اللامركزية السياسية في الإسلام

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫‪IUGJEPS‬‬

‫‪ISSN 2616-2148‬‬ ‫مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‬


‫‪Vol 30, No 4, 2022, pp 77 -102‬‬

‫تاريخ اإلرسال (‪ ،)2022-03-23‬تاريخ قبول النشر (‪)2022-07-17‬‬

‫د‪ .‬أنس عبد الله عودة القرعان‬ ‫اسم الباحث األول‪:‬‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫دائرة قاضي القضاة‪ /‬عمان‬ ‫ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ‬ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة يف النظام‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫الجامعة والبلد‪:‬‬ ‫ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲاسم‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫البريد االلكتروني للباحث املرسل‪:‬‬


‫اإلسالمي‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫*‬
‫ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪ :‬الدُّستوري‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻐﺰﺓ ‪ -‬ﻋﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫‪E-mail address:‬‬
‫‪dranas1980@yahoo.Com‬‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻋﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻧﺲ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻋﻮﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪4‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫‪https://doi.org/10.33976/IUGJSLS.30.4/2022/4‬‬ ‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2022‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫‪77 - 102‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪1325319‬‬ ‫امللخص‪:MD:‬‬
‫ﺭﻗﻢ‬
‫أخذت الدراسة لع عاتقها البحث يف موضوع حيوي متعلق بالنَّظام الدُّستوري اإلسالمي وهو نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كشكل من‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫أشكال الحكم يف األنظمة الديمقراطيَّة الحديثة‪ ،‬وجاء هيكل الدِّراسة لع النحو التالي‪ :‬التعريف بالالمركزيَّة إداريًا ودستوريًَّا‪ ،‬وتطلب‬
‫‪Arabic‬‬
‫ذلك بيان أنواع الدَّولة من حيث التكوين‪ ،‬والحديث عن نشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النَّظام الحديث‪ ،‬وعقد مقارنات بينها وبين‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬
‫الالمركزيَّة اإلداريَّة‪ ،‬ثم الحديث عن خصائص الالمركزيَّة السياسيَّة‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫الكونفدرالي‪ ،‬وبينها وبين‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ‬
‫االستقاللي‬ ‫االتحاد‬
‫وتعرضت الدِّراسة لنشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي من حيث أشكالها املتمثلة‪ :‬بدار اإلسالم‪ ،‬الوالية العامة‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫( إمارة االستكفاء )‪ ،‬ووالية املتغلب (إمارة االستيالء )‪ ،‬ثمَّ اإلشارة إلى الفروق األساسيَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام اإلسالمي‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1325319‬‬
‫والنُّظم الحديثة‪ ،‬وختمت مفردات الدِّراسة بالتكييف الفقهي لهذا الشكل من الحكم يف النظام اإلسالمي مع التَّرجيح‪.‬‬
‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫وقد خلصت الدِّراسة إلى أن مشروع الالمركزيَّة السياسيَّة خَبِرَتْهُ التجربة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي حال قوتها باالنضمام إلى‬
‫كنف الدَّولة متمثلة بدار اإلسالم والوالية العامة‪ ،‬وباالنفصال عن كنف الدولة بما عُرف بوالية املتغلب‪ ،‬وقد رجحت الدِّراسة األخذ بها‬
‫حال االنضمام؛ ألنها يف حكم إرجاع الجزء إلى الكل؛ فاألصل بقاء ما كان لع ما كان‪ ،‬وأمَّا يف حال االنفصال فقد أخذت الدِّراسة بمبدأ‬
‫التَّدرج يف التطبيق‪ ،‬خشية العواقب التي قد تحدق باألمَّة نتيجة التَّسرع يف التنفيذ؛ وذلك باألخذ بالالمركزيَّة اإلداريَّة كخطوة أولى‬
‫لع طريق اإلصالح السياسي‪ ،‬ثم االنتهاء باألخذ بها – أي الالمركزيَّة السياسيَّة ‪ -‬أيضًا لالضطرار‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬السياسة الشرعيَّة‪ ،‬النَّظام الدُّستوري اإلسالمي‪ ،‬الالمركزيَّة السياسيَّة‪.‬‬

‫‪Political decentralization in the islamic constitutional order‬‬


‫‪Abstract:‬‬
‫‪The study took upon itself the research on a vital subject related to the Islamic constitutional system, namely, the system of political‬‬
‫‪decentralization as a form of governance in modern democratic systems. The structure of the study was sequential: starting with the‬‬
‫‪definition of administrative and constitutional decentralization. This requires a statement of the types of state in terms of composition,‬‬
‫‪Political decentralization in the modern system, and comparisons between them and the Confederation of Independence, and the‬‬
‫‪administrative decentralization, and then talked about the characteristics of political decentralization.‬‬
‫‪The study also examined the emergence of political decentralization in the Islamic constitutional system in terms of its forms: Dar al-‬‬
‫‪Islam, the general mandate (the emirate of acquiescence), the mandate of the conqueror (the emirate of conquest), and the reference to‬‬
‫‪the fundamental differences between political decentralization in the Islamic system and modern systems. And the vocabularies of the‬‬
‫‪study have been concluded by adapting the jurisprudence of this form of governance in the Islamic system with weighting.‬‬
‫‪The study concluded that the project of political decentralization has an experience in the Islamic constitutional system because of its‬‬
‫‪power to join the state represented by the House of Islam and the general mandate, and the separation from the state in terms of the‬‬
‫‪mandate of the conqueror. The study is likely to be taken in the case of accession; because it is in the rule of returning the branch to the‬‬
‫‪original; the original is the survival of what was the same. In the case of separation, the study took the principle of gradation in‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪application,‬ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫‪fearing‬‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫‪the consequences‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬ ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪that‬‬
‫‪beset‬‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ‪the‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫‪ as‬ﺃﻥ‪nation‬‬
‫ﻋﻠﻤﺎ‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪a ،‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ‪result‬‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‪of the‬‬
‫‪rush to‬‬‫;‪ implement‬ﻣﻊ‬
‫‪by‬ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ‬ ‫‪introducing‬‬
‫ﻋﻠﻰ‬ ‫‪administrative‬‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ‬ ‫ﻫﺬﻩ‬
‫‪as‬‬ ‫‪a‬‬ ‫‪first‬‬ ‫‪step‬‬ ‫‪on‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪path‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪political‬‬ ‫‪reform,‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪then‬‬ ‫‪by‬‬ ‫‪adopting‬‬ ‫‪it‬‬ ‫–‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫‪decentralization‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪political‬‬ ‫‪decentralization‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪also‬‬ ‫‪for necessity.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪Keywords: Islamic politics, Islamic constitutional order, political decentralization.‬‬

‫‪77‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫‪IUGJEPS‬‬
‫‪ISSN 2616-2148‬‬ ‫مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‬
‫‪Vol 30, No 4, 2022, pp 77 -102‬‬

‫تاريخ اإلرسال (‪ ،)2022-03-23‬تاريخ قبول النشر (‪)2022-07-17‬‬

‫د‪ .‬أنس عبد الله عودة القرعان‬ ‫اسم الباحث األول‪:‬‬

‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬


‫دائرة قاضي القضاة‪ /‬عمان‬ ‫ﺣﺴﺐوالبلد‪:‬‬ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة يف النظام‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‬
‫اسم الجامعة‬

‫* البريد االلكتروني للباحث املرسل‪:‬‬


‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬الدُّستوري اإلسالمي‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻋﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻧﺲ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻋﻮﺩﺓ‪ .(2022) .‬ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫‪E-mail address:‬‬
‫‪ .102‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪dranas1980@yahoo‬‬ ‫‪.Com‬‬‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪- 77 ،4‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1325319‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻋﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻧﺲ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻋﻮﺩﺓ‪" .‬ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫‪https://doi.org/10.33976/IUGJSLS.30.4/2022/4‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪ .102 - 77 :(2022) 4‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1325319‬‬

‫امللخص‪:‬‬
‫أخذت الدراسة لع عاتقها البحث يف موضوع حيوي متعلق بالنَّظام الدُّستوري اإلسالمي وهو نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كشكل من‬
‫أشكال الحكم يف األنظمة الديمقراطيَّة الحديثة‪ ،‬وجاء هيكل الدِّراسة لع النحو التالي‪ :‬التعريف بالالمركزيَّة إداريًا ودستوريًَّا‪ ،‬وتطلب‬
‫ذلك بيان أنواع الدَّولة من حيث التكوين‪ ،‬والحديث عن نشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النَّظام الحديث‪ ،‬وعقد مقارنات بينها وبين‬
‫االتحاد االستقاللي الكونفدرالي‪ ،‬وبينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة‪ ،‬ثم الحديث عن خصائص الالمركزيَّة السياسيَّة‪.‬‬
‫وتعرضت الدِّراسة لنشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي من حيث أشكالها املتمثلة‪ :‬بدار اإلسالم‪ ،‬الوالية العامة‬
‫( إمارة االستكفاء )‪ ،‬ووالية املتغلب (إمارة االستيالء )‪ ،‬ثمَّ اإلشارة إلى الفروق األساسيَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام اإلسالمي‬
‫والنُّظم الحديثة‪ ،‬وختمت مفردات الدِّراسة بالتكييف الفقهي لهذا الشكل من الحكم يف النظام اإلسالمي مع التَّرجيح‪.‬‬
‫وقد خلصت الدِّراسة إلى أن مشروع الالمركزيَّة السياسيَّة خَبِرَتْهُ التجربة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي حال قوتها باالنضمام إلى‬
‫كنف الدَّولة متمثلة بدار اإلسالم والوالية العامة‪ ،‬وباالنفصال عن كنف الدولة بما عُرف بوالية املتغلب‪ ،‬وقد رجحت الدِّراسة األخذ بها‬
‫حال االنضمام؛ ألنها يف حكم إرجاع الجزء إلى الكل؛ فاألصل بقاء ما كان لع ما كان‪ ،‬وأمَّا يف حال االنفصال فقد أخذت الدِّراسة بمبدأ‬
‫التَّدرج يف التطبيق‪ ،‬خشية العواقب التي قد تحدق باألمَّة نتيجة التَّسرع يف التنفيذ؛ وذلك باألخذ بالالمركزيَّة اإلداريَّة كخطوة أولى‬
‫لع طريق اإلصالح السياسي‪ ،‬ثم االنتهاء باألخذ بها – أي الالمركزيَّة السياسيَّة ‪ -‬أيضًا لالضطرار‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬السياسة الشرعيَّة‪ ،‬النَّظام الدُّستوري اإلسالمي‪ ،‬الالمركزيَّة السياسيَّة‪.‬‬

‫‪Political decentralization in the islamic constitutional order‬‬


‫‪Abstract:‬‬
‫‪The study took upon itself the research on a vital subject related to the Islamic constitutional system, namely, the system of political‬‬
‫‪decentralization as a form of governance in modern democratic systems. The structure of the study was sequential: starting with the‬‬
‫‪definition of administrative and constitutional decentralization. This requires a statement of the types of state in terms of composition,‬‬
‫‪Political decentralization in the modern system, and comparisons between them and the Confederation of Independence, and the‬‬
‫‪administrative decentralization, and then talked about the characteristics of political decentralization.‬‬
‫‪The study also examined the emergence of political decentralization in the Islamic constitutional system in terms of its forms: Dar al-‬‬
‫‪Islam, the general mandate (the emirate of acquiescence), the mandate of the conqueror (the emirate of conquest), and the reference to‬‬
‫‪the fundamental differences between political decentralization in the Islamic system and modern systems. And the vocabularies of the‬‬
‫‪study have been concluded by adapting the jurisprudence of this form of governance in the Islamic system with weighting.‬‬
‫‪The study concluded that the project of political decentralization has an experience in the Islamic constitutional system because of its‬‬
‫‪power to join the state represented by the House of Islam and the general mandate, and the separation from the state in terms of the‬‬
‫‪mandate of the conqueror. The study is likely to be taken in the case of accession; because it is in the rule of returning the branch to the‬‬
‫‪original; the original is the survival of what was the same. In the case of separation, the study took the principle of gradation in‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪application,‬ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫‪fearing‬‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫‪the consequences‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬ ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪that‬‬
‫‪beset‬‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ ‪the‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫‪ as‬ﺃﻥ‪nation‬‬
‫ﻋﻠﻤﺎ‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪a ،‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ‪result‬‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‪of the‬‬
‫‪rush to‬‬‫;‪ implement‬ﻣﻊ‬
‫‪by‬ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ‬ ‫‪introducing‬‬
‫ﻋﻠﻰ‬ ‫‪administrative‬‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ‬ ‫ﻫﺬﻩ‬
‫‪as‬‬ ‫‪a‬‬ ‫‪first‬‬ ‫‪step‬‬ ‫‪on‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪path‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪political‬‬ ‫‪reform,‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪then‬‬ ‫‪by‬‬ ‫‪adopting‬‬ ‫‪it‬‬ ‫–‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫‪decentralization‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪political‬‬ ‫‪decentralization‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪also‬‬ ‫‪for necessity.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪Keywords: Islamic politics, Islamic constitutional order, political decentralization.‬‬

‫‪77‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
IUGJEPS
ISSN 2616-2148 ‫مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‬
Vol 30, No 4, 2022, pp 77 -102

)2022-07-17( ‫ تاريخ قبول النشر‬،)2022-03-23( ‫تاريخ اإلرسال‬

‫ أنس عبد الله عودة القرعان‬.‫د‬ :‫اسم الباحث األول‬

‫ عمان‬/‫دائرة قاضي القضاة‬ :‫اسم الجامعة والبلد‬ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة يف النظام‬


:‫* البريد االلكتروني للباحث املرسل‬
‫الدُّستوري اإلسالمي‬
E-mail address:
dranas1980@yahoo.Com

https://doi.org/10.33976/IUGJSLS.30.4/2022/4

:‫امللخص‬
‫أخذت الدراسة لع عاتقها البحث يف موضوع حيوي متعلق بالنَّظام الدُّستوري اإلسالمي وهو نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كشكل من‬
‫ وتطلب‬،‫ التعريف بالالمركزيَّة إداريًا ودستوريًَّا‬:‫ وجاء هيكل الدِّراسة لع النحو التالي‬،‫أشكال الحكم يف األنظمة الديمقراطيَّة الحديثة‬
‫ وعقد مقارنات بينها وبين‬،‫ والحديث عن نشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النَّظام الحديث‬،‫ذلك بيان أنواع الدَّولة من حيث التكوين‬
.‫ ثم الحديث عن خصائص الالمركزيَّة السياسيَّة‬،‫ وبينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة‬،‫االتحاد االستقاللي الكونفدرالي‬
‫ الوالية العامة‬،‫ بدار اإلسالم‬:‫وتعرضت الدِّراسة لنشأة الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي من حيث أشكالها املتمثلة‬
‫ ثمَّ اإلشارة إلى الفروق األساسيَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة يف النِّظام اإلسالمي‬،) ‫ ووالية املتغلب (إمارة االستيالء‬،) ‫( إمارة االستكفاء‬
.‫ وختمت مفردات الدِّراسة بالتكييف الفقهي لهذا الشكل من الحكم يف النظام اإلسالمي مع التَّرجيح‬،‫والنُّظم الحديثة‬
‫وقد خلصت الدِّراسة إلى أن مشروع الالمركزيَّة السياسيَّة خَبِرَتْهُ التجربة يف النِّظام الدُّستوري اإلسالمي حال قوتها باالنضمام إلى‬
‫ وقد رجحت الدِّراسة األخذ بها‬،‫ وباالنفصال عن كنف الدولة بما عُرف بوالية املتغلب‬،‫كنف الدَّولة متمثلة بدار اإلسالم والوالية العامة‬
‫ وأمَّا يف حال االنفصال فقد أخذت الدِّراسة بمبدأ‬،‫حال االنضمام؛ ألنها يف حكم إرجاع الجزء إلى الكل؛ فاألصل بقاء ما كان لع ما كان‬
‫ خشية العواقب التي قد تحدق باألمَّة نتيجة التَّسرع يف التنفيذ؛ وذلك باألخذ بالالمركزيَّة اإلداريَّة كخطوة أولى‬،‫التَّدرج يف التطبيق‬
.‫ أيضًا لالضطرار‬- ‫ ثم االنتهاء باألخذ بها – أي الالمركزيَّة السياسيَّة‬،‫لع طريق اإلصالح السياسي‬

.‫ الالمركزيَّة السياسيَّة‬،‫ النَّظام الدُّستوري اإلسالمي‬،‫ السياسة الشرعيَّة‬:‫كلمات مفتاحية‬

Political decentralization in the islamic constitutional order


Abstract:
The study took upon itself the research on a vital subject related to the Islamic constitutional system, namely, the system of political
decentralization as a form of governance in modern democratic systems. The structure of the study was sequential: starting with the
definition of administrative and constitutional decentralization. This requires a statement of the types of state in terms of composition,
Political decentralization in the modern system, and comparisons between them and the Confederation of Independence, and the
administrative decentralization, and then talked about the characteristics of political decentralization.
The study also examined the emergence of political decentralization in the Islamic constitutional system in terms of its forms: Dar al-
Islam, the general mandate (the emirate of acquiescence), the mandate of the conqueror (the emirate of conquest), and the reference to
the fundamental differences between political decentralization in the Islamic system and modern systems. And the vocabularies of the
study have been concluded by adapting the jurisprudence of this form of governance in the Islamic system with weighting.
The study concluded that the project of political decentralization has an experience in the Islamic constitutional system because of its
power to join the state represented by the House of Islam and the general mandate, and the separation from the state in terms of the
mandate of the conqueror. The study is likely to be taken in the case of accession; because it is in the rule of returning the branch to the
original; the original is the survival of what was the same. In the case of separation, the study took the principle of gradation in
application, fearing the consequences that beset the nation as a result of the rush to implement; by introducing administrative
decentralization as a first step on the path of political reform, and then by adopting it – the political decentralization - also for necessity.

Keywords: Islamic politics, Islamic constitutional order, political decentralization.

77 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫السالم على من أرسى نظام الحكم بمبادئ‬
‫الصالة و َّ‬
‫الحمد هلل الذي هيأ لألمة أسباب الوحدة فكانت خير أمة أخرجت للناس و َّ‬
‫الشورى وقواعد العدل وبعد؛‬
‫فعلى الرغم من أن العالم قد أصبح قرية صغيرة بفضل وسائل االتصال الحديثة‪ ،‬نجد دول الغرب تضع نفسها في تكتالت‬
‫اقتصاديَّة وسياسيَّة وعسكريَّة وهم بذلك قد تجاوزوا حقبة من العداء وأزمات وحروب راح ضحيتها الماليين من البشر واألبرياء‪ ،‬في‬
‫الوقت نفسه نجد أن عالمنا العربي واإلسالمي أخذ ينحو منحى مختلفاً تماماً‪ ،‬فقد استفحل القتل على الهويَّة وظهرت أمواج الالجئين‬
‫ً‬
‫األمة على اختالف أجناسها وأعراقها وطوائفها‪،‬‬
‫بالجملة‪ ،‬وطغت الهويات الفرعيَّة والمناطقيَّة على الهويَّة الجامعة لوحدة َّ‬
‫والمهجرين ُ‬
‫األمة‪ ،‬وغاب صوت العقل‬ ‫هدامة أثرت بوحدة النسيج االجتماعي في َّ‬ ‫هذا هو صراع البقاء‪ ،‬صراع أوجد مناخات مناسبة لدعوات َّ‬
‫والحكمة‪ ،‬وظهرت دعوات التحريض والعنف‪ ،‬مما كان له األثر الكبير في نفوس بعض شبابنا المغرر به؛ دفعته ليتبنى مشاريع ال‬
‫صلة لها باإلسالم إالَّ الرَّسم فقط‪ .‬وكما يقال‪ :‬ليس من حظ الباحثين السكوت َّ‬
‫عما يستجد من حوادث‪َّ ،‬‬
‫فإن الباحث أمام هذا المشهد‬
‫األمة‬
‫األمة متمثلة بتطبيق نظام الالمركزيَّة السياسيَّة كحل لخروج َّ‬
‫أراد معالجة ما يطرح اليوم من دعوات لحماية ما تبقى من نسيج ُّ‬
‫الدستوري اإلسالمي الذي عالج قضايا عديدة‪ ،‬وقدم للعالم نموذجاً منفرداً إلدارة‬ ‫الدافع هو إبراز عظمة ِّ‬
‫النظام ُّ‬ ‫من أزماتها المتتابعة‪ ،‬و َّ‬
‫الدستوريين والسياسيين‪ ،‬فاإلسالم دين تقوم على أساسه دولة‪.‬‬ ‫الدولة في عصوره َّ‬
‫الذهبية‪ ،‬صارت مرجعاً للمنظرين ُّ‬ ‫َّ‬
‫مشكلة ِّ‬
‫الدراسة‪:‬‬
‫لكل دراسة إشكالياتها‪ ،‬وقد جاءت ِّ‬
‫الدراسة لتجيب عن عدد من هذه اإلشكاليات‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫الدستوري اإلسالمي الالمركزيَّة السياسية كنظام من أنظمة الحكم؟‬ ‫‪ .1‬هل َخِّب َر القانون ُّ‬
‫النظام ُّ‬
‫الدستوري االسالمي؟‬ ‫الصور التي أخذت شكل الالمركزيَّة السياسيَّة في َّ‬ ‫‪ .2‬ما ُّ‬
‫‪ .3‬ما التكييف الفقهي َّ‬
‫الشرعي لالمركزيَّة السياسيَّة كنظام من أنظمة الحكم ُّ‬
‫الدستورية؟‬
‫أهمية ا ِّلدراسة‪:‬‬
‫تتمثل أهميَّة ِّ‬
‫الدراسة فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬حاجة البحث العلمي إلى دراسة منفردة في الالمركزيَّة السياسيَّة كنظام من أنظمة الحكم الحديثة‪.‬‬
‫‪ .2‬حاجة الباحثين إلى سبر غور هذا الموضوع تأصيالً وتطبيقاً‪.‬‬
‫‪ .3‬حاجة البحث العلمي لدراسة مستقلة جديَّة تخدم الواقع الفقهي المعاصر‪.‬‬
‫أهداف ِّ‬
‫الدراسة‪:‬‬
‫ترمي ِّ‬
‫الدراسة إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬إظهار دور الالمركزيَّة السياسيَّة كوسيلة لمعالجة الفراغات ُّ‬
‫الدستورية‪.‬‬
‫الصور التي أخذت شكل الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ .2‬بيان ُّ‬
‫‪ .3‬بيان التكييف الفقهي لنظام الالمركزيَّة السياسيَّة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫استعان الباحث بدراسات سابقة أسعفته وأعانته‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬أقاليم َّ‬
‫الدولة اإلسالميَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة والالمركزيَّة اإلداريَّة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬مسعود(‪1990‬م)‪ ،‬الهيئة المصريَّة العامة للكتاب‪،‬‬
‫متميزة لشكل نظام الالمركزيَّة في اإلسالم‪ ،‬إالَّ أنها خلت من التكييف الفقهي لهذا‬
‫قدمت مقاربات ِّ‬ ‫اإلسكندرية‪ .‬وهي دراسة قيمة َّ‬
‫النظام‪ ،‬وهو ما استدركته ِّ‬
‫الدراسة بالبحث‪.‬‬

‫‪78‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫‪ .2‬النظام الفيدرالي وأثره على الوحدة المجتمعية نظرة فقهيَّة معاصرة‪ ،‬السامرائي‪ ،‬مصعب(‪2016‬م)‪ ،‬شبكة األلوكة‪ .‬وهي دراسة‬
‫تأصيليَّة قيمة‪ ،‬بينت بوضوح النظام الفدرالي كذراع من أذرعة النظام الالمركزي السياسي‪ ،‬غير َّأنها لم تشر إلى تجربة ِّ‬
‫النظام ُّ‬
‫الدستوري‬
‫النظام الفدرالي الحديث‪ ،‬وهو ما أفردته ِّ‬
‫الدراسة بالبحث‪.‬‬ ‫اإلسالمي لنظام الالمركزيَّة السياسيَّة‪ ،‬كما لم تعقد مقارنات بينها وبين ِّ‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫استعانت ِّ‬
‫الدراسة لدى عرضها للموضوع بالمناهج اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬المنهج االستقرائي‪ :‬وذلك من خالل عرض مواقف الفقهاء‪ ،‬واتجاهاتهم بالقضية المنظورة‪.‬‬
‫‪ . 2‬المنهج التحليلي‪ :‬وذلك من خالل تفنيد األدلة ودراسة آراء العلماء وتوجيه الخالف مع الترجيح‪.‬‬
‫‪ .3‬المنهج االستنباطي‪ :‬وذلك باستنتاج صور وتطبيقات الالمركزيَّة السياسيَّة في ِّ‬
‫النظام ُّ‬
‫الدستوري اإلسالمي‪ ،‬وعقد مقارنات بينها‬
‫وبين أنظمة الحكم الحديثة‪.‬‬
‫خطة ِّ‬
‫الدراسة‪:‬‬ ‫َّ‬
‫خطة ِّ‬
‫الدراسة أن تكون في ثالثة مباحث وخاتمة‪:‬‬ ‫اقتضت َّ‬
‫بالالمركزية وأشكال الدَّولة الموحَّدة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫المبحث األول‪ :‬التعريف‬
‫النظام ُّ‬
‫الدستوري‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالالمركزيَّة السياسيَّة و َّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بالدولة الموحدة وأشكالها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الالمركزية اإلداريَّة في النظام اإلسالمي‪.‬‬
‫االتحادية‪ :‬أشكالها‪ ،‬نشأتها‪ ،‬خصائصها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التعريف بالدولة‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالدولة االتحاديَّة ( المركبة )‪ ،‬وأشكالها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة االتحاد الفدرالي( الالمركزية السياسية)‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الالمركزية السياسية‪:‬‬
‫الدستوري اإلسالمي‪.‬‬ ‫السياسية في ِّ‬
‫النظام ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الالمركزية‬
‫َّ‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أشكال الالمركزية السياسية في النظام االسالمي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص الالمركزية السياسية في النظام االسالمي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التكييف الفقهي لالمركزية السياسية في النظام ُّ‬
‫الدستوري اإلسالمي‪.‬‬
‫أما الخاتمة‪ ،‬فقد اشتملت على أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫َّ‬

‫المبحث األول‬
‫بالالمركزية وأشكال الدولة الموحدة‬
‫َّ‬ ‫التعريف‬
‫يعرض هذا المبحث التعريف بالالمركزيَّة في اللغة والفقه اإلداري و ُّ‬
‫الدستوري‪ ،‬والتعرض ألشكال الدول الموحدة ( البسيطة )‪،‬‬
‫النظام اإلسالمي‪ ،‬وكل ذلك يقع في ثالثة مطالب‪:‬‬ ‫وموقع الالمركزيَّة اإلداريَّة في ِّ‬
‫الدستوري‪:‬‬ ‫السياسية و َّ‬
‫النظام ُّ‬ ‫َّ‬ ‫بالالمركزية‬
‫َّ‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف‬
‫الالمركزية لغةً‪:‬‬
‫َّ‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف‬
‫هي اسم‪ ،‬مادتها (ركز)‪ ،‬والمركزية تعني‪ :‬ثبات الشيء‪ ،‬وموضعه‪ ،‬ووسطه‪ ،‬والالمركزية نقيضها‪ ،‬وتعني‪ :‬االنتشار‪ ،‬وعدم‬
‫الثبات(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب(ج‪ .)355/5‬زيتون‪ ،‬المعجم السياسي(‪.)280‬‬


‫‪79‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الالمركزية في القانون اإلداري‪:‬‬


‫َّ‬ ‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫هو نظام إداري هدفه تيسير إدارة المرافق العامة‪ ،‬وتوزيع الوظيفة اإلداريَّة بين السلطة المركزيَّة وهيئات إقليميَّة أو مصلحيَّة‬
‫مستقلة‪ ،‬تباشر اختصاصاتها اإلداريَّة تحت إشراف ورقابة السلطة المركزيَّة(‪.)2‬‬
‫الدستوري‪:‬‬
‫الالمركزية في القانون ُّ‬
‫َّ‬ ‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫بأنها‪ :‬نظام يتعلق بالحكم السياسي في َّ‬
‫الدولة من حيث توزيع الوظيفة السياسيَّة‬ ‫الدستوري َّ‬
‫تعرَّف الالمركزيَّة السياسيَّة في القانون ُّ‬
‫بين الدول االتحاديَّة من ناحية والواليات أو األقاليم التابعة لها من الناحية األخرى‪ ،‬وهي بذلك تكون نظاماً دستورياً وسياسياً مركباً‪،‬‬
‫الشكل من الحكم هو الذي‬ ‫الدستوري‪ ،‬وهذا َّ‬
‫وهذا النوع ُيطلق عليه بـ" الالمركزيَّة السياسيَّة "‪ ،‬وهي تندرج تحت موضوعات القانون ُّ‬
‫ستنفرد به ِّ‬
‫الدارسة(‪.)3‬‬
‫الدستوري‪:‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التعريف َّ‬
‫بالنظام ُّ‬
‫الدولة ونظام الحكم فيها‪ ،‬ويضع َّ‬
‫الطريقة التي تتبع في‬ ‫بأنه‪ :‬مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل َّ‬
‫الدستوري َّ‬
‫يعرَّف النظام ُّ‬
‫اختيارها‪ ،‬كما يحدد السلطات الالزمة لتصريف شؤون األمة‪ ،‬ويقرر الحقوق الواجبة لألفراد والجماعات ‪ ،‬وقد يعبر عنه أيضاً‬
‫(‪)4‬‬

‫الدستوري والسياسة الشرعيَّة هو أن األخيرة أعم وأشمل في التطبيق؛ َّ‬


‫ألنها‬ ‫الدستوري أو الُّنظم السياسية(‪)5‬والفرق بين َّ‬
‫النظام ُّ‬ ‫بالقانون ُّ‬
‫النظم والسياسات العامة َّ‬
‫للدولة وتراتيبها االقتصادية واإلدارية بما يتفق‬ ‫خطة تشريعية عامة ينبسط ظلها على القوانين و ُّ‬ ‫في حقيقتها َّ‬
‫السلطات‪ ،‬وحقوق األفراد‬ ‫الدستوري الذي يقتصر على شكل َّ‬
‫الدولة‪ ،‬ومصادر ُّ‬ ‫مع روح التَّشريع وأصوله العامة‪ ،‬بخالف َّ‬
‫النظام ُّ‬
‫والجماعات(‪.)6‬‬
‫النظام ُّ‬
‫الدستوري في أي َّ‬
‫أمة من األمم محاور ثالثة(‪:)7‬‬ ‫ومن خالل ما سبق من تعريف يتبين أن أهم ما يقرر أسس َّ‬
‫األول‪ :‬حقوق األفراد والجماعات‪.‬‬
‫السلطات ومصدرها ومن يتوالها‪.‬‬
‫الثاني‪ُّ :‬‬
‫الثالث‪ :‬شكل الدولة والدعائم التي تقوم عليها‪ ،‬ويمثل هذا المحور الموضع الذي يناقش فيه نظام الالمركزيَّة السياسيَّة‪ ،‬كنظام من‬
‫أنظمة الحكم الدستوريَّة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بالدولة الموحدة وأشكالها‪:‬‬
‫الالمركزية السياسية تعد شكالً من أشكال الحكم بين وحدات سياسية؛ األولى مركزيَّة‪ ،‬والثانية إقليمية‪ ،‬واذا أردنا معرفة طبيعة‬
‫عمل الالمركزية السياسية فالبد من التعرض ألنواع الدول من حيث التكوين‪ ،‬وأيها يصلح للتطبيق لهذا الشكل من الحكم‪ ،‬فالدول في‬
‫العرف الدستوري تنقسم قسمين رئيسين ‪ :‬بسيطة‪ ،‬ومركبة‪ ،‬وسيتم مناقشتهما تباعاً‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالدَّولة الموحدة ( البسيطة )‪:‬‬
‫هي تنظيم سياسي يوحد السيادة ويركزها في يد واحدة‪ ،‬أو سلطة واحدة‪ ،‬ويكون لها دستور واحد‪ ،‬ويخضع األفراد فيها لسلطة‬
‫واحدة ولقوانين موحدة‪ ،‬ويصلح هذا الشكل من الحكم للبلدان الصغيرة الحجم أكثر من الدول الكبيرة‪ ،‬وال يؤثر في اعتبار الدولة بسيطة‬
‫اتساع رقعتها‪ ،‬أو كونها مكونة من عدة أقاليم أو مقاطعات تتمتع باإلدارة المحلية‪ ،‬سواء أكانت متصلة أم متباعدة(‪.)8‬‬

‫(‪ )2‬الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري(‪ .)51‬يكن‪ ،‬القانون اإلداري(‪ .)252‬الطهراوي‪ ،‬القانون اإلداري(‪.)131‬‬
‫(‪ )3‬خليل‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية(‪ .)335‬رعد‪ ،‬القانون الدستوري العام(‪ .)24‬الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي(‪.)162‬‬
‫(‪ )4‬ليلة‪ ،‬القانون الدستوري(‪ .)18‬البياتي‪ ،‬النظام السياسي اإلسالمي المقارن(‪.)43‬‬
‫(‪ )5‬شبير‪ ،‬التكييف الفقهي(‪ .)53‬شكري‪ ،‬النظام الدُّستوري في الشريعة اإلسالميَّة(‪.)7‬‬
‫(‪ )6‬الكيالني‪ ،‬السياسة الشرعيَّة(‪ .)20‬شبير‪ ،‬التكييف الفقهي(‪.)53‬‬
‫(‪ )7‬خالف‪ ،‬السياسة الشرعيَّة(‪ .)25‬النعمة‪ ،‬أصول التشريع الدُّستوري في اإلسالم(‪.)31‬‬
‫(‪ )8‬علوان‪ ،‬النظم السياسية(‪ .)58‬زيتون‪ ،‬المعجم السياسي(‪.)177‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أشكال السلطة في الدول الموحدة‪:‬‬


‫تتعدد النماذج لممارسة السلطة في الدولة الموحدة‪:‬‬
‫النموذج األول‪ :‬النظام المركزي اإلداري‪ :‬وهو نظام تتركز فيه الوظائف اإلداريَّة في يد السلطة المركزية الحاكمة في العاصمة‬
‫وممثليها في اإلقليم‪ ،‬وهو ما يسمح بتوحيد النمط اإلداري في كل أقاليم الدولة(‪.)9‬‬
‫اإلدارية في هذا القسم صورتين هما‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وتتخذ المركزية‬
‫الصورة األولى‪ :‬نظام التركيز اإلداري‪ :‬وهو حصر سلطة إصدار الق اررات اإلداريَّة استراتيجيَّة وعاديَّة بالحكومة المركزيَّة‪ ،‬وما‬
‫على اإلدارات المحليَّة سوى التنفيذ‪ ،‬فالهيئات المحلية محرومة تماماً من سلطة إصدار أي قرار إداري مهما قل شأنه أو محتواه إالَّ‬
‫الق اررات التنفيذية واألعمال الماديَّة(‪.)10‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬نظام عدم التركيز اإلداري‪ :‬نظام إداري قائم على تخويل سلطة القرار في ميادين معينة‪ ،‬إلى موظفي الو ازرة‬
‫الرئاسية(‪.)11‬‬
‫َّ‬ ‫في العاصمة أو في الجهات واألقاليم‪ ،‬يتخذون القرار باسم الوزير دون الرجوع إليه‪ ،‬ويعملون تحت سلطته‬
‫النموذج الثاني‪ :‬النظام الالمركزي اإلداري‪ :‬طريق من طرق اإلدارة يتضمن توزيع الوظيفة اإلداريَّة بين الحكومة وبين هيئات‬
‫منتخبة محليَّة أو مصلحيَّة تباشر اختصاصاتها في هذا الشأن تحت رقابة َّ‬
‫الدولة(‪.)12‬‬
‫فهذا الشكل من التنظيم اإلداري يسمح بإحالة اختصاصات إلى جماعات محليَّة أو إلى هيئات مصلحيَّة‪ ،‬وهو ما يعني أن‬
‫الالمركزية يمكن أن تكون ال مركزية إقليمية‪ ،‬أو ال مركزية مرفقية‪ ،‬وتتجسد الالمركزية اإلقليمية أو الترابية في منح جزء من التراب‬
‫المعنوية(‪ ،)13‬التي تخول له االستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬وحق التَّصرف في الشؤون الموكولة إليه‪ ،‬وذلك تحت‬
‫َّ‬ ‫الوطني الشخصيَّة‬
‫إشراف الحكومة ورقابتها؛ وذلك كمجالس البلديات والمحافظات والمناطق واألقاليم التنمويَّة الخاصة التي منحت الشخصية المعنوية‬
‫بمقتضى تشريعات خاصة بها‪.‬‬
‫أما الالمركزيَّة المرفقية فتتمثل في منح الشخصيَّة المعنويَّة لمرافق عامة‪ ،‬سواء أكانت وطنيَّة أم محليَّة‪ ،‬فهي تنشأ بقانون‪،‬‬
‫و َّ‬
‫بحيث تمكنها من تحقيق استقاللها اإلداري والمالي في ممارسة شؤونها تحت رقابة ووصاية السلطات المركزيَّة المختصة‪ ،‬وذلك‬
‫كالجامعات‪ ،‬والهيئات والمؤسسات التي تنشأ بقانون وتكتسب الشخصيَّة المعنويَّة(‪.)14‬‬
‫وبمقتضى المادة (‪ )31‬من ُّ‬
‫الدستور األردني خطا األردن خطوات متقدمة نحو اإلصالح اإلداري والحوكمة الرشيدة والتي تجلت‬
‫بإقرار قانون الالمركزية رقم (‪ )49‬لسنة ‪2015‬م‪ ،‬حيث خصص لكل محافظة مجلساً‪ ،‬وهو متمتع بالشخصيَّة االعتباريَّة‪ ،‬واالستقالل‬
‫المالي واإلداري‪ ،‬وأناط القانون بالنظام المعدل لنظام الدوائر االنتخابية لمجالس المحافظات رقم (‪ )12‬لسنة ‪ 2017‬تحديد عدد‬
‫أعضاء المجلس المنتخبين ومقاعدهم‪ ،‬وتقسيم الدوائر االنتخابية في كل محافظة(‪.)15‬‬

‫(‪ )9‬الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري(‪.)48‬‬


‫(‪ )10‬الشيخلي‪ ،‬القانون اإلداري(‪.)46‬‬
‫(‪ )11‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫(‪ )12‬بسيوني‪ ،‬التفويض في السلطة اإلدارية(‪.)19‬‬
‫(‪ )13‬تعرَّف الشخصية المعنوية بأنها‪ ":‬شخص يتكون من اجتماع عناصر؛ أشخاص أو أموال‪ِّ ،‬‬
‫يقدر له التشريع كياناً قانونياً منتزعاً منها مستقالً عنها "‪ .‬الزرقاء‪،‬‬
‫المدخل الفقهي العام( ‪.)272‬‬
‫(‪ )14‬الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري(‪ .)49‬الطهراوي‪ ،‬القانون اإلداري(‪.)142‬‬
‫(‪ )15‬مجلس األمة‪ ،‬الموقع‪ .) http://www.parliament.jo(:‬الهيئة المستقلة لالنتخابات‪ ،‬الموقع‪.)https://iec.jo/ (:‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫اإلدارية في النظام اإلسالمي‪:‬‬


‫َّ‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الالمركزية‬
‫عرفت الدولة المسلمة في عهدها األول التنظيم اإلداري عندما كانت أوروبا تعيش في فوضى العصور الوسطى‪ ،‬وأخذ التنظيم‬
‫اإلداري شكل التدرج وصوالً للتكامل اإلداري‪ ،‬فبدأ بنظام التركيز اإلداري‪ ،‬مرو اًر بنظام عدم التركيز‪ ،‬وصوالً للنظام الالمركزي اإلداري‪،‬‬
‫وعليه يمكن إجمال هذه المراحل التي مرت بها أقاليم الدولة في العهد النبوي بما يأتي(‪:)16‬‬
‫المرحلة االولى‪ :‬وهي المرحلة التي تلت الهجرة وتأسيس الدولة‪ ،‬والتي تمثلت بوثيقة المدينة المنورة‪ ،‬فهي اإلعالن الدستوري‬
‫األول للدولة‪ ،‬حيث جعلت هذه الوثيقة من المدينة وحدة واحدة‪ ،‬وركزت اإلدارة في يد النبي ‪ ‬ليكفل سيادة الشرع على جميع‬
‫أفراده(‪.)17‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة التفويض وهي المرحلة التي جاءت كوسيلة للتخفيف من حدة أسلوب التركيز االداري‪ ،‬فكان ‪ ‬يفوض‬
‫الصدقات‪ ،‬والحكم بين الناس‪ ،‬وهذا األسلوب هو ما يعرف بالقانون‬
‫عماله لدى القبائل‪ ،‬وكانت مهمتهم متنوعة؛ كإقامة الصالة‪ ،‬وجمع َّ‬
‫بعدم التركيز اإلداري(‪.)18‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬وهي مرحلة الفتوحات اإلسالمية بتحول الدولة من شكل القبيلة إلى شكل اإلقليم‪ ،‬فكان النظام المطبق وقتئذ‬
‫لتلك األقاليم المفتوحة هو النظام الالمركزي اإلقليمي‪ ،‬باستثناء العاصمة – المدينة المنورة‪ -‬فكان النظام اإلداري فيها هو المركزي‬
‫اإلداري لتركز الحكومة بها(‪.)19‬‬
‫وظل الحال في زمن الخالفة الراشدة يسير بنفس الوتيرة التي كان عليها زمن النبوة؛ وذلك لحداثة وقرب العهد بنشأة الدولة‬
‫أن البيعة توجب َّ‬
‫الطاعة الكاملة شرعاً‪ ،‬بحيث يصبح الخارج على اإلمام كالخارج‬ ‫المسلمة‪ ،‬وقوة الوازع الديني لدى الجمهور‪ ،‬الذي رأى َّ‬
‫عن الدين‪ ،‬ولكن سرعان ما تحولت أنماط الحكم في الدولة مع اتساع رقعتها‪ ،‬وتبدل الظروف التي كانت سائدة في العهد النبوي‬
‫والراشدي كما سيأتي الحقاً(‪.)20‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التعريف بالدولة االتحادية‪ :‬أشكالها‪ ،‬نشأتها‪ ،‬خصائصها‬
‫عند الحديث عن الدول االتحادية ال بد من التعريف به ا‪ ،‬والتعرض ألشكالها التقليدية والحديثة‪ ،‬وبيان خصائصها‪ ،‬وكل ذلك‬
‫يقع في ثالثة مطالب‪:‬‬
‫االتحادية ( المركبة )‪ ،‬وأشكالها‪:‬‬
‫َّ‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالدولة‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالدولة االتحادية‪:‬‬
‫وهي الدولة التي تتألف من اتحاد دولتين أو أكثر‪ ،‬ويختلف شكلها تبعاً الختالف نوع االتحاد الذي أوجدها‪ ،‬فاالختالف في‬
‫للدولة االتحاديَّة تختلف باختالف مدى العالقة والتَّداخل بين‬
‫طبيعة وجوهر االتحادات الدولية قد تسببت في وجود أشكال متعددة َّ‬
‫وحدات االتحاد(‪.)21‬‬

‫(‪ )16‬يعرَّف اإلقليم بأنَّه‪ :‬الركن األساسي للدولة باإلضافة إلى الشعب والسيادة‪ ،‬وهو في المنظومة الفقهيَّة؛ المكان الذي تحكمه الشريعة اإلسالميَّة‪ ،‬ويتكون من‬
‫ثالثة عناصر‪ :‬بري وجوي وبحري‪ .‬الصالحات‪ ،‬معجم المصطلحات السياسية(‪.)33‬‬
‫(‪ )17‬الشعبي‪ ،‬وثيقة المدينة(‪ .)76‬جعيد‪ ،‬نظام اإلدارة المحليَّة في اإلسالم(‪.)52‬‬
‫(‪ )18‬علي‪ ،‬اإلدارة في عزب العرب(‪ .)12‬الصالح‪ ،‬النظم اإلسالميَّة(‪.)308‬‬
‫(‪ )19‬عمارة‪ ،‬إسالميات السنهوري(‪ .)123‬طبلية‪ ،‬نظام اإلدارة في اإلسالم(‪.)69‬‬
‫(‪ )20‬مسعود‪ ،‬أقاليم الدولة اإلسالميَّة(‪.)11‬‬
‫(‪ )21‬زيتون‪ ،‬المعجم السياسي(‪.)179‬‬
‫‪82‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أشكال الدولة االتحادية‪:‬‬


‫االتحادية في شكلين رئيسين هما‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ويمكن إجمال شكل الدولة‬
‫الشكل األول‪َّ :‬‬
‫الشكل َّ‬
‫التقليدي القديم‪ :‬ويتمثل في االتحاد الشخصي واالتحاد الحقيقي‪:‬‬ ‫َّ‬
‫أ‪ -‬االتحاد الشخصي‪ :‬يتمثل في اتحاد دولتين أو أكثر حول رئيس دولة وحيد‪ ،‬بحيث يقتصر االتحاد على رئيس الدولة فقط‪،‬‬
‫دون قيام مظاهر أخرى لالتحاد‪ ،‬فكل دولة تظل محتفظة بسيادتها الكاملة داخلياً وخارجياً‪ ،‬وال مجال للحديث عن قوانين أو هياكل‬
‫(‪)22‬‬
‫أو سياسات مشتركة‬
‫إذن فهي اتحادات تاريخية وشكلية بحتة‪ ،‬لم يعد لها وجود‪ ،‬حدثت ألسباب متعلقة بشخص الحاكم؛ سواء ارتبطت بمصاهرة مع‬
‫عائلة ملكية أخرى‪ ،‬ومثاله؛ زواج ملك انجلت ار سنة ‪1714‬م بأميرة هانوفر(‪ ، )23‬والذي أدى إلى اتحاد بين البلدين‪ ،‬والذي انتهى سنة‬
‫‪ 1837‬م عندما تولت الملكة فكتوريا عرش بريطانيا‪ ،‬على اعتبار أن دستور هانوفر لم يكن يسمح للنساء بتولي العرش‪ ،‬أو العتبارات‬
‫متعلقة بالمزايا واالنجازات والخدمات التي يقدمها شخص ا لحاكم إلى مجموعة من الدول‪ ،‬ومثاله؛ االتحاد الشخصي الذي أقيم سنة‬
‫‪1813‬م بين البيرو وفنزويال حول سيمون بوليفار(‪ )24‬والذي انهار بعد انشائه بمدة قصيرة(‪.)25‬‬
‫أما االتحاد الحقيقي‪ :‬فيتمثل في اتحاد دولتين أو أكثر‪ ،‬حيث تخضع هذه الدول لرئيس واحد‪ .‬وما يميز هذا االتحاد هو ظهور‬
‫ب‪َّ -‬‬
‫شخصية قانونية دولية جديدة‪ ،‬مع زوال شخصية الدول الداخلة فيه‪ ،‬وكذلك وحدة رئيس الدولة بحيث يصبح رئيس دولة االتحاد رئيساً‬
‫لجميع الدول الداخلة فيه أيضاً‪ ،‬وهذا يترتب عليه وحدة السياسة الخارجيَّة والتمثيل الدبلوماسي إذ يقتصر على دولة االتحاد‪ ،‬وفقدان‬
‫األعضاء للشخصيَّة الدوليَّة‪.‬‬
‫يخياً لم تعد الدول تلجأ إليه‪ ،‬كما هو الحال في االتحاد الشخصي‪ ،‬ومن‬ ‫إن هذا النوع من االتحادات ُي ُّ‬
‫عد نموذجاً تار َّ‬ ‫والحاصل‪َّ :‬‬
‫أمثلته االتحاد بين الدنمارك وإيسلندا بين( ‪1944 -1918‬م) واتحاد مصر وسوريا الذي كان ُيطلق عليه بالجمهوريَّة العربيَّة‬
‫المتَّحدة(‪.)26‬‬
‫الشكل الثاني‪ :‬الشكل االبتكاري الحديث‪ :‬ويتمثل في االتحاد االستقاللي الكونفدرالي‪ ،‬واالتحاد المركزي الفدرالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬فاالتحاد االستقاللي الكونفدرالي‪ :‬هو ح لف سياسي تدخل بمقتضاه دولة أو أكثر في اتحاد لغرض تحقيق مصالح مشتركة بينها‪،‬‬
‫وال ُينشئ هذا االتحاد دولة جديدة معترفاً بها بالشخصيَّة الدوليَّة‪ ،‬وتعتبر الكونفدراليَّة نظاماً اتحادياً على مستوى األحالف السياسيَّة‬
‫والعسكريَّة التي تنظمها اتفاقات ثنائيَّة أو جماعيَّة بين عدد من الدول‪ ،‬فالتنظيم السياسي بين الدول يتمتع باستقالليَّة تفوق استقالليَّة‬
‫الدول في التنظيم الفدرالي‪ ،‬فتبين من خالل ما تقدم أن الكونفدرالية هي التي تمهد الطريق للتكامل الفدرالي المركزي(‪.)27‬‬
‫ومن األمثلة التاريخية للدول التي أخذت بالنظام الكونفدرالي؛ الكونفدرالية األلمانيَّة ( ‪1848-1806‬م)‪ ،‬واالتحاد العربي الهاشمي‬
‫بين العراق واألردن ( ‪1958‬م )‪ ،‬واتحاد الجمهوريات العربيَّة المتحدة وهي‪ :‬مصر وسوريا وليبيا ( ‪ ،) 1975 -1974‬ومن أمثلة‬
‫الكونفدراليَّات الحديثة‪ :‬االتحاد األوروبي والتي تعود فكرة تأسيسه منذ العام ‪1951‬م حتى تكللت الجهود بتوقيع معاهدة ماستريخت‬

‫(‪ )22‬الرضواني‪ ،‬مدخل إلى القانون الدُّستوري(‪.)41‬‬


‫(‪ )23‬هانوفر‪ :‬هي عاصمة والية ساكسونيا السفلى إحدى واليات ألمانيا‪ ،‬وثاني أكبرها مساحة بعد بافاريا‪ .‬الموسوعة الحرة‪ ،‬الموقع‪.)wikipedia.org(:‬‬
‫(‪ )24‬سيمون بليفار‪ :‬عسكري سياسي فنزويلي‪ ،‬ولد في كاراكاس عاصمة فنزويال عام ‪1783‬م‪ ،‬وهو مؤسس كولومبيا الكبرى‪ ،‬وهو من أبرز الشخصيات التي‬
‫ساهمت في تحرير أمريكا الالتينية من الحكم اإلسباني‪ .‬الموسوعة الحرة‪ ،‬الموقع‪.)wikipedia.org (:‬‬
‫(‪ )25‬الطهراوي‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدُّستوري(‪.)57‬‬
‫(‪ )26‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 77‬‬
‫(‪ )27‬معهد البحرين‪ ،‬معجم المصطلحات السياسية(‪.)278‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫بهولندا( ‪ 7‬شباط ‪1992‬م)‪ ،‬والذي تم بمقتضاها تجميع مختلف الهيئات األوروبيَّة‪ ،‬ومجلس التعاون الخليجي والذي تأسس في ( ‪25‬‬
‫أيار ‪1981‬م ) (‪.)28‬‬
‫ومن خالل الممارسة لهذا الشكل من االتحادات ظهر َّ‬
‫أن للكونفدراليَّة مزايا وعيوباً‪ ،‬فمن مزاياها‪ :‬أنها تُنشئ هيئة دائمة لتنسيق‬
‫المواقف بين الدول المنضوية فيه‪ ،‬مما يشجع على العمل المشترك وتبادل المصالح‪ ،‬كما ويسمح باحتفاظ الدولة بشخصيتها الدوليَّة‬
‫على الصعيد الخارجي‪ ،‬كما ويسمح للدول األعضاء باالنسحاب من االتحاد مما يعطيها الحرية لتعزيز مواقفها حسب ميزان المصالح‪،‬‬
‫وهذا بالفعل ما حدث عندما قررت المملكة المتحدة الخروج من االتحاد في ( ‪ 23‬حزيران ‪2016‬م)‪ ،‬مما شجع بعض دول االتحاد‬
‫األخرى أن تحذو حذوها َّ‬
‫إما بالخروج من االتحاد عبر االستفتاءات‪ ،‬أو االنفصال عن الوطن األم طلباً للبقاء في االتحاد(‪.)29‬‬
‫أما عن عيوب هذا االتحاد فتتمثل في َّ‬
‫أن هذا االتحاد يخلق نوعاً من ازدواج السلطة وتنازع المهام والصالحيات بين الدول‬ ‫َّ‬
‫أما من حيث التمثيل الرئاسي في االتحاد فإنه ال يعكس بالضرورة المساواة بين حجم الدولة ومدى تمثيلها في مؤسسات‬
‫األعضاء‪َّ ،‬‬
‫ثم إن الرابطة بين وحدات االتحاد الكونفدرالي ضعيفة ال تدوم وغالباً ما تنتهي باالنفصال أو التطور إلى اتحاد فدرالي‪ ،‬وهو‬
‫االتحاد‪َّ ،‬‬
‫يمثل غالباً مرحلة انتقالية لوضع جديد‪ ،‬وهذا ُيعزز الفكرة التي تقول إن الكونفدرالية هي التي تمهد الطريق للتكامل الفدرالي المركزي(‪.)30‬‬
‫ب‪-‬االتحاد المركزي الفدرالي‪:‬‬
‫هو قيام توافق بين الوحدات السياسية على امتالك كل منها أجزاء من سيادة الدولة اإلقليميَّة والسياسيَّة مما يعطيها ميزة‬
‫االستقالل الذاتي في الوقت الذي تشارك فيه بتكوين وإدارة مركز السيادة العامة الواحدة‪ ،‬وتعد الالمركزية السياسية الجوهر الخاص‬
‫لألنظمة الفدرالية؛ َّ‬
‫ألن االتحاد الفدرالي يقوم باألساس على الالمركزية السياسية‪ ،‬فالفدرالية هي الذراع السياسي لالمركزية السياسية(‪.)31‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة االتحاد الفدرالي( الالمركزية السياسية)‪:‬‬
‫وينشأ االتحاد الفدرالي من خالل طرق أهمها‪:‬‬
‫الطريقة األ ولى‪ :‬االنضمام واالندماج‪ :‬وذلك نتيجة دوافع اقتصاديَّة أو اجتماعيَّة أو تهديدات عسكريَّة خارجيَّة‪ ،‬ومثال ذلك؛‬
‫الواليات المتحدة األمريكيَّة حيث نشأت سنة ‪1787‬م نتيجة لتحول االتحاد االستقاللي الكونفدرالي الذي أقيم على أنقاض المستعمرات‬
‫البريطانية سنة ‪1776‬م بين ثالث عشرة والية إلى أن استقر االتحاد في خمسين والية‪ ،‬فكان هذا أقدم اتحاد فدرالي عرفه العالم(‪.)32‬‬
‫الطريقة الثاني‪ :‬التفكك واالنفصال‪ :‬وذلك عن طريق تفكيك إحدى الدول البسيطة أو الموحدة إلى دويالت أو أقاليم‪ ،‬مع بقاء‬
‫الرغبة لدى هذه الدولة في االستمرار أو االرتباط في اتحاد يجمع بينها‪ ،‬ومثاله؛ دولة بلجيكا التي تحولت من نظام الالمركزية اإلداريَّة‬
‫إلى دولة فدراليَّة بموجب المادة األولى من ُّ‬
‫الدستور البلجيكي المعدل لسنة ‪1993‬م‪ ،‬وكذلك جمهوريَّة العراق التي تحولت من دولة‬
‫بسيطة إلى دولة فدراليَّة اتحاديَّة منذ صدور قانون إدارة َّ‬
‫الدولة العراقيَّة للمرحلة االنتقاليَّة لسنة ‪2004‬م(‪.)33‬‬
‫ولالتحاد المركزي الفدرالي مزايا وعيوب شأنه شأن باقي االتحادات‪َّ ،‬‬
‫أما عن مزاياه؛ فإن له القدرة على توحيد دول ذات نظم‬
‫متغايرة في دولة واحدة وقوية‪ ،‬دون القضاء على شخصية الدول أو الدويالت المنضوية فيه‪ ،‬كما أنه يجمع بين عاطفة التَّوحد‬
‫واالستقالل الذاتي معاً‪ ،‬فهو يسمح للدول الداخلة فيه بإيجاد سلطات عامة ومميزة مختلفة عن سلطة االتحاد‪ ،‬كما َّأنه يحقق في الوقت‬

‫(‪ )28‬الموسوعة الحرة‪ ،‬الموقع‪.)wikipedia.org(:‬‬


‫(‪ )29‬الرضواني‪ ،‬مدخل إلى القانون الدُّستوري(‪.)43‬‬
‫(‪ )30‬نوفل ورفاقه‪ ،‬الفدرالية(‪.)34‬‬
‫(‪ )31‬الجلبي‪ ،‬دراسات دستورية(‪.)15‬‬
‫(‪ )32‬ليله‪ ،‬النظم السياسية الدولة والحكومة(‪.)128‬‬
‫(‪ )33‬حسين‪ ،‬مبدأ المشاركة في الدولة الفدراليَّة(‪.)33‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫نفسه الوحدة في مجال السياسة الخارجيَّة‪ ،‬وهو يساعد في استيعاب التنوع الثقافي واللغوي والديني‪ ،‬وي ِّ‬
‫وسع دائرة المشاركة السياسيَّة‬
‫داخله(‪.)34‬‬
‫سياسياً يظهر ضعفه اقتصادياً بما يفتح المجال الزدواج السلطة في َّ‬
‫الدولة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أما عيوبه فيمكن إجمالها؛ بقدر قوة االتحاد الفدرالي‬
‫َّ‬
‫وتكرار مؤسساتها مما يترتب على ذلك من األعباء الماليَّة الكثير‪ ،‬وربما يقود هذا النوع من االتحادات الدولة نحو االنفصال وتجزئة‬
‫الدولة المركبة إلى دول أو دويالت بسيطة(‪.)35‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الالمركزية السياسية‪:‬‬
‫وللوقوف على خصائص الالمركزية السياسية البد من اإلشارة أوالً ألهم الفروق بين االتحاد الكونفدرالي االستقاللي واالتحاد‬
‫المركزي الفدرالي‪ ،‬والفروق بين الالمركزية السياسية واإلداريَّة‪ ،‬وكل ذلك يقع في ثالثة فروع‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الفرق بين االتحاد الكونفدرالي والفدرالي‪:‬‬
‫ألن تكونه كان لعوامل شكليَّة مؤقتة انتهت بانتهاء‬ ‫لما كان َّ‬
‫الشكل التقليدي للدول االتحاديَّة قد أصبح من حقبة الماضي؛ وذلك َّ‬ ‫َّ‬
‫سببها‪ ،‬فقد ظهرت الحاجة للتمييز بين نوعي االتحاد بصبغته االبتكاريَّة الحديثة؛ وذلك لرفع اإلشكال الذي قد يقع فيه البعض معتقداً‬
‫أن كال المفهومين لمعنى واحد‪ ،‬أو لمشروع واحد‪ ،‬وهنا نشير ألبرز هذه الفروق وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬يستمد االتحاد الكونفدرالي وجوده من معاهدة تتم بين األعضاء فيه‪ ،‬في حين ينشأ االتحاد الفدرالي من خالل قانون داخلي وهو‬
‫دستور االتحاد(‪.)36‬‬
‫ب‪ -‬االنفصال حق مقرر لكل دولة داخلية يكفله قانون االتحاد الكونفدرالي‪ ،‬بينما هو مرفوض في االتحاد الفدرالي‪ ،‬وهذا ما َّ‬
‫نصت‬
‫عليه المادة( ‪ ) 18‬من ميثاق جامعة الدول العربية حيث جاء فيه‪ ":‬إذا رأت دول الجامعة أن تنسحب منها‪ ،‬أبلغت المجلس عزمها‬
‫االنسحاب قبل تنفيذه بسنة "(‪.)37‬‬
‫ج‪ -‬يتمتع جميع أفراد الشعب في االتحاد الفدرالي بجنسيَّة واحدة‪ ،‬وهي جنسيَّة الدولة االتحاديَّة‪ ،‬بخالف االتحاد الكونفدرالي حيث‬
‫يبقى لكل دولة جنسيتها الخاصة بها(‪.)38‬‬

‫حرب‬
‫أما الحرب التي تقوم بين دول االتحاد الفدرالي فهي ٌ‬
‫حرب دولي ٌة‪َّ ،‬‬
‫حرب بين دولتين من االتحاد الكونفدرالي‪ ،‬فهي ٌ‬
‫د‪ -‬إذا قامت ٌ‬
‫أهلي ٌة(‪.)39‬‬
‫اإلدارية‪:‬‬
‫َّ‬ ‫السياسية والالمركزية‬
‫َّ‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الفرق بين الالمركزية‬
‫لما كانت الالمركزية السياسية تمثل الجوهر الخاص لألنظمة الفدراليَّة‪ ،‬فهي التي تحدد طبيعة نمط الممارسة التشريعيَّة داخل‬ ‫َّ‬
‫فالدولة الفدراليَّة ما هي إالَّ صورة من صور الالمركزيَّة السياسيَّة‪ ،‬لذا لزم التَّفريق‬
‫الدستوري‪َّ ،‬‬
‫النص ُّ‬
‫الدول االتحاديَّة‪ ،‬وذلك من خالل َّ‬
‫بينها وبين الالمركزيَّة اإلداريَّة نجملها بما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الالمركزية السياسيَّة ال وجود لها إالَّ في الدول المتحدة اتحاداً مركزياً‪ ،‬وتنعدم في الدول البسيطة الموحدة‪ ،‬حيث تتميز هذه الدول‬
‫بوحدة في سلطاتها العامة؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬فال أثر لمظهر ازدواج السلطات الذي يظهر في النظام االتحادي المركزي‪،‬‬

‫(‪ )34‬خليل ورفيقه‪ ،‬القانون الدُّستوري(‪ .)40‬نوفل ورفاقه‪ ،‬الفدرالية(‪.)31‬‬


‫(‪ )35‬خليل ورفيقه‪ ،‬القانون الدُّستوري(‪ .)40‬الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدُّستوري(‪.)101‬‬
‫(‪ )36‬الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدُّستوري(‪.)98‬‬
‫(‪ )37‬موقع جامعة الدول العربية‪ ،‬الموقع‪.)http://www.lasportal.org (:‬‬
‫(‪ )38‬حسين‪ ،‬مبدأ المشاركة في الدولة الفدرالية(‪.)46‬‬
‫(‪ )39‬الطهراوي‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدُّستوري(‪.)77‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫أما الالمركزية اإلداريَّة فظاهرة توجد في جميع الدول سواء أكانت بسيطة أم مركبة؛ ألن الدول المتحدة اتحاداً مركزياً قد تأخذ في‬
‫الوقت ذاته بأسلوب الالمركزية اإلداريَّة(‪.)40‬‬
‫ب‪ -‬تتعلق الالمركزيَّة السياسيَّة بالنظام السياسي لالتحاد المركزي وتوزيع السلطات بين الدول االتحاديَّة والواليات التي تعتبر وحدات‬
‫سياسيَّة تتمتع باالستقالل الذاتي‪ ،‬ولكل منها دستور خاص بها‪ ،‬بخالف الالمركزيَّة اإلداريَّة فهي متعلقة بالنظام اإلداري عن طريق‬
‫السلطة اإلداريَّة المركزَّية والهيئات الالمركزيَّة المصلحيَّة أو اإلقليميَّة التي تعتبر وحدات إداريَّة صرفة(‪.)41‬‬
‫توزيع الوظيفة اإلداريَّة بين ُّ‬
‫ج‪ -‬تتمتع الواليات األعضاء في االتحاد المركزي بسلطات تشريعيَّة وتنفيذيَّة وقضائيَّة مستقلة عن َّ‬
‫الدولة االتحاديَّة‪ ،‬فمجالسها‬
‫التشريعيَّة‪ ،‬وسلطاتها التنفيذيَّة‪ ،‬ومحاكمها القضائيَّة ليست من قبيل اإلدارات المحليَّة‪ ،‬ويظهر النظام الفدرالي بمظهر سياسي بحت‪،‬‬
‫بخالف الالمركزية اإلداريَّة َّ‬
‫فإن الهيئات الالمركزيَّة تخضع للوصاية من الحكومة المركزيَّة في مباشرتها الختصاصاتها اإلداريَّة‬
‫البحتة(‪.)42‬‬
‫د‪ -‬تقوم الالمركزيَّة السياسيَّة على أ ساس مشاركة الواليات في تكوين اإلدارة العامة لالتحاد‪ ،‬سواء أكانت عن طريق ممثليها في‬
‫مجلس الواليات الذي يتولى سن القوانين مع مجلس النواب‪ ،‬أو المشاركة في تعديل ُّ‬
‫الدستور االتحادي‪ ،‬بخالف الالمركزية اإلداريَّة‬
‫التي ال تتمتع بأي وجه من وجوه المشاركة السابقة‪ ،‬بسبب طبيعة عملها اإلداري البحت(‪.)43‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬خصائص الالمركزية السياسية‪:‬‬
‫لما كانت الالمركزية السياسية تهدف إلى االستقرار دون قسوة‪ ،‬واألمن دون جمود‪ ،‬والحرية دون الفوضى‪ ،‬وتحقيق توازن القوى‬
‫َّ‬
‫بالسلطات‪ ،‬وتوسيع دائرة المشاركة السياسية‪ ،‬فهي تعتمد مبدأ المشاركة ال المغالبة‪ ،‬نعرض ألهم هذه الخصائص وهي‪:‬‬
‫‪ . 1‬تشجع على التنوع ضمن الوحدة؛ وذلك بالتوفيق بين مزايا الوحدة الوطنية ومزايا االستقالل الذاتي المحلي‪ ،‬فتضمن وحدة التشريع‬
‫في المسائل الهامة‪ ،‬وتسمح في الوقت ذاته بوجود تشريعات خاصة محلية أكثر مالئمة لمصالح الوالية التي تصدر فيها(‪.)44‬‬
‫‪ . 2‬الحث على المساعدة والتجديد لتلبية حاجات الشعب التي إذا لم تتحقق بالمجهود الخاص‪ ،‬أمكن تحقيقها بواسطة الحكومة المحلية‬
‫أو حكومة الوالية أو الحكومة الوطنية المركزية‪ ،‬فهي تعمل على تحقيق حلول أساسية لكثير من مشاكل المجتمع المعقدة(‪.)45‬‬
‫‪ .3‬تحقيق التوازن بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬وانعدام األحزاب الوطنية الجامدة‪ ،‬وتحقيق حرية المبادرة‬
‫الفردية المرتكزة على إيمان راسخ بكرامة اإلنسان‪ ،‬وتربية األفراد تربية سياسيَّة بما يبعث فيهم روح االهتمام بالمسائل العامة(‪.)46‬‬
‫‪ .4‬معالجة النزاعات الناشئة في الدول التي تتميز بالتنوع والتعددية االجتماعية سواء أكانت إثنية‪ ،‬أم دينية‪ ،‬أم طائفية في الوقت‬
‫الذي فيه كل جماعة متمسكة بديانتها‪ ،‬ولغتها‪ ،‬وأفكارها‪ ،‬وطرائقها(‪.)47‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫الالمركزية السياسية في النظام الدستوري اإلسالمي وخصائصها‬
‫يشير كبار المنظرين السياسيين َّ‬
‫أن الالمركزية في شكلها المعاصر المعروف هي من الناحية التاريخية ابتكار أمريكي؛ ذلك أن‬
‫الواليات المتحدة األمريكية تعتبر أول دولة فدرالية في العالم المعاصر‪ ،‬وبهذا الصدد يقول" وير" في كتابه الحكومة الفدرالية‪ ":‬ال‬

‫(‪ )40‬الرضواني‪ ،‬مدخل إلى القانون الدُّستوري(‪ .)39‬الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري(‪.)62‬‬
‫الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدُّستوري(‪ .)97‬بسيوني‪ ،‬التفويض في ُّ‬
‫(‪)41‬‬
‫السلطة اإلداريَّة(‪.)20‬‬
‫(‪ )42‬يكن‪ ،‬القانون اإلداري(‪.)271‬‬
‫(‪ )43‬خليل‪ ،‬القانون الدُّستوري والنظم السياسية(‪ .)334‬الطهراوي‪ ،‬القانون اإلداري(‪.)157‬‬
‫(‪ )44‬روكلفر‪ ،‬مستقبل الفدرالية(‪.)12‬‬
‫(‪ )45‬نوفل ورفاقه‪ ،‬الفدرالية(‪.)31‬‬
‫(‪ )46‬الصعيدي‪ ،‬النظرية اإلسالمية في الدولة(‪ .)341‬الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي والنظم الالمركزية(‪.)164‬‬
‫(‪ )47‬ليبهارت‪ ،‬الديمقراطية التوافقية(‪ .)90‬السامرائي‪ ،‬النظام الفيدرالي(‪.)9‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫أفالطون وال أرسطو وال أي مفكر سياسي سار على منوالهما في األدب السياسي الكالسيكي لم يسع إلى تطوير مفهوم االتحادية‪،‬‬
‫فالمحاوالت التي بذلت لتوحيد اليونان في صراعها ضد مقدونيا وروما كان نصيبها الفشل‪ ،‬كذلك هوبز ولوك بحثا عن الدولة باعتبارها‬
‫ترتكز على مبدأ الوحدة"(‪.)48‬‬
‫والسؤال المثار هنا‪ :‬هل عرف النظام السياسي اإلسالمي هذا الشكل من الالمركزية‪ ،‬وإذا كانت اإلجابة‪ :‬بنعم‪ ،‬فما الصورة التي‬
‫ظهر بها هذا االتحاد الفدرالي‪.‬‬
‫ولإلجابة عن هذا السؤال نقول‪َّ :‬‬
‫إن الدولة المسلمة عرفت الالمركزية السياسية حال قوتها وحال ضعفها‪ ،‬وإن كانت المسميات‬
‫المستخدمة اليوم تختلف عنها بالنظام السياسي اإلسالمي‪ ،‬فالعبرة بجوهر الممارسة العمليَّة لمفهوم الالمركزية السياسية ال بالمفهوم‬
‫ذاته‪ ،‬فال مشاحة في االصطالح‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أشكال الالمركزية السياسية في النظام االسالمي‪:‬‬
‫ويمكن اجمال هذه األشكال في فروع ثالثة هي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دار اإلسالم‪:‬‬
‫عرَّف فقهاء السياسة الشرعيَّة دار اإلسالم‪َّ :‬‬
‫بأنها الدار التي تجري عليها أحكام اإلسالم ويأمن من فيها بأمان المسلمين؛ سواء‬
‫كانوا مسلمين أو ذميين‪ ،‬واعتبروها وطناً واحداً(‪.)49‬‬
‫مر سابقاً – ذكرنا َّ‬
‫أن الدولة المسلمة أخذت في بداية‬ ‫ولدى الحديث عن نظام الالمركزية اإلدارَّية في النظام اإلسالمي – كما َّ‬
‫عهدها طابع الدولة البسيطة والموحدة؛ وذلك بوحدة اإلعالن الدستوري األول( وثيقة المدينة )‪ ،‬والتشريع( األحكام العمليَّة )‪ ،‬وكانت‬
‫السلطات تتركز في يد رئيس الدولة ممثلة بالنبي ‪ ،‬ولكن سرعان ما أخذ طابع الدولة في عصور اإلسالم األولى باالتساع‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى التغير في أنماط الحكم‪ ،‬وقد بلغت الدولة العربية األولى في عهد خالفة بني أمية أقصى درجات االتساع‪ ،‬فكانت الواليات‬
‫مقسمة إلى خمس واليات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الحجاز واليمن وأواسط بالد العرب‪.‬‬
‫‪ .2‬مصر بقسميها السفلي والعليا‪.‬‬
‫‪ .3‬العراق والمشرق‪.‬‬
‫‪ .4‬بالد الجزيرة العربية ويتبعها أرمينية وأذربيجان وبعض أراضي آسيا الصغرى‪.‬‬
‫‪ .5‬أفريقية ويتبعها المغرب األوسط والمغرب األقصى واألندلس(‪.)50‬‬
‫فكانت الدولة المسلمة ‪ -‬كما عبر عنها أبو زهرة – دولة واحدة وأقاليم متعددة‪ ،‬فهي في السياسة الداخلية؛ تتمتع بالشخصية‬
‫االعتبارية‪ ،‬حيث جعل لكل إقليم حكومة تتمتع بوالية كاملة في تصرفاتها‪ ،‬وما تراه من مصالح متفقة مع عادات ذلك اإلقليم‪ ،‬فهم‬
‫يبرمون األمور وفق ما يرون‪ ،‬على أنهم يخبرون الخليفة بما يحدث من عظائم األمور‪ ،‬وكانت الواليات واألقاليم تحتفظ بجانب كبير‬
‫من االستقالل في الشؤون التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬وكانت تكتفي بوحدة التشريع في المسائل الهامة؛ كنظام الخراج والصدقات‬
‫والجزية (‪.)51‬‬
‫وفي السياسة الخارجية؛ اعتبرت أن والية اإلسالم واحدة‪ ،‬وهي تشمل الشعوب واألقاليم التي تسيطر عليها‪ ،‬وكذلك الحال فيما‬
‫يتعلق بالجنسية‪ ،‬فقد كانت واحدة ألن اإلسالم هو دين وجنسية معاً‪ ،‬ورئيس الدولة واحد وأن تعدد نوابه‪ ،‬وجيش دار اإلسالم واحد‪،‬‬

‫(‪ )48‬نوفل ورفاقه‪ ،‬الفدرالية(‪.)45‬‬


‫(‪ )49‬ابن تيمية‪ ،‬الفتاوى الكبرى(ج‪ .)539/5‬خالف‪ ،‬السياسة الشرعيَّة(‪.)69‬‬
‫(‪ )50‬أمير علي‪ ،‬مختصر تاريخ العرب(‪ .)181‬إبراهيم وشقيقه‪ ،‬النظم اإلسالميَّة(‪.)160‬‬
‫(‪ )51‬أبو زهرة‪ ،‬الوحدة اإلسالميَّة(‪ .)129‬متولي‪ ،‬مبادئ نظام الحكم في اإلسالم(‪.)224‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫وأن تعدد قادته‪ ،‬وعقد المعاهدات وإعالن الحرب كلها منوطة بالحكومة المركزية‪ ،‬وهذا هو جوهر النظام الالمركزي السياسي( الفدرالي‬
‫)(‪.)52‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوالية العامة ( إمارة االستكفاء )‪:‬‬
‫ولدى الحديث عن دار اإلسالم كشكل من أشكال الدولة االتحادية ( الفدرالية )‪ ،‬ال بد من اإلشارة هنا للجانب العملي والتطبيقي‬
‫لهذا الشكل من الحكم‪ ،‬والذي يتمثل في مشهدين دستوريين سياسيين هما‪ :‬إمارة االستكفاء‪ ،‬وإمارة االستيالء‪ ،‬إذ يعدان نوعي الوالية‬
‫العامة‪ ،‬في الفقه الدستوري اإلسالمي‪.‬‬
‫فإمارة االستكفاء هي نوع من أنواع الوالية العامة‪ ،‬وبمقتضاها يفوض الخليفة إلى أمير من األمراء‪ ،‬سواء أكانت إمارة بلد أم‬
‫إقليم‪ ،‬الوالية على جميع أهله‪ ،‬والنظر في المعهود من سائر أعماله‪ ،‬فيصير عام النظر فيما كان محدوداً من عمل ومعهوداً من‬
‫نظر(‪.)53‬‬
‫وقد وضع فقهاء السياسة الشرعية شروطاً لصحة إمارة االستكفاء هي‪:‬‬
‫‪ .1‬تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي وتقدير أرزاقهم‪.‬‬
‫‪ .2‬النظر في األحكام وتقليد القضاة والحكام‪.‬‬
‫‪ .3‬جباية الخراج وقبض الصدقات وتقليد العمال فيها‪ ،‬وتفريق ما استحق فيها‪.‬‬
‫‪ .4‬حماية الدين والدفاع عن اإلسالم ومقدساته‪.‬‬
‫‪ .5‬إقامة الحدود في حق هللا تعالى وحقوق اآلدميين‪.‬‬
‫‪ .6‬تسيير الحجيج من عمله ومن سلكه من أهله حتى يتوجهوا معانين عليه‪.‬‬
‫‪ .7‬الدفاع عن األمة‪ ،‬وتوزيع الغنائم على المقاتلة(‪.)54‬‬
‫والمتتبع لهذه الشروط يجد أن هذه الوالية شاملة لجميع االختصاصات الواسعة‪ ،‬والسلطات الثالث ( التشريعية والتنفيذية‬
‫المفوض( األمير )‪ ،‬وهذا هو فحوى الالمركزية السياسية‪.‬‬
‫والقضائية ) مجتمعة في َّ‬
‫المتغلِّب ( إمارة االستيالء )‪:‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬والية ُ‬
‫الدولة المركزيَّة في بغداد‪ ،‬فبعد قرن من الوحدة‬
‫شهد العصر العباسي الثاني( ‪334 -232‬هـ)( ‪946 -847‬م )‪ ،‬ضعف َّ‬
‫واالندماج‪ ،‬فقدت الدولة السيطرة على أطرافها‪ ،‬ولم تستطع الدولة الوقوف أمام هذا االنقسام السياسي‪ ،‬ورافق ذلك تشكل حركات‬
‫االنفصال عن الدولة األم ( دولة الخالفة)‪ ،‬في صورتين اثنتين هما‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬عصر االنفصال الكامل عن الدولة العباسية؛ لتتحول إلى دول بسيطة موحدة‪ ،‬حيث ظهرت الدولة األموية في‬
‫األندلس بإعالن الخالفة فيها سنة( ‪316‬هـ‪929 -‬م)‪ ،‬والدولة الفاطميَّة في بالد المغرب ثم مصر(‪909‬م)‪ ،‬وبذلك صار بالعالم‬
‫ثم بالقاهرة(‪.)55‬‬
‫اإلسالمي ثالث خالفات؛ العباسيَّة في بغداد‪ ،‬واألمويَّة في قرطبة‪ ،‬والفاطميَّة بالمهديَّة َّ‬
‫الصورة الثانية‪ :‬عصر الدويالت( الدويلة )‪ ،‬وقد ظهر هذا العصر مع ظهور ما يسمى بإمارة االستيالء؛ وتعرف هذه اإلمارة‬
‫بــ‪ ":‬أن يستولي األمير بالقوة على بالد يقلده الخليفة إمارتها ويفوض إليه تدبيرها وسياستها‪ ،‬فيكون األمير باستيالئه مستبداً بالسياسة‬
‫والتدبير‪ ،‬والخليفة بإذنه منفذاً ألحكام الدين "(‪.)56‬‬

‫(‪ )52‬األفغاني‪ ،‬العروة الوثقى(‪ .)104‬الصعيدي‪ ،‬النظرية اإلسالميَّة في الدولة(‪.)344‬‬


‫(‪ )53‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية(‪ .)40‬الصالحات‪ ،‬معجم المصطلحات السياسية(‪.)37‬‬
‫(‪ )54‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية(‪ .)40‬الفراء‪ ،‬األحكام السلطانية(‪ .)34‬كرد علي‪ ،‬اإلدارة في عز العرب(‪.)28‬‬
‫(‪ )55‬الصعيدي‪ ،‬النظرية اإلسالمية في الدولة(‪.)348‬‬
‫(‪ )56‬الفراء‪ ،‬األحكام السلطانية(‪ .)37‬الصالحات‪ ،‬معجم المصطلحات السياسية(‪.)37‬‬
‫‪88‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫ولما كانت إمارة االستيالء في حكم األمر الواقع‪ ،‬وخشية من اتساع دائرة الفتنة وحقناً للدماء‪ ،‬اعترف فقهاء السياسة الشرعية‬
‫بصحة هذه اإلمارة اضط ار اًر؛ حيث تعامل الفقهاء مع الواقع بشكل أكثر مرونة‪ ،‬فوجدوا أن من الواجب عدم الحكم ببطالنها بالكلية‪،‬‬
‫و أروا بأنه ليس من الضروري أن تلزم األُمة بنظام واحد للدولة‪ ،‬بل كانوا مستعدين لنظام آخر خبروه بالتجربة العملية أال وهو الالمركزية‬
‫السياسية المتمثلة بالدولة االتحادية المركزية‪ ،‬فهي خروج عن عرف التقليد المطلق(‪.)57‬‬
‫أما عن الشروط التي وضعها الفقهاء لصحة االعتراف بوالية المستولي‪ ،‬فقد أرجعها الماوردي إلى سبعة شروط‪:‬‬
‫‪ .1‬حفظ منصب اإلمامة وتدبير أمور الملة‪.‬‬
‫‪ .2‬ظهور الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العناد‪.‬‬
‫‪ .3‬اجتماع الكلمة على األلفة والتناصر؛ ليكون للمسلمين يد على من سواهم‪.‬‬
‫‪ .4‬أن تكون عقود الواليات الدينية جائزة واألحكام واألقضية نافذة‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يكون استيفاء األموال المشروعة بحق تب أر به ذمة مؤديها ويستباح به أخذها‪.‬‬
‫‪ .6‬أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق‪.‬‬
‫‪ .7‬أن يكون األمير قائماً في حفظ الدين‪ ،‬ورعاً عن محارم هللا‪ ،‬يأمر بحقه ويدعو بطاعته(‪.)58‬‬
‫وبالمحصلة يتضح حجم السلطات والصالحيات الممنوحة للمستولي والسياسات المرسومة له‪ ،‬مما ِّ‬
‫يمكنه من االستقالل عن‬
‫دولة الخالفة في الناحية الداخلية والخارجية‪ ،‬مع بقاء الخليفة‪ -‬رأس الدولة‪ -‬محتفظاً بكافة االختصاصات المتعلقة بأمور الدين ورسم‬
‫( الفدرالي) من‬ ‫السياسات العامة للدولة‪ ،‬وهنا يظهر مدى التشابه بين نظام إمارة المستولي‪ ،‬وبين النظام الالمركزي السياسي‬
‫حيث أن كالً منهما عبارة عن اتفاقية أو معاهدة بين دول كاملة السيادة‪ ،‬بهدف تحقيق أهداف واحدة أو حماية مصالح مشتركة‪ ،‬إالَّ‬
‫أن الدول االتحادية الحديثة عرفته حال قوتها باالنضمام واالندماج‪ ،‬بغية الوصول إلى مصالح مشتركة‪ ،‬أما الدولة المسلمة فقد لجأت‬
‫اليه حال ضعفها بسبب ما آلت إليه الدولة من التفكك واالنفصال‪ ،‬فأخذت به رغبة في معالجة الفراغ الدستوري والسياسي الذي نجم‬
‫عن هذا االنفصال(‪.)59‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص الالمركزية السياسية في النظام االسالمي‪:‬‬
‫للوقوف على خصائص الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي ال بد من إظهار الفروق بين إمارة االستكفاء وإمارة االستيالء‬
‫ثم بيان أهم الفروق بين الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي والنظم الحديثة‪ ،‬ويقع ذلك في فرعين‪:‬‬
‫في النظام اإلسالمي‪َّ ،‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الفرق بين إمارة االستيالء وإمارة االستكفاء‪:‬‬
‫‪َّ 1‬‬
‫‪.‬إن إمارة االستيالء كانت بعقد عن اضطرار‪ ،‬بخالف إمارة االستكفاء فهي عقد عن اختيار‪.‬‬
‫‪َّ .2‬‬
‫إن إمارة االستيالء متعينة بالمستولي‪ ،‬بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على اختيار المستكفي‪.‬‬
‫‪َّ .3‬‬
‫إن إمارة االستيالء مشتملة على البالد التي غلب عليها المستولي‪ ،‬بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على البالد التي تضمنها‬
‫عهد المستكفي‪.‬‬
‫إن إمارة االستيالء تشتمل على معهود النظر ونادره‪ ،‬بخالف إمارة االستكفاء فهي مقصورة على معهود النظر دون نادره(‪.)60‬‬
‫‪َّ .4‬‬

‫(‪ )57‬الريس‪ ،‬النظريات السياسية اإلسالمية(‪.)278‬‬


‫(‪ )58‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية(‪.)45‬‬
‫(‪ )59‬الصعيدي‪ ،‬النظرية اإلسالمية في الدولة(‪.)352‬‬
‫(‪ )60‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية(‪ .)46‬الفراء‪ ،‬األحكام السلطانية(‪.)38‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الفرق بين الالمركزية السياسية في النظام اإلسالمي والنظم الفدرالية الحديثة‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن الالمركزية السياسية التي عرفتها الدولة المسلمة وان اتفقت بالشكل مع دول الفدراليات الحديثة فقد افترقتا في المضمون؛‬
‫ومرد ذلك ألمور أهمها‪:‬‬
‫‪َّ .1‬‬
‫إن الدولة المسلمة قامت على أساس اإلخوة اإلنسانيَّة‪ -‬التي نظمتها وثيقة المدينة ‪ -‬وإن اختلف أفرادها في اللغة أو الجنس أو‬
‫الدين‪ ،‬والدول الفدرالية الحديثة قامت باألساس على ٍّ‬
‫نص دستوري‪ ،‬يضمن توسيع دائرة المشاركة السياسية في الدولة(‪.)61‬‬
‫‪َّ .2‬‬
‫إن الدولة المسلمة تستهدف إقامة " مجتمع الفضيلة "‪ ،‬الذي تحكمه القواعد الكلية والمقاصد العامة للتشريع‪ ،‬بخالف نظام الدولة‬
‫الحديثة فهي قد ال تقوم باألساس على الصلة الروحية والدينية بل الماديَّة العلمانية(‪.)62‬‬
‫إن ُّ‬
‫الدستور الفدرالي هو الذي يفصل النزاعات حال وقوعها بين حكومة المركز وحكومة الوالية ( اإلقليم)‪ ،‬أو بين حكومة والية‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫وحكومة والية أخرى‪ ،‬ولكن في الدولة المسلمة نجد أن فصل النزاعات مرجعه هو مركز الخالفة(‪.)63‬‬
‫‪ .4‬يخضع المواطنون في الدول الفدرالية الحديثة لثالثة مستويات من الحكومات‪ :‬الحكومة الفد ارلية‪ ،‬حكومة الوالية‪ ،‬والحكومة‬
‫المحلية؛ وذلك لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية في الدولة‪ ،‬بخالف الدولة المسلمة فإننا نجده في مستويين هما‪ :‬مركز الخالفة‬
‫وحكومة اإلقليم‪.‬‬
‫‪َّ .5‬‬
‫أن الالمركزية السياسية عرفتها الدولة المسلمة حال قوتها فقد تجسدت بدار االسالم والوالية العامة باالستكفاء‪ ،‬وحال ضعفها فقد‬
‫عرفتها بوالية االستيالء‪ ،‬أما النظم الفدرالية الحديثة فقد عرفتها حال قوتها؛ وذلك بالرغبة باالنضمام واالندماج والتكامل‪.‬‬
‫أما في الدولة المسلمة فهي تأتي بصورة‬ ‫‪َّ .6‬‬
‫إن حكومة الواليات في الدولة الفدرالية تأتي بواسطة االنتخاب من شعب الوالية نفسها‪َّ ،‬‬
‫إما باالستكفاء اختيا اًر ( الوالية العامة )‪ ،‬أو باالستيالء اضط ار اًر ( والية المتغلب )‪.‬‬
‫التعيين( التفويض ) من قبل الخليفة؛ وذلك َّ‬
‫الدستوري اإلسالمي‪:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التكييف الفقهي لالمركزية السياسية في النظام ُّ‬
‫من البديهي القول بأننا لن نجد في كالم الفقهاء السابقين ما يدل صراحة على موقفهم من هذا الشكل ألنظمة الحكم‪ ،‬غير أن‬
‫في عرض خالف الفقهاء المعاصرين في بحث هذه القضية قد يقودنا إلى ما هو قريب مما نحن بصدد نقاشه‪ ،‬وهذه القضايا تناولها‬
‫الفقهاء القدامى وكان الدافع لها الخشية من فراغ السلطة السياسية في الدولة‪ ،‬كما في مسألة نصب إمامين‪ ،‬وإمارة المستولي‪ ،‬ومن‬
‫خاللهما نستجلي الموقف الشرعي من القضية المعروضة‪ ،‬وكل ذلك يقع في فرعين‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مذاهب الفقهاء في األخذ بنظام الالمركزية السياسية‪:‬‬
‫يمكن إجمال خالف العلماء المحدثين بهذه المسألة في مذهبين‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬منع العمل بنظام الالمركزية السياسية( الفدرالية )‪ ،‬وبه قال جملة من العلماء المحدثين أمثال‪ :‬عبد الكريم زيدان‬
‫(‪)64‬‬

‫(‪.)66‬‬
‫وعبدالملك السعدي(‪ )65‬وأحمد العوضي‬
‫األدلة ومناقشتها‪:‬‬
‫أدلة المذهب األول ومناقشتها‪:‬‬
‫استدل أصحاب المذهب األول على المنع بأدلة أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬بمطلق اآليات الكريمة الداعية إلى وحدة األمة ونبذ التفرقة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪:‬‬

‫(‪ )61‬الصعيدي‪ ،‬النظرية اإلسالمية في الدولة(‪.)360‬‬


‫(‪ )62‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة(‪ .)258‬سلطان‪ ،‬أحكام القانون الدولي في الشريعة اإلسالمية(‪.)157‬‬
‫(‪ )63‬خالف‪ ،‬السلطات الثالث في اإلسالم(‪.)67‬‬
‫(‪ )64‬موقع الدكتور عبدالكريم زيدان‪ ،‬الموقع‪.) http://drzedan.com (:‬‬
‫(‪ )65‬موقع الدكتور عبدالملك السعدي‪ ،‬الموقع‪.)alomah-alwasat.com(:‬‬
‫(‪ )66‬العوضي‪ ،‬القانون الدستوري اإلسالمي (‪.)177‬‬
‫‪90‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫ُّكم َفاتَُّق ِّ‬ ‫ُمتُ ُكم أ َّ ِّ‬ ‫(وإ َّ ِّ ِّ‬


‫تعالى‪(:‬وَال تََن َازُعوا َفتَْف َشلُوا َوتَ ْذ َه َب ِّر ُ‬
‫يح ُك ْم) ] األنفال‪46 :‬‬ ‫َ‬ ‫ون)] المؤمنون‪ ،[ 52 :‬مع قوله‬ ‫ُم ًة َواح َد ًة َوأ ََنا َرب ُ ْ‬ ‫ِّن َهذه أ َّ ْ‬ ‫َ‬
‫[‪.‬‬
‫وجه الداللة فيهما‪َّ :‬‬
‫أن هللا تعالى أوجب على األمة التوحد‪ ،‬وحرم التنازع والفرقة بينها‪ ،‬وتقسيم المجتمعات على أساس الدين‬
‫أو العرق أو المذهب هو خروج عن صميم هذه الوحدة‪ ،‬والالمركزية السياسية قائمة باألساس على تقسيم الدولة أرضاً وشعباً‪ ،‬وهو‬
‫ما يناقض مبادئ اإلسالم الذي يأمر بتوحيد البالد وليس تقسيمها‪ ،‬لذا لزم منع كل ما من شأنه تعزيز االنقسام في المجتمع الواحد‪،‬‬
‫واألمر للوجوب‪ ،‬كما أن النهي للتحريم(‪.)67‬‬
‫وقد يعترض عليه بأمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ما ذكرتم هو بعيد كل البعد عما نحن بصدده؛ فاآليات الكريمة لم تأت لتوصيف الدولة من الناحية التكوينية‪ ،‬بل‬
‫جاءت باألمر باأللفة والنهي عن الفرقة‪ ،‬فالفرقة هلكة والجماعة نجاة(‪ ،)68‬فال يصح توظيف النص الشرعي في غير سياقه الدال‬
‫عليه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إن حقيقة الالمركزية السياسية تنافي ما ذكرتموه‪ ،‬فهي تخرج إلى الوجود نتيجة للقوى المركزية الجاذبة ( االنضمام )‪،‬‬
‫أو القوى المركزية الطاردة ( االنفصال )‪ ،‬واالنفصال المقصود به هنا هو انفصال بالحكم واإلدارة السياسية ال الجغرافيا‪ ،‬فهي في‬
‫األساس قائمة على االتحاد‪ ،‬واالتحاد هو طريق الوحدة‪ ،‬فهي فكرة قائمة على التنوع ضمن إطار الوحدة‪ ،‬لذا ظهر الفرق(‪.)69‬‬
‫‪ .2‬حديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬أن النبي ‪ ‬قال لها‪ ":‬لوال أن قومك حديث عهد بجاهلية؛ ألمرت بالبيت فهدم‪ ،‬فأدخلت فيه‬
‫ما أخرج منه‪.)70( "...‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬امتناع النبي ‪ ‬عن عمل هو ف ي أصله مشروع‪ ،‬وفيه مصلحة ظاهرة‪ ،‬خشية من الوقوع في محظور أعظم‪،‬‬
‫تحقيقا لمبدأ النظر في مآالت األفعال(‪ ،)71‬والالمركزية السياسية ما هي إالَّ طريق للتفرقة والنزاع والمحاصصة‪ ،‬لذا تمنع سداً للذريعة‬
‫الموصلة إلى فرقة األمة وضعف نسيجها الوحدوي‪.‬‬
‫يجاب عنه‪ :‬صحيح ما ذكرتم بشأن هذا المبدأ في أصول الفقه – النظر في مآالت األفعال ‪ -‬ولكن من المعلوم َّ‬
‫أن الذريعة‬
‫فإن الالمركزية السياسية ما هي في حقيقتها إالَّ تجزئة وانضمام‪،‬‬
‫مثلما أنها تسد فإنها تفتح إذا اقتضت الحاجة أو الضرورة لفتحها(‪َّ ،)72‬‬
‫فإذا سددناها في األولى فتحناها في الثانية‪ ،‬لذا تبين الفرق‪.‬‬
‫‪َّ .3‬‬
‫إن اإلمام في اإلسالم هو أساس النظام الشرعي‪ ،‬ومبررها العقلي معاً‪ ،‬فالسلطة فيها مركزية واحدة ال تقبل التجزئة وال االقتسام‪،‬‬
‫فهي وحدة في شخص الخليفة وليست اتحاداً‪ ،‬بخالف الالمركزية السياسية التي هي في حقيقتها تفتيت للسلطة وتجزئتها بما ينتقص‬
‫من سيادة األمة‪ ،‬فاستقرار الدولة منوط بقوة ووحدة الخالفة(‪.)73‬‬
‫ويرد عليه بأمور أهمها‪:‬‬
‫األول‪َّ :‬‬
‫أن النظم السياسية في اإلسالم محل اجتهاد في نطاق األصول المقررة للحكم‪ ،‬فهي بذلك من المتغيرات وليست من‬
‫ثوابت األحكام‪ ،‬وبهذا ينتقل موضوع بحث الخالفة من المستوى العقدي‪ ،‬إلى المستوى التشريعي العملي‪ ،‬أي من الكالم إلى الفقه(‪.)74‬‬

‫(‪ )67‬موقع الدكتور عبدالكريم زيدان‪ ،‬الموقع‪.) http://drzedan.com(:‬‬


‫(‪ )68‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن الكريم(ج‪.)159/4‬‬
‫(‪ )69‬الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي والنظم الالمركزية(‪.)161‬‬
‫(‪ )70‬البخاري‪ ،‬الصحيح‪ ،‬باب فضل مكة‪ :524/2 ،‬رقم الحديث‪ .1509‬مسلم‪ ،‬الصحيح‪ ،‬باب بناء الكعبة‪ :97/4 ،‬رقم الحديث ‪.3222‬‬
‫(‪ )71‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات(ج‪.)177/5‬‬
‫(‪ )72‬القرافي‪ ،‬الفروق(ج‪.)63/2‬‬
‫(‪ )73‬العلوي‪ ،‬دولة الخالفة(‪.)136‬‬
‫(‪ )74‬مسعود‪ ،‬أقاليم الدولة اإلسالميَّة(‪.)10‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الثاني‪َّ :‬‬
‫إن الخليفة نفسه يستمد صالحياته من األمة‪ ،‬ويعتمد بقاؤه على ثقتهم به ونظره في مصالحهم؛ فحكومته حكومة‬
‫لألمة ممثلة بأهل الحل والعقد‪ ،‬فهو إذن حاكم مدني من جميع الوجوه(‪.)75‬‬‫دستورية؛ ألن األمر فيها ليس خاصاً بفرد‪ ،‬و َّإنما هو َّ‬
‫إن الالمركزيَّة السياسيَّة ما هي إالَّ اقتسام للسلطة بين الحكومة المركزيَّة وحكومة اإلقليم؛ فالدول الداخلة في االتحاد‬
‫الثالث‪َّ :‬‬
‫تتنازل عن سيادتها الخارجية وبعض أوجه السيادة الداخلية لصالح الحكومة المركزيَّة‪ ،‬وتبقى كل دولة محتفظة باستقاللها الداخلي؛‬
‫دستو اًر وحكومة‪ ،‬وهذا التوازن بين السلطات الثالث هي حقيقة السيادة متمثلة باقتسام السلطة بين مستويات الحكم المتعددة في إطار‬
‫االتحاد‪ ،‬فهي تقاسم للسلطة ال تقسيم للدولة(‪.)76‬‬
‫الرابع‪َّ :‬‬
‫إن فكرة الالمركزيَّة السياسيَّة قائمة على المشاركة في السيادة في كل الظروف بحسب إرادة األمة التي هي مصدر‬
‫السلطات‪ ،‬ث َّم َّ‬
‫إن أنماط الحكم السائدة تتضاءل فيها السيادة في الدول القومية والوطنية أو الموحدة‪ ،‬وتتزايد بين الدول ذات االتحادي‬
‫الدستوري ( الفدرالي )‪ ،‬وهذا ينسجم تماما مع فلسفة الدولة في النظام اإلسالمي‪ ،‬كونها دولة فكرية مؤسسة على مبادئ وغايات‬ ‫ُّ‬
‫سامية‪ ،‬فهي ال تنظر إلى القوميات والقبائل بل تنظر إلى اإلنسان بعين اإلنسانيَّة(‪.)77‬‬
‫فإن قيل‪ :‬لم تشهد التجربة اإلسالميَّة في الحكم نموذجاً كنموذج الالمركزيَّة السياسية‪ ،‬فهي من األنظمة المصطنعة في الغرب‪،‬‬
‫وفي األخذ بها نوع من التقليد األعمى‪.‬‬
‫أجيب‪ :‬لقد َخِّب َر النظام السياسي اإلسالمي هذا الشكل في الحكم بما عرف بوالية االستيالء ووالية االستكفاء‪ -‬كما سبق اإلشارة‬
‫إليهما ‪ ،-‬وكان معموالً بهما خشية من فراغ السلطة‪ ،‬وبما أنكم قبلتم بالواليتين لالضطرار أو االختيار‪ ،‬فمن الحق القبول بالالمركزية‬
‫السياسية التي جاءت بها اإلرادة الشعبية بواسطة صناديق االقتراع‪ ،‬ال بالتغلب وال بالتفويض المنفرد‪ ،‬وإالَّ كان تحكماً باألدلة دون‬
‫وجه حق‪ ،‬وفي هذا الشأن يقول ابن جماعة‪ ":‬وإذا فوض الخليفة إلى رجل والية اإلقليم‪ ،‬فإن كان تفويضاً عاماً‪ ،‬جاز له تقليد القضاة‬
‫والوالة‪ ،‬وتدبير الجيوش‪ ،‬واستيفاء األموال من جميع جهاتها‪ ،‬وصرفها في مصارفها‪ ،‬وال ينظر في غير اإلقليم المفوض إليه "(‪.)78‬‬
‫إن من فقه األحوط البحث عن بدائل تكون أنسب لطبيعة مجتمعاتنا المسلمة‪ ،‬والتي لطالما حملت شعار الوحدة تحت مسميات‬
‫‪َّ .4‬‬
‫مختلفة‪ ،‬والبديل المعروض هو األخذ بالالمركزية اإلداريَّة؛ لما فيها من مزايا التخفيف من ثقل المركزية وأوزاها‪ ،‬بدالً من تقاسم السلطة‬
‫الذي قد يقود بالضرورة إلى تقسيم الدولة إلى دويالت أو كانتونات مصطنعة‪ ،‬والبدل يأخذ حكم المبدل منه(‪.)79‬‬
‫ويرد عليه بأمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬صحيح ما ذكرتم‪ ،‬فقد دار نقاش طويل بين أساتذة الفقه ُّ‬
‫الدستوري حول الالمركزية السياسية‪ ،‬هل هو نظام استقرار أم‬
‫نظام انتقال؟ فغالبية الفقهاء قرروا َّأنه نظام استقرار ال نظام انتقال حتماً‪ ،‬بل اعتبروه نظام المستقبل بفضل المزايا التي تضمن له‬
‫ألنه يجمع بين عاطفتي االتحاد واالستقالل كلتيهما(‪.)80‬‬ ‫التوسع واالنتشار؛ َّ‬
‫الثاني‪َّ :‬‬
‫إن الالمركزية السياسية هي من األنظمة المستحسنة في العرف الدولي‪ ،‬إذ ثمة (‪ )28‬دولة‪ ،‬يقيم فيها(‪ )%40‬من‬
‫مجموع سكان العالم تأخذ بهذا الشكل من األنظمة‪ ،‬بسبب المزايا الذي يتمتع بها هذا النظام من المرونة‪ ،‬وشدة التنوع‪ ،‬وقابليته للتطور‬
‫ومسايرة األحداث والمتغيرات(‪.)81‬‬

‫(‪ )75‬عبده‪ ،‬األعمال الكاملة(ج‪ .)103/1‬خالف‪ ،‬السياسة الشرعية(‪.)25‬‬


‫(‪ )76‬حياوي‪ ،‬الالمركزية والفدرالية(‪.)7‬‬
‫(‪ )77‬المودودي‪ ،‬منهاج االنقالب اإلسالمي(‪.)16‬‬
‫(‪ )78‬ابن جماعة‪ ،‬تحرير األحكام(‪.)58‬‬
‫(‪ )79‬الزركشي‪ ،‬البحر المحيط(ج‪.)17/2‬‬
‫(‪ )80‬خليل ورفيقه‪ ،‬القانون الدستوري(‪.)39‬‬
‫(‪ )81‬نوفل ورفاقه‪ ،‬الفدرالية(‪.)52‬‬
‫‪92‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫المذهب الثاني‪ :‬األخذ بنظام الالمركزية السياسية وإدارة الدولة بمقتضاها‪ ،‬وبه قال عدد ليس بالقليل من العلماء والمفكرين‬
‫المحدثين أمثال‪ :‬جمال الدين األفغاني(‪ ،)82‬وعبدالرزاق السنهوري(‪ ،)83‬ومحمد أبو زهرة(‪.)84‬‬
‫أدلة المذهب الثاني ومناقشتها‪:‬‬
‫استدل أصحاب المذهب الثاني على مذهبهم بجملة من األدلة نجملها فيما يأتي‪:‬‬
‫اس ِّإَّنا‬‫الن ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫‪ .1‬بمطلق اآليات الدالة على وحدة التنوع اإلنساني‪ ،‬والخضوع للسلم االجتماعي السياسي‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ (:‬يا أَي َ‬
‫اكم ُشعوبا وَقب ِّائل لِّتَعارُفوا )] الحجرات‪ ،[ 13 :‬مع قوله تعالى‪ (:‬يا أَيُّها َّال ِّذين آمنوا ْاد ُخلُوا ِّفي ِّ‬
‫السْل ِّم َك َّاف ًة‬ ‫َخَلْقن ُ ِّ‬
‫َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫اك ْم م ْن َذ َك ٍّر َوأ ُْنثَى َو َج َعْل َن ُ ْ ُ ً َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫)] البقرة‪.[ 208 :‬‬
‫أن اآلية الكريمة األولى ألمحت إلى َّ‬
‫أن التقسيم للناس أنهم من أعراق وأمم متنوعة‪ ،‬هو سنة إلهيَّة؛ ليسهل‬ ‫وجه الداللة فيهما‪َّ :‬‬
‫أما الثانية‪ :‬فقد ألمحت إلى أن السلم االجتماعي والسياسي ال يتحقق إالَّ بواسطة‬
‫التعامل بينهم‪ ،‬ولمد جسور الوحدة والتواصل بينهم‪َّ ،‬‬
‫نظم جامعة للهوية اإلنسانية ال مفرقة لها‪ ،‬وال يتحقق ذلك إالَّ بنظام الالمركزية السياسية الذي يراعي الوحدة ضمن هذا التنوع‬
‫البشري(‪.)85‬‬
‫وقد يعترض عليه‪َّ :‬‬
‫إن المناسبة في اآليتين الكريمتين ال تنطبق على المنحى الذي وجهتم به األدلة‪ ،‬كل ما في األمر أن اآلية‬
‫األولى بينت أن أساس التفاضل والتمايز بين الناس هو بالتقوى وكمال األخالق(‪ ،)86‬فهي إذن توزن العالقات بين األفراد في المجتمع‬
‫أما اآلية الثانية؛ فهي تؤصل لمبدأ عظيم في العالقات الخارجية وهو َّ‬
‫أن‬ ‫الواحد‪ ،‬ال بين الوحدات أو األقاليم في الدولة الواحدة‪َّ ،‬‬
‫األصل في العالقات بين الدول السلم ال الحرب(‪.)87‬‬
‫ويجاب عنه‪ :‬هذا نوع من التحكم باألدلة فالعبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب(‪ ،)88‬وإذا كان السلم في العالقات الدولية‬
‫مطلوباً‪ ،‬فيكون في داخل الدولة الواحدة من باب أولى‪ -‬أعني السلم االجتماعي‪ ،-‬واستيعاب هذا التنوع ال يتحقق إالَّ بدولة تحترم‬
‫الهويَّة اإلنسانيَّة المتنوعة في ظل الالمركزية السياسية الجامعة‪.‬‬
‫مر رسول هللا ‪ ‬بقوم يلقحون – أي النخل – فقال‪ :‬لو لم تفعلوا لصلح‪ ،‬قال‪ :‬فخرج شيصاً‪ -‬أي رديئاً ‪،-‬‬
‫‪ .2‬عن عائشة وأنس ‪َّ ‬‬
‫فمر بهم النبي ‪ ‬فقال‪ :‬ما لنخلكم‪ ،‬قالوا‪ :‬قلت كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬أنت أعلم بأمر دنياكم(‪.)89‬‬
‫َّ‬
‫وجه الداللة‪ :‬جعل النبي ‪ ‬تنظيم شؤون الحياة ‪ -‬فيما ال نص فيه – مرهوناً بالتجربة البشرية‪ ،‬وأنظمة الحكم مشمولة به من‬
‫باب أولى؛ ذلك ألنها في حكم المسكوت عنه‪ ،‬وهذا فهم للواقع في ضوء الكليات والمقاصد العامة للتشريع(‪.)90‬‬
‫ِّع لِّ َخلِّيَفتَْي ِّن‪َ ،‬فا ْقتُلُوا ْاآل َخ َر ِّم ْن ُه َما "(‪.)91‬‬
‫وقد يعترض عليه‪ :‬أن ما ذكرتم معارض لما ورد عن النبي ‪ ‬أنه قال‪ِّ ":‬إ َذا ُبوي َ‬

‫(‪ )82‬األفغاني‪ ،‬العروة الوثقى(‪.)162‬‬


‫(‪ )83‬السنهوري‪ ،‬فقه الخالفة وتطورها(‪.)340‬‬
‫(‪ )84‬أبو زهرة‪ ،‬الوحدة اإلسالميَّة(‪.)244-243‬‬
‫(‪ )85‬الطبري‪ ،‬تفسير الطبري(ج‪ .)346/21‬السامرائي‪ ،‬النظام الفيدرالي(‪.)13‬‬
‫(‪ )86‬الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير(ج‪.)581/13‬‬
‫(‪ )87‬أبو زهرة‪ ،‬العالقات الدوليَّة(‪ .)50‬القرضاوي‪ ،‬فقه الجهاد(ج‪.)433/1‬‬
‫(‪ )88‬شبير‪ ،‬القواعد الكلية(‪.)292‬‬
‫(‪ )89‬مسلم‪ ،‬الصحيح‪ ،‬باب أنتم أعلم بأمر دنياكم‪ ،‬ج‪ :95/7‬رقم الحديث‪.2362‬‬
‫(‪ )90‬الكيالني‪ ،‬السياسة الشرعيَّة(‪.)8‬‬
‫(‪ )91‬مسلم‪ ،‬الصحيح‪ ،‬باب إذا بويع لخليفتين‪ ،‬ج‪ :23/6‬رقم الحديث ‪.4827‬‬
‫‪93‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫وجه الداللة‪َّ :‬‬


‫أن نظام الحكم في اإلسالم ال يقبل في الدولة أكثر من سلطة سياسية واحدة‪ ،‬خشية من الفوضى والتنازع على‬
‫السلطة‪ ،‬والالمركزية السياسية ضرب من تعدد السلطة السياسية داخل الدولة الواحدة(‪.)92‬‬
‫ويعترض عليه بوجوه عدَّة‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬صحيح ما ذكرتم فقد وقع خالف معروف بين الفقهاء في مسألة نصب إمامين في وقت واحد‪ ،‬فالجمهور على‬
‫عما نحن فيه‪ ،‬فقضية نصب اإلمامين يفهم منها انفصال الدويلة ( اإلقليم ) انفصاالً‬
‫وجوب منعها(‪ ،)93‬لكن ما ذكرتم يختلف تماماً َّ‬
‫تاماً عن الدولة األم‪ ،‬بمعنى تحول الدولة االتحادية إلى دولة بسيطة موحدة‪ ،‬كاملة السيادة على أراضيها المستقلة‪ ،‬وبنصب خليفة‬
‫مستقل بصالحيات كاملة‪ ،‬بخالف الالمركزية السياسية والتي هي في إحدى صورها تحول الدولة البسيطة ( الموحدة ) إلى المجموعة‬
‫االتحادية باالنضمام‪ ،‬وفي األخرى باالنفصال في ظل الحكومة المركزية‪ ،‬فالدولة واحدة واألقاليم متعددة(‪.)94‬‬
‫ثم َّ‬
‫إن بعض فقهاء السياسة الشرعيَّة ذهبوا إلى أنه اذا تباعدت البالد‪ ،‬وتعذرت االستنابة‪ ،‬جاز تعدد األئمة بقدر‬ ‫الوجه الثاني‪َّ :‬‬
‫الحاجة‪ ،‬والحاجة تنزل منزلة الضرورة خاصة كانت أم عامة(‪.)95‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬بأن ال ثمرة عمليَّة من هذا االختالف ‪ -‬أي قضية نصب إمامين ‪-‬؛ َّ‬
‫ألنه ال وجود للخالفة اإلسالمية بمفهومها‬
‫الشرعي في وقتنا الحالي‪ ،‬والالمركزيَّة السياسيَّة ما هي إالَّ محاوالت إلحياء الفكرة بوسائل أكثر عمليَّة ومشروعيَّة مع مراعاة التدرج‬
‫في التطبيق‪.‬‬
‫‪َّ .3‬‬
‫إن الالمركزية السياسية من المصالح المرسلة الخاضعة لعوامل التطور االجتماعي والسياسي‪ ،‬الحافظة لدماء الناس وأعراضهم‬
‫خشية من حصول الفتنة‪ ،‬والتي هي أشد من القتل‪ ،‬فالحروب التي تحدث في المنطقة اليوم جرت على األمة ويالت االنقسام الطائفي‬
‫والعرقي‪ ،‬مما حدا ببعض المكونات إلى البحث عن مالذات آمنة توفر لهم الحماية في ظل الدولة الواحدة(‪.)96‬‬
‫فإن قيل‪َّ :‬‬
‫إن الالمركزيَّة السياسيَّة قد تحرم بعض األقاليم التي ال تنعم بالوفر الكثير من الموارد ‪ -‬والتي هم شركاء فيها ‪-‬‬
‫كغيرها من باقي أقاليم الدولة‪ ،‬فيكون ما ذكرتم في حكم المصلحة الملغاة؛ فهو – أي النظام الالمركزي السياسي ‪ -‬وإن َّ‬
‫وفر األمن‬
‫السياسي والقومي لمجتمعاته إالَّ أنه أخفق في الحفاظ على األمن االقتصادي والغذائي‪.‬‬
‫أجيب‪َّ :‬‬
‫إن الالمركزية السياسية مثلما تضمن تقاسم السلطة وتوزيعها بين المركز واألقاليم في دساتيرها‪ ،‬فإنها تضمن تقاسم‬
‫الموارد على األقاليم بالدولة بما يحقق توزيعها بالتساوي على جميع األقاليم‪ ،‬فيكفل بذلك العدالة المناطقية والتنمية الجهوية وتكافؤ‬
‫الفرص‪ ،‬وتسهم فعلياً في إيقاف حاالت النزوح واللجوء من األطراف إلى المركز(‪.)97‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬توجيه الخالف مع الترجيح‪:‬‬
‫بعد عرض أدلة الطرفين ومناقشتها يمكن القول‪َّ :‬‬
‫أن الشارع الكريم لم يتعبدنا بشكل محدد لنظام الحكم في اإلسالم‪ ،‬بل ترك‬
‫للتجارب البشرية دو اًر في إدارة الدولة ووضع مالمحها المستقبلية‪ ،‬بما يمكن طابع الدولة الحديثة من مسايرة المتغيرات وما يط أر عليها‬
‫من تحوالت في مسيرتها التي قد يواجهها بعض التحديات‪.‬‬

‫(‪ )92‬العوضي‪ ،‬القانون الدُّستوري اإلسالمي(‪.)178‬‬


‫(‪ )93‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانيَّة(‪ .)10‬الفراء‪ ،‬األحكام السلطانيَّة(‪.)25‬‬
‫(‪ )94‬أبو زهرة‪ ،‬الوحدة اإلسالميَّة(‪.)129‬‬
‫(‪ )95‬الجويني‪ ،‬الغياثي(‪ .)81‬البغدادي‪ ،‬أصول الدين(‪.)274‬‬
‫(‪ )96‬السامرائي‪ ،‬النظام الفيدرالي(‪.)14‬‬
‫(‪ )97‬روكفلر‪ ،‬مستقبل الفدرالية(‪.)14‬‬
‫‪94‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫وعند عرضنا لنظام الالمركزية السياسية فإننا نجدها في صورة االنضمام‪ ،‬أي من دولة بسيطة إلى دولة اتحادية‪ ،‬ال تتعارض‬
‫مع المقاصد العامة والقواعد الكلية للشرع‪ ،‬فهي بمثابة إعادة الفرع إلى األصل‪ ،‬لذا فإنني ال أعلم مخالفاً لهذا الشكل من النظام‬
‫الالمركزي السياسي بين المذهبين‪ ،‬فأمكن الجمع بين المذهبين في هذا الشكل‪ ،‬والجمع بين الدليلين أولى من إهمال أحدهما(‪.)98‬‬
‫أما الصورة األخرى لالمركزية السياسية وهي االنفصال‪ ،‬فهي التي أثارت الجدل الطويل بين الفقهاء المحدثين بين مانع ومجيز‪،‬‬
‫َّ‬
‫ونضع بين يدي الترجيح عدة مبادئ عامة ال بد من أخذها بعين االعتبار وقت الترجيح‪:‬‬
‫األول‪ :‬قضية التدرج في التطبيق وصوالً للمقصد المطلوب؛ وذلك بإصالح البيئة االجتماعية والسياسية والثقافيَّة‪ ،‬فالالمركزية‬
‫السياسية هي مشروع إصالحي يتطلب المزيد من الوعي والنضوج السياسي من األفراد والمجتمعات والكيانات(‪.)99‬‬
‫إن مشاريع االنقاذ الكبرى تتطلب اجتهاداً جماعياً تتشارك فيه كل المكونات المجتمعية والخبرات العلمية والفنية‬
‫الثاني‪َّ :‬‬
‫التقنية(‪ ،)100‬بعيداً عن المناكفات السياسية والحزبية الضيقة؛ وذلك بالتنظير قبل التأطير‪ ،‬وبالتجربة قبل المشاهدة‪ ،‬كما يجب علينا‬
‫أالَّ نسلم أنفسنا لقفزات في الهواء قد تقودنا – ال قدر هللا تعالى – لمزيد من االنقسام‪.‬‬
‫باألمة؛ من تهجير متعمد بالجملة‪ ،‬وقتل على الهوية‪ ،‬وتصفية لحسابات‬
‫الثالث‪ :‬النظر بعين المتبصر للفتن والمحن التي تحدق َّ‬
‫التاريخ‪ ،‬يدفع ثمنها األبرياء من كل المشارب والمنابت‪ ،‬بغية رسم خارطة جديدة للمنطقة قائمة على الطائفيَّة والعرقيَّة والعنصرَّية‬
‫الضيقة ال على اإلنسانيَّة‪.‬‬
‫إن الالمركزيَّة السياسيَّة ستكون تجربة فريدة بالنظام اإلسالمي‪ ،‬ألنها ستترجم عملياً نظرة اإلسالم إلى اإلنسان وفق‬
‫الرابع‪َّ :‬‬
‫إنسانيته بعيداً عن أي اعتبارات أخرى‪ ،‬وستحفظ التوازن بين السلطات‪ ،‬وستضمن توسيع المشاركة السياسية‪ ،‬وستنهض َّ‬
‫باألمة لتعزيز‬
‫اإلنتاجيَّة‪.‬‬
‫الخامس‪َّ :‬‬
‫إن الفراغ السياسي سيوفر مناخات مشجعة للديكتاتورية بديالً للديمقراطية‪ ،‬والفردية بديالً للمؤسسية‪ ،‬والتسلط بديالً‬
‫للتحرر‪ ،‬والجمود بديالً للتنمية‪ ،‬والنمائية بديالً للتقدمية‪.‬‬
‫فإن الباحث يرى القول بالالمركزيَّة السياسيَّة حالة االنضمام استصحاباً؛ ألنها في حكم إرجاع الجزء إلى‬
‫وبناء على ما تقدم َّ‬
‫ً‬ ‫لذا‬
‫فإن الباحث يرى ضرورة التدرج في‬
‫الكل‪ ،‬واألصل بقاء ما كان على ما كان ‪ .‬هذا في حال االنضمام‪ ،‬أما في حالة االنفصال َّ‬
‫(‪)101‬‬

‫تطبيق الالمركزية السياسية‪ ،‬فال يصار لها اذا كان باإلمكان األخذ بالالمركزية اإلدارية لمواجهة المشاكل التي يتعرض لها اإلقليم‪،‬‬
‫وإذا لم تنفع كل الجهود الحتواء األزمة في اإلقليم فإنه يصار اليها لالضطرار للعلة الجامعة بينها وبين والية المتغلب‪ ،‬بل العلة في‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة أظهر وأصلح؛ َّ‬
‫ألن هذا الشكل من األنظمة جاء بواسطة صناديق االقتراع‪ ،‬واألمة هي مصدر السلطات‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫‪ .1‬شهدت أساليب الحكم في َّ‬
‫الدولة المسلمة سائر األنواع الموصوفة في المصطلح الحديث بالمركزيَّة والالمركزيَّة بنوعيها‪ :‬اإلداري‬
‫والسياسي‪.‬‬
‫‪ .2‬ناقش علماء الفقه الدستوري الالمركزية السياسية كنظام من أنظمة الحكم الدستوريَّة الحديثة‪.‬‬
‫‪ .3‬خبرت الدولة المسلمة نظام الالمركزيَّة السياسيَّة حال قوتها باالنضمام إلى كنف الدولة بإمارة االستكفاء‪ ،‬وحال ضعفها باالنفصال‬
‫عن كنف الدولة بإمارة االستيالء‪.‬‬

‫(‪ )98‬بادشاه‪ ،‬تيسير التحرير (ج‪.)316/1‬‬


‫(‪ )99‬متولي‪ ،‬أزمة الفكر اإلسالمي(‪.)135‬‬
‫(‪ )100‬محمد عياش الكبيسي‪ ،‬النظام الفيدرالي بمنظور إسالمي‪ ،‬الموقع‪.) www.algardenia.com(:‬‬
‫(‪ )101‬الزرقاء‪ ،‬المدخل الفقهي العام( ج‪.)968 /2‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫‪ .4‬األخذ بنظام الالمركزية السياسية في حال االنضمام؛ َّ‬


‫ألنها بمثابة إرجاع الجزء إلى الكل‪.‬‬
‫‪ .5‬ال بد من التدرج في تطبيق الالمركزية؛ وذلك باألخذ بما هو أوفق بالممارسة وأصلح بالتطبيق‪.‬‬
‫أبرز التوصيات‪:‬‬
‫‪ . 1‬الدعوة إلنشاء هيئة جماعية إسالمية عليا تعنى بالدراسات المستقبلية المتوقعة‪ ،‬مع االستعانة بالخبرات القانونية والدستورية‬
‫والسياسية ونحوها‪.‬‬
‫‪ .2‬المزج بين الخبرة الدستورية والتأصيل الفقهي إلضفاء مزيد من الواقعيَّة على المسائل الدستورية المطروحة‪.‬‬
‫‪ .3‬طرح مساقات متعلقة بالدراسات الفقهية المستقبلية لطلبة المراحل العليا‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‬
‫أوالً‪ :‬المراجع العربية‪:‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬حسن‪ ،‬وعلي‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬النظم اإلسالميَّة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة‪.‬‬
‫األفغاني‪ ،‬جمال الدين‪ ،‬ومحمد عبده‪2002(.‬م)‪ .‬العروة الوثقى‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدوليَّة‪.‬‬
‫أمير علي‪ِّ ،‬‬
‫سيد‪ ،‬مختصر تاريخ العرب‪ ،‬ترجمة‪ :‬عفيف البعلبكي‪ ،)1961( ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫بادشاه‪ ،‬أمير‪1350 (.‬هـ)‪ .‬تيسير التحرير‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬مطبعة البابي الحلبي وأوالده‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪1987(.‬م)‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬تحقيق‪ :‬مصطفى البغا‪ .‬ط‪ .3‬بيروت‪ :‬دار ابن كثير‪.‬‬
‫السلطة اإلدارية‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬االسكندريَّة‪ :‬الدار الجامعيَّة‪.‬‬
‫بسيوني‪ ،‬عبدالغني‪1986(.‬م)‪ .‬التفويض في ُّ‬
‫البغدادي‪ ،‬عبدالقاهر بن طاهر‪2003 (.‬م)‪ .‬أصول الدين‪ .‬ط‪ .2‬اسطنبول‪ :‬مطبعة َّ‬
‫الدولة‪.‬‬
‫البياتي‪ ،‬منير‪2013(.‬م)‪ .‬النظام السياسي اإلسالمي مقارناً بالدولة القانونيَّة‪ .‬ط‪َّ .4‬‬
‫عمان‪ :‬دار النفائس‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبدالحليم‪1987(.‬م)‪ .‬الفتاوى الكبرى‪ .‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫جعيد‪ ،‬محمد‪2015(.‬م)‪ .‬نظام اإلدارة المحليَّة في اإلسالم‪ .‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانيَّة جامعة زيان عاشور بالجلفة‬
‫الجزائر‪.)23(،‬‬
‫الجلبي‪ ،‬حسن‪(.‬د‪.‬ت)‪ .‬دراسات دستورية في فصل السلطات والفدرالية‪ .‬ط‪ .1‬أربيل‪ :‬مطبعة و ازرة التربية‪.‬‬
‫ابن جماعة‪ ،‬بـدر الدين‪1988 (.‬م)‪ ،‬تحرير األحكام في تدبير أهل اإلسالم‪ .‬تحقيق‪ :‬فؤاد عبدالمنعم‪ .‬ط‪ .3‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الثقافة‪.‬‬
‫الجويني‪ ،‬عبدالملك بن عبدهللا‪2003 (.‬م)‪ .‬غياث األمم في التياث الظلم‪ .‬ط‪ .2‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلميَّة‪.‬‬
‫حسين‪ ،‬لقمان‪2011 (.‬م)‪ .‬مبدأ المشاركة في الدولة الفدراليَّة دراسة تحليلية مقارنة‪ .‬ط‪ .1‬لبنان‪ :‬مكتبة زين القانونيَّة‪.‬‬
‫حياوي‪ ،‬نبيل‪2007 (.‬م)‪ .‬الالمركزيَّة والفيدراليَّة‪ .‬ط‪ .3‬بغداد‪ :‬المكتبة القانونيَّة‪.‬‬
‫الخطيب‪ ،‬نعمان(‪1999‬م)‪ .‬الوسيط في النظم السياسية والقانون ُّ‬
‫الدستوري‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫خالف‪ ،‬عبدالوهاب‪1350(.‬هـ)‪ .‬السياسة الشرعيَّة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬المطبعة السلفيَّة‪.‬‬
‫خالف‪ ،‬عبدالوهاب(‪1985‬م)‪ .‬السلطات الثالث في اإلسالم التشريع والقضاء والتنفيذ‪ .‬ط‪ .2‬الكويت‪ :‬دار القلم‪.‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬عبدالرحمن بن محمد‪1966 (.‬م)‪ .‬المقدمة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬كتاب التحرير‪.‬‬
‫خليل‪ ،‬عثمان‪ ،‬والطماوي‪ ،‬سليمان‪1950(.‬م)‪ .‬القانون الدستوري‪ .‬ط‪ .2‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫خليل‪ ،‬محسن‪1971(.‬م) النظم السياسية والقانون الدستوري‪( .‬د‪.‬ط)‪( .‬د‪.‬م)‪.‬‬
‫خليل‪ ،‬محسن‪1978(.‬م)‪ .‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪( .‬د‪.‬ط)‪( .‬د‪.‬م)‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫الرضواني‪ ،‬محمد‪2014(.‬م)‪ .‬مدخل إلى القانون ُّ‬


‫الدستوري‪ .‬ط‪ .2‬الرباط‪ :‬مطبعة المعارف الجديدة‪.‬‬
‫رعد‪ ،‬نزيه‪2008(.‬م)‪ .‬القانون الدستوري العام‪ .‬ط‪ .2‬بيروت‪ :‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪.‬‬
‫روكلفر‪ ،‬نلسون‪1963 (.‬م)‪ .‬مستقبل الفدراليَّة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬بيروت‪ :‬دار اآلفاق الجديدة‪.‬‬
‫الريس‪ ،‬محمد‪1976(.‬م)‪َّ .‬‬
‫النظريات السياسيَّة اإلسالميَّة‪ .‬ط‪ .7‬القاهرة‪ :‬مكتبة دار التراث‪.‬‬
‫الزحيلي‪ ،‬وهبة‪2003(.‬م)‪ .‬التفسير المنير‪ .‬ط‪ .2‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫الزرقا‪ ،‬مصطفى‪1998 (.‬م)‪ .‬المدخل الفقهي العام‪ .‬ط‪ .1‬دمشق‪ :‬دار القلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫الزركشي‪ ،‬محمد بن عبدهللا(‪2000‬م)‪ .‬البحر المحيط في أصول الفقه‪ .‬ط‪ .1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلميَّة‪.‬‬
‫أبو زهرة‪ ،‬محمد‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬الوحدة اإلسالميَّة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬بيروت‪ :‬دار الرائد العربي‪.‬‬
‫أبو زهرة‪ ،‬محمد‪1995(.‬م)‪ .‬العالقات الدوليَّة في اإلسالم‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫زيتون‪ ،‬وضاح‪2010(.‬م)‪ .‬المعجم السياسي‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫السامرائي‪ ،‬أحمد‪2016(.‬م)‪ .‬النظام الفيدرالي وأثره على الوحدة المجتمعيَّة نظرة فقهيَّة معاصرة‪ ،‬شبكة األلوكة‪.‬‬
‫سلطان‪ ،‬حامد‪1986 (.‬م)‪ .‬أحكام القانون َّ‬
‫الدولي في الشريعة اإلسالميَّة‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى‪1997(.‬م)‪ .‬الموافقات في أصول الفقه‪ .‬تحقيق‪ :‬مشهور بن حسن‪ .‬ط‪ .1‬الخبر‪ :‬دار ابن عفان‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫شبير‪ ،‬محمد عثمان‪2000(.‬م)‪ .‬القواعد الكليَّة والضوابط الفقهيَّة في الشريعة اإلسالميَّة‪ .‬ط‪ .1‬عمان‪ :‬دار الفرقان للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫شبير‪ ،‬محمد عثمان‪2014(.‬م)‪ .‬التكييف الفقهي للوقائع المستجدة وتطبيقاته الفقهيَّة‪ .‬ط‪ .2‬دمشق‪ :‬دار القلم‪.‬‬
‫الشعيبي‪ ،‬أحمد‪2005 (.‬م)‪ .‬وثيقة المدينة المضمون والداللة‪ .‬ط‪ .1‬قطر‪ :‬و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالميَّة‪.‬‬
‫شكري‪ ،‬علي‪2012(.‬م)‪ .‬النظام الدستوري في الشريعة اإلسالميَّة‪ .‬ط‪ .1‬بيروت‪ :‬منشورات الحلبي الحقوقي‪.‬‬
‫الشيخلي‪ ،‬عبدالقادر‪1994 (.‬م)‪ .‬القانون اإلداري‪( .‬د‪.‬ط)‪َّ ،‬‬
‫عمان‪ :‬دار بغدادي للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الصالح‪ ،‬صبحي‪1965 (.‬م)‪ .‬النظم اإلسالميَّة نشأتها وتطورها‪ .‬ط‪ .1‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫َّ‬
‫الصعيدي‪ ،‬حازم‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬النظرية االسالمية في الدولة مع المقارنة بنظرة الدولة في الفقه الدستوري الحديث‪ .‬ط‪ .1‬مصر‪:‬‬
‫دار النهضة‪.‬‬
‫الصالحات‪ ،‬سامي‪2006 (.‬م)‪ .‬معجم المصطلحات السياسيَّة في تراث الفقهاء‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدوليَّة‪.‬‬
‫الطبري‪ ،‬محمد بن جرير‪2001(.‬م)‪ .‬تفسير الطبري‪ .‬تحقيق‪ :‬عبدهللا التركي‪ .‬ط‪ .1‬الجيزة‪ :‬دار هجر‪.‬‬
‫طبلية‪ ،‬القطب‪1978 (.‬م)‪ .‬نظام اإلدارة في اإلسالم دراسة مقارنة بالنظم المقارنة‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫الطماوي‪ ،‬سليمان‪1967(.‬م)‪ .‬الوجيز في القانون اإلداري‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫الطهراوي‪ ،‬هـاني‪2006(.‬م)‪ .‬القانون اإلداري‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الطهراوي‪ ،‬هـاني‪2006 (.‬م)‪ .‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫عبده‪ ،‬محمد‪1993(.‬م) األعمال الكاملة‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد عمارة‪ .‬ط‪ .1‬بيروت‪ :‬دار الشروق‪.‬‬
‫علون‪ ،‬عبدالكريم‪2006(.‬م)‪ .‬النظم السياسيَّة والقانون ُّ‬
‫الدستوري‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫العلوي‪ ،‬سعيد‪2010(.‬م)‪ .‬دار الخالفة دراسة في التفكير السياسي عند الماوردي‪ .‬ط‪ .2‬الرباط‪ :‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫عمارة‪ ،‬محمد‪2009 (.‬م)‪ .‬إسالميَّات عبد الرزاق السنهوري‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬دار َّ‬
‫السالم‪.‬‬
‫عمارة‪ ،‬محمد‪2011(.‬م)‪ .‬إحياء الخالفة اإلسالميَّة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار َّ‬
‫السالم‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫د‪ .‬أنس عبد هللا القرعان‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام ُّ‬

‫العوضي‪ ،‬أحمد‪2007(.‬م)‪ .‬القانون الدستوري اإلسالمي‪ .‬ط‪َّ .1‬‬


‫عمان‪ :‬مطبعة األزهر‪.‬‬
‫الفراء‪ ،‬محمد بن الحسين‪2000(.‬م)‪ .‬األحكام السلطانيَّة‪ .‬ط‪ .1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلميَّة‪.‬‬
‫القرافي‪ ،‬أحمد بن إدريس‪2008(.‬م)‪ .‬الفروق‪ .‬تحقيق‪ :‬عمر حسن قيام‪ ..‬ط‪ .2‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫السنة‪ .‬ط‪ .3‬القاهرة‪ :‬مطبعة‬
‫القرضاوي‪ ،‬يوسف‪2009(.‬م)‪ .‬فقه الجهاد دراسة مقارنة ألحكامه وفلسفته في ضوء القرآن و ُّ‬
‫المدني‪.‬‬
‫القرطبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪1964(.‬م)‪ .‬الجامع ألحكام القرآن‪ .‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني وإبراهيم اطفيش‪ .‬ط‪ .2‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫الكتب المصريَّة‪.‬‬
‫كرد علي‪ ،‬محمد‪1934(.‬م)‪ .‬اإلدارة في عز العرب‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬مطبعة مصر‪.‬‬
‫الكيالني‪ ،‬عبدهللا‪2009(.‬م)‪ .‬السياسة الشرعيَّة مدخل إلى تجديد الخطاب اإلسالمي‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫عمان‪ :‬دار الفرقان للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫ليبهارت‪ ،‬آرنت‪2006 (.‬م)‪ .‬الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد‪ .‬ترجمة‪ :‬حسني زينة‪ .‬ط‪ .1‬بغداد‪ :‬دار الفرات للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫ليله‪ ،‬محمد كمال‪1967 (.‬م)‪ .‬القانون الدستوري‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫ليله‪ ،‬محمد كمال‪1971(.‬م)‪ .‬النظم السياسية َّ‬
‫الدولة والحكومة‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫الماوردي‪ ،‬علي بن محمد‪1989(.‬م)‪ .‬األحكام السلطانيَّة والواليات الدينيَّة‪ .‬تحقيق‪ :‬أحمد مبارك بغدادي‪ .‬ط‪ .1‬الكويت‪ :‬دار‬
‫ابن قتيبة‪.‬‬
‫متولي‪ ،‬عبدالحميد(‪1977‬م)‪ .‬مبادئ نظام الحكم في اإلسالم مع المقارنة بالمبادئ الدستوريَّة الحديثة‪ .‬ط‪ .3‬االسكندرية‪:‬‬
‫منشأة المعارف‪.‬‬
‫متولي‪ ،‬عبدالحميد‪1985(.‬م)‪ .‬أزمة الفكر السياسي اإلسالمي في العصر الحديث‪ .‬ط‪ .3‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصريَّة العامة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫مصطفى‪ ،‬مسعود‪1990(.‬م)‪ .‬أقاليم َّ‬
‫الدولة اإلسالميَّة بين الالمركزيَّة السياسيَّة والالمركزيَّة اإلدارية‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬االسكندريَّة‪:‬‬
‫الهيئة المصريَّة العامة للكتاب‪.‬‬
‫معهد البحرين للتنمية السياسية‪2014(.‬م)‪ .‬معجم المصطلحات السياسية‪ .‬المنامة‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم(‪1414‬هـ)‪ .‬لسان العرب‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬بيروت‪ :‬دار صادر‪.‬‬
‫المودودي‪ ،‬أبو األعلى‪1988(.‬م)‪ .‬منهاج االنقالب اإلسالمي‪ .‬ط‪َّ .3‬‬
‫جدة‪ :‬الدار السعوديَّة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫النعمة‪ ،‬إبراهيم‪2009(.‬م)‪ .‬أصول التشريع ُّ‬
‫الدستوري في اإلسالم‪ .‬ط‪ .1‬بغداد‪ :‬مركز البحوث والدراسات اإلسالميَّة‪.‬‬
‫عمان‪ :‬مركز دراسات الشرق‬
‫نوفل‪ ،‬أحمد ورفاقه‪2015 (.‬م)‪ .‬الفدرالية الفكرة وتداعيات تطبيقها في الوطن العربي‪ .‬ط‪َّ .1‬‬
‫األوسط‪.‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬مسلم بن الحجاج‪1434(.‬هـ)‪ .‬صحيح مسلم‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬بيروت‪ :‬دار الجيل‪.‬‬
‫الهماوندي‪ ،‬محمد‪1990(.‬م)‪ .‬الحكم الذاتي والنظم الالمركزية اإلدارية والسياسية‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ :‬دار المستقبل العربي‪.‬‬
‫يكن‪ ،‬زهدي‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬القانون اإلداري‪( .‬د‪.‬ط)‪ .‬بيروت‪ :‬المكتبة العصريَّة‪.‬‬

‫‪98‬‬ ‫‪IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0‬‬
‫ أنس عبد هللا القرعان‬.‫د‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
ُّ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام‬

:‫ المراجع األجنبية‬:ً‫ثانيا‬

Ibrahim, H & A. AL-Zuzm al-Islamiyah (Islamic systems). (No Date). Cairo: Al-Nahda Library.
Al-Afghani, J & M. (2002). Al-Oroua al-wothqa (The most reliable handle). (First Edition).
Cairo: Al Shorouk International Library.
Amir Ali, S. Mukhtasar Tareekh al-Arab (A Brief History of the Arabs). translated by: Afif
Baalbaki, (1961). (First Edition), Dar Al-Ilm lilmalayeen, Beirut.
Badshah, A. (1350 AH). Tayseer al-Tahreer. (Facilitate editing). Al-Babi Al-Halabi and Sons
Press.
Al-Bukhari, M. (1987). Sahih al-Bukhari. (Sahih Bukhari). Investigation: Mustafa Al-Bagha.
(Third Edition). Beirut: Ibn Kathir House.
Bassiouni, A. (1986). Al-Tafweedh fi al-Sultah al-Idariyah. (Delegation of administrative
authority). Alexandria: Al-Dar al-Jameiyah.
Al-Baghdadi, A. (2003). Osoul al-Deen. (Religion basics). (Second Edition). Istanbul: State
Press.
Al-Bayati, M. (2013). Al-Nizam al-Siasi al-Islami Muqaranan bi al-Dawlah al-Qanooniyah.
(The Islamic political system compared to the legal state). (Fourth Edition). Amman: Dar al-Nafeis.
Ibn Taymiyyah, A. (1987). Al-Fatawa al-Kubra. (The Great fatwas). (First Edition), Beirut: Dar
al-Kutub al-Elmiyah.
Jaid, M. (2015). Nuzum al-Idarah al-Mahalliyah fi al-Islam. (The system of local administration
in Islam. Journal of Law and Human Sciences, Ziane Achour University, Djelfa, Algeria, (23).
Chalabi, H. Dirasat Dostouriyah fi fasl al-Solotat wal fidiraliyah (Constitutional studies in the
separation of powers and federalism). (No date) (First Edition). Erbil: Ministry of Education Press.
Ibn Jama`ah, B. (1988). Tahreer al-Ahkam fi Tadbeer ahl al-Islam (Editing Rulings in the
Management of the People of Islam. Investigation: Fouad Abdel Moneim. (Third Edition). Beirut:
Dar al-Thaqafah.
Al-Juwayni, A. (2003). Ghiath Alomam fe Eltiath Altholam. (The relief of nations in the
disturbance of darkness). (Second Edition) Beirut: Dar al-Kutub al-elmiyah.
Hussain, L. (2011). Mabdaa al-Musharakah fi al-Dawlah al-Fidiraliyah , Dirasah Tahleeliyah
Muqaranah. (The principle of participation in the federal state, a comparative analytical study. (First
Edition). Lebanon: Zain Law Library.
Hayawi, N. (2007). Allamarkaziyah wal Fidiraliyah. (Decentralization and Federalism. (Third
Edition). Baghdad: Legal Library.
Al-Khatib, N. (1999). Al-Waseet fi al-Nuzum al-Siasiyah wal-Qanoon al-Dostouri. (The
Mediator in political systems and constitutional law. (First Edition). Amman: House of Culture for
Publishing and Distribution.
Khallaf, A. (1350 AH). Al-Siayasah al-Shariyah. (legal policy). Cairo: The Salafi Press.
Khallaf, A. (1985). Al-Sulutat al-Thalath fi al-Islam, Al-tashreea wal-Qadaa wal-Tanfeeth. (The
three authorities in Islam, legislation, judiciary and implementation. (Second Edition). Kuwait: Dar
Al-Qalam.
Ibn Khaldun, A. (1966). Al-Moqaddimah. ( The Introduction). Editing book.
Khalil, O. & Al-Tamawi, S. (1950). Al-Qanoon al-Dostouri. (The Constitutional law. (Second
Edition). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Khalil, M. (1971). Al-Nizam al-Siasi wal-Qanoon al-Dostouri. (Political Systems and
Constitutional Law. (No Publisher)
Khalil, M. (1978). Al-Qanoon al-Dostouri wal-Nuzum al-Siasiyah (Constitutional law and
political systems.). (No Publisher)
Al-Radwani, M. (2014). Madkhal ila al-Qanoon al-Dostouri (Introduction to constitutional law.
(Second Edition). Rabat: Al-Maaref al-Jadeedah Press.

99 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
‫ أنس عبد هللا القرعان‬.‫د‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
ُّ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام‬

Raad, N. (2008). Al-Qanoon al-Dostouri al-Aam (General constitutional law. (Second Edition).
Beirut: Modern Book Foundation.
Rockelver, N. (1963). Mostakbal al-Fidiraliyah (The future of federalism). Beirut: Dar al-Afaq
al-Jadeedah.
Al-Rayes, M. (1976). Al-Nazariyat al-Siasiyah al-Islamiyah (Islamic political theories. (Seventh
Edition). Cairo: Dar Al-Turath Library.
Al-Zuhaili, and Heba. (2003). Al-Tafseer al-Muneer (The Enlightening interpretation. (Second
Edition). Damascus: Dar Al-Fikr.
Al-Zarqa, M. (1998). Al-Madkhal al-Fiqhi al-Aam (General Jurisprudential Introduction (First
Edition). Damascus: Dar Al-Qalam.
Al-Zarkashi, M. (2000). Al-Bahr al-Muheet fi osoul al-Fiqh (The ocean sea in the principles of
jurisprudence. (First Edition). Beirut: Dar al-Kotob al-Ilmiyah.
Abu Zahra, M. (No Date). Al-wihdah al-Islamiyah (Islamic unity). Beirut: Dar Al Raed Al Arabi.
Abu Zahra, M. (1995). Al-Alaqat al-Dawliyah fi al-Islam (International Relations in Islam. Cairo:
Dar Al-Fikr Alarabi.
Zaytoun, W. (2010). Al-Moajam al-Siasi (Political dictionary). (First Edition). Amman: Dar
Osama for Publishing and Distribution.
Al-Samarrai, A. (2016). Al-Nizam al-Fidirali wa atharuhu ala al-Wihdah al-Mojtamaiyah ,
Nazrah Fqhiah Moasirah (The federal system and its impact on societal unity, a contemporary
jurisprudential view), Alukah network.
Sultan, H. (1986). Ahkam al-Qanoon al-Dawli fi al-Shariea al-Islamiyah (Provisions of
International Law in Islamic Sharia) Cairo: Dar Al-Nahda Al-Arabiya.
Al-Shatby, I. (1997). Al-Moafaqat fi Osoul al-Fiqh (Consents in the principles of jurisprudence.
Investigation: Mashhour bin Hassan. (First Edition). News: Dar Ibn Affan for publishing and
distribution.
Shabeer, M. (2000). Al-Qawaed al-Kulliyah wal-Dawabet al-Fiqhiyah fi al-Sharea al-Islamiyah
(The overall rules and regulations of jurisprudence in Islamic law. (First Edition), Amman: Dar Al-
Furqan for Publishing and Distribution.
Shabeer, M. (2014). Al-Takyeef al-Fiqhi lil waqae al-Mostajadda wa tatbeeqatihi al-Fiqhiyah
(Jurisprudential adaptation of emerging facts and its doctrinal applications. (Second Edition).
Damascus: Dar Al-Qalam.
Al-Shuaibi, A. (2005). Watheeqat al-Madinah al-Madmoun wa al-Dalalah (Al-Medina
document, content and significance). (First Edition). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic
Affairs.
Shukri, A. (2012). Al-Nizam al-Dostouri fi al-Sharea al-Islamiyah (The constitutional system in
Islamic law. (First Edition). Beirut: Al-Halabi Publications.
Al-Sheikhly, A. (1994). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). Amman: Dar Baghdadi for
Publishing and Distribution.
Al-Salih, S. (1965). Al-Nuzum al-Islamiyah Nashaatuha wa Tataworoha (Islamic systems,
inception and development) (First Edition). Beirut: Dar al-Ilm lilmalayeen.
Al-Saidi, H. (No Date). Al-nazariah al-Iaslamiah fi al-Dawlat mae almuqaranah binazrat al-
Dawlat fi al-Fiqh al-Dusturii al-Hadith
(The Islamic theory of the state with comparison to the state's view in modern constitutional
jurisprudence. (First Edition). Egypt: Dar Al-Nahda.
43. Salahat, S. (2006). Moajam al-Mustalahat al-Siasiyah fi Turath al-Foqahaa (A dictionary
of political terms in the heritage of jurists). (First Edition). Cairo: Al Shorouk International Library.
Al-Tabari, M. (2001). Tafseer al-Tabari (Tabari's interpretation). Investigated by: Abdullah Al-
Turki. (First Edition). Giza: Dar Hajar.

100 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
‫ أنس عبد هللا القرعان‬.‫د‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
ُّ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام‬

Tabliah, Al-Qutb. (1978). Nizam al-Idarah fi al-Islam Dirasat Muqaranah bil Nuzum al-
Muqaranah (The management system in Islam a comparative study with the comparative systems.
(First Edition). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Tamawi, S. (1967). Al-Wajeez fi al-Qanoon al-Idari (The Summery in Administrative Law.
Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Tahrawi, H. (2006). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). (First Edition). Amman: Dar
al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Al-Tahrawi, H. (2006). Al-Nuzum al-Siasiyah wal-Qanoon al-Dostouri (Political systems and
constitutional law). (First Edition). Amman: Dar al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Abdo, M. (1993) Al-amal al-Kamilah (The Complete Works). Investigation: Muhammad Emara.
(First Edition). Beirut: Dar Al-Shorouk.
Alloun, A. (2006). Al-Nuzum al-Siasiyah wal-Nizam al-Dostouri (Political systems and
constitutional law). (First Edition). Amman: Dar al-Thaqafah for Publishing and Distribution.
Al-Alawi, S. (2010). Dar al-Khilafah, Dirasah fi al-Tafkeer al-Siasi ind al-Mawardi (House of
the Caliphate, a study in political thinking at Al-Mawardi. (Second Edition). Rabat: Al-Omniah Press.
Amara, M. (2009). Islamiyat Abdul-Razzaq al-Sanhouri (The Islamisms of Abd al-Razzaq al-
Sanhouri). (First Edition). Cairo: Dar Al Salam.
Amara, M. (2011). Ihyaa al-Khilafah al-Islamiyah (Revival of the Islamic Caliphate). Cairo: Dar
Al Salam.
Al-Awadi, A. (2007). Al-Qanoon al-Dostouri al-Islami (Islamic constitutional law). (First
Edition). Amman: Al-Azhar Press.
Al-Far`, M. (2000). Al-Ahkam al-Sultaniyah (The Authoritarian rulings). (First Edition). Beirut:
Dar al-Kutub al-Ilmiyah.
Al-Qarafi, A. (2008). Al-Forouq (The Differences). Investigation: Omar Hassan Qiyam. (Second
Edition). Beirut: Al-Resala Foundation.
Al-Qaradawi, Y. (2009).Fiqh al-jihad, dirasat muqaranat li'ahkamih wafalsafatih fi daw'
alquran walssunah (The jurisprudence of jihad, a comparative study of its rulings and philosophy in
the light of the Qur’an and the Sunnah). (Third Edition). Cairo: Al-Madani Press.

Al-Qurtubi, M. (1964). Al-Jame fi Ahkam al-Qur'an (The Gatherer of the provisions of the
Qur'an). Investigation: Ahmed Al-Baradouni and Ibrahim Tfayesh. (I 2). Cairo: Egyptian Book
House.
Kurd Ali, M. (1934). Al-Idarah fi Izz al-Arab (The Management in the glory of the Arabs. (First
Edition). Cairo: Misr Press.
Al-Kilani, A. (2009). Al-Siasah al-Shariyah, Madkhal ila Tajdeed al-Khitab al-Islami
(Legitimate politics, an introduction to the renewal of Islamic discourse. (First Edition). Amman: Dar
Al-Furqan for Publishing and Distribution.
Liephart, A. (2006). Al-diymuqratiah al-Tawafuqiah fi mujtamae mutaddid
(Consensual democracy in a multiple society). Translation: Hosni Zina. (First Edition). Baghdad:
Dar Al Furat for Publishing and Distribution.
Laila, M.(1967). Al-Qanoon al-Dostouri (The Constitutional law). Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Layla, M. (1971). Al-Nuzum al-Siasiah, al-Dawlah wal-Hokomah (Political systems, the state
and the government. Cairo: Dar Al-Fikr Alarabi.
Al-Mawardi, A. (1989). Al-Ahkam al-Sultaniyah wal wilayat al-Diniah (Authoritarian rulings
and religious jurisdiction). Investigation: Ahmed Mubarak Baghdadi. (First Edition). Kuwait: Dar Ibn
Qutayba.
Metwally, A. (1977). Mabadi nizam al-hukm fi al'Islam mae almuqaranah bi al-Mabadi al-
Dostowryah al-Hadithah (Principles of the system of governance in Islam with comparison with
modern constitutional principles. (Third Edition). Alexandria: Munshaat al-Maaref.

101 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0
‫ أنس عبد هللا القرعان‬.‫د‬ ‫الدستوري اإلسالمي‬
ُّ ‫الالمركزيَّة السياسيَّة في النظام‬

Metwally, A. (1985). Azmat al-Fiqr al-Siasi al-Islami fi al-Asr al-Hadeeth ( The crisis of Islamic
political thought in the modern era. (Third Edition). Cairo: The Egyptian General Book Authority.
Mustafa, M. (1990). Aqaleem al-Dawlah al-Islamiyah bain al-lamarkaziyah al-Siasiyah wal-
lamarkaziyah al-Idariyah (The regions of the Islamic state between political decentralization and
administrative decentralization. Alexandria: The Egyptian General Book Organization.
Bahrain Institute for Political Development. (2014 ). A dictionary of political terms. Manama.
Ibn Manzoor, M. (1414 H). Lisan al-Arab (Arabs Tongue). Beirut: Dar Sader.
Al-Mawdudi, A. (1988). Minhaj al-Inqilab al-Islami (The platform of the Islamic coup. (Third
Edition). Jeddah: Al-Dar al-Saudiah for Publishing and Distribution.
Al-Neama, I. (2009). Osoul al-Tashrea al-Dostouri fi al-Islam (The origins of constitutional
legislation in Islam. (First Edition). Baghdad: Islamic Research and Studies Center.
Nofal, A. & his companions. (2015). Al-Fidiralliyah al-Fikrah wa tadaeyat Tatbeequha fi al-
Watan al-Arabi (The Federation, the idea and the implications of its application in the Arab world.
(First Edition). Amman: Middle Eastern Studies Center.
Al-Nisaburi, M. (1434 AH). Sahih Muslim (Sahih Muslim). Beirut: Dar al-Jeel.
Al-Hamawandi, M. (1990). Al-Hokum al-Zati wal-Nuzum allamarkaziyah al-Idariyah wal-
Siasiyah (Autonomy and administrative and political decentralization systems. (First Edition). Cairo:
Dar al-Mostakbal al-Arabi.
Yakan, Z. (No Date). Al-Qanoon al-Idari (Administrative Law). Beirut: Al-Maktabah al-Asriyah

102 IUG Journal of Sharia and Law Studies (Islamic University of Gaza) / CC BY 4.0

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like