Professional Documents
Culture Documents
585
585
585
ٌعتبر الحق بـؤنه استنثـار الشخص بقٌمة معٌنة ،طبق للقـانون كمـا أنه استنثـار ٌتبعه
تسلط الشخص ،مــا عدا علـى شخص آخر أو شٌبـا معٌنـا سواء كـان مادٌا أو معنوٌـا ،و
ٌحمٌه القـانون و لقد واجهت فكرة الحق انتقـادا أحـادا من حٌث التعسؾ فً استعمـاله ،و لو
دققنـا البحث فـً هذه المشكلة ،نجد جذورهـا فـً الحـق أي فـً المصلحة ،التً أقرهـا
و من شؤن كل قاعدة قانونٌة ،تحدث حقوق و التزامات قد تكون مشتركة أو خــاصة ،و
أن ممارسة هذه الحقوق قد ٌساعد فً أسلوبها إلى اآلخرٌن ال ٌقصدها الشرع و ال ٌبررها ،
ألنه ٌراعً للجمٌع على قدم المساواة ،و إن مصالح حٌاتهم جمٌعا فً ضمنه و أمانه.
بحٌث ٌتمتع صاحب الحق بمكنة استعمال حقه و اإلفادة منه ،و ٌتم استعمال الحق من
خبلل االستفادة من مضمونه ٌ ،تمثل مضمون الحق فً المكانات و السلطات التً ٌخولها الحق
لصاحبه ٌ ،تفاوت ذلك المضمون من حق إلى آخر .مضمون حق ملكٌة مثبل هو مجموع
السلطات التً ٌخولها هذا الحق للملك ،من استعمال الشًء و استؽبلله و التصرؾ فٌه.
و تلك هً السلطات التً تشكل مضمون الحق ،هً التً ٌستعملها صاحب الحق فً
و فً معظم الحقوق تكون حدود الحق و شروطه ،قد أوضحتها النصوص المتعلقة بذلك
الحق مثبل :لو أخذنا حق األب فً تؤدٌب ابنه ،نجد واضحا شرط توافر صفة قرابة بٌن
األصل و الفرع ،لكً ٌباشر األول حقه فً تؤدٌب الثانً ،فإذا نختلؾ هذا الشرط ال ٌكون
هناك حق للعـ م أو لؤلخ األكبر مثبل أن ٌإدب ذلك اإلبن الصؽٌر بدعوى أنه ٌهمه أمره ،و أنه
قرٌب له ،ذلك وفق المادة 23قانون مدنً الجزابري تتكون أسرة الشخـص من ذوي قرباه و
و كذلك طبق المـادة 22قانون مدنً الجزابر القرابة المبـاشر ،هً الصلة ما بٌن
األصول و الفروع ،و قرابة الحواشً ،هً الرابطة ما بٌن أشخاص ٌ ،جمعهم أصل واحد
أمــا عن حدود ذلك الحق ،فهً تتلخص فً التؤدٌب الذي ٌكون عن طرٌق التوجٌه و
العناٌة باالبن الصؽٌر و تؤدٌبه ،أو ضربة إذا استدعى األمر ضربا خفٌفا ،ال ٌترك أثرا
لئلصــابة بجروح أو مرض ،و ٌعـاقب على جرابم الضرب بحسب النتـابج التـً تحقق ،و
وجوده الوصفـً منه ،و القــانون عند تنظٌمه للحقــوق و تحدٌده لمضمونها و السلطـات التً
تخولهـا ألصحابهـا ٌ ،عمل على التوفٌق بٌن كـافة المصـالح العـامة و الخاصة فالشخص ٌهدؾ
ؼالبا وراء استعمـاله لحقه إلى تحقٌق مصلحة خـاصة ،إال أنه ال ٌنبؽً أن ٌقوم بما ٌتعـارض
مع مصلحة الؽٌر ،و ٌحمً القانون صاحب الحق طالمـا كـان ٌسعى إلـى تحقٌق مصلحة
مشروعة ،من وراء هذا االستعمال فإذا تجاوز هذا النطاق و استعمل حقه استعماال ؼٌر
مشروع ،سقطت عنه الحمـاٌة القـانونٌة ،ألن منـاط تلك الحمـاٌة هو مشروعٌة المصلحة ،
التً ٌهدؾ الشخص إلى تحقٌقها من وراء استعماله حقه ،و ٌعتبر من قبٌل الخطؤ االستعمـال
ؼٌر المشروع للحق ،ألنه االنحراؾ عن الؽاٌة التً تقرر من أجلهـا و ٌعد صـاحب الحق ،
فقضٌة التعسؾ فً استعمــال الحق ،قد أصبحت فً العصر الحـاضر الذي نعٌشه و
ؼمره النظم المدنٌة المختلفة ،قضٌة ذات إلـى و موضوعــا كبٌرا ألهمٌة بارز الشؤن و تزداد
و لكن قد حدث أن ٌستعمل الشخص حقه ،فً الحدود التً رسمها له القـانون ،و مع
ذلك ٌترتب على هذا االستعمـال ضرر للؽٌر ،فالمـالك الذي ٌبنً جدار فً ملكه و لكنه ٌرتفع
بالجدار ارتفاعـا شاهقـا لمجرد اإلضرار بجـاره و منع الضوء و الهواء عنه ،فهنا ٌتعسؾ فً
استعمـال حقه ،ملكٌته دون أن ٌجاوز حدود هذا الحق بحالة من األحوال.
فإن استعمــال الحق ٌكسب أهمٌة كبٌرة ٌ ،رتكز على حقـابق تارٌخٌة و اجتماعٌة و
اقتصادٌة ،تإدي إلــى تسلٌم بوجوده و من تم صعوبة إنكـاره فهنـاك صلة بٌن الحق و القانون
،إذ أن هذا األخٌر ٌكفـل احترام الحق ،و الحق ال ٌقوم إال إذا كان له سند من القانون ،
لضمان احترامه على أنه لٌس معنى ذلك ،أن القانون هو من ٌنشىء الحق مما جعل المشرع
فموضـوع التعسؾ فـً استعمال الحقوق ٌكسب أهمٌة بـالؽة فـً الجـانب الفقهً و
و تتمثل أهمٌة هذا الموضـوع ،فً تعرؾ على ماهٌة التعسؾ ،و أٌن تبرز مظاهره و
و كــان السبب اختٌارنـا لهذا الموضـوع هو معرفة ؼـاٌته ٌوم أن أقره القـانون و حماه ،
ولقد اعتمدنا فً بحثنا هذا على المنهج الوصفً التحلٌلً من أجل تبٌان ما هو التعسؾ و ما
ما هً اآللٌات التً ٌمكن من خبللها معرفة على أن هذا الفعل متعسفا فٌه ؟
فالفصل األول جاء تحت عنوان ماهٌة نظرٌة التعسؾ فً استعمال الحق.
ٌمنح القـانون لكل شخص حقوق معٌنة ٌتمتع بهـا ،و من استعمل حقه استعمـاال
مشروعـا ال ٌكون مسإوال عمـا ٌنشؤ عن ذلك الضرر ،و هً قـاعدة عـامة باعتبار أن منـاط
المسإولٌة عن تعوٌض الضرر ،هو وقوع الخطـؤ ،و إنه ال خطؤ فً إستعمـال صـاحب الحق
لحقه فً جلب المنفعة المشروعة ،التً ٌتٌحهـا له هذا الحق .و كـان خروج هذا اإلستعمـال
لما كـان سوء استعمــال الحق مرادفا للتعسؾ فً استعمــال الحق عرؾ اإلسـاءة، 2
فجاء فً لسان العرب ،أعبء اٌشجً إعبءة خالف أحغٓ ٚ ،أعبء اٌشٟء أفغذٖ ٠ ٌُ ٚحغٓ
ػٍّٗ .
-1ابراىيم سيد أحمد ،التعسف في استعمال الحق فقيا و قضاءى ،ط ، 2دار الفكر ،اإلسكندرية ، 2222 ،ص .32
-إبراىيم سيد أحمد ،تعسف في استعمال الحق ،فقو و قضاء ،طبعة األولى ،دار الفكر ،اإلسكندرية ،سنة 0222 2
،ص .93
و مما تقدم ٌتبٌن أن اإلساءة لفظ شامل ٌ ،طلق على الفعل القبٌح ،و ٌطلق على الخطٌبة
و ٌطلق على الفعل المكروه بالؽٌر ،و ٌطلق على معصٌة و المنكر ،أو هو إسم جامع لآلفات
و الداء.
أما التعسؾ فٌقـال :عسؾ :العسؾ :السٌر ؼٌر هداٌة ،و األخذ علـى ؼٌر الطرٌق ،و
كذلك التعسؾ و اإلعتساؾ و العسؾ :ركوب المفازة و قطعها بؽٌر قصد و ال هداٌة و ال
ٌقال :إعتسف الطرٌق إعتسافا إذا قطعه دون صوب توخاه فأصابه.
أما الدكتور فتحً الدرٌنً عرؾ التعسؾ الوجهة الفقهٌة بؤنه ِٕ ":بلؼت لظذ اٌشبسع
ف ٟحظشف ِأد ْٚف ٗ١ششػب بحغب األطً"ِ ٚ .ؼٕ٘ ٝزا أْ ّ٠بسط اٌشخض فؼال ِششٚػــب
ف ٟاألطً بّمخؼ ٝحك ششػ ، ٟأ ٚبئبــبحت ِأد ْٚفٙ١ب ششػب ،ػٍٚ ٝجٗ ٠ؤد ٞإٌ ٝإٌحبق
مقصودة :
و هً أقدم صور التعسؾ ،و معناه أن ٌقصد المكلؾ فً العمل المؤدون فٌه هدم قصد
الشارع عٌنا 3و ذلك باستعمال الحق لقصد اإلضرار أو تحاٌل الفعل المباح ،إلسقاط واجب
شرعـً أو ارتكـاب محرم ،و فً ذلك تدرع بمـا ظـاهره الجواز إلى تحلٌل مـا حرمه هللا
تعالى ،كما فً بٌع أعٌنه لوقوع فً الربـا المحرم ،أو اسقـاط ما أوجبه هللا علٌة كهبة مـال
صورٌا عند قرب نهاٌة الحول إحتٌاال ،على إسقـاط الزكـاة و كل هذا ٌإدي إلى هدم مقصد
الشـارع ،و هو المنـاقضة مقصودة الظـاهرة و كذلك حكم سابر الحٌل المإدٌة إلى إبطـال
حكم شرعً.
فكما تكون المناقضة فً القصد المضـاد لقصد الشـارع ،ال تكون كذلك فً الفعل الذي
ٌقضً ماال ،إلى نقص هذا األصل و ذلك بؤن تكون نتٌجة مفسدة مســاوٌة لمصلحة أو راجحة
-3
الدريني ،الحق و مدى سمطان الدولة في تقيده و نظرية التعسف في إستعمال الحق بين الشريعة و القانون ،ط، 1
مطبعة جامعة دمشق ، 1967 ،ص .315
،و لو لم ٌكن ثمة قصد إلى هذه النتٌجة و علٌه فكلما كانت مـاأالت األفعال المضـادة لؤلصل
إذ الحقـوق شرعت لدر المفـاسد أو جلب المصالح ،و إذا آل إستعمالها إلى خلق ذلك أم
شرع ،و التعسؾ ال ٌضبطه اإلستعمال المعتاد ،بل النظر إلى المآل إن كان معتادا أو ؼٌر
معتاد.
و الخبلصة كلما كان الفعل مناقضا لمقصد الشارع كلما كان باطبل.
الثـانـً :
كون الفعل مبـاح األصل فـً تصرؾ مـؤدون فٌـه شرعـا بحسب األصــل ،أمـا لو
كـان الفعـل من قبٌل المحـرم فبل ٌحد فعلـه تعسفـا فً التمتـع بحق ،لـحرمه إرتكـابه و
خروجه عن دابرة الحقـوق أو البـاحـات ،و هو ما عبر عنه الدكتور فتحً الدرٌنـً بقوله :
" ِــأد ْٚف ٗ١ششػـب بحغب األطً ،أخشس األفؼــبي غ١ش اٌّشــشٚػت ٌزاحٙــب ألْ
-بطيوي كريمة ،التعسف في استعمال الحق في قانون األسرة ،معيد العموم القانونية و اإلدارية ،معسكر -0229 ، 4
، 0222ص .20
المطلب الثانً :التمٌٌز بٌن التعسف و مجاوزة الحق
ظهر الخلط بٌن فكرة التعسؾ فً استعمـال الحـق l’abus de droitو فكرة
أول األمر ثم سلك مسلك الفقه حٌث اعتبر التعسؾ فً استعمال الحق ،خروجـا عنه إذ
ٌعد عمل ؼٌر مشرع ٌندرج تحت أحكـام المسإولٌة التقصٌرٌة 5و قد تزعم مذهب التسوٌة
هذا :
الفقٌه الفرنسـً بالنٌول حٌث ٌقول ٕ٠ " :خ ٟٙاٌحك ح١ذ ٠بذأ اٌخؼغف ٚال ّ٠ىٓ أْ
٠ى ْٛرّت حؼغف ،ف ٟإعخؼّـبي حك ِب عبب غ١ش لـببً بـأْ ٠خحغ ٛ٘ ،أْ اٌؼًّ اٌـٛاحذ ال
حٌث أنه ٌشترط فً إستعــمال الحق أن ٌكـون الفعل مشروعـا ،وعدم المشروعٌة ال
تكون إال مجــاوزة و حدود الحق أو عدم وجود الحق أصـبل ،و علٌه فالحق ٌنتهً حٌن ٌبدأ
التعسؾ ،وتـؤكٌدا علـى ذلك فقد اعترؾ بالنٌــول بنظرٌة التعسؾ و جعلهــا مستقلة عن
-5حسن كيرة ،المدخل إلى القانون بوجو عام ،النظرية العامة لمقاعدة القانونية لمنظرية العامة ،بدون طبعة ،منشأة
التعارف ،اإلسكندرية ،ص.222
كمـا أنه ال ٌوجد ما ٌمنع كون الفعل الواحد ،موافقا لحق من الحقـوق ألنه ٌدخل فً
مضمونه و مخـالفا للقـانون ،فً مجمـوعة و هذا هو جوهر التعسؾ و أن رأي الشرٌعة ٌتفق
إذ ٌقول الدرٌنــً ٚ " :ال حٕبلغ إرا لٍٕب أْ اٌفؼً اٌّشـشٚع ٚ ،ف ٗ١حؼغف ألْ
اٌّشـشٚػ١ت خبطت بزاث اٌفؼً ،بّٕ١ـب اٌخؼغف فٙـ ٛخبص بى١ف١ت إعخؼّـبي ٘زا اٌفؼً ،أٚ
و عميو فـالتعسف يفترض في فعل يدخل في مضمون الحق ،فيكون مشروعـا لذاتو ،
ألن حق و ينقمب معيبا أو غير مشروعا إلنحراف في عرضو أو نتيجتو ". 7
و للتـؤكٌد على الفرق الموجود بٌن التعسؾ فً إستعمــال الحق ،و مجاوزة حدود الحق
فمن أرضى بما زاد عن الثلث ٌ ،عتبر مجـاوزا حدود حقه الذي منحه إٌــاه الشرع و هو
التصرؾ فً حدود الثلث ،ففعله ؼٌر مشروع فً األصـل ألنه ال ٌستند إلـى حق و التعسؾ
علـى هذا القصد ،أعتبر متعسؾ ألن أصل الفعل مشروع إلسنـاده لحق ثابت له فً الشرع ،
لحكمة قصدها الشارع من تقرٌره هذا الحق و لكن استعمله ال بقصد تحقٌق تلك الحكمة ،بل
و قد ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء المعاصرٌن فً بحثهم للتعسؾ ،حٌث ٌقول إن الوصٌة
حق المورث و له إستعماله على وجه مشروع ،كؤن ٌكون فٌه ٌد للورثة و ال ٌجوز إستعماله
على وجه ؼٌر مشروع ،كؤن ٌكون إضرار بالورثة كؤن ٌوصً بؤكثر من الثلث ،فالوصٌة
ألن هذا الخلط بٌن المجاوزة و التعسؾ ،فالوصٌة بقصد اإلضرار بالورثة إنما تعتبر
وصٌة تعسفٌة ،فإذا أوصى بما ٌزٌد عن الثلث فقد جاوز حدود الحق و اعتبر متعدٌا ال
متعسفا.8
ذلك ألن فعلـه ؼٌر مشـروع لعدم إستنـاده إلى حق و ال تعسؾ مع انتفـاء الحق .و كذلك
الحكم فٌما إذا أوصى للوارث ،فهً وصٌة باطلة أصبل على رأي الجمهور ،ألنه محظور
-8
بط ٞٛ١وشّ٠ت ،اٌّشجغ اٌغببك ،ص .29
على الفرد أن ٌوصً لوارث ،فالفعل ؼٌر مشروع لذاته سواء ،قصد اإلضرار أولم ٌقصد و
إال أن قـانون األحـوال الشخصٌة قد أخد بجـواز الوصٌـة ،لوارث مخـالفـا بذلك رأي
" حظـح اٌٛط١ـت ببٌزٍذ ٌٍـٛاسد ٚغ١شٖ ٚحٕفذ ِٓ غ١ش إجــبصة اٌٛسرت "
إن كانت نظرٌة التعسؾ فً إستعمال الحق ،قد كتب لها التبلور و اإلستقرار كنظرٌة
عامة فً العصر الحدٌث ،فبل ٌعنً ذلك أنها نظرٌة جدٌدة ،بل هً قدٌمة و تمتد جذورها إلى
الماضً البعٌد ،حٌث عرفها الرمان و انتقلت إلى القانون الفرنسً ،ثم ظهرت فً األخٌر
إذا كـان القـانون الرومـانً لم ٌعرؾ نظرٌة إسـاءة إستعمــال الحق ،كمـا هً اآلن فً
القانون الحدٌث ،فإنه فً الواقع لم ٌخلوا من وسابل محاربة إسـاءة إستعمـال الحق ،فً
حــاالت معٌنة و كـان أول من بدت فٌه الحـاجة إلـى تحقٌق حدة القــانون فـً إستعمـال حق
الملكٌـة ،فكـان ٌعتبر المـالك الذي ٌقـوم بالحضر ،فً ملكه و ٌسبب بذلك أضرار فً ملك
جاره مسـإوال ،عن ذلك كان فعله ٌقصد اإلضرار به لؽٌر ،و من لم ٌلجؤ إلٌها فقهاء الرومان
،إلى فكرة حسن النٌة 11و لم ٌقتصر األمر على الحد من حقوق الملكٌة ،بل اعتراؾ إلى
حٌث ٌرى فقهاء الرومان ،أن أخبلق إستعمال الحقوق ،وفقا لقانون ٌإدي إلى المساس
بقواعد العدالة و أنهم عملوا بشتى الوسابل على تؽلٌب قواعد األخبلق ،و على تحقٌق العدالة
-11د محمود جالل حمزة " العمل غير مشروع باعتباره مصد ار من مصادر االلتزام ،بدون طبعة ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،سنة ، 1986ص.92
وظهور فكرة التعسؾ فً القانون الرومانً ،وإن لم ٌتبٌن كنظرٌة عامة للتعسؾ فً
استعمال الحق ،إال أن المإكد أنه عرؾ فً صدد بعض الحقوق وفكرة التعسؾ فً صورتها
وقد توسع القـانون البرٌطوري فً تطبٌق النظرٌة ،حتى ٌخفؾ من حدة القـانون القدٌم
وصرامته ،وقد آب القـانون الرومـانً لمحـاربة إسـاءة استعمـال الحق إلـى فكرة حسن
النٌة ،13فمن استعمل حقه وسبب ضرر للؽٌر وكـان حسن النٌة ،ال ٌكون مسإوال عما ٌترتب
على ذلك من ضرر للؽٌر ،كمن أقام حفرٌات فً أرضه وسبب ضرر لملك جاره دون أن
ٌقصد إلحاق هذا الضرر ،ال ٌكون مسإوال اللهم إذا كانت لدٌه نواٌا كٌدٌة.
إال أن هذه التطبٌقات الجزبٌة ،لم تجد طرٌقة إلى الصٌاؼة القانونٌة العامة لعدة أسباب،
من بٌنها إختفاء التفكٌر القانونً للرومان بالحقوق الفردٌة ،وظهور مفهوم المسإولٌة
التقصٌرٌة وما ٌرشد إلى هذا وجود قاعدة من استعمل حقه فما ظلم"
أتٌح لفكرة تعسؾ ،أن تنقل من القانون الرومـانً إلى القانون الفرنسً القدٌم 14وهذا بعد
إحٌاء دراسـات القانون الرومـانً فً العصور الوسطـى ،ولكن على نحو أكثر شٌوعـا ،حٌث
ذهب دوما فما ٌبدوا إلى أن الشخص ٌكون متعسفا فً استعمـال حقه ،إذا قصد اإلضرار
بالؽٌر ،أي تعمد أم لم تكن له مصلحة فً استعمـاله أي دون مصلحة صاحب الحق ،15وكما
15السنيوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،ج ،2ط ،0دار النيضة العربية ،2322 ،ص .692
فكان هذا العهد مشبعا برح الفردٌة الذي نتج عن الثورة الفرنسٌة ،وشاع مبدأ سلطان
اإلرادة ،وٌود هنا فً حقوق االنسان وأصبح األفراد هم الذٌن ٌحكمون عبلقاتهم بؤنفسهم دون
وبانتصار الثورة الفرنسٌة تحقق انتصار المذهب الفردي فانتشرت النظرٌة فً هذه
وكان طبٌعٌا أن ٌتؤثر التقنٌن المدنً الفرنسً الصادر ؼداة الثورة فً مطلع القرن
المـاضً بهذه النزعة ،وما تعٌنه من فكرة سٌادة الفرد وحرٌته فً استعمـال حقوقه استعمـاال
مطلقـا ،دون التعقٌب علٌه فً ذلك من قبل القضـاء وبذلك لم ٌتحدث أحد من الفقهـاء ،خبلل
هذه الفترة عن نظرٌة التعسؾ ،وسـاعد علـى كل هذا أن النظرٌة لم تجمع شتـاتهـا ،ولم تصنع
حٌث بدأ القضـاء أوال بتقرٌر فكرة التعسؾ صرٌحة واضحة ،وٌظهر ذلك فً تطبٌقاته،
أما الفقه الفرنسً ،الذي كان له هو اآلخر الفضل فً إحٌـاء النظرٌة ،لم ٌنتبه إلى أحكـام
وفً الفقه الفرنسً من ٌعتبر الحق ؼٌر مشروع ال لوم لم تكن هناك فٌه نٌة الضرار
طالما أنه قد استهدؾ أؼراض ؼٌر التً شرع الحق من أجلها ،إذ أن مجرد تحوٌل الحق من
وعلٌه فالحق –فً نظرٌة هإالء -وظٌفته اجتماعٌة منح للفرد من أجل أداء خدمة
للجماعة ،ال تحقٌق مصلحة ذاتٌة كما فً السلطة األبوٌة فهً لمصلحة الطفل أكثر من مصلحة
الوالدٌن.
إهتم القـانون المدنـً الجزابري بنظرٌة التعسؾ فً استعمـال الحق ،وجعلها نظرٌة
عـامة مستقلة عن نظـام المسإولٌة التقصٌرٌة ،وخصص لهـا نص المادة 19من القـانون
المدنـً القدٌم ،التً جاءت صٌاؼتهـا عـامة ،ممـا ٌجعلهـا تنطبق علـى جمٌع نواحً القانون،
-18عمي عمي سميمان ،مصادر االلتزام ،بدون طبعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2336 ،ص . 005
على أن عموم النظرٌة ،ال ٌتنـافى فً الحقٌقة مع ادخـالها فً نطاق المسإولٌة التقصٌرٌة
فالمادة 19من القانون المدنً الجزابري هً التً كانت تنص على حاالت التعسؾ فً
فالمادة 19قانون المدنً الجزابري فً القانون القدٌم كانت تنص على ما ٌلً:19
إرا وبْ ٠شِ ٟإٌ ٝاٌحظٛي ػٍ ٝفبئذة لٍٍ١ت ببٌٕغبت ٌٍؼشس ٔبشئ ٌٍغ١ش.
فالمشرع الجزابري فً هذه المادة لم ٌنص على مبدأ عام ٌمهد فٌه لنص التعسؾ
فً استعمال الحق ،كما فعل المشرع المصري فً المادة 51فً القانون المدنً المصرٌن
تكاد مطابقة لتلك التً ذكرها المشرع المصري ،21فً المادة 50وٌظهر االختبلؾ الطفٌؾ،
فً استبدال كلمة مصلحة بكلمة فابدة مع العلم أن كلمة مصلحة أدق خاصة فً استعمال
الحقوق.
أما فً القانون المدنً الجزابري الجدٌد أتت المادة 001مكرر من قانون رقم 02-20
إرا وبْ ٠شٌٍِ ٟحظٛي ػٍ ٝفبئذة لٍٍ١ت ببٌٕغبت إٌ ٝاٌؼشس إٌبشئ ٌٍغ١ش.
الفقه اإلسبلمً ،وأنه صاؼها على شكل مبدأ عام بالنسبة لجمٌع الحقوق سواء كانت عٌنٌة أو
شخصٌة أو معنوٌة ،بل ٌسري فً جمٌع نواحً القانون ،وقد رأى المشرع فً تحدٌد هذه
وهو السلوك المـؤلوؾ للشخص العـادي ،الذي ٌهٌا للقاضً ما ٌمكن االسترشـاد به
لمعرفة استعمـال الحق ،الؽٌر مشروع و علٌه فـإن اإلنحراؾ عن هذا السلوك فً استعمـال
الحق ال ٌعتبر تعسفـا عدى إذا إتخذ صورة من الصور ثبلثة التً نصت علٌهـا المادة 931
نظرا لكون الخبلؾ واقع بٌن المذهبٌن الرأسمالً واالشتراكً فً الؽاٌة والمدى فإن
معاٌٌر التعسؾ فً استعمال الحق ،البد أنها مختلفة أٌضا باختبلؾ وجهات النظر.
وباستقرابنا الماضً والحاضر ،منذ العهد الرومانً إلى الٌوم ،نجد أن معاٌٌر التعسؾ
المعٌار المختلط.22
ٌقوم على نٌة اإلضرار بالؽٌر ،سواء كانت النٌة ثابتة أو مفترضة وقد أخذ به كل من
ومعٌاره فً قوله٠ " :ؼخبش اعخؼّبي اٌحك حؼغفب ،إرا ٚلغ بمظذ اإلػشاس ببٌغ١ش".
تحسين درويش ،استعمال الحق كسبب لمتبرير في القانون الجزائري المقارن ،معيد العموم القانونية واالدارية ،بن 22
المعٌار الموضوعً:
ٌقوم على منافاة استعمال الحق ،للؽرض االقتصادي واالجتماعً الذي شرع من أجله
ومعٌاره فً نص المادة الثانٌة ،أن القانون ٌكفل الحقوق المدنٌة ،إال أن ٌكون استعمالها
فٌعتبر الشخص متعسفا فً استعمال حقه ،إذا تحققت إحدى الصور المذكورة سابقا.
ٌكون الشخص متعسفا فً استعمال حقه ،إذا لم ٌقصد به سوى اإلضرار بالؽٌر وٌعتبر
استعمال الحق ؼٌر مشروع ،إذا اقتصر هذا االستعمال على نٌة اإلضرار بالؽٌر.26
-23نبيل ابراىيم سعد ،ىمام محمود زىران ،مدخل لمقانون نظرية الحق ،بدون طبعة ،منشأ المعارف اإلسكندرية ،
، 2222ص .224
-24عبد القادر الف ار ،مدخل لدراسة العموم القانونية ،مبادئ القانون ،النظرية العامة لمحق ،طبعة أولى ،دار الثقافة
لمنشر ،عمان ، 2224 ،ص .534
-25محمدي فريدة زواوي ،مدخل لمعموم القانونية لنظرية الحق ،بدون طبعة ،معيد الحقوق و العموم اإلدارية بن
عكنون ، 1997 ،ص .152
فمعٌار التعسؾ هنا ذاتً قوامه قرٌنة اإلضرار لدى صاحب الحق ،حٌث ٌكون قصد
اإلضرار هو العـامل األساسً ،الذي دفع صاحب الحق إلى استخدام السلطات التً ٌتضمنها ،
و مثال ذلك :المالك الذي ٌبنً جدار مرتفعا ،أو ٌزرع أشجار كثٌفة متعسؾ فً استعمال
حقه حتى و لو زادت منفعة األرض ،بل و لو كان صاحب األرض قد توقع هذه المنفعة ،ما
فإذا وقع بقصد اإلضرار بـالؽٌر ،ففً هذه الحـالة توافر القصد لدى صاحب الحق 28و
ٌبلحظ على هذا المعٌار أنه معٌار ذاتً ،استقر الفقه اإلسبلمً و الفقه الؽربً و القضاء على
األخذ به ،و الجوهري فً هذا الشؤن هو توافر نٌة اإلضرار و لو فض استعمال الحق إلى
و هذا بـاعتباره معٌـار شخصً ٌستند إلـى أمور نفسٌة كـامنة داخل النفس البشرٌة ،
لهذا فإن القضـاء ٌجري فً أحكـامه على استخبلص هذا القصد من قرٌنة قضابٌة ،تشمل فً
-27محمد حسين منصور ،نظرية الحق ،ماىية الحق ،أنواع الحقوق ،بدون طبعة ،منشأة معارف ،اإلسكندرية ،سنة
، 2336ص .009
-28اسحاق ابراىيم منصور ،نظرية القانون و الحق و تطبيقاتيما في القوانين الجزائرية ،طبعة ، 0ديوان المطبوعات ،
الجزائر ، 0225 ،ص .009
و هذا النوع ٌكون فً دعـاوى اإلفبلس الكٌدٌة ،و التنفٌذ الكٌدي و كذلك الدعـاوى و
المطلب الثانً :إذا كان استعمال الحق ٌرمً إلى الحصول على فائدة قلٌلة
ففً هذه الحالة ٌعتبر الشخص متعسؾ حتى لو كانت له مصلحة ،فً إستعمال حقه على
وجه معٌن ،و ذلك بالنظر إلى أن هذه المصلحة ال تتناسب مع الضرر الذي ٌصٌب الؽٌر ،إذ
كمن ٌؽرس أشجـار عالٌة لتوفٌر نوع من الرطوبة ،و ٌحجب بذلك النور عن جاره أو
و هذا طبق لما جاء فً المواد 3/357من القانون المدنً الجزابري ،و المادة 3/77من
-29محمد حسين منصور ،مدخل إلى القانون ،نظرية الحق ،بدون طبعة ،الدار الجامعية لمطباعة و النشر ،سنة
، 0222ص .053
-30محمدي فريدة زواوي ،المرجع السابق ،ص .259
حٌث جاء مقتضى المادة " 3/357غ١ش أٔٗ ٌ١ظ ٌّبٌه اٌحبئؾ أْ ٙ٠ذِٗ ِخخبسا دْٚ
ػزس لبٔ ، ٟٔٛإْ وبْ ٘زا ٠ؼش اٌجبس اٌز٠ ٞغخش ٍِىٗ ببٌحبئؾ ".
أما المادة 3/797من القانون المصري جاءت على أنه ١ٌ ":ظ ٌّـبٌه اٌحـبئؾ أْ ٙ٠ذِٗ
ِخخـبسا د ْٚػزس ل ، ٞٛإْ وبْ ٘زا ٠ؼش اٌجـبس اٌز٠ ٞغخش ٍِىٗ ببٌحبئؾ ".
فنص المادة 3/357فً كلمة قانون خاطا و صحتها قوي كما ورد فً النص المصري
و ترتب ضرر أعظم من المصلحة ٌ ،عتبر من حاالت التعسؾ عدم التناسب بٌن مصلحة
الحق و الضرر ،الذي ٌصٌب الؽٌر .32و نظر للتفاوت بٌنهما ٌمنع على صاحب الحق
فالقانون ٌشترط فً هذه المصلحة ،أن تكون ذات قٌمة إذا اقترنت بما ٌصٌب الؽٌر من
ضرر ،كؤن ٌقوم صاحب الحق بهدم جدار كان الجار ٌتستر به ،و هذه الحالة ؼالبا ال ٌتوافر
-31
محمدي فريدة زواوي ،المرجع السابق ،ص .259
-32محمد الصغير بعمي ،مدخل لمعموم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق ،بدون طبعة ،دار العموم لمنشر و التوزيع
،عنابة ، 0222 ،ص .265
و إذا كان المعٌار فً هذه الحالة مادٌا فً ظاهره ،إال أن النٌة كثٌرا ما تكون العلة
و أبرز تطبٌقات هذا المعٌار ٌعرض بمناسبة إساءة الحكومة لسلطتها كفصل الموظفٌن
و مإدى هذا المعٌـار فً هذه الحـالة ٌ ،تسم بالطابع الموضعــً ال شخصً حٌث تقوم
على انعدام التناسب بٌن الضرر ،الذي ٌلحق بالؽٌر و المنفعة العـابدة على صـاحب الحق ،و
تلك مسؤلة ٌقدرها القاضً ،حسب الظروؾ و مبلبسـات كل حالة على حدة.
ٌعتبر صـاحب الحق متعسفا ،إذا استعمله ابتؽاء تحقٌق مصالح ؼٌر مشروعة و ذلك
و صاحب العمل الذي ٌستعمل حقه فً إنهاء خدمة العامل ،لمجرد إلتحاقه بنقابة
العمال ، 34فالحقوق لٌست لهـا قٌمة فً نظر القـانون إال بقدر ما تحققه من مصالح مشروعة
،فإن تنكب صـاحب الحق ذلك و انحرؾ بحقه ،فً سبٌل تحقٌق مصالح مشروعة تجرد حقه
كما ال ٌحق لمـالك شقة أن ٌتخذهـا وكرا للقمـار ،أو الرتكاب أفعـال ؼٌر مشروعة، 37
و كذلك ٌعد متعسفا فً إستعمال حق لمالك الذي ٌحٌط أرضه بؤعمدة أو أشجار شاهقة اإلرتفاع
،إلجبار شركة طٌران تهبط طابرتها فً مطار مجاور ،على شراء أرضه بثمن مرتفع.
و كذا مالك المنزل الذي ٌصدر ضوضاء من شقته ،إلقبلق راحة المستؤجرٌن بقصد
و جزاء التعسؾ فً إستعمال الحق ،هو منع هذا االستعمال و المطالبة بالتعوٌض فإن
القانون أقام التعسؾ فً هذه الحالة ،على معٌار موضوعً و هو عدم مشروعٌة المصلحة
المشرع فً النصوص متعلقة لمضار الجوار ؼٌر المؤلوفة ،و هذا اعتبارا لتطبٌقات أحكام
39
الشرعٌة اإلسبلمٌة التً تقضً بؤن ٌعتبر إستعمال الحق تعسفا إذ ألحق بالؽٌر ضررا فاحشا
،و من تطبٌقات الضرر الفاحش ما نصت علٌه المادة 619من القانون المدنً الجزابري
بقولها ٠ " :جب ػٍ ٝاٌّبٌه أال ٠خؼغف ف ٟاعخؼّبي حمٗ إٌ ٝحذ ٠ؼش بٍّه اٌجبس".
ٌتضح من ذلك أن ؼـالبٌة القوانٌـن الحدٌثة ،تعد مبدأ عـامـا ٌدل معٌـار التعسؾ و فً
كثٌر من الدول ٌفضل المشرع وضع معٌـار تمـام ،للتعسؾ دون تحدٌد أو تعدٌد لصوره ،و
هذا األسلوب ٌنم بالمدونة و القدر على التجـاوب و التطور مع تؽٌر الظروؾ و األوضـاع ،و
لعل ذلك هو مـا دفع المشرع الجزابري و الدول العربٌة األخرى ،إلى تحدٌد صور التعسؾ و
-39
محمدي فريدة زواوي ،المرجع السابق ،ص .252
الفصل الثاني :أحكام التعسف في استعمال الحق
ٌتجلى بوضوح أن نطـاق و تطبٌق نظرٌة التعسؾ فً استعمـال الحق ،أنها تحتل مكانـا بارزا
فً النظـام القـانونً المعـاصر ،و ألنهـا تنبسط على جمٌع فروع القـانون ،و ال ٌقتصر تطبٌقها
40
على ناحٌة معٌنة من نواحً القانون المدنً ،و إنما تطبق على هذه النواحً جمٌعا.
فإن القضاء ٌجزم بؤن هذه النظرٌة تنطبق على روابط األحوال الشخصٌة ،كما تنطبق على
الروابط المالٌة.
و أنها تسري فً شؤن الحقوق العٌنٌة ،سرٌانها فً شؤن الحقوق الشخصٌة ،و أنها ال تقؾ
عند حدود القانون الخاص ،بل تجاوزه إلى القانون العام .
و قد ساعد على اختٌار هذا المسلك ،إقرار الشرٌعة اإلسبلمٌة لنطاق و تطبٌق لنظرٌة
-40
محمد حسين منصور ،المرجع السابق ،ص .269
المطلب األول :نطاق نظرٌة التعسف فً استعمال الحق .
إن تحدٌد نطـاق نظرٌة التعسؾ فً استعمـال الحق هو مـا ٌقتضً تحدٌد المحل الذي ٌرد علٌه
التعسؾ ،و فً هذا الشؤن نجد اتجـاهٌن ،أولهمـا إلى التضخٌم من نطـاق هذه النظرٌة بسبط
محل التعسؾ إلى الحرٌات أو الرخص العامة كالحقوق سواء بسواء 41،و الثانً إلى التضٌٌق
،باستبعـ اد بعض الحقوق و هذا بالمعنى مما ٌجعلها حقوقا مطلقة أو تقدٌرٌة ،فنعرض
أوال :التعسف ٌرد على استعمال الحقوق دون ممارسة الحرٌات أو الرخص
العامة.
42
ٌرى جانب كبٌر من الفقه إلى أن التعسؾ ال ٌكون إال بالنسبة للحقوق بالمعنى الدقٌق.
فإن نظرٌة التعسؾ فً استعمال الحق ،تقتصر على الحقوق ،les droitsدون الحرٌات les
الحقوق وحدها .أما الرخص فبل حاجة إلى فكرة التعسؾ فً ترتٌب مسإولٌة ٌباشرها عن
ٌقصد بالحق فً هذا الصدد ،كحق شخص فً ملكٌة عٌن من األعٌان ،أو حقه فً اقتضاء
و بذلك ٌفترق الحق عن الرخص أو الحرٌات العامة التً تفترض ثبوت حرٌات معٌنة لكافة
الناس دون أن ٌستؤثر أحد بها ،دون ؼٌره من الناس ،كحرٌة الرأي ،و حرٌة االجتماع ،و
43
حرٌة التعاقد و التملك.
و فً هذه الحالة األخٌرة ،إذا ما وقع من الشخص انحراؾ فً سلوكه ،عندما ٌستعمل رخصة
44
من الرخصٌ ،كون قد أخطؤ خطؤ عادٌا ٌلزمه التعوٌض.
و هذه الرخص ،أو اإلباحات ،ال حاجة إلى فكرة التعسؾ فٌها لتؤمٌن الؽٌر ،ما ٌنجم من
45
ضرر عن استعمال الناس لها ،ألن أحكام المسإولٌة المدنٌة تتكفل بذلك على خٌر وجه.
-43توفيق حسن فرج ،مدخل العموم القـانونية النظرية العـامة لمقـانون ،نظرية العـامة لمحـق ،الجزء األول ،بدون طبعة،
دار الجامعية ،بيروت ، 1988ص .856
-44نبيل ابراىيم سعد ،المرجع السابق ،ص .328
-45عصام أنور سميم ،أسس الثقافية القـانونية في نظرية القانون و الحق و العقد ،بدون طبعة ،الدار الجامعية ،
اإلسكندرية ،1997 ،ص.268
القول بعدم الحاجة إلى فكرة التعسؾ فً الرخص ،أو اإلباحات ،إكتفاء بتطبٌق أحكام
المسإولٌة المدنٌة.
46
و هذا ٌستهدؾ من هذه النظرٌة بسبط الرقابة على كافة التصرفات القانونٌة .
و ٌرد علـى هذا اإلتجاه نقد جوهري ،أن قواعد المسإولٌة المدنٌة تظل حبٌسة مجـال وقوع
الضرر ،بسبب إسـاءة استعمـال الحق الخاص ،أو الحق العام ،الذي ٌقال له اإلباحة ،أو
الحرٌة .
من خبلل ما جاء به الفقه تظل فكرة المسإولٌة المدنٌة قاصرة على أن تلعب الدور الوقابً ،
الذي تإدٌه فكرة عدم جواز التعسؾ فً استعمال الحق ،الخاصة فً استعمال الحرٌات من
باعتبار إ ذا كانت النظرٌة ال تعنى بالحقوق فً المعنى القانونً فحسب ،مما ٌستبعد من نطاق
تطبٌقها.
تلك الحرٌات أو الرخص العامة التً قد تعتبر حقوق فً المعنى السٌاسً أو الفلسفً ال فً
التقدٌرٌة.
و هذا إذا كـان التعسؾ ال ٌرد إال علـى استعمـال الحق ،دون ممـارسة الحرٌـات ،أو
الرخص العـامة ،على نحو السـابق بٌـانه ،و هذا ما أدى إلى التساإل و البحث عما إذا كان
التعسؾ ٌرد على استعمال كافة حقوق ،دون تمٌز ،أو ٌرد على استعمال بعضها ،دون
البعض اآلخر.
فهً تمتد لتشتمل الحقوق ،و الرخص على حد سواء ،فالتعسؾ صورة خاصة من صور
الخطؤ ،47و هذا ما ٌسٌر علٌه القضاء ،فهذه الرخصة و إن كانت من الحقوق التً تثبت
للكافة .إال أنه ال ٌسوغ لمن ٌباشره اإلنحراؾ عما شرع له ،و استعماله استعماال كٌدٌا ابتؽاء
مضارة الؽٌر ،إال حقوق مساءلته عن تعوٌض األضرار التً تلحق الؽٌر بسبب إساءة
استعمال الحق.
و ذهب جانب من الفقه إلى عدم سرٌان نظرٌة التعسؾ بالنسبة لطابفة معٌنة من الحقوق ،و
هً ما ٌطلق علٌها بالحقوق التقدٌرٌة أو المطلقة ،و هً التً ٌكون لصاحبها مطلق التقدٌر فً
استعمالها ،تحكمه فً ذلك دوافع شخصٌة محضة ال ٌستطٌع القاضً أن ٌراقبها أو أن ٌناقش
هذا التقدٌر ،من ذلك حق الشرٌك على الشٌوع فً طلب القسمة و الحق األدبً للمإلؾ.
48
خاصة و حقوقا عامة أو حرٌات ،و أدلتها األصلٌة.
و أوضح مراد سٌد أحمد أن نطاق تطبٌق مبدأ إساءة استعمال الحق لٌس مقصورا على الحقوق
الناشبة عن التزامات ،بل ٌمتد إلى قانون 49سواء فً ذلك القانون المدنً ،أو القانون التجاري
،أو قانون المرافعات ،و ذهب إلى أبعد من ذلك قاببل بؤن إساءة استعمال الحق ال تقتصر
50
إذ ٌمكن القول بؤن هناك إساءة استعمال حق الحرٌة أو حق االجتماعات ...
و الواقع أن هذه الحقوق لٌست محبل إلجماع الفقه ،فإذا كان بعض الفقه الفرنسً ٌقر بوجود
هذه الحقوق التقدٌرٌة فإنه ٌعترؾ فً ذات الوقت بؤنها ال توجد إال بصفة استثنابٌة.
بقاٌا النزعة الفردٌة القدٌمة المتطرفة التً كانت تجعل لصاحب الحق حصانة مطلقة فً
51
استعمال لحقه.
و هذا باعتبار أنها ال تستقٌم مع نصوص القانون المصري ،أو اللبنانً ،و التً تجعل من
تحرٌم التعسؾ فً استعمال الحق مبدأ عاما ٌنطبق على كافة الحقوق دون قٌد .
و يقول فتحي الدريني " :إْ ٔظش٠ت اٌخؼغف ف ٟاٌشش٠ؼت اإلعالِ١ت حشًّ فٔ ٟطبق حطب١مٙب
52
اٌحمٛق ٚاإلببحبث".
53
كما ٌرى البعض أنها نظرٌة ترد على إستعمال الحق و السلطة سواء.
الحقوق أو السلط المإسسة على إباحة استثنابٌة ،فً القانون الخاص و العام.
كما أثر المشرع الجزابري فً القانون المدنً ،و الدستور الجزابري ،أن التعسؾ نظرٌة
عامة تشمل فً تطبٌقها القانون الخاص و القانون العام ،أي الحقوق و اإلباحات.
استعماال مشروعا ال ٌكون مسإوال عما ٌنشؤ عن ذلك من ضرر ،و هذا باعتبار أن مناط
المسإولٌة عن تعوٌض الضرر لوقوع الخطؤ ،و إنه ال خطؤ فً استعمال صاحب الحق لحقه
فً جلب المنفعة المشروعة ،و أن استعمال الحق ال ٌكون ؼٌر مشروع إال إذا لم ٌقصد به
سوى اإلضرار بالؽٌر و هو ما ال ٌتحقق إال بإنتفاء مصلحة من استعمل الحق ،55و حق
و ال ٌسؤل من ٌلج أبواب القضاء تمسكا أو زودا عن حق ٌدعٌه لنفسه ،إال إذا ثبت انحرافه
عن الحق المباح إلى الخصومة و الحنث ،مع وضوح حق ابتؽاء اإلضرار بالخصم.
و لهذا كـان مجـال تطبٌق نظرٌة التعسؾ فً استعمـال الحق ٌ ،قتصر على مجـال تطبٌقهـا
قضابٌـا ،و هذا على أسـاس أن العدالة قـابمة على إقرار التوازن بٌن الحق و الواجب.
و ٌتسع مجال تطبٌق نظرٌة التعسؾ فً استعمال الحق فً الفقه اإلسبلمً ،حٌث تشمل جمٌع
كانت عامة كسلطة القاضً ،56فإذا أساء أي من هإالء فً إستعمال السلطة منع و ٌلزم
تعوٌض.
و لذلك أنشبت والٌة المظالم للحد من تعسؾ الوالة و األمراء و إنصاؾ الرعٌة إذا أساءوا
استعمال سلطتهم
كـان هـذا العهد مشبعـا بروح الفـردٌة التــً نتجـت عن الثـورة الفـرنسٌة ،و شــاع مبدأ
سلطان اإلرادة ،و ٌودي بحقوق اإلنسان ،و أصبح األفراد هم الذٌن ٌحكمون عبلقتهم
بؤنفسهـم دون حـــاجة إلـى تدخل المشرع للحد من حرٌــاتهم ،و ممــارستهم حقوقهم ،57و
بانتصار الثورة الفـرنسٌة تحقق انتصار المذهب الفـردي فانتشرت النظـرٌة فً هذه الفتـرة ،و
بذلك لـم ٌتحدث أحد من الفقهـاء خــبلل هذه الفتـرة عن نظرٌـة التعسؾ ،و سـاعد كل هذا أن
النظرٌة لم تجمع شتاتهـا ،و لم تضع ال فً القانون الرومانً و ال فً القانون الفرنسً القدٌم .
و بذلك كان للفقه و القضاء فً فرنسا فضبل فً إحٌاء مبدأ تحرٌم التعسؾ.58
على مدى و كثرت األحكام و التطبٌقات القضابٌة ،و علٌه فقد أثر القضاء فً الفقه و تؤثر به.
مـالك أقام فوق سطح منزله مدخنة ،و كان ؼرضه الوحٌد من إقـامتها حجب النور عن جاره
و من حٌث أن المبـادئ العامة تقضً بؤن حق الملكٌة هو على وجه مطلقٌ ،بٌح للمالك أن
ٌنتفع بشًء و أن ٌستعمله وفقا لهواه ،و لكن استعمال هذا الحق كاستعمال أي حق آخر ٌجب
البـاعث علٌها رؼبة شرٌرة ،دعوى ال تبررهـا أٌة منفعة شخصٌة ،و هً تلحق بالؽٌر أذى
جسمـا و بناء على هذه الحالة ٌجوز للمحكمة أن تقضً بإزالة المدخنة مع التزام المالك
بتعوٌضات .
فواصل خشبٌة كبٌرة على حدود ملكه ،60أو شجٌرات كثٌفة ،أو حــابط من اإلسمنت المسلح ،
أو استبدال حابط بشبكة حدٌدٌة لمجرد حجب النور أو الهواء أو الرإٌة عن نوافذ الجار،61
أمــا إذا أقام الحابط لٌستر من أن ٌطل الجار على داره أو على حدٌقته فبل تعسؾ و ال
تعوٌض.
امتدت التطبٌقـات ،و شملت حق التقـاضً فً رفع الدعـاوى ،فإن استعمل هذا
الحق استعماال كٌدٌا ابتؽـاء مضـارة الخصم أو كانت الدعوى منطوقة على روح االنتقـام أو
بقصد عرقلة تنفٌذ الحكم ،62أو لمجرد الطٌش و عدم التبصر فً استعمـال حق التقـاضً ،بل
و ٌكتفً القضـاء بسوء النٌة ،أو التهـور ،أو خفة فً رفـع الدعوى التً ٌبدو فً أول وهلة
أنه ال ٌحق رفعهـا أو ٌكون صـاحب الدعوى قد رفعهـا من قبل و خسرها ،ثم كرر رفعها
فصل العـامل لدٌه ،أهم تطبٌق لها ،فً هذه الحقوق ،و إن كان التعسؾ ٌ ،مكن أن ٌشوب
مصلحة جدٌة و مشــروعة ،كون المدعـً مبطبل فً دعــواه ،و لم ٌقصد بمـا سوى مضارة
المادة 202من القانون المدنً المصري فً فقرتها الثانٌة تقضً بؤنه إرا وبْ
اٌخٕف١ز اٌؼ ٟٕ١إس٘بق ٌٍّذ ٓ٠جبص ٌٗ أْ ٠مخظش ػٍ ٝدفغ حؼ٠ٛغ ٔمذ، ٞإرا وبْ رٌه ال ٍ٠حك
فالقـانون المصـري إذن ٌجٌز للمدٌن أن ٌعرض أداء تعـوٌض نقدي ،بدال من تنفٌذ إلتزامه
تنفٌذا علنٌــا فً حــالة التً ٌإدي فٌها التنفٌذ العٌنً إلى إرهاق المدٌن ،و ال ٌترتب علـى
-63محمد جمال الدين زكي ،الوجيز في النظرية العامة االلتزامات في القانون المدني المصري ،ص .525
-64ابراىيم سيد أحمد ،المرجع السابق ،ص .81
-65عصام أنور سميم ،المرجع السابق ،ص .273
فهنا ٌدرأ المشرع التعسؾ قبل وقوع الضرر و ٌحول دون تسببه فً الضرر للمدٌن من جراء
مطالبة الدابن تعسفـا بالتنفٌذ العٌنً فً ؼٌر مصلحة جدٌة ،بدلٌل أن االقتصـار علـى حصوله
الحابط.66
فهنـا النص شـرع جزاء وقابٌـا ٌبرأ التعسؾ من المـالك فً استعمـال حق ملكٌته لحـابط الذي
ٌستتر به ملك الجـار من خبلل الحٌلولة بٌن مالك الحابط و هدمه أصبل ،بحٌث ٌكون احترام
مالك الحابط لما ٌوجبه مبدأ عدم جواز التعسؾ فً استعمال الحق.
التعسؾ فً توجٌه الٌمٌن الحـاسمة ،و التعسؾ فً الدفع بعدم التقٌٌد ،و فً
حق الملكٌة ،و الحقوق المتفرعة عنه ،و كذا فً نطاق قوانٌن ،إٌجار األماكن ،و نطاق
العقود.
كذلك المـادة 5011من القـانون المدنً المصـري و التً تنص على أن " ٌّــبٌه اٌؼمبس
اٌّشحفك بٗ أْ ٠خحشس ِٓ األسحفـبق وٍٗ أ ٚبؼؼٗ إرا فمذ اإلسحفــبق وً ِٕفؼت ٌٍؼمــبس اٌّشحفك
بٗ ".68
إن المشرع المصـري بوضعه هذه القواعد التـً تحدد اإلطار المشروع
الستعمال الحق فً صدر التقنٌن المدنً بدل داللة قاطعة على عمومٌة تطبٌقها و بسط سلطانها
على استعمال الحق أٌا كان مصدره و أٌا كانت طبٌعته و أٌا كان الفرع الذي ٌنتمً إلٌه .
فنظرٌة التعسؾ فً استعمال الحق طبقت فً مصر من خبلل مجـال األحوال العٌنٌة و
األحوال الشخصٌة ،و مجال القواعد الموضوعٌة ،و القواعد اإلجرابٌة فً القانون الخاص و
لقد أخذ القانون الجزابري بنظرٌة التعسؾ فً استعمال الحق و هو ما ذهبت إلٌه:
"اٌٍّى١ت ٘ ٟحك اٌخّخغ ٚاٌخظشف ف ٟاألش١بء بششؽ أْ ال ٠غخؼًّ اعخؼّبال ححشِٗ اٌمٛأٓ١
ٚاألٔظّت ".69
-68نبيل ابراىيم سعد ،الحقوق العينية األصمية ،أحكاميا ،و مصادرىا ،بدون طبعة ،دار المعرفة الجامعية ، 1999 ،
ص .95
فمضمون حق الملكٌة مثبل ٌتكون من سلطات االستعمال و االستؽبلل و التصرؾ .
مثال :ملكٌة دار ٌتمثل مضمون حق مالك الدار فً السلطات التالٌة :
فإذا تجاوز صاحب الحق هذه السلطات الثبلث ٌكون قد خرج عن حدود حقه و ٌعتبر متعسفا.
و كذا المادة 474التً ورد فٌها ٌّ " :ــبٌه اٌشٟء اٌحك ف ٟوً رّــبسٖ
و قد جاء فً المادة 410من القانون المدنً الجزابري ٠" :جب ػٍ ٝاٌّــبٌه أْ
٠شاػــ ٟف ٟاعخؼّــبي حمٗ ِب حمؼ ٟبٗ اٌخشش٠ؼــبث اٌجــبس ٞبٙب اٌؼًّ اٌّخؼٍمت ببٌّظٍحت
اٌؼــبِت أ ٚاٌّظٍحت اٌخبطت ٚ ،ػٍ ٗ١أ٠ؼــب ِشاػبة األحىــبَ ا٢ح١ت :حك اٌّّش ،ػٍك ،
الجــاري بها العمل و المتعلقة بالمصلحة العـامة أو المصلحة الخـاصة و أن ال ٌتعسؾ فً
استعمال حقه إلى حد ٌضر بملك الجار و لٌس للجار أن ٌرجع على جـاره فً مضار الجوار
المؤلـوفة ؼٌر أنه ٌجوز أن ٌطلب إزالة المضار إذا تجاوزت الحد المؤلوؾ .
و لمــا كـان ثابتـا فً قضٌة الحـال أن جٌران المدعً تضرروا من ؼلق الممر المإدي لمنزلهم
من طرؾ المدعً المـالك ممـا ألزمهم بالدخول إلى منــازلهم مرورا بطرٌق بعٌد و بالتالً
أما فٌما ٌخص التعسؾ حق الملكٌة ،أن عدم جواز نزع الملكٌة جبرا إال بشرط
طبقا للمادة 477من القانون المدنً الجزابري ،أنه ال ٌجوز حرمات أحد من ملكٌته إال فً
األحوال و الشروط المنصوص علٌها فً القانون ؼٌر أن لئلدارة الحق فً نزع جمٌع الملكٌة
العقارٌة أو بعضهـا ،أو نزع الحقوق العٌنٌة العقارٌة للمنفعة العامة ،مقابل تعوٌض منصؾ
و عادل.71
إذن فالنص ٌبرز الحماٌة المقررة لحق الملكٌة ضد اعتداء اإلدارة ،و لكن استثناء ٌجوز
-71ىجيرة دنوني بن شيخ الحسن ،موجز المدخل لمقــانون النظرية العـــامة لمقـانون و النظرية العـامة لمحق ،كمية
الحقوق ،تممسان ،بدون طبعة ،ص.195
وجود نص فً القانون ٌبٌح نزع الملكٌة.
إلى جــانب مـا تقضً به المــادة 026من القانون المدنً الجزائري " :غ١ش
أٔٗ ٌ١ظ ٌّــبٌه اٌحــبئؾ أْ ٙ٠ذِٗ ِخخبسا د ْٚػزس لــبٔ ٟٔٛإْ وــبْ ٘زا ٠ؼش اٌجــبس اٌزٞ
و مــا تقضــً به المــادة 662من القــانون المدنــً الجزائري " :أٔٗ ٠جٛص
ٌّبٌه اٌؼمبس اٌّخفك بٗ أْ ٠خحشس ِٓ االسحفبق وٍٗ أ ٚبؼؼٗ إرا فمذ االسحفبق وً ِٕفؼت ٌٍؼمبس
اٌّشحفك ٌٗ ع ٜٛفبئذة ِحذٚدة ال حخٕبعب ِغ األػببء اٌٛالؼت ػٍ ٝاٌؼمبس اٌّشحفك بٗ ".
مــا تقضــي به المــادة 025من القــانون المدنــي الجزائـري ِٓ " :أٔٗ ٌٍّبٌه إرا
وبٔج ٌٗ ِظٍحت جذ٠ت ف ٟحؼٍ١ت اٌحبئؾ اٌّشخشن أْ ٠ؼٍ ٗ١بششؽ أْ ال ٍ٠حك بشش٠ىٗ ػشسا
اٌّـبٌه أال ٠خؼغف ف ٟاعخؼّـبي حمٗ إٌ ٝحذ ٠ؼش بٍّه اٌجـبس ١ٌ ٚ ،ظ ٌٍجـبس أْ ٠شجغ ػٍٝ
جبسٖ فِ ٟؼـبس اٌجٛاس اٌّأٌٛفت ،غ١ش أٔٗ ٠جٛص أْ ٠طٍب إصاٌت ٘زٖ اٌّؼبس إرا حجبٚصث
اٌحذ اٌّأٌٛفت ٚػٍ ٝاٌمبػ ٟأْ ٠شاػ ٟف ٟرٌه اٌؼشف ٚؽب١ؼت اٌؼمبساث ِٛ ٚلغ وً ِٕٙب
إلــى جانب هذه التطبٌقـات ٌ ،عد انهاء عقد العمل بؽٌر مبرر مشروع ،حقه فً تعوٌض ما
أصابه من ضرر مادي مباشر ،72أو فصل رب العمل العامل بسبب انتمابه إلى نقابة أو
مشاركته فً إضراب ،أو بسبب تؤخره قلٌبل عن الوقت ،أو أنه أصبح ؼٌر قادر على العمل
فكلها مواقؾ ٌكون فٌها رب العمل متعسفا فً استعمال حقه فً إنهاء العقد و تتحقق مسإولٌته.
كما وجد صدى لهذه الفكرة فً القانون الجنابً حٌث نص المشرع على تجرٌم و عقاب
صاحب الدار إذا أحرقها عمدا ، 73ألن ذلك الفعل و إن كان محله حقا من فروع حق الملكٌة
ٌجٌز له التصرؾ فً ملكه بالهدم أو اإلحراق مثبل ،إال أنه ٌنطوي على خطورة اجتماعٌة
قانون العقوبات.
كما وجد صدى لهذه الفكرة فً قــانون األسرة ،من خبلل التعسؾ فً استعمــال الحقوق
الزوجٌة ،و كذا التعسؾ فً استعمــال الحق بٌن األصــول و الفروع .
و أضـاؾ المشرع الجزابري فً أحكــام المادة 50من قانون األسرة الجزائري ":إرا حبذ
و لقد جـاء فً مقتضى المادة 526مكرر من القانون المدنً الجزابري على اعتبار حـاالت
التعسؾ فً استعمـال الحق خطؤ ٌستوجب المسإولٌة .و لقد طبقت المحكمة العلٌـا ،من خبلل
كـان لئلختبلؾ فً تحـدٌد األسـاس القـانونً لنظرٌة التعسؾ فً استعمـال الحـق ،إنعكـاسـا ،
هو عٌنه الذي إختلؾ الفقه حولـه ،فلنرى ذلك بشـًء من التفصٌل .
ٌرى هذا اإلتجاه أنه ٌجب تحدٌد ما إذا كان التعسؾ فً استعمال الحق ،صورة من صور
الخطؤ التقصٌري.
و ٌعتبر هذا اإلتجــاه الســابد فً الفقه الحدٌث إسنــاد التعسؾ إلــى فكرة خطؤ ،باعتباره بؤن
التعسؾ فً استعمال الحق ٌعد تطبٌقا عادٌا من تطبٌقات الخطؤ المرتب للمسإولٌة
التقصٌرٌة.75
إذ ٌذهب الفقه و القضاء الفرنسٌان الحدٌثان ،و أؼلب المإلفٌن العرب ،إلى إدخال نظرٌة
التعسؾ فً استعمال الحق فً نظام المسإولٌة التقصٌرٌة ،و ٌعتبر المتعسؾ قد أرتكب خطؤ
فً إستعمال حقه ،و ٌتحقق ذلك متى انحرؾ عن سلوك الرجل العادي.76و ذلك سواء كان
الخطؤ عمدي جسٌما ،أم ٌسٌرا ،ؼٌر أنه ٌمكن الرد على هذا بؤن التعسؾ قد ٌتحقق دون أن
فً استعمال حقه حٌطة و التبصر التً ٌبذلها الرجل العادي .
و كمـا فً هدم الحـابط الذي ٌحجب النـور عن الجـار ،فالخطـؤ ٌوجب المسإولٌة ،إذا سبب
سواء كان التعوٌض عٌنٌا بإزالة الشًء الذي ٌضر بالؽٌر ،أو التعوٌض التقدي.
و اعتبر السنهوري هذا اإلتجاه أنه تمٌز بالوضوح ،و بما ٌحققه من وحدة أحكام المسإولٌة
الناشبة عن ممارسة الرخص ،و تلك الناشبة عن إستعمال الحقوق ،و بما ٌسٌره من تحدٌد
معٌار التعسؾ باإلكتفاء برده إلى معٌار الخطؤ التقصٌري ،و هو االنحراؾ عن السلوك
و هناك قسما من الفقه رفض هذه الوجهة ،و اعتبر أن من الخطؤ الذهاب إلى اعتبار التعسؾ
فً استعمال الحق ،تطبٌقا للخطؤ العنصر المعروؾ ،من عناصر المسإولٌة التقصٌرٌة .و
أن فكرة التعسؾ ٌجب أن تقوم على قٌاس مسلك صاحب الحق فً استعمال حقه ،وفقا للؽاٌة
اإلجتماعٌة من الحق.78
و هذا اإلتجاه لم ٌخرج التعسؾ فً استعمال الحق كلٌة من نطاق المسـإولٌة التقصٌرٌة ،و
و أعتبر التعسؾ نوعا متمٌزا من الخطؤ ،أو خطؤ ذا طبٌعة خاصة ، suigenerisأي أنه
خطؤ مرتبط بروح الحق و ؼاٌته اإلجتماعٌة ،و هو ما ٌخرج به عن مدلول الخطؤ العادي،79
و ٌثٌر مشكلة ضمٌر جماعً ،ال مشكلة ضمٌر الفرد كالخطؤ التقلٌدي .
فهو إذن خطؤ خاص أو خطؤ إجتماعً ٌ ،تحقق باالنحراؾ عن ؼاٌة الحق اإلجتماعٌة.
و هذا ما أدى إلى القول باالعتراؾ بؤن هذا اإلتجاه ٌمثل خطوة تقدمٌة ،بالنسبة إلى اتجاه
تسوٌة التعسؾ بالخطؤ العادي ،و صلته بؽاٌة الحق .إال أن ما ٌعاب على هذا األساس
ٌنحصر فً توقفه فً منتصؾ الطرٌق و قعوده عن الوصول إلى نتٌجة الحتمٌة التً ٌقود إلٌها
منطق .
و ٌبلحظ أن الفقه الفرنسـً نفسه قد انتهى إلى أن التعسؾ ال ٌقوم على أسـاس الخطؤ ،بل
و ٌرى األستاذ على سميمان "اٌخؼغف ف ٟاعخؼّــبي اٌحك لذ اعخّذحٗ لٛإٕٔ١ــب اٌؼشب١ت ِٓ
اٌشش٠ؼت اإلعالِ١ت أطـال ٘ ٚ ،زٖ اٌشش٠ؼت ال حم ُ١اٌّغؤ١ٌٚت ف ٟحــبٌت اٌخؼذ ٞػٍ ٝأعــبط
-79
حسن كيره ،المرجع السابق ،ص .000-002
اٌخطأ بً حٕظش إٌٙ١ــب ٔظشة ِٛػٛػ١ت ...ف١ؼخبش اٌخؼغف ف ٟاعخؼّبي اٌحك ِغخمال ػٓ ٔظبَ
و اعتباره تطبٌقا لقواعد العدالة ،و مساءلة الشخص عنها إذا ترتب على هذه المبالؽة فً
فإذا كـان من الممكن إقامة الصورة األولى الواردة فً المادة 226مكرر من القـانون المدنً
الجزابري ،الذي ٌعتبر فٌها الشخص متعسفا فً استعمـال حقه ،إذا قصد اإلضرار بالؽٌر ،
على أسـاس الخطؤ ،فإن الصورتٌن (الثانٌة و الثالثة) ،الواردتٌن فً نفس المادة ،ال اعتبار
للخطؤ فٌهما بل ٌمكن إقامة التعسؾ فٌهما على أساس موضوعً فقط.
و أن هناك تقابل واضح بٌن اإلتجــاهٌن على مسإولٌة صاحب الحق عندما ٌتعسؾ فً
إستعماله .و إن إختبلؾ إتجاهٌن منحصر فً أساس هذه المسإولٌة و نطاقها .82فإن التعسؾ
فً إستعمــال الحق ما هو إال صورة من صور الخطـؤ التقصٌري ،و من تم فإن أســاس
نظرٌة التعسؾ فً إستعمال الحق هو المسإولٌة التقصٌرٌة ،و أن المعٌــار الذي ٌقاس به
-80
عمي عمي سميمان ،المرجع السابق ،ص .225
-81محمدي فريدة زواوي ،المرجع السابق ،ص .252
-82
نبيل ابراىيم سعد ،المرجع السابق ،ص .922
و هو الشخص المعتاد الذي ال ٌستعمل حقه بؽٌة اإلضرار بالؽٌر ،و الذي ال ٌستعمل حقه
تحقٌقا لمصالح تافهة ،هً أقرب إلى المصلحة الوهمٌة ،التً ال وجود لها ،كما أن الشخص
فً إستعمال حقه بقصد تحقٌق ؼرض ؼٌر مشروع ،فإذا انحرؾ الشخص فً استعماله لحقه
إذ ال ٌسمح القانون لشخص بؤن ٌستعمل حقه لئلضرار بؽٌره ،انطبلقا من اعتبارات المصلحة
و مهما ٌكن من هذه األراء و األصداء التً حققتهـا ،فقد جرت التشرٌعـات المعاصرة ،فً
اتجاه اعتبار مبدأ التعسؾ فً إستعمال الحق ،مبدأ عاما ٌبسط على جمٌع نواحً القانون ،و
عرفنا أن الحق بؤنه إستبثــار ٌقره القانون لشخص ،و ٌكون له بمقتضاه التسلط علــى شًء ،
أو اقتضاء أداء معٌن من شخص آخر .و على ذلك فـإن الشخص ال ٌستطٌع أن ٌمارس
إال إذا أقره القانون على ذلك ،و ٌستطٌع من ٌثبت له اإلستبثــار أن ٌستفٌد مما ثبت له من
فإذا تعرض له الؽٌر فً هذا النطاق المشروع ،كان البد و أن ٌزود عنه بالطرق القانونٌة ،
التً تمكنه من دفع هذا التعوٌض ،حتى ٌتمكن من الوصول إلى حقه .
هً الدعوى أو الدفع أمام القضاء ،و الدعوى و الدفع كوسٌلة ،لحماٌة الحق ،إنما تكونان
نتٌجة لوجوده و من هذا المنطلق ندرس كٌؾ ٌثبت هذا التعسؾ إلى جانب جزاءه القانونً.83
ٌتجلى من خبلل القـاعدة ،أن صـاحب الحق ال ٌتحمل عبء إثبـات مشروعٌة إستعمـال حقه ،
و هذا طبٌعـً ،ألنه ٌكلؾ بحمل اإلثبـات من ٌدعـً على خبلؾ األصل ،أو الظاهر ،أو
85
" اٌبٕ١ــت ػٍـــِ ٝـــٓ ادػـــــ" ٝ
ألنه األصــل افتراض ،أن صـــاحب الحـق استعمـل حقه استعمـاال عـادٌـا ،بحسب الؽرض
منه ،و بحسن نٌة ،فـإذا إدعى مـالك مثبل أن أعمـال الحفر التـً ٌقوم بها جاره ،إنما هً
بقصد اإلضرار به ،فعلٌه إثبات ادعابه ،و ٌعتبر قرٌنة على قصد اإلضرار ،أن ٌقٌم المالك
على حدود ملكه حابطا ٌحجب النور و الهواء عن جاره دون نفع ظاهر له.
و كذا انعدم مصلحة صـاحب الحق فً استعمـال حقه على النحو الذي تـم ،أو إهمـاله فً
اتخـاذ االحتٌاطـات البلزمة لمنع الضرر ،أو حـالة أخرى مثبل ،إنهـاء عقد العمل ؼٌر المحدد
المدة باإلرادة المنفردة إنهـاءا تعسفٌـا ،أو ببل مبرر مشــروع بتحمٌل صـاحب العمل ،إذا
كـان اإلنهـاء من جـانبه ،و علـى هذا فـإنه ٌكفـً وجود دافع مسًء فً إستعمـال الحق ،
اإلضرار و قٌـام المسإولـٌة التــً توجب تعوٌض الضرر ، 86و ٌستطٌع القـاضً أخد
بالقرابن القضـابٌة ، 87و أن ٌستنبط نٌة اإلضرار بالؽٌر طبقـا للمـادة 990من القـانون
" اٌمشٕ٠ت اٌمــبٔ١ٔٛت حؼٕ ِٓ ٝحمشس ِظٍحخٗ ػٓ أ٠ت ؽش٠مت أخش ِٓ ٜؽشق اإلرببث ،ػٍٝ
أٔٗ ٠جٛص ٔمغ ٘زٖ اٌمشٕ٠ت ببٌذٌ ً١اٌؼىغِ ٟـب ٌُ ٛ٠جذ ٔض ٠مؼ ٟبغ١ش رٌه".
و ألن في مسألتنا هنا و طبقا للمادة 342من القانون المدني الجزائري :
" ٠خشن ٌخمذ٠ش اٌمــبػ ٟاعخٕبـــبؽ وً لشٕ٠ت ٌُ ٠مشس٘ب اٌمــبٔ ٚ ْٛال ٠جٛص اإلربــبث بٙزٖ
اٌمشائٓ إال ف ٟاألحــٛاي اٌخ٠ ٟج١ض فٙ١ــب اٌمبٔ ْٛاإلرببث ببٌبٕ١ت "
و هذا جانب من جوانب الطرق القانونٌة التً أقرها القانون فً الدعوى أو الدفع أمام
القضاء.88
تـافهة -
كمــا أن انتفاء نٌة اإلضرار حــالة حدوث ضرر للؽٌر ،ال ٌتنــاسب البتة مع المصلحة المراد
تحقٌقهــا من استعمــال الحق ،ال ترفع قانونا عن مستعمل الحق وصؾ اإلســاءة ( أي الخطؤ)
،طالما أنه استعمل حقه لتحقٌق مصلحة قلٌلة األهمٌة بالنسبة للضرر الفاحش الذي سببه للؽٌر
،كمــا أنه ال ٌكفً لنفً إساءة إستعمال الحق إذا كانت المصلحة التً ٌرمً إلى تحقٌقها
على إخبلء مساكنهم به ،بالرؼم من أحكــام القــانون ،و كذلك فصل رب العمل عــامبلت ،
فً كثٌر من األحـوال ٌتبلور جزاء التعسؾ فً استعمـال الحق ،فـً إلزام المتعسؾ ،بؤداء
و هذا ما جاء به القانون األردنً كذلك ،جزاءه فً إلتزام المتعسؾ ،بتعوٌض من ٌصٌبه
الضرر ،من جراء اإلستعمــال الحق على النحو الســابق ،و لكن وجوب التعوٌض ،ال ٌنفً
بقٌة اإلجراءات التً ٌستطٌع المتضرر بمقتضاها أن ٌمنع حدوث الضرر قبل وقوعه ،أو
ٌوقؾ.91
بالطابع التعوٌضً ، 92فهو صورة عبلجٌة للتعسؾ ،بعد وقوعه ،و ٌتمثل فً إزالة الضرر
و على هذا األسـاس فجزاء التعسؾ فً استعمـال الحـق ،بصفة واضحة قبل تمـامه ،فٌمكن
أما فً حالة حدوث التعسؾ فعبل فإنه ٌحكم على المتعسؾ بالتعوٌض لصلح المضرور ،93كما
قد ٌلزم كذلك بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا.
فمن ٌحفر أرضه ،بقصد اإلضرار بمبنى الجار و ٌتسبب فً تصدع جدرانه ٌ ،مكن الحكم
علٌه بإصبلح الجدار المتصدع أو المبلػ ،من النقود لتؽطٌة ذلك الضرر.
كذلك الحكم على المالك بهدم المدخنة التً أقامها لمضاٌقة الجار ،و بتعوٌض الجار عن
-92
محمد حسين منصور ،المرجع السابق ،ص .025
-93محمدي فريدة زواوي ،المرجع السابق ،ص .255
و إذا كـان جزاء التعسؾ المتمثـل فً التعوٌض عن الضرر النـاتج عنه هو جزاء عبلجً
للتعسؾ بعد وقوعه ،94فهنـاك جزاء أخر ٌمكن أن ٌرد علـى التعسؾ و مثـال ذلك الجزاء
" إرا وـــبْ ِـبٌه األسع ٠ ٛ٘ ٚم١ـُ ػٍٙ١ـب بٕـبء لذ جـبس بحغٓ ٔ١ت ػٍـ ٝجضء ِٓ األسع
اٌّالطمت ،جـبص ٌٍّحىّت إرا سأث ِحال ٌزٌه أْ حجبش طــبحب ٘زٖ األسع ػٍـ ٝأْ ٕ٠ضي
ٌجــبسٖ ػٓ ٍِى١ت اٌجضء اٌّشغٛي ببٌبٕــبء ٚ ،رٌـه فٔ ٟظ١ش حؼ٠ٛغ ػبدي".
" إرا وـبْ ِـبٌه األسع ٠ ٛ٘ ٚم ُ١بٕبء بٙـب لذ حؼذ ٜبحغٓ ٔ١ت ػٍ ٝجضء ِٓ األسع
اٌّالطمت ،جـبص ٌٍّحىّت إرا سأث ِحال ٌزٌه أْ حجبش طـبحب األسع اٌّالطمت ػٍـ ٝأْ
-94
محمد حسن قاسم ،المدخل لدراسة القانون ( القاعدة القانونية – نظرية الحق ) ،ج ، 2منشورات الحمبي الحقوقية
، 0220ص .523
و علٌه فـإنه إذا تعسؾ صـاحب األرض المبلصقة ،و طلب هدم البنـاء فالقـاضً ال ٌجٌب
طلبه ، 95و ٌحكم علـى البـانً بـالتعوٌض تبلفٌـا للضرر و جبره ،و هذا طبقـا لمبدأ عدم
" وً فؼً أ٠ب وـبْ ٠شحىبٗ اٌشخض بخطئٗ ٠ ٚ ،غبب ػشس ٌٍغ١ش ٍ٠ضَ ِٓ وبْ عببب ف ٟحذٚرٗ
ببٌخؼ٠ٛغ ".96
و هذا أن األصل من جزاء التعسؾ هو الحكم على المتعسؾ بمبلػ من المال ٌ ،دفعه
للمضرور على سبٌل التعوٌض بمقابل ( أي النقدي) وٌكون الؽرض من ذلك التعوٌض ،عن
و ٌجوز للقاضً الحكم بالجزاء العٌنً فقط ،أو اكتفاء بالتعوٌض النقدي وفقا لطبٌعة العمل
كمـا أقر الفقه اإلسبلمً بؤن هناك عدة جزاءات على إساءة إستعمال الحق على النحو التالً:97
و ٌؤخذ صورا معٌنة فقد ٌكون جزاء عٌنٌا ،بإبطال التصرؾ المتعسؾ فٌه ،أو حرمان
و الشرع القرآن الضرر بقدر اإلمكان ،فإذا أمكن إزالة الضرر ،نتٌجة التعسؾ عن طرٌقة
التعزٌـر :
فهو التؤنٌب على الذنوب و المعاصً ،و ٌجوز للحاكم أن ٌعزر المتعسؾ ،و المسًء فً
استعمال حقه ،بما ٌراه رادعا و هو ٌبتدئ باللوم ،و التنبٌه ،و قد ٌصل إلى النفً.
إذا تمكن المسًء فً استعمال حقه ،أن ٌفلت من الجزاء الدنٌوي ،فإنه لن ٌستطٌع أن ٌفلت
فقبل أن نضع نقطة النهاٌة لبحثنا هذا نود أن نحمل مبلمحه الربٌسٌة ،و نبرز ما اهتدٌنا
إن إستعمال الحق مقٌد بوظٌفة الحق ذاتها ،فللحق وظٌفة إجتماعٌة ،و ال ٌحمٌه القانون
إال إذا ستعمل فً هذا اإلطار ،فاستعماله مقٌد بعدم اإلضرار بالؽٌر ،فالقانون ال ٌحمً
فؤساس نظرٌة التعسؾ كان محل خبلؾ بٌن العلماء ،و أرجح اآلراء أن نظرٌة التعسؾ
ترتبط بؽاٌة الحق ال بحدوده ،ألن من المسلم به أن المتعسؾ قد ال ٌخرج عن حدود الحق.
و لكنه قد ٌستعمل حقه على نحو ٌناقض الؽاٌة التً شرع من أجلها.
فنظرٌة التعسؾ ترتبط بنظرٌة الحق ،ال بفكرة التعدي أو الخطؤ المولد من المسإولٌة
التقصٌرٌة.
فنجد جذورها فً ؼاٌة الحق ،أي فً المصلحة التً أقرها المشرع و حماها عندما نص
إن التعسؾ هو أن ٌمارس الشخص فعبل مشروعا فً األصل ،بمقتضى حق شرعً تبث
له أو بمقتضى إباحة مؤذون فٌها شرعا على وجه ٌلحق بؽٌره أضرار أو ٌخالؾ حكمة
المشروعٌة.
المعدل و المتمم.
المعدل و المتمم.
.IIالمـراجــع :
-1ابراهٌم سٌد أحمد ،التعسؾ فً استعمال الحق فقها و قضاء ،ط ، 9دار الفكر ،
-2أحمد لعور ،نبٌل صقر ،القانون المدنً نصا و تطبٌقا ،بدون طبعة ،دار الهدى عٌن
-2اسحاق ابراهٌم منصور ،نظرٌة القانون و الحق و تطبٌقاتهما فً القوانٌن الجزابرٌة ،
-7توفٌق حسن فرج ،مدخل العلوم القـانونٌة النظرٌة العامة للقانون ،و النظرٌة العامة
-4حسن كٌرة ،المدخل إلى القانون بوجه عام ،النظرٌة العامة للقاعدة القانونٌة للنظرٌة
-7سوزان على حسن ،الوجٌز فً مبادئ القانون ،بدون طبعة ،دار الجامعٌة ،
-5عباس الصراؾ ،جورج حزٌون ،المدخل إلى علم القانون ،طبعة ، 5دار الثقافة ،
-1عبد الرزاق السنهوري ،الوسٌط فً شرح القانون المدنً الجدٌد ،ج ،5ط ،2دار
-50عبد القادر الف ار ،مدخل لدراسة العلوم القانونٌة ،مبادئ القانون ،النظرٌة العامة
-55عصام أنور سلٌم ،أسس الثقـافٌة القـانونٌة فً نظرٌة القـانون و الحق و العقد ،بدون
-52فتحً الدرٌنً ،الحـق و مدى سلطـان الدولة فً تقٌٌده و نظرٌة التعسؾ فً استعمـال
الحـق بٌن الشرٌعة و القانون ،الطبعة األولى ،مطبعة جامعة ،دمشق .5147 ،
-56فتحً عبد الرحٌم عبد هللا ،نظرٌة العـامة للحق ،بدون طبعة ،منشـؤة المعـارؾ ،
-51محمدي فرٌدة زواوي ،مدخل للعلوم القانونٌة لنظرٌة الحق ،بدون طبعة ،معهد
-54محمد الصؽٌر بعلً ،مدخل للعلوم القـانونٌة ،نظرٌة القـانون ،نظرٌة الحق ،بدون
-57محمد جمـال ا لدٌن زكً ،الوجٌز فً النظرٌة العـامة االلتزامـات فً القـانون المدنً
-55محمد حسن قاسم ،المدخل لدراسة القانون ( القاعدة القانونٌة – نظرٌة الحق ) ،ج 5
-51محمد حسٌن منصور ،نظرٌة الحق ،مـاهٌة الحق أنواع الحقوق ،بدون طبعة ،منشؤة
-25محمود جبلل حمزة ،العمل ؼٌر المشروع باعتباره مصدر من مصادر اإللتزام ،
-22محمد صبري السعٌدي ،شرح القانون المدنً الجزابري ،الجزء األول ،بدون طبعة
-22محمد ٌحً مطر ،المدخل إلى العلوم القـانونٌة ،النظرٌة العـامة للقانون ،و النظرٌة
العامة للحق ،بدون طبعة ،دار الجامعٌة للطباعة و النشر .5112 ،
-26نبٌل ابراهٌم سعد ،الحقـوق العٌنٌة األصلٌة ،أحكـامها ،و مصـادرها ،بدون طبعة ،
-21نبٌل ابراهٌم سعد ،مدخل للقانون نظرٌة الحق ،بدون طبعة ،منشؤ المعارؾ
-24هجٌرة دنونً ،موجز المدخل للقانون النظرٌة العامة للقـانون و النظرٌة العـامة للحق
تحسٌن دروٌش ،استعمال الحق كسبب للتبرٌر فً القانون الجزابري المقارن ،معهد
بطٌوي كرٌمة ،التعسؾ فً استعمال الحق فً قانون األسرة ،معهد العلوم القانونٌة
بومدٌن مٌمون ،التعسؾ فً استعمال الحق فً إطار قانون األسرة ،معهد العلوم
59 مقدمة
23 المطمب الثاني :إذا كان استعمال الحق يرمي إلى الحصول عمى فائدة قميمة بالنسبة
20 المطمب الثالث :عدم مشروعية المصمحة المقصود تحقيقها من استعمال الحق
62 المبحث الثاني :األساس القانون لنظرية التعسف في إستعمال الحق .
62 المطمب األول :اعتبار التعسف في استعمال الحق من تطبيقات الخطأ التقصيري.
75 خاتمة.
77 الفهرس