Professional Documents
Culture Documents
JARTS - Volume 80 - Issue ینایر علوم لغة - Pages 1-30
JARTS - Volume 80 - Issue ینایر علوم لغة - Pages 1-30
JARTS - Volume 80 - Issue ینایر علوم لغة - Pages 1-30
ملخص
يسعى هذا البحث إلى تناول صورة الخطاب الروائي بين مرايا التاريخ وانعكاسات
يبين
المستقبل في ضوء المنهج التاريخي واإلفادة من معطيات التاريخانية الجديدة ؛ لكي ّ
تجليات الخطاب الروائي والتاريخي ،وصورة الخطاب الروائي بين الزمن الواقعي والتخيلي،
ويكشف عن مرايا التاريخ ،وأزمنة الرواية المنكسرة ،والخطاب الروائي بين الواقع والتخييل،
ِّ
ويوضح الكتابة التاريخية والذات الروائية العربية.
وخلص البحث في خاتمته إلى أن الخطاب الروائي بكل تجلياته إنما هو صورة للتاريخ
اإلنساني بتمظهراته المتغيرة عبر الزمن.
(*)
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020
2020 ) يناير2( ) العدد80( مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد 272
Abstract
The Image of the Novelist Discoures Between the Mirrors of
History and the Implications of the Future.
This research seeks to address the image of the novelist discourse
between the mirrors of history and the implications of the future in the
light of the historical approach, and to benfit from new historical data
, to show the manifestations of the novelist and historical discourse,
and the image of the narrative discourse between real and imaginary
time, and reveal the mirrors of history and times of the broken novel,
and the narrative discourse between reality and fantasy, and explains
the historical writing and Arabic self-narrative.
The research concluded that the novelist discourse in all its
manifestations is an image of human history with its changing
manifestations over time.
المقدمة
إن الحديث عن الرواية والتاريخ يشكل مكمن تقاطع بين حدود فاصلة
وفق عالقة معقدة، لك ّل من التخيلي والموضوعي،وجامعة في الوقت ذاته
تغوص في أعماق الخيال؛ لتطفو صورتها على واقع إنساني يعكس تجليات
وما تمثّله هذه الكتابة من مساءلة،المادة اإلبداعية من خالل روح كتابة التاريخ
لها أثر في إضاءة العديد من مرايا الزمن عبر فلسفة الخطاب الروائي،فنية
والمترسب عبر التجارب اإلنسانية داخل إطار ذاتي،الممتزج بالتخييل
تحكمه المسافة الفاصلة بين حركية اإلبداع الروائي وسكونية،واجتماعي وثقافي
وممتلئ تارة أخرى، وما يعج به التاريخ من ثقل مفرغ تارة،تأمله عبر التاريخ
بسطور الص ارع المخطوطة على شكل نسيج يتصادم فيه االعتقاد بالواقع؛ أي
273 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
بين واقع المقدس التاريخي واإلبداع الروائي ،وما يشغلهما من مساحات الخيال،
وفق تعالق معقد متداخل ومتجانس عبر الزمن.
إن ارتباط الخطاب الروائي بعامل الزمن ،يجعل العالقة بين الرواية
والتاريخ عالقة جديرة في البحث عن التجليات السردية في أبعد تصوراتها
الفكرية والثقافية واالجتماعية والفنية القائمة على التصور األدبي ،باعتباره
المصدر المهيمن على القراءة وكذا الكتابة األدبية؛ وهذا ما يقودنا إلى معطى
أساس ينبني على التالزمية الفكرية بين القدرة اإلبداعية للروائي في تفكيك
معطيات التاريخ الموضوعية ،واعادة تركيبها برؤية فنية تمتح تارة من الواقع،
وتنغمس تارة أخرى في الخيال ،بهدف خلق نوع من الموازنة التأويلية بين كيفية
بناء العالقة بين النص الروائي والنص التاريخي ،وفق رؤية تحيينية لمعطيات
الواقع وتجربة المبدع الروائي .فهل جاءت الرواية ِمرآة االنعكاس التي تعكس
صورة الماضي في الحاضر؛ أي التاريخي بالروائي؟ وهل الرواية إعادة لكتابة
التاريخ وصياغته بحلة جديدة ،أم أن الخطاب الروائي قادر على ابتكار عالمه
الخاص خارج خطية الزمن؟
كما يثير البحث أسئلة عديدة ،لعل من أهمها :ما نوع العالقة بين الرواية
والتاريخ؟ وهل يوجد تعالق معقد متداخل ومتجانس بينهما عبر الزمن ،وما
نوعه؟ وهل ُنسجت صورة الخطاب الروائي بين الزمن الواقعي والتخييل ،وبينت
مرايا التاريخ وأزمنة الرواية المنكسرة ؟ وكيف تلون الخطاب الروائي بين الواقع
والتخييل ،وما أثر التاريخ على الذات الروائية العربية؟ وهل خلخلت الرواية
عمق الكتابة التاريخية إلعادة كتابة التاريخ بشكل مغاير للتاريخ الرسمي؟
ٌكل هذه األسئلة وغيرها فرضت تناول البحث لصورة الخطاب بين مرايا
التاريخ وانعكاسات المستقبل؛ لفهم الثقل التاريخي المتواري داخل ثنايا العمق
الروائي لإللمام بخيوطه السردية أثناء بسط األفكار ومحاورتها؛ هذا معناه أننا
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 274
قضايا البحث
إن المتمعن في قضايا الخطاب الروائي يدرك بحق ذلك االرتباط بين
التاريخ والرواية عبر آليات الخطاب اإلبداعي في أبعد صوره الكونية والخيالية
المحققة للممكنات المعرفية ،وما يصاحبها من مفاهيم تعكس لب الموضوع
وطرق سبر أغواره األدبية والثقافية ،وفق تجليات الخطاب الروائي الممتد عبر
التاريخ بتفرعاته الذاتية والجماعية في معالجة القضايا الكونية الماكثة في ذاكرة
الروائي والتاريخي والحكواتي ،..لتصبح بذلك الرواية ،القضية المحورية في كنه
الم َشكلة لكينونته ،والمرجع األساس لسبر روافده عبر مرآة
التاريخ؛ ألنها المادة ُ
الخطاب والتخاطب مع ممكنات الحوار وانعكاساته الفنية والثقافية التي تنشدها
الرواية في طياتها اإلبداعية .كل هذا يجعلنا نقف عند الظاهر والخفي في
الكتابة الروائية ،وما يجمع بينهما من تمثالت لم يبح بها التاريخ على لسان
الرواية ،وانما أرجأها على شكل تصورات تخييلية قابلة للتأويل عبر حركية
الواقع داخل خطية زمن الخطاب الروائي.
مشكلة البحث
إن قضايا البحث استدعت منا الوقوف على استنهاض مقومات الوعي
التاريخي؛ الستنطاق الخطاب الروائي بأشكاله ورمزياته األنثروبولوجية ،الداعية
لعمق إشكالي ينبني على ِمرآة االنعكاس التي تعكس صورة الماضي في
الحاضر أي التاريخي بالروائي من خالل أطروحة مفادها كيفية إعادة الرواية
275 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
لكتابة التاريخ بقالب روائي ،واعتبار الرواية من انتاج التاريخ ،وأن الخطاب
الروائي قادر على ابتكار عالمه الخاص خارج خطية الزمن.
المنهج المعتمد
سنعتمد في هذ البحث ،المنهج التاريخي؛ لقوته في عرض األحداث
األدبية بشكل دقيق وموسع يسعفنا لتشكيل صورة دياكرونية تعكس مرايا التغير
والتحول الذي ط أر على بنية الخطاب الروائي عبر الزمن ،ولعل ذلك راجع
لخلق جماليات التذوق الفني التي يحدثها التاريخ في قلب الرواية ،بجميع
مجرياتها وأحداثها التي تنبض من عمق الحياة االجتماعية عبر سيرورة الزمن
النصي والواقعي في سرد األحداث التاريخي ،بحسب معطيات اغتراف
الحاجيات األدبية من صلب التاريخ؛ هذا ما يدفعنا للقول ،إن المنهج التاريخي
هو مرآة تعكس صورة اإلنسان في شخص الخطاب الروائي ،بحموالته الروحية
والمادية وبانكساراته وبطوالته ،لهذا فإن الخطية التاريخية هي انعكاس لسطور
الخطاب الروائي في استكناه فلسفة الفكر اإلنساني المتخفية عبر حقول معرفية
ال يمكن قراءة معطياتها إال بمنظار التاريخ .إضافة إلى اإلفادة من معطيات
التاريخانية الجديدة ،لدراسة الخطاب الروائي وفهمه ضمن معطيات التاريخ
وسياقاته؛ والذي يسعى للكشف عن األنساق الثقافية المتوارية في ثنايا
النصوص ،لنقد الواقع المهيمن بكافة تناقضاته.
الدراسات السابقة
يهدف هذا البحث إلى دراسة صورة الخطاب الروائي بين مرايا التاريخ
وانعكاسات المستقبل؛ ويتحدث عن تجلّي علم التاريخ في صنع الرواية ،وهذا
طرح جديد لقراءة الخطاب وفق روية جديدة تدفعنا لطرح تصور لفرضية
مفادها ( :أن الخطاب الروائي إنما هو صورة للتاريخ اإلنساني بتمظهراته
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 276
المتغيرة عبر الزمن) .لذا فإن موضوع البحث جديد في طرحه ،لم يدرس من
قبل الدارسين والنقاد .لكن ثمة دراسات موازية تناولت الرواية والتاريخ ،لعل من
أهمها:
" الرواية التاريخية " (لوكاش ،)1937 ،وهو كتاب له أهمية كبيرة في -1
الدراسات األدبية ،إذ بين أهمية التاريخ في تشكيل الرواية التاريخية،
وعالقة الرواية التفاعلية بالتاريخ ،وتفاعل التاريخ مع األنواع األدبية،
ويرى ّأنهَ ال بد من أي عمل فني يؤلفه الكاتب ،أن يستقي عناصره من
التاريخ دون أن يكون له عالقة به .كما أن بداية ظهور الرواية التاريخية
في بداية القرن التاسع عشر مع زمن انتهاء حكم نابليون ،يعود إلى
أسباب تاريخية محددة ،هي التي أدت إلى انتاج الرواية التاريخية.
وللروائي دور في إعادة صياغة التاريخ وتصحيح ما أسقطه المؤرخون،
وتدوين ما تم تهميشه .لذا فهو يرى أن ثمة عالقة بين التاريخ الروائي
والتاريخ.
ائيا (،القاضي ، )1998 ،إذ
الرواية والتاريخ :طريقتان في كتابة في رو ً -2
يرى بأن ثمة عالقة بين الرواية والتاريخ ،وأن الرواية ال تكون تاريخية إال
إذا حملت من زمن كتابتها مشاغله األساسية ،وقضاياه الراهنة.
"الرواية وتأويل التاريخ نظرية الرواية والرواية العربية" ( دراج،)2002 ، -3
تناوال الرواية العربية وكيفية تشكيلها عر ًبيا ،مسلط عدسة الكتاب على
أمرين أثنين :األول :أسس تناول المؤرخين لألحداث والوقائع في الدول
العربية ،والثاني :كيف أعاد الروائيين تشكيل هذا التاريخ في رواياتهم،
277 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
غتمعا،
جينيغغغت .) 39 - 38 ،2003،وهغغغو '' :كغ غغل تلفغ غغظ يفتغ غغرض متحغ غغدثًا ومسغ غ ً
تكون للطرف األول نية التأثير في الطرف الثاني بشكل من األشكال ( الباردي،
.)1 ،2004وعغرف ( إميغل بنفنيست ) ( ) Emile Benvenisteالخطغاب بأنغه
:عب غغارة ع غغن'' لغ غغة ف غغي ح غغال الفع غغل أو بوص غغفه اللغ غغة ب غغين ش غغركاء التواص غغل (
ومخاطبا وتضمن رغبغة األولً الحميري .)9،2008 ،وهو " قول يفترض متكلّ ًما
بالتغغأثير فغغي الثغغاني بشغغكل مغغن األشغغكال .وهغغذا يشغغمل الخطغغاب الشغغفوي بك غ ّل
أنواع غغه ومس غغتوياته ومدونات غغه الخطي غغة ،ويش غغمل الخط غغاب الخطّ غغي ال غغذي يس غغتعير
وسغغائل الخطغغاب الشغغفوي وغاياتغغه ،كالرسغغائل والمغغذكرات والمسغغرحيات والمؤلفغغات
غر عغغن نفسغغه
معبغ ًا
يتوجغغه بغغه شغغخص إلغغى شغغخص آخغغر ّ
التعليميغغة ،أي كغ ّل خطغغاب ّ
بضغغمير المغغتكلم" ( زيتغغوني .) 88 ، 2001 ،والخطغغاب فغغي المفهغغوم السغغردي
هغغو القغغول الشغغفهي أو الخطّغغي الغغذي يخبغغر عغغن حغغدث أو سلسغغة مغغن األحغغداث...
وهو وضع الحكاية في نصها لنقلها إلى القار ،ولكنه ُيبعغده عغن الحكايغة ،وهغو
مضمون النص" ( زيتوني.) 89 ،2002 ،
تحديغغده فغغي لغغغة ال غراوي التغغي تعكغغس صغغورته وصغغورة اآلخغغر ،مغغن خغغالل مشغغهد
الواقع االجتماعي وما يحتويه من أحداث ووقائع تصور الحياة في إطارها العام؛
ألن الن غ غغاثر الروائ غ غغي ال يستأص غ غغل نواي غ غغا اآلخغ غ غرين م غ غغن لغ غ غغة أعمال غ غغه المتع غ غغددة
األصوات ،وال يحطم المنظغورات والعغوالم االجتماعيغة واإليديولوجيغة التغي تكشغف
ع غغن نفس غغها فيم غغا وراء ه غغذا التع غغدد الص غغوتي ،إّن غغه ي غغدخلها إل غغى عمل غغه ،باس غغتخدام
خطاب غغات مس غغبقة بنواي غغا اآلخغ غرين االجتماعي غغةُ ،م ْرِغم غغا إياه غغا عل غغى خدم غغة نواي غغاه
أن الخطغغاب الروائغغي يتغغألف
الجديغغدة ( بغغاختين)68 ،1987 ،؛ مغغن هنغغا يتضغغح ّ
فنية لتؤثر فغي المتلقغي ،ويجسغد
من مجموعة من الرموز اللغوية صيغت بطريقة ّ
أيض غغا أن الجم غغال والف غغن والتص غغوير ف غغي لغ غغة موحي غغة ِّ
ومعبغ غرة و ارمغ غزة ،كم غغا نؤك غغد ً
الخطغغاب الروائغغي ،جغغزء مغغن الخطغغاب الحكغغائي أو السغغردي ،حسغغب التمييغغز الغغذي
أقغ غ غ غ غ غ غ غره (جيغ غ غ غ غ غ غ غرار جيني غ غ غ غ غ غ غغت) ( ( ،)Genette Gérardجيني غ غ غ غ غ غ غغت ،خط غ غ غ غ غ غ غغاب
الحكايغغة .) 38 ،1983،إال أن سغغعيد يقطغغين ميغغز بغغين الخطغغاب والحكغغي ،مبينغغا
أن الخط غغاب ه غغو الش غغائع؛ ألن غغه ي غغؤدي إل غغى د ارس غغة العالق غغة بين غغه وب غغين األح غغداث
.)12 1997 المروي غ غغة ،والعالق غ غغة ب غ غغين الخطغغ غغاب وب غ غغين الحك غ غغي ( يقطييييييي
والخطغغاب هغغو أسغغاس الروايغغة ،وهغغو فغغي" السغغردية نغغص الروايغغة .وفغغي " السغغردية
هغغو نغغص الروايغغة وهغغو يتحغ ّغدد بمادتغغه ( الكغغالم أو الكتابغغة) وشغغكله جمغغل متالحقغغة
ذات ترتيب مقصود تعرض حاالت ومواقف وأحداثًا ،وهذا الغرض محكوم بوجغه
نظر الراوي وبسرعة السرد وبتعليقات المؤلف" ( زيتوني.)89 ،2002 ،
وللخطاب الروائي مستويات عديدة في دوائر السرد الروائي ،تتلغون وتتنغوع
وفغغق رؤيغغة الكاتغغب ،منهغغا خطغغاب السغغارد وخطغغاب الشخصغغية ،والكاتغغب هغغو الغغذي
يح غغدد ن غغوع الخط غغاب ف غغي ال غغنص الروائ غغي؛ لكن غغه محك غغوم برؤي غغة ال غغنص وقض غغيته
المحورية ،وبيئته المكانية والزمانية ،وعتباتغه النصغية ودوائغره السغردية .وكغل هغذه
الد ارس غغات ح غغول مفه غغوم الخط غغاب الروائ غغي أدت إل غغى تط غغور المن غغاهج النقدي غغة ف غغي
281 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
تطغغور اإلنتغغاج األدبغغي مغغن خغغالل النظغغر إلغغى الخطغغاب الروائغغي ،باعتبغغاره مغغادة
سردية قابلة للتحليل والتفسير والتوضيح.
ثالثاا -مفهوم الخطاب التاريخي
إن الحديث عن الخطاب التاريخ ،هو الحديث عن الذاكرة الجمعية
للشعوب وما صاحبها من أحداث على مر السنين ،حيث تنعكس صورة هذا
تبعا لألحداث الكبرى التي
الخطاب في مخيلة المؤرخ الذي يسرد تفاصيله؛ ً
عرفها ذلك الزمن '' ،إال أن هذا الخطاب بات يتخذ رؤية دقيقة تحيط بجوانب
والتي أصبحت تتطلب تضافر تبعا لتشعب مجاالته المتعددة ،
التاريخً ،
اختصاصات العلوم ،سواء أكانت جغرافية أو فلسفية وأدبية أو أنثروبولوجية..
في قراءة الماضي واعادة كتابته انطالقًا من الحاضر واستشراف المستقبل ،ليس
من طرف المؤرخ ،واّنما من طرف ذوي االختصاص في هذه الحقول المعرفية
أو غيرها ،وفي مدى قدرتها على مالمسة األوجه الخفية للتاريخ من زوايا ورؤى
مختلفة ،تجسد نمط الحياة اإلنسانية من حيث العادات واألفكار ،وكذا تقويم
التاريخ بتصحيح أخطائه ومغالطاته بفهم التشكيالت الخطابية في أبعاد تجلياتها
الفكرية والفلسفية واألدبية والدينية (..التريكي .( 318 ،1991 ،من هنا فإن
الخطاب التاريخي يسلط الضوء على الحقيقة التاريخية ومجرياتها ،ويسردها
بأسلوب تقريري ولغة مباشرة وتقريرية بعيدة عن اإليحاء والرمز والحدس ،ويستل
معلوماته من الوقائع التاريخية الموثقة ،والوثائق الموثوق بها ،البعيدة عن
الذاتية والشخصية والخيال المطلق ؛ لذا يتسم الخطاب التاريخي بالصدق
والموضوعية والدقة والحرفية في نقل أحداث التاريخ ،كما يربط النتائج
بالمقدمات ،فتأتي واضحة ودقيقة وال يستخلصها القار من النصوص التاريخية
نفسها.
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 282
الزمن الواقعي تتقدم بشكل خطي تتسلسل فيها األحداث من الماضي إلى
فإنهُ يتسع ويتقلص؛ ألنه ال يشترك
الحاضر ثم المستقبل ،أما الزمن التخييلي ّ
مستقبال ،كما أن له القدرة في التحكم في هذه األزمنة
ً حاضر وال
ًا ماضيا وال
ً
تحت سلطة تغيير مجرى األحداث ،ويمكن تحديد صورة اشتغال الخطاب
الروائي بين هذين الزمنين وفق االترسيمة التالية التي تجسد تجليات الزمن
الواقعي والتخييلي في الرواية (بشالر.)68 ،1936 ،
االترسيمة ()1
الخطاب التاريخي
إعادة صياغة وقائع يشكل المادة
أزمنة الرواية بطريق الخام للرواية
فنية
الخطاب الروائي
فتشع صورة الخطاب الروائي بشكله الجديد المستل من مرايا التاريخ ،والذي
يستشرف انعكاسات المستقبل.
مرايا التاريخ وأزمنة الرواية المنكسرة
فنية تعكس مرايا الواقع اإلنساني ،إال أن هذايشكل التاريخ مادة ّ
االنعكاس تتحكم فيه الخصوصية السردية للمبدع في ترجمة الوقائع واألحداث
الماضية داخل فضاء الرواية ،وما تحمله هذه األحداث من زمن شخصي،
يمنح الروائي طابع البناء النصي؛ لفهم الواقع من منظور ذاتي يتوسل فيه
خطية زمنية تنبني على عدة تقنيات من حذف واستباق واسترجاع لألحداث
عبر الزمن الخطي التاريخي( ،)Temps graphique historiqueوكل خطية
من هذا النوع تبين أن '' الزمن يمكن أن يكتسح الفضاء ،وأن المبدعين الذين
يمتلكون هذه الخطية الزمنية المنكسرة على تنوع األحداث داخل فضاءات
متعددة ،يكون زمنهم الشخصي أثناء خطابهم الروائي ملتصقًا بالزمن
االجتماعي والنفسي القائمين على تصوير المشاهد بإضفاء لمسة تخيلية لشد
انتباه القار لعمق الحدث المراد إيصاله ،وهذا ما يمكنهم من استشعار المدة
الزمنية التي ينتقلون عبرها صعوداً ونزوالً؛ ألنهم مندمجون كليا في الزمن
الذي يمألونه بذواتهم عبر مسار خطية الزمن التاريخي ( Filliollet, 1973,
.( 121-122
إن ذكر الزمن الشخصي كما سبق ،له ارتباط برؤية الروائي في اختزال
الزمن التاريخي في أبعاد اجتماعية تُظ ِه ُرها تجليات السرد أثناء الكتابة
الروائية ،خاصة إذا كان األمر متعلقًا بسيرة ذاتية أو غيرية؛ ليتخذ الزمن في
السرد خطية دائرية تَقط ِعية داخل الفضاء النصي ()Espace textuel؛ ليصبح
للقراءة النصية حيز كبير داخل الخطاب السردي بالمقارنة مع األحداث
التاريخية التي تُقلص من طرف المبدع شريطة الحفاظ على الخطية الزمنية
287 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
المتصلة بخيوط السرد ،والمنتقلة عبر الزمن ،وما يصاحبها من جوانب سياقية
مرتبطة بالمكان واللحظة والهدف والموضوع وجنس الخطاب واللهجة
المستخدمة ،باإلضافة إلى معارف الشخصية المشاركة ،ومدى تأثيرها وتأثرها
بالخلفية الثقافية للمجتمع الذي يحدث فيه الخطاب؛ ولعل هذه الرؤية هي التي
تخلق ذلك االنسجام بين األزمنة بال تصادم ،هذا معناه أن الزمن الماضي
ممتد في حاضرنا ومستشرف مستقبلنا ،وهذا ما بينه أمبرتو إيكو (
)Umberto Ecoأثناء دراسته للتراث السيميوطيقي ،بقوله '':إن العمل على
تطوير الفكر ال يعني رفض الماضي بالضرورة ،وانما نعيد فحصه ليس
بهدف معرفة ما قيل فعال ،ولكن بهدف معرفة ما كان يمكن أن يقال ،أو على
األقل ما يمكننا قوله اآلن بناء على ما قيل سلفا" ( إيكو.(13 ، ،
هذا معناه أن الخطاب الروائي يمثل مرآة تعكس الذات الساردة في
تعاملها مع األحداث ،وفي كيفية إيصال هذا النص المثخن بالدالالت والرموز
التي كسرتها عوامل الزمن لتُصيِّر منها شقوقا تبوح عن واقع اجتماعي أبان
السرد عيوبه التي أخفاها عامل الزمن ،بفعل النبش في الماضي عبر
مستويات العالم النفسي للشخوص وكذا فضاءات األمكنة ،لما لها من دور
أساس في توجيه بوصلة السرد عبر خطية األزمنة المنكسرة التي يتفرع منها
زمن الخطاب وزمن النص في عالقتهما بالزمن النفسي والواقعي '' .إن الزمن
في الرواية يجمع بين الحقيقي والوهمي ،إال أن الحدود الفاصلة بينهما تتالشى
وتصير خيطا ال مرئيا شفافا'' ) موكارفسكي ، ) 286 ،1934 ،مما يجعل
الكتابة الروائية تستوعب الزمن األدبي وهذا الزمن يستوعب الواقع الفني،
حاكما لمنطقية الصور الروائية التي تمر عبر شريط الزمن
ً باعتباره معيا اًر
الذي يؤثر في زوايا نظر القار أو المستقبل ألشعة انعكاس الرواية على
ضوء التاريخ.
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 288
أو شاطئ الحق والحرية ،هذا الذي شرب الركاب نخبه ذات مرة ،ويتوقون مرة
أخرى لكسر أمواج الظلم العاتية التي تعترض سبيل سفينتهم حتى يرسوا
جميعهم بسالم فوق أرض الحق والمساواة والحرية'' ( عبد الكريم،1991 ،
.)19
ولعل هذه الصياغة السردية تبوح في ثناياها عن عمق بالغة التأويل
القائم على التخييل في التعاطي الفني للخطاب الروائي ،إذ يكشف الكاتب عن
الشخصيات في الرواية عبر حركة دوائر السرد المتالحقة منذ الفصل األول،
ف غ غ غ ''غالي بابا'' هو القبطان الجميل والشجاع والذكي واآلمر والناهي ،وهو
بطل السفينة والرواية معا حمل فكرة الرواية على كتفيه وسار حتى النهاية.
وكذلك مساعد القبطان ''رستم الغطاس'' وهو شخصية رسمها الكاتب بدقة
وفنية احترافية عالية ،يملك إرادة فوالذية ،إذ ال يعرف الخضوع والمصالحة مع
صْلبهم له على سطح السفينة ،عندما طلبوا منه
مختطفي السفينة رغم َ
االعتراف بأنهم قادة السفينة وأصحابها الحقيقيون.
تكشف المشاهد السردية أن القبطان ينتقل فيمر على مضيفته ''دارية''
فيلتقي عندها الشاعر'' هايل أبو سنام'' والمحامية ''رشيقة الباز'' التي ستصبح
فيما بعد محظية لزعيم المختطفين ''بن جدعون'' وغيرهم من الشخصيات
الرئيسة والثانوية؛ إال أن الهدف من رواية المخطوفون ،هو تعرية الواقع
باعتماد شد زمام الخيال في تصوير مشهد صراع الحق مع الباطل على ظهر
الحياة بمشاكلها العاتية ،أو على ظهر بالد يسود فيها الفجور؛ ليحجب ضوء
الحق ،هذا ما يدفعنا للقول :إن رواية " المخطوفون" تجسيد للواقع العربي
الذي ساد فيه التناقض وضعف القيادة الحكيمة ،التي هوت وعصفت بالعديد
من الشعوب العربية نحو أيادي القتل والتجويع واالختطاف ،إذ أن الكاتب
استطاع تطويق الواقع ومحاصرته باعتماد الطابع التخييلي الذي يمكننا
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 290
إنسانيا
ً اعتباره أداة شكلت رؤية جمالية فنية للرواية ،ومنحت الخطاب بعداً
ف األمواج السفينة غرقا، فعوضا عن تَ ْختَ ِط َ
ً متمزقًا بين قوى الخير والشر،
اختطفتها األمواج البشرية التي تكالبت على ظهرها قتال وتنكيال
مشهد من رواية " المصابيح الزرق" والنموذج الثاني يتجسد في
الصادرة ( ) 1954للكاتب السوري حنا مينا بعد استقالل سورية ورحيل
االستعمار الفرنسي ،الذي شكل تفاصيل روايته من التاريخ الحاضر بتمكنه
من فهم لعبة السرد والكتابة الفنية ،فالرواية تدور أحداثها في أثناء الحرب
العالمية الثانية ،وتصور عبر حركة دوائر السرد المتالحقة عن أثر الحرب
العالمية الثانية على المجتمع السوري المتمثل في مدينة الالذقية ،وتجسيد
مفهوم العدالة والمساواة االجتماعية بين الناس وبالتحديد في األحياء الفقيرة،
وتجليات الصراع الطبقي والتفاوت االقتصادي في المدينة بين الفقراء
والمحتكرين واألغنياء والمستعمرين الفرنسيين ،والذي فرضته سياسة السلطة
اعا مع
االستعمارية المهيمنة ،فخلق هذا التفاوت في ظل االحتالل صر ً
المستعمر ،والثورة ضد قواته المحتلة ،فأيقظ الشعور الوطني والقومي ،ونشر
قضايا جديدة بين ،من مثل الحرية والعدالة والمساواة والتحرر ،والذين حملوا
على عاتقهم وحدهم ثورة الكفاح والتحرر من المستعمر ،دون األغنياء الذين
تحالفوا مع المستعمر لحماية مصالحهم ،وهي رؤية جديدة يجسدها الكاتب في
روايته من خالل بطل الرواية الشاب ( فارس) ابن الحي الفقير الذي يعاصر
مرحلة تاريخية تمثلت في الحرب العالمية الثانية ،واالستعمار الفرنسي على
سورية ،فيحمل على كتفيه فكرة الرواية الرئيسية ورؤيتها المحورية ويسير فيها
حتى النهاية .وقد شكل الكاتب شخصية فارس عبر أحداث الرواية ومشاهد
اسعا في الرواية ،؛ لتعبر عن ظهور
حيز و ً
السرد المتالحقة ،فتحتل الشخصية ًا
فكر ووعي جديد ،فشخصية فارس ابن األسرة الفقيرة الذي يعاني من الفقر
291 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
خطية جديدة تبوح بما لم تبح به الكتابة التاريخية من وقائع وأحداث؛ ألن
األساس الذي تريده الذات الروائية هو إعادة كتابة التاريخ بشكل مغاير
للتاريخ الرسمي العقيم(حميش .) 83 ،1998،لكن هذا ال يعني أن التاريخ
أساسيا به تبنى ركائز الرواية ،وهنا ال نقصد بالتاريخ ما
ً مرجعا
ً ليس مادة أو
كتبه المؤرخون ،وانما التاريخ الذي نظر إليه الروائيون من زاوية لم يعر لها
اضحا ،إنها الزاوية التي تجمع بين الرؤية األدبية والواقع
اهتماما و ً
ً المؤرخ
االجتماعي في صلب التاريخ ،من خالل إعادة أنسنة الحدث ،وبعث عوالمه
الميتة بنفس سردي يميط اللثام عن الرؤى التي انزاح عنها المؤرخ ،والتي لم
يستطع رؤيتها بدون منظار األدب ( العروي.)45 ،1988 ،
أما الذات الروائية العربية ،فهي تتجسد بالقدرة النفسية للروائي في بلورة
تنم عن إحساسه وشعوره تجاه فهم فلسفة الحياة
معطيات الواقع من زاوية ّ
المتوارية بين سطور التاريخ وترجمتها إلى أحداث ووقائع ،حيث تتوازى
الحركة الكرنولوجية للزمن مع اللحظة السيكولوجية ،مما يجعل الكتابة
معنويا أكثر مما هو مادي ،حيث يتباطأ الزمن لتشويق
ً التاريخية تأخذ انعطافًا
المتلقي عن طريق صياغة أحداث التاريخ بطريقة تخدم ذهنية القار من
عنصر
ًا خالل شد ذهنه إلى التفاصيل الدقيقة التي تالمس إحساسه بل تجعله
مشارًكا في األحداث؛ ذلك أن '' إحساس الروائي بمرور الزمن أثناء الكتابة،
يتأثر دون شك بدرجة استغراقه في العمل ،وما يرافق ذلك من وقفات
تصاحبها مشاعر عاطفية تتغلغل عبر ثنايا السرد إلى مخيلة القار ،وربما
تجعله يستلذ التاريخ على حساب أحداث الرواية'' (مندالو .)137 ،1997،
إن تفاعل الروائي مع التاريخ واحساسه به ،بل وتعاطفه مع أحداثه
وشخصياته عبر زمن الكتابة م ّكنه من خلق زمن نفسي ُيلبس الشخوص
الروائية الفرح والحزن والمعاناة ؛ ألنه من نسج خيال الروائي بهدف اإلبالغ
295 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
عن فكرة جوهرية لها وقع على '' تيار حياتنا الداخلية ( بحراوي،2009 ،
يعبر من عمق مستويات ، )114أي ما يعانيه من مكبوتات ذاتية؛ ألنه ّ
الحياة النفسانية ،إما عن طريق الحوار الداخلي(المونولوج) ،أو الحوار
تبعا للمقام التخاطبي القائم على
الخارجي أثناء التفاعل مع الشخصيات ً
كرونولوجيا األحداث ،وترتيبها وفق التسلسل الزمني الذي يربط الحقيقة
التاريخية باألثر النفسي ،وبالتالي انزياح الروائي إلى كشف عوالم ذاتية
للشخصيات في تعاملها مع مجموعة من الحقائق التاريخية التي عرتها الكتابة
الروائية ،من مثل ما نجده في روايات الروائي المصري نجيب محفوظ التي
اتخذت من التاريخ الفرعوني مادة لها ،و " ثالثية غرناطة" للروائية المصرية
رضوى عاشور التي شكلت مادتها الرواية من تاريخ المورسيكين في األندلس،
وروايات الروائي الفلسطيني إبراهيم نصراهلل الذي استقى مادة رواياته من
المأساة الفلسطينية ،وروايات الروائي العراقي نجم والي الذي شكل مادته من
تاريخ العراق ،وغيرهم من الكتاب الذين وجدوا في التاريخ مادة غنية لتشكيل
رواياتهم .وهذا كله يجسد أهمية التاريخ في صناعة النص الروائي بحلة جديدة
وبما يتالءم وفكرة النص الروائي وماهيته.
خـــاتـمــة
تناول هذا البحث صورة الخطاب الروائي بين مرايا التاريخ وانعكاسات
المستقبل ،ووقف على تجليات الخطاب الروائي والتاريخي ،وصورة الخطاب
الروائي بين الزمن الواقعي والتخيلي ،ومرايا التاريخ وأزمنة الرواية المنكسرة،
والخطاب الروائي بين الواقع التخييل ،ووضِّح الكتابة التاريخية وقدرة الذات
الروائية العربية؛ ليبين أثر انعكاس التاريخ في الخطاب الروائي عبر الزمن.
أن صورة الخطاب الروائي ،صورة متعددة المرايا
وخلص البحث إلى ّ
بانعكاساتها القزحية التي تمأل فضاء الرواية بتلوينات ناتجة عن اإلدراك
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 296
الحسي للواقع تارة ،وعن اإلدراك المعنوي للمتخيل تارة أخرى ،كل هذا وذاك
يجعلنا أمام رؤية ممتدة للبحث عن العوالم الخفية داخل أزمنة الرواية؛
الستنطاق التاريخ عبر تشكالت األحداث الفنية المنبعثة من رماد مادته التي
ُسحقت في الماضي؛ لتتشخصن في الحاضر من جديد ،وتتبلور بشكل آخر
اصليا يستهوي الدارسين بشهية البحث عن
في الخطاب الروائي؛ ليثير بعداً تو ً
الخطاب المتواري بين أوراق النقد وكتب التاريخ ،بغية التطلع والبحث عن
المزيد من الرؤى والتصورات والتطلعات التي يمكن أن تنتجها الذات الروائية.
مرجعغغا أساسغ ًغيا فغغي تشغغكيل الخطغغاب الروائغغي وفغغق معطياتغغه
ً يش غ ّكل التغغاريخ
الجديغغدة ،إذ يتكغغئ عليغغه الروائغغي فغغي بنغغاء مادتغغه الرئيسغغة ،مغغن زاويغغة تجمغغع بغغين
رؤية الروائي والواقع االجتماعي في المتن التغاريخي ،فغي إعغادة صغياغة التغاريخ
بشكل أدبي جديد برؤيته وعناصره الفنية ،التي بعثت عوالم التاريخ الميتغة بغنفس
سغغردي يجسغغد رؤى عديغغدة انغزاح عنهغغا المغغؤرخ ،ولغغم يسغغتطع رؤيتهغغا بغغدون منظغغار
األدب ،بما يتالءم مع الواقع المعيش ومرايا التاريخ ،وانعكاسات المستقبل.
إن هذا العمل ُيعد خلخلة بسيطة لبعض القضايا الكبرى التي تحتاج
إلى مزيد من التنقيب في الذاكرة التراثية المتوارية داخل ثنايا الخطاب
التاريخي ،بتشعباته الكبرى التي تحفز على ركوب مغامرة البحث والتقصي؛
الستنطاق كنه تجليات الجمال الفني الذي لم تبح به الرواية بعد ،رغم ما قيل
في السابق والحاضر .كل هذا يدفعنا إلى مساءلة الحقول المعرفية القائمة
على هوامش الكتابة التاريخية عن األشياء الالتاريخية إلدراجها ضمن الكتابة
اإلبداعية؛ لفهم ممكنات المعرفة التي تستمد روح واقعها من الرواية التاريخية
التخييلية.
297 د .منتهى طه الحراحشة :صورة الخطاب الروائى
المصادر والمراجع
أوالا -المراجع باللغة العربية
.1إيكو ،أمبرتو ،)1980( ،السيميائية وفلسفة اللغة ،ترجمة أحمد
الصمعي ،)2005 ( ،المنظمة العربية للترجمة ،ط ،1بيروت ،2005 ،
ص.13
.2باختين ،ميخائيل ،)1987( ،الخطاب الروائي ،ترجمة :محمد برادة ،دار
الفكر للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط.1
.3باختين ،ميخائيل ،)1973( ،شعرية دوستويفسكي ،ترجمة جميل نصيف
الدار البيضاء.
التكريني ،)1986 (،دار توبقال للنشر ،ط ّ ،6
.4الباردي ،محمد ،)2004( ،إنشائية الخطاب في الرواية العربية الحديثة ،
مركز النشر الجامعي ،تونس.
.5بحراوي ،حسن ،)2009 ( ،بنية الشكل الروائي (الفضاء ،الزمن،
الشخصيات) المركز الثقافي العربي ،ط ،2الدار البيضاء ،المغرب.
.6بحري ،محمد األمين ،)2017 ( ،تمثّل التاريخ في الرواية الجزائرية،
المجلة الثقافية الجزائرية ،الجزائر،
https://thakafamag.com
.7بشالر ،غاستون ، )1936( ،جدلية الزمن ،ترجمة :خليل أحمد خليل،
( ،)1992المؤسسة الجامعية للدراسات النشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان،
ط.2
.8التريكي ،فتحي ، )1991( ،الروح التاريخية في الحضارة العربية و
اإلسالمية ،ط ،1الجامعة التونسية.
مجلة كلية اآلداب جامعة القاهرة المجلد ( )80العدد ( )2يناير 2020 298