Professional Documents
Culture Documents
علي قسايسية
علي قسايسية
اتجاهات الشباب الجامعً فى مشاهدة الفضائٌات وتأثٌراتها المحتملة على القٌم والسلوك (دراسة مٌدانٌة)
أ.د /ياس خضير البياتي -جامعة بغداد ...ص99
مقاربات جمهور وسائل اإلعالم ومستخدمً الوسائط الجدٌدة
أ.د /علي قسايسية -جامعة الجزائر ...ص 55
عوامل تشكٌل الصورة الذهنٌة النمطٌة للمرأة العربٌة المسلمة فى اإلعالم الغربً دراسة من منظور النخبة
األكادٌمٌة العربٌة
أ.د /عزة عبد العزيز عثمان -جامعة سوهاج ...ص99
تأثٌر الفواصل اإلعالنٌة فى القنوات الفضائٌة التلفزٌونٌة على الجمهور -فحص امبرٌقً لتقصً الدور المتعاظم لمعالجة
المعلومات من خالل استخدام نماذج بنائٌة
أ.م.د /أحمد محمد زايد -جامعة سوهاج ...ص905
د /فاطمة الزهراء صالح أحمد -جامعة سوهاج
دور وسائل اإلعالم فً الحملة االنتخابٌة الرئاسٌة فً مصر 2102دراسة فً ضوء نظرٌة التهجٌن Hybridization
د /عادل صالح -جامعة سوهاج ...ص959
صحافة المواطن وإعادة إنتاج األدوار
د /ثريا السنوسي -كلية اإلمارات للتكنولوجيا بأبو ظبي ...ص999
الدراما التلفزٌونٌة العربٌة وجمهور النساء الماكثات فً البٌت
سميرة بلغيثية -جامعة الجزائر ...ص 302
** األسماء مرتبة وفقا لتاٌخ الحصىل على درجة أستاذ جامعً
حقىق الطبع © الجوعيت الوصريت للعالقاث العاهت 1024
ال ٌجىص ،دوْ اٌحصىي ػٍى إرْ خطً ِٓ إٌاشش ،اعتخذاَ أي ِٓ اٌّىاد اٌتً تتضّٕها هزٖ
اٌّجٍت ،أو اعتٕغاخها أو ٔمٍها ،وٍٍا أو جضئٍا ،فً أي شىً وبأي وعٍٍت ،عىاء بطشٌمت إٌىتشؤٍت أو
آٌٍت ،بّا فً رٌه االعتٕغاخ اٌفىتىغشافً ،أو اٌتغجًٍ أو اعتخذاَ أي ٔظاَ ِٓ ٔظُ تخضٌٓ
اٌّؼٍىِاث واعتشجاػها ،وتطبك جٍّغ اٌششوط واألحىاَ واٌمىأٍٓ اٌذوٌٍت فٍّا ٌتؼٍك بأتهان حمىق
اإلٌىتشؤٍت. أو اٌّطبىػت ٌٍٕغخت واٌطبغ إٌشش
وٌتمذٌُ طٍب اٌحصىي ػٍى هزا اإلرْ واٌّضٌذ ِٓ االعتفغـاساثٌ ،شجـى االتصـاي بـشئٍظ ِجٍـظ
إداسة اٌجّؼٍت اٌّصشٌت ٌٍؼاللاث اٌؼاِت ػٍى اٌؼٕىاْ اٌتاًٌ:
EPRA Publications
Egyptian Public Relations Association, Giza, Egypt
Dokki, Ben Elsarayat -2 Ahmed Elzayat St.
اٌهاتف (+2) 0114 -15 -14 -157 - (+2) 0114 -15 -14 -151 - (+2) 02-376-20 -818 :
جملة حبوث العالقات العامة الشرق األوسط
التعريف بالمجلة:
o
o
o
o
o
o
قواعد النشر:
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
االفتتاحية
استقبل الباحثون فى مجال الدراسات اإلعالية العدد األول من مجمة بحوث العالقات العامة الشرق
األوسط بارتياح كبير.
لقد أتاحت المجمة نافذة جديدة لمنشر العممي لبحوث طمبة وطالبات مرحمة الدكتو ارة – ولبحوث
أعضاء ىيئة التدريس الراغبين فى التقدم لمترقي لدرجتي أستاذ مساعد وأستاذ .كذلك وجد األساتذة
الراغبون فى تقديم انتاجيم لممجتمع العممي بكافة مستوياتو الفرصة لمنشر عمى نطاق العالم العربي
أيضا من خالل
وبعض الدول األجنبية التي تصل إلييا المجمة من خالل مندوبييا في ىذه الدول ،و ً
موقعيا اإللكتروني.
وقد اعترفت المجنة العممية (تخصص اإلعالم) لترقية أعضاء ىيئة التدريس إلى أساتذة وأساتذة
مساعدين بالمجمة بعد أن اطمعت عمى العدد األول وتم تقييميا بنفس درجة المجالت العممية ألقسام
اإلعالم فى الجامعات المصرية.
واآلن نقدم لمباحثين فى الدراسات اإلعالمية والميتمين بيذا المجال العد الثاني من المجمة وىو يتضمن
بحوثًا ورؤى عممية لألساتذة واألساتذة المساعدين والمدرسين وكذلك لطمبة مرحمة الدكتوراه.
ففي البداية نجد الرؤية العممية التى قدميا رئيس التحرير لمواقع العربي الحالي كما تنبأ بو وقدمو
لممؤتمر العممي لكمية اإلعالم جامعة القاىرة عام .6002والذى أوضح فيو النمو المتصاعد لمتطرف
الديني الذي تحول إلى إرىاب مدمر ميددا استقرار المجتمعات العربية ،وأشار إلى األدوار اإليجابية
والسمبية لإلعالم فى ىذه المجتمعات .كذلك يتضمن العدد الثاني من المجمة عددا من األوراق العممية
المقدمة من أساتذة كبار فى مجال اإلعالم من عدة دول مختمفة وىم :أ.د /ياس خضير البياتي من
(العراق) فى موضوع " :اتجاىات الشباب الجامعي فى مشاىدة الفضائيات وتأثيراتيا المحتممة عمى القيم
والسموك (دراسة ميدانية) ،أ.د /علي قسايسية من (الجزائر) حول " :مقاربات جميور وسائل اإلعالم
ومستخدمي الوسائط الجديدة " ،وقدمت أ.د /عزة عبد العزيز عثمان ورقة عممية حول " :عوامل تشكيل
الصورة الذىنية النمطية لممرأة العربية المسممة فى اإلعالم الغربي دراسة من منظور النخبة األكاديمية
العربية ".
كما يتضمن العدد بحوثًا مقدمة لمنشر العممى بيدف تكوين رصيد لمباحثين من شباب أعضاء
ىيئة التدريس لمتقدم لمترقية ومنيم :أ.م.د /أحمد محمد زايد ،ود .فاطمة الزهراء صالح حيث قدما ورقة
عممية مشتركة حول موضوع ":تأثير الفواصل اإلعالنية فى القنوات الفضائية التمفزيونية عمى الجميور
فحص امبريقي لتقصي الدور المتعاظم لمعالجة المعمومات من خالل استخدام نماذج بنائية" ،ومن
(تونس) تقدمت د .ثريا السنوسي بموضوع عن ":صحافة المواطن واعادة إنتاج األدوار" ،وتقدم
د .عادل صالح ببحث عن " :دور وسائل اإلعالم في الحممة االنتخابية الرئاسية في مصر 6006
دراسة في ضوء نظرية التيجين ."Hybridization
وأخي ار تأتى البحوث المقدمة من الطمبة المسجمين لدرجة الدكتوراه الستيفاء شرط النشر لبحثين من
الرسالة قبل مناقشتيا .والبحوث المقدمة لمنشر فى ىذا العدد ىى " :الدراما التمفزيونية العربية وجميور
النساء الماكثات في البيت " ،لمباحثة سميرة بلغيثية من دولة (الجزائر).
ولالستفادة من الرسائل العممية تقدم عدد من الباحثين الحاصمين عمى درجات الماجستير والدكتوراه
بنشر ممخصات دراساتيم وىم :أسامة محمد حسانين وتقدم بنشر ممخص لرسالة دكتوراه بعنوان " :دور
الفٍس بىك فً إمداد الشباب الجامعً بالمعلىمات حىل قضاٌا الفساد المصري " ،الباحثة نسرين محمد
عبد العزيز لرسالة ماجستير بعنوان " :دور الدراما المصرية فى الفضائيات العربية فى نشر ثقافة السالم
لدى طالب الجامعات ".
وىكذا فإن المجمة ترحب بالنشر فييا لمختمف األجيال العممية من جميع الدول جيل األساتذة
وبحوثيم ال تخضع لمتحكيم طبقا لمقواعد المتبعة لمنشر العممى فى المجالت العممية .أما البحوث المنشورة
ألعضاء ىيئة التدريس الراغبين فى التقدم لمترقية لمدرجة األعمى والطالب المسجمين لدرجة الدكتوراه
فتخضع جميعيا لمتحكيم من قبل األساتذة المتخصصين.
وجميع ىذه البحوث واألوراق العممية تعبر عن أصحابيا دون تدخل من ىيئة تحرير المجمة التى
تحدد المحكمين وتقدم مالحظاتيم إلى أصحاب البحوث الخاضعة لمتحكيم لمراجعة التعديالت العممية قبل
النشر.
ندعو اهلل أن يوفقنا إلثراء النشر العممى فى تخصص العالقات العامة بشكل خاص والدراسات
اإلعالمية بشكل عام.
إعذاد
(*)
أ.د /علي قسايسية
(*)
األستار بجامعة الجزائر.3
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 56
تبين الجوانب النظرية والمفاىيمية المتعمقة بجميور وسائل اإلعالم والدراسات الخاصة بو ،أن
الباحثين الميتمين بيذا الميدان ال يتعاممون مع أنموذج واحد أومع مقاربة واحدة ألبحاث الجميور أو
نظرية واحدة لالتصال الجماىيري ،ولكنيم يعالجون شيئا أكثر بقميل من مجموعة من التطمعات البديمة
والتعميمات التي تتوقف قابميتيا لمتطبيق وقبوليا ) ،(Applicability-Validityعمى توفر ظروف
اجتماعية وتاريخية متنوعة وعمى شروط الزمن والمكان الراىنة.
إن الدراسات اإلعالمية عامة ،لم تتوصل بعد إلى اعتماد أدبيات موحدة حتى في المغة
المتخصصة الواحدة ( ،) Jargonناىيك عن المغات المتعددة .ىناك مثال مصطمحات من قبيل "دراسات
االتصال الجماىيري"(" ،)Mass Communication Studiesالدراسات اإلعالمية"(،)Media Studies
"عموم اإلعالم واالتصال"( )Sciences de l’Information et de la Communicationوحتى "عمم
االتصال" )Science de la communication(،سائدة في األدبيات الغربية األوروبية واألنجمو-
سكسونية) .(1وقد يعود تنوع مصطمحات اإلعالم واالتصال ،إلى عدم التوصل بعد إلى صياغة نظريات
تعيد بمورة مبدأ تداخل العموم الذي تم التخمي عنو منذ انفصال العموم عن الفمسفة واعتماد فمسفة
التخصص ،حيث أن األنماذج ( ) Paradigmsالمتبعة في البحث العممي اإلعالمي وواقعو حتى في
الدول المتقدمة ،لم تتوصل بعد إلى صياغة "كيان نظري متكامل لعمم االتصال ،باعتباره أحد العموم
المستقبمية ،إن لم يكن أىميا عمى اإلطالق" )ٕ(.غير أن ىذا األمر ال يوجد لو مثيل في البمدان االنتقالية
وفي مقدمتيا البمدان العربية ،حيث أن األدبيات اإلعالمية المتداولة ،شأنيا شأن جميع "المغات"
المتخصصة ،ليست متنوعة وغير موحدة وغير دقيقة وحسب ،ولكنيا أحيانا متباينة ،خاصة بين المشرق
العربي المتأثر بالثقافة األنجمو -سكسونية ،والمغرب العربي المتأثر بالثقافة الالتينية (خاصة الفرنسية).
والراجح أن ىناك العديد من المحاوالت النادرة التي قام بيا باحثون عرب في ميدان الدراسات
اإلعالمية ،شأنيا شأن جميع ميادين المعرفة األخرى ،لم تنشر عمى نطاق واسع ألسباب عدة ،لعل في
مقدمتيا ،أن الحقائق المتعمقة بالواقع االجتماعي ،ولو كانت نسبية والتنتمي لمعموم ا لصحيحة ،تبدو مخيفة
()2
ِصٍخ اٌثٍذاْ أ ٚاٌّجرّعاخ االٔرماٌ١حٚ ،أ٠ضا اٌرمٍ١ذ٠ح ٠عٕ ٟاٌثٍذاْ اٌر ٟوأد ف ٟاٌضثعٕ١اخ صائشج ف ٟطش٠ك إٌّ ٛاٌز ٞواْ ٠ضرٙذف االٔرماي
تاٌّضرعّشاخ اٌضاتمح ٌإلِثشاطٛس٠اخ االصرعّاس٠ح إٌ ٝدٚي ٔاِ١ح عٍ ٝشاوٍح ذٍه اٌذٚي االصرعّاس٠ح اٌىثشِ ٛ٘ٚ .ٜصطٍخ ال ٠ذظ ٝتاإلجّاع،.
خاصح تعذ فشً االصرشاذ١ج١اخ اإلّٔائ١ح .األصرار تٛوشٚح ،عٍ ٝصث ً١اٌّثاي ٠فضً اصرعّاي ِصطٍخ " اٌثٍذاْ غ١ش اٌّضرمشج "ِٕ ،الشح دورٛساٖ
ف ٟعٍ َٛاإلعالَ ٚاالذصاي ،تمضُ عٍ َٛاإلعالَ ٚاالذصاي ،جاِعح اٌجزائشِ 2،اسس ٌٍ 2006ذالٌح عٍ ٝذٍه اٌّجرّعاخ اٌر ٟال ٠ضرمش ٌٙا داي.
55 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
عامة ومنيا العربية خاصة ،األمر الذي يمغي الحرية بالنسبة لجل األنظمة القائمة في البمدان االنتقالية
)(3
العممية المتمثمة في حرية الفكر وحرية البحث العممي وحرية التعبير عن النتائج وحرية نشرىا.
ويحول غياب الحرية العممية دون االستفادة من الكفاءات التي تتوفر عمييا ىذه المجتمعات ،وفي
النياية يحول دون تراكم معرفي يسمح بصياغة مقاربات تأخذ بعين االعتبار الخصوصيات المحمية.
ومن ىنا ،يبقى المصدر الوحيد لمدراسات النظرية واألمبريقية ذات المصداقية والداللة العممية ىو
المجتمعات المتطورة التي جعمت من ا لعمم والمعرفة والتكنولوجيات الروافد األساسية واآلمنة لنيضتيا
واستمرارىا في النيوض والتطور الدائم في الزمن وفي المكان ،وجعمتيا أيضا وخاصة الدعائم التي يقوم
عمييا بناؤىا االجتماعي والحضاري.
ولكن عند محاولة توظيف ىذه المعارف العممية فيما يتعمق بالعموم اإلنسانية واالجتماعية ،تطرح
أمام الباحثين في الدول االنتقالية تحديات إبستومولوجية كبرى من نوع آخر ،تواجو محاوالت تأصيل
وتوطين وتوظيف مناىج بحث نشأت في بيئات ثقافية واجتماعية ونفسية معينة من أجل تحقيق أىداف
مغايرة ،وفي كثير من األحيان متباينة مع تمك األوضاع القائمة واألىداف المنشودة من وراء أي نشاط
بحثي محمي.
كما أن تعدد النماذج والنظريات والمقاربات واألساليب المنيجية النابعة من تطور وتنوع وسائل
اإلعالم من جية ،ومن التطور التاريخي العام من جية أخرى ،م ّكن من تراكم تراث نظري ومنيجي
متطور تطو ًار تصاعدياً في اتجاه منحى التاريخ اإليجابي ،بمعني مراجعة ىذا التراث مراجعة دورية
منتظمة واعادة صياغتو بإدخال التعديالت الضرورية التي يممييا ىذا التطور ،إما بإلغاء عناصر منتيية
صالحيتيا أو بإضافة عناصر جديدة لمتعبير عن الواقع المستجد.
ولكي تتسنى لنا اإلحاطة بالمنطمقات النظرية والمنيجية التي أطرت دراسات الجميور في البمدان
المتقدمة تكنولوجياً واعالميًا وعممياً عبر الحركية التاريخية ومقارنتيا بما جرى وخاصة بما يجري في
بمداننا ،مثميا مثل بقية البمدان االنتقالية ،قد يكون من المفيد استعراض أىم المقاربات التي أسفرت عنيا
مسيرة بحثية تمتد إ لى حوالي قرن من الزمن ،خطت فييا أبحاث الجميور خطوات كبيرة ،ذلك أنو
اليتسنى فيم الحاضر دون االستعانة بالتراكمات الماضية التي تشكل ىذا الحاضر وتؤسس لممستقبل.
لقد انتقمت ىذه األبحاث من "السمبية المطمقة" لمجميور أمام" القوى الخارقة" لوسائل اإلعالم ،إلى
الجميور النشط الفعال وتأثيره ومشاركتو في إعداد الرسائل اإلعالمية ،مرو ًار بتجزئتو وتحميمو جزئيا
واثنوغرافيا في سياق االستعمال المنزلي لوسائل االتصال في المجتمعات الصناعية وما بعد الصناعية،
وىي مجتمعات إليكترونية أو ما بعد الحديثة ،وصوال إلى جيل ثالث من دراسة التمقي()Morley, 2001
( ،)Hartley & Lull, 1988أوالجميور )(4
في عالم ما بعد الجميور()Post-Audience World
اإلليكتروني ( ) e-Audienceوأخي ار الجميور ذي القدرة الكمية عمى التواجد في كل مكان في نفس الزمن
(.)u-Audience
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 55
من ىذا المنطمق ،سأحاول أن أتناول في ىذه المقالة ،جانبا أوال يتعمق بالتاريخ الطبيعي ألبحاث
الجميور( ،)Natural Historyوجانبا ثانيا يخص تصنيفية ( )Typologyالمقاربات األكثر استعماال في
ظل األنماذج المتبعة تبعا النعكاسات المستحدثات التكنولوجية من جية ،ونتائج أبحاث الجميور
األمبريقية وكثافة األحداث المؤثرة في التطور التاريخي العام لممجتمعات من جية أخرى .كما سأتناول،
في جانب ثالث ،بعض مظاىر المفاىيم الناجمة عن االنفجار اإلليكتروني والمتعمقة بالدراسات اإلعالمية
عامة ،ودراسات الجميور بصفة خاصة في عالم ما بعد الحداثة ،العالم اإلليكتروني ( )e-Worldالذي
يجري بناؤه من خالل ترسانة السواتل والطرقات اإلعالمية السريعة والشبكات الداخمية والمحمية واإلقميمية
والدولية والبيئات التقنو-اجتماعية-ثقافية القائمة في المنازل والمكاتب واألماكن العمومية من مطارات
ومحطات القطارات والحافالت ،وحتى في جيوب األشخاص (.)Kurbalija, 2005
يعتمد ىذا العالم الجديد أساسًا عمى العقل البشرى واإلليكترونيات الدقيقة واليندسة الحيوية
والكمبيوتر وىندسة االتصاالت والذكاء اإلصطناعى وتوليد المعمومات المتعمقة بشئون األفراد
والمجتمعات ،وتخزين ىذه المعمومات واالحتفاظ بيا واستردادىا عند الحاجة وتوصيميا بسرعة فائقة إلى
أفراد الجميور في أي مكان يتواجدون وفي أي وقت يريدون .وعمى الرغم من التغييرات الجدرية التي
أحدثتيا التطورات التكنولوجية الجديدة عمى الدراسات اإلعالمية عامة ،ودراسات الجميور خاصة،
والمفاىيم الجديدة التي أثَْرت بيا المنظمومة اإلصطالحية ،فإن عناصرىا الجوىرية مستمدة من التطور
التاريخي ليذه الدراسات ،كما يمكن استخالصو مما سيأتي:
-Iالتاريخ الطبيعي ألبحاث التأثير
تجدر اإلشارة في مستيل ىذا التذكير التاريخي إلى أن ىذا التقسيم الذي يبدو مساي ًار لمتسمسل
الزمني ،ليس تصنيفاً كرونولوجياً لألحداث بقدر ما ىو محاولة قراءة التطور الذي شيدتو أبحاث الجميور
عبر مختمف المراحل التاريخية ،انطالقا من وقائع الوضع الراىن.
تدخمت عوامل محيطية لعبت ،إلى جانب التطور التاريخي العام وتاريخ تطور وسائل ،دو ًار
وقد ّ
بار ًاز في رسم معالم مميزة لتاريخ نظريات التأثير وىيكمة فعل التمقي وتفكيك البيئة االجتماعية ،بتصور
أنموذج اتصالي جزئي لجميور مجزأ ،وأخي ار مشروع محاولة تخطى الوجود المادي لمجميور وتبنى
السموك المعبر عن ىذا الوجود الالمادي في العالم اإلليكتروني الذي يتميز فيو ىذا الجميور بكونو ذو
قدرة كمية عمى التواجد في كل مكان في نفس الزمن .وقد بدأ التفكير جديًا في مآل الجميور بمفيومو
الكالسيكي الذي أوجدتو حضارة حروف الطباعة خالل الستة قرون األخيرة وبالنظر إلى عالقة سموكياتو
بالقائم باالتصال وبالرسالة المبمغة عبر وسائل االتصال القديمة .ويتجو تيار التفكير الجديد نحو التنظير
مجددًا لممكانة الميتزة ودور القائم باالتصال المتقيقر نحور درجة العدم في ظل اآلثار العميقة التي
أحدثتيا حضارة الحروف البصرية منذ ع شريتين من الزمن وخاصة فيما يتعمق باالستقاللية التامة والحرية
التي اكتسبيا الباحث-المتمقي عن المعمومة ولممعمومة ،والسمطات الالمتناىية التي منحتيا تكنولوجيات
55 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
االتصال لإلنسان بصرف النظر عن تموقعو الجغرافي وسماتو الديموغرافية االجتماعية والثقافية.
الجميور"(عمي قسايسية، وباختصار مفي دة بدأ الحديث بجد عن "موت" القائم باالتصال وعن "نياية
ٕٕٔٓ.) (http://alikessaissia.net،
ولعل من بين أبرز عوامل المحيط المساعدة عمى بروز ىذا التوجة الجديد ،مصالح الحكومات
والمشرعين ،واحتياجات ال صناعات ونشاطات الجماعات الضاغطة واىتمامات مروجي الدعاية السياسية
والتجارية وتنامي دور الرأي العام في الحياة السياسية واالجتماعية وموضة العموم االجتماعية ( Fashions
،) of Social Scienceالتي تضفي عمى ىذه الحركية التكنولوجية والسياسية واالقتصادية والتاريخية نوعا
من الطابع العممي يخرجيا ،ولو قميال ،من الدائرة األيديولوجية.
ونظريات نماذج إلى المتراكمة الجميور أبحاث تراث تصنيف محاولة وقبل
ومقاربات (٘)( )Paradigms, Approaches, Theoriesوتطبيقاتيا الميدانية خالل زىاء قرن من الزمن،
قد يكون من المفيد إبراز أىم المحطات في ىذا التاريخ الطبيعي ألبحاث الجميور:
ٔ .ما قبل التحريات العممية
تمتد ىذه المرحمة ،تاريخيا ،من بداية القرن العشرين إلى أواخر الثالثينيات منو ،ويمكن أن يطمق
عمييا مرحمة ما قبل التحريات أو التحقيقات العممية ،حيث كانت المحاوالت التي تتناول العالقة بين ما
تبثو وسائل اإلعالم والجميور المتمقي ،عبارة عن انطباعات وآراء ونظرات ذاتية أكثر منيا استنتاجات
لتحميل وقائع موضوعية.
وفي ىذه المرحمة ،كانت النظرة السائدة ،لوسائل اإلعالم ،أنيا مصدر لقوى خفية خارقة تعمل عمى
صقل الرأي واالعتقادات وتغيير عادات الحياة وقولبة السموك وفقا إلرادة أولئك الذين يممكون سمطة
الرقابة عمى ىذه الوسائل وتوجيو نشاطاتيا نحو مواضيع معينة ويمتمكون أيضا قوة التأثير في
مضامينيا(.)Bauer & Bauer 1960
ولم تكن مثل ىذه األفكار ،كما سبقت اإلشارة ،قائمة عمى أساس تحريات عممية ( Scientific
،)Invistigationوانما مجرد أراء مستوحاة من مالحظة الشعبية الكبيرة التي تكتسبيا الصحافة والوسائط
()ٙ
الجديدة ،مثل الفيمم السينمائي ،والراديو ابتداء من العقد الثاني.
ومما زاد في ترسيخ االعتقاد في التأثير المطمق لوسائل اإلعالم ،تدعيم المعمنين والحكومات
اإلمبراطورية في أوروبا خالل الفترة ما بين الحربين ،خاصة أثناء الثورة البولشيفية في نياية العشرية
()5
ذعش٠ف وً ِٓ اٌثشاد ٠غّاخ أ ٚإٌّارج ٚاٌّماستح ٚإٌظش٠ح ٚعاللح وً ٚدذ ِٕٙا تا٢خش .فإٌّٛرج ِٕ٘ ٛظٛس عاَ ٠ضُ ٔظش٠ح عاِح إٌٝ
جأة ٔظش٠اخ ِرفشعحٚ ،وً ٔظش٠ح ّ٠ىٓ أْ ذشرًّ عٍ ٝعذج ِماستاخ.
()6
ِصطٍخ nexusاٌٛاسد ف ٟاٌعثاسج اٌراٌ١ح اٌّرشجّح عٓ وراب وٍ١ثش ٠عٕ ٟاٌرشاتظ أ ٚاٌشتظ دضة اٌّعجُ اإلٔجٍ١ز،Collins Robert ٞ
أٔٚطاس ٛ٠وٕذا 7555 ،ص.343 .
Klapper, J., The Effects of Mass Communication, New York, Free Press, 1960, p.8 “Mass Communication does not
ordinarily serve as necessary and sufficient cause of audience effects. But rather functions through a nexus of mediating
”factors
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 60
الثانية ،واألزمة االقتصادية الكبرى في الثالثينيات والتحضيرات النازية والفاشية لمحرب الثانية ،في سياق
اتساع نطاق استعمال الفيمم السنمائي المتنقل الصامت ثم الناطق ،والراديو منذ العشرينيات إلى جانب
المنشورات المكتوبة .فقد كانت ىذه الوسائل تستعمل عمى نطاق يتوسع باستمرار ،وكان الناس اليدركون
تعرفيا بوضوح.
كنييا ومختمف أبعادىا ومرامييا لعدم تعودىم عمييا وعدم وجود تفسيرات محايدة سابقة ِّ
أول نوع من التآلف مع ىذه الوسائ ل ،تتضمنو "نظرية المعنى العام" ( Commun-Sense إذ أن ّ
يكونيا عامة الناس حول موضوع معين ،ىو وسائل اإلعالم في
)Theoryالتي تشير إلى األفكار التي ّ
ىذه الحالة ،والمستمدة أساسًا من التجربة المباشرة واستعمال الشخصي ليذه الوسائل ،واالنطباعات التي
تولدىا ىذه التجربة ويثيرىا ىذا االستعمال.
ّ
كان ،بمقتضى ىذه النظرية،كل قارئ لمصحيفة أو مستمع لمراديو أو مشاىد لفيمم سنمائي ،يحمل
مجموعة من األفكار الشخصية حول الوسيط المعني وطبيعتو ومحاسن استعمالو وسيئاتو ،وكيف يمكن
مالءمتو مع متطمبات الحياه اليومية وكيف ينبغي قراءة وتفسير مضامينو ،وما ىي عالقتو بمظاىر
التجربة االجتماعية األخرى ،مما دفع الميتمين إلى محاولة فيم طبيعة العالقة القائمة بين ىذه المتغيرات
وتقديم تفسير مقنع لمختمف أبعاد ىذه الظاىرة االجتماعية التي ستزداد تعقيدًا بمرور الزمن وتبعًا لتطور
وسائل اإلعالم وتغمغميا في مختمف جوا نب الحياة االجتماعية ،واتساع اعتماد الناس عمييا في االستعالم
واالسترشاد والتسمية والترفيو.
وقد أثارت مؤشرات فضاء االتصال واإلعالم الجديد فضول الباحثين الميتمين ،بمتابعة ظواىر
الحياة االجتماعية ومالحظة التغييرات المتتالية ،وخاصة التأثيرات الحاصمة في سموك الناس والتي كانت
تبدو كنتيجة لمتعرض لمضامين وسائل االعالم واستعماليا في أوضاع مختمفة .فجاءت البدايات األولى
لمتحريات الموضوعية في مجال البحث اإلعالمي ،تحاول توظيف خالصات التأمالت النظرية والتجارب
المنيجية التي كانت قد توصمت إلييا مختمف فروع المعرفة االجتماعية والنفسية ،السيما السوسيولوجيا
العامة والسيكولوجيا الفردية واالجتماعية ،في تفسير الظواىر الجديدة والعالقات القائمة والممكن قياميا
بنين مختمف التغيرات االجتماعية التي أسندت لوسائل اإلعالم.
فقد تميزت الدراسات اإلعالمية منذ انطالقتيا األولى بالتوجو السوسيولوجي والسيكولوجي
االجتماعي بالدرجة األولى ،ىذا التوجو الذي يالزميا عبر تاريخيا الطبيعي ،وما زال يقود خطواتيا
المنيجية رغم إدخال عناصر جديدة تتعمق باالتجاه الوظيفي لوسائل اإلعالم واتجاه التقاليد النقدية الذي
ييتم باألبعاد الثقافية والرمزية لتمقي الرسائل اإلعالمية.
ويبدو أن األحداث الكبرى التي شيدتيا تمك المرحمة األولى ،عجمت بإيجاد مناىج وتقنيات جديدة
لفيم وتفسير مكانة ودور وسائل اإلعالم ،أسست لبروز اتجاه أمبريقي سيسمح بتجاوز قصور انطباعات
المعرفة العامية واألفكار التأممية والنمطية النظرية عمى تفسير الظاىرة االتصالية الجديدة.
67 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
االجتماعية المشكمة لما يسمى بالجماعات الثانوية التي يكون تأثيرىا في تنشئة الفرد بطيئ ( Lang and
.)Lang, 1959 ; key, 1961 ; Blumer, 1964 ; Halloran, 1965
رافق ىذه الطريقة في التفكير انتشار التمفزيون عمى نطاق واسع واستعمالو كوسيمة تكنولوجية
اتصالية منزلية تقريبا وحيدة ،استقطبت فرضيات التحميل والدراسة التي ميزت نياية القرن الماضي إلى أن
بدأ الحاسوب المرتبط بحواسب أخرى عبر شبكة الشبكات العالمية "األنترنات" في عممية تفاعمية متمايزة
لم يسبق ليا مثيل في تاريخ دراسات تأثير تكنولوجيات االتصال الحديثة ،وأدخمت أبعاداً جديدة عمى
التزامني ( )Synchronized, Asynchronizedوأنماط السموك االتصالي عمميات التعرض التّزامني وال ّ
الذي وفرتيا وسائل اإلعالم التقميدية عمى امتداد القرن العشرين.
ولقد استمرت أفكار ىذه المرحمة من التنظير والبحث في تاريخ تطور ظاىرة الجميور ،تقود
التأطير النظري والخطوات المنيجية التي أدخمت آخر اعتبارات طرحيا ،في بداية القرن الحالي
إلى جانب دانيال ميمر ودون ساليتر( Daniel )(8
مورلي( ،)Morleyحول الجيل الثالث من دراسات التمقي
،)Miller ; Don Slaterتتعمق بالمقاربة اإلثنوغرافية لتحميل استعمال اإلنترنت في بيئات سوسيو_ثقافية
مختمفة.
لم يتم طرح التساؤالت التقميدية حول "استعمال" و"تأثير" ىذا الوسيط االتصالي الجديدة ،ولكن
حول معرفة كيف أن ثقافة معينة تحاول أن تستمر في "منزليا" في ىذا المحيط االتصالى السريع التحول
(غير مستقر) ،وكيف يمكن ليذه الثقافة أن تكيف وتدمج ىذا الوسيط في خصوصياتيا المحمية وتطوعو
لخدمة عممية التعولم) ، (9وكذلك معرفة اآلثار ،أي التأثيرات المتبادلة بين ىذه العناصر المدمجة ،أو
أشكال التفاعمية بينيا.
لقد استمر التفكير في وجود "تأثير" و"تأثير قوي" يطبع العالقة القائمة بين الرسائل اإلعالمية
والجميور ،خاصة طبيعة العالقة بين درجة "التعرض" لمحتوى معين ونوع من التغيير يمكن قياسو ،أو
لنقل نوع من التنوع ( ،)Variationأي التحول من حالة إلى أ خرى في مواقف وآراء ومعمومات المتعرض
لمحتويات وسائل اإلعالم .فقد تميز جديد البحث في "تحول االىتمام من تغيير المواقف والتأثير إلى
التغيير الطويل المدى واإلدراك وادخال متغيرات السياق واالستعدادات والحوافز وأجواء الرأي وبنيات
المعتقد واإليديولوجيا واألمور الثقافية وحتى األشكال المؤسساتية).(10
ذاتيا عمى قوة تأثير ،ولكن يتوقف األمر عمى اعتقاد الناس في قدرتيا عمى تغيير مجرى األحداث
واألفكار واالتجاىات والمواقف.
وكان كاري ( )Carey, 1978قد حاول تفسير إشكالية التأثير ودرجاتو والالتأثير وحدوده بتغيير
االعتقاد في قدرة وسائل اإلعالم وفقا لسمم يتدرج من التأثير البالغ إلى التأثير المحدود إلى مزيد من
التأثير( ،)More Effectويخضع لمالبسات الظروف التاريخية التي نشأت فييا كل فكرة).(12
فقد ساد االعتقاد في قدرة وسائل اإلعالم الجماىيري عمى التأثير البالغ في فترة الثالثينات تحت
ظل ضغوطات نفسية وتيارات سياسية وفرت أجواء الحرب وخمقت أرضية خصبة إلنتاج بعض أنواع
التأثير .ولنفس المسببات ،دفعت ظروف االستقرار واليدوء التي سادت في العقدين الخامس والسادس إلى
بزور فكرة التأثير المحدود ،في حين أن نياية الستينات وبداية السبعينات شيدت توترات دولية نتيجة
الحروب العربية اإلسرائيمية ( )1973-1967وأزمتي البترول سنتي (ٖ )ٜٔٛ٘ ،ٜٔٚوزيادة حدة الصراع
اإليديولوجي بين المعسكرين الميبرالي والشيوعي.
وقياسا عمى ذلك ،يمكن إضافة األحداث القريبة واآلنية ،من مثل سقوط خط برلين في نياية
الثمانينيات( )ٜٜٔٛواليجمات عمى مركز التجارة الدولي بنيويورك ومقر البنتاغون (سبتمبر ٕٔٓٓ)
والحرب األنجمو-أمريكية ضد أفغانستان (ٕٕٓٓ) وضد العراق (ٖٕٓٓ) وتسو نامي آسيا(ٕٗٓٓ)،
والحرب ضد القذافي(ٕٔٔٓ) وأحداث ما يسمى بالربيع العربي (ٕٔٔٓ.../؟) وغيرىا من األحداث
واألزمات التي عرضت البنيات االجتماعية لالىت اززات وجعمتيا أكثر حساسية لوسائل االتصال
الجماىيري ،خاصة وأن ىذه الوسائل تكاد تحتكر "الحقائق" واآلراء حول الوقائع ،السيما القنوات
التمفزيونية الفضائية اآلنية والمواقع اإلليكترونية المتخصصة وكل الوسائط الجديدة عمى شبكة الواب.
غير أن بعض الباحثين يعتقدون أن األمر ال يتعمق بقدرة وسائل اإلعالم عمى التأثير ،بقدر ما قد
يتعمق باجتماع أسباب قد تكون مصادفة زمنية ،جعمت وسائل اإلعالم تبدو بتمك القوة في مرحمة تاريخية
معينة .ومن المؤكد أن الناس يطمعون غالبا عمى األزمات من خالل وسائل اإلعالم ،وقد يخمطون بين
الرسالة والوسيمة في أوقات التغيرات والشكوك .ومن المحتمل جدًا أن الناس يعتمدون أكثر فأكثر عمى
وسائل اإلعالم كمصدر ،ربما الوحيدة لإلعالم واالسترشاد ( ،(13))Information & Guidanceوأنيا
تبدو أكثر فعالية في مواضيع خارجة عن نطاق التجربة الشخصية ومكونات الحاضر والماضي ،أي في
ظل ظروف غير معتادة.
ومما يزيد في تمك االفتراصية لوسائل اإلعالم الجماىيري ،أن الحكومات والنخب ومصالح المال
واألعمال ،تعمل ف ي ظل التوترات واالضطرابات ،عمى استعمال وسائل اإلعالم في محاولة لمتأثير عمى
الناس ومراقبة وتوجيو سموكيم .وىذا ما يعني أن وسائل اإلعالم ،يمكن أن تكون في ظل ظروف تاريخية
ونفسية واجتماعية واقتصادية معينة ذات قوة بالغة ،بالنظر لالستجابات الفورية أو المتوسطة التي قد
يبدييا الناس إزاء الدعوات اليادفة إلى تغيير المواقف في اتجاه يخدم مصالح ىذه األطراف في ظل تمك
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 64
الظروف .وىذا ما يتجمى من خالل استعمال وسائل اإلعالم الجماىيرية في حمالت التضميل االعالمي
وعمميات غسل المخ.
في ظل ىذه المراحل التاريخية ظيرت وتطورت مقاربات الجميور ،متأبطة شكل وحجم ولون
الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والتكنولوجية التي تحيط بيا ،والمستمدة أساسًا من
خمفيات االطار الفمسفي العام.
محاولة تصنيف مقاربات الجمهور:
قد يكون من المفيد ،في ىذه المرحمة من التحميل النظري لألبحاث اإلعالمية التي عالجت موضوع
الجميور من مختمف الجوانب ،أن نذكر بأىم النماذج ( )Paradigmsومحاولة تصنيفيا من حيث
الموضوع حتى يمكن استيعابيا وتوظيفيا في تحديد معالم النظريات والمقاربات المتعددة التخصصات في
دراسات الجميور ،والتي يمكن أن تفي بالغرض في التوصل إلى فيم وتفسير مقبول لظاىرة الجميور
ومختمف أنماط التفاعالت والسموكيات وتنوعيا وتطوراتيا المتسارعة تبعا لتطور المبتكرات التكنولوجية
الحديثة.
في ىذا الصدد ،يمكن تمييز التوجيات الحديثة الكبرى ألبحاث الجميور التي تبمورت منذ
السبعينات ضمن نوعين من التيارات البحثية .النوع األول ،والذي يمكن أن نطمق عميو أنموذج التأثير،
أحدث قطيعة مع األنموذج السائد منذ األربعينات ،حيث تخمى عن تحميل التأثير القصير المدى ،حجر
الزاوية في نظرية الزارسفالد ،لييتم بالتأثير اإلدراكي( )Cognitive Effectعمى المدى البعيد لمجموع
أنظة وسائل اإلعالم (كمؤس سات اجتماعية) ،خاصة األبحاث المتعمقة بتكوين الرأي العام .وظير النوع
الثاني ،الذي يمكن أن نسميو أنموذج التمقي ،في بداية الثمانينات لييتم بالكيفية التي "يؤول بيا المتمقي
الرسائل اإلعالمية" ،أي التركيز عمى عممية التمقي في حد ذاتيا باعتبارىا ممارسة ليا أسسيا اجتماعيًا
وثقافيًا ،وباعتبارىا عممية بناء اجتماعي لممعاني التي يضفييا المتمقي عمى الرسائل اإلعالمية.
ٔ -أنموذج التأثير()Effect Paradigm
ويشمل ىذا الصنف من النماذج ،عموما ،مجموعة النظريات والمقاربات التي تناولت التأثير البالغ
والمباشر والتأثير المحدود الفوري والطويل المدى ثم المزيد من التأثير .وىي تيتم بالتغير أو التحول الذي
قد يالحظ في سموكيات الجميور ومواقفو وحاالتو االنفعالية والذىنية واإلدراكية والمعرفية أثناء وبعد
التعرض لوسائل اإلعالم وعالقة ىذا التغيير ،مقارنة بالوضع السابق لمتعرض ،بالقدرة المفترضة التي
أسندت ليذه الوسائل في مختمف مراحل تاريخ أبحاث الجميور ،كما سبقت اإلشارة لذلك.
وتوصف ىذه النماذج ،خاصة األولية منيا ،بكونيا تشاؤمية لنظرتيا السمبية لقدرة الجميور عمى
مقاومة القوة الخارقة لوسائل اإلعالم التي تحدث تأثي ار في اتجاه خطي شقولي).(14
وتجدر اإلشارة في ىذا الصدد ،إلى نموذج القوى البالغة لوسائل اإلعالم ()Powerful Media
ونموذج الوخز اإلبري ( ،) Hypodermic Paradigmأو القذيفة السحرية ،التي ميزت المرحمة االريخية
65 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
األولى من دراسات الجميور .وفي مرحمة الحقة ،ظيرت نماذج أقل تشاؤما في نظرتيا لمجميور ،مثل
تأثير وسائل اإلعالم غير المباشر عبر قادة الرأي أو التدفق اإلعالمي عبر خطوتين والتدفق عبر خطوة
واحدة ثم التدفق عبر خطوات متعددة) ، (15ثم العودة إلى مزيد من التأثير المعمم عمى عدد متزايد من
الناس مع تزايد األزمات والتوترات وتزايد تحكم وسائل االتصال الحديثة في النشر اآلني لممعمومات عبر
وسائط أقل تكمفة وأقل جيد وسيمة الولوج إلييا وأكثر قابمية لالستعمال.
فيي أسرع تكييفا مع حاجيات الناس ال متمايزة وأكثر جاذبية وفي متناول جماعة من الناس غير
محدودة عدديا (الياتف الخموي بجميع خدمات ،األنترنات بجميع تقنياتيا وتقنيات الجمع بينيا وغيرىا من
التكنولوجيات الفردية والجماعية).
وعمى الرغم من استمرار واتساع االعتقاد في قدرة وسائل االتصال واإلعالم عمى إحداث تأثير ما
في المتمقين ،فمقد فقد ىذا الصنف ،بطبيعة الحال ،العديد من النماذج ،خاصة األنموذجين التقميديين
األولين ،القوى الخفية والقذيفة السحرية ،الذين سادا في البدايات األولى من محاوالت تفسير إقبال الناس
عمى مشاىدة الفيمم الجذاب أو قراءة القصة المشوقة أو متابعة اإلعالن المغري.
كما كادت تختفي تماما أنماذج أخرى ،مثل أنموذج اإلعالم اإلنمائي الذي افترض ،في وقت من
األوقات ،أن لوسائل اإلعالم دور كبير وفعال في حث الناس وتييئتيم لالنطالقة ( )Take-offاإلنمائية
لمجتمعاتيم ،وانتقاليا من الحالة التقميدية إلى حالة الحداثة.
ويندرج في سياق نماذج التأثير التي لم يعد يعتد بيا ،إلى حد ما ،أنموذج اإلمبريالية الثقافية والغزو
الثقافي الذي ازدىر خالل العقدين السادس والسابع من القرن الماضي فيما كان يسمى البمدان السائرة في
طريق النمو( .)Developing countriesومازالت نماذج أخرى من نفس القبيل تتجدد تبعا لممستحدثات
التكنولوجية ،وتمح عمى البقاء واالستمرار ،الرتباطاتيا الثيقة بتيارات أيديولوجية.
ومن بين تمك النماذج التي الزالت ليا أصداء في دراسات الجميور ،نذكر نموذج االنتقائية
( ،)Selectiveness Paradigmونموذج االستعمال واإلشباع ( ،)Use and Gratificationونموذج
تحديد مواضيع االىتمام ( ،)Agenda Setting Paradigmونموذج لولب الصمت (.(16))Silent Spiral
وتجدر اإلشارة إلى أن دراسة صيرورة ( )Processتأثير وسائل اإلعالم كانت دائما متعددة
التخصصات( )Multidisciplinaryمع تعاون وثيق بين عمم االجتماع وعمم النفس ،األول يطرح
فرضيات عامة ويقدم الثاني تفسيرات لنماذج ( )Modelsمن السموك مثل التعمم وتغيير المواقف والمناىج
التجريبية والمعاني والدالالت.
ٕ -أنموذج التمقي ()Reception Paradigms
يقصد بأنموذج التمقي في ىذا المقام ،النظرية العامة والنظريات الفرعية والمقاربات التي حولت
محور الدراسة من محتوى الرسالة وعالقاتو بالتأثير الذي قد يحدث في سموك الجميور ،أي عالقة
الرسالة بالتأثير( ) MEالناجم عن محاولة اإلجابة عن التساؤل األولي (ماذا تفعل وسائل اإلعالم في
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 66
الجميور؟) في نموذج السويل ( ،)Lasswell, 1948 ; 1952إلى التركيز عمى مصير الرسالة بعدما
يتمقاىا الجميور اإلنتقائي القوي والفعال والنشط الذي أعيد لو االعتبار نتيجة تغيير استراتيجية البحث
إلى(ماذا يفعل الجميور بوسائل اإلعالم؟) ( ) Katz Elihu, 1955لقد أحدثت مقاربة اإلشكالية الجديدة
بأنموذج االستعمال واإلشباع لكاتز ،وبأنموذج التفاعل والتأويالت لمورلي ،نقمة نوعية في نماذج أبحاث
الجميور ،حيث أصبح التركيز عمى العالقة بين الرسالة والمتمقي(.)MR
ونظرية التمقي التي تشكل حجر الزاوية في ىذا األنموذج الدراسي ،ىي امتداد لنظرية التأثير
والتقبل األلمانية التي ظيرت ،في مجال الدراسات األدبية ،في أواسط السيتينيات من القرن الماصي،
موازاة مع التيارات الواقعية مثل النظرية الواركسية أةد والواقعية الجدلية والمناىج البيوغرافية التي تركز
اىتماماتيا عمى المبدع وحياتو وظروفو التاريخية ،أي القائم باالتصال أو المرسل من منظور الدراسات
اإلع المية .كما جاءت نظرية موازية لمتيارات النقدية التقميدية التي كان ينصب اىتماميا عمى المعني
واستخراجو من النص باعتباره جزءاً من المعرفة العامية والحقيقة المطمقة ،وكذلك التيارات البنيوية التي
ال في عممية التواصل األدبي أال وىو القارئ الذي ستيتم
غاصت في النص المغمق وأىممت عنص ًار فعا ً
بو نظرية التمقي وتعيد لو االعتبار.
وترى نظرية التمقي أن أىم شيء في عممية التواصل األدبي ىي تمك المشاركة الفعالة بين النص
التي ألّفو المبدع وبين القارئ المتمقي .أي أن الفيم الحقيقي لألدب ينطمق من وضع القارئ في مكانو
الحقيقي واعادة اال عتبار لو باعتباره ىو المرسل إليو والمستقبل لمنص ومستيمكو وىو كذلك القارئ
الحقيقي لو .ويعني ىذا أن العمل األدبي التكتمل حياتو وحركتو اإلبداعية إال عن طريق القراءة واعادة
اإلنتاج من جديد ،ألن المؤلف ماىو إال قارئ لألعمال السابقة وىذا ما يجعل التناص يمغي أبوية
النصوص ومالكييا األصميين.
طور بعض منظِّري وسائل اإلعالم الجماىيري نظرية التمقي وأقاموا خطوط تالقي بينيا وبين لقد ّ
نظرية االستعمال واالشباع التي التركز ،فحسب ،عمى أثر أو تاثير وسائل اإلعالم عمى األفراد ،بل
أيضا عمى طريقة االستخدام ليذه الوسائل وعمى المتعة والمنفعة التي يحصمون عمييا من ىذه الوسائل.
وعمى نفس المنوال ،يركز المنظِّرون اإلعالميون عمى الدور الذي يمعبو الجميور المتمقي في فك رموز
الرسائل واضفاء معاني عمييا ليست بالضرورة ىي نفسيا معاني النصوص ،أي ليست نفس المعنى الذي
يقصده القائم باالتصال.
وقد أص بحت نظرية التمقي واحدة من أبرز النظريات المعاصرة التي اعادت االعتبار لفعل التمقي
كأساس لمعممية التواصمية بين المرسل والمستقبل ،إضافة إلى االطالع عمى أساليب دراسة الرأي العام في
مختمف الوسائل اإلعالمية.
فيي تيتم عموما بمحاولة تفسير آليات فيم النصوص والصور اإلعالمية من خالل فيم كيفية
قراءة ىذه النصوص من طرف الجميور ،حيث يرتكز االىتمام من خالل دراسات التمقي ،عمى تجربة
65 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
مشاىدي السينما والتمفزيون وكيف يتم تشكل المعنى من خالل ىذه التجربة .ومن بين مزاعم ىذه النظرية،
أن النصوص اإلعالمية ،من خالل الفيمم أو البرنامج التمفزيوني ،ال يستقل بمعنى ذاتي ،داخمي مالزم لو،
فالمعنى يولد لدى التفاعل بين المشاىد والنص (أي عندما يتعرض ىذا األخير لمنص) ،ويذىب أصحاب
ىذه النظرية إلى القول أن العوامل السياقية ليا تأثير أكثر من العوامل النصية عمى الطريقة التي يشاىد
بيا المتمقي الفيمم أو البرنامج التمفزيوني .وتشتمل عوامل السياق ،عمى تشكيمة متنوعة من العناصر منيا
ىوية المشاىد وظروف التعرض والتجارب القبمية لدى المشاىد وتصوراتو السابقة عن نوع الفيمم وانتاجو،
وحتى قضايا سياسية وتاريخية واجتماعية محيطية.
تأخذ بعين وعمى العموم ،فإن نظرية التمقي تضع الجم يور ،كأفراد وجماعات ،في سياقات
االعتبار كل العوامل التي يمكن أن تؤثر في كيفية قراءة النص وبناء معنى انطالقا من النص المسيق.
وقد يكون مفيدًا ،التذكير بأن إشكالية تمقي الرسائل اإلعالمية طرحت ،انطالقا من ثمانينيات القرن
الماضي ،في السياق العام لمتي ارات النقدية وخاصة المدرسة األلمانية التي طورت نظرة نقدية في
الستينيات حول عالقة النص األدبي بالقارئ وتحول االىتمام من جماليات التأثير إلى جماليات
التمقي) ، (17وقد ينسجم ىذا الطرح عموما مع المنظور الذي طوره روالند بارث ( )Roland Barthesفي
دراستو الشييرة "موت المؤلف" ( )Death of the Autherحول التمقي ،ويمتقي أيضا مع منظور مدرسة
فرانكفورت ومركز بيرمينغيام لمدراسات الثقافية المعاصرة في بريطانيا.
ويعتقد الباحث مخموف بوكروح أن الفضاء األكثر مالءمة لدراسة عممية تمقي الرسالة ،ىو المسرح،
إذ فيو " تتجمى استجابة الجميور بصورة مباشرة") .(18كما قد ينسجم مع التوجيات الجديدة في دراسات
الجميور ابتداء من العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي ،حيث أسند دور فعال لمجميور ،في
فك رموز مدونات الرسائل اإلعالمية( ،)Decodingولو أن النقاد الميتمون بعالقة الجميور/االستجابة،لم
يكونوا م نسجمين فيما بينيم سواء في الواليات المتحدة األمريكية أو بريطانيا .ولم يكن ليم ،فرادى أو
جماعات ،أي اتصال مع نقاد المدرسة النقدية األلمانية) .(19غير أن ىذا االتجاه النقدي العام ،يمكن
تممسو في الدراسات اإلعالمية من خالل أنموذج نقد الثقافية الجماىيرية التي اشتيرت بيا مدرسة
فرانكفورت( ) Frankfort Schoolومركز الدراسات الثقافية المعاصرة لجامعة بيرمينغيام والذي تحول فيما
بعد إلى مركز لمدراسات البريطانية ( Birmingham Centre For Contemporary Cultural
)Studies=BCCCSالذي انبثق عنو تيار دراسة تمقي الرسائل اإلعالمية.
ويركز تيار الدراسات الثقافية ( ) Cultural Studiesعمى نقد المضامين الرأسمالية لمثقافة
الجماىيرية التي تعمل وسائل اإلعالم عمى فرضيا عمى الجماىير التي تخمقيا ىذه الوسائل وتبيعيا
لممعمنين الرأسماليين).(20
وعمى الرغم من أن ىذا األنموذج يضم تيارات مختمفة ،إال أنيا تستيدف جميعيا تجديد األنموذج
النقدي التقميدي في دراسات االتصال الجماىيري ،حيث يحمل الباحثون الثقافيون ،الثقافة الجماىيرية عمى
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 65
أنيا تعبير عن العالقات بين األفراد والطبقات االجتماعية في السياق االجتماعي والسياسي الخاص
ز من"نظام التفاعالت الرمزية"( Symbolic
بالمجتمعات الرأسمالية ،وينظرون لوسائل اإلعالم كجزء ال يتج أ
) Interactions Systemيساىم في إنتاج فضاء رمزي ،أكثر مما ىي أدوات في خدمة طبقة مييمنة.
وىنا يمتقي منظور الدراسات الثقافية مع منظور االستعمال واإلشباع في القول أن"الناس ىم الذين يفعمون
شيئا بوسائل اإلعالم وليس العكس"
)(21
وعمى الرغم من أن وسائل اإلعالم تعبر عن موقع أيديولوجي -خاصة من خالل طريقة ترميز
النصوص -إال أنو ليس من المؤكد أن يقوم المتمقي بنفس التفسير ،ذلك أن طابع تعدد المعاني
( )Polysemicلمرسائل اإلعالمية يقدم تشكيمة واسعة من القراءات الممكنة التي تتوقف عمى الوضع
االجتماعي لممتمقي والذي يحدده السياق االجتماعي والثقافي الذي يعيش فيو.
من ىذا المنطمق ،عكف عدد من الباحثين الثقافيين ( )Hibson, Radway, ang, Morleyعمى
التأسيس لمقاربة تركز عمى المظاىر النصية لممشاىدة التمفزيونية إلى جانب األبعاد االجتماعية لمتحميل
وتأويالت المشاىدين .يكمن اليدف الرئيسي في محاولة فيم كيف أن جماعة المشاىدين يستعممون عمميا
يؤولون محتوى الرسائل التمفزيونية
وبكيفية نشيطة التمفزيون كعنصر مندمج في ثقافتيم ،بمعنى كيف ِّ
انطالقا من قيميم الثقافية وخبراتيم وتجاربيم االجتماعية ،وكيف يش اركون في البناء االجتماعي لمعاني
المنتوج اإلعالمي من خالل القراءة التي يقدمونيا لمنصوص.
ولفيم تأويل مشاىد معين لمنتوج تمفزيوني ما ،يمجأ الباحثون لمنظور أكثر نفعية ()Pragmatic
حيث يستعممون بكثافة المناىج اإلثنوغرافية لجمع المعطيات :االستجوابات العميقة ،والمالحظة المباشرة،
والمالحظة بالمشاركة.
ويرجع الفضل في تطوير المنيج األنثروبولوجي في دراسات االتصال الجماىيري عامة ودراسات
الجميور بصفة خاصة ،إلى تيار األبحاث المتعمقة باألسر والتكنولوجيات المتولد عن االستعمال العائمي
المتنامي لممبتكرات التكنولوجية الجديدة (التمفزيون ،مسجل وقارئ الفيديو ،والحاسوب) ،حيث سجمت منذ
ثمانينات القرن الماضي قطيعة مع تيار األبحاث الغالب في ىذا المجال والذي كان يركز عمى تحميل
البرامج اإلعالمية العامة والمجالت السياسية .وقد جاءت أولى المحاوالت في ىذا الصدد في العقد
من القرن الماضي في وقت كان فيو العالم مقبل عمى عيد جديد في مجال االتصال المباشر )(22
الثامن
العبر وطني ( )Transnationalبفضل ظيور الصحافة اإلليكترونية والبث التمفزيوني المباشر عبر
السواتل ومطالبة الدول السائرة في طريق النمو آنذاك بنظام إعالمي دولي جديد أكثر عدال وتوازنا ،وبداية
انييار الثنائية القطبية ،وبروز األحادية في تنظيم الشؤون الدولية.
ولقد طرحت في سياق تمك الظروف التاريخية ،تساؤالت حول الحصص المسماة االتصال السياسي
الموجية لجميور عريض غير منسجم ( )Heterogeneقبل أن تشمل جميع األنواع المسماة شعبية
(رياضة ومنوعات وأوبرات صابونية ومسمسالت بوليسية) .كما طرحت عمى بساط البحث القضايا
65 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
المتعمقة بالعينة التمثيمية مثل النوع (ذكر/أنثى) واالنتماء الطبقي والجماعات اإلثنية .وكان ىدف ىذا
التيار الجديد الذي يندرج في نفس منظور) (Encoding-Decodingالذي تبناه ستيوارت ىول ( Stuart
،)Hall, 1973الوصول إلى مؤشرات تأويل الجميور لمرسائل اإلعالمية انطالقا من متغيرات النوع
واالنتماء الطبقي االجتماعي .وقد أظيرت نتائج ىذه الدراسة درجات التعقيد وتنوع أنماط فك الرموز
واستحالة فيم تعدد القراءات الممكنة انطالقا من متغير االنتماء الطبقي االجتماعي وحده.
وقد وجيت ليذا التيار الجديد انتقادات ،منيا إىمالو إلمكانيات التقاطع بين مدونات المتمقين من
مختمف الطبقات االجتماعية .إىمال التفاعل االجتماعي بيذا الشكل ،أوجد ُى ّوة بين األبحاث المتعمقة
بالمعرفة العامية ( ) Public knowledgeوالمركزة عمى اإلنتاج غير الخيالي ،من جية ،وبين األبحاث
المتعمقة بالثقافة الشعبية) (Popular Cultureالمركزة أكثر عمى التسمية والترفيو ( ،)Entrtainmentمن
جية أخرى .ومن ىنا ،فإن مختمف التباسات مفيوم المعنى لم تكن لتيسر عممية التنظير لمعالقة بين
النص والجميور وتوضح مضامينيا.
لقد بدأ االىتمام في منتصف الثمانينات ينصب حول االستعماالت األسرية لمتمفزيون( Morley, D.,
)Family Television, 1986حيث كان قد تم االعتراف لممتمقي بدور فعال في بناء معاني الرسائل
اإلعالمية وبأىمية السياق الذي تتم فيو عممية التمقي ،حيث استبدل مفيوم "فك الترميز" بمفيوم "سياق
المشاىدة"( ، )Viewingوتحول مركز االىتمام إلى عممية "المشاىدة" نفسيا ومحاولة فيم ىذا النشاط في
حد ذاتو أكثر مما ىو مجرد استجابة خاصة لبرنامج إعالمي خاص .وقد اىتم مورلي في ىذه الدراسة
التي استعمل فييا المنيج اإلثنوغرافي ،بالتفاعالت بين مختمف أفراد العائمة أمام الشاشة الصغيرة في
السياق "الطبيعي" الستقبال التمفزيون الذي ىو الفضاء المنزلي .حيث استجوب والحظ بالمشاركة ثمانية
عشر عائمة بريطانية تتكون من شخصين بالغين وطفمين وتنتمي لمطبقة العاممة في أغمبيتيا .وقد اىتم
باالختالفات بين العائالت من جية ،وبين أفراد العائمة الواحدة من جية ثانية مرك از عمى عالقة السمطة
بين الجنسين وبين البالغين والقصر ،دون أن ييمل إطا ر التحميل ،وبنية الجميور من منظور االنتماء
الطبقي والتربية وااليدولوجيا ...التي تحدد السياق االجتماعي والثقافي الذي تحمل فيو تركيبية الجميور
وواقعو وأنماط تفاعمو .ويقترح ىنا اعتبار الطبقة االجتماعية أو الدخل كمؤشر أكثر مما ىو عامل يؤثر
مباشرة في تحميل األبعاد االجتماعية لممشاىدة التمفزيونية وتأويل الرسائل.
سجل في بداية العشرية التاسعة من القرن الماضي ،تطور آخر في دراسات االستعماالت المنزلية
لتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ،حيث لم يعد التمفزيون وحده مركز االىتمام ضمن التكنولوجيات
األخرى التي ينبغي تحميل دورىا في تمفصل الفضاءات الخاصة والعمومية ومحاولة تحديد )(23
المنزلية
السياق الذي يجري فيو النقاش حول قدرة وسائل اإلعالم عمى خمق وصيانة اليويات الثقافية .ويتعمق
األمر ىنا بإعادة تسييق( )Re-contextualisationدراسة استيالك التمفزيون في إطار اجتماعي-تقني
وثقافي أوسع وااللتزام بعمل أمبريقي إثنوغرافي من شأنو أن يساعد عمى فيم ظاىرة التمقي المعقدة ،وادراك
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 50
ديناميكية منزلية ( )Domesticationالتكنولوجيات داخل العائالت ،أي إدماج ىذه التكنولوجيات في
الفضاء األسري اليومي ،والكيفية التي تعمل بيا كل عائمة في إدارة فضائيا االجتماعي والتكنولوجي).(24
المسيقة لمتمقي وأن ىذه الممارسات
ّ وينبغي أن تفيم دالالت التمفزيون كخصوصيات صاعدة لمممارسة
تكونو األسرة والتفاعالت التي تجري في ىذا المحيط.
تتشكل داخل المحيط االجتماعي الجزئي الذي ّ
تميز التطور األولي ألنموذج التمقي ،بانتقال اىتمامات البحث من قضايا االيدولوجيا وتحميل
الرسائل المتمفزة من خالل تساؤالت حول البنية الطبقية وعممية فك الرموز إلى التمايز في ممارسة
المشاىدة من منظور النوع داخل العائمة .وقد ترتب عن ىذا التحول إعادة تأطير قضية التمقي داخل
سياق أوسع يستدعي الربط بين التكنولوجيات الجديدة ووسائل االتصال الجماىيري والديناميكيات العائمية
بيدف فيم عممية التمقي في أبعادىا المتعددة.
وىكذا أثارت مسألة التمقي فضول العديد من الباحثين الذين اىتموا ،كل حسب األنموذج الذي
ينطمق منو وحسب طبيعة أىداف البحث ،بمختمف جوانب عممية التمقي سواء تعمق بالمتمقي(القارئ-
المشاىد) أو بالنص أو بطبيعة العالقة بينيما أو بالتأويل (فك الرموز).
غير أن األعمال التي قدميا كل من ( )Morley, 1980, 1986, 1990, 1992, 2001و( Staiger
)Janet, 1992و( )Daniel Miller ; Don Slater, 2000و( )Baker Martin, 2005وغيرىم ،تبقى
أكثر داللة في جانب يا التنظيري واألمبريقي السريع الذي يجعميا أكثر ديناميكية وقدرة عمى مالحقة،
وبالتالي تأطير التغييرات التي تدخميا يوميا التكنولوجيات الجديدة عمى الفضاء اإلعالمي واالتصالي،
وبالنتيجة عمى األبحاث المتعمقة بالجميور.
ٖ .مؤشرات أنموذج جديد
تستمد المفاىيم الجديدة المتعمقة بجميور وسائل وسموكياتو وأبحاثة ،كما ىو الشأن بالنسبة لمختمف
المفاىيم والدراسات اإلعالمية عامة ،تستمد مقوماتيا أساسا من األدبيات التي أوجدتيا تيارات ما بعد
الحداثة ابتداء من القرن العشرين ،وأيضا من األجواء التي خمقتيا تكنولوجيات اإلعالم واالتصال
ال مستجدة في المحيط االتصالي المتحرك .ومن ىناك ،فإن حصر دالالت ىذه المفاىيم المستجدة،
يستدعي استحضار بعض الجوانب المناسبة في إطارىا المرجعي السيميولوجي والتقني.
إن مفيوم ما بعد الحداثة ( )Post-modernitsmتكثف استعمالو منذ العقد الثامن لمقرن العشرين،
لمداللة عمى تشكيمة واسعة من التغيير في أنماط التفكير ،مشي ًار عمى العموم إلى التيارات النقدية لمحقائق
المطمقة واليويات إن في الفمسفة والفن والموسيقى أواليندسة المعمارية أواألدب والشعر والمغة أوالتاريخ
والسياسة والثقافة .وىو يعني في ىذه المجاالت بالذات مواقف أيديولوجية أكثر من كونو يعبرعن حقبة
زمنية في تاريخ الحضارة اإلنسانية ،كما يشير إليو البعد التكنولوجي(.(25))Post-modernity
وقد شاع استعمال مصطمح ما بعد الحداثة بعد دخولو ،أوال المجال ،الفمسفي سنة ٜٜٔٚعمى يد
جون ف ار نسوا ليوطار( )Jean-François Lyotardالذي نشر" شرط ما بعد الحداثة" ( La Condition
57 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
يستبعد تحميل سياق المشاىدة التمفزيونية المفيوم العددي لمجميور حيث لم يعد مجرد حصيمة
عددية ألفراد األسر الذين يتابعون البرامج والحصص ،وانما أصبح ينظر إلى المتمقي كعضو ديناميكي
ممارس لنشاط اتصالي رتيب في الحياة اليومية لألسرة (الجماعة) .فال ينبغي أن يستمر البحث في النظر
إلى األفراد عمى أساس أن آراءىم وسموكياتيم فردية ومنعزلة عن تمك الظروف السياقية التي تتشكل فييا
األفكار وتعتنق وتعدل).(28
كما ينبغي أن يركز تحميل السياق المنزلي عمى بحث الكيفية التي يتم بيا إدماج ()Encastre
التكنولوجيات حتى تصبح جزءًا ال يتج أز من الديناميكية الداخمية وتنظيم الفضاء المنزلي.
()25
ترجمة شخصية لمنص التالي ( ٕ ،)Morley, ٜٜٔالمرجع السابق صٕٕٓ.
« Within this formulation television's meanings, that is the meanings of both texts and technologies have to be understood as
emergent properties of contextualized audience practices. These practices have to be seen as situated within the facilitating
»and constraining micro-social environments of family and household interaction.
53 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
العائمة والمنزل )ٖٓ(.تصبح تكنولوجيات اإلعالم واالتصال من ىذا المنظور ،نظاما تقنيا وماديا واجتماعيا
وثقافيا يشمل قواعد واستعماالت وعالقات.
)(30
Mick Underwood, Reception Studies-Criticisms, CCMS InfoBase, htm, April, 2006
“New audience research as the 'new revisionism' shows how many, much earlier; studies have demonstrated that audiences
construct highly individual readings of media texts (Curran 1990). There is, however, certainly some justice in David
Morley's claim 1997 that neither Curran nor anyone else could have written that particular history of cultural studies until the
'new revisionism' had transformed our understanding of audience research”.
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 54
إذن ،تمكن دراسة الد يناميكية العائمية من تحميل المشاىدة و/أو االستعمال الفردي في إطار
العالقات العائمية من خالل التفاعالت التي تحدث داخميا .ويسمح ىذا السياق بتحديد العوامل الحاسمة
في ممارسة المشاىدة من حيث السمطة والمسؤولية والرقابة في مكان معين وفي أوقات معينة.
"جيل ثالث" من دراسات التمقي () Third Generation of Reception Studies Aspects
شيدت دراسات الجميور في بداية ىذا العقد األول من األلفين تطو ًار كبي ًار سماه مورلي
( )Morley, ٜٜٜٔالجيل الثالث من دراسات التمقي )ٖٕ(.في سياق إعادة التفكير في جميور وسائل
ممخصة لمرحمتين آيمتين لمزوال مرت بيما ىذه الدراسات (الجيل األول متعمق بالتأثير
اإلعالم ،في إشارة ّ
والجيل الثاني خاص بالتمقي ،أوالمشاىدة كفعل اجتماعي وثقافي).
إن ىذا الجيل الجديد الذي لم ترتسم معالمو النيائية بعد ،ولكن يمكن تممسو في إرىاصات العديدة
من الظواىر والمف اىيم المرتبطة بيا ،ىو انعكاس النشغال عام ناجم عن جممة من األحداث والعوامل
والمؤشرات التكنولوجية واالقتصادية والسياسية التي كان لوسائل اإلعالم الدور الحاسم في توزيع صورىا
وبناء الرموز االجتماعية الدالة عمييا في الذاكرة الجماعية لمجميور ،والتي عايشتيا بداية ىذه العشرية.
فعمى الصعيد التكنولوجي ،تسارعت عممية انتشار الواب وتغمغمو في جميع مناحي الحياة ،واجتياح
العولمة اإلعالمية مختمف مناطق المعمورة ،وتعميم أنظمة االتصال الرقمية التي غيرت جذريا عالقات
التبعية بين المرسل والمتمقي.
وعمى الصعيد االقتصادي ،أعاد نيوض البمدان المسماة "النمور اآلسيوية" في نياية القرن الماضي
والنمو االقتصادي المذىل الذي تحققو الصين منذ بداية القرن الحالي ،الثقة في الذاتية وحرر القدرات
الكامنة لتمك الشعوب التي أصبح بإمكانيا المحافظة عمى خصوصياتيا الثقافية والروحية والحضارية،
وفي نفس الوقت العيش في مجتمعات ما بعد الحداثة بمنتجاتيا الذاتية ،وفتح لدييا آفاق الدخول في
منافسة مع األمم المحتكرة لالقتصاد والسياسة والتكنولوجيات والعمم.
أما األحداث السياسية األكثر انعكاسا عمى عممية إعادة التفكير في أنماط التفاعالت الممكنة بين
التدفق اإلعالمي المعولم والمتمقين من مختمف االنتماءات الثقافية والعرقية واإلثنية ،تبرز أحداث نيويورك
وواشنطن عام ٕٔٓٓ وما تالىا من حرب ضد "اإلرىاب" والتي طرحت إشكاليات معقدة تخص
أطروحات صراع الحضارات والتخمي عن الكثير من المبادئ التي أقيم عمييا النظام الدولي لعالم ما بعد
الحرب ا لعالمية الثانية ،من مثل سيادة الدول والشعوب ،والديموقراطية وحقوق اإلنسان ،بما فييا الحق في
اإلعالم والحق في االختالف.
لقد أصبحت بعض مظاىر ىذا الجيل الثالث من دراسات التمقي الذي يرتكز عمى منظور المنيج
اإلثنوغرافي) ،(33واضحة ،ولكنيا غير دقيقة تحتاج إلى أبحاث واسعة وعميقة ،ومن ضمن األبعاد الجديدة
التي اكتسبيا منظور التمقي بفضل تطور أبحاث الجميور ،من جية ،وانعكاسات تكنولوجيات االتصال
واإلعالم الجديدة ،عنصر الوجود الالمادي والالمحدودية في الزمن والمكان لمجميور والذي أصبح يطمق
عميو "عالم ما بعد الجميور" ( ،)Post-Audience Worldحيث أضافت ىذه التكنولوجيات تشكيمة
()32
ذفاص ً١أوثش د لح عٓ إٌّظٛس إٌّٙج ٟاٌجذ٠ذ ،اإلثٕٛغشاف ،ٟف ٟاٌفصً اٌخاِش ِٓ ٘زٖ اٌذساصح.
55 www.jprr.epra.org.eg www.epra.org.eg اٌعذد اٌثأِ – ٟجٍح تذٛز اٌعاللاخ اٌعاِح اٌششق األٚصظ
متنوعة من العناصر الداخمة في تكوين مفيوم الجميور ،لم تكن متوفرة في أنظمة االتصال الجماىيرية
السائدة قبل نظام االتصال الرقمي.
إن الرقمية لم تمنح حرية االختيار المطمق لممتمقي وحسب ،ولكنيا قضت عمى العديد من القيود
التي تفرضيا وسائل اإلعالم التقميدية عمى جميورىا قبل عرض نسخ من خدماتيا عبر مواقع الشبكة
العنكبوتية العالمية ) ،(World Wide Webوقبل إنشاء وسائل إعالم جماىيرية إليكترونية (،)e-Media
وبصفة خاصة الجرائد والمجالت اإلليكترونية ( )e-Magazine, e-Journalوتمفزيونات األنترنات.
سيوفر نظام االتصال الرقمي بعد تعميمو ،أي جميرتو في عمميات االتصاالت المحمية واإلقميمية
والدولية ،وخاصة تمفزيون األنترنات وتوسيع شبكات الخوادم المضيفة ( )Serversذات سعة تخزين ىائمة،
سيوفر لجميور المتمقين ،وخاصة جميور مشاىدي التمفزيونية ،خيا ارت عديدة .من ىذه االختيارات
المتاحة ،القدرة عمى التجوال بين الزوايا المختمفة واألزمنة المختمفة ،لتمقي كافة التفصيالت الدقيقة عن
الحدث أو العمل الدرامي مثل القرب والبعد والزوايا األمامية والجانبية والتكبير والتصغير ،ومصاحبة
الصوت أو بدون صوت ،التوقف عند لقطة مختارة في لحظة معينة ،والرجوع إلى الخمف أو التقدم إلى
األمام ،وغيرىا من العمميات الدالة عمى سيادة المتمقي في اتخاذ القرار المناسب لظروفو الخاصة،
واستقالليتو عن المرسل الذي يفقد باستمرار التحكم في مصير نص الرسالة اإلعالمية .فقد أضافت،
مثال ،ىذه الحرية في ا الختيار التي يكتسبيا باستمرار الجميور ،سمات أخرى مثل سمة التفاعمية
( )Interctivityوالالتزامنية ( )Asynchronizationفي المشاىدة التمفزيونية ،حيث تتيح لممشاىد
إمكانيات المشاىدة واعادة المشاىدة بالتفاصيل التي يريدىا المتمقي نفسو ال كما يريدىا ،أو كما كان
يتوقعيا ،القائم باالتصال.
وىكذا ،ساىمت ىذه التكنولوجيات في تنامي مفيوم جميور المتمقين النشط الذي يتخذ ق ارره بناء
عمى معطيات سابقة لتمقي الرسالة والمصدر والمحتوى وأعطت لممعرفة اإلدراكية دو ار فعاال كإحدى القوى
الوسطية التي تعمل عمى إحالل التفاعمية محل التأثير بت غيير اتجاىو الخطي .فالفرد في الجميور" يقبل
أو يرفض ،يقترب أو يتجنب ،يتعرض أو ال يتعرض إلى وسائل اإلعالم بناء عمى قرار اختياره وتفضيمو
(ٖٗ)
ومستوى ىذا التفضيل وشدتو.
والى جانب ذلك ،بدأ ىذا النظام يجسد مبدأ المشاركة الفعالة في العممية االتصالية من خالل نوادي
المحادثة والحوار التي يتم فييا تبادل الرسائل اإلعالمية فوريا وبصفة تزامنية مستقمة عن التموقع الجغرافي
لمحضور المشترك في الزمن .يمكن إذن تممس فكرة "عالم ما بعد الجميور" من خالل مختمف أنماط
السموكيات المشتركة التي يقوم بيا جميور مشبك ( )Networkedغير محدد في فضاء جغرافي معين.
وقد أُثْريت المغة المتخصصة بعدة مصطمحات لمداللة ،من زوايا مختمفة ،عمى واقع الجميور
الجديد التي خمقتو تكنولوجيات اإلعالم واالتصال الجديدة ،مثل الجميور اإلليكتروني()e-Audience
والجميور عن بعد ( )Remote Audienceوالمواطن المشبك ( )Netizenفي مجال السموك االنتخابي
()34
ٔظّد جاِعح وا )Keio(ٛ٠تطٛو ٛ١ف ٟشٙش ِاسس ٍِ ،2006رم ٝدٛي ظا٘شج اٌمذسج اٌىٍ١ح عٍ ٝاٌرٛاجذ ف ٟوً ِىاْ فٔ ٟفش اٌزِٓ،
شاسن ف ٗ١عٓ لشبٌٚ ،ىٓ عٓ تعذ أ٠ضا تادثٚ ْٛأصاذزج ٚجّٛٙس ِٓ ِخرٍف اٌجاِعاخ اٌّرٛفشج عٍ ٝإِىأ١اخ اٌرٛاجذ ف ٟوً ِىاِْ ِٓ ،خرٍف
األِاوٓ اٌجغشاف١ح عثش اٌىشج األسض١ح.
أ.د عٍ ٟلضا٠ض١ح ِ :ماستاخ جّٛٙس ٚصائً اإلعالَ ِٚضرخذِ ٟاٌٛصائظ اٌجذ٠ذج 56
خاصة .ولكن أحدث ىذه المفاىيم األكثر انتشا ار والتي دخمت الحقل األكاديمي ىو ما يمكن أن نسميو –
الجميور القادر عمى التواجد الكمي) ) Ubiquitous Audience( (35ويشار إليو في األدبيات اإللكترونية
)(u-Audience
ويدل ىذا المصطمح ،عمى العموم ،إلى الشيء الذي يبدو متواجدا في كل مكان وغالبا غير متموقع
جغرافيا .وقد استعممو ماك ويزر( )Mark Weiserفي نياية التسعينات لمداللة عمى عالم تحيط فيو الحواسب
والتجييزات اإلعالمية بالناس وتساعدىم في كل شيء يقومون بو .ىذه البيئة قائمة اآلن في المنزل وفي
المكتب وفي الجيب ،مثل الياتف الخموي ومذكرة الجيب الرقمية ( ،)PDAتوفر لممستعممين الذين يتزايد
عددىم باضطراد ،القدرة عمى االستعالم واالتصال والتسوق والشراء والبيع ودفع الفواتير ومختمف التحويالت
المالية واستشارة األطباء والمحامين ،أي القيام بالنشاطات اليومية العادية في أي مكان يتواجدون فيو وفي أي
زمن ،أي بدون انقطاع ( .)Non-Stopوىذا بفضل تطوير الواب وتكييف التكنولوجيات الجديدة مع احتياجات
المستعممين .غير أن األبحاث التي تجرييا الجامعات ومراكز الدراسات ،الزالت تركز ،في ىذه المرحمة من
تطور الواب عمى الجوانب التقنية لمبحث عن أنجع وأقصر السبل لجميرة ( )Massificationتكنولوجيات
اإلعالم واالتصال ،أي تمكين أكبر عدد من الناس ،من خالل تخفيض السعر وتيسير طرق االستعمال ،من
االستفادة من المزايا التي توفرىا.
ومع ذلك ،فإن مناىج األبحاث في ىذه البيئات التقنية-االجتماعية ومختمف أنماط التفاعالت بين
مختمف العناصر المكونة ليا ،بدأت في أقل من عشرية من الزمن تعطي بعض النتائج التي لم تكن
متوقعة قبل حمول ىذا العالم ما بعد الحديث.
هوامش ومراجع:
1- Mcquail D, Mass Communication Theory, Sage publication, London, 1984, p.13
ٕٓٓٗ ، القاىرة، عالم الكتب، نظريات اإلعالم واتجاىات التأثير، محمد عبد الحميد-ٖٖ
JPRR.ME No.2 www.epra.org.eg www.jprr.epra.org.eg 9
Abstract
This article, aside first regards natural history research audience, and
aside Secondly regard to classification (Typology) approaches most commonly
used in light of the models used depending on the impact of technological
innovations on the one hand, and the results of research audience empirical and
intensity of events affecting the historical development of societies of on the
other hand. As I will, in a third aspect, some aspects of the concepts resulting
from the blast e-related studies media in general, and studies of the public,
especially in the postmodern world, the (e-World), which is being built through
an arsenal roads media quick and internal networks and local, regional and
international and technical environments, social and cultural development in
existing homes, offices and public places, from airports and train and bus
stations, and even in the pockets of people.
It was found the theoretical aspects and conceptually related to an audience of
media and studies of its own, that researchers interested in this field are not
dealing with one model or with a single approach to research the public or one
theory of mass communication, but they are being treated something a little
more than a set of aspirations and alternative generalizations that stop their
(Applicability-Validity), conditions on the availability of a variety of social and
historical conditions and the time and place of the current.
The multiplicity of models and theories and approaches and methodological
approaches stemming from the evolution and diversity of the media on the one
hand, and the historical development of the public on the other hand, enabled
the accumulation heritage theoretical and methodological developed
sophisticated upward in the direction of turn history positive, meaning a review
of this heritage review periodically and re-drafted to enter necessary
adjustments dictated by this development, either to cancel expired elements or
by adding new elements to express the emerging reality.
Copyright © EPRA 2014
None of the materials provided on this Journal or the web site may be used, reproduced or transmitted, in
whole or in part, in any form or by any means, electronic or mechanical, including photocopying, recording or
the use of any information storage and retrieval system, except as provided for in the Terms and Conditions
of Use of Egyptian public Relations Association, without permission in writing from the publisher.
And all applicable terms and conditions and international laws with regard to the violation of the copyrights of
the electronic or printed copy.
(ISSN 2314-8721)
(ISSN 2314-8723X)
EPRA Publications
Egyptian Public Relations Association, Gizza, Egypt
Dokki, Ben Elsarayat -2 Ahmed Elzayat St.
Phone: (+2) 0114 -15 -14 -157 - (+2) 0114 -15 -14 -151 - (+2) 02-376-20 -818
- The publication fees of the manuscript for the Egyptians are: 850 L.E. and for the Expatriate
Egyptians and the Foreigners are: 450 $.
- If the referring committee refused and approved the disqualification of publishing the
manuscript, an amount of 250 L.E. will be reimbursed for the Egyptian authors and 130 $ for
the Expatriate Egyptians and the Foreigners.
- The manuscript does not exceed 35 pages of A4 size. 20 L.E. will be paid for an extra page
for the Egyptians and 5 $ for Expatriate Egyptians and the Foreigners authors.
- A special 10 % discount of the publication fees will be offered to the Egyptians and the
Foreign members of the Fellowship of the Egyptian Public Relations Association for any
number of times during the year.
- Three copies of the journal and three Extracted pieces from the author's manuscript after the
publication.
- The fees of publishing the scientific abstract of (Master's Degree) are: 250 L.E. for the
Egyptians and 150 $ for the Foreigners.
- The fees of publishing the scientific abstract of (Doctorate Degree) are: 350 L.E. for the
Egyptians and 180 $ for the Foreigners. As the abstract do not exceed 8 pages and a 10 %
discount is offered to the members of the Egyptian Society of Public Relations. Three copies
of the journal will be sent to the author's address.
- Publishing a book offer costs LE 700 for the Egyptians and 300 $US for foreigners.
- Three copies of the journal are sent to the author of the book after the publication to his/her
address. And a 10% discount is offered to the members of the Egyptian Society of Public
Relations.
- For publishing offers of workshops organization and seminars, inside Egypt LE 600 and
outside Egypt U.S. $ 350 without a limit to the number of pages.
- The fees of the presentation of the International Conferences inside Egypt: 850 L.E. and
outside Egypt: 450 $ without a limitation of the number of pages.
- All the research results and opinions express the opinions of the authors of the presented
research papers not the opinions of the Egyptian Association for Public Relations.
- Submissions will be sent to the chairman of the Journal.
Address:
Egyptian Public Relations Association,
Arab Republic of Egypt, Gizza, El-Dokki, Bein El-Sarayat, 2 Ahmed El-zayat Street.
And also to the Association email: jprr@epra.org.eg, or info@epra.org.eg, chairman@epra.org.eg,
after paying the publishing fees and sending a copy of the receipt.
Journal of Public Relations Research Middle East
Publishing rules:
- It should be an original Manuscripts that has never been published.
- Arabic, English, French Manuscripts are accepted however a one page abstract in English
should be submitted if the Manuscripts is written in Arabic.
- The submitted Manuscripts should be in the fields of public relations and integrated
marketing communications.
- The submitted scientific Manuscripts are subject to refereeing unless they have been
evaluated by scientific committees and boards at recognized authorities or they were part of
an accepted academic thesis.
- The correct scientific bases of writing scientific research should be considered. It should be
typed, in Simplified Arabic, 14 points font for the main text. The main and sub titles, in Bold
letters. English Manuscripts should be written in Times New Roman.
- References are mentioned at the end of the Manuscripts in a sequential manner.
- References are monitored at the end of research, according to the methodology of scientific
sequential manner and in accordance with the reference signal to the board in a way that
APA Search of America.
- The author should present a printed copy and an electronic copy of his manuscript on a CD
written in Word format with his/her CV.
- In case of accepting the publication of the manuscript in the journal, the author will be
informed officially by a letter. But in case of refusing, the author will be informed officially
by a letter and part of the research publication fees will be sent back to him soon.
- If the manuscript required simple modifications, the author should resent the manuscript with
the new modifications during one week after the receipt the modification notes, and if the
author is late, the manuscript will be delayed to the upcoming issue, but if there are thorough
modifications in the manuscript, the author should send them after 15 days.
Scientific Board
JPRR.ME
Second issue – January / March 2014 Prof. Dr. Enshirah el SHAL (Egypt)
Professor of Media at the Faculty of Mass Communication, Cairo University)State Doctorate in Arts and
Founder & Chairman Humanities from France)
Dr. Sadek Rabeh (Algeria) Prof. Dr. Sherif Darwesh Allaban (Egy.)
Associate Professor of mass communication - Emirati Professor of printing press at the Faculty of Mass Communication, Cairo University
Canadian faculty - United Arab Emirates - the former dean
of Faculty of information and Public Relations - Ajman Prof. Dr. Mahmoud Hassan Ismael (Egy.)
University Media professor & Head of Department of Culture Media and Children at Ain Shams
University
Ben Elsarayat - 2 Ahmed Zayat Street Prof. Dr. Mohamed Elbokhary (Syria)
Mobile: +201141514157 Professor, Department of Public Relations and Publicity, School of Journalism, University of MF Uzbek
Tel : +2237620818 national Ulugbek Beck
www.epra.org.eg
jprr@epra.org.eg Prof. Dr. Ali Kessaissia,(Algeria)
Professor, Faculty of Media Science & Communication, University of Algiers-3.
** Names are arranged according to the date of obtaining the degree of a university professor.
Journal of Public Relations Research Middle East
Scientific refereed Journal - Published by Egyptian Public Relations Association - Second issue – January / March 2014
Prof. Dr. Yas Elbayati - University of Baghdad & Ajman University of Science
Trends in university youth watch satellite TV and their potential impact on values
and behavior (field study) 8
Dr. Adel Saleh - Sohag University & The British University in Cairo
Synopsis Role of the Media in the Presidential Election Campaign in Egypt in 2012
Study in the Light of Hybridization Theory 21