Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 24

‫الفهرس‬

‫المقدمة‪3 ................................................................................ :‬‬


‫أهمية دراسة علم النحو‪4 ................................................................ :‬‬
‫فضل اللغة العربية ومكانتها‪8 ............................................................. :‬‬
‫مسائل في علم النحو‪33 ................................................................ :‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬اللحن‪33 ............................................................... :‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬متى بدأ اللحن ينتشر بين الناس؟ ‪34 .......................................‬‬
‫المبادئ العشرة لعلم النحو‪31 ........................................................... :‬‬
‫المبدأ األول‪ :‬تعريف علم النحو‪31 ...................................................... :‬‬
‫المبدأ الثاني‪ :‬موضوع علم النحو‪31 ......................................................:‬‬
‫المبدأ الثالث‪ :‬ثمرة علم النحو‪38 ........................................................ :‬‬
‫المبدأ الرابع‪ :‬واضع علم النحو‪31 ....................................................... :‬‬
‫المبدأ الخامس‪ُ :‬حكم تعلُّم النحو‪31 .....................................................:‬‬
‫المبدأ السادس‪ :‬مسائل علم النحو‪13 .................................................... :‬‬
‫المبدأ السابع‪ :‬فضل علم النحو‪13 ...................................................... :‬‬
‫المبدأ الثامن‪ :‬اسم هذا العلم‪13 ......................................................... :‬‬
‫ستمد علم النحو؟ ‪13 ..............................................‬‬ ‫ِ‬
‫المبدأ التاسع‪ :‬من أين يُ َ‬
‫المبدأ العاشر‪ :‬ما نسبة علم النحو؟ ‪11 ....................................................‬‬
‫خالصة‪11 .............................................................................. :‬‬
‫نصائح لطالب علم النحو‪13 ............................................................ :‬‬
‫الخاتمة‪14 .............................................................................. :‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ .‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫مدخ ٌل إىل علم النحو‪ .‬يقصد هبذا املدخل‪ :‬أن يتعرف الطالب الذي يستمع إىل هذه‬
‫ّأما بعد‪ :‬فهذا َ‬
‫يتعرف على هذا العلم معرفةً عامة‪.‬‬
‫احملاضرة ‪-‬أو إىل هذه املقدمة‪ ،‬أو املدخل؛ مسِّها ما شئت‪ -‬أن ّ‬
‫أس َسه؟ َمن الذي وضعه؟ ما فائدة هذا العلم؟ ما أهم الكتب‬
‫يعرف هذا العلم‪ :‬ما امسه؟ َمن الذي َّ‬
‫املؤلَّفة فيه؟ ما هي املسائل واملباحث اليت تُدرس يف هذا العلم؟ يعين‪ :‬معلومات عامة؛ فكرة عامة عن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫للمستَمع ألن يتح ّفز وأن يتشجع لدراسة علم‬
‫هذا العلم‪ .‬ينبغي أن تكون هذه املقدمة تشويقية ُ‬
‫النحو‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬خالصة هذه المقدمة وخالصة هذا المدخل تقوم على أمرين‪:‬‬
‫‪ .3‬األمر األول‪ :‬هو أن ّ‬
‫يتعرف اإلنسان على هذا العلم معرفةً عامة‪.‬‬
‫‪ .1‬األمر الثاني‪ :‬أن ّ‬
‫يتشوق لدراسة هذا العلم الذي هو من الضروريات لطالب العلم‪.‬‬
‫ال ميكن أن تكون طالب علم ُدون أن تُ ِتقن ‪-‬ليس فقط أن تدرس؛ ال بد أن تُ ِتقن‪ -‬علم النحو‪،‬‬
‫صل إىل اثين عشر‬‫أن علوم اللغة العربية تَ ِ‬
‫وليس فقط علم النحو‪ ،‬بل جمموعة من العلوم العربية؛ وذلك َّ‬
‫أنت ‪-‬يا طالب العلم‪ -‬ال حتتاج إليها كلها‪ ،‬وإّّنا حتتاج أهم هذه العلوم‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لما‪ ،‬وهذه العلوم َ‬
‫عً‬
‫النحو‪ ،‬مث يَلِيه‪ :‬الصرف‪ ،‬وأقرتح أن تدرس هذه العلوم هبذا الرتتيب‪ :‬تبدأ بالنحو‪ ،‬مث تنتقل إىل‬
‫الصرف‪ ،‬مث تنتقل إىل البالغة بفنوهنا الثالثة‪ ،‬مث بعد ذلك تنتقل إىل العلم الرابع واألخري‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫األدب‪.‬‬

‫هذه العلوم الثالثة ‪-‬يا طالب العلم‪ -‬ال بد أن تأخذ نصيبك منها‪ ،‬وبإذن اهلل تعاىل‪ ،‬ستكون لنا‬
‫مقدمات ومداخل يف هذه العلوم األربعة؛ فهذه املقدمة األوىل‪ ،‬وهي مقدمة يف علم النحو‪ ،‬أو مدخل‬
‫يف علم النحو؛ هذا األول‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مدخال يف علم‬
‫ً‬ ‫مدخال يف علم الصرف‪ ،‬والثالث سيكون‬
‫ً‬ ‫اجمللس الثاين ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬سيكون‬
‫مدخال يف فَ ّن األدب‪.‬‬
‫البالغة‪ ،‬والرابع واألخري سيكون ‪-‬إن شاء اهلل تعاىل‪ً -‬‬
‫هل معنى هذا أن العلوم الباقية ليست مهمة؟ بلى‪ ،‬مهمة‪ ،‬لكنها أقل أمهيةً وحاجةً لطالب العلم‬
‫مثال‪ :‬من العلوم االثين عشر‪ ،‬عندنا‪ :‬علم منت اللغة‪ ،‬هو يف احلقيقة مهم‪،‬‬ ‫من هذه العلوم األربعة‪ً .‬‬
‫لكن لضعف ِمهَم طالب العلم يف هذا الزمان ال يدرسونه ‪َّ -‬إال َمن َرِحم اهلل‪َّ ،-‬‬
‫وإال فهو يف احلقيقة‬
‫أيضا من العلوم املهمة جدًّا‪« .‬علم متن اللغة» يعني‪ :‬علم مفردات اللغة العربية‪ ،‬وهذا يدرس يف‬
‫ً‬
‫وإما عن طريق النظر يف املعاجم والقواميس وحنو‬‫العادة ّإما عن طريق األشعار ‪-‬وهو األغلب‪ّ ،-‬‬
‫أيضا‪ -‬علم مهم‪ ،‬لكن أل ّن الطلبة ال يصربون ويريدون االنتقال بسرعة إىل‬
‫ذلك‪ ،‬فهو يف احلقيقة ‪ً -‬‬
‫العلوم األخرى‪ ،‬فلذلك حنن حنرص أن نعلّمهم هذه العلوم األربعة‪ :‬النحو والصرف والبالغة واألدب‪.‬‬
‫وطبعا‪ ،‬مع األدب سيأيت كثري من املفردات من منت اللغة‪ ،‬وكذلك يف علم النحو ستجد منت اللغة‪،‬‬
‫ً‬
‫نصبًّا‬
‫وم َ‬
‫مختصا ُ‬
‫ًّ‬ ‫ويف الصرف كذلك‪ ،‬ويف البالغة كذلك‪ ،‬لكن في علم متن اللغة‪ ،‬يكون الكالم‬
‫بية‬‫ر‬ ‫الع‬ ‫المفردات‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫تع‬ ‫وهو‪:‬‬ ‫واحد‪،‬‬ ‫صرا في ٍ‬
‫شيء‬ ‫وم ِ‬
‫أدرسه‬‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫يل‬ ‫بالنسبة‬‫‪-‬‬ ‫أنا‬
‫و‬ ‫مفيد‪،‬‬ ‫فهو‬ ‫؛‬ ‫ّ‬ ‫نح ً‬‫ُ َ‬
‫لإلخوة وللشباب‪ ،‬ولكن حناول أن ُحنبِّب الطالب يف هذه العلوم األربعة أكثر‪.‬‬
‫خصوصا‪،‬‬
‫ً‬ ‫سنشوق املستمع إىل تعلّم النحو‬
‫ّ‬ ‫قلت لكم يف هذه املقدمة‪ ،-‬حنن‬
‫على كل حال ‪-‬كما ُ‬
‫عموما‪.‬‬
‫وإىل تعلّم علوم اللغة العربية ً‬
‫أهمية دراسة علم النحو‪:‬‬
‫وقد اتّفق العلماء‪ ،‬كما حيكي مجاعة من العلماء‪ ،‬كالسيوطي رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬وكثري من‬
‫أن الذي ال يَع ِرف اللغة العربية ال جيوز له أن يتكلم يف ِدين اهلل بكلمة؛‬ ‫نصوا على َّ‬
‫العلماء واألئمة؛ ُّ‬
‫كما قال ابن حزم وغريه ملا قال‪" :‬وحرام على من كا َن ج ِ‬
‫اهالً باللغة والنَح ِو أ ْن يَتَ َكلَ َم ِيف ِدي ِن اهلل‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ َ َْ‬ ‫ّ‬
‫جاهل بالشريعة‪ ،‬والشاطيب رمحه اهلل تعاىل له كلمة مشهورة‬ ‫ٌ‬ ‫بِ َكلِ َمة"‪ ،‬حر ٌام؛ فالجاهل باللغة العربية‬
‫ط ِيف العربية متَ ِ‬ ‫الشريعة‪ ،‬واملتَ ِ‬ ‫ضعِ ٌ‬ ‫ِ‬
‫ط يف‬ ‫وس ٌ‬ ‫ََ ُ‬ ‫وس ُ‬ ‫يف ِيف َّ َ‬ ‫العَربِيَة َ‬
‫يف ِيف َ‬
‫"الضع ُ‬
‫جدًّا يف (املوافقات)؛ يقول‪َ :‬‬

‫‪4‬‬
‫العَربِية ُجمت ِه ٌد ِيف َّ‬
‫الشر َيعة"؛ فكل هؤالء األئمة الذين تَر ُاهم والذين نعرفهم‪ ،‬كأمحد‬ ‫الش ِر َيعة‪ ،‬واجملتَ ِه ُد ِيف َ‬
‫َّ‬
‫ضبَط اللغة‬
‫والشافعي وأبو حنيفة ومالك والثوري‪ ،‬كل هؤالء؛ هؤالء أئمة يف اللغة؛ كل واحد منهم َ‬
‫وتشرَهبا‪.‬‬
‫وأتقنها َّ‬
‫ويتشرب اللغة العربية‬
‫الشافعي يَذ ُكرون عنه أنه َجلَس يف بادية ُه َذيْل ما يزيد على عشر سنني‪ ،‬يتعلّم ّ‬
‫ومتَّ َفق عليه‪ :‬ال يمكن أن تكون عالِ ًما بالشريعة وأنت جاهل‬ ‫أمر مفروغ منه ُ‬
‫ِ‬
‫من عرب ُه َذيْل؛ فهذا ٌ‬
‫أن طالب العلم‬ ‫أمر ُمتَّ َف ٌق عليه عند العلماء َسلَ ًفا و َخلَ ًفا؛ ال ِخالف فيه‪َّ :‬‬
‫بالنحو! ال يمكن؛ هذا ٌ‬
‫يجب عليه أن يتعلّم علوم الشريعة‪ ،‬ثم بعد ذلك هذا الوجوب قد يكون وجوب َعين‪ ،‬وقد‬
‫بصفة عامة‪ ،‬نقول كما قال ابن تيمية وغريه‪ ،‬يف‬ ‫يكون وجوب كفاية؛ بحسب المقام والحال‪ ،‬لكن ٍ‬
‫نص وغريه من األئمة القدماء؛ قالوا‪َّ :‬‬
‫إن تعلّم‬ ‫(اقتضاء الصراط املستقيم ملخالَفة أصحاب اجلحيم)؛ َّ‬
‫ُ‬
‫نص على هذا يف (الرسالة) أنه‪ :‬يجب على كل‬ ‫أيضا َّ‬
‫اجب على كل مسلم‪ ،‬والشَّافعي ً‬ ‫العربية و ٌ‬
‫مسلم أن يتعلّم من العربية ما يُِقيم به ِدينه‪.‬‬

‫فإذن‪ ،‬ال يمكن ‪-‬أخي الكريم‪ -‬أن تكون طالب علم أو أن تكون ُمفتِيًا أو أن تكون مجته ًدا أو‬
‫جاهال بالعربية‪ ،‬ال يمكن!‬ ‫كنت ً‬ ‫أن تكون قاضيًا أو ُمؤلًِّفا أو خطيبًا إذا َ‬
‫ِ‬ ‫ف واخلَلَ ِ‬ ‫"إن األئِ َمةَ ِم َن َّ‬
‫السلَ ِ‬ ‫قال أبو الربكات بن األنباري رمحه اهلل تعاىل‪َّ :‬‬
‫أمجَعُوا قَاطبَةً َعلى أنَّهُ‬ ‫ف ْ‬
‫االجتِ َهاد ‪-‬ما الذي هو شرط في رتبة االجتهاد؟ إتقان النّحو‪ -‬و َّ‬
‫أن اجملْتَ ِه َد لَو َمجَ َع‬ ‫ِ‬
‫َشر ٌط ِيف ُرتْ بَة ْ‬
‫أمر‬ ‫هذا‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ًّا‪:‬‬
‫جد‬ ‫اضح‬‫و‬ ‫كالمه‬ ‫و‬ ‫كالمه‪،‬‬ ‫انتهى‬ ‫"‪،‬‬ ‫َّحو‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬‫ل‬
‫َ‬ ‫يع‬ ‫حَت‬ ‫اد‬‫ه‬ ‫ُك َّل العلُ ِوم ََل ي ب لُ ْغ رتبةَ االجتِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َْ ُ َ ْ َ‬
‫معلُوم متَّ َفق عليه عند السلف واخللف؛ يقول‪" :‬أمجعوا ِ‬
‫قاطبَةً على هذا"‪.‬‬ ‫َ ٌُ ٌ‬
‫ف ِم َّن اللغَ ِة والنَّحو َما يَع ِر ُ‬
‫ف‬ ‫فيت)‪" :‬ويَع ِر ُ‬
‫وقال أبو إسحاق الشريازي رمحه اهلل تعاىل يف (بيان صفة امل ِ‬
‫ُ‬
‫ومر َاد َر ُسولِِه ﷺ ِيف ِخطَ ِاهب َما"‪ .‬إذن‪ُ ،‬هنا أشار أبو إسحاق الشريازي رمحه اهلل إىل‬ ‫ِِ‬
‫به ُمر َاد اهلل َتعاىل ُ‬
‫بد منه؟ ألنه‬ ‫فص ًال‪ :‬لماذا علم النحو ضروري وال َّ‬ ‫فائدة علم النحو‪ ،‬وهذا سيأتينا ‪-‬إن شاء اهلل‪ُ -‬م َّ‬
‫جاهال بالنحو‪ ،‬لن تفهم القرآن والسنّة؛ قد‬
‫كنت ً‬‫بواسطة هذا العلم نفهم القرآن والسنّة؛ فإذا َ‬
‫عاما‪ ،‬نعم‪ ،‬لكن الفهم الدقيق‪ ،‬الفهم العميق‪ ،‬الفهم الذي هو فهم العلماء‬
‫فهما سطحيًا ًّ‬
‫تفهم ً‬
‫‪5‬‬
‫وخصوصا بعلم النحو؛ ألن ‪-‬كما‬
‫ً‬ ‫والصحابة واألوائل؛ هذا ال يكون وأنت جاهل باللغة العربية‪،‬‬
‫ويتفرع منها الصرف والبالغة وغري ذلك‪.‬‬
‫يتفرع منها النحو‪ّ ،‬‬
‫علما‪ّ ،‬‬
‫قلنا‪ -‬علوم اللغة العربية اثنا عشر ً‬
‫وقال العالمة خالد األزهري رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا االسم من األمساء املهمة لك يف فضاء علم النحو؛‬
‫هناك أمساء با ِرَزة يف علم النحو‪ ،‬مثل سيبويه‪ ،‬ومثل ابن هشام األنصاري‪ ،‬مثل مالك وأئمة ُكثُر‪،‬‬
‫ومتأخرون؛ فَ ِمن األمساء الالمعة يف مساء علم النحو‪ :‬العالمة الشيخ خالد األزهري رمحه اهلل‬
‫متق ّدمون ّ‬
‫أن االسم قد يُ ِومهُك‬
‫معاصرا؛ أعرف َّ‬
‫ً‬ ‫تعاىل؛ جاء بعد زمان السيوطي رمحه اهلل بقليل؛ يعين هو ليس‬
‫ويف قبل مخسمائة سنة تقريبا؛ فهذا ِ‬
‫عاَل كبري جدًّا يف علم‬ ‫معاصرا؛ تُ ّ‬ ‫أنه معاصر‪ ،‬ولكن هو ليس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وشروحه مباركة‪ ،‬وله كتاب امسه (م ِ‬
‫وصل الطَُّّالب إىل قواعد اإلعراب)‪ ،‬وهو كتاب مهم جدًّا‪،‬‬ ‫النحو‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫وإن شاء اهلل َسنُ َعلِّق عليه‪ ،‬بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ات ِ‬
‫اليت ال َّ‬
‫بد‬ ‫اب ِمن الو ِاجب ِ‬
‫ِ‬ ‫ماذا يقول الشيخ العالمة خالد األزهري رمحه اهلل؟ يقول‪ِ َّ :‬‬
‫َ‬ ‫اإلعر َ‬
‫"إن َمعرفَةَ َ‬
‫اليت ال يَست ْغ ِين ال َف ِقيهُ َعْن َها"‪ ،‬انتهى كالمه‪.‬‬ ‫الب ِعل ٍم ِمنها‪ِ ،‬‬
‫وم َن امل ِه َّمات ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ُك ِل طَ ِ‬
‫ِ‬
‫أيضا؛ فقيه شافعي‪ ،‬صاحب نظم (الورقات)‬ ‫الع ْم ِريطي‪ ،‬العمريطي معروف ً‬ ‫وقال شرف الدين َ‬
‫وصاحب نظم (اآلجرومية)؛ فيقول يف نظمه على اآلجرومية‪:‬‬
‫الم ُدونَ هُ ل ْن يُ ْف َه َم‬ ‫ِ‬
‫إذ ال َك ُ‬ ‫أوال أ ْن يُعلَ َم ا‬
‫أوىل ً‬
‫والنَّح ُو َ‬
‫أحس َن من قال‪:‬‬ ‫فهم؛ ال ميكن أن تفهم الكالم دون النحو‪ .‬وقد َ‬ ‫لن يُ َ‬
‫َم ْن ََلْ يَ ُك ْن يَ ْع ِرفُهُ فَ َح ُق هُ أ ْن يَ ْس ُك َ‬
‫ت‬ ‫َّح و َزي ٌن لل َف ََت يُ ْك ِرُم هُ َحي ُ‬
‫ث أتَ ى‬ ‫الن ُ‬
‫شيِن؛ يعني‪ :‬يُزيِّن صاحبه؛ فإذا‬ ‫الزيِن» هو ضد ال َ‬‫أيضا واضحة؛ يقول‪" :‬النحو زين" و« َ‬ ‫األبيات ً‬
‫تكلم اإلنسان وراعى قواعد النحو‪ ،‬فهذا يُزيِّنُه؛ أي يُزيِّن الرجل ويُزيِّن كالمه‪ ،‬يُك ِرُمه حيث أتى؛‬
‫فكان السلف رمحهم اهلل يكرمون الرجل الذي ال يلحن‪ ،‬وذكروا أفر ًادا كانوا ال يلحنون؛ ذكروا َّ‬
‫أن‬
‫أن احلجاج كان ال يلحن‪ ،‬وغريمها من األفراد ِ‬
‫القلَّة الذين كانوا‬ ‫احلسن البصري كان ال يلحن‪ ،‬وذكروا َّ‬
‫يلحنون‪.‬‬
‫ال َ‬

‫‪6‬‬
‫يلحنون»؟ يعني‪ :‬ال يُخطئون في النحو‪ ،‬ال يخطئون في اإلعراب؛ هذا معىن اللحن‪:‬‬ ‫ما معنى «ال َ‬
‫بد أن تع ِرفَه يف هذه املقدمة‪ ،‬ألن هذه املقدمة‬
‫«اللحن» هو الخطأ في اإلعراب‪ ،‬وهذا مصطلح ال َّ‬
‫تتعرف فيه على املصطلحات الشائعة يف هذا الفن‪ ،‬وعلى األعالم‬
‫هي مدخل؛ فاملدخل ينبغي أن ّ‬
‫والشخصيات املهمة يف هذا الفن‪.‬‬
‫آخر‪:‬‬
‫وقال َ‬
‫م ن لَ يس َذا َحن ٍو َوال بي ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِايل‬ ‫املع‬
‫ي إىل َ‬ ‫ف يَرتَِق‬
‫َ‬ ‫وَكي‬

‫كيف يرتقي َمن ليس عنده علم النحو وال عنده علم البيان؟! »علم البيان» هو واح ٌد من علوم‬
‫البالغة الثالثة اليت سنتكلم عنها ‪-‬إن شاء اهلل تعاىل‪ -‬يف املدخل الثالث ‪-‬مدخل يف علم البالغة‪.-‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫اب باس ِم اهلل َعن هُ َذ ِاه ُل‬ ‫إع ر َ‬ ‫وه َو َجاه ُل‬ ‫هم يُف ِيت ُ‬‫عض ْ‬ ‫وبَ ُ‬
‫ول م ا لَ هُ ِم ن أَر ِ‬ ‫ِويف األص ِ‬ ‫الع رِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يس م ْن أه ِل الل َس ان َ‬‫فَل َ‬
‫ُنش َدا‬ ‫جلهلِ ِه النَح و و َ ا أ ِ‬ ‫فَ ِمث ُل ه َذا ال يَ ُك و ُن ُمرش ًدا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫\‬

‫ني وه ي َك افِيةَ‬ ‫ال ِيف بَيتَ ِ‬‫إ ْذ قَ َ‬ ‫ك ِيف ال َكافِي ةَ‬


‫وكلم ة اب ن مال ٍ‬
‫فس إ ْن تَع َدم َس نَاهُ ِيف ِسنَ ة‬
‫وال نَ ُ‬ ‫الح األلس نة‬
‫ص ُ‬ ‫النحو َ‬
‫ُد ف ُ‬ ‫وبَع‬
‫اب لَفظُ هُ وال َفح َوى‬ ‫حلْ ن اخلَطَ ِ‬ ‫ك بِ النَّحو ف َّ‬
‫إن النَّح َو‬ ‫َ‬ ‫َعلي‬
‫ُ‬
‫األرب» هو الحاجة‪.‬‬
‫« َ‬
‫إذن‪ ،‬األشعار ‪-‬يا إخوان‪ -‬يف الكالم عن فضل علم النحو وحرص السلف واخللف على علم النحو‬
‫وشعرا‪.‬‬
‫نثرا ً‬
‫وفائدة علم النحو‪ ،‬كالمهم يف هذا طويل وكثري جدًّا جدًّا‪ً ،‬‬

‫‪7‬‬
‫فضل اللغة العربية ومكانتها‪:‬‬
‫حنن يف هذا املدخل لن نُغطِّي مجيع ما يذكره العلماء عاد ًة يف املداخل‪ ،‬وإّّنا سنَذ ُكر املهم من ذلك؛‬
‫سمى‬‫كاسم هذا العلم وواضع هذا العلم وحنو ذلك‪ ،‬لكن قبل أن ندخل يف هذه املبادئ اليت تُ َّ‬
‫أيضا أن أقرأ عليكم مجلةً من نصوص العلماء واألدباء املتقدمني‬ ‫ِ‬
‫ب «املبادئ العشرة»‪ ،‬أُحب ً‬
‫واملتأخرين‪ ،‬من العرب ومن غري العرب‪ ،‬من املسلمني وغري املسلمني‪ ،‬يف فضل اللغة العربية؛ ألننا ‪-‬يا‬
‫إخوان‪ -‬حنن يف زم ٍن ضعفت فيه اللغة العربية جدًّا‪ ،‬وصار يُنظر للغة العربية على أهنا لغة املتخلّفني أو‬
‫املتحجرين وحنو ذلك؛ فلألسف الشديد‪ ،‬احنطَّت منزلة اللغة العربية يف هذا الزمان‬ ‫ّ‬ ‫لغة اجلهل أو لغة‬
‫فضال عن غريهم! فلذلك حنن حنتاج أن ُحنيِي اللغة العربية يف نفوس الناس ويف‬ ‫يف نفوس العرب‪ً ،‬‬
‫نفوس املسلمني‪ ،‬وأن يُصلِ ُحوا أفكارهم عن هذه اللغة؛ ألن الفكرة املوجودة عند الناس اآلن ‪َّ -‬إال َمن‬
‫َرِحم اهلل‪ -‬عن اللغة العربية أهنا لغة أهل اجلاهلية‪ ،‬وأهنا هي لغة املسلسالت واألفالم التارخيية؛ هي لغة‬
‫ميتة‪ ،‬لغة ال تصلح هلذا الزمان‪ ،‬لغة ليس فيها شيء من اجلمال واإلبداع‪ ،‬لغة مع ّقدة صعبة بغيضة‬
‫أن الذي نَ ِدين هلل عز وجل به‪َّ :‬‬
‫أن اللغة العربية‬ ‫كريهة؛ هذه هي فكرة الناس عن اللغة العربية! والواقع َّ‬
‫ومن أمجل اللغات‪.‬‬ ‫تنزلنا‪ ،‬فنقول‪ :‬هي ِمن أعظَم ِ‬ ‫أعظَم لغة‪ ،‬لكن لو َّ‬
‫آخر‬ ‫ذهاب وإدبا ٍر"‪ ،‬إىل ِ‬
‫ٍ‬ ‫أمرهُ يف‬ ‫َّ َّ‬ ‫قال الرافعي‪" :‬ما َذلَّت لغةُ َش ٍ‬
‫عب َّإال ّ‬
‫ذل‪ ،‬وال احنطت إال كان ُ‬
‫كالمه يف كتابه ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬وحي القلم)‪ ،‬وهذا هو احلاِصل اآلن‪ :‬ملا َّ‬
‫ذل العرب َّ‬
‫وذل املسلمون ‪َّ -‬إال‬
‫َّ‬
‫وذل القوم أنفسهم؛ فعُِّزنا برجوعنا إىل هويتنا‪.‬‬
‫َمن رِحم اهلل‪ ،-‬ذلت لغتهم َّ‬
‫َ‬

‫ما هي الهوية؟ «الهوية» هي هذه األمور الثالثة المعروفة‪ :‬الدِّين واللغة والتاريخ؛ ّ‬
‫فلما ضيّعنا‬
‫لغتنا ضيّعنا الثلُث؛ مث ضيّعنا تارخينا‪ ،‬فال يعرف اإلنسان من تارخيه َّإال الشيء القليل‪ ،‬ضاع الثلُث‬
‫الثاين؛ فضاع ‪-‬بطبيعة احلال‪ -‬الثلث الثالث‪ ،‬وهو الدِّين؛ فضاعت هويتنا؛ فصار املسلم اآلن ال لغة‬
‫له وال تاريخ وال ِدين‪َّ ،‬إال َمن َرِحم اهلل‪.‬‬

‫َّدرج‪﴿ :‬قُ ْل إ ْن ُكنْتُ ْم ُِحت بُّو َن‬ ‫قال الثعاليب‪" :‬من أَحب اهلل تعاىل أَحب رسوله املصطفى ﷺ"؛ ِ‬
‫الحظ الت ُّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ ّ‬
‫أحب العربية‬ ‫أحب العرب َّ‬ ‫ومن َّ‬ ‫أحب العرب‪َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫أحب النيب العر‬ ‫اللَّهَ فاتَّبِعُ ِوين ُحيْبِبْ ُك ُم اللَّهُ﴾‪َ ،‬‬
‫"ومن َّ‬

‫‪8‬‬
‫ين هبا وثابر عليها وصرف‬
‫أحب العربية عُ َ‬
‫ومن َّ‬
‫اليت هبا نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب‪َ ،‬‬
‫مهَّته إليها"‪ ،‬انتهى كالم الثعاليب رمحه اهلل‪.‬‬
‫وخيشى عليه‪ ،‬بل قد تكون هذه ُشعبَة من‬ ‫إ ًذن‪ ،‬الذي يقول‪" :‬أنا أبغض العربية"‪ ،‬هذا على خطر‪ُ ،‬‬
‫النفاق‪ .‬أنا أعرف أنه قد يبغضها ليس لِ َذات اللغة وال ألنه يبغض الدِّين‪ ،‬ال‪ ،‬ولكن ألنه َل يُ َوفَّق إىل‬
‫تفهم؛ أنا ال َّأّتِ ُمه بأنه منافق‪ ،‬ال‪ ،‬لكن أنا أتكلم عن‬‫ُمعلِّ ٍم جيد‪ ،‬فبغَّضه يف اللغة العربية؛ فهذا ُم َّ‬
‫اإلنسان الذي يبغض اللغة العربية ألهنا لغة القرآن أو ألهنا لغة النيب ﷺ أو ألهنا لغة الصحابة‪ ،‬هذا ال‬
‫شك أنه نفاق‪ ،‬فاملؤمن حيب اللغة العربية‪ ،‬ملاذا؟ ليس لذاّتا‪ ،‬لكن ألهنا لغة القرآن‪ ،‬ألهنا لغة النيب‬
‫الش ِر َيعة َعَربيَّة"‪ ،‬مث قال‬
‫هذه َّ‬‫"إن ِ‬
‫ﷺ‪ ،‬ألهنا لغة الصحابة‪ ،‬وألهنا لغة هذا الدِّين؛ كما قال الشاطيب‪َّ :‬‬
‫بد أن تُ ِتقن هذه اللغة‬ ‫أردت أن تفهم هذه الشريعة‪ ،‬ال َّ‬
‫الكالم الذي ذكرتُه لكم قبل قليل؛ فإذا َ‬
‫العربية‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬فضل هذه اللغة يَعُود إلى فضل َمن نزلت عليهم هذه الشريعة؛ فلو نزل القرآن ‪-‬يا إخوان‪-‬‬
‫باللغة الفارسية‪ ،‬لََوجب علينا أن نتعلم الفارسية‪ ،‬لو نزل القرآن باللغة األردية لوجب علينا تعلّم‬
‫ٍ‬
‫حلكمة عنده أن‬ ‫ٍ‬
‫حلكمة أرادها اهلل عز وجل؛ أراد اهلل عز وجل‬ ‫لكن القرآن نزل بالعربية‪ ،‬وهذا‬
‫األردية‪َّ ،‬‬
‫أن هذا حلكمة‪ .‬ما هي هذه الحكمة؟ نظرنا‬ ‫شك َّ‬ ‫آخر الكتب ِ‬
‫وآخر األنبياء باللغة العربية‪ ،‬فال َّ‬ ‫جيعل ِ‬
‫يف هذه اللغة فوجدناها صاحلة ألن تستوعب معاين الوحي العظيم‪.‬‬
‫العزيز‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫قال الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪" :‬اللِّسان الذي اختَارهُ اهلل َعَّز وجل‪ :‬لِسا ُن الع ِ‬
‫فأنزَل به كتابَهُ َ‬
‫رب‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خاَت»؛ كالمها وجهان صحيحان‪ ،‬لغتان فصيحتان‪ ،‬قراءتان‬ ‫خاَت» و« ِ‬ ‫وجعلهُ لِسا َن َخ َاَت ‪-‬جيوز « َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫متواترتان‪ -‬أنبيائِه حممد ﷺ؛ وهل َذا ن ُقول‪ :‬ينبغِي لِ ُك ِل أَح ٍ‬
‫مها‪ ،‬ألهنَا‬ ‫قدر َعلى تَعلُ ِم َ‬
‫العربية أ ْن يتعلَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬‫ي‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اللِّسا ُن األ َ‬
‫ُوىل"‪ ،‬انتهى كالمه‪.‬‬
‫من َأر َاد‬
‫الشريعةَ املبَارَكة عربيةٌ ‪-‬هذا كالمه الذي ذكرته لكم قبل قليل‪ ،-‬فَ ْ‬ ‫"إن هذهِ َّ‬
‫وقال الشاطيب‪َّ :‬‬
‫هم َها ِم ْن َغ ِري َهذهِ اجلِ َهة"‪ ،‬ال ميكن؛‬
‫ب فَ ِ‬
‫فهم‪ ،‬وال َسبيل إىل تَطلُ ِ‬‫ي‬ ‫هة لِس ِ‬
‫ان الع ِ‬
‫رب‬ ‫تَ َفهمها‪ ،‬فَ ِمن ِج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ليس هناك طريق وال جهة وال سبيل لفهم هذه الشريعة َّإال عن طريق اللغة العربية؛ ولذلك‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫املستشرقون كثريٌ منهم ملا أراد أن يفهم هذا الدِّين لِ َمآرب عنده‪ ،‬تعلموا اللغة العربية؛ سنني يقضيها‬
‫َّ‬
‫الواحد منهم‪ ،‬يرتك أهله وبالده وكل شيء‪ ،‬ويأيت إىل اجلزيرة العربية ويتعلم اللغة العربية من الصفر؛‬
‫ألنه يعلَم أنه مهما تُ ِرجم له أنه لن يفهم هذا الدِّين دون ٍ‬
‫إتقان للغته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الشريع ِة املطَهرةِ بِلس ِ‬
‫ان‬ ‫ديث و َغريهِ؛ لِ ِ‬
‫ورود‬ ‫اب ُمها أَصل لِمع ِرفَِة احل ِ‬
‫ِ‬ ‫قال ابن األثري‪ِ َ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اإلعر َ ٌ‬ ‫"معرفَة اللغَة و َ‬
‫الع ِ‬
‫رب"‪.‬‬ ‫َ‬
‫مظهر من مظاهر التاريخ‪ ،‬والتاريخ صفة األ َُّمة؛ كيفما قلَّبت أمر اللغة وجدّتا‬
‫"إن اللغة ٌ‬ ‫وقال الرافعي‪َّ :‬‬
‫الصفة الثابتة اليت ال تزول َّإال بزوال اجلنسية وانسالخ األ َُّمة من تارخيها"‪ ،‬كما هو حالنا اآلن ‪َّ -‬إال َمن‬
‫شوًها؛ لغته مشوهة‪ِ ،‬دينه مشوه‪ ،‬تارخيه مشوه‪َّ ،‬إال‬ ‫َرِحم اهلل‪-‬؛ صار اإلنسان العر أو املسلم اآلن ُم َّ‬
‫َمن َرِحم اهلل‪.‬‬
‫رجل َل يَ ُدلّه على أن يتعلم من العربية ما يُصلِ ُح به لسانه"‪.‬‬
‫قال قتادة‪" :‬ال أسأل عن عقل ٍ‬

‫وقالت املستشرقة األملانية زجيريد هونكه‪ ،‬هذه املستشرقة صاحبة الكتاب املشهور الذي امسه (مشس‬
‫جملد واحد؛ معروف هذا الكتاب‪ ،‬والذي أعرفه أهنا َل تُسلِم‪ ،‬واهلل‬ ‫العرب تسطع على الغرب)‪ ،‬يف ٍ‬
‫طبعا ُهنا قبل أن نقرأ‬‫أعلم حباهلا ومبا انتهى إليه أمرها؛ انظروا ماذا تقول عن مجال هذه اللغة! ً‬
‫كالمها‪ ،‬يا إخوان أنا ال أحب ‪-‬يف احلقيقة‪ -‬اإلكثار من نصوص األعاجم يف مدح لغتنا؛ عندما‬
‫أن هناك فرقًا بني العجمي واألعجمي؛ على كل حال‪،‬‬ ‫أقول «األعجمي» أو «العجمي» مع َّ‬
‫قصد بها كل من ليس بِ َعربي‪ ،‬فهو من العجم؛ فالناس قسمان‪ :‬عر ٌ وأعجمي؛ فأنا ال‬ ‫«العجم» يُ َ‬
‫أحب اإلكثار من كالم هؤالء األعاجم‪ ،‬ملاذا؟ ألننا لسنا حباجة أصالً إىل شهادّتم‪ ،‬لسنا حباجة إىل‬
‫كالمهم؛ فنحن عندنا من نصوص األئمة ومن كالم العلماء ما يكفي ويشفي‪ ،‬لكن ألن هذا الكالم‬
‫مثال‪ -‬اليت معنا هنا هي‬ ‫اه ٌد ِم ْن أ َْهلِ َها﴾‪ ،‬يعين هذه املرأة ‪ً -‬‬
‫عندما يؤتَى به من باب ﴿وش ِه َد ش ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫أملانية؛ فعندما يأيت العر وميدح من قبيل الكالم الذي ذكرناه لكم اآلن البن األثري والرافعي وقتادة‬
‫وغريهم‪ ،‬سيقول قائل‪" :‬هؤالء عرب‪ ،‬فال شك أهنم سيمدحون لغتهم"‪ ،‬لكن عندما نأيت بكالم‬
‫آخره‪ ،‬مث ََِت ُده ميدح اللغة العربية هبذا املدح‪ ،‬فأنت تقول‪" :‬ال‪ ،‬هذا‬ ‫ألملاين أو فرنسي أو ياباين‪ ،‬إىل ِ‬

‫‪01‬‬
‫ِ‬
‫أيضا ‪-‬لألسف الشديد‪ ،-‬بسبب اهلزمية النفسية اليت‬ ‫تجِّرد؛ هو ال ميدح ل َمآ ِرب خاصة"‪ ،‬و ً‬
‫الرجل ُم َ‬
‫نعيشها حنن اآلن يف هذا الزمن‪ ،‬صار الناس عندما تقول هلم قال الشافعي كذا ال يتأثّرون‪ ،‬لكن‬
‫عندما تقول هلم قال املستشرق الفالين وقال الدكتور الفالين من العجم من اإلجنليز أو الفرنسيني أو‬
‫األملان يتأثّر هبذا‪ ،‬لألسف الشديد هذا واقع‪ ،‬لكن املؤمن ينبغي أن يعتز؛ يعتز بنفسه‪ ،‬يعتز هبويته‪،‬‬
‫قليال من هؤالء؛ ألجل األغراض أو النُّكات اليت‬
‫يعتز بلغته‪ ،‬بأئمته‪ ،‬لكن ال بأس أن نذكر شيئًا ً‬
‫ذكرّتا لكم‪.‬‬
‫وسحرها‬‫قالت هذه املستشرقة‪" :‬كيف يستطيع اإلنسان أن يقاوم مجال هذه اللغة ومنطقها السليم ِ‬
‫رعى أمام سحر تلك اللغة؛ فلقد‬ ‫صَ‬‫الفريد؟! فجريان العرب أنفسهم يف البلدان اليت فتحوها سقطوا َ‬
‫ٍ‬
‫بشغف‪ ،‬حَت أ َّن اللغة‬ ‫اندفع الناس الذين بقوا على ِدينهم يف هذا التيار‪ ،‬يتكلمون اللغة العربية‬
‫إن اللغة اآلرامية ‪-‬لغة املسيح‪ -‬قد ختلَّت إىل األبد عن مركزها‪ ،‬لتحتل‬
‫متاما‪ ،‬بل َّ‬
‫مثال ماتت ً‬
‫القبطية ً‬
‫مكاهنا لغة حممد ﷺ"‪.‬‬
‫تنبت تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أغرب املُْدهشات أن َ‬ ‫وقال املستشرق الفرنسي إرنيست رينان‪" :‬من َ‬
‫الر ّحل‪ ،‬تلك اللغة اليت فاقت أخواّتا بكثرةِ مفرداّتا‬ ‫ٍ‬
‫درجات الكمال وسط الصحاري عند أ ُّمة من ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل أطوار حياّتا طفولةٌ وال شيخوخةٌ‪ ،‬وال نكاد‬ ‫وحس ِن نظام مبانيها‪ ،‬وَل يُعرف هلا يف ّ‬ ‫ودقّة معانيها ُ‬
‫شبيها هبذه اللغة اليت ظهرت‬ ‫بارى‪ ،‬وال نعرف ً‬ ‫نعلَم من شأهنا َّإال فتوحاّتا وانتصاراّتا اليت ال تُ َ‬
‫درج وبقيت حافظةً لكياهنا من كل ٍ‬
‫شائبة"‪ ،‬انتهى كالمه‪.‬‬ ‫للباحثني كاملةً من غري تَ ُّ‬
‫ّ‬
‫عرف ‪-‬هذه اللغة‪ -‬متى ُولِ َدت ثم‬ ‫المقصود من هذا الكالم ‪-‬يا شباب‪َّ -‬‬
‫أن عادة اللغات أنها تُ َ‬
‫يكون لها مراحل‪ :‬طفولة‪ ،‬مثل اإلنسان؛ مراحل طفولة‪ ،‬مث تَ ِشب‪ ،‬مث تشيخ‪ ،‬مث متوت؛ هذه طبيعة‬
‫خصوصا بعد أن نزل القرآن؛ اللغة العربية‬
‫ً‬ ‫اللغات‪َّ ،‬إال اللغة العربية؛ فاللغة العربية ‪-‬سبحان اهلل‪-‬‬
‫في عهد النبي ﷺ فَتِيَّة‪ ،‬وهي اآلن مازالت فَتِيَّة لم تَ ُمت؛ نعم هي تضعف وتنزل وترتفع وتنزل‬
‫وترتفع‪ ،‬لكنها ما زالت لغة غَضَّة طَ ِريَّة؛ كأنها أُنشئَت اليوم‪ ،‬كأنها نزلت اليوم‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫أن اإلنسان العر‬ ‫يتعجب منها ًّ‬
‫جدا األجانب أو غير العرب‪ :‬أهنم يرون َّ‬ ‫لذلك‪ ،‬من األشياء التي َّ‬
‫كالما المرؤ القيس‪،‬‬ ‫مثال نقرأ ً‬
‫نصا يَعُود إىل أكثر من ألف ومخسمائة سنة؛ فنحن اآلن ً‬ ‫اآلن يقرأ ًّ‬
‫أشعارا لطبقة اجلاهلية من النابغة الذبياين‪ ،‬طرفة بن العبد‪ ،‬امرؤ القيس ‪-‬كما قلت لكم‪ ،-‬عنرتة‬ ‫ونقرأ ً‬
‫ونتذوقُه ونفهمه ونُطَبِّ ُقه يف حياتنا‬
‫بن شداد‪ ،‬وأمثال هؤالء؛ نقرؤه‪ ،‬ليس فقط نقرؤه‪ ،‬بل نقرؤه َّ‬
‫ونستشهد به يف كتاباتنا‪َ ،‬وُهم ماتوا قبل ما ال يقل عن ألفي سنة!‬
‫مثال أن يرجع إىل نص يَعُود إىل مخسمائة سنة‪ ،‬يُ ِ‬
‫عاين ُمعاناة‬ ‫اآلن األجانب‪ ،‬إذا أراد اإلجنليزي ً‬
‫آخر‪ ،‬واسألوا‬
‫متاما؛ اللغة اإلجنليزية قبل مخسمائة سنة شيء‪ ،‬واآلن شيء َ‬ ‫شديدة؛ ألن اللغة اختلفت ً‬
‫أن مسرحيات شكسبري م ًثال قد ُكتبت بنفس‬ ‫يدونَ ُكم يف هذا‪ .‬هل تظن أنت َّ‬ ‫أهل االختصاص‪ ،‬يُِف ُ‬
‫اللغة اليت يتكلم هبا اإلجنليز اآلن؟! ال؛ لغة شكسبري خمتلفة عن اللغة اليت يُتكلم هبا اآلن‪ ،‬وقس عليها‬
‫باقي اللغات‪ ،‬وأنا مازلت أذكر أين مرةً كنت يف قصر احلمراء يف األندلس‪ ،‬فكنت أقرأ على جدران‬
‫فكنت أقرأه وأشرحه لبعض‬ ‫ُ‬ ‫القصر األبيات اليت ُكتِبَت عليه يف وصف القصر ومدحه وحنو ذلك‪،‬‬
‫تفهم‬
‫أشد العجب‪ ،‬وقال يل‪" :‬هل َ‬ ‫اإلخوة الذين معي‪ ،‬فكان جبانيب رجل أورو ‪ ،‬فتعجب من هذا َّ‬
‫أنت هذا الكالم؟!"‪ ،‬قلت له‪" :‬نعم؛ هو كالم واضح!"‪ ،‬فقال‪" :‬كيف لإلنسان أن يفهم مثل هذا‬ ‫َ‬
‫أن اللغات يف العادة‬ ‫الكالم الذي يَعُود إىل مئات السنني؟!"؛ ماذا يُريد أن يقول؟ يُريد أن يقول َّ‬
‫تتغري؛ لكن انظروا كيف يا إخوان؛ القرآن نزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة‪ ،‬وما زلنا نقرؤه ونتلذذ‬ ‫ّ‬
‫به كأنه أُن ِزل اليوم! وهذا ِمن عظمة هذه اللغة‪ ،‬وهذه امل ِزيَّة ال أظن َّ‬
‫أن هناك لغةً تُشارك اللغة العربية‬
‫َ‬
‫فيها‪.‬‬
‫تكلمت فيها‪ -‬عن فضل اللغة‬
‫ُ‬ ‫ُهنا مسائل متنوعة َسنَ ُمّر عليها‪ .‬عرفنا اآلن ‪-‬يف تقريبًا نصف ساعة‬
‫خصوصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وفضل النحو‬ ‫العربية ً‬

‫‪02‬‬
‫مسائل في علم النحو‪:‬‬
‫وَنتِم ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬هذه املقدمة؛ إذا أردت أن َتعل ما تق ّدم‬
‫ُهنا بعض املسائل اليت سنَ ُمّر عليها َ‬
‫كله مقدمة‪ ،‬فنقول‪ :‬اآلن ُهنا مسائل‪.‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬اللحن‪:‬‬

‫ما هو اللحن؟ هذا أشرنا إليه قبل قليل؛ حنن نسمع هذه الكلمة ً‬
‫كثريا؛ يقولون‪" :‬فالن ال يلحن"‪،‬‬
‫كثريا؛ فما هو اللحن؟‬
‫مثال‪" :-‬فالن حلَّان"؛ يعين‪ :‬يلحن ً‬
‫مثال‪" :-‬هذا حلن"‪ ،‬ويقولون ‪ً -‬‬
‫ويقولون ‪ً -‬‬
‫مثال‪" :-‬ر ُ‬
‫أيت املسلمون"‬ ‫نت لكم قبل قليل أ ّن «اللحن» هو الخطأ في اإلعراب؛ فالذي يقول ‪ً -‬‬ ‫بيّ ُ‬
‫أيت املسلمني"‪ ،‬هذا قد َحلَن؛ يعين‪ :‬وقع يف اخلطأ‪.‬‬
‫بدال من "ر ُ‬
‫ً‬
‫وكان السلف رمحهم اهلل تعاىل يتجنَّبُون اللحن كما يتجنَّب الواحد منهم املعصية؛ هبذا اللفظ! كانوا‬
‫يقولون ‪-‬هذا ليس تعبريي؛ هذا تعبري العلماء‪ -‬أهنم كانوا يتجنَّبُون اللَّحن "كما يتجنّب َ‬
‫أح ُدنا‬
‫الذنب واملعصية"‪ ،‬وكان أحدهم إذا حلن استغفر اهلل؛ إذا حلن يستغفر كأنه أذنَب!‬

‫أن اإلنسان يَسلَم من اللحن؛ ألن «اللحن» ما هو؟ الخطأ‪ ،‬وهل يوجد‬ ‫لكن ليس معنى هذا َّ‬
‫ُدرس النحو فأنا ال أحلَن‪ ،‬ال؛ قد‬
‫مثال ألين أ ِّ‬
‫إنسان يَسلَم من اخلطأ؟ ال يوجد‪ .‬ال تظن أين أنا اآلن ً‬
‫حيصل ِم ِّين حلن‪ ،‬يا أخي إذا حصل اللحن من كبار ومن مشاهري التابعني الذين ُهم تالميذ الصحابة‪،‬‬
‫لحن‪ ،‬فاللحن خطأ‪ ،‬واخلطأ ال يَسلَم منه‬ ‫بل من بعض األئمة‪ ،‬من كبار علماء اللغة؛ كان بعضهم يَ َ‬
‫ِ‬
‫إنسان‪ ،‬وقد قال النيب ﷺ‪" :‬كل ابن آدم خطَّاء"‪ ،‬فليس املقصود أنك تَصل إىل مرحلة ال تَ َ‬
‫لحن؛‬
‫ألن هذا صعب‪ ،‬ال أقول مستحيل‪ ،‬لكنه صعب جدًّا جدًّا؛ بدليل أهنم ملا تكلموا عن السلف قالوا‪:‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّوهم َعدًّا! ّا يدل على قلَّتهم؛ فقالوا‪" :‬احلَ َسن كان‬
‫لحنُون‪ :‬فالن وفالن وفالن"؛ َعد ُ‬
‫"الذين كانوا ال يَ َ‬
‫أن الهدف من دراستك لعلم‬ ‫يلحن‪ ،‬وفالن‪ ،‬وفالن"؛ فإذن ال تَظُ ّن َّ‬
‫احلجاج كان ال َ‬ ‫يلحن‪ّ ،‬‬ ‫ال َ‬
‫مستقيما؛ أي‪:‬‬
‫ً‬ ‫تلحن‪ ،‬ال‪ ،‬ليس هذا الهدف؛ وإنّما المقصود‪ :‬أن يكون غالب كالمك‬ ‫النحو َّأال َ‬
‫خصوصا يف هذه األزمنة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وحلنت يف كلمة‪ ،‬كلمتني‪ ،‬ثالث‪ ،‬أربع‪ ،‬ال بأس‪،‬‬
‫َ‬ ‫ألقيت حماضرة‬
‫إذا َ‬

‫‪03‬‬
‫تلحن يف الكتابة‪ ،‬والكتابة نُ َدقِّق فيها أكثر؛ فاللحن‬
‫مقصورا فقط على الكالم‪ ،‬بل قد َ‬‫ً‬ ‫مث اللحن ليس‬
‫فيها أشد‪َّ ،‬أما اللحن يف الكالم ‪-‬أي يف اإللقاء‪ ،-‬فهذا وا ِرد جدًّا‪ ،‬لكن اللحن يف الكتابة‪ ،‬هذا‬
‫كامال ليس فيه حلن‪ ،‬كن؛ هذا ليس‬ ‫تستطيع أن تسلَم منه؛ يعين‪ :‬تستطيع أن تَكتُب كتابًا ً‬
‫مستحيال وال صعبًا؛ َّ‬
‫ألن الكتابة خمتلفة عن اإللقاء‪.‬‬ ‫ً‬
‫المسألة الثانية‪ :‬متى بدأ اللحن ينتشر بين الناس؟‬

‫بدأ اللحن بعد اتِّساع الفتوحات اإلسالمية؛ َّ‬


‫لما اختلط العرب الفاتحون األوائل بالشعوب‬
‫األخرى‪ :‬الفارسية‪ ،‬والرومية‪ ،‬واألحباش؛ فبسبب هذه اخللطة‪ ،‬بدأ بعض العرب يتأثّر بالعجم؛ فصار‬
‫بعض العرب يلحنون‪.‬‬

‫مثال يقولوا‪ :‬قرأ قارئ يف املدينة يف عهد عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه قول اهلل‬ ‫وفي هذا قِصص؛ ً‬
‫كني﴾‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬
‫َن اللَّهَ بَريءٌ م َن املُش ِر َ‬ ‫وم احلَ ِّج األ َِ‬
‫َكرب أ َّ‬ ‫تعاىل‪َ ﴿ :‬وأَذا ٌن ِم َن اللَّ ِه َوَرسولِ ِه إِ َىل النّ ِ‬
‫اس يَ َ‬
‫كني َوَرسولِِه"؛ قرأ هكذا‪ :‬بعطف رسولِِه على املشركني‪ ،‬وسنعرف ‪-‬إن شاء اهلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫قال‪" :‬بَريءٌ م َن املُش ِر َ‬
‫ئ من الرسول‬ ‫أن اهلل ‪-‬والعياذ باهلل‪ -‬بَِر َ‬ ‫أن املعطوف على اجملرور جمرور؛ فيصبح املعىن َّ‬ ‫يف علم النحو َّ‬
‫تغري‬
‫أن اهلل بريء من املشركني وبريء من رسوله‪ ،‬والعياذ باهلل! فانظر كيف ّ‬ ‫ئ من املشركني؛ َّ‬ ‫كما بَِر َ‬
‫ئ منه اهلل"!‬ ‫أبرأُ ّن بَِر َ‬ ‫أنا‬
‫و‬ ‫"‬ ‫ه‪:‬‬‫فلما َِمسع هذه اآلية أعرا ‪ ،‬قال على سلِي َقتِ‬ ‫املعىن بسبب هذا اللحن! َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫إن اإلمام قرأ‪" :‬بَريءٌ م َن املُش ِر َ‬
‫كني‬ ‫فقيل ذلك لِعُمر‪ ،‬فاستدعى األعرا وسأله عن ذلك‪ ،‬فقال له‪َّ :‬‬
‫أمرا» هي ِمن تعبريات‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أصدر ً‬ ‫أمرا َّأال يَقرأَ القرآن َّإال عاَل بالعربية؛ هذه « َ‬ ‫َوَرسوله"؛ فأصدر عمر ً‬
‫عاَل بالعربية"‪ .‬إذن‪ ،‬الصواب هو‪:‬‬ ‫املتأخرين‪ ،‬لكن األوائل يقولون‪" :‬فأمر عمر َّأال يق ِرئ القرآن َّإال ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أسا‬
‫أيضا من املشركني؛ فاملعىن ينقلب ر ً‬ ‫كني َوَرسولُهُ﴾؛ أي‪ :‬ورسولُهُ بريءٌ ً‬ ‫َن اللَّهَ بَريءٌ م َن املُش ِر َ‬ ‫﴿أ َّ‬
‫على َع ِقب بني الكسر وبني الضم‪ ،‬وهذا ستعرفه ملا تدرس النحو؛ فانظر ُهنا كيف اجلاهل بالنحو قد‬
‫متاما‪ ،‬وقد يأيت بكالم ُكف ِري!‬ ‫يعكس املعىن ً‬
‫إيل عبد اهلل ‪-‬أي عبد اهلل املعتز‪،-‬‬ ‫قال الزبري بن بكار‪" :‬وفَ ْدت على املتوِّكل فقال يل‪ :‬أ ِ‬
‫َدخل ََّ‬ ‫َ ُ‬
‫فسقطت؛ فقال يل‪ :‬يا زبري‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فعثرت‬
‫ُ‬ ‫فدخلت وهو صيب‪ ،‬فسألين عن احلجاز واستنشدين‪ ،‬مث هنضت‬
‫ُ‬
‫‪04‬‬
‫تف ِرق م ن بع د اجتم ٍاع م ن ّ‬
‫الش مل‬ ‫وَك م عث رةٍ يل باللس ان عثرُّت ا‬
‫الرج ل‬
‫ول يس مي وت امل رء م ن عث رة ِّ‬ ‫وت الف َت م ن عث رةٍ بلس انه‬‫مي ُ‬
‫وعثرت هُ بالرج ل ت ربأ عل ى مه ِل‬ ‫ذهب نفس ه‬
‫\‬

‫ُ‬ ‫فعثرت ه م ن في ه تُ‬


‫وإما‬
‫كالم صحيح؛ اإلنسان قد يعثر بلسانه فيموت بسبب هذه العثرة؛ َّإما أن يقع يف الكفر‪َّ ،‬‬‫وهذا ٌ‬
‫أحدا‪ ،‬وما شابه ذلك‪ ،‬لكن لو عثر برجله وسقط‪ ،‬يربأ؛ يتعاجل‪.‬‬
‫أن يشتم ً‬
‫قال عبد امللك‪" :‬اللحن يف الكالم أقبَح من التَّفتِيق يف الثوب واجلُدري يف الوجه ‪-‬املرض املعروف‪"-‬؛‬
‫بت"؛ يعين‪ :‬أسرع فيك الشيب؛ فقال‪" :‬شيَّبَ ِتين املنابِر واجتناب‬ ‫ِ‬
‫لذلك ملَّا قيل لعبد امللك‪" :‬قد ش َ‬
‫كنت أصعد على املنرب‪ ،‬أحاول أن أتكلم بالفصيح وال أحلَن‪ِ ،‬فألين متوتر‬ ‫اللحن"؛ يقول‪ :‬أنا ملَّا ُ‬
‫"أضَّر بِنَا يف‬
‫يف الشيب‪ ،‬وعندما مسع ابنَه الوليد يلحن يف الكالم قال‪َ :‬‬ ‫أخاف أن أحلن؛ فهذا أسرع َّ‬
‫عجل‬
‫ألزمتُه البادية حَت يتجنّب اللحن‪ ،‬وقيل له‪" :‬لقد َّ‬ ‫الوليد ُحبُّ نَا له فلم نُل ِزمهُ البادية"؛ يقول‪ :‬ليتين َ‬
‫عليك الشَّيب يا أمري املؤمنني"؛ قال‪" :‬شيَّ ِبين ارتقاء املنابر وتوقّع اللحن"‪.‬‬
‫وقال أيوب السختياين ‪-‬اإلمام املشهور‪" :-‬تعلَّ ُموا النحو؛ فإنه مجال للوضيع‪ ،‬وترُكه ُهجنةٌ للشريف"‪.‬‬
‫وعن املغرية بن عبد الرمحن أنه قال‪" :‬جاء عبد العزيز الدراوردي يف مجاعة إىل أ ليعرضوا عليه كتابًا‪،‬‬
‫كنت‬
‫قبيحا؛ فقال أ ‪ :‬وحيك يا دراوردي! أنت َ‬ ‫فقرأه هلم الدراوردي‪ ،‬وكان رديء اللسان يلحن حلنًا ً‬
‫َحوج منك إىل غري ذلك!"‪.‬‬‫إىل إصالح لسانك قبل النظر يف هذا الشأن أ َ‬
‫ِن‬ ‫هُ إذا َل يلح‬ ‫وامل رء تُكرم‬ ‫يبس ط م ن لس ان األَلْ َك ن‬
‫النح و ُ‬
‫َلس ن‬ ‫ُّ‬ ‫ت م ن العل وم أجلَّه ا‬
‫يم األ ُ‬
‫فأجله ا منه ا ُمق ُ‬ ‫ف إذا طلب َ‬
‫مع أن بعضهم تع ّقب هذا الشاعر فقال‪ :‬ال؛ أَجلُّها منها‪ُ :‬م ِقيم األ َْديُن؛ يعين‪ :‬علم العقيدة؛ نعم‪،‬‬
‫لكن لعله يُِريد أَجلُّها من علوم اآللة ً‬
‫مثال‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬املرء تُك ِرمه إذا َل يلحن‪ّ ،‬أما إذا حلن فكانوا ال يُك ِرُمونه‪.‬‬

‫‪05‬‬
‫آخر‪ ،‬صار احلديث‬ ‫يقول الرحيب‪ :‬قال بعض أصحابنا‪" :‬إذا كتب حلَّان فكتب عن اللحان حلَّان َ‬
‫أن تعلُّم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية‪ ،‬وكان السلف‬
‫"ومعلوم َّ‬
‫ٌ‬ ‫بالفارسية"‪ ،‬وقال ابن تيمية‪:‬‬
‫أمر إجياب أو أمر استحباب أن‬
‫ورون ‪-‬انظر كالم ابن تيمية‪َ -‬‬ ‫ؤدبُون أوالدهم عن اللحن؛ فنحن َم ُأم ُ‬
‫يُ ِّ‬
‫حنفظ القانون العر ‪-‬ما هو «القانون العربي»؟ أي‪ :‬اللغة العربية؛ قواعد العربية‪ ،-‬ونُصلِح‬
‫األلسنة املائلة عنهُ؛ فَيَحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنّة‪ ،‬واالقتداء بطريقة العرب يف ِخطاهبا؛ فلو‬
‫نقصا وعيبًا‪ ،‬فكيف إذا جاءوا إىل األلسنة العربية املستقيمة واألوزان‬
‫تُرك الناس على حلنهم كان ً‬
‫فس َدة للسان؟!"؛ هذا كالم ابن تيمية قبل سبعمائة‬ ‫القومية فأفسدوها مبثل هذه املفردات واألوزان امل ِ‬
‫ُ‬
‫سنة تقريبًا؛ ماذا سيقول اآلن لو مسع كيف حنن مقصرون يف اللغة العربية والنحو؟!‬

‫المبادئ العشرة لعلم النحو‪:‬‬


‫ما معىن كلمة «حنو»؟ اآلن نبدأ يف املبادئ العشرة اليت هبا سنختم هذه املقدمة إن شاء اهلل‪.‬‬

‫المبدأ األول‪ :‬تعريف علم النحو‪:‬‬

‫● تعريف النحو لغةً‪:‬‬


‫ما معىن كلمة حنو؟ نقول‪ :‬كلمة «نحو» في اللغة العربية لها ِع َّدة ٍ‬
‫معان‪:‬‬
‫‪ -‬تأتي كلمة «نحو» بمعنى‪ :‬الجهة؛ تقول‪" :‬ذهبت حنو فالن"؛ يعين‪ :‬جهة فالن‪.‬‬
‫معروف‬
‫َ‬ ‫"حنوت‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬يأتي «النحو» بمعنى‪ :‬ال َقصد؛ تقول‪" :‬حنَ ُ‬
‫وت معروفه"؛ يعين‪ :‬قصدت معروفَه؛‬
‫قصدت معروف األمري‪.‬‬‫ُ‬ ‫األمري" يعين‪:‬‬
‫الشبه؛ تقول‪" :‬هذا حنو هذا"؛ يعين‪ :‬يشبهه‪،‬‬‫‪ -‬وتأتي كلمة «نحو» بمعنى‪ُ :‬دون‪ ،‬وبمعنى‪ِّ :‬‬
‫المثل‪ ،‬بمعنى‪ :‬النوع؛ تقول‪" :‬هذه املسألة على مخسة أحناء"؛ يعين‪ :‬مخسة أنواع‪ ،‬وهكذا؛‬‫وبمعنى‪ِ :‬‬
‫له تقريبا سبعة ٍ‬
‫معان يف اللغة العربية‪.‬‬ ‫ً‬
‫ُوىل من املبادئ العشرة‪.‬‬
‫هذه املسألة األ َ‬
‫سمى ب «املبادئ العشرة»‪:‬‬
‫العلوم كلها ‪-‬العلوم الشرعية أو العربية‪ -‬هلا مبادئ تُ َّ‬

‫‪06‬‬
‫رة‬ ‫وع ُمثَّ الثم‬ ‫ُّد واملوض‬ ‫احلَ‬ ‫َّ‬
‫إن مب ادئ ك ل فَ ن عش رة‬
‫إىل ِ‬
‫آخره؛ هذه األبيات َتمع املبادئ العشرة‪.‬‬

‫اصطالحا؛ له اسم‪ ،‬له‬


‫ً‬ ‫ما معنى «المبادئ العشرة»؟ أي‪ :‬كل فَن‪ ،‬كل عل ٍم‪ ،‬له تعريف؛ لغةً و‬
‫آخره؛ هذه «المبادئ العشرة»؛‬ ‫ؤسس‪ ،-‬له فائدة ومثرة‪ ،‬إىل ِ‬ ‫موضوع‪ ،‬له مسائل‪ ،‬له واضع ‪-‬أي‪ُ :‬م ِّ‬
‫أي ِعلم‪.‬‬
‫يعني‪ :‬أساسيات ّ‬
‫هذا املبدأ األول‪ :‬ما معىن النحو يف اللغة العربية؟ عرفناه يأيت على عِدَّة م ٍ‬
‫عان؛ سبعة تقريبًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫● تعريف النحو‬
‫عرف بها أحكام‬ ‫ِ‬
‫ما تعريف «النحو» في االصطالح ‪-‬عند النحويين‪-‬؟ نقول‪ :‬هو علم بقواعد يُ َ‬
‫أ ِ‬
‫َواخر الكلمات العربية‪.‬‬
‫انتبه‪ :‬علم النحو يدرس ِ‬
‫آخر الكلمات؛ كلمة زيد ما ِ‬
‫آخُرها؟ حرف الدال‪.‬‬ ‫َ ُ‬
‫علم النحو وظيفته أن يُ ّبني لك ما هي احلركة اليت تضعها على الدال؛ علم النحو ال يهتم بالزاي وال‬
‫بالياء‪ ،‬ملاذا؟ ألنه أول ووسط؛ علم النحو ال يهتم باألول وال بالوسط‪ ،‬وإّنا يهتم ِ‬
‫بآخر الكلمة‪ :‬مَت‬
‫يدا؟ مَت نقول ز ٍ‬
‫يد؟ هذا علم النحو‪.‬‬ ‫نقول زي ٌد؟ مَت نقول ز ً‬
‫آخر الكلمة في حال تركيبها؛ من اإلعراب والبناء وما يتبع‬ ‫إذن‪ ،‬هو قواعد تُعلّمك كيف تضبط ِ‬
‫عربة وكلمات َمبنِيَّة‪ ،‬والفرق بينها ستعرفه ملا تدرس هذا العلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذلك‪ .‬عندنا كلمات ُم‬
‫ّ‬
‫المبدأ الثاني‪ :‬موضوع علم النحو‪:‬‬

‫ما موضوع علم النحو؟ «موضوع» يعني‪ :‬الشيء الذي يدرسه علم النحو‪.‬‬
‫أن علم النحو يدرس الكلمات العربية‪ ،‬لكن من أي جهة؟ يبحث في أحوال ِ‬
‫أواخر‬ ‫واضح َّ‬
‫ّ‬
‫الكلمات ‪-‬كما قلنا قبل قليل‪ ،-‬وال يبحث في حال اإلفراد؛ أي‪ :‬لو جئتين وقلت يل‪" :‬يا‬

‫‪07‬‬
‫أستاذ‪ ،‬ما إعراب كلمة زيد؟"‪ ،‬ال أستطيع أن أ ُِجيبك؛ سأقول لك‪ :‬ضع ز ً‬
‫يدا يف مجلة‪ ،‬بعد ذلك‬
‫سأقول لك ما إعراهبا‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬علم النحو يبحث في الكلمة في حال اإلفراد أم في حال التركيب في جملة؟ يف حال‬
‫الرتكيب يف مجلة؛ فإذا وضعت كلمة زيد يف مجلة فقلت يل‪" :‬جاء زيد"؛ ُهنا سأقول لك‪ :‬فاعل‪،‬‬
‫يد"؛ ُهنا سأقول لك‪ :‬جمرور‪ .‬لكن قبل أن‬‫يدا"؛ هنا سأقول لك‪ :‬مفعول به‪" ،‬مررت بز ٍ‬
‫ُ‬ ‫بت ز ً ُ‬ ‫"ضر ُ‬
‫وضع يف مجلة‪ ،‬هل له إعراب؟ ال‪ ،‬ال يَنظُر فيه النحوي وال يبحثهُ‪.‬‬
‫يُ َ‬
‫إذن‪ ،‬علم النحو موضوعهُ‪ :‬الكلمات العربية بعد أن تُ َرَّكب في جملة‪.‬‬

‫المبدأ الثالث‪ :‬ثمرة علم النحو‪:‬‬

‫أن هذه الثمرة أصبحت واضحة عندكم اآلن؛ أهم ثمرة ِمن ثمار‬‫ما ثمرة تعلّم علم النحو؟ أظن َّ‬
‫صحيحا؛ هذه أهم مثرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫هما‬
‫تعلّم النحو‪ :‬فهم القرآن وفهم الحديث النبوي فَ ً‬
‫لكن هل ثمرة النحو مقصورة على هذه؟ ال‪ ،‬ليست مقصورة على هذه‪ ،‬ولكن نقول‪ :‬هذه أهم‬
‫صو ُن اللسان عن الخطأ في النطق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مثارها ‪-‬أهم مثار تعلّم النحو‪ ،-‬لكن م َن الثمار األخرى‪َ :‬‬
‫وصون القلب عن الخطأ في الفهم‪ ،‬إىل‬
‫وصون البَنان ‪-‬وهو القلم‪ -‬عن الخطأ في الكتابة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫آخره‪.‬‬‫ِ‬

‫يفسر القرآن وال‬


‫أيضا ‪-‬كما قلنا لكم‪ ،-‬بالنسبة لطالب العلم‪ :‬واجب عليه؛ ال يجوز له أن ّ‬ ‫ً‬
‫يفسر السنّة َّإال إذا تعلّم اللغة العربية‪ ،‬وتعلّم النحو تحدي ًدا‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال الرازي‪" :‬اعلَم َّ‬
‫أن معرفة اللغة والنحو والتصريف فرض كفاية؛ ألن معرفة األحكام الشرعية واجبةٌ‬
‫باإلمجاع"‪ ،‬إىل ِ‬
‫آخر كالمه‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫ُحيتاج إليه يف كل فَن ِمن فنون العلم‪ ،‬ال سيما التفسري‬ ‫قال السيوطي‪" :‬وقد اتُّفق على َّ‬
‫أن النحو‬
‫أن يتكلم يف كتاب اهلل حَت يكون َملِيًّا ‪-‬أي‪َ :‬غنِيًّا‪-‬‬ ‫ألح ٍد‬
‫واحلديث"‪ ،‬مث قال‪" :‬فإنه ال جيوز َ‬
‫بالعربية"‪.‬‬
‫وكالمهم يف هذا كثري‪ .‬هذا املبدأ الثالث‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬املبدأ األول‪ :‬تعريف العلم‪ ،‬املبدأ الثاين‪ :‬موضوع النحو‪ ،‬املبدأ الثالث‪ :‬مثرة النحو‪.‬‬

‫المبدأ الرابع‪ :‬واضع علم النحو‪:‬‬

‫سه؟ قواعد النحو موجودة عند العرب؛ موجودة منذ أن‬ ‫أس َ‬
‫َمن الذي وضع هذا العلم؟ َمن الذي َّ‬
‫وصنَّف‬
‫َسس لهذا العلم َ‬ ‫ُو ِج َد العرب‪ ،‬من أيام الجاهلية يتكلمون بقواعد النحو‪ ،‬لكن َمن الذي أ َّ‬
‫ومجَع قواعده ‪َ -‬مجَ َعها وَل خيرتعها؛ هي موجودة عند الناس‪ ،‬لكنه‬ ‫فيه؟ يقولون‪ :‬الذي وضع هذا العلم َ‬
‫الد َؤلِي رحمه اهلل‪ ،‬وهو تابعي من تالميذ علي‬ ‫َمجَ َعها‪َّ ،‬أول َمن وضع لهذا العلم هو‪ :‬أبو األسود ُّ‬
‫بن أ طالب‪ ،‬وذلك بأم ٍر من أمري املؤمنني‪ ،‬وذلك بقصة مشهورة يذكروهنا‪ :‬أنه كان عند ابنته‬
‫تلحن؟!‬ ‫فتكلَّمت فلَحنت؛ ابنة من؟ ابنة أ األسود الدؤيل‪َ ،‬حلنت؛ فخاف هو‪ِ ،‬‬
‫صدم؛ كيف ابنيت َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫أن الناس بدأوا يلحنون؛ اللحن بدأ ينتشر‬ ‫فذهب إىل علي رضي اهلل عنه وشكى له أن ابنته َحلَنَت‪ ،‬و َّ‬
‫بني الناس‪ ،‬فأمره علي رضي اهلل عنه ‪-‬فيما يقال‪-‬؛ الرواية تقول أنه أمره بأن يأيت بكتاب وقال له‪:‬‬
‫وإما‬
‫وإما فعل ّ‬
‫"اكتب"‪ ،‬قال‪" :‬ما أَكتُب؟"‪ ،‬قال‪" :‬اكتُب‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬الكلمة‪ّ :‬إما اسم ّ‬
‫فس ِّمي ب «علم النحو»‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫انح على هذا النحو"؛ ُ‬ ‫حرف"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬مث قال له‪" :‬و ُ‬
‫المبدأ الخامس‪ُ :‬حكم تعلُّم النحو‪:‬‬

‫عموما؛ هو فرض كفاية؛ جيب‬


‫ما ُحكم تعلّم علم النحو؟ نقول‪ :‬فرض كفاية بالنسبة للمسلمين ً‬
‫على طائفة من املسلمني أن يتعلّموا علم النحو‪ ،‬فهو فرض كفاية؛ إذا قام به طائفة سقط اإلمث على‬
‫الباقني‪ ،‬إذا تََرَكه كل املسلمني فاجلميع يأمث‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫هل يمكن أن يكون علم النحو فرض َعين؟ نعم؛ يكون فرض َعني يف حق طالب العلم إذا أراد أن‬
‫فسر القرآن وال احلديث ُدون علم النحو‪.‬‬
‫يتعلّم الشريعة؛ فهو فرض َعني يف َحقِّه؛ ال جيوز له أن يُ ّ‬
‫● مسألة‪ :‬هل تعلّم علم النحو سهل؟‬
‫هل علم النحو سهل؟ وملاذا يستصعبه الطالب؟ فنقول كما قال الشافعي؛ تُ َروى كلمة عن الشافعي‬
‫وصف بأهنا‬ ‫عموما‪ ،‬العلوم واملعارف ال تُ َ‬ ‫أنه قال‪" :‬ليس يف علم الكتاب والسنّة شيء سهل"؛ نقول‪ً :‬‬
‫سهلة؛ ألن هذه العلوم حتتاج إىل ُجهد‪ ،‬لكن أنا أقول‪ :‬علم النحو يَ ِسريٌ ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬على َمن‬
‫قت إىل ُمعلِّم جيد‪ ،‬فهو سهل إن شاء‬ ‫ووفِّ َ‬
‫عرفت الطريقة الصحيحة ُ‬ ‫يَ َّسَره اهلل عز وجل عليه؛ فإذا َ‬
‫مت عن هذه املسألة ‪-‬مسألة صعوبة النحو‪ :‬هل النحو سهل أم صعب‪-‬؛ ميكن أن‬ ‫اهلل‪ ،‬وقد تكلَّ ُ‬
‫شرحت فيه قصيت يف تعلم النحو؛ أرجو أن ترجعوا إليه؛‬ ‫ُ‬ ‫(مدارِج النحو) الذي‬ ‫ترجعوا إىل كتا َ‬
‫ستجدون شيئًا من هذا الكالم عن موضوع السهولة وحنو ذلك؛ فأنا أقول‪ :‬الذي حتتاج إليه من علم‬
‫أن هذا العلم‬ ‫النحو سهل‪ ،‬وما زاد على ذلك من األمور الصعبة فهذا للمتخصصني‪ ،‬ودليلي على َّ‬
‫ُّول ِم َن الشرق ومن الغرب قد تعلَّ ُموا هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيت إخوة من َش ََّت اجلنسيات ومن َش ََّت الد َ‬ ‫سهل‪ :‬أنين ر ُ‬
‫اقعا موجوًدا‬‫العلم‪ ،‬بل ويتكلمون باللغة العربية الفصحى ويكتبون هبا؛ فلوال أنه ُميَ َّسر لَ َما رأينا هذا و ً‬
‫إن النحو هو جزء من اللغة العربية‪ ،‬واللغة العربية هي لغة القرآن‪ ،‬واهلل عز وجل قال عن‬ ‫أمامنا‪ ،‬مث َّ‬
‫وها من التيسري؛‬ ‫ألن فيه ُو ُج ً‬ ‫القرآن‪﴿ :‬ولَ َقد يَ َّسرنَا ال ُقرآ َن لِ ِّ‬
‫لذك ِر فَ َهل ِمن ُم َّدكِ ٍر﴾؛ فالقرآن ُميَ َّسر َّ‬ ‫َ‬
‫آخر‬‫مستحيال أو صعبا جدًّا لَما اختاره اهلل عز وجل أن يكون لغة ِ‬ ‫ً‬ ‫منها‪ :‬اللغة العربية؛ فلو كان هذا‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫كتاب ِمن كتبه‪.‬‬

‫● كيف أتعلم علم النحو؟‬


‫شرحت هذا بالتفصيل يف كتاب (مدارج النحو)‪ ،‬لكن باختصار‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫كيف أتعلم علم النحو؟ أقول‪:‬‬
‫تتدرج؛ تبدأ بكتاب صغري مثل (اآلجرومية)؛ أَتْ َقْنتَهُ؟ تذهب إىل (قطر الندى)؛ أتقنته؟‬ ‫حتتاج أن ّ‬
‫اعي التدريج‪ُ ،‬ختلِص النية‪ ،‬تدعو اهلل‪ ،‬ختتار امل َعلِّم امل َوفَّق‬
‫تذهب إىل (ألفية ابن مالك)‪ ،‬وتنتهي؛ تُر ِ‬
‫ُ ُ‬
‫الذي ال يُشغلك باخلالفيات وال يُصعب عليك املوضوع‪ ،‬وإّنّا يسهله لك؛ فمع توفيق اهلل عز وجل‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫ُمعلِّم جيّد‪ ،‬وصرب‪ ،‬وعدم استعجال‪ ،‬وتصحيح النية‪ ،‬ودعاء اهلل عز وجل‪ ،‬والت ُّ‬
‫َّدرج؛ بإذن اهلل تعاىل‬
‫ستُ ِتقن هذا العلم‪.‬‬
‫بعضا من هذه املبادئ العشرة؛ فعرفنا تعريف هذا العلم لغةً واصالحا‪ ،‬وعرفنا و ِ‬
‫اضع هذا‬ ‫إذن‪ ،‬عرفنا ً‬
‫ً‬
‫العلم‪ ،‬وعرفنا مثرة هذا العلم‪ ،‬وعرفنا موضوع هذا العلم‪.‬‬

‫المبدأ السادس‪ :‬مسائل علم النحو‪:‬‬

‫ضا من مبادئ‪ :‬مسائل هذا العلم‪ :‬مسائله كثرية؛ من مسائله‪ :‬أنه يدرس لك ‪-‬‬ ‫مما يذكرونه أي ً‬
‫ّ‬
‫درس يف الفن نفسه‪.‬‬
‫مثال‪ -‬اجلملة االمسية واجلملة الفعلية‪ ،‬املبتدأ واخلرب‪ ،‬الفعل والفاعل؛ مسائله تُ َ‬
‫ً‬
‫اضع هذا العلم؛ هذه أربعة ِمن‬
‫إذن‪ ،‬عرفنا تعريف هذا العلم‪ ،‬موضوع هذا العلم‪ ،‬مثرة هذا العلم‪ ،‬وو ِ‬
‫أصل عشرة‪.‬‬

‫المبدأ السابع‪ :‬فضل علم النحو‪:‬‬

‫فضل هذا العلم قد عرفناه من خالل ما قرأناه من نصوص األئمة سل ًفا وخل ًفا‪.‬‬

‫المبدأ الثامن‪ :‬اسم هذا العلم‪:‬‬

‫ما اسم هذا العلم؟ امسه‪ :‬علم النحو‪ ،‬أحيانًا يقولون‪ :‬علم قواعد العربية‪ ،‬أحيانًا الناس يقولون‪ :‬علم‬
‫اإلعراب‪ ،‬لكن االسم المشهور هو‪ :‬علم النحو‪.‬‬

‫ستمد علم النحو؟‬ ‫ِ‬


‫المبدأ التاسع‪ :‬من أين يُ َ‬
‫ستمد هذا العلم؟ ِمن أين يُؤ َخذ؟ ِمن أين يُستقى؟‬ ‫ِ‬
‫املبدأ الذي بعده‪ :‬االستمداد؛ من أين يُ َ‬
‫يُست َقى من القرآن الكريم وكالم العرب األوائل؛ فيدخل فيه أهل اجلاهلية‪ ،‬ويدخل فيه النيب ﷺ ‪-‬‬
‫بال شك‪ ،-‬ويدخل فيه الصحابة؛ إىل الفرتة اليت انتشرت فيها اللُّ ُحون‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المبدأ العاشر‪ :‬ما نسبة علم النحو؟‬

‫املبدأ الذي بعده‪ :‬النسبة؛ ما نسبة هذا العلم؟ يعني‪ :‬ما عالقة هذا العلم بباقي العلوم؟‬

‫نقول‪ :‬نسبة هذا العلم أنه يَعُود إىل علوم اللغة العربية؛ أي‪ :‬نسبته أنه فرع من فروع اللغة العربية‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫أشرت إليها قبل قليل‪.‬‬


‫طبعا‪ُ -‬‬
‫هذه هي املبادئ‪ ،‬واملسائل ‪ً -‬‬
‫انظروا ماذا يقول الناظم؛ يقول‪:‬‬
‫رة‬ ‫وع ُمثّ الثم‬ ‫ُّد واملوض‬
‫احلَ‬ ‫إن مب ادئ ك ل فَ ن عش رة‬ ‫َّ‬
‫الش ا ِرع‬
‫واالس م االس تمداد ُحك م َّ‬ ‫وفَض لُه ونِس بَةٌ والواض ع‬
‫رف‬
‫الش َ‬
‫وم ن َد َرى اجلمي ع ح از َّ‬
‫َ‬ ‫مس ائل وال بعض ب البعض اكتف ى‬
‫\‬

‫الح ّد» يعني‪ :‬التعريف؛ عرفناه‪ ،‬املوضوع عرفناه‪ ،‬الثمرة عرفناها‪ ،‬الفضل ‪-‬فضل هذا‬
‫نعود إليها‪َ « :‬‬
‫العلم‪ -‬عرفناه‪ ،‬النسبة‪ :‬قلنا َّ‬
‫أن هذا العلم من علوم اللغة العربية؛ هذا اخلامس‪ ،‬السادس‪ :‬الواضع ‪-‬‬
‫واضع هذا العلم‪ -‬هو‪ :‬أبو األسود وعلي‪ ،‬السابع‪ :‬االسم ‪-‬اسم هذا العلم‪ :-‬علم النحو‪،‬‬
‫ستم ّد‪ ،‬التاسع‪ُ :‬حكم َّ‬
‫الشارِع ‪ُ -‬حكم الشريعة‪ :-‬ما ُحكم‬ ‫ِ‬
‫الثامن‪ :‬االستمداد‪ :‬عرفنا من أين يُ َ‬
‫الشريعة يف تعلّم النحو؟ قلنا‪ :‬هو فرض كفاية يف األصل‪ ،‬لكن أحيانًا يكون فرض َعني‪ ،‬العاشر‬
‫واألخير‪ :‬مسائل هذا العلم‪.‬‬
‫درس يف كتبه املختصة؛ مثل‪ :‬دراسة باب كان وأخواّتا‪َّ ،‬‬
‫إن وأخواّتا‪ ،‬حروف‬ ‫مسائل هذا العلم تُ َ‬
‫آخره؛ هذه مسائل هذا العلم‪.‬‬‫اجلر‪ ،‬إىل ِ‬

‫‪22‬‬
‫نصائح لطالب علم النحو‪:‬‬

‫‪ )3‬النصيحة األولى‪ :‬احفظ القواعد المهمة‪:‬‬


‫َوجزُّتا يف كتا (مدارج النحو)‪ ،‬لكن ال‬ ‫هناك ‪-‬يف احلقيقة‪ -‬نصائح كثرية ميكن أن ننصح هبا‪ ،‬وقد أ َ‬
‫بأس باإلشارة إىل بعضها ُهنا؛ وهي‪ :‬قضية األخطاء اليت يقع فيها بعض الطلبة يف تعلم النحو؛‬
‫فمثال‪ ،‬من األخطاء‪ :‬بعض الطالب ال يريد أن حيفظ شيئًا يف النحو‪ ،‬مث يريد أن يُ ِتقن النحو! فأنا‬
‫ً‬
‫فهما؛ فيه ما‬ ‫ِ‬
‫أقول‪ :‬علم النحو شيء منه حيتاج إىل حفظ؛ ليس كل النحو حفظًا‪ ،‬وال كل النحو ً‬
‫ُحيفظ وفيه ما يُفهم؛ أغلبه فهم‪ ،‬لكن هناك جزء ال بأس به من علم النحو ال بد أن ُحيفظ؛ فهناك‬
‫أشياء ُحتفظ وال تُفهم‪.‬‬
‫مثال‪ :‬حروف اجلر؛ هذه احلروف ال بد أن حتفظها كامسك‪َّ ،‬‬
‫وإال كيف ستعرف أنه حرف جر؟ فهذه‬ ‫ً‬
‫مثال‪ :‬حروف اجلزم؛ ال بد أن حتفظها‪ ،‬أن تعرفها كما هي ُدون‬
‫فهم‪ً ،‬‬ ‫ُحت َفظ كما هي‪ ،‬وليس فيها ما يُ َ‬
‫زيادة وال نقصان‪ ،‬حروف النصب ‪-‬النواصب اليت تنصب الفعل املضارع‪-‬؛ هذه ال بد أن ُحت َفظ كما‬
‫هي‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬هناك جزء من النحو ال بد أن ُحيفظ‪ ،‬والباقي‪ :‬أكثره ‪-‬رمبا نستطيع أن نقول‪ :‬نسبة سبعني يف‬
‫املائة‪ ،‬رمبا؛ اهلل أعلم‪-‬؛ ُمعظَم علم النحو هو عبارة عن فهم وتطبيق‪ ،‬وهذه هي النصيحة الثانية‪.‬‬

‫درسه على كل شيء‪:‬‬‫‪ )1‬النصيحة الثانية‪ :‬طَبِّق ما تَ ُ‬


‫فمثال‬
‫درس قاعدة طَبِّقها؛ ً‬ ‫ِ‬
‫أردت أن تُتقن النحو‪ ،‬فعليك بكثرة التطبيق؛ كلما تَ ُ‬
‫النصيحة الثانية‪ :‬إذا َ‬
‫أن الفاعل مرفوع؛ حا ِول ً‬
‫دائما أن تستخرج الفاعل يف اجلملة‪.‬‬ ‫درست باب الفاعل‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫كنت ال تُطَبِّق فال فائدة من دراسة القواعد النظرية؛ فال بد أن‬
‫علم النحو هو علم تطبيقي‪ ،‬فإذا َ‬
‫كثريا ما تدرسه من القواعد النظرية؛ تطبّقه يف كالمك‪ ،‬تطبّقه يف مساعك؛ حَت ملا تسمع إىل‬ ‫تُطَبِّق ً‬
‫َّ‬
‫شخص‪ُ ،‬حتا ِول أن تعرف‪ُ :‬هنا املتكلم ملاذا رفع هذا؟ ملاذا نصب هذا؟ ملاذا َّ‬
‫جر هذا؟ تُطبِّق ما درسته‬
‫مثال؛ لكن عندما‬ ‫أيضا تطبقه يف كتابتك؛ ملا تكتب‪ ،‬ليس شرطًا أن تكتب كتابًا ً‬ ‫على ما تسمعه‪ ،‬و ً‬
‫ّ‬
‫‪23‬‬
‫تكتب رسالةً لصاحبك باللغة العربية‪ ،‬أو تكتب تغريدةً‪ ،‬أو تكتب ما شابه ذلك‪ ،‬حا ِول أن تطبّق‬
‫صل درجة‬ ‫خطئ‪ ،‬نعم؛ ستُ ِ‬
‫خطئ مرة ومرتني وثالثًا وأربعا ومخسا‪ ،‬إىل أن تَ ِ‬ ‫القواعد اليت درستها؛ ستُ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫اإلتقان بإذن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬النصيحة األوىل‪ :‬اح َفظ األشياء اليت ُحت َفظ؛ قد بيَّنتُها بالتفصيل يف كتاب (مدارج النحو)؛‬
‫مثال؛ هذه ُحت َفظ كاملةً‪( ،‬قطر‬
‫أشياء قليلة ُحت َفظ؛ منظومات وما شابه ذلك‪( ،‬منظومة عُبَ ْيد ربِّه) ً‬
‫الندى) ال ُحي َفظ‪( ،‬األلفية) َحتفظ منه الذي تستطيع‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬النصيحة األوىل‪ :‬اح َفظ القواعد املهمة‪ .‬ثانيًا‪ :‬طبّق ما تدرسه على كل شيء‪.‬‬

‫‪ )3‬النصيحة الثالثة‪ :‬ال تستعجل الثمرة‪:‬‬


‫دروسا كثرية‪،‬‬
‫وحضرت ً‬
‫ُ‬ ‫كثريا‬
‫أت ً‬ ‫كثريا وقر ُ‬
‫درست ً‬‫ُ‬ ‫ثالثًا‪ :‬ال تستعجل الثمرة؛ ال تستعجل‪ ،‬ال تَ ُقل‪" :‬أنا‬
‫ومع ذلك َل أستفد"‪ ،‬اصرب‪ ،‬احبث عن اخلطأ ما هو؛ هناك شيء خطأ؛ ّإما أنك ال حتفظ‪ّ ،‬إما أنك‬
‫وَت ِهد نفسك‪ّ ،‬إما أ ّن الكتاب الذي‬ ‫كثريا ُ‬
‫ال تطبّق‪ّ ،‬إما أنك تدرس بطريقة خاطئة‪ّ ،‬إما أنك تدرس ً‬
‫صل ‪-‬إن شاء اهلل‪َّ ،-‬‬
‫وإال‬ ‫اخرتته ليس موفَّ ًقا؛ فإذا ِسرت على ما ذكرناه بالتفصيل وبال ّدقّة‪ ،‬ال بد أن تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫فهناك شيء خطأ؛ ألن هذه الطريقة اليت ذكرناها هذه ليست طريقيت؛ هذه طريقة العلماء قدميًا؛ هذا‬
‫َّدرج‪( :‬اآلجرومية)‪ ،‬مث (قطر الندى)‪ ،‬مث (األلفية)؛ فهذه الطريقة شائعة دارجة معروفة‪َ ،‬سلَ َكها‬ ‫الت ُّ‬
‫صل فهناك مشكلة؛ ّإما مشكلة‬ ‫كثريون قبلك ووصلوا إىل الطريق‪ ،‬وصلوا إىل ما أرادوه؛ فإذا َل تَ ِ‬
‫وإما مشكلة يف املعلِّم الذي يُ ِّ‬
‫در ُسك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيك‪ّ ،‬إما مشكلة يف الكتاب الذي اخرتته‪،‬‬
‫ُ‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫أرجو أن تكون هذه املقدمة تشويقية مبا فيه الكفاية‪ ،‬وأرجو أن يكون الطالب قد اقتنع وأَي َقن َّ‬
‫أن هذا‬
‫وعمال‬
‫نافعا ً‬ ‫ِ‬ ‫العلم ‪-‬علم النحو‪ -‬ضروري وال بد منه‪ ،‬وأسأل اهلل عز وجل أن يَِز َ‬
‫لما ً‬ ‫يدنا وإياكم ع ً‬
‫صاحلًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫وصحبه أمجعني‪.‬‬ ‫هذا واهلل أعلم‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله‬

‫‪24‬‬

You might also like