Professional Documents
Culture Documents
أحكام الالتزام في القانون المدني الجزائري
أحكام الالتزام في القانون المدني الجزائري
مقدمة
تناول املشرع الجزائري أحكام الالتزام بالتنظيم ضمن الكتاب الثاني املتعلق بااللتزامات
والعقود ابتداء من املواد 061وما بعدها ،وقد أطلق املشرع على الباب الثاني آثار الالتزام وهو
اصطالح درجت القوانين على استعماله وسايرهم في ذلك شراح القوانين املدينة ،غير أننا نفضل
استعمال مصطلح تنفيذ الالتزام بدال عن مصطلح آثار الالتزام ،ألن الالتزام ال يعدو أن يكون أثرا
ملصدره ،وال يستساغ القول أن ألاثر يولد أثرا
أما الباب الثالث فجاء بعنوان ألاوصاف املعدلة لاللتزام من املواد 312إلى ،322في حين
خصص الباب الرابع ( 322إلى )352والخامس ( 352إلى )233إلى انتقال الالتزام وانقضائه على
التوالي
على هذا ألاساس نتناول أحكام الالتزام بالبحث ضمن محاور أربعة فصول على التفصيل
السابق
) (1لم يشر املشرع الجزائري إلى التنفيذ الاختياري بصدد حديثه عن آثار الالتزام ،واكتفى بترتيب نتائجه في باب انقضاء الالتزام ،لذا
سيكون الحديث عنه ضمن الحديث عن انقضاء الالتزام
3 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
إذا امتنع املدين عن التنفيذ العيني الاختياري ،ولم يكن التزامه التزاما طبيعيا ،فإنه يجبر
على التنفيذ ويحق للدائن عندئذ الاستعانة بالسلطة العامة واللجوء إلى الطرق املقررة قانونا
لتنفيذ الالتزام جبرا على املدين ،إال أن ذلك مرهون بشروط معينة(مطلب أول) ،كما أن صوره
تختلف باختالف محل الالتزام (مطلب ثان) ،ومن أجل الحصول على التنفيذ العيني الجبري
وضع املشرع عدة وسائل( مطلب ثالث) ،وتفصيل ذلك كما يلي:
املطلب ألاول :شروط التنفيذ العيني الجبري
تتمثل هذه الشروط في أن يكون التنفيذ العيني ممكنا ،وأال يكون مرهقا للمدين وأال يكون
فيه مساس بحرية املدين الشخصية ،وأضاف املشرع الجزائري باملادة 061شرطا رابعا وهو
إعذار املدين
-29أن يكون تنفيذ العيني ممكنا :نصت 061ق م على هذا الشرط صراحة ،فإذا أصبح
التنفيذ مستحيال سواء رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي أو كانت بخطأ من املدين ،لم تعد
هناك جدوى من املطالبة بالتنفيذ العيني ،ولم يكم أمام الدائن سوى املطالبة بالتعويض ،كما
لو هلك الش يء املباع أو فوت املحامي ميعاد الطعن على موكله
وعدم إمكان تنفيذ الالتزام عينا الستحالة تنفيذه بخطأ املدين أمر متصور في جميع أنواع
الالتزامات ،باستثناء الالتزام بدفع مبلغ من النقود الذي ال يمكن تصور استحالة تنفيذه
-20أن ال يكون التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين أو أن يكون فيه إرهاق ولكن العدول
عنه يلحق بالدائن ضررا جسيما ،لم ينص القانون املدني الجزائري على هذا الشرط صراحة
ولكنه يعد تطبيقا ملبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق كما نص عليه املشرع الجزائري
()1
في املادة 10من ق م
) (1محمد حسنين ،الوجيز في نظرية الالتزام :مصادر الالتزامات وأحكامها في القانون املدني الجزائري ،املؤسسة الوطنية للكتاب،
،0222ص 312
4 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
فقد يكون التنفيذ العيني ممكنا مع ذلك يعدل عنه املدين بإرادته وحده ويقتصر على دفع
تعويض نقدي ولكن ال بد من توافر شرطان:
-أن يكون التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين وهي مسألة تخضع لتقدير القضاء
()1
-أال يلحق بالدائن ضرر جسيم جراء العدول عن التنفيذ العيني
مثال ذلك مخالة قواعد البناء يجوز الحكم بإصالحها عينا ،كما يجوز الحكم بالتعويض
إذا رأت املحكمة ما يبرر ذلك
-23أن يطلب الدائن التنفيذ العيني أو يتقدم به املدين :وهو شرط يفهم ضمنا دون
الحاجة إلى نص ويستخلص من عمل القضاء ،ذلك أن القضاء ال ينظر في ما ال يطلب منه ،فإذا
طالب الدائن بالتنفيذ الجبري وتوافرت شروطه ،فليس للمدين أن يمتنع عنه أو أن يعرض
التنفيذ بطريق التعويض وإنما يجبره القضاء عليه ،أما إذا تقدم املدين بالتنفيذ العيني في حين
()2
طالب الدائن بالتعويض فإنه يحكم بالتنفيذ الاختياري وال يحق للدائن رفضه
-20إعذار املدين :وهو شرط في التنفيذ العيني إلاجباري أما إذا كان التنفيذ العيني يتحقق
بحكم القانون ،كما هو الحال في الالتزام بنقل ملكية منقول ،فال حاجة إلى أن يكون التنفيذ
العيني مسبوقا بإعذار ألنه يتم بقوة القانون
-20أال يكون فيه مساس بحرية املدين الشخصية :فإذا كان التنفيذ العيني فيه مساس
()3
بالحرية الشخصية فيقتصر الدائن على التعويض كالتزام فنان أو طبيب بعمل
املطلب الثاني :موضوع التنفيذ العيني
يختلف موضوع التنفيذ العيني أو صوره باختالف محل الالتزام ،فقد يكون نقل حق عيني
وقد يكون قيام بعمل ،وقد يكون أخيرا امتناع عن عمل
أوال :الالتزام بنقل حق عيني :قد يرد هذا الحق على منقول معينا بذاته أو بنوع أو على
عقار
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،القانون املدني وأحكام الالتزام :الجزء الثاني ،الجمهورية العراقية ،وزارة
التعليم العالي 0226 ،ص 02
) (2املرجع نفسه ،ص 02
) (3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 312
5 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
فإذا ورد على منقول معينا بذاته ،فإن الحق ينتقل أو ينشأ بمجرد الاتفاق بقوة القانون
دون الحاجة إلى التنفيذ الجبري م 065ق م ج ،ويبقى مع ذلك الالتزام بالتسليم وهو التزام
بعمل يمكن تنفيذه جبرا على املدين م 062ق م ،مع ذلك فإن قاعدة انتقال الحق بمجرد
التعاقد قد تعطلها قاعدة أخري هي قاعدة الحيازة في املنقول سند امللكية
فإذا باع شخص منقوال لشخص أول ثم باع ذات املنقول لشخص ثان وسلمه له واستلمه
املشتري الثاني بحسن نية ،فإن امللكية تنتقل إلى الشخص الثاني تطبيقا لقاعدة الحيازة في
املنقول سند امللكية ،وليس بموجب الاتفاق املبرم بين البائع واملشتري ألاول
وإن ورد الالتزام على منقول معين بنوعه كبيع كمية معينة من الثمار فإن امللكية ال تنتقل
بمجرد الاتفاق بل بعد الفرز م 066ق م ،إذ بالفرز يصبح محلها معينا بذاته فيقبل بذلك أن
ترد عليه امللكية أو الحق العيني ،وعملية الفرز هي التزام بعمل يمكن جبر املدين عليه ،ويمكن
الحصول على الش يء ذاته من السوق على نفقة املدين
وإذا ورد الالتزام بنقل امللكية على عقار فإن امللكية ال تنتقل بمجرد نشوء الالتزام بل يجب
اتخاذ إجراءات الشهر م 065ق م وهذ التزام بعمل يمكن إجبار املدين عليه برفع دعوى صحة
التعاقد أو صحة ونفاذ عقد البيع ،فإذا صدر الحكم بصحة البيع ونفاذه وتم تسجيله قام مقام
تسجيل العقد
ثانيا :الالتزام بعمل :القاعدة العامة أنه ال يمكن جبر املدين على تنفيذ الالتزام بعمل
سواء كان هذا الالتزام بوسيلة أو بتحقيق نتيجة ألن فيه مساس بحريته الشخصية ،لكن إذا
كان العمل غير مرتبط بشخص املدين ،كما هو الحل في الاتفاق مع مقاول على بناء مسكن،
فإن التنفيذ العيني فيه ممكن على نفقته ،مادام يستوي لدى الدائن أن يقوم املدين أو غيره
()1
بهذا العمل
أما إذا كان العمل مرتبط بشخص املدين ،كاالتفاق مع طبيب معين أو محام معين وال
يستوى لدى الدائن أن يقوم بهذا العمل هذا الشخص أو غيره فإن التنفيذ العيني غير ممكن وال
يكون أمام الدائن سوى التنفيذ بمقابل( التعويض)
-23الالتزام باالمتناع عن عمل :يكون التنفيذ العيني هنا بإزالة العمل املخالف الذي وقع
ومثال ذلك التزام بائع املحل التجاري بعدم فتح محل تجاري مماثل خالل مدة معينة وفي إطار
جغرافي معين منعا للمنافسة ،فإذا خالف البائع ذلك ففتح محال مخالفا اللتزامه فإن التنفيذ
()1
العيني يكون بإغالق محل التجارة املنافس
وال تكون إلازالة إال بحكم قضائي وللقاض ي سلطة تقديرية في أن يحكم بالتعويض إذا وجد
في إلازالة إرهاقا للمدين ،مع ألاخذ بعين الاعتبار أن هناك حاالت ال يكون فيها التنفيذ العيني
ممكنا فيها كالتزام الطبيب بعدم إفشاء سر مهنته أو أن يكون في التنفيذ العيني مساس بحرية
املدين كالتزام ممثل عن التمثيل في مسرح آخر ففي هذين املثالين ال سبيل سوى التنفيذ بمقابل
في حالة إفشاء سر املهنة أو في حالة عمل املمثل في مسرح آخر
()2
تتمثل هذه الوسائل في أمرين ألاول الغرامة التهديدية والثاني إلاكراه البدني
أوال :الغرامة التهديدية
تسمى أيضا التهديد املالي وهي من خلق القضاء الهدف منها حمل املدين على تنفيذ
التزامه في حالة ما إذا امتنع عن ذلك ،فهي تختلف عن التعويضات التأخيرية التي يكون الغرض
منها إصالح الضرر الناش ئ عن التأخير في التنفيذ ،في هذا الصدد تنص املادة 0/021من ق م ج
على " إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير مالئم إال إذا قام به املدين نفسه ،جاز للدائن
أن يحصل على حكم بالزام املدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك "
شروط الحكم بالغرامة التهديدية
يشترط للحكم بالغرامة التهديدية ثالثة شروط هي:
-10أن يطلب الدائن من املحكمة فرض هذه الغرامة :فال يجوز للمحكمة أن تقض ي بها
من تلقاء نفسها وهو ما يظهر من نص املادة 021ق م ج " جاز للدائن أن يحصل على حكم "
-13أن يكون التنفيذ العيني ال يزال ممكنا إذ ال يتصور اللجوء إلى الحكم بالغرامة
التهديدية إال غذا امتع املدين عن تنفيذ التزام ترتب في ذمته ،وكان التنفيذ ال يزال ممكنا ،فإذا
استحال التنفيذ لسبب أجنبي أو بفعل املدين فال يحكم بالغرامة التهديدية وإنما بالتعويض
-12أن يكون التنفيذ العيني لاللتزام غير مالئم إال إذا قام به املدين نفسه :بمعنى آخر أن
للتنفيذ طابع شخص ي فإذا كان التنفيذ العيني ممكنا دون تدخل املدين نفسه ،فال يجوز الحكم
بالغرامة التهديدية وإنما يجب التنفيذ مباشرة ،ومثال ذلك إذا كان محل الالتزام مبلغا من
النقود أو كان بإمكان الدائن الحصول على التنفيذ العيني على نفقة املدين
مع ذلك ال يصح اللجوء إلى الغرامة التهديدية إذا كان في ذلك مساس بالحقوق الفكرية
للمدين ،ومثال ذلك أن يتعاقد مؤلف مع دار نشر على نشر مؤلفه ،ففي هذه الحالة ال يجوز
إكراه املؤلف على ذلك بالتهديد املالي ،وال سبيل أمام الناشر إال طلب التعويض
سلطة القاض ي في الحكم بالغرامة التهديدية
يجوز للقاض ي الحكم بالغرامة التهديدية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى متى توافرت
شروطها ويجوز إبداء هذا الطلي في أي حالة كانت عليها الدعوى فليس هذا طل جديد و
للقاض ي السلطة التقديرية فله متى توافرت الشروط أن يحكم أوال يحكم بهذا الطلب وال يخضع
في ذلك لرقابة محكمة النقض إال فيما يتعلق بتوافر الشروط
خصائص الحكم بالغرامة التهديدية.
يتميز الحكم املتضمن الغرامة التهديدية بأنه حكم تمهيدي وأنه غير محدد املقدار وأنه
مؤقت
-أنه حكم تمهيدي :الغرض منه الضغط على املدين لذا تحدد الغرامة بمبلغ تراعى فيه
قدرة املدين على املقاومة ويقدره القاض ي تقديرا تحكيميا ،وال تراعى فيه جسامة الضرر الذي
لحق الدائن وبهذا يختلف عن الحكم بالتعويض الذي يكون على قدر الضرر
-أنه غير محدد املقدار :فالغرامة تتحدد عن كل فترة يتأخر فيها املدين عن التنفيذ
كغرامة معينة عن كل يوم من أيام التأخير لذلك ال يمكن معرفة مجموع الغرامة يوم صدور
الحكم فهي ال تعتبر دينا محققا في ذمة املدين وال يمكن للدائن أن ينفذها إال بعد تصفية
املوضوع وحكم القاض ي بالتعويض عن عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ
-أنه حكم مؤقت :إذا ليس هناك ما يمنع القاض ي من إعادة النظر فيه فيزيد في قيمة
الغرامة أو يخفضها متى كان هناك داع ،كما أن املحكمة ليست ملزمة في التصفية النهائية
بالتقدير الذي رأته في الغرامة التهديدية ،من ناحية أخرى إذا أصر املدين على عدم التنفيذ وكان
متعنتا فالتعويض يراعي فيه مقدار الضرر الذي أصاب الدائن وكذلك مقدار التعنت الذي بدا
()1
من املدين
وتطبيقا ملا سبق قضت محكمة العليا بأن " القضاء بالغرامة التهديدية هو وسيلة للضغط
على املدين لتنفيذ التزامه عينا ويتم طلب تصفيتها سواء تم التنفيذ أو أصر املدين على رفض
التنفيذ العيني
ال تعد تصفية الغرامة التهديدية تنفيذا عينيا وال تنفيذا عن طريق التعويض"
ثانيا :إلاكراه البدني
يعتبر إلاكراه من الوسائل القديمة وجدت في ظل القانون الروماني ،ثم القانون الفرنس ي
القديم ،اعتمدت عليه النظم القديمة في الوفاء املباشر إذا تنظر إلى جسم إلانسان على أنه
ضامن اللتزاماته
لم يأخذ به املشرع الجزائري حاليا على غرار نظيره الفرنس ي لتعارضه مع املبادئ املعاصرة
في نظرية الالتزام ،فقد الغى املشرع الجزائري العمل به أن كان ساريا بموجب أحكام ألامر -66
051تحديدا املادة ، 112وذلك تماشيا مع انضمام ومصادقة الجزائر على العهد الدولي
لحقوق إلانسان
)(1
المادة 371ق م ج
9 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
يقصد ابتداء بالتنفيذ بمقابل أو بطريق التعويض "أي مبلغ من النقود أو أية ترضية من
جنس الضرر يدفعها املدين إلى الدائن تعادل املنفعة التي كان سينالها الدائن فيما لو نفذ املدين
التزامه على النحو الذي يوجبه حسن النية و تقتضيه الثقة في املعامالت"
وألاصل في التنفيذ كما مر معنا أن يكون عينيا en natureوال يلجا إلى التنفيذ بمقابل أو
بطريق التعويض إال استثناء وفي أحوال خاصة ،وضمن شروط محددة ،وفي هذا الصدد نصت
املادة 026ق م ج على أنه " إذا استحال على املدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض
الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ،ما لم يثبت أنه استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد
له فيه ،ويكون الحكم كذلك تأخر املدين في تنفيذ التزامه "
على هذا ألاساس ال يلجأ إلى التنفيذ بمقابل إال في ألاحوال التالية:
-إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيال بخطأ املدين ،وهو امر متصور في جميع أنواع الالتزام
عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود ،ففيه ال يستعص ى التنفيذ العيني أبدا
-إذا كان التنفيذ العيني مرهقا للمدين ،ولم يكن في التنفيذ عن طريق التعويض ضرر
جسيم للدائن
-إذا لم تجد الغرامة التهديدية في الضغط على املدين
أنواعه
يفهم من نص املادة سالفة الذكر أن التعويض يكون على نوعين:
ألاول :التعويض عن عدم التنفيذ ،ويحل محل التنفيذ العيني وال يجمع بينهما( إال في حالة
ما إذا كان التنفيذ العيني جزئيا)
01 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
الثاني :التعويض عن التأخر في التنفيذ :يجوز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني إذا تأخر
املدين في التنفيذ التزامه وتوفرت شروط الحكم بالتعويض
مالحظة :الالتزام بالتعويض ليس التزاما جديدا حل محل الالتزام ألاصلي ،وإنما طريق
لتنفيذه لذلك فإن ضمانات الالتزام ألاصلي تطل ضامنة للوفاء بالتعويض
املطلب ألاول :شروط التنفيذ بمقابل
شروط استحقاق التعويض هي ذاتها شروط املسؤولية املدنية ( خطأ ،ضرر ،عالقة
سببية) يضاف إليها شرط رابع هو إلاعذار وملا كانت شروط املسؤولية موضوع دراسة في نظرية
العقد فإننا نكتفى هنا بالحديث عن إلاعذار ضمن الحديث عن مفهومه وشروطه وكيفية
حصوله ،حاالت سقوطه ،وآثاره على التفصيل التالي:
29تعريف إلاعذار :هو دعوة املدين من قبل دائنه إلى تنفيذ التزامه ،ووضعه في حالة
تأخر في التنفيذ ،تأخر تترتب عنه املسؤولية عن ألاضرار التي تصيب الدائن ،ويبرر بمبر أخالقي
هو أن الذوق يقتضيه قبل اتخاذ إلاجراءات القانونية مع املدين ،وهو املبرر الذي ترفضه بعض
التشريعات ال سيما منها املتأثرة باملدرسة ألاملانية ،التي اعتبرت أن حول ألاجل يقوم مقام إلاعذار
وبالتالي استغنت من حيث ألاساس عن شرط إلاعذار
()1
)(1
محمد حسنين ،مرجع سابق ص 356
00 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
يمكن أن يكون ضمنيا ،كما ينبغي أن تكون التي يستنتج منها عدم ضرورة إلاعذار قاطعة ،وإال
فالشك يفسر ملصلحة املدين ويجب إعذاره
القانون :ال ضرورة لإلعذار في حاالت خاصة نص عليها القانون ،في هذا الصدد تقض ي
املادة 020من ق م ج أنه ال إعذار في الحاالت التالية:
-إذا صار تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد وكان ذلك بفعل املدين ،فيعتبر املدين
محام ميعاد
ِ مسؤوال عن نتائج عدم التنفيذ دون الحاجة إلى إعذاره ،ومثال ذلك أن يترك
ثان يسارع إلى تسجيله ،أو أخيرا
مشتر ِ
ِ الاستئناف ينقض ي دون رفعه ،أو يبيع مالك عقار عقاره إلى
ثان يحوزه بحسن نية ،فيتملكه طبقا لقاعدة الحيازة في املنقول
مشتر ِ
ِ أن يبيع مالك منقول إلى
سند امللكية
غير أنه إذا صار التنفيذ مستحيال لسبب أجنبي ،فإن الالتزام ينقض ي بقوة القانون وال بد
من التعويض
-إذا كان محل الالتزام تعويضا ترتب عن عمل ضار(فعل غير مشروع) ،فاإلعذار ال يكون
إال في الالتزامات التعاقدية
-إذا كان محل الالتزام ش يء يعلم املدين أنه مسروق ،أو ش يء تسلمه دون حق وهو عالم
بذلك
-إذا صرح املدين كتابة أنه ال ينوي تنفيذ التزامه إذ ال جدوى من إلاعذار ،ويرى الفقه أن
الكتابة هنا شرط في إلاثبات ،فيمكن إثبات نيته بإقراره
-20آلاثار القانونية لإلعذار:
فيما يتعلق بالتعويض:
-يترتب على إلاعذار استحقاق الدائن للتعويض عن إلاضرار التي تلحقه بسبب إلامتاع عن
التنفيذ ،أما قبل إلاعذار فال يستحق الدائن تعويضا عن عدم التنفيذ في هذا الصدد تنص
املادة 022على أنه" ال يستحق التعويض إال بعد إعذار املدين مالم يوجد نص مخالف لذلك"
-إلاعذار شرط للتعويض عن التأخير في التنفيذ ،ويحسب التأخير من يوم إلاعذار،
فاإلعذار ينفي مظنة التسامح في التأخير ،وهو ما يفهم من عموم نص املادة 022سالفة الذكر
تنص املادة 0/023سالفة الذكر على أنه" يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة
وما فاته من كسب ،بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء
به ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعته أن يتوقاه ببذل جهد معقول "
وهذا يعني أن التعويض في املسؤوليتين العقدية والتقصيرية ،يقوم على عنصرين هما
الخسارة الالحقة والكسب الفائت ،مع ذلك يالحظ أن التعويض عن الضرر ألادبي _خالفا
للتعويض عن الضرر املادي_ ال يشمل هذين العنصرين وإنما يعتبر قائما بذاته ،وفي حالة
وقوعه تتولى املحكمة تحديد ما ينبغي أن تحكم به من تعويض تراه كاف للمضرور ،وهو في
الواقع ال يزيل الضرر ألادبي ولكن يخفف من وقعه
-الضرر املتوقع وغير املتوقع
ما يمكن التعويض عليه في املسؤولية العقدية الضرر املباشر وهو ما يعتبر نتيجة مباشرة
أو طبيعية لعد تنفيذ الالتزام أو التأخير فيه ،ويعتبر كذلك وفق نص املادة 0/023ق م ج ،إذا لم
يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول ،ذلك أن السير الطبيعي لألمور يقتض ي أن
يقوم الدائن من ناحيته ببذل جهد معقول التقاء تعاقب ألاضرار فال يترك ألامور تتدهور إلى ما
ال نهاية دون محاولة إليقافها عند حد معقول ،أما الضرر غير املتوقع فال يسأل عنها املتعاقد إال
إذا ارتكب غشا أي إذا تعمد التأخير في التنفيذ أو إذا تعمد عدم التنفيذ ،فالغش مفسد لكل
ش يء ،وتلحق بحالة الغش حالة الخطأ الجسيم ألنه قرينة على سوء النية( املادة 3 /023ق م)
ومعيار التوقع أو عدمه هو معيار موضوعي ال ذاتي ،ويعبر عن ذلك بالقول أن الضرر يجب
أن يكون متوقعا من ناحية سببه ومن ناحية مداه
أما في نطاق املسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن الضرر املباشر املتوقع وغير املتوقع
الضرر املحقق والضرر الاحتمالي:
مثال ذلك أن يتلف شخص سيارة لشخص اشتراها بمبلغ معين ،وكان قد حصل على وعد من شخص آخر بشرائها بمبلغ أكبر ،وجب
على محدث الضرر أن يعوض مالك السيارة عن كل قيمتها وما توقعه من ربح عند بيعها بثمن أعلى
فال يسأل صاحب مستودع للسيارات مثال ،والذي بسبب إهماله سرقت سيارة من مستودعه كانت بها حقيبة نقود ،إال عن قيمة
السيارة املسروقة دون قيمة النقود
05 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
وما يمكن التعويض عنه هو الضرر املحقق في املسؤوليتين العقدية والتقصيرية ،سواء
وقد يطرح وقعا فعال أو تراخى وقوعه مستقبال ،أما الضرر املحتمل فال يجوز التعويض عنه
التساؤل حول التعويض عن تفويت الفرصة ،ومثالها التقليدي الشائع أن يفوت محام ميعاد
الاستئناف ،الواقع أن كسب الاستئناف أمر احتمالي ولكن تفويت ميعاد الاستئناف في ذاته ضرر
محقق يستحق عنه التعويض
وقت تقدير الضرر
يجري في الفقه طرح السؤال التالي :هل يقدر القاض ي التعويض على أساس الضرر يوم أن
وقع أو يوم صدور الحكم بالتعويض؟ بعبارة أخرى هل الحكم بالتعويض كاشف للحق أو منش ئ
له؟
يجيب الفقه عن ذلك بالقول الحكم بالتعويض كاشف للحق ألن الذي أنشأ الحق هو
الضرر ،فحق الدائن في التعويض يثبت له من يوم وقوع الضرر( أو من يوم إلاعذار في ألاحوال
التي يشترط فيها ذلك) يؤكد ذلك أن املدين املسؤول لو قام بالوفاء بالتعويض بغير صدور حكم
كان وفاء بالتزام موجود
مع ذلك قد يتغير الضرر من حيث جسامته وتفاقمه في الفترة املمتدة بين حدوثه وبين
النطق بالحكم بالتعويض عنه ،فهل يقدر في هذه الحالة بوقت وقوع الضرر أو عند الحكم
بالتعويض ؟ ذهب أكثر الفقهاء واستقر القضاء على الاعتداد بتغير قيمة الضرر وتقدير التعويض
حسب جسامة الضرر يوم الحكم به ال يوم وقوع الفعل الضار ،على هذا ألاساس إذا ساءت
حالة املضرور أو تحسنت روعي هذا الاعتبار أو ذلك عند تقدير التعويض ،فإذا أصيب مثال
شخص بكسر نتيجة عمل غير مشروع وتفاقم الضرر حتى صار عاهة مستديمة ،أو خفت
خطورته وقت النطق بالحكم وجب أخذ ذلك بعين الاعتبار من طرف القاض ي حين النطق بحكم
التعويض
فال يجوز لجمعية خيرة مثال املطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقها جراء قتل شخص اعتاد التبرع لها ،واملتمثل في حرمانها من
تلك التبرعات ألن ضرر احتمالي
06 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
كذلك قد تتغير قيمة النقود فيحسب التعويض على أساس قيمتها وقت الحكم حتى ال
يستفيد الدائن من إطالة أمد النزاع
الضرر املادي والضرر املعنوي
يجري التعويض في القانون املدني الجزائري عن الضرر املادي واملعنوي ،والضرر املادي هو
ما أصاب إلانسان في ماله كإتالف ش يء أو نفقات عالج بمعنى آخر ضرر يمس مصلحة للمضرور
ذات قيمة مالية ،أما الضرر املعنوي فهو ما أصاب إلانسان في حريته أو شرفه أو سمعته ( املادة
023مكرر)
وإذا كان انتقال الحق في التعويض عن الضرر املادي إلى الغير كالورثة والدائنين ،دون
انتظار التفاق التحكيم أو حكم يحدد مقداره ،أمر متفق عليه في القوانين املقارنة ألنه حق ذو
قيمة مالية ،فإن انتقال الحق في التعويض عن الضرر ألادبي أمر محل خالف ،فيرى كثير من
شراح القانون املدني الفرنس ي أن الحق في التعويض عن الضرر ألادبي متصل بشخص املضرور
فال ينتقل إلى الورثة إال إذا كان املضرور قد رفع دعوى يطالب به قبل وفاته أو كان اتفق مع
املدين على تحديد مبلغ التعويض قبلها ،فحينئذ يصبح هذا الحق حقا ماليا قابال لالنتقال كأي
حق مالي آخر
ثانيا-التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي)
))La clause pénale convention portant sur l'évaluation des dommages-intérêts
تعريفه :يعرف التعويض الاتفاقي بأنه اتفاق يحدد فيه املتعاقدان مقدما مقدار التعويض
الذي يستحق الدائن إذا لم ينفذ املدين التزامه أو أخل به أو تأخر في تنفيذه ،ويسمى أيضا
الشرط الجزائي ،وهو شرط ألنه يدرج عادة ضمن شروط العقد ألاصلي ،وهو جزائي ألن
القصد منه مزدوج فهو تعويض للدائن عما يصييبه من ضرر ،وهو جزاء يفرض على املدين
إلخالله بتنفيذ التزام ترتب في ذمته أو لتأخره في تنفيذه،
ويحصل مقدما قبل وقوع الضرر ،تطبيقا لنص املادة 022من ق م ،التي نصت على أنه "
يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليه في العقد ،أو في اتفاق الحق "،
على هذا ألاساس ينبغي عدم الخلط بين الشرط الجزائي والصلح( املنصوص عليه في املادة 152
من ق م وما بعدها) الذي يحصل بعد وقوع الضرر
والغالب أن يكون الشرط الجزائي في نطاق املسؤولية العقدية وهو كثير الوقوع في الحياة
العملية ال سيما في عقود املقاوالت والتوريد ومن أمثلته:
-عقد املقاولة الذي ينص فيه على إلزام املقاولة بدفع مبلغ معين عن كل يوم من أيام
التأخير ،أو عقد النقل الذي يتضمن تحديد مبلغ معين في حالة فقدان البضاعة أو تلفها
مع ذلك قد يحدث وان نجد الشرط الجزائي في إطار املسؤولية التقصيرية ،كان يتفق
صاحب معمل مع من يحيط بمعمله على مقدار التعويض عن الضرر الذي يمكن أن يلحقهم
جراء نشاط املعمل
خصائص الشرط الجزائي
يتميز الشرط الجزائي بالخصائص التالية:
-9أنه التزام تبعي :أي تابع اللتزام آخر أصلي هو ما التزم به املدين أصال من عمل أو
امتناع عن عمل أو نقل ملكية ،يأخذ حكمه فيبطل ببطالنه وينقض ي بانقضائه ،وينفسخ
بانفساخه ،كما أن جميع أوصاف الالتزام التي تلحق الالتزام ألاصلي تلحق كذلك الشرط الجزائي
كالشرط وألاجل والتضامن
-13أنه التزام احتياطي :ألنه تعويض والتعويض طريق احتياطية عند عدم التنفيذ
العيني ،فال يطالب الدائن بقيمة الشرط الجزائي وال يعرضها املدين إال إذا استحال التنفيذ عينا
بخطأ املدين وال يجتمع التنفيذ العيني إال إذا كان كتعويض عن التأخير في التنفيذ
-23أنه تقدير جزافي للتعويض :ألنه اتفاق مسبق على تقدير التعويض عند عدم التنفيذ
أو التأخير في التنفيذ
شروط استحقاق الشرط الجزائي:
يشترط في استحقاق الشرط الجزائي ما يشترط في استحقاق التعويض من خطأ ضرر
وعالقة سببية وإعذار متى كان إلاعذار واجبا ،وباستثناء إثبات الضرر ال تثير هذا شروط إشكاال،
فقد نصت املادة 021من ق م على أنه" ال يكون التعويض املحدد في الاتفاق مستحقا إذا أثبت
املدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر" ،وهذا يعني أن املشرع الجزائري أجار للمدين أن يثب أن
الدائن لم يلحقه ضرر ما فيتخلص بذلك من الشرط الجزائي وهو حكم يتسق مع القواعد
العامة التي تفترض التساق التعويض توافر الضرر
تخفيض الشرط الجزائي
يجوز للمحكة أن تنقص من قيمة الشرط الجزائي في حالتين نص عليهما الفقرة الثانية
من نص املادة 021سالفة الذكر،
أولهما إذا كان تقدير التعويض مبالغا فيه إلى درجة كبيرة ،أو مفرطا بحسب تعبير املشرع
الجزائري ،فال يكفي لتخفيض قيمة الشرط الجزائي أن يكون في التقدير زيادة بحيث تجاوز قيمة
الضرر ،وإنما يجب أن تكون الزيادة مبالغا فيها إلى درجة كبيرة
ثانيهما :إذا كان الالتزام ألاصلي قد نفذ جزء منه فإذا اثبت املدين أنه قام بتنفيذ التزامه
تنفيذا جزئيا قبله الدائن ولم يتضرر منه ،جاز للقاض ي تخفيض قيمة الشرط الجزائي نزوال
عند مقتضيات العدالة واحتراما إلرادة املتعاقدين.
ويالحظ أن أحكام املادة 021من النظام العام يكون باطال كل اتفاق يخاف ما نصت عليه
من اشتراط الضرر الستحقاق التعويض الجزائي ،ومن حق القضاء تخفيض التعويض إذا كان
مفرطا أو إذا نفذ الالتزام ألاصلي في جزء منه
زيادة الشرط الجزائي:
للقاض ي زيادة الشرط الجزائي في حالتين:
-0إذا جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي وهنا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه
القيمة إذا أثبت أن املدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما م 025من ق م ،وتستثنى املادة 022
ق م حالة الاتفاق على عدم مسؤولية املدين عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من
أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه
-13إذا كانت قيمة الشرط الجزائي من التفاهة بحيث ال يعتبر تعويضا جديا عن الضرر،
وكأن الشرط الجزائي وسيلة تحايل لإلعفاء من املسؤولية وهنا تجدر الاشارة إلى أن الاتفاق
على إلاعفاء من املسؤولية العقدية جائز إال في حالتي الغش والخطأ الجسيم ،بينما الاتفاق على
إلاعفاء من املسؤولية التقصيرية باطل حتى في حالة الخطأ اليسير ( املادة 3-0/022ق م )
ثالثا :التعويض القانوني أو الفوائد التأخيرية Les intérêts moratoires
رأينا أن ألاصل هو أن يقوم القاض ي بتقدير التعويض وفقا للقواعد التي رأيناها فيما
تقدم ،وقد يتفق املتعاقدان علي تقدير التعويض مقدما في شرط جزائي علي النحو الذي سبق
بيانه
مع ذلك قد يتكفل القانون في نصوص تشريعية بتحديد مقدار التعويض ،في بعض
الحاالت
منها ما تنص عليه قوانين العمل ،والقوانين املتعلقة باألمراض املهنية ،كذا قوانين التقاعد
والضمان الاجتماعي للعمال واملشرع إذ يفعل ذلك يكون مدفوعا بمقتضيات العدالة فيرتب
التعويض على مسؤولية ال عالقة لها بعنصر الخطأ
إلى جانب ذلك تولى القانون تقدير التعويض في حالة الالتزام بدفع مبلغ من النقود ،فرتب
التعويض على مسؤولية املدين عند التأخر في تنفيذ التزام محله الانتفاع بمبلغ من النقود
التعريف بالفوائد وأنواعها:
تعرف الفائدة بانها مبلغ من النقود يلتزم املدين بدفعه على سبيل التعويض عن التأخير في
تنفيذ التزام محله دفع مبلغ من النقود عن امليعاد املحدد له ،أو نظير انتفاعه بمبلغ من النقود
في عقد من عقود املعاوضة
على هذا ألاساس فإن الفوائد نوعان ،أولهما :فوائد تأخيرية وهي تعويض عن التأخير في
التنفيذ عن ألاجل املحدد للوفاء في الالتزام الذي يكون محله مبلغا من النقود أيا كان مصدر
هذا الالتزام ،عقدا أو إرادة منفردة أو الفعل الضار أو النافع أو القانون وثانيهما الفوائد
التعويضية أو الاستثمارية وهي الفوائد املستحقة نظير انتفاع املدين بمبلغ من النقود يترتب في
ذمته للدائن ،ويكون العقد مصدرها مثل الفوائد املستحقة على املقترض مقابل انتفاعه بمبلغ
()1
القرض
والفوائد التأخيرية نوعان اتفاقية وقانونية :ألاولى يحددها الطرفان في الالتزامات التي
مصدرها العقد في الغالب ،والثانية يحددها القانون وتسري في حالة عد اتفاق إذا طلبها الدائن
عند التأخير في الوفاء ،وليس في القانون الجزائري فوائد قانونية لذلك فإنه عند عدم وجود
اتفاق على التعويض فإن القاض ي يحكم به على أساس ما لحق الدائن من ضرر بسبب التأخر في
الوفاء بدين نقدي معين املقدار وقت رفع الدعوى م 026سالفة الذكر
شروط استحقاق الفوائد التأخيرية
نص املادة 981من ق م على مايلي " إذا كان محل الالتزام بين أفراد مبلغا من النقود
عين مقداره وقت رفع الدعوى وتأخر املدين في الوفاء به ،فيجب عليه أن يعوض للدائن الضرر
الالحق من هذا التأخر "
وهذا يعني أن الفوائد التأخيرية
هي تعويض عن الضرر الذي يفترض القانون وقوعه بسبب خطأ املدين في تأخيره عن
الوفاء اللتزامه بدين نقدي ،فالضرر إذا مفترض ال يقبل اثبات العكس الستعمال املشرع صيغة
الوجوب
والستحقاق الفوائد التأخيرية ال بد من توافر الشروط التالية:
-أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود :فيكون التنفيذ العيني ممكنا وال يثور سوى
التعويض عن التأخير
-تأخر املدين عن الوفاء به :فالفائدة التأخيرية تستحق من وقت حصول التأخر في الوفاء
،أي من وقت حصول املطالبة القضائية
-أن يطالب الدائن بالفوائد التأخيرية :فاإلعذار ليس كافيا الستحقاق فوائد التأخير ،بل
يجب املطالبة القضائية بها ويفسر هذا الشرط بكراهية املشرع للربا املحرم شرعا
) (1يالحظ أن املشرع الجزائري حرم القرض بفائدة فيما بين ألاشخاص بمقتض ى نص املادة 151من ق م ،لكنه أجاز للبنوك
واملؤسسات املالية أن تمنح قروضا بفائدة يحددها قدرها بنص قانوني
20 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
غير أن هناك بعض التشريعات تستثني من هذا الشرط حالتين :اتفاق ألاطراف ،و املواد
التجارية إذ يتبع بشأنها ما يقض ي به العرف التجاري ،وهما استثناءان ليس هناك ما يمنع من
إعمالهما في القانون الجزائري على أساس ان العقد شريعة املتعاقدين ،وأن العرف املصدر الثاني
من مصادر القانون التجاري م مكرر 10من ق ت ج
-أن يكون مبلغ الالتزام معلوم املقدار :فإذا كان املبلغ الذي يطالب به املضرور على سبيل
التعويض عن عمل غير مشروع ال يعرف مقداره إال بصدور الحكم فإنه ال تسري عليه الفوائد
التأخيرية إال من يوم الحكم
تخفيض مقدار الفائدة الاتفاقية
وفق نص املادة 022ق م إذا تسبب الدائن بسوء نية وهو يطالب بحقه في إطالة أمد
النزاع فللقاض ي أن يخفض مبلغ التعويض املحدد في الاتفاق أو ال يقض ي به إطالقا عن املدة
التي طال فيها النزاع بال مبرر،
ويعد هذا الحكم تطبيقا لنظرية التعسف في استعمال الحق
-أن يكون حق الدائن محقق الوجود خاليا من النزاع ,وال يشترط أن يكون حق الدائن
واجب التنفيذ أو مستحق ألاداء ألن ذلك من شروط إجراءات التنفيذ
الشروط إلاجرائية:
ويقصد بها إلاجراءات الواجب استفاؤها ملباشرة الدعوى غير املباشرة وهما شرطان:
ألاول :هو وجوب أن يستعمل الدائن حق مدينه باسم املدين ،وفي هذا الصدد تنص املادة
021على أنه" يعتبر الدائن في استعماله حقوق مدينه نائبا عن هذا املدين ،وكل ما ينتج عن
استعمال هذه الحقوق يدخل في أموال املدين ويكون ضامنا لجميع ديونه"
أما الثاني :فهو وجوب إدخال املدين خصما في الدعوى ،م 3/022ألن الحكم في هذه
الدعوى ال يسرى في حق املدين ،وللمدين أن يتدخل في الدعوى ويتوالها بنفسه ،ويجوز
للمحكمة أن تدخله من تلقاء نفسها
مجال الدعوى غير املباشرة
ألاصل أن كل ما يقع في الضمان العام للدائنين من دعاوى وحقوق يستطيع الدائن
استعمالها باسم املدين ،إذا أثبت تقصير املدين في استعمالها وأفض ى تقصيره إلى الاضرار بحقوق
الدائنين ،غير أن املادة 0/022أخرجت من مجال استعمال الدعوى غير املباشرة طائفة من
الحقوق ،وهي:
-الحقوق غير القابلة الحجز فليس للدائن أن يستعمل دعوى النفقة ألنه ال يستطيع
التنفيذ على املال الذي يحكم به للمدين كنفقة
-الحقوق املتصلة بشخص املدين ،وهي الحقوق التي تقوم على أساس من الاعتبارات
ألادبية التي يستقل الشخص بتقديرها ،كحق الشخص في الرجوع عن الهبة ،وحقه في املطالبة
بالتعويض عن الضرر ألادبي
آثار الدعوى غير املباشرة
آثار الدعوى غير املباشرة ترجع إلى فكرة النيابة القانونية ،والضمان العام ،فالدائن ينوب
عن مدينه نيابة قانونية في استعمال حقوقه لدى الغير بقصد املحافظ على الضمان العام ،لذا
فإن آثار هذه الدعوى تعني الاطراف الثالثة التالية:
-آثار الدعوى بالنسبة للمدين ( ألاصيل) :ال يترتب على رفع الدعوى من قبل الدائن
حرمان املدين من التصرف في الحق الذي يستعمله الدائن نيابة عنه ،فيضل املدين حر في أن
يتصرف في حقه بكل أنواع التصرفات إما بنقله إلى الغير أو الصلح فيه أو التنازل عنه أو قبول
الوفاء به حتى بعد رفع الدعوى
-آثار الدعوى بالنسبة للدائن ولغيره من الدائنين :تنص املادة 021من ق م على أنه "
يعتبر الدائن في استعماله حوق مدينه نائبا عن هذا املدين ،وكل ما ينتج عن استعمال هذه
الحقوق يدخل في أموال املدين ويكون ضامنا لجميع ديونه" ،وهذا يعني أن الدائن رافع الدعوى
ال يستأثر بنتيجتها وحده وإنما يتعرض ملزاحمة الدائنين استنادا إلى فكرة الضمان العام والنيابة
القانونية ،فالدائن حين يستعمل الدعوى غير املباشرة ال يطالب بحق لنفسه بل يطالب باسم
املدين ونيابة عنه
وهذا ألاثر هو من جعل من الدعوى غير املباشرة نادرة الاستعمال ،ويفضل عليه في الغالب
حجز ماللمدين لدى الغير ))La saisie-arrêt
-آثار الدعوى بالنسبة إلى الخصم وهو مدين املدين :ملا كان الدائن يعتبر في مواجهة
الخصم نائبا عن املدين ،فإن الخصم يستطيع أن يتمسك في مواجهته بكل الدفوع التي تكون له
في مواجهة املدين نفسه من تقادم أو مقاصة أو إبراء ذمة أو بطالن سند الدين ،ولو كانت
أسباب إلانقضاء هذه قد حدثت بعد رفع الدعوى
املطلب الثاني :الدعوى املباشرة L'action direct
يعمد املشرع ،في بعض الحاالت إلى منح الدائن حماية خاصة فيخوله دعوى مباشرة قبل
مدين مدينه ،يستأثر الدائن وحده بنتيجتها ،وال تثبت إال بنص قانوني خاص،
ومثالها الدعوى املخولة للمؤجر ضد املستأجر من الباطن ،يستطيع بموجبها أن يطالب
باألجرة وبسائر الالتزامات الناشئة عن عقد إلايجار من الباطن للمستأجر ألاصلي( م 512ق م)
ومثالها أيضا دعوى املضرور ضد شركة التأمين للمطالبة بما في ذمتها للمسؤول املدني
أي املؤمن له( م 602ق م
وفي عقد الوكالة يجوز طبقا لنص املادة 521ق م للموكل أن يرجع مباشرة على نائب
الوكيل ،ولنائب الوكيل أن يرجع مباشرة على املوكل
هذه ألامثلة وغيرها تبقى حاالت خاصة وردت فيها نصوص تشريعية متناثرة تنش ئ هذه
الدعوى ،وهي دعوى مؤسسة على حق الامتياز ،وهي تقوم إما على منفعة قدمها الدائن أو
خسارة تحملها ،وال توجد بعد قواعد عامة ترد إليها وال تزال النظرية العامة للدعوى املباشرة
حتى اليوم فى طور التكوين ،ولم تبلغ غايتها من التطور وفى هذا املعنى يقول فالتيه " :ال نزال
تجمعا ال تخلو من عدمً من الدعوى املباشرة فى مرحلة من التطور تتجمع فيها الاستثناءات
التناسق "
املطلب الثالث :الدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرفات القانوينة)
))L'action paulienne ou révocatoire
تناولها املشرع الجزائري في املواد من 020و 023من ق م ،وهي تنسب إلى البريتور (
)Preteurالروماني بولص( ، )1وتستهدف حماية الدائن من تصرفات مدينه التي يقوم بها إضرارا
به ،وتخول الدائن املطالبة بعدم نفاذ هذا التصرف عليه وكانت في القانون الروماني دعوى
جماعية يرفعا وكيل الدائنين بمناسبة تصفية أموال املدين املفلس تصفية جماعية ،أما في
الوقت الحاضر فهي دعوى فردية يرفعها الدائن ضد املتصرف إليه مع إدخال املدين في الدعوى،
شروط استعمال الدعوى البوليصية
يتضح من النصوص املنظمة ألحكام الدعوى البوليصية أن شروط هذه الدعوى على
ثالثة أنواع :أولها ما يرجع إلى الدائن ويتصل بحقه ،وثانيهما ما يتصل بالتصرف املطعون فيه،
وثالثهما ما يرجع إلى املدين وإلى خلفه ،على التفصيل التالي:
الشروط املتعلقة بالدائن :وهما شرطان أولهما أن يكون حق الدائن سابقا على
التصرف املطعون فيه ،وثانيهما أن يكون حق الدائن مستحق ألاداء
) (1ويري البعض أن صحة هذه التسمية واستعمال هذه الدعوى فى القانون الروماني محل شك البعض وأن البريتور " بولص " هذا
ً
خياليا اخترعه بعض الشراح ( ) Glossateurs ً
شخصا ليس إال
27 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
أما الشرط ألاول فيقتض ي أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف املطعون فيه وهو
شرط لم ينص عليه القانون لكنه من وضع الفقه والقضاء ،وهو يقتضيه املنطق إذ ال يمكن
تصور وقوع ضرر للدائن من تصرف سابق على حقه،
والعبرة هنا بأسبقية نشوء الحق ال بتاريخ استحقاقه وال بتاريخ شهره إذا كان التصرفات
الخاضعة للشهر كبيع العقار ،ويقع عبء إثبات أسبقية تاريخ حق الدائن في الوجود على تاريخ
صدور التصرف املطعون فيه على عاتق الدائن ،ويجري إلاثبات وفق القواعد العامة
أما الشرط الثاني فمفاده ،أن مباشرة هذه الدعوى تقتض ي أن يكون حق الدائن قابال
للتنفيذ به إذا تم ثبوته في سند تنفيذ ،ويكون الحق كذلك إذا كان مستحق ألاداء ،فليس للدائن
بحق مؤجل أو معلق على شرط واقف لم يتحقق أن يستعمل الدعوى البوليصية ،مع ذلك غالبا
ما يطلب الدائن بعد إثبات إعسار مدينه من املحكمة إسقاط
ألاجل ،فيصبح دينه مستحق ألاداء
الشروط املتعلقة بالتصرف املطعون فيه
الستعمال الدعوى البوليصية يجب أن يكون هناك تصرف قانوني متعلقا بحق يتصل
بشخص املدين أو بمال غير جائز الحجز عليه ،أو غير داخل في الضمان العام وان يكون هذا
التصرف مفقرا ،وأن يكون تاليا في وجوده لحق الدائن في هذا الصدد تنص تنص املادة 020من
القانون املدني على ما يأتي ":لكل دائن أصبح حقه مستحق ألاداء ،وصدر من مدينه تصرف ضار
به ،أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف فى حقه ،إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق املدين أو
زاد في التزاماته وترتب عليه إعسار املدين أو الزيادة فى إعساره ،وذلك متى توافرت الشروط
املنصوص عليها فى املادة التالية " وتفصيل ذلك ما يلي:
-9وجود تصرف قانوني إرادي حتى يمكن القول بأنه أنه قد أنش يء بقصد إلاضرار
بالدائن ،سواء كان هذا التصرف عقد أو التزاما بإرادة منفردة ،عقد معاوضة أو تبرع ،وسواء
منشئا اللتزام أو مسقطا له
-0أال يكون التصرف متعلقا بحق متصل بشخص املدين ،كما سبق بيانه عند الحديث
عن الدعوى غير املباشرة
-3أن يكون التصرف مفقرا بأن ينقص من حقوق املدين أو يزيد من التزاماته م ،020
ويطرح التساؤل في حالة امتناع املدين ،عن قبول هبة والراجح أنه ال يجوز الطعن عليه
بالدعوى بالبوليصية
كما يطرح التساؤل أيضا حول الوفاء ألحد الدائنين إذا كان املدين معسرا ،تجيب عن هذا
التساؤل املادة 026ق م ،من خالل التمييز بين حالتين ألاولى إعطاء الدائن ضمانة خاصة
كرهن ففي هذه الحالة يحرم الدائن من هذه امليزة ،أما الثانية فتتعلق بالوفاء إلى الدائن قبل
حلول ألاجل أو حتى بعد حلوله إذا كانت نتيجة تواطؤ بين الدائن واملدين وهنا ال يسري الوفاء
في حق باقي الدائنين ويعتبر التصرف منطويا على تواطؤ من املتصرف إليه متى كان يعلم أن
املدين معسرا
-11أن يكون التصرف ضارا بالدائن ،وهذا يعني أن الضرر إذا انتفى ،انعدمت مصلحة
الدائن في تصرف مدينه وتعذر عليه رفع هذه الدعوى ،ويقصد بالضرر ،الحيلولة دون استفاء
الدائن حقه كامال بسبب ما يترتب على تصرف املدين من إعساره أو الزيادة في إعساره ،ويكون
على املدين إثبات ذلك وإثبات أن حالة إلاعسار ما زالت قائمة وقت رفع الدعوى ،فإذا أصبح
املدين موسرا لسبب ما( تلقى ميراث مثال) فحينئذ ال تكون للدائن مصلحة في رفع الدعوى
البوليصية
ويقصد باإلعسار هنا إلاعسار الفعلي ،ويكفي أن يثبت الدائن ديون املدين فيكون على
املدين إثبات أن لديه من املال ما يفي بسدادها م 022ق م
الشروط املتعلقة باملدين وخلفه
اشترطت املادة 023من ق م صدور التصرف ،عن غش وتواطؤ إذا كان معاوضة ،ولم
تشترط ذلك في تبرعات املدين ،ويقصد بالغش نية إلاضرار بالدائن وقت صدور التصرف ،أما
التواطؤ فيعني توافر قصد الغش لدى كل من املدين ومن صدر له التصرف وقت صدوره،
ويكفي طبقا لنص املادة 0/023من ق م العتبار التصرف منطويا على غش أن يكون قد صدر
من املدين وهو عالم بأنه معسر ،وهي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس
وال يشترط إثبات الغش إال في املعاوضات ،أما إذا كان التصرف تبرعا فإنه ال ينفذ في حق
الدائن ،ولو لم يرتكب املدين غشا ولو كان من صدر له التبرع حسن النية (م ،)2/023وهذا
يعني أن املشرع الجزائري افترض سوء نية املدين في حالة التبرع فرضا غير قابل إلثبات العكس
وإذا كان املتبرع له قد تصرف بدوره إلى آخر بعوض فعلى الدائن أن يثبت سوء نية املتبرع
له واملتصرف إليه ألاخر معا ،أما إذا كان املتبرع له قد تصرف إلى آخر تبرعا فعلى الدائن أن يثب
سوء نية هذا آلاخر م ، 1/023فإذا عجز الدائن عن إثبات سوء نية املتصرف إليه آلاخر في
الحالين فال يكون أمامه إال مطالبة املدين بالتعويض على ما سيأتي معنا الحقا
آثار الدعوى البوليصية
ترتب هذه الدعوى آثارها في حق كل من الدائن ،واملدين واملتصرف إليه
-أثر الدعوى بالنسبة للدائن :يحكم بعدم نفاذ التصرف ويترتب على هذا أن املال يعتبر
أنه لم يخرج من ضمان الدائن بالقدر الالزم لوفاء دين الدائن رافع الدعوى ،وطبقا لنص املادة
021يستفيد من هذا الحكم جميع الدائنين تحقيقا لفكرة املساواة بين الدائنين في الانتفاع
بالضمان العام الذي تهدف الدعوى البوليصية إلى حمايته
فإذا تعذر رد املال املتصرف فيه عينا ،كان يكون قد انتقل إلى يد شخص آخر حسن النية
وتمسك باعد الحيازة في املنقول سند امللكية ،فال يكون أمام الدائن سوى رفع دعوى مسؤولية
تقصيرية وفقا للقواعد العامة،
-أثر الدعوى بالنسبة إلى املدين واملتصرف إليه :يبقى التصرف صحيحا فيما بين
املتعاقدين أي فيما بين املدين واملتصرف إليه ،مع عدم نفاذه في حق الدائن ويترتب على ذلك
النتائج التالية:
-إذا بقي من ثمن املال محل التصرف ش يء فإن هذا الباقي يكون من حق املتصرف إليه
وليس من حق املدين
-من حق املتصرف إليه أن يرجع على املدين بالدعاوى الناشئة على العقد كان يطلب
الفسخ
للمتصرف إليه أن يرجع على املدين بدعوى إلاثراء بال سبب ألنه وفى عن املدين دينه
بين املتعاقدين :من نص املادة 022أن العبرة بين املتعاقدين بالعقد الحقيقي وليس أ-
بالعقد الظاهر على أساس ان العقد الحقيقي هو املعبر عن إلارادة الحقيقة للمتعاقدين
وللصورية ليست سببا لبطالن العقد ،ويترتب على ذلك ان الصورية لو أفقت تصرف حقيقا
وصحيحا كانت سائقة وصح التصرف ،اما إذا أخفت تصرفا باطال يحرمه القانون فإن الجزاء
لهذا التصرف هو البطالن ملخالفة القانون وغذا أخفى التصرف الصوري السبب الحقيقي وكان
غير مشروع فإن التصرف يعتبر باطال بطالن مطلقا
وإثبات الصورية بين املتعاقدين يقع ما يدعى بالصورية
ب – بالنسبة للغير :الغير هو كل من اطمأن واعتمد على العقد الصوري وبنى عليه تعامله
بحسن نية
-0الخلق الخاص :هو من ينتقل إليه عيني على كل ش يء من أحد طرفي العقد ويستوي
ان يكون قد انتقل إليه هذا الش يء قبل العقد الصوري أو بعده
-3الدائن الشخص :الدائن العادي الحد الطرفين يعتبر من الغير ويستوى ان يكون حقه
مستحق ألاداء أوال
حكم الصورية بالنسبة للغير :من نص املادة 022يتضح أن الغير له أن يتمسك بالعقد
الصوري وللغير ان يتمسك بالعقد املستمر ويثبتون الصورية بكافة طرق إلاثبات ويكون للخلف
الخاص التمسك به إذا كانت له مصلحة في ذلك
وللغير أيضا ان يتمسك بالعقد الصوري طاملا كانت له مصلحة في ذلك وكان حس النية
ويعتبر كذلك إذا كان يجهل وقت قيام تعامله على أساس انه عقد صوري وحس النية مفترض
يقبل إثبات العكس
التعارض بين غير يتمسك بعقد صوري وغير بعقد مستتر ،الننا ال نستطيع ألاخذ ·
بالعقدين فال بد من ترجيع أحدهما ،لم يتناول املشرع هذا الوضع وقد رجع املشرع املصري
ألاخذ بالعقد الصوري رغبة في إستقرار املعامالت الخصوم في دعوى الصورية :يمكن أن ترفع
دعوى الصورية من أحد طرفي العقد ويجب إدخال من له مصلحة في التمسك بالعقد الصوري
وقد تكون الدعوى مرفوعة من الغير حتى وجدت له مصلحة في ذلك وال تخضع دعوى
الصورية للتقادم املسقط ،كما هو الحال في الدعوى البولصية
قد يتصل بااللتزام وصف يعدل من آثاره ،مما يؤدي إلى تغيير في القواعد التي تحكم
تنفيذه ،وقد يلحق هذا الوصف في الرابطة ذاتها فيؤثر إما على وجودها بأن يجعله غير مؤكد
فنكون بصدد " شرط" وإما على نفاذها بأن يجعله غير ناقذ فنكون حينها بصدد "ألاجل"
(مبحث أول)
وإما أن يلحق الوصف أحد طرفي الرابطة القانونية (الدائن أو املدين) فيصبح هذا الطرف
متعددا فيكون الحديث عندئذ عن تعدد طرفي الالتزام (مبحث ثان) ،وأخيرا قد يلحق الوصف
محل الالتزام فيتعدد بعد أن كان واحدا فنكون بصدد " تعدد محل الالتزام" (مبحث ثالث).
وقد تناول املشرع الجزائري في القانون املدني ألاوصاف املعدلة ألثر الالتزام في الباب الثالث
من الكتاب
قد يلحق الوصف رابطة املديونية فتعلق هذه ألاخيرة على أمر مستقبلي ،فيصبح وجودها
غير محقق ويسمى هذا الوصف بالشرط ،أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى وقت معين ويسمى هذا
الوصف باألجل
املطلب ألاول :الشرط
الشرط وصف يلحق الالتزام فيعدل آثاره وهو أمر مستقبلي غير محقق الوقوع ،وقد تناول
املشرع الجزائري أحكامه في املواد 312 -312من القانون املدني ،وهي مواد بينت مفهومه
وخصائصه وأنواعه (فرع أول) ،وحددت آثاره حينما يلحق الالتزام ( فرع ثان)
أوال :مفهوم الشرط وخصائصه وأنواعه
-0تعريفه :لغة يدل على معنى العالقة الدالة املميزة والشرط والشريطة إلزام الش يء
والتزامه في البيع ونحوه
أما كوصف في الالتزام هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع ،يترتب عليه وجود الالتزام أو
زواله( ،)1كشفاء مريض أو قدوم مسافر أو وصول بضاعة أو نحو ذلك ،وهذا مستفاد من نص
) (1أنور سلطان ،النظرية العامة لاللتزام -أحكام الالتزام -دار الجامعة الجديدة للنشر ،إلاسكندرية مصر ،3115ص 026
34 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ً
املادة ( )365من القانون املدني الذي جاء فيه أنه« :يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان
ً
وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل غير محقق الوقوع»
والشرط الذي يرد على الالتزام فيجعله موصوفا قد يكون صريحا كما يمكن أن يكون
ضمنيا ،ومثال هذا ألاخير أن يرسل البنك إلى زبونه أوراقا مالية كالشيك بإضافة قيمتها إلى
()1
حسابه ،فإن هذه إلاضافة تكون معلقة على شرط قبض قيمتها
و الشرط بهذا املعنى أمر خارجي وهو عارض بلحق الالتزام بعد تكوينه بمعنى بلحق عنصرا
()2
جوهريا من عناصر الحق
والشرط بمعناه الفني املتقدم يختلف تماما عن معناه الواسع أي الاشتراطات أو ألاحكام
التي اتفق عليها املتعاقدان في العقد أو هي التزام املتصرف في تصرفه بأحد ألامور الزائدة ،ومثال
الشرط املتعلقة بتسليم سلعة معينة في مكان وزمان محدد
-0أنواع الشرط :الشرط نوعان هما الشرط الواقف الذي يعلق الالتزام على وجوده
والشرط الفاسخ الذي يعلق الالتزام على زواله.
أ -الشرط الواقف :هو الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام ،فإن تخلف لم
يخرج الالتزام إلى الوجود ومثال ذلك أن يعلق الواهب هبته البنه على شرط أن يتزوج فالزواج
هنا شرط واقف ،إذا تحقق وتزوج الابن و ِج َد التزام ألاب بالهبة ،وإذا تخلف الشرط ولم يتزوج
()3
الابن فإن التزام ألاب بإعطاء هبة البنه ال يوجد
وهو ما عبرت عنه املادة 316من القانون املدني الجزائري بقولها " إذا كان الالتزام معلقا
على شرط واقف ،فال يكون نافذا إال إذا تحقق الشرط أما قبل تحقق الشرط ،فال يكون
الالتزام قابال للتنفيذ الجبري ،وال للتنفيذ الاختياري ،على أنه يجوز للدائن أن يتخذ من
إلاجراءات ما يحافظ به على حقه"
) (1أنور طلبة املطول في شرح القانون املدني ،الجزء الرابع املكتب الجامعي الحديث الاسكندرية 3111 ،ص 262
) (2رمضان أبو السعود أحكام الالتزام دار املطبوعات الجامعية الاسكندرية 0222ص 356
) (3محمد صبري السعدي ،النظرية العامة لاللتزامات ,أحكام الالتزام دار الكتاب الحديث الجزائر ص 021
35 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ب -الشرط الفاسخ :وهو ما يعلق عليه زوال الالتزام القائم والنافذ ،فتحقق الشرط
الفاسخ املعلق عليه يحل امللتزم من التزامه ،وتزول رابطته فهو إذا الشرط الذي يترتب على
تحققه زوال الالتزام
ومثال ذلك نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع املدين ألاقساط الباقية كل
قسط في ميعاده ،فالشرط هنا شرط فاسخ ،فإذا تأخر املدين في دفع ألاقساط الباقية ّ
عد نزول
الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن ،فااللتزام املعلق على شرط فاسخ هو التزام ال يعرف
مصيره إذ قد يزول أو يتأكد نهائيا حسب تحقق الشرط أو عدمه ( ،)1في هذا الصدد تنص املادة
312من القانون املدني على أنه " يزول الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ ،ويكون الدائن ملزما
برد ما أخذه فإذا استحال الرد لسبب هو املسؤول عنه وجب عليه تعويض الضرر ،غير أن
أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط" ،ويبرر بقاء أعمال إلادارة
()2
نافذة بالرغبة في استقرار املعامالت ،ولكن بشرط أال تخرج هذه ألاعمال عن حدود املألوف
-2خصائص الشرط :للشرط خصائص أربع هي:
ً ً ً
أ -الشرط املعلق عليه أمرا مستقبال وممكنا :تنص املادة 312من القانون املدني على
أنه" يكون الالتزام معلقا إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل " فالشرط باعتباره
وصف يرد على الالتزام ال يصح أن يكون إال أمرا مستقبليا بمعنى متعلقا بواقعة لم تحل ،أي
ً ً ً
غير ماضية ولم تتحقق بعد ( ،)3أما إذا كان أمرا ماضيا أو حاضرا فهو ليس بشرط حتى لو كان
طرفا الالتزام يجهالن وقت التعامل ما إذا كان ألامر املاض ي قد وقع أو لم يقع ،أو إذا كان ألامر
ً
الحاضر واقعا أو غير واقع
ً ً ً ً
وألامر املستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمرا إيجابيا أو أمرا سلبيا فاألب الذي
ً
التزم أن يهب ابنه دارا إذا تزوج يكون قد علق التزامه على شرط ،هو زواج ابنه ،وهذا أمر
إيجابي والزوج الذي يوص ي المرأته بدار على شرط أال تتزوج بعده يكون قد علق الوصية على
شرط ،هو عدم زواج امرأته ،وهذا أمر سلبي
ب -الشرط أمر غير محقق الوقوع :وهو ما يفهم صراحة من عبارة " وممكن الوقوع" في
نص املادة 312من القانون املدني ,ذلك أن الالتزام املعلق على شرط ال يعرف مصيره فوجب أن
ً
يكون الشرط أمرا ال يعرف إن كان سيتحقق أم ال( ,)1فإذا كان ألامر مستقبال ولكنه محقق
ً ً
الوقوع فإنه ال يكون شرطا ،بل يكون أجال فإذا أضاف امللتزم التزامه إلى موسم الحصاد كان
ً ً
الالتزام مقترنا بأجل ال معلقا على شرط؛ ألن موسم الحصاد في املألوف من شؤون الدنيا البد
ً ً
آت ،فاألمر هنا محقق الوقوع ،فيكون أجال ال شرطا
ٍ
ج /الشرط أمر ممكن الحدوث
ً
ال يكون شرطا ألامر املستحيل الوقوع وهو ما قضت به املادة 311من القانون املدني
بقولها" ال يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن " ألن الاستحالة تمنع نشوء الالتزام
قانونا وفقا لقاعدة ال التزام في املستحيل" A L'impossible nul n'est tenu
ً
فإذا علق امللتزم التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة؛ فإن الالتزام ال يوجد أصال،
وتكون الاستحالة مطلقة إن استحال تحقق الشرط بالوسائل املعروفة لإلنسان
ً
أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها ال تعيب الالتزام ،بل يكون في هذه الحالة قائما يتوقف
وتعد الاستحالة نسبية إذا غلب الظن أن تقدم املعارف ّ وجوده أو زواله على تحقق الشرط
ً
البشرية يجعل الشرط ممكنا ،وليس مستحيل الوقوع
وكما تكون الاستحالة طبيعية كما سبق ذكره كذلك قد تكون قانونية فااللتزام املعلق على
ً
شرط أن يبيع املشترط عليه تركة مستقبلية ال يكون قائما؛ ألنه علق على شرط مستحيل
استحالة مطلقة
ً
د /أن يكون الشرط مشروعا :وقد نص املشرع الجزائري على هذا الشرط في املادة 311
من ق م سالفة الذكر ،حينما اعتبرت أن الالتزام ال يكون قائما إذا علق على شرط مخالف
ً ً ً
لآلداب أو النظام العام ،ويكون الشرط غير مشروع ليس فقط إذا خالف نصا قانونيا آمرا؛ بل
()1 ً ً
إذا كان أيضا مخالفا للنظام العام وآلاداب العامة
ً ً
فإذا كان الشرط مخالفا للنظام العام أو آلاداب فيكون في هذه الحالة باطال ،وال يقوم
الالتزام الذي علق وجوده عليه إذا كان الشرط واقفا ومثال ذلك من يهب لشخص ماال في حالة
ارتكب هذا ألاخيرة جريمة
أما إذا كان الالتزام املعلق على شرط فاسخ مخالفا للنظام العام وآلاداب العامة فإذا كان
الشرط الدافع للتعاقد باطال كان الالتزام باطال،
ً ً ً
أما إذا كان الشرط الفاسخ مستحيال أو مخالفا للنظام العام أو لآلداب كان باطال؛ ألن
الالتزام املعلق على شرط فاسخ التزام نافذ وفوري ،وزواله هو املعلق على الشرط الفاسخ الذي
يعد كأن لم يكن لبطالنه ،فهو إذن لن يتحقق ويترتب على ذلك أن الالتزام املعلق على هذاّ
ً ً ً
الشـرط يكون باتا غير معلق على أي شرط ،وليس التزاما مهددا بالزوال كما هو شأن الالتزام
املعلق على شـرط فاسخ صحيح
ً
أما إذا كان السبب الدافع إلى الالتزام معلقا على شرط فاسخ مخالف لآلداب أو النظام
ً
العام -كأن يهب رجل المرأة ماال ألجل استمرارها معه في حياة غير شرعية -كان الشرط الفاسخ
ً
باطال ملخالفته لآلدابّ ،
وعد غير قائم؛ وبالتالي فإن سقوط الشرط يسقط الالتزام معه كما هنا
تقض ي به
ً ً ً
ه -أال يكون الشرط إراديا محضا متوقفا على إرادة امللتزم :تنص املادة 315من ق م
على أنه" ال يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة
امللتزم" وهذا يعني أنه ينبغي أال يكون تحقق الشرط الواقف متوقفا على محض إرادة املدين،
()2
ويكون رهينة بمشيئة أحدهما
ً ً
فإذا كان الشرط املتعلق بإرادة املدين شرطا واقفا كأن يلتزم املدين إذا أراد أو إذا رأى
ً ً ً
ذلك معقوال أو مناسبا ،فهذا شرط يجعل عقد الالتزام منحال منذ البداية ،إذ إن الالتزام قد
علق وجوده على محض إرادة املدين إن شاء حقق الشـرط وإن شاء جعله يتخلف ،ومن ثم يكون
ً
هذا الشرط باطال ،ويسقط الالتزام وفق ما نصت عليه املادة 315من القانون املدني سالفة
ً ً ً ً ً
الذكر أما في الشرط الفاسخ فيكون صحيحا دائما لو كان شرطا إراديا محضا حتى ولو تعلق
بإرادة املدين
وتنقسم الشروط من حيث ارتباطها بإرادة أحد الطرفين إلى أنواع ثالثة:
-0الشرط الاحتمالي :وهو متروك للمصادفة املحضة أو بعبارة أصح متروك للقدر ،دون أن
يتعلق بإرادة أي من طرفي الالتزام كان يتعهد أحدهم بأن يهب آخر ماال إذا رزق بمولود
-3الشرط املختلط :وهو شرط يتعلق بإرادة أحد أطراف الالتزام وبإرادة شخص من الغير
ومن ألامثلة التي يوردها الفقه في هذا املجال :أن يلتزم أب بان يهب ابنه ماال إذا تزوج من فتاة
معينة ،فالشرط هنا يتوقف على إرادة الابن املشترط عليه ،وهو أحد املتعاقدين وإرادة الفتاة
التي اشترط الزواج منها
وكال الشرطين الاحتمالي واملختلط صحيح؛ ألنه ينطوي على عنصر خارجي يفلت من إرادة
املتعاقدين
-الشرط إلارادي :وهو ذاك الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين أو قدرته وهو إما أن
ً ً ً ً ً ً
يكون شرطا إراديا محضا وإما شرطا إراديا بسيطا
فالشرط إلارادي البسيط :هو الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين ولكن هذه إلارادة
ً
ليست مطلقة وإنما مقترنة بظروف ومالبسات خارجية على نحو ال يكون فيه العقد متوقفا على
محض مشيئة املدين
ومثال ذلك أن يتعد شخص بأن يستخدم عامال إذا فتح فرعا لتجارته في مدينة أخرى
فاإلرادة هنا ليست مطلقة أي على رغبتها في فتح الفرع أو عدم فتحه ،وإنما توجهها ظروف مالية
واقتصادية
-الشرط إلارادي املحض :فهو الذي يتوقف على إرادة أحد طرفي الالتزام دائنا كان أو
مدينا فقط كالتعليق على املشيئة ( إذا شئت أو إذا أردت) دون أن تتحكم في هذه إلارادات
ظروف ومالبسات أخرى ،فيكون وجود الالتزام أو زواله مرهون بمشيئة أحد الطرفين
يتبين من النص املتقدم الذكر أن الالتزام املعلق على شرط واقف وهو في مرحلة التعليق؛
هو حق موجود لكنه غير بات وغير نافذ ،
فهو موجود ينتقل من صاحبه إلى الغير بامليراث وغيره من أسباب انتقال الحقوق يجوز
لصاحبه أن يجري ألاعمال املادية الالزمة لصيانته من التلف و أن يقوم باألعمال التحفظية
الالزمة للمحافظة على حقه ،كوضع ألاختام وتحرير قوائم الجرد ،والتدخل في القسمة ووضع
الحراسة ،ويجوز أن يستعمل الدعوى غير املباشرة ودعوى الصورية
ً
غير أنه في ذات الوقت غير بات وغير نافذ فال يكون قابال للتنفيذ الجبري ،وال التنفيذ
الاختياري ،فإذا كان املدين قد وفى الدين وهو يعتقد خطأ أن الدين غير معلق على شرط أو أن
ً
الشرط قد تحقق جاز له استرداده وفقا للقواعد العامة في دفع غير املستحق ال يسري التقادم
عليه ،وال تجوز املقاصة القانونية بهذا الحق وال يجوز لصاحبه أن يستعمل الدعوى البوليصية
ألن حقه غير مستحق ألاداء
ب /آثار الشرط الفاسخ خالل فترة التعليق :حق الدائن املرتبط بشرط فاسخ حق
ً
موجود وقائم من كل وجه ،ومنتج آلثاره خالل فترة التعليق وإن كان معرضا للزوال بتحقق
الشرط الفاسخ
ً
فصاحب هذا الحق يملكه حاال ،وله يتقاضاه من مدينه بطريق التنفيذ الاختياري أو
الجبري ،أن يديره وأن يتصرف فيه ،ولكن تصرفاته تكون على خطر الزوال كحقه ،فإذا ما
تحقق الشرط الفاسخ زال حقه وزالت معه جميع التصرفات التي أجراها فيه وللمالك تحت
هذا الشرط دعاوى الحيازة وامللكية النسبة للعين التي يملكها تحت هذا الشرط
ثانيا -آثار الشرط بعد فترة التعليق:
يتحقق الشرط أو يتخلف بطرق ثالث ،ويترتب عن ذلك في كل ألاحوال آثار خاصة
أ /كيفية تحقق أو تخلف الشرط
يتحقق الشرط او يتخلف إما بإرادة طرفي الالتزام ،وإما بحلول وقت معين ،وإما أخيرا
نتيجة خطأ الدائن أو املدين
-فيتحقق الشرط أو يتخلف بإرادة طرفي الالتزام فإذا كان الشرط تحقق غاية معينة فلكي
يتحقق الشرط يجب أن تتحقق الغاية ،وإذا كان عمال يجب القيام به ولشخصية القائم به
اعتبار ملحوظ يجب أن يقوم به الشخص املعين الذي قصده الطرفان ال يوجد في القانون
الجزائري ما يعبر عن هذه الحالة خالفا للقانون الفرنس ي
-وقد يتحقق الشرط أو يتخلف بحلول أجل معين فقد يحدد وقت معين لوقوع الشرط أو
لعدم وقوعه وعندئذ يجب لتحقق الشرط أن يقع أو ال يقع خالل امليعاد الذي حدده الطرفان
-قد يتحقق الشرط أو يتخلف أخيرا نتيجة خطأ الدائن أو املدين ومثال ذلك أن يتعمد
تاجر بعد التامين على متجره ضد الحريق إلى إشعال النار فيه ( ،)1فإنه بهذا الخطأ يتحقق شرط
استحقاق التأمين لكن ألنه قد وقع من بخطأ الدائن فال يستحق مبلغ التأمين
وإذا تعهد شخص لسمسار بأن يدفع له مبلغا من املال إذا وجد له مشتر ملنزله بثمن معين
ووجد السمسار املشتري لكن صاحب املنزل امتنع عن البيع ،فإنه بهذا يتخلف شرط استحقاق
مبلغ السمسرة لكن حيث أنه تخلف بخطأ املدين فإنه يلتزم بمبلغ السمسرة
ثانيا :أثر تحقق الشرط أو تخلفه
مهما كان الشرط واقفا أو فاسخا فإن مرحلة تعليقة ال بد وأن تنتهي بتحققه أو تخلفه
أ -/الشرط الواقف :نصت املادة 316من ق م سالفة الذكر على أنه " إذا كان الالتزام
معلقا على شرط واقف فال يكون نافذا إال إذا تحقق " وهذا يعني أنه إذا تحقق الشرط الواقف
فإن الالتزام الذي كان حقا محتمال يصير حقا مؤكدا ،ويعتبر كذلك من يوم انعقاد التصرف ال
من يوم تحقق الشرط ( ،)2فيجوز للدائن أن ينفذ حقه اختيارا أو جبرا ،فأثر تحقق الشرط
الواقف هو نفاذ الالتزام ،أما إذا تخلف الشرط الواقف فإن الالتزام يزول ويعتبر كان لم يكن،
فإذا كان املدين قد وفى بش يء منه فإن له أن يسترده ،كما يترتب على ذلك زوال كل إلاجراءات
التحفظية التي اتخذها الدائن بموجب حقه املحتمل ،وكذا زوال التصرفات التي صدرت منه في
()3
شأن هذا الحق وكل ذلك بأثر رجعي
) (1محمود جمال الدين زكي ،الوجيز في نظرية الالتزام ،ج 0مصر ،0226ص 022
) (2محمد صبري السعدي مرجع سابق ،ص 311
) (3بلحاج العربي ،أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري دراسة مقارنة ،ط 3دار هومة الجزائر ،3105 ،ص 220
42 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ب -/آثار الشرط الفاسخ بعد تحقق الشرط :نصت املادة 312من القانون املدني على ما
يلي:
ً
«يزول الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ ،ويكون الدائن ملزما برد ما أخذه ،فإذا استحال
الرد لسبب هو مسؤول عنه وجب عليه تعويض الضرر
غير أن أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط»
وهذا يعني أنه إذا تحقق الشرط الفاسخ زال الالتزام املعلق عليه بأثر رجعي ،واعتبر كأن لم
يكن بحكم القانون دون الحاجة إلى حكم أو إعذار ،ويجب إعادة املتعاقدين إلى ما كانا عليه
ً
ملزما ّ ً
ملزما ّ
برد الثمن الذي برد املبيع الذي تسلمه ،كما يكون البائع قبل العقد فيكون املشتري
قبضه
وإذا استحال الرد لسبب غير أجنبي كان على الدائن أن يعوض املدين عما أصابه من
ضرر ،أما إذا رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي فال محل للتعويض النعدام املسؤولية عنه
وتسقط جميع التصرفات التي صدرت من املالك تحت شرط فاسخ ،غير أن أعمال إلادارة التي
تصدر من الدائن كااليجار تبقى سارية رغم تحقق الشرط م 3/312ق م
أما إذا تخلف الشرط الفاسخ فإن الالتزام الذي كان معلقا يصبح باتا ،وتصبح باتة أيضا
جميع التصرفات التي يكون الدائن أجراها خالل فترة التعليق( ،)1بقوة القانون دون الحاجة إلى
حكم أو إعذار
ألاثر الرجعي لتحقق الشرط
إذا تحقق الشرط واقفا كان أم فاسخا فإن أثره يسري من وقت إبرام التصرف ال من وقت
التحقق ( )2ويعبر الفقه عن هذا الحكم بمبدأ ألاثر الرجعي للشرط ،وقد نص املشرع الجزائري
على هذا املبدأ في املادة 312من ق م التي جاء فيها " إذا تحقق الشرط يرجع أثره إلى اليوم الذي
نشأ فيه الالتزام ،إال إذا تبين من إرادة املتعاقدين أو من طبيعة أن وجود الالتزام أو زواله ،إنما
()3
أن هذا املبدأ يتفق مع نية املتعاقدين يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط" ،ويرى الفقه
فتفسير نية املتعاقدين هي أنهما أرادا أن يسندا أثر العقد إلى وقت التعاقد ال إلى وقت تحقق
الشرط ،إال إذا تبين من إرادة املتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما
يكون من الوقت الذي تحقق فيه الشرط
مثال إذا علق البائع التزامه بنقل ملكية املبيع إلى املشتري على شرط واقف هو وفاؤه
بجميع أقساط الثمن ،فإذا تحقق الشرط انتقلت ملكية املبيع إلى املشتري ،من وقت البيع ال من
()1
وقت الوفاء
وقد أورد املشرع لهذا املبدأ استثناءات جاءت على ذكرها املادتان 312و 312من القانون
املدني ،وهي:
-9إن أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط الفاسخ،
بوصفها أعماال ضرورية يجب القيام بها في الوقت املناسب حتى ال يتعطل استغالل ألاموال م
3/312ق م
-0إذا تبين من إرادة العاقدين أنهما استبعدا ألاثر الرجعي للشرط صراحة أو ضمنا ألن
ألاثر الرجعي قائم على نيتهما املحتملة فإذا تعارضت هذه ألاخيرة مع النية الحقيقية ،فالنية
الحقيقية هي التي يعمل بها م 312ق م ومثال ذلك أن يتعاقد شخص مع آخر على إلحاقه
بخدمته إذا حصل هذا ألاخير على شهادة معينة ،فالحصول على الشهادة املطلوبة ال يكون له
()2
أثر رجعي يعطي الثاني حقوق املستخدم تجاه ألاول
-3إذا كانت طبيعة العقد تقض ي بعدم الاستناد إلى أثر الشرط الرجعي مثال ذلك العقود
الزمنية كعقد إلايجار فإذا علق عقد إلايجار على شرط فاسخ وتحقق هذا الشرط فإن ما تم من
العقد ال يقبل بطبيعة ألاثر الرجعي فال ينفسخ إلايجار إال بالنسبة للمستقبل أما املاض ي فال
يمكن الرجوع فيه م 312ق م
ً
-0إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيال لسبب أجنبي ال يد للمدين فيه قبل تحقق الشرط
وهو حكم عام ينطبق على الشرط الواقف والشرط الفاسخ ،ففي الشرط الواقف نجد أن
)(1
محمد صبري السعدي ،مرجع سابق ص 312
)(2
محمد صبري السعدي مرجع سابق ،ص ص 316-315
44 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
هالك العين في فترة التعليق يمنع نشوء الالتزام النعدام املحل ،في حين أن هالك العين في يد
مالكها تحت شرط فاسخ يتحمله هذا املالك وهو ما نصت عليه املادة 3/312من ق م
املطلب الثاني :ألاجل
عالج املشرع الجزائري موضوع ألاجل باعتباره وصفا معدال لاللتزام في املواد 312إلى املواد
300من القانون املدني الوقوف على أحكامه نتناول (فرع أول) آلاثار املترتبة عنه (فرع ثان).
الفرع ألاول مفهوم ألاجل وخصائصه وأنواعه
ً
-تعريفه :ألاجل لغة مدة الش يء ،وقانونا هو "أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب على وقوعه
نفاذ الالتزام أو انقضاؤه" ،وقد أشارت املادة 312من القانون املدني إلى هذا املعنى بقولها " يكون
الالتزام ألجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع"
ويعتبر ألاجل مثل الشرط وصفا عارضا لإلرادة ،بمعنى أنه ليس أمرا جوهريا في الالتزام فما
هو جوهري في الالتزام يرتبط باملحل والسبب والرضا ( ،)1فال يقترن بااللتزام إال بعد أن يسـتوفي
الالتزام جميع عناصره الجوهرية ،فلو رفع عنه هذا الوصف الرتفع دون أن يزول الالتزام
وهو حادث مستقبلي مثله مثل الشرط تماما غير أنه يتميز عن الشرط في كونه محقق
الوقوع أي أنه ال بد أن يقع يوما ما ويترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو زواله دون أثر رجعي
مقومات ألاجل
لألجل ثالث مقومات هي أنه أمر مستقبل ،وانه محقق الوقوع وانه أمر عارض يضاف إلى
الالتزام بعد أن يستوفي أركانه م 0/312
-أمر مستقبل :هو ميعاد يضرب لنفاذ الالتزام أو النقضائه ويكون تاريخا محددا وهو أمر
مستقبل فال يجوز أن يكون أمرا ماضيا أو حاضرا ،فلو عين املدين أجال للوفاء موت شخص
()2
وكان هذا الشخص قد مات من قبل ،نشأ الالتزام نفاذا حال ألاداء
-أمر محقق الوقوع :وهو ما يميزه عن الشرط وهذا يعني أن الحق املقترن بأجل هو حق
مؤكد الوجود بينما الحق املعلق على شرط هو حق احتمالي كما مر معنا ،وقد يكون ألاجل معينا
أو غير معين م 3/312ومثال ألاجل غير املعين الوفاة فهي وإن كانت أمرا محققا إال أنه ال يعرف
ميعاد حلوله ،فالتزام شركة التأمين على الحياة بدفع مبلغ التأمين عند وفاة املؤمن على حياته
هو التزام مقترن بأجل غير معين
-أمر عارض
-0أنواع ألاجل:
ألاجل نوعان إما أن يكون أجال واقفا أو أجال فاسخا،
أ -ألاجل الواقف :وهو ما يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام ،فال يكون نافذ ألاثر قبله فهو
يوقف نفاذ الالتزام فال يكون مستحق ألاداء قبل حلول ألاجل ومثاله التزام املقترض واملستعير
واملودع عنده برد مبلغ القرض أو العين املعارة أو املودعة ومثاله أيضا أن يضع الطرفان أجال
()1
لبداية العمل بالعقد
ً
ب -ألاجل الفاسخ :وهو ما كان حلوله منهيا لاللتزام النافذ قبله دون أن يكون لذلك أثر
رجعي ،وأمثلته إنما تكون في العقود الزمنية كعقد إلايجار يلتزم فيه املؤجر بتمكين املستأجر من
الانتفاع بالعين املؤجرة في مدة إلايجار( ،)2أو أن يلتزم شخص بأن يدفع آلخر راتبا مدى الحياة
فيعتبر املوت هنا أجال فاسخا ينهي حقه
()3
مصادر ألاجل
لألجل ثالث مصادر ,القانون والاتفاق والقضاء
-ألاجل الاتفاقي :وهو الغالب من حيث الواقع ،وهو ألاجل الذي يحدده العاقدان ســواء في
ً ً
العقد ألاصلي أو في عقد الحق ،صريحا أو ضمنيا فالتزام شخص بتوريد أغذية ملدرسة يعد
نفاذه مضافا إلى أجل ضمني واقف هو بدء الدراسة وإلى أجل فاسخ هو انتهاؤها
ب -ألاجل القانوني :وهو الذي يحدده القانون ،فعادة ما يتدخل القانون ليضع أجال معينا
في تنفيذ الالتزام أو نهايته ومثاله في ألاجل الواقف إضافة تنفيذ الوصية إلى ما بعد املوت ودفع
الضرائب في ميعاد محدد من كل عام تحت غرامات التأخير ،ومثاله في ألاجل الفاسخ إنهاء حق
الانتفاع بموت املنتفع حتى قبل انقضاء ألاجل املعين
()1
ويعبر رجال القانون عن ألاجل الذي يجد مصدره في الاتفاق والقانون باألجل املستحق
()2
قانون Terme de droit
-ألاجل القضائي (أو نظرة امليسرة) :وهي املهلة التي يعطيها القاض ي للمدين س يء الحظ
حسن النية ،الذي قصر بأداء ديونه حيث خوله القانون ذلك بشرط أال يلحق الدائن ضررا
جسيما جراء ألاجل املمنوح ،وعلى هذا نصت املادة 301من القانون املدني «إذا تبين من الالتزام
ً ً أن املدين ال يقوم بوفائه إال عند املقدرة أو امليسرة؛ ّ
عين القاض ي ميعادا مناسبا لحلول ألاجل،
ً
مراعيا في ذلك موارد املدين الحالية واملستقبلة ،مع اشتراط عناية الرجل الحريص على الوفاء
بالتزامه»
الفرع الثاني :ألاثار املترتبة على ألاجل
ً
أ -يكون حق الدائن في ألاجـل الواقف قبل انقضائه حقا مؤكد الوجود ولكنه غير مسـتحق
ً
ألاداء ،ويترتب على كونه حقا مؤكد الوجود النتائج ذاتها املترتبة على وجود الحق املعلق على
شرط واقف ،ويزيد عليه أنه يجوز لصاحب هذا الحق بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا خش ي
ً
إفالس املدين أو إعساره ،واستند في ذلك إلى سبب معقول عمال بأحكام الفقرة ألاولى من املادة
321من القانون املدني السوري فإذا لم يقدم املدين التأمين ترتب على ذلك سقوط ألاجل على
ما نصت عليه املادة 322من القانون املدني السوري التي حددت الحاالت التي يسقط فيها حق
املدين في ألاجل ،وهي:
ً
-0إذا شهر إفالسه أو إعساره وفقا لنصوص القانون
-3إذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطي الدائن من تأمين خاص ،ولو كان هذا التأمين
قد أعطي بعقد الحق أو بمقتض ى القانون ،هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين أما
إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب ال دخل إلرادة املدين فيه؛ فإن ألاجل يسقط ما لم يقدم
ً ً
املدين ضمانا كافيا
-2إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات
ً
أما كونه غير مستحق ألاداء فيترتب عليه أنه إذا أدى املدين الدين قبل حلول أجله جاهال
قيام ألاجل كان له أن يسترد ما أداه بناء على قاعدة دفع غير املستحق بيد أنه ولكون حق
ً ً
الدائن حقا مؤكد الوجود؛ فقد أعطى القانون للدائن مبررا في أن يحتفظ بأصل ألاداء الواقع
قبل موعده على أن يرد قدر الاستفادة من هذا التعجيل في حدود ما لحق املدين بسببه من
ً
ضرر وفقا لقاعدة إلاثراء بال سبب ،أي إنه يعوض املدين بأقل القيمتين :قيمة ما أثراه الدائن به
وقيمة ما خسره املدين بسبب الوفاء املعجل وإذا كان التزام املدين الذي لم يحل أجله هو التزام
بأداء مبلغ من النقود ،فيلتزم الدائن ّ
برد فائدتها بمعدلها القانوني أو الاتفاقي
ب -إن حق الدائن في ألاجل الفاسخ قبل انقضائه هو حق مؤكد الوجود ونافذ ومستحق
ألاداء ،ولكنه محقق الزوال عند حلول ألاجل املحقق والدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب
ً ً
ألاداء ،ويستطيع أن يتقاضاه من املدين طوعا أو كرها ،وله أن يوقع حجز ما للمدين لدى الغير
والحجوزات التحفظية ألاخرى ،وأن يسـتعمل الدعوى البولصية ،وأن يحبس ما تحت يده
للمدين حتى يسـتوفي حقه ،وإن التقادم املسقط يسري ضده منذ نشوئه
ً
ج -إن حق الدائن في ألاجل الواقف بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه يصبح نافذا
بحلول ألاجل ،فيجوز للدائن أن يطالب املدين بالوفاء وأن يتخذ إلاجراءات التنفيذية عليه وأن
يطعن في تصرفات مدينه بالدعوى البولصية ،وتقع املقاصة القانونية بين هذا الحق وأي حق
ً آخر منجز ،ويسري في حق الدين الذي ّ
حل أجله التقادم املسقط ،وللدائن أن يحبس به دينا في
ذمته للمدين مع التنويه إلى أن هذه النتائج تثبت مقتصرة منذ الانقضاء ودون أي أثر رجعي
د -ينقض ي الحق املضاف إلى أجل فاسخ بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه من تلقاء
ً
نفسه بحلول ألاجل بأثر مقتصر عمال بأحكام الفقرة الثانية من املادة 321من القانون املدني
التي نصت على أنه يترتب على انقضاء ألاجل الفاسخ زوال الالتزام دون أن يكون لهذا الزوال أثر
رجعي
قد يحدث أن يكون لاللتزام أكثر من محل تبرأ ذمة املدين إذا هو أدى واحدا منها ،وهذا هو
الالتزام التخييري(مطلب أول) ،والغرض منه هو رعاية جانب الدائن فال ينقض ي الالتزام
الستحالة التنفيذ إذا هلك أحد املحلين بقوة قاهرة ،بل يتعين الوفاء باملحل آلاخر ،وبذلك
يضمن الدائن تنفيذ التزامه عينا ،ومثال ذلك أن يكون محل الالتزام منزال أو أرضا زراعية ،فإذا
هلك املنزل بسبب أجنبي فال ينقض ي الالتزام بل يتحدد محله في ألارض
وقد يكون محل الالتزام شيئا واحدا ،لكن تبرأ ذمة املدين إذا أدى بدال منه شيئا آخر،
وهذا هو الالتزام البدلي (مطلب ثان) ،ومثال ذلك العربون الذي يدفعه البائع مقابل العدول عن
()1
البيع إذ أن محل التزام البائع هو املبيع ،لكن تبرأ ذمته من هذا الالتزام إذا هو أدى العربون
املطلب ألاول :الالتزام التخييري
تنص املادة 302من التقنين املدني على ما يأتي ":يكون الالتزام تخييريا إذا شمل محله
أشياء متعددة تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدي واحد منها ،ويكون الخيار للمدين ما لم ينص
القانون أو يتفق املتعاقدان على غير ذلك".
ويستخلص من النص املتقدم أن وصف التخيير يقوم متى شمل محل الالتزام أشياء
ً
متعددة تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها ،وأن خيار التعيين يكون في ألاصل للمدين
إال إذا قض ى املصدر الذي ينشأ منه – الاتفاق أو القانون – بأن الخيار يكون للدائن أو للغير
ولخيار التعيين أو الالتزام التخييري فائدة في حياة املعامالت والتجارة ففيه من جهة ضمان
لحق الدائن ،بحيث أنه إذا هلك احد ألاشياء فحقه ال ينقض ي ويتركز التزام املدين في ألاشياء
الباقية كما أن خيار التعيين يعطي من جهة أخرى مجاال للتفكير والتروي والسؤال من أهل
الخبرة بأمور البيع والشراء
()2
على هذا ألاساس نبحث متى يقوم وصف التخيير (أوال) من له خيار التعيين ومصدر هذا
الخيار (ثانيا)
أوال :متى يقوم وصف التخيير :يشترط إللحاق وصف التخيير بااللتزام أن يتعدد الالتزام
عليه ،على نحو يتحقق معه قيام مكنة فعلية الخيار ،وهذا ال يتأتى إال إذا كان كل أداء من
ألاداءات التي ورد عليها الالتزام مستوفيا لشروط املحل ،فإذا امتنع الالتزام باكثر من اداء واحد،
بسبب عدم توفر الشروط القانونية فيما عداه،
شروط الالتزام التخييري
ليكون الالتزام تخييريا ،يجب توافر شروط ثالثة هي -10:أن يتعدد محل الالتزام-13،أن
يتوافر في كل محل منها الشروط الواجب توافرها في محل العقد-12 ،أن يكون الوفاء بمحل
واحد من هذه املحال املتعددة ،يكفي لتبرأ ذمة املدين براءة تامة من التزامه وتفصيل ذلك كما
يلي:
الشرط ألاول :تعدد محل الالتزام :ال بد لقيام خيار التعيين أن يكون محل الالتزام
ً
متعددا فإذا لم يكن هناك إال محل واحد ال يكون هناك محال للخيار ويكون الالتزام في هذه
ً
الحالة بسيطا غير موصوف ،ويصح أن يكون محل الالتزام شيئا غير معين بالذات كالنقود ،أو
ً ً ً
عينا معينة عقارا أو منقوال كما يصح إن كون محل الالتزام عمال أو امتناعا عن عمل
الشرط الثاني توافر الشروط في كل من ألاداءات املتعددة :ويجب أن يتوافر في كل أداء
من ألاداءات املتعددة لاللتزام التخييري جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام ،
الحتمال أن يقع الاختيار على أي أداء منها فيصبح هو املحل الوحيد
فإذا ورد التخيير على شيئين فقط ،وكان أحدهما غير مستوف الشروط ،فإن محل الالتزام
ً
يتعين في الش يء الثاني متى توافرت فيه شروط املحل ،ويكون الالتزام حينئذ بسيطا غير تخييري
والعبرة ،في معرفة ما إذا كانت الشروط الواجبة متوافرة فى ألاداءات املتعددة لاللتزام
التخييري ،تكون بوقت نشوء هذا الالتزام فإن توافرت الشروط في هذا الوقت ،كان الالتزام
ً ً
تخييريا ،حتى لو أصبحت ألاداءات بعد ذلك ال تصلح كلها أو بعضها محال لاللتزام وعلى النقيض
ً
من ذلك ،إذا لم تتوافر الشروط إال فى أداء منها ،كان الالتزام بسيطا منذ البداية ومحله هذا
ً
ألاداء الذى توافرت فيه الشروط ،وال ينقلب تخييريا حتى لو أصبحت ألاداءات ألاخرى بعد ذلك
ً
متوافرا فيها الشروط الواجبة
الشرط الثالث :محل واحد من املحال املتعددة هو الواجب ألاداء :وإذا كان لاللتزام
ً ً
التخييري محال متعددة ،فإن محال واحدا منها فقط هو الواجب ألاداء ،وهو ما عبرت عنه
ً
املادة 302مدنى بقولها " :تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها "
ً
و قبل اختيار املحل الواجب ألاداء ،يكون كل من املحال املتعددة ممكنا طلبه ،فيقوم
التضامن بين هذه املحال على غرار التضامن الذى يقوم بين املدنيين املتضامنين فكما إن كل
مدين متضامن يمكن مطالبته بكل الدين فإذا وفاه انقض ى ،كذلك أى محل من املحال
املتعددة لاللتزام التخييري يمكن املطالبة به فإذا وفى انقض ى الالتزام فالتخيير إذن هو ضرب
من التضامن ما بين ألاشياء شبيه بالتضامن ما بين ألاشخاص ،هو تضامن عينى موضوعى (
) solidarite reelee et objectiveإلى جانب تضامن املدينين الشخص ى الذاتى ( solidarite
) personnelle et subjectiveوالتضامن العينى من شأنه ،كالتضامن الشخص ى ،أن يقوى
ً
ضمان الدائن ،فإذا أصبح تنفيذ محل من املحال املتعددة لاللتزام التخييري مستحيال جاز أن
ينفذ محل آخر ،فيتسع بذلك مجال التنفيذ ويقوى ضمان الدائن
و بعد اختيار املحل الواجب ألاداء يصبح هذا وحده هو محل الالتزام ،وينقلب الالتزام
ً ً
التخييري عند ذلك التزاما بسيطا ليس له إال محل واحد ،ويستتبع ذلك أن املحال املتعددة
لاللتزام التخييري تكون في الكثرة الغالبة من ألاحوال متعادلة في قيمتها ،ما دام أن تنفيذ أي
محل منها يغنى عن تنفيذ املحال ألاخر مع ذلك قد تتفاوت قيم املحال إذا تفاوتت شروط أدائها
مثل ذلك أن يلتزم شخص نحو آخر بأن يبيع له الدار بألفين أو ألارض بألف
تمييز الالتزام التخييري عما يشابهه من أوضاع
هناك أوضاع قد تشتبه بااللتزام التخييري فيجب التمييز بينها وبينه ،وأهم هذه ألاوضاع
الشرط الجزائي ،والالتزام املعلق على شرط واقف وتفصيل ذلك كما يلي:
أ /الالتزام التخييري والشرط الجزائري :هناك فرقان بين الالتزام التخييري والشرط
الجزائي ،وهما
-إذا استحال على املدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي فالتزامه في الشرط الجزائي ينقض ي
وتبرأ ذمته ،أما في الالتزام ا لتخييري فال ينقض ي التزامه بل يتركز في ألاشياء الباقية
-ال خيار للدائن وال للمدين بين الشرط الجزائي وبين تنفيذ الالتزام ألاصلي ،ولهما هذا
الخيار في الالتزام التخييري
ب /الالتزام التخييري والالتزام املعلق على شرط واقف :يظهر الفرق بين الالتزام
التخييري والالتزام املعلق على شرط واقف في أن الالتزام التخييري في أن:
-التزام محقق الوجود منذ البداية ،أما الالتزام املعلق على شرط واقف غير محقق
ً
الوجود وهو لن يوجد فعال إذا ما تحقق الشرط
-هلك محل الالتزام الشرطي بسبب أجنبي قبل تحقق الشرط كانت تبعة الهالك على
املدين ،أما التبعة في هالك أحد محال الالتزام التخييري فهي على الدائن
ج /الالتزام التخييري والالتزام بش يء غير معين بالذات
الفرق بين أن يلتزم الشخص بإعطاء ش يء معين من بين أشياء معينة – وهذا هو الالتزام
التخييري – وبين أن يلتزم بإعطاء ش يء غير معروف من بين أشياء معروفة ،أن ألاشياء محل
ً ً
الالتزام التخييري هي أشياء معينة بذاتها ،كل ش يء منها قد عين تعيينا كافيا حتى ال يختلط
بغيره ،واحد هذه ألاشياء املعينة بالذات سيكون محل الالتزام إذا تم اختياره أما فى الالتزام
بإعطاء ش ئ غير معروف من بين أشياء معروفة ،فإن هذه ألاشياء املعروفة ليست معينة بذواتها
كما هى معينة فى الالتزام التخييري ،بل هي قد عينت بأنها الخيول التي في إلاصطبل دون أن تعين
ً ً
هذه الخيول فرسا فرسا ،أو هى قطيع البقر الذى يملكه البائع دون أن تعين رؤوس هذا القطيع
ً ً
رأسا راسا
وينبنى على هذا الفرق أمور ثالثة :
-0فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ،إذا فرز فرس من الاصطبل أو بقرة من القطيع بعد
إعذار املشترى ،ثم هلك الش ئ املفرز ،فإن هالكه ال يكون على املشترى ،بل يجب فرز فرس آخر
أو بقرة أخرى لتسليمها إليه أما إذا اختير أحد محال الالتزام التخييري ،ولم يتسلمه املشترى بعد
إعذاره ،فإن الهالك يكون عليه ال على البائع
-3فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ،إذا فرز املبيع ،انتقلت ملكيته إلى املشترى من وقت
الفرز ال من وقت البيع أما فى الالتزام التخييري ،فإنه إذا اختير محل الالتزام ،انتقلت ملكيته
من وقت البيع ال من وقت الاختيار ،وسنرى أن الاختيار يستند إلى املاض ى
-2فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ،إذا كان أحد الخيول مثال هو ملك املشترى ،ولكنه
ً
عندما فرز ليكون هو الفرس املبيع لم يعد ملكا له ،فإن البيع يصح أما فى الالتزام التخييري ،
ً ً
إذا باع شخص فرسا من بين عدة خيول معينة بذواتها ،وكان أحدها ملكا للمشترى ثم لم يعد
ً ً
ملكا له ،واختير ليكون محال لاللتزام ،فإن الالتزام ال يصح ألن هذا املحل لم يكن قد توافرت
ً
فيه الشروط الواجبة وقت نشوء الالتزام إذ كان ملكا للمشترى
من له خيار التعيين
ألاصل في الخيار أن يكون للمدين إال إذا اتفق املتعاقدان أو نص القانون على غير ذلك م
302من ق م ،ومثال النص القانوني الذي يعطي الخيار للدائن ما نصت عليه املادة 300من
القانون املدني في فقرتها الثانية من سقوط أجل الدين إذا أضعف املدين بفعله إلى حد كبير ما
أعطى للدائن من تأمين ومن إعطاء الدائن الخيار بين سقوط ألاجل وبين املطالبة بتكملة الدين
- 9تعيين املحل الواجب ألاداء
تنص املادة 301من القانون املدني على ما يأتي " :إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن
الاختيار ،أو تعدد املدينون ولم يتفقوا فيما بينهم ،جاز للدائن أن يطلب من القاض ي تعيين أجل
يختار فيه املدين أو يتفق فيه املدينون ،فإذا لم يتم ذلك تولى القاض ي بنفسه تعيين محل
الالتزام
أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار ،أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم ،
ً
عين القاض ي أجال إن طلب املدين ذلك ،فإذا انقض ى ألاجل انتقل الخيار إلى املدين "
وهذا يعني أن أمامنا خياران حالة ما إذا كان الخيار للمدين وحالة ما إذا كان الخيار للدائن
ً
التعيين إذا كان الخيار للمدين :إذا كان الخيار للمدين ،فإنه يستعمل خياره ،وفقا
ً ً
محال معينا من املحال املتعددة اللتزامه التخييري لقواعد العامة ،بإعالن إرادته فى أنه اختار
ً ً
وهذه إلارادة تعتبر تصرفا قانونيا من جانب واحد ،وهى ككل إرادة ال تحدث أثرها إال إذا وصلت
إلى علم الدائن ( م مدنى )
يستطيع املدين أن يكشف عن إرادته فى تعيين املحل الواجب ألاداء فى عن طريق تنفيذ
محل معين فيكون هذا املحل هو الذي اختاره ،وال يستطيع العدول عن تنفيذ محل إلى تنفيذ
محل آخر
ً
ويغلب أن يحدد الطرفان ميعادا يستعمل فى خالله الخيار ،فإذا انقض ى امليعاد دون أن
يعلن املدين اختياره ،تولى القاض ي الاختيار على النحو الذى سنبينه أما إذا لم يحدد ميعاد
لالختيار ،فيكون للدائن ،إذا لم يعمل املدين حق خياره فى وقت معقول ،أن يلجأ إلى القاض ي
ً
ليحدد أجال للمدين يختار فيه ،بحيث إذا انقض ى هذا ألاجل ولم يختر املدين ،تولى القاض ي
الاختيار بنفسه كما سيأتى
وإذا مات املدين قبل أن يعمل خياره ،انتقل حق الخيار إلى الورثة ،تطبيق للقواعد
وإذا تعدد املدينون ،سواء عن طريق تعدد الورثة أو بأن كان املدينون فى ألاصل العامة
متعددين ،وجب أن يتفق الجميع على اختيار أحد محا الالتزام التخييري فإذا لم يتفقوا ،
اعتبروا فى حكم املمتنعين عن إعمال حق الخيار
وفي هذه لحالة يتولى القاض ى بنفسه تعيين محل الالتزام 301ق م فالدائن يطلب إلى
ً
القاض ى أوال تعيين أجل يختار فيه املدين أو يتفق فيه فإذا انقض ى هذا ألاجل دون أن اختيار أو
ً
اتفاق تولى القاض ي الاختيار مسترشدا في ذلك بإرادة الطرفين املشتركة ،وبخاصة إرادة املدين
ً ً
إذا كان يستطيع وحده أن ينفرد باالختيار ولم يفعل ،ومسترشدا أيضا بظروف التعاقد وبغير
ذلك من املالبسات وال ينتقل الخيار هنا إلى الدائن ،حتى ال يوضع املدين تحت رحمته وهذا
بخالف ما إذا كان الخيار للدائن وأبى أن يعمل حقه فيه ،فسنرى أن الخيار في هذه الحالة
ينتقل إلى املدين ،إذ يغتفر من تحكم املدين ما ال يغتفر من تحكم الدائن .
التعيين إذا كان الخيار للدائن أو ألجنبي
إذا كان الخيار للدائن وجب أن يستعمل خياره بإعالن إرادته ،أو بطريق التنفيذ الفعلي،
ً ً
بأن يقبض من املدين محال معينا من املحال املتعددة أو يطالبه بأداء محل معين
والبد أن يختار الدائن في امليعاد املحدد إذا حدد ميعاد ،وإال ففي ميعاد معقول فإن امتنع
عن الاختيار ،جاز للمدين أن يلجأ إلى القاض ي كما سنرى
وإذا مات الدائن انتقل الخيار لورثته وإذا تعدد الدائنون أو تعددت الورثة وجب أن
يتفق الجميع على اختيار ش يء واحد ،وإال عدوا ممتنعين عن استعمال حق الخيار وفي هذه
ً ً
الحالة ينتقل الخيار إلى املدين فاملدين يطلب من القاض ي أوال أن يعين أجال يختار فيه الدائن ،
أو يتفق فيه الدائنون املتعددون أو الورثة ،فإذا انقض ى ألاجل دون اختيار أو دون اتفاق انتقل
الخيار من الدائن إلى املدين ،م 3/301
ويالحظ أن الخيار إذا كان ألجنبي ،طبقت في حقه ألاحكام املتقدمة ،لكن إذا امتنع ألاجنبي
ً
عن الخيار ،تولى القاض ي الاختيار بنفسه تطبيقا للقواعد العامة ،وال ينتقل الخيار إلى املدين
ً ً
ألن انتقال الخيار إلى من ليس له حق الخيار يقتض ى نصا خاصا ،فإن لم يوجد النص وجب أن
يتولى القضاء الاختيار
ً
استناد تعيين املحل إلى املاض ي :وأيا كان الشخص الذى يثبت له حق الخيار ،فإنه متى
أعمل حقه واختار املحل الواجب ألاداء ،صار هذا املحل وحده هو محل الالتزام ،وانقلب
ً ً
الالتزام التخييري التزاما بسيطا ذا محل واحد هو املحل الذى وقع عليه الاختيار
ً ً
ويستند هذا التعيين بأثر رجعى إلى املاض ي ،فيعتبر الالتزام بسيطا ال تخييريا منذ نشوئه ال
ً
منذ إعمال حق الاختيار ،ويرجع هذا الاستناد إلى أن املحل الذى عين كان منذ البداية محال
لاللتزام ،إال أن هذه املحلية كانت شائعة بينه وبين املحال ألاخرى ،فبتعيينه تركزت املحلية فيه
،واعتبر هو املحل الوحيد منذ نشوء الالتزام
ويترتب على هذا ألاثر الرجعي والاستناد إلى املاض ي نتائج هامة نذكر منها ما يأتى :
-أن طبيعة الالتزام التخييري تتحدد منذ البداية فيكون الالتزام عقارا أو منقوال بحسب
ما يقع الاختيار على عقار أو منقول
-أن ملكية الش يء الذي وقع الاختيار عليه إذا كان منقوال معينا بالذات ،تنتقل إلى الدائن
منذ نشوء الالتزام ال منذ إعمال حق الخيار
أحكام الهالك
ألاهمية العملية لخيار التعيين ال تظهر إال في حالة هالك أحد ألاشياء التي التزم بها املدين
( ، )1تنص املادة 305من القانون املدني على أنه :
" إذا كان الخيار للمدين ،ثم استحال تنفيذ كل من ألاشياء املتعددة التي اشتمل عليها
ً
محل الالتزام ،وكان املدين مسؤوال عن هذه الاستحالة ولو فيما يتعلق بواحد من هذه ألاشياء،
ً
كان ملزما بأن يدفع آخر ش يء "
-هالك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين :إذا هلك الشيئان معا بسبب أجنبي انقض ى
الالتزام التخييري بسبب هذه الحالة أما إذا كان الهالك بخطأ املدين ولو بالنسبة إلى أحد
الشيئين ،فإن الالتزام يتركز في آخر ش يء هلك وعلى املدين أن يدفع قيمته م 305ق م
-إذ هلك أحد الشيئين دون آلاخر سواء كان الهالك بخطأ املدين فإنه ال يبقى أمام املدين
ً
إال الش يء الباقي فيؤديه للدائن محال لاللتزام
وإذا كان الهالك بخطأ الدائن :فللدائن أن يختار الش يء الذى هلك فتبرأ ذمته أو يختار الش يء
آلاخر فيؤديه للدائن ويرجع عليه بقيمة الش يء الهالك
هالك الشيئين أو احدهما والخيار للدائن :إذا هلك الشيئان معا بسبب أجنبي ،انقض ى
الالتزام التخييري هنا أيضا بسبب هذه الاستحالة
أما اذا كان الهالك بخطأ املدين ،فللدائن أن يختار أحد الشيئين فيرجع بقيمته على املدين
إذا هلك هذا الش يء بخطئه
وإذا هلك أحد الشيئين دون ألاخر بسبب أجنبي ،تركز الالتزام في الش يء لباقي وتعين على
الدائن اختياره ،أما إذا كان الهالك بخطأ املدين ،فللدائن أن يختار الش يء الباقي فيطلب أداءه
عينا ،او يختار الش يء الهالك فيرجع بقيمته ،وغذا كان الهالك بخطأ الدائن فإن اختار الش يء
الذي هلك بخطئه فقد برئت ذمة املدين بهالكه ،وإن اختار الش يء ألاخر فعليه ان يدفع قيمة
الش يء الهالك بخطئه للمدين.
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص 023
56 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
) (1عالجه املشرع الجزائري تحت مسمى الالتزام الاختياري بينما سمته بعض التشريعات العربية املقارنة الالتزام البدلي
57 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
الطبيعة أو القيمة ،إال عند استعمال صاحب الخيار حقه في الاختيار( )1أو يهلك أحدهما فيتعين
()2
حينئذ املحل بأنه هو الش يء الذي بقي
تبرأ ذمة املدين في الالتزام الاختياري إذا أدى البديل وينقض ي هذا الالتزام محله ألاصلي
بسبب أجنبي أما هالك البديل فال ينقض ي به الالتزام سواء كان الهالك بسبب أجنبي أو بخطأ
املدين ولكن يتحول الالتزام بهالك البديل إلى التزام بسيط
الثالثة :أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما في التزام ال يتجزأ تنفيذه ويسمى الالتزام في
هذه الحالة بااللتزام غير القابل لالنقسام ( ) obligation indivisible
والصورتان الثانية والثالثة – التضامن وعدم القابلية لالنقسام – ال يتحققان بمجرد
تعدد ألاطراف ،بل ال بد من توافر شروط خاصة لتحقق كل منها أما الصورة ألاولى فتتحقق
بمجرد تعدد طرفي الالتزام الناش ئ من مصدر واحد ومن ثم كان ألاصل فى الالتزام الذى تتعدد
ً ً ً ً
أطرافه أن يكون التزاما متعدد ألاطراف ،ال التزاما تضامنيا وال التزاما غير قابل لالنقسام
فالتضامن وعدم القابلية لالنقسام ال يفترضان ،بل البد لهما من شروط خاصة كما قدمنا على
أن الغالب الذى يكثر وقوعه فى العمل هو الالتزام التضامني ثم الالتزام غير القابل لالنقسام
املطلب ألاول :الالتزام التضامني
التضامن وصف يحول دون انقسام الحق في حالة تعدد الدائنين أو الالتزام في حالة
تعدداملدينين( ،)1وهو على هذا النحو قد يكون إيجابيا ( تضامن الدائنين) أو سلبيا (تضامن
املدينين)" ،
أوال :التضامن بين الدائنين :وملا كان في التضامن خروج عن قاعدة انقسام الالتزام في
حالة تعدد أطرافه فقد نصت املادة 302من القانون املدني على أنه" التضامن بين الدائنين أو
بين املدينين ال يفترض ،وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون"
بالرغم من أن نص هذه املادة يشمل التضامن بين الدائنين والتضامن بين املدينين وأنه
يقض ي بأن التضامن يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون ،إال أن الفقه يرى أن التضامن
بين الدائنين ليس كالتضامن بين املدينين الذي يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون
فالتضامن بين الدائنين ال يكون مصدره إال الاتفاق أو الوصية ،أي إلارادة بوجه عام ،وال يكون
مصدره القانون
والتضامن بين الدائنين نادر الوقع في العمل وأكثر ما يقع عندما يكون هناك مدينون
ً
متضامنون ثم ينقلبون إلى دائنين متضامنين مثل ذلك أن يبيع ثالثة ستين قنطارا من القطن
ويتضامنون في الالتزام بالتسليم ،ثم ال يدفع املشترى الثمن ،فيكونون دائنين بالتضامن في
املطالبة بفسخ البيع وكذلك لو كان العقد هبة وأراد الواهبون املتضامنون الرجوع في الهبة،
فإنهم يكونون دائنين متضامنين في هذا الرجوع ويصح أن يكون مصدر تضامن الدائنين الوصية
،فيوص ى شخص ألشخاص متعددين بمبلغ من النقود يستوفونه من تركته ويجعلهم متضامنين
فى املطالبة بهذا املبلغ ،وهنا نشأ التضامن إلايجابي منذ البداية ولم ينعكس عن تضامن سلبى
والسبب في ندرة التضامن بين الدائنين أن مضار هذا التضامن تربى على فوائده فإن
الدائنين إذا اشترطوا التضامن بينهم ال يكسبون من وراء ذلك إال أن أي دائن منهم يستطيع
ً ً
املطالبة بكل الدين ،كما يستطيع املدين أن يوفيه إياه كله وهذا الكسب ال يعد شيئا مذكورا
إلى جانب ما يتعرض له الدائنون من الخطر ،فإن أي دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ،
فتبرأ ذمة املدين بهذا الوفاء ،فإن أى دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ،فتبرأ ذمة
املدين بهذا الوفاء ،وليس لسائر الدائنين إال الرجوع كله بنصيبه على الدائن الذى استوفى
الدين ،فإذا هو أعسر تحملوا تبعة إعساره ،وفى هذا من الخطر ما فيه أما ما أفادوه من
التضامن فيستطيعون الوصول إليه من غير هذا الطريق ،فإنهم يملكون عند حلول الدين أن
ً ً
يعطوا أيا منهم توكيال بقبض كل الدين
وملا كان التضامن بين الدائنين مصدره إلارادة أو الاتفاق ،فإنه ال يجوز افتراض وجوده ،
ً
وما لم توجد إرادة واضحة إلخفاء فيها بإنشاء هذا التضامن فإنه ال يقوم فإذا باع مثال ثالثة
ً
أشخاص دارا لهم فى الشيوع ،ولم يتشرطوا على املشترى التضامن بينهم فى وضوح ،فال
يستخلص من شيوع الدار بين البائعين أنهم متضامنون فى تقاض ى الثمن ،بل ينقسم الثمن
عليهم كل بقدر نصيبه فى الدار املبيعة كذلك إذا كان املشترى قد اشترط على البائعين التضامن
فى التزاماتهم نحوه ،فإن ذلك ال يؤخذ منه ضرورة أنهم متضامنون فى حقوقهم عليه ،بل البد
من اشتراط التضامن فى الحقوق كما اشترط فى الالتزامات
على أنه ال يفهم من ذلك أن التضامن البد أن يرد فيه شرط صريح ،فقد يستخلص
ً
ضمنا من الظروف واملالبسات ولكن يجب أال يكون هناك شك في أنه مشترط
والتضامن بين الدائنين على النحو الذى سبق ذكره يجعل الالتزام متعدد الروابط ولكنه
موحد املحل أما أن الالتزام يكون متعدد الروابط ،فذلك بأن كل دائن متضامن تربطه باملدين
رابطة مستقلة عن الروابط التى تربط املدين بالدائنين املتضامين آلاخرين ،فتعدد الدائنين
املتضامنين يستتبع تعدد الروابط وأما أن الالتزام يكون موحد املحل ،فذلك هو الذى يحفظ
لاللتزام وحدته بالرغم من تعدد الدائنين ،ولو أن الدائنين املتعديين لم يكونوا متضامنين ملا
ً
احتفظ الالتزام بوحدته ولكان التزاما متعدد ألاطراف ينقسم على الدائنين املتعددين التزامات
مستقلة بعضها عن بعض كما بينا فيما تقدم
واهم النتائج التي تترتب على تعدد الروابط بالرغم من وحدة املحل ما يلي:
-يجوز أن تكون الرابطة التي تربط أحد الدائنين املتضامين باملدين موصوفة وتكون
ً
الروابط ألاخرى بسيطة فيجوز أن يكون أحد الدائنين املتضامنين دائنا تحت شرط أو إلى أجل
،ويكون سائر الدائنين املتضامنين حقوقهم منجزة كما يجوز أن تكون إحدى الروابط معلقة
على شرطن ورابطة أخرى مقترنة بأجل وإلى هذا تشير الفقرة ألاولى من املادة 302من القانون
املدني إذ تنص على أنه " يجوز للدائنين املتضامنين ،مجتمعين أو منفردين ،مطالبة املدين
بالوفاء ،على أن يراعى في ذلك ما يلحق رابطة كل دائن من وصف "
-يجو ز أن تكون إحدى الروابط قد شابها عيب والروابط ألاخرى غير معيبة فيجوز أن
ً
يكون أحد الدائنين املتضامنين قاصرا ،أو تكون إرادته قد شابها غلط أو تدليس أو إكراه فتكون
رابطته قابلة لإلبطال لهذا العيب دون الروابط ألاخرى،
-يجوز أن تنقض ي إحدى الروابط وتبقى مع ذلك الروابط ألاخرى ،
آلاثار املترتبة على التضامن إلايجابي:
يجب التمييز بين عالقة الدائنين مع املدين ،وعالقة الدائنين املتضامنين بعضهم ببعض
أ /عالقة الدائنين مع املدين :تنص املادة 302من القانون املدني على ما يأتي :
" -إذا كان التضامن بين الدائنين جاز للمدين أن يوفى الدين ألى منهم ،ما لم يمانع
أحدهم في ذلك "
" - 3وال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين املتضامنين بالوفاء أن يحتج على هذا
الدائن بأوجه الدفع الخاصة بغيره من الدائنين ،ولكن يجوز له أن يحتج على الدائن املطالب
ً
بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن بأوجه الدفع املشتركة بين الدائنين جميعا "
وإذا كان هناك سبب للبطالن متعلق بمحل الالتزام فإنه يجوز ألي دائن أن يتمسك به
ومثال ذلك عدم مشروعية املحل
()3
تعدد الروابط
تتعدد الروابط التي تربط املدين بدائنيه بقدر عدد أولئك الدائنين فيراعى ما قد يلحق
رابطة كل دائن من وصف يعدل أثر الدين م 302من ق م ،وبناء على ذلك فقد توصف احدى
الروابط بوصف يميزها عن غيرها من الروابط ،كان يكون الدين معلقا على شرط أو مضافا إلى
أجل بالنسبة ألحد الدائنين ،وكذلك قد يشوب عالقة أحد الدائنين باملدين عيب كتدليس أو
إكراه وعندئذ ال يكون للمدين أن ي تمسك بهذا العيب إال في مواجهة هذا الدائن ،وقد يكون
هذا العيب متعلقا بسائر الدائنين فيكون للمدين حينئذ أن يتمسك به في مواجهة أي واحد منهم
باعتباره من أوجه الدفع املشتركة
) (1وليس الدائن كما هو في النص العربي للمادة 331وهو وضح من النص الفرنس ي
si le débiteur est libre
) (2أنور سلطان ،مرجع سابق ،ص 322
) (3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 202
62 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
) (1الصحيح هو ذمة املدبن وليس الدائن كما ورد في النص العربي للمادة ، 331وهو واضح من النص الفرنس ي للمادة ذاتها
) (2محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 231
) (3أنور سلطان مرجع سابق ص 313
) (4المادة 223ق م
63 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
وال يجوز للمدين املتضامن التمسك باملقاصة التي تقع بين الدائن ومدين متضامن آخر إال
بقدر حصة هذا الدين طبقا لنص املادة 335ق م
ويستطيع أي دائن أن يحتج بالدفوع املشتركة كالبطالن املطلق ،أما الدفوع الخاصة بغيره
()1
من املدينين كالبطالن النسبي لنقص ألاهلية مثال فال يجوز أن يدفع بها
النيابة التبادلية بين املدينين املتضامنين :وال يجوز ألي مدين متضامن أن يأتي عمال من
شأنه أن يضر بباقي املدينين ،ولكن إذا أتى عمال من شأنه أن ينفعهم أفادوا منه ( م – 320
322ق م) ،ويرجع هذا املبدأ إلي فكرة النيابة التبادلية ،فكل مدين يمثل آلاخرين فيما ينفع ال
فيما يضر وهذا ما جرت العادة بتسميته آلاثار الثانوية للتضامن.
الالتزام القابل لالنقسام هو الذي يقبل محله الانقسام أو التجزئة ،وألاصل أن الالتزام
ينقسم بين الدائنين املتعددين واملدينين املتعددين إال أنه في بعض ألاحيان يكون الالتزام غير
قابل لالنقسام فيجب عندئذ الوفاء به جملة واحدة
أوال :أسباب عدم قابلية الالتزام لالنقسام
ترجع هذه ألاسباب إلي طبيعة الالتزام أو نص القانون أو الاتفاق وفق ما يلي:
-طبيعة الالتزام :فإذا كان محل الالتزام شيئا أو عمال غير قابل للتجزئة ماديا أو معنويا
()2
كان الالتزام غير قابل للتجزئة
وألاصل أن نقل امللكية أو الحقوق العينية ألاخرى قابل الانقسام ماديا كمساحة من
ألارض ومعنويا كنصف الدار على الشيوع ما عدا حق الارتفاق فإنه ال يتصور تقريره على حصة
شائعة من العقار املرتفق به
والالتزام بعمل قد يقبل القسمة كتسليم طن من القمح وقد ال يقبل القسمة كتسليم
سيارة باعها شخصان
أما الالتزام باالمتناع عن عمل فغالبا ال يقبل القسمة كااللتزام باالمتناع عن املنافسة في
()1
حالة بيع محل تجاري
-نص القانون :مثال ذلك حق الشفعة ال يجوز استعماله أو إسقاطه إال في كامل العقار
املشفوع فيه (م 210ق م )
ثانيا :أثر عدم قابلية الالتزام لقسمة
أثر ذلك هو وجوب الوفاء به جملة واحدة ،سواء في حالة تعدد املدينين أو تعدد الدائنين
-9تعدد الدائنين :إذا تعدد املدينين في التزام مشترك( )2وكان الالتزام غير قابل لالنقسام
أمكن للدائنالزام أي واحد منهم بالوفاء بكل الدين ،ويكون للمدين الذي وفى الرجوع على املدينين
()3
آلاخرين كل بقدر حصته إال إذا تبين من الظروف غير ذلك
-0تعدد الدائنين :يجوز للدائن في حالة تعدد الدائنين أو رثة الدائن أن يطالب منفردا
بأداء الدين كامال ما لم يعترض آلاخرون ،ويرجع الدائنون على الدائن الذي استوفى الالتزام كل
بقدر حصته اما إذا اعترض أحد الدائنين على الوفاء فيصبح املدين ملتزما بالوفاء لهم
()4
مجتمعين أو بايداع الش يء محل الالتزام
انتقال الالتزام يعني أن يتحول الالتزام ذاته حقا كان أو واجبا من شخص إلى آخر ؛ من
دائن إلى دائن آخر باعتباره حقا شخصيا ،أو من مدين إلى مدين آخر باعتباره دينا
وينتقل الالتزام بالوفاة وهذا يكون في الوصية وإلارث ،وقد يحدث بين ألاحياء وهذا يكون
في حالة حوالة الحق وحوالة الدين ،وملا كان إلارث والوصية محلها قانون ألاسرة ( ،)1فإن
الحديث هنا سيقتصر على حوالة الحق وحوالة الدين
على هذا ألاساس نتناول حوالة (مبحث أول) ،وحوالة الدين( مبحث ثان) على التفصيل
التالي:
) (1أحالت املادة 221من القانون املدني إلى أحكام قانون ألاحوال الشخص ي ( قانون ألاسرة) فيما يتعلق باإلرث والوصية
67 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ومهما كان الغرض من الحوالة فإنها تخضع ألحكام خاصة ال بد من مراعاتها في جميع
ألاحوال تتعلق باألساس بأركانها وشروطها وباآلثار املترتبة عليها
وهو ما سنعرض له بالتفصيل التالي:
) (1جالل علي العدوي :أصول أحكام الالتزام وإلاثبات ،منشأة املعارف ،إلاسكندرية ،0226ص ، 025عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي
البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص ،325جميل الشرقاوي :النظرية العامة لاللتزام ,الكتاب الثاني ,أحكام الالتزام،0225 ،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص 312
) (2محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص ص 223 ،220
68 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ملا كانت حوالة الحق اتفاقا بين املحيل واملحال له أي عقد كانت أركانها وشروطها هي أركان
وشروط العقد بوجه عام ،فال بد من رضا املتعاقدين( طرفا الحوالة) وهما املحيل واملحال له،
وال بد أن يصدر الرضا وفقا للقواعد العامة من ذي أهلية غير موب بعيب من عيوب الرضا
وال يشترط رضا املدين املحال عليه النعقادها ،إذا ال يعد طرفا في عقد الحوالة ،وألنه
يستوي لدى املدين استبدال دائن بآخر؛ ألنه لن يترتب على هذا التغيير أية زيادة في عبء
الالتزام بالنسبة إليه
()1
وال بد أن يكون للحوالة سبب مشروع ،أما املحل فالقاعدة العامة أن جميع الحقوق
الشخصية يجوز حوالتها أيا كان محلها( )2وال يستثنى من ذلك إال ما نص القانون على عدم جواز
ها أو ما كان بطبيعته غير قابل لها( ،)3ومثال ألاول الحقوق التي ال يجوز الحجز عليها فقد منع
القانون حوالتها كديون النفقة ومرتبات املتقاعدين وأجوز العمال والصناع إذ ال يجوز حوالتها
إال بمقدار ما يجوز الحجز عليها
()4
ومثال اتفاق ألاطراف اشتراط املؤجر على املستأجر عدم نزوله على إلاجارة إلى الغير ،ومثال
الحقوق املرتبطة حق الشريك في شركة ألاشخاص أو حق الدائن في دين النفقة
تنص املادة 310على أنه" ال يحتج بالحوالة قبل املدين ،أو قبل الغير إال إذا رض ي بها
املدين ،أو أخبر بها بعقد غير قضائي ،غير أن قبول املدين ال يجعلها نافذة إال إذا كان هذا القبول
ثابت التاريخ"
يستفاد من هذا النص أن املدين والغير ال يحتج عليهما بحوالة الحق إال بأحد إلاجراءين
املذكورين على التفصيل التالي:
أوال -نفاذ الحوالة بالنسبة للمدين :ال تنفذ حوالة الحق في حق املدين إال بإعالمه بها أو
بقبوله لها ،إذ أن العدل واملنطق يقتض ي أال يؤاخذ على الوفاء للدائن السابق إال إذا أبلغ
بالحوالة أو قبلها( ،)1كما أن الدين قد يكون محال لحقوق أخرى كحوالة جديدة أو حجز أو رهن
وعندئذ ينبغي أن يرتب القانون إجراء معينا للمفاضلة بين أصحاب هذه الحقوق
ويتم إلاعالم بناء على طلب طرفي العقد ( املحيل واملحال عليه) بواسطة عقد غير قضائي،
ويغني عن إلاعالن قبول املدين الحوالة ،واملفروض أن يقع هذا القبول في وقت انعقاد الحوالة أو
بعدها ،فال عبرة بالقبول السابق ،وال يشترط في القبول شكال معينا فقد يكون كتابيا أو شفويا
فإذا لم يحص إلاعالم أو يصدر القبول فعلى املدين أو يوفي دينه إلى دائنه ألاصلي دون غيره
ويعتبر هذا الوفاء صحيحا ومبرئا للذمة ولييس للمحال له إال الرجوع على املحيل
وإذا علم املدين بالحوالة بغير هذين الطريقين ،فإن هذا العلم ال يكفي في ذاته لنفاذه في
حقه بحسب ألاصل ،مع ذلك إذا علم املدين بالحوالة وقام بعد ذلك بتصرف ينطوي على غش
من ناحيته وعلى تواطئ من ناحية املدين( املحيل) ،فإن هذا الوفاء ال يعتد به في مواجهة الدائن
الجديد عمال بقاعدة أن الغش يفسد كل ش يء
ثانيا :نفاذ الحوالة بالنسبة للغير :املقصود بالغير هنا كل شخص يضار من نفاذ
الحوالة( ،)2أو هو كل من يكتسب حقا من جهة املحيل على الحق املحال بحيث يتعارض مع حق
املحال له
()3
ومثال ذلك أن يحيل املدين حقه إلى أكثر من دائن فيصبح كل واحد من هؤالء غيرا
بالنسبة لآلخر ،ومثاله أيضا أن يرهن الدائن حقه لشخص آخر فيصبح كل من املحال له،
املرتهن من الغير بالنسبة لآلخر
والقاعدة هنا أن املحال له ،ال يتقدم على من يزاحمه من الغير إال إذا كان حقه ثابت
التاريخ قبل حق من يزاحمه( ،)4والهدف من اشتراط ثبوت التاريخ هو منع التواطؤ بين املحيل
واملحال له بهدف إلاضرار بالغير عن طريق تقديم تاريخ الحوالة
()5
) (1محمد حسنين ،مرجع سابق ص ،222أنور سلطان ،مرجع سابق ،ص 325
)(2عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص 322
)(3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 222
) (4املادة 312من ق م
) (5سليمان مرقس :موجز أصول الالتزامات ،مطبعة لجنة البيان العربي ،القاهرة ،0260بند ،223صفحة 263
71 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص 310
)(2
رأينا سلفا أن الحوالة إما أن تكون بعوض أو بغير عوض ،فإذا كانت بعوض كانت بيعا
وطبقت عليها أحكام البيع ،وإذا كانت بغير عوض كانت هبة وطبقت عليها أحكام الهبة
-التزام املحيل بالتسليم :أي بتسليم سند الدين وكل ما يمكنه من إثبات الحق املحال
واملطالبة به
-التزام املحيل بالضمان :أي التزامه بضمان وجود الحق املحال وهنا ينبغي أن نفرق بين
الحوالة بعوض والحوالة بدون عوض ،ففي الثانية ال ضمان ألن املتبرع غير ضامن لوجود
()2
الحق( )1مع ذلك يسأل املحيل عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة مجانية بدون ضمان
أما إذا كانت الحوالة بعوض فإن الالتزام بالضمان يكون قائما ،ويجب في هذا الخصوص
أن نفرق بين الضمان القانوني والضمان الاتفاقي
فاألول ينظمه القانون ويكون في حالة خلو عقد الحوالة من اتفاق ينظم الضمان وعندئذ
يضمن املحيل وجود الحق وصحته هو وتوابعه وقت الحوالة فقط ،مالم يوجد اتفاق يقض ي
بخالف ذلك( ،)3فال يضمن سقوط الحق لسبب طارئ بعد انعقاد الحوالة إذا كان هذا السبب
()4
غير راجع إليه كالتقادم كما أنه ال يضمن مالءة املدين أي يساره ،وال قدرته على الوفاء
أما الثاني وهو الضمان الاتفاقي فهو اتفاق العاقدان على تعديل أحكام هذا الضمان
القانوني بالتشديد أو التخفيف ومثال ألاول أن يشترط املحال له أن يضمن املحيل يسار املدين
سواء وقت انعقاد الحوالة أو إلى غاية الوفاء بالحق املحال
وكما يجوز تشديد الضمان يجوز على املحيل يجوز تخفيف الضمان أو إلاعفاء منه فيجوز
الاتفاق على أن املحيل ال يضمن وجود الحق وال صحته فضال عن عدم يسار املدين( )5غير أن
()6
املحيل يبقى مسؤوال عن أفعاله الشخصية
-3العالقة بين املحال عليه واملحيل
يبقى املحيل قبل نفاذ الحوالة في حق املحال عليه باإلعالن أو القبول ،هو الدائن للمحال
عليه ،فيستطيع التصرف بالحق املحال بكل أنواع التصرفات
وإذا وفى املحال عليه بالحق إلى املحيل برئت ذمته ،ولكن إذا كان املحال عليه يعلم بصدور
الحوالة وقام مع ذلك بالوفاء للمحيل فإن ذمته ال تبرأ بهذا الوفاء ،ذلك أن قيامه بالوفاء
للمحيل مع علمه يعتبر تواطؤا منه مع املحيل على إلاضرار باملحال له فالوفاء يعتبر في هذه
()1
الحالة قائما على الغش والغش يفسد كل ش يء
أما إذا أعلنت الوكالة أو قبلت فإنها تصبح نافذة في حق املحال عليه وفي حق الغير ويصبح
املحيل أجنبيا بالنسبة إلى املحال عليه فال يستطيع مطالبة املحال عليه بالدين وال التصرف فيه
وال يعود بإمكان للمحال عليه بالوفاء للمحيل
-20العالقة بين املحال له والغير
الغير هنا كل من تعلق له حق بالحق املحال ،أو كل شخص يضار من نفاذ الحوالة،
كاملحال له الثاني ،أو الدائن املرتهن ،أو الدائن الحاجز على ذلك الحق تحت يد املدين املحال
عليه ،والقاعدة العامة أن الحوالة ال تنفذ في حق الغير إال إذا قبلها قبوال ثابت التأريخ أو أعلن
بها ،ولقد عاج املشرع الجزائري حاالت النزاع التي يمكن أن تثار بين أكثر من محال إليه بنفس
الحق أو بين املحال له ودائن حاجز على الحق املحال على التفصيل التالي:
أ -التنازع بين املحال لهم :إذا أبرم املحيل عدة حوالات للحق ذاته وألشخاص مختلفين؛
والعبرة ليست ()2 ّ
فإن ألافضلية بينهم تكون ملن تصبح حوالته نافذة قبل غيرها في حق الغير
بتاريخ صدور الحوالة ،بل بالتاريخ الثابت للتبليغ أو للقبول
لكن هذه القاعدة ليست مطلقة ،بل يحد منها مبدأ الغش يفسد التصرفات ،بمعنى أنه
ّ
إذا تمت الحوالة الثانية بالتواطؤ بين املحيل واملحال له الثاني لإلضرار باملحال له ألاول ،فإنه
ً
يجب تفضيل هذا ألاخير ولو كان تبليغ الحوالة للمدين جاء الحقا لقبول الحوالة الثانية أو
()3
تبليغها
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص 315
) (2املادة 312من ق م
) (3جالل علي العدوي :مرجع سابق ،صفحة 213
73 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ب -التنازع بين املحال له والدائن املرتهن :إذا قام املحيل بحوالة حقه إلى محال له ،ثم
قام برهن الحق نفسه إلى دائن مرتهن ،فالقاعدة ّأن ألافضلية بينهما تكون على أساس ألاسبقية
في النفاذ فإذا كانت الحوالة هي ألاسبق في النفاذ كانت ألافضلية للمحال له ،أما إذا كان الرهن
هو ألاسبق في النفاذّ ،
فإن ألافضلية تكون للدائن املرتهن
ج -التنازع بين املحال له والدائن الحاجز :يأخذ التنازع الذي يحدث بين دائن املحيل
ً
وبين املحال له وبين دائن املحيل الحاجز على الحق املحال تحت يد املدين صورا مختلفة ،ومنها:
-التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتأخر :لم يرد فيها نص لوضوحها ذلك أن
الحوالة قد نفذت في حق الغير بالقبول الثابت التاريخ أو باإلعالن قبل توقيع الحجز تحت يد
املدين؛ فهنا ال أثر للحجز في الحق املحال ،ألنه وقع على حق غير مملوك للمدين باعتباره خرج
ً
()1
من ذمة املحيل ،فيقع باطال النعدام املحل
-التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتقدم :وتتحقق هذه الحالة إذا قام دائني
املحيل بالحجز تحت يد املحال عليه ،قبل أن تصبح الحوالة نافذة بالنسبة للغير ،ثم قام بعد
ذلك املحال له بإعالن الحوالة إلى املحال عليه بما يجعلها نفاذة في مواجهة الغير
ً ّ ،فهنا ّ
يعد الحجز صحيحا ألنه وقع على مال مملوك للمدين الحاجز ،ولكن الحوالة
املتأخرة ّ
تعد بمثابة حجز آخر ( ، )2وألن املبدأ املقرر هو املساواة بين الدائنين الحاجزين املتأخر
ً
كافيا ّ ً
قسم بينهما منهم واملتقدم ،فإنه إذا كان املال كافيا استوفى كل منهما حقه ،وإن لم يكن
()3
قسمة غرماء
-التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتقدم والدائن الحاجز املتأخر :إذا وقعت
الحوالة بين حجزين أولهما سابق على نفاذ الحوالة في حق الغير وثانيهما تال ،لذلك هنا ّ
يقسم ٍ
الدين املحال له بين الحاجز املتقدم واملحال له والحاجز املتأخر قسمة غرماء على أن يؤخذ من
()4
حصة الحاجز املتأخر ما يستكمل به املحال له قيمة الحوالة
والعلة في هذا الحكم أن املشرع اراد أن يجعل الحاجز املتأخر يزاحم الحاجز املتقدم ،وأراد
في الوقت ذاته إال يأخذ الحاجز املتأخر شيئا قبل أن يستوفي املحال له كل حقه ألن الحوالة
()1
املتقدمة تجب الحجز املتأخر
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص 312
75 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
أوال :شروطها
ً
تخضع حوالة الدين باعتبارها عقدا للقواعد العامة في انعقاد العقود وصحتها ،فالبد من
وخال من العيوب كما يجب وجود سبب مشروع ٍ وجود رضا صادر عن شخص كامل ألاهلية
لهذه الحوالة ،فقد يقصد املحيل إما إقراض املدين مبلغ الدين ،وإما الوفاء بدين مترتب في ذمة
هذا املدين ،وإما التبرع للمدين ألاصلي باملبلغ
ً
وينبغي أن يكون محل الحوالة هو الدين املحال ،مستوفيا لشروطه القانونية ،ولكن ال
ً ً ً
يشترط في حوالة الدين أن ترد على دين منجز ،فقد يكون محل الحوالة دينا حاال أو مستقبال
ً ً
غير مستحق ألاداء ،وقد يكون محلها مضافا إلى أجل أو معلقا على شرط واقف كذلك يمكن أن
ً ً ً
()2
يكون محل الحوالة دينا مدنيا أو تجاريا بفائدة أو من دون فائدة
ثانيا :إنعقاد الحوالة
تنعقد الحوالة إما باتفاق املدين ألاصلي واملدين الجديد( املحال عليه) وإما باتفاق الدائن
واملدين الجديد بأن يحل هذا ألاخير محل املدين السابق فأحد طرفي الحوالة هو حتما املدين
الجديد والطرف ألاخر هو إما املدين السابق وإما الدائن
()3
) (1أنور سطان ،مرجع سابق ص ،322عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،ص ،330محمد حسنين ،مرجع
سابق ،ص 226
) (2منذر الفضل :النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني ,دراسة مقارنة بين الفقه إلاسالمي والقوانين املدنية الوضعية ,أحكام
عمان ،0223 ،ص 302 الالتزام ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيعّ ،
) (3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 222
76 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
تنص املاد 350على أنه" تتم حوالة الدين باتفاق بين املدين وشخص آخر يتحمل عنه
الدين"
فتتم الحوالة غالبا في صورة اتفاق بين املحيل (املدين ألاصلي) وبين شخص آخر يحل
محله في الدين ،وفي هذه الحالة ال يمكن تصور تمام الحوالة أو نفاذها إال بتدخل الدائن ذلك
أن تغيير املدين أمر خطير ،فشخصية املدين هي محل اعتبار كبير في الالتزام( ،)1إذ أن قيمة
الالتزام املادية مرتبطة بشخص أي بيساره ومدى حرصه على الوفاء وإذا كان الدائن قد قبل
مدينا معينا فإنه قد ال يقبل مدينا آخر بدله وال جبر عليه في ذلك( ،)2على هذا ألاساس ال بد من
قبول الدائن النعقاد حوالة الدين وهو شرط مسلم به في كل القوانين التي أجازت حوالة الدين
مع ذلك فإن املشرع الجزائري على غرار العديد من التشريعات جعل الحوالة كعقد نافذة
في حق عاقديها فيما بينهما ولو لم يجزها الدائن ولو رفضها كذلك( ،)3ومقتض ى ذلك أن يكون
املدين املحال عليه ملزما بالحوالة ومسؤوال بموجب عقد الحوالة أمام املدين السابق عن الوفاء
بالدين املحال إلى الدائن ،أما إقرار املدين فليس إال شرطا لنفاذها في حقه هو
()4
فيجب إقرار الدائن لهذه الحوالة حتى تكون نافذة في حقه ،وال ّ
تعد موافقة الدائن على
ً
حوالة الدين شرطا النعقاد الحوالة ،وإنما لنفاذها في حقه
أ -مفهوم إلاقرار :هو موافقة الدائن على حوالة الدين التي تمت بين املدين واملحال عليه
مما يؤدي إلى جعل آثار هذه الحوالة نافذة بحقه واملقصود بنفاذ الحوالة في حق الدائن انتقال
ً
الدين ألاصلي إلى املدين الجديد ،ويصبح ساريا في مواجهة هذا الدائن ،وتبرأ ذمة ألاول ،ويصبح
الثاني هو وحده املدين للدائن
()5
ً ّ ً
معينا لإلقرار ،فيكفي إخطار من الدائن إلى أحد املتعاقدين أنه ال يتطلب القانون شكال
ً ً
يقر الحوالة التي تمت بينهما ،وقد يكون إلاقرار صريحا أو ضمنيا كقبول الدائن من املحال عليه -
مع علمه بالحوالة ودون تحفظ -الوفاء ببعض الدين أو بالفوائد املستحقة عنه
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ص 335
) (2محمد حسنين ،مرجع سابق ص 222
) (3املادة 0/352ق م
) (4املادة 0/353ق م
) (5سليمان مرقس :مرجع سابق ،0260 ،ص222
77 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ويقابل إلاقرار الرفض أي رفض الدائن إلاقرار بالحوالة؛ وهو ما يؤدي إلى اعتبارها غير
ً ً ً
سارية في مواجهته ،وقد يرفض الدائن الحوالة رفضا صريحا أو ضمنيا ،ومن صور الرفض
ً ً الضمني أن يبلغ املحيل أو املحال عليه الدائن بالحوالةّ ،
ويعين له أجال معقوال ليقرها ،فإذا
ً انقض ى ألاجل دون أن يبدي الدائن موقفه من الحوالة ّ
عد سكوته رفضا لها
وفي هذا الصدد تنص املادة 3 /553من ق م على أنه" إذا قام املحال عليه أو املدين
ألاصلي بإعالن الحوالة إلى الدائن وعين له أجال معقوال ليقر الحوالة ثم انقض ى ألاجل دون
صدور إلاقرار ،اعتبر سكوت الدائن رفضا للحوالة "
ب -انعقاد الحوالة باتفاق الدائن واملدين الجديد املحال عليه
تنص املادة 352على أنه" تتم حوالة الدين باتفاق بين الدائن واملحال عليه على أن يتقرر
فيه أن هذا ألاخير يحل محل املدين ألاصلي في التزامه ،وفي هذه الحالة تسري أحكام املادتين
351و"356
ففي هذه الحالة ال تلزم موافقة املدين ألاصلي ألنه يجوز وفقا للقواعد العامة لألجنبي أن
يفي بالدين دون رضا املدين ،وله حينئذ الرجوع على املدين ألاصلي بدعوى إلاثراء بال سبب
وإذا تمت الحوالة بدون موافقة املدين ألاصلي فإن هذا ألاخير ال يكون ملزما بضمان يسار
()1
املحال عليه ،بخالف ما إذا تمت موافقته ،فإنه يكون ملزما بهذا الضمان
فيخلف املدين الجديد املدين ألاصلي في نفس الدين بصفاته وتوابعه فإذ كان معلقا على
شرط أو مؤجال أو تجاريا أو مزودا بسند تنفيذي انتقل كذلك إلى املحال عليه
وينتقل كذلك بضماناته كذلك وهنا ينبغي التفرقة بين التأمينات العينية التي يقدمها
املدين كالرهن تنتقل مع املدين وتبقى ضامنة للوفاء ،اما التامينات املقدمة من غير املدين سواء
كانت تأمينات شخصية مثل الكفالة أو تأمينات عينية كرهن قدمه الغير ( يسمى الكفيل العيني)
()1
فإنها تسقط مالم يرض الكفيل بالحوالة
ثانيا :عالقة الدائن باملدين السابق
متى تمت الحوالة وأصبحت نافذة في حق الدائن برئت ذمة املدين السابق من الدين
املحال غير أنه قد يلزم بضمان يسار املحال وقت انعقاد الحوالة إذا كانت قد تمت بموافقته
مال يتم الاتفاق على خالف ذلك
()2
إذا سكت املتعاقدان عن تنظيم آثار الحوالة قبل إقرارها من الدائن أو بعد رفضها؛ فيكون
ً
املحال عليه ملزما تجاه املحيل بالوفاء للدائن في الوقت املناسب ،فإذا قام الدائن بمطالبة
ً
املدين قضائيا فإنه يحق لهذا املدين الرجوع على املحال عليه باعتبار أنه قد تعهد بالوفاء عنه
ليجنبه هذه املطالبة ،فإن تخلف املحال عليه عن الوفاء كان للمحيل الرجوع عليه بالتعويض
ثالثا :عالقة املحال عليه باملحيل يحدد آثار الحوالة بين املحيل ( املدين ألاصلي) واملحال
عليه ما بينهما من عالقة سابقة على الحوالة ،فاملحال عليه قد يقصد من التحمل بالدين
إقراض املدين قيمة الدين ،أوالتبرع به ،أو وفاء دين سابق عليه له ،وعلى وجه العموم يعتبر
املحال عليه أنه أدى إلى املدين التزاما بقدر قيمة الحوالة
()3
مع ذلك ال يجوز وفقا لنص املادة 3/352من ق م للمدين ألاصلي أن يطالب املحال عليه
بالوفاء للدائن مادام هو لم يقم بما التزم به نحو املحال عليه بمقتض ى الحوالة طاملا أن الدائن
لم يحدد موقفه من الحوالة إقرارا أو رفضا
أما إذا أصبحت الحوالة نافذة في حق الدائن فإن ينتقل إلى املدين الجديد وتبرأ ذمة
املدين ألاصلي ،ويتحقق هذا ألاثر بمجرد نفاذ الحوالة وقبل أن يقوم املحال عليه بالوفاء فعال
()1
للدائن
) (1عبد الرزاق السنهوري ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،مرجع سابق ،ص 0001
) (2علي كحلون ،النظرية العامة لاللتزامات مصادر الالتزامات ,أحكام الالتزامات ،مجمع ألاطرش للكتاب املختص ،تونس ،3105ص
212
80 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
والحديث عن الوفاء يقودنا إلى الحديث عن طرفي الوفاء (أوال) ،ومحله(ثانيا) ،ثم ظروف
الوفاء املتعلقة بزمانه ومكانه و نفقاته (ثالثا)
أوال:طرفا الوفاء
طرفا الوفاء هما املوفي ويغلب أن يكون هو املدين نفسه ،وقد يكون غير املدين و املوفى له
ويغلب أن يكون هو الدائن وقد يكون غير الدائن
:29املوفي :تنص املادة 352من القانون املدني على أنه" يصح الوفاء من املدين أو من
نائبه أو من أي شخص له مصلحة في الوفاء وذلك مع مراعاة ما جاء في املادة " )1(021
كما يصح الوفاء أيضا مع التحفظ السابق ممن ليست له مصلحة في الوفاء ولو كان ذلك
دون علم املدين أو رغم إرادته غير أنه يجوز للدائن رفض الوفاء من الغير إذا اعترض املدين على
ذلك وأبلغ الدائن بهذا الاعتراض".
وهذا يعني أن الوفاء يكون إما عن طريق املدين نفسه وهو ألاغلب ألنه صاحب املصلحة في
قضاء الدين ،بل إنه قد يتعين على املدين أن يقوم هو نفسه بالوفاء في بعض الحاالت التي
يفرضها القانون أو الاتفاق أو طبيعة الالتزام ،في هذا الصدد نص املادة 062من القانون املدني
على أنه "في الالتزام بعمل إذا نص الاتفاق أو استوجب طبيعة الدين أن ينفذ املدين الالتزام
بنفسه ،جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير املدين "
فإذا لم يتوفر هذا القيد قانونا أو اتفاقا أو طبيعة ،يمكن للمدين أن يكلف من ينوبه في
الوفاء نيابة عامة أو خاصة وفق القواعد العامة في باب الوكالة ،وينوب القاصر في الوفاء وليه،
أو وصيه ،كما ينوب املحجور عليه لسفه أو جنون أو ضعف في العقل املقدم ،وينوب عن
()2
ألاشخاص املعنوية ممثلها القانوني
وقد يتم الوفاء من طرف شخص ليس مكلفا أصال من طرف املدين سواء كانت له مصلحة
في الوفاء بالدين كما لوكان كفيال أو مدينا متضامنا أو حائزا لعقار مرهون لضمان هذا الدين ،أو
لم تكن له مصلحة في الوفاء ولكن يقوم به لرغبة في التبرع للمدين بقيمة الدين الذي وفاه عنه
ولكن إذا كان الوفاء من طرف شخص له مصلحة في الوفاء فال يجوز للدائن أن يرفض
الوفاء وال يطلب رضا املدين أصال في هذه الحالة
لكن يجوز للمدين الذي حصل الوفاء رغما عنه أن يمنع املوفي من الرجوع عليه بما وفاه
()3
عنه كله أو بعضه إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء
) (1رغم أن املادة 352من القانون املدين الجزائري أحالت إلى املادة 021من ذات القانون لكن بالحقيقة فإن املقصود هو املادة 062
من ق م ألنها هي التي تؤدي الغرض
) (2علي كحلون ،مرجع سابق ،ص 215
) (3املادة 3/352ق م
83 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
ويجوز للدائن أن يرفض الوفاء الصادر من أجنبي بشرط أن يبلغ املدين دائنه باعتراضه على
هذا الوفاء
()1
وللغير الذي قام بالوفاء الحق في الرجوع على املدين بما وفاه ( )2بدعوى الفضالة إذا كان الوفاء
بدون علم املدين أو على أساس الوكالة إذا أقر املدين الوفاء الذي تم ،أو على أساس إلاثراء بال
سبب إذا تم الوفاء رغم اعتراض املدين
وينبغي إلاشارة إلى أنه في حالة الرجوع بدعوى الفضالة أو إلاثراء بال سبب يجب أن يكون الوفاء
نافعا للمدين فليس للموفي أن يرجع على املدين في حالة سبق حصول الوفاء بالدين ،كذلك
ليس له أن يرجع على املدين في حالة انقضاء سبب الدين لسبب آخر أو بطالنه
()3
ً
تنص املادة 361من القانون املدني على أنه ":يشترط لصحة الوفاء أن يكون املوفى مالكا للش يء
الذي وفى به ،وأن يكون ذا أهلية للتصرف فيه "
ويستخلص من هذا النص أنه يشترط لصحة الوفاء ،سواء كان املوفى هو املدين نفسه أو كان
غير املدين ،أمران ألاول ملكية املوفى للش يء الذي وفى به ،والثاني أهليته للتصرف في هذا الش يء
-ملكية املوفى للش يء الذي وفى به :ال بد أن يكون املوفى مالكا للش يء الذي يوفى به
الدين ،ألن املقصود بالوفاء هو نقل ملكية هذا الش يء للدائن ،وال يستطيع املوفى أن ينقل
للدائن ملكية ش يء ال يملكه ،فتتخلف الغاية من الوفاء ،ويكون الوفاء قابال لإلبطال على غرار
بيع ملك الغير
والذى يتمسك ببطالن الوفاء في ألاصل هو الدائن الذي تقرر البطالن ملصلحته وملا كان
هذا الوفاء ال يسرى فى حق املالك الحقيقي للش يء املوفى به ،فإن لهذا أن يسترده من الدائن
بدعوى استحقاق ألن الوفاء لم ينقل ملكية الش يء إلى الدائن كما قدمنا ،فبقى الش يء على
ملك صاحبه فله إذن أن يسترده ،وذلك ما لم يكن الدائن قد ملك الش يء بالحيازة أو بالتقادم
كما سبق القول وكما يستطيع املالك أن يسترد الش يء يستطيع على العكس من ذلك أن يجيز
ً
الوفاء فيزول بطالنه ،قياسا على صحة بيع ملك الغير بإجازة املالك الحقيقي ،فتنتقل ملكية
ً
الش ىء إلى الدائن بهذه ألاجازة ،وينقلب الوفاء صحيحا وينقض ي به الدين
ً
-أن يكون املوفى أهال للتصرف فى الش يء املوفى به ، :فإذا كان املوفى مثال قاصرا أو
ً ً
محجورا عليه ،فإن الوفاء يكون هنا أيضا قابال لإلبطال بسبب نقص ألاهلية ال انعدام امللكية،
وال يتمسك يهذا البطالن إال املوفى ،فال يجوز للدائن أن يتمسك به ما دام كامل ألاهلية
ً
وقد استوفى حقه استيفاء صحيحا ،فإذا لم تكن للموفي مصلحة في إبطال الوفاء ،بأن كان
ً
الوفاء لم يلحق به أي ضرر ،فإن له أن يبقى الوفاء قائما فينقض ي به الدين
-20املوفى له
لكي الوفاء صحيحا مبرئا للذمة يجب أن يتم للدائن أو نائبه أو لخلفه العام كالوارث أو
لخلفه الخاص كاملحال له وقد اعتبر املشرع املخالصة الصادرة من الدائن قرينة على نيابة
مقدمها على الدائن في استفاء الدين مالم يكن هناك اتفاق سابق على أن يكون الوفاء للدائن
()1
شخصيا
ويشترط في املوفى له تطبيقا للقواعد العامة أن يكون أهال الستفاء الدين ،فإذا كان
ناقص أهلية فإن الوفاء يحصل لنائبه
وإذا حصل وفاء للغير فإنه ال يبرئ ذمة املدين تجاه دائنه ويبقى ملزما بالوفاء إليه إال في
حاالت ثالثة نصت عليها املادة 362من ق م وهي:
-إقرار الدائن لهذا الوفاء فاإلجازة الالحقة كاإلذن السابق
-حصول الدائن على منفعة من هذا الوفاء الحاصل للغير ،فإن ذمة املدين حينئذ تبرأ
بقدر هذه املنفعة
-إذا تم الوفاء بحسن نية للشخص أي اعتقاد املوفي أنه وفى للدائن الحقيقي وذلك رعاية
لحسن النية وتحقيقا الستقرار املعامالت
-حالة تعدد الكفالء غير املتضامنين فلكل منهم أن يدفع بتجزئة الدين م 611ق م
-حالة ألاوراق التجارية إذ نصت عليه املادة 105من القانون التجاري على أنه ال يمكن
للحامل أن يرفض وفاء جزئيا ويتعين عليه أن يقدم احتجاجا على ما تبقى من الدين
خصم املدفوعات
-20مكان الوفاء :يحدده الاتفاق أو القانون ،ونجد أن القانون يفرق بين حالتين
ألاولى أن يكون محل الالتزام شيئا معينا بذاته وهنا يجب الوفاء في املكان الذي كن به
وقت نشوء الالتزام أو في موطن املدين والثانية أال يكون محل الالتزام شيئا معينا بذاته أو أن
يكون عمال أو امتناع عن عمل وهنا يجب الوفاء به في موطن املدين وقت الوفاء أو في مركز
()1
مؤسسته إذا كان الالتزام متعلقا بهذه املؤسسة
-23نفقات الوفاء :كحوالة البريد ونفقات الوزن والعد فيتحملها املدين مام لم يتفق
()2
الطرفان على خالف ذلك ،أو يوجد نص يقض ي بغير ذلك
-20إثبات الوفاء
الوفاء تصرف قانوني فيجب إثباته كتابة إذا جاوز نصاب إلاثبات كتابة إذا جاوز نصاب
الاثبات بالبينة أو القرائن ،و طبا لنص املادة 222ق م " في غير املواد التجارية إذا كان التصرف
القانوني تزيد قيمته على 011 111دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة فال يجوز إلاثبات
بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقض ي بغير ذلك "
إذا كان املوفى هو املدين أو نائبه ،فقد برئت ذمة املدين من الدين ،وال رجوع له على أحد
ألنه إنما وفى دين نفسه ،وال رجوع ألحد عليه ألنه قام بوفاء دينه بنفسه
وأما إذا وفى الدين غير املدين ،سواء كان للموفي مصلحة فى الوفاء أو لم تكن له مصلحة،
ً
فإنه ،ما لم يكن متبرعا بوفاء الدين وهذا ال بد فيه من ظهور نية واضحة ألن التبرع ال يفترض،
يجوز له أن يرجع على املدين بما وفاه عنه عن طريق دعوى شخصية يعطيها القانون إياه ،
وتتكيف هذه الدعوى بحسب الظروف وقد يكون له فوق ذلك ،أى غير الدعوى الشخصية ،
دعوى الدائن نفسه الذي وفاه حقه فيحل محله فيه ،ومن ثم سميت هذه الدعوى ألاخرى
بدعوى الحلول ( ) action en subrogation
أ-الدعوى الشخصية :تنص املادة 352من القانون املدني على ما يأتى ":إذا قام الغير
بوفاء الدين ،كله له حق الرجوع على املدين بقدر ما دفع
غير أنه يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته منع رجوع املوفى بما وفاه عنه كال أو
ً
بعضا إذا أثبت أن له أية مصلحة فى الاعتراض على الوفاء "
ويخلص من هذا النص أن املوفي لدين غيره ،سواء كانت له مصلحة في الوفاء أو لم تكن
ً
له مصلحة يستطيع ما لم يكن متبرعا ،أن يرجع بدعوى شخصية على املدين يسترد بها مقدار
ما دفعه وفاء للدين
وقد يكون أساس هذه الدعوى الوكالة إذا وفى الغير الدين بأمر املدين ،وقد أن يكون
أساسها هو الفضالة إذا كان الغير قد وفى الدين بعلم املدين لكن دون تفويض أو وكالة ،أو بغير
علمه ولكن دون معارضته ،وتكون الدعوى الشخصية أساسها إلاثراء بال سبب إذا كان الغير قد
وفى الدين رغم معارضة املدين
وسواء رجع املوفى على املدين بدعوى الفضالة أو بدعوى إلاثراء بال سبب ،فإنه ال يستطيع
ً
الرجوع بش يء إال إذا كان الوفاء نافعا للمدين فلو أن املدين كان قد وفى الدين قبل أن يوفيه
الغير أو وفى قسطا منه ،فإ>ن الغير ال يرجع بش يء أو يرجع بالباقي بعد خصم القسط الذي وفاه
املدين
89 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
،أو كان للمدين دفوع ضد الدين ،بأن كان يستطيع أن يتمسك قبل الدائن باملقاصة
أو التجديد أو إلابراء أو التقادم ومع ذلك وفاه الغير ،فإن الغير ال يرجع بش يء على املدين ألن
الوفاء الذي قام به لم يفد املدين منه شيئا
ولو أن املدين كان يستطيع أن يطعن فى الدين باإلبطال لنقص ألاهلية أو لعيب فى إلارادة
من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغالل ،أو كان يستطيع أن يطعن فيه بالبطالن النعدام إلارادة
أو لعيب فى املحل أو فى السبب أو فى الشكل ،أو كان يستطيع أن يتمسك بالفسخ لتحقق شرط
فاسخ أو أن يتمسك بعدم النفاذ لعدم تحقق شرط واقف أو لعدم حلول ألاجل ،أو كان
يستطيع أن يتمسك بأى دفع آخر ،فإن هذا كله يكون محل اعتبار عند رجوع املوفى على الدين
،فال يرجع ألاول على الثاني إال بقدر ما أفاد الثاني من الوفاء
ب -دعوى الحلول :وقد يكون للموفي ،إلى جانب الدعوى الشخص ي دعوى الحلول ،فيحل
محل الدائن في نفس الدين الذي وفاه ،ويرجع على املدين بهذا الدين نفسه ،ال بدين جديد كما
يفعل في الدعوى الشخصية
أوال :حاالت الحلول
وحلول املوفى محل الدائن إما أن يكون بحكم القانون ويقال له الحلول القانوني ،وإما أن
يكون بموجب الاتفاق ويقال له الحلول الاتفاقي
-الحلول القانوني :تنص املادة 0/360من القانون املدني على أنه ":إذا قام بالوفاء
شخص غير املدين ،حل املوفي محل الدائن الذي استوفى حقه في ألاحوال آلاتية " :
ً ً
-إذا كان املوفي ملزما بالدين مع املدين ،أو ملزما بوفائه عنه
ً ً ً
-إذا كان املوفى دائنا ووفى دائنا آخر مقدما عليه بما له من تأمين عيني ،ولو لم يكن
للموفي أي تأمين "
ً
-إذا كان املوفى قد اشترى عقارا ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم "
ويظهر من خالل هذا النص أن هناك حاالت للحلول القانوني هي:
أ/الحالة ألاولى :املوفى ملزم بالدين مع املدين أو ملزم عنه :و هي أعم حاالت الحلول
القانوني ،فاملوفي ملزم بالدين مع املدين أو عنه ،فله مصلحة كبرى في أدائه ،بل هو يجبر على
ألاداء ،ومن ثم حق له في رجوعه على املدين أن يرجع عليه بدعوى الدائن بعد أن يحل محله
ً ً ً
ويكون املوفى ملزما بالدين مع املدين إذا كان مدينا متضامنا ،أو مدينا مع املدين في دين
غير قابل لالنقسام ،أو كفيال متضامنا مع كفالء آخرين فى عالقته بهؤالء الكفالء
ً ً ً
ويكون املوفى ملزما بالدين عن املدين إذا كان كفيال شخصيا ،أو كفيال عينيا ،أو حائزا
للعقار املرهون
ب -الحالة الثانية :املوفى دائن وفى دائنا مقدما عليه :ويحل املوفى محل الدائن ،فيرجع
ً
على املدين بدعوى الحلول" إذا كان املوفى دائنا ووفى دائنا آخر مقدما عليه بما له من تأمين
عيني ،ولو لم يكن للموفي أي تأمين"
ويفرض القانون أن هناك دائنين ملدين واحد ،أحدهما متقدم على آلاخر بموجب تأمين
ً
عيني ،أي أن املدين قد رهن عقارا مملوكا له ألحد الدائنين ثم رهنه لآلخر ،فصار ألاول متقدما
ً
على الثاني ،بل يجوز أن يكون الدائن الثاني لم يرتهن العقار وظل دائنا شخصيا ،فإن الدائن
ً
ألاول متقدم عليه بما له من حق الرهن بل يجوز أيضا أن يكون التأمين الذي يتقدم به الدائن
ألاول على الدائن الثاني ليس حق رهن رسمي ،بل حق رهن حيازة ،أو حق امتياز ،أو حق
ً
اختصاص ،فكل هذه تأمينات عينية تجعله متقدما على الدائن الثاني
ففى جميع هذه ألاحوال قد يكون للدائن املتأخر مصلحة محققة في الوفاء بدين الدائن
املتقدم والحلو محله فى هذا الدين ،وتتحقق هذه املصلحة فى فرضين :
-ألاول هو أنه قد يرى الدائن املتقدم أن ينفذ على العقار املرهون ،ويكون الوقت غير
مناسب للتنفيذ ،فيتوقع الدائن املتأخر أن يباع العقار فى املزاد العلني بأبخس ألاثمان ،فال يدرك
الدائن املتأخر من ثمن العقار ما يكفى للوفاء بحقه ،فيكون من مصلحة الدائن املتأخر أن يوفى
الدائن املتقدم حقه فيحل محله فى رهنه ،ويمنع بهذا الحلول التنفيذ فى وقت غير مناسب،
ً ً
تحينا لفرصة يبيع فيها العقار املرهون بثمن يكفى لوفاء الدين املتقدم والدين املتأخر جميعا
-أما الثاني ،قد يرى الدائن املتأخر أن العقار املرهون ال يكفى لوفاء الدينين املتقدم
ً
واملتأخر معا ،مهما بلغ ثمن هذا العقار وفى أى وقت بيع ،ولكن يكون للدائن املتقدم تأمين على
عقار آخر مملوك للمدين أو لكفيل عيني ،فيوفى حق الدائن املتقدم حتى يحل محله فى رهنه
ً
املتقدم وفى تأمينه آلاخر ،ويستطيع بذلك أن يستوفى الدينين معا من العقار املرهون ومن هذا
التأمين آلاخر
ً
ج /الحالة الثالثة :املوفى اشترى عقارا ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم :
هذه لحالة سبقت إلاشارة إليها كتطبيق من تطبيقات الحالة ألاولى ذلك أن املشترى لعقار مثقل
بتأمين عينى – رهن أو امتياز أو اختصاص – يصبح حائزا للعقار ،فيكون مسئوال عن الدين
ً
بحكم انتقال ملكية العقار له ومن ثم يكون ملزما بالدين عن املدين ،فيدخل ضمن الحالة
ألاولى من حاالت الحلول القانونى ،وهى الحالة التى سبق بيانـها
ويلجأ املشتري للعقار املرهون إلى دعوى الحلول إذا كان ثمن العقار املرهون معادال لقيمته
،بحيث إذا بيع العقار فى املزاد العلني لن يبلغ ثمنه فى املزاد أكثر من الثمن الذي التزم به املشترى
فإذا فرض أن العقار مرهون ألكثر من دائن ،وكان الثمن الذي التزم به املشترى ال يكفى إال
لوفاء الدائن املرتهن ألاول ،كان للمشترى أن يدفع الثمن لهذا الدائن فيوفيه حقه ،ويحل
محله فى رهنه ألاول وال تصبح هناك مصلحة للدائنين املرتهنين املتأخرين فى بيع العقار ،فلن
يصل ثمنه إلى أكثر من الثمن الذي دفعه املشترى وحل به محل الدائن املرتهن ألاول ،ولن
يصيبهم ش ىء فى التوزيع بعد أن يستولى املشترى على الثمن الذي دفعه فيستطيع املشترى ،
ً
بفضل هذا الحلول القانونى ،أن يوقف عمليا الدائنين املرتهنين املتأخرين عن مباشرة التنفيذ
على العقار الذي اشتراه
وقد يكون للدائن املرتهن ألاول الذي وفاه املشتري حقه تامين عيني ،فيحل املشتري محله
فيه ويستوفي منه ما دفعه له ،ويتجنب بذلك أن ينفذ الدائن املرتهن بحقه على العقار الذي
اشتراه املشتري
د -/الحالة الرابعة :وجود نص خاص يقرر للموفي حق الحلول :ومن أمثلة ذلك ما نصت
عليه من القانون التجاري املادة 151من القانون التجاري على أنه يكتسب املوفى بطريق
التدخل الحقوق الناتجة عن السفتجة على من قام بالوفاء عنه وعلى امللزمين له بمقتض ى
السفتجة "
وهذا يعني أنه من دفع قيمة كمبيالة بطريق التدخل أو التوسط يحل محل حاملها ،
فيحوز ماله من الحقوق ويلزم بما عليه من الواجبات فيما يتعلق باإلجراءات الالزم استيفاؤها
- 0الحلول الاتفاقي :ويكون إما باتفاق املوفى مع الدائن وإما باتفاقه مع املدين على النحو
التالي:
أ -الحلول باتفاق املوفى مع الدائن :تنص املادة 363من القانون املدني على ما يلي":
يتفق الدائن الذي استوفى حقه من غير املدين مع هذا الغير على أن يحل محله ،ولو لم يقبل
املدين ذلك ،وال يصح أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء "
ويخلص من هذا النص أن الحلول هنا يجب أن يكون باتفاق بين املوفى والدائن ،ويجب أال
يتأخر الاتفاق على الحلول عن وقت الوفاء ،وال يشترط في الاتفاق شكل خاص ،ويخضع فى إثباته
للقواعد العامة
وال يشترط فى الاتفاق شكل خاص ،فأى تعبير عن إلارادة له معنى الحلول يكفى ،وال يجوز
أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء والغالب أن يكون الاتفاق والوفاء بالدين حاصلين فى
ً
وقت واحد ،و في مخالصة واحدة ولكن ال ش ىء يمنع من أن يكون الاتفاق على الحلول سابقا
ً
على الوفاء ،فيتفق املوفى والدائن مقدما على الحلول ،ثم يدفع املوفى الدين بعد ذلك
والذى ال يجوز هو أن يكون الوفاء بالدين أوال ،ثم يليه الاتفاق على الحلول ذلك أنه إذا
تم الوفاء بالدين أوال ،وتراخى الاتفاق على الحلول إلى ما بعد ذلك ،فإن هذا يفتح الباب
ً
للتحايل فقد يكون املدين وفى دينه وفاء بسيطا ،وانقض ى الدين ،فانقض ى بانقضائه رهن في
املرتبة ألاولى كان يضمنه ،وترتب على ذلك أن الرهن الذى كان فى املرتبة الثانية أصبح فى املرتبة
ً
ألاولى ثم يتواطأ املدين بعد ذلك مع الدائن الذى استوفى دينه ،ويجعله يصطنع اتفاقا مع
أجنبي يذكر فيه أن هذا ألاجنبي هو الذى وفى الدين وهو الذى حل محله فيه ،فيعود الرهن
ً
الذى كان فى املرتبة ألاولى وكان قد انقض ى ،ليحل ألاجنبي محل الدائن فيه ،وذلك إضرارا بالرهن
الذى يليه والذى أصبح فى املرتبة ألاولى بعد انقضاء الرهن ألاول
ويخضع إثبات الاتفاق على الحلول للقواعد العامة في إلاثبات فإذا كانت القيمة التي وفى
بها الدين تزيد على عشرة جنيهات لم يجز إلاثبات إال بالكتابة أو بما يقوم مقامها ،وإال جاز
إلاثبات بالبينة وبالقرائن
إال أنه يالحظ أن املخالصة بالدين املتضمنة الاتفاق على الحلول يجب أن تكون ثابتة
التاريخ حتى تكون نافذة فى حق موف آخر حل محل الدائن ،أو فى حق محال له بالحق ،أو فى
حق دائن للدائن حجز تحت يد املدين فهؤالء ألاغيار يتنازعون ألاسبقية مع املوفى للدين ،فإن
كانوا هم السابقين فى الوفاء أو فى الحوالة أو فى الحجز كان الدين لهم ،وإال فهو للموفي ومن ثم
ً
يجب أن يكون السند الذى يتمسكون به هو أيضا ثابت التاريخ ،فإذا كان تاريخ الوفاء الواقع
ً ً
من املوفى الثاني أو تاريخ نفاذ الحوالة فى حق املدين تاريخا ثابتا –أما تاريخ الحجز فهو ثابت
بطبيعة الحال -وجب أن يكون للمخالصة املتضمنة الاتفاق على الحلول تاريخ ثابت أسبق أما
بالنسبة إلى املدين وورثته ،فليس من الضروري أن تكون املخالصة ثابتة التاريخ
ب – الحلول باتفاق املوفى مع الدين تنص املادة 362من التقنين املدنى على ما يأتى :
ً
" يجوز أيضا للمدين إذا اقترض ماال وفه به الدين ،أن يحل املقرض محل الدائن الذى
استوفى حقه ،ولو دون رضاء هذا ألاخير ،على أن يذكر فى عقد القرض أن املال قد خصص
للوفاء وفى املخالصة أن الوفاء كان من هذا املال الذى أقرضه الدائن الجديد "
ويشترط فى هذا الحلول شرطان :
/0أن يذكر في عقد القرض أن املال املقترض قد خصص لهذا الوفاء
/3أن يذكر فى املخالصة عند الوفاء أن املال املوفى به هو مال القرض
وليس من الضرورى أن تتعاقب العمليتان ،عملية القرض فعملية الوفاء ،بل يجوز أن
تكونا متعاصرتين ،ففى ورقة واحدة يثبت عقد القرض ويذكر فيه أن املال املقترض خصص
للوفاء ،ثم يذكر فى الورقة نفسها أن الوفاء قد تم من مال القرض
ولكن يصح أن تتعاقب العمليتان ،بشرط أن تسبق عملية القرض عملية الوفاء ،إذا لو
كانت عملية الوفاء هى السابقة ،لتبين أن الوفاء لم يكن من مال القرض ،فال يحل املقرض
محل الدائن
والسبب فى ذلك هو توقى خطر التواطؤ ،كما رأينا فى الحلول باالتفاق مع الدائن فقد يفى
ً ً
املدين بدينه وفاء بسيطا ،فينقض ي الرهن الذى يضمنه ثم يخطر له إحياء هذا الرهن إضرارا
ً
بمرتهن آخر كان متأخرا فى املرتبة وتقدم بعد زوال هذا الرهن ألاول ،فيتواطأ مع أجنبى ومع
ً
الدائن ،ويصور ألاجنبي مقرضا أقرضه املبلغ الذى وفى به الدين وأحله بهذا الوفاء محل الدائن
،فيحيا الرهن ألاول ،فسد القانون طريق هذا التحايل ،بأن اشترط أن تسبق عملية القرض
عملية الوفاء
آثار الحلول
القاعدة العامة أن الحلول يجعل املوفى مكان الدائن ،فيصبح له حق ألاخير يباشره كما
لو كان هو الدائن نفسه ،غير أنه يرد على هذه القاعدة قيود من شأنها أن تجعل املوفى يعامل
معاملة أدنى من معاملة الدائن ألاصلي من بعض الوجوه
أ /حلول املوفى محل الدائن
تنص املادة 361من القانون املدني على ما يأتي:
ً ً
" من حل محل الدائن قانونا أو اتفاقا كان له حقه ،بما لهذا الحق من خصائص ،وما
يلحقه من توابع ،وما يكفله من تأمينات ،وما يرد عليه من دفوع ويكون هذا الحلول بالقدر
الذى أداه من ماله من حل محل الدائن "
فيحل املوفى محل الدائن فى نفس حقه ،بما لهذا الحق من مقومات وخصائص فإذا
ً ً
كان هذا الحق تجاريا ،انتقل إلى املوفى على هذه الصفة ،وإذا كان حقا يسقط بالتقادم
بانقضاء مدة قصيرة ،ينتقل إلى املوفى قابال للسقوط بالتقادم بهذه املدة القصيرة وقد يكون
ً ً ً
الحق الذى انتقل إلى املوفى ثابتا فى سند رسمي أو فى حكم ،فيكون سندا قابال للتنفيذ فى يد
املوفى كما كان فى يد الدائن ألاصلي
ويحل املوفي محل الدائن في الحق بما يلحقه من توابع :فلو كان الحق الذى انتقل إلى
ً
املوفى ينتج فوائد بسعر معين ،فإن الحق ينتقل منتجا لهذه الفوائد بهذا السعر ،وإذا كان هذا
الحق مقترنا بدعوى فسخ أو بحق في الحبس ،فإن املوفى يحل محل الدائن فى الحق وفي هذه
التوابع
و يحل املوفي محل الدائن في الحق بما يكفله من تأمينات فإذا كان حقا مضمونا بتأمينات
عينية أو بكفيل شخص ي أو بتضامن حل املوفي في الحق وفي هذه التأمينات دون الحاجة إلى رضا
الكفيل
ويحل أخيرا املوفي محل الدائن في الحق بما يرد عليه من دفوع كأسباب البطالن
ً
والانقضاء ،ما لم يكن ألامر متعلقا بواقعة غير منفكة عن شخص الدائن ،كالدفع بقصر الدائن
ً
،فهو ال يظل قائما بعد الحلول متى كان من تم الحلول له كامل ألاهلية
فإذا كان الحق مصدره عقد باطل أو عقد قابل لإلبطال ،أو كان الحق قد انقض ى بالوفاء
أو بأى سبب آخر كالتجديد أو املقاصة أو إلابراء أو التقادم ،جاز للمدين أن يتمسك بهذا الدفوع
تجاه املوفي كما كان له ذلك تجاه الدائن ألاصلي
ب – القيود التي ترد على حق املوفي
إذا كان ألاصل أن يحل املوفى محل الدائن فى حقه من جميع الوجوه ،فإن هناك حاالت ال
يكسب فيها املوفى جميع املزايا التي كانت للدائن وفق ما يلي :
-0ال يرجع على املدين إال بمقدار ما دفع للدائن ،أما الدائن فإنه كان يرجع على مدينه
بكل الدين وهو ما عبرت عنه املادة 361سالفة الذكر بقولها" ويكون هذا الحلول بالقدر الذى
أداه من ماله من حل محل الدائن" ،والسبب فى ذلك أن املوفى وهو يفي بالدين للدائن إنما يقوم
ً
()1
بوفاء الدين ،بعيدا عن فكرة املضاربة و في هذا الصدد يختلف حق املوفي عن حوالة الحق
ً ً ً
-3وإذا كان املوفى مدينا متضامنا ،أو كان مدينا مع آخرين في دين غير قابل لالنقسام ،أو
كان أحد الكفالء املتضامنين ،ثم وفى الدين كله للدائن فحل محله فيه حلوال قانونيا ،فإنه ال
يرجع على أي من شركائه إال بقدر حصة هذا الشريك ،وذلك تفاديا من تكرار الرجوع ،أما
الدائن فإنه يرجع على أي من هؤالء املدينين بكل الدين
-2إذا كان املوفى هو حائز العقار فإن املادة 366تنص على أنه " إذا وفى الغير الحائز
للعقار املرهون كل الدين ،وحل محل الدائنين ،فال يكون له بمقتض ى هذا الحلول الرجوع على
حائز لعقار آخر مرهون في ذات الدين إال بقدر حصة هذا الحائز بحسب قيمة العقار املحوز "
واملفروض هنا أن الدين مضمون برهون متعددة على عقارات مختلفة ،وقد بيع كل عقار
ً
فأصبح فى يد حائز لعقار مرهون وملا كان كل من هؤالء الحائزين ملتزما بالدين عن املدين ،فإنه
ً
إذا وفى أحدهم الدين للدائن حل محله قانونا ،وكان ينبغي أن يرجع بالدين ،بعد أن يستنزل منه
حصته بحسب قيمة ما حازه من عقار ،على أي من الحائزين آلاخرين ،وكان الدائن يرجع بكل
الدين على أى منهم ألن الرهن غير قابل للتجزئة ،ولكن النص يقض ى بأن يرجع املوفى على كل من
الحائزين آلاخرين بقدر حصته فى الدين بحسب قيمة ما حازه من عقار ،حتى ال يتكرر الرجوع،
وذلك لنفس الاعتبارات التي سبق إيرادها فى خصوص التضامن
ً
-1إذا كان املوفي قد وفى جزءا من الدين ،فإن الدائن ألاصلي فى استيفاء ما بقى من
ً
حقه يكون مقدما على املوفي وفي هذا الصدد تنص املادة 365من القانون املدني على أنه " :إذا
ً
وفى الغير الدائن جزءا من حقه وحل محله فيه ،فال يضار الدائن بهذا الوفاء ،ويكون في استيفاء
ً
ما بقى له من حق مقدما على من وفاه ،ما لم يوجد اتفاق يقض ى بغير ذلك
ً
فإذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق ،رجع من حل أخيرا هو ومن
تقدمه في الحلول كل بقدر ما هو مستحق له ،وتقساما قسمة الغرماء "
وهذا يعني أن الدائن الذي استوفى جزء من حقه يبقى له أن يتقدم على املوفى في استفاء
ما بقس له من هذا الحق فال يزاحمه املوفي ،وهي قاعدة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق
()1
على ما يخالفها
كما ينقض ي الالتزام بالوفاء فقد ينقض ي بطرق أخرى تعادل الوفاء ،وتتمثل هذه الطرق
في كل من الوفاء بمقابل ،والتجديد ،وإلانابة في الوفاء ،واملقاصة ،واتحاد الذمة.
املطلب ألاول :الوفاء بمقابل
تناول املشرع الجزائري في أحكام التنفيذ بمقابل في املادتين 326 ،325من ق م ،وتنص
املادة 325من ق م على ما يلي :إذا قبل الدائن في استفاء حقه مقابال استعاض به عن الش يء
املستحق قام هذا ألاخير مقام الوفاء" يتضح من هذا النص أن الوفاء بمقابل هو اتفاق الدائن
واملدين على أن يوفي املدين للدائن بش يء آخر غير محل الالتزام ويقوم املدين بوفاء هذا الش يء
فعال
ولكي يوجد الوفاء بمقابل ال بد من توافر شرطين:
ألاول :وجود اتفاق بين الدائن واملدين على نقل ملكية ش يء أو حق عيني عوضا عن املحل
ألاصلي ،إذأنه ال يمكن جبر الدائن على قبول وفاء بش يء غير مستحق له أصال ،وملا كان الوفاء
بمقابل اتفاق وجب أن تتوافر في طرفيه ألاهلية فيجب أن تتوافر في الدائن أهلية استفاء الدين
ويجب أن تتوافر في املدين أهلية الوفاء بالدين وأهلية التصرف في الش يء الذي يقدمه وفاء
للمدين ذلك أن الوفاء بمقابل ينطوي على معنى الوفاء وعلى معنى نقل امللكية في نفس الوقت،
ويجب أن تكون إرادة الطرفين خالية من العيوب املعروفة (، )1
ويجب أن يكون لهذا الاتفاق محل وسبب مستوفيان شروطهما القانونية فيجب أن يكون
املحل شيئا جديدا أي لم يدخل منذ البداية ضمن الالتزام ألاصلي وبهذا يختلف الوفاء بمقابل
عن الالتزام التخييري والالتزام البدلي ،كما يجب أن محل مقابل الوفاء نقل ملكية أو تقرير حق
عيني كاالنتفاع ،فال يصح أن يكون التزاما بعمل أو امتناع عن عمل أو نقل حق شخص ي (،)2
()3
فإذا قدم املدين عوضا عن الدين عمال كنا إزاء تجديد للدين بتغيير املحل
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق 322
) (2املرجع نفسه
) (3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 251
98 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
وإذا قدم املدين لدائنه حقا شخصيا كدين في ذمة الغير عوضا عن حقه لم نكن بصدد
وفاء بمقابل ،بل كنا أمام حوالة حق أو إنابة في الوفاء ،مع مالحظة أن السندات لحاملها تعتبر
شيئا على أساس فكرة اندماج الحق في الصك فيصح أن تكون مقابال للوفاء
()1
الثاني :وجوب تنفيذ الاتفاق بنقل امللكية فورا :أي يجب أن يكون الاتفاق على الوفاء
منجزا وأن ينفذ فعال ،فإذا كان مؤجال ولم ينفذ كنا أمام تجديد الدين بتغيير املحل ،فالوفاء
بمقابل يجب أن ينفذ فعال بنقل امللكية إلى الدائن وهذا هو معنى الوفاء ومقتضاه
آثار مقابل الوفاء
تنص املادة 326من ق م على أنه " تسري أحكام البيع وخصوصا ما يتعلق منها بأهلية
الطرفين ،وبضمان الاستحقاق ،وبضمان العيوب الخفية على الوفاء بمقابل فيما إذا كان ينقل
ملكية ش يء أعطي في مقابلة الدين ،ويسري عليه من حيث أنه يقض ي الدين أحكام الوفاء
وباألخص ما يتعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات"
يظهر من خالل نص هذه املادة أن آثار الوفاء مزدوجة فباعتباره ناقال للملكية تسري عليه
أحكام البيع وبوصفه وفاء تسري عليه أحكام الوفاء.
آثار الوفاء باعتباره ناقال للملكية :يترتب على هذا التكييف آلاثار التالية:
-إذا استحق املقابل في يد الدائن كان للدائن الرجوع على املدين طبقا ألحكام ضمان
الاستحقاق املقررة في في عقد البيع وأن يطلب فسخ عقد الوفاء بمقابل فيعود الدين ألاصلي إلى
ذمة املدين ،ويؤدي ضمان الاستحقاق إلى تعويض الدائن على ألاضرار التي سببها له هذا
العقد( ،)2وإذا كشف في املقابل عيبا خفيا كان له أن يرجع على املدين بضمان العيوب الخفية
املقررة في عقد البيع كما يضمن الصفات التي تعهد بها بوجودها للدائن وقت التسليم وفق ما
()3
هو مقرر في القواعد العامة
-إذا كان مقابل الوفاء عقارا فإن الوفاء ال ينتج أثره إال بعد اتخاذ إجراءات الشهر العقاري
للعقد املتضمن هذا الوفاء وفقا ألحكام املادتين 221 ،222من ق م
-إذا كان مقابل الوفاء عقارا وكان املدين قد قدم أيضا معدال نقديا ،وكان حقه في
استفائه مضمونا بحق امتياز البائع ألنه في مركز البائع ،وإنما يقع عليه أن يقيد هذا الامتياز في
ظرف شهرين من تاريخ الوفاء بمقابل وإال أصبح الامتياز رهنا رسميا م 222من ق م
آثار مقابل الوفاء باعتباره مقابل وفاء :يترتب على هذا الوصف مايلي:
-يؤدي إلى انقضاء الدين ألاصلي ونزول التأمينات التي كانت ضامنة له وال تعود حتى ولو
استحق املقابل في يد الدائن
-تتبع أحكام الوفاء الخاصة بخصم املدفوعات عند تعدد الديون التي للدائن في ذمة
املدين
-إذا تبين أن الدين غير موجود ،اتبعت أحكام الوفاء بمعنى أنه يكون للموفي أن يسترد ما
أوفاه بدعوى استرداد ما دفع بدون وجه حق
-يخضع الوفاء بمقابل من حيث الطعن بالدعوى البوليصية ألحكام الوفاء
-13إنشاء التزام جديد :ال ينقض ي الالتزام القديم إال إذا حل محله التزام جديد ،ألن
الدائن ال يقبل انقضاء الالتزام القديم إال إذا أخذ مكانه التزام آخر جديد ،على هذا ألاساس ال
()1
يتم التجديد إذا كان الالتزام الجديد باطال بطالنا مطلقا
-12ان يكون الالتزامان مختلفان في عنصر معين :يشترط أن يكون الالتزام الجديد مغايرا
لاللتزام القديم في عنصر جوهري من عناصره بدرحة تقض ي على الالتزام القديم والعنصر
الجوهري قد يتعلق بالدين أو املدين أو الدائن على التفصيل التالي:
-التجديد بتغيير الدين :يتم التجديد بتغيير الدين بين طرفيه عن طريق تغيير محله أو
سببه وبذلك ينشأ التزام جديد مغاير لاللتزام القديم في املحل أو السبب أي املصدر
()2
ويتشابه التجديد بتغيير املحل مع الوفاء بمقابل ،غير أن الذي يميزهما عن بعضهما هو أن
الوفاء بمقابل ينفذ فورا وينقض ي به الالتزام نهائيا أما التجديد بتغيير املحل فتنفيذه ليس فوريا
وال ينقض ي به الالتزام القديم إال ليحل محله التزام جديد ،وقد يختلف الدين القديم عن الدين
الجديد في املصدر مع بقاء املحل مثال ذلك أن يتفق املؤجر و املستأجر على استبدال قرض
بدين ألاجرة املتأخرة عليه
()3
-التجديد بتغيير املدين :يتم التجديد بتغيير املدين وفقا لنص املادة 3/322بإحدى
الطريقتين:
ألاولى :أن يتفق الدائن مع واحد من الغير على أن يكون مدينا مكان الدائن ألاصلي مع براءة
ذمة هذا ألاخير ،ويسمى التجديد في هذه الحالة تعهدا بالوفاء ويت دون الحاجة إلى رضا املدين
ألاصلي به
()4
الثانية :أن يتفق املدين ألاصلي مع شخص ثالث ليحل محله فتبرأ ذمته إذا حصل املدين
ألاصلي على رضا الدائن بهذا الاتفاق ويسمى هذا الاتفاق الثالثي باإلنابة الكاملة la délégation
( ،)1وال يشترط هنا وجود مديونية سابقة بين املدين ألاصلي والغير
()2
ويختلف هذا الاتفاق عن حوالة الدين ألن املدين الجديد فيه يلتزم بدين جديد ،اما
الالتزام القديم فقد انقض ى بالتجديد في حين أنه في حوالة الدين يحل املحال عليه محل املدين
()3
في نفس الدين الذي يظل محتفظا بضماناته
-التجديد بتغيير الدائن :يكون باتفاق الدائن واملدين والغير على أن يكون هذا ألاخير هو
الدائن الجديد( ،)4وبهذا يختلف التجديد بتغيير الدائن في أمرين :ألاول أنه ال يشترط النعقاد
حوالة الحق رضاء املدين بها ،في حين أن التجديد بتغيير املدين يتطلب ذلك ،والثاني أن في
التجديد ينقض ي حق الدائن ألاصلي وينشأ حق جديد للدائن الجديد ،في حين أنه في حوالة
الحق يخلف املحال له املحيل في نفس الحق بما له من تأمينات وما فيه من صفات وما يرد
()5
عليه من دفوع
-13آثار التجديد
يترتب على التجديد أن ينقض ي الالتزام القديم ،نشوء التزام جديد على التفصيل التالي:
-انقضاء الالتزام القديم :بأصله وتوابعه وضماناته انقضاء نهائيا ،فال تنتقل التأمينات
التي تكفل الالتزام ألاصلي وفقا لنص املادة ،320إال بنص في القانون أو إذا تبين من الاتفاق أو
من الظروف أن نية املتعاقدين انصرفت إلى غير ذلك وإذا كانت التأمينات شخصية أو عينية
مقدمة من الغير فيجب رضا ذلك الغير( )6وال يكون الاتفاق على انتقال التأمينات نافذا في حق
()7
الغير إال إذا تم مع التجديد في وقت واحد ومع مراعاة ألاحكام املتعلقة بالتسجيل
-إنشاء التزام جديد :مستقل عن الالتزام ألاصلي فيما يميزه من خصائص وما يرد عليه
من دفوع ،فمصدر الالتزام الجديد هو دائما عقد التجديد ويترتب على ألاثر املنش ئ للتجديد أن
املدين ال يستطيع أن يتمسك في مواجهة الدائن الجديد بالدفوع التي كانت له في مواجهة الدائن
القديم إال إذا كان الدين ألاصلي مشوبا بالبطالن فإن التجديد ذاته في هذه الحالة يبطل أيضا
()1
ألنه يتطلب وجود التزام قديم صحيح
ثانيا :إلانابة
نظم املشرع إلانابة في الوفاء ضمن القسم الثاني للفصل الثاني الخاص بالعقود ،جاعال
منها سببا من أسباب انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء ،فقد خصص لها ثالث مواد وهي :املادة
321ـ 325ـ 326من القانون املدني ،وتعتبر إلانابة في الوفاء من العمليات القانونية التي تتعدد
وظائفها وأطرافها في نفس الوقت ،تتم إلانابة بين ثالثة أشخاص املدين (املنيب) ،الدائن (املناب
لديه) ،والشخص ألاجنبي (املناب)
إلانابة في الوفاء "عبارة عن تصرف بمقتضاه يحصل املنيب(املدين) على رضاء املناب لديه(
الدائن) بشخص ثالث هو املناب يلتزم بوفاء الدين مكان املدين"
()2
ويترتب عليها إبراء ذمة املنيب وحلول النائب محله بالنسبة للمناب لديه وتسمى هذه
باإلنابة الكاملة ويجب أن يكون الاتفاق عليها صريحا ،إلن التجديد ال يفترض ،فإذا لم يكن
هناك اتفاق صريح كانت إلانابة ناقصة أي يبقى املنيب ملزما إلى جانب املناب ويلزم أن يكون
املناب موسر وقت إلانابة وإال كانت إلانابة ناقصة أيضا
وإلانابة الناقصة هي الغالبة في العمل وبذلك تكون بمثابة تأمين شخص ي فيصبح للدائن
مدينان هما املنيب واملناب ويكون له أن يطالب أيا منهما بكل الدين ،ويالحظ أنه ال يوجد
()3
تضامن بينهما وإن اتحد محل التزامهما إال انهما مختلفان في املصدر
ويجب على املناب الوفاء للمناب لديه ولو ثبت أن حقه تجاه املنيب لم يكون موجودا أو
كان باطال أو انقض ى ،وله بعد ذلك الرجوع على املنيب بما وفاه عنه على أساس الوكالة ،مع ذلك
()4
هذه القاعدة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها
-أنواع املقاصة :املقاصة على ثالثة أنواع قانونية مصدرها القانون ،وقضائية مصدرها
حكم القاض ي ،واتفاقية مصدرها اتفاق الطرفين
أ -/املقاصة القانونية :تقع بحكم القانون إذا توافرت شروطها ،والتي تتمثل في:
- 0وجود دينين متقابلين أي أن يكون كل من طرفيها دائنا ودينا في نفس الوقت للطرف
ألاخر ذاته ال نائبه تنص املادة 322ق م على أنه " للمدين حق املقاصة بين ما هو مستحق عليه
لدائنه وما هو مستحق له تجاهه ولو اختلف سبب الدين"
فال مقاصة بين بين دين للوص ي على الغير مع دين للغير على القاصر ،وال دين على الشركة
ألجنبي مع حق الشريك في ذمة هذا ألاجنبي
()2
وال يشترط أن يكون الدينان من مصدر واحد " ،ولو اختلف سبب الدين" ،وال يشترط في
الدائن أو املدين أهليه الوفاء أو الاستفاء ال ن املقاصة تعتبر واقعة قانونية وليست تصرف
قانونية
()3
-3أن يكون الدينين متماثلين في املحل :أي بمبلغ من النقود أو بكمية من املثليات متحدة
النوع والجودة ( ، )4فاملقاصة ال تقع إال بين متماثلين النقود أو من املثليات املتحدة في النوع و
الجودة
) (1عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،مرجع سابق ص 321
) (2املرجع نفسه ،ص 323
) (3محمد حسنين ،مرجع سابق ،ص 260
) (4املادة 322ق م
015 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام
-2أن يكون الدينين صالحين للمطالبة بهما قضائيا :ألن املقاصة وفاء جبري ،ولكا كانت
كذلك فال مقاصة في الالتزام الطبيعي ألنه ال يجب املدين فيه على ألاداء ،كذلك ال مقاصة في
دين سقط بالتقادم ألنه أيضا ال يجبر املدين على أدائه
مع ذلك ووفقا لنص املادة 210إذا مضت مدة التقادم وقت التمسك باملقاصة فإن ذلك
ال يمنع وقوعها رغم التمسك بالتقادم ما دامت املدة لم تكت قد تمت في الوقت الذي أصبحت
في تلك املقاصة ممكنة
-1أن يكون الدينين خالين من النزاع :أي محققين الوجود ومعيني املقدار سواء كانا
ثابتين في عقد رسمي أو عقد عرفي ،فإذا كان ثمة شك في وجود الدين امتنعت املقاصة ،كالدين
الناش ئ من الفعل الضار إذ يتوقف على ثبوت مسؤولية الفاعل ،وال مقاصة إذا كان الدين غير
معين املقدار ،كما لو كان تقديره يتوقف على تصفية حساب معقد أو على تقرير خبير أو على
حكم قضائي ،كذلك ال مقاصة في دين معلق على شرط واقف ألنه غير محقق الوجود أما الدين
املعلق على شرط فاسخ فتجوز فيه املقاصة ألنه موجود ومستحق ألاداء لكن إذا تحقق الشرط
الفاسخ اعتبرت املقاصة كأن لم تكن
()1
-5أن يكون الدينان مستحقي ألاداء :ذلك أن املقاصة وفاء جبري وال يجوز جبر املدين على
الوفاء إال إذا حل أجل الاستحقاق ،فال مقاصة في دين مؤجل إال إذا حل ألاجل أو سقط ،غير
املقاصة تجري رغم املهلة املمنوحة من القاض ي أو الدائن
()2
-6أن يكون الدينين قابلين للحجز عليهما :فال تقع املقاصة إذا كان أحد الدينين غير قابل
()3
للحجز
-2أال يكون أحد الدينين شيئا نزع دون حق من يد مالكه وكان مطلوبا رده( ،)4وهذا الحكم
()5
ملنع الدائن من استخالص حقه بيده ،إذا عليه أن يلجا إلى القضاء
-2ال مقاصة إذا كان أحد الشيئين محل عقد وديعة أو عارية استعمال وكان مطلوبا رده(،)1
ألن الش يء املودع أو املعار يعد أمانة في يد املودع لديه أو املستعير والامتناع عن رده خيانة
لألمانة
()2
-2ال مقاصة بين حق للفرد وحق الدولة على الفرد ،فال مقاصة في دين الضريبة ،ذلك أن
()3
أموال الدولة ال يجوز توقيع الحجز عليها
كيفية إعمال املقاصة القانونية:
ال تقع املقاصة القانونية إال إذا تمسك بها من له مصلحة فيها ( ،)4فإن لم يحصل هذا
التمسك بقي الدينان املتقابالن دون انقضاء ،ولهذا ال يجوز للقاض ي أن يحكم بوقوع املقاصة
من تلقاء نفسه ،حتى ولو علم من وقائع الدعوى أن شروطها متوافرة ،فاملقاصة ليست من
النظام العام ،بل هي مقررة لصالح ذوي الشأن ،والذي له مصلحة في وقوع املقاصة هو أوال
املدين في كل من الدينين املتقابلين ،وكذلك يحق للكفيل أن يتمسك بها ولو كان متضامنا مع
()5
املدين
وإذا لم يتمسك بها صاحبها فقد يحمل مسلكه هذا على أنه متنازل عنها ضمنيا ،كذلك
يعتبر وفاؤه بما عليه ملدينه مع علمه بحقه في املقاصة تنازال ضمنيا عن التمسك بها( ،)6فاملقاصة
ليست من النظام العام يجوز التنازل عنها بعد ثبوت الحق فيها
()7
الفصل في دعوى املؤجر ألاصلية وفصل في دعوى املستأجر الفرعية ،وعندئذ يصبح حق
املستأجر في التعويض خاليا من النزاع فيجري املقاصة بين دين ألاجرة ودين التعويض ويفصل
()1
في الدعويين بحكم واحد
ج /املقاصة الاتفاقية :هي التي تقع بإرادة الطرفين وصورتها أن يتفق الطرفان على إجراء
املقاصة رغم عدم توافر شروطها القانونية.
-20آثار املقاصة
إذا تمسك صاحب الشأن باملقاصة أنتجت أثرها وهو أن تقض ي على الدينين بقدر ألاقل
منهما وباثر رجعي أي من الوقت الذي أصبح فيها الدينان صالحين للمقاصة بتوافر شروطها
القانونية
ويترتب على هذا ألاثر الرجعي ،أنه إذا كان الدينان صالحين للمقاصة فإنه ال يجدي الطرف
آلاخر أن يدفع بتقادم دينه وقت التمسك باملقاصة ما دام أنه لم يكن هذا الدين قد تقادم وقت
أن توافرت شروطها
()2
وإذا تعددت الديون التي تجوز املقاصة فيها اتبعت نفس القواعد التي تسري في حالة
خصم املدفوعات عند تعدد الديون وفق ما قضت به املواد 321 ،322 ،322من القانون املدني
ويترتب على انقضاء الديون باملقاصة سقوط التأمينات الضامنة له ألن الفرع يتبع ألاصل
()3
سواء كانت عينية أو شخصية
قائمة املراجع
محمد حسنين ،الوجيز في نظرية الالتزام :مصادر الالتزامات وأحكامها في القانون املدني
الجزائري ،املؤسسة الوطنية للكتاب0222 ،
عبداملجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ،محمد طه البشير ،القانون املدني وأحكام الالتزام:
الجزء الثاني ،الجمهورية العراقية ،وزارة التعليم العالي0226 ،
أنور سلطان ،النظرية العامة لاللتزام -أحكام الالتزام -دار الجامعة الجديدة للنشر ،إلاسكندرية
مصر ،3115
أنور طلبة املطول في شرح القانون املدني ,الجزء الرابع املكتب الجامعي الحديث الاسكندرية،
3111
رمضان أبو السعود ،أحكام الالتزام دار املطبوعات الجامعية الاسكندرية 0222
محمد صبري السعدي ،النظرية العامة لاللتزامات ,أحكام الالتزام دار الكتاب الحديث
الجزائر
أنور العمروس ي ،الشرط وألاجل في القانون املدني ,ألاوصاف املعدلة ألثر الالتزام دار محمود
للنشر والتوزيع ،القاهرة ،3116
دربال عبد الرزاق ،الوجيز في أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري ،دار العلوم للنشر
والتوزيع ،الجزائر
محمود جمال الدين زكي ،الوجيز في نظرية الالتزام ,ج 9مصر 0226
بلحاج العربي ،مرجع سابق ،ص 220
جالل علي العدوي :أصول أحكام الالتزام وإلاثبات ،منشأة املعارف ،إلاسكندرية 0226
جميل الشرقاوي :النظرية العامة لاللتزام ,الكتاب الثاني ,أحكام الالتزام ،0225 ،دار النهضة
العربية ،القاهرة
سليمان مرقس :موجز أصول الالتزامات ،مطبعة لجنة البيان العربي ،القاهرة 0260
منذر الفضل :النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني ,دراسة مقارنة بين الفقه
إلاسالمي والقوانين املدنية الوضعية ,أحكام الالتزام ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع،
عمان0223 ، ّ
عبد الرزاق السنهوري ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،مرجع سابق ،ص 0001
علي كعوان ،النظرية العامة لاللتزامات مصادر الالتزامات ,أحكام الالتزامات ،مجمع ألاطرش
للكتاب املختص ،تونس 3105
موضوعات المطبوعة
الفصل األول :تنفيذ االلتزام
املبحث ألاول :التنفيذ العيني الجبري
املطلب ألاول :شروط التنفيذ العيني الجبري
املطلب الثاني :موضوع التنفيذ العيني
املطلب الثالث :وسائل الخصوم في الحصول على التنفيذ الجبري
املبحث الثاني :تنفيذ الالتزام بطريق التعويض أو التنفيذ بمقابل
املطلب ألاول :شروط التنفيذ بمقابل
املطلب الثاني :تقدير التعويض
املبحث الثالث :ضمان حقوق الدائنين في التنفيذ
املطلب ألاول :الدعوى غير املباشرة Action indirect ou oblique
املطلب الثاني :الدعوى املباشرة L'action direct
املطلب الثالث :الدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرفات القانوينة
الفصل الثاني :األوصاف المعدلة لاللتزام
املبحث ألاول :الشرط وألاجل
املطلب ألاول :الشرط
املطلب الثاني :ألاجل
املبحث الثاني :تعدد محل الالتزام
املطلب ألاول :الالتزام التخييري
()1
Obligation facultative املطلب الثاني الالتزام الاختياري ( البدلي)
املبحث الثالث :تعدد طرفي الالتزام
املطلب ألاول :الالتزام التضامني
) (1عالجه املشرع الجزائري تحت مسمى الالتزام الاختياري بينما سمته بعض التشريعات العربية املقارنة الالتزام البدلي
001 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة
د .بوخرص عبد العزيز محاضرات في أحكام االلتزام