنو‬
‫ىناك اتجاه معاكس ينادي بضرورة إثبات الركن المعنوي في المخالفات‪ ،‬نعالج في ىذا المطمب‬
‫النظريات التي تنادي بإقصاء الركن المعنوي في بعض الجرائم‪ ،‬واإلكتفاء بالركن المادي فييا ونجد‬
‫من بين ىذه الجرائم المخالفات‪ ،‬ويطمق عمييا تسمية الجرائم المادية‪ ،‬مما يعفي النيابة العامة من‬
‫واجب إثبات الخطأ‪ ،‬بل تكتفي بإثبات إرتكاب السموك المادي من جانب المتيم(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المسؤولية الجزائية عن الجرائم االقتصادية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.252‬‬

‫‪56‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حيث قسمنا ىذا المطمب إلى ثالث فروع ‪( ،‬الفرع األول) نتناول فيو النظرية المادية البحتة‬
‫(الفرع الثاني) نتناول فيو النظرية الشخصية الذاتية‪( ،‬الفرع الثالث) نتناول فيو تقدير النظريات التي‬
‫قامت عمييا فكرة الجريمة المادية‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫النظرية المادية البحتة‬

‫نادى فريق من الفقو الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشر بالفكرة المادية البحتة لممخالفات‪،‬‬
‫بمعنى أن الجريمة تتحقق بقيام الركن المادي ليس إالّ‪ ،‬دون البحث في أي عنصر إرادي أو نفسي‬
‫متعمق بالشخص مرتكب الجريمة(‪.)1‬‬

‫وأول من درس الفكرة المادية البحتة لممخالفات الفقيو الفرنسي "ىوريو" حيث يرى أن الجرائم‬
‫المادية ُيكتفى فييا بوجود رابطة سببية بين الفعل المادي ومخالفة القانون‪ ،‬وابعاد العنصر النفسي‬
‫المكون لمخطأ دون النظر إلى النية اإلجرامية التي تتكون في نفسية الجاني واستبعاد عنصر‬
‫ّ‬
‫اإلىمال وعدم الحيطة والحذر‪ ،‬وكل البواعث واألعذار التي تدفع ىذا األخير إلى إرتكاب السموك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬وقد برز العميد ىوريو نظريتو بأن المخالفات ىي مجرد أفعال ضد قواعد البوليس فقط‬
‫المتعمقة بالنظام القانوني واألخالقي والمحافظة عمى األمر الواقع‪ ،‬بالتالي فالجرائم التي تتكون من‬
‫جراء مخالفة ىذه القواعد تتحقق بمجرد األفعال المادية(‪.)2‬‬

‫إن فكرة الجريمة المادية التي تقصي الركن المعنوي أيدىا معظم الفقو مع تحفظ واحد ىو‬
‫ضرورة إثبات صدور السموك المادي اإلرادي دون إثبات الركن المعنوي في حق الجاني‪ ،‬فمو ثبت‬
‫في محضر الشرطة مثال أن سائق السيارة خالف إشارة المرور الحمراء توافرت المسؤولية الجزائية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد عوض بالل‪ ،‬الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية بدون خطأ (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر‬
‫‪ ،1993‬ص ‪.330‬‬
‫‪ -2‬عبد الرؤوف ميدي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪،1976‬ص‪.177‬‬

‫‪57‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في حقو دون حاجة إلى إثبات القصد أو الخطأ لديو‪ ،‬كذلك تقع جريمة الوقوف في مكان ممنوع‬
‫الوقوف فيو بمجرد ترك السيارة في ىذا المكان‪ ،‬دون ضرورة إثبات صدور خطأ أو قصد من سائق‬
‫السيارة‪ ،‬فمجرد تحقق السموك المادي المكون لمجريمة المخالفة كاف لتحقق المسؤولية واقامة‬
‫العقاب عمييا(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫النظرية الشخصية (الذاتية)‬

‫إن اجتياد الفقو الفرنسي خصوصا لمتوصل إلى تحميل آخر يتماشى مع قواعد المسؤولية‬
‫الجنائية التي تقوم عمى أساس الخطأ التي تقضي بأن ال عقوبة بدون خطأ أي عدم األخذ بمبدأ‬
‫المسؤولية بدون خطأ‪ ،‬وقد تعددت اآلراء الفقيية في ىذا المجال فالبعض يرمي إلى توسع فكرة‬
‫مفيوم الخطأ لتؤكد أن المسؤولية عن الجرائم المادية تقع عن الخطأ‪ ،‬ورأي أخر يذىب إلى افتراض‬
‫الخطأ لقيام المسؤولية الجنائية(‪.)2‬‬

‫إلى جانب ىذين الرأيين ظير إتجاه ثالث يقضي بوجود خطأ في الفعل المادي المكون‬
‫لمجريمة المادية ذاتيا‪ ،‬وبالرجوع إلى كل ىذه االختالفات الفقيية بشأن الخطأ في الجرائم المادية‬
‫جعميا تتميز عن غيرىا من الجرائم (‪ ،)3‬حيث تنقسم النظرية الشخصية الذاتية إلى ثالث نظريات‬
‫وىي‪ :‬النظرية الموسعة لمفيوم الخطأ‪ ،‬ونظرية الخطأ المفترض ونظرية الخطأ المتضمن الفعل‬
‫المادي المكون لمجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عمى عبد اهلل حمادة‪ ،‬الركن المعنوي في المخالفات‪،‬‬


‫‪http:ll.www.sienees juridiques.ahlamontada.net/t207-topic‬‬
‫‪.19:41، 2017-05-01‬‬
‫‪ -2‬أحمد عوض بالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.334‬‬

‫‪58‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪- 1‬النظرية الموسعة لمفهوم الخطأ‪:‬‬

‫يرى أنصار ىذه النظرية أن المسؤولية حسب رأييم تقوم بدون خطأ يعني أن الخطأ ال يمزم‬
‫إثباتو‪ ،‬واثبات تخمف الخطأ ال يعفي المخالف‪ ،‬وتقوم المسؤولية بمجرد مخالفة نص قانوني أو‬
‫الئحي‪ ،‬وال ييم إن كانت المخالفة عمدية أو غير عمدية‪ ،‬أو مرتكبة بحسن النية أو سوء النية‬
‫وكذلك جيل نصوص الموائح‪ ،‬وينظر أنصار ىذه النظرية إلى ضرورة توافر اإلسناد الجنائي لقيام‬
‫أن ىذه النظرية‬
‫المسؤولية حيث تنتفي ىذه األخيرة بانتفاء اإلسناد والتجريد من كل خطأ‪ ،‬حيث ّ‬
‫تستدعي الخمط بين مفيوم اإلسناد والخطأ‪ ،‬فاإلسناد يعني نسبة الجريمة إلى شخص يتمتع باإلرادة‬
‫أما الخطأ يعني توجو تمك اإلرادة توجييا خاطئا الرتكاب سموك معاقب عميو قانونا‪ ،‬فإن توفر‬
‫اإلرادة يستقل عن التوجو إلى ارتكاب السموك الخاطئ‪ ،‬فيمكن أن يتوفر اإلسناد دون الخطأ‪ ،‬كما‬
‫أن انعدام اإلسناد ال يعدم الخطأ بطريقة مباشرة واّنما ينعدم بطريقة غير مباشرة فقط(‪.)1‬‬
‫ّ‬

‫وكذلك فيما يتعمق بحسن النية لقيام المسؤولية حيث ّأنو ال يعذر بحسن النية أي أن الغمط‬
‫في الوقائع أو في القانون ال يعفي من المسؤولية‪ ،‬عمى الرغم من القواعد العامة التي تجعل الغمط‬
‫نافيا لمقصد الجنائي(‪.)2‬‬

‫‪- 2‬نظرية الخطأ المفترض‪:‬‬

‫أن الجريمة المادية تقم عمى أساس الخطأ في جانب المخالف‪،‬‬


‫يرى أنصار ىذه النظرية ّ‬
‫و ّأنيا تفترض أن الفعل المادي المرتكب حدث نتيجة إىمال الجاني‪ ،‬أو عدم الحيطة أو الحذر‬
‫وحتى جيمو(‪.)3‬‬

‫إن أصحاب ىذه النظرية يرفضون فكرة المسؤولية بدون خطأ‪ ،‬فإنكار الخطأ كشرط لمعقاب‬
‫ّ‬
‫يؤدي إلى إىدار العدالة‪ ،‬وقد يؤدي إلى المساس بأمن المجتمع‪ ،‬وأن المسؤولية بدون خطأ تؤدي‬
‫‪1‬‬
‫‪-Jacques-Henri Robert, Droit pénal général, 4e édition, presses universitaires de francs, paris‬‬
‫‪1999, p 330.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, p 330.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرؤوف ميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.179 ،178‬‬

‫‪59‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إلى عدم الردع وتجنب تدخل القانون‪ ،‬فالجريمة تفترض في أساسيا خطأ‪ ،‬وأن كل الجرائم تتضمن‬
‫رابطة نفسية بين الفاعل والواقعة المادية المسندة إليو‪ ،‬أي بمجرد قيام السموك المادي المخالف‬
‫لمقانون أو األنظمة‪ ،‬والقواعد المعاقب عمييا يفترض في الجاني الخطأ وبالتالي قيام الجريمة‪ ،‬مما‬
‫يعفي النيابة العامة من اإلثبات ويقع اإلثبات عمى المتيم ال ّذي يصعب التخمص منو(‪.)1‬‬

‫كما يرى أنصار ىذه النظرية أن الخطأ يتمثل في عدم الحرص أو الحيطة والحذر واإلىمال‬
‫أن حسن النية أي الجيل بالقانون والوقائع ال يعفي من‬
‫في التعرف عمى الحقوق والواجبات‪ ،‬و ّ‬
‫المسؤولية‪ ،‬أي حسن النية ال ينفي الخطأ‪ ،‬لكن ىناك استثناء حيث إذا أثبت المتيم أن خطأ كان‬
‫سبب قوة قاىرة تنفي المسؤولية بحقو‪ ،‬وان الطبيعة الخاصة لمجرائم المادية منيا المخالفات ال‬
‫تستدعي البحث عن الخطأ المستقل عن الركن المادي‪ ،‬وعمى النيابة العامة التحقق من ثبوت‬
‫السموك المادي لمجريمة‪ ،‬غير ّأنو ىناك خالف بشأن صور الخطأ المفترض فيناك من يقول أن‬
‫محل االفتراض ىو العمد أو اإلىمال وىناك من يرى أن افتراض الخطأ ينصب عمى الخطأ غير‬
‫كون القصد الجنائي‬
‫العمدي في مخالفة القوانين والموائح‪ ،‬وىناك من اعتبر أن االفتراض ُي ّ‬
‫المستخمص من الفعل المادي لمجريمة(‪.)2‬‬

‫وىناك صورتين الفتراض الخطأ الجنائي وىما االفتراض التشريعي واالفتراض القضائي‬
‫حيث تمجأ التشريعات الجنائية إلى افتراض الخطأ في نصوص صريحة‪ ،‬بما فييا افتراض الخطأ‬
‫في حيازة أشياء معينة كالبضائع واألدوات أو منتجات معينة‪ ،‬وبالتالي يفترض في حائز تمك‬
‫البضائع أو األشياء سوء النية لديو‪ ،‬مثال حيازة سالح أو آالت حادة حتى ولو يستعمميا الفاعل‬
‫يفترض فيو سوء النية‪ ،‬مثال االستعداد الرتكاب الجريمة‪ ،‬وكذلك افتراض الخطأ فيما يتعمق بالغش‬
‫بما فييم التجار فال يعذر بعدم العمم فساد المواد التي يعرضيا لمبيع‪ ،‬أي يفترض العمم بالغش(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.143‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.145 ،‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.148 ،‬‬

‫‪60‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما يفترض الخطأ في بعض االلتزامات التعاقدية التزامات عقد المقاولة والنقل أو التوريد أو‬
‫التزام األشغال العامة‪ ،‬فإن ارتكاب أي غش في تنفيذ ىذه العقود‪ ،‬أو استراد بضاعة أو مواد‬
‫مغشوشة يفترض فيو الخطأ‪ ،‬إلى جانب افتراض الخطأ التشريعي نمجأ إلى فرض الخطأ‬
‫القضائي‪،‬إن صعوبة إثبات الخطأ وعدم اعتراف المتيم بو‪ ،‬سمح لسمطة االتيام بإثبات الركن‬
‫المعنوي بطريقة غير مباشرة وذلك بالمجوء إلى قرائن واقعية‪ ،‬ويظير االفتراض القضائي لمخطأ‬
‫الجنائي في جرائم السب مثال ذلك بإطالق عبارات مخمة بالشرف الغير واعتباره‪ ،‬وكذلك افتراض‬
‫الخطأ فيما يخص الشركات مثال وذلك بالتداول بأسيم غير مشروعة(‪.)1‬‬

‫‪- 3‬نظرية الخطأ الناتج عن الفعل المادي‪:‬‬

‫يتبنى أصحاب ىذه النظرية الرأي القائل بأن الركن المعنوي في المخالفات والجنح المخالفية‬
‫يتحقق بوجود الخطأ ال ّذي ىو متصل بالسموك المادي المكون لمجريمة‪ ،‬وفي نظرىم ال ينفصل عنو‬
‫ألنو ال يحتاج إلى إقامة الدليل‪ ،‬وقيام الجريمة المادية‬
‫بالتالي ليس لمنيابة العامة أن تثبت وجوده ّ‬
‫يقتصر عمى تحقق الفعل المادي من جانب المتيم وىذا الفعل المادي سببو األساسي ىو الخطأ(‪.)2‬‬

‫بأن‬
‫وقد ذىب أحد الفقياء ال ّذين تبنوا فكرة الخطأ المتضمن في الفعل المادي إلى القول ّ‬
‫يكونيا الفعل المادي ‪ ،‬واّنما تتكون بفعل الخطأ ال ّذي ال يمكن فصمو عن ىذا الفعل‬
‫المخالفة ال ّ‬
‫المادي‪ ،‬وعمى قول أحد الفقياء أن األصل في الجرائم أن تكون عن خطأ أي ّأنو ال توجد جريمة‬
‫بدون خطأ واذا كانت نصوص القانون ال تشير إليو بشكل دائم فيذا راجع إلى عدم انفصالو عن‬
‫الفعل المادي المرتكب من طرف الجاني‪ ،‬ونفس االتجاه سار عميو الدكتور مصطفى السعيد‬
‫مصطفى بالقول بأن الخطأ ىو أساس المسؤولية الجنائية في مختمف التشريعات وعدم لزوم توافر‬
‫عنصر القصد أو اإلىمال في جرائم المخالفات وبعض المخالفات المجنحة‪ ،‬ىذا ال يعني أن‬

‫‪ -1‬أحمد عوض بالل‪ ،‬المذىب الموضوعي وتقمص الركن المعنوي لمجريمة (دراسة مقارنة) ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،1988 ،‬ص ص ‪.271 ،226‬‬
‫‪ -2‬عمر السعيد رمضان‪ ،‬الركن المعنوي في المخالفات‪ ،‬رسالة لمحصول عمى درجة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬القاىرة‪ ،1959 ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪61‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القانون ال يعتد بالخطأ كأساس لجميع الجرائم سواء كانت عمدية أم غير عمدية‪ ،‬بحيث أن مجرد‬
‫ارتكاب الفعل المادي يعتبره القانون خطأ يستمزم قيام المسؤولية الجنائية في حق المخالف‪ ،‬وان‬
‫ثم النطق‬
‫أقر العقوبة لمرتكب الفعل المخالف فإنو يشترط ّأوال وجود الخطأ‪ّ ،‬‬
‫كان القانون قد ّ‬
‫بالعقوبة وبدون عنصر الخطأ ال وجود ألي عقاب(‪.)1‬‬

‫فالخطأ موجود حتما في جرائم المخالفات وىو ينتج من وجود الفعل ذاتو و مخالفة أحد‬
‫الموائح التنظيمية ىي في ذاتيا خطأ ‪،‬وقول المتيم بأن ارتكابو ليذه المخالفة ليس عن قصد أو قام‬
‫بذلك عن حسن النية ليس عذر لنفي الخطأ عنو‪ ،‬بل يتعين تسميط العقوبة عميو بمجرد ارتكابو ليذه‬
‫‪2‬‬
‫أن من يخالف القانون يعد مخطئا وال وجود لخطأ مفترض‬
‫المخالفة ألنو مخطئ فعالً ‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫سابق الوجود ‪،‬ألن الجريمة المادية تنتج عن فعل وىذا الفعل يكون خاطئ في أصمو وىو دليل‬
‫تعد خطأ‪ ،‬لذلك فإن مجرد‬
‫عمى نقص االنتباه واالحتياط‪ ،‬فطاعة القانون واجبة بالتالي مخالفتو ّ‬
‫تحقق الواقعة المادية المكونة لمجريمة ولو بسيطة يعتبر خطأ(‪.)3‬‬

‫بأن الفعل المادي لممخالفة يحمل في أعماقو خطأ‬


‫كما نجد فقيو اخر ذىب إلى القول ّ‬
‫أن الخطأ بذاتو ليس عنص ار في الجريمة‬
‫مرتكبيا لحظة ارتكاب الواقعة المادية ‪،‬حيث اعتبر ّ‬
‫مما يعفي النيابة العامة من إثبات خطأ المخالف وال‬
‫المادية ‪،‬بل يكمن في الفعل المادي ذاتو ّ‬
‫يعد مخطئا عند مخالفتو القانون‪ ،‬حيث ىذا الخطأ‬
‫ُيفترض في ىذا األخير ارتكاب الخطأ ّإنما ّ‬
‫يعتبر حقيقي وليس مفترض(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.153 ،152‬‬
‫‪ -2‬عبد الرؤوف ميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪ -3‬أحمد عوض بالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.347‬‬
‫‪ -4‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.155 ،154‬‬

‫‪62‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثالث‬

‫تقدير النظريات الجريمة المادية‬

‫أصحاب النظرية المادية البحتة فقد َبرر أحد الفقياء الجريمة المادية عمى أساس أنيا‬
‫مجموعة من المخالفات التي تتعمق بقواعد النظام االجتماعي و المحافظة عمييا لذلك فإن قيام‬
‫و يؤخذ عمى‬ ‫المخالفة في ىذه الحالة تتحقق بمجرد ارتكاب السموك المادي من طرف المخالف‬
‫ىذه الحالة في العقوبة التي تُ َسمَّطُ عمى المتيم تُفيم عمى أنيا مجرد تحذير أكثر مما تفيم عمى أنيا‬
‫انصب سموكو عمى مخالفة القانون كما أنو يمكن اعتبار المخالفات من‬
‫ّ‬ ‫ضد شخص مخطأ‬
‫عقاب ّ‬
‫و األنظمة و ال يمكن‬ ‫جرائم الخطأ القائمة عمى اإلىمال أو قمة االحتراز و عدم مراعاة القوانين‬
‫قبول وجود مخالفة دون ركن معنوي و ال يجوز إدانة ُمرتكبيا إالّ بوجود ىذا الركن(‪.)1‬‬

‫أما نظرية الخطأ المفترض فقد ّبررت فكرة الجريمة المادية عمى أساس افتراض الخطأ من‬
‫إقصاء‬
‫ً‬ ‫الفاعل و ىي مقبولة نوعاً ما من حيث أنيا تُقر بتوافر الركن المعنوي‪ ،‬و لم تقم بإقصائو‬
‫تاماَ إنما تفترضو ‪،‬حيث يقوم عمى عاتق المتيم نفي التيمة عمى نفسو و ال تقوم النيابة العامة‬
‫أن فكرة افتراض المسؤولية أمر غير مقبول(‪.)2‬‬
‫بإثبات ىذه التيمة ضد المتيم‪ ،‬إالّ ّ‬

‫ىناك أيضاً نظرية ثالثة ّبررت فكرة الجريمة المادية عمى أساس أن الركن المعنوي في‬
‫ىذه الجرائم يتضمنو الركن المادي‪ ،‬أي أن الخطأ يكمن في المخالفة ذاتيا و تعيين إدانة المتيم‬
‫بمجرد ارتكابو لمفعل المادي الم ّكون لممخالفة‪ ،‬و يعاب عمى ىذه النظرية أنيا عبارة عن كارثة‬
‫الجريمة المادية عمى أساس أن ُمرتكب المخالفة مخطئ فعالً ‪،‬و بذلك تنشأ قرينة‬
‫قانونية ألنيا تقيم ّ‬
‫قانونية قاطعة غير قابمة إلثبات العكس وال يقع عمى عاتق المتيم أن يبذل أي جيد إلثبات عدم‬

‫‪ -1‬أنور محمد صدقي المساعدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ص ‪254،255‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.255‬‬

‫‪63‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مسؤوليتو القانونية و حسب ىذه النظرية فالمسؤولية تقوم عمى أساس الركن المادي فقط الذي‬
‫يتضمن بداخمو وجود عنصر الخطأ و ىذا تفسير قانوني غير مقبول(‪.)1‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫حقيقة الركن المعنوي في المخالفات‬

‫بالرجوع إلى الجدل ال ّذي ثار حول ضرورة توافر الركن المعنوي في جرائم المخالفات‬
‫يستوجب الوقوف عند نقطة ميمة يتمحور مضمونيا حول عنصر الخطأ ما إذا كان شرط ضروري‬
‫لتحقق المخالفات أم أنيا تقوم دون حاجة إلى وجود خطأ المخالف واثباتو‪ ،‬كما أنو ىناك أمر أخر‬
‫ال يمكن التغاضي عنو وىو توفر اإلدراك لدى المخالف وتحقق اإلرادة لديو في الفعل الذي يرتكبو‬
‫ىل يعد شرط الزم لقيام جريمة المخالفة‪.‬‬

‫قسمنا ىذا المطمب إلى فرعين‪( ،‬الفرع األول) نتناول فيو مدى تجرد المخالفات من أي عنصر‬
‫شخصي‪ ،‬و في (الفرع الثاني) نتطرق إلى ضرورة توافر أىمية اإلسناد‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫مدى تجرد المخالفات من أي عنصر شخصي‬

‫إن الركن المعنوي في المخالفات ومع الجدل الذي أثاره ذلك من أجل الوصول إلى حقيقة‬
‫إن كان فعال تتضمنو جرائم المخالفات كركن ثاني إلى جانب الركن المادي ‪ ،‬فالرأي الراجح يسمّم‬
‫بأن المخالفات جرائم ال تختمف في أركانيا والقواعد التّي تسير وفقيا الجنايات والجنح‪ ،‬ما لم ينص‬
‫ّ‬
‫القانون عمى خالف ذلك ويستند ىذا االتجاه إلى المبدأ العام ال جريمة بدون ركن معنوي‪ ،‬فالركن‬
‫المعنوي الزم في كل جريمة إالّ في حاالت المسؤولية المفترضة‪ ،‬وذلك يكون بنص صريح في‬
‫القانون‪ ،‬كذلك القواعد التي وضعيا القانون بشأن الركن المعنوي لمجريمة ىي قواعد عامة خصص‬
‫نطاقيا لمجنايات والجنح والمخالفات لذلك البد من تطمب الركن المعنوي في المخالفات كسائر‬

‫‪ -1‬أنور محمد صدقي المساعدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.256‬‬

‫‪64‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجرائم األخرى (‪ ،)1‬رغم أن الصورة التي يتخذىا ىذا الركن لقيام الجريمة ليست محل اتفاق‪ ،‬فقد‬
‫ظيرت اتجاىات عديدة في ىذا الصدد تحدد الصورة التي يتخذىا ىذا الركن في جرائم المخالفات‪،‬‬
‫إذ ىناك بعض الجرائم يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد (‪ ،)2‬ومثال ذلك المخالفة التي نصت‬
‫عمييا المادة ‪ 1/444‬من قانون عقوبات جزائري (‪ ،)3‬والتي تقرر عقاب « كل من اقتمع أو خرب أو‬
‫قطع أو قشر شجرة إلىالكيا مع عممو أنيا ممموكة لمغير و كل من أتمف طعما وكل من قطع‬
‫حشائش أو بذو ار ناضجة أو خضراء مع عممو أنيا ممموكة لمغير »‪ ،‬والفقرة الثانية من نفس المادة‬
‫نصت عمى عقاب «كل من أغرق الطرق أو أمالك الغير وذلك برفعو مصب مياه المطاحن أو‬
‫ّ‬
‫المصانع أو المستنقعات عن منسوب االرتفاع الذي تحدده السمطة المختصة»‪.‬‬

‫وىناك بعض المخالفات يتخذ الركن المعنوي فييا صورة الخطأ غير العمدي ‪ ،4‬ومثال ذلك‬
‫المخالفة المنصوص عمييا في المادة ‪ 2/442‬والتي تعاقب «كل من تسبب بغير قصد في إحداث‬
‫جروح أو إصابة أو مرض ال يترتب عميو عجز كمي عن العمل لمدة تتجاوز ثالثة أشير وكان‬
‫ذلك ناشئا عن رعونة أو عدم احتياط أو عدم انتباه أو إىمال أو عدم مراعاة»‪.‬‬

‫وقد يأخذ الركن المعنوي في بعض المخالفات صورة القصد أو صورة الخطأ غير العمدي ‪،5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫تعاقب «كل من رفض القيام بأعمال أو‬ ‫ومثال ذلك المخالفة التي نصت عمييا المادة ‪8/451‬‬
‫بأداء خدمات أو بتقديم مساعدة طمبت منو قانونا أو أىمل ذلك وكان بإمكانو القيام بيذا وذلك في‬
‫ظروف وقعت فييا حوادث أو ضياع أو غرق أو نصب أو حريق أو كوارث أخرى وكذلك في‬
‫حاالت النيب والسمب أو تمبس أو صياح الجميور أو تنفيذ قضائي»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Boloc Bernard, op-cit, p251.‬‬
‫‪ -2‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.445‬‬
‫‪ -3‬راجع المادة ‪ 444‬من أمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.446‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.446‬‬
‫‪ -6‬راجع المادة ‪ 8/451‬من أمر رقم ‪ ،156/66‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ىناك أيضا بعض جرائم المخالفات ال تحدد نصوص القانون فييا الصورة التي يجب أن‬
‫أن المشرع ال يشير إلى نوع الجريمة سواء عمدية أو غير عمدية‬
‫يتخذىا الركن المعنوي بمعنى ّ‬
‫وىذا الموقف ىو ال ّذي أثار ذلك الجدل القائم حول ضرورة الركن المعنوي ليذه المخالفات‪ ،‬كما‬
‫ىناك طائفة أخرى من المخالفات التّي أثارت نفس الجدل يعاقب عمييا القانون بنفس عقوبات‬
‫الجنح ذلك يرجع إلى طبيعة المصمحة التّي يحمييا القانون والغرض المستيدف من العقاب‬
‫عمييا‪،‬إالّ ّأنيا تأخذ صفة المخالفات ويطمق عمييا تسمية المخالفات المجنحة‪ ،‬بناء عمى ذلك فإن‬
‫المخالفات والمخالفات المجنحة ال تختمف عن غيرىا من الجرائم من حيث لزوم الركن المعنوي‬
‫لقياميا إلى جانب الركن المادي تطبيقا لممبدأ العام ال ّذي استقرت عميو مختمف التشريعات أنو ال‬
‫(‪)1‬‬
‫نص القانون يتم احترام ىذا‬
‫جريمة بدون ركن معنوي ‪ ،‬فإذا كان المشرع قد حدد صورتو في ّ‬
‫فإن األصل ىو اشتراط القصد طبقا لمقاعدة العامة في كل الجرائم‬
‫النص أما إذا أغفل ذكر ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫أن كل جريمة تنطوي عمى إرادة ارتكاب فعل مجرم قانونا يخالف بو أمر المشرع(‪.)2‬‬
‫باعتبار ّ‬

‫إال أنو بالعودة إلى المصالح واألغراض التي ييدف المشرع إلى حمايتيا من خالل تجريمو‬
‫لممخالفات باعتبارىا قواعد تيدف إلى التنظيم وحسن اإلدارة‪ ،‬وىي مصالح عامة يشترطيا قواعد‬
‫النظام االجتماعي‪ ،‬فالجريمة تقوم بمجرد مخالفة أحد ىذه القواعد ولو لم تقترن ىذه المخالفة بإرادة‬
‫الجاني(‪ ، )3‬والوقائع التي يصنفيا المشرع ضمن المخالفات في القانون تتحقق دون إثبات الخطأ في‬
‫( ‪ ،) 4‬وفي ىذه‬ ‫حق مرتكبيا‪ ،‬إذ يكفي قيام المخالفة في شكميا المادي حتى يكون المتيم مسؤوال‬
‫فإنو ال ُيعفى من‬
‫أن المخالف التزم ببذل العناية المعتادة تحول دون وقوع المخالفة‪ّ ،‬‬
‫الحالة رغم ّ‬
‫‪،‬ألنو في جرائم المخالفات نظ ار لطبيعة المصالح التي تحمييا ال‬
‫العقاب ولو أثبت ّأنو حسن النية ّ‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.449،447‬‬


‫‪ -2‬سمير عالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Jacques-Henri Robert, op-cit, p 329 .‬‬
‫‪ -4‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬

‫‪66‬‬
‫عدم لزوم اثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يعتد فييا ببذل العناية أو حسن النية فمن خالف يعاقب‪ ،‬إالّ في حالة ثبوت قوة قاىرة أو عمى األقل‬
‫وجود غمط حتمي(‪.)1‬‬

‫الفرع الثّاني‬

‫ضرورة توافر أهمية اإلسناد‬

‫أن الجرائم المادية مثميا مثل الجرائم العادية تشترط لقياميا توافر‬
‫أ ّكد أصحاب ىذا االتجاه ّ‬
‫أىمية االسناد لدى مرتكبيا‪ ،‬والمقصود بأىمية اإلسناد واإلدراك واالختيار‪ ،‬والخاصية التي تميز‬
‫الجرائم المادية عن غيرىا ىو تجردىا من عنصر الخطأ (‪ ،)2‬خالفا لمجرائم العادية ال ّذي يمثل فييا‬
‫الخطأ سببا لمعقوبة المنصوص عمييا في القانون‪ ،‬حيث يتفق ىذا الرأي عمى ضرورة توافر أىمية‬
‫اإلسناد لدى ال ّشخص المخالف‪ ،‬فإذا تخمف ىذا الشرط فيو ال يكون أىال لتحمل العقاب باعتبار أن‬
‫توافر اإلدراك واالختيار فيو شرط أساسي لقيام المسؤولية الجنائية(‪.)3‬‬

‫حسب أصحاب ىذا الرأي فالجرائم المادية تشترط إرادة الفعل كشرط الزم في السموك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬والعقاب عمييا ال يشترط بالضرورة توافر الخطأ في السموك ال ّذي يرتكبو المخالف‪،‬‬
‫فعنصر اإلرادة ليس مجردا في ىذه الجرائم بل عمى العكس ليا دور كبير في قيام الواقعة المادية‬
‫لتحقيقيا ورغم ّأنيا مادية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المادي فإن القانون يشترط لتسميط العقاب أن‬
‫يكون الفعل عمى األقل تحقق عن حرية وارادة المخالف(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬أحمد عوض بالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.399 ،398‬‬


‫‪ -2‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -4‬محمد عبد المطيف عبد العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.129،127‬‬

‫‪67‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫ائيا عمى كل سموك إجرامي‪ ،‬واّنما البد من توافر‬


‫فرضا عشو ً‬
‫إن المشرع الجنائي ال يفرض العقوبة ً‬
‫مجموعة من األركان يجب أن تتحقق من أجل قيام الجريمة‪ ،‬ومن بين ىذه األركان الضرورية نجد‬
‫توافر الركن المعنوي الذي يستوجبو قيام الجريمة سواء كان ذلك بقصد أو بخطأ غير عمدي‪،‬‬
‫أساسا الوجو الباطني والنفساني لمسموك اإلجرامي‪.‬‬
‫ً‬ ‫فالركن المعنوي يمثل‬

‫أساسا في القصد الجنائي الخطأ غير‬


‫ً‬ ‫نستخمص أن الركن المعنوي يتكون من صورتين‪ ،‬تتمثل‬
‫العمدي‪ ،‬فالصورة األولى أي القصد الجنائي المتكون من عنصر العمم و اإلرادة وكال العنصرين‬
‫يتجيان إلى ارتكاب السموك المجرم‪ ،‬أما الصورة الثانية ىي الخطأ غير العمدي المتمثل في اتجاه‬
‫إرادة الجاني إلى ارتكاب السموك الجرم‪ ،‬ضف إلى ذلك توقع أو استطاعة توقع النتيجة لمسموك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬ورغم االختالف الشاسع بين صور الركن المعنوي لمجريمة‪ ،‬إالّ أن المسؤولية الجنائية‬
‫اء كان الجرم ارتكب بقصد أو بخطأ غير عمدي ما لم يكن‬
‫تقوم اتجاه مرتكب الفعل المجرم سو ً‬
‫ىناك مانع من موانع المسؤولية لدى الجاني‪.‬‬

‫قر أن األصل في المسؤولية الجنائية في أحكام الركن المعنوي‬


‫نالحظ أن الشرع الجنائي الجزائري ُي ّ‬
‫تنبني عمى اليقين و نفورىا عن االفتراض والتخمين‪ ،‬غير أن الضرورة في بعض األحيان تقتضي‬
‫بالخروج عن المبادرة األصمية وتجاوز الثوابت التقميدية لمجريمة وتكريس قواعد مستحدثة تؤسس‬
‫الركن المعنوي لمجريمة عمى أساس افتراض الخطأ كصورة لعدم لزوم اثبات الركن المعنوي‪ ،‬رغم‬
‫استنادا إلى المبدأ العام ال‬
‫ً‬ ‫أن القاعدة العامة تستدعي ضرورة توافر الركن المعنوي في الجريمة‬
‫جريمة بدون ركن معنوي‪ ،‬فمن خالل تحميمنا لموضوع الركن المعنوي في الجريمة واجينا الكثير‬
‫من الجرائم ال تستدعي لزوم إثبات الركن المعنوي‪ ،‬بالتالي ال تتطمب في بعض األحيان اثبات‬
‫القصد اإلجرامي‪ ،‬بل أنو مفترض توافره من مجرد وقوع الجريمة‪ ،‬وعمى ىذا الفاعل أن يثبت عدم‬
‫يحو ُل دون قيام مسؤوليتو عن السموك المجرم‪ ،‬وفي قانون العقوبات‬
‫توافر ىذا القصد أو قيام سبب ُ‬
‫صور كثيرة لجرائم تقوم عمى أساس الخطأ المفترض مثل جريمة القذف‪ ،‬جريمة اصدار شيك بدون‬
‫رصيد وجريمة الفعل العمني المخل بالحياء‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫خاتمة‬

‫ضف إلى ذلك تطبيقات الخطأ المفترض في القوانين األخرى غير قانون العقوبات والتي تتمثل في‬
‫الجرائم االقتصادية والجرائم الجمركية و المخالفات بشكل عام‪.‬‬

‫الركن المادي لمجريمة االقتصادية يتّسم بطابع الغموض والتوسع في مضمونو‪ ،‬وأصبحت‬
‫مصطمحات نص التجريم في المادة االقتصادية يتسع ألكثر من معنى‪ ،‬ضف إلى ذلك استبعاد‬
‫الزما لمجريمة االقتصادية‪ ،‬إنما ىو محل افتراض تشريعي‬
‫طا ً‬ ‫الركن المعنوي الذي لم يعد شر ً‬
‫قضائي يستدل عميو بعناصر مادية ال عالقة ليا بالنوايا الحسنة‪ ،‬ولقد تدعم موقف المشرع في‬
‫تكريس الجريمة االقتصادية كجريمة مادية القضاء الذي تخمى بدوره عن مسألة البحث في الخطأ‬
‫ويستخمص مما سبق أن المشرع في إطار‬
‫الجزائي أو في مدى توافر الركن المعنوي من عدمو ُ‬
‫الجريمة االقتصادية يستبعد الخطأ كأساس إلسناد المسؤولية الجزائية عن ىذه الجرائم‪ ،‬وىذا فيو‬
‫إقصاء صريح لمركن القصدي أو المعنوي وفي المقابل تكريس لمصفة المادية لمجريمة االقتصادية‪،‬‬
‫وتبعا لذلك فإنو يكون من غير االزم عمى سمطة االتيام إقامة الحجة إلثبات الجريمة االقتصادية‪.‬‬
‫ً‬

‫أساسا في القصد الجنائي‬


‫ً‬ ‫تتسم المنازعات الجمركية بعدم اشتراط توافر الركن المعنوي الذي يتجسد‬
‫لقيام المسؤولية عن الجريمة الجمركية‪ ،‬مما يجعل ىذه الجريمة تقوم فقط عمى الخطأ المفترض‬
‫المتمثل في المساس بتدبير من تدابير القانون ‪ ،‬وال تمتزم النيابة العامة إالّ بإثبات الركن الشرعي‬
‫مختصر في مجرد عنصر اإلرادة الواجب توافره‬
‫ًا‬ ‫والركن المادي لمجريمة ليبقى الركن المعنوي‬
‫بالضرورة لقيام الجريمة والذي يفترض توافره بالضرورة لدى المتيم الذي يقع عميو عبئ اإلثبات أن‬
‫إرادتو كانت وقت ارتكابو لمجريمة منعدمة ومشمولة‪ ،‬لكي يتمكن من التبرؤ من المسؤولية‬

‫من خالل دراستنا ليذا الموضوع صادفنا بعض النقائص أغفل المشرع عنيا‪ ،‬فارتأينا تقديميا في‬
‫شكل اقتراحات نأمل من المشرع أخذىا بعين االعتبار نذكر منيا ضرورة وضع تعريف خاص‬
‫وشامل لصور الركن المعنوي دون االكتفاء باإلشارة إلييا في النصوص القانونية‪ ،‬التمييز بين‬
‫الخطأ اليسير و الخطأ الجسيم في قانون العقوبات‪ ،‬ضرورة الفصل بين الخطأ الجزائي والمدني‬
‫وتبيان المشرع صراحة لنوع المبدأ الذي اعتنقو و يسير ِوفقو ىل أخذ بمبدأ وحدة الخطأ أم‬
‫ازدواجيتو‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫خاتمة‬

‫ضف إلى ذلك عدم اإلكثار من فكرة المجوء إلى افتراض الخطأ في القانون الجزائي خاصة في‬
‫الجرائم الخطيرة التي تستوجب االسناد المعنوي لمجريمة‪ ،‬مثال في قانون الجمارك القائم جرائمو‬
‫عمى افتراض الخطأ أصبح ينص عمى جرائم من وصف الجنايات بحيث يصعب اسنادىا إلى‬
‫فاعميا دون اثبات الركن المعنوي‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫أوال‪ :‬بالمغة العربية‬

‫‪ /1‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المنازعات الجمركية في شقيا الجزائي‪ ،‬ط ‪،5‬دار ىومو لمطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2011‬‬

‫‪ .2‬أحمد أبو الروس‪ ،‬جرائم السرقات والنصب وخيانة األمانة والشيك بدون رصيد‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ .3‬أحمد عوض بالل‪ ،‬الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية بدون خطأ (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1993‬‬
‫‪ ،__________ .4‬المذىب الموضوعي وتقمص الركن المعنوي لمجريمة (دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬مصر‪.1988 ،‬‬
‫كرو‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام ‪،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬تونس‪. 1988– 1987 ،‬‬ ‫‪ .5‬اليادي ّ‬
‫‪ .6‬أكرم نشأت إبراىيم ‪،‬القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ‪،‬دط ‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة و النشر ‪،‬بيروت ‪،‬د‬
‫س ن‪.‬‬
‫‪ .7‬بمعميات إبراىيم ‪ ،‬أركان الجريمة و طرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري [أركان الجريمة ‪ ،‬أىمية اإلثبات‬
‫الجنائي ‪ ،‬طرق اإلثبات الجنائية ]‪ ،‬دار الخمد و نية لمنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪.2007 ،‬‬

‫‪ .8‬بن شيخ لحسين مبادئ القانون الجنائي العام‪ ،‬دط‪ ،‬دار ىومو‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬

‫‪ .9‬جرجس يوسف طعمو‪ ،‬مكانة الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية (دراسة قارنة)‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪،‬‬
‫لبنان‪.2005 ،‬‬
‫‪ .10‬خمفي عبد الرحمان ‪،‬القانون الجنائي العام [دراسة مقارنة ]‪ ،‬دار بمقيس لمنشر ‪،‬الجزائر ‪.2016،‬‬

‫‪ .11‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لقانون العقوبات (دراسة مقارنة)‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬

‫‪ .12‬سمطان عبد القادر الشاوي ‪ /‬محمد عبد اهلل الوريكات ‪ ،‬المبادئ العامة في قانون العقوبات ط ‪، 1‬دار وائل لمنشر‪،‬‬
‫األردن‪. 2011 ،‬‬

‫‪ .13‬سمير عالية ‪،‬أصول قانون العقوبات القسم العام [معالمو ‪،‬نطاق تطبيقو ‪،‬الجريمة ‪،‬المسؤولية ‪ ،‬الجزاء ] ‪،‬المؤسسة‬
‫الجامعية لمدراسات و النشر و التوزيع ‪،‬بيروت ‪.1996،‬‬

‫‪ .14‬عبد اهلل سميمان ‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري [الجريمة ] ‪-‬القسم العام ‪ -‬ط ‪، 6‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪. 2005،‬‬

‫‪ .15‬عبد الحميد المنشاوي ‪،‬جريمة القذف والسب وافشاء األسرار‪ ،‬دط؛ دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫ي فوده ‪ ،‬االستم اررية والوقتية في الجرائم العمدية‪ ،‬دار األلفى لمتوزيع والنشر‪،‬مصر‪.2004،‬‬
‫‪ .16‬عبد الحك م‬

‫‪71‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .17‬عبد الرحمان توفيق أحمد‪ ،‬شرح قانون العقوبات –القسم الخاص‪(-‬الجرائم الواقعة عمى األموال)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬

‫‪ .18‬عبد الرؤوف ميدي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1976‬‬

‫‪ .19‬عبد القادر عدو ‪،‬قانون العقوبات الجزائري ‪ [،‬القسم العام ] ‪ ،‬نظريو الجريمة ‪ ،‬نظرية الجزاء الجنائي ‪ ،‬دار ىومة‬
‫لمطباعة و النشر ‪ ،‬الجزائر ‪. 2010 ،‬‬

‫‪ .20‬عبد العزيز سعد‪ ،‬جرائم االعتداء عمى األموال العامة والخاصة‪ ،‬ط‪ ،6‬دار ىومو لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2012،‬‬

‫‪ .21‬غازي حنون خمف الدراجي ‪ ،‬استظيار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد ‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪،‬لبنان‬
‫‪.2012‬‬

‫‪ .22‬فريجة حسين‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د س ن‪.‬‬

‫‪ .23‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ ،‬خالد حميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانون العقوبات ‪-‬القسم العام‪ -‬دار الثقافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن ‪.2010،‬‬

‫‪ .24‬كامل السعيد‪ ،‬شرح األحكام العامة في قانون العقوبات‪[،‬دراسة مقارنة ] ط ‪،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‬
‫‪.2009‬‬

‫‪ .25‬م حمد عبد المطيف عبد العال ‪ ،‬الجرائم المادية وطبيعة المسؤولية الناشئة عنيا ‪ ،‬دار النيضة العربية ‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1997‬‬

‫‪ .26‬محمد صبحي نجم‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬د ط‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ .27‬محمد سعيد نمور ‪ ،‬شرح قانون العقوبات –القسم الخاص‪( -‬الجرائم الواقعة عمى األشخاص)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬

‫‪ .28‬م حمد حماد الييتي‪ ،‬الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية‪ ،‬ط‪،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪.2005،‬‬

‫‪ .29‬معوض عبد التواب‪ ،‬الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ ‪ ،‬ط ‪ ،10‬مكتبة عالم الفكر والقانون لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬طنطا‪.2004،‬‬

‫‪،‬ط‪ ،4‬توزيع دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪ ،__________ .30‬الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ‬
‫مصر‪.1998،‬‬

‫‪ .31‬ممحم مارون كرم‪ ،‬الجريمة االقتصادية في القانون المبناني (دراسة قانونية تحميمية)‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبنان ‪.1999‬‬

‫‪ ،__________ .32‬الجريمة االقتصادية (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط ‪ ،2‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪2015 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .33‬نبية صالح ‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي [مقارناً بكل من القصد االحتمالي و القصد المتعدي و القصد الخاص‬
‫مكتبة دار الثقافة لمنشر و التوزيع األردن ‪.2004،‬‬

‫‪، 1‬دار‬ ‫‪ .34‬نظام توفيق المجالي ‪ ،‬دراسة تحميمية في النظرية العامة لمجريمة و المسؤولية الجزائية [القسم العام] ط‬
‫الثقافة لمنشر و التوزيع ‪ ،‬األردن ‪.2009،‬‬

‫‪ ،___________ .35‬شرح قانون العقوبات‪،‬القسم العام [دراسة تحميمية في النظرية العامة ]‪،‬ط ‪ ،3‬دار الثقافة لمنشر‬
‫و التوزيع‪ ،‬األردن‪.2016 ،‬‬

‫‪ /2‬الرسائل والمذكرات الجامعية‬

‫‪ .1‬اطروحات دكتوراه‬
‫‪- 1‬طباش عزالدين ‪،‬النظام القانوني لمخطأ غير العمدي في جرائم العنف ‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتو ار ه في‬
‫العموم ‪،‬كمية الحقوق و العموم السياسية ‪ ،‬جامعة مولود معمري ‪،‬تيزي وزو‪.2014،‬‬
‫‪- 2‬عمر السعيد رمضان‪ ،‬الركن المعنوي في المخالفات‪ ،‬رسالة لمحصول عمى درجة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬القاىرة‪.1959،‬‬

‫‪ .2‬مذكرات الماستر‬
‫‪- 1‬أسامة فايز عوض اهلل حسن‪ ،‬جرائم الصرف في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماستر في الحقوق‬
‫تخصص قانون جنائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2016-2015 ،‬‬

‫‪- 2‬بن عيسى كيينة‪ -‬برانسي سميمة ‪ ،‬جريمة القذف بين قانون العقوبات وقانون اإلعالم ‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل‬
‫شيادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الخاص والعموم الجنائية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2015 ،‬‬

‫‪- 3‬النصوص القانونية‬


‫‪ .1‬الدستور‬
‫‪ ،1996‬المنشور بموجب المرسوم‬ ‫دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة‬
‫الرئاسي رقم‪ ،438-96‬مؤرخ في ‪7‬ديسمبر ‪ ،1996‬ج رج ج‪ ،‬عدد ‪ ،76‬صادرة في ‪ 8‬ديسمبر ‪،1996‬‬
‫معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 03-02‬مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ ،2002‬ج ر ج ج ‪ ،‬عدد ‪ ،25‬صادرة في ‪14‬‬
‫أفريل ‪ ،2002‬وبالقانون رقم ‪ ،19-08‬مؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ ،2008‬ج ر ج ج ‪ ،‬عدد ‪ ،63‬صادرة‬
‫‪ 16‬أفريل ‪ ،2008‬معدل و متمم بالقانون رقم ‪ ،01-16‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ ،2016‬ج ر ج ج‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،14‬صادرة في ‪ 7‬مارس ‪.2016‬‬

‫‪73‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .2‬النصوص التشريعية‬
‫‪- 1‬األمر رقم ‪ 15-74‬مؤرخ في ‪ 1974-01-30‬متعمق نإلزامية التأمين عمى السيارات و نظام‬
‫التعويض عن األضرار ‪،‬ج ر ع ‪ ، 15‬الصادرة في ‪ 1974-02-19‬و المعدل بقانون ‪-88‬‬
‫‪31‬المؤرخ في ‪، 1988-07-19‬ج ر عدد‪ 29‬الصادرة في ‪. 1988-07-20‬‬
‫‪- 2‬أمر رقم ‪ ،06-05‬المؤرخ في ‪ ،2005-08-23‬المتعمق بمكافحة التيريب‪ ،‬ج ر عدد ‪ 59‬صادر‬
‫‪ ،17-05‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪،2005‬‬ ‫في ‪28‬أوت ‪ ،2005‬الموافق عميو بموجب القانون رقم‬
‫المعدل والمتمم باألمر رقم ‪ 09-06‬مؤرخ في ‪05‬يونيو ‪ ،2006‬الموافق عميو بالقانون رقم ‪-06‬‬
‫‪ 20‬مؤرخ في ‪31‬ديسمبر ‪ ،2006‬جر عدد ‪80‬مؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر‪.2006‬‬
‫‪- 3‬أمر رقم ‪ ، 156 -66‬مؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ، 1966‬يتضمن قانون العقوبات ‪،‬ج ر ‪.‬ج ج‪،‬عدد‪،49‬‬
‫‪ 02-16‬مؤرخ في ‪ 19‬يونيو‬ ‫صادرة بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪،1966‬المعدل و المتمم بالقانون رقم‬
‫‪،2016‬ج ر ‪،‬ج ج ‪،‬عدد‪، 37‬صادرة بتاريخ ‪22‬يونيو ‪.2016‬‬
‫‪- 4‬أمر رقم ‪ ،155-66‬مؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪،1996‬يتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬ج رج ج عدد‬
‫‪ ،49‬صادرة بتاريخ ‪11‬يونيو ‪،1966‬المعدل و المتمم بالقانون رقم ‪ 07-17‬مؤرخ في ‪ 27‬مارس‬
‫‪،2017‬ج رججعدد‪، 20‬صادرة بتاريخ‪29‬مارس‪.2017‬‬

‫‪- 5‬قانون رقم ‪ ،05-12‬المؤرخ في ‪12‬جمادى األول ‪، 1433‬الموافق لـ ‪4‬أفريل ‪، 2012‬ج ر ج ج‬


‫عدد‪ ،20‬المتضمن قانون اإلعالم‪.‬‬
‫‪- 6‬قانون رقم ‪ 07-79‬المؤرخ في ‪21‬يوليو سنة ‪ ،1979‬المتضمن قانون الجمارك‪ ،‬المعدل والمتمم‪،‬‬
‫حسب قانون رقم ‪ 10-14‬المؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر سنة ‪ ،2014‬يتضمن قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،2015‬ج ر ‪ ،78‬مؤرخة في ‪31‬ديسمبر سنة ‪.2014‬‬

‫‪ .3‬الق اررات القضائية‬


‫‪- 1‬قرار رقم ‪ 223417‬مؤرخ في ‪ ،2000/10/03‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪.2002 ،‬‬
‫‪- 2‬قرار رقم ‪ 343259‬مؤرخ في ‪ ،2001/06/05‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪.2002 ،‬‬

‫‪-4‬المواقع اإللكتزونية‬

‫‪-1‬عمى عبد اهلل حمادة‪ ،‬الركن المعنوي في المخالفات‪،‬‬


‫‪http:ll.www.sienees juridiques.ahlamontada.net/t207-topic‬‬
‫‪19:41‬‬ ‫‪2017‬‬
‫‪- 05‬‬
‫‪- 01‬‬

‫‪-2‬جرائم الصرف في التشريع الجزائري‪.14 :05 2017/06/03 www.staralgeria.net t 6531 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ بالمغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬

1- Mayaud Yves, Droit Pénal Général,2e édition, presses universitaires de France, paris,
2004 .
2- Dreyer Emmanuel, Droit pénal général, Edition Litec, paris, 2010.
3- Bouloc Bernard, Droit pénal général, 19e édition, Dalloz , paris, 2005.
4- Jacques-Henri Robert, Droit pénal général, 4e édition, presses universitaires de francs,
paris 1999.

75
‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬

‫المقدمة ‪1 ....................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مضمون قاعدة ال جريمة بدون ركن معنوي‪5 ....................................‬‬

‫المبحث األول‪:‬القصد الجنائي‪6 ...............................................................‬‬

‫المطمب األول‪:‬مفيوم القصد الجنائي‪6 ........................................................‬‬

‫الفرع األول‪:‬تعريف القصد الجنائي‪7 ..........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬عناصر القصد الجنائي‪8 ........................................................‬‬

‫أوال‪ :‬عنصر العمم في القصد‪8 ...............................................................‬‬

‫ثانيا‪:‬عنصر اإلرادة في القصد‪15 ...........................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تقسيمات القصد الجنائي واثباتو‪16 ...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تقسيمات القصد الجنائي‪16 .....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث نطاق القصد ‪16 .............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث إرادة نتيجة السموك ‪18 ......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬كيفية إثبات القصد الجنائي‪19 .................................................‬‬

‫المبجث الثاني‪ :‬الخطأ غير العمدي‪21 ......................................................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفيوم الخطأ غير العمدي‪21.................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الخطأ غير العمدي ومعاييره‪22 .........................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ غير العمدي‪22 .........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬معايير الخطأ غير العمدي‪23 ........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر الخطأ غير العمدي‪26 ................................................‬‬

‫أوال‪ :‬اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب السموك‪26 ..............................................‬‬

‫‪76‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫ثانيا‪ :‬توقع النتيجة أو استطاعة توقعيا‪26 ...................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬صور الخطأ غير العمدي‪28 ..................................................‬‬

‫أوال‪ :‬اإلىمال وعدم االنتباه‪28 ..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬قمة االحتياط والتحرز‪29 .............................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الرعونة‪29 ..........................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬عدم مراعاة القوانين واألنظمة‪30 .....................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬أنواع الخطأ غير العمدي وأحكامو‪31 .......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع الخطأ غير العمدي‪31 ...................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الخطأ اليسير والخطأ الجسيم‪31.......................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخطأ الجنائي والخطأ المدني‪33 .....................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الخطأ العادي والخطأ الفني‪35 .......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات الخطأ غير العمدي‪36 .................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حكم تعدد األخطاء‪37 .......................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عدم لزوم إثبات الركن المعنوي لقيام الجريمة‪39 ............................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬افتراض الخطأ كصورة لعدم لزوم إثبات الركن المعنوي‪40 ..................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬المقصود بفكرة افتراض الخطأ‪40 ..........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الخطأ المفترض واالختالف الفقيي بشأنو‪41 ..........................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ المفترض‪41 ..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختالف الفقيي بشأنو‪41 .........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبررات إفتراض الخطأ‪42 ...................................................‬‬

‫‪77‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تطبيقات الخطأ المفترض‪44 ............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطبيقات الخطأ المفترض في قانون العقوبات‪45 ............................‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬تطبيقات الخطأ المفترض في القوانين االخرى‪49 ...........................‬‬

‫أوال‪ :‬ضعف الركن المعنوي في الجرائم االقتصادية‪49 ..................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المعنوي في جرائم الجمركية‪51 .............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عدم لزوم اثبات الركن المعنوي في المخالفات‪55 ........................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬ماىية الركن المعنوي في جرائم المخالفات‪56 ............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬النظرية المادية البحتة‪57 ..................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النظرية الشخصية (الذاتية)‪58 .............................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تقدير النظريات التي قامت عمييا فكرة الجريمة المادية‪63 ...................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬حقيقة الركن المعنوي في المخالفات‪64 ..................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مدى تجرد المخالفات من أي عنصر شخصي‪64 ...........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضرورة توافر أىمية اإلسناد‪67 .............................................‬‬

‫خاتمة ‪68 .............................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪72 .......................................................................‬‬

‫فيرس المحتويات‪77 ...................................................................‬‬

‫‪78‬‬
:‫ملخص‬

‫يعتبر الركن المعنوي أحد أىم عناصر الجريمة التي ال يمكن اسناد المسؤولية الجزائية لمرتكبيا‬
‫ باعتبار أن القانون الجزائي ال ييتم باألثار المادية لمسموك‬،‫دون اثبات درجة اإلستعداد النفسي لديو‬
‫ إال أن الطابع المعنوي ليذا العنصر جعل ميمة‬،‫أكثر من اىتمامو بدرجة خطورة اإلجرامية لمجاني‬
‫ أي بين العمد وصوره من جية‬،‫ باإلضافة الى صعوبة التمييز بين صوره أيضا‬،‫اثباتو صعبة‬
.‫والخطأ غير العمدي وصوره من جية أخرى‬

‫مبسطة ال‬
ّ ‫إذ أن ىذه الصعوبة جعمتيا التشريعات الحديثة مبر ار لتبني نصوص تجريمية‬
‫ ونظ ار‬،‫ بدعوى استحالة ذلك تارة‬،‫تقتضي إثبات ىذا العنصر الجوىري إلسناد المسؤولية‬
‫لخصوصية بعض الجرائم والتي تقتضي اإلسراع في الفصل فييا تارة أخرى خاصة عندما يتعمق‬
‫ أو بدعوى تفاىة الجريمة خاصة عندما تكون بتكييف مخالفة‬،‫األمر بجرائم ذات طابع اقتصادي‬
."‫معنوي‬ ‫وىذا في الحقيقة يخالف مبدأ أساسي في التجريم وىو قاعدة " ال جريمة بدون ركن‬

Resume:
L’élément moral est la composante de l’infraction qui constitue le lien
entre l’acte matériel et l’auteur lorsque ce dernier a agi librement et avec
discernement, il est la condition primordiale de l’imputation de
l’infraction, et à base de cet élément qu’il est possible de différencier entre
les actions et omissions commis soit avec intention ou par non-intention.
L’élément moral représente aujourd’hui un enjeu très particulier, causé
par la nouvelle orientation de la politique pénale vers la large adoption des
incriminations sans prendre compte de la faute de l’auteur, parfois à cause
de la complexité de l’infraction et qui exige un solution rapide comme
l’infraction économique, et parfois à cause de la simplicité de l’infraction
comme les contraventions, ce qui constitue une véritable atteinte au
principe « pas d’infraction sans élément moral ».

You might also like