Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 65

‫جامعة محمد األول‬

‫الكلية المتعددة التخصصات‬


‫الناظور‬

‫الماستر المتخصص في‪ :‬قانون العقار والتعمير‬


‫الفوج‪ :‬الثامن‬
‫الرباعي‪ :‬الثالث‬
‫الوحدة‪ :‬الحقوق العينية األصلية والتبعية‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫أسباب اكتساب حق الملكية في‬


‫التشريع المغربي‬

‫‪‬تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫‪‬من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫ذ‪ .‬أحمد خرطة‬ ‫سعيد بوستة‬
‫فيصل الوكيلي‬
‫نجوى مزيان‬
‫سكينة البارودي‬
‫فؤاد لكحل‬
‫نسخة مصححة‬ ‫حسناء بوحميدي‬

‫السنة الجامعية‪0202/0202:‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الحئحة فك المختصرات‪:‬‬

‫الجزء‬ ‫‪ ‬ج‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫‪ ‬ص‪:‬‬
‫الطبعة‬ ‫‪ ‬ط‪:‬‬
‫ظهير التحفيظ العقاري‬ ‫‪ ‬ظ‪.‬ت‪.‬ع‪:‬‬
‫قانون المسطرة المدنية‬ ‫‪ ‬ق‪.‬م‪.‬م‪:‬‬
‫مدونة الحقوق العينية‬ ‫‪ ‬م‪.‬ح‪.‬ع‪:‬‬
‫مرجع سابق‬ ‫‪ ‬م‪.‬س‪:‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعتبر الملكية ظاهرة من ظواهر المجتمع بل هي الزمة من لوازم الحياة‪ ،‬ومن أجل‬
‫ذلك نظم اإلسالم الملكية من كافة جوانبها تنظيما دقيقا باعتبارها محور النشاط االقتصادي‬
‫‪1‬‬
‫في كل مجتمع وحجر الزاوية في بنيانه االجتماعي‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس نجد المواثيق ‪2‬والدساتير الدولية أولت عناية فائقة لهذا الحق‪،‬‬
‫ومنها دستور يوليوز ‪ 31122‬الذي نص في الفصل ‪ 53‬على أنه ‪ ":‬يضمن القانون حق‬
‫الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ ،‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق اإلجراءات‬
‫التي ينص عليها القانون"‪.‬‬
‫والملكية بصفتها حقا من الحقوق العينية األصلية‪ ،‬تعرف بكونها السلطة المباشرة‬
‫للشخص على الشيء تخول صاحبه دون غيره بصورة مطلقة استعمال هذا الشيء‬
‫‪4‬‬
‫واستغالله والتصرف فيه وذلك في حدود القانون والنظام ودون تعسف‪.‬‬
‫أما المشرع فقد نص عليها في المادة ‪ 21‬من المدونة‪ 5‬بقوله ‪" :‬يخول حق الملكية‬
‫م الك العقار دون غيره سلطة استعماله واستغالله والتصرف فيه‪ ،‬وال يقيده في ذلك إال‬
‫القانون أو االتفاق"‪.‬‬
‫لكن هذه الملكية ال تثبت اعتباطيا للشخص‪ ،‬وإنما يجب أن تستند إلى سبب أو مصدر‬
‫الكتسابها‪ ،‬لهذا حاول الفقهاء إبراز هذه األسباب‪ ،‬والتي حددها في التصرف القانوني أو‬
‫الواقعة القانونية‪ ،‬وإجماال يمكن اكتساب حق الملكية بطريق االلتصاق ‪ ،‬الشفعة‪ ،‬العقد‪،‬‬
‫الحيازة‪ ،‬اإلرث ‪ ،‬الوصية‪ ،‬االستيالء‪ ،‬والنزع الجبري والحكم القضائي‪ ،‬كما يمكن كسب‬
‫الملكية عن طريق إحياء األرض الموات‪.‬‬
‫ومن الوجهة التاريخية‪ ،‬فقد عرف حق الملكية تطورا هاما في تنظيمه‪ ،‬حيث كان بداية‬
‫ملك مشاع بين القبائل خاصة أنها كانت ذات طابع رعوي وفي حالة وقوع نزاع بين هذه‬
‫القبائل فإن المسمى (أمغار) هو الذي يتولى الفصل في هذا النزاع‪ ،‬وبعد الفتح اإلسالمي‬

‫‪ -1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،50.13‬منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬دار‬
‫نشر المعرف‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ،1125 ،‬ص‪.66 ،‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 17‬مناإلعالنالعالميمنحقوقاإلنسان‪:‬‬
‫‪ -‬لكلفردالحقفيالتملكبمفردهأوباالشتراكمعغيره‬
‫‪ -‬اليجوزتجريدأحدمنملكيتهتعسفا‪.‬‬
‫‪ -3‬ظهير شريفرقم ‪ 2.22.02‬صادر في ‪ 12‬من شعبان ‪ 10 ( 2151‬يوليوز ‪ ،)1122‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 3061‬بتاريخ ‪ ،1122/12/51‬ص‪.5611 ،‬‬
‫‪ -4‬مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري و الحقوق العينية األصلية والتبعية في التشريع المغربي‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬لسنة ‪،2032‬‬
‫ص‪.62‬‬
‫‪ -5‬القانون رقم ‪ 50.13‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،2.22.223‬المؤرخ في ‪ 13‬من ذي الحجة ‪،)1122/22/11 (2151‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 3003‬بتاريخ ‪ ،1122/22/11‬ص ‪.3332‬‬

‫‪1‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أصبح النظام العقاري يخضع الزدواجية القواعد بحيث بقيت بعض العقارات تخضع‬
‫ألعراف وتقاليد القبائل (نظام أمغار)‪ ،‬وفي المقابل أصبحت بعض المحاكم الشرعية تطبق‬
‫قواعد الفقه اإلسالمي خاصة الفقه المالكي‪.‬‬
‫وفي مرحلة الحماية ‪ ،‬وبعد أن سيطر المستعمر على أجود وأخصب األراضي‪،‬‬
‫استقدم مجموعة من القوانين الالتينية‪ ،‬فأصبحت بذلك الملكية العقارية بالمغرب تخضع لهذه‬
‫القوانين مع اإلبقاء على قواعد الفقه المالكي‪ ،6‬مما جعل النظام العقاري بالمغرب يخضع‬
‫لالزدواجية والتي كرسها قانون التوحيد والمغربة الصادر سنة ‪ 20637،‬إذ ظلت أحكامه‬
‫متراوحة بين تطبيق قواعد الفقه المالكي على العقار غير المحفظ‪ ،‬وبين تطبيق ظهير‬
‫التحفيظ العقاري وظهير ‪ 1‬يونيو ‪ 2023‬المنسوخ على العقار المحفظ‪.‬‬
‫إن هذا الواقع فرض على المشرع ضرورة التفكير في تقنين نظام الحقوق العينية‬
‫الواردة على العقار غير المحفظ‪ ،‬أو بصيغة أخرى وضع مدونة قانونية تحاول تقنين أحكام‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬وخاصة الفقه المالكي‪ ،‬هذا ما تأتى بالفعل بإصداره سنة ‪ 1122‬مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬والذي أكد في فصله األول على أن مقتضياته تسري على الملكية العقارية‬
‫والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار‪ ،‬كما خصصت المواد من ‪111‬‬
‫إلى ‪ 521‬إلى أسباب كسب الملكية‪.‬‬
‫وتتجلى أهمية موضوعنا سواء من الناحية القانونية أو العملية‪ ،‬من خالل الوقوف على‬
‫األسباب التي تؤدي إلى اكتساب الملكية العقارية ‪ ،‬والتي تتوزع بين ما كان مكرس في الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وبين ما هو منظم تشريعيا في المدونة‪ ،‬فهذا التعدد جسد لنا مبدأ تحسين الملكية‬
‫العقارية ومعرفة الطريقة أو الوسيلة التي آلت من خاللها الملكية للشخص المكتسب لها‪ ،‬هذا‬
‫ما يجعلنا نتساءل‪ :‬ماهي المصادر أو األسباب المكسبة للملكية في التشريع المغربي؟‬
‫تتمخض عن هذه اإلشكالية الرئيسية مجموعة من األسئلة الفرعية من قبيل ‪:‬‬
‫‪ ‬هل تشكل العقود العوضية مصدرا لكسب الملكية ؟‬
‫‪ ‬هل يمكن اعتبار الهبة والصدقة والوصية أسبابا لكسب الملكية ؟‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬هل تعد التصرفات القانونية والوقائع المادية أسبابا لكسب الملكية؟‬
‫لإلحاطة الشاملة بموضوع هذه الدراسة‪ ،‬سنعمل على دراسته استنادا للمعايير‬
‫األكاديمية الصرفة‪ ،‬بحيث سنستعين بمناهج متعددة وذلك في إطار ما يعرف بتكامل‬
‫المناهج‪ ،‬لتفكيك ومعالجة اإلشكال المطروح واألسئلة المتفرعة عنه‪ ،‬إذ سنعتمد لبلوغ هذه‬

‫‪ -6‬أحمد خرطة‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية‪ ،‬مطبعة القبس‪ ،‬ط‪ ،‬الثانية ‪ ،‬لسنة ‪ ،1115‬ص ‪.2‬‬
‫‪ -7‬تم تكريس هذه االزدواجية بواسطة قانون النوحيد والمغربة والتعريب والذي حافظ من خالل مقتضيات فصله الثالث على تطبيق‬
‫القواعد الفقهية والتشريع المدني‪ ،‬بحيث خلص االجتهاد القضائي إلى أن نطاق تطبيق الفقه اإلسالمي يتمثل في العقار غير المحفظ‬
‫وقضايا األحوال الشخصية‪ ،‬ويطبق التشريع المدني على ما دون ذلك‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الغاية على المنهج التحليلي من خالل تفكيك ومناقشة النصوص المتعلقة بالموضوع وذلك‬
‫في ضوء أحكام الفقه اإلسالمي وبعض االجتهادات القضائية‪ ،‬كما سنعتمد على المنهج‬
‫المقارن من خالل الوقوف على بعض توجهات التشريعات المقارنة المتصلة بالموضوع‬
‫وذلك وفق التصميم اآلتي ‪:‬‬
‫‪ ‬المبحث األول ‪ :‬الوقاحئع المادية المكسبة لحق الملكية‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬التصرفات القانونية المكسبة لحق الملكية‬

‫‪3‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫المبحث األول ‪ :‬الوقائع المادية المكسبة لحق الملكية‬


‫قد يقوم الشخص بأعمال مادية أو وجود وقائع معينة تخوله حق ملكية عقار معين‬
‫وفق لضوابط وشروط محددة‪ ،‬وذلك عن طريق إحياء هذا العقار أو الحريم أو االلتصاق‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬أو اكتسابه من خالل الحيازة أو الميراث أو االستيالء ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إحياء األراضي الموات والحريم وااللتصاق‬
‫تطرقت المدونة عند تنظيمها ألسباب كسب ملكية العقار لتحديد األحكام المتعلقة‬
‫بإحياء األراضي الموات والحريم ( الفقرة األولى)‪ ،‬ثم االلتصاق (الفقرة الثانية) وذلك في‬
‫المواد من ‪ 111‬إلى المواد ‪.153‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إحياء األراضي الموات والحريم‬
‫خصصت المدونة إحياء األراضي الموات بالمواد من ‪ 111‬إلى ‪( 113‬أوال)‪ ،‬بينما‬
‫عرضت ألحكام الحريم في المادة ‪ ( 116‬ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬إحياء األراضي الموات‬
‫حتى نكون فكرة عن أراضي الموات‪ ،‬يقتضي منا األمر تعريفها (‪ ،)2‬ثم بيان‬
‫شروطها (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬التعريف الفقهي والقانوني إلحياء األراضي الموات‪:‬‬
‫سارت المذاهب الفقهية اإلسالمية اتجاهات متباينة في تعريف الموات‪ ،‬حيث أوردت‬
‫لها تعاريف كاآلتي‪:‬‬
‫عند المذهب الشافعي‪ :‬ورد عن الماوردي أن أراضي الموات كما عرفها الشافعي هي‬
‫" كل ما لم يكن عامرا أو حريما لعامر فهو موات وإن كان متصال بعامر" أو أنها األرض‬
‫‪8‬‬
‫المنفكة عن الحقوق الخاصة والعامة"‪.‬‬
‫وبهذا ال يميز اإلمام الشافعي بين األراضي الموات من حيث الموقع وقربها من‬
‫العمران أو بعدها والمهم هو إدراك المنفعة من عدمها‪ ،‬وتعتبر موات األرض التي ال ينتفع‬
‫بها‪.‬‬
‫تعريف الموات في المذهب الحنفي ‪ :‬عرف اإلمام أبو حنيفة النعمان أراضي الموات‬
‫ب أنها " ما بعد عن العامر ولم يبلغه الماء" أو بأنها " تلك األرض التي لم يكن فيها أثر بناء‬

‫‪ -8‬أبو يحي زكرياء األنصاري‪ ،‬شرح روض الطال من أسني المطالب‪ ،‬ج‪ ،1،‬المكتبة اإلسالمية‪،‬ص ‪.111‬‬

‫‪4‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وال زرع‪ ،‬ولم تكن فناء ألهل قرية وال مسرحا وال موضع مقبرة‪ ،‬وال مرعى دوابهم‬
‫‪9‬‬
‫وأغنامهم‪ ،‬وليست بملك ألحد‪ ،‬فهي موات فمن أحيا منها شيئا فهو له"‪.‬‬
‫تعريف الموات عند المذهب الحنبلي ‪ :‬عرف ابن قدامة األرض الموات بأنها "‬
‫‪10‬‬
‫األرض الخراب الدارسة " أو األرض الدائرة التي ال يعلم أنها ملكت "‬
‫وعلى هذا األساس يقصد بالموات ما ال روح فيه أو األرض التي ال مالك لها أو التي‬
‫لم تعمر‪.‬‬
‫تعريف الموات عند المذهب المالكي‪ :‬جاء في حاشية الدسوقي بأن أراضي الموات‬
‫‪11‬‬
‫هي األراضي التي ال مالك لها وال انتفاع بها " أو هي "األرض الخالية عن االختصاص"‬
‫ويدخل في حكم الموات المستنقعات التي يتعذر استغاللها بسبب المياه التي تغمرها ‪،‬‬
‫واألراضي الصحراوية التي ال تنفع للزراعة وال السكنى بسبب شدة حرارتها وقسوة‬
‫مناخها‪.‬‬
‫بينما يخرج عن الموات ما في حيازة معصوم سواء كان مسلما أو غير مسلم ‪ ،‬فضال‬
‫عما تعلقت به مصلحة ملك معصوم كالطرق والمقابر وأماكن العبادات والمراعي‬
‫‪12‬‬
‫والحريم‪.‬‬
‫يستخلص مما سبق أن الفقه اإلسالمي عامة يعرف أراضي الموات بأنها األرض‬
‫الميتة التي لم يسبق تعميرها وتهيئتها‪ ،‬وهذا يعني أن األرض التي ال تصلح للزراعة‬
‫والسكن تسمى أرضا ميتة أو مواتا‪ ،‬وهي مال مباح يملك باالستيالء عليه من خالل‬
‫اإلحياء‪ ،‬استنادا إلى الحديث الشريف " من أحيا أرضا ميتة فهي له"‪.‬‬
‫أما في التشريعات الوضعية‪ ،‬فقد عرفها القانون المدني المصري في المادة ‪ 321‬منه‬
‫بأن " األراضي غير المزروعة التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة"‪ ،‬أما القانون المدني‬
‫األردني فقد أشار إليها في المادة ‪ 2131‬بقوله ‪ ":‬األراضي الموات والتي ال مالك لها تكون‬
‫ملكا للدولة‪ ،‬وال يجوز تملك هذه األراضي أو وضع اليد عليها بغير إذن من الحكومة وفقا‬
‫للقوانين"‪.‬‬
‫وهو النهج الذي سار عليه المشرع عندنا في المادة ‪ 111‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬بقوله ‪":‬‬
‫األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة‪ ،‬وال يجوز وضع اليد عليها إال بإذن‬
‫صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون"‪.‬‬

‫‪ -9‬أبو الحسن علي الماوردي‪ ،‬كتاب األحكام السلطانية والواليات الدينية‪ ،‬تحقيق سمير مصطفى رباب‪ ،1111 ،‬المكتبة العصرية‪،‬‬
‫بيروت ‪،‬ص ‪.203‬‬
‫‪ -10‬المغني‪ ،‬ط‪ ،2035 ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.212/6 ،‬‬
‫‪ -11‬محمد بن عرفة الدسوقي المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار الفكر ‪.66/1‬‬
‫‪ -12‬العربي محمد مياد‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية‪ ،‬دراسة عملية مقارنة في التشريعات والعمل القضائي العربيين‪ ،‬ط‪،1112 ،‬‬
‫ص ‪.122‬‬

‫‪5‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -2‬شروط إحياء األراضي الموات‪:‬‬


‫إن إحياء األراضي الموات في التشريع المغربي ال تتم بتلقائية وبدون قيود قانونية‬
‫ألنها من باب اإلباحة أو الترخيص باالستغالل وليس الملك وبالتالي ال بد من تحقق بعض‬
‫الشروط ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحصول على إذن من السلطة المختصة ‪ :‬ال يجوز لألشخاص أفرادا أو جماعات‬
‫وضع اليد على أراضي الموات سواء كانت مملوكة للغير أو بدون مالك معروف ألنها‬
‫تدخل بقوة القانون في ملك الدولة‪ ،‬وبالتالي ال حق لهاته األشخاص في إحيائها إال بعد تقديم‬
‫طلب لمصالح الدولة المختصة والموافقة عليه كما نصت ذلك المادة ‪ 111‬من المدونة‪.‬‬
‫وقد قضى المجلس األعلى‪ -‬محكمة النقض حاليا‪ -‬في قرار لها بأن ‪ ":‬أفاد الشاهد أن‬
‫المستمع إليهما بعين المكان واللذان أحضرا من طرف طالب التحفيظ‪ ،‬أن الجزء المذكور‬
‫كان أرضا محروما يستغل مرعى من قبل كافة سكان المنطقة إلى أن قام عليه موروث‬
‫طالبي التحفيظ سياجا من الحجر وقام باستصالحه وضمه ألرضه‪ ،‬وأن الحيازة ال تثبت‬
‫الملك بالنسبة لعقارات الملك الخاص للدولة‪ ،‬مما كان معه تعرض هذه األخيرة في‬
‫‪13‬‬
‫محله"‪.‬‬
‫ب‪ -‬جعل األرض الموات صالحة لالستغالل ‪ :‬يرى األئمة أن إحياء األرض الموات‬
‫يتم كالتالي ‪:‬‬
‫* بالنسبة ألبي حنيفة‪ :‬يتم إحياء األرض الموات بالبناء أو الغرس أو الكراب ( قلبها‬
‫للحرث) أو إقامة المسنات ( السد الذي يبنى من أجل رد الماء السائل) أو شق النهر أو‬
‫‪14‬‬
‫التحويط‪.‬‬
‫* أما بالنسبة للفقه المالكي‪ :‬فإن عملية اإلحياء تتم بسبعة أمور التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تفجير ماء بئر أو عين‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة الماء عن األرض الغامرة‪.‬‬
‫‪ ‬بناء األرض‬
‫‪ ‬غرس األشجار‬
‫‪ ‬الحرث‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة األشجار من أجل تملك األرض‬
‫‪ ‬إزالة األحجار من األراضي المحجرة‪.‬‬
‫* أما بالنسبة للفقه الشافعي‪ ،‬فإن إحياء الموات للسكنى يتم بالبناء والتسقيف‪ ،‬وإن‬
‫أراد إحيائها للزرع والغرس يتعين تحقق شروط ثالثة وهي ‪:‬‬

‫‪ -13‬قرار عدد ‪ ،5503‬بتاريخ ‪ 21‬شتنبر ‪ ،1111‬في الملف عد ‪ ،1111/2/2/632‬أشار إايه العربي محمد مياد ‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -14‬تبيين الحقائق‪.56/6 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬جمع التراب المحيط باألرض حتى يصير حاجزا بينها وبين غيرها‪.‬‬
‫‪ ‬سوق الماء إليها إن كانت يبسا‪ ،‬وحبسه عنها إن كانت بطائح أي مستنقع‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بحرثها‪.‬‬
‫* بينما قال الحنابلة‪ :‬بأن إحياء األرض يتم بالتحويط عليها حائطا منيعا ال فرق أن‬
‫يكون الغاية من اإلحياء البناء أو الزرع أو إقامة حظيرة من أجل تربية الماشية‪.‬‬
‫وال يحصل اإلحياء بمجرد الحرث أو الزرع ألنه مؤقت‪ ،‬بخالف الغرس فإنه معمر‪،‬‬
‫‪15‬‬
‫كما ال يحصل اإلحياء بحفر خندق حول األرض وال بشوك يحيط بها ألنه تحجيرا‪.‬‬
‫والمشرع المغربي سار على منوال فقهاء المالكية بقوله في المادة ‪ 111‬بأنه ‪ ":‬يكون‬
‫إحياء األرض الموات بجعلها صالحة لالستغالل‪ ،‬ويتم إحياؤها بزراعتها أو غرس أشجار‬
‫بها أو إقامة منشآت عليها أو تفجير ماء بها أو صرفه عنها"‪.‬‬
‫ج‪ -‬عدم جوزا حرمان من أحيا األرض الموات من استغاللها‪ :‬اعتبر المشرع أن لمن‬
‫قام بإحياء األرض مواتا حقا مكتسبا عليها ال يجوز حرمانه منها حتى لو رجعت إلى‬
‫طبيعتها األولى قبل اإلحياء‪ ،‬هذا ما عبر عنه في المادة ‪ 113‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬بأنه ‪ ":‬إذا صارت‬
‫األرض الموات مستغلة من طرف من أحياها‪ ،‬فال يزول حقه في استغاللها بعودتها إلى ما‬
‫كانت عليه قبل اإلحياء‪.‬‬
‫نعتقد بأن الصيغة التي أتت بها هاته المادة معيبة‪ ،‬فمن خالل القراءة الحرفية والمتأنية‬
‫لها توحي بأن من أحيا األرض مرة ثم أهملها حتى ماتت مرة أخرى ال يضيع حقه في‬
‫استغاللها مهما طال الزمان‪ ،‬وهو االتجاه المنافي للغاية المثلى من إقرار اإلحياء‪ ،‬وكان‬
‫من المفروض القول بسحب القطعة األرضية موضوع اإلحياء من صاحبها إذا أهملها خالل‬
‫مدة معينة‪ ،‬كما ذهبت إلى ذلك بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬كالقانون المدني المصري الذي‬
‫أكد في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 321‬بأن من أحيا أرضا فالحية يفقد ملكيته بعدم االستعمال‬
‫مدة خمس سنوات متتابعة خالل الخمس العشرة السنة التالية للتمليك‪.‬‬
‫وأيضا المشرع األردني الذي أشار في المادة ‪ 2131‬بأنه‪ " :‬من أحيا جزءا من أرض‬
‫اذن له بإحيائها وترك باقيها‪ ،‬كان مالكا للجزء الذي أحياه دون الباقي ما لم يكن هذا األخير‬
‫محصورا وسط األراضي التي أحياها "‪.‬‬
‫د‪-‬إحياء األرض الموات يخول المنفعة وليس الملكية‪ :‬لم يميز المشرع عندنا بين من‬
‫أحيا أرضا بعد استئذان الجهة المختصة أو بدون استئذان‪ ،‬إذ أن وضعيته القانونية ال‬
‫تتجاوز حق االستغالل ودون أن ترقى إلى مالك‪ ،‬إذ الملكية تكون للدولة ( الملك الخاص)‪،‬‬
‫وهذا عكس االتجاه الذي سار فيه بعض الفقه اإلسالمي كما أسلفنا‪ ،‬وكذلك بعض التشريعات‬

‫‪ -15‬أبو الحسن الماوردي‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪ 203‬وما يليها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫العربية‪ ،‬كالقانون المصري الذي وإن أقر أن األرض غير المزروعة والتي ال مالك لها‬
‫تعتبر ملكا خالصا للدولة‪ ،‬إال أنه استدرك في نفس المادة واعتبر أنه ‪ ":‬إذا زرع مصري‬
‫أرضا غير مزروعة او غرسها أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس‬
‫‪16‬‬
‫أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة"‪.‬‬
‫ونحن نعتقد أن هذا االتجاه سليم يتعين على المشرع المغريي االهتداء به مستقبال‪،‬‬
‫غير انه هناك تساؤل في هذا الصدد ‪ ،‬هل تسقط حقوق من أحيا أرضا باإلهمال؟‬
‫ال يوجد في المدونة ما يسعفنا للجواب على هذا التساؤل‪ ،‬وبالرجوع إلى ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫يال حظ بأن المشرع ظل بعيدا عن عملية إحياء األراضي الموات‪ ،‬ولم يتدخل في هذا النوع‬
‫من التصرفات عامة منذ إصداره سنة ‪ 2025‬إلى الوقت الحاضر‪ ،‬تاركا للفقه اإلسالمي‬
‫واألعراف والتقاليد المحلية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى السنة النبوية‪ ،‬يتأكد بأن إقرار إحياء األراضي الموات لم يكن من باب‬
‫الترف وإنما لتحقيق مصلحة عامة المتمثلة في إدخال األرض الميتة إلى الدورة االقتصادية‬
‫بجعلها مصدر عيش ورفاهية الساكنة‪ ،‬وإذا وقع وحدث العكس بأن من اقتطع له الحاكم‬
‫أرضا وأهملها يفقد حقه فيها‪.‬‬
‫وقد روي عن الحارث بن بالل بن الحارث المزني عن أبيه أن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ 17‬أقطعه العقيق أجمع‪ ،‬قال فلما كان زمان عمر قال لبالل ‪ ":‬إن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم لم يقطعك لتحتجزه عن الناس‪ ،‬إنما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على‬
‫عمارته ورد الباقي"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحريم‬
‫إذا كان المشرع‪ ،‬تغاضى عن تحديد مفهوم الحريم‪ ،‬فإنه من خالل المادة ‪ 116‬حصر‬
‫مجال الحريم في أربعة أشياء‪ :‬الجماعة أو البلدة‪ ،‬الدار‪ ،‬البئر ثم الشجر‪.‬‬
‫وهكذا جاء في كتاب األحكام السلطانية والواليات الدينية أن الحريم ما أحياه من‬
‫الموات للسكنى أو زرع‪ ،‬وهو عند الشافعي معتبر بما ال يستغنى عنه تلك األرض من‬
‫طريق وفن ائها ومجاري مائها ‪ ،‬بينما قال أبو حنيفة إن حريم أرض الزرع ما بعد منها ولم‬
‫‪18‬‬
‫يبلغه ماؤها‪ ،‬وقال أبو يوسف حريمها ما انتهى إليه صوت المنادي من حدودها‪.‬‬

‫‪ -16‬المادة ‪ 321‬من القانون المدني المصري‪.‬‬


‫‪ - 17‬السيد سابق‪،‬فقه السنة المجلد الثالث‪ ،‬ط‪ ،2032 ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪ - 18‬أبو الحسن الماوردي‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.111‬‬

‫‪8‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أو بصيغة أخرى الحريم‪ ،‬هو حد العمارة التي يمنع أن يحدث فيها أحد ما يضر بها‪،‬‬
‫‪19‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫* حريم الدار‪ :‬من أجل تحديد حريم الدار‪ ،‬ينبغي بداية التمييز بين حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬وهي التي تكون الدار أو المنزل مستقال‪ ،‬فقي هذه الحالة يكون الحريم‬
‫هو كل ما يحيط بالدار من مسالك ومنشآت وأغراس وبصفة عامة كل ما يعتمده سكانها في‬
‫إقامتهم بها‪.‬‬
‫وهذه الوضعية يختص بها العالم القروي‪ ،‬ذلك أنه من أحيا أرضا من أجل السكن‬
‫يكون لها بالضرورة حريما يبعد عنه فضول وأيدي الجوار‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬وهي المتعلقة بالملكية المشتركة األفقية حيث يكون حريم المنزل كل‬
‫ما يعتبر ملكية مشتركة مخصصة لالنتفاع واالستعمال من طرف المستغلين المشتركين‬
‫جميعهم أو بعضهم‪ ،‬ويدخل في عداد الحريم المشترك‪ ،‬الساحات والحدائق‪ ،‬األماكن‬
‫المخصصة لوضع النفايات المنزلية‪ ،‬والمداخن‪…20‬‬
‫* حريم الجماعة أو البلدة‪ :‬وهي مداخلها ومخارجها المؤدية إلى هذه الجماعة أو‬
‫البلدة‪.‬‬
‫وفي اعتقادنا أن هذا التوجه لم يعد معموال به في الوقت المعاصر‪ ،‬ألن حدود الجماعة‬
‫الترابية وكذا الساللية تحكمها القوانين والمراسيم والوصاية اإلدارية والمالية‪ ،‬ولم تعد‬
‫خاضعة لقوة الجماعة‪.‬‬
‫* حريم البحئر‪ :‬أو الثقب أو أي مورد من موارد المياه السطحية أو الجوفية هو ما يسع‬
‫واردها ويكون إحداث شيء فيه ضارا به أو بمائه‪.‬‬
‫وحدد الفقه اإلسالمي حريم البئر بين ‪ 13‬و ‪ 31‬ذراعا‪ ،‬حيث روى سعيد بن المسيب‬
‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم أن ‪ ":‬حريم البئر البدئ خمسة وعشرون ذراعا نواحيها‬
‫كلها‪ ،‬وحريم العادية خمسون ذراعا نواحيها كلها‪ ،‬وحريم بئر الزرع ثالثمائة ذراع من‬
‫‪21‬‬
‫نواحيها كلها"‪.‬‬
‫ومما ينبغي اإلشارة إليه‪ ،‬أن بعض التشريعات العربية المتأثرة بالفقه اإلسالمي نصت‬
‫على أن حفر اآلبار يكون سببا مباشرا من أسباب الملكية وهذا ما نصت عليه المادة ‪2131‬‬
‫ظن القانون المدني األردني على أنه ‪ ":‬من حفر بئرا تامة في أرض موات بإذن من السلطة‬
‫المختصة فهو ملكه"‪.‬‬

‫‪ -19‬أحمد خرطة‪ ،‬م‪.‬س ص‪.12‬‬


‫‪ -20‬العربي محمد مياد‪،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -21‬شرح مختصر ابن الحاجب تصنيف الشيخ خليل بن إسحاق الجندي المالكي‪ ،‬تحقيق أحمد بن علي الدمياطي‪ ،‬مركز التراث‬
‫الثقافي المغربي‪ ،‬ط‪ ،‬األولى‪ ،‬ج‪ 3،‬ص ‪.333‬‬

‫‪9‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫غير أنه في وقتنا الحاضر أن حفر اآلبار يتطلب بالضرورة الحصول على رخصة‬
‫بذلك من لدن وكالة الحوض المائي‪ ،‬انسجاما مع مقتضيات المادة ‪ 26‬من القانون رقم‬
‫‪ 56.2322‬المتعلق بالماء‪.‬‬
‫* حريم الشجرة ‪ :‬يقصد بحريم الشجرة كل مل تحتاج إليه في سقيها ومد جذورها‬
‫وفروعها شريطة عدم إلحاق ضرر بالجوار‪.23‬‬
‫ويترتب عن الحريم ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬اختصاص أهله به‪.‬‬
‫‪ ‬منع غيرهم من استغالله أو إحداث أي شيء به‪ ،‬ولوعن طريق اإلحياء‬
‫‪24‬‬
‫‪ ‬إزالة كل ما يضر به‪.‬‬
‫واستنادا إلى السنة النبوية الشريفة فإن حريم الشجرة محددة‪ ،‬حيث جعل النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم الشجرة ‪ 3‬أذرع‪ ،‬وهو ما سار عليه بالحرف الفقه المالكي الذي جعل حريم‬
‫الشجر خمسة أذرع من كل جانب‪ ،‬حتى ال يملك غيره أن يغرس شجرا في حريمه‪ ،‬بينما‬
‫‪25‬‬
‫قال الحنفية بأن حريم الشجر ما تمتد إليها أغصانها حواليها‪ ،‬وفي النخلة مد جريدها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتصاق‬
‫لقد عرف الفقه االلتصاق بأنه‪ :26‬اندماج شيئين متميزين مملوكين لمالكين مختلفين‪،‬‬
‫بحيث يتعذر الفصل بينهما دون تلف‪ ،‬ويجب لتحقق االلتصاق أن يكون الشيئان متميزان‬
‫عن بعضهما البعض وذلك كما في بناء يحدثه أحد األشخاص على أرض مملوكة للغير‪،‬‬
‫وااللتصاق على نوعين‪ ،‬التصاق طبيعي (ثانيا ) وآخر بفعل اإلنسان أو االلتصاق الصناعي‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتصاق الطبيعي‬


‫وهو الذي يحدث بفعل الطبيعة وبدون تدخل اإلنسان‪ ،‬كأن يغير نهر من األنهار مجراه‬
‫أو يتخذ مجرى جديدا له و ذلك طبقا للمادتين ‪ 6‬و‪ 2‬من القانون رقم ‪ 56.23‬المتعلق بنظام‬

‫‪ -22‬ظهير شريف رقم ‪ ،2.26.225‬صادر في ‪ 6‬ذي القعدة ‪ 2152‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 56.23‬المتعلق بالماء‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،6101‬بتاريخ ‪ 13‬أغسطس ‪ ،1126‬ص‪.6513 ،‬‬
‫‪ -23‬راجع المواد ‪ ،63-62-66‬والمواد من ‪ 22‬إلى ‪ 23‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ -24‬أحمد خرطة‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -25‬المغني‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.303/3‬‬
‫‪-26‬عبد الرزاق السنهوري‪ :‬أسباب كسب الملكية‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2063 ،‬ص‪.115 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫المياه‪ ،‬حيث نجد أن المادة ‪ 113‬من مدونة الحقوق العينية قد أحالت على هذه الفصول‪ .‬من‬
‫القانون ‪ 21.03‬المنسوخ بالقانون المذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ -1‬التغيير في مجرى النهر‪:‬‬
‫يترتب على تغيير مسيل مجرى مائي بفعل الطبيعة تحول حدود الضفاف الحرة‬
‫انطالقا من حدود الحافات ‪ ،‬موازاة للمجرى الجديد‪ ،‬وذلك حسب العرض المحدد قانونا‬
‫في‪:‬‬
‫‪ ‬ستة أمتار على المجاري المائية أو مقاطع المجاري المائية التالية‪ :‬ملوية من مصبه‬
‫إلى منابعه‪ ،‬سبو من مصبه إلى منابعه اللوكوس من مصبه إلى منابعه‪ ،‬أم الربيع من مصبه‬
‫إلى منابعه‪ ،‬وأبي رقراق من مصبه إلى سيدي محمد بن عبد هللا‪.‬‬
‫‪ ‬مترين على المجاري المائية أو مقاطع المجاري المائية األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬وفي حالة تقدم المياه‪ ،‬فإن المنطقة الموجود بين الحدود القديمة والحدود الجديدة‬
‫للضفاف الحرة‪ ،‬تضم إلى الملك العمومي المائي بقوة القانون‪ ،‬إذ تصبح من أمالك الدولة‬
‫العامة مع تعويض مناسب يحدد وفق المساطر المطبقة على نزع الملكية ألجل المنفعة‬
‫العامة للمالك المجاور عن األرض المغمورة مع حفظ حقه في إزالة المنشآت واإلنشاءات‬
‫المشيدة من قبله‪ ،‬وكذا جني المحصول الموجود‪.‬‬
‫أما في حالة تراجع المياه‪ ،‬فإنه يتعين تسليم المنطقة المذكورة إلى المالك المجاور بغير‬
‫عوض‪ ،‬ولكن بشروط معينة‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬إثبات ملكيته لها قبل أن تغمرها المياه‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ ‬احترام االرتفاقات الناتجة أو التي قد تنتج عن القوانين واألعراف‪.‬‬
‫‪ -2‬اتخاذ النهر مجرى جديدا‪:‬‬
‫عالج المشرع أحكام هذه الحالة في المادة ‪ 2‬من قانون ‪ 56.23‬بقوله‪ ":‬يضم إلى‬
‫الملك العمومي المائي المسيل الجديد الذي يشقه المجرى المائي بشكل طبيعي والضفاف‬
‫الحرة التي يحتويها‪.‬‬
‫إذا لم تهجر المياه كلية المسيل القديم‪ ،‬يحق لمالكي العقارات التي يخترقها المسيل‬
‫الجديد مطالبة اإلدارة بتعويض مناسب يحدد‪ ،‬وفق المساطر المطبقة على نزع الملكية ألجل‬
‫المنفعة العامة‪.‬‬
‫كما أنه‪،‬إذا تركت المياه كليا المسيل القديم‪ ،‬يكون للمالك الحق في التعويضات التالية‪:‬‬

‫‪ -27‬المادة الخامسة والسادسة من قانون ‪.56.23‬‬

‫‪11‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫*إذا عبر المسيل الذي هجرته المياه والمسيل الجديد على امتداد عرضهما نفس العقار‬
‫الواحد‪ ،‬يخرج األول من هاذين المسيلين وضفافه الحرة ويسلم مجانا لمالك هذا العقار؛‬
‫*حينما يجتاز المسيالن‪،‬القديم والجديد‪،‬عقارات في ملكية مالكين مختلفين‪ ،‬يخرج‬
‫المسيل القديم وضفافه الحرة من الملك العمومي المائي‪ ،‬ويمكن للمالكين المجاورين‬
‫اكتساب ملكيته عن طريق حق الشفعة بالنسبة إلى كل واحد منهم إلى حدود محور هذا‬
‫المسيل‪ ،.‬ويحدد ثمنه من قبل خبراء يعينهم رئيس المحكمة المختصة بطلب من اإلدارة‪.‬‬
‫وإذا لم يعبر المالكون المجاورون للمسيل القديم في ظرف ثالثة أشهر من تاريخ‬
‫التوصل باإلشعار الموجه إليهم من قبل اإلدارة عن نيتهم في االكتساب باألثمان المحددة من‬
‫قبل الخبراء‪ ،‬فإنه يتم بيع هذا المسيل وفق القواعد التي تحدد بيع األمالك الخاصة للدولة‪.‬‬
‫يوزع الثمن الناتج عن البيع على مالكي األراضي التي يحتلها المجرى الجديد‪ ،‬عل‬
‫ىسبيل التعويض‪ ،‬حسب نسبة قيمة األرض التي فقدها كل واحد منهم‪.‬‬
‫إذا تعذرت عملية البيع المذكورة في الفقرة أعاله‪ ،‬يتم تعويض مالك األراضي التي‬
‫يحتلها المجرى الجديد بالتراضي أو في حالة تعذر ذلك بحكم المحكمة المختصة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتصاق بفعل اإلنسان‬
‫جاء في المادة ‪ 152‬من المدونة على ‪" :‬إن ثمار األرض الطبيعية أو الصناعية‬
‫والثمار المدنية ونتاج الحيوان هي ا للمالك بطريقة االلتصاق"‪.‬‬
‫لقد حددت المدونة حكم الثمار الطبيعية أو الصناعية أو المدنية ونتاج الحيوان‪ ،‬على‬
‫أنها تعو د للمالك بطريق االلتصاق‪ ،‬وهذا األخير هو الذي يتم بفعل اإلنسان وذلك كأن يقوم‬
‫الشخص ببذر حقل غيره‪ ،‬أو يقوم ببناء أو غرس أرضه بمواد مملوكة للغير‪ ،‬وكأن يبني أو‬
‫يغرس أرضا مملوكة لغيره سواء بمواد يملكها هو‪ ،‬أو غيره‪ ،‬وقد نظمت المدونة حاالت‬
‫االلتصاق الصناعي في فرضيات متعددة من المواد ‪ 152‬إلى ‪ 153‬كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬قيام شخص ببذر أرض الغير‪:‬‬
‫تعرض المشرع لهذه الحالة ضمن المادة ‪ 151‬من المدونة وميز فيها بين الزارع سيئ‬
‫لبنية والزارع حسن النية‪ ،‬حيث جاء فيها‪" :‬إذا زرع شخص أرضا مملوكة للغير بسوء نية‪،‬‬
‫فإن أخذها مالكها قبل فوات وقت الزراعة فهو مخير بين المطالبة بقلع الزرع مع التعويض‬
‫إذا كان له ما يبرره‪ ،‬وبين تملك الزرع مع دفع نفقاته إلى الزارع منقوصا منها أجرة القلع‪،‬‬
‫وإن أخذها بعد فوات وقت الزراعة فله الحق في أجرة المثل مع التعويض إن كان له ما‬
‫يبرره‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أما إذا زرع شخص أرض غيره بحسن نية كمن استأجر أرضا من غير مالكها‪ ،‬فإن‬
‫استحق المالك أرضه قبل فوات وقت الزراعة فللزارع أجرة المثل‪ ،‬وإن استحق المالك‬
‫أرضه بعد فوات وقت الزراعة فليس له إال الحق في المطالبة بالتعويض عما لحقه من‬
‫ضرر من المتسبب فيه"‪.‬‬
‫ومن مستجدات المدونة في هذا الصدد التكريس التشريعي لصاحب األرض في‬
‫المطالبة بالتعويض عند االقتضاء‪ ،‬إذ الشك أن تقدير التعويض في هذه الحالة يكون على‬
‫أساس ما لحق بالمتضرر من خسارة وما فاته من كسب‪ ،‬وعلى المحكمة أن تبرز ما‬
‫اعتمدته في تقدير التعويض حتى تتمكن محكمة النقض من بسط رقابتها بشأن حقيقة الضرر‬
‫الذي لحق بالمدعي‪.28‬‬
‫‪ -2‬بناء وغرس المالك في أرضه بمواد مملوكة للغير‪:‬‬
‫المبدأ حسب المدونة أن كل البناءات واألغراس الموجودة فوق األرض أو داخلها تعد‬
‫محدثة من طرف مالكها ما لم تقم بينة على خالف ذلك‪ 29‬حيث جاء في المادة ‪ 153‬منها ما‬
‫يلي‪" :‬كل البناءات واألغراس والمنشآت الموجودة فوق األرض أو داخلها تعد محدثة من‬
‫طرف مالكها وعلى نفقته وتعتبر ملكا له ما لم تقم بينة على خالف ذلك"‪.‬‬
‫لكن إذا ما أقام المالك بناءات أو أغراس ومنشآت بمواد ليست له يجب عليه أداء‬
‫القيمة التي كانت لتلك المواد وقت استعمالها وذلك بغض النظر عما يمكن أن يطالب به من‬
‫تعويضات وليس لصاحب المواد الحق في أخذها بعدما أدخل عليها تغييرا طبقا لنص المادة‬
‫‪ 156‬من المدونة‪.‬‬
‫وبالتالي فمدونة الحقوق العينية أسست لفرضية تملك الغرس أو البناء من قبل صاحب‬
‫العقار إذا ما تبدلت معالم المواد المستعملة كما في األعمدة الرخامية التي اسند إليها السقف‬
‫وكما في الخشب الذي صنعت منه النوافذ واألبواب الملصق بها البناء ومثل االسمنت‬
‫والرمل التي شيدت بها الجدران‪ ،‬لكن هذا التملك يكون مقابل أداء قيمة المواد لصاحبها‬
‫وتعويضه عن الضرر عند االقتضاء كان يثبت أن قيمة تلك المواد قد ارتفعت عما كانت‬
‫عليه يوما استيالء مالك األرض عليها‪.30‬‬

‫‪ -28‬قرار رقم ‪ ،1210‬بتاريخ ‪ ،11/22/2033‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،50‬ص‪ 211 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -29‬المادة ‪ 153‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬نفس الشيء تبناه القانون المدني المصري في المادة ‪ 011‬التي تنص على ما يلي‪" :‬كل ما‬
‫علي األرض أو تحتها من بناء أو أغراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحبه أرض أقام على نفقته ويكون مملوكا له ويجوز‬
‫مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبيا في أقام هذه المنشآت على نفقته كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك األرض قد خول أجنبيا‬
‫ملكية منشآت كانت من قبل أو خوله الحق في إقامة المنشآت أو تملكها"‪.‬‬
‫‪ -30‬محمد ابن معجوز‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.103 :‬‬

‫‪13‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وبمفهوم المخالفة‪ ،‬إذا ما كانت المواد المستعملة يمكن نزعها مثل المرايا المعلقة‬
‫بالجدران والرفوف المتحركة واألقفال فيجب لصاحبها أن يستردها وإذا تطلب نزع المواد‬
‫من البناء مصاريف فيمكن إلزام صاحب البناء أو باألرض بأدائها‪.31‬‬
‫‪ -3‬البناء أو الغرس في أرض الغير بمواد مملوكة للباني أو الغارس‪:‬‬
‫نصت على هذه الحالة المادة ‪ 152‬من المدونة بقولها‪" :‬إذا قام أحد بإحداث أغراس أو‬
‫بناءات أو منشآت عن سوء نية وبدون علم مالك العقار فلهذا األخير الحق إما في االحتفاظ‬
‫بها مع أداء قيمة المواد وإما إلزام محدثها بإزالتها على نفقته مع إرجاع حالة األرض إلى ما‬
‫كانت عليه قبل إحداث األغراس أو البناء أو المنشآت‪.‬‬
‫أما إذا أحدثت األغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه‬
‫األرض في دعوى استحقاق و لم يحكم عليه برد ثمارها نظرا لحسن نيته فان مالك العقار ال‬
‫يمكنه أن يطالب بإزالة المنشآت أو األغراس أو البناءات المذكورة‪ ،‬غير أنه يمكن له الخيار‬
‫بين أن يؤدي قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة أو أن يدفع مبلغا يعادل ما زيد في قيمة‬
‫الملك"‪.‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا المقام أن المشرع سمح لمالك العقار باالحتفاظ بالبناء‬
‫أو الغرس أو المنشآت المقامة على أرضه من طرف الغاصب سيء النية مقابل أداء قيمتها‬
‫فان الحكم بها مقيد حسب القضاء المغربي بمطالبة الغاصب سيء النية‪ ،‬حيث قضت محكمة‬
‫النقض بنقض قرار استئنافية مراكش التي بنت قرارها على ضرورة أداء قيمة المواد دون‬
‫أن يطالب بها الغاصب‪.32‬‬
‫أما إذا ا ختار المالك إرجاع الحالة إلى سابق عهدها فان ذلك يبقى معلقا على إمكانية‬
‫نفاذ هذا االختيار‪ ،‬مما يعني انه لو كان أمرا مستحيال كما إذا تصرف المالك في أرضه‬
‫ببيعها وما عليها من منشآت أدى للغارس أو الباني السيئ النية قيمة البناء أو الغرس‪.33‬‬
‫هذا على خالف الباني أو الغارس حسن النية‪ ،‬بحيث ال يمكن مطالبته بأي حال من‬
‫البناء وإعادة األمور إلى حالتها وهي القاعدة التي كرسها القضاء المغربي في األحوال بهدم‬
‫العديد من قراراته من ذلك ما قضت به محكمة النقض في إحدى قراراتها مما جاء فيها‪":‬‬

‫‪ -31‬مأمون الكزبري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.261 :‬‬


‫‪32‬قرار عدد ‪ ،2151‬بتاريخ ‪ ،11/15/1122‬ملف مدني عدد ‪ ،52/2/1121/2660‬نشرة قرارات محكمة النقض ‪ -‬الغرفة المدنية‪،‬‬
‫‪ ،1121‬ص‪.220 :‬‬
‫‪ -33‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،632‬بتاريخ ‪ ،21/15/2005‬ملف مدني عدد ‪ ،1260‬مجلة المحامي عدد ‪ 20‬و‪ ،1112 ،11‬ص‪:‬‬
‫‪ 153‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الباني في ملك الغير في عقار محفظ عن حسن نية ال يطالب بهدم البناء وإزالة األغراس‬
‫وغيرها مما يكون قد أحدثه في ملك الغير‪.34"...‬‬
‫‪ -4‬حالة البناء أو الغرس في أرض الغير بمواد مملوكة للغير ‪:‬‬
‫لم تتعرض مدونة الحقوق العينية‪ ،‬لهذه الحالة‪ ،‬ولكن من خالل ما تناوله الفقه على‬
‫ضوء ظهير ‪ 20‬رجب ‪ ،2555‬يمكن التمييز بين بعض الحاالت‪:‬‬
‫أ‪ -‬عالقة الباني أو الغارس مع صاحب المواد‪:‬‬
‫ال يمكن هنا لصاحب المواد استرداد مواده ألنها اندمجت بعقار بطبيعته وفقدت‬
‫ذاتيتها‪ ،‬ويحق له مطالبة الباني بتعويض يوازي قيمتها وإذا أصيبت بضرر فيمكن مقاضاة‬
‫الباني طبقا لقاعدة اإلثراء بال سبب ويكون له توقيع حجز تحفظي على ما يترتب في ذمة‬
‫المالك إزاء الباني أو الغارس من تعويض‪.35‬‬
‫أما إذا أحدثت األغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه‬
‫األرض في دعوى استحقاق ولم يحكم عليه برد ثمارها نظرا لحسن نيته فإن مالك العقار ال‬
‫يمكنه أن يطالب بإزالة المنشآت أو األغراس أو البناءات المذكورة غير أنه يمكن له الخيار‬
‫بين أن يؤدي قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة‪ ،‬أو أن يدفع مبلغا يعادل ما زيد في قيمة‬
‫الملك‪ .‬هذه الحالة ميز فيها المشرع بين الباني أو الفارس سيئ النية الذي يعلم أن األرض‬
‫مملوكة لغيره وبين ما إذا كان حسن النية يعتقد أن له الحق في إقامة المنشآت‪:‬‬
‫‪ -‬الباني أو الغارس سيء النية‪:‬‬
‫وهو الذي ال يستند في وضع يده على األرض التي أقام عليها بناء أو غرس فيها‬
‫أشجارا‪ ،‬إلى أي سبب ناقل للملكية كما في حالة النصب‪ ،36‬فإنه يكون لمالك األرض الخيار‬
‫بين أمرين‪:‬‬
‫إما االحتفاظ بتلك المنشآت مقابل أداء قيمة المواد إلى الباني أو الغارس سيء النية؛‬
‫أو يلزم الباني أو الغارس بإزالتها على نفقته وإرجاع األرض إلى ما كانت عليه‪.‬‬
‫‪ -‬الباني أو الغارس حسن النية‪:‬‬
‫معنى حسن النية‪ ،‬هنا أن يعتقد الباني أو الغارس أن له الحق في إقامة المنشآت وليس‬
‫معناه حتما أنه يملك األرض‪.37‬‬

‫‪ -34‬قرار ‪ ،361‬بتاريخ ‪ ،11/11/1116‬ملف مدني عدد ‪ ،5300/11‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،1111 ،62‬ص‪ 30 :‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ -35‬محي الدين إسماعيل علم الدين‪ ،‬الحقوق العينية‪ ،‬دار الجيل للطباعة‪ ،‬لسسنة ‪ ،2022‬ص‪.560 ،‬‬
‫‪ -36‬مأمون الكزبري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.265 :‬‬
‫‪37‬إدريس السماحي‪ :‬الحقوق العيني ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬مطبعة أمرين للطباعة والتلفيف‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1115 ،‬ص‪.31 :‬‬

‫‪15‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ب‪ -‬عالقة الباني أو الغارس مع صاحب األرض‪:‬‬


‫هذه الحالة تتالقى مع الحالة الواردة في المادة ‪ 151‬من المدونة‪ ،‬بحيث نميز بين‬
‫الباني والغارس سيئ النية والباني أو الفارس حسن النية‪ ،‬فإذا كان سيئ النية فإنه يمكن‬
‫إجباره على هدم البناء‪ ،‬أو قلع األغراس ما لم يفضل المالك إبقاءها ودفع قيمة تلك المواد‬
‫أما إذا كان حسن النية فإنه ال يجبر على نزع األبنية ويدفع به المالك قيمة المواد وأجرة‬
‫العمل أو قيمة ما زاد في ثمن األرض بسببها‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الحيازة والميراث واالستيالء‬
‫إضافة إلى األسباب السالفة الذكر‪ ،‬فيمكن اكتساب أيضا حق الملكية عن طريق‬
‫الحيازة ( الفقرة األولى)‪ ،‬والميراث ( الفقرة الثانية)‪ ،‬وأيضا االستيالء ( الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬أحكام الحيازة‬
‫سنتولى بداية تعريف الحيازة مع بيان عناصرها (أوال) وشروطها (ثانيا)‪ ،‬وموانعها‬
‫(ثالثا)‪ ،‬ثم بيان أحكام اكتساب العقار والمنقول بالحيازة (رابعا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف الحيازة وبيان عناصرها‬
‫نقوم بتعريف الحيازة (‪ ،)2‬ثم بيان عناصرها (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬التعريف الفقهي والقانوني للحيازة‪:‬‬
‫لم يعرف المشرع المقصود بالحيازة ‪ ،‬وإنما عمل على تبيان ذلك بصفة غير مباشرة‬
‫عندما تعرض لعناصرها في الفقرة األولى من المادة ‪ 150‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬التي نصت على أنه‬
‫‪":‬تقوم الحيازة االستحقاقية على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه"‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع لم يعرف الحيازة ‪،‬فإن الفقه اعتبرها سيطرة مادية لشخص ما على‬
‫شيء يستعمله بصفته مالكا أو بصفته صاحب حق عيني على الشيء وقد تستند إلى حق أو‬
‫‪38‬‬
‫ال تستند إليه‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية الحيازة باعتبارها سببا من أسباب الملكية‪ ،‬فإن التشريعات ما فتئت‬
‫تنظمها بمقتضى قواعد قانونية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمشرع المغربي الذي عمل على‬
‫تنظيمها من المادة ‪ 150‬إلى المادة ‪.165‬‬
‫‪ -2‬عناصر الحيازة‪:‬‬
‫للحيازة عنصران‪ ،‬عنصر مادي وعنصر معنوي ‪:‬‬

‫‪ -38‬محي الدين إسماعيل علم الدين‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.525‬‬

‫‪16‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أ‪ -‬العنصر المادي‪ :‬وهو عبارة عن جملة من األعمال المادية التي يقوم بها الحائز‪ ،‬أي‬
‫ما يسمى بوضع اليد‪ 39،‬كزراعة العقار محل الحيازة أو حرثه أو غرسه أو بالسكن في‬
‫منزل أو كرائه‪.‬‬
‫ب‪ -‬العنصرالمعنوي ‪ :‬ويراد به نية الحائز في اكتساب حق عيني‪ ،‬وبالتالي صيرورته‬
‫حائزا بصفته مالكا له‪.‬‬
‫إن نية الحائز تجسد العنصر المعنوي الذي يميز الحيازة االستحقاقية عن الحيازة‬
‫العرضية‪ 40،‬هذه األخيرة التي ينعدم فيها هذا العنصر‪ ،‬فالشخص الذي يضع يده على شيء‬
‫وهو ال يقصد اكتسابه ال يكون عندئذ حائزا قانونيا‪ ،‬بل حائزا عرضيا كالمكتري أو الوديع‬
‫أو الوكيل فهؤالء على التوالي جميعهم ال يمارسون الحيازة لحسابهم‪ ،‬بل لحساب المكري أو‬
‫المودع أو الموكل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شروط الحيازة االستحقاقية‬
‫يشترط لصحة حيازة الحائز مجموعة من الشروط أوردتها المادة ‪ 111‬من المدونة‬
‫وسنقوم بالتطرق لها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الحاحئز واضعا يده على الملك‪:‬‬
‫ويقصد بوضع اليد على الشيء المحوز تلك السيطرة الفعلية و الواقعية عليه‪ ،‬فوضع‬
‫اليد هو مجرد الحوز بنية التملك‪،‬وبذلك تخرج الحيازة العرضية من هذا اإلطار ألنها ال‬
‫تثبت الملك كالكراء و العارية وغيرها من األعمال التي تبيح الحوز مؤقتا‪.41‬‬
‫فكما يباشر اإلنسان الحيازة لنفسه‪ ،‬يمكن له ذلك أيضا عن طريق الغير بالوساطة متى‬
‫كان وكيال أو ممثال له في ذلك‪ ،‬إذ القاعدة أن الحائز يفترض فيه أنه حائز لنفسه إلى أن‬
‫يقوم الدليل على أنه حائز لغيره أو لشخص يأتمر بأمره‪.42‬‬
‫ويجب أن يكون الحائز واضع اليد على الملك مغربي الجنسية‪ ،‬ألن حيازة األجنبي‬
‫عن طريق وضع اليد على الملك ال تكون لها أية قيمة مهما طال أمد وضع اليد وذلك تماشيا‬
‫مع الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 150‬من م‪.‬ح‪.‬ع التي تنص صراحة على ما يلي‪ ...":‬وال تقوم هذه‬
‫الحيازة لغير المغاربة مهما طال أمدها"‪.‬‬

‫‪ -39‬المادة ‪ 111‬من المدونة‪.‬‬


‫‪ -40‬إدريس السماحي‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -41‬إدريس السماحي‪،‬ن‪.‬م‪.‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -42‬انظر الفقرتين ‪ 2‬و‪ 1‬من المادة ‪ 115‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -2‬يجب أن يتصرف الحاحئز تصرف المالك في ملكه‪:‬‬


‫أي أن تكون خالية من االلتباس‪ ،‬ويعني ذلك تصرف الحائز في ملكه بكافة أنواع‬
‫التصرف‪ ،‬من استعمال واستغالل كالزراعة والغراسة والكراء‪ ،43‬وبالتالي فممارسة الحائز‬
‫لهذه التصرفات تجعل من ظهوره حتما مظهر المالك في ملكه لقول الشيخ خليل‪" :‬وصحة‬
‫الملك بالتصرف"‪ ،‬وقد أكد على هذا المقتضى المشرع في البند الثاني من المادة ‪ 111‬من‬
‫المدونة‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن ينسب الملك لنفسه والناس ينسبونه إليه كذلك‪:‬‬
‫باإلضافة للشروط السابقة‪ ،‬يتعين لصحة حيازة الحائز ادعاؤه لملكية الشيء المحوز‬
‫ونسبته لنفسه‪ ،‬والناس أيضا ينسبونه إليه كذلك‪ ،‬كأن يقول الناس بأن هذا ملك فالن أي‬
‫"الحائز" بينما يقول هو "ملكي وحوزي"‪ ،44‬وهذا هو مبدأ العلنية في الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -4‬يجب أن ال ينازع الحاحئز في ذلك منازع‪:‬‬
‫أي أن ال ينازعه وال يعارضه أحد طيلة مدة الحيازة‪ ،‬وبعبارة خاصة أن تكون حيازته‬
‫هادئة وفي منأى عن كل التباس ومنازعة‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم فقد رفض القضاء المغربي االعتداد بحيازة من انتزع أرض الغير‬
‫بالعنف والتعدي وأجاز سماع دعوى االسترداد ضده‪.45‬‬
‫إن منازعة الغير للحائز تجعل حيازته للمدعي فيه حيازة غير كاملة والدعوى بشأنها‬
‫غير مسموعة‪.46‬‬
‫‪ -5‬أن تستمر الحيازة طول المدة المقررة في القانون‪:‬‬
‫يعني طول مدة الحيازة المشترط ضمن هذه الحالة مرور مدة واستمرار وضع اليد‬
‫على الشيء والتصرف فيه‪.‬‬
‫ولقد ميزت المدونة بين حيازة األجانب وحيازة األقارب‪.‬‬
‫أ‪ -‬حيازة األجانب‪:‬‬
‫حيث تختلف مدة الحيازة بين ما إذا كان األجانب شركاء‪ ،‬أم غير شركاء ‪.‬‬
‫‪ ‬حيازة األجنبي الشريك‪:‬‬

‫‪ -43‬جاء في قرار المجلس األعلى ما يلي‪" :‬إن التصرف عام ال ينحصر في الحرث والغرس بل يشملها وغيرهما من الرعي والحفر‬
‫وغير ذلك"‪.‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ ،515‬صادر ‪ ،12/15/2062 1‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،6‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ -44‬إدريس الفاخوري‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪. 216‬‬
‫‪ -45‬قرار المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،120‬ملف مدني بتاريخ ‪ ،2021/11/10‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،20‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ -46‬محيي الدين إسماعيل علم الدين‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.522 :‬‬

‫‪18‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫إذ ال يكفي بالنسبة لحيازة األجنبي الشريك ثبوت حيازته إال إذا كانت متسمة ببعض‬
‫التصرفات التي من شأنها أن تعمل على تغيير العين المدعى فيها تغييرا واضحا‪ ،‬أي أن‬
‫تكون حيازته بأقوى أوجه التصرف كالهدم والبناء وغيرهما‪ ،47‬وبالتالي فحيازة األجنبي‬
‫الشريك بهذه الصفة وبتوافر الشروط األخرى تكسبه ملكية العقار المحوز إذا حازه عشر‬
‫سنين‪ ،‬لقول الشيخ خليل‪":‬كشريك أجنبي حاز فيها إن هدم وبنى"‪.‬‬
‫‪ ‬حيازة األجنبي غير الشريك‪:‬‬
‫إن حيازة األجنبي غير الشريك لملك حيازة مستوفية لشروطها دون انقطاع ومرور‬
‫مدة ‪ 21‬سنوات كاملة وقام بالتصرف فيه مطلق التصرف‪ ،‬فإن هذا األجنبي يكسب بحيازته‬
‫هذه ملكية العقار‪ 48‬حيث تنص المادة ‪ 131‬من المدونة على ما يلي‪" :‬إذا حاز شخص أجنبي‬
‫غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها واستمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة‬
‫والقائم حاضر عالم ساكت بال مانع وال عذر فانه يكتسب بحيازته ملكية العقار"‪.‬‬
‫ب‪ -‬حيازة األقارب‪:‬‬
‫بداية تجدر اإلشارة إلى أنه ال يعتد بالحيازة الواقعة ضد األصول والفروع مهما طالت‬
‫مدتها‪.49‬‬
‫أما بخصوص الحيازة بين غيرهم من األقارب من أعمام وإخوة وأصهار فإنها تتحدد‬
‫في أربعين سنة إذا انتفت بينهم عداوة أو خصومة‪ ،‬في حين تتحدد مدة الحيازة‪ ،‬دائما حسب‬
‫هذه الحالة في ‪ 21‬سنوات عند ثبوت هذه العداوة‪.50‬‬
‫مجمل القول إن مدد الحيازة بالشكل الذي بيناه هي مدد كاملة‪ 51‬تبتدئ في السريان من‬
‫تاريخ وضع الحائز يده على الملك بنية التملك‪ ،‬وفي حالة توالي التفويتات من تاريخ بداية‬
‫حيازة أول مفوت‪ ،‬كما أنه ال يجوز مطلقا االتفاق على تعديل مدة الحيازة سواء بالزيادة أو‬
‫النقصان وكل اتفاق على ذلك يقع باطال كما نصت ذلك المادة ‪ 130‬من المدونة‪.‬‬
‫‪ -6‬شرط عدم العلم بالتفويت في حالة وفاة الحاحئز‪:‬‬
‫ومضمون هذا الشرط يتلخص في عدم علم الشهود بتفويت العقار المشهود فيه لغيره‬
‫أو هبة أو صدقة أو غير ذلك من أسباب نقل الملك للغير‪.‬‬

‫‪ -47‬عبد العلي العبودي‪ ،‬الحيازة فقها وقضاء‪ ،‬مركز الثقافة العربي ‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2006 ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪ -48‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ ،10‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،2031‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ 53‬و‪ ،56‬ص‪.213 :‬‬
‫وهو ما أكدته المادة ‪ 133‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ -49‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ ،2163‬ملف شرعي رقم ‪ ،6512/36‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،15-11‬ص‪.223 :‬‬
‫‪ -50‬تنص المادة ‪ 132‬من القانون رقم ‪ 50-13‬على ما يلي‪":‬تكون مدة الحيازة بين األقارب غير الشركاء الذين ليس بينهم عداوة‬
‫أربعين سنة‪ ،‬وعشر سنوات إذا كان فيما بينهم عداوة"‪.‬‬
‫‪ -51‬المادة ‪ 131‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وقد اختلف الفقه في هذا الشرط هل هو شرط صحة أم شرط كمال؟‬


‫ودون الدخول في هذا االختالف الفقهي‪ ،‬نشير إلى أن الرأي الراجح يعتبر شرط عدم‬
‫التفويت بمثابة شرط كمال في وثيقة الحي‪ ،‬وشرط صحة في وثيقة الميت إذا أثبت الورثة‬
‫الملك‪.52‬‬
‫خالصة القول‪ ،‬وانطالقا من كل الشروط التي تعرضنا لها فإنه يتعين لترتيب الحيازة‬
‫ألثرها في اكتساب العقار‪ ،53‬أن تكون متداخلة ومستجمعة لبعضها البعض‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موانع الحيازة‬
‫بتوافر الشروط المذكورة تكون الحيازة قائمة بشكل صحيح وقرينة على ملكية‬
‫صاحبها‪ ،‬ولكن ال يمكن االعتداد بها في الحاالت المنصوص عليها في الفصل ‪ 136‬من‬
‫المدونة والتي جاءت على سبيل الحصر‪ ،‬وهذه الحاالت تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬إذا كان المحوز عليه فاقد األهلية أو ناقصها وليس له نائب شرعي‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫ال تبدأ مدة الحيازة في السريان إال من تاريخ تعيين هذا النائب أو من تاريخ الرشد حسب‬
‫األحوال‪.‬‬
‫‪ ‬إذا غاب المحوز عليه غيبة طويلة متواصلة‪ ،‬يفترض عدم علمه بحيازة ملكه إلى أن‬
‫يثبت العكس‪.‬‬
‫‪ ‬إذا منع المحوز عليه مانع قوي من المطالبة بحقه كالخوف من الحائز لكونه ذا‬
‫سلطة أو مستند إلى سلطة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا منع المحوز عليه مانع بأن كان في ظروف تجعل من المستحيل عليه المطالبة‬
‫بحقوقه خالل المدة المقررة للحيازة‪.‬‬
‫كما أنه ال اعتبار لحيازة األجنبي الذي ال يحمل الجنسية المغربية ‪ ،‬وال تحتسب مدة‬
‫حيازته إال من تاريخ ا كتساب هذه الجنسية كما نصت ذلك الفقرة الثانية من المادة ‪ 150‬على‬
‫أنه ‪ ":‬ال تقوم هذه الحيازة لغير المغاربة مهما طال أمدها"‪.‬‬
‫وال يمكن في جميع األحوال أن تتحقق الحيازة بين ‪:‬‬
‫‪ ‬األب وابنه وإن سفل وال بين األم وأبنائها وإن سفلوا‪.‬‬
‫‪ ‬األزواج أثناء قيام الزوجية‪.‬‬
‫‪ ‬الشركاء مطلقا‪.‬‬

‫‪ -52‬إدريس الفاخوري‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.213‬‬


‫‪ -53‬تنص المادة ‪ 161‬من القانون رقم ‪ 50.13‬على ما بلي‪" :‬يترتب على الحيازة المستوفية لشروطها اكتساب الحائز ملكية العقار"‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬النائب الشرعي ومن هم إلى نظره‪.‬‬


‫‪ ‬الوكيل وموكله‪.‬‬
‫‪ ‬المكلف بإدارة األموال العقارية وأصحاب هذه األموال‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬اكتساب العقار والمنقول بالحيازة‬
‫سنتحدث عن اكتساب العقار بالحيازة (‪ ،)2‬على أن نتطرق الكتساب المنقول بالحيازة‬
‫(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬اكتساب العقار بالحيازة‬
‫تكتسب ملكية العقار عن طريق الحيازة بطول المدة وذلك حسب نوع الحائز وعالقته‬
‫بمن يقوم بمنازعته بشأنها إما أجنبيا أو قريبا‪ ،‬وأيضا من زواية ما إذا كان أصل الملك‬
‫مجهوال أم معلوما‪.‬‬
‫والحيازة وإن كانت سببا من أسباب كسب الملكية العقارية في التشريع المغربي‪ ،‬إال‬
‫أنها ال تؤثر على اكتساب بعض العقارات مهما طالت مدة حيازتها وهذه العقارات حسب‬
‫المادة ‪ 162‬من المدونة هي ‪:‬‬
‫‪ +‬أمالك الدولة العامة والخاصة ‪ :‬وال تقبل الحيازة نظرا للصبغة العمومية التي تطبع‬
‫األمالك العامة‪ ،‬وللخصوصيات التي تنفرد بها األمالك الخاصة للدولة‪.‬‬
‫‪ +‬األمالك الحبسية ‪ :‬إذ ال محل ال كتسابها بالحيازة على اعتبار أن ذلك يتنافى مع‬
‫الغاية المتوخاة من الحبس من جهة ويتناقض مع إرادة المحبس والمقتضيات القانونية‬
‫الواردة في المادة ‪ 5432‬من مدونة األوقاف من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ +‬أمالك الجماعات الساللية و أمالك الجماعات الترابية‪ :‬بدورها ال محل الكتسابها‬
‫بالحيازة مهما طال أمدها‪.‬‬
‫‪ +‬العقارات المحفظة‪ :‬إذ ال تؤثر الحيازة على حق مالك العقار المحفظ‪ ،‬ألن قرار‬
‫التحفيظ يطهر العقار من كل الشوائب العالقة به‪ ،‬وبالتالي فالتقادم ال يكسب أي حق عيني‬
‫على العقار المحفظ في مواجهة المالك‪ ،‬وال يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم‬
‫‪55‬‬
‫العقاري‪.‬‬
‫‪ -2‬اكتساب المنقول بالحيازة‪:‬‬
‫يتم اكتساب المنقول بالحيازة في حالة تحقق الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -54‬نصت المادة ‪ 32‬من مدونة األوقاف على أنه ‪ ":‬يترتب عن اكتساب المال لصفة الوقف العام عدم جواز حجزه أو كسبه بالحيازة‬
‫أو بالتقادم‪ ،‬وعدم جواز التصرف فيه‪."....‬‬
‫‪ -55‬الفصل ‪ 65‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬ينبغي أن تكون الحيازة مستجمعة لصفاتها القانونية وخالية من العيوب‪ ،‬كاإلكراه‬


‫والخفاء واللبس والغموض‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون محل الحيازة منقوال تطبيقا لقاعدة الحيازة في المنقول سند للملكية‪ ،‬إذ‬
‫ال تسري هذه األخيرة إال إذا كان المنقول قابال للحيازة والتعامل فيه‪ ،‬وهو ما يعني عدم‬
‫إمكانية حيازة المنقول متى كان معنويا كالملكية األدبية والفنية…‬
‫‪ -‬كما يخرج من قاعدة الحيازة في المنقول سند للملكية المنقوالت ذات الصبغة‬
‫العمومية كاآلثار والتحف واألسلحة والمنقوالت التابعة للعقارات المخصصة‪ ،‬وكذا‬
‫‪56‬‬
‫المنقوالت المتكونة من عناصر مادية وأخرى معنوية كاألصل التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الحيازة حقيقية ال عرضية‪ ،‬ألن األولى وحدها من تتوفر على‬
‫العنصرين المادي والمعنوي‪ ،‬ومن ثم فبتواجدهما نقول بأن الحيازة سبب لكسب ملكية‬
‫المنقول‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين أن يكون الحائز حسن النية‪ ،‬إذ يشترط حتى يتملك الحائز المنقول أن يكون‬
‫حسن النية‪ ،‬أي أنه يكتسب الشيء بناء على حجة يجهل عيوبها‪ ،57‬إذ القاعدة تقول أن حسن‬
‫‪58‬‬
‫النية مفترض دائما إلى أن يثبت العكس وهو سوء النية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يستند الحائز في حيازته إلى سبب صحيح ‪ ،‬ويستنتج ذلك من الفقرة األولى‬
‫من الفصل ‪ 654‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الميراث‬
‫يعد الميراث أحد أهم أسباب اكتساب الملكية كما ذهبت إلى ذلك المادة ‪ 161‬من‬
‫المدونة‪ ،‬والتي أحالت في تنظيم أحكامها على مدونة األسرة والتي تأثرت بدورها بشكل‬
‫كبير بقواعد الفقه المالكي‪.‬‬
‫وقد عرفت المادة ‪ 515‬من مدونة األسرة اإلرث بأنه‪ ":‬انتقال حق بموت مالكه بعد‬
‫تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال تبرع وال معاوضة"‪.‬‬
‫وبالتالي فإن الشخص بمجرد وفاته تنتقل حقوقه إلى ورثته تطبيقا للقاعدة الشرعية "‬
‫من مات عن حق فلوارثه "‪ 59،‬وعليه فإن المغاربة المسلمين يخضعون في تنظيم حقوقهم‬
‫اإلرثية إلى مدونة األسرة‪ ،‬أما المغاربة غير المسلمين كاليهود المغاربة فإنهم يخضعون في‬
‫ذلك إلى شريعتهم الخاصة‪ ،‬وهي الشريعة العبرية‪ ،‬أما بالنسبة لألجانب فيخضعون في ذلك‬
‫إلى أحكام قانونهم الوطني تبعا لنظرية شخصية القوانين‪.‬‬

‫‪ -56‬محي الدين إسماعيل‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.531 -520‬‬


‫‪ -57‬طبقا للفقرة األخيرة من الفصل ‪ 215‬منق‪.‬ل‪ .‬ع‪.‬‬
‫‪ -58‬راجع الفصل ‪ 136‬منق‪.‬ل‪ .‬ع‪.‬‬
‫‪ -59‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.512‬‬

‫‪22‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫لكن إذا كانت الملكية تنتقل بفعل الوفاة إلى الوارث ‪ ،‬فإنه مع ذلك ينبغي أن نميز بين‬
‫الحالة التي يكون فيها المال منقوال أو عقارا غير محفظ‪ ،‬والحالة التي يتعلق األمر فيها‬
‫بعقار محفظ‪.‬‬
‫فعندما يتعلق األمر بمنقوالت أو عقارات غير محفظة‪ ،‬فإن الملكية تنتقل بفعل واقعة‬
‫الوفاة‪ ،‬بعد أداء الحقوق المتعلقة بالتركة‪ ،‬والتي تقدم على حق الوارث‪ ،‬كنفقات الجنازة ‪ ،‬أو‬
‫‪60‬‬
‫أداء ما كان بذمته من ديون أو تنفيذ وصاياه‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ أن هذه المبادئ تصطدم والقاعدة المنصوص عليها في الفصل ‪ 110‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪61،‬و التي جاءت مخالفة لما هو متعارف عليه في الفقه اإلسالمي وخاصة في الفقه‬
‫المالكي‪ ،‬إذ أنه وتبعا لمقتضيات الفصل ‪ ،110‬فالورثة ملزمون مبدئيا بتسديد ديون المورث‬
‫في حدود مناب كل واحد منهم‪ ،‬أما إذا رفضوا التركة فإنهم ال يلتزمون بتسديد هذه الديون‪.‬‬
‫أما عندما يتعلق األمر بعقارات محفظة‪ ،‬فيطرح التساؤل حول الوقت الذي تنتقل فيه‬
‫التركة إلى الورثة‪ ،‬ما دام أن نظام التقييدات الوارد على العقار المحفظ يستند إلى مجموعة‬
‫من المبادئ التي رسخها نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬أهمها مبدأ األثر اإلنشائي أو التأسيسي‬
‫للتقييد‪ ،‬أي أن الحق الوارد على العقار المحفظ ال يعد موجودا بين األطراف أو اتجاه‬
‫األغيار إال بتقييده على الرسم العقاري‪ ،‬وهو ما يستفاد من مقتضيات الفصلين ‪ 66‬و ‪62‬‬
‫من ‪.‬ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ .‬وإن كان هاذين الفصلين تسري على التصرفات المبرمة بين األحياء‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحقوق المكتسبة عن طريق اإلرث‪ ،‬فقد تولى تنظيمها الفصل ‪ 31‬من‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ .‬الذي خضع لتعديل هام في مقتضياته بموجب القانون ‪ 21.12‬المغير والمتمم‬
‫لظهير ‪ 21‬غشت ‪.2025‬‬
‫إن الصياغة السابقة كانت متوافقة مع ما استقر عليه الفقه اإلسالمي عامة‪ ،‬من حيث‬
‫انتقال الحقوق اإلرثية بفعل الوفاة‪ ،‬ألن الفصل ‪ 31‬قبل تعديله‪ 62،‬كان يترك الخيار للورثة‬
‫بشأن تقييد الحقوق اإلرثية‪ ،‬وأيضا الموصى لهم‪ ،‬خالفا للصيغة اآلمرة التي جاءت بها‬
‫الفصول ‪ 62 - 66 -63‬بشأن تقييد الحقوق المبرمة بين األحياء‪.‬‬
‫لقد ترتب على الصيغة التي جاء بها الفصل ‪ 31‬قبل التعديل إجماع لدى الفقه المغربي‬
‫بأن الحقوق اإلرثية أو الوصايا المتعلقة بعقارات محفظة أو حتى في طور التحفيظ‪ ،‬تنتقل‬

‫‪ -60‬محمد خيري‪ ،‬الملكية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪،‬ط‪ ،‬الثانية ‪ ،2001‬ص‪.152 ،‬‬
‫‪ -61‬ينص الفصل ‪ 110‬من ق‪.‬ل‪ .‬ع بأنه ‪..... ":‬ومع ذلك فالورثة ال يلتزمون إال في حدود أموال التركة وبنسبة مناب كل واحد‬
‫منهم‪ ،‬وإذا رفض الورثة التركة لم يجبروا على قبولها وال تحمل ديونها وفي هذه الحالة ليس للدائنين إال أن يباشروا ضد التركة‬
‫حقوقهم"‪.‬‬
‫‪ -62‬ينص الفصل ‪ 31‬قبل تعديله‪ ":‬إذا رغب الورثة في الحصول على تسجيل في اسمهم للحقوق العينية العقارية المنجزة لهم باإلرث‬
‫فعليهم إن يدلوا زيادة على شهادة الوفاة بما يثبت حالتهم واستحقاقهم اإلرث وحظوظهم فيه‪،‬إذا كان الحق ناتجا عن وصية فإنه على‬
‫طالب التسجيل الموصى له أن يدلي بصك الوصية أو نسخة منه"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫بفعل واقعة الوفاة وليس بفعل التقييد‪ ،‬إذ الورثة خلف عام تنتقل إليهم التركة بفعل صفتهم‬
‫هذه‪ ،‬فقط أن التقييد يبقى ضروريا من أجل تمكين الوارث من التصرف في حقوقه اإلرثية‬
‫‪63‬‬
‫بالبيع أو غيره من التصرفات القانونية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 31‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع بعد التعديل نجده ينص على أنه‪ ":‬لتقييد‬
‫الحقوق العينية العقارية المترتبة عن اإلرث يجب على الورثة أو الموصى لهم أن يقدموا‬
‫للمحافظ على الملكية العقارية طلبا للتقييد مدعما بكل الوثائق المثبتة النتقال الحق لفائدتهم‬
‫بصفة قانونية"‪.‬‬
‫من خالل القراءة المتأنية لمقتضيات هذا الفصل يتبين لنا أن الحقوق اإلرثية تنتقل في‬
‫ظل النص الحالي بفعل الوفاة أيضا وليس بفعل التقييد كما قد يوحي بذلك نص الفصل ‪31‬‬
‫ألول وهلة‪ ،‬وبالتالي فإن الحقوق اإلرثية تظل مستثناة من مبدأ األثر اإلنشائي للتقييدات‬
‫الواردة على السجالت العقارية‪.‬‬
‫وقد عرفت مسألة انتقال الحقوق اإلرثية على مستوى القضاء نوعا من التضارب‪ ،‬هل‬
‫تتم بفعل الوفاة أم التقييد‪ ،‬إال أن محكمة استقرت في العديد من قراراتها على أن الوريث‬
‫يحل محل المورث بحكم الشريعة منذ وفاته‪ ،‬وهذا ما أكدته في قرار لها والذي ورد فيه ‪":‬‬
‫حيث صح ما عابه الطاعن على القرار‪ ،‬ذلك أنه بمفهوم الفصل ‪ 63‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع أن الحقوق‬
‫الناشئة عن اإلرث ترتب أثارها حتى قبل إشهارها بالرسم العقاري‪ ،‬ولما كان كذلك‪ ،‬وكان‬
‫الطاعن قد دفع بأنه شريك مع الشفيعة باعتبارها وارثا في والدته المسجلة بالرسم العقاري‬
‫وأدلى بإراثتها‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ردت دفعه بعلة أن الحق‬
‫المزعوم انتقاله إليه إرثا غير مقيد بالرسم العقاري‪ ،‬وأن العبرة في العقار المحفظ بتقييد‬
‫الحق العيني لترتيب أثره بين األطراف‪ ،‬ولم تبحث فيما هو مثبت بشهادتي الملكية واإلراثة‬
‫المستدل بهما لترتيب أثارهما على دعوى الشفعة على سند القاعدة أعاله‪ ،‬تكون قد عللت‬
‫‪64‬‬
‫قرارها فاسدا‪ ،‬وهو بمثابة انعدامه مما يتعين نقضه"‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستيالء‬
‫إن دراسة االستيالء كسبب من أسباب كسب الملكية في التشريع المغربي يقتضي‬
‫التوقف بداية عند تعريفه (أوال)‪ ،‬وبيان شروطه ( ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -63‬محمد خيري‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.153‬‬


‫‪ -64‬القرار صادر بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪ ،1122‬تحت عدد ‪ ،630‬في الملف المدني عدد ‪ ،1126 /1/2/252‬منشور بمجلة ملفات عقارية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،3‬ص ‪.00‬‬

‫‪24‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أوال‪ :‬تعريف االستيالء‬


‫سببا لكسب ملكية األشياء التي ال مالك لها عن طريق وضع اليد‬ ‫‪65‬‬
‫يعد االستيالء‬
‫عليها بنية تملكها‪.66‬‬
‫واالستيالء بهذا المعنى يتكون من عنصرين‪ :‬عنصر مادي يتجسد في الحيازة أي‬
‫وضع اليد‪ ،‬وعنصر معنوي وهو وجود نية التملك‪.‬‬
‫ولما كان من غير المستساغ االعتداد باالستيالء كسبب الكتساب العقار‪ ،‬فإن المنقول‬
‫يبقى تبعا لذلك المجال المعتد به الكتساب الملكية عن طريق واقعة االستيالء هذا على‬
‫اعتبار أن المنقوالت هي من تكون في الغالب بال مالك يتملكها ويتصرف فيها‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن االستيالء ال يتحقق من مجرد حيازة المنقول المباح انطالقا من‬
‫وضع اليد فحسب بل يلزم ضرورة توافر نية تملك ذلك المنقول‪ .‬لكن السؤال المطروح‬
‫يتعلق بمفهوم وشروط المنقوالت التي ال مالك لها بهذا الخصوص‪ ،‬وهذا ما سنعالجه في‬
‫الفقرة الموالية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط االستيالء‬
‫يشترط في االستيالء الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يرد االستيالء على شيء منقول ال مالك له‪ :‬واألشياء المنقولة التي ال مالك لها‬
‫تصنف إلى األنواع التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬األشياء المهملة أو المتروكة‪ :‬ويراد بها تلك التي كانت في األصل مملوكة ثم وقع‬
‫التخلي عنها‪ ،‬من ثم تصير و تصبح غير مملوكة ألحد‬
‫ومن صور هذه الحالة األشياء القديمة أو البالية‪ ،‬كمن يترك سيارته التي أصابها‬
‫حادث في الطريق العام الستحالة إصالحها وبنية التخلي عن ملكيتها ‪ ،‬فهي تصبح منقوال‬
‫مباحا وال يعد سارقا من يستولي على بعض قطع منها ألنه يصبح مالكا باالستيالء لهذه‬
‫األشياء‪.67‬‬
‫أما بخصوص األشياء المسروقة أو الضائعة فال تدخل في نطاق هذه الحالة إال بعد‬
‫مرور ثالث سنوات كاملة كما نص ذلك الفصل ‪ 136‬مكرر من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ -65‬يطلق على االستيالء في القانون المدني األردني تسمية "إحراز المباحات"‪.‬‬


‫‪ -66‬ومن هذا المنطلق ال يمكن االعتداد باالستيالء كسيب لملكية العقار‪ ،‬ومرد ذلك أن العقار ال يمكن أن يكون من غير مالك‪ ،‬بل‬
‫حتى األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة تماشيا مع المادة ‪ 111‬من المدونة‪.‬‬
‫‪ -67‬إدريس الفاخوري‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.211‬‬

‫‪25‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ب‪ -‬األشياء المباحة أو الخالية‪ :‬وهي تلك التي ليست في األصل ملكا ألحد كالطيور‬
‫في الجو واألسماك في البحار واألنهار والحيوانات غير األليفة مادامت طليقة‪.68‬‬
‫ويقصد بهذه األشياء على العموم األشياء المنتفع بها من قبل العامة باعتبار األصل‬
‫فيها أنها تخرج عن التعامل بحكم طبيعتها وال يستأثر بها أحد لوحده إذ من يستأثر بقدر منها‬
‫يمتلكه بإحرازه‪ ،‬ومن أمثلة هذه األشياء كما سبق قوله الحيوانات غير األليفة طالما هي‬
‫حرة‪ ،‬وهو ما سارت عليه بعض التشريعات العربية‪.69‬‬
‫‪ -2‬أن يكون المنقول شيحئا ً ماديا‪ :‬على أساس أن األشياء المادية وحدها من يجوز‬
‫تملكها عن طريق االستيالء‪ ،‬أما األشياء المعنوية فال يمكن تملكها بهذه الكيفية‪.‬‬
‫ولفهم هذه الصورة نفترض مثال أن فنانا قام بنحت تمثال أو رسم لوحة ثم بعد ذلك قام‬
‫بإتالف ما أنتجه وتخلى عن بقاياه قاصدا سد الطريق أمام الغير لالنتفاع بهذا الشيء‪ ،‬فإن‬
‫مستولي ومحرز هذه البقايا المادية يتملكها باالستيالء باعتبارها بدون مالك‪ ،‬ولكنه ال‬
‫يكتسب الحق األدبي الذي يقع على اإلنتاج الفني لكونه لصيقا بشخص صاحبه‪.70‬‬

‫‪ -68‬مأمون الكزبري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.513 ،‬‬


‫‪ -69‬المادة ‪ 2122-1‬من القانون المدني األردني‪.‬‬
‫‪ -70‬مأمون الكزبري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.221 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التصرفات القانونية المكسبة لحق الملكية‬


‫كما هو معلوم فملكية العقار أو المنقول تنتقل عن طريق مجموعة من األسباب التي‬
‫من شأنها أن تجعل الشخص مالكا للشيء‪ ،‬وهذه األسباب قد تكون إما ناقلة للملكية كعقود‬
‫المعاوضة والتبرع‪ ،‬أو كاشفة لها كالوصية والشفعة والحكم القضائي‪ ،‬فهذه العناصر تعد من‬
‫أهم األسباب التي تكتسب بها حق الملكية‪.‬‬
‫وللتفصيل أكثر‪ ،‬سنقف بداية عن التصرفات أو األسباب الناقلة للملكية في (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬على أن نتعرض لباقي الطرق األخرى الكتساب حق الملكية في ( المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسباب الناقلة لحق الملكية‬
‫يمكن تصنيف األسباب الناقلة للملكية إلى صنفين‪ ،‬أسباب تتم بعوض (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫وأخرى بغير عوض (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األسباب العوضية‬
‫يمكن تعريف العقد بأنه توافق إرادتين على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه‪،‬‬
‫وبصورة أكثر اختصارا وأدق تعبيرا " توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني"‪.71‬‬
‫والعقد يعد أحد أهم أسباب انتقال الملكية‪ ،‬والذي يتخذ عدة صور ‪،‬أهمها عقد‬
‫البيع(أوال)‪ ،‬وعقد المعاوضة ( ثانيا)‪ ،‬وعقد المغارسة (ثالثا)‪ ،‬وأيضا نزع الملكية الجبري‬
‫(رابعا)‬
‫أوال‪ :‬عقد البيع‬
‫سنقوم بداية بتعريفه وتبيان خصائصه (‪ ،)2‬على أن نوضح كيفية انتقال العقار أو‬
‫المنقول بسببه (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬التعريف الفقهي والقانوني لعقد البيع وخصاحئصه‪:‬‬
‫يعد عقد البيع من بين العقود األكثر شيوعا‪ ،‬ألنه أكثر عقد يتم بين األشخاص في‬
‫الحياة اليومية‪ ،‬وهو من أسس الحياة االجتماعية واالقتصادية حيث ال تجد شخصا ال يبيع أو‬
‫‪72‬‬
‫يشتري يوميا إال نادرا‪ ،‬بل إن الشخص الواحد قد يبرم عدة عقود في اليوم الواحد‪.‬‬
‫والبيع لغة‪ ،‬من مصدر باع الشيء أي أخرجه عن ملكه او ادخله فيه بعوض‪ ،‬فهو من‬
‫أسماء األضداد يطلق على البيع والشراء‪،‬إذ يعتبر البيع نقيض الشراء‪ ،‬كما يعتبر البيع شراء‬

‫‪ -71‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬مصادر االلتزامات ‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ ،‬الثانية‪ ،‬لسنة ‪ ،2021‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -72‬عبد السالم أحمد فيغو‪،‬العقود المسماة في البيع والمعاوضةـ ط‪ ،‬األولى‪ ،‬مطبعة فاس بريس لسنة ‪ ،2006‬ص‪.23 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أيضا‪ 73‬وبمعنى آخر أن البيع يطلق على إعطاء المثمن وأخذ الثمن كما يطلق الشراء على‬
‫إعطاء الثمن واخذ المثمن فهو في اللغة عبارة عن مطلق المبادلة والمقابلة‪.74‬‬
‫وكلمة البيع وردت في كتاب هللا تعالى بقوله ‪َ۬ ":‬الذِين يا ُكلُون َ۬ا ِلرب ٰواْ ال يقُو ُمون ِإ اال كما‬
‫ا َ۬ َ۬‬ ‫َ۬‬ ‫طهُ َ۬ا ُل ا‬
‫يقُو ُم َ۬ا ُلذِے يتخبا ُ‬
‫شي ْٰط ُن ِمن َ۬ا ْلم ِّۖ ِس ٰذ ِلك بِأنا ُه ْم قالُ ٓواْ إِناما َ۬ا ْلب ْي ُع ِمثْ ُل ا ُ ِلرب ٰو ِّۖاْ وأحل ا‬
‫َُ۬ ا ُ ْلبيْع‬
‫َ۬ وم ْن عاد‬ ‫وح ارم َ۬ا ِلرب ٰو ِّۖاْ فمن جآءهُۥ م ْو ِعظ ‪ٞ‬ة ِمن اربِ ِهۦفانت ۪ه ٰي فلهُۥ ما سلف وأ ْم ُرهُۥٓ ِإلي َ۬ ا ِّۖ ِ‬
‫ٰ َ۬‬ ‫ٓ‬
‫ِّۖ ‪75‬‬
‫ار ُه ْم فِيها ٰخ ِلدُون"‪.‬‬ ‫ب ا ُ ۪لن ِ‬ ‫فأ ُ ْو ٰلئِك أ ْ‬
‫صح ُ‬
‫أما اصطالحا فيراد به التمليك والتملك‪ ،‬أي تمليك المبيع وهو المقصود من عقد‬
‫البيع‪ ،‬وامتالك الثمن وهو الوسيلة إليه‪.‬‬
‫وقد عرف فقهاء الشرع اإلسالمي البيع بأنه مبادلة مال بمال‪ ،‬مع تحقق التراضي بين‬
‫عاقديه واشترطوا لنفاذه أن يكون البائع مالكا للمبيع‪.76‬‬
‫أما في التشريعات الوضعية‪ ،‬فقد عرفه المشرع المصري في المادة ‪ 123‬من التقنين‬
‫المدني بان " البيع عقد يلتزم البائع ان ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر مقابل‬
‫ثمن نقدي"‪.‬‬
‫ونفس النهج سار عليه المشرع عندنا في الفصل ‪ 77123‬بقوله بأن " البيع عقد‬
‫بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لآلخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا اآلخر بدفعه‬
‫له"‪.‬‬
‫وعقد البيع له عدة خصائص مميزة له‪ ،‬منها أنه عقد يقوم على الرضائية‪،‬‬
‫والمعاوضة‪ ،‬وكونه من العقود الملزمة لجانبين‪ ،‬فضال عن اعتباره عقدا محدد القيمة أي أن‬
‫كال عاقديه يعلم أو بإمكانه أن يعلم وقت إبرام العقد؛ قيمة ما سيعطيه وما سيأخذه‪ ،‬وأيضا‬
‫عقدا ناقال للملكية هذا ما سنحاول توضيحه في الفقرة الموالية‪.‬‬
‫‪ -2‬عقد البيع كسبب من اسباب اكتساب الملكية‪:‬‬
‫إن انتقال الملكية عن طريق عقد البيع‪ ،‬يقتضي منا التميبز بين المنقول (أ)‪ ،‬والعقار‬
‫(ب)‪.‬‬

‫‪ -73‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار لسان العرب‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬ط‪ ،1121 ،‬ص‪ 103 ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -74‬محمد العروصي‪ ،‬المختصر في بعض العقود المسماة‪ ،‬عقد البيع والمقايضة والكراء‪ ،‬ط‪ ،‬السادسة‪ ،‬لسنة ‪ ،1120-1123‬ص‬
‫‪.23‬‬
‫‪ -75‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.121‬‬
‫‪ -76‬أنور سلطان‪،‬العقود المسماة‪ ،‬شرح عقدي البيع والمقايضة‪ ،‬دار النهضة العربية لسنة ‪ ،2035‬ص‪.2 ،‬‬
‫‪ -77‬ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12 ( 2552‬أغسطس‪ ) 1913‬المتعلقبقانونااللتزاماتوالعقود‪،‬المنشوربالجريدةالرسميةعدد‪ 4222‬بتاريخ ‪29‬‬
‫سبتمبر‪.2025‬‬

‫‪28‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أ‪ -‬انتقال الملكية في المنقوالت‪:‬‬


‫إن انتقال الملكية في المنقوالت يتم بمجرد تراضي البائع والمشتري على الثمن‬
‫والمثمن وشروط البيع األخرى دون حاجة إلى أي إجراء آخر‪ ،‬وهو مبدأ فقهي كرسه‬
‫الفصل ‪ 133‬من ق ل ع‪ ،‬الذي يعتبر أن البيع ينتج كافة آثاره بمجرد تراضي طرفيه‪.‬‬
‫غير أنه يجب التمييز في هذا اإلطار‪ ،‬بين المنقول المعين بالذات‪ ،‬والمنقول المعين‬
‫بالنوع‪ ،‬والمنقوالت ذات الطبيعة الخاصة‪.‬‬
‫بخصوص المنقول المعين بالذات‪ :‬فملكيته تنتقل إلى المشتري بمجرد التعاقد‪ ،‬ولو لم‬
‫يقترن ذلك بالتسليم‪ ،‬مثل بيع لوحة فنية معروفة لدى المتابعين‪ ،‬أو بيع مواد غذائية‪ ،‬أو‬
‫أجهزة إلكترونية‪.78‬‬
‫أما المنقول المعين بالنوع ‪ :‬فال تنتقل ملكيته بمجرد التعاقد‪ ،‬وإنما ال بد من أن يقوم‬
‫البائع بإفرازه عن غيره حتى تنتقل ملكيته‪ ،‬كما لو اشترى شخص طنا من القمح من البائع‬
‫الذي لديه أطنان من نفس النوع في مخزنه‪ ،‬وعليه فال تنتقل ملكيته إلى المشتري في هذا‬
‫المثال إال من لحظة إفرازه وتعيينه عن غيره‪.79‬‬
‫وبخصوص المنقوالت ذات الطبيعة الخاصة‪:‬كالسيارات والمركبات البترولية والسفن‬
‫والطائرات‪ ،‬فال تنتقل ملكيتها إال بعد تسجيلها لدى الجهات المختصة‪.‬‬
‫ب‪ -‬انتقال الملكية في العقار‪:‬‬
‫إن انتقال الملكية يختلف حسب ما إذا كان األمر يتعلق بعقار غير محفظ‪ ،‬أو محفظ أو‬
‫في طور التحفيظ‪.‬‬
‫بالنسبة للعقار غير المحفظ‪ ،‬فإن انتقال الملكية يتم من تاريخ عقد البيع‪ ،‬بشرط أن يأتي‬
‫وفق شكل معين كما نص ذلك الفصل ‪ 130‬من ق ل‪.‬ع على أنه ‪ ":‬إذا كان المبيع عقارا او‬
‫حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا‪ ،‬وجب أن يجري البيع كتابة في‬
‫محرر ثابت التاريخ"‪.‬‬
‫وقد أثار هذا الفصل عدة نقاشات بخصوص طبيعة الكتابة الواردة فيه‪ ،‬هل هي ركن‬
‫أم شكلية لإلثبات‪ ،‬خ اصة عندما يكون المبيع عقارا غير محفظ والذي كان يخضع ألحكام‬
‫الفقه اإلسالمي المبني على الرضائية قبل صدور مدونة الحقوق العينية‪ ،‬إال أن هذا النقاش‬
‫أصبح في حكم الماضي ما دامت المادة الرابعة من م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬تلزم ضرورة كتابة العقود التي‬

‫‪ -78‬محمد العروصي‪ ،‬م ‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -79‬لقد نص الفصل ‪ 101‬منق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪ ":‬إذا حصل البيع جزافا فإنه يكون تاما بمجرد أن يتراضى المتعاقدان على البيع والثمن‬
‫وشروط العقد األخرى‪ ،‬ولو لم تكن األشياء التي يرد عليها قد وزنت أو عدت أو قيست أو كيلت‪."....‬‬

‫‪29‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫يكون موضوعها عقارا غير محفظ أو محفظا أو في طور التحفيظ وفق محرر رسمي أو‬
‫ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعقار المحفظ أو في طور التحفيظ‪ ،‬فإن انتقال الملكية يخضع لمقتضيات‬
‫خاصة منظمة في ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في ‪ 21‬غشت ‪ ،802025‬سيما مقتضيات‬
‫الفصول ‪ 6681‬و ‪ 62‬و ‪ ،3182‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع والتي تكرس مبدأ أساسيا يقوم عليه نظام‬
‫السجالت العقارية‪ ،‬أال وهو مبدأ األثر اإلنشائي للتقييد‪.‬‬
‫وهكذا يؤكد الفصل ‪ 62‬من ظ‪.‬ت‪.‬ح على ان األفعال اإلرادية واالتفاقات التعاقدية‬
‫الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو اإلقرار به أو تغييره أو إسقاطه ال تنتج‬
‫أي أثر ولو بين األطراف إال من تاريخ التقييد بالرسم العقاري‪.‬‬
‫نستخلص إذن‪ ،‬أن هناك شكلية أساسية تقوم عليها كافة التصرفات الواردة على‬
‫العقار المحفظ والمتمثلة في شكلية التقييد‪ ،‬مع العلم أن الفصل ‪ 63‬من ظ‪.‬ت‪.‬حقد عمل على‬
‫تحديد التصرفات والوقائع القابلة للتقييد بالسجالت العقارية‪ ،‬بذلك فملكية العقار المحفظ ال‬
‫تنتقل إال بالتقييد على الرسم العقاري‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعقار في طور التحفيظ ‪ ،‬فإن التقييدات الواردة عليه ينظمها الفصل ‪31‬‬
‫المذكور من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬والمالحظ أن المشرع تناول ذلك ضمن القسم الخاص بالتقييدات‬
‫الواردة على العقارات المحفظة‪ ،‬وهذا يعني أن التقييدات التي تتم طبقا لهذا الفصل تخضع‬
‫لنفس القواعد التي تخضع لها التقييدات الواردة على العقار المحفظ سواء من حيث المبادئ‬
‫أو من حيث الحقوق القابلة للتقييد ما عدا كون التقييدات الواردة على العقار في طور‬
‫التحفيظ طبقا للفصل ‪ 31‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع تبقى موقوفة على اتخاذ قرار التحفيظ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عقد المعاوضة‬
‫المعاوضة في اللغة‪ ،‬مفاعلة من العوض‪ ،‬ومعناه البدل يقال عاوض البائع المشتري‬
‫مثال‪ ،‬أي بادله وذلك ألن كل واحد يأخذ مقابال لما أعطى‪.‬‬

‫‪ - 80‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 0‬رمضان ‪ 21 (2552‬أغسطس ‪ ،)2025‬المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه‬
‫بالقانون رقم ‪ 21.12‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.22.222‬في ‪ 13‬من ذي الحجة ‪ 11 (2151‬نوفمبر ‪ ،)1122‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 3003‬بتاريخ ‪ 12‬ذو الحجة ‪ 11 ( 2151‬نوفمبر ‪ ،)1122‬ص ‪.3323‬‬
‫‪ -81‬نص الفصل ‪ 66‬منظ‪.‬ت‪.‬ع على أن ‪ ":‬كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده‪ ،‬وابتداء من‬
‫يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على األمالك العقارية‪."....‬‬
‫‪ -82‬نص الفصل ‪ 31‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ .‬على أنه ‪ ":‬إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه‪ ،‬من أجل‬
‫ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير‪ ،‬أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق الالزمة لذلك‪ ،‬ويقيد هذا اإليداع بسجل التعرضات‪.‬‬
‫يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك"‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ويراد بها في االصطالح الفقهي‪ ،‬تلك العقود التي تقوم على أساس المبادلة وإنشاء‬
‫‪83‬‬
‫التزامات متقابلة بين المتعاقدين‪.‬‬
‫وعرف المشرع عقد المعاوضة في الفصل ‪ 620‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بأنه " عقد بمقتضاه‬
‫يعطي كل من المتعاقدين لآلخر على سبيل الملكية شيئا منقوال او عقاريا أو حقا معنويا في‬
‫مقابل شيء أو حق آخر من نفس نوعه او من نوع آخر"‪.‬‬
‫يظهر من هذا التعريف أن عقد المعاوضة يعد من العقود الناقلة للملكية على سبيل‬
‫التبادل بين الطرفين‪ ،‬بدليل العبارة التي جاءت غي نص الفصل أعاله " …‪.‬يعطي كل من‬
‫المتعاقدين لآلخر‪ ،"..‬واإلعطاء ال يكون مقابال بالنقود‪ ،‬لذلك يمكن اعتبار الطرفان‬
‫المقايضان وفي وقت واحد مشتريان وبائعان‪.‬‬
‫فالمقايض مشتري للشيء الذي قايض به‪ ،‬وبائعا للشيء الذي قايض به‪ ،84‬بدون وجود‬
‫مقابل نقدي‪ ،‬إذن المقابل هنا الشيء ال النقود‪ ،‬وحتى إن وجد المقابل النقدي ووجد كمعدل‬
‫فارق للشيء المعاوض به‪ ،‬فيكيف العقد معاوضة إن كان قليال‪ ،‬وأيا كان الوضع‬
‫فالمعاوضة تتحقق بنقل ملكية شيء للحصول على شيء آخر‪ ،‬كمبادلة قطعة أرضية بقطعة‬
‫أرضية أخرى‪ ،‬أو منزال بمنزل‪ ،‬أو سيارة بسيارة ‪ ،‬أو قطعة أرضية بمنزل‪ ،‬أو مجموعة‬
‫كتب بكتب أخرى‪.‬‬
‫ويتشابه عقد المعاوضة بالبيع من حيث كونه من العقود الرضائية‪ ،‬وكونه ملزما‬
‫لجانبين‪ ،‬وأنه من العقود التي تنشئ التزاما بنقل الملكية أو الحقوق بصفة عامة‪.‬‬
‫كما تنطبق جل أحكام عقد البيع على عقد المعاوضة إن في نقل الملكية‪ ،‬أو قواعد‬
‫التسليم‪ ،‬أو قواعد الضمان‪.‬‬
‫وهكذا يلتزم كل متعاقد في المعاوضة بالقيام باإلجراءات الالزمة لنقل ملكية الشيء‬
‫الذي قايض به ال متعاقد اآلخر‪ ،‬فإذا كان محل المعاوضة منقوال معينا بالذات انتقلت الملكية‬
‫بمجرد التعاقد‪ ،‬أما إذا كان المنقول معينا بالنوع فال تنتقل الملكية إال بعد إفرازه‪.85‬‬
‫وإذا كان محل المعاوضة عقارا فال يحتج بنقل الملكية بين المتعاقدين وال بالنسبة للغير‬
‫إال بالتسجيل‪ ،‬ولهذا ينص الفصل ‪ 611‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ :‬تتم المعاوضة بتراضي‬
‫المتعاقدين‪ ،‬إال أنه إذا كان محل المعاوضة عقارات أو أشياء أخرى يجوز رهنها رهنا‬
‫رسميا‪ ،‬وجب تطبيق الفصل ‪."130‬‬

‫‪ -83‬أنور محمود دبور‪ ،‬أثر مرض الموت في عقود المعاوضات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬بحث مقارن‪ ،‬منشور في مجلة الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،5‬لسنة ‪ ،2030‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -84‬أنور سلطان ‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.532‬‬
‫‪ -85‬محمد العروصي ‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.110‬‬

‫‪31‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ثالثا‪ :‬المغارسة‬
‫ثبتت المغارسة بالسنة‪ ،‬فالرسول صلى هللا عليه وسلم قال ‪ (( :‬سبع يجري للعبد‬
‫أجره ن وهو في قبره بعد موته‪ :‬من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخال‬
‫‪86‬‬
‫أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته))‪.‬‬
‫وقد تنبه المشرع المغربي ألهمية المغارسة باعتبارها من بين أسباب كسب الملكية‪ ،‬إذ‬
‫خصها بالمواد من ‪ 163‬إلى ‪ 121‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬والتي باستقرائها يتضح أن المشرع قام‬
‫بتعريف المغارسة وتحديد أسباب إنشائها ( ‪ ،) 2‬كما تولى بيان آثارها ( ‪.)1‬‬
‫‪ -1‬تعريف المغارسة وإنشاؤها‬
‫عرف الفقه اإلسالمي المغارسة بما يلي ‪ ":‬أن يدفع الرجل إلى الرجل أرضه ليغرسها‬
‫ثمرا فإذا أطعم فيكون بينهما على جزء معلوم "‪.87‬‬
‫وجاء في المادة ‪ 163‬منم‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬ما يلي ‪ " :‬المغارسة عقد يعطي بموجبه مالك أرضه‬
‫آلخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض والشجر يستحقها‬
‫الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام‪.‬‬
‫ال يمكن أن يكون محل المغارسة حقوقا مشاعة"‪.‬‬
‫وعرفها بعض الفقه ‪ 88‬بأنها " عقد شركة يبرم بين صاحب األرض وشخص يقوم‬
‫بغرسها‪ ،‬فيسلم األول أرضه للمغارس على أساس غرسها أو تربية الغراس والعناية به‬
‫وإنشاء ما يلزم من الوسائل خالل مدة معينة وذلك طبقا لإلتفاق"‪.‬‬
‫وهكذا فالمغارسة تقتضي تسليم المالك أرضه إلى شخص آخر يسمى الغارس‪ ،‬ليقوم‬
‫بغرسها على نفقته با لشجر مقابل الحصول على حصة في األرض والشجر يتم االتفاق‬
‫عليها مسبقا في العقد‪ ،‬تصبح مستحقة للغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام أي مرحلة إنتاج‬
‫الغلة‪.89‬‬
‫والمغارسة تنشأ بموجب عقد يلزم توثيقه في وثيقة رسمية حسب المادة ‪ 163‬من‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ -86‬محمد عليش‪ ،‬شرح منح الجليل على مختصر العالمة خليل‪ ،‬وبهامشه حاشية ‪ ":‬تسهيل منح الجليل"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مكتبة‬
‫النجاح‪ ،‬طرابلس ليبيا‪ ،‬ص ‪.216-213‬‬
‫‪ -87‬برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم‪ ،‬تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -88‬محمد بونبات‪ ،‬في الحقوق العينية‪ ،‬دراسة مقاربة للحقوق العينية وجدواها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ط‪ ،‬األولى‪ ،‬لسنة ‪،1111‬‬
‫المطبعة والوراقة الوطنية ‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص‪،151 ،‬‬
‫‪ -89‬حليمة بنت المحجوب بن حفو‪ ،‬القانون العقاري وفق آخر المستجدات‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية معززة باجتهادات قضائية‪ ،‬ط‪،‬‬
‫الثالثة‪ ،‬لسنة ‪ ،1111‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص‪.221 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ويلزم لصحة العقد‪ ،‬أوال تعيين نوع الشجر المراد غرسه مثال شجر الزيتون أو شجر‬
‫أركان من جهة أولى‪ ،‬وثانيا تحديد حصة الغارس في األرض والشجر مثال ثلث األرض‬
‫والشجر أو نصف األرض والشجر‪ ،‬فاألطراف لهما الحرية في تحديد الحصة المستحقة لكل‬
‫واحد منهما في األرض والشجر‪.‬‬
‫وكذلك ينبغي تضمين عقد المغارسة بمجموعة من البيانات من ضمنها ما يتعلق‬
‫بتحديد تاريخ الشروع في الغرس‪ ،‬وفي حالة إغفال هذا البيان‪ ،‬يجب على الغارس القيام‬
‫بالتزاماته الخاصة قبل انصرام سنة من تاريخ إبرام العقد‪ ،‬وإال تعرض هذا األخير للفسخ‬
‫بقوة القانون‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 160‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫غير أنه ال يجوز تضمين عقد المغارسة بأجل مخالف لتمام اإلطعام سواء بالزيادة فيه‬
‫أو بالنقصان منه‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪ ،‬وذلك وفقا للمادة ‪ 166‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن بعض العقارات ال تجوز فيها المغارسة بنص القانون‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك عقارات الوقف وذلك وفقا للمادة ‪ 211‬من مدونة األوقاف‪ 90‬التي نصت على ما يلي ‪":‬‬
‫ال يجوز إعطاء أرض الوقف بالمغارسة"‪.‬‬
‫وأيضا ال تجوز المغارسة في الحقوق المشاعة ‪ ،‬وذلك وفقا للفقرة الثانية من المادة من‬
‫‪ 163‬من ‪.‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ -2‬آثار المغارسة‪:‬‬
‫يعد عقد المغارسة من العقود الملزمة للجانبين‪ ،‬ولذلك فإنه إذا لم يوف الغارس‬
‫با لتزامه المتجلي في غرس عدد الشجر المتفق عليه في العقد‪ ،‬أو المحدد حسب العرف‪،‬‬
‫وذلك بأن قل عدد الشجر بنسبة الثلثين‪ ،‬فإن لمالك األرض الخيار بين االستمرار في العقد‬
‫أو إنهائه مع تعويض الغارس عند اإلقتضاء‪ ،‬وذلك استنادا للمادة ‪ 121‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫وقد يحدث أن يتعرض جميع الشجر أو معظمه للهالك الكلي بسبب قوة قاهرة أو‬
‫حادث فجائي بعد بلوغه مرحلة اإلطعام‪ ،‬فإن الغارس يكون قد وفى بالتزاماته‪ ،‬وتبعا لذلك‬
‫يستحق الحصة المتفق عليها في األرض‪ ،‬أما إذا هلك الشجر قبل بلوغه حد اإلطعام‪ ،‬فإن‬
‫الغارس يبقى من حقه مقيدا بحدود المتفق عليه في العقد ‪ ،‬أو بما يقضي به العرف‪ ،‬وذلك‬
‫طبقا لما نصت عليه المادة ‪ 122‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن عقد المغارسة يرتب حقا عينيا لفائدة الغارس بشرطين هما ‪:‬‬
‫‪ ‬تحقق اإلطعام‪ ،‬أي بلوغ الشجر حد اإلطعام‪.‬‬

‫‪ -90‬ظهير شريف رقم‪،2.10.156 ،‬صادر في ‪ 3‬ربيع األول ‪ 15 ( ،2152‬فبراير ‪ ،)1121‬يتعلق بمدونة األوقاف‪. ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،3312‬بتاريخ فاتح رجب ‪ 21 ( 2152‬يونيو ‪ ،)1121‬ص‪.5231 ،‬‬

‫‪33‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬اإلشهاد بتحقق اإلطعام في محرر رسمي‪ ،‬يتم توثيقه من طرف ذوي االختصاص‬
‫كالعدول‪ ،‬أو ثبوت اإلشهاد عن طريق خبرة قضائية مصادق عليها من طرف المحكمة‪،‬‬
‫ويعد الحكم النهائي القاضي بالمصادقة على هذه الخبرة بمثابة عقد نهائي ناقل للملكية إلى‬
‫الغارس‪.‬‬
‫ولكن ينبغي تقييد هذا العقد النهائي بالرسم العقاري في حالة تعلق محل المغارسة‬
‫بعقار محفظ أوإيداعه عندما يتعلق األمر بعقار محفظ‪.‬‬
‫كما أنه بإمكان الغارس أن يطلب إجراء تقييد احتياطي لالحتفاظ بحقه مؤقتا طبقا‬
‫للفصل ‪ 33‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬وقد قضت محكمة النقض في قرار صادر عنها بأنه ‪ " :‬حيث إن‬
‫عدلية المغارسة عدد ‪ 35/163‬نصت على أنه إذا نضجت األشجار المزمع غرسها وبدأت‬
‫تثمر يحوز أحد المذكور مقابل أعماله‪ ،‬ثلث األشجار المذكورة التي سيغرسها والثلثان لرب‬
‫المالك المذكور وهو معنى قول المتحف واالغتراس جائز لمن فعل فمن له البقعة أو له‬
‫العمل والحد من خدمته أن يطعما ويقع القسم بجزء علما ومعلوم وأن العقد شريعة‬
‫المتعاقدين و مادامت بعض األشجار لم تثمر والبعض ما يزال صغيرا والبعض قد مات ‪،‬‬
‫فإن ادعاء القسم والحال ما ذكر لم يثبت بموجب الثبوت كما بين ألن المغارسة ثابتة بعقد‬
‫تنتفي إال بعقد عدلي ومن المعلوم أن الذمة عامرة بيقين فال تبرأ إال بيقين‪.‬‬
‫وحيث كان األمر كما ذكر وكانت الورقة المعبر عنها بالتعاقد األصلي ال تفيد وال يبلغ‬
‫المدلى بها ما يريد لكونها غير واضحة في بابها وغير معرف بما فيها من أسماء فهي بذلك‬
‫محضر زمام حسبما يعلم ذلك من الوقوف عليها‪.‬‬
‫وحيث كان من الواجب إجراء معاينة أو خبرة حتى يكون الحكم مؤسسا على أسس‬
‫سليمة"‪.91‬‬
‫رابعا ‪ :‬نزع الملكية الجبري ( محضر إرساء المزايدة)‬
‫إن نزع الملكية الجبري يتم بناء على بيع عقار أو منقول بالمزاد العلني إثر حجز‬
‫تحفظي قد يتحول إلى حجز تنفيذي‪ ،‬ثم إلى بيع بالمزاد العلني‪ ،‬على أن هذا البيع ال يتم إال‬
‫بعد اتخاذ مجموعة من التدابير حفاظا على حقوق المدين انطالقا من إعداد دفتر‬
‫التحمالت‪ ،92‬كما يشير إلى ذلك الفصل ‪ 121‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،93‬وإن كان المشرع لم ينظم‬

‫‪ -91‬القرار رقم ‪ 033‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪ ، 2005‬ملف عقاري رقم ‪ ،33/2210‬منشور بقضاء المجلس األعلى عدد ‪،13‬‬
‫السنة الثانية عشرة‪ ،‬يناير ‪ ،2006‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -92‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬حق الملكية والضمانات العينية والشخصية‪ ،‬دراسة في قانون رقم ‪ 50.13‬بمثابة مدونة الحقوق العينية‪،‬ط‪،‬‬
‫‪،1120-1123‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -93‬راجع الفصل ‪ 121‬من ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 2.21.112‬بتاريخ ‪ 22‬رمضان ‪ 13( 2501‬شتنبر ‪ ،)2021‬بالمصادقة‬
‫على نص قانون المسطرة المدنية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5151‬مكرر بتاريخ ‪ 25‬رمضان ‪ 51 (2501‬شتنبر ‪ ،)2021‬ص‪،‬‬
‫‪.1212‬‬

‫‪34‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫بالتفصيل البيانات المضمنة به وآجال إعداده‪ ،‬ثم بعد ذلك يتم اإلعالن عن يوم المزاد من‬
‫أجل دعوة أكبر عدد ممكن من المزايدين مما يسمح ببيع العقارات المحجوزة بثمن يخدم‬
‫‪94‬‬
‫مصالح أطراف الحجز‪ ،‬لينتهي األمر بإجراء عملية السمسرة‪.‬‬
‫ومحضر البيع بالمزاد العلني يترتب عنه بطبيعة الحال مجموعة من اآلثار الهامة‪،‬‬
‫ذلك أنه إذا كان هذا المحضر يعتبر بمثابة عقد بيع فإنه يؤدي إلى انتقال إلى الراسي عليه‬
‫المزاد مطهرا من كافة الرهون واالمتيازات‪.95‬‬
‫ع لى أن هناك بعض المقتضيات الخاصة بنظام العقارات المحفظة‪ ،‬فعندما يتعلق األمر‬
‫ببيع عقار مرهون بالمزاد العلني‪ ،‬فإن ذلك يتم بعد إدالء الدائن بشهادة خاصة بتقييد الرهن‬
‫لفائدته مسلمة له من طرف المحافظ على األمالك العقارية طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 121‬من‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع التي نصت على أنه " يمكن للدائن الحاصل على شهادة خاصة بتقييد الرهن لفائدته‬
‫مسلمة له من طرف المحافظ العقاري أن يطلب بيع الملك المرهون بالمزاد العلني عند عدم‬
‫الوفاء بدينه في األجل‪.‬‬
‫تكون للشهادة الخاصة المذكورة قوة سند قابل للتنفيذ"‪.‬‬
‫كما أن محضر البيع بالمزاد العلني يتم تقييده على الرسم العقاري شأنه في ذلك شأن‬
‫باقي التصرفات القانونية الواردة على العقار المحفظ‪ ،‬وذلك حتى يرتب آثاره‪ ،‬مع العلم أن‬
‫تقييد هذا المحضر يؤدي طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 111‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬إلى تطهير الرسم‬
‫العقاري من كافة الحقوق واالمتيازات‪.96‬‬
‫هذا ونشير إلى أن تقييد محضر البيع بالمزاد العلني يثير بعض اإلشكاالت القانونية‬
‫عندما يتعلق األمر بالعقار في طور التحفيظ‪ ،‬من بينها على سبيل المثال ال الحصر مدى‬
‫إمكانية اتخاذ قرار التحفيظ بمجرد تقييد محضر البيع بالمزاد العلني‪.‬‬
‫اعتقد أن محضر البيع بالمزاد العلني يقيد كباقي العقود األخرى طبقا لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 31‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬بحيث ال يتخذ قرار التحفيظ إال بعد استيفاء كافة اإلجراءات‬
‫المسطرية‪ ،‬فهو يعتبر كغيره من التقييدات المصاحبة لمسطرة التحفيظ‪ ،‬حيث يؤخذ بعين‬
‫االعتبار بعد اتخاذ قرار التحفيظ‪.‬‬

‫‪ -94‬زكرياءالرجراجي‪ ،‬الحجز العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق بجامعة موالي إسماعيل مكناس‪،‬‬
‫السمة الجامعية ‪ ،1121-1110‬ص ‪.210‬‬
‫‪ -95‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -96‬تنص المادة ‪ 111‬من المدونة بأنه‪ ":‬ال تسلم كتابة ضبط المحكمة محضر إرساء المزايدة إال بعد أداء الثمن المستحق أو إيداعه‬
‫بصندوق المحكمة إيداعا صحيحا لفائدة من له الحق فيه‪.‬‬
‫يترتب على تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري انتقال الملك إلى من رسا عليه المزاد وتطهيره من جميع االمتيازات‬
‫والرهون وال يبقى للدائنين حق إال على الثمن"‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التصرفات التبرعية‬


‫تتجلى أساسا في كل من الهبة (أوال)‪ ،‬الصدقة (ثانيا)‪ ،‬والوصية (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أحكام عقد الهبة‬
‫من أجل الوقوف على مختلف األحكام المتعلقة بالهبة‪ ،‬البد لنا من تعريفها وبيان‬
‫أركانها (‪ ،)2‬ثم توضيح آثارها (‪ .)1‬وأيضا الوقوف على مسألة الحوز (‪ )5‬واالعتصار‬
‫فيها (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬مدلول عقد الهبة وأركانها‪:‬‬
‫سنتحدث في هذه الفقرة عن تعريف الهبة (أ)‪ ،‬ثم بيان أركانها (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬التعريف الفقهي والقانوني للهبة ومشروعيتها‪:‬‬
‫صاحـبها‬
‫ِ‬ ‫سمي‬
‫ت ِ‬ ‫ْواض واأل ْغ ِ‬
‫راض‪ ،‬فإذِا كثر ْ‬ ‫الـ ِهبة لغة‪ :‬الع ِطـياة الخالية عن األع ِ‬
‫و اهاباً‪ ،‬وهو من أبنية الـمبالغة‪.97‬‬
‫أما ا صطالحا‪ ،‬فيقصد بها تمليك المال في الحياة لغيره بغير عوض‪،‬وفي معناها الهدية‬
‫و العطية‪98.‬‬

‫وعرفها الحنابلة بأنها‪ :‬تمليك جائز التصرف ماالً معلوما ً أو مجهوالً تعذر علمه‪،‬‬
‫موجوداً‪ ،‬مقدورا ً على تسليمه‪ ،‬غير واجب‪ ،‬في الحياة‪ ،‬بال عوض‪ ،‬بما يعد هبة عرفاً‪99.‬‬

‫ذِي م ْنفع ٍة ِلو ْج ِه ْالم ْعطى ِبغيْر‬ ‫ب ت ْم ِليك‬


‫أما ابن عرفة فعرفها‪ ":‬بأنها ال ل ِثوا ٍ‬
‫ض"‪.100‬‬
‫ِِ ِعو ٍ‬
‫أما المشرع فقد عرفها في المادة‪ 125‬من المدونة بقوله" الهبة تمليك عقار أو حق‬
‫عيني عقاري لوجه الموهوب له في حياة الواهب بدون عوض"‪.‬‬
‫ق و ْالم ْغ ِر ِ‬ ‫َ۬‬ ‫َ۬‬
‫ب‬ ‫والهبة ثابتة بالكتاب لقوله تعالى " لايْس ا ْلبِ ُّر أن تُولُّواْ ُو ُجوه ُك ْم قِبل ا ْلم ْش ِر ِ‬
‫ٓ‬
‫اَّلل و ْالي ْو ِم َ۬اِال ِخر ِِو ْالم ٰلئِك ِة و ْال ِك ٰتب ِِوالنا ِب ٓي ِٕۧـن ِوءاتي َ۬ا ْلمال ِعلي‬
‫و ٰل ِك ِن َ۬اِ ْل ِب ُّر من ٰامن ِب ا ِ‬
‫ب وأقام‬ ‫سا ٓ ِئ ِلين و ِفے َ۬اِ ِلرقا ِ‬ ‫س ِبيل ِِوال ا‬ ‫ِٰ ُح ِب ِهۦذ ِوے َ۬اِ ْلقُ ْر ۪بي ِٰو ْالي ٰت ۪م ٰي و ْالم ٰس ِكين وابْن َ۬ال ا‬

‫‪-97‬ابنمنظور‪ ،‬لسان العرب‪،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.804‬‬


‫‪ -98‬محمد بن إبراهيم بن عبد هللا التويجري‪ ،‬مختصر الفقه اإلسالمي في ضوء القرآن والسنة‪ ،‬دار أصداء المجتمع للتوزيع‬
‫والنشر‪،‬القصيم‪ ،‬الطبعة الحادية عشرة ‪ ،2018 ،‬ص‪.781‬‬
‫‪ -99‬مرعي بن يوسف بن الكرمي‪ ،‬غاية المنتهى في جمع اإلقناع والمنتهى‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬دار السعيدية للنشر ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2014‬ص ‪. 513‬‬
‫‪ -100‬محمد ْاالنصاري الرصاع أبو عبد هللا‪ ،‬شرح حدود ابن عرفة‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة االولى‪ 2010 ،‬ص‪. 421‬‬

‫‪36‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫صبِ ِرين ِفے َ۬اِ ْلبأْسا ٓ ِء والض اارآ ِء‬


‫لزك ٰوة و ْال ُموفُون بِع ْه ِد ِه ُمۥٓ ِإذا ٰعهدُواْ ِِّۖوال ٰ ا‬ ‫صل ٰوة وءاتي َ۬ا ا‬ ‫َ۬ال ا‬
‫ون"‪. 101‬‬ ‫س أ ُ ْو ٰ ٓل ِئك َ۬الذِين صدقُو ِّۖاْ وأ ُ ْو ٰ ٓل ِئك ُه ُم َ۬ا ُ ْل ُمتاقُ ِّۖ‬
‫و ِحين َ۬ا ْلبأ ْ ِ ِّۖ‬
‫ب‪ -‬أركان عقد الهبة‪:‬‬
‫حصر الفقهاء أركان الهبة في أربعة وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬الواهب‪ :‬ويشترط فيه أن يكون أهالً للتبرع‪ ،‬وأن ال يكون مدينا ً بدين يستغرق كل‬
‫ماله وهبته وإن كانت تصح إال أنها تقع موقوفة على إجازة رب الدين‪ ،‬ثم أن ال يكون‬
‫مجنونا ً وال سكرانا ً فال تصح هبته‪ ،‬وأن ال يكون مرتدا ً فال تصح منه‪.‬‬
‫وأيضا أن ال يكون مريضا ً مرض الموت فيما زاد على الثلث‪ ،‬فإذا وهب المريض‬
‫زيادة عن ثلث ماله انعقدت هبته موقوفة على إذن الوارث‪102.‬‬

‫‪-‬الموهوب له‪ :‬بما أن الهبة تصرف نافع نفعا محضا بالنسبة للموهوب له فإنه يكفي‬
‫أن تكون له أهلية الوجوب‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 126‬من المدونة على أنه‪ " :‬إذا كان الموهوب‬
‫له فاقد األهلية‪ ،‬فيقبل الهبة عنه نائبه الشرعي فإن لم يكن للموهوب له نائب شرعي عين له‬
‫القاضي من ينوب عنه في القبول‪ ،‬أما إذا كان الموهوب له ناقص األهلية فقبوله الهبة يقع‬
‫صحيحا ولو مع وجود النائب الشرعي"‪ 82.‬ورغم أن الهبة تنعقد باإليجاب و القبول إال أن‬
‫العقد يبقى متوقفا على حصول الحوز حتى تترتب آثار الهبة وهو ما يسمى بالقبض في‬
‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬الشيء الموهوب‪ :‬منها‪ ،‬أن يكون مملوكا ً للواهب فال تصح هبة ملك الغير بدون‬
‫إذنه‪.‬‬
‫فإذا وهب شخص ملك غيره لم تنعقد الهبة بخالف ما إذا باع ملك غيره فإنه ال يقع‬
‫صحيحا ً إال إذا أجازه المالك‪.‬‬
‫كذلك يتعين أن يكون الموهوب من األشياء القابلة للنقل من ملك إلى ملك في نظر‬
‫الشارع‪ ،‬فهبة االستمتاع بالزوجة غير جائزة ألن نقل هذا االستمتاع ممنوع شرعاً‪ ،‬وتصح‬
‫هبة جلود األضاحي ألنها وإن كانت ال يصح بيعها فال تقبل النقل بالبيع ولكن يصح إهداؤها‬
‫والتبرع بها فتصح هبتها‪.‬‬
‫وال يشترط في الموهوب أن يكون معلوما ً فيجوز أن يهب مجهول العين والقدر ولو‬
‫كان يظن أنه يسير فظهر له أنه كثير وهب من عمه لشخص وكان ال يعرف قدره ويظن أنه‬
‫يسير فاتضح أنه كثير فإن الهبة تصح‪.103‬‬

‫‪ -101‬سورة البقرة اآلية ‪ 226‬برواية ورش عن نافع‪.‬‬


‫‪ -102‬عبد الرحمان الجزيري ‪،‬الفقه على المذاهب األربعة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،‬الثانية‪ ،‬لسنة ‪ ،1115‬المجلد الثالث‪ ،‬ص‬
‫‪.260‬‬

‫‪37‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وفي هذا اإلطار نصت المادة ‪ 125‬من المدونة على أنه يمكن لكل شخص أن يهب‬
‫لغيره العقارات أو الحقوق العينية أو العقارية‪ ،‬بشرط أن يكون الواهب مالكا للمحل كما‬
‫نصت ذلك المادة ‪ 123‬من المدونة‪.‬‬
‫‪-‬الصيغة‪ :‬فهي كل ما يدل على التمليك من لفظ أو فعل وال فرق بين أن تكون داللة‬
‫اللفظ صريحة أو ال‪ .‬مثال اللفظ الصريح ملكت‪ .‬ومثال اللفظ الذي يدل على التمليك فهما ً ال‬
‫‪.‬‬
‫صراحة خذ هذه الدار مثال ً‬
‫وتنعقد الهبة بأي صيغة تفيد تمليك المال بال عوض كوهبتك‪ ،‬أو أهديتك‪ ،‬أو أعطيتك‪،‬‬
‫وبكل عطية دالة عليها‪ ،‬وتجوز هبة كل عين يصح بيعها‪ ،‬ويكره ردها وإن قلت‪104.‬‬

‫وال يمكننا الحديث عن الهبة وإغفال القبض كشرط من شروطها‪،‬هو أهم الشروط‪،‬‬
‫وهو شرط لزوم وتمام الهبة‪ ،‬فالقبض في الهبة‪ :‬أن يكون الموهوب مقبوضاً‪ ،‬فال يثبت الملك‬
‫للموهوب له قبل القبض بل ال تتحقق الهبة إال بالقبض‪ ،‬فبالقبض توجد الهبة‪.105‬‬
‫وقال المالكية‪ :‬ال يشترط القب ض لصحة الهبة‪ ،‬وإنما هو شرط لتمامها‪ ،‬أي لكمال‬
‫فائدتها‪ ،‬بمعنى أن الشيء الموهوب يملك بمجرد العقد أي القول‪ ،‬على المشهور عندهم‪.‬‬
‫والقبض أو الحيازة لتتم الهبة‪ ،‬ويجبر الواهب على تمكين الموهوب له من الموهوب ودليلهم‬
‫تشبيه الهبة بالبيع وغيره من سائر التمليكات‪ ،‬ولقول األصحاب‪ :‬الهبة جائزة إذا كانت‬
‫‪106‬‬
‫معلومة‪ ،‬قبضت أو لم تقبض‬
‫والخالصة‪ :‬أن غير المالكية يرون أن الموهوب يملك بالقبض ال بالعقد‪ ،‬وعند‬
‫المالكية‪ :‬يملك بالعقد‪.107‬‬
‫وقد أكدت المدونة على ذلك في المادة ‪ 121‬على أن الهبة تنعقد باإليجاب و القبول‪،‬‬
‫كما جعلت الكتابة في الهبة شرط صحة و انعقاد‪ ،‬و اشترطت أن تأتي في محرر رسمي‬
‫تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫‪ -2‬آثار عقد الهبة‪:‬‬
‫ترتب الهبة عدة آثار سواء بالنسبة للواهب أو الموهوب له‪.‬‬

‫‪ - -103‬عبد الرحمان الجزيري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.261‬‬


‫‪ -104‬محمد بن إبراهيم بن عبد هللا التويجري‪ ،‬م‪ ،‬ص ‪.783-782‬‬
‫‪ -105‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪،‬دمشق‪،‬ط ‪ ،‬الثانية‪ ،‬لسنة ‪ 1123‬ص ‪-3996‬‬
‫‪.3995‬‬
‫‪ -106‬محمد بن أحمد بن محمد بن رشد األندلسي‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬مكتبة ابن تيمية للنشر والطباعة‪ ،‬القاهرة‪،‬ط‪ ،‬األولى‪،‬‬
‫لسنة ‪ ،2001‬المجلد الثاني‪ ،‬ص ‪.511‬‬
‫‪ -107‬وهبة الزحيلي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ، ،‬ص ‪.3998‬‬

‫‪38‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫أ‪ -‬آثار الهبة بالنسبة للواهب‪:‬‬


‫حددت المادة ‪ 132‬من المدونة التزامات الواهب حيادا عن التزامات البائع سواء من‬
‫حيث ضمان االستحقاق أو العيوب الخفية‪ ،‬نصت على أنه" ‪ :‬ال يلتزم الواهب بضمان‬
‫استحقاق الملك الموهوب من يد الموهوب له‪ ،‬كما ل يلتزم بضمان العيوب الخفية‪ .‬ول يكون‬
‫الواهب مسؤول عن فعله العمد أو خطئه الجسيم‪108".‬‬

‫إن القراءة المتأنية لمقتضيات المادة السالفة الذكر‪ ،‬تفيد بأن الواهب ال يلتزم بضمان‬
‫استحقاق الملك الموهوب من يد الموهوب له ‪،‬بمعنى أنه ليس من حق الموهوب له الرجوع‬
‫على الواهب في الحالة التي يتم فيها استحقاق الملك الموهوب‪ ،‬ألنه عقد تبرع‪.‬‬
‫كما أن الواهب ال يلتزم بضمان العيوب الخفية‪ ،‬المنصبة على العقار الموهوب‬
‫والمقصود بهذه العيوب تلك التي ال يمكن التعرف على وجودها إال بإجراء خبرة أو نتيجة‬
‫تغيير في طبيعة العقار الموهوب بسبب القدم أو غش في المباني أو غير ذلك‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتسليم الشيء الموهوب‪ ،‬فيكون طبقا للقواعد العامة وال يتحقق إال بإخالء‬
‫المحل الموهوب‪ ،‬ووضعه تحت تصرف الموهوب له بحيث يمكن حيازته بدون عائق‪ ،‬كما‬
‫يلتزم الواهب بتسليم العقار بالحالة التي هو عليه مرفقا بتوابعه و مشتمالته حسب العقد أو‬
‫ما جرى العرف عليه‪ .‬و المالحظ أن المشرع لم يشترط لصحة الهبة‪ ،‬أن يقع تسليم‬
‫الموهوب ماديا بل يكفي التسليم الحكمي‪ ،‬ويكون ذلك إما عن طريق التقييد في السجالت‬
‫العقارية أو إيداع مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية لموقع العقار الموهوب إذا كان‬
‫العقار غير محفظ‪.109‬‬
‫ب‪ -‬آثار الهبة على الموهوب له‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 131‬منم‪.‬ح‪.‬ع على هذه اآلثار بقولها‪" :‬نفقات عقد الهبة و مصروفات‬
‫تسليم الملك الموهوب و نقل ملكيته تكون على الموهوب له‪ ،‬ما لم يتفق على غير ذلك"‪.110‬‬
‫و هذا ما سنحاول تبيانه كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬اإللتزام بتحمل نفقات عقد الهبة و نقل ملكية الموهوب‪:‬‬
‫يقصد بنفقات عقد الهبة‪ ،‬نفقات تحرير المحرر الرسمي و كذا مصروفات التسجيل‬
‫لدى مصالح الضريبة باإلضافة إلى مصاريف التقييد أو التحفيظ‪ .‬و في الحالة التي يكون‬
‫الموهوب متكفل بتحمالت عقارية‪ ،‬يكون الموهوب له ملتزما بالتشطيب على هذه التحمالت‬
‫و أداء الديون التي كانت سببا لرهنه‪ .‬و قد أحسن المشرع حينما جعل طبيعة اإللتزامات‬

‫‪-108‬المادة ‪ 281‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬


‫‪ -109‬المادة ‪ 121‬من المدونة‪.‬‬
‫‪110‬المادة ‪ 282‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ليس من القواعد اآلمرة‪ ،‬فنص بالعبارة التالية في المادة السالفة الذكر‪" :‬ما لم يتفق على غير‬
‫ذلك ألن األصل الغالب في الهبة المحضة أن يكون الواهب قد أراد تحمل هذه النفقات‬
‫فتتحقق رغبته‪ ،‬فيلتزم بذلك‪ ،‬و يعفي الموهوب له من ذلك و خاصة إذا كانت معسرا‪.‬‬
‫‪ ‬اإللتزام بمصروفات التسليم‪:‬‬
‫إذا كان الواهب ملزما بتسليم العقار الموهوب‪ ،‬فإنه في المقابل يكون الموهوب له‬
‫ملزما بمصاريف هذا التسليم و مصاريف التسليم أو التملك هي باإلضافة إلى مصاريف‬
‫الحيازة الفعلية أو القانونية‪ ،‬المصروفات القضائية التي قد ينفقها على دعوی الضمان و كذا‬
‫الخسائر المترتبة عن االستحقاق في الحالة التي ال پسند للواهب أي خطأ أو تقصير ‪ ،‬ما لم‬
‫يتفق على خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬الحوز في الهبة وأنواعه‪:‬‬
‫لقد ذهب المشرع المغربي في االتجاه الذي سار عليه الفقه المالكي ‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫الحوز شرط تمام في عقدي الهبة والصدقة‪ ،‬وهذا ما يتضح نص المادة ‪ 121‬التي جاء فيها‪:‬‬
‫"تنعقد الهبة باإليجاب والقبول"‪.‬‬
‫تؤكد هذه المادة بشكل جلي توجه المشرع إلى اعتبار عقد الهبة ينعقد بإيجاب من‬
‫الواهب أو الموهوب له وقبول من الطرف اآلخر ‪،‬وال يوجد ضمنها ما يفيد ضرورة توفر‬
‫شرط الحوز في انعقاد العقد‪ ،‬وكما أن المادة ‪ 123‬ال تتضمن ما يفيد شرط الحوزحيث‬
‫جاء فيها "يشترط لصحة الهبة أن يكون الواهب كامل األْهلية مالكا للعقار الموهوب وقت‬
‫الهبة"‪.‬‬
‫والحوز يمكن تصنيفه إلى نوعين‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحوز المادي‪:‬‬
‫نقصد بالحوز المادي الحوز الفعلي الملموس الذي يقوم به المتبرع عليه على المال‬
‫المتبرع به‪ ،‬وقد أوجب المشرع المغربي توفر الحوز المادي لنفاذ عقدي الهبة والصدقة‪،‬‬
‫كلما تعلق األمر بعقار غير محفظ‪ ،‬ما عدا تقديم مطلب التحفيظ سواء من قبل المتبرع أو‬
‫المتبرع عليه أو نائبه ‪،‬حسب المادة ‪ 476‬من المدونة‪.‬‬
‫وقد أكد المجلس األعلى سابقا محكمة النقض حاليا ضرورة الحيازة المادية لنفاذ‬
‫التبرع جاء في إحدى قراراتها‪ ":‬لكن حيث إن الحيازة المادية شرط في نفاذ الصدقة قبل‬
‫‪111‬‬
‫حصول المانع بمعاينة البينة للمتصدق عليه وهو يحوز الشيء المتصدق به‪".‬‬

‫‪ -111‬قرار رقم ‪ 684‬الصادر بتاريخ ‪ 2002/10/3‬في الملف رقم ‪ ،2001/1/2/295‬أورده عمر ااألبيض‪ ،‬حوز الهبة في مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬مقال منشور بمجلة ملفات عقارية‪ ،‬عدد‪ ، 1،‬لسنة ‪ ،1121‬ص ‪.53‬‬
‫‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وتجب اإلشارة إلى أن الحيازة المادية يمكن أن تتم إما من قبل المتبرع عليه أو النائب‬
‫الشرعي أو الغير الذي قد يعينه المتبرع ليحوز للمتبرع عليه سواء لفقدان أهليته أو انعدامها‬
‫أو لسبب آخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحوز القانوني‪:‬‬
‫تقييد عقد الهبة أو الصدقة في الرسم العقاري إذا كان العقار محفظا‪ ،‬يغني عن الحيازة‬
‫الفعلية للملك الموهوب‪ ،‬وعن إخالئه من طرف الواهب‪ ،‬وإذا كان العقار في طور التحفيظ‬
‫‪،‬فالقيام بالخالصة اإلصالحية أو اإليداع لعقد الهبة أو الصدقة يغني أيضا عن الحوز الفعلي‬
‫و‪ ،‬أما إذا كان غير محفظ فتقديم المتبرع عليه مطلب لتحفيظه يغني عن حيازته الفعلية وهذا‬
‫ما أكدته المادة ‪ 121‬من المدونة‪ ،‬وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة النقض بأن‪ ":‬حيازة‬
‫المتصدق عليها للمتصدق به حيازة مادية وحيازة قانونية يجعل عقد الصدقة صحيحا‬
‫بتسجيلها لرسم الصدقة المطعون فيه على الصكوك العقارية وعلى مطلبي التحفيظ وذلك‬
‫قبل وفاة المتصدق كما هو ثابت من الشواهد العقارية وكتاب المحافظ ورسم اإلراثة‪ ،‬ولئن‬
‫كان فعال عقد الصدقة المطعون فيه يفتقر لمعاينة البينة للحوز‪ ،‬فإن عنصر الحيازة يثبت‬
‫أيضا بشهادة استرعائية وأن الحيازة بالنسبة للعقارات المحفظة وهي التسجيل في الصك‬
‫‪112‬‬
‫العقاري قبل حصول المانع يغني عن الحيازة المادية فيها"‪.‬‬
‫كما قضى بأن عدم تسجيل الهبة في الرسم العقاري في حياة الواهب لم يبق له أثر في‬
‫‪113‬‬
‫تحقق الحيازة طالما أنها تحققت فعال وقانونا بعد تفويت الموهوب لها للعقار الموهوب"‪.‬‬
‫‪ -4‬االعتصار في الهبة‪:‬‬
‫يراد باالعتصار رجوع الواهب في هبته‪ ،‬وللتوضيح أكثر سنقف عند موقف المذاهب‬
‫الفقهية والمشرع منه (أ) على أن نتعرض ألثاره في (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬موقف المذاهب الفقهية والمشرع من مسألة اإلعتصار‪:‬‬
‫الرجوع في الهبة أو االعتصار هو العود إلى حال ما قبل العقد وفق شروط‬
‫مخصوصة‪ 114.‬ليس للواهب أن يرجع في هبته في أمور مفصلة في المذاهب‪.115‬ولكي نرى‬
‫الرجوع في الهبة بشكل أوضح من منظور الفقه اإلسالمي لن نكتفي برؤيته من زاوية‬
‫المذهب المالكي فقط بل سنتطرق إليه من منظور المذاهب األربع ألهل السنة و الجماعة‪:‬‬

‫‪ -112‬قرار عدد ‪ 2313‬بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1112‬في الملف عدد ‪ ،1113/2/2/2056‬منشور بقضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‪ ،20 ،‬دجنبر‬
‫‪ ،1113‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -113‬قرار رقم ‪ 316‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ 1111‬في الملف عدد ‪ ،1112/111‬منشور بقضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‪ ،1111/21 ،‬ص‬
‫‪.12‬‬
‫‪ -114‬أنس عبد الواحد صالح الجابر‪ ،‬أحكام الرجوع في العقود المالية في الفقه السلمي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪،‬‬
‫الجامعة االردنية‪ ،‬عمان ‪ ،2008،‬ص ‪10.‬‬
‫‪ -115‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.276‬‬

‫‪41‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬الحنابلة‪ :‬قالوا ال يجوز لواهب أن يرجع في هبته المقبوضة إال األب‪ ،‬ويجوز لألب‬
‫أن يأخذ من مال ولده ما ال يضره وال يحتاجه‪ ،‬وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إال‬
‫بنفقته الواجبة عليه‪.116‬‬
‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال ‪:‬قال النا ِبي صلى هللا عليه وسلم‪ْ :‬‬
‫"العائِ ُد فِي ِهبت ِه‬
‫ك ْالك ْل ِ‬
‫ب ي ِقي ُء ث ُ ام يعُو ُد فِي قيْئ ِه " ‪.117‬‬
‫‪ ‬الحنفية‪ :‬قالوا يصح للواهب أن يرجع في هبته بعد أن يقبضها الموهوب له‪ ،‬ومن‬
‫باب أولى له الرجوع قبل القبض ألن الهبة ال تتم إال بالقبض‪ ،‬وإذا أسقط الواهب حقه في‬
‫الرجوع ثم رجع بعد ذلك صح رجوعه ألن حقه في الرجوع ال يسقط بإسقاطه‪ ،‬ويبطل حق‬
‫الرجوع في الهبة بستة أمور عندهم‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن يزيد الموهوب له في العين زيادة متصلة بها كما إذا وهب له نعجة‬
‫عجفاء فعلفها حتى سمنت فليس للواهب أن يرجع في هذه الحالة حتى ولو عادت عجفاء كما‬
‫كانت‪ ،‬ومثل ذلك ما إذا أهدى له حيوانا ً صغيرا ً عنده‪ ،‬أو ثوبا ً فصبغه‪.‬‬
‫أما الزيادة المنفصلة فإنها ال تمنع الرجوع في أصل العين‪ ،‬فإذا أهدى له بقرة فولدت‬
‫كان له حق الرجوع في البقرة ال في الولد‪ .‬ومن الزيادة المنفصلة الثمر‪ ،‬فإذا أهدى له‬
‫بستانا ً فأثمر كان له حق الرجوع في هبة البستان أما الثمر فهو من حق الموهوب له‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬موت أحد العاقدين بعد القبض فإذا وهب شخص داره ألخيه ثم مات‬
‫الموهوب له فال حق للواهب في الرجوع وكذا إذا مات الواهب فال حق لوارثه‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬العوض فإذا وهب دارا ً بشرط عوضا ً فإنه يصح وضع الرجوع ‪،‬‬
‫ويشترط في الخروج عن الملك أن يكون تاما ً من كل وجه بقي له به اختصاص فإن‬
‫الرجوع ال يسقط‪ ،‬مثال ذلك ما إذا وهب له شاة فضحى بها وصارت لحما ً فإن له أن يرجع‬
‫ويأخذ اللحم فإنه في هذه الحالة لم يخرج من ملكه بالكلية‪.‬‬
‫األمر الرابع‪ :‬الزوجية ‪ -‬فإذا وهب الزوج لزوجته شيئا ً فإنه ال يصح له الرجوع فيه‪،‬‬
‫أما إذا وهب لها قبل أن يتزوج بها ثم تزوج فإن له الرجوع‪.‬‬
‫األمر الخامس‪ :‬القرابة‪ ،‬فلو وهب لذي رحم منه ولو كان ذميا ً أو مستأمنا ً فإنه ال يصح‬
‫له الرجوع فإذا وهب ألبيه أو ابنه أو عمه أو غير ذلك من محارمه بالنسب فإن حقه في‬
‫الرجوع يسقط‪ .‬أما إذا وهب لمحارمه من الرضاع أو المصاهرة فإن له حق الرجوع‪.‬‬
‫األمر السادس‪ :‬هالك العين الموهوبة وذلك ظاهر فإذا ادعى الموهوب له الهالك‬
‫صدق بدون حلف‪ ،‬وإذا قال الواهب إن العين باقية وهي هذه وأنكر الموهوب له حلف‬

‫‪ -116‬محمد بن ابراهيم التويجري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.783‬‬


‫‪117‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقم ‪ ،2589‬ومسلم برقم ‪.1622‬‬

‫‪42‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫المنكر أنهاليست هذه وال يصح الرجوع إال بتراضيهما‪ .‬أو بحكم الحاكم وإذا رجع بالرضا‬
‫أو القضاء كان ذلك فسخا ً لعقد الهبة من األصل وعادت لملكه القديم ال هبة للواهب‪.118‬‬
‫* المالكية‪ :‬قالوا‪ ،‬يثبت الملك في الهبة بمجرد العقد ويصبح الزما ً بالقبض‪ ،‬فال يحل‬
‫الرجوع بعد ذلك ‪،‬أما قبل القبض أو بعده فيصح للواهب األب فقط أن يرجع فيما وهبه‬
‫البنه‪ ،‬ما لم يترتب عليه حق الغير كأن يتزوج مثالً‪ ،‬والرجوع في الهبة يعرف عندهم‬
‫باالعتصار‪.119‬‬
‫واإلعتصار أو الرجوع في الهبة جائز عند المالكية فيما يهبه الوالد لولده صغيرا ً أو‬
‫كبيرا ً بشروط خمسة‪ :‬وهي أال يتزوج الولد بعد الهبة‪ ،‬وال يحدث دينا ً ألجل‪ ،‬وأال يتغير‬
‫الموهوب عن حاله‪ ،‬وأال يحدث الموهوب له في الموهوب حدثاً‪ ،‬وأال يمرض الواهب أو‬
‫الموهوب له‪ .‬فإن وقع شيء من ذلك يمتنع الرجوع‪ ،‬هذا في هبة التردد والمحبة‪ .‬أما الهبة‬
‫لوجه هللا تعالى وهي التي تسمى صدقة فال رجوع فيها أصالً وال اعتصار‪ ،‬وال ينبغي‬
‫للواهب أن يرتجعها بشراء وال غيره‪ ،‬وإن كانت شجرا ً فال يأكل من ثمرها‪ ،‬وإن كانت دابة‬
‫فال يركبها إال أن ترجع إليه بالميراث‪ ،‬وأما هبة الثواب على أن يكافئه الموهوب له فهي‬
‫جائزة عند المالكية‪ ،‬والموهوب له مخير بين قبولها أو ردها‪ ،‬فإن قبلها فيجب أن يكافئه‬
‫بقيمة الموهوب‪ ،‬وال يلزمه الزيادة عليها‪ ،‬وال يلزم الواهب قبول ما دونه‪.‬‬
‫* الشافعية‪ :‬قالوا‪ ،‬متى تمت الهبة بالقبض بإذن الواهب أو تسليمه للشيء الموهوب‬
‫فإن الهبة تلزم وال يصح الرجوع فيها‪ ،‬إال األب وإن عال فيصح لألب أن يرجع في هبته‬
‫ومثله الجد وإن عال وكذلك األم والجدة وهكذا‪.120‬‬
‫والمشرع عندنا سار على نهج المالكية‪ ،‬وأقر حق الرجوع في الهبة حيث نص في‬
‫المادة ‪ 135‬على أنه يراد باالعتصار رجوع الواهب في هبته‪ ،‬ويجوز في الحالتين التاليتين‪:‬‬
‫فيما وهبه األب أو األم لولدهما قاصرا كان أو راشدا‪.‬‬
‫إذا أصبح الواهب عاجزا عن اإلنفاق على نفسه أو على من تلزمه نفقته‪.‬‬
‫وحتى يكون االعتصار صحيحا ال بد من تحقق ثالثة شروط وهي‪:‬‬
‫‪ ‬اإلشهاد على اإلعتصار‪ :‬إال أن المشرع لم يبين كيفية هذا اإلشهاد‪ ،‬هل عن طريق‬
‫اللفيف أو محرر كتابي عرفيا أو رسمي‪. .‬‬
‫‪ ‬التنصيص على إمكانية الرجوع في عقد الهبة‪ :‬وفي هذه الحالة يكون االعتصار في‬
‫الهبة معلقا على شرط فاسخ وقد تحقق‪.‬‬

‫‪ -118‬محمد بن إبراهيم التويجري‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.231‬‬


‫‪ -119‬وهبة الزحيلي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪. 245-244‬‬
‫‪ -120‬وهبة الزحيلي ‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪245‬‬

‫‪43‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وهذين الشرطين تم استنباطهما من المادة ‪ 131‬من م‪.‬ح‪.‬ع التي جاء فيها‪ " :‬ال يجوز‬
‫للواهب أن يعتصر ما وهب إإل إذا أشهد باإلعتصار‪ ،‬وتم التنصيص عليه في عقد الهبة‬
‫وقبل ذلك الموهوب له‪".‬‬
‫قبول الموهوب له شرط اإلعتصار‪ :‬وهذه الحالة تقتصر على االعتصار بالتراضي‬
‫وقد تكرس هذا االتجاه عندما أكد المشرع في المادة ‪ 136‬من المدونة على أنه ال يمكن‬
‫االعتصار إال بحضور الموهوب له وموافقته‪.‬‬
‫أما في حالة النزاع فالبد من الرجوع إلى القضاء للمطالبة بفسخ عقد الهبة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يقبل االعتصار إذا وجد أحد الموانع المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 133‬من المدونة‪.121‬‬
‫ب‪ -‬آثار اإلعتصار في الهبة‪:‬‬
‫يترتب عن االعتصار في الهبة رضائيا أو عن طريق القضاء‪ ،‬فسخ العقد ورد الملك‬
‫الموهوب إلى صاحبه‪ ،‬ويترتب على هذا االعتصار آثار سواء بالنسبة للواهب أو بالنسبة‬
‫للموهوب حددها المشرع في المواد ‪ 132‬و‪ 133‬و‪ 130‬من المدونة يمكن إجمالها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬فسخ عقد الهبة من تاريخ اإلعتصار‪:‬‬
‫من أهم النتائج المترتبة على االعتصار‪ ،‬فسخ عقد الهبة‪ ،‬وال يمكن االعتصار كما‬
‫سبق الكالم إال في الحالتين الواردتين في المادة ‪ 283‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬لكن تنفيذ‬
‫الفسخ يتوقف على إجراءات أو استنفاذ لطرق الطعن وصوائر يتحملها الواهب‪ .‬ويسري أثر‬
‫الفسخ من تاريخ اإلشهاد به على الطرفين‪ ،‬أو من تاريخ الحكم النهائي القاضي به‪.‬‬
‫‪ -‬رد الملك الموهوب إلى الواهب‪:‬‬
‫بمجرد ما يقع االعتصار يتعين إرجاع حيازة الموهوب إلى الواهب بصفة تلقائية‪ ،‬أما‬
‫ملكيته فال تنتقل إلى الواهب إال بعد تقييد االتفاق أو الحكم النهائي بالمحافظة العقارية متى‬
‫كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ‪ .‬و قد حدد الفصل ‪ 65‬مكرر من قانون التحفيظ‬
‫العقاري‪ 106‬األجل القانوني إلنجاز هذا التقييد في ثالثة أشهر بالنسبة لألحكام و القرارات‬
‫القضائية ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضى به‪ ،‬و العقود الرسمية ابتداء من‬
‫تاريخ تحريرها‪ .‬أما الحالة التي يطالب المعتصر الموهوب له رد الموهوب و يتثاقل رغم‬
‫إنذاره‪ ،‬فإنه يكون مسؤ ول عن هالك الموهوب‪ .‬و في المقابل ال يمكن للمعتصر أن يسترد‬

‫‪ -121‬راجع المادة ‪ 133‬من المدونة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الموهوب في الحالة التي ال يقع هناك اتفاق و التجأ إلى القضاء و تم رفض طلبه‪ ،‬و إذا‬
‫استرده عنوة يكون مسؤوال عن هالكه مع التعويض عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ -‬عدم إلزام الموهوب له برد الثمار‪:‬‬
‫يستفاد من الفقرة الثانية من المادة ‪ 132 122‬من المدونة بعدم إلزام الموهوب له برد‬
‫الثمار إال من تاريخ االتفاق أو تاريخ الحكم النهائي في الدعوى‪.‬‬
‫‪ -‬رجوع الموهوب له بالمصروفات الضرورية التي أنفقها على الموهوب‪:‬‬
‫خولت الفقرة الثانية من المادة ‪ 132‬الموهوب له حق استرداد النفقات الضرورية التي‬
‫أنفقها على الموهوب‪ ،‬أما النفقات النافعة و نفقات الزينة فال يسترد منها إال ما زاد في قيمته‬
‫و هذا يعني أنه ال شيء يمنع الموهوب له في استثمار بعض أمواله في الموهوب طالما أنه‬
‫المالك له‪ ،‬غير أنه في الحالة التي يتم االعتصار في الهبة فإنه ال يمكنه المطالبة باسترجاع‬
‫كامل المصاريف التي أنفقها باستثناء النفقات الضرورية التي أنفقها حفاظا على الموهوب‪،‬‬
‫و ال يمكنه بالتالي المطالبة بالنفقات النافعة أو نفقات الزينة إال بمقدار ما أضافته من قيمة‬
‫الموهوب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصدقة‬
‫حتى نكون فكرة عن الصدقة‪ ،‬يقتضي منا تعريفها وتحديد أنواعها (‪ ،)2‬ثم بيان‬
‫حكمها( ‪ ،)1‬وإمكانية اإلعتصار فيها (‪.)5‬‬
‫‪ -1‬تعريف الصدقة وأنواعها‬
‫لباس على وجه‬
‫ٍ‬ ‫طعام أو‬
‫ٍ‬ ‫تعرف الصدقة لغة‪ ،‬ما يعطى للفقير ونحوه من ما ٍل أو‬
‫القربى هلل‪ ،‬ال المكرمة‪.123‬‬
‫عوض‪124.‬‬ ‫واصطالحا‪ :‬هي تمليك ذي منفعة لوجه هللا بغير‬
‫أما المشرع فقد عرفها في المادة ‪ 101‬من المدونة بأنها‪ ":‬ا تمليك بغير عوض لملك‪،‬‬
‫ويقصد بها وجه هللا تعالى‪".‬‬
‫والصدقة قد تكون إما‪:‬‬
‫‪ ‬صدقة مفروضة من جهة الشرع على األموال‪ ،‬وهي زكاة المال (زكاة)‪.‬‬

‫‪ -122‬يترتب على اإلعتصار في الهبة‪ ،‬فسخ عقد الهبة ورد الملك الموهوب إلى الواهب‪.‬‬
‫ال يلتزم الموهوب له برد الثمار إل من تاريخ االتفاق أو من تاريخ الحكم النهائي في الدعوى‪.‬‬
‫يجوز للموهوب له أن يسترد النفقات الضرورية التي أنفقها على الملك الموهوب‪ ،‬أما النفقات النافعة ونفقات الزينة فال يسترد منها إال‬
‫ما زاد في قيمته"‪.‬‬
‫‪ -123‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬م‪،‬س‪ ، ،‬ص ‪.196‬‬
‫‪ -124‬أبو الحسن علي بن عبد السلم التسولي‪ ،‬البهجة في شرح التحفة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،1977،‬‬
‫ص ‪.60‬‬

‫‪45‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬صدقة على األبدان (زكاة الفطر)‪.‬‬


‫‪ ‬صدقة يفرضها الشخص على نفسه‪ ،‬وهي الصدقة الواجبة بالنذر‬
‫‪ ‬الصدقات المفروضة حقا هلل تعالى كالفدية والكفارة ‪.‬‬
‫التطوع‪125.‬‬ ‫‪ ‬صدقة‬
‫‪ -2‬حكم الصدقة‪:‬‬
‫هنا سنتطرق ألحكام كل من صدقة التطوع و الصدقة المفروضة‪.‬‬
‫بخصوصصدقة التطوع‪ ،‬فهي مستحباة وأدلتها ‪:‬‬
‫ار ِسر ٗا وع ٰل ِني ٗة‬
‫* من القرآن الكريم‪ :‬قوله تعالى ‪َ۬ ":‬اِلذِين يُن ِفقُون أ ْم ٰول ُهم ِبال ْي ِل والنا ۪ه ِ‬
‫ون "‪.126‬‬ ‫ف عل ْي ِه ْم وال ُه ْم ي ْحزنُ ِّۖ‬
‫فل ُه ُمۥٓ أ ْج ُر ُه ْم ِعند ر ِب ِه ْم وال خ ْو ٌ‬
‫ضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسو ُل هللاِ صلاى هللا‬ ‫من السنة النبوية الشريفة‪:‬عن حذيفة ر ِ‬
‫صدقةُ‪،‬‬
‫صو ُم‪ ،‬وال ا‬ ‫وجاره‪ ،‬ت ُ ُ‬
‫كفرها الصالةُ‪ ،‬وال ا‬ ‫ِ‬ ‫عليه وسلام ‪ ":‬فِتنةُ ا‬
‫الر ُج ِل في أهل ِه‪ ،‬وولدِه‪،‬‬
‫هي عن ال ُمنكر"‪.127‬‬‫بالمعروف والنا ُ‬
‫ِ‬ ‫مر‬ ‫ْ‬
‫واأل ُ‬
‫صدق ِة‪ :‬يقول اإلمام النووي رحمه‬ ‫ب ال ا‬ ‫* من اإلجماع‪ :‬نقل اإلجماع على استحبا ِ‬
‫صحاب والعلما ُء كافاة‪ :‬يُستحبُّ ِلمن فضل عن ِكفايت ِه وما يلز ُمه شي ٌء‬
‫ُ‬ ‫المصنف واألْ‬
‫ِ‬ ‫هللا‪":‬قال‬
‫أن يتصداق؛ لما ذكره المصنف‪128"،‬‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬حكم الصدقة المفروضة‪ :‬هنا حكمها الوجوب و الفرض ‪ ،‬الزكاة أحد أركان اإلسالم‬
‫َُ۬ عل ْي ِه وسلام ‪":‬بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة‬
‫الخمسة التي بني عليها؛ لقول النبي صلاى ا‬
‫أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج‬
‫بيت هللا الحرام" وهي فرض بإجماع المسلمين‪ ،‬فمن أنكر وجوبها فقد كفر‪ ،‬إال أن يكون‬
‫‪129‬‬
‫حديث عهد بإسالم‪ ،‬أو ناشئ في بادية بعيدة عن العلم وأهله فيعذر‪.‬‬

‫‪ -125‬وزارة االْوقاف والشؤون اإلسالمية الكويتية‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬الجزء ‪ ،18‬دار السلسل‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،2001،‬ص ‪.325‬‬
‫‪ -126‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪ ، 125‬برواية ورش عن نافع‪.‬‬
‫‪ -127‬محمد بن إسماعيل أبو عبدهللا البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪ ،2001،‬الجزء‬
‫الرابع‪ ،‬كتاب المناقب‪ -‬عالمات النبوة‪ ،‬رقم الحديث ‪ ،3586‬ص ‪.196‬‬
‫‪ -128‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (مع تكملة السبكي والمطيعي)‪ ،‬دار الفكر ‪،‬دمشق‪ ،‬ط‬
‫االولى ‪ ،2008،‬الجزء السادس ‪،‬باب زكاة الذهب والفضة‪ ،‬قسم الصدقات‪ ،‬ص ‪.237‬‬
‫‪ -129‬حمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ ،‬دار الوطن‪،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2000،‬الجزء ‪ ،18‬كتاب الزكاة‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪46‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -3‬حكم الرجوع في الصدقة‪:‬‬


‫ِن ْالم ْقصود ِبال ا‬
‫صدق ِة‬ ‫ق ْ‬
‫أن ي ْر ِجع فِي صدقتِ ِه؛ أل ا‬ ‫صح ِل ْلمتص ِد ِ‬
‫اتافق ْالفقهاء على أناه ال ي ِ‬
‫الثاواب‪. 130.‬‬
‫ير ِفي أ ْن ال رجوع ِفيها‪ ،‬كما ص ارح ِب ِه‬ ‫صدقة على غ ِني ٍ ْأو ف ِق ٍ‬ ‫ويسْت ِوي أن تكون ال ا‬
‫اآل ِخرةِ ال رجوع‬ ‫ب ْ‬‫فقهاء ْالحن ِفيا ِة ‪ 131.‬وع امم ْالمال ِكياة ْالح ْكم فقالوا ‪ :‬كل ما يكون ِلثوا ِ‬
‫صر ما وهبه الِ ْب ِن ِه وذ ِلك ِبشروطٍ ‪ .‬و‬ ‫أن ي ْعت ِ‬ ‫ِفيها‪ ،‬ول ْو ِم ْن وا ِل ٍد لولده‪ ،132‬لكنهم قالوا‪ِ :‬ل ْلوال ِد ْ‬
‫ق فِي‬ ‫ص اح ِة رجوعِ ْالمتص ِد ِ‬ ‫اء فِي عد ِم ِ‬‫شافِ ِعيا ِة و ْالحنابِل ِة تت ا ِفق مع سائِ ِر ْالفقه ِ‬
‫نصوص ال ا‬
‫صدقتِ ِه‪.133‬‬
‫هذا ما أكده المشرع في المادة ‪ 102‬من المدونة بقوله ‪":‬تسري على الصدقة أحكام‬
‫الهبة مع مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ال يجوز اإلعتصار في الصدقة مطلقا؛‬
‫‪ ‬ال يجوز ارتجاع الملك المتصدق به إل باإلرث"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الوصية‬
‫عرفت المادة ‪ 122134‬الوصية بأنها ‪ ":‬عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم‬
‫بموته"‪.‬‬
‫و الوصية من األسباب التي تكتسب بها الملكية‪ ،‬وهي من أعمال اإلرادة المنفردة‪،‬‬
‫وتدخل في المعنى العام لعقود التبرع‪ ،‬ويتوقف اكتساب الملكية بها على شرطين أساسيين‪:‬‬
‫وفاة الموصي وقبول الموصى له‪ ،‬ومن ثم كان الفارق بينها وبين تصرفات أخرى شبيهة‬
‫بها كالهبة والصدقة والحبس والعمرى‪ ،‬فهذه تحاز في حياة المعطي وإال بطلت‪ ،‬قال ابن‬
‫شاس فيما ذكره ميارة‪" :135‬إذا مات الواهب قبل الحوز بطلت الهية إال أن يكون الطالب‬
‫جادا في الطلب غير تارك له كما إذا وقعت بشاهد أو شاهدين حتى يزكيا فمات الواهب"‪،‬‬
‫فإن ذلك بمثابة الحوز‪ ،‬تصح به الهبة كما قال ابن القاسم ومطرف وأصبغ‪ .‬قال خليل‪:‬‬
‫"وصح؛ إن قبض ليتروى‪ ،‬أو جد فيه‪ ،‬أو تزكية شاهده"‪ ،‬وال استثناء إال في النحلة فإنها ال‬
‫تفتقر إلى حيازة‪ ،‬وتخرج بعد وفاة الناحل من تركته‪.‬‬

‫‪ -130‬محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس ْاالئمة السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،1993،‬الجزء ‪ ،21‬كتاب‬
‫الهبة‪ ،‬باب الصدقة‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫ْ‬
‫‪ -131‬محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي‪ ،‬م‪، ،‬س‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -132‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪-133‬عبد هللا بن محمد بن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،1997،‬الجزء الخامس‪ ،‬ص ‪.684‬‬
‫‪ -134‬ظهير شريف رقم ‪ ،2.11.11‬صادر في ‪ 21‬من ذي الحجة ‪ 5 (2111‬فبراير ‪،)1111‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 21.15‬بمثابة مدونة‬
‫األسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3231‬بتاريخ ‪ ،1111/1/3‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -135‬ميارة‪ ،‬شرح التحفة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص‪26 ،‬‬

‫‪47‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وقد الحظنا فيما سبق من بيان‪ ،‬كيف أن الشارع تنبه للعطايا في مرض الموت فجعلها‬
‫وصية في حدود الثلث لغير الوارث‪ ،‬وأبطلها في حق الوارث ما لم يجزها الورثة الرشداء‪.‬‬
‫والقبول شرط في صحة الوصية عند مالك ألن به يثبت الملك‪ ،‬كذلك عند أبي حنيفة‪،‬‬
‫وروي عن الشافعي أن ا لقبول ليس بشرط‪ ،‬فالوصية ال تبطل إذا ما ردها الموصى له‪ ،‬ألن‬
‫الملك بالوصية عنده بمنزلة الملك باإلرث مادام بعد الوفاة‪ ،‬فاإلرث ال يرد برد وارث كذلك‬
‫‪136‬‬
‫الوصية‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬باقي األسباب األخرى المكسبة لحق الملكية‬
‫تعد األسباب الكاشفة تلك العناصر التي تبين لنا الوجه الذي تم من خالله كسب ملكية‬
‫الشيء‪ ،‬فهذه األسباب يمكن اختزالها في الحكم القضائي ( الفقرة األولى )‪ ،‬والشفعة‬
‫(الفقرةالثانية )‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم القضائي‬
‫تعد األحكام القضائية إحدى وسائل اكتساب حق الملكية أيضا‪ ،‬على إثر النزاعات التي‬
‫قد تثار أمام القضاء بشأن حق ملكية منقول أو عقار محفظ أو غير محفظ أو في طور‬
‫التحفيظ‪ ،‬أو بشأن حق من الحقوق العينية المترتبة على حق الملكية‪.‬‬
‫والحكم القضائي الصادر يطهر سبب التملك من كافة العيوب التي قد تشوبه بحيث إذا‬
‫استند شخص يطالب بملكية منقول أو عقار في طلبه إلى عقد شراء تشوبه عيوب تجعله‬
‫قابال لإلبطال‪ ،‬لكنها لم تثر أثناء الدعوى‪ ،‬وصدر حكم نهائي باستحقاق المدعي لذلك‬
‫الشيء‪ ،‬فإن ملكية المحكوم له تصبح مطهرة من ذلك العيب‪ ،‬ألن ملكيته أصبحت تستند إلى‬
‫الحكم القضائي النهائي ال إلى العقد المعيب‪.137‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن األحكام القضائية الصادرة بشأن حق الملكية أو حق عيني‬
‫متعلق بعقار محفظ أو في طور التحفيظ ال تكون نافذة إال إذا استنفذت طرق الطعن العادية‬
‫وغير العادية‪ ،‬والمقصود هنا بالطعن غير العادي الطعن بالنقض‪.‬‬
‫والطعن بالنقض كما هو معلوم يوقف التنفيذ في قضايا التحفيظ العقاري سواء تعلق‬
‫األمر بالعقارات في طور التحفيظ أو العقارات المحفظة‪ ،‬ومن تم فإن األحكام القضائية ال‬
‫‪138‬‬
‫تنفذ إال إذا كانت نهائية وهو ما يستفاد من مقتضيات الفصل ‪ 562‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫‪ -136‬عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬علم الفرائض والوصايا‪،‬ط‪ ،‬األولى‪ ،‬لسنة ‪ ،1121‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -137‬محمد بن معجوز‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي‪،‬ط الثانية ‪ ،2000‬ص ‪.512‬‬
‫‪ -138‬نص الفصل ‪ 562‬منق‪.‬م‪.‬م على أنه ‪ ":‬ال يوقف الطعن أمام محكمة النقض إال في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬في األحوال الشخصية‬
‫‪ -‬في الزور الفرعي‪.‬‬
‫‪ -‬التحفيظ العقاري"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وبناء على ذلك فاألحكام القضائية الصادرة بشأن العقارات المحفظة أو في طور‬
‫التحفيظ ال تقبل التنفيذ إال إذا كانت نهائية وليس انتهائية كما هو الحال بالنسبة لقواعد التنفيذ‬
‫في إطار ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحكام الشفعة‬
‫نظم المشرع الشفعة فيق‪.‬ل‪.‬ع من الفصول‪ 061‬إلى ‪ ،032‬وفي المواد من ‪ 101‬إلى‬
‫‪ 521‬من المدونة محددا بذلك أركانها وأجالها ( أوال)‪ ،‬وأيضا أثارها و أسباب سقوطها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أركان الشفعة وأجالها‬
‫عرفت المادة ‪ 101‬من المدونة الشفعة بأنها ‪ ":‬أخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني‬
‫مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن و مصروفات العقد الالزمة والمصروفات‬
‫الضرورية النافعة عند االقتضاء"‪.‬‬
‫والشفعة تقتضي توافر مجموعة من األركان (‪ ،)2‬كما يلزم ممارستها داخل أجل‬
‫محدد (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬أركان الشفعة‪:‬‬
‫يمكن أن نجمل هذه األركان في أربعة وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬المشفوع‪:‬تسري الشفعة حسب المادة ‪ 103‬من المدونة على العقارات سواء كانت‬
‫قابلة للقسمة أم غير قابلة لها‪،‬وكذلك على الحقوق العينية القابلة للتداول مثل حق االنتفاع‬
‫وحق السطحية وحق الكراء الطويل األمد‪ ،‬وأيضا على توابع الحصة المشاعة إذا بيعت‬
‫استقالال‪.‬‬
‫وتسري الشفعة على عقد البيع وفقا لمقتضيات المدونة‪ ،‬وكذلك على عقد المعاوضة‬
‫طبقا ق‪.‬ل‪.‬ع وأحكام الفقه المالكي‪ ،‬إذ جاء في البهجة في شرح التحفة ما يلي‪ " :‬وشفعة في‬
‫الشقص يعطى عن عوض * والمنع في التبرعات مفترض"‪.139‬‬
‫أما عقود التبرع فال شفعة فيها ما لم يكن التبرع صوريا أو تحايال‪ ،‬وذلك استنادا‬
‫‪140‬‬
‫للمادة ‪ 515‬من مدونة الحقوق العينية‪ .‬وفي هذا الصدد جاء في إحدى حيثيات قرار‬
‫صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 13/1/1111‬ما يلي‪" :‬لكن حيث يتجلى من عقد التفويت‬
‫موضوع طلب الشفعة ومن مقال الطالبة نفسها أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو ‪21‬‬

‫‪ -139‬أبو الحسن علي بن عبد السالم التسولي‪ ،‬البهجة في شرح التحفة على األرجوزة المسماة بتحفة الحكام ومعه حلى المعاصم لفكر‬
‫ابن عاصم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ ،‬ص‪.201 :‬‬
‫‪ -140‬قرار عدد ‪ ،2511‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،13/1/1111‬في الملف المدني عدد ‪ ،2266/2/1/1112‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،61‬السنة ‪ ،1115‬ص‪.11 :‬‬

‫‪49‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫دراهم‪ ،‬في مقابل تفويت الدولة المغربية (الملك الخاص) لجميع واجبها في العقار موضوع‬
‫الدعوى وفي عقارات أخرى وبذلك فإن العقد هو تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية‬
‫ال صحيحة المستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة الموضوع‪ ،‬تؤدي إلى نفس منطوق القرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وأن الوسيلة بالتالي غير مؤسسة"‪.‬‬
‫ونفس المنحى سلكته محكمة االستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 26/6/1122‬الذي ورد فيه‪":‬وحيث إن تصريح المستأنفة بجلسة البحث تؤكده القيمة‬
‫الحقيقية للعقار والثابتة بتقرير الخبير المحدد لقيمة الواجب المشاع المبيع في مبلغ‬
‫‪ 332131111‬درهم ويؤكده أيضا التنازل الصادر عن الهالك لفائدة زوجته المستأنفة بنفس‬
‫تاريخ البيع أي ‪ 11‬نونبر ‪ 1116‬والمؤداة عنه رسوم التسجيل بخالف البيع المشفوع فيه‬
‫وهي قرائن قوية خلصت من خاللها المحكمة إلى صورية عقد البيع واعتباره تبرعا ال‬
‫شفعة فيه"‪.141‬‬
‫وإذا كانت البيوع الرضائية‪ ،‬تخول الحق في الشفعة‪ ،‬فإن البيوع الجبرية ال شفعة فيها‪،‬‬
‫وذلك حسب المادة ‪ 511‬من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها‪":‬إذا بيعت الحصة المشاعة‬
‫في المزاد العلني وفق اإلجراءات المنصوص عليها في القانون فال يجوز أخذها بالشفعة"‪.‬‬
‫وترد الشفعة على الكل فال يجوز للشفيع أخذ بعض الشيء المبيع وترك البعض‬
‫اآلخر‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 021‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي جاء‬
‫فيه‪":‬ولكل من المالكين على الشياع أن يشفع بنسبة حصته‪ ،‬فإذا امتنع غيره من األخذ بها‬
‫لزمه أن يشفع الكل‪ ،‬ويلزمه أن يدفع ما عليه معجال‪ ،‬وعلى األكثر خالل ثالثة أيام‪ ،‬فإن‬
‫انقضى هذا األجل لم يكن لمباشرة حق الشفعة أي أثر"‪.‬‬
‫وهو أيضا ما أكد عليه المجلس األعلى في قراره الصادر بتاريخ ‪ 5/22/2000‬الذي‬
‫جاء في إحدى حيثياته‪" :‬وحيث إنه بمقتضى قواعد الفقه المالكي المطبق على النازلة‪ ،‬يمنع‬
‫على الشفيع أن يطلب شفعة حصة أحد المشترين دون حصص اآلخرين أو يمارس ذلك ضد‬
‫بعضهم دون البعض اآلخر تفاديا للتبعيض مادام | المشفوع مشترى بعقد واحد من طرف‬
‫عدة مشترين وهو ما أشار إليه صاحب التحفة بقوله‪:‬‬
‫والشقص الثنين فأعلى مشترى *** يمنع أن يأخذ منه ما يرى‪.‬‬
‫والشيخ خليل بقوله‪" :‬وإن اتحدت الشفعة وترقمت الحصص والبائع‪ ،‬لم تبعض‪ :‬كترقم‬
‫المشتري على األصح"‪.142‬‬

‫‪ -141‬قرار عدد ‪ ،211‬صادر عن محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،26/6/1122‬منشور بمجلة قضاء محكمة االستئناف بالرباط‪،‬‬
‫العدد ‪ ،6‬السنة ‪ ،1125‬ص‪.212 :‬‬
‫‪ -142‬قرار عدد ‪ ،3151‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،5/22/2000‬في الملف المدني عدد ‪ ،06/6/2/5231‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،33‬السنة ‪ ،1111‬ص‪.16 :‬‬

‫‪51‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬المشفوع منه‪ :‬يحق ممارسة الشفعة استنادا لمقتضيات القانون المغربي ضد كل‬
‫شخص تملك حصة أحد الشركاء على الشيوع في العقار؛ أي في مواجهة الغير‪ ،‬وذلك‬
‫حسب الفقرة األولى من الفصل ‪ 021‬من ق‪.‬ل‪.‬ع التي تنص على ما يلي‪":‬إذا أباع أحد‬
‫المالكين على الشياع ألجنبي حصته الشائعة‪ ،‬جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة ألنفسهم‪،‬‬
‫في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية والنافعة‬
‫التي أنفقها منذ البيع‪ .‬ويسري نفس الحكم في حالة المعاوضة‪."...‬‬
‫‪ ‬المشفوع به‪ :‬يقصد بالمشفوع به ما يلتزم به الشفيع اتجاه المشفوع منه مقابل تملكه‬
‫موضوع الشفعة‪ ،‬وحلوله محل المشفوع منه في كافة حقوقه المترتبة على العقد األصلي‪،‬‬
‫وتحمله بااللتزامات الناشئة عن هذا العقد‪.‬‬
‫‪ ‬الشفيع‪ :‬يثبت للشفيع الحق في الشفعة إذا توفر على الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون مالكا على الشياع‪:‬‬
‫يجب أن يكون الشفيع مالكا على الشياع للعقار موضوع الشفعة‪ ،‬وفي هذا السياق ورد‬
‫في قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 11/2/1121‬ما يلي‪" :‬متى كانت الشفعة بين‬
‫الشركاء‪ ،‬فإن لكل شريك األخذ بها بقدر الحصة التي يملكها قبل الشراء‪ ،‬والمحكمة لما ثبت‬
‫لها من شهادة الملكية المتعلقة بالمشفوع اختالف الحصص‪ ،‬وأن الشفعة بذلك تكون بينهم‬
‫على قدر حصتهم‪ ،‬وقضت للطاعنة باستحقاق شفعة الحقوق المبيعة بالتساوي مع المطلوبة‬
‫دون اعتماد قاعدة التحاصص حال اختالف النسب‪ ،‬تكون قد أساءت تطبيق القانون"‪.143‬‬
‫وكذلك يتعين أن تستمر ملكية الشريك إلى حين ثبوت حقه في الشفعة‪ ،‬وهو ما أكدت‬
‫عليه محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 13/1/1121‬الذي جاء فيه‪":‬من شروط‬
‫األخذ بالشفعة أن يكون طالبها مالكا لواجبه الذي يشفع به‪ ،‬فإذا نوزع في استحقاقه له‪ ،‬فعليه‬
‫أن يطلب واجبه األصلي استحقاقا ويأخذ الباقي شفعة لما نص عليه الشريف العلمي من أن‬
‫"من كمل له استحقاق نصيب من الملك أن يأخذ الباقي بالشفعة"‪ ،‬ومتى ثبت له استحقاق‬
‫نصيبه فتح له أجل الشفعة ولو طال األمد بين تاريخ البيع وتاريخ الشفعة"‪.144‬‬
‫غير أن ملكية الشفيع ال يعتد بها إال إذا كانت سابقة لحق الشخص الذي تجري الشفعة‬
‫في مواجهته‪.‬‬

‫‪ -143‬قرار عدد ‪ ،101‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1/2/1121‬في الملف المدني عدد ‪ ،1112/2/1/1125‬منشور بمجلة‬
‫قضاء محكمة النقض‪ ،‬العدد ‪ ،23‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ -144‬قرار عدد ‪ ،2113‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،13/1/1121‬في الملف المدني عدد ‪ ،5251/2/0/1122‬منشور بمجلة‬
‫ملفات عقارية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.166 :‬‬

‫‪51‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه في حالة اختالف مراتب الشفعاء‪ ،‬فإن ترتيبهم في األخذ‬
‫بالشفعة يتم وفقا لمقتضيات المادة ‪ 102‬من م‪.‬ح‪.‬عالتي جاء فيها‪" :‬إذا اختلفت مراتب‬
‫الشفعاء كان ترتيبهم في األخذ بالشفعة علىالشكل التالي‪:‬‬
‫يقدم من يشارك البائع في السهم الواحد في الميراث على من عداه‪ ،‬فإن لم يأخذ انتقل‬
‫الحق إلى باقي الورثة ثم الموصى لهم‪ ،‬ثم األجانب‪ .‬ويدخل كل واحد من هؤالء مع من يليه‬
‫في شفعته دون العكس‪ ،‬ويتنزل المشتري منزلة البائع‪ ،‬والوارث منزلة موروثه في األخذ‬
‫بالشفعة"‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتوفر الشفيع على األهلية‪:‬‬
‫تعتبر الشفعة من أعمال التصرف‪ ،‬لذلك ينبغي أن يكون الشفيع كامل األهلية‪ ،‬حتى‬
‫يتسنى له مباشرة الشفعة بنفسه‪.‬‬
‫‪ -‬أداء الثمن وملحقاته‪:‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 516‬منم‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬فإن األخذ بالشفعة يفرض على طالب الشفعة‬
‫تقديم طلب بخصوصها إلى رئيس المحكمة االبتدائية المختصة‪ ،‬يلتمس فيه اإلذن له بعرض‬
‫الثمن والمصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا‪.‬‬
‫غير أنه إذا رفض المشفوع منه العرض العيني الحقيقي‪ ،‬فإن الراغب الشفعة يجب‬
‫عليه إيداع الثمن والمصروفات بصن دوق المحكمة‪ ،‬داخل في األجل القانوني وإال سقط حقه‬
‫في األخذ بها‪ ،‬وفي هذا السياق قضت المحكمة االبتدائية بتارودانت في الحكم الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 22/1/1125‬بما يلي‪" :‬وحيث إن المحكمة بعد رجوعها إلى المبلغ المودع بصندوق‬
‫المحكمة رهن إشارة المدعى عليه والمحدد في مبلغ ‪ 6116111‬درهم الذي يشمل ثمن البيع‬
‫المحدد في مبلغ ‪ 3111‬درهم ومبلغ ‪ 131‬درهم عن رسوم التسجيل ومبلغ ‪ 236‬درهم عن‬
‫رسوم القيد بالمحافظة العقارية‪ ،‬يتضح أنه لم يشمل أجرة الكتابة ورسوم المصادقة وهي‬
‫مصاريف ظاهرة للعقد‪.‬‬
‫وحيث إن دعوى الطرف المدعي والحالة ما ذكر جاءت خرقا لمقتضيات المادة ‪516‬‬
‫من م‪.‬ح‪.‬ع باعتبار العرض العيني ناقص ومؤهلة تبعا لذلك لرفضها"‪.145‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الشفيع للعقار المبيع ملزم بأداء نفس الثمن الحقيقي المصرح به‬
‫في عقد البيع إلى المشتري‪ ،‬وكذلك جميع المصاريف سواء المتعلقة بعقد البيع مثل أجرة‬
‫السمسار وأتعاب الموثق أو العدل والضرائب وما يدخل في حكمها‪ ،‬أو تلك التي تعتبر‬

‫‪ -145‬حكم عدد ‪ ،21/1125‬صادر عن المحكمة االبتدائية بتارودانت‪ ،‬بتاريخ ‪ ،22/1/1125‬في الملف المدني عدد ‪ ،56/1121‬غير‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫ضرورية ونافعة مثل إعادة تدعيم أساسات البناء‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 101‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة احترام األجل القانوني لممارسة الشفعة‪:‬‬
‫يتعين على طالب الشفعة أن يمارس الشفعة داخل األجل القانوني‪،‬وإال سقط حقه‪.‬‬
‫‪ -2‬أجال الشفعة‬
‫تختلف هذه اآل جال حسبما إذا كان العقار محفظا (أ)‪ ،‬أو غير محفظ (ب)‪ ،‬أو في طور‬
‫التحفيظ (ج)‪.‬‬
‫أ‪ -‬أجل الشفعة في العقار المحفظ‪:‬‬
‫تناول المشرع المغربي أجل ممارسة الشفعة في العقار المحفظ في المادة ‪ 406‬من‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع التي حددته في ثالثين يوما كاملة تحسب ابتداء من تاريخ التوصل‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫قيام المشتري بتبليغ المعني بممارسة حق الشفعة‪.‬‬
‫ويلزم لصحة التبليغ ضرورة تضمينه بالبيانات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ذكر هوية البائع والمشتري؛‬
‫‪ -‬تحديد الحصة المبيعة وثمنها والمصروفات؛‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى رقم الرسم العقاري‪.‬‬
‫كما أنه ينبغي التوصل بهذا التبليغ من طرف من له الحق فيه وبصفة شخصية‪ ،‬وذلك‬
‫تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫أما إذا لم يقم المشتري بالتبليغ المذكور فإن الراغب في الشفعة‪ ،‬يجب عليه ممارسة‬
‫حقه داخل أجل سنة تنطلق من تاريخ تقييد عقد البيع بالرسم العقاري‪ ،‬وذلك تحت طائلة‬
‫سقوط األجل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أجل الشفعة في العقار غير المحفظ‪:‬‬
‫بالرجوع للمادة ‪ 511‬من المدونة‪ ،‬فإن أجل الشفعة في العقار غير المحفظ محدد في‬
‫سنة ابتداء من تاريخ العلم بالبيع‪ ،‬وفي هذا السياق قضت محكمة النقض في القرار الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 6/5/1121‬بما يلي‪" :‬إذا انصبت الشفعة على عقار غير محفظ وأنكر الشفيع علمه‬
‫بالبيع فإنه يصدق في قوله بيمينه لقول الشيخ خليل‪" :‬وصدق إن أنكر علمه"‪ ،‬وال يعد سكن‬

‫‪53‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫المشتري في المدعى فيه قرينة على العلم بالبيع ألن من يسكن قد يكون عن طريق الكراء‬
‫أو ما شابهه"‪.146‬‬
‫أما إذا لم يتحقق العلم‪ ،‬فإن صاحب الحق يتعين عليه ممارسة الشفعة داخل أجل أربع‬
‫سنوات من تاريخ إبرام العقد‪ ،‬وإال تعرض حقه في الشفعة للسقوط‪ ،‬وفي هذا الصدد جاء‬
‫في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بإنزكان بتاريخ ‪ 10/12/1121‬ما يلي‪":‬وحيث إن ما‬
‫أثاره المدعي على عدم العلم لكونه يقطن بالخارج غير مؤثر ألن أجل أربع سنوات من‬
‫تاريخ إبرام العقد قد انصرم وال يشفعه له عدم العلم بهذا األجل"‪.147‬‬
‫ج‪ -‬أجل الشفعة المتعلق بعقارفي طور التحفيظ‪:‬‬
‫ينطلق أجل شفعة عقار في طور التحفيظ ابتداء من تاريخ اإليداع وينتهي بمرور سنة‬
‫كاملة في حالة عدم تبليغ الشراء إلى الشفيع‪ ،‬أما إذا تم التبليغ فإن حق الشفعة يسقط بانتهاء‬
‫ثالثين يوما من تاريخ التوصل بالتبليغ الذي ينبغي تضمينه بالبيانات المتعلقة بتحديد هوية‬
‫البائع والمشتري‪ ،‬وبيان الحصة المبيعة وثمنها والمصروفات‪ ،‬باإلضافة إلى ذكر رقم‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات المادة ‪ 511‬من المدونة‪.‬‬
‫ويضاف إلى احترام األجل المذكور ضرورة التزام الشفيع بتقديم تعرضه على مطلب‬
‫التحفيظ المتعلق به‪ ،‬وذلك وفقا للمادة ‪ 513‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار الشفعة وسقوطها‬
‫سنتولى من خالل هذه الفقرة تحديد اآلثار المترتبة على الشفعة (‪ ،)2‬ثم نعرض بعد‬
‫ذلك لبيان أسباب سقوط الشفعة (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬آثار الشفعة‪:‬‬
‫خص المشرع المغربي آثار الشفعة بالمواد من ‪ 512‬إلى ‪ 521‬من المدونة ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فباستقراء المواد المذكورة يتضح أن الشفعة سواء كانت بالمراضاة أو بموجب‬
‫حكم قضائي يترتب على األخذ بها تملك الشفيع للحصة المبيعة‪ ،‬وإلزام المشفوع منه برد‬
‫ثمار الحصة المشفوعة للشفيع ابتداء من تاريخ المطالبة بالشفعة‪ ،‬وإذا انصبت الشفعة على‬
‫عقار محفظ وجب على الشفيع تقييدها بالرسم العقاري‪.‬‬
‫وقد يحدث أن يدخل المشفوع منه تعديالت على الحصة المشفوعة من ماله بأن يبني‬
‫أو يغرس فيها‪ ،‬فما هي األحكام الواجبة التطبيق في هذه الحالة؟‬

‫‪ -146‬قرار عدد ‪ ،2151‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،6/5/1121‬في الملف المدني عدد ‪ ،2210/2/1/1122‬منشور بمجلة‬
‫ملفات عقارية‪ ،‬ص‪.165 ،‬‬
‫‪ -147‬حكم عدد ‪ ،56‬صادر عن المحكمة االبتدائية بإنزكان‪ ،‬بتاريخ ‪ ،10/12/1121‬في الملف عدد ‪ ،21/1125‬غير منشور‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫يقتضي الجواب على هذا التساؤل ضرورة التمييز بين فرضيتين‪:‬‬


‫الفرضية األولى‪ :‬إذا أدخل المشفوع منه التعديالت على الحصة المشفوعة قبل إعالن‬
‫الرغبة في الشفعة‪ ،‬وجب تطبيق األحكام المتعلقة بالبناء والغرس في أرض الغير بإذنه أو‬
‫شبهة ملك‪.‬‬
‫الفرضية الثانية‪ :‬إذا قام بتلك التعديالت بعد إعالن الرغبة في الشفعة‪ ،‬تعين تطبيق‬
‫األحكام المتعلقة بالبناء والغرس في أرض الغير دون إذن‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن جميع التصرفات التي يجريها المشفوع منه على الحصة‬
‫المشفوعة كأن يبيعها مثال أو يرتب عليها أي حق عيني‪ ،‬تعتبر باطلة إذا كان محلها يتعلق‬
‫بعقار غير محفظ‪.‬‬
‫‪-2‬أسباب سقوط الشفعة‪:‬‬
‫تطرقت مدونة الحقوق العينية لتحديد أحكام سقوط الشفعة في المادتين ‪ 522‬و‪521‬‬
‫والتي يتضح من خاللهما أن حق الشفيع في األخذ بالشفعة يتعرض للسقوط بمجرد تنازله‬
‫عنها بكيفية صريحة‪ ،‬ولكن بعد ثبوت حقه فيها‪.‬‬
‫وكذلك في حالة تمكنه من شراء الحصة التي باعها شريكه من مشتريها أو عند قيامه‬
‫بإجراء قسمة فيها‪.‬‬
‫وأيضا إذا باع حصته التي يشفع بها ولو لم يكن على علم بأن شريكه قد باع حصته‬
‫قبله‪.‬‬
‫أما إذا توفي الشفيع فإن الحق في الشفعة ال يسقط بل ينتقل إلى ورثته‪ ،‬ويحلون محله‬
‫فيها‪ ،‬ولكن بشرط وهو ممارسة الشفعة داخل األجل القانوني المتبقي لمورثهم في األخذ بها‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ختاما لقد حاولنـاإبراز جميع أسباب كسب الملكية والمتمثلة في "إحيـاء األراضـي‬
‫المـوات والحـريم وااللتصاق والحيـازة والميراث والوصية والمغارسة والهبة والصدقة‬
‫والشفعة"‪ ،‬وذلك على ضوء مستجدات التي جاءت بها المدونة‪.‬‬
‫وعليه فأول مالحظة يمكن تسجيلها في هذا المجال أن المشرع المغربي عمل على‬
‫تنظيم وجمع األحكام المتعلقة بأسباب كسب الملكية العقارية في قانون ‪ 13.50‬مستمدا‬
‫أحكامه من قواعد الفقه المالكي واالجتهاد القضائي‪ ،‬وهذه خطوة مهمة تحسب للتشريع‬
‫المغربي التي أدت إلى القضاء على أهم مشكل كان يعاني منه العقار المغربي والمتجلي في‬
‫ازدواجية القوانين التي كانت يخضع لها إذ كان العقار المحفظ يخضع لظهير ‪21‬غشت‬
‫‪ ،2025‬وظهير ‪ 20‬رجب ‪ ،2525‬بينما كان يخضع العقار الغير المحفظ لقواعد الفقه‬
‫المالكي‪.‬‬
‫كما أن تنظيم طرق انتقال الملكية العقارية سيحسم العديد من اإلشكاالت المطروحة في‬
‫هذا المجال ومن شأنه أن يضمن استقرار المعامالت بين األفراد والمجتمع وأيضا المساهمة‬
‫في تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وإذا كانت مدونـة الحقوق العينيـة مـن خـالل تنظيميهـا ألسباب كسب الملكية‬
‫العقاريةاستطاعت إلى حد ما سد العديد من الثغرات التي كانت واردة في ظهير ‪ 20‬رجب‬
‫‪ 2525‬وظهير ‪ 1‬يونيو ‪ 2023‬إالأن ذلك ال يخلو من ثغرات وعيوب كأي تشريع‪ ،‬أهمها‬
‫عدم تحديد اآلثار التي تترتب على محل العقد في حالة إخالل الغارس بالتزماته‪ ،‬وأيضا‬
‫الحالة التي يطلب فيها الغارس إجراء قسمة للعقار مدعيا أنه مالك على الشياع‪ ،‬كما يجب‬
‫الحسم بشكل أوضح في مسألة الحوز والتي الزالت تعرف نوعا من التذبذب على مستوى‬
‫القضاء‪.‬‬
‫لذلك يتعين على المشرع أن يتدخل لتعديل بعض النصوص القانونية في المدونة‪،‬‬
‫وذلك حفاظا على حقوق األطراف وضمان استقرار المعامالت العقارية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫فهرس المراجع‪:‬‬
‫القرآن الكريم‪:‬‬
‫‪ ‬الكتب العامة‪:‬‬
‫‪ -‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار لسان العرب‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬طبعة‪.1121 ،‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬أبو الحسن علي بن عبد السالم التسولي‪ ،‬البهجة في شرح التحفة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2022،‬‬
‫‪ -‬محمد بن إسماعيل أبو عبدهللا البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪ ،1112،‬الجزء الرابع‪ ،‬كتاب المناقب‪ -‬عالمات النبوة‪.‬‬
‫‪ -‬حمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ ،‬دار الوطن‪،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1111،‬الجزء‬
‫‪ ،23‬كتاب الزكاة‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس ْاالئمة السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫الطبعة االولى ‪ ،2005،‬الجزء ‪ ،21‬كتاب الهبة‪ ،‬باب الصدقة‪.‬‬
‫‪ -‬عبد هللا بن محمد بن قدامة ‪ ،‬المغني‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،2002،‬‬
‫الجزء الخامس‪.‬‬
‫‪ -‬أبو يحي زكرياء األنصاري‪ ،‬شرح روض الطال من أسني المطالب‪ ،‬ج‪ ،1،‬المكتبة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬أبو الحسن علي الماوردي‪ ،‬كتاب األحكام السلطانية والواليات الدينية‪ ،‬تحقيق سمير‬
‫مصطفى رباب‪ ،1111 ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -‬المغني‪ ،‬طبعة‪ ،2035 ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.212/6 ،‬‬
‫‪ -‬محمد بن عرفة الدسوقي المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار الفكر ‪.66/1‬‬
‫‪ -‬تبيين الحقائق‪.56/6 ،‬‬
‫‪ -‬شرح مختصر ابن الحاجب تصنيف الشيخ خليل بن إسحاق الجندي المالكي‪ ،‬تحقيق أحمد‬
‫بن علي الدمياطي‪ ،‬مركز التراث الثقافي المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ج‪.3،‬‬
‫‪ -‬محمد عليش‪ ،‬شرح منح الجليل على مختصر العالمة خليل‪ ،‬وبهامشه حاشية ‪ ":‬تسهيل‬
‫منح الجليل"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مكتبة النجاح‪ ،‬طرابلس ليبيا‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شر ف النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (مع تكملة‬
‫السبكي والمطيعي)‪ ،‬دار الفكر ‪،‬دمشق‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،1113،‬الجزء السادس ‪،‬باب زكاة‬
‫الذهب والفضة‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بن إبراهيم بن عبد هللا التويجري‪ ،‬مختصر الفقه اإلسالمي في ضوء القرآن‬
‫والسنة‪ ،‬دار أصداء المجتمع للتوزيع والنشر‪،‬القصيم‪ ،‬الطبعة الحادية عشرة ‪.1123 ،‬‬
‫‪ -‬مرعي بن يوسف بن الكرمي‪ ،‬غاية المنتهى في جمع اإلقناع والمنتهى‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني ‪ ،‬دار السعيدية للنشر ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬طبعة ‪.1121‬‬
‫‪ -‬محي الدين إسماعيل علم الدين‪ ،‬الحقوق العينية‪ ،‬دار الجيل للطباعة‪ ،‬لسسنة‬
‫‪.2022‬‬
‫‪ -‬محمد ْاالنصاري الرصاع أبو عبد هللا‪ ،‬شرح حدود ابن عرفة‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة االولى‪. 1121 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان الجزيري ‪،‬الفقه على المذاهب األربعة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬لسنة ‪ ،1115‬المجلد الثالث‪.‬‬
‫‪ -‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر‪،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬لسنة ‪. 1123‬‬
‫‪ -‬محمد بن أحمد بن محمد بن رشد األندلسي‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬مكتبة‬
‫ابن تيمية للنشر والطباعة‪ ،‬القاهرة‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬لسنة ‪ ،2001‬المجلد الثاني‪.‬‬
‫‪ -‬برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم‪ ،‬تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫الوقاف والشؤون اإلسالمية الكويتية‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬الجزء‬‫‪ -‬وزارة ا ْ‬
‫‪ ،23‬دار السلسل‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1112،‬‬
‫‪ ‬الكتب الخاصة‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد خرطة‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية‪ ،‬مطبعة القبس‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬لسنة‬
‫‪.1115‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬علم الفرائض والوصايا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬لسنة ‪.1121‬‬
‫‪ -‬محمد بن معجوز‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي‪،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪.2000‬‬

‫‪58‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ :‬أسباب كسب الملكية‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪.2063‬‬
‫‪ -‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،50.13‬منشورات مجلة‬
‫الحقوق‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬دار نشر المعرف‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬طبعة ‪.1125‬‬
‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري و الحقوق العينية األصلية والتبعية في التشريع‬
‫المغربي‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬لسنة ‪.2032‬‬
‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪،‬‬
‫المجلد األول‪ ،‬مصادر االلتزامات ‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬لسنة ‪.2021‬‬
‫‪ -‬عبد السالم أحمد فيغو‪،‬العقود المسماة في البيع والمعاوضةـ الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫فاس بريس لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ -‬محمد العروصي‪ ،‬المختصر في بعض العقود المسماة‪ ،‬عقد البيع والمقايضة‬
‫والكراء‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬لسنة ‪.1120-1123‬‬
‫‪ -‬أنور سلطان‪،‬العقود المسماة‪ ،‬شرح عقدي البيع والمقايضة‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫لسنة ‪.2035‬‬
‫‪ -‬محمد بونبات‪ ،‬في الحقوق العينية‪ ،‬دراسة مقاربة للحقوق العينية وجدواها‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬لسنة ‪ ،1111‬المطبعة والوراقة الوطنية ‪ ،‬مراكش‪.‬‬
‫‪ -‬العربي محمد مياد‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية‪ ،‬دراسة عملية مقارنة في‬
‫التشريعات والعمل القضائي العربيين‪ ،‬طبعة‪.1112 ،‬‬
‫‪ -‬حليمة بنت المحجوب بن حفو‪ ،‬القانون العقاري وفق آخر المستجدات‪ ،‬دراسة نظرية‬
‫تطبيقية معززة باجتهادات قضائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬لسنة ‪ ،1111‬المطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫مراكش‪.‬‬
‫‪ -‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬حق الملكية والضمانات العينية والشخصية‪ ،‬دراسة في قانون‬
‫رقم ‪ 50.13‬بمثابة مدونة الحقوق العينية‪،‬طبعة‪.1120-1123 ،‬‬
‫‪ -‬محمد خيري‪ ،‬الملكية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪.2001‬‬
‫‪ -‬عبد العلي العبودي‪ :‬الحيازة فقها وقضاء‪ ،‬مركز الثقافة العربي ‪ -‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.2006 ،‬‬

‫‪59‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬إدريس السماحي‪ ،‬الحقوق العيني ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬مطبعة أمرين للطباعة‬
‫والتلفيف‪ ،‬الطبعة األولى‪. 1115 ،‬‬
‫‪ ‬األطاريح والرساحئل ‪:‬‬
‫‪ -‬أنس عبد الواحد صالح الجابر‪ ،‬أحكام الرجوع في العقود المالية في الفقه السلمي‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬الجامعة االردنية‪ ،‬عمان ‪.1113،‬‬
‫‪ -‬زكرياء الرجراجي‪ ،‬الحجز العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الحقوق بجامعة موالي إسماعيل مكناس‪ ،‬السمة الجامعية ‪.1121-1110‬‬
‫‪ ‬المقاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬أنور محمود دبور‪ ،‬أثر مرض الموت في عقود المعاوضات في الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫بحث مقارن‪ ،‬منشور في مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،5‬لسنة ‪.2030‬‬
‫‪ ‬الظهاحئر والقوانين‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 2.22.02‬صادر في ‪ 12‬من شعبان ‪ 10 ( 2151‬يوليوز‬
‫‪ ،)1122‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3061‬بتاريخ ‪.1122/12/51‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 50.13‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،2.22.223‬المؤرخ في‬
‫‪ 13‬من ذي الحجة ‪ ،)1122/22/11 (2151‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3003‬بتاريخ‬
‫‪.1122/22/11‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 0‬رمضان ‪ 21 ( 2552‬أغسطس ‪ )2025‬المتعلق بقانون االلتزامات‬
‫والعقود‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1111‬بتاريخ ‪ 10‬سبتمبر ‪.2025‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 0‬رمضان ‪ 21 (2552‬أغسطس ‪ ،)2025‬المتعلق‬
‫بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 21.12‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 2.22.222‬في ‪ 13‬من ذي الحجة ‪ 11 (2151‬نوفمبر ‪ ،)1122‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 3003‬بتاريخ ‪ 12‬ذو الحجة ‪ 11 ( 2151‬نوفمبر ‪.)1122‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم‪،2.10.156 ،‬صادر في ‪ 3‬ربيع األول ‪ 15 ( ،2152‬فبراير‬
‫‪ ،)1121‬يتعلق بمدونة األوقاف‪. ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،3312‬بتاريخ فاتح رجب ‪2152‬‬
‫( ‪ 21‬يونيو ‪.1121‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ ،2.26.225‬صادر في ‪ 6‬ذي القعدة ‪ 2152‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 56.23‬المتعلق بالماء‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،6101‬بتاريخ ‪ 13‬أغسطس ‪.1126‬‬

‫‪61‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ ،2.11.11‬صادر في ‪ 21‬من ذي الحجة ‪ 5 (2111‬فبراير‬


‫‪،)1111‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 21.15‬بمثابة مدونة األسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪3231‬‬
‫بتاريخ ‪.1111/1/3‬‬
‫‪ ‬األحكام والقرارات القضاحئية ‪:‬‬
‫‪ -‬حكم عدد ‪ ،21/1125‬صادر عن المحكمة االبتدائية بتارودانت‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ ،22/1/1125‬في الملف المدني عدد ‪ ،56/1121‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -‬حكم عدد ‪ ،56‬صادر عن المحكمة االبتدائية بإنزكان‪ ،‬بتاريخ ‪ ،10/12/1121‬في‬
‫الملف عدد ‪ ،21/1125‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -‬القرار رقم ‪ 033‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪ ، 2005‬ملف عقاري رقم‬
‫‪ ،33/2210‬منشور بقضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،13‬السنة الثانية عشرة‪ ،‬يناير ‪.2006‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 631‬الصادر بتاريخ ‪ 1111/21/5‬في الملف رقم ‪.1112/2/1/103‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 2313‬بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1112‬في الملف عدد ‪،1113/2/2/2056‬‬
‫منشور بقضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‪ ،20 ،‬دجنبر ‪.1113‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 316‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ 1111‬في الملف عدد ‪ ،1112/111‬منشور‬
‫بقضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‪.1111/21 ،‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،2511‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،13/1/1111‬في الملف‬
‫المدني عدد ‪ ،2266/2/1/1112‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،61‬السنة‬
‫‪.1115‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،211‬صادر عن محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪،26/6/1122‬‬
‫منشور بمجلة قضاء محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬العدد ‪ ،6‬السنة ‪.1125‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،3151‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،5/22/2000‬في الملف‬
‫المدني عدد ‪ ،06/6/2/5231‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،33‬السنة‬
‫‪.1111‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،101‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1/2/1121‬في الملف المدني‬
‫عدد ‪ ،1112/2/1/1125‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض‪ ،‬العدد ‪.23‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،2113‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،13/1/1121‬في الملف‬
‫المدني عدد ‪.5251/2/0/1122‬‬

‫‪61‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،2151‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،6/5/1121‬في الملف‬


‫المدني عدد ‪.2210/2/1/1122‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،5503‬بتاريخ ‪ 21‬شتنبر ‪ ،1111‬في الملف عد ‪.1111/2/2/632‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ ،1210‬بتاريخ ‪ ،11/22/2033‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪.‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،2151‬بتاريخ ‪ ،11/15/1122‬ملف مدني عدد ‪،52/2/1121/2660‬‬
‫نشرة قرارات محكمة النقض ‪ -‬الغرفة المدنية‪.1121 ،‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،632‬بتاريخ ‪ ،21/15/2005‬ملف مدني عدد ‪،1260‬‬
‫مجلة المحامي عدد ‪ 20‬و‪.1112 ،11‬‬
‫‪ -‬قرار ‪ ،361‬بتاريخ ‪ ،11/11/1116‬ملف مدني عدد ‪ ،5300/11‬مجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى عدد ‪.1111 ،62‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ ،515‬صادر ‪ ،12/15/2062 1‬مجلة قضاء المجلس‬
‫األعلى‪.‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،120‬ملف مدني بتاريخ ‪ ،2021/11/10‬منشور‬
‫بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪.20‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ ،10‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،2031‬منشور بمجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ 53‬و‪.56‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ ،2163‬ملف شرعي رقم ‪ ،6512/36‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪.15-11‬‬
‫‪ -‬القرار صادر بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪ ،1122‬تحت عدد ‪ ،630‬في الملف المدني عدد‬
‫‪ ،1126 /1/2/252‬منشور بمجلة ملفات عقارية‪ ،‬العدد ‪.3‬‬

‫‪62‬‬
‫الفوج الثامن‬ ‫أسباب اكتساب الملكية في التشريع المغربي‬

‫الفهرس‪:‬‬

‫مقدمة ‪1 ...................................................................................... :‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬الوقاحئع المادية المكسبة لحق الملكية ‪4 .................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إحياء األراضي الموات والحريم وااللتصاق ‪1 ............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إحياء األراضي الموات والحريم ‪1 ............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتصاق ‪21 .......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الحيازة والميراث واالستيالء ‪26 ............................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬أحكام الحيازة ‪26 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الميراث‪11 ........................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستيالء ‪11 .......................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬التصرفات القانونية المكسبة لحق الملكية ‪27 ..........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسباب الناقلة لحق الملكية ‪12 ...............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األسباب العوضية ‪12 ............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التصرفات التبرعية‪56 ..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬باقي األسباب األخرى المكسبة لحق الملكية ‪13 .........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم القضائي‪13 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحكام الشفعة ‪10 ..................................................................‬‬
‫خاتمة‪56 ..................................................................................... :‬‬
‫فهرس المراجع‪57 .......................................................................... :‬‬
‫الفهرس‪63 ................................................................................... :‬‬

‫‪63‬‬

You might also like