Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫الشحرور والثعبان‬

‫كاَن الربيُع الُح ُّي روحًا‪ ،‬حالمًا غَّض الَّشباِب‪ُ ،‬م َعَّطَر الجلباِب‬

‫يمشي على الدنيا‪ ،‬بفكرة شاعر ويطوفها‪ ،‬في موكٍب خَّالِب‬

‫ورآه ثعباُن الجباِل ‪ ،‬فغَّم ه ما فيه من َم َر ٍح‪ ،‬وفْيِض شباِب‬

‫وانقّض ‪ ،‬مْض َطِغ نًا عليه‪ ،‬كأَّنه َسْو ُط القضاِء ‪ ،‬وفرية الكذاب‬

‫ُبغَت الشقُّي ‪ ،‬فصاح من هول القضا متلِّفتًا للصائل الُم نتاِب‬

‫وَتَد َّفق المسكين يصرُخ ثائرًا‪ :‬ماذا جنيُت أنا َفُح َّق ِع قابي؟‬

‫الشيِء ‪ ،‬إال أنني متغزٌل بالكائنات‪ ،‬مغِّر ٌد في غابي‬

‫َأْلَقى من الّدنيا حنانًا طاهرًا وَأُبُّثها َنْج َو ى المحِّب الّص ابي‬

‫َأُيَعُّد هذا في الوجود جريمةً ؟! أيَن العدالةُ يا رفاَق شبابي؟‬

‫!ال أين؟‪ ،‬فالَّش ْر ُع المقّد ُس ههنا رأُي القوِّي ‪ ،‬وفكرةُ الَغّالِب‬

‫!َو َسَعادةُ الَّض عفاِء ُج ْر ُم ‪ ،..‬ما َلُه عند القوِّي سوى أشِّد ِع َقاب‬

‫ولتشهد‪ -‬الدنيا التي َغ َّنْيَتها ُح ْلَم الَّشباِب‪َ ،‬و َر وعةَ اإلعجاِب‬

‫أَّن الَّس َالَم َح ِقيقةٌ ‪َ ،‬م ْك ُذ وبة والَعْد َل َفْلَس َفةُ الّلهيِب الخابي‬

‫ال َعْد َل ‪ ،‬إال إْن تَعاَد َلِت القَو ى وَتَص اَد َم اإلرهاُب باإلرهاب‬

‫‪:‬فَتَبَّس ّم الثعباُن بسمةَ هازٍئ وأجاب في َس ْم ٍت‪ ،‬وفرِط ِكَذ اِب‬

‫يا أُّيها الِغُّر المثرِثُر ‪ ،‬إَّنني أرِثي لثورةِ َج ْه لَك الثّالِب‬

‫فاكبح عواطفَك الجوامَح ‪ ،‬إنها َش َر َدْت بُلِّبَك‪ ،‬واستمْع لخطابي‬

‫أِّني إلٌه‪ ،‬طَاَلما َع َبَد الورى ظِّلي‪ ،‬وخافوا لعَنتي وعقابي‬

‫وتقَّدوموا ِلي بالضحايا منهُم َفرحيَن ‪ ،‬شأَن الَعابِد األّو اِب‬

‫أفال يسُّر َك أن تكون ضحَّيتي فتُح َّل في لحمي وفي أعصابي‬

‫وتكون عزمًا في دمي‪ ،‬وتوَّهجًا في ناظرَّي ‪ ،‬وحَّدةً في نابي‬

‫َفِّك ْر ‪ ،‬لتدرَك ما أريُد‪ ،‬وإّنه أسمى من العيش الَقصيِر الَّنابي‬


‫‪:‬فأجابه الشحروُر ‪ ،‬في ُغ ًَِص الَّر دى والموُت يخنقه‪« :‬إليَك جوابي‬

‫ال رأي للحِّق الضعيف‪ ،‬وال صّدى الَّر أُي ‪ ،‬رأُي القاهر الغّالِب‬

‫فافعْل مشيَئتَك التي قد شئَتها وارحم جالَلَك من سماع خطابي‬

You might also like