‫د‪.

‬كردين سهيلة‬
‫المقياس تاريخ الجزائر العام‬
‫السنة األولى جذع مشترك‬
‫كلية العلوم االجتماعية‬

‫حضارات الجزائر في ماقبل التاريخ‬

‫الحضـارة القفصــــــية‪:‬‬
‫يلي من الناحية الكرونولوجية الحضارة الوهرانية‪ ،‬الحضارة القفصية و هذه الحضارة بدورها‬
‫أو الصناعة‬ ‫كان قد أطلق عليها في بداية اكتشافها عام ‪ ،1909‬بالحضارة‬
‫الجيتولية )‪ ، (Industrine Getule‬لكن التشابه بين أدوات هذه الصناعة و أدوات األدوار‬
‫األولى من العصر الحجري القديم األعلى في أوروبا و خاصة الحضارة األورينسية‪ ،‬دفع الباحثين‬
‫التي قام بها‬ ‫الى المزيد من التحري و التقصي و اعادة النظر في المكتشفات األثرية‬
‫كوبير)‪ ، (Cobert‬و قوفري )‪ ، (Vaufry‬وقد ألقيا أضوء جديدة على الموضوع خاصة بعد‬
‫استخراجهم لألدوات الدقيقة باستعمال الغربال مما يوضح أن االنسان القفصي كان يستعمل أدوات‬
‫دقيقة شبيهة باألدوات الميكرولثية التي تميز العصر الحجري الوسيط اذا أضفنا الى أن موقعها‬
‫سطحية و الكثير منها على هيئة تالل مكونة من تكديس الرماد و فضالت الطعام التي تركها‬
‫االنسان القفصي و المتكونة أساسا من الحلزون مما جعل الباحثين يطلقان عليها الرمديات أو‬
‫الحلوزنيات‪.‬‬
‫انتشارا في الزمان و المكان اذ لم تتجاوز المناطق‬
‫ً‬ ‫ومن مميزات الحضارة القفصية أنها أقل‬
‫الداخلية لتونس و تبسة كما تمتد لشرق الجزائر و خاصة جهة سطيف و قسنطينة‪ ،‬و ال تتعدى‬
‫في الغرب جهة تيارت ‪ ،‬و لم يعثر على أي أثر لهذه الحضارة لحد اآلن بالمغرب و الصحراء ‪.‬‬
‫أما من الناحية الزمنية فقد أثبتت التحاليل المخبرية باستعمال الكربون‪ ،14‬أن الحضارة القفصية‬
‫ظهرت بعد الحضارة الوهرانية ولم تعمر إال مدة قصيرة نسبيا تتراوح مابين منتصف األلف‬
‫السابع و األلف الرابع ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬مراحـل الحضـــــارة القفصية‪:‬‬

‫تتركب الحضارة القفصية من مرحلتين أساسيتين هما ‪:‬‬
‫‪ ‬القفصية النموذجية‪ :‬تتميز أدواتها بالضخامة‪ ،‬و التهذيب و افتقارها للقزميات الهندسية‬
‫و تتمثل أدواتها في ‪ :‬المدقات ‪ ،‬النصيالت ذات الظهرالمستقيم و المقوسة‪ ،‬و القزميات‬
‫الهندسية‪ ،‬هذا الى جانب المحكات و الشفرات و الرؤوس ذات الظهر‪ ،‬المخارز العظمية‪.‬‬
‫‪ ‬القفصية العليا‪ :‬تتميز بزيادة في عدد أنواع النصيالت القفصية النموذجية‪ ،‬و اتقان كبير‬
‫في الصناعات القزمية‪ ،‬و انتشار للمدقات صغيرة الحج‪ ،‬الى جانب المكاشط و النصال‬
‫المسننة و المحارز‪ ،‬و تطور الصناعات العظمية‪.‬‬

‫‪ -2‬الوسط الطبيعي للحضارة القفصية‪:‬‬

‫ان التحاليل االحاثية لفحم األخشاب المعثور عليها بالرمديات بمنطقة سطيف‪ ،‬أثبتت وجود نباتات‬
‫مثل الصفصاف من نوع )‪ (Salix Alba‬منذ األلف السابعة ق‪.‬م و النصف األول من األلف‬
‫السادسة ق‪.‬م‪ ،‬و بقربها كان ينمو االرز و الزعرور و البلوط و القطلب و الش َمار(تفاح) و‬
‫العرعار و الصنوبر البحري‪ ،‬و جل هذه النباتات ترتبط بالمناخ البارد الرطب‪.‬‬
‫‪ - 3‬مواقــــع انتشــــارها‪:‬‬
‫تونس‪:‬موقع مقطع و يبعد ‪ 14‬كلم شمال غربي قفصة‪ ،‬تم العثور فيه على األزاميل ذات الزاوية‬
‫المزدوجة ‪،‬األزاميل ذات المنقار‪ ،‬المكاشط الطويلة و القصيرة‪ ،‬المحارز المسننة‪ ،‬النصيالت‬
‫ذات الظهر و ذات القاعدة‪ ،...‬و موقع الرديف غرب قفصة الذي اجرى عليه الدكتور‬
‫جوبير)‪ (E.Gobert‬حفرية عام‪ ، 1912‬تم اكتشاف النصال ذات الظهر المنحدر‪ ،‬األزاميل‬
‫ذات الزاوية و المزدوجة و ذات الظهر الحاد ‪ ،‬مكاشط المربعة و المزدوجة‪ ،‬قطع أصداف بيض‬
‫النعام منقوشة ‪ ،...‬و حفرية رمادية بئر الخنفوس‪ :‬جنوب شرق مدينة سيدي منصور التي عثر‬
‫فيها على كرة حجرية كلسية مثقوبة بالكامل‪ ،‬و مجموعة من القزميات الهندسية‪ ،‬مع نصال‬
‫كبيرة مسننة‪ ،...‬باإلضافة الى مجموعة من المواقع االخرى كرمادية عين سندس و عقلة بو حيَة‬
‫و عين مترشم و موقع بئر الحمايرية‪.‬‬
‫أما في الجزائر فنجد رمادية نقرين( الجنوب الغربي لتبسة) الغنية ببقايا الطعام و الرماد و‬
‫النصيالت ذات الظهر ‪ ،‬المكاشط‪ ،‬المحكات‪ ،‬المدقات و المخارز و المثاقب‪ .‬و نجد كهف رليلغي‬
‫(تبسة) الذي يحوز على نصال ذات الظهر و حلقات النضد مصنوعة من قشور بيض النعام ‪ ،‬و‬
‫مواقع الوادي و رمادية وادي منقوب و منجم عين غيالن التي تحوي نصيالت ذات الظهر‬
‫برؤوس نصف دائرية ‪ ،‬قطع دائرية‪ ،‬مخارز عظمية و هي تعود الى مرحلة القفصية العليا‪.....‬‬