Professional Documents
Culture Documents
اللامركزية السياسية في الإسلام
اللامركزية السياسية في الإسلام
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
دائرة قاضي القضاة /عمان ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ الالمركزيَّة السياسيَّة يف النظام
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
الجامعة والبلد: ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲاسم ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ:
77 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
IUGJEPS
ISSN 2616-2148 مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية
Vol 30, No 4, 2022, pp 77 -102
امللخص:
أخذت الدراسة لع عاتقها البحث يف موضوع حيوي متعلق بالنَّظام الدُّستوري اإلسالمي وهو نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كشكل من
أشكال الحكم يف األنظمة الديمقراطيَّة الحديثة ،وجاء هيكل الدِّراسة لع النحو التالي :التعريف بالالمركزيَّة إداريًا ودستوريًَّا ،وتطلب
ذلك بيان أنواع الدَّولة من حيث التكوين ،والحديث عن نشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النَّظام الحديث ،وعقد مقارنات بينها وبين
االتحاد االستقاللي الكونفدرالي ،وبينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة ،ثم الحديث عن خصائص الالمركزيَّة السياسيَّة.
وتعرضت الدِّراسة لنشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي من حيث أشكالها املتمثلة :بدار اإلسالم ،الوالية العامة
( إمارة االستكفاء ) ،ووالية املتغلب (إمارة االستيالء ) ،ثمَّ اإلشارة إلى الفروق األساسيَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام اإلسالمي
والنُّظم الحديثة ،وختمت مفردات الدِّراسة بالتكييف الفقهي لهذا الشكل من الحكم يف النظام اإلسالمي مع التَّرجيح.
وقد خلصت الدِّراسة إلى أن مشروع الالمركزيَّة السياسيَّة خَبِرَتْهُ التجربة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي حال قوتها باالنضمام إلى
كنف الدَّولة متمثلة بدار اإلسالم والوالية العامة ،وباالنفصال عن كنف الدولة بما عُرف بوالية املتغلب ،وقد رجحت الدِّراسة األخذ بها
حال االنضمام؛ ألنها يف حكم إرجاع الجزء إلى الكل؛ فاألصل بقاء ما كان لع ما كان ،وأمَّا يف حال االنفصال فقد أخذت الدِّراسة بمبدأ
التَّدرج يف التطبيق ،خشية العواقب التي قد تحدق باألمَّة نتيجة التَّسرع يف التنفيذ؛ وذلك باألخذ بالالمركزيَّة اإلداريَّة كخطوة أولى
لع طريق اإلصالح السياسي ،ثم االنتهاء باألخذ بها – أي الالمركزيَّة السياسيَّة -أيضًا لالضطرار.
77 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
IUGJEPS
ISSN 2616-2148 مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية
Vol 30, No 4, 2022, pp 77 -102
https://doi.org/10.33976/IUGJSLS.30.4/2022/4
:امللخص
أخذت الدراسة لع عاتقها البحث يف موضوع حيوي متعلق بالنَّظام الدُّستوري اإلسالمي وهو نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كشكل من
وتطلب، التعريف بالالمركزيَّة إداريًا ودستوريًَّا: وجاء هيكل الدِّراسة لع النحو التالي،أشكال الحكم يف األنظمة الديمقراطيَّة الحديثة
وعقد مقارنات بينها وبين، والحديث عن نشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النَّظام الحديث،ذلك بيان أنواع الدَّولة من حيث التكوين
. ثم الحديث عن خصائص الالمركزيَّة السياسيَّة، وبينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة،االتحاد االستقاللي الكونفدرالي
الوالية العامة، بدار اإلسالم:وتعرضت الدِّراسة لنشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي من حيث أشكالها املتمثلة
ثمَّ اإلشارة إلى الفروق األساسيَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام اإلسالمي،) ووالية املتغلب (إمارة االستيالء،) ( إمارة االستكفاء
. وختمت مفردات الدِّراسة بالتكييف الفقهي لهذا الشكل من الحكم يف النظام اإلسالمي مع التَّرجيح،والنُّظم الحديثة
وقد خلصت الدِّراسة إلى أن مشروع الالمركزيَّة السياسيَّة خَبِرَتْهُ التجربة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي حال قوتها باالنضمام إلى
وقد رجحت الدِّراسة األخذ بها، وباالنفصال عن كنف الدولة بما عُرف بوالية املتغلب،كنف الدَّولة متمثلة بدار اإلسالم والوالية العامة
وأمَّا يف حال االنفصال فقد أخذت الدِّراسة بمبدأ،حال االنضمام؛ ألنها يف حكم إرجاع الجزء إلى الكل؛ فاألصل بقاء ما كان لع ما كان
خشية العواقب التي قد تحدق باألمَّة نتيجة التَّسرع يف التنفيذ؛ وذلك باألخذ بالالمركزيَّة اإلداريَّة كخطوة أولى،التَّدرج يف التطبيق
. أيضًا لالضطرار- ثم االنتهاء باألخذ بها – أي الالمركزيَّة السياسيَّة،لع طريق اإلصالح السياسي
77 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
المقدمة:
السالم على من أرسى نظام الحكم بمبادئ
الصالة و َّ
الحمد هلل الذي هيأ لألمة أسباب الوحدة فكانت خير أمة أخرجت للناس و َّ
الشورى وقواعد العدل وبعد؛
فعلى الرغم من أن العالم قد أصبح قرية صغيرة بفضل وسائل االتصال الحديثة ،نجد دول الغرب تضع نفسها في تكتالت
اقتصاديَّة وسياسيَّة وعسكريَّة وهم بذلك قد تجاوزوا حقبة من العداء وأزمات وحروب راح ضحيتها الماليين من البشر واألبرياء ،في
الوقت نفسه نجد أن عالمنا العربي واإلسالمي أخذ ينحو منحى مختلفاً تماماً ،فقد استفحل القتل على الهويَّة وظهرت أمواج الالجئين
ً
األمة على اختالف أجناسها وأعراقها وطوائفها،
بالجملة ،وطغت الهويات الفرعيَّة والمناطقيَّة على الهويَّة الجامعة لوحدة َّ
والمهجرين ُ
األمة ،وغاب صوت العقل هدامة أثرت بوحدة النسيج االجتماعي في َّ هذا هو صراع البقاء ،صراع أوجد مناخات مناسبة لدعوات َّ
والحكمة ،وظهرت دعوات التحريض والعنف ،مما كان له األثر الكبير في نفوس بعض شبابنا المغرر به؛ دفعته ليتبنى مشاريع ال
صلة لها باإلسالم إالَّ الرَّسم فقط .وكما يقال :ليس من حظ الباحثين السكوت َّ
عما يستجد من حوادثَّ ،
فإن الباحث أمام هذا المشهد
األمة
األمة متمثلة بتطبيق نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كحل لخروج َّ
أراد معالجة ما يطرح اليوم من دعوات لحماية ما تبقى من نسيج ُّ
الدستوري اإلسالمي الذي عالج قضايا عديدة ،وقدم للعالم نموذجاً منفرداً إلدارة الدافع هو إبراز عظمة ِّ
النظام ُّ من أزماتها المتتابعة ،و َّ
الدستوريين والسياسيين ،فاإلسالم دين تقوم على أساسه دولة. الدولة في عصوره َّ
الذهبية ،صارت مرجعاً للمنظرين ُّ َّ
مشكلة ِّ
الدراسة:
لكل دراسة إشكالياتها ،وقد جاءت ِّ
الدراسة لتجيب عن عدد من هذه اإلشكاليات ،نذكر منها:
الدستوري اإلسالمي الالمركزيَّة السياسية كنظام من أنظمة الحكم؟ .1هل َخِّب َر القانون ُّ
النظام ُّ
الدستوري االسالمي؟ الصور التي أخذت شكل الالمركزيَّة السياسيَّة في َّ .2ما ُّ
.3ما التكييف الفقهي َّ
الشرعي لالمركزيَّة السياسيَّة كنظام من أنظمة الحكم ُّ
الدستورية؟
أهمية ا ِّلدراسة:
تتمثل أهميَّة ِّ
الدراسة فيما يأتي:
.1حاجة البحث العلمي إلى دراسة منفردة في الالمركزيَّة السياسيَّة كنظام من أنظمة الحكم الحديثة.
.2حاجة الباحثين إلى سبر غور هذا الموضوع تأصيالً وتطبيقاً.
.3حاجة البحث العلمي لدراسة مستقلة جديَّة تخدم الواقع الفقهي المعاصر.
أهداف ِّ
الدراسة:
ترمي ِّ
الدراسة إلى تحقيق األهداف التالية:
.1إظهار دور الالمركزيَّة السياسيَّة كوسيلة لمعالجة الفراغات ُّ
الدستورية.
الصور التي أخذت شكل الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام اإلسالمي.
.2بيان ُّ
.3بيان التكييف الفقهي لنظام الالمركزيَّة السياسيَّة.
ِّ
الدراسات السابقة:
استعان الباحث بدراسات سابقة أسعفته وأعانته ،منها:
.1أقاليم َّ
الدولة اإلسالميَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة والالمركزيَّة اإلداريَّة ،مصطفى ،مسعود(1990م) ،الهيئة المصريَّة العامة للكتاب،
متميزة لشكل نظام الالمركزيَّة في اإلسالم ،إالَّ أنها خلت من التكييف الفقهي لهذا
قدمت مقاربات ِّ اإلسكندرية .وهي دراسة قيمة َّ
النظام ،وهو ما استدركته ِّ
الدراسة بالبحث.
78 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
.2النظام الفيدرالي وأثره على الوحدة المجتمعية نظرة فقهيَّة معاصرة ،السامرائي ،مصعب(2016م) ،شبكة األلوكة .وهي دراسة
تأصيليَّة قيمة ،بينت بوضوح النظام الفدرالي كذراع من أذرعة النظام الالمركزي السياسي ،غير َّأنها لم تشر إلى تجربة ِّ
النظام ُّ
الدستوري
النظام الفدرالي الحديث ،وهو ما أفردته ِّ
الدراسة بالبحث. اإلسالمي لنظام الالمركزيَّة السياسيَّة ،كما لم تعقد مقارنات بينها وبين ِّ
منهج البحث:
استعانت ِّ
الدراسة لدى عرضها للموضوع بالمناهج اآلتية:
.1المنهج االستقرائي :وذلك من خالل عرض مواقف الفقهاء ،واتجاهاتهم بالقضية المنظورة.
. 2المنهج التحليلي :وذلك من خالل تفنيد األدلة ودراسة آراء العلماء وتوجيه الخالف مع الترجيح.
.3المنهج االستنباطي :وذلك باستنتاج صور وتطبيقات الالمركزيَّة السياسيَّة في ِّ
النظام ُّ
الدستوري اإلسالمي ،وعقد مقارنات بينها
وبين أنظمة الحكم الحديثة.
خطة ِّ
الدراسة: َّ
خطة ِّ
الدراسة أن تكون في ثالثة مباحث وخاتمة: اقتضت َّ
بالالمركزية وأشكال الدَّولة الموحَّدة.
َّ المبحث األول :التعريف
النظام ُّ
الدستوري. المطلب األول :التعريف بالالمركزيَّة السياسيَّة و َّ
المطلب الثاني :التعريف بالدولة الموحدة وأشكالها.
المطلب الثالث :الالمركزية اإلداريَّة في النظام اإلسالمي.
االتحادية :أشكالها ،نشأتها ،خصائصها.
َّ المبحث الثاني :التعريف بالدولة
المطلب األول :التعريف بالدولة االتحاديَّة ( المركبة ) ،وأشكالها.
المطلب الثاني :نشأة االتحاد الفدرالي( الالمركزية السياسية).
المطلب الثالث :خصائص الالمركزية السياسية:
الدستوري اإلسالمي. السياسية في ِّ
النظام ُّ َّ الالمركزية
َّ المبحث الثالث:
المطلب األول :أشكال الالمركزية السياسية في النظام االسالمي.
المطلب الثاني :خصائص الالمركزية السياسية في النظام االسالمي.
المطلب الثالث :التكييف الفقهي لالمركزية السياسية في النظام ُّ
الدستوري اإلسالمي.
أما الخاتمة ،فقد اشتملت على أهم النتائج والتوصيات.
َّ
المبحث األول
بالالمركزية وأشكال الدولة الموحدة
َّ التعريف
يعرض هذا المبحث التعريف بالالمركزيَّة في اللغة والفقه اإلداري و ُّ
الدستوري ،والتعرض ألشكال الدول الموحدة ( البسيطة )،
النظام اإلسالمي ،وكل ذلك يقع في ثالثة مطالب: وموقع الالمركزيَّة اإلداريَّة في ِّ
الدستوري: السياسية و َّ
النظام ُّ َّ بالالمركزية
َّ المطلب األول :التعريف
الالمركزية لغةً:
َّ الفرع األول :تعريف
هي اسم ،مادتها (ركز) ،والمركزية تعني :ثبات الشيء ،وموضعه ،ووسطه ،والالمركزية نقيضها ،وتعني :االنتشار ،وعدم
الثبات(.)1
( )2الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري( .)51يكن ،القانون اإلداري( .)252الطهراوي ،القانون اإلداري(.)131
( )3خليل ،القانون الدستوري والنظم السياسية( .)335رعد ،القانون الدستوري العام( .)24الهماوندي ،الحكم الذاتي(.)162
( )4ليلة ،القانون الدستوري( .)18البياتي ،النظام السياسي اإلسالمي المقارن(.)43
( )5شبير ،التكييف الفقهي( .)53شكري ،النظام الدُّستوري في الشريعة اإلسالميَّة(.)7
( )6الكيالني ،السياسة الشرعيَّة( .)20شبير ،التكييف الفقهي(.)53
( )7خالف ،السياسة الشرعيَّة( .)25النعمة ،أصول التشريع الدُّستوري في اإلسالم(.)31
( )8علوان ،النظم السياسية( .)58زيتون ،المعجم السياسي(.)177
80 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
المبحث الثاني
التعريف بالدولة االتحادية :أشكالها ،نشأتها ،خصائصها
عند الحديث عن الدول االتحادية ال بد من التعريف به ا ،والتعرض ألشكالها التقليدية والحديثة ،وبيان خصائصها ،وكل ذلك
يقع في ثالثة مطالب:
االتحادية ( المركبة ) ،وأشكالها:
َّ المطلب األول :التعريف بالدولة
الفرع األول :التعريف بالدولة االتحادية:
وهي الدولة التي تتألف من اتحاد دولتين أو أكثر ،ويختلف شكلها تبعاً الختالف نوع االتحاد الذي أوجدها ،فاالختالف في
للدولة االتحاديَّة تختلف باختالف مدى العالقة والتَّداخل بين
طبيعة وجوهر االتحادات الدولية قد تسببت في وجود أشكال متعددة َّ
وحدات االتحاد(.)21
( )16يعرَّف اإلقليم بأنَّه :الركن األساسي للدولة باإلضافة إلى الشعب والسيادة ،وهو في المنظومة الفقهيَّة؛ المكان الذي تحكمه الشريعة اإلسالميَّة ،ويتكون من
ثالثة عناصر :بري وجوي وبحري .الصالحات ،معجم المصطلحات السياسية(.)33
( )17الشعبي ،وثيقة المدينة( .)76جعيد ،نظام اإلدارة المحليَّة في اإلسالم(.)52
( )18علي ،اإلدارة في عزب العرب( .)12الصالح ،النظم اإلسالميَّة(.)308
( )19عمارة ،إسالميات السنهوري( .)123طبلية ،نظام اإلدارة في اإلسالم(.)69
( )20مسعود ،أقاليم الدولة اإلسالميَّة(.)11
( )21زيتون ،المعجم السياسي(.)179
82 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
بهولندا( 7شباط 1992م) ،والذي تم بمقتضاها تجميع مختلف الهيئات األوروبيَّة ،ومجلس التعاون الخليجي والذي تأسس في ( 25
أيار 1981م ) (.)28
ومن خالل الممارسة لهذا الشكل من االتحادات ظهر َّ
أن للكونفدراليَّة مزايا وعيوباً ،فمن مزاياها :أنها تُنشئ هيئة دائمة لتنسيق
المواقف بين الدول المنضوية فيه ،مما يشجع على العمل المشترك وتبادل المصالح ،كما ويسمح باحتفاظ الدولة بشخصيتها الدوليَّة
على الصعيد الخارجي ،كما ويسمح للدول األعضاء باالنسحاب من االتحاد مما يعطيها الحرية لتعزيز مواقفها حسب ميزان المصالح،
وهذا بالفعل ما حدث عندما قررت المملكة المتحدة الخروج من االتحاد في ( 23حزيران 2016م) ،مما شجع بعض دول االتحاد
األخرى أن تحذو حذوها َّ
إما بالخروج من االتحاد عبر االستفتاءات ،أو االنفصال عن الوطن األم طلباً للبقاء في االتحاد(.)29
أما عن عيوب هذا االتحاد فتتمثل في َّ
أن هذا االتحاد يخلق نوعاً من ازدواج السلطة وتنازع المهام والصالحيات بين الدول َّ
أما من حيث التمثيل الرئاسي في االتحاد فإنه ال يعكس بالضرورة المساواة بين حجم الدولة ومدى تمثيلها في مؤسسات
األعضاءَّ ،
ثم إن الرابطة بين وحدات االتحاد الكونفدرالي ضعيفة ال تدوم وغالباً ما تنتهي باالنفصال أو التطور إلى اتحاد فدرالي ،وهو
االتحادَّ ،
يمثل غالباً مرحلة انتقالية لوضع جديد ،وهذا ُيعزز الفكرة التي تقول إن الكونفدرالية هي التي تمهد الطريق للتكامل الفدرالي المركزي(.)30
ب-االتحاد المركزي الفدرالي:
هو قيام توافق بين الوحدات السياسية على امتالك كل منها أجزاء من سيادة الدولة اإلقليميَّة والسياسيَّة مما يعطيها ميزة
االستقالل الذاتي في الوقت الذي تشارك فيه بتكوين وإدارة مركز السيادة العامة الواحدة ،وتعد الالمركزية السياسية الجوهر الخاص
لألنظمة الفدرالية؛ َّ
ألن االتحاد الفدرالي يقوم باألساس على الالمركزية السياسية ،فالفدرالية هي الذراع السياسي لالمركزية السياسية(.)31
المطلب الثاني :نشأة االتحاد الفدرالي( الالمركزية السياسية):
وينشأ االتحاد الفدرالي من خالل طرق أهمها:
الطريقة األ ولى :االنضمام واالندماج :وذلك نتيجة دوافع اقتصاديَّة أو اجتماعيَّة أو تهديدات عسكريَّة خارجيَّة ،ومثال ذلك؛
الواليات المتحدة األمريكيَّة حيث نشأت سنة 1787م نتيجة لتحول االتحاد االستقاللي الكونفدرالي الذي أقيم على أنقاض المستعمرات
البريطانية سنة 1776م بين ثالث عشرة والية إلى أن استقر االتحاد في خمسين والية ،فكان هذا أقدم اتحاد فدرالي عرفه العالم(.)32
الطريقة الثاني :التفكك واالنفصال :وذلك عن طريق تفكيك إحدى الدول البسيطة أو الموحدة إلى دويالت أو أقاليم ،مع بقاء
الرغبة لدى هذه الدولة في االستمرار أو االرتباط في اتحاد يجمع بينها ،ومثاله؛ دولة بلجيكا التي تحولت من نظام الالمركزية اإلداريَّة
إلى دولة فدراليَّة بموجب المادة األولى من ُّ
الدستور البلجيكي المعدل لسنة 1993م ،وكذلك جمهوريَّة العراق التي تحولت من دولة
بسيطة إلى دولة فدراليَّة اتحاديَّة منذ صدور قانون إدارة َّ
الدولة العراقيَّة للمرحلة االنتقاليَّة لسنة 2004م(.)33
ولالتحاد المركزي الفدرالي مزايا وعيوب شأنه شأن باقي االتحاداتَّ ،
أما عن مزاياه؛ فإن له القدرة على توحيد دول ذات نظم
متغايرة في دولة واحدة وقوية ،دون القضاء على شخصية الدول أو الدويالت المنضوية فيه ،كما أنه يجمع بين عاطفة التَّوحد
واالستقالل الذاتي معاً ،فهو يسمح للدول الداخلة فيه بإيجاد سلطات عامة ومميزة مختلفة عن سلطة االتحاد ،كما َّأنه يحقق في الوقت
نفسه الوحدة في مجال السياسة الخارجيَّة ،وهو يساعد في استيعاب التنوع الثقافي واللغوي والديني ،وي ِّ
وسع دائرة المشاركة السياسيَّة
داخله(.)34
سياسياً يظهر ضعفه اقتصادياً بما يفتح المجال الزدواج السلطة في َّ
الدولة، َّ أما عيوبه فيمكن إجمالها؛ بقدر قوة االتحاد الفدرالي
َّ
وتكرار مؤسساتها مما يترتب على ذلك من األعباء الماليَّة الكثير ،وربما يقود هذا النوع من االتحادات الدولة نحو االنفصال وتجزئة
الدولة المركبة إلى دول أو دويالت بسيطة(.)35
المطلب الثالث :خصائص الالمركزية السياسية:
وللوقوف على خصائص الالمركزية السياسية البد من اإلشارة أوالً ألهم الفروق بين االتحاد الكونفدرالي االستقاللي واالتحاد
المركزي الفدرالي ،والفروق بين الالمركزية السياسية واإلداريَّة ،وكل ذلك يقع في ثالثة فروع:
الفرع األول :الفرق بين االتحاد الكونفدرالي والفدرالي:
ألن تكونه كان لعوامل شكليَّة مؤقتة انتهت بانتهاء لما كان َّ
الشكل التقليدي للدول االتحاديَّة قد أصبح من حقبة الماضي؛ وذلك َّ َّ
سببها ،فقد ظهرت الحاجة للتمييز بين نوعي االتحاد بصبغته االبتكاريَّة الحديثة؛ وذلك لرفع اإلشكال الذي قد يقع فيه البعض معتقداً
أن كال المفهومين لمعنى واحد ،أو لمشروع واحد ،وهنا نشير ألبرز هذه الفروق وهي:
أ -يستمد االتحاد الكونفدرالي وجوده من معاهدة تتم بين األعضاء فيه ،في حين ينشأ االتحاد الفدرالي من خالل قانون داخلي وهو
دستور االتحاد(.)36
ب -االنفصال حق مقرر لكل دولة داخلية يكفله قانون االتحاد الكونفدرالي ،بينما هو مرفوض في االتحاد الفدرالي ،وهذا ما َّ
نصت
عليه المادة( ) 18من ميثاق جامعة الدول العربية حيث جاء فيه ":إذا رأت دول الجامعة أن تنسحب منها ،أبلغت المجلس عزمها
االنسحاب قبل تنفيذه بسنة "(.)37
ج -يتمتع جميع أفراد الشعب في االتحاد الفدرالي بجنسيَّة واحدة ،وهي جنسيَّة الدولة االتحاديَّة ،بخالف االتحاد الكونفدرالي حيث
يبقى لكل دولة جنسيتها الخاصة بها(.)38
حرب
أما الحرب التي تقوم بين دول االتحاد الفدرالي فهي ٌ
حرب دولي ٌةَّ ،
حرب بين دولتين من االتحاد الكونفدرالي ،فهي ٌ
د -إذا قامت ٌ
أهلي ٌة(.)39
اإلدارية:
َّ السياسية والالمركزية
َّ الفرع الثاني :الفرق بين الالمركزية
لما كانت الالمركزية السياسية تمثل الجوهر الخاص لألنظمة الفدراليَّة ،فهي التي تحدد طبيعة نمط الممارسة التشريعيَّة داخل َّ
فالدولة الفدراليَّة ما هي إالَّ صورة من صور الالمركزيَّة السياسيَّة ،لذا لزم التَّفريق
الدستوريَّ ،
النص ُّ
الدول االتحاديَّة ،وذلك من خالل َّ
بينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة نجملها بما يأتي:
أ -الالمركزية السياسيَّة ال وجود لها إالَّ في الدول المتحدة اتحاداً مركزياً ،وتنعدم في الدول البسيطة الموحدة ،حيث تتميز هذه الدول
بوحدة في سلطاتها العامة؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية ،فال أثر لمظهر ازدواج السلطات الذي يظهر في النظام االتحادي المركزي،
أما الالمركزية اإلداريَّة فظاهرة توجد في جميع الدول سواء أكانت بسيطة أم مركبة؛ ألن الدول المتحدة اتحاداً مركزياً قد تأخذ في
الوقت ذاته بأسلوب الالمركزية اإلداريَّة(.)40
ب -تتعلق الالمركزيَّة السياسيَّة بالنظام السياسي لالتحاد المركزي وتوزيع السلطات بين الدول االتحاديَّة والواليات التي تعتبر وحدات
سياسيَّة تتمتع باالستقالل الذاتي ،ولكل منها دستور خاص بها ،بخالف الالمركزيَّة اإلداريَّة فهي متعلقة بالنظام اإلداري عن طريق
السلطة اإلداريَّة المركزَّية والهيئات الالمركزيَّة المصلحيَّة أو اإلقليميَّة التي تعتبر وحدات إداريَّة صرفة(.)41
توزيع الوظيفة اإلداريَّة بين ُّ
ج -تتمتع الواليات األعضاء في االتحاد المركزي بسلطات تشريعيَّة وتنفيذيَّة وقضائيَّة مستقلة عن َّ
الدولة االتحاديَّة ،فمجالسها
التشريعيَّة ،وسلطاتها التنفيذيَّة ،ومحاكمها القضائيَّة ليست من قبيل اإلدارات المحليَّة ،ويظهر النظام الفدرالي بمظهر سياسي بحت،
بخالف الالمركزية اإلداريَّة َّ
فإن الهيئات الالمركزيَّة تخضع للوصاية من الحكومة المركزيَّة في مباشرتها الختصاصاتها اإلداريَّة
البحتة(.)42
د -تقوم الالمركزيَّة السياسيَّة على أ ساس مشاركة الواليات في تكوين اإلدارة العامة لالتحاد ،سواء أكانت عن طريق ممثليها في
مجلس الواليات الذي يتولى سن القوانين مع مجلس النواب ،أو المشاركة في تعديل ُّ
الدستور االتحادي ،بخالف الالمركزية اإلداريَّة
التي ال تتمتع بأي وجه من وجوه المشاركة السابقة ،بسبب طبيعة عملها اإلداري البحت(.)43
الفرع الثالث :خصائص الالمركزية السياسية:
لما كانت الالمركزية السياسية تهدف إلى االستقرار دون قسوة ،واألمن دون جمود ،والحرية دون الفوضى ،وتحقيق توازن القوى
َّ
بالسلطات ،وتوسيع دائرة المشاركة السياسية ،فهي تعتمد مبدأ المشاركة ال المغالبة ،نعرض ألهم هذه الخصائص وهي:
. 1تشجع على التنوع ضمن الوحدة؛ وذلك بالتوفيق بين مزايا الوحدة الوطنية ومزايا االستقالل الذاتي المحلي ،فتضمن وحدة التشريع
في المسائل الهامة ،وتسمح في الوقت ذاته بوجود تشريعات خاصة محلية أكثر مالئمة لمصالح الوالية التي تصدر فيها(.)44
. 2الحث على المساعدة والتجديد لتلبية حاجات الشعب التي إذا لم تتحقق بالمجهود الخاص ،أمكن تحقيقها بواسطة الحكومة المحلية
أو حكومة الوالية أو الحكومة الوطنية المركزية ،فهي تعمل على تحقيق حلول أساسية لكثير من مشاكل المجتمع المعقدة(.)45
.3تحقيق التوازن بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ،وانعدام األحزاب الوطنية الجامدة ،وتحقيق حرية المبادرة
الفردية المرتكزة على إيمان راسخ بكرامة اإلنسان ،وتربية األفراد تربية سياسيَّة بما يبعث فيهم روح االهتمام بالمسائل العامة(.)46
.4معالجة النزاعات الناشئة في الدول التي تتميز بالتنوع والتعددية االجتماعية سواء أكانت إثنية ،أم دينية ،أم طائفية في الوقت
الذي فيه كل جماعة متمسكة بديانتها ،ولغتها ،وأفكارها ،وطرائقها(.)47
المبحث الثالث
الالمركزية السياسية في النظام الدستوري اإلسالمي وخصائصها
يشير كبار المنظرين السياسيين َّ
أن الالمركزية في شكلها المعاصر المعروف هي من الناحية التاريخية ابتكار أمريكي؛ ذلك أن
الواليات المتحدة األمريكية تعتبر أول دولة فدرالية في العالم المعاصر ،وبهذا الصدد يقول" وير" في كتابه الحكومة الفدرالية ":ال
( )40الرضواني ،مدخل إلى القانون الدُّستوري( .)39الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري(.)62
الخطيب ،الوسيط في النظم السياسية والقانون الدُّستوري( .)97بسيوني ،التفويض في ُّ
()41
السلطة اإلداريَّة(.)20
( )42يكن ،القانون اإلداري(.)271
( )43خليل ،القانون الدُّستوري والنظم السياسية( .)334الطهراوي ،القانون اإلداري(.)157
( )44روكلفر ،مستقبل الفدرالية(.)12
( )45نوفل ورفاقه ،الفدرالية(.)31
( )46الصعيدي ،النظرية اإلسالمية في الدولة( .)341الهماوندي ،الحكم الذاتي والنظم الالمركزية(.)164
( )47ليبهارت ،الديمقراطية التوافقية( .)90السامرائي ،النظام الفيدرالي(.)9
86 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
أفالطون وال أرسطو وال أي مفكر سياسي سار على منوالهما في األدب السياسي الكالسيكي لم يسع إلى تطوير مفهوم االتحادية،
فالمحاوالت التي بذلت لتوحيد اليونان في صراعها ضد مقدونيا وروما كان نصيبها الفشل ،كذلك هوبز ولوك بحثا عن الدولة باعتبارها
ترتكز على مبدأ الوحدة"(.)48
والسؤال المثار هنا :هل عرف النظام السياسي اإلسالمي هذا الشكل من الالمركزية ،وإذا كانت اإلجابة :بنعم ،فما الصورة التي
ظهر بها هذا االتحاد الفدرالي.
ولإلجابة عن هذا السؤال نقولَّ :
إن الدولة المسلمة عرفت الالمركزية السياسية حال قوتها وحال ضعفها ،وإن كانت المسميات
المستخدمة اليوم تختلف عنها بالنظام السياسي اإلسالمي ،فالعبرة بجوهر الممارسة العمليَّة لمفهوم الالمركزية السياسية ال بالمفهوم
ذاته ،فال مشاحة في االصطالح.
المطلب األول :أشكال الالمركزية السياسية في النظام االسالمي:
ويمكن اجمال هذه األشكال في فروع ثالثة هي:
الفرع األول :دار اإلسالم:
عرَّف فقهاء السياسة الشرعيَّة دار اإلسالمَّ :
بأنها الدار التي تجري عليها أحكام اإلسالم ويأمن من فيها بأمان المسلمين؛ سواء
كانوا مسلمين أو ذميين ،واعتبروها وطناً واحداً(.)49
مر سابقاً – ذكرنا َّ
أن الدولة المسلمة أخذت في بداية ولدى الحديث عن نظام الالمركزية اإلدارَّية في النظام اإلسالمي – كما َّ
عهدها طابع الدولة البسيطة والموحدة؛ وذلك بوحدة اإلعالن الدستوري األول( وثيقة المدينة ) ،والتشريع( األحكام العمليَّة ) ،وكانت
السلطات تتركز في يد رئيس الدولة ممثلة بالنبي ،ولكن سرعان ما أخذ طابع الدولة في عصور اإلسالم األولى باالتساع ،مما
أدى إلى التغير في أنماط الحكم ،وقد بلغت الدولة العربية األولى في عهد خالفة بني أمية أقصى درجات االتساع ،فكانت الواليات
مقسمة إلى خمس واليات ،هي:
.1الحجاز واليمن وأواسط بالد العرب.
.2مصر بقسميها السفلي والعليا.
.3العراق والمشرق.
.4بالد الجزيرة العربية ويتبعها أرمينية وأذربيجان وبعض أراضي آسيا الصغرى.
.5أفريقية ويتبعها المغرب األوسط والمغرب األقصى واألندلس(.)50
فكانت الدولة المسلمة -كما عبر عنها أبو زهرة – دولة واحدة وأقاليم متعددة ،فهي في السياسة الداخلية؛ تتمتع بالشخصية
االعتبارية ،حيث جعل لكل إقليم حكومة تتمتع بوالية كاملة في تصرفاتها ،وما تراه من مصالح متفقة مع عادات ذلك اإلقليم ،فهم
يبرمون األمور وفق ما يرون ،على أنهم يخبرون الخليفة بما يحدث من عظائم األمور ،وكانت الواليات واألقاليم تحتفظ بجانب كبير
من االستقالل في الشؤون التشريعية والتنفيذية والقضائية ،وكانت تكتفي بوحدة التشريع في المسائل الهامة؛ كنظام الخراج والصدقات
والجزية (.)51
وفي السياسة الخارجية؛ اعتبرت أن والية اإلسالم واحدة ،وهي تشمل الشعوب واألقاليم التي تسيطر عليها ،وكذلك الحال فيما
يتعلق بالجنسية ،فقد كانت واحدة ألن اإلسالم هو دين وجنسية معاً ،ورئيس الدولة واحد وأن تعدد نوابه ،وجيش دار اإلسالم واحد،
وأن تعدد قادته ،وعقد المعاهدات وإعالن الحرب كلها منوطة بالحكومة المركزية ،وهذا هو جوهر النظام الالمركزي السياسي( الفدرالي
)(.)52
الفرع الثاني :الوالية العامة ( إمارة االستكفاء ):
ولدى الحديث عن دار اإلسالم كشكل من أشكال الدولة االتحادية ( الفدرالية ) ،ال بد من اإلشارة هنا للجانب العملي والتطبيقي
لهذا الشكل من الحكم ،والذي يتمثل في مشهدين دستوريين سياسيين هما :إمارة االستكفاء ،وإمارة االستيالء ،إذ يعدان نوعي الوالية
العامة ،في الفقه الدستوري اإلسالمي.
فإمارة االستكفاء هي نوع من أنواع الوالية العامة ،وبمقتضاها يفوض الخليفة إلى أمير من األمراء ،سواء أكانت إمارة بلد أم
إقليم ،الوالية على جميع أهله ،والنظر في المعهود من سائر أعماله ،فيصير عام النظر فيما كان محدوداً من عمل ومعهوداً من
نظر(.)53
وقد وضع فقهاء السياسة الشرعية شروطاً لصحة إمارة االستكفاء هي:
.1تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي وتقدير أرزاقهم.
.2النظر في األحكام وتقليد القضاة والحكام.
.3جباية الخراج وقبض الصدقات وتقليد العمال فيها ،وتفريق ما استحق فيها.
.4حماية الدين والدفاع عن اإلسالم ومقدساته.
.5إقامة الحدود في حق هللا تعالى وحقوق اآلدميين.
.6تسيير الحجيج من عمله ومن سلكه من أهله حتى يتوجهوا معانين عليه.
.7الدفاع عن األمة ،وتوزيع الغنائم على المقاتلة(.)54
والمتتبع لهذه الشروط يجد أن هذه الوالية شاملة لجميع االختصاصات الواسعة ،والسلطات الثالث ( التشريعية والتنفيذية
المفوض( األمير ) ،وهذا هو فحوى الالمركزية السياسية.
والقضائية ) مجتمعة في َّ
المتغلِّب ( إمارة االستيالء ):
الفرع الثالث :والية ُ
الدولة المركزيَّة في بغداد ،فبعد قرن من الوحدة
شهد العصر العباسي الثاني( 334 -232هـ)( 946 -847م ) ،ضعف َّ
واالندماج ،فقدت الدولة السيطرة على أطرافها ،ولم تستطع الدولة الوقوف أمام هذا االنقسام السياسي ،ورافق ذلك تشكل حركات
االنفصال عن الدولة األم ( دولة الخالفة) ،في صورتين اثنتين هما:
الصورة األولى :عصر االنفصال الكامل عن الدولة العباسية؛ لتتحول إلى دول بسيطة موحدة ،حيث ظهرت الدولة األموية في
األندلس بإعالن الخالفة فيها سنة( 316هـ929 -م) ،والدولة الفاطميَّة في بالد المغرب ثم مصر(909م) ،وبذلك صار بالعالم
ثم بالقاهرة(.)55
اإلسالمي ثالث خالفات؛ العباسيَّة في بغداد ،واألمويَّة في قرطبة ،والفاطميَّة بالمهديَّة َّ
الصورة الثانية :عصر الدويالت( الدويلة ) ،وقد ظهر هذا العصر مع ظهور ما يسمى بإمارة االستيالء؛ وتعرف هذه اإلمارة
بــ ":أن يستولي األمير بالقوة على بالد يقلده الخليفة إمارتها ويفوض إليه تدبيرها وسياستها ،فيكون األمير باستيالئه مستبداً بالسياسة
والتدبير ،والخليفة بإذنه منفذاً ألحكام الدين "(.)56
ولما كانت إمارة االستيالء في حكم األمر الواقع ،وخشية من اتساع دائرة الفتنة وحقناً للدماء ،اعترف فقهاء السياسة الشرعية
بصحة هذه اإلمارة اضط ار اًر؛ حيث تعامل الفقهاء مع الواقع بشكل أكثر مرونة ،فوجدوا أن من الواجب عدم الحكم ببطالنها بالكلية،
و أروا بأنه ليس من الضروري أن تلزم األُمة بنظام واحد للدولة ،بل كانوا مستعدين لنظام آخر خبروه بالتجربة العملية أال وهو الالمركزية
السياسية المتمثلة بالدولة االتحادية المركزية ،فهي خروج عن عرف التقليد المطلق(.)57
أما عن الشروط التي وضعها الفقهاء لصحة االعتراف بوالية المستولي ،فقد أرجعها الماوردي إلى سبعة شروط:
.1حفظ منصب اإلمامة وتدبير أمور الملة.
.2ظهور الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العناد.
.3اجتماع الكلمة على األلفة والتناصر؛ ليكون للمسلمين يد على من سواهم.
.4أن تكون عقود الواليات الدينية جائزة واألحكام واألقضية نافذة.
.5أن يكون استيفاء األموال المشروعة بحق تب أر به ذمة مؤديها ويستباح به أخذها.
.6أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق.
.7أن يكون األمير قائماً في حفظ الدين ،ورعاً عن محارم هللا ،يأمر بحقه ويدعو بطاعته(.)58
وبالمحصلة يتضح حجم السلطات والصالحيات الممنوحة للمستولي والسياسات المرسومة له ،مما ِّ
يمكنه من االستقالل عن
دولة الخالفة في الناحية الداخلية والخارجية ،مع بقاء الخليفة -رأس الدولة -محتفظاً بكافة االختصاصات المتعلقة بأمور الدين ورسم
( الفدرالي) من السياسات العامة للدولة ،وهنا يظهر مدى التشابه بين نظام إمارة المستولي ،وبين النظام الالمركزي السياسي
حيث أن كالً منهما عبارة عن اتفاقية أو معاهدة بين دول كاملة السيادة ،بهدف تحقيق أهداف واحدة أو حماية مصالح مشتركة ،إالَّ
أن الدول االتحادية الحديثة عرفته حال قوتها باالنضمام واالندماج ،بغية الوصول إلى مصالح مشتركة ،أما الدولة المسلمة فقد لجأت
اليه حال ضعفها بسبب ما آلت إليه الدولة من التفكك واالنفصال ،فأخذت به رغبة في معالجة الفراغ الدستوري والسياسي الذي نجم
عن هذا االنفصال(.)59
المطلب الثاني :خصائص الالمركزية السياسية في النظام االسالمي:
للوقوف على خصائص الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي ال بد من إظهار الفروق بين إمارة االستكفاء وإمارة االستيالء
ثم بيان أهم الفروق بين الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي والنظم الحديثة ،ويقع ذلك في فرعين:
في النظام اإلسالميَّ ،
الفرع األول :الفرق بين إمارة االستيالء وإمارة االستكفاء:
َّ 1
.إن إمارة االستيالء كانت بعقد عن اضطرار ،بخالف إمارة االستكفاء فهي عقد عن اختيار.
َّ .2
إن إمارة االستيالء متعينة بالمستولي ،بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على اختيار المستكفي.
َّ .3
إن إمارة االستيالء مشتملة على البالد التي غلب عليها المستولي ،بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على البالد التي تضمنها
عهد المستكفي.
إن إمارة االستيالء تشتمل على معهود النظر ونادره ،بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على معهود النظر دون نادره(.)60
َّ .4
الفرع الثاني :الفرق بين الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي والنظم الفدرالية الحديثة:
َّ
إن الالمركزية السياسية التي عرفتها الدولة المسلمة وان اتفقت بالشكل مع دول الفدراليات الحديثة فقد افترقتا في المضمون؛
ومرد ذلك ألمور أهمها:
َّ .1
إن الدولة المسلمة قامت على أساس اإلخوة اإلنسانيَّة -التي نظمتها وثيقة المدينة -وإن اختلف أفرادها في اللغة أو الجنس أو
الدين ،والدول الفدرالية الحديثة قامت باألساس على ٍّ
نص دستوري ،يضمن توسيع دائرة المشاركة السياسية في الدولة(.)61
َّ .2
إن الدولة المسلمة تستهدف إقامة " مجتمع الفضيلة " ،الذي تحكمه القواعد الكلية والمقاصد العامة للتشريع ،بخالف نظام الدولة
الحديثة فهي قد ال تقوم باألساس على الصلة الروحية والدينية بل الماديَّة العلمانية(.)62
إن ُّ
الدستور الفدرالي هو الذي يفصل النزاعات حال وقوعها بين حكومة المركز وحكومة الوالية ( اإلقليم) ،أو بين حكومة والية َّ .3
وحكومة والية أخرى ،ولكن في الدولة المسلمة نجد أن فصل النزاعات مرجعه هو مركز الخالفة(.)63
.4يخضع المواطنون في الدول الفدرالية الحديثة لثالثة مستويات من الحكومات :الحكومة الفد ارلية ،حكومة الوالية ،والحكومة
المحلية؛ وذلك لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية في الدولة ،بخالف الدولة المسلمة فإننا نجده في مستويين هما :مركز الخالفة
وحكومة اإلقليم.
َّ .5
أن الالمركزية السياسية عرفتها الدولة المسلمة حال قوتها فقد تجسدت بدار االسالم والوالية العامة باالستكفاء ،وحال ضعفها فقد
عرفتها بوالية االستيالء ،أما النظم الفدرالية الحديثة فقد عرفتها حال قوتها؛ وذلك بالرغبة باالنضمام واالندماج والتكامل.
أما في الدولة المسلمة فهي تأتي بصورة َّ .6
إن حكومة الواليات في الدولة الفدرالية تأتي بواسطة االنتخاب من شعب الوالية نفسهاَّ ،
إما باالستكفاء اختيا اًر ( الوالية العامة ) ،أو باالستيالء اضط ار اًر ( والية المتغلب ).
التعيين( التفويض ) من قبل الخليفة؛ وذلك َّ
الدستوري اإلسالمي:
المطلب الثالث :التكييف الفقهي لالمركزية السياسية في النظام ُّ
من البديهي القول بأننا لن نجد في كالم الفقهاء السابقين ما يدل صراحة على موقفهم من هذا الشكل ألنظمة الحكم ،غير أن
في عرض خالف الفقهاء المعاصرين في بحث هذه القضية قد يقودنا إلى ما هو قريب مما نحن بصدد نقاشه ،وهذه القضايا تناولها
الفقهاء القدامى وكان الدافع لها الخشية من فراغ السلطة السياسية في الدولة ،كما في مسألة نصب إمامين ،وإمارة المستولي ،ومن
خاللهما نستجلي الموقف الشرعي من القضية المعروضة ،وكل ذلك يقع في فرعين:
الفرع األول :مذاهب الفقهاء في األخذ بنظام الالمركزية السياسية:
يمكن إجمال خالف العلماء المحدثين بهذه المسألة في مذهبين:
المذهب األول :منع العمل بنظام الالمركزية السياسية( الفدرالية ) ،وبه قال جملة من العلماء المحدثين أمثال :عبد الكريم زيدان
()64
(.)66
وعبدالملك السعدي( )65وأحمد العوضي
األدلة ومناقشتها:
أدلة المذهب األول ومناقشتها:
استدل أصحاب المذهب األول على المنع بأدلة أهمها:
.1بمطلق اآليات الكريمة الداعية إلى وحدة األمة ونبذ التفرقة ،ومنه قوله تعالى:
الثانيَّ :
إن الخليفة نفسه يستمد صالحياته من األمة ،ويعتمد بقاؤه على ثقتهم به ونظره في مصالحهم؛ فحكومته حكومة
لألمة ممثلة بأهل الحل والعقد ،فهو إذن حاكم مدني من جميع الوجوه(.)75دستورية؛ ألن األمر فيها ليس خاصاً بفرد ،و َّإنما هو َّ
إن الالمركزيَّة السياسيَّة ما هي إالَّ اقتسام للسلطة بين الحكومة المركزيَّة وحكومة اإلقليم؛ فالدول الداخلة في االتحاد
الثالثَّ :
تتنازل عن سيادتها الخارجية وبعض أوجه السيادة الداخلية لصالح الحكومة المركزيَّة ،وتبقى كل دولة محتفظة باستقاللها الداخلي؛
دستو اًر وحكومة ،وهذا التوازن بين السلطات الثالث هي حقيقة السيادة متمثلة باقتسام السلطة بين مستويات الحكم المتعددة في إطار
االتحاد ،فهي تقاسم للسلطة ال تقسيم للدولة(.)76
الرابعَّ :
إن فكرة الالمركزيَّة السياسيَّة قائمة على المشاركة في السيادة في كل الظروف بحسب إرادة األمة التي هي مصدر
السلطات ،ث َّم َّ
إن أنماط الحكم السائدة تتضاءل فيها السيادة في الدول القومية والوطنية أو الموحدة ،وتتزايد بين الدول ذات االتحادي
الدستوري ( الفدرالي ) ،وهذا ينسجم تماما مع فلسفة الدولة في النظام اإلسالمي ،كونها دولة فكرية مؤسسة على مبادئ وغايات ُّ
سامية ،فهي ال تنظر إلى القوميات والقبائل بل تنظر إلى اإلنسان بعين اإلنسانيَّة(.)77
فإن قيل :لم تشهد التجربة اإلسالميَّة في الحكم نموذجاً كنموذج الالمركزيَّة السياسية ،فهي من األنظمة المصطنعة في الغرب،
وفي األخذ بها نوع من التقليد األعمى.
أجيب :لقد َخِّب َر النظام السياسي اإلسالمي هذا الشكل في الحكم بما عرف بوالية االستيالء ووالية االستكفاء -كما سبق اإلشارة
إليهما ،-وكان معموالً بهما خشية من فراغ السلطة ،وبما أنكم قبلتم بالواليتين لالضطرار أو االختيار ،فمن الحق القبول بالالمركزية
السياسية التي جاءت بها اإلرادة الشعبية بواسطة صناديق االقتراع ،ال بالتغلب وال بالتفويض المنفرد ،وإالَّ كان تحكماً باألدلة دون
وجه حق ،وفي هذا الشأن يقول ابن جماعة ":وإذا فوض الخليفة إلى رجل والية اإلقليم ،فإن كان تفويضاً عاماً ،جاز له تقليد القضاة
والوالة ،وتدبير الجيوش ،واستيفاء األموال من جميع جهاتها ،وصرفها في مصارفها ،وال ينظر في غير اإلقليم المفوض إليه "(.)78
إن من فقه األحوط البحث عن بدائل تكون أنسب لطبيعة مجتمعاتنا المسلمة ،والتي لطالما حملت شعار الوحدة تحت مسميات
َّ .4
مختلفة ،والبديل المعروض هو األخذ بالالمركزية اإلداريَّة؛ لما فيها من مزايا التخفيف من ثقل المركزية وأوزاها ،بدالً من تقاسم السلطة
الذي قد يقود بالضرورة إلى تقسيم الدولة إلى دويالت أو كانتونات مصطنعة ،والبدل يأخذ حكم المبدل منه(.)79
ويرد عليه بأمرين:
األول :صحيح ما ذكرتم ،فقد دار نقاش طويل بين أساتذة الفقه ُّ
الدستوري حول الالمركزية السياسية ،هل هو نظام استقرار أم
نظام انتقال؟ فغالبية الفقهاء قرروا َّأنه نظام استقرار ال نظام انتقال حتماً ،بل اعتبروه نظام المستقبل بفضل المزايا التي تضمن له
ألنه يجمع بين عاطفتي االتحاد واالستقالل كلتيهما(.)80 التوسع واالنتشار؛ َّ
الثانيَّ :
إن الالمركزية السياسية هي من األنظمة المستحسنة في العرف الدولي ،إذ ثمة ( )28دولة ،يقيم فيها( )%40من
مجموع سكان العالم تأخذ بهذا الشكل من األنظمة ،بسبب المزايا الذي يتمتع بها هذا النظام من المرونة ،وشدة التنوع ،وقابليته للتطور
ومسايرة األحداث والمتغيرات(.)81
المذهب الثاني :األخذ بنظام الالمركزية السياسية وإدارة الدولة بمقتضاها ،وبه قال عدد ليس بالقليل من العلماء والمفكرين
المحدثين أمثال :جمال الدين األفغاني( ،)82وعبدالرزاق السنهوري( ،)83ومحمد أبو زهرة(.)84
أدلة المذهب الثاني ومناقشتها:
استدل أصحاب المذهب الثاني على مذهبهم بجملة من األدلة نجملها فيما يأتي:
اس ِّإَّناالن ُ ُّها َّ
.1بمطلق اآليات الدالة على وحدة التنوع اإلنساني ،والخضوع للسلم االجتماعي السياسي ،ومنه قوله تعالىَ (:يا أَي َ
اكم ُشعوبا وَقب ِّائل لِّتَعارُفوا )] الحجرات ،[ 13 :مع قوله تعالى (:يا أَيُّها َّال ِّذين آمنوا ْاد ُخلُوا ِّفي ِّ
السْل ِّم َك َّاف ًة َخَلْقن ُ ِّ
َ َُ َ َ اك ْم م ْن َذ َك ٍّر َوأ ُْنثَى َو َج َعْل َن ُ ْ ُ ً َ َ َ َ َ َ
)] البقرة.[ 208 :
أن اآلية الكريمة األولى ألمحت إلى َّ
أن التقسيم للناس أنهم من أعراق وأمم متنوعة ،هو سنة إلهيَّة؛ ليسهل وجه الداللة فيهماَّ :
أما الثانية :فقد ألمحت إلى أن السلم االجتماعي والسياسي ال يتحقق إالَّ بواسطة
التعامل بينهم ،ولمد جسور الوحدة والتواصل بينهمَّ ،
نظم جامعة للهوية اإلنسانية ال مفرقة لها ،وال يتحقق ذلك إالَّ بنظام الالمركزية السياسية الذي يراعي الوحدة ضمن هذا التنوع
البشري(.)85
وقد يعترض عليهَّ :
إن المناسبة في اآليتين الكريمتين ال تنطبق على المنحى الذي وجهتم به األدلة ،كل ما في األمر أن اآلية
األولى بينت أن أساس التفاضل والتمايز بين الناس هو بالتقوى وكمال األخالق( ،)86فهي إذن توزن العالقات بين األفراد في المجتمع
أما اآلية الثانية؛ فهي تؤصل لمبدأ عظيم في العالقات الخارجية وهو َّ
أن الواحد ،ال بين الوحدات أو األقاليم في الدولة الواحدةَّ ،
األصل في العالقات بين الدول السلم ال الحرب(.)87
ويجاب عنه :هذا نوع من التحكم باألدلة فالعبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب( ،)88وإذا كان السلم في العالقات الدولية
مطلوباً ،فيكون في داخل الدولة الواحدة من باب أولى -أعني السلم االجتماعي ،-واستيعاب هذا التنوع ال يتحقق إالَّ بدولة تحترم
الهويَّة اإلنسانيَّة المتنوعة في ظل الالمركزية السياسية الجامعة.
مر رسول هللا بقوم يلقحون – أي النخل – فقال :لو لم تفعلوا لصلح ،قال :فخرج شيصاً -أي رديئاً ،-
.2عن عائشة وأنس َّ
فمر بهم النبي فقال :ما لنخلكم ،قالوا :قلت كذا وكذا ،قال :أنت أعلم بأمر دنياكم(.)89
َّ
وجه الداللة :جعل النبي تنظيم شؤون الحياة -فيما ال نص فيه – مرهوناً بالتجربة البشرية ،وأنظمة الحكم مشمولة به من
باب أولى؛ ذلك ألنها في حكم المسكوت عنه ،وهذا فهم للواقع في ضوء الكليات والمقاصد العامة للتشريع(.)90
ِّع لِّ َخلِّيَفتَْي ِّنَ ،فا ْقتُلُوا ْاآل َخ َر ِّم ْن ُه َما "(.)91
وقد يعترض عليه :أن ما ذكرتم معارض لما ورد عن النبي أنه قالِّ ":إ َذا ُبوي َ
وعند عرضنا لنظام الالمركزية السياسية فإننا نجدها في صورة االنضمام ،أي من دولة بسيطة إلى دولة اتحادية ،ال تتعارض
مع المقاصد العامة والقواعد الكلية للشرع ،فهي بمثابة إعادة الفرع إلى األصل ،لذا فإنني ال أعلم مخالفاً لهذا الشكل من النظام
الالمركزي السياسي بين المذهبين ،فأمكن الجمع بين المذهبين في هذا الشكل ،والجمع بين الدليلين أولى من إهمال أحدهما(.)98
أما الصورة األخرى لالمركزية السياسية وهي االنفصال ،فهي التي أثارت الجدل الطويل بين الفقهاء المحدثين بين مانع ومجيز،
َّ
ونضع بين يدي الترجيح عدة مبادئ عامة ال بد من أخذها بعين االعتبار وقت الترجيح:
األول :قضية التدرج في التطبيق وصوالً للمقصد المطلوب؛ وذلك بإصالح البيئة االجتماعية والسياسية والثقافيَّة ،فالالمركزية
السياسية هي مشروع إصالحي يتطلب المزيد من الوعي والنضوج السياسي من األفراد والمجتمعات والكيانات(.)99
إن مشاريع االنقاذ الكبرى تتطلب اجتهاداً جماعياً تتشارك فيه كل المكونات المجتمعية والخبرات العلمية والفنية
الثانيَّ :
التقنية( ،)100بعيداً عن المناكفات السياسية والحزبية الضيقة؛ وذلك بالتنظير قبل التأطير ،وبالتجربة قبل المشاهدة ،كما يجب علينا
أالَّ نسلم أنفسنا لقفزات في الهواء قد تقودنا – ال قدر هللا تعالى – لمزيد من االنقسام.
باألمة؛ من تهجير متعمد بالجملة ،وقتل على الهوية ،وتصفية لحسابات
الثالث :النظر بعين المتبصر للفتن والمحن التي تحدق َّ
التاريخ ،يدفع ثمنها األبرياء من كل المشارب والمنابت ،بغية رسم خارطة جديدة للمنطقة قائمة على الطائفيَّة والعرقيَّة والعنصرَّية
الضيقة ال على اإلنسانيَّة.
إن الالمركزيَّة السياسيَّة ستكون تجربة فريدة بالنظام اإلسالمي ،ألنها ستترجم عملياً نظرة اإلسالم إلى اإلنسان وفق
الرابعَّ :
إنسانيته بعيداً عن أي اعتبارات أخرى ،وستحفظ التوازن بين السلطات ،وستضمن توسيع المشاركة السياسية ،وستنهض َّ
باألمة لتعزيز
اإلنتاجيَّة.
الخامسَّ :
إن الفراغ السياسي سيوفر مناخات مشجعة للديكتاتورية بديالً للديمقراطية ،والفردية بديالً للمؤسسية ،والتسلط بديالً
للتحرر ،والجمود بديالً للتنمية ،والنمائية بديالً للتقدمية.
فإن الباحث يرى القول بالالمركزيَّة السياسيَّة حالة االنضمام استصحاباً؛ ألنها في حكم إرجاع الجزء إلى
وبناء على ما تقدم َّ
ً لذا
فإن الباحث يرى ضرورة التدرج في
الكل ،واألصل بقاء ما كان على ما كان .هذا في حال االنضمام ،أما في حالة االنفصال َّ
()101
تطبيق الالمركزية السياسية ،فال يصار لها اذا كان باإلمكان األخذ بالالمركزية اإلدارية لمواجهة المشاكل التي يتعرض لها اإلقليم،
وإذا لم تنفع كل الجهود الحتواء األزمة في اإلقليم فإنه يصار اليها لالضطرار للعلة الجامعة بينها وبين والية المتغلب ،بل العلة في
الالمركزيَّة السياسيَّة أظهر وأصلح؛ َّ
ألن هذا الشكل من األنظمة جاء بواسطة صناديق االقتراع ،واألمة هي مصدر السلطات.
الخاتمة:
.1شهدت أساليب الحكم في َّ
الدولة المسلمة سائر األنواع الموصوفة في المصطلح الحديث بالمركزيَّة والالمركزيَّة بنوعيها :اإلداري
والسياسي.
.2ناقش علماء الفقه الدستوري الالمركزية السياسية كنظام من أنظمة الحكم الدستوريَّة الحديثة.
.3خبرت الدولة المسلمة نظام الالمركزيَّة السياسيَّة حال قوتها باالنضمام إلى كنف الدولة بإمارة االستكفاء ،وحال ضعفها باالنفصال
عن كنف الدولة بإمارة االستيالء.
المصادر والمراجع
أوالً :المراجع العربية:
إبراهيم ،حسن ،وعلي( .د.ت) .النظم اإلسالميَّة( .د.ط) .القاهرة :مكتبة النهضة.
األفغاني ،جمال الدين ،ومحمد عبده2002(.م) .العروة الوثقى .ط .1القاهرة :مكتبة الشروق الدوليَّة.
أمير عليِّ ،
سيد ،مختصر تاريخ العرب ،ترجمة :عفيف البعلبكي ،)1961( ،ط ،1دار العلم للماليين ،بيروت.
بادشاه ،أمير1350 (.هـ) .تيسير التحرير( .د.ط) .مطبعة البابي الحلبي وأوالده.
البخاري ،محمد بن إسماعيل1987(.م) .صحيح البخاري .تحقيق :مصطفى البغا .ط .3بيروت :دار ابن كثير.
السلطة اإلدارية( .د.ط) .االسكندريَّة :الدار الجامعيَّة.
بسيوني ،عبدالغني1986(.م) .التفويض في ُّ
البغدادي ،عبدالقاهر بن طاهر2003 (.م) .أصول الدين .ط .2اسطنبول :مطبعة َّ
الدولة.
البياتي ،منير2013(.م) .النظام السياسي اإلسالمي مقارناً بالدولة القانونيَّة .طَّ .4
عمان :دار النفائس.
ابن تيمية ،أحمد بن عبدالحليم1987(.م) .الفتاوى الكبرى .ط ،1بيروت :دار الكتب العلمية.
جعيد ،محمد2015(.م) .نظام اإلدارة المحليَّة في اإلسالم .مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانيَّة جامعة زيان عاشور بالجلفة
الجزائر.)23(،
الجلبي ،حسن(.د.ت) .دراسات دستورية في فصل السلطات والفدرالية .ط .1أربيل :مطبعة و ازرة التربية.
ابن جماعة ،بـدر الدين1988 (.م) ،تحرير األحكام في تدبير أهل اإلسالم .تحقيق :فؤاد عبدالمنعم .ط .3بيروت :دار
الثقافة.
الجويني ،عبدالملك بن عبدهللا2003 (.م) .غياث األمم في التياث الظلم .ط .2بيروت :دار الكتب العلميَّة.
حسين ،لقمان2011 (.م) .مبدأ المشاركة في الدولة الفدراليَّة دراسة تحليلية مقارنة .ط .1لبنان :مكتبة زين القانونيَّة.
حياوي ،نبيل2007 (.م) .الالمركزيَّة والفيدراليَّة .ط .3بغداد :المكتبة القانونيَّة.
الخطيب ،نعمان(1999م) .الوسيط في النظم السياسية والقانون ُّ
الدستوري .طَّ .1
عمان :دار الثقافة للنشر والتوزيع.
خالف ،عبدالوهاب1350(.هـ) .السياسة الشرعيَّة( .د.ط) .القاهرة :المطبعة السلفيَّة.
خالف ،عبدالوهاب(1985م) .السلطات الثالث في اإلسالم التشريع والقضاء والتنفيذ .ط .2الكويت :دار القلم.
ابن خلدون ،عبدالرحمن بن محمد1966 (.م) .المقدمة( .د.ط) .كتاب التحرير.
خليل ،عثمان ،والطماوي ،سليمان1950(.م) .القانون الدستوري .ط .2القاهرة :دار الفكر العربي.
خليل ،محسن1971(.م) النظم السياسية والقانون الدستوري( .د.ط)( .د.م).
خليل ،محسن1978(.م) .القانون الدستوري والنظم السياسية( .د.ط)( .د.م).
96 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
97 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
د .أنس عبد هللا القرعان الدستوري اإلسالمي
الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ
98 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
أنس عبد هللا القرعان.د الدستوري اإلسالمي
ُّ الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام
: المراجع األجنبية:ًثانيا
Ibrahim, H & A. AL-Zuzm al-Islamiyah (Islamic systems). (No Date). Cairo: Al-Nahda Library.
Al-Afghani, J & M. (2002). Al-Oroua al-wothqa (The most reliable handle). (First Edition).
Cairo: Al Shorouk International Library.
Amir Ali, S. Mukhtasar Tareekh al-Arab (A Brief History of the Arabs). translated by: Afif
Baalbaki, (1961). (First Edition), Dar Al-Ilm lilmalayeen, Beirut.
Badshah, A. (1350 AH). Tayseer al-Tahreer. (Facilitate editing). Al-Babi Al-Halabi and Sons
Press.
Al-Bukhari, M. (1987). Sahih al-Bukhari. (Sahih Bukhari). Investigation: Mustafa Al-Bagha.
(Third Edition). Beirut: Ibn Kathir House.
Bassiouni, A. (1986). Al-Tafweedh fi al-Sultah al-Idariyah. (Delegation of administrative
authority). Alexandria: Al-Dar al-Jameiyah.
Al-Baghdadi, A. (2003). Osoul al-Deen. (Religion basics). (Second Edition). Istanbul: State
Press.
Al-Bayati, M. (2013). Al-Nizam al-Siasi al-Islami Muqaranan bi al-Dawlah al-Qanooniyah.
(The Islamic political system compared to the legal state). (Fourth Edition). Amman: Dar al-Nafeis.
Ibn Taymiyyah, A. (1987). Al-Fatawa al-Kubra. (The Great fatwas). (First Edition), Beirut: Dar
al-Kutub al-Elmiyah.
Jaid, M. (2015). Nuzum al-Idarah al-Mahalliyah fi al-Islam. (The system of local administration
in Islam. Journal of Law and Human Sciences, Ziane Achour University, Djelfa, Algeria, (23).
Chalabi, H. Dirasat Dostouriyah fi fasl al-Solotat wal fidiraliyah (Constitutional studies in the
separation of powers and federalism). (No date) (First Edition). Erbil: Ministry of Education Press.
Ibn Jama`ah, B. (1988). Tahreer al-Ahkam fi Tadbeer ahl al-Islam (Editing Rulings in the
Management of the People of Islam. Investigation: Fouad Abdel Moneim. (Third Edition). Beirut:
Dar al-Thaqafah.
Al-Juwayni, A. (2003). Ghiath Alomam fe Eltiath Altholam. (The relief of nations in the
disturbance of darkness). (Second Edition) Beirut: Dar al-Kutub al-elmiyah.
Hussain, L. (2011). Mabdaa al-Musharakah fi al-Dawlah al-Fidiraliyah , Dirasah Tahleeliyah
Muqaranah. (The principle of participation in the federal state, a comparative analytical study. (First
Edition). Lebanon: Zain Law Library.
Hayawi, N. (2007). Allamarkaziyah wal Fidiraliyah. (Decentralization and Federalism. (Third
Edition). Baghdad: Legal Library.
Al-Khatib, N. (1999). Al-Waseet fi al-Nuzum al-Siasiyah wal-Qanoon al-Dostouri. (The
Mediator in political systems and constitutional law. (First Edition). Amman: House of Culture for
Publishing and Distribution.
Khallaf, A. (1350 AH). Al-Siayasah al-Shariyah. (legal policy). Cairo: The Salafi Press.
Khallaf, A. (1985). Al-Sulutat al-Thalath fi al-Islam, Al-tashreea wal-Qadaa wal-Tanfeeth. (The
three authorities in Islam, legislation, judiciary and implementation. (Second Edition). Kuwait: Dar
Al-Qalam.
Ibn Khaldun, A. (1966). Al-Moqaddimah. ( The Introduction). Editing book.
Khalil, O. & Al-Tamawi, S. (1950). Al-Qanoon al-Dostouri. (The Constitutional law. (Second
Edition). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Khalil, M. (1971). Al-Nizam al-Siasi wal-Qanoon al-Dostouri. (Political Systems and
Constitutional Law. (No Publisher)
Khalil, M. (1978). Al-Qanoon al-Dostouri wal-Nuzum al-Siasiyah (Constitutional law and
political systems.). (No Publisher)
Al-Radwani, M. (2014). Madkhal ila al-Qanoon al-Dostouri (Introduction to constitutional law.
(Second Edition). Rabat: Al-Maaref al-Jadeedah Press.
99 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
أنس عبد هللا القرعان.د الدستوري اإلسالمي
ُّ الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام
Raad, N. (2008). Al-Qanoon al-Dostouri al-Aam (General constitutional law. (Second Edition).
Beirut: Modern Book Foundation.
Rockelver, N. (1963). Mostakbal al-Fidiraliyah (The future of federalism). Beirut: Dar al-Afaq
al-Jadeedah.
Al-Rayes, M. (1976). Al-Nazariyat al-Siasiyah al-Islamiyah (Islamic political theories. (Seventh
Edition). Cairo: Dar Al-Turath Library.
Al-Zuhaili, and Heba. (2003). Al-Tafseer al-Muneer (The Enlightening interpretation. (Second
Edition). Damascus: Dar Al-Fikr.
Al-Zarqa, M. (1998). Al-Madkhal al-Fiqhi al-Aam (General Jurisprudential Introduction (First
Edition). Damascus: Dar Al-Qalam.
Al-Zarkashi, M. (2000). Al-Bahr al-Muheet fi osoul al-Fiqh (The ocean sea in the principles of
jurisprudence. (First Edition). Beirut: Dar al-Kotob al-Ilmiyah.
Abu Zahra, M. (No Date). Al-wihdah al-Islamiyah (Islamic unity). Beirut: Dar Al Raed Al Arabi.
Abu Zahra, M. (1995). Al-Alaqat al-Dawliyah fi al-Islam (International Relations in Islam. Cairo:
Dar Al-Fikr Alarabi.
Zaytoun, W. (2010). Al-Moajam al-Siasi (Political dictionary). (First Edition). Amman: Dar
Osama for Publishing and Distribution.
Al-Samarrai, A. (2016). Al-Nizam al-Fidirali wa atharuhu ala al-Wihdah al-Mojtamaiyah ,
Nazrah Fqhiah Moasirah (The federal system and its impact on societal unity, a contemporary
jurisprudential view), Alukah network.
Sultan, H. (1986). Ahkam al-Qanoon al-Dawli fi al-Shariea al-Islamiyah (Provisions of
International Law in Islamic Sharia) Cairo: Dar Al-Nahda Al-Arabiya.
Al-Shatby, I. (1997). Al-Moafaqat fi Osoul al-Fiqh (Consents in the principles of jurisprudence.
Investigation: Mashhour bin Hassan. (First Edition). News: Dar Ibn Affan for publishing and
distribution.
Shabeer, M. (2000). Al-Qawaed al-Kulliyah wal-Dawabet al-Fiqhiyah fi al-Sharea al-Islamiyah
(The overall rules and regulations of jurisprudence in Islamic law. (First Edition), Amman: Dar Al-
Furqan for Publishing and Distribution.
Shabeer, M. (2014). Al-Takyeef al-Fiqhi lil waqae al-Mostajadda wa tatbeeqatihi al-Fiqhiyah
(Jurisprudential adaptation of emerging facts and its doctrinal applications. (Second Edition).
Damascus: Dar Al-Qalam.
Al-Shuaibi, A. (2005). Watheeqat al-Madinah al-Madmoun wa al-Dalalah (Al-Medina
document, content and significance). (First Edition). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic
Affairs.
Shukri, A. (2012). Al-Nizam al-Dostouri fi al-Sharea al-Islamiyah (The constitutional system in
Islamic law. (First Edition). Beirut: Al-Halabi Publications.
Al-Sheikhly, A. (1994). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). Amman: Dar Baghdadi for
Publishing and Distribution.
Al-Salih, S. (1965). Al-Nuzum al-Islamiyah Nashaatuha wa Tataworoha (Islamic systems,
inception and development) (First Edition). Beirut: Dar al-Ilm lilmalayeen.
Al-Saidi, H. (No Date). Al-nazariah al-Iaslamiah fi al-Dawlat mae almuqaranah binazrat al-
Dawlat fi al-Fiqh al-Dusturii al-Hadith
(The Islamic theory of the state with comparison to the state's view in modern constitutional
jurisprudence. (First Edition). Egypt: Dar Al-Nahda.
43. Salahat, S. (2006). Moajam al-Mustalahat al-Siasiyah fi Turath al-Foqahaa (A dictionary
of political terms in the heritage of jurists). (First Edition). Cairo: Al Shorouk International Library.
Al-Tabari, M. (2001). Tafseer al-Tabari (Tabari's interpretation). Investigated by: Abdullah Al-
Turki. (First Edition). Giza: Dar Hajar.
100 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
أنس عبد هللا القرعان.د الدستوري اإلسالمي
ُّ الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام
Tabliah, Al-Qutb. (1978). Nizam al-Idarah fi al-Islam Dirasat Muqaranah bil Nuzum al-
Muqaranah (The management system in Islam a comparative study with the comparative systems.
(First Edition). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Tamawi, S. (1967). Al-Wajeez fi al-Qanoon al-Idari (The Summery in Administrative Law.
Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Tahrawi, H. (2006). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). (First Edition). Amman: Dar
al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Al-Tahrawi, H. (2006). Al-Nuzum al-Siasiyah wal-Qanoon al-Dostouri (Political systems and
constitutional law). (First Edition). Amman: Dar al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Abdo, M. (1993) Al-amal al-Kamilah (The Complete Works). Investigation: Muhammad Emara.
(First Edition). Beirut: Dar Al-Shorouk.
Alloun, A. (2006). Al-Nuzum al-Siasiyah wal-Nizam al-Dostouri (Political systems and
constitutional law). (First Edition). Amman: Dar al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Al-Alawi, S. (2010). Dar al-Khilafah, Dirasah fi al-Tafkeer al-Siasi ind al-Mawardi (House of
the Caliphate, a study in political thinking at Al-Mawardi. (Second Edition). Rabat: Al-Omniah Press.
Amara, M. (2009). Islamiyat Abdul-Razzaq al-Sanhouri (The Islamisms of Abd al-Razzaq al-
Sanhouri). (First Edition). Cairo: Dar Al Salam.
Amara, M. (2011). Ihyaa al-Khilafah al-Islamiyah (Revival of the Islamic Caliphate). Cairo: Dar
Al Salam.
Al-Awadi, A. (2007). Al-Qanoon al-Dostouri al-Islami (Islamic constitutional law). (First
Edition). Amman: Al-Azhar Press.
Al-Far`, M. (2000). Al-Ahkam al-Sultaniyah (The Authoritarian rulings). (First Edition). Beirut:
Dar al-Kutub al-Ilmiyah.
Al-Qarafi, A. (2008). Al-Forouq (The Differences). Investigation: Omar Hassan Qiyam. (Second
Edition). Beirut: Al-Resala Foundation.
Al-Qaradawi, Y. (2009).Fiqh al-jihad, dirasat muqaranat li'ahkamih wafalsafatih fi daw'
alquran walssunah (The jurisprudence of jihad, a comparative study of its rulings and philosophy in
the light of the Qur’an and the Sunnah). (Third Edition). Cairo: Al-Madani Press.
Al-Qurtubi, M. (1964). Al-Jame fi Ahkam al-Qur'an (The Gatherer of the provisions of the
Qur'an). Investigation: Ahmed Al-Baradouni and Ibrahim Tfayesh. (I 2). Cairo: Egyptian Book
House.
Kurd Ali, M. (1934). Al-Idarah fi Izz al-Arab (The Management in the glory of the Arabs. (First
Edition). Cairo: Misr Press.
Al-Kilani, A. (2009). Al-Siasah al-Shariyah, Madkhal ila Tajdeed al-Khitab al-Islami
(Legitimate politics, an introduction to the renewal of Islamic discourse. (First Edition). Amman: Dar
Al-Furqan for Publishing and Distribution.
Liephart, A. (2006). Al-diymuqratiah al-Tawafuqiah fi mujtamae mutaddid
(Consensual democracy in a multiple society). Translation: Hosni Zina. (First Edition). Baghdad:
Dar Al Furat for Publishing and Distribution.
Laila, M.(1967). Al-Qanoon al-Dostouri (The Constitutional law). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Layla, M. (1971). Al-Nuzum al-Siasiah, al-Dawlah wal-Hokomah (Political systems, the state
and the government. Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Mawardi, A. (1989). Al-Ahkam al-Sultaniyah wal wilayat al-Diniah (Authoritarian rulings
and religious jurisdiction). Investigation: Ahmed Mubarak Baghdadi. (First Edition). Kuwait: Dar Ibn
Qutayba.
Metwally, A. (1977). Mabadi nizam al-hukm fi al'Islam mae almuqaranah bi al-Mabadi al-
Dostowryah al-Hadithah (Principles of the system of governance in Islam with comparison with
modern constitutional principles. (Third Edition). Alexandria: Munshaat al-Maaref.
101 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
أنس عبد هللا القرعان.د الدستوري اإلسالمي
ُّ الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام
Metwally, A. (1985). Azmat al-Fiqr al-Siasi al-Islami fi al-Asr al-Hadeeth ( The crisis of Islamic
political thought in the modern era. (Third Edition). Cairo: The Egyptian General Book Authority.
Mustafa, M. (1990). Aqaleem al-Dawlah al-Islamiyah bain al-lamarkaziyah al-Siasiyah wal-
lamarkaziyah al-Idariyah (The regions of the Islamic state between political decentralization and
administrative decentralization. Alexandria: The Egyptian General Book Organization.
Bahrain Institute for Political Development. (2014 ). A dictionary of political terms. Manama.
Ibn Manzoor, M. (1414 H). Lisan al-Arab (Arabs Tongue). Beirut: Dar Sader.
Al-Mawdudi, A. (1988). Minhaj al-Inqilab al-Islami (The platform of the Islamic coup. (Third
Edition). Jeddah: Al-Dar al-Saudiah for Publishing and Distribution.
Al-Neama, I. (2009). Osoul al-Tashrea al-Dostouri fi al-Islam (The origins of constitutional
legislation in Islam. (First Edition). Baghdad: Islamic Research and Studies Center.
Nofal, A. & his companions. (2015). Al-Fidiralliyah al-Fikrah wa tadaeyat Tatbeequha fi al-
Watan al-Arabi (The Federation, the idea and the implications of its application in the Arab world.
(First Edition). Amman: Middle Eastern Studies Center.
Al-Nisaburi, M. (1434 AH). Sahih Muslim (Sahih Muslim). Beirut: Dar al-Jeel.
Al-Hamawandi, M. (1990). Al-Hokum al-Zati wal-Nuzum allamarkaziyah al-Idariyah wal-
Siasiyah (Autonomy and administrative and political decentralization systems. (First Edition). Cairo:
Dar al-Mostakbal al-Arabi.
Yakan, Z. (No Date). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). Beirut: Al-Maktabah al-Asriyah
102 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0