Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫‪Hak Bertetangga‬‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫لقد أوصى اإلسالم بالجار وأعلى من قدره‪ ،‬فللجار في ديننا حرمة مصونة‪،‬‬
‫وحقوق مرعية‪ ،‬حيث قرن المولى سبحانه وتعالى اإلحسان إلى الجار بعبادته‬
‫ٱع ُب ُدو ْا ٱهَّلل َ َواَل ُت ۡش ِر ُكو ْا ِبهِۦ َش ۡي ٗـٔ ۖا َو ِب ۡٱل ٰ َولِدَ ۡي ِن‬
‫۞و ۡ‬ ‫َ‬ ‫وتوحيده؛ فقال عز من قائل‪{ :‬‬
‫ار ۡٱل ُج ُن ِ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ٰ‬ ‫ۡ‬
‫ب‬ ‫ار ذِي ٱلقُ ۡر َب ٰى َوٱل َج ِ‬ ‫ِين َوٱل َج ِ‬ ‫ِإ ۡح ٰ َس ٗنا َو ِبذِي ٱلقُ ۡر َب ٰى َوٱل َي َت َم ٰى َوٱل َم ٰ َسك ِ‬
‫ان م ُۡخ َتااٗل‬ ‫يل َو َما َم َل َك ۡت َأ ۡي ٰ َم ُن ُك ۡۗم ِإنَّ ٱهَّلل َ اَل ُيحِبُّ َمن َك َ‬
‫ب َو ۡٱب ِن ٱلس َِّب ِ‬‫ب ِب ۡٱل َج ۢن ِ‬
‫َوٱلصَّا ِح ِ‬
‫َف ُخورً ا } [النساء‪.]36 :‬‬
‫‪Dan sembahlah Allah dan janganlah kamu mempersekutukan-Nya dengan sesuatu‬‬
‫‪apa pun. Dan berbuat baiklah kepada kedua orang tua, karib-kerabat, anak-anak‬‬
‫‪yatim, orang-orang miskin, tetangga dekat dan tetangga jauh, teman sejawat, ibnu‬‬
‫‪sabīl dan hamba sahaya yang kamu miliki. Sungguh, Allah tidak menyukai orang‬‬
‫‪yang sombong dan membanggakan diri.‬‬

‫هذه ‪ -‬عباد هللا ‪ -‬وصية هللا عز وجل في كتابه‪ ،‬أما وصية رسوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم فقد جاءت في صورة جليلة‪ ،‬وتعبير مستفيض يجلي مكانة وحق الجار في‬
‫اإلسالم؛ قال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت‬
‫أنه سيورِّ ثه"‪ .‬أي‪ :‬حتى ظننت أن الوحي سينزل بتوريثه‪ .‬وما كان النبيُّ ليظنَّ‬
‫هذا الظن إال لكثرة ما كان يؤمر به من الوصية بالجار‪ ،‬فتأملوا هذا ‪-‬رحمكم هللا‬
‫‪.-‬‬

‫عباد هللا‪ ،‬الجار هو من جاورك في دارك‪ ،‬والمرجع في ذلك إلى عرف الناس‪،‬‬
‫فكل من عده الناس جاراً لك فهو جار تجب له حقوق الجوار‪.‬‬

‫والجيران ثالثة‪:‬‬
‫جار له ثالثة حقوق فهو الجار المسلم القريب‪ ،‬له حق اإلسالم وحق القرابة‬
‫وحق الجوار‬
‫وجار له حقان هو الجار المسلم‪ ،‬له حق اإلسالم وحق الجوار‬
‫وجار له حق واحد هو الكافر له حق الجوار فقط‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ ،‬لقد كان السلف الصالح والكرام من الناس يعرفون قدر الجوار‪،‬‬
‫وال يؤثرون بالجار الصالح ماالً وال عرضا ً من الدنيا؛ فهذا محمد بن الجهم‬
‫داره للبيع‪ ،‬فلما حضر الراغبون في شراء داره‪ ،‬قال لهم‪ :‬قد اتفقنا على‬ ‫يعرض َ‬
‫جوار سعي ِد بن العاص؟ فقيل له وهل الجوار يباع؟ قال‬
‫َ‬ ‫ثمن الدار‪ ،‬فبكم تشترون‬
‫َ‬
‫غبت‬ ‫قعدت سأل عنك‪ ،‬وإن رآك رحب بك‪ ،‬وإن‬ ‫َ‬ ‫وكيف ال يباع جوار من إذا‬
‫شهدت قربك‪ ،‬وإن سأل َته قضى حاجتك‪ ،‬وإن لم تسأله ابتدأك‪ ،‬وإن‬ ‫َ‬ ‫حفظك‪ ،‬وإن‬
‫نابتك نائبة فرج عنك؟ فبلغ ذلك سعيد بن العاص فوجه إليه بالمال‪ ،‬وقال له‪:‬‬
‫أمسك عليك دارك‪ .‬نعم؛ إنها بجيرانها تغلو الديا ُر وترخص‪.‬‬

‫عباد هللا إن أولى الجيران بالرعاية واإلحسان أقربهم بابا ً إلينا؛ جاء في البخاري‬
‫عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬قلت يا رسول هللا‪ :‬إن لي جارين‪ ،‬فإلى أيهما‬
‫أهدي؟ قال‪" :‬إلى أقربهما منك باباً"‪ ،‬أخرجه البخاري‪.‬‬

‫حق الجوار عظي ٌم َ‬


‫ربطه نبيُّنا محم ٌد ‪ -‬صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬باإليمان باهلل‬ ‫إن َّ‬
‫واإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬فقال ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪" :-‬من كان يُؤمنُ باهلل واليوم‬
‫جاره"‪.‬‬
‫ُكرم َ‬
‫اآلخر فلي ِ‬

‫ث عن الترمذي وابن حبان وابن خزيمة والحاكم‪ ،‬وصحَّ حه‪" :‬خي ُر‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫لجاره"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األصحاب عند هللا خيرُهم لصاحبه‪ ،‬وخي ُر الجيران عند هللا خيرُهم‬

‫عباد هللا‪ :‬إن من أعظم حقوق الجار‪ :‬كف األذى عنه‪ ،‬فهي أقل ما يجب على‬
‫الجار تجاه جاره‪ ،‬فإنه إذا لم يحسن إليه‪ ،‬فال أقل من أن يكف أذاه عنه‪ .‬فيكفُّ‬
‫ِين‬ ‫ِين يُْؤ ُذ َ‬
‫ون ْالمُْؤ ِمن َ‬ ‫األذى عنه سواء كان بالقول أو الفعل‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬والَّذ َ‬
‫اك َت َسبُوا َف َق ِد احْ َت َملُوا ُب ْه َتا ًنا َوِإ ْثمًا م ُِبي ًنا ﴾ [األحزاب‪،]58 :‬‬ ‫َو ْالمُْؤ ِم َنا ِ‬
‫ت ِب َغي ِْر َما ْ‬
‫والجار من عموم المؤمنين وله حقوق فوق مسألة اإليمان‪ ،‬وهو حق الجوار‪.‬‬

‫حذر النبي من ذلك أش ّد التحذير فقال كما في حديث أبي شريح ‪ -‬رضي هللا‬ ‫وقد َّ‬
‫عنه ‪" :-‬وهللا ال يؤمن‪ ،‬وهللا ال يؤمن‪ ،‬وهللا ال يؤمن"‪ .‬قيل‪َ :‬من يا رسو َل هللا؟ قال‪:‬‬
‫"الذي ال يأمن جارُه بوائ َقه" [البخاري (‪ ،])6016‬أي‪ :‬الذي ال يأمن جارُه ظلمه‬
‫وغدره وخيانته وعدوانه‪ ،‬وهذا دلي ٌل على تحريم العدوان على الجار بأي صورة‬
‫كانت‪ ،‬وأنَّ ذلك من كبائر الذنوب‪ ،‬فليحذر المسلم أش َّد الحذر أن يكون متصفا ً‬
‫بشي ٍء من هذه األوصاف‪.‬‬

‫أخرج اإلمام أحمد وابن حبان ‪ -‬بسند صحيح ‪ -‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه‬
‫‪ -‬قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إن فالنة تكثر من صالتها وصدقتها وصيامها‪،‬‬
‫غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها‪ ،‬قال‪(( :‬هي في النار))‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬فإن‬
‫فالنة يذكر من قلة صيامها وصالتها‪ ،‬وال تؤذي جيرانها‪ ،‬قال‪(( :‬هي في‬
‫الجنة))؛ (صحيح الترغيب‪.)2560:‬‬

‫يقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ثالث خصال من سعادة المرء‪ :‬الجار الصالح‪،‬‬
‫والمركب الهنيء‪ ،‬والمسكن الواسع» (رواه أحمد‪ ،15409 :‬والبخاري في‬
‫األدب المفرد‪ ،116 :‬والحاكم‪ ،7306 :‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ .‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫وقال المنذري في الترغيب والترهيب ‪ :3/246‬رواه أحمد ورواته رواة‬
‫الصحيح‪ .‬وصححه السيوطي في الجامع الصغير ‪.)3460‬‬

‫وعن أبي ذر رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬يا أبا ذر‬
‫إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» (رواه مسلم‪ .)2625 :‬قال‬
‫القرطبي(تفسير القرطبي ‪5/185‬ـ‪" :)186‬فحض عليه السالم على مكارم‬
‫األخالق‪ ،‬لما يترتب عليها من المحبة وحسن العشرة‪ ،‬ودفع الحاجة والمفسدة‪،‬‬
‫فإن الجار قد يتأذى بقُ َتار (القتار ـ بضم القاف ـ‪ :‬رائحة الطعام في القدر‪ ،‬ومثله‬
‫رائحة الشواء)‬

You might also like