N°17 240420 192005

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫‪ #‬افتتاحية‬

‫الذيــن اســتزنفوا مــا تبقــى مــن‬ ‫الســقاط فــي ‪ 9‬ينايــر ‪،2024‬‬ ‫تؤهلــه ألن يكــون “جــدّ ” اإلنســانية‪،‬‬
‫إمكانــات ماليــة دون طائــل‪.‬‬ ‫أهــم المداخــل الممكنــة لتفســر‬ ‫بعدمــا جــرى اكتشــاف آثــار ألقــدم‬

‫خميـرة وطن‬
‫المغربيــة”‪،‬‬ ‫“الشــخصية‬ ‫ماهيــة‬ ‫بقــااي عظــام برشيــة بــن ســاحل‬
‫خالصــة الكتــاب (الــدرس االفتتاحــي)‪،‬‬
‫عــر مســار التاريــخ ومســألة أصــل‬ ‫اليوســفية والــرابط غــراب‪ ،‬وكهــوف‬
‫حســب قراءتــي الخاصة‪ ،‬أن مــا ينبغي‬
‫اإلنســان المغربــي‪ ،‬ذلــك المــوري‬ ‫تافوغالــت رشقــا‪ ،‬مــع آثــار ال‬
‫أن ينكــب عليــه اهتمــام المنشــغلني‬
‫الــذي يســتمر لغــزا لــدى الدارســن‬ ‫تقــل أهميــة تحــت كتبــان العيــون‬
‫بســؤال النهضــة وإصــاح األعطــاب‪،‬‬
‫أكــر ممــا يبــوح لهــم مــن أجوبــة‪،‬‬ ‫والداخلــة جنــواب‪.‬‬
‫هــو مشــكلة مركزيــة ونقطــة قــوة‬
‫ويســتحضر عنصــر الطبيعــة والموقــع‬
‫أساســية‪ .‬أمــا المشــكلة المركزيــة‬ ‫ويســتعني المــؤرخ الــذي فتــح عيــون‬
‫الجغرافــي المنتمــي إلــى أفريقيــا‬
‫الــي أشــار إليهــا بيّــاض فــي ارتبــاط‬ ‫جيــل كامــل مــن المغاربــة الباحثــن‬
‫والقريــب مــن أوراب‪ ،‬والمعطــى‬
‫بنقــاش مراجعــة المدونــة‪ ،‬فهــي‬ ‫والمهتمــن بتاريــخ بالدهــم‪ ،‬علــى‬ ‫فــي غيــاب هــذا االنكفــاء العملــي‬ ‫فــي عمــق اإلشــكال المركــزي‬ ‫أكــر مــا نفتقــده‪ ،‬كمغاربــة‪ ،‬فــي‬
‫ّ‬ ‫الديمغرافــي الــذي تغــذى علــى‬
‫تمــز‬ ‫ثنائيــة التقليــد والتحديــث الــي‬ ‫خلفيــات ورهانــات ضريبــة “الرتتيــب”‬ ‫علــى هــذه الــذات‪ ،‬ليــس لتغيريهــا‬ ‫الــذي تــدور عليــه أحــوال المغــرب‬ ‫خضــم هــذه التقلبــات واألمــواج‬
‫أحدثهــا‬ ‫لعــل‬ ‫متنوعــة‬ ‫روافــد‬ ‫ّ‬
‫الشــخصية المغربيــة‪ .‬هنــا ينبغــي أن‬ ‫شــكلت واحــدا مــن مظاهــر‬ ‫الــي‬ ‫أو تطويرهــا‪ ،‬بــل لفهمهــا وإنتــاج‬ ‫والمغاربــة منــذ أكــر مــن قرنــن‪،‬‬ ‫الــي تتقاذفنــا وتجعــل التطلــع‬
‫وأكربهــا كان الهجــرات األندلســية‬
‫ننبــش أكــر لنعــرف هــل هــو تقاطــب‬ ‫ميــاد المغــرب الحديــث‪ ،‬بصفــوة مــن‬ ‫مــا يالئمهــا مــن حلــول والوصفــات‬ ‫أي لمــاذا تأخرنــا وتقــدّ م اآلخــرون؟‬ ‫إلــى مســتقبلنا أشــبه ابلنطــر إلــى‬
‫ّ‬ ‫علــى‬ ‫ويعــرّج‬ ‫والموريســكية‪،‬‬
‫مولــد للطاقــة كمــا هــو الحــال فــي‬ ‫الدارســن والعلمــاء الذيــن تطرّقــوا‬ ‫و ا ختيــا ر ا ت ؟‬ ‫ّ‬
‫تخلفنــا؟‬ ‫ولمــاذا فشــلنا فــي تــدارك‬ ‫الضبــاب‪ ،‬هــو تلــك األنــوار الفكريــة‬
‫أطروحــة المفكــر عبــد اللــه العــروي‬
‫الفــزايء‪ ،‬أم مصــدر للــردد والجمــود‬ ‫لموضــوع “الشــخصية المغربيــة”‪،‬‬ ‫الــذات‬ ‫تقــرأ‬ ‫الــي‬ ‫والعلميــة‬
‫الــذي ربــط بــروز فكــرة الوطنيــة‬ ‫كتــاب “الشــخصية المغربيــة” تــرايق‬ ‫يالمــس الطيــب بيــاض العصــب‬
‫وعــدم الحســم؟ أمــا نقطــة القــوة‪،‬‬ ‫المفكريــن‬ ‫شــيخ‬ ‫يتقدّ مهــم‬ ‫وتشــخصها وتضــع األصابــع‪ ،‬علــى‬
‫ابلمخــزن ونخبــه…‬ ‫فعــال يســعف كل مــن أرهقتهــم‬ ‫الحســاس ألنــه يطــرح الســؤال‬
‫فهــي تلــك “الخمــرة المغربيــة”‬ ‫المغاربــة المعاصريــن عبــد اللــه‬ ‫مكامــن الــداء فيهــا‪ ،‬ومــن ثــم‬
‫ّ‬ ‫الفلكلوريــة‬ ‫الخطــاابت‬ ‫تخمــة‬ ‫أو‬ ‫لــف‬ ‫ودون‬ ‫مبــارش‬ ‫بشــكل‬
‫تشــكلت بفعــل تمــازج عناصــر‬ ‫الــي‬ ‫لكــن أهــم مــا أثــار انتباهــي وأنــا‬ ‫العــروي‪ ،‬ليذكرنــا ابســتمرار المعركــة‬ ‫تســاعدها علــى الخــروج مــن مناطــق‬
‫الــي زكمــت أنوفنــا حــول معــي‬ ‫دوران‪ ،‬عــدا مــا تقتضيــه أصــول‬
‫روحيــة وأخــرى ترابيــة‪ ،‬أنتجــت هــذه‬ ‫ألتهــم ال‪ 90‬صفحــة الــي يضمهــا‬ ‫المعرفــة‬ ‫لتخليــص‬ ‫الطويلــة‬ ‫والعواصــف‬ ‫االضطــراب‬
‫“تامغربيــت”‪ ،‬هــذه الكلمــة‬
‫الشــخصية المغربيــة المســتقلة عــن‬ ‫الكتــاب‪ ،‬هــو تلــك النــرة النقديــة‬ ‫المرتبطــة بهويــة المغربــي‪ ،‬أي‬ ‫بســا م ‪.‬‬
‫تلقفهــا البعــض‬ ‫ّ‬ ‫الــي‬
‫الــرق والــي تمكنــت طيلــة قــرون‬ ‫ملــم‬
‫ّ‬ ‫الواضحــة والجازمــة لمــؤرخ‬ ‫االجتماعيــة‪،‬‬ ‫وخصائصــه‬ ‫بتاريخــه‬
‫مــن بــن ثنــااي أحــد الخطــب‬ ‫وألن هــذه القــراءة ال يمكــن‬
‫مــن المواجهــة‪ ،‬مــن الصمــود أمــام‬ ‫بمجــال تخصصــه‪ ،‬للمقاربــة التقنيــة‬ ‫مــن الطابــع االســتعماري الــذي‬
‫ّ‬ ‫إلــى‬ ‫لتتحــول‬
‫ّ‬ ‫الملكيــة‬ ‫اســتحضار‬ ‫دون‬ ‫تتــم‬ ‫أن‬
‫جيــوش ايبرييــة اجتاحــت واســتباحت‬ ‫الــي طبعــت محــاوالت اإلصــاح‬ ‫المستكشــفني‬ ‫جيــل‬ ‫خلفــه‬
‫المحيطــات‪،‬‬ ‫وراء‬ ‫كاملــة‬ ‫قــارات‬ ‫الــي جــرت فــي القــرن التاســع‬ ‫ّ‬
‫مهــدوا‬ ‫الذيــن‬ ‫والمســترشقني‬
‫خطــاابت‬ ‫لتمريــر‬ ‫مطيــة‬
‫"الخمرية المغربية" اليت‬ ‫والجــذور‬ ‫للســياقات‬
‫شــوفينية وســطحية حــول‬ ‫واالمتــدادات‪ ،‬فإنين شــخصيا‬
‫لكنهــا فشــلت فــي التقــدم أكــر‬ ‫عــر وفشــلت فــي اســتباق كارثــة‬ ‫الســيايس‪.‬‬ ‫لالســتعمار‬
‫متضخمــة‬ ‫وطنيــة‬ ‫ذات‬ ‫ّ‬
‫تشكلت بفعل تمازج عناصر‬ ‫أرتــاح للمؤرخــن حــن يبــادرون‬
‫مــن بعــض الثغــور الســاحلية فــي‬ ‫الوقــوع تحــت ســيطرة األجنــي‪.‬‬
‫إن أخطــر مــا يحصــل ألمــة مــن‬ ‫فــي خيــاالت ال صلــة لهــا‬ ‫إلــى قــراءة الحاضــر‪ ،‬ألن‬
‫الشــمال والجنــوب‪.‬‬
‫فســواء المدافعــون عــن االنفتــاح‬ ‫صورتــه أســتاذة جامعيــة‬
‫ّ‬ ‫األمــم‪ ،‬مــا‬ ‫اب لو ا قــع ‪.‬‬ ‫روحية وأخرى ترابية أنتجت‬ ‫دارس التاريــخ يحــوز عينــا ال‬
‫إنهــا ابلفعل خمرية وطن‪.‬‬ ‫علــى اآلخــر واالســتلهام مــن تجاربه‪،‬‬ ‫نشــيطة مــن الجيــل الصاعــد فــي‬ ‫يملكهــا محرتفــو العلــوم‬
‫والذيــن نعتهــم الكاتــب ابلعزيزييــن‪،‬‬ ‫مجــال علــم السياســة فــي المغــرب‪،‬‬
‫ال يقــوم المــؤرخ الطيــب‬ ‫هذه الشخصية المغربية‬ ‫األخــرى‪ ،‬وهــي تلــك العــن‬
‫بيــاض أبي نقــد أو تقليــل‬
‫أو الرافعــن للــواء الرفــض والممانعة‬ ‫خــال تأطريهــا ورشــة لفائــدة طلبــة‬ ‫ابقــي‬ ‫تلغــي‬ ‫ال‬ ‫الــي‬
‫مــن قيمــة هــذه الــذات‪ ،‬بــل‬
‫ـوق والداعلــن‬
‫تجــاه هــذا اآلخــر المتفـ ّ‬ ‫الدكتــوراه حديثــا‪ ،‬هــو أن تعتقــد‬ ‫الحقــول والمقــرابت‪ ،‬لكنهــا‬
‫علــى العكــس تمامــا‪ ،‬ألنــه‬
‫إلــى اســتلهام أســباب النهــوض‬ ‫أنهــا تــدرس نفســها‪ ،‬بينمــا هــي‬ ‫تســعف فــي حســم بعــض‬
‫يســتعني بخالصــات علميــة‬
‫مــن الــرق ال الغــرب‪ ،‬والذيــن‬ ‫فــي الواقــع تنظــر إلــى نفســها‬ ‫النســبية‬ ‫هوامــش‬ ‫مــن‬
‫األركيولوجيــا‬ ‫مجــال‬ ‫مــن‬ ‫آتيــة‬
‫يمكــن نعتهــم ابلحفيظيــن‪ ،‬قاربــوا‬ ‫بعــن ليســت عينهــا‪ ،‬أي بمناهــج‬ ‫مــن‬ ‫الرصينــة‬ ‫العلميــة‬ ‫الكتابــة‬ ‫والغمــوض الــي تبقيهــا الدراســات‬
‫واآلثــار‪ ،‬ليعطينــا فكــرة ال تشــم‬
‫مشــكلة تخلــف المغــرب مــن منظــور‬ ‫وبراديغمــات أنتجهــا آخــرون لتثمــر‬ ‫توطئــة وتمهيــد‪ ،‬حــول مــن هــو‬ ‫العلميــة‪.‬‬ ‫واألبحــاث‬
‫فيهــا رائحــة المزايــدة أو المغــاالة‬
‫تقــي حصــر المشــكلة أحيانــا فــي‬ ‫المعرفــة الــي تالئمهــم وتخــدم‬ ‫هــذا االنســان المغربــي الــذي‬
‫أو االنتصــار للــذات‪ ،‬عــن غــى هــذا‬ ‫لهــذا أجــد أن كتيّبــا صغريا صــدر حديثا‬
‫الهزيمــة العســكرية وراح مــن ثــم‬ ‫مصلحتهــم ‪.‬‬ ‫يــراد لــه اليــوم أن يخــوض بــدوره‬
‫االنســان الــذي يقــال لــه اليــوم‬ ‫المغربيــة‪،‬‬ ‫“الشــخصية‬ ‫بعنــوان‬
‫يبحــث عــن وصفــة النهــوض فــي‬ ‫فــي محاولــة النهــوض وتــدارك‬
‫بيــاض‪،‬‬ ‫الطيــب‬ ‫كتــاب‬ ‫يالمــس‬ ‫تراكــم‬ ‫مــا‬ ‫بفعــل‬ ‫“المغربــي”‪،‬‬ ‫تأصيــل وتأويــل”‪ ،‬لصاحبــه المــؤرخ‬
‫إصــاح وتطويــر الجيــش‪ ،‬مــا أوقعــه‬ ‫الموقــف‪ ،‬بعدمــا فشــلت أجيــال‬
‫وهــو فــي األصــل درس افتتاحــي‬ ‫فــي موروثــه الجيــي مــن طبقــات‬ ‫واألســتاذ الجامعــي الطيــب بيــاض‪،‬‬
‫يونس مسكني‬ ‫فــي فــخ تجــار الســاح األوربيــن‬
‫قدمــه ابلمكتبــة الجامعيــة محمــد‬ ‫مــن األجــداد واآلابء؟ أليــس الخلــل‬
‫الــي‬ ‫التجــارب‬ ‫مــن‬ ‫ســميكة‬ ‫قــد المــس العصــب الحســاس‬

‫‪3‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬


‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪2‬‬
‫المواجهة بيـن إيران وإسـرائيل‪..‬‬

‫المـــأزق العربـي والمغربـي‬


‫إسماعيل حمودي‬

‫يظــل المغــرب‪ ،‬جغرافيــا‪ ،‬بعيــدا نســبيا عــن ســاحة المواجهــة المحتملــة بــن إيــران وإرسائيــل‪ .‬ويالحــظ‬
‫فــي هــذا الصــدد أنــه الــزم بعــدم التعبــر عــن موقــف معلــن‪ ،‬ســواء إزاء الهجــوم اإليرانــي علــى‬
‫إرسائيــل فــي ‪ 14‬أبريــل ‪ ،2024‬أو االعتــداء اإلرسائيلــي علــى القنصليــة اإليرانيــة فــي دمشــق فــي‬
‫األول مــن الشــهر نفســه‪.‬‬
‫ووفقــا لكتــاابت بعــض المحللــن‪ ،‬يعكــس الموقــف المغربــي ابلــزام الصمــت المــأزق األخالقــي‬
‫والســيايس الناجــم عــن اختيــاره التطبيــع مــع إرسائيــل‪ ،‬الــي تظــل قــوة محتلــة لفلســطني‪ ،‬تمــارس‬
‫العــدوان واإلابدة فــي حــق الشــعب الفلســطيين فــي غــزة والضفــة وغريهمــا‪ ،‬كمــا أنهــا كانــت‬
‫ســباقة إلــى االعتــداء العســكري علــى القنصليــة اإليرانيــة فــي دمشــق‪ ،‬والــي تتمتــع ابلحصانــة‬
‫فــي القانــون الدبلومــايس؛ وثانيــا ألن قطيعتــه الدبلوماســية مــع إيــران‪ ،‬لــن تكــون حجــة مقنعــة‬
‫للوقــوف ضدهــا فــي وجــه العربــدة الصهيونيــة فــي المنطقــة‪ ،‬مهمــا كانــت أخطــاء إيــران مقارنــة‬
‫بهــا‪.‬‬
‫ال يخلــو هــذا التحليــل مــن وجاهــة‪ ،‬لكــن خلفيــات الموقــف المغربــي تبــدو أبعــد مــن ذلــك وأعمــق‪ ،‬إذ‬
‫ترتبــط أبربعــة محــددات تتفــاوت مــن حيــث األهميــة فــي ســلم مصالحــه وأولوايتــه‪:‬‬
‫المحدد األول‪ :‬عالقاته االسرتاتيجية بدول الخليج‪،‬‬
‫المحدد الثاني‪ :‬عضويته في جامعة الدول العربية‪ ،‬والزتامه المستمر بمبدأ التضامن العربي‪،‬‬
‫المحــدد الثالــث‪ :‬البعــد اإلســامي مــن خــال منظمــة التعــاون اإلســامي‪ ،‬الــي تضــم الــدول‬
‫اإلســامية بمــا فيهــا إيــران‪،‬‬
‫المحدد الرابع‪ :‬الزتامات المغرب في إطار التحالف العسكري مع الوالايت المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫طبيعتهــا كقــوة احتــال‪.‬‬ ‫التلويــح بهــا‪ ،‬أو مــن خــال سياســات ناعمــة‬ ‫مــا يجعلهمــا وكأنهمــا األكــر نفــوذا‬ ‫لــكل قــوة إقليميــة مــن بــن القــوى‬ ‫المعادلة الصعبة‬ ‫أحــدث الهجــوم اإليرانــي علــى إرسائيــل‪،‬‬
‫مثــل التطبيــع‪ ،‬لالندماج‪/‬اخــراق دول‬ ‫وزعزعــة لالســتقرار فــي الوقــت نفســه‪.‬‬ ‫المذكــورة‪ ،‬أدوات توظفهــا لفــرض إرادتهــا‬ ‫فــي ‪ 14‬أبريــل ‪ ،2024‬رجّ ــة إقليميــة‬
‫أمــا إيــران فقــد أسســت نفوذهــا مــن‬
‫األولــى‪ ،‬أي إرسائيــل‪ ،‬تســتغل عالقاتهــا‬ ‫وحمايــة مصالحهــا‪ .‬مثــا‪ ،‬توظــف إيــران‬ ‫محدوديتــه‪،‬‬ ‫مــن‬ ‫ابلرغــم‬ ‫ودوليــة‪،‬‬
‫خــال االســتثمار فــي القــوة الصلبــة‬ ‫بني األعداء‬
‫ابلقــوى الغربيــة‪ ،‬وانخراطهــا تحديــدا فــي‬ ‫اإليديولوجيــا والقــوة العســكرية‪ ،‬فــي‬ ‫ســواء مــن حيــث األهــداف أو األســلحة‬
‫(بنــاء قــوة عســكرية ابالعتمــاد علــى‬
‫االســراتيجية األمريكيــة فــي المنطقــة‪،‬‬ ‫حــن توظــف إرسائيــل قوتهــا العســكرية‬ ‫تعــد إيــران أحــد أضلــع معادلــة التــوازن‬ ‫المســتعملة‪ .‬فهــي المــرة األولــى الــي‬
‫اإليديولوجيــا‪،‬‬ ‫وتوظيــف‬ ‫الــذات)‬
‫اإلقليمــي فــي منطقــة الــرق األوســط‪،‬‬
‫وأساســا المذهــب الشــيعي‪ ،‬لبنــاء أذرع‬ ‫تعد إيران أحد أضلع‬ ‫فتقــدم نفســها وكيــا أمينــا للغــرب‬ ‫المتينــة‬ ‫وعالقاتهــا‬ ‫والتكنولوجيــة‬ ‫تضطــر فيهــا إيــران إلــى الهجــوم بشــكل‬
‫وقيمــه‪ ،‬واألكــر قــدرة بــن قــوى اإلقليــم‬ ‫ابلقــوى الغربيــة‪ ،‬بينمــا توظــف الســعودية‬ ‫وهــي معادلــة قائمــة تحديــدا علــى التــوازن‬ ‫مبــارش علــى إرسائيــل‪ ،‬بعدمــا دأبــت علــى‬
‫مســلحة وســط األقليــات الشــيعية فــي‬ ‫معادلة التوازن‬ ‫بــن أربــع قــوى إقليميــة تتمتــع ابلقــوة‬
‫األخــرى علــى ترســيخ أســس الهيمنــة‬ ‫مركزيتهــا الدينيــة وقدراتهــا الماليــة‬ ‫توظيــف وكالئهــا للقيــام بذلــك‪.‬‬
‫المنطقــة لتكــون مواليــة لهــا وجــزءا مــن‬ ‫اإلقليمي في منطقة‬ ‫النســبية وتســعى إلــى ممارســة النفــوذ‬
‫الغربيــة فــي الــرق األوســط وشــمال‬ ‫والنفطيــة‪ ،‬أمــا تركيــا فتملــك القــوة‬
‫اســراتيجيتها العامــة‪ .‬ويبــدو أنهــا قــد‬ ‫ابلمقابــل‪ ،‬قــررت إرسائيــل الــرد علــى‬
‫الرشق األوسط‬ ‫افريقيــا‪ ،‬خصوصــا أمــام القوى المنافســة‬ ‫الناعمــة الــي عززتهــا فــي الســنوات‬ ‫والهيمنــة فــي اإلقليــم‪ :‬إيــران أبذرعهــا‬
‫نجحــت فــي تحقيــق الهدفــن معــا؛ إذ‬ ‫الهجــوم اإليرانــي‪ ،‬لكنهــا لــم تنفــذه‬
‫للغــرب ســواء كانــت دوليــة مثــل الصــن‬ ‫األخــرة ابلقــوة العســكرية‪.‬‬ ‫وحلفائهــا؛ وتركيــا مــع حلفائهــا؛ وإرسائيــل‬
‫ابتــت مــن بــن الــدول القليلــة فــي العالــم‬ ‫حــى كتابــة هــذه الســطور‪ .‬وتتخــوف‬
‫وروســيا أو إقليميــة مثــل إيــران‪ .‬لكنهــا‬ ‫المســنودة غربيــا؛ و"التكتــل العربــي" الــذي‬
‫الــي تمتلــك التقنيــة النوويــة وتكنولوجيــا‬ ‫وبــن القــوى األربعــة‪ ،‬تبــدو إيــران وإرسائيــل‬ ‫دول المنطقــة‪ ،‬ومعهــا العالــم‪ ،‬بمــا فــي‬
‫تســتعمل كل ذلــك لتثبيــت نفوذهــا‬ ‫تقــوده العربيــة الســعودية‪ ،‬لكنــه يفتقــر‬
‫صناعــة‬ ‫منهــا‬ ‫متقدمــة‬ ‫عســكرية‬ ‫األكــر اســتعماال ألدوات النفــوذ لديهمــا‪،‬‬ ‫ذلــك القــوى الغربيــة مثــل أمريــكا‪ ،‬مــن‬
‫وشــعوب المنطقــة‪ ،‬قصــد تجــاوز واقعهــا‪/‬‬ ‫اإلقليمــي ســواء ابســتعمال القــوة أو‬ ‫للتماســك الضــروري‪.‬‬
‫ّ‬
‫المســرات‪ ،‬فــي الوقــت الــذي نســجت‬ ‫وخصوصــا لقــوة الســاح فــي المنطقــة‪،‬‬ ‫أن تــؤدي المواجهــة إلــى حــرب إقليميــة‬
‫فيــه ميليشــيات ابتــت تتحكــم مــن خاللهــا‬ ‫مدمــرة فــي الــرق األوســط‪ ،‬خاصــة أن‬
‫فــي أربــع عواصــم عربيــة كمــا ص ـرّح بعــض‬ ‫إيــران هــدّ دت ابلــرد خــال ثــوان فــي حــال‬
‫مســؤوليها بذلــك ســنة ‪.2014‬‬ ‫تعرضــت ألي هجــوم إرسائيلــي قــد يتجــاوز‬
‫مــا تعتــره خطوطــا حمــراء‪ ،‬فــي إشــارة‬
‫وقــد أهلهــا كل ذلــك لتكــون رهانــا للقــوى‬
‫ربمــا إلــى برنامجهــا النــووي والمنشــآت‬
‫الكــرى‪ ،‬كمــا ســمح لهــا ابالســتثمار فــي‬
‫االســراتيجية المرتبطــة بــه‪.‬‬
‫بنــاء تحالفــات دوليــة متينــة‪ ،‬اقتصــاداي مــع‬
‫الصــن‪ ،‬وعســكراي مــع روســيا وكــوراي‬ ‫تبحــث هــذه الورقــة فــي الحســاابت‬
‫الشــمالية‪ .‬لكــن نقــط ضعفهــا تكمــن في‬ ‫العقالنيــة لــكل دولــة مــن وراء التصعيــد‬
‫محدوديــة االقتصــاد‪ ،‬وفــي عالقاتهــا‬ ‫المتبــادل‪ ،‬أخــذا بعــن االعتبــار فرضيــة تزعــم‬
‫العدائيــة مــع جريانهــا مــن جميــع الجهــات‬ ‫أن المنطقــة تخضــع لتــوازن قــوى إقليمــي‬
‫(ابكســتان‪ ،‬أفغانســتان‪ ،‬أذربيجــان‪ ،‬تركيــا‪،‬‬ ‫هــش بــن دول رئيســية فــي الــرق‬
‫البحريــن‪ ،‬الســعودية‪ ،‬اإلمــارات)‪ ،‬ابســتثناء‬ ‫األوســط‪ ،‬وكيــف أن كل حــرب بــن تلــك‬
‫العــراق الــذي جعلــت منــه منفــذا نحــو‬ ‫القــوى يمكــن أن تــؤدي إلــى تحطيــم هــذا‬
‫ســوراي والبحــر األبيــض المتوســط‪.‬‬ ‫التــوزان الهــش‪ ،‬وابلتالــي دخــول المنطقــة‬
‫فــي فــوىض بنيويــة طويلــة األمــد‪ ،‬قــد‬
‫تســتغل أمريــكا التنافــس اإلقليمــي بــن‬
‫تطيــح أبنظمــة‪ ،‬ولــن تكــون ابلضــرورة فــي‬
‫القــوى األربــع‪ ،‬للمراهنــة علــى أمرين‪ :‬عزل‬
‫صالــح إرسائيــل أو إيــران‪.‬‬
‫إيــران لتحجيــم نفوذهــا اإلقليمــي‪ ،‬ثــم‬
‫العمــل علــى نســج تحالــف بــن إرسائيــل‬ ‫كمــا تبحــث الورقــة فــي محــددات الموقــف‬
‫وبعــض دول "التكتــل العربــي"‪.‬‬ ‫العربــي أو مــا تبقــى مــن األنظمــة العربيــة‬
‫الفاعلــة فــي المنطقــة‪ ،‬خاصــة منهــا‬
‫لكــن الرهــان الثانــي يصطــدم ابعرتاضــن‪:‬‬
‫"التكتــل العربــي الجديــد" الذي يشــمل دول‬
‫األول مصــدره تركيــا الــي تقــدم نفســها‬
‫مجلــس التعــاون الخليجــي ‪ +‬األردن ومصــر‬
‫كقــوة إقليميــة بديلــة ومؤهلــة لقيــادة‬
‫والمغــرب‪ ،‬وهــو تكتــل قيــد التشــكيل‪.‬‬
‫المنطقــة؛ واالعــراض الثانــي مصــدره‬
‫تشــكيك بعــض دول "التكتــل العربــي"‬
‫فــي النــوااي الحقيقيــة ألمريــكا‪ ،‬إذ تــرى‬
‫كمــا تبحــث أكــر فــي محــددات الموقــف‬
‫فــي اســتعداء إيــران مجــرد غطــاء لترسيــع‬
‫المغربــي والخيــارات الــي قــد يفضلهــا مــن‬
‫دمــج إرسائيــل فــي المنطقــة‪ ،‬ومنحهــا‬
‫الناحيــة االســراتيجية‪.‬‬
‫دور القــوة اإلقليميــة الرئيســية‪.‬‬
‫يتبع‪...‬‬

‫الحجــج الــي ترجــح ذلــك‪ ،‬تكمــن فــي‬

‫‪7‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫العربيــة الســعودية‪ ،‬الــي تضغــط نحــو بنــاء‬ ‫األمريكيــون مــرة أخــرى إلــى بنــاء قواعــد‬ ‫القــوات األمريكيــة لصــد الغــزو العراقــي‬ ‫معطيــات أكــدت لديهــا اعتقــاد متينــا‬ ‫الوقائــع الصلبــة الــي تشــر إلــى أن دول‬
‫تــوازن إقليمــي جديــد فــي المنطقــة‪ ،‬كمــا‬ ‫عســكرية أخــرى فــي ســوراي بذريعــة‬ ‫للكويــت ســنة ‪ ،1991‬بــدل تكليــف‬ ‫أبن أمريــكا ال تأخــذ بعــن االعتبــار مصالــح‬ ‫"التكتــل العربــي" طالمــا نظــرت بريبــة‬
‫تعــر عــن ذلــك مســاعيها لبنــاء تكتــل عربــي‬ ‫مواجهــة تنظيــم "داعــش"‪ .‬ثــم حــن‬ ‫جيوشــها ابلقيــام بذلــك‪ .‬وقــد اســتجابت‬ ‫حلفائهــا الخليجيــن كمــا يتصورونها هم‪،‬‬ ‫إلــى السياســة األمريكيــة اتجــاه إيــران؛‬
‫ابتت إيران من الدول‬
‫جديــد (مجلــس التعــاون الخليجــي ‪ +‬مصــر‬ ‫هاجمــت إيــران دول الخليــج عــر أذرعهــا‬ ‫أمريــكا للدعــوة العربيــة‪ ،‬لكنهــا اقتنصــت‬ ‫وتســتعمل إيــران كورقــة الســتدراجها‬ ‫ففــي عهــد أوابمــا فوجئــت دول الخليــج‬
‫القليلة في العالم اليت‬
‫والمغــرب واألردن)‪ ،‬أو تنويــع رشاكاتهــا‬ ‫المســلحة فــي العــراق واليمــن ســنة‬ ‫تلــك الفرصــة إلنشــاء قواعــد عســكرية‬ ‫نحــو التطبيــع مــع إرسائيــل لكــي تســلم‬ ‫ابالتفــاق النــووي ســنة ‪ ،2015‬وفــي عهــد‬
‫االســراتيجية مــع الصــن وروســيا‪.‬‬ ‫‪ ،2019‬لــم ُت ّ‬
‫فعــل أمريــكا الزتاماتهــا‬ ‫فــي جــل دول الخليــج‪ .‬ثــم اســتغلت غزوهــا‬ ‫هــذه األخــرة دور القيــادة علــى العــرب ال‬ ‫تمتلك التقنية النووية‬ ‫ترامــب امتنعــت القــوات األمريكيــة الــي‬
‫العســكرية بحمايــة األجــواء الخليجيــة‪ ،‬كمــا‬ ‫للعــراق ســنة ‪ ،2003‬خــارج الرشعيــة‬ ‫علــى إيــران‪ .‬وهــو مــا ترفضــه الســعودية‬ ‫وتكنولوجيا عسكرية‬ ‫لديهــا قواعــد عســكرية فــي الخليــج عــن‬
‫ولعــل المــؤرشات علــى ذلــك عديــدة‪،‬‬
‫منهــا التنســيق الســعودي الــرويس‬
‫ســبقت اإلشــارة‪.‬‬ ‫الدوليــة لتغيــر النظــام ابلقــوة‪ ،‬وبنــاء‬ ‫تحديــدا‪ ،‬كمــا عــرت عــن ذلــك رشوطهــا‬ ‫متقدمة‬ ‫ّ‬
‫مســرات وصواريــخ ابليســتية‬ ‫اعــراض‬
‫المزيــد مــن القواعــد العســكرية علــى‬ ‫للتطبيــع مــع إرسائيــل‪.‬‬ ‫إيرانيــة اســتهدفت المجمعــات النفطيــة‬
‫لضبــط أســعار النفــط مــن داخــل "أوبيــك‬ ‫فــي ضــوء ذلــك‪ ،‬يمكــن أن نفهــم التحــوالت‬
‫حــدود تركيــا وإيــران‪.‬‬ ‫الســعودية واإلماراتيــة‪ .‬أمــا فــي عهــد‬
‫‪ ،"+‬والمصالحــة الخليجيــة مــع قطــر‪ ،‬ثــم‬ ‫الجديــدة والهادئــة فــي سياســات بعــض‬ ‫ال حاجــة الســتدعاء حجــج أكــر‪ ،‬مــن قبيــل‬ ‫الســعودية‪ ،‬ضمــن قــرارات أخــرى تســببت‬
‫جــو ابيــدن فقــد أعلــن الجيــش األمريكــي‬
‫إعــادة بنــاء الرشاكــة مــع تركيــا‪ ،‬وانتهــاء‬ ‫األنظمــة الخليجيــة‪ ،‬خصوصــا المملكــة‬ ‫وخــال "ثــورات الربيــع العربــي"‪ ،‬ســارع‬ ‫أن األنظمــة العربيــة هــي الــي اســتدعت‬ ‫فــي خيبــة أمــل كــرى لــدى دول الخليــج‪.‬‬
‫ســحب نظــام الدفــاع الجــوي "ابتريــوت" مــن‬

‫جريوزاليم بوسط‪ :‬الهجوم اإليراني أابن قوة‬


‫الحلف اإلرسائيلي العربي‬
‫التنامــي ابلرغــم مــن تزايــد الغضــب الشــعيب‬ ‫تشــكل تهديــدا أكــر ابلنســبة لهــذه الــدول”‪.‬‬ ‫قالــت صحيفــة "جريوزاليــم بوســط" االرسائيليــة‬
‫العــارم بهــذه بشــأن الحــرب اإلرسائيليــة‬ ‫فــي معــرض تحليلهــا للهجــوم اإليرانــي علــى‬
‫وخلــص تحليــل الصحيفــة العربيــة إلــى أنــه انطالقا‬
‫فــي غــزة ومــا خلفتــه مــن خســائر فــي أرواح‬ ‫إرسائيــل‪ ،‬إن هــذا األخــر لــم ينجــح فــي تفكيــك‬
‫مــن هــذا التهديــد ولــد التعــاون األمــي الــذي‬
‫الفلســطينيني العــزل‪.‬‬ ‫مــا أســمته الصحيفــة التحالــف اإلقليمــي لــدول‬
‫وصفتــه ابلوثيــق بــن إرسائيــل وهــذه الــدول‬
‫المنطقــة مــع “إرسائيــل” فــي إشــارة إلــى ردود‬
‫وبــرر التقريــر هــذه الفكــرة ابلــرد الــذي أظهرتــه‬ ‫العربيــة الــي تجمعهــا عالقــات مــع إرسائيــل‪،‬‬
‫الفعــل الــي أظهرتهــا هــذه الــدول إزاء الهجــوم‪.‬‬
‫هــذه الــدول تجــاه الهجــوم اإليرانــي‪ ،‬معتــرة‬ ‫واصفــة االتفاقيــات الــي أبرمتهــا الــدول العربيــة‬
‫أن “القــدرات الدفاعيــة الــي تراكمتهــا إرسائيــل‬ ‫تباعــا مــع تــل أبيــب بكــرة الثلــج الــي أخــذت تنمــو‬ ‫ويــرى التقريــر الــذي نرشتــه الصحيفــة أن هــذا‬
‫بهــدوء علــى مــدى الســنوات الماضيــة مــع‬ ‫وهــي تتدحــرج‪.‬‬ ‫“التحالــف” الــذي يجمــع دول المنطقــة مــع‬
‫حلفائهــا اإلقليميــن الذيــن لــم يتــم الكشــف‬ ‫“إرسائيــل” لــم يتشــكل فــي جوهــره بنــاء علــى‬
‫وأشــارت إلــى النقطــة الــي وصلتهــا هــذه‬
‫ً‬
‫علنــا‪ ،‬ســاعدت فــي التصــدي‬ ‫عــن أســمائهم‬ ‫“االعــراف بمرشوعيــة هــذه األخــرة فــي‬
‫الرسعــة فــي “التطبيــع” مــع إرسائيــل‪ ،‬قبيــل‬
‫للصواريــخ والمســرات اإليرانيــة”‪.‬‬ ‫الوجــود‪ ،‬بــل كان نتيجــة اإلدراك أبن التعــاون‬
‫الســابع مــن أكتوبــر‪ ،‬والــي تتمثــل فــي دنــو‬
‫مــع إرسائيــل مــن شــانه أن يهــزم مخططــات‬
‫واعتــرت الصحيفــة أن هــذه األحــداث خففــت‬ ‫تطبيــع الــرايض مــع تــل أبيــب‪ ،‬والــذي قالــت‬
‫الهيمنــة اإليرانيــة فــي الــرق األوســط”‪.‬‬
‫عزلــة إرسائيــل‪ .‬فــي الوقــت الــذي كانــت فيــه‬ ‫الصحيفــة إنــه كان يتــم بثبــات تحــت الطاولــة إلــى‬
‫التوتــرات مــع واشــنطن فــي ذروتهــا‪ ،‬خاصــة‬ ‫أن ابغــت ذلــك تاريــخ الســابع مــن أكتوبــر‪.‬‬ ‫وتابعــت أن قبــول تــل أبيــب مــن قبــل كل مــن‬
‫عندمــا كان الرئيــس األمريكــي جــو ابيــدن‬ ‫اإلمــارات العربيــة المتحــدة والبحريــن واألردن‬
‫وزعمــت المصــادر ذاتهــا أن الحــرب اإلرسائيليــة‬
‫ً‬
‫علنــا رئيــس الــوزراء بنيامــن نتنياهــو‬ ‫ينتقــد‬ ‫ومصــر والمغــرب‪ ،‬وبشــكل غــر رســمي‬
‫الفظيعــة الــي يشــنها جيــش االحتــال‬
‫والسياســات اإلرسائيليــة‪ ،‬ممــا أعطــى الضــوء‬ ‫ً‬
‫خوفــا‬ ‫المملكــة العربيــة الســعودية كان‬
‫اإلرسائيلــي منــذ الســابع مــن أكتوبــر مــن لــم‬
‫األخضــر لحلفــاء إرسائيــل اآلخريــن‪ ،‬مثــل بريطانيــا‬ ‫وكراهيــة لطهــران‪ .‬معتــرة أن وجــود إرسائيــل‬
‫تــن الــدول العربيــة المتحالفــة مــع إرسائيــل مــن‬
‫وفرنســا‪ ،‬ليفعلــوا الــيء نفســه – فــإن هــذا‬ ‫فــي المنطقــة “قــد يشــكل مصــدر إزعــاج لتلــك‬
‫التعــاون معهــا علــى صــد الهجــوم اإليرانــي‪.‬‬
‫الهجــوم جعلهــا تهــب لمســاعدة إرسائيــل‪.‬‬ ‫الــدول‪ ،‬لكــن أيديولوجيــة القــادة فــي إيــران‬
‫واعتــرت أن هــذا التحالــف مســتمر فــي الوجــود‬
‫يتبع‪...‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫فضــا عــن انضمــام إيــران إلــى مجموعــة‬ ‫الســعودية‪ .‬لكــن المالحــظ أيضــا أنــه‬ ‫ابلمصالحــة الســعودية اإليرانيــة برعايــة‬
‫فــي‬ ‫لروســيا‬ ‫ودعمهــا‬ ‫"بريكــس"‪،‬‬ ‫نقطــة خــاف رئيســية كذلــك بــن إرسائيــل‬ ‫صينيــة‪ ،‬وانضمــام الســعودية واالمــارات‬
‫حربهــا علــى أوكرانيــا ابلســاح والطائــرات‬ ‫وأمر يــكا‪.‬‬ ‫ومصــر إلــى مجموعــة "بريكــس" الــي‬
‫ّ‬
‫لمســر ة ‪.‬‬ ‫ا‬
‫األنظمة العربية هي‬ ‫ابتــت تكتــا لــدول عالــم الجنــوب‪ .‬عــاوة‬
‫تعتــر إرسائيــل أن تدمــر الربنامــج النــووي‬
‫اليت استدعت القوات‬ ‫علــى االتفاقيــات االســراتيجية لــدول‬
‫خطــوات تفيــد أن إيــران اختــارت االنحيــاز‬ ‫اإليرانــي أولويــة قصــوى‪ ،‬ألن حصــول إيــران‬
‫تمامــا للتكتــل الصيــي الــرويس‪ ،‬وال يبــدو‬ ‫علــى ســاح نــووي معنــاه تعــادل قــوة‬
‫األمريكية لصد الغزو‬ ‫مجلــس التعــاون الخليجــي مــع الصــن‪.‬‬

‫العراقي للكويت سنة‬ ‫وتبــدو المملكــة العربيــة الســعودية‬


‫أن المفاوضــات مــع الغــرب تظــل ذات أهميــة‬ ‫الــردع بــن الطرفــن‪ ،‬والحــال أن إرسائيــل‬
‫القــوة الممســكة بدفــة التحــول الجديــد‬
‫ابلنســبة لهــا‪ ،‬إال بقــدر مــا ســربحه مــن وقت‬ ‫تريــد أن تظــل القــوة النوويــة الوحيــدة فــي‬ ‫‪1991‬‬
‫قيــد التشــكيل‪ ،‬دون أن تنجــح فيــه تمامــا‬
‫لتطويــر قدراتهــا العســكرية وبرنامجهــا‬ ‫المنطقــة‪ ،‬تنفــرد بمــزة الــردع النــووي‪.‬‬
‫حــى اآلن‪.‬‬
‫النــووي‪ ،‬أو مــا تجنيــه مــن أرابح اقتصاديــة‬ ‫لكــن أمريــكا ظلــت تعــرض دائمــا علــى أي‬
‫أو غــر مبــارش‪ ،‬حــى فــي لحظــات التوتــر‬
‫وتجاريــة‪.‬‬ ‫خيــار عســكري لتدمــر الربنامــج النــووي‬
‫القصــوى‪ .‬ويبــدو أن التفســر األقــرب‬
‫اإليرانــي‪ ،‬رغــم التقاريــر المتواتــرة الــي‬
‫وقــد أثــرت تلــك الخطــوات علــى خيــارات إدارة‬ ‫للواقــع فــي عالقــات البلديــن يجــد أسســه‬
‫تفيــد أبن إيــران ابتــت تملــك فعــا التقنيــة‬
‫الرئيــس جــو ابيــدن‪ ،‬الــي حاولــت اســتمالة‬ ‫فــي أولويــة أمريــكا فــي الحفــاظ علــى‬
‫النوويــة‪ ،‬بــل الخــرة الالزمــة والكافيــة‬
‫إيــران مــن خــال الحديــث عــن إمكانيــة إحيــاء‬ ‫التــوازن اإلقليمــي كمــا صاغتــه فــي ظــل‬
‫لصناعــة ســاح نــووي خــال فــرة قصــرة‪.‬‬
‫االتفــاق النــووي‪ ،‬عــر مفاوضــات ثنائيــة‬ ‫قيادتهــا العالميــة منــذ نهايــة الحــرب‬
‫أمريكا وإيران‪ :‬اللغز‬
‫بوســاطة عمانيــة‪ ،‬إال أن واليتــه الرئاســية‬ ‫األدهــى مــن ذلــك‪ ،‬وابلعــودة إلــى االتفــاق‬ ‫البــاردة فــي منطقــة اســراتيجية كالــرق‬
‫األولــى قــد شــارفت علــى االنتهــاء دون‬ ‫النــووي لســنة ‪ ،2015‬يظهــر أن أمريــكا لــم‬ ‫األوســط‪ .‬وهــو تــوازن رابعــي حــى اآلن‪،‬‬ ‫أمــا العالقــات األمريكيــة اإليرانيــة فتبــدو‬
‫أن يتمكــن مــن إحــراز أي تقــدم‪ ،‬ربمــا‬ ‫تكــن تمانــع فــي حصــول إيــران علــى قنبلتها‬ ‫بعــد تحييــد العــراق ثــم ســوراي ابلقــوة‪ .‬وال‬ ‫مثــل اللغــز‪ .‬والســبب فــي ذلــك أن الــوالايت‬
‫النشــغاله ابلحــرب الروســية علــى أوكرانيــا‪،‬‬ ‫النوويــة خــال ســنوات محــدودة‪ .‬وفــي‬ ‫يبــدو أنهــا تســعى إلــى تغيــره فــي األفــق‬ ‫المتحــدة أثبتــت فــي مناســبات عديــدة أنهــا‬
‫كمــا تــدرك إيــران أن أيــة حــرب مبــارشة مــع‬ ‫وصفــة طرحهــا أكــر مــن طــرف علــى طاولــة‬ ‫ال تريــد تدمــر إيــران أو تحييدهــا تمامــا مــن‬
‫وابلتحرشــات الصينيــة ضــد تايــوان‪ ،‬ويبــدو أن‬ ‫عهــد الرئيــس أوابمــا‪ ،‬فضلــت واشــنطن‬ ‫المنظــور بإزاحــة إيــران مثــا‪ ،‬حــى لــو كانــت‬
‫إرسائيــل والغــرب‪ ،‬قــد تكلفهــا مقومــات‬ ‫القــرار األمريكيــة‪ ،‬وتشــكل الخيــار الممكــن‬ ‫معادلــة التــوازن اإلقليمــي‪ ،‬لكنهــا ال تقبــل‬
‫وضعــه ازداد تعقيــدا مــع التصعيــد اإليرانــي‬ ‫التفــاوض مــع إيــران علــى اســتعمال القــوة‬ ‫إرسائيــل تريــد وتلــح علــى ذلــك‪ ،‬لمــاذا؟‬
‫النفــوذ الرئيســية لديهــا‪ ،‬وهــي برنامجهــا‬ ‫أمامهــا‪ ،‬لكــن الســؤال يظــل هــو قدرتهــا‬ ‫بهــا قــوة إقليميــة مهيمنــة‪.‬‬
‫األخــر ابلهجــوم علــى إرسائيــل‪ ،‬بشــكل‬ ‫ضدهــا‪ ،‬كمــا كانــت تنصحهــا بذلــك إرسائيــل‪.‬‬
‫فــي‬ ‫العســكرية‬ ‫وأذرعهــا‬ ‫النــووي‬ ‫علــى ردع إيــران وتحجيــم نفوذهــا فعــا‪،‬‬ ‫لقــد رأينــا كيــف أن الموقــف األمريكــي‬
‫مبــارش وألول مــرة‪ ،‬وهــي وضعيــة تزيــد‬ ‫بــن الخياريــن‪ ،‬تبــدو واشــنطن مســتعدة‬
‫المنطقــة‪ ،‬تلــك األذرع الــي قضــت عقــودا‬ ‫خصوصــا بعدمــا نســجت تكتــا واســعا مــع‬ ‫ربمــا كان الهــدف الرئيــي حينهــا هــو‬ ‫مــن إيــران ظــل محــط تشــكيك مــن لــدن‬
‫مــن تعقيــد الحســاابت األمريكيــة أكــر‪،‬‬ ‫دائمــا للتفــاوض معهــا‪ ،‬بشــكل مبــارش‬
‫فــي بنائهــا تدريجيــا‪ ،‬وابتــت مكشــوفة إثــر‬ ‫الصــن وروســيا ودول أخــرى‪.‬‬ ‫افتكاكهــا مــن المحــور الصيــي والــرويس‪،‬‬ ‫بعــض دول "التكتــل العربــي"‪ ،‬خصوصــا‬
‫وتدفــع البعــض إلــى افــراض أن االنحيــاز‬
‫مــا ســمي بـ"ثــورات الربيــع العربــي"‪ ،‬بعدمــا‬ ‫وإدماجهــا فــي اقتصــاد الســوق الحــر‪،‬‬
‫مــا ال يطرحــه أصحــاب هــذا الــرأي‪ ،‬هــو أن‬ ‫اإليرانــي التــام للتكتــل الــرويس الصيــي‪،‬‬
‫صــرّح مســؤولوها عالنيــة عــن تحكمهــا‬ ‫وابلتالــي تخفيــف الحضــور األمريكــي‬
‫هــذه الحســاابت تلتقــي مــع حســاابت‬ ‫والتصعيــد األخــر ضــد إرسائيــل‪ ،‬قــد يضغــط‬
‫فــي أربــع عواصــم عربيــة علــى األقــل هــي‬ ‫منطقــة الــرق األوســط‪ ،‬لالنتقــال إلــى‬
‫إيــران كذلــك‪ ،‬الــي ال تريــد أن تتحطــم فــي‬ ‫علــى أمريــكا التخــاذ قــرار رادع ضــد إيــران‪ ،‬أو‬
‫اليمــن وســوراي ولبنــان والعــراق‪.‬‬ ‫منطقــة المحيــط الهــادي لتطويــق المــارد‬
‫أي حــرب مــع إرسائيل‪/‬الغــرب‪ ،‬ال يبــدو‬ ‫الســماح بذلــك إلرسائيــل‪.‬‬
‫الصيــي‪.‬‬
‫يبــدو أنــه بســبب االعتبــارات الســابقة‪ ،‬كان‬ ‫أنهــا جاهــزة لهــا حــى اآلن‪ ،‬بســبب تدهــور‬
‫لكــن مــا حــدث منــذ هجــوم إيــران علــى‬
‫الهجــوم اإليرانــي ضــد إرسائيــل محــدودا‪،‬‬ ‫واالجتماعــي‪،‬‬ ‫االقتصــادي‬ ‫وضعهــا‬ ‫لكــن الوضــع تغــر جوهــراي مــع مجــيء‬
‫إرسائيــل‪ ،‬فــي ‪ 14‬أبريــل‪ ،‬يرجــح االحتمــال‬
‫النتفــاء عنصــر المباغتــة عنــه‪ ،‬ومــن حيــث‬ ‫ولعــدم امتالكهــا قــوة ردع عســكرية‬ ‫ترامــب‪ ،‬الــذي فضــل اعتمــاد سياســة‬
‫المضــاد‪ ،‬أي اســتبعاد أي ســيناريو‬
‫نوعيــة األســلحة المســتعملة‪ ،‬الــي‬ ‫متقدمــة وكافيــة لمواجهــة إرسائيــل‪،‬‬ ‫العقــوابت القصــوى ضــد إيــران‪ ،‬إلــى جانــب‬
‫أمريكــي يقبــل بمواجهــة شــاملة ومدمــرة‬
‫قصــدت علــى مــا يبــدو اختبــار أنظمــة الدفــاع‬ ‫خصوصــا الــردع النــووي‪.‬‬ ‫ضــرابت عســكرية مؤلمــة لميليشــياتها‬
‫ضــد إيــران‪ ،‬ليظــل الخيــار الممكــن مــرة‬
‫الجــوي فــي إرسائيــل‪ ،‬والكشــف عــن نقــط‬ ‫فــي العــراق وســوراي (مقتــل الجــرال‬
‫أخــرى هــو عقــوابت قصــوى ضــد إيــران‬
‫القــوة والضعــف فــي اســراتيجيتها للــردع‬ ‫ســليماني)‪ ،‬وقــد تبــن فشــل تلــك‬
‫ووكالئهــا‪ ،‬تشــمل الــدول والــركات‬
‫والدفــاع‪ ،‬واختبــار حــدود الحمايــة الغربيــة‬ ‫السياســة مــرة أخــرى‪ ،‬بــل أدت إلــى نتائــج‬
‫الــي تســاعدها علــى "التنفــس"‪ ،‬وأن‬
‫إلرسائيــل‪ ،‬عــاوة علــى تأكيــد هبيتهــا‬ ‫أثبتت الوالايت المتحدة‬ ‫عكســية‪ ،‬تجلــت فــي تعميــق التحالــف‬
‫تلــزم القــوى االقتصاديــة الكــرى فــي‬
‫اإلقليميــة‪ ،‬واســتجابة للغضــب الشــعيب‬ ‫في مناسبات عديدة أنها‬ ‫الصيــي‪،‬‬ ‫الــرويس‬ ‫اإليرانــي‬ ‫الثالثــي‬
‫العالــم (مجموعــة الســبع مثــا) بتنفيــذ‬
‫كمــا تؤكــد ذلــك اتفاقيــات "الرشاكــة‬
‫مــن الضــرابت اإلرسائيليــة المســتمرة‬ ‫ال تريد تدمري إيران أو‬ ‫تلــك العقــوابت‪ ،‬وفــي الوقــت نفســه‬
‫ضــد مواقعهــا وقياداتهــا العســكرية‬ ‫االســراتيجية الشــاملة" بــن الصــن وإيــران‬
‫تحييدها تماما‬ ‫دعــم القــوى النقابيــة والديمقراطيــة ضــد‬
‫بقيمــة ‪ 400‬مليــار دوالر فــي ‪ ،2020‬ثــم‬
‫فــي ســوراي‪ .‬االعتبــارات نفســها الــي قــد‬
‫النظــام اإليرانــي‪ ،‬لعــل ذلــك يســهم فــي‬
‫تدفــع إرسائيــل إلــى الــردّ علــى الهجــوم‬ ‫االرتقــاء ابلعالقــات العســكرية مــع روســيا‬
‫تفككــه وانهيــاره مــن الداخــل‪.‬‬
‫اإليرانــي كذلــك‪ ،‬أي لحفــظ هيبتهــا كدولــة‬ ‫إلــى "رشاكــة دفاعيــة كاملــة" فــي ‪.2022‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫إقليميــة‪ ،‬وتأكيــد قدرتهــا علــى حمايــة نفســها ولــو بــدون دعــم‬


‫القطيعة األولى بني المغرب وإيران في وثائق ويكيليكس‬ ‫أمريكــي‪ ،‬واختبــار قــدرات أنظمــة الدفــاع الجــوي لــدى إيــران‪،‬‬
‫ونوعيــة األســلحة الــي تمتلكهــا ولــم توظفهــا فــي الهجــوم‪،‬‬
‫وربمــا اســتغلت هــذه الفرصــة لتدمــر مواقــع اســراتيجية فــي‬
‫إيــران‪ ،‬وخصوصــا اختبــار قدراتهــا علــى تدمــر المواقــع المحصنــة‬
‫تحــت األرض‪.‬‬
‫حينهــا فــي المغــارب‪ ،‬طومــاس رايلــي‬ ‫التقليــدي للمغــرب‪ .‬بعدمــا أصبحــت إيــران‬ ‫القطيعــة الدبلوماســية التامــة بــن البلديــن‪.‬‬ ‫تعــود أول قطيعــة دبلوماســية رســمية‬
‫لرؤســائه فــي واشــنطن‪ ،‬تفاصيــل الحديــث‬ ‫فــي اســتعمال ســفارتها لــدى المغــرب‪،‬‬ ‫بــن المغــرب وايــران فــي عهــد الملــك‬ ‫عمومــا‪ ،‬فــإن الموقــف األمريكــي الرافــض ألي مواجهــة إقليميــة‬
‫وفيمــا جــاءت الخطــوة رســميا نتيجــة لبيــان‬
‫الــذي دار بــن الكاتــب العــام لــوزارة الخارجيــة‬ ‫كمنصــة إلطــاق دعايتهــا الشــيعية فــي‬ ‫محمــد الســادس‪ ،‬إلــى مــارس ‪ ،2009‬حــن‬ ‫شــاملة بــن إيــران وإرسائيــل‪ ،‬يجعــل مــا حصــل حــى اآلن كمــا لــو أنــه‬
‫للخارجيــة اإليرانيــة‪ ،‬هاجــم رســالة مــن‬
‫المغربيــة حينهــا‪ ،‬الســفري الحالــي للمغــرب‬ ‫اإلفريقــي‪.‬‬ ‫الغــرب‬ ‫أعلنــت وزارة الخارجيــة المغربيــة أن "المغــرب‬ ‫اختبــار متبــادل للقــوة‪ .‬لكــن التخوفــات فــي المنطقــة نابعــة مــن‬
‫الملــك المغربــي محمــد الســادس‪ ،‬موجهــة‬
‫فــي واشــنطن يوســف العمرانــي‪ ،‬ومديــرة‬ ‫اســتدعى يــوم ‪ 25‬فربايــر مــن تلــك الســنة‪،‬‬ ‫احتمــال تطــور الهجــوم والهجــوم المضــاد إلــى مواجهــة شــاملة‪،‬‬
‫وأوضحــت إحــدى وثائــق وكيليكــس أن‬ ‫إلــى نظــره البحريــي‪ ،‬يعــر لــه فيهــا عــن‬
‫قســم المغــرب العربــي وســوراي ولبنــان‬ ‫القائــم ابألعمــال المغربي ابلنيابة بســفارتها‬ ‫فــي حالــة تجــاوز الــرد اإلرسائيلــي مــا تعتــره إيــران خطوطــا حمــراء‪،‬‬
‫القصــر الملكــي المغربــي‪ ،‬كان علــى اتصــال‬ ‫تضامنــه أمــام تصريحــات إيرانيــة تمــس‬
‫فــي الخارجيــة اإلرسائيليــة‪ ،‬حيــث قالــت‬ ‫فــي طهــران للتشــاور لمــدة أســبوع"‪ ،‬وأنهــا‬ ‫أي برنامجهــا النــووي تحديــدا‪ ،‬وهــو مــا تخشــاه أكــر األنظمــة‬
‫يومــي مــع الــرايض‪ ،‬ليفاجــأ الــكل‪ ،‬بمــا فيــه‬ ‫بســيادة البحريــن‪ ،‬جــاءت ترسيبــات وثائــق‬
‫هــذه األخــرة للســفري األمريكــي ابلمغــرب‪،‬‬ ‫طلبــت توضيحــات مــن الســلطات اإليرانيــة‬ ‫العربيــة‪ ،‬الــي ابتــت تــدرك فداحــة خســائرها المحتملــة جــراء أيــة‬
‫الحكومــة المغربيــة‪ ،‬بقــرار قطــع العالقــات‬ ‫"ويكيليكــس" فــي وقــت الحــق لتكشــف‬
‫ّ‬
‫عــر لهــا عــن اســتعداد الــرابط‬ ‫إن العمرانــي‬ ‫الــي "ســمحت لنفســها ابلتعامــل بطريقــة‬ ‫حــرب شــاملة بــن إيــران وإرسائيــل وحلفائهمــا‪ .‬لذلــك تظهــر‬
‫الدبلوماســية بــن الــرابط وطهــران‪.‬‬ ‫جانبــا آخــر مــن القصــة‪.‬‬
‫الســتقبالها مــن أجــل المشــاركة فــي‬ ‫متفــردة وغــر وديــة ونــر بيــان تضمــن‬ ‫األكــر إلحاحــا فــي الضغــط مــن أجــل منــع أي مواجهــة تخــرج عــن‬
‫ّ‬
‫تعهــدت‬ ‫مقابــل هــذا التعــاون المغربــي‪،‬‬ ‫فقــد كان نصيــب المغــرب مــن كرنفــال‬ ‫الســيطرة‪ .‬لمــاذا؟‬
‫مؤتمــر لمكافحــة اإلرهــاب النــووي‪ ،‬احتضنــه‬ ‫تعبــرات غــر مقبولــة فــي حــق المغــرب إثــر‬
‫المغــرب فــي يونيــو ‪.2009‬‬ ‫المملكــة العربيــة الســعودية بضمــان‬ ‫"وكيليكــس" الــذي كشــف حقائــق كثــرة‬ ‫تضامنــه مــع مملكــة البحريــن‪ ،‬علــى غــرار‬
‫ّ‬
‫تدفــق‬ ‫اســتمرار‬ ‫وافــرا‪ ،‬عــر مئــات الوثائــق الــي أرســلتها‬ ‫العديــد مــن الــدول‪ ،‬بشــأن رفــض‬
‫ســفارة وقنصليــة‬ ‫المأزق العربي‬
‫بــدت األنظمــة العربيــة ليلــة ‪ 14‬أبريــل كالمتفــرج علــى "مرسحيــة"‪،‬‬
‫مــع علمهــا مســبقا أبنهــا موضــوع المرسحيــة أو الرهــان اإليرانــي‬
‫واإلرسائيلــي علــى حــد ســواء‪ .‬كالهمــا يريــد مــا تبقــى مــن‬
‫األنظمــة العربيــة إلــى جانبــه‪ ،‬وليــس فــي مواجهتــه‪ .‬لكــن مــن‬
‫وجهــة نظــر واقعيــة‪ ،‬تبــدو األنظمــة العربيــة أكــر مــن موضــوع‪،‬‬
‫وتشــكل فــي حــد ذاتهــا قــوة إقليميــة كامنــة ال يُ ســتهان بهــا‪،‬‬
‫وخصوصــا إذا نجحــت فــي تجــاوز واقــع التفــكك نحــو بنــاء "التكتــل‬
‫العربــي الجديــد" كمــا ســبقت اإلشــارة إليــه‪ ،‬ابلنظــر إلــى مــا يمتلكــه‬
‫مــن مــوارد قــوة وأدوات للنفــوذ‪.‬‬

‫تكمــن نقطــة ضعــف القــوة العربيــة فــي افتقارهــا لمــروع‬


‫عربــي إقليمــي بديــل‪ ،‬وهــو المــروع الــذي تحــول دونــه عوائــق‬
‫عديــدة مــن أهمهــا حســب وجهــة النظــر هاتــه؛ مشــكل الثقــة‬
‫الوالايت‬ ‫بــن األنظمــة العربيــة‪ ،‬خصوصــا بــن األنظمــة الملكيــة وتلــك‬

‫يتبع‪...‬‬
‫النفط‬ ‫المتحــدة األمريكيــة ابلمغــرب‬ ‫الجمهوريــة‪ ،‬وبــن األنظمــة الملكيــة العتيقــة والمحدثــة‪ ،‬إذ‬
‫الفــراغ‬ ‫ومــلء‬‫المدعــوم‪،‬‬ ‫إلــى واشــنطن وتــم نرشهــا فــي تلــك‬ ‫المســاس بســيادة‬ ‫تعانــي هــذه األخــرة مــن عقــدة التهديــد الوجــودي‪ ،‬خصوصــا فــي‬
‫ّ‬
‫يخلفــه انســحاب بعــض المســتثمرين‬ ‫الــذي‬ ‫الترسيبــات‪ .‬وثائــق تضمنــت أســباب قــرار‬ ‫هــذا البلــد ووحدتــه الرتابيــة"‪.‬‬ ‫منطقــة الخليــج (قطــر‪ ،‬اإلمــارات‪ ،‬الكويــت‪ ،‬البحريــن‪ ،)..‬وأبنهــا محــط‬
‫الخليجيــن مــن األوراش الكــرى للمملكــة‪.‬‬ ‫المغــرب قطــع عالقاتــه مــع ايــران‪ .‬حيــث‬ ‫وبعــد نهايــة ذلــك األســبوع وعــدم‬ ‫أطمــاع جريانهــا األقــوايء مقارنــة بهــا‪ ،‬لمــا تتوفــر عليــه مــن مــوارد‬
‫تفيــد إحــدى تلــك الوثائــق‪ ،‬أن القــرار تــم بإيعاز‬ ‫توصــل الــرابط أبيــة توضيحــات إيرانيــة‪ ،‬كانــت‬ ‫نفطيــة وماليــة‪ .‬ومنهــا التفضيــل االســراتيجي الغربــي إلرسائيــل‬
‫فــي المقابــل‪ ،‬نقــل الســفري األمريكــي‬
‫مــن المملكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬الحليــف‬ ‫علــى األنظمــة العربيــة‪ ،‬مهمــا ابلغــت فــي التعبــر عــن االمتثــال‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪12‬‬


‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫علنيــا لــدى الــوالايت المتحــدة األمريكيــة‪،‬‬ ‫االســراتيجية مــع الصــن‪ ،‬الــي توجــت‬ ‫والمداهنــة وحــى المنــاورة‪ ،‬مــا يشــعرها‬
‫الــي ســارعت إلــى الضغــط علــى الــدول‬ ‫ابلقمــة الثالثيــة (الســعودية‪ -‬الصينيــة ‪/‬‬ ‫ابلخــوف الدائــم مــن أالعيــب القــوى‬
‫الثالثــة لمنــع تفعيــل انضمامهــا إلــى‬ ‫الخليجيــة‪ -‬الصينيــة‪ /‬العربيــة ‪ -‬الصينيــة)‬ ‫اإلقليميــة فــي المنطقــة‪ ،‬ســواء إيــران‬

‫عودة الدفء في ‪2014‬‬


‫المجموعــة‪ ،‬الــي ابت ينظــر إليهــا فــي‬ ‫فــي دجنــر ‪ .2022‬وتوســيع منظمــة‬ ‫أو تركيــا او إرسائيــل‪ ،‬ومــن مكــر القــوى‬
‫الغــرب كبديــل عــن مؤسســات النظــام‬ ‫"أوبــك" لتشــمل دول أخــرى مثــل روســيا‬ ‫الكــرى كذلــك‪ ،‬خصوصــا الغربيــة منهــا‪.‬‬
‫الدولــي الليربالــي‪ ،‬وخطــوة نحــو تأســيس‬ ‫فــي إطــار مجموعــة جديــدة هــي "أوبــك‬
‫نظــام دولــي لــدول الجنــوب بقيــادة الصــن‪.‬‬ ‫‪ ،"+‬الــي تأسســت فــي ‪ ،2016‬وابتــت‬
‫تتحكــم فيهــا قوتــان نفطيتــان رئيســيتان‬ ‫لكــر تلــك العوائــق‪ ،‬طالمــا قامــت هــذه‬
‫فــي ســياق هــذا التطــور الجيوســراتيجي‬
‫همــا الســعودية وروســيا‪ ،‬إلــى جانــب ‪21‬‬ ‫الــدول بمبــادرات اصطدمــت فــي الغالــب‬
‫الشــامل‪ ،‬تبــدو مصلحــة األنظمــة العربيــة‬
‫دولــة أخــرى‪ .‬عــاوة علــى قــرار االنضمــام‬ ‫بمشــاريع جيوســراتيجية‪ ،‬تقــي عليهــا‬
‫فــي منــع تطــور المواجهــة بــن إيــران‬
‫الســعودي واإلماراتــي والمصــري إلــى‬ ‫فــي المهــد‪ ،‬كمــا حصــل مــع اتحــاد المغــرب‬
‫ســفري إيــران األخــر فــي المغــرب‬ ‫مــن أجــل تجــاوز القطيعــة وإعــادة‬ ‫بعــد قطيعــة دامــت حوالــي خمــس‬
‫وإرسائيــل إلــى حــرب إقليميــة مبــارشة‪.‬‬
‫مجموعــة "بريكــس" فــي قمتهــا األخــرة‬ ‫العربــي‪ ،‬أو مجلــس التعــاون العربــي الــذي‬
‫ابلقــول إنــه بصــدد القيــام بمهمــة‬ ‫وكانــوا‬ ‫الدبلوماســية‪،‬‬ ‫العالقــات‬ ‫ســنوات‪ ،‬عــاد الــدفء ليــدب فــي‬
‫أوال‪ ،‬ألنهــا ســتوقف التحــول القائــم نحــو‬
‫بجنــوب افريقيــا‪ ،‬وهــي خطــوة اســراتيجية‬ ‫قــي عليــه نهائيــا‪ .‬وحــده مجلــس التعــاون‬
‫تحملــه‬
‫ّ‬ ‫خــال‬ ‫مــن‬ ‫"حساســة"‬ ‫يســتغلون كل فرصــة مــن أجــل الدفــع‬ ‫أوصــال العالقــات المغربيــة اإليرانيــة‬
‫بنــاء تكتــل عربــي جديــد يعيــد التــوازن إلــى‬
‫مــن لــدن البلــدان الثالثــة‪ّ ،‬‬
‫خلفــت اســتياء‬ ‫الخليجــي ال يــزال يقــاوم بصعوبــة‪.‬‬
‫فــي‬ ‫بــاده‬ ‫ســفارة‬ ‫مســؤولية‬ ‫فــي هــذا االتجــاه"‪.‬‬ ‫عــام ‪ ،2014‬حيــث كشــفت الخارجيــة‬
‫المنطقــة‪ .‬وسيســمح‪ ،‬ثانيــا‪ ،‬إلرسائيــل‬
‫فــي الســنوات األخــرة‪ ،‬وإثــر هجــوم غربــي‬ ‫المغــرب‪ ،‬معـ ّ‬
‫ـرا لــه عــن خالــص دعواته‬ ‫االيرانيــة فــي فربايــر مــن تلــك الســنة‪.‬‬
‫ابلســيطرة علــى المنطقــة فــي غيــاب‬ ‫ولــم ينتــه العــام ‪ 2014‬إال وقــد‬
‫منظــم علــى المنطقــة (مــروع الــرق‬ ‫ابلتوفيــق والنجــاح فيهــا‪ .‬أهميــة‬ ‫عــن التوصــل الــى اتفــاق مبدئــي مــع‬
‫الــرادع اإليرانــي‪ .‬وثالثــا‪ ،‬مــن شــأن أيــة‬ ‫إلــى‬ ‫اإليرانيــة‬ ‫الســفارة‬ ‫عــادت‬
‫األوســط الكبــر‪ ،‬غــزو العــراق‪ ،‬الحــرب علــى‬ ‫هــذه المهمــة الدبلوماســية تتمثــل‬ ‫المغــرب‪ ،‬مــن أجــل إعــادة العالقــات‬
‫حــرب مبــارشة بــن الطرفــن‪ ،‬أن تجعــل مــن‬ ‫تدرك إيران أن أية حرب‬ ‫نشــاطها المعتــاد‪ ،‬بإعــان الرئاســة‬
‫اإلرهــاب‪ ،‬تداعيــات الربيــع العربــي‪،)...‬‬ ‫حســب المرجــع الديــي الشــيعي‪،‬‬ ‫الدبلوماســية بــن البلديــن‪ ،‬وإنهــاء‬
‫األرايض العربيــة ســاحة للمواجهــة‪ ،‬ومــن‬ ‫االيرانيــة تعيــن ســفري جديــد لهــا‬
‫مبارشة مع إرسائيل‬ ‫ســلكت بعــض األنظمــة خيــارات منفــردة‪،‬‬ ‫فــي كــون المغــرب مــن بــن أكــر‬ ‫خمــس ســنوات مــن القطيعــة الــي‬
‫دون شــك قــد تــؤدي إلــى إعــادة رســم‬ ‫فــي الــرابط‪ ،‬ولــم يكــن الســفري‬
‫والغرب قد تكلفها‬ ‫أي صياغــة مشــاريع إقليميــة خاصــة‬ ‫الــدول اإلســامية وأكرثهــا قــدرة‬ ‫ق ّررهــا المغــرب مــن جانــب واحــد‪.‬‬
‫الخريطــة الجيوسياســية‪ ،‬وقــد تكــون‬ ‫الجديــد ســوى الدبلومــايس الخبــر‬
‫األردن تحديــدا الضحيــة الكــرى فــي‬ ‫مقومات النفوذ الرئيسية‬ ‫بهــا‪ ،‬لكنهــا انتهــت إلــى الصــدام فيمــا‬ ‫علــى دعــم الوحــدة واالندمــاج بــن‬
‫فــي المنطقــة المغاربيــة‪ ،‬محمــد‬ ‫البيــان قــال حينهــا إن اتصــاال مبــارشا‬
‫لديها‬ ‫بينهــا‪ ،‬ســواء بشــكل منهجــي شــامل‬ ‫الــدول اإلســامية‪ ،‬فــي مواجهــة مــا‬
‫تلــك مواجهــة‪ .‬ورابعــا‪ ،‬ســرفع الحــرب‬ ‫تقــي مؤيــد‪ .‬هــذا األخــر كان مطالبــا‬ ‫جــرى بــن وزيــري خارجيــة المغــرب‬
‫(قطــر– اإلمــارات)‪ ،‬أو صــدام جزئــي بســبب‬ ‫أســماه بـ"أعــداء اإلســام"‪.‬‬
‫مــن ضغــوط الشــعوب العربيــة علــى‬ ‫قبــل شــهر مــن تعيينــه مطالبــا بــزايرة‬ ‫وايــران‪ ،‬وتــم فيــه االتفــاق علــى‬
‫أنظمتهــا السياســية‪ ،‬خصوصــا تلــك الــي‬ ‫تبايــن التصــورات واألولــوايت (الســعودية‬
‫المســؤول الديــي الشــهري فــي‬ ‫أحــد أبــرز المراجــع الدينيــة فــي ايــران‪،‬‬ ‫إقامــة عالقــات دبلوماســية‪ .‬ونقلــت‬
‫واإلمــارات فــي اليمــن ‪ -‬أو االمــارات‬
‫األوســاط الشــيعية‪ ،‬قــام ابلثنــاء‬ ‫وهــو "آيــة اللــه العظمــى صافــي‬ ‫الوكالــة االيرانيــة عــن مســاعد وزيــر‬
‫ومصــر فــي الســودان‪ .)...‬ويعتــر حصــار‬
‫علــى األرسة الملكيــة المغربيــة‪،‬‬ ‫الكلبايكانــي"‪ .‬هــذا األخــر الــذي‬ ‫الخارجيــة اإليرانــي للشــؤون العربيــة‬
‫قطــر مــن قبــل الســعودية ودول عربيــة‬ ‫ّ‬
‫موضحــا للســفري الجديــد أنهــا تنتمــي‬ ‫يعتــر أحــد أهــم المرجعيــات الدينيــة‬ ‫عبــد‬ ‫أمــر‬ ‫حســن‬ ‫واإلفريقيــة‪،‬‬
‫أخــرى أحــد نتائــج ذلــك االنقســام‪ ،‬الــذي‬
‫إلــى "األرشاف" وتنحــدر مــن ســالة‬ ‫المؤثــرة فــي القــرارات االســراتيجية‬ ‫اللهيــان‪ ،‬قولــه إن "وزيــر الخارجيــة‬
‫توقــف ابلزتامــن مــع حدثــن‪ :‬األول‪ ،‬صدمــة‬
‫الحســن بــن علــي‪ .‬وأضــاف المرجــع‬ ‫للجمهوريــة االســامية‪ ،‬اســتقبل‬ ‫ظريــف‪،‬‬ ‫جــواد‬ ‫محمــد‬ ‫اإليرانــي‪،‬‬
‫مــروع "صفقــة القــرن" لتصفيــة القضيــة‬
‫الديــي اإليرانــي أنــه يعــرف جيّــدا‬ ‫فــي‬ ‫المعــن‬ ‫اإليرانــي‬ ‫الســفري‬ ‫ونظــره المغربــي‪ ،‬صــاح الديــن‬
‫الفلســطينية‪ ،‬والثانــي الخيبــة الخليجيــة‬
‫األرسة الملكيــة ابلمغــرب ابتــداء مــن‬ ‫الــرابط وألقــى عليــه التعليمــات‬ ‫مــزوار‪ ،‬وضمــن تأكيدهمــا علــى‬
‫مــن امتنــاع أمريــكا عــن التدخــل ضــد صواريــخ‬
‫جــدّ الملــك الحالــي‪ ،‬أي الملــك محمــد‬ ‫عليــه‬ ‫يجــب‬ ‫الــي‬ ‫والتوجيهــات‬ ‫الوشــائج الــي تربــط بــن البلديــن‬
‫إيــران بســبب هجومهــا علــى المجمعــات‬ ‫ّ‬
‫الخامــس‪ ،‬ويعــرف مــدى تقديرهــم‬ ‫اتباعهــا عنــد مبارشتــه لمهامــه‬ ‫والشــعبني‪ ،‬شــددا علــى ضــرورة‬
‫النفطيــة فــي الســعودية واالمــارات‪.‬‬
‫آلل البيــت‪ .‬ودعــا المرجــع الديــي‬ ‫ابلمغــرب‪.‬‬ ‫الدبلوماســية‬ ‫اســتئناف العالقــات الدبلوماســية‬
‫أحــداث مــن بــن أخــرى نبّهــت تلــك األنظمــة‬ ‫الســفري الجديــد إلــى العمــل علــى‬ ‫ـاء‬
‫بــن البلديــن"‪ ،‬قبــل أن يؤكــد أنــه "بنـ ً‬
‫الموقــع الرســمي للمرجــع الديــي‬
‫إلــى ضــرورة إعــادة ترتيــب حســاابتها‪،‬‬ ‫تحقيــق التعــاون بــن المغــرب وإيــران‬ ‫علــى هــذا االتفــاق‪ ،‬ســيتم قريبــا‬
‫االيرانــي‪ ،‬نــر حينهــا تقريــرا موجــزا‬
‫بحثــا عــن نــوع مــن التــوازن فــي عالقاتهــا‬ ‫فــي الدفــاع المشــرك عــن إســام‬ ‫إعــادة فتــح ســفارتي البلديــن"‪.‬‬
‫حــول الــزايرة الــي قــام بهــا محمــد‬
‫الخارجيــة‪ ،‬بــن الحلفــاء والــركاء‪ ،‬مــن‬ ‫الرحمــة‪ ،‬فــي مقابــل مظاهــر القتــل‬
‫تقــي مؤيّ ــد عليــه فــي مدينــة قــم‬ ‫اســتئناف‬ ‫إلــى‬ ‫الســعي‬ ‫هــذا‬
‫وجهــة نظــر تؤكــد أن التحالــف مــع القــوى‬ ‫والعنــف الــي تــيء إلــى االســام‬
‫اإليرانيــة‪ ،‬وأهــم التوجيهــات الــي‬ ‫العالقــات الدبلوماســية بــن البلديــن‪،‬‬
‫الغربيــة ال يمنــع بنــاء رشاكات معمقــة مــع‬ ‫وتــزع المصداقيــة عــن المســلمني‪.‬‬
‫ســيحملها الدبلومــايس اإليرانــي‬ ‫جــاء وفقــا لمصــادر دبلوماســية‬
‫الصــن وروســيا‪.‬‬ ‫وحـ ّ‬
‫ـث آيــة اللــه ســفري طهــران الجديــد‬
‫الجديــد معــه إلــى الــرابط‪.‬‬ ‫مغربيــة بمبــادرة مــن الجانــب االيرانــي‪،‬‬
‫علــى تطويــر مزيــد مــن التواصــل مــع‬
‫فــي هــذا االتجــاه‪ ،‬يمكننــا فهــم عــدة‬ ‫بمســاع‬ ‫االيرانيــون‬ ‫قــام‬ ‫"حيــث‬
‫األكاديميــن والعلمــاء المغاربــة‪ ،‬مــن‬
‫مــؤرشات مــن قبيــل اتفاقيــات الرشاكــة‬ ‫طويلــة‪،‬‬ ‫مــدة‬ ‫ومنــذ‬ ‫متواصلــة‬
‫يتبع‪...‬‬

‫أجــل تبــادل األفــكار واآلراء‪.‬‬ ‫آيــة اللــه صافــي الكلبايكانــي‪ ،‬خاطــب‬

‫‪15‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪2024‬‬


‫أبريل‪2024‬‬
‫‪20‬أبريل‬
‫‪6/‬‬‫‪/ 16#‬‬
‫‪17#‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪ #‬ملف‬ ‫‪ #‬ملف‬

‫للطرفــن‪ ،‬حســب مــزان القــوى‬ ‫اإلســامية بمــا فيهــا إيــران‪ .‬لكــن تأثــر‬ ‫المحــدد الثانــي‪ ،‬يرتبــط بعضويتــه فــي‬ ‫قــد تنخــرط فيهــا بمــرر الحفــاظ علــى‬
‫العســكري واالقتصــادي بينهمــا‪،‬‬ ‫هــذا البعــد علــى الموقــف المغربــي مــن‬ ‫جامعــة الــدول العربيــة‪ ،‬والزتامــه المســتمر‬ ‫ســيادتها الجويــة‪ ،‬كمــا فعــل األردن مــع‬
‫ومســتوى جاهزيــة حلفائهمــا إلمــداد‬ ‫أيــة حــرب محتملــة بــن إيــران وإرسائيــل‬ ‫بمبــدأ التضامــن العربــي‪ ،‬الــذي أكــد عليــه‬ ‫الهجــوم اإليرانــي‪ ،‬لكنــه وجــد نفســه‬
‫والعتــاد‬ ‫ابلمقاتلــن‬ ‫منهمــا‬ ‫كل‬ ‫من شأن أية حرب إيرانية‬ ‫قــد يكــون محــدودا‪ ،‬ابلنظــر إلــى العالقــات‬ ‫دســتور ‪ ،2011‬والــذي قــد يســتند عليــه‬ ‫تكمن نقطة ضعف القوة‬ ‫فــي مــأزق‪ ،‬ألن ســلوكه المتوقــع‬
‫العســكري المتقــدم‪ .‬لكــن الخســارة‬ ‫إرسائيلية مبارشة أن تدفع‬ ‫المتوتــرة مــع إيــران‪ ،‬الــي يتهمهــا المغــرب‬ ‫للتدخــل مــن أجــل المشــاركة فــي حمايــة‬ ‫العربية في افتقارها‬ ‫والبديهــي ‪-‬إذ ال يمكــن ألي دولــة أن‬
‫األكــر أليــة حــرب شــاملة محتملــة لــن‬ ‫المغرب إلى التدخل للمشاركة‬ ‫بدعــم جبهــة البوليســاريو االنفصاليــة‬ ‫المملكــة األردنيــة أساســا‪ ،‬الــي تربطهــا‬ ‫لمرشوع عربي إقليمي‬ ‫تقبــل بتحليــق قــوات جويــة لدولــة أخــرى‬
‫تدفعهــا إيــران أو إرسائيــل ابلضــرورة‪،‬‬ ‫ضــد وحدتــه الرتابيــة‪ ،‬وزرع بــذور الفتنــة‬ ‫عالقــات وثيقــة أيضــا ابلمملكــة المغربيــة‪،‬‬ ‫فــوق مدنهــا أو قواعدهــا العســكرية‬
‫في حماية الدول الخليجية‬ ‫بديل‬
‫بــل قــد تكــون علــى حســاب األنظمــة‬ ‫المذهبيــة فــي الــدول العربيــة األخــرى‪.‬‬ ‫ســواء بــن نظامــي الحكــم (ملكــي‪/‬‬ ‫أو مواقــع اســراتيجية لديهــا‪ -‬جــ ّر‬
‫والشــعوب العربيــة المجــاورة‪ ،‬خصوصــا‬ ‫علــوي)‪ ،‬أو مــا تقتضيــه االتفاقــات المربمــة‬ ‫عليــه إدانــات واتهامــات لجيشــه وصلــت‬
‫هنــاك محــدد رابــع قــد يوجــه الســلوك أو‬
‫األردن ودول الخليــج‪ .‬مــا يجعــل مــن‬ ‫بــن البلديــن‪ ،‬مــن إســناد متبــادل فــي زمــن‬ ‫حــد الخيانــة‪ .‬وخامســا ألن أي حــرب بــن‬
‫وإنمــا قــد يمنحــه مــزة للضغــط علــى‬ ‫الموقــف المغربــي فــي أي مواجهــة‬ ‫تكــون حجــة مقنعــة للوقــوف ضدهــا فــي‬
‫هــذه الحــرب مأزقــا حقيقيــا لألنظمــة‬ ‫المحــن الــي قــد يتعــرض لهــا أحــد البلديــن‪.‬‬ ‫إرسائيــل وإيــران‪ ،‬تعــي انخــراط الميليشــيات‬
‫الــوالايت المتحــدة األمريكيــة لتضغــط‬ ‫شــاملة بــن إيــران وإرسائيــل‪ ،‬ترتبــط‬ ‫وجــه العربــدة الصهيونيــة فــي المنطقــة‪،‬‬
‫العربيــة‪ ،‬وللمغــرب كذلــك‪ ،‬وتفــرض‬ ‫ومعلــوم أن األردن مــن الــدول الداعمــة‬ ‫الشــيعية المســلحة فيهــا‪ ،‬ســواء تلــك‬
‫بدورهــا علــى إرسائيــل لمنــع أي حــرب‬ ‫ابلزتاماتــه فــي إطــار التحالــف العســكري‬ ‫مهمــا كانــت أخطــاء إيــران مقارنــة بهــا‪.‬‬
‫عليهــا جميعــا ممارســة الكثــر مــن‬ ‫للوحــدة الرتابيــة المغربيــة‪ ،‬ولمغربيــة‬ ‫المعلنــة مثــل حــزب اللــه فــي لبنــان وجماعــة‬
‫شــاملة‪ ،‬قــد تكــون ضحيتهــا الــدول‬ ‫مــع الــوالايت المتحــدة األمريكيــة‪ ،‬خصوصــا‬
‫الضغــط لــردع إرسائيــل وإيــران معــا‪،‬‬ ‫الصحــراء‪ ،‬ومــن المنتظــر أن يجــد المغــرب‬ ‫ال يخلــو هــذا التحليــل مــن وجاهــة‪ ،‬لكــن‬ ‫الحوثــي فــي اليمــن‪ ،‬والجماعــات المســلحة‬
‫العربيــة مثــل األردن والخليــج‪.‬‬ ‫بعــد انضمامــه أخــرا إلــى القيــادة األمريكية‬
‫والمســارعة فــي بنــاء تكتــل عربــي جديــد‬ ‫نفســه ملزمــا بــرد الجميــل لــأردن‪ ،‬فــي أيــة‬ ‫خلفيــات الموقــف المغربــي تبــدو أبعــد مــن‬ ‫األخــرى فــي ســوراي والعــراق‪ ،‬أو تلــك الــي‬
‫العســكرية الوســطى‪ ،‬الــي ابتــت تشــمل‬
‫بمــروع بديــل قــادر علــى مــلء حالــة‬ ‫خالصــة القــول أن المواجهــة المبــارشة‬ ‫محنــة يمكــن أن يتعــرض لهــا‪.‬‬ ‫ذلــك وأعمــق‪ ،‬إذ ترتبــط أبربعــة محــددات‬ ‫تنشــط سياســيا فقــط فــي دول الخليــج‬
‫إرسائيــل أيضــا منــذ ‪ ،2020‬لكنــه محــدد لــن‬
‫الفــراغ القاتلــة‪.‬‬ ‫بــن إيــران وإرسائيــل قــد تكــون مدمــرة‬ ‫تتفــاوت مــن حيــث األهميــة فــي ســلم‬ ‫مثــل الكويــت والبحريــن والســعودية‬
‫يملــي عليــه االختيــار بــن إرسائيــل وإيــران‪،‬‬ ‫البعــد‬ ‫فــي‬ ‫الثالــث‬ ‫المحــدد‬ ‫يتمثــل‬
‫مصالحــه وأولوايتــه‪:‬‬ ‫وعمــان‪ ،‬والــي قــد تخــرج لالحتجــاج فــي‬
‫اإلســامي‪ ،‬والمعــر عنــه مؤسســاتيا‬
‫الشــوارع‪ .‬مــا يعــي فــوىض شــاملة فــي‬
‫مــن خــال منظمــة التعــاون‬ ‫األول‪ ،‬عالقاتــه االســراتيجية بــدول الخليج‪،‬‬

‫القطيعة األخيـرة في ‪..2018‬‬


‫اإلقليــم‪ ،‬قــد يضعــف أنظمــة أخــرى‪ ،‬وقــد‬
‫اإلســامي‪ ،‬الــي تضــم الــدول‬ ‫كمــا تعــر عــن ذلــك العالقــات العائليــة‬
‫يطيــح بهــا‪.‬‬
‫والثنائيــة بــن أنظمــة الحكــم فــي المغــرب‬
‫والخليــج؛ وكــذا مــا تقتضيــه االتفاقيــات‬
‫العســكرية واألمنيــة المربمــة بــن المغــرب‬

‫دعم سعودي وغضب جزائري‬


‫واإلمــارات وبــن المغــرب والســعودية مثــا‬ ‫المأزق المغربي أيضا‬
‫مــن الزتامــات دفاعيــة متبادلــة؛ عــاوة‬
‫جغرافيــا‪ ،‬يظــل المغــرب بعيــدا نســبيا عــن‬
‫علــى المــرر الديــي المتمثــل فــي احتضــان‬
‫ســاحة المواجهــة المحتملــة بــن إيــران‬
‫الســعودية لألرايض اإلســامية المقدســة‬
‫وإرسائيــل‪ .‬ويالحــظ فــي هــذا الصــدد أنــه‬
‫(مكــة والمدينــة)‪ ،‬وهــي اعتبــارات طالمــا‬
‫األول ابالتهامــات المغربيــة‪ ،‬لكــون التنســيق العســكري بــن‬ ‫القصاصــة الرســمية الــي أعنــت الخــر‪ ،‬قالــت إن العاهلــن أكــدا‬ ‫بعــد أقــل مــن أربــع ســنوات علــى اســتئنافها‪ ،‬عــاد المغــرب فــي‬ ‫الــزم بعــدم التعبــر عــن موقــف معلــن‪،‬‬
‫اســتند إليهــا المغــرب لالنخــراط فــي الدفــاع‬
‫حــزب اللــه والبوليســاريو يجــري فــوق األرض الجزائريــة وعــر‬ ‫خــال االتصــال الهاتفــي ضــرورة توحيــد المواقــف وتنســيق‬ ‫أواســط العــام ‪ ،2018‬ليعلــن قطــع العالقــات الدبلوماســية مــع‬ ‫ســواء إزاء الهجــوم اإليرانــي علــى إرسائيــل‬
‫عــن دول الخليــج العربــي‪ ،‬ســواء فــي حــرب‬
‫ســفارة ايــران لديهــا‪ .‬الخارجيــة الجزائريــة اســتدعت الســفري‬ ‫الجهــود لمواجهــة الزنعــة العدوانيــة للنظــام اإليرانــي وتدخالتــه‬ ‫إيــران‪ ،‬لكــن الســبب هــذه المرجــة كان مختلفــا واغــر مســبوق‪،‬‬ ‫فــي ‪ 14‬أبريــل‪ ،‬أو االعتــداء اإلرسائيلــي‬
‫الخليــج األولــى ســنة ‪ ،1991‬أو حــن قطــع‬
‫المغربــي لديهــا‪ ،‬إلبالغــه احتجاجهــا علــى التصريحــات المغربيــة‪،‬‬ ‫ووكالئــه فــي شــؤون الــدول العربيــة‪ ،‬وسياســاته الهادفــة‬ ‫وهــو اتهــام طهــران بدعــم جبهــة البوليســاريو االنفصاليــة‪.‬‬ ‫علــى القنصليــة اإليرانيــة فــي دمشــق فــي‬
‫عالقاتــه مــع إيــران تضامنــا فــي البحريــن‬
‫يتضمــن ردودا دقيقــة علــى كل‬
‫ّ‬ ‫مفصــل‬
‫ّ‬ ‫فيمــا ردّ ت الــرابط ببيــان‬ ‫لزعزعــة األمــن واالســتقرار فــي العالــم العربــي‪.‬‬ ‫األول مــن الشــهر نفســه‪.‬‬
‫ورغــم حــرص الــرابط علــى التأكيــد منــذ لحظــة إعالنهــا هــذا‬ ‫فــي ‪ ،2009‬أو لمــا انخــرط فــي التحالــف‬
‫مــا صــدر مــن جانــب الجزائــر وايــران وحــزب اللــه‪.‬‬ ‫ووفقــا لكتــاابت بعــض المحللــن‪ ،‬يعكــس‬
‫الموقــف الداعــم للقــرار المغربي بقطــع العالقات الدبلوماســية‬ ‫القــرار‪ ،‬الطابــع الثنائــي للخطــوة‪ ،‬وعــدم ارتباطــه أبيــة ضغــوط‬ ‫العربــي ضــد الحوثيــن ســنة ‪ ،2016‬فيمــا‬
‫ونســبت قصاصــة لوكالــة المغــرب العربــي لألنبــاء إلــى متحــدث‬ ‫مــع إيــران‪ ،‬انتقــل مــن بيانــات وتصريحــات دول الخليــج العربــي‪،‬‬ ‫دوليــة أو إقليميــة؛ إال أن توقيــت صــدور هــذا القــرار جعلــه يزتامــن‬ ‫ســمي بـ"عاصفــة الحــزم"‪.‬‬ ‫الصمــت‬ ‫ابلــزام‬ ‫المغربــي‬ ‫الموقــف‬
‫ابســم وزارة الخارجيــة والتعــاون المغربيــة‪ ،‬إن المغــرب يتفهــم‬ ‫ليصبــح موقفــا رســميا لجامعــة الــدول العربيــة‪ .‬األخــرة عــرت‬ ‫مــع تحــركات دبلوماســية دوليــة مكثفــة مرتبطــة ابلملــف‬ ‫المــأزق األخالقــي والســيايس الــذي‬
‫وعليــه‪ ،‬مــن شــأن أيــة حــرب إيرانيــة‬
‫حــرج الجزائــر‪" ،‬وحاجتهــا للتعبــر عــن تضامنهــا مــع حلفائهــا‪ ،‬حــزب‬ ‫عــن تضامنهــا مــع المغــرب فــي قــراره قطــع عالقاتــه مــع ايــران‬ ‫النــووي اإليرانــي‪.‬‬ ‫وضــع فيــه نفســه‪ ،‬أوال ألنــه اختــار التطبيــع‬
‫إرسائيليــة مبــارشة أن تدفــع المغــرب إلــى‬
‫اللــه وايــران والبوليســاريو‪ ،‬ومحاولتهــا إنــكار دورهــا الخفــي‬ ‫"لمــا تمارســه األخــرة مــن تدخــات خطــرة ومرفوضــة فــي‬ ‫مــع إرسائيــل‪ ،‬الــي تظــل قــوة محتلــة‬
‫المملكــة العربيــة الســعودية الــي كانــت تقــود حينهــا عمليــة‬ ‫التدخــل للمشــاركة فــي حمايــة الــدول‬
‫فــي هــذه العمليــة ضــد األمــن الوطــي للمملكــة"‪.‬‬ ‫الشــؤون الداخليــة للمملكــة المغربيــة"‪.‬‬ ‫لفلســطني‪ ،‬تمــارس العــدوان واإلابدة‬
‫تعبئــة دوليــة كبــرة لمحاصــرة ايــران؛ خرجــت بشــكل متصاعــد‬ ‫الخليجيــة مــن أي تهديــد مبــارش أو محتمل‪،‬‬
‫فــي حــق الشــعب الفلســطيين فــي غــزة‬
‫وأضــاف المصــدر نفســه أن لمغــرب يتوفــر علــى معطيــات‬ ‫وبعــد أقــل مــن ‪ 24‬ســاعة مــن إعــان المغــرب قــراره قطــع‬ ‫لدعــم الخطــوة المغربيــة منــذ اللحظــات األولــى إلعالنهــا‪.‬‬ ‫خاصــة أن انــدالع الحــرب قــد يدفــع إيــران‬
‫والضفــة وغريهمــا‪ ،‬كمــا أنهــا كانــت ســباقة‬
‫دقيقــة وأدلــة دامغــة تتعلــق ابلدعــم الســيايس واإلعالمــي‬ ‫العالقــات الدبلوماســية مــع إيــران‪ ،‬مفــرا ذلــك بثبــوت روابــط‬ ‫فبعــد قصاصــة عاجلــة مــن وكالــة األنبــاء الســعودية الرســمية‪،‬‬ ‫إلــى مهاجمــة قواعــد عســكرية أمريكيــة‬
‫إلــى االعتــداء العســكري علــى القنصليــة‬
‫والعســكري الــذي يقدمــه حــزب اللــه للبوليســاريو بتواطــؤ مــع‬ ‫عســكرية بــن حــزب اللــه اللبنانــي الموالــي إليــران‪ ،‬وجبهــة‬ ‫وتغريــدة وزيــر الخارجيــة عــادل الجبــر؛ كان دور الملــك ســلمان‬ ‫وغربيــة فــي دول الخليــج‪ ،‬مثلمــا قــد يدفــع‬
‫اإليرانيــة فــي دمشــق‪ ،‬والــي تتمتــع‬
‫إيــران‪" ،‬وقــد أخــذت الســلطات المغربيــة الوقــت الكافــي للقيــام‬ ‫ـول الموضــوع إلــى محــور لمواجهــة‬
‫البوليســاريو االنفصاليــة؛ تحـ ّ‬ ‫بــن عبــد العزيــز‪ ،‬الــذي اتصــل شــخصيا ابلملــك محمــد الســادس‪،‬‬ ‫إرسائيــل الســتغالل الحــرب للتوســع علــى‬
‫ابلحصانــة فــي القانــون الدبلومــايس؛ وثانيــا‬
‫بدراســة دقيقــة لمجمــوع هــذه العناصــر قبــل أن تتخــذ قرارهــا‬ ‫مبــارشة بــن المغــرب والجزائــر‪.‬‬ ‫مؤكــدا فــي اتصــال هاتفــي مــع الملــك محمــد الســادس‪،‬‬ ‫حســاب األرايض العربيــة‪.‬‬
‫ألن قطيعتــه الدبلوماســية مــع إيــران‪ ،‬لــن‬
‫وقــوف الســعودية مــع الــرابط لمواجهــة نزعــة إيــران ووكالئهــا‬
‫هــذه األخــرة الــي تعتــر المحتضــن األول والداعــم األكــر‪،‬‬
‫العدوانيــة وتدخالتهــا فــي شــؤون الــدول العربيــة‪.‬‬
‫دبلوماســية وعســكراي لجبهــة البوليســاريو‪ ،‬تعتــر المعــي‬
‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪ #‬آراء‬

‫الكتابة الفسيفسائية!‬

‫محمد جليد‬
‫الســؤال التالــي‪ :‬مــا الغايــة مــن تأليــف روايــة فــي موضــوع ســبق أن‬ ‫لــم يخطــئ الكاتــب التونــي عيــى جابلــي‪ ،‬فــي تعليقــه علــى روايــة‬
‫تناولــه روائــي آخــر هــو محمــد أمنصــور؟ تلتقــي روايــة أمنصــور 'دمــوع‬ ‫'الفسيفســائي' للكاتــب المغربــي عيــى ناصــري‪ ،‬حــن قــال إن روايتــه‬
‫ابخــوس' مــع روايــة 'الفسيفســائي' فــي معالجتمهــا رسقــة تمثــال‬ ‫هــذه تعلــق قارئهــا علــى مشــجب التشــويق منــذ الســطور األولــى‪.‬‬
‫إلــه الخمــر الرومانــي مــن وليلــي ســنة ‪1982‬؛ ومــن ثمــة‪ ،‬معالجتهمــا‬ ‫أجــل‪ ،‬إنهــا تفعــل ذلــك بحبكتهــا المتعــددة وبنيــة أحداثهــا المتقاطعــة‬
‫موضــوع رسقــة اآلثــار فــي المغــرب‪ .‬أضــف إلــى هــذا حضــور اآلخــر الغربي‬ ‫وأســلوبها الرشــيق ولغتهــا المتينــة‪ ...‬لكــن أبــرز مــا يلفــت انتبــاه القــارئ‬
‫مــن خــال 'شــيال' األمريكيــة فــي روايــة أمنصــور‪ ،‬و'أرايدنــا نويــل' و'لينــا'‬ ‫هــو اختيــار مؤلفهــا الفــي؛ ذاك الكامــن فــي نســجها علــى لوحــة‬
‫األمريكيتــن فــي روايــة ناصــري‪ .‬هــل األمــر مجــرد مصادفــة؟ أم أنــه‬ ‫الفسيفســاء‪ :‬ثمــة ثــاث فسيفســاءات (واحــدة بباريــس‪ ،‬وثانيــة بيــت‬
‫يتعــدى ذلــك إلــى مشاكســة روائيــة بــن العملــن‪ ،‬قــد يكــون الغــرض‬ ‫جــواد‪ ،‬وثالثــة تحــت ردم وليلــي) وثــاث رواايت (ليالــي وليلــي‪ ،‬الفــى‬
‫منهــا تقديــم مشــهدية تخييليــة مغايــرة حــول الموضــوع؟ اإلجابــة عــن‬ ‫المــوري‪ ،‬ابخــوس فــي العيــادة) وثــاث فضــاءات (مكنــاس‪ ،‬زرهــون‪،‬‬
‫هــذا اإلشــكال رهينــة بمــا ســيقدمه‬ ‫وليلــي)‪ ،‬الــخ‪.‬‬
‫هــذه‬ ‫حــول‬ ‫النقــدي‬ ‫التلقــي‬ ‫وبنيــة روايــة 'الفسيفســائي' هــي‬
‫المشاكســة المفرتضــة حــى اآلن‪.‬‬ ‫بنيــة مركبــة ومتداخلــة مــن حيــث‬
‫ثمــة مالحظــة أخــرة تتعلــق ابللغــة‬ ‫ما الغاية من تأليف رواية‬ ‫األحــداث واألزمنــة واألمكنــة‪ .‬مــن‬
‫الرسديــة في رواية 'الفسيفســائي'‬ ‫ناحيــة أولــى‪ ،‬ثمــة ثــاث حــكاايت‪/‬‬
‫(وهــي مالحظــة تهــم‪ ،‬فــي‬ ‫في موضوع سبق أن تناوله‬ ‫أحــداث رئيســة مقســمة علــى فصول‬
‫الحقيقــة‪ ،‬مجموعــة مــن األعمــال‬
‫الروائيــة المغربيــة والعربيــة)‪ .‬قلــت إن‬
‫روائي آخر هو محمد أمنصور؟‬ ‫منفصلــة فيمــا بينهــا‪ ،‬هــي حــكاايت‬
‫الــرواايت الثــاث المشــار إليهــا إعــاه‪،‬‬
‫هــذا العمــل يتألــف مــن ثــاث رواايت‬ ‫فضــا عــن حكايــة جامعــة رابعــة‬
‫رئيســة ورابعــة جامعــة‪ .‬لــكل واحــدة‬ ‫تتمثــل فــي مــا يقــوم بــه مفتــش‬
‫منهــا ســارد خــاص؛ أي أن كل واحــدة‬ ‫رشطــة لحــل لغــز جريمــة معقــدة‪.‬‬
‫منهــا ينبغــي أن تتمــز عــن األخــرايت بلغــة خاصــة‪ ،‬بصــوت خــاص‪ ،‬أبســلوب‬ ‫ومــن ناحيــة ثانيــة‪ ،‬يتواصــل الحكــي ذهــااب وإاياب بــن تســعينيات القــرن‬
‫خــاص‪ ،‬بمفــردات خاصــة‪ ...‬لألســف الشــديد‪ ،‬هــذا التنــوع الصوتــي‪/‬‬ ‫المــايض (زمــن الحكايــة الجامعــة) والعصــر الرومانــي (زمــن روايــة 'الفــى‬
‫ـف فــي 'الفسيفســائي'‪ ،‬إذ نقــرأ الروايــة َ‬
‫بنفــس‬ ‫اللغــوي المفــرض منتـ ٍ‬ ‫المــوري')‪ .‬أمــا العنصــر الثالــث‪ ،‬وهــو المــكان‪ ،‬فيتــوزع علــى فضــاءات‬
‫رسدي‪ /‬لغــوي واحــد مــن البدايــة حــى النهايــة‪ .‬كان مــن المفــروض‬ ‫مختلفــة فــي مكنــاس وزرهــون ووليلي‪/‬فرطاســة (العيــادة‪ ،‬بيــت‬
‫أن تكــون لغــة الروايــة 'فسيفســائية' أيضــا‪ ،‬بمــا يســمح بظهــور تبايــن‬ ‫جــواد‪ ،‬الــزل‪ ،‬البيــت المســتأجر بزرهــون‪ ،‬المقهــى‪ ،‬الموقــع األثــري فــي‬
‫واختــاف لغــات األســتاذ والطبيبــة والروائــي األمريكيــة‪ ،‬علــى غــرار‬ ‫وليلــي‪ ،‬المدرســة‪ ،‬الفيــا‪.)...‬‬
‫تبايــن واختــاف رؤى شــخوصها وأحداثهــا وأمكنتهــا وأزمنتهــا‪ ،‬الــخ‪.‬‬ ‫واســتثمر الكاتــب مصــادر أخــرى فــي بنــاء أحــداث روايتــه وتسلســلها‪،‬‬
‫ومــع ذلــك‪ ،‬ال بــد مــن القــول إن هــذه المالحظــة ال تقلــل مــن أهميــة‬ ‫إلــى جانــب الــرواايت الثــاث الــي تضمنتهــا الروايــة الجامعــة‪ ،‬منهــا‪:‬‬
‫الروايــة‪ ،‬كونهــا تمثــل إضافــة نوعيــة إلــى األدب المغربــي المعاصــر‬ ‫مذكــرات‪ ،‬أحــام ورؤى‪ ،‬قصاصــات صحافيــة‪ ،‬مراســات‪ ،‬اقتباســات‬
‫الــذي يجــدده شــباب متحمــس راغــب فــي تجــاوز انغــاق تجريبيــة‬ ‫معرفيــة‪ ،‬الــخ‪ .‬تحتــل هــذه المصــادر مواقــع خاصــة داخــل الروايــة‪ ،‬وتطــرز‬
‫الجيــل الســابق‪ ،‬وفــي ترســيخ نمــط أدبــي قائــم علــى تعميــق التجربــة‬ ‫المــن الروائــي‪ ،‬ســواء بمــا تقدمــه علــى مســتوى تطــور الحــدث‬
‫اإلبداعيــة‪ ،‬دون أن ينــى توســيع هوامــش القــراءة والتلقــي‪ .‬وبمــا‬ ‫الروائــي‪ ،‬أو بمــا تبلــوره مــن معــارف تعكــس مســتوى الشــخصيات‪.‬‬
‫أن الســارد أشــار‪ ،‬فــي نهايــة الروايــة‪ ،‬إلــى أن الروايــة مرشــحة إلــى‬ ‫ينبغــي أال ننــى أننــا أمــام شــخصيات متعلمــة (أســتاذ وروائــي‪ ،‬مديــر‬
‫جائــزة مرموقــة فــي اإلمــارات‪ ،‬فإنــي أرشــح 'الفسيفســائي' للفــوز‬ ‫مدرســة وكاتــب‪ ،‬طبيبــة نفســانية وكاتبــة‪ ،‬ابحثــة أمريكيــة وروائيــة‪،‬‬
‫بجائــزة البوكــر العربيــة‪ ،‬وإال ســتكون مــن نصيــب 'قنــاع بلــون الســماء'‬ ‫مفتــش رشطــة وقــارئ نهــم‪ .)...‬وممــا ال شــك فيــه أن أحــد أهــداف‬
‫للفلســطيين ابســم خندقجــي‪ .‬تقتــي الموضوعيــة أال تخــرج الجائــزة‬ ‫توظيــف هــذه المصــادر يكمــن فــي خدمة تلقــي الروايــة علــى العموم‪.‬‬
‫عــن أحــد مــن االثنــن‪.‬‬ ‫فــي هــذا الجانــب‪ -‬أي تلقــي الروايــة‪ ،-‬ال بــد أن تقــود قــراءة الروايــة إلــى‬

‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪18‬‬


‫‪ #‬ثقافة‬ ‫‪ #‬ثقافة‬

‫الخوف من االجتهاد‬

‫محمد جليد‬
‫وصحيــح أيضــا أن هــذه النصــوص تتســم بطابــع‬ ‫القانونيــة والتنظيميــة فــي البلــد‪ ،‬وفــي‬ ‫يبــدو أن مبــادرة مراجعــة مدونــة األرسة بــدأت تثــر‬
‫قــديس‪ ،‬لكنــه يحتمــل فــي اآلن ذاتــه هامشــا‬ ‫مقدمتهــا تلــك الــي تتصــل ابلديــن (إذ ال نلحــظ‬ ‫حفيظــة مكونــات معينــة مــن المجتمــع المغربــي‪،‬‬
‫ذلــك‪ .‬ينبغــي لمــروع‪ ،‬مثــل هــذا‪ ،‬أن يبــي‬ ‫ال يركــزون فيهــا ســوى علــى الجانــب الديــي‪.‬‬ ‫هــو مجتمــع األندلــس الــذي اتســمت حياتــه‬ ‫واســعا ومعقــدا مــن التفســر والتأويــل‪ .‬لكــن‬ ‫التفاعــل ذاتــه فــي قضــااي تهــم الضريبــة أو‬ ‫بخــاف مــا حصــل مــع لجنــة امحمــد بوســتة فــي‬
‫الثقــة بــن أفــراد المجتمــع‪ ،‬بــن األب واألم‪،‬‬ ‫كمــا أنهــم ال يعــون جيــدا حساســية المدونــة‬ ‫اليوميــة بواقــع اجتماعــي يقــع علــى تخــوم‬ ‫علينــا أن نقــر أبن مــا نشــهده اليــوم فــي مجــال‬ ‫التعليــم أو الصحــة أو االنتخــاابت أو مــا شــابه ذل)‪.‬‬ ‫مســتهل األلفيــة الجديــدة‪ .‬ثمــة عوامــل متعــددة‬
‫بــن األخ واألخــت‪ ،‬بــن األرسة ومحيطهــا‪،‬‬ ‫وتعقيداتهــا وأبعادهــا االجتماعيــة والثقافيــة‬ ‫داينــات مختلفــة‪ ،‬مثــل المســيحية واليهوديــة‬ ‫تنظيــم األرسة‪ -‬ليــس المغربيــة فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫يعكــس موقــف المجتمــع هــذا تخوفــا واضحــا‬ ‫قــد تفــر هــذا الموقــف‪ ،‬وإن كان متباينــا‪،‬‬
‫بمــا يجعــل األرسة العمــاد األســاس فــي‬ ‫والنفســية والماديــة‪ ،‬بــل ال ينظــرون إلــى نتائــج‬ ‫واإلســامية؟ ألــم يعمــل ابالجتهــاد فــي القضــااي‬ ‫أيضــا العربيــة واإلســامية‪ -‬هــو نتــاج اجتهــادات‬ ‫مــن مســألة االجتهــاد فــي مجــال األرسة علــى‬ ‫ظاهــراي علــى األقــل‪ .‬ثمــة عوامــل ذاتيــة متصلــة‬
‫المجتمــع برمتــه‪ .‬يجــب أن يتأســس علــى‬ ‫الممارســة الراهنــة الــي أفرزتهــا المدونــات‬ ‫الــي طرحــت وقتهــا اختالفــا حــادا بــن الفقهــاء؟‬ ‫فقهــاء وأئمــة وتأويالتهــم المتواصلــة الــي‬ ‫الخصــوص‪ .‬يتنــاىس كثــرون أن واقــع األرسة‬ ‫بطبيعــة انتمــاءات بعــض أعضــاء اللجنــة السياســية‬
‫فلســفة قيميــة مغايــرة‪ ،‬قوامهــا المســاواة‬ ‫الســابقة‪ ،‬وهــي نتــاج خالــص للتفســر الفقهــي‪،‬‬ ‫كان منهــج ابــن رشــد‪ ،‬فــي هــذا البــاب‪ ،‬يرمــي إلــى‬ ‫حاولــت أن تعالــج المشــكالت المطروحــة‪ ،‬انطالقــا‬ ‫اليــوم يشــهد مشــكالت جمــة‪ ،‬أبرزهــا نســبة‬ ‫واإليديولوجيــة‪ ،‬وأخــرى موضوعيــة تتمثــل فــي‬
‫واالنفتــاح‪ ،‬ال التبعيــة واالنغــاق‪ ،‬والمشــاركة‬ ‫وال دخــل فيهــا لالجتهــاد العقلــي‪ ،‬أكان محليــا‬ ‫ترجيــح كفــة العقــل والمنطــق علــى كفــة النــص‬ ‫مــن أوامــر هــذه النصــوص ونواهيهــا‪ ،‬ومــن إعمــال‬ ‫الطــاق المرتفعــة الــي ترتجــم نوعــا مــن الفشــل‬ ‫الفهــم الديــي الســائد فــي البلــد‪ ،‬وفــي تراجــع‬
‫والمشــورة‪ ،‬ال االســتفراد والتحكــم‪ ...‬مــا لــم‬ ‫محضــا أم إمــاءا غربيــا دخيــا‪ ،‬إال فــي حــدود‬ ‫والنقــل‪ ،‬وكــر ابب الجمــود والتقليــد‪ ،‬خاصــة فــي‬ ‫االجتهــاد العقلــي لحــل القضــااي والمشــكالت‬ ‫األرسي واإلخفــاق القانونــي والتنظيمــي‪ .‬كمــا‬ ‫خطــاب الثقافــة التقدميــة والحداثيــة‪ ،‬ناهيــك‬
‫نؤمــن بنــوع مــن التفكــر العابــر لــكل الحــدود‬ ‫ضئيلــة جــدا‪.‬‬ ‫مــا يتصــل ابلفــروع؛ أي فــي مــا يفــرزه الواقــع مــن‬ ‫المســتجدة‪.‬ضرورة االجتهــاد العقلــي نابعــة مــن‬ ‫يتناســون أن النصــوص القانونيــة والتنظيميــة‬ ‫عــن أثــر خطــاب المؤامــرة الــذي اكتســب زخمــا‬
‫المؤمــن بمــا ســماه المفكــر الراحــل عبــد الكبــر‬ ‫أســئلة وقضــااي ومســتجدات‪...‬‬ ‫ضــرورة أخــرى هــي‪ :‬االســتفادة مــن إمكانيــات‬ ‫ليســت نصوصــا مقدســة‪ ،‬وأن كل مبــادرة قانونيــة‬ ‫كبــرا خــال الســنوات األخــرة‪ ،‬خاصــة فــي جانبــه‬
‫مــن هنــا‪ ،‬ينبغــي أال يحــول هــذا الخــوف مــن‬
‫الخطيــب ابلنقد المــزدوج‪ ،‬فســيبقى المجتمع‬ ‫العلــوم اإلنســانية واالجتماعيــة‪ ،‬الــي مــن‬ ‫تحتــاج‪ ،‬شــئنا أم أبينــا‪ ،‬إلــى تصحيــح وتنقيــح بعــد‬ ‫المتصــل بمحاربــة الديــن‪.‬‬
‫الجدّ ييــن فــي إنتــاج‬
‫ِ‬ ‫االجتهــاد والتفكــر‬ ‫لســت هنــا بصــدد دفــاع مســبق عــن مــروع‬
‫خاضعــا ألشــكال مختلفــة مــن الهيمنــة‬ ‫شــأنها أن تســاعد رجــال الديــن علــى فهــم واقــع‬ ‫فــرة معينــة مــن الممارســة‪.‬‬
‫أســس ومفاهيــم جديــدة حــول األرسة؛‬ ‫منتظــر‪ ،‬وال عــن ســمة مفرتضــة تمــز أعضــاء‬ ‫لنــرك هــذه العوامــل جانبــا‪ ،‬ولرنكــز علــى مســألة‬
‫والتســلط علــى الــدوام‪ .‬وهــذا مــا تبتغيــه‬ ‫المجتمــع وتحوالتــه المتســارعة فهمــا أفضــل‪.‬‬
‫أســس ومفاهيــم مــن شــأنها أن تســاعد‬ ‫اللجنــة‪ ،‬بــل أروم توضيــح مســألة أساســية‪،‬‬ ‫صحيــح أننــا أمــام قانــون يطــرح حساســية خاصــة‪،‬‬ ‫مهمــة تتمثــل فــي موقــف المجتمــع‪ -‬فــي‬
‫جهــات كثــرة ال تريــد للمجتمــع أن يتخلــص مــن‬ ‫يســع ابــن‬
‫َ‬ ‫ولنــا فــي التاريــخ أمثلــة دالــة‪ :‬ألــم‬
‫علــى تجــاوز هــذا اإلفــاس الــذي نــراه بجــاء‬ ‫قوامهــا بنــاء رأي موضوعــي متماســك بخصــوص‬ ‫ألنــه يســتلهم أهــم بنــوده مــن النصــوص‬ ‫جــزء منــه علــى األقــل‪ ،‬حــى ال نعمــم‪ -‬مــن بعــض‬
‫قيــوده وأغاللــه‪.‬‬ ‫رشــد‪ ،‬فــي كتابــه 'بدايــة المجتهــد'‪ ،‬إلــى الحــد‬
‫فــي الشــارع والمدرســة ومكتــب العمــل وغري‬ ‫جــدل كــر فيــه القيــل والقــال مــن ِقبــل أنــاس‬ ‫اإلســامية األساســية‪ ،‬أي القــرآن واألحاديــث‪.‬‬ ‫المبــادرات الراميــة إلــى إصــاح بعــض المصــادر‬
‫مــن تأثــر التقليــد القــوي داخــل مجتمــع متعــدد‪،‬‬

‫كأن أزراغيد "ذاهب إلى الحرب"‬ ‫السينما األمازيغية تتوحد في غرفة‬


‫األطقــم الفنيــة والتقنيــة العاملــة فــي مجــال‬ ‫ابدرت مجموعــة مــن المخرجــن والمنتجــن‬
‫صــدر للشــاعر المغربــي جمــال أزراغيــد ديــوان جديــد بعنــوان 'كأنــي ذاهــب إلــى حــرب'‪،‬‬ ‫الســينما األمازيغيــة‪ ،‬وإرســاء نظــام مســتدام‬ ‫والفاعلــن الســينمائيني إلــى تأســيس هيــأة‬

‫ضمــن منشــورات بيــت الشــعر فــي المغــرب'‪ .‬ويقــع فــي ‪ 96‬صفحــة مــن الحجــم‬ ‫لهــذه الصناعــة وتحســن ظــروف اشــتغالهم‪،‬‬ ‫خاصــة ابإلنتــاج الســينمائي األمازيغــي تحــت‬
‫وكــذا البحــث عــن مــوارد تقنيــة ولوجســتيكية‬ ‫مســمى "الغرفــة المغربيــة لإلنتــاج الســينمائي‬
‫المتوســط‪ ،‬ويتضمــن ســت عــرة قصيــدة متعــددة الثيمــات والمناخــات الشــعرية‬
‫للنهــوض ابلســينما األمازيغيــة‪ ،‬مــن خــال خلــق‬ ‫األمازيغــي‪ .‬فــي هــذا الســياق‪ ،‬ذكــر بــاغ‬
‫الــي ســبق للشــاعر أن نــر معظمهــا ابلملحــق الثقافــي لجريــدة 'العلــم' وجريــدة‬
‫رشاكات مــع مختلــف المؤسســات‪.‬‬ ‫لمؤســي الهيئــة أن هــذه الغرفــة‪ ،‬الــي تعــد‬
‫'القــدس العربــي'‪.‬‬
‫أول إطــار يعــى ابلنهــوض ابلقطــاع الســينمائي‬
‫وتهــدف الغرفــة المغربيــة لإلنتــاج الســينمائي‬
‫ويضــم الديــوان مجموعــة مــن القصائــد جــاءت علــى الشــكل الموالــي‪ :‬مــرااي يلفهــا‬ ‫األمازيغــي‪ ،‬تأتــي تماشــيا مــع المقتضيــات‬
‫األمازيغــي أيضــا إلــى المســاهمة فــي تنظيــم‬
‫ســكون الكــون‪ ،‬حــن يتجرعــي صــوت الكــون‪ ،‬ارتبــاك فــي فلــوات الــروح‪ ،‬صــور بلكنــة‬ ‫الدســتورية الخاصــة ابلغــة والثقافــة األمازيغية‪،‬‬
‫المجــال الســينمائي عمومــا واألمازيغــي‬
‫ســلت من‬
‫المجــاز‪ ،‬نجــوم تغــزل وحدتــي‪ ،‬زمــن يتغبــش خلــف البــاب‪ ،‬ال يشء لــي‪ ،‬خيــوط ُ‬ ‫ولمــا تكتســيه الســينما مــن أهميــة فــي‬
‫خصوصــا‪ ،‬واالنفتــاح علــى كل المبــادرات الــي‬
‫نــار‪ ،‬نتــوءات علــى خاصــرة الــروق‪ ،‬قصائــد طارئــة‪ ،‬حيــاة فــي ُخصلــة شــعر‪ ،‬موســيقى‬ ‫مــن شــأنها تنظيــم اإلنتــاج الســينمائي‬
‫الرتويــج للثقافــة والهويــة األمازيغيــة‪.‬‬

‫الوجــود‪ ،‬وشوشــات عنــد ابب القلــق‪ ،‬جلجلــة الســكون‪ ،‬شــارع يخنقــه الفــراغ‪ ،‬حناجــر‬ ‫األمازيغــي والدفــاع عــن تطويــره‪ .‬تجــدر اإلشــارة‬ ‫وأضــاف المصــدر ذاتــه أنــه تأســيس الغرفــة‬
‫تتفقــد روحهــا‪.‬‬ ‫إلــى أن المكتــب المســر للغرفــة المغربيــة‬ ‫المغربيــة لإلنتــاج الســينمائي المغربــي أيتــي‬
‫للســينما األمازيغيــة يضــم كال مــن أيــوب‬ ‫فــي مســعى للدفــاع عــن المصالــح المهنيــة‬
‫وهــذا الديــوان‪ ،‬الــذي وضــع صــورة غالفــه الفنــان الفوتوغرافــي عــادل أزمــاط‪ ،‬هــو‬
‫المحجــوب رئيســا‪ ،‬وأيــوب آيــت بيهــي نائبــا‬ ‫لــكل المهنيــن الذيــن يتمثــل نشــاطهم فــي‬
‫الخامــس ضمــن إبداعــات أزراغيــد الشــعرية‪ ،‬بعــد دواوينــه األربعــة التاليــة‪' :‬أســماء‬
‫للرئيــس‪ ،‬ولحســن فــارح كاتبــا عامــا‪ ،‬وعبــد الحــق‬ ‫إنتــاج األفــام الســينمائية األمازيغيــة على وجه‬
‫بقــد ِم الكــون' (‪،)2018‬‬
‫َ‬ ‫بحجــم الــرؤى' (‪' ،)1998‬غنــج المجــاز' (‪' ،)2011‬حــورايت‬
‫الهاديــوي أمينــا للمــال‪ ،‬وعبــد الرحمــان العلمــي‬ ‫الخصــوص‪ .‬وتطمــح الغرفــة‪ ،‬حســب البــاغ‪ ،‬إلــى‬
‫'ســمائي خفيفــة… أيهــا البيــاض'‪.‬‬
‫مستشــارا‪.‬‬ ‫توحيــد قــوى المنتجــن والمخرجــن ومختلــف‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪20‬‬


‫‪ #‬آراء‬
‫‪ #‬آراء‬

‫(بتعبــر لينــن)‪ ،‬فيســقطون بمحــض‬ ‫"حداثيــي الداخــل"‪ .‬نفــس األمــر يقــع‬ ‫يــؤدي أدواره المطلوبــة‪ .‬عمومــا‪،‬‬ ‫تعديل المدونة‪..‬‬
‫االســراتيجية‬ ‫فــي‬ ‫"إرادتهــم"‬ ‫مــع "األصوليــن"‪ ،‬لمخاطبــة إرادات‬ ‫يســود هــذا النــوع مــن الممارســة‬
‫الكــرى‪.‬‬ ‫أخــرى تراهــن علــى "الســلفيات" أو‬
‫"اإلســام الســيايس"‪.‬‬
‫فــي المراحــل االنتقاليــة‪ ،‬أو عندمــا‬
‫يكــون االســتقرار الداخلــي مهــددا‬
‫"الحداثيون" و"األصوليون"‬
‫"الصــراع‬ ‫يُ حقــق‬ ‫وال‬ ‫هــذا‬
‫أجنــي‪.‬‬ ‫ابســتهداف‬
‫اإليديولوجــي" المصلحــة فــي حالــة‬
‫واحــدة وهــي الــي يصبــح فيهــا‬
‫‪-‬إنتــاج النقيــض لــكل ضغــط أجنــي‪:‬‬
‫وهــذا أمــر مطلــوب لتقويــة موقــع‬ ‫المخاطــب لــكل ضغــط أجنــي‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪-‬إنتــاج‬ ‫واالشتراط على الدولة (‪)3‬‬
‫الحقيقــة‬ ‫عــن‬ ‫المبــارش‬ ‫التعبــر‬ ‫الدولــة فــي مواجهــة الضغــوط‬ ‫إن "حداثــة" خــارج منطــق الدولــة‬
‫االجتماعيــة الداخليــة‪ ،‬أو الخارجيــة‪،‬‬ ‫األجنبيــة‪ ،‬واالحتجــاج عليهــا بحركــة‬ ‫قــد تربــك حســاابتها وقــد تجعلهــا‬
‫أساســا للتــوازن واالســتقرار‪ .‬فــي‬ ‫المجتمــع‪ .‬النقيــض هنــا قــد يحتــج‬ ‫عرضــة لالبــزاز األجنــي تحــت قنــاع‬
‫هــذه الحالــة ابلــذات‪ ،‬يعــر الصــراع‬ ‫علــى قــرار مــا فــي الدولــة‪ ،‬إال أنــه ال‬ ‫"الحداثــة"‪ ،‬وهــذا مــا يفــرض علــى‬
‫إيديولجــي بعينــه‪ ،‬رغــم أنــه ال يعكــس الحاجــة‬
‫المذكــور عــن زيــف فــي "الممارســة‬ ‫يتعــدى بــه رفــع الحــرج عنهــا فــي‬ ‫الدولــة إنتــاج "حداثــة" خاصــة بهــا‪،‬‬
‫االجتماعيــة بشــكل مبــارش‪ ،‬فربمــا يحقــق‬
‫العمليــة"‪ ،‬أي فــي الخطــاب والنضــال‬ ‫مواجهــة الضغــط األجنــي‪ ،‬أو فــي‬ ‫حداثــة تمــارس الضغــط المضــاد على‬
‫مصلحــة الدولــة والمجتمــع معــا‪ ،‬ويعفيهمــا مــن‬
‫السياســيني‪ ،‬كمــا ظــل يعــر عــن‬ ‫ردع بعــض أصواتــه فــي الداخل‪ .‬وهذا‬ ‫صعــدت خطابهــا فــي‬
‫ّ‬ ‫األجنــي مهمــا‬
‫تبعــات "تعبــر مبــارش عــن التناقضــات االجتماعيــة‬

‫محمد زاوي‬
‫زيــف نظــري منــذ البدايــة (نســتعمل‬ ‫مــن "مكــر التاريــخ" (بتعبــر هيجــل)‪،‬‬ ‫الداخــل‪ ،‬وهــي نفســها الحداثــة‬
‫الداخليــة" فــي رشط ال يحتمــل ذلــك‪ ،‬وفــي ظــل‬
‫هنــا اإليديولوجيــا كقنــاع‪ ،‬راجــع‬ ‫حيــث تمكــر الضــرورة السياســية‬ ‫الــي تمتــص أخطــار الحداثــة الوافــدة‬
‫ثانويــة التناقضــات الداخليــة مقارنــة ابلتناقــض‬
‫"مفهــوم اإليديولوجيــا" لعبــد اللــه‬ ‫أبصحــاب "المثــل" مــن حيــث يحســبون‬ ‫وتفرغهــا مــن محتواهــا إذا تعلــق‬
‫األســايس مــع الرأســماالت الكــرى (الغربيــة‬
‫العــروي)‪.‬‬ ‫أنهــم يمكــرون بهــا‪ .‬يتعالــون علــى‬ ‫األمــر بــرط زمــي يقتــي الــزول‬
‫خاصــة)‪ .‬وهكــذا فــإن التناقــض اإليديولوجــي‬
‫الواقــع و"الحســاب ببيــض النمــل"‬ ‫عنــد رغبــة "حداثيــي الخــارج" بتنصيــب‬
‫ابلنســبة لموضــوع "تعديــل مدونــة‬ ‫يحقــق المصلحــة فــي ثــاث حــاالت‪:‬‬
‫األرسة"‪ ،‬فإنــه ليــس ببعيــد عــن‬
‫‪-‬حفظ‬
‫المذكــور أعــاه‪ ،‬خاصــة إذا تحدثنــا‬
‫االستقرار‬
‫عــن الســجال الدائــر اليــوم بــن‬
‫االجتماعي‬
‫إن‬ ‫و"الحداثيــن"‪.‬‬ ‫"األصوليــن"‬
‫التناقــض الرئيــس اليــوم ليــس‬
‫والسيايس‪:‬‬ ‫يعرب الصراع المذكور‬ ‫بــن‬ ‫التناقــض‬ ‫‪-‬حقيقــة‬
‫"األصوليــن" و"الحداثيــن"‬
‫داخليــا‪ ،‬وإن التناقــض اإليديولوجــي‬
‫ال‬ ‫حيــث‬
‫عن زيف في "الممارسة‬
‫يتحقق‬ ‫للتناقــض بــن "األصوليــن"‬
‫بــن الطرفــن المذكوريــن ربمــا‬
‫التوازن‬ ‫العملية" أي في الخطاب‬ ‫حقيقــة‬ ‫و"الحداثيــن"‬
‫يــؤدي غرضــه فــي "حفــظ التــوازن"‬
‫و"إنتــاج‬ ‫المخاطــب"‬
‫َ‬ ‫و"إنتــاج‬
‫ابلتناقض‬ ‫والنضال السياسيني‬ ‫اجتماعيــة ابطنــة مرتبطــة‬
‫االجتماعي‬ ‫االجتماعــي‬ ‫ابلجوهــر‬
‫مجتمــع‬
‫ٍ‬ ‫النقيــض"‪ ،‬فضــا عــن اختبــار‬
‫الداخلي‪،‬‬ ‫للتناقــض الداخلــي‪ ،‬كمــا‬
‫هــو دائمــا فــي حاجــة إلــى رصــد‬
‫وإنما‬ ‫هــي مرتبطــة ابلتفــاوت‬
‫تحوالتــه واســتثمار حركاتــه وقــواه‬
‫بتضبيــب هــذا التناقــض وإخفائــه‬ ‫العالمــي شــمال‪ /‬جنــوب‪ .‬وبــدل أن تنعكــس الحقيقــة‬
‫الحيــة والــي هــي فــي طريقهــا‬
‫وصبــه فــي قالــب إيديولوجــي‬ ‫االجتماعيــة فــي بنيتهــا السياســية الحقيقيــة‪ ،‬تنعكــس‬
‫هــذا‬ ‫ينفــي‬ ‫وال‬ ‫الحيــاة‪.‬‬ ‫إلــى‬
‫يعــر مــن ناحيــة عــن تفــاوت‬ ‫فــي بنيــة تخفيهــا وتضفــي عليهــا طابعــا ســحراي يســحر‬
‫حاجــة الترشيعــات إلــى مراجعــة‬
‫نظــري بــن ضفــي المتوســط‪،‬‬ ‫أعــن النــاس‪ .‬نــورد "الســحر" هنــا بمعــى ماكــس فيــر‪،‬‬
‫موضوعيــة وواقعيــة‪ ،‬فتلــك غايــة‬
‫ومــن ناحيــة أخــرى عــن تعايــش‬ ‫أي تلــك المقــوالت المختلفــة الــي تحــول بــن اإلنســان‬
‫أخــرى ربمــا تتحقــق فــي خضــم‬
‫واحــد‪،‬‬ ‫منطــق‬ ‫فــي‬ ‫منطقــن‬ ‫والحقيقــة كمــا هــي‪.‬‬
‫تدبــر "الضغــط األجنــي" واســتثمار‬
‫ومــن جهــة ثالثــة عــن رغبــة مــا‬ ‫قــد يكــون للســحر معــى إيجابــي أو ســليب‪ ،‬حســب‬
‫اإليديولوجيــة"!‬ ‫"التناقضــات‬
‫فــي حفــظ تناقــض إيديولوجــي‬ ‫المطلــوب تاريخيــا‪ .‬ولذلــك فــإن توجيــه النظــر إلــى صــراع‬

‫‪23‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪22‬‬


‫‪ #‬رايضة‬
‫‪ #‬رايضة‬

‫سقراطيس‪..‬‬
‫أسطورة الكرة الربازيلية الذي‬
‫ك ّرس حياته للديموقراطية‬

‫ليــس إال‪ ،‬فــي حــن أراد أن ُ‬


‫يصــب كل‬ ‫محمد الحاجي‬
‫تركــزه علــى دراســته للطــب‪.‬‬

‫فــي النهايــة توصلــت إدارة النــادي‬


‫بخــاف غــره مــن نجــوم منتخــب الربازيــل‬
‫الربازيلــي لصيغــة تعاقديــة تعفيــه مــن‬
‫التاريخيــن‪ ،‬لــم يمتلــك ســقراط برازيلــرو‬
‫حضــور التدريبــات‪ ،‬علــى أن يقتصــر حضــوره‬
‫ســامبايو دي ســوزا فيــرا إي أوليفــرا‪،‬‬
‫علــى المبــارايت الرســمية فقــط‪ .‬ومــن‬
‫المعــروف اختصــارا بإســم ســقراطيس‪،‬‬
‫هنــا‪ ،‬أصبــح الشــاب اليافــع قــادرًا علــى‬
‫قصــة مأســاوية فــي طفولتــه‪ ،‬ولــم‬
‫كســب المــال مــن الكــرة‪ ،‬واالســتمرار‬
‫تنتشــله كــرة القــدم مــن الفقــر‪ ،‬بــل‬
‫فــي دراســته العليــا‪ ،‬لكــن رسعــان‬
‫يومــا ألن تكــون كــرة القــدم‬
‫ً‬ ‫لــم يســع‬
‫مــا أصبــح ســقراطيس أفضــل العــي‬
‫مصــدرا لدخلــه وتعويضــا عــن مرحلــة مــا‬
‫ً‬
‫مســتمتعا‬ ‫بوتافوغــو‪ ،‬غــر ّ‬
‫أنــه لــم يكــن‬
‫مــن الحرمــان المــادي واالجتماعــي‪.‬‬
‫بذلــك‪ ،‬فبغــض النظــر عــن نظرتــه لكــرة‬
‫القــدم كمرحلــة مؤقتــة فــي حياتــه‪،‬‬ ‫ازداد ســقراطيس فــي ‪ 19‬فربايــر مــن‬
‫ّ‬
‫بتســلط األنديــة‪ ،‬حيــث‬ ‫لــم يكــن معجبًــا‬ ‫عــام ‪ ،1954‬وعــاش طفولــة فــي كنــف‬

‫عقــود احرتافيــة أشــبه ابلســخرة‪ ،‬وأنديــة‬ ‫عائلــة ميســورة‪ ،‬وتأثــر بحــب والــده للكتب‪،‬‬

‫تســتغل حاجــة الشــباب للعــب كــرة‬ ‫واالطــاع‪ ،‬مــا جعلــه‬


‫ّ‬ ‫فأدمــن القــراءة‬
‫ُ‬
‫يحلــم أبن يصبــح طبيبًــا فــي المســتقبل‪،‬‬
‫القــدم للهــروب مــن واقعهــم المــزري‪..‬‬
‫كانــت شــخصيته الثوريــة تطغــى علــى‬ ‫بينمــا كانــت كــرة القــدم ابلنســبة للطفــل‬

‫كل حواراتــه حــول هــذا الموضــوع داخــل‬ ‫القــادم مــن مدينــة "ابرّا" الربازيليــة مجــرد‬

‫محيطــه الكــروي‪.‬‬ ‫وســيلة اللتقــاط األنفــاس عقــب ســاعات‬


‫مســتمرة مــن الضغــط المــدريس‪.‬‬
‫فــي ‪ ،1977‬حصــل ســقراطيس علــى‬
‫ً‬
‫متمــزا فــي‬ ‫للمفارقــة‪ ،‬كان ســقراط‬
‫شــهادة الدكتــوراه فــي الطــب مــن‬
‫جامعــة ســاو ابولــو‪ ،‬ليحقــق أول أهدافــه‬ ‫كــرة القــدم ابلفطــرة‪ ،‬علــى الرغــم مــن‬

‫الــي خطــط لهــا منــذ نعومــة أظافــره‪،‬‬ ‫عــدم اكرتاثــه بتنميــة موهبتــه‪ ،‬وهيئتــه‬

‫ليوضــع أمــام اختبــار حقيقــي بعدما عرض‬ ‫الــا متناســقة‪ ،‬الــي لــم تكــن تعكــس‬

‫عليــه بوتافوغــو رات ًبــا يســاوي أضعــاف ما‬ ‫ذكاءه وتفــرّده عــن أقرانــه‪ ،‬وهكــذا لــم‬

‫يمكــن أن يتقاضــاه إذا مــا قــرر اتخــاذ الطــب‬ ‫يتوقــع أحــد مــن محيطــه أن يصــل الفــى‬

‫كمهنــة‪ ،‬لكنــه قــرر فــي األخــر أن يواصــل‬ ‫المجتهــد فــي دراســته‪ ،‬إلــى الشــهرة‬

‫مــع ناديــه بنفــس الــروط الســابقة‬ ‫كالعــب كــرة قــدم فــذ‪.‬‬

‫الــي تتيــح لــه مزاولــة المهنــة الــي حلــم‬ ‫المثــر فــي قصــة ســقراطيس كان هــو‬
‫بهــا كثــرا فــي طفولتــه‪.‬‬ ‫رفضــه ألول عــرض احرتافــي ُقــدم لــه مــن‬

‫ســينتقل‬ ‫ذلــك‪،‬‬ ‫بعــد‬ ‫واحــدا‬ ‫عامــا‬ ‫نــادي بوتافوغــو الربازيلــي‪ ،‬حيــث كان‬
‫يــرى فــي هــذه اللعبــة وســيلة للتســلية‬

‫‪25‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬


‫سامبايو دي سوزا فيريا إي أوليفريا‬
‫‪#‬رايضة‬

‫واالســتبداد لقرابــة ‪ 20‬عامــا‪ ،‬ومــع‬ ‫ســقراطيس إلــى نــادي كورينتيانــس‬


‫اســتمرار التعنــت‪ ،‬رحــل متوســط ميــدان‬ ‫في ‪ 1977‬حصل‬ ‫األقــوى‪ ،‬حيث اســتطاع أن يُ ظهــر للعالم‬
‫كورينتيانــز صــوب إيطاليــا‪ ،‬ليلعــب فــي‬ ‫أن الربازيــل تمتلــك العبًــا فــذا‪ ،‬وقائــدً ا‬
‫صفــوف فيورينتينــا ويعــرف بمطالــب‬ ‫سقراطيس على‬ ‫ً‬
‫مفوهــا يمكنــه قيــادة كتيبــة مدججــة‬
‫الشــعب الربازيلــي خــارج البــاد‪.‬‬
‫شهادة الدكتوراه في‬ ‫ابلنجــوم داخــل منتخــب السيليســاو‪.‬‬

‫لــم تســتمر مســرة ســقراط فــي‬ ‫ســقراطيس طبيبــا والعــب كــرة‬


‫لــم يكــن ُ‬
‫الطب من جامعة ساو‬
‫إيطاليــا كثــرًا‪ ،‬حيــث عانــى مــن كونــه‬ ‫فــذ فقــط‪ ،‬بــل كان مثقفــا خــر عوالــم‬
‫نصــف محــرف‪ ،‬وهــو مــا كان يتعــارض‬ ‫ابولو‬ ‫الفلســفة ومذاهبهــا الفكريــة‪ ،‬وكان‬
‫قطعــا مــع طموحــات الفريــق الــذي أراد‬ ‫ً‬ ‫مــن أكــر هواجســه الثائــرة هــو تحقيــق‬
‫ـواًي مــن حولــه‪ ،‬ابلتالــي‬ ‫ً‬
‫أن يصنــع فريقــا قـ ً‬ ‫الديمقراطيــة ومناهضــة االســتبداد‬
‫أصبحــت مســألة اســتمراره فــي دوري‬ ‫بجميــع أشــكاله‪ ،‬ومســاندة الطبقــات‬
‫ً‬
‫معقدة‬ ‫متطلــب مثــل الــدوري اإليطالــي‬ ‫يتــم وصفــه أبنــه الجيــل الــذي لعــب أجمــل‬ ‫العماليــة‪.‬‬
‫جــدً ا‪ ،‬خاصــة بعــد تكــرار تعرّضــه لإلصــاابت‬ ‫كــرة قــدم عــر التاريــخ‪.‬‬ ‫فــي مطلــع الثمانينيــات‪ ،‬كانــت الربازيــل‬
‫وعــدم الزتامــه‪.‬‬
‫لكــن عقــب نهايــة كأس العالــم‪،‬‬ ‫ال تــزال عالقــة تحــت قبضــة الحكــم‬
‫لكــن لــم يســتمر مقامــه طويــا فــي‬ ‫مبــارشة اتجهــت األنظــار إلــى نهائــي‬ ‫ً‬
‫إضافــة إلــى‬ ‫العســكري الديكتاتــوري‪،‬‬
‫إيطاليــا‪ ،‬بعدمــا اســتطاعت الثــورة‬ ‫جمــع‬ ‫الــذي‬ ‫الباوليســتا‪،‬‬ ‫بطولــة‬ ‫زايدة معــدالت التضخــم االقتصــادي‪،‬‬
‫الشــعبية أن تطيــح ابلحكــم العســكري‬ ‫كورينشــيانز ممثــل الطبقــة الكادحــة‪،‬‬ ‫ممــا كان يشــر إلــى اقــراب انــدالع‬
‫الدكتاتــوري فــي الربازيــل‪ ،‬فوجــد‬ ‫وســاو ابولــو ممثــل األغنيــاء واليمينيــن‬ ‫ثــورة شــعبية حقيقيــة تأخــرت لنحــو‬
‫ســقراطيس نفســه مجــددً ا يعــود‬ ‫المحافظــن‪ ،‬وابلطبــع انتهــت قصــة‬ ‫عقــد مــن الزمــان‪ .‬ومــن موقعــه كقائــد‬
‫ً‬
‫ممثــا لفريــق فالمنجــو رفقــة‬ ‫لبــاده‬ ‫مباراتــي الذهــاب واإلايب نهايــة مثاليــة‪،‬‬ ‫لمنتخــب الربازيــل ونــادي كورينتيانــز‪ ،‬أراد‬
‫صديقــه األســطورة زيكــو‪ ،‬حيــث تمكــن‬ ‫تــوج كورينشــيانز ابللقــب‪ ،‬بعــد‬
‫ّ‬ ‫حيــث‬ ‫ســقراطيس أن يســتغل مكانتــه كنجــم‬
‫مــن أن يحقــق بعــض حلمــه القديــم‬ ‫الفــوز بمجمــوع ‪ 4‬أهــداف لهــدف واحــد‪،‬‬ ‫كــرة قــدم شــهري‪ ،‬فقــاد حملــة ُعرفــت‬
‫فــي لعــب كــرة القــدم داخــل بــاده‬ ‫وكانــت أهــم لحظــات ذلــك النهائــي هــو‬ ‫وهــي‬ ‫كورينشــيانز"‪،‬‬ ‫بـ"ديمقراطيــة‬
‫وهــي تنعــم بقليــل مــن الديموقراطيــة‬ ‫مشــهد ســقراطيس وهــو يحتفــل‬ ‫حركــة رمزيــة منحــت جميــع المحســوبني‬
‫والحريــة ويواصــل فيهــا نضالــه مــن أجــل‬ ‫ـة مــن الالعبــن‪ ،‬وصـ ً‬
‫ـواًل‬ ‫علــى النــادي بدايـ ً‬
‫بهدفــه رافعــا قبضتــه إلــى لســماء‪،‬‬
‫العدالــة االجتماعيــة وحقــوق الطبقــات‬ ‫وكأنــه يقــدم التحيــة للمتمرديــن‪ ،‬الذيــن‬ ‫للعمــال‪ ،‬مــرورًا ابلطاقــم الفــي واإلداري‬
‫المســحوقة والمهمشــن مــن الشــعب‬ ‫حملــوا الفتــات توســطتها كلمــة واحــدة‬ ‫والطــي الحــق فــي التصويــت علــى كل‬
‫الربازيلي‪.‬وفــي الرابــع مــن دجنــر مــن‬ ‫"ديمقراطيــة"‪.‬‬ ‫صغــرة وكبــرة تخــص النــادي‪.‬‬
‫عــام ‪ 2011‬توفــي ســقراطيس عــن عمــر‬ ‫ُ‬
‫ســادت فــي تلــك الفــرة حالــة تمــرد فــي‬ ‫الحملــة‬ ‫تكــن‬ ‫لــم‬ ‫الواقــع‪،‬‬ ‫فــي‬
‫ناهــز ال‪ 57‬ســنة بعــد مــرض مفاجــئ لــم‬
‫الشــارع الربازيلــي‪ ،‬مطالبــة بتعديــل‬ ‫تســتهدف تغيــر نظــام تســيري النــادي‬
‫يمهلــه طويــا فــي البقــاء علــى قيــد‬
‫قوانــن االنتخــاابت‪ ،‬وإنهــاء الحكــم‬ ‫فحســب‪ ،‬بــل كانــت خطــوة رمزيــة وإشــارة‬
‫الحيــاة والنضــال‪ ،‬لكنــه رحــل وتــرك تاريخـ ًـا‬
‫العســكري المســتبد‪ ،‬لكنهــا اصطدمــت‬ ‫ضمنيــة لمــا يجــب أن يطالــب بــه الشــعب‬
‫ً‬
‫عظيمــا فــي كــرة القــدم ونجاحــات‬
‫بعنــف شــديد‪ ،‬ومؤامــرة منعــت تمريــر‬ ‫الربازيلــي مــن قــادة البــاد الحاكمــن‬
‫فرديــة دخــل لهــا قلــوب الربازيليــن وكل‬
‫مــروع تعديــل القانــون‪ ،‬حيــث ُمنــع‬ ‫ابلحديــد والنــار‪.‬‬
‫أحــرار العالــم بقضيــة الكفــاح والوقــوف‬
‫عضــوا مــن أعضــاء الكونجــرس‬
‫ً‬ ‫نحــو ‪113‬‬ ‫بعــد فشــل الربازيــل فــي حصــد كأس‬
‫بجانــب الطبقــة الكادحــة ومــن ينامــون‬
‫أبصواتهــم‬ ‫اإلدالء‬ ‫مــن‬ ‫الربازيلــي‬ ‫العالــم ‪ ،1982‬تلقــى ســقراطيس‬
‫علــى اإلســفلت مناضــا يالمــس شــيئا‬
‫القانــون‪،‬‬ ‫تغيــر‬ ‫علــى‬ ‫ابلموافقــة‬ ‫انتقــادات واســعة مــن الربازيليــن حيــث‬
‫مــن معاناتهــم‪ ،‬وتضحيــة مــن إنســان‬
‫ومجــددا‪ ،‬يقــرر ســقراطيس أال يقــف‬ ‫اتهــم بعــدم الوفــاء بوعــده ابســتعادة‬
‫جمــع بــن المبــادئ اإلنســانية بنفــس‬
‫مكتــوف األيــدي‪ ،‬مهــددا برحيلــه صــوب‬ ‫اللقــب العالمــي‪ ،‬خاصـ ً‬
‫ـة وأن الجيــل الــذي‬
‫القــدر مــن التمــز األكاديمــي والــراييض‬
‫إيطاليــا إن لــم تتــم االســتجابة لمطالبــات‬ ‫شــارك فــي مونــدايل إســبانيا‪ ،‬كان أحــد‬
‫فدخــل التاريــخ مــن أوســع أبوابــه‪.‬‬
‫الشــعب الــذي ذاق األمريــن مــع القمــع‬ ‫أبــرز األجيــال فــي تاريــخ بــاد الســامبا‪ ،‬بــل‬

‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪26‬‬


‫‪#‬رايضة‬ ‫‪ #‬رايضة‬

‫عــدا ثنائــي الهجــوم وهــو مــا جعــل هجمــات‬ ‫أو وســط الميــدان أو الهجــوم‪ ،‬حيــث ُل ِع َبــت‬
‫المنافســن مجــرد تمريــر عــريض للكــرة بــن‬ ‫علــى مــدار ســنني طويلــة بشــكل عشــوائي‪،‬‬
‫العــي الفريــق المنافــس دون أي فاعليــة‬ ‫وكانــت أغلــب التشــكيالت هجوميــة بشــكل‬
‫فــي ظــل عــدم تواجــد أي ثغــرة الخــراق‬ ‫جنونــي بتشــكيل ‪ ،7-2-1‬إلــى أن ظهــر‬
‫دفاعــات إنــر ميــان‪.‬‬ ‫المــدرب النمســاوي كارل راابن وإيقانــا‬
‫منــه بعــدم قــدرة العبيــه علــى تطويــر‬
‫إمكانياتهــم البدنيــة والمهاريــة لتصبــح‬
‫مثــل الالعبــن المحرتفــن فــي منتخبــات‬
‫عودة الكرة الهجومية مع‬
‫وفــرق البلــدان المجــاورة مثــل إيطاليــا‪،‬‬
‫الربازيل‬ ‫فرنســا وألمانيــا‪ ،‬وردا علــى أســاليب اللعــب‬
‫الخطــط الدفاعيــة للنمســاويين واإليطاليــن‬ ‫الهجوميــة الــي كانــت متفشــية فــي ذلــك‬
‫لــم تســتمر فــي اإلنتشــار طويــا‪ ،‬حيــث عادت‬ ‫الوقــت قــام فــي عــام ‪ 1932‬اببتــداع خطــة‬
‫الكــرة الهجوميــة لتفــرض نفســها مــن جديــد‬ ‫تمامــا يعجــز المنافســون عــن‬
‫ً‬ ‫جديــدة دفاعيــة‬
‫وتزاحــم خطــط الدفــاع وإغــاق المنافــذ‪ ،‬لكــن‬ ‫مواجهتهــا وهــي خطــة السلســلة‪.‬‬
‫هــذه المــرة وعلــى خــاف البدايــة الفوضويــة‬
‫جــاءت أكــر تنظيمــا علــى يــد منتخــب الربازيــل‬
‫خــال فرتتــي الخمســينات والســتينات عــر‬ ‫ظهور خطط الدفاع‬
‫تشــكيل ‪ 4-2-4‬الــي قضــت علــى التوهــج‬
‫بــدأ المــدرب النمســاوي كارل راابن بتنفيــذ‬
‫االيطالــي آنــذاك‪ ،‬وجعلــت مــن الربازيــل‬
‫خطــة السلســلة الــي تشــكلت علــى أرض‬
‫فــي تلــك الفــرة منتخبــا ال يقهــر‪ ،‬وتوجــت‬
‫الملعــب بطريقــة ‪ 1-4-5‬وكانــت تعتمــد‬
‫ســيطرته بإحــراز لقــي كأس العالــم لدورتــي‬
‫علــى خــط دفاعــي مكــون مــن أربعــة العبــن‬
‫‪ 1958‬و ‪.1962‬‬
‫يلعبــون أبســلوب الرقابــة اللصيقــة مــع العيب‬
‫الفريــق الخصــم‪ ،‬إضافــة إلــى العــب خامــس‬
‫لــه نزعــة دفاعيــة كبــرة خلــف خــط الدفــاع‬
‫ثورة الكرة الشاملة‬ ‫الرابعــي وأمــام حــارس المرمــى مبــارشة‪،‬‬
‫فــي عــام ‪ 1970‬بــدأت ثــورة التكتيــك فــي‬ ‫وكانــت يســمى رجــل القفــل (أو الليــرو كمــا‬
‫عالــم كــرة القــدم مــن هولنــدا وابلتحديــد‬ ‫ســيعرف فيمــا بعــد)‪ ،‬وأمــام خــط الدفــاع‬
‫فــي نــادي أجاكس أمســردام ظهــر المدرب‬ ‫يتواجــد خــط وســط مكــون مــن العبــن إثنــن‬
‫رينوتــز ميتشــيل‪ ،‬مبتكــر أســلوب الكــرة‬ ‫فــي القلــب مــع جناحــن يتقدمــان لألمــام‬
‫الشــاملة‪ ،‬وهــي طريقــة تعتمــد علــى دفــاع‬ ‫وأمــام خــط الوســط كان المهاجــم الوحيــد‬
‫المنطقــة وضغــط متواصــل علــى الخصــم‬ ‫للفريــق‪.‬‬
‫وتكامــل بــن خطوطــه الثالثــة‪ ،‬أي أن الــكل‬ ‫بمــوازاة مــع خطــة السلســلة النمســاوية‪،‬‬
‫آن واحــد‪ ،‬وفــي الكــرة‬
‫يهاجــم ويدافــع فــي ٍ‬ ‫يســمى‬ ‫مــا‬ ‫ايطاليــا‬ ‫فــي‬ ‫ظهــرت‬
‫الشــاملة إذا غـ ّـر أحــد الالعبــن مركــزه‪ ،‬يتــم‬ ‫ابلكاتيناتشــيو ومعنــاه "القفــل" وهــو‬ ‫محمد الحاجي‬

‫خطط كرة القدم‪..‬‬


‫تغطيــة مكانــه مــن قبــل العــب آخــر مــن نفــس‬ ‫تكتيــك ايطالــي خالــص ابتكــره مــدرب أنــر‬
‫الفريــق‪ ،‬وبهــذه الطريقــة يتــم الحفــاظ علــى‬ ‫ميالنــو هيلينيــو هرييــرا‪ ،‬كان يعتمــد علــى‬ ‫عرفــت كــرة القــدم فــي بدايتهــا المنظمــة‬
‫نفــس الهيــكل التشــكيلي المرســوم مــن‬ ‫الدفــاع طــوال الوقــت واســتغالل الفرصــة‬ ‫عــر البطــوالت والنــوادي والمنتخبــات شــكال‬

‫من النشأة إلى اليوم‬


‫قبــل المــدرّب‪.‬‬ ‫المثاليــة (ســواء مــن هجمــة مرتــدة‪ ،‬كــرة‬ ‫مــن اللعــب هــو أقــرب إلــى الفــوىض الــي‬
‫وإذا نظرنــا إلــى هــذا األســلوب الكــروي‬ ‫ثابتــة أو اقتنــاص أخطــاء الخصــم) لتســجيل‬ ‫كان يجــري فيهــا الالعبــون جميعهــم نحــو‬
‫المــرِن‪ ،‬سنســتنتج أنــه ال يوجــد مركــز ثابــت‬ ‫هــدف الفــوز ثــم العــودة بكامــل الالعبــن‬ ‫تســجيل الهــدف فــي مرمــى الخصــم‪ ،‬دون‬
‫لالعــب فــي الملعــب ابســتثناء حــارس‬ ‫للدفــاع فــي المنطقــة القريبــة مــن المرمــى‬ ‫التقيــد ابلمراكــز أو التخصــص فــي الدفــاع‬

‫‪29‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪28‬‬


‫‪#‬رايضة‬

‫أمريــكا الالتينيــة لســنوات طويلــة‪ ،‬رغــم وجــود‬ ‫الدفاعيــة‪.‬‬ ‫يتحــول‬


‫ّ‬ ‫المرمــى‪ ،‬فــأي العــب يســتطيع أن‬
‫العبــن علــى مســتوى عالــي مــن الفنيــات‬ ‫بنجــاح إلــى مهاجــم أو العــب وســط أو حــى‬
‫الفرديــة فــي صفوفهــا‪ ،‬إال أن الكفــة أصبحــت‬ ‫مدافــع‪.‬‬
‫تميــل نحــو الالعبــن األقــل قيمــة مهاريــة‬
‫ظاهرة أريكو ساكي‬ ‫انتقــل رينوتــز ميتشــيل بطريقتــه الجديــدة‬
‫ولكــن المتفوقــن بدنيــا وذهنيــا وتكتيكيــا‪،‬‬
‫مــن أجاكــس أمســردام الــى المنتخــب‬
‫حيــث تحولــت المهــارة إلــى اللعــب ابلقدمــن‬ ‫فــي منتصــف الثمانينيــات‪ ،‬بــرز أريكــو ســاكي‬
‫الهولنــدي واســتطاع الوصــول بهــا إلــى‬
‫والرؤيــة ودقــة التمريــر‪ ،‬كمــا ظهــرت منتخبــات‬ ‫مــع نــادي أس ميالنــو بطريقــة لعــب مثــرة‪،‬‬
‫نهائــي كأس العالــم فــي دورتــي ‪1974‬‬
‫ضعيفــة اصبحــت تعتلــي منصــات التتويــج‬ ‫فرغــم أنــه إيطالــي الجنســية‪ ،‬إال أنــه يختلــف‬
‫أبلمانيــا الغربيــة‪ ،‬ثــم دورة ‪ 1978‬ابألرجنتــن‪،‬‬
‫ألنهــا اعتمــدت االســلوب التكتيكــي فــي‬ ‫كليــا عــن مدرســة بــاده التكتيكيــة‪ ،‬فهــو أول‬
‫لكــن بعدهــا جــاء يوهــان كرويــف ليطــور هــذه‬
‫تشــكيال تها ‪.‬‬ ‫المدربــن الذيــن تجــرؤوا علــى كــر الفلســفة‬
‫الفلســفة ويعطيهــا آليــات جديــدة عندمــا‬
‫االيطاليــة الدفاعيــة‪ ،‬ليلعــب بشــكل هجومــي‬
‫أصبــح مدراب لربشــلونة فــي نهايــة الثمانينات‪،‬‬
‫وضغــط لــم يســبق لــه مثيــل‪ .‬جــاء ســاكي‬
‫وركــز فيهــا علــى اللعــب الســلس‪ ،‬وهــو‬
‫لميــان ونســف مبــدأ الليــرو واعتمــد علــى‬
‫عصر غوارديوال والتيكي تاكا‬ ‫خطــة ‪ 2-4-4‬ولكــن مــع فلســفة واضحــة‬
‫مبــدأ تناقــل الكــرات أبقــل لمســات ممكنــة‬
‫بحيــث كان يعتــر تمريــر الكــرة مــن اللمســة‬
‫إنــه المــدرب الســابق لعصــره ذو االســلوب‬ ‫والــي تتمثــل فــي الضغــط العالــي‪ ،‬الدفــاع‬
‫األولــى أمــرا جيــدا جــدا‪ ،‬وبلمســتني جيــد‪،‬‬
‫الممتــع كمــا يطلــق عليــه‪ ،‬وهــو الــذي غــر‬ ‫المتقــدم‪ ،‬النجاعــة الهجوميــة الفعالــة‬
‫فيمــا ثــاث لمســات كان يعتربهــا أمــرا ســيئا‪.‬‬
‫مــن شــكل كــرة القــدم الحديثــة‪ .‬اختلــف‬ ‫والفريــق المنظــم‪ ،‬حيــث يدافــع الفريــق‬
‫هكــذا ركــز كرويــف علــى الرسعــة فــي تناقــل‬
‫غوارديــوال عــن البقيــة بكونــه أتــى فــي زمــن‬ ‫ويهاجــم ككتلــة واحــدة فمــا بــن اخــر قلــب‬
‫الكــرات فيمــا بــن الالعبــن مــع االعتمــاد‬
‫طبــق فيــه أفــكار كرويــف وســاكي علــى‬ ‫دفــاع ورأس الحربــة ‪ 30-25‬مــر فقــط!‬
‫علــى أســهل الحلــول وعــدم تعقيــد األمــور‪،‬‬
‫العبــن مناســبني وزمــان مناســب مــن ناحيــة‬ ‫ابإلضافــة إلــى المرونــة التكتيكيــة‪.‬‬
‫ألنــه ابلنســبة إليــه كلمــا قلــت المــدة الزمنيــة‬
‫اللياقــة البدنيــة‪ ،‬حيــث اشــتغل علــى مبــادئ‬
‫أبهــر ســاكي العالــم بفكــرة تدريبيــة جديــدة‬ ‫لالعــب الممتلــك للكــرة كلمــا كانــت الهجمــات‬
‫أساســية فــي المــزج بــن الطريقتــن‪ ،‬كان‬
‫عرفــت ابســم "كــرة األشــباح"‪ ،‬حيــث يــزل‬ ‫والبنــاءات الهجوميــة أرسع‪.‬‬
‫أهمهــا إلغــاء أهميــة الالعــب النجــم داخــل‬
‫الالعبــون أرض الملعــب ويخربهــم ســاكي‬
‫الفريــق‪ ،‬واالعتمــاد علــى منظومــة وحــدة‬ ‫ابإلضافــة إلــى مبــدأ االســتحواذ علــى‬
‫بوجــود كــرة خياليــة فــي الملعــب وأيمرهــم‬
‫كاملــة‪ ،‬ابإلضافــة إلــى تقســيم الملعــب‬ ‫الكــرة حيــث كان يــرى يوهــان كريــف أنــه‬
‫ابلتوجــه والتمركــز علــى أساســها‪ .‬قالــوا عنــه‬
‫إلــى مســتطيالت أكــر وأكــر عــددا مــن‬ ‫كلمــا امتلكــت الكــرة أكــر كلمــا ضعفــت‬
‫آخــر الســنني إنــه مجنــون‪ ،‬بعدمــا حقــق نجاحــات‬
‫الشــكل الطبيعــي‪ ،‬ثــم المرونــة التكتيكيــة‬ ‫إمكانيــات الخصــم وتشــتت تركــزه علــى‬
‫خياليــة وأوصــل فريــق ميــان إلــى المجــد‬
‫والتحــول مــن ‪ 3-3-4‬إلــى ‪ 3-4-3‬إلــى ‪-5-3‬‬ ‫المبــاراة‪ ،‬وكان يعطــي أهميــة ابلغــة‬
‫الكــروي‪ ،‬ســبب هــذا المصطلــح هــو أنــه أتــى‬
‫‪ 2‬فــي المبــاراة الواحدة‪.‬كمــا عمــل غوارديــوال‬ ‫لتســجيل األهــداف‪ ،‬حيــث كان يعتــر الفــوز‬
‫فــي زمــن عصيــب مــن ناحيــة اللياقــة البدنيــة‬
‫علــى ابتــكار مركــز الظهــر الوهمــي‪ ،‬أي‬ ‫بنتيجــة ‪ 4-5‬خــر مــن أن يفــوز ‪ 0-1‬وهنــا‬
‫واســلوبه فــي اللعــب يتطلــب لياقــة بدنيــة‬
‫أن ﺍﻟﻈﻬﺮﻴﻳﻦ ﻳﺘﻘﺪﻣﺎﻥ ﻭﻳﺪﺧﻼﻥ إﻟى ﻋﻤﻖ‬ ‫تظهــر نيــة كرويــف ورغبتــه الهجوميــة فهــو‬
‫ً‬
‫جــدا‪ ،‬مــا أدى إلــى "إنهــاك" الالعبــن‬ ‫عاليــة‬
‫ﺍﻟﻤﻠﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻻﻋﺐ ﺍﻻﺭﺗﻜﺎﺯ‪ ،‬ﻣﻤﺎ‬ ‫دائمــا مــا يركــز علــى الفعاليــة الهجوميــة‬
‫ً‬
‫تمامــا‪ ،‬فدخــل فــي مرحلــة شــك بذاتــه‪،‬‬ ‫ً‬
‫بدنيــا‬
‫ﻳﺨﻠﻒ ﻗﻠﻲﺒ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺣﺪﻫﻤﺎ‪ ،‬وﻳﺮﺘﺍﺟﻊ ﻻﻋﺐ‬ ‫وابلتالــي فهــو يركــز ابألســاس علــى غــزارة‬
‫وأعــرف أنــه لــو أتــى فــي هــذا العصــر لــكان‬
‫ﺍﻻﺭﺗﻜﺎﺯ ﻟﻠﺴﻘﻮﻁ ﺑﻦﻴ ﻗﻠﻲﺒ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻟﻴﻜﻮﻥ‬ ‫األهــداف والنشــاط الهجومــي‪ .‬كرويــف ال‬
‫مــن الممكــن ان يُ قــدِّ م اكــر لكــرة القــدم‪.‬‬
‫ﻗﻠﺐ ﺩﻓﺎﻉ ﺛﺎﻟﺚ ﻭﻳﺘﺤﺮﻙ ﻗﻠﺒا ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ أﻛﺮﺜ‪ ،‬ثــم‬ ‫يعــرف بمبــدأ هــذا مهاجــم وهــذا مدافــع‬
‫قاعــدة الســبع ثوانــي الــي تحتــم علــى‬ ‫فأدوارهــم سواســية ابلنســبة لــه واهــم‬
‫العــي فريقــه اســرجاع الكــرة مــن الخصــم‬ ‫ئش ان يكــون هنالــك تبــادل األدوار بحيــث ان‬
‫فــي المــدة المذكــورة‪ .‬ويعتقــد الكثــر مــن‬ ‫تراجع الكرة المهارية لصالح‬ ‫علــى الظهــر مســاندة الجنــاح والعكــس‬
‫المحللــن أن بيــب غوارديــوال أتــى فــي فــرة‬ ‫التكتيك‬ ‫ابلعكــس وقــد قــال ســابقا فــي تصريــح آخــر‬
‫متطــورة‪ ،‬اســتطاع فيهــا أن يطبّــق أفــكار‬ ‫" حينمــا أتحــدث عــن الظهــر فهــذا ال يعــي‬
‫مــع بدايــة القــرن الواحــد والعرشيــن‪ ،‬خفــت‬
‫كرويــف وســاكي ولــو أن االثنــان فــي بدايــة‬ ‫أن الجنــاح غــر مســؤول " كرويــف أبــرز أن‬
‫نجــم الكــرة المهاريــة ِل ُتســ َتبدل ابلكــرة‬
‫التســعينيات‪ ،‬لــم يســتطيعا تقديــم الكثــر‬ ‫أي هفــوة مــن الظهــر فهــي مشــركة‬
‫التكتيكيــة‪ ،‬وتجلــى ذلــك فــي تراجــع‬
‫كــون تكتيكهــم يتطلــب القــدرة البدنيــة‬ ‫بــن هــذا األخــر والجنــاح وابلتالــي الــزايدة‬
‫مســتوى الربازيــل واألرجنتــن وابقــي دول‬
‫العاليــة والــي كانــت مفقــودة آنــذاك‪.‬‬ ‫العدديــة جــد مهمــة وخاصــة فــي الحــاالت‬

‫‪31‬‬ ‫‪ 16 / 13#‬مار س ‪2024‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬ ‫‪30‬‬


‫‪ #‬آراء‬

‫حمـــزة األنــفايس‬
‫الصحوة اإلفريقية‬

‫فــي توفــر بدائــل لألشــقاء فــي إفريقيــا‪ .‬ابلنظــر إلــى قطــاع‬ ‫خــال األايم األخــرة‪ ،‬صعــد إلــى ســدة الرئاســة فــي جمهوريــة‬
‫األبنــاك‪ ،‬فالمؤسســات المغربيــة اســتطاعت اخــراق عــدة أســواق‬ ‫الســنغال الشــقيقة الشــاب األربعيــي ابســرو ديومــاي فــاي‪.‬‬

‫الصوت هنا‪ ...‬صوت‬


‫إفريقيــة وســاهمت فــي رفــع جــودة الخدمــات المقدمــة للزبنــاء‬ ‫الرئيــس الجديــد فــاز فــي االنتخــاابت منــذ الجولــة األولــى بعــد‬
‫فــي أكــر مــن بلــد‪ ،‬وكذلــك هــو الشــأن ابلنســبة لقطــاع االتصــاالت‪.‬‬ ‫حصولــه علــى أكــر مــن نصــف عــدد األصــوات‪ ،‬وهــي اول مــرة فــي‬
‫علــى المســتوى الروحــي‪ ،‬يلعــب المغــرب دورا أساســيا فــي نــر‬ ‫تاريــخ الســنغال المســتقل الــذي يفــوز فيهــا مرشــح معــارض منــذ‬
‫النمــوذج الســمح لتعاليــم اإلســام عــر االســتثمار فــي تكويــن‬ ‫الجولــة األولــى لالنتخــاابت‪ ،‬ممــا يظهــر حجــم الدعــم الــذي حصــل‬
‫األئمــة األفارقــة فــي المغــرب‪ ،‬ابإلضافــة إلــى االســتثمار فــي‬ ‫عليــه فــاي وحزبــه المعــارض داخــل أوســاط الســنغاليني‪ .‬وفــي‬
‫المنشــآت الدينيــة كالمســاجد والمراكــز اإلســامية فــي دول‬ ‫ســابقة أخــرى مــن نوعهــا‪ ،‬فــإن فــاي خــرج مــن الســجن عــرة‬
‫إفريقيــة عديــدة‪ ،‬وهــو مــا يســاهم فــي التصــدي ألطروحــات‬ ‫أايم قبــل تاريــخ إجــراء االنتخــاابت‪ ،‬ليحصــل بعدهــا علــى تفويــض‬
‫التطــرف العنيــف الــي تنتــر فــي دول إفريقيــة عديــدة‪ ،‬والــي‬ ‫مــن المواطنــن الســنغاليني مــن أجــل قيــادة الدولــة الــي تعتــر‬
‫ال يمكــن التصــدي لهــا ابلمقاربــة العســكرية فحســب‪ .‬علــى‬ ‫واحــة للديمقراطيــة فــي المنطقــة‪.‬‬
‫المســتوى الفالحــي‪ ،‬المغــرب يفهــم دوره الحاســم فــي رفــع‬
‫الرئيــس الجديــد فــاي قــام بإلقــاء‬
‫نســبة اإلنتــاج الفالحــي فــي‬
‫إشــارات لطمأنــة رشكاء الســنغال‪،‬‬
‫القــارة اإلفريقيــة مــن أجــل‬
‫لكــن نــرة حزبــه الالذعــة لفرنســا لعبــت‬
‫االســتجابة للنمــو الديمغرافــي‬
‫دورا مهمــا فــي اســتقطاب عــدد‬
‫الكبــر الــذي تعرفــه القــارة‪.‬‬ ‫يستفيد المغرب يوميا‬ ‫كبــر مــن الســنغاليني‪ ،‬حيــث أن صديــق‬
‫حيــث قــام المغــرب بخلــق‬
‫من ثمار عودته إلى الحضن‬ ‫فــاس ورفيــق دربــه فــي النضــال‬
‫رشاكات جديــدة عــر المكتــب‬
‫عثمــان ســونكو طلــب مــن فرنســا‬
‫الرشيــف للفوســفاط فــي‬ ‫االفريقي‬ ‫فــي خطــاب ســنة ‪ 2021‬أن تــرك‬
‫شــى مناطــق القــارة لتوفــر‬
‫الســنغال وإفريقيــا لشــأنهم وعــن‬
‫لــدول‬ ‫الفالحيــة‬ ‫األســمدة‬
‫ضــرورة القطــع مــع مظاهــر اســتغالل‬
‫القــارة‪.‬‬
‫فرنســا لــدول إفريقيــة عديــدة‪ .‬هــذا‬
‫دول إفريقيــة عديــدة تــرى فــي المغــرب األخ األكــر الــذي‬ ‫الخطــاب لــم يعــد خطــااب معــزوال فــي عــدة دول إفريقيــة‪ ،‬بــل‬
‫يمكــن االســتفادة مــن تجربتــه فــي ديناميتــه التنمويــة‪ .‬كمــا أن‬ ‫يعــر عــن واقــع يقتســمه العديــد مــن ســكان إفريقيــا‪ .‬رأينــا كيــف‬
‫المغــرب قــد عــر أكــر مــن مــرة عــن اســتعداده القتســام الخــرات‬ ‫عــر رؤســاء أفارقــة شــباب جــدد عــن نفــس الفكــرة (كالرئيــس‬
‫والتجــارب الناجحــة مــع الــدول اإلفريقيــة مــن أجــل مســتقبل‬ ‫البوركينابــي الجديــد إبراهيــم تــراوري)‪ :‬فكــرة التحــرر مــن قيــود‬
‫مشــرك للمنطقــة‪ .‬بــل إن المغــرب فــي مبادرتــه األخــرة قــد دعــا‬ ‫فرنســا السياســية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬والعســكرية‪ ،‬وحثهم الشــعوب‬
‫دول الســاحل إلــى االســتفادة مــن الرشيــط الســاحلي المغربــي‬ ‫اإلفريقيــة علــى الثقــة بذواتهــم وبنــاء قارتهــم بســواعدهم‪.‬‬
‫مــن أجــل االنفتــاح االقتصــادي علــى العالــم‪ .‬فــي هــذا الســياق‬
‫فــي هــذه الظــروف‪ ،‬يمكــن للمغــرب أن يكــون مــن أكــر‬
‫المبــي علــى المســتقبل اإلفريقــي المشــرك‪ ،‬أعتقــد انــه حــان‬
‫المســتفيدين مــن هــذا التحــول الجيوســيايس الحالي فــي عالقة‬
‫الوقــت مــن أجــل التخلــص مــن هــذا الصديــق الثقيــل الــذي هــو‬
‫رابح‪-‬رابــح مــن أشــقائنا األفارقــة جنــوب الصحــراء مــن خــال العمــل‬
‫فرنســا‪ ،‬وبدايــة رســم بديــل إفريقــي جديــد يقطــع مــع النظــرة‬
‫الــذي يقــوم بــه فــي عــدة مجــاالت‪ .‬علــى المســتوى الســيايس‪،‬‬
‫الدونيــة للــذات والتشــكيك فــي قــدرات األفارقــة علــى قيــادة‬
‫المغــرب يســتفيد يوميــا مــن ثمــار العــودة إلــى الحضــن اإلفريقــي‪،‬‬
‫إفريقيــا‪ ،‬والمغــرب ســيكون لــه دور أســايس فــي جعــل هــذا‬
‫وهــو المســار الــذي انطلقــت فيــه الديبلوماســية المغربيــة منــذ‬
‫الحلــم حقيقــة‪.‬‬
‫مــدة‪ .‬علــى المســتوى االقتصــادي‪ ،‬المغــرب يلعــب دورا رايداي‬

‫‪33‬‬ ‫‪ 20 / 17#‬أبريل ‪2024‬‬


‫‪ 01 / 1#‬شتنرب ‪2023‬‬ ‫‪34‬‬

You might also like