1 SM3

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/343837067

‫ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﻣﻦ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﺪى ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬The concept of
International Security within the Theories of International Relations in light
of Global chan...

Article in Dirasat Human and Social Sciences · August 2020

CITATIONS READS

0 24,254

3 authors:

Wasfi Aqeel Ayman Hayajneh


Yarmouk University Yarmouk University
16 PUBLICATIONS 0 CITATIONS 15 PUBLICATIONS 8 CITATIONS

SEE PROFILE SEE PROFILE

Khalid Issa Aladwan


Yarmouk University
49 PUBLICATIONS 40 CITATIONS

SEE PROFILE

All content following this page was uploaded by Khalid Issa Aladwan on 30 September 2021.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية ما بعد أحداث الحادي‬
‫عشر من أيلول‪2001‬‬

‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان *‬

‫ملخـص‬
‫تناولت الدراسة مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية ما بعد أحداث الحادي عشر من ايلول‬
‫وتغير اإلفتراضات‬
‫‪ ،2001‬إذ هدفت إلى الكشف عن طبيعة هذه العالقة واتجاهها من خالل اإلفتراض بوجود عالقة بين تلك المتغيرات ّ‬
‫النظرية لمفهوم األمن الدولي وموضوعاته‪ ،‬إذ تم استخدام منهج النظام الدولي للكشف عن طبيعة تغيرات بنية النظام الدولي‪ ،‬والمنهج‬
‫التحليلي والمنهج المقارن لتوصيف طبيعة التغيرات في إطروحات النظريات التأسيسية للعالقات الدولية وبيان أوجه الشبه واالختالف‬
‫بينها‪ ،‬و توصلت الدراسة إلى أن تلك العالقة كانت طردية وإيجابية‪،‬وكان لها األثر األكبر في وجود تقارب بين النظريات من الناحية‬
‫المعرفية والمنهجية حول مفهوم األمن الدولي وموضوعاته‪ ،‬إذ اتفقت النظريات على مقاربات تتجاوز في تحليليها المفاهيم التقليدية‬
‫لألمن باتجاه االعتقاد بأن األمن الدولي بات يتطلب النظر بوضع ترتيبات جماعية جديدة له‪.‬‬
‫الكلمـات الدالـة‪ :‬المتغيرات الدولية‪ ،‬األمن الدولي‪ ،‬نظريات العالقات الدولية‪ ،‬النظريات األمنية‪.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الدولية من اعتبارها البيئة التي تم ّكن الباحثين من فهم وتفسير واقع النظام الدولي وتغيراته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أهمية عملية التنظير للعالقات‬ ‫تبرز ّ‬
‫ّ‬
‫تفسر ظواهر النظام الدولي تحتاج‬ ‫لكن وضع نظرّية عامة شاملة ال تتم عبر فترة زمنية قصيرة؛ إذ إن الوصول إلى نظرّية مفسرة ّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬
‫إلى رصد متواصل ومتابعة حثيثة من قبل الباحثين‪ ،‬كما أن تناولها للتحليل من زاوية واحدة بات يثير كثي ار من الجدل حول إمكانية‬
‫الدولية الهامة كاألمن الدولي‪ ،‬كان ال بد من عرض المنظور‬‫ّ‬ ‫تعميم نتائجها‪ ،‬ولذلك وبهدف الوصول إلى تفسير وتحليل مقنع للظواهر‬
‫ّ‬
‫التقليدي للنظريات التأسيسية‪ ،‬وثم العمل على تناول المنظور النظري الجديد لها‪ ،‬والمعروف بنيو_نيو‪ ،‬والذي يعد نتاج التغيرات‬
‫وتنوع موضوعاته منذ عام ‪.0222‬‬ ‫الدولي‪ ،‬وتعدد فاعليه ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬وإضافة هامة للنظريات في تفسير تعّقد هيكل النظام‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية منذ مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬إلى انعكاس تأثيرها‬ ‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫حقل‬ ‫يدرسها‬ ‫التي‬ ‫الموضوعات‬ ‫ع‬‫وتنو‬ ‫د‬ ‫تعد‬
‫ّ‬ ‫أدى‬ ‫ولقد‬
‫لدولية‪ ،‬وقد بدا ذلك واضحا في منهج النظريات ووحدة التحليل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ا‬ ‫العالقات‬ ‫اقع‬
‫و‬ ‫ل‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫المفس‬ ‫يات‬ ‫ر‬ ‫للنظ‬ ‫المعرفية‬‫و‬ ‫المنهجية‬ ‫في األطر‬
‫وتغير االفتراضات األساسية للنظريات في عالم تسوده االعتمادية‬ ‫الدولي‪ّ ،‬‬ ‫ولذلك هدفت الدراسة للبحث في العالقة بين تغيرات النظام‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬انطالقا من االفتراض بأن تلك المتغيرات قد دفعت نظريات‬ ‫ّ‬ ‫عمليات التشابك والتداخل للعالقات‬ ‫ّ‬ ‫المتبادلة‪ ،‬وتتصاعد فيه‬
‫الدولية للوصول إلى توافق عام حول مفهوم األمن الدولي وعناصره وموضوعاته‪ ،‬وفي ظل تنوع مصادر التهديد‪ ،‬سواء‬ ‫ّ‬ ‫العالقات‬
‫ّ‬
‫أكان من قبل الدول‪ ،‬أم من قبل التنظيمات في مناطق مختلفة من العالم‪.‬‬
‫وإيقاناً بأن مجال التنظير األمني قد شهد كثي ار من التغيرات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ ، 0222‬وإعالن التحالف‬
‫ّ‬
‫األمنية من اإلطار‬ ‫للقضايا‬ ‫المعرفي‬ ‫اإلطار‬ ‫توسيع‬ ‫جاه‬‫ّ‬‫الدولي الحرب على اإلرهاب‪ ،‬فقد بدأ االنتقال في تحليل العالقات الدولية ِّ‬
‫بات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬حيث أدرج هذا الموضوع في دائرة‬
‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫يات‬ ‫ر‬ ‫لنظ‬ ‫ية‬ ‫ر‬ ‫الفك‬ ‫ات‬‫ز‬ ‫تك‬‫ر‬ ‫الم‬ ‫في‬ ‫ر‬
‫ا‬ ‫تغي‬
‫ّ‬ ‫أحدث‬ ‫مما‬ ‫الكالني‪،‬‬ ‫اإلطار‬ ‫إلى‬ ‫ئي‬ ‫الجز‬
‫البنائيين‪ ،‬وهو ما اتضح في المحور الثاني من‬
‫اقعيين والليبراليين و ّ‬ ‫الدولية الجدد من الو ّ‬ ‫ّ‬ ‫إعادة البحث عند عدد من منظري العالقات‬
‫الدراسة‪ ،‬وفي الوقت الذي يرى فيه تيار ما بعد الحداثة بأنها ما زالت تواجه صعوبة التكيف مع التغيرات التي شهدها النظام الدولي‪،‬‬
‫ّ‬
‫سواء على المستوى الهيكلي أم على المستوى القيمي‪ ،‬ولكن هذا التحدي كان حاف از للدراسة ليؤكد أن النظريات التأسيسية في العالقات‬
‫تغيرات النظام الدولي‪ ،‬مما ساهم في تكيفها واستمرارها‪،‬‬‫الدولية‪ ،‬قد سعت إلى تغيير أنساقها الفكرية وأطرها المنهجية وبشكل يواكب ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬

‫________________________________________________‬
‫* جامعة اليرموك‪ .‬تاريخ استالم البحث ‪ ،0202/3/8‬وتاريخ قبوله ‪.0202/8/03‬‬

‫©‪ 0202‬عمادة البحث العلمي‪ /‬الجامعة األردنية‪ .‬جميع الحقوق محفوظة‪.‬‬ ‫‪- 044 -‬‬
‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫الدولية واالنتقال نحو تبني األبعاد المنهجية التوافقية من خالل تبنيها‬ ‫ّ‬ ‫إذ أعادت النظر باإلطار المفاهيمي والمنهجي لظواهر العالقات‬
‫أطر مناسبة له‪ ،‬وهذا ما اتضح في المحور الثالث من الدراسة‪.‬‬ ‫لمفهوم توافقي جديد لألمن الدولي‪ ،‬وقدمت ًا‬
‫ّ‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫ٍّ‬
‫تحد كبير يتعلق بقدرتها‬
‫الدولية التأسيسية أمام ّ‬ ‫ّ‬ ‫وضعت تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬نظريات العالقات‬
‫الدولية ولعل من أهمها مفهوم األمن الدولي‪ ،‬إذ عمد بعض منظري العالقات‬ ‫ّ‬ ‫على تفسير عدد من المفاهيم األساسية في العالقات‬
‫ّ‬
‫أهمية التركيز على مسألة القوة‪ ،‬في الوقت الذي وجد فيه‬ ‫الدولية و ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية للتركيز على المنظور الواقعي في تحليل واقع العالقات‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫دولية‪ ،‬وفي حين‬
‫أنصار التيار الليبرالي أن مفهوم األمن لم يعد قاص ار على حدود أمن الدولة باعتبارها الفاعل الرئيس في العالقات ال ّ‬
‫البنائيون محكوماً بمسائل اجتماعية وثقافية أكثر تنوعاً وأكثر ارتباطاً بمسائل الجماعات والفئات االجتماعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اعتبره‬
‫أن التغيرات التي شهدتها بنية النظام‬ ‫وعلى الرغم من سيادة المفهوم التقليدي لفكرة األمن بالتحرر من التهديد العسكرّي‪ ،‬إال َّ‬
‫الدولي ببروز الفواعل الجدد ما دون الدولة وما فوقها‪ ،‬واالنتقال السريع من القطبية األحادية إلى التعددية القطبية المرنة نهاية العقد‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬فقد عمد بعض منظري‬ ‫ّ‬ ‫للعالقات‬ ‫التأسيسية‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫النظ‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫للتيا‬ ‫ئيسية‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫األفكار‬ ‫تباين‬ ‫إلى‬ ‫أدت‬ ‫وقد‬ ‫الحالي‪،‬‬ ‫ن‬‫القر‬ ‫من‬ ‫الماضي‬
‫المتغير‪ ،‬حيث باتت األطروحات‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫الدولي‬
‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫اقع‬‫و‬ ‫الدولية إلى الدعوة إلعادة النظر بالمنظور التقليدي لألمن في تحليل‬ ‫ّ‬ ‫العالقات‬
‫اقعية تهتم بفكر األمن الجماعي أكثر من اهتمامها بمسألة تعظيم القوة‪ ،‬في حين اهتمت الليبرالية الجديدة بربط مفهوم‬ ‫الجديدة للو ّ‬
‫ّ‬
‫إنسانية أكثر تنوعاً وتشعباً مع‬
‫الدولي بات محكوما بمسائل اجتماعية و ّ‬ ‫البنائية أن التعاون‬
‫ّ‬ ‫األمن الدولي بالتعاون الدولي‪ ،‬كما وجدت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ماهية المقاربات النظرّية الجديدة األكثر تفسي اًر‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫ؤ‬ ‫تسا‬ ‫أثار‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫فوقها‪،‬‬ ‫وما‬ ‫الدولة‬ ‫ن‬‫دو‬ ‫ما‬ ‫الجدد‬ ‫ين‬ ‫الدولي‬
‫ّ‬ ‫الفاعلين‬ ‫دخول‬
‫دوليا متعدد األطراف ضد‬ ‫الدولي في الفترة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬الذي خلق تحالفاً ّ‬ ‫لمفهوم األمن‬
‫ّ‬
‫مية‪.‬‬
‫اإلرهاب العابر للحدود القو ّ‬
‫أسئلة الدراسة‪:‬‬
‫ماهية أثر هذه التغيرات على‬ ‫ّ‬ ‫وتنوع موضوعاته وتعّقد تفاعالته‪ ،‬وبرزت عدة تساؤالت عن‬ ‫الدولي ّ‬ ‫إن مع تغير بنية النظام‬ ‫َّ‬
‫ّ‬
‫الدولية وانعكاسها على األمن الدولي؟‬ ‫ّ‬ ‫المفسرة لطبيعة التفاعالت‬ ‫ّ‬ ‫الدولية؟ وما ماهية أطروحاتها‬ ‫ّ‬ ‫النظريات المفسرة لواقع العالقات‬
‫ّ‬
‫الدوليين‬
‫ّ‬ ‫والسيما وأن تلك التفاعالت أصبحت متداخلة األبعاد ما بين بين داخل الدولة وخارجها‪ ،‬فضال عن تداخل أدوار الفاعلين‬
‫وتنوعهم‪ ،‬سواء أكانوا أفراداً أم جماعات أم دوالً‪ ،‬مما انعكس في بروز تساؤل آخر عن أثر نتائج تلك المعطيات في أطروحات‬
‫الدولية بعد عام ‪0222‬؟ وقد رافق‬ ‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬وقدرتها على إعادة تعريف مفهوم األمن الدولي في ظل تعقد المسائل‬ ‫ّ‬ ‫نظريات العالقات‬
‫ّ‬
‫ذلك عدد من التساؤالت منها‪:‬‬
‫تغير األطروحات النظرّية لمفهوم األمن الدولي؟‬ ‫الدولي أث اًر في ّ‬ ‫‪ -‬هل كان لتغيرات النظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية في تطور مفهوم األمن الدولي؟‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬كيف ساهمت المنظورات الجديدة لنظريات العالقات‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ما االفتراضات األساسية الجديدة التي تستند إليها النظريات في تفسير مفهوم األمن الدولي؟‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ما مدى التقارب واالختالف بين النظريات في تفسير مفهوم األمن الدولي؟‬
‫ّ‬
‫فرضية الدراسة‪:‬‬
‫الدولية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتغير مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات‬ ‫الدولية بعد عام ‪ّ 0222‬‬ ‫ّ‬ ‫تفترض الدراسة وجود عالقة بين المتغيرات‬
‫ّ‬
‫وبما يدفع نحو إعادة تعريف مفهوم األمن الدولي بمنظور جديد‪ ،‬مع تأكيد وجود تباينات معرفية ومنهجية بين برادايمات التنظير‬
‫ّ‬
‫الدولية غير ثابتة‪ ،‬وغير مستقرة نتيجة وجود تسارع في‬ ‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫في‬ ‫ة)‬ ‫ي‬
‫ّ‬‫ر‬ ‫(النظ‬ ‫للنظريات نفسها‪ ،‬انطالقاً من اإليقان بأن سمة‬
‫مما ينعكس بشكل واضح في المفاهيم التي تتناولها النظريات نفسها من خالل بعدين‪ :‬بعد مفاهيمي‬ ‫التغير‪ّ ،‬‬
‫األحداث وتسارع في ّ‬
‫وبعداً ميتافيزيقيا مرتبطاً بوجودها‬‫متعلق بالمفردات التي تستخدمها نظرّية معينة‪ ،‬وتعطيناً تفسي اًر أكثر دقة من المفاهيم األخرى‪ُ ،‬‬
‫أصالً‪ ،‬وقد صيغت فرضية الدراسة على النحو التالي‪:‬‬
‫الدولية ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬وإعادة تعريف مفهوم‬ ‫ّ‬ ‫"هناك عالقة طردية إيجابية بين المتغيرات‬
‫الدولية التأسيسية"‬
‫ّ‬ ‫األمن الدولي لدى نظريات العالقات‬
‫ّ‬
‫الدولية التأسيسية حول مفهوم‬
‫ّ‬ ‫وبذلك تم اعتبار تغيرات بنية النظام الدولي متغي اًر مستقالً‪ ،‬وتم اعتبار أطروحات نظريات العالقات‬
‫ّ‬
‫األمن الدولي متغي ار تابعا‪ ،‬مع االفتراض أيضاً بوجود اتفاق بين منظري النظريات على تحديد مفهوم مشترك لألمن الدولي نظ ار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية في كل منها عند توصيف معطيات األمن الدولي؛ مما ينعكس بشكل واضح على تفسير واقع العالقات‬ ‫ّ‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫لتأثير المتغي‬
‫ّ‬

‫‪- 042 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫التغير البنيوي في‬


‫الدولية‪ ،‬إذ يبدو أن متغير التحليل في النظريات اآلنفه‪ ،‬ويستند إلى مجموعة من المعطيات المرتبطة بواقع ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية الراهنة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للعالقات‬ ‫تحليليها‬ ‫عند‬ ‫نفسها‬ ‫يات‬‫ر‬ ‫النظ‬ ‫على‬ ‫انعكس‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫وهذا‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الدولي‬
‫ّ‬ ‫العالقات‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تسعى الدراسة إلى تحقيق جملة من األهداف األساسية؛ من بينها بيان طبيعة التغيرات في النظام الدولي خالل فترة الدراسة‪،‬‬
‫ّ‬
‫التعرف على درجة االتفاق واالختالف بين نظريات العالقات‬ ‫الدولية‪ ،‬إضافة إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتوضيح مدى تأثيرها في بيئة التنظير للعالقات‬
‫البنائية)‪ ،‬هذا فضال‬
‫اقعية الجديدة والليبرالية الجديدة و ّ‬ ‫الدولي‪ ،‬السيما تلك النظريات التأسيسية المعروفة (الو ّ‬ ‫الدولية حول مفهوم األمن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية المتغيرة عبر تتبع التحول في البرادايمات المعرفية الخاصة بفكرة األمن‬ ‫ّ‬ ‫عن بيان مدى مواءمتها لدراسة موضوعات العالقات‬
‫فيها‪.‬‬
‫ويمكن القول إن عملية التحليل قد تحقق واحدة أو أكثر من األهداف األخرى‪ ،‬كتبيان وجود تقارب بين النظريات حول مفهوم‬
‫الدولية‪ ،‬إضافة إلى التعريف بالمصطلحات المرادفة لمفهوم األمن الدولي‪ ،‬كمفهوم األمن العالمي‬ ‫ّ‬ ‫األمن الدولي مدفوعا بالتغيرات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألمن اإلنساني وغيرها‪ ،‬والعمل على تفسيرها أو التنبؤ بمستقبلها‪ ،‬عبر الكشف عن التغيرات في بيئة التنظير في النظام الدولي من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التغير في بنيته‪ ،‬هذا فضالً عن الكشف عن أوجه الشبه واالختالف في منهج ووحدة التحليل‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫النظام‬ ‫حدود‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫التغي‬
‫حيث رصد ّ‬
‫بين النظريات وموضوعاتها‪ ،‬حيث االعتقاد بوجود تحول عن الدولة باعتبارها وحدة التحليل المركزّية في النظريات إلى ُبعد آخر‬
‫التعرف إلى الموضوعات المهمة في النظام الدولي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سيجري الكشف عنه‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫يات‬‫ر‬ ‫لنظ‬ ‫األساسية‬ ‫اضات‬ ‫ر‬ ‫لالفت‬ ‫تحليلها‬ ‫عند‬ ‫نة‬
‫ر‬ ‫مقا‬ ‫تحليلية‬ ‫لمنهجية‬ ‫استخدامها‬ ‫من‬ ‫لعلمية‬ ‫ا‬ ‫اسة‬ ‫ر‬ ‫الد‬ ‫ة‬ ‫أهمي‬
‫ّ‬ ‫تبرز‬
‫الدولية واالقترابات الجديدة للنظرّية‬
‫ّ‬ ‫للعالقات‬ ‫البنائي‬ ‫التحليلي‬ ‫عبر‬ ‫الدولي‬ ‫األمن‬ ‫مفهوم‬ ‫حول‬ ‫فيها‬ ‫االختالف‬ ‫و‬ ‫الشبه‬ ‫وبيان أوجة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اقعية والنظرّية الليبرالية‪ ،‬مع العمل على مقارنتها مع المفهومين الكالسيكيين‪ :‬للمنهج الواقعي؛ المستند إلى فكرة القوة وتعظيمها‪،‬‬ ‫الو ّ‬
‫ّ‬
‫أهمية علمية وعملية‪ ،‬اهتمامها ببيان مدى تأثر بيئة‬ ‫الدولي؛ ومما يضفي على الدراسة ّ‬ ‫والمنهج الليبرالي؛ المستند إلى فكرة التعاون‬
‫ّ‬
‫الدولية بالتغيرات الحاصلة في بنية النظام الدولي‪ ،‬وذلك بتناول موضوع األمن الدولي باعتباره أحد الموضوعات‬ ‫ّ‬ ‫التنظير للعالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عالمية جديدة باتت منفصلة تماماً عن الدولة بإطارها‬ ‫ّ‬ ‫الدولية حالياً‪ ،‬إذ ظهرت في اآلونة األخيرة موضوعات‬ ‫ّ‬ ‫المهمة في العالقات‬
‫الدولية حول قدرتها بعضها على التمييز بين المفاهيم الجديدة لألمن‬ ‫ّ‬ ‫التقليدي‪ ،‬مما أدى إلى تصاعد الجدل بين نظريات العالقات‬
‫في النظام الدولي واألخذ في االعتبار دور الفاعلين الجدد فيها‪ ،‬وفي الوقت الذي بدأت فيه نظريات ما بعد الحداثة تشكك في قدرة‬
‫ّ‬
‫النظريات التأسيسية على تفسير الظواهر الجديدة؛ مما دفع نحو تحليل األطروحات الجديدة والمعروفة بأطروحات ‪ New-New‬التي‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تبين قدرة تلك النظريات على تفسير التغيرات في البيئة‬ ‫قد ّ‬
‫حدود الدراسة‬
‫تتناول الدراسة المدة الزمنية ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬وحتى عام ‪ 0222‬باعتبارها فترة تحول سريع‬
‫اقعية‬
‫الدولي‪ ،‬إذ انتعشت األفكار الجديدة للو ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬بعد أن شهدت تفرداً مؤقتاً للواليات المتَّحدة في ييادة النظام‬ ‫ّ‬ ‫في العالقات‬
‫ّ‬
‫البنائية التي ترفض اعتبار األمن الدولي لعبة ذات محصلة صفرية تشارك بها الدول فحسب‪ ،‬إذ اتسع المفهوم ليشمل‬ ‫والليبرالية و ّ‬
‫ّ‬
‫أبعادا اجتماعية وبيئية واقتصادية وثقافية يشارك فيها األفراد والجماعات والتنظيمات والشركات وكل األنظمة العابرة للحدود في‬
‫النظام الدولي‪.‬‬
‫ّ‬
‫منهجية الدراسة‬
‫بهدف التكامل المنهجي اعتمدت الدراسة على استخدام عدد من المناهج البحثية كالمنهج الوصفي التحليلي ومنهج تحليل النظام‬
‫الدولي والمنهج المقارن‪ ،‬ويعود السبب الستخدام هذه المناهج لمناسبتها لموضوع الدراسة‪ ،‬إذ تكمن مقومات المنهج الوصفي التحليلي‬
‫ّ‬
‫بأبعاده الخمسة من توظيف منهج وتحليل النظام الدولي‪ ،‬والمنهج المقارن بكل بساطة في محاور هذه الدراسة عبر‪ :‬الكشف عن‬
‫ّ‬
‫التغير في النظام الدولي‪ ،‬تحليل عالقة العناصر واألجزاء بعضها ببعض‪ ،‬تحديد وظيفة كل منها‪ ،‬كشف المراحل‬ ‫جوهر ظواهر ّ‬
‫ّ‬
‫التغير‬
‫المتعددة التي مرت بها الظاهرة المدروسة في حركتها وتطورها‪ ،‬والبعد الخامس واألخير والمتعلق بتصنيفها واكتشاف أوجه ّ‬
‫فيها‪.‬‬
‫الدولية في النظام الدولي‪ ،‬كما ساهم في‬ ‫ّ‬ ‫التغير للعالقات‬ ‫الدولي في الكشف عن جوهر ّ‬ ‫وكذلك أسهم استخدام منهج النظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكشف عن عالقة العناصر فيما بينها والتفاعالت التي تمت داخل بنية النظام الدولي‪ ،‬ففي المحور األول من هذا البحث أبرز هذا‬
‫ّ‬

‫‪- 022 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫الدوليين‪ ،‬كذلك ونظ ار ألن‬


‫ّ‬ ‫المنهج طبيعة التغيرات التي أصابت بنية النظام الدولي والتفاعالت التي اتسمت بالتكرار بين الفاعلين‬
‫ّ‬
‫المقارنات المنهجية تعد أم اًر ضرورياً ومهماً بين النظريات‪ ،‬وفقد تمت االستفادة من المنهج المقارن في التحليل في المحورين‪ :‬الثاني‬
‫والثالث بالوقوف على أوجه الشبه واالختالف حول مفهوم األمن الدولي وموضوعاته بين النظريات‪ ،‬ومن حيث وصف هذه الظاهرة‬
‫ّ‬
‫السياسية واكتشاف أوجه المقارنة المنهجية بينها مع التأكيد على إدخال عامل الزمن في التحليل‪.‬‬

‫مفاهيم الدراسة‬
‫‪ .1‬مفهوم األمن‪:‬‬
‫يشير مفهوم األمن في اللغة إلى األمن والطمأنينة‪ ،‬وهو ضد الخوف (أبو خزام‪ ،0222 ،‬ص‪ ،)67‬وفي االصطالح يشير إلى‬
‫الداخلية التي من أبرزها المؤامرة واالعتداء والجرائم السياسية والتجسس والخيانة‬ ‫ّ‬ ‫جية و‬ ‫تأمين سالمة الدولة ضد األخطار الخار ّ‬
‫واالتصاالت مع األعداء والنيل من هيبة الدولة (الكيالي ج‪ ،2221 ،2‬ص‪ ،)032‬كما يربطه بعض الدارسين بأمن البالد في الجانب‬
‫المعنوي‪ ،‬إذا اطمئن أهلها‪ ،‬وسلم من فيها من الشرور(العايب‪ ،0224 ،‬ص‪ ،)23‬ولألمن مجموعة من المقومات األساسية تتعلق‬
‫القومية والتكوين الديموغرافي واالجتماعي (قشوط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالجغرافيا السياسية للدولة واالقتصاد والنظام السياسي والتاريخ الحضاري واللغة‬
‫‪ ،0228‬ص‪ ،)62-62‬ويشار إلى أن له ستة مستويات أساسية هي‪ :‬أمن األفراد‪ ،‬واألمن اإلنساني‪ ،‬واألمن القومي‪ ،‬واألمن اإلقليمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألمن الدولي واألمن السبراني (العلي‪ ،0226 ،‬ص‪ ،)007-027‬وهكذا وفي ضوء ما سبق؛ فإن المفهوم اإلجرائي لألمن يرتبط‬
‫ّ‬
‫صور تعبر عنه قد تكون سياسية وعسكرّية واقتصادية واجتماعية وثقافية‬ ‫اً‬ ‫بعناصر القوة المادية وغير المادية في الدولة‪ ،‬كما أن له‬
‫وغيرها‪ ،‬مع اإلشارة إلى تنوع مصادر التهديد واألنشطة غير المشروعة التي أوجدتها العولمة‪ ،‬وباتت تهدد األمن البشري‪.‬‬
‫الدولية التأسيسية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬نظريات العالقات‬
‫اقعية والنظرّية الليبرالية‪ ،‬وتجديداتهما النظرّية التي‬
‫الدولية التأسيسية في هذا البحث كل من النظرّية الو ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقصد بنظريات العالقات‬
‫البنائية التي ظهرت كجسر بين تلك النظريات التأسيسية‬ ‫ّ‬ ‫انطلقت منذ أواخر العقد األخير من القرن الماضي‪ ،‬إضافة إلى النظرّية‬
‫والنظريات التأملية ما بعد الحداثة منذ عام ‪.0228‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫تتميز هذه الدراسة عن غيرها من الدراسات السابقة باهتمامها باألطر التوافقية لالفتراضات األساسية لنظريات العالقات‬
‫التأسيسية حول مفهوم األمن الدولي في سياق بعده الفكري والتطبيقي‪ ،‬إذ تتناول التقارب بينها من حيث وحدة التحليل والموضوعات‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتعمل على ربطها بالتغيرات البنيوية للنظام الدولي‪ ،‬ولذلك تأتي هذه الدراسة كمحاولة توفيقية بين الدراسات النظرّية التي رفضت‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬ولعل دراسة توفيق بوستي(‪ )2112‬بعنوان مفهوم األمن في منظورات العالقات‬ ‫ّ‬ ‫التقارب التحليلي بين نظريات العالقات‬
‫الدولية من الدراسات المهمة التي أشارت إلى أن هناك تقاربا في تعريف األمن الدولي بين المنظور الواقعي الجديد القائم على حماية‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية التركيز على التفاعالت المدنية‬ ‫البنائي القائم على ّ‬ ‫جية‪ ،‬والمنظور‬ ‫الداخلية والخار ّ‬
‫ّ‬ ‫المجتمع السياسي في الدولة من التهديدات‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬وهو ما عزز من قوة االفتراضات األساسية لهذه الدراسة‪ ،‬لكن دراسة سليم قسوم (‪)2112‬‬ ‫ّ‬ ‫ما دون الدولة‪ ،‬ونتيجة للمتغيرات‬
‫األمنية‪ ،‬وقد أنكرت قدرة النظريات التأسيسة على تفسير المقاربات الجديدة للموضوعات‬ ‫ّ‬ ‫بعنوان اال ِّّتجاهات الجديدة في الدراسات‬
‫اإلنسانية‬ ‫االتّجاهات التأملية التي تركز على النوع االجتماعي والخطاب العالمي والنزعة‬ ‫في العالقات الدولية‪ ،‬إذ ركزت على ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كمرتكزات أساسية جديدة في مفهوم األمن الدولي‪ ،‬في حين حاولت هذه الدراسة أن تقارب بين تلك النظريات‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفي ناحية أخرى؛ قدمت ‪ )2112( Clara Eroukhmanoff‬دراسة بعنوان ‪،International Relations Theory‬‬
‫اقعية الجديدة قد جعلت من مسألة توازن القوى البعد األهم في سلوك الدول الخارجي‪ ،‬وفي حين أن الليبرالية الجديدة‬ ‫حيث تجد بأن الو ّ‬
‫ّ‬
‫باتت تهتم أكثر بمسألة األمن الجماعي في مواجهة التهديدات من غير الدولة‪ ،‬كذلك ّبينت دراسة ‪ )2112( John Baylis‬بعنوان‬
‫ّ‬
‫اقعية والليبرالية بشأن تفسير األمن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫بين‬ ‫النظر‬ ‫وجهات‬ ‫في‬ ‫دائم‬ ‫خالف‬ ‫وجود‬ ‫‪،‬‬ ‫‪International‬‬ ‫‪and Global Security‬‬
‫الدولي‪ ،‬إذ المعضلة الدائمة تتعلق بالتوتر المستمر بين األمن الوطني واألمن الدولي‪ ،‬على الرغم من االرتباطات الكبيرة التي خلقتها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪ :‬دراسة في المنطلقات واألسس‪ ،‬وأشار فيها‬ ‫ّ‬ ‫العولمة‪ ،‬كما قدم عديله (‪ )2112‬دراسة بعنوان تطور الحقل النظري للعالقات‬
‫إلى أن مفهوم األمن الدولي بدأ ينتقل من مفهومه العسكرّي إلى األمن الجماعي إلى األمن العالمي مدفوعا باألطروحات الليبرالية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬وأما دراسة ‪Steven L.‬‬
‫ّ‬ ‫العالقات‬ ‫يات‬ ‫ر‬ ‫نظ‬ ‫في‬ ‫ئيس‬ ‫ر‬ ‫ان‬ ‫و‬ ‫كعن‬ ‫يتضح‬ ‫بدأ‬ ‫هام‬ ‫ع‬‫موضو‬ ‫وهو‬ ‫المتبادل‪،‬‬ ‫نحو التعاون واالعتماد‬
‫‪ )2112( Lamy‬بعنوان ‪Contemporary Mainstream approaches: New-Realism and New-liberalism‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫لدولية نتيجة عالقتها بحقوق‪ ،‬اإلنسان‬


‫فقد ّبينت أن فكرة األمن بأبعادها النظرّية المختلفة باتت موضوعاً مهماً في أجندة السياسة ا ّ‬
‫وتكنولوجيا المعلومات واالقتصاد السياسي الدولي وغيرها‪.‬‬
‫ّ‬

‫النظرية التقليدية‬
‫ّ‬ ‫أوالً‪ :‬مفهوم األمن الدولي في اال ِّّتجاهات‬
‫ّ‬
‫مر بها النظام الدولي في نهاية القرن الماضي عن حدوث تغيرات في بنية النظام وحدود تفاعله‪ ،‬كما‬ ‫أسفرت األحداث التي ّ‬
‫ّ‬
‫برزت موضوعات جديدة‪ ،‬تمثلت بتنوع مصادر التهديد وظهور المشكالت الكبرى ما فوق الدولة التي أفرزتها العولمة بجوانبها‬
‫المختلفة‪ ،‬إذ ظهرت هناك صور جديدة لمفهوم الخطر والتهديد في النظام الدولي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬المفهوم العام لألمن الدولي وتمييزه عن المفاهيم المرتبطة به‬
‫ّ‬
‫أ‪ .‬المفهوم العام لألمن الدولي‪:‬‬
‫ّ‬
‫الدولية منذ نهاية الحرب الباردة وحتى الوقت الراهن‪ ،‬حيث بدا أن المفهوم تتجاذبه‬ ‫ّ‬ ‫شغل موضوع األمن الدولي أجندة العالقات‬
‫ّ‬
‫أهمية تحقيق توازن القوى‪ ،‬ومنها ما يربطه بأمن المجتمع الدولي ( ‪Acharya, 2016,‬‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫الدولة‬ ‫بأمن‬ ‫بطه‬ ‫عدة متناقضات‪ ،‬منها ما ير‬
‫ّ‬
‫هابية‪ ،‬أو من‬
‫الدولي‪ ،‬سواء من قبل الحكومات المستبدة أم من قبل الجماعات اإلر ّ‬ ‫‪ ،)p449‬وبدا البحث في مصادر التهديد لألمن‬
‫ّ‬
‫قبل الدول الخارجة عن القانون الدولي (الدول المارقة) التي تمارس االنتهاك الشديد لحقوق اإلنسان وتهدد السالم العالمي أم ار هاما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دولياً‪.‬‬
‫ظمة له ّ‬ ‫القانونية المن ّ‬
‫ّ‬ ‫ال بد من وضع القواعد‬
‫الدولية القائمة‪ ،‬هل هي صراعية أم تعاونية‪ ،‬فمن وجدها بيئة‬ ‫ّ‬ ‫وفي ناحية أخرى اختلف الباحثون حول اإلقرار بطبيعة البيئة‬
‫ِّ‬
‫أمنية‪ ،‬وهؤالء هم أنصار فكرة نظام توازن القوى‪ ،‬ومن أنصار هذا االتّجاه ‪Hans‬‬ ‫صراعية جعل من االعتداء أم اًر مبر اًر لغايات ّ‬
‫‪ Henry Kissinger، Friedrich Hayek،dward H. Carr،Morgenthau‬وغيرهم‪ ،‬وفي حين وجدها البعض تتضمن انسجاماً‬
‫نسبياً في المصالح‪ ،‬وهؤالء هم أنصار فكرة نظام األمن الجماعي‪ ،‬مما أنكر اإلقرار بمسألة االعتداء‪ ،‬ورأى فيها انتهاكاً للمنظومة‬
‫ّ‬
‫الفكرية ذاتها‪ ،‬وهذا نجده عند ‪.Steve Smith ، Josef Nye ،Woodrow Wilson ،Immanuel Kan‬‬
‫ولذلك اهتم الطرف األول بالتركيز على مسألة "نظام توازن القوى"‪ ،‬باعتباره الحالة التي يتسم بها توزيع القوة بين عدد من الدول‬
‫نسبيا‪ ،‬إذ ال تكون ألية دولة القدرة على فرض هيمنتها على ما عداها من الدول(سليم‪ ،2224 ،‬ص‪ ،)016‬وقد يتطلب‬ ‫بشكل متعادل ً‬
‫دولية للتحالف ومحاربة التهديد أو اإلخالل بالوضع القائم من طرف آخر‪ ،‬في الوقت الذي نجد فيه الطرف‬ ‫هذا النظام إيجاد محاور ّ‬
‫الثاني مهتماً وداعماً لفكرة نظام األمن الجماعي؛ إذ دعا إلى تعزيز االستقرار لوحدات النظام الدولي وعدم تعرضها لالعتداءات‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دولية‪ ،‬والعمل على تأمين كيان النظام الدولي‬‫ّ‬ ‫مات‬ ‫ظ‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫أم‬ ‫سياسية‬ ‫وحدات‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫أكان‬ ‫اء‬‫و‬ ‫يتحمل جميع األطراف مسؤولية رد العدوان‪ ،‬س‬
‫ّ‬
‫والمجتمع الدولي من األخطار التي تهدده على صعيد الفكر والمعتقد والممارسة (اللحيدان‪ ،)0222 ،‬وبهذا المعنى فإن األمن الدولي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوطنية للدول وال يتقيد بالمتغيرات التي تتحكم في تحديد األمن القومي لها‪ ،‬إذ يشير المفهوم إلى أمن جميع‬ ‫ّ‬ ‫يجب أن يتخطى الحدود‬
‫ّ‬
‫الدول بغض النظر عن الحواجز بينها‪ ،‬أو اختالف نظمها السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وبما يساهم ي تحقيق األمن الجماعي‬
‫ّ‬
‫لجميع الحكومات ومجتمعاتها السياسية‪.‬‬
‫االتّجاه؛ ال يمكن لألمن الدولي أن يتحقق حالياً بالوسائل العسكرّية فقط‪ ،‬كما أنه ال يقتصر على أدوار القوى‬ ‫وفي ضوء هذا ِّ‬
‫ّ‬
‫العظمى فقط‪ ،‬ال بل يشمل الدول الصغرى‪ ،‬إذ إن هناك العديد من المشكالت الكبرى التي تتجاوز قدرات الدول‪ ،‬منها ما يتعلق‬ ‫ُ‬
‫بالفقر والبطالة وتكافؤ الفرص والتلوث البيئي‪ ،‬والنمو السكاني‪ ،‬واإلرهاب‪ ،‬واللجوء‪ ،‬واألمراض‪ ،‬وشح الموارد‪ ،‬وإعادة توزيع الثروة‪،‬‬
‫يعدها بعض الباحثين من أهم اعتبارات "نظام األمن العالمي" في الوقت الراهن‬ ‫وتحقيق العدالة بين فقراء العالم وأغنيائهم‪ ،‬وهذه ُّ‬
‫ّ‬
‫يعبر‬
‫طى مهما فيه‪ ،‬وبحيث ّ‬ ‫اإلنساني بوصفه مع ً‬ ‫تعبر عن األمن‬‫(غريفيش وأوكالهان‪ ،0224 ،‬ص‪ )42‬الذي بات يتضمن جوانب ّ‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية المكتسبة‬
‫ّ‬ ‫عن سعي المجتمعات لضمان حقها في البقاء‪ ،‬مما قد يؤدي إلى تدني احتماالت الضرر بأي من القيم‬
‫(‪.)Acharya, 2016, p451‬‬
‫ب‪ .‬مفهوم األمن اإلنساني‬
‫ّ‬
‫على عكس العديد من المفاهيم التي طورها الباحثون خارج إطار علم السياسة‪ ،‬ويعد مفهوم األمن اإلنساني من المفاهيم األساسية‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬وقد تعددت التعريفات المقدمة لألمن اإلنساني بناء على الخلفية‬ ‫ّ‬ ‫التي تبلورت بعد نهاية الحرب الباردة في حقل العالقات‬
‫ّ‬
‫النظرّية للباحثين‪ ،‬ولكن ومنذ عام ‪ 0220‬نجحت الجمعية العامة لألمم المتَّحدة في تبني القرار رقم ‪ A/RES /022/77‬حول تحديد‬
‫الدولية‪ ،‬وقد أشار القرار إلى أن األمن اإلنساني يتضمن ركيزتين أساسيتين‪ ،‬القضاء على‬ ‫ّ‬ ‫مرتزكات األمن اإلنساني في العالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪- 020 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫العوز (بمعنى تلبية الحاجات األساسية)‪ ،‬والقضاء على الخوف (أي الحماية وتحقيق األمن) هذا فضالً عن حق اإلنسان في العيش‬
‫بكرامة (خفاجة‪ ،)0224 ،‬وفي جانب آخر يعتقد أنصار التوجه الليبرالي بأن مفهوم األمن اإلنساني أصبح مرتبطا بشكل كبير‬
‫ّ‬
‫بالتماسك االجتماعي‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان وسيادة العدالة وثقافة المجتمع وتحضره‪ ،‬ومدى تعاون الدولة وتفاعلها اإليجابي مع‬
‫المجتمع الدولي‪ ،‬إذ إن األمر يتجاوز مسألة أمن نظام الحكم واستقرار المؤسسات‪ ،‬ولذلك يجد البعض أن مفهوم األمن اإلنساني هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مفهوم شامل يضم العالقات االجتماعية للجماعات في الدولة بشكل أساسي‪ ،‬وأنه يرتبط بالتحرر من الخوف بغياب العنف المسلح‪،‬‬
‫وحماية حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬وتوفير فرص التعّلم والرعاية الصحية وفرص العمل (العلي‪ ،0226 ،‬ص‪.)024-026‬‬
‫ج‪ .‬مفهوم األمن العالمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫تغير المشهد الدولي بعد الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ ،0222‬ظهرت دعوات إلعادة النظر في االفتراضات األساسية‬ ‫مع ّ‬
‫ّ‬
‫أهمية كبرى في النظام الدولي‪،‬‬‫عالمي‪ ،‬إذ أصبحت تطرح موضوعات جديدة ذات ّ‬ ‫لمفهوم األمن الدولي وإعادة تعريفه على أساس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظمة ما دون الدولة‪،‬‬ ‫الدولية من غير الدولة‪ ،‬كالجماعات المن ّ‬ ‫ّ‬ ‫دوليون ذوو تأثير كبير في العالقات‬ ‫كما أصبح هناك فاعليون ّ‬
‫الدولية ما فوقها‪ ،‬وهو ما أدى إلى تنوع مصادر التهديد التي لم تعد عسكرّية بشكل أساسي (أبو مور‪ ،0223 ،‬ص‪،)31‬‬ ‫ّ‬ ‫ظمات‬‫والمن ّ‬
‫الدولي ما زال يفتقر في الواقع إلى سلطة مركزّية تحول دون انتشار الصراعات العابرة للحدود ا ّ‬
‫لقومية‪ ،‬إال‬
‫ّ‬
‫وعلى الرغم من أن النظام‬
‫اإلنسانية على اختالف مشاربها"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أنه يمكن تعريف األمن العالمي بأنه "ذلك األمن الذي يحقق االستقرار‪ ،‬ويواجه التهديدات للقيم‬
‫ّ‬
‫العظمى والدول الصغرى في النظام‬ ‫ُ‬ ‫الدول‬ ‫على‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫كبي‬ ‫ضغوطا‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫تش‬ ‫الت‬
‫ز‬ ‫ال‬ ‫التي‬ ‫التهديدات‬ ‫اجهة‬ ‫و‬ ‫بم‬ ‫ويرتبط مفهوم األمن العالمي‬
‫ّ‬
‫الدولي للحفاظ على األمن‪ ،‬والحد من مسألة انتشار العنف واإلرهاب‪ ،‬لكن وعلى الرغم من ذلك؛ فال زالت هناك إشكاليات كبيرة‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬وتعزيز عمل المؤسسات التعاونية بينها لتوزيع المكاسب غير المتكافئة التي تنبع من‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫اعد‬ ‫و‬ ‫الق‬ ‫تطوير‬ ‫ة‬ ‫بأهمي‬
‫ّ‬ ‫تتعلق‬
‫هذا األمن التعاوني (‪.)Viotti, 2016, p288-293‬‬
‫وفي ناحية أخرى يعتقد أنصار مدرسة كوبنهاجن بأن مفهوم األمن العالمي أوسع بكثير من مفهوم األمن الدولي‪ ،‬كما أنه ال زال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدوليين في المجتمع الدولي‪ ،‬وبحيث‬‫ّ‬ ‫للفاعلين‬ ‫تقليدية‬ ‫غير‬ ‫في طور التشكل والتكوين‪ ،‬ويعرفونه أنه األمن الذي يشتمل على تهديدات‬
‫ّ‬
‫الدولية والشركات المتعددة الجنسية والتنظيمات ما دون الدولة وحتى األفراد‪ ،‬ومن أمثلة تلك التهديدات‬ ‫ّ‬ ‫ظمات‬ ‫تتجاوز الدول والمن ّ‬
‫التغير المناخي وغيرها‪ ،‬كما يعتقدون أيضا بأن الصور الفوتوغرافية‬ ‫العابرة؛ األمراض الفيروسية والمجاعات والمخاطر البيئية و ّ‬
‫والفيديوهات والرسوم الكاريكاتورية المثيرة للعواطف قد تسبب مصادر للتهديد عندما ينظر إليها على أنها مهينة للقيم والهويات‬
‫األساسية (‪.)Hansen, 2018, p595-598‬‬
‫النظرية التقليدية لألمن الدولي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2‬اال ِّّتجاهات‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬نظ اًر لكونه بات مرتبط ًا‬
‫ّ‬ ‫احتل موضوع األمن الدولي في النظام الدولي مساحة واسعة في موضوعات التنظير للعالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بنتاج تفاعالت كل دولة عضو في النسق الدولي العام‪ ،‬والذي يمثل مجموعة الوحدات المترابطة والمتفاعلة والمتشابكة معاً في بنية‬
‫ّ‬
‫الدولية لتقدم تفسيراتها الخاصة بها‪ ،‬وعلى النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫معولمة متغيرة‪ ،‬إذ سعت نظريات العالقات‬
‫أ‪ -‬اال ِّّتجاه الواقعي لألمن الدولي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اقعية بالتركيز على دراسة الوضع القائم للنظام الدولي من خالل االستدالل واالستقراء‪ ،‬واالعتماد على منهج "أوجست‬ ‫اهتمت الو ّ‬
‫ّ‬
‫ركز‬‫كونت" المستند إلى إمكانية بناء علم لدراسة الظواهر السياسية وفق نفس األسس التي تدرس بها الظواهر الطبيعية‪ ،‬حيث ّ‬
‫االتّجاه يربطون بين كشف القوانين السببية لظاهرة األمن بفكرة‬ ‫‪ Morgenthau‬على الفلسفة المستخلصة من التاريخ‪ ،‬وبدأ دعاة هذا ِّ‬
‫القوة (‪.)Morganthau, 1978, p 6-9‬‬
‫ولقد أدت سياسات القوى في القرن العشرين‪ ،‬إلى بروز أفكار تحكمها وتحركها قواعد موضوعية تمثل انعكاسا لمجموعة القواعد‬
‫اقعية التي تضمنت العديد من المعطيات‬ ‫العامة التي تسلكها الدول في بحثها عن األمن‪ ،‬وقد أدى هذا الطرح إلى تبلور األفكار الو ّ‬
‫األكثر قبوالً في ظل تنامي ظاهرة التشكيك بالنوايا بين الدول‪ ،‬ومن أبرز ما تضمنته هذه األطروحات ما يلي ( ‪Ned Lebow,‬‬
‫‪:)2016, p176-184‬‬
‫‪ -‬يتم تفسير سلوك الدولة على أساس الطبيعة البشرية؛ فالدولة تسعى لتحقيق ذاتها كما يفعل الفرد‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة مفهوم القوة التي هي محدد لسلوك الدول حيث القوة بحجمها‪.‬‬
‫القومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تضارب المصالح بين الدول؛ لذلك فمن المهم التركيز على المصلحة‬
‫الدولية ليست إال حلبة للصراع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬توازن القوى يلعب دو اًر في االستقرار؛ إذ إن العالقات‬

‫‪- 023 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫‪ -‬الفصل بين ما هو داخل الدولة وما هو خارجها‪ ،‬وما بين السياسة واالقتصاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬اال ِّّتجاه الليبرالي لألمن الدولي‪:‬‬
‫ّ‬
‫جاءت األفكار الليبرالية األولى للحد من دور الدولة في النشاط اإلنساني‪ ،‬على يد روادها األوائل "‪"Frank. H. Night‬‬
‫ّ‬
‫"و"‪ "Fridrish Phone Haik‬و"‪ "Emmanuel Kent‬و"‪ ،"Jeremy Bentha‬حيث مثلت تلك األفكار تحديا كبي ار في مواجهة‬
‫الدولية لتعزيز‬
‫ّ‬ ‫الدولية آنذاك‪ ،‬وبرغم ذلك التحدي شهدت النظرّية الليبرالية قفزات كبيرة في حقلها التنظيري مع تنامي الدعوات‬ ‫ّ‬ ‫السياسة‬
‫الدوليين مطلع القرن العشرين‪ ،‬والتي تعززت بأطروحات الرئيس األمريكي "‪ "Woodrow Wilson‬عن الحرية والحقوق‬ ‫ّ‬ ‫السلم واألمن‬
‫القانونية (عقيل‪.)0221 ،‬‬
‫ّ‬ ‫األساسية لإلنسان والمساواة‬
‫وخالل مدة الحرب الباردة باتت تلك المسألة إحدى أهم القضايا التي تناولتها الليبرالية في أطروحاتها المنهجية‪ ،‬إذ جعلت من‬
‫مسألة الحرية القيمة المثلى في العالقات السياسية على المستوى المحلي والدولي (‪ ،)Romaniuk, 2018‬لكن وإن كانت القيم‬
‫ّ‬
‫الليبرالية متجذره في مهدها الغربي إال أنها افتقرت إلى الشرعية في بقية أنحاء العالم‪ ،‬وقد عّبر "‪ "Stanley Hoffman‬عن ذلك‬
‫الدولية هو‬
‫ّ‬ ‫الدولية في خالف دائم مع الليبرالية" (‪ ) Hoffman, 1987, p396‬في إشارة إلى أن واقع السياسة‬ ‫ّ‬ ‫بقوله‪":‬إن الشؤون‬
‫خاليية‪،‬‬
‫انعدام األمن والحرب والعدوان‪ ،‬وبشكل عام استندت األفكار الليبرالية إلى مجموعة من األفكار التي تحمل معها أهدافا أ ّ‬
‫وتصورات حول القضايا التي تهم اإلنسان‪ ،‬من أبرزها ما يلي (المصري‪ ،0228 ،‬ص‪:)220-222‬‬
‫إن الطبيعة البشرية ليست عدوانية بشكل ثابت؛ وإنما هي متقلبة وتميل إلى الخير‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬هناك تجانس في المصالح لتصل إلى التوافق الطبيعي بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون الدولي من األمور المهمة في تحقيق السلم الدولي‪ ،‬وله فائدة مطلقة‪ ،‬وهو ليس مرهوناً بقوة الدولة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إن مسألة الصراع والحرب ليست من المسلمات في العالقات‬
‫‪ -‬صعوبة الفصل بين ما هو داخل الدولة وما هو خارجها‪ ،‬وما بين السياسة واالقتصاد‪.‬‬
‫ج‪ -‬اال ِّّتجاه البنائي لألمن الدولي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية ال يتأثر فقط بسياسات القوة‪ ،‬ولكن باألبعاد االجتماعية‪ ،‬حيث إن‬ ‫العالقات‬ ‫في‬ ‫األمن‬ ‫أن‬ ‫البنائي‬ ‫جاه‬ ‫يرى أنصار ِّ‬
‫االتّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية هي في الواقع هياكل وبنى اجتماعية‪ ،‬كما أن التفاعل االجتماعي بين الدول يمكن أن يحدث تحوالً أساسي ًا‬ ‫ّ‬ ‫أساسيات السياسة‬
‫نحو المزيد من األمن الدولي‪ ،‬ويعتقد ‪ Wendt‬بأن سياسة القوة هي فكرة تؤثر في الطريقة التي تتصرف بها الدول؛ لكنها ال تصف‬
‫ّ‬
‫كل السلوك بين الدول‪ ،‬وتتأثر الدول بالهويات وبمسائل أخرى)‪ ،) Wendt, 1992, p388-390‬ولذلك يجد أنصار ِّ‬
‫االتّجاه البنائي‬
‫ّ‬
‫أن األفكار إلى جانب القوة المادية تشكل أساساً في أمن وسالم البنيات االجتماعية في النظام الدولي‪ ،‬إذ تساهم المكونات الثقافية‬
‫ّ‬
‫األمنية‪ ،‬إذ تلعب الهوية الثقافية دو اًر في تحديد أولويات الدولة والتأثير في سلوكياتها‬‫ّ‬ ‫لدى صناع القرار بالتأثير في اهتمامات الدولة‬
‫تجاه اآلخرين‪ ،‬وبشكل عام هناك مجموعة من األساسيات الفكرية لهذه النظرّية‪ ،‬هي على النحو التالي (المصري‪ ،0228 ،‬ص‪:)000‬‬
‫إن النظام الدولي يتكون من بناء مادي واجتماعي‪ ،‬حيث إن البناء االجتماعي هو األهم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪-‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية للدول من خالل التفاعل مع بنية النظام الدولي االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تتحدد المصلحة‬
‫ّ‬
‫عمليات التفاعل المستمر بين الفاعل والبناء‪.‬‬
‫‪ -‬يتحدد األمن من خالل ّ‬
‫عد الهوية والثقافة من المسائل األساسية في سلوك الدول الخارجي‪.‬‬ ‫‪ -‬تُ ُّ‬
‫ّ‬

‫الدولية بعد عام ‪ 2111‬وإعادة التعريف النظري لمفهوم األمن الدولي‬


‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬المتغيرات‬
‫ّ‬
‫مع نهاية القرن الماضي انتهت الحرب الباردة‪ ،‬وسقط نظام الثنائية القطبية في النظام الدولي‪ ،‬وبدأ تشكيل نظام عالمي جديد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انفردت الواليات المتَّحدة األمريكية بقيادته وإعادة تشكيله‪ ،‬وقد جرى خالل تلك المدة الزمنية إعادة لتصنيف األصدقاء واألعداء من‬
‫جديد‪ ،‬إذ طرح الرئيس جورج بوش األب في خطابه للشعب األمريكي ‪ 2222‬رؤيته لنظام عالمي جديد أحادي القطبية (حشود‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،0223‬ص‪.)348‬‬
‫وعلى الرغم من مواجهة الواليات المتَّحدة األمريكية لمصاعب اقتصادية كبيرة‪ ،‬إال أن تلك المصاعب لم تثنها عن االستمرار‬
‫جية األمريكية آنذاك "مادلين أولبرايت" أنها تقوم على المشاركة‬
‫بتبني سياسة القطب الواحد‪ ،‬ضمن استراتيجية وصفتها وزيرة الخار ّ‬
‫والتوسع‪ ،‬فبحسب تعبيرها‪" :‬ال يمكن االستغناء عن الدور العالمي للواليات المتَّحدة؛ وبالتالي سنبقى نحتفظ بوجودنا في كل مكان‬
‫ّ‬
‫تتطلبه مصالحنا" ( أناتولي‪ ،0223 ،‬ص‪ ،)01‬وقد تعززت هذه الرؤية بعد هجمات أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪،0222‬‬

‫‪- 028 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫التي دفعت الرئيس جورج بوش االبن لتبني سياسة "الضربة الوقائية" واعتماد نهج "من ليس معنا فهو ضدنا" (عبد العظيم‪،0226 ،‬‬
‫الداخلية للدول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وكرس سياسة التدخل والحرب واالحتالل في الشؤون‬ ‫دولياً ضد اإلرهاب‪ّ ،‬‬‫ص‪ ،)432‬إذ شكل تحالفاً ّ‬
‫الدولية ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪2111‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬طبيعة المتغيرات‬
‫الدوليين منذ عام ‪ 0222‬وحتى الوقت الراهن‪ ،‬وعلى النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫شهد النظام الدولي تغيرات كبيرة على مستوى الفاعلين‬
‫ّ‬
‫أ‪ .‬بروز قوى سياسية واقتصادية جديدة‪:‬‬
‫لم تدم مرحلة تفرد الواليات المتَّحدة بقيادة النظام الدولي طويالً مع حدوث هزات عنيفة لالقتصاد األمريكي عامي ‪،0222/0224‬‬
‫ّ‬
‫ورافقه توسع في عولمة السوق‪ ،‬وحدوث طفرات كبيرة في اقتصاديات بعض الدول‪ ،‬وبحسب إحصائيات البنك الدولي لعام ‪0222‬‬
‫ّ‬
‫أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الواليات المتَّحدة‪ ،‬بناتج محلي إجمالي بلغ ‪ 6.1‬ترليون دوالر أمريكي‪ ،‬واستمرت‬
‫في تحقيق نمو مضطرد وصل عام ‪ 0224‬إلى ‪ 23‬ترليون دوالر‪ ،‬في الوقت الذي تحسن فيه االقتصاد الياباني ليصل إلى ‪ 1‬ترليون‬
‫دوالر‪ ،‬والهند ‪ 0.6‬ترليون دوالر‪ ،‬وروسيا إلى ‪ 2.7‬ترليون دوالر‪ ،‬وأما بالنسبة لمجموعة االتحاد األوروبي فقد بلغ ناتجها اإلجمالي‬
‫ّ‬
‫‪ 24‬ترليون دوالر بزيادة قدرها ‪ 3‬ترليون دوالر عن االقتصاد األمريكي (‪ ،)worldbank, 2019‬وقد انعكس ذلك النمو على زيادة‬
‫اإلنفاق العسكرّي لتلك الدول؛ ليرتفع في الصين من إلى ‪ 17‬إلى ‪ 032‬مليار دوالر‪ ،‬وفي روسيا من ‪ 12‬إلى ‪ 78‬مليار دوالر‪ ،‬وفي‬
‫الهند من ‪ 10‬إلى ‪ 77‬مليار دوالر‪ ،‬وفي مجموعة االتحاد األوروبي من ‪ 082‬إلى ‪ 072‬مليار دوالر عام ‪.)SIPRI, 2019( 0224‬‬
‫ّ‬
‫الدولية وتنامي قدراتها التكنولوجية والمعلوماتية‪ ،‬وزيادة‬
‫ّ‬ ‫ولقد أدى التطور االقتصادي للدول الصاعدة وانغماسها الكبير في التجارة‬
‫إنفاقها العسكرّي‪ ،‬إلى بروزها بوصفها دوال منافسة جديدة للقيادة األمريكية للنظام الدولي الذي بات يتسم بالتعددية القطبية‪ ،‬والسيما‬
‫ّ‬
‫بعد حدوث انكفاء وتراجع للدور األمريكي في عهد الرئيس "باراك أوباما" وتبنيه الستراتيجية تحويل الواليات المتَّحدة من قوة منفردة‬
‫في ييادة النظام إلى قوة مسؤولة عن النظام (قاعود والجعب‪ ،0226 ،‬ص‪ ،)48‬وكذلك جاءت سياسة الرئيس دونالد ترامب لتخفيض‬
‫جية‪ .‬ودعوة الدول الحليفة لتحمل نفقات أمنها‪ ،‬كنتيجة واضحة لتراجع الدور األمريكي عن ييادة النظام العالمي منفردة‪.‬‬ ‫نفقات الخار ّ‬
‫ّ‬
‫بالمقابل برز هناك دور سياسي واقتصادي جديد للقوى الصاعدة في مجلس األمن الدولي‪ ،‬فقد استخدمت روسيا والصين حق النقض‬
‫ّ‬
‫"‪ " Veto‬مرات متكرره تجاه الق اررات األمريكية التي تدين الحكومة السورية وتمنحها حق التدخل‪ ،‬في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا‬
‫عام ‪ 0221‬عن تدخلها العسكرّي المباشر لدعم الحكومة السورية‪ ،‬وضم شبه جزيرة القرم بالقوة المسلحة‪ ،‬واقتطاعها من أوكرانيا‪،‬‬
‫كما تصاعدت الدعوات الروسية‪-‬الصينية إلعادة النظر بقواعد عمل النظام االقتصادي العالمي وضرورة إصالح مؤسساته (رايدن‬
‫ّ‬
‫وريتش‪ ،0226 ،‬ص ‪ ،)16-17‬ولذلك يجدأ انصار التيار الواقعي الجديد أن هناك مسألتين هامتين تعيقان استقرار التعاون الدولي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بين الفواعل الرئيسيين في النظام الدولي على المدى البعيد‪ ،‬وهما‪ :‬مسألة الغش وانعدام الثقة‪ ،‬ومسألة نسبة المكاسب من التفاعل‬
‫ّ‬
‫الدولي (بوستي‪.)0222 ،‬‬
‫ّ‬
‫األمنية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وتغير استراتيجياته‬
‫توسع حلف الناتو ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫ب‬
‫شهد حلف الناتو منذ نهاية العقد الماضي دعوات لتوسع إطار التعاون األمني اإلقليمي مع الدول المجاورة للحلف‪ ،‬فظهرت عدة‬
‫ّ‬
‫األطلسية‪ ،‬والمجلس‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫األوروبي‬
‫ّ‬ ‫اكة‬
‫ر‬ ‫الش‬ ‫ومجلس‬ ‫المتوسطي‪،‬‬ ‫مبادرات للشراكة‪ ،‬منها مبادرة الشراكة من أجل السالم‪ ،‬ومبادرة الحوار‬
‫المشترك مع روسيا(‪ )‬وقد سهل ذلك دخول عدد من دول أوروبا الشريية كأعضاء في الحلف كبولندا والتشيك والمجر عام ‪،2222‬‬
‫كما توسع الحلف ليضم دوال كانت فيما مضى تعد أطرافاً عدوة‪ ،‬كدول البلطيق ورومانيا وبلغاريا وسلوفانيا وسلوفاكيا عام ‪،0228‬‬
‫وألبانيا وكرواتيا ‪ ،0222‬وتوسعت نشاطات الحلف العسكرّية في كوسوفو وأفغانستان ‪ 0222‬والعراق ‪.0223‬‬
‫ومنذ العام ‪ 0222‬أضاف الحلف إلى استراتيجيته العسكرّية مسألة مكافحة اإلرهاب والقرصنة البحرية في العالم؛ إذ هاجم القراصنة‬
‫الصوماليين في خليج عدن‪ ،‬وتدخل عسكرّيا في أفريقيا لقصف القوات الحكومية في ليبيا ‪ ،0222‬ومحاربة اإلرهاب في مالي ‪،0221‬‬
‫وبالمقابل وجه قادة الناتو تأكيدات أن أعمال الحلف خارج حدود أوروبا ال تستهدف روسيا بأي شكل من األشكال‪ ،‬إال أنه وفي ضوء‬
‫العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا تجاه تدخلها في األزمة األوكرانية عام ‪ ،0228‬واعتبر الرئيس الروسي فالديمير بوتين أن‬
‫توسع الحلف يمثل تهديدا مباش ار لروسيا‪ ،‬ورفض بأي حال انضمام جورجيا وأوكرانيا له‪ ،‬ودعى إلى وضع ترتيبات جديدة لألمن‬
‫أوروبية بدال من حلف الناتو (رايدن وريتش‪ ،0226 ،‬ص‪.)87-81‬‬ ‫ّ‬ ‫والدفاع في أوروبا بهدف خلق نظام أمن جماعي ذي هوية أكثر‬
‫ّ‬

‫انظر الموقع الرسمي لحلف شمال األطلسي على شبكة اإلنترنت ‪/https://www.nato.int‬‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬

‫‪- 021 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫ج‪ .‬تصاعد دور التنظيمات ما فوق الدولة وما دونها‪:‬‬


‫ظمة‬ ‫دولية حكومية‪ ،‬منها ‪ 32‬من ّ‬ ‫ظمة ّ‬ ‫الدولية وصل عام ‪ 0220‬إلى أكثر من ‪ 372‬من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ظمات‬ ‫حدث تزايد واضح في عدد المن ّ‬
‫ظمة تعمل على مستوى عبر قاري و‪ 042‬على مستوى إقليمي (مخادمة‪ ،0220 ،‬ص‪،)26‬‬ ‫عالمي‪ ،‬و‪ 12‬من ّ‬ ‫تعمل على مستوى‬
‫ّ‬
‫ظمات‬ ‫الدولي‪ ،‬فإن انخ ارط الدول في عضوية المن ّ‬ ‫ووفق توجهات الفكر الليبرالي الجديد القائم على المكاسب المطلقة من التعاون‬
‫ّ‬
‫الدولية ساهم في ضبط حركة أعضائها في النظام الدولي (عقيل‪ ،)0221 ،‬وقد اتضح ذلك في تبنيها منهجا متشددا‬ ‫ّ‬ ‫والمؤسسات‬
‫ّ‬
‫تجاه الحكومات التي تنتهك الحقوق األساسية لإلنسان‪ ،‬ولعل تبلور ظاهرة اإلجماع الدولي في مجلس األمن واتخاذه الق اررات الصارمة‬
‫ّ‬
‫للتدخل الدولي في أفغانستان ‪ 0222‬والعراق ‪ 0223‬وليبيا ومالي وغيرها ما بعد ‪ 0222‬دليل واضح على ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية‬
‫ّ‬ ‫للحدود‬ ‫المتخطية‬ ‫الشركات‬‫و‬ ‫المصالح‬ ‫كجماعات‬ ‫الحكومات‬ ‫غير‬ ‫من‬ ‫ى‬‫األخر‬ ‫الفاعلة‬ ‫اف‬ ‫ر‬ ‫لألط‬ ‫كان‬ ‫ى؛‬‫أخر‬ ‫ناحية‬ ‫وفي‬
‫األمنية المأجورة التي ال تخضع لسيطرة الدول‬ ‫ّ‬ ‫ظمات الجريمة والشركات‬ ‫هابية ومن ّ‬ ‫ظمات اإلر ّ‬ ‫ظمات غير الحكومية‪ ،‬إضافة للمن ّ‬ ‫والمن ّ‬
‫وتجند المرتزقة‪ ،‬وتتدخل في مناطق الصراع‪ ،‬كشركة فاجنر الروسية‪ ،‬وبالك هوك األمريكية دور في إذابة حدود الفصل بين ما هو‬
‫داخلي وما هو خارجي بالنسبة للدول‪ ،‬من خالل ما خلقته من شبكة شاملة معقدة من التفاعالت والعالقات (المصري‪،0228 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ص‪ ،)222‬وكان لها دور في استمرار الصراع األهلي في سوريا وليبيا وغيرها منذ ‪ ،0228‬هذا إضافة للميليشيات العسكرّية وشبه‬
‫ّ‬
‫جية‪ ،‬مع تصاعد الدور السياسي للشركات متعددة الجنسية في الدول النامية المضيفة‪.‬‬ ‫العسكرّية التي تعمل لحساب جهات خار ّ‬
‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬إعادة التعريف النظري بمفهوم األمن الدولي في ضوء المتغيرات‬
‫ّ‬
‫التغيرات التي برزت في النظام الدولي ما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول ‪ 0222‬إلى الدعوة إلعادة التعريف باألمن‬ ‫لقد أدت ّ‬
‫ّ‬
‫للقومية‪ ،‬وخلق‬‫ّ‬ ‫الدولي وبشكل يتناسب مع تلك المتغيرات‪ ،‬على أن يتسم بوجود توازن منطقي بين عالقات القوى عبر تحالفات عابره‬
‫ّ‬
‫أهمية أمن المجتمع العالمي‪ ،‬والتي تتضح على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫توازنات للمصالح المشتركة والمحافظة عليها‪ ،‬والتوافق على‬
‫ّ‬
‫اقعية الجديدة‪:‬‬ ‫دولية من وجهة النظر الو ّ‬ ‫الدولي باعتباره منظومة تحالفات ّ‬ ‫‪ .1‬األمن‬
‫ّ‬
‫أمنية ال يمكن التخلص منها نتيجة الشك بنوايا الدول‬ ‫وفي الوقت الذي اعتقد فيه "‪ "John Hartz‬أن الدول تواجه دائما معضلة ّ‬
‫األخرى‪ ،‬وسعيها لتوفير متطلبات األمن بدافع االعتماد على الذات (شيبي‪ ،0222 ،‬ص‪ ،)02‬فإن التهديد بات يأتي من مصادر‬
‫جية عبر محيطها‪ ،‬وذكر "‪ "Buzan‬في دراسته المعنونة "‪ ،Peoples, States and Fear‬كان ال بد من‬ ‫داخلية في الدولة أو خار ّ‬ ‫ّ‬
‫توسيع مفهوم األمن ليتجاوز المسائل العسكرّية ليشمل المسائل االقتصادية (‪.)Buzan, 1991,p241‬‬
‫اقعية الدفاعية‪ ،‬أن الدول باتت تهتم بمسألة األمن أكثر من االهتمام‬ ‫ويرى ‪ Jervs‬و‪ ،Walt Snaeder‬وهما من أبرز منظري الو ّ‬
‫أمنية مشتركة بين الدول‬ ‫األمنية"‪ ،‬إذ تتشكل لذلك إدارات ّ‬ ‫ّ‬ ‫بمسألة القوة منذ عام ‪ ،0228‬وقد أدى ذلك إلى بروز ما يعرف "باألنظمة‬
‫األمنية التي تحدث‬ ‫ّ‬ ‫تحقق تعاونا يساهم في إدارة منازعاتها وحل مشكالتها لتفادي الحرب (علوي‪ ،0221 ،‬ص‪ ،)21‬وأما المعضلة‬
‫عنها ‪ Walts‬بأنها تفرز دائماً نزاعات حادة‪ ،‬وأن الفوضى غالبا ما تدفع الدول إلى التضحية بالتعاون المشترك هو أمر غير صحيح‬
‫بالمطلق (زهرة‪ ،0223 ،‬ص‪.)200‬‬
‫دولية معنية بتعزيز‬ ‫أمنية ّ‬
‫األطلسي "‪ "NATO‬منذ عام ‪ 2222‬كمنظومة ّ‬ ‫ظمة حلف شمال‬ ‫توسع من ّ‬‫ولذلك جاء الحديث عن ّ‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫المتحضر‪ ،‬ويؤكد أنصار هذا االتّجاه‬ ‫أطلسية التي تعد قلب العالم‬ ‫االستقرار العالمي‪ ،‬أم ار حاسما للمحافظة على أمن المنطقة األورو‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن الحلف قد لعب دو اًر إيجابياً في محاربة اإلرهاب الدولي في مصادره‪ ،‬كما كان له دور في لجم القوى المعادية‪ ،‬ولذلك على‬
‫ّ‬
‫األمنية للنظام الدولي (شيبي‪ ،0222 ،‬ص‪ ،)22‬وقد تم تبرير تلك‬ ‫ّ‬ ‫المكاسب‬ ‫الحلف تطوير أيديولوجيته وزيادة عدد أعضائه لزيادة‬
‫ّ‬
‫األخاليية للحلف في إيجاد حالة من األمن العالمي عبر خلق عمل جماعي مشترك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األوروبية بالمسؤولية‬
‫ّ‬ ‫القارة‬
‫العمليات خارج دول ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العالمية (‪.)Dunne, 2016, p114‬‬ ‫ّ‬ ‫القيم‬‫و‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫الح‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫التجا‬ ‫وحماية‬ ‫‪،‬‬ ‫األمني‬ ‫التنسيق‬ ‫تفاعالت‬ ‫من‬ ‫متشابكة‬ ‫بعالقات‬ ‫اط‬
‫ر‬ ‫االنخ‬ ‫و‬
‫ّ‬
‫ولكن هذا الطرح واجه معارضة شديدة من قبل القوى غير المنخرطة بهذا الحلف كالصين وروسيا‪ ،‬والتي رأت أن وجود الحلف‬
‫الدوليين بناء على البند السادس والسابع في الميثاق‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫أصبح غير مبرر في ظل تنامي أدوار األمم المتَّحدة بحفظ السلم واألمن‬
‫اقعيون الجدد بأن التهديدات لم يعد مصدرها الدول‪ ،‬كما أن الدول ال تستطيع بمفردها حماية نفسها في خضم مصادر التهديد‬ ‫يجد الو ّ‬
‫المتنوعة؛ وبالتالي ال بد للدول أن تنتقل من السياسات التنافسية إلى السياسات التعاونية‪ ،‬حيث ال بد لجميع القوى من االنخراط في‬

‫‪- 027 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫منتديات كبرى لألمن (‪ ،)Lamy, 2016, p127‬ولذلك يأتي مؤتمر ميونخ لألمن(‪ )‬ليمّثل نموذجا للتعاون والتنسيق األمني‬
‫ّ‬
‫المؤسسي على المستوى الدولي‪ ،‬كما تدلل بياناته وتقاريره على تنوع مصادر التهديد؛ حيث لم تعد الدولة مهددة من مثيالتها‪ ،‬بل من‬
‫ّ‬
‫هابية‪ ،‬ومافيا تجارة المخدرات‪ ،‬وتجارة البشر ونحوها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلر‬ ‫الجماعات‬ ‫و‬ ‫التمرد‪،‬‬ ‫وميليشيات‬ ‫االنفصالية‪،‬‬ ‫الفاعلين اآلخرين‪ ،‬كالحركات‬
‫الدولية لألمن نموذجا لتعميق هذه الرؤية‪ ،‬وهو ما أفرز مسألة "التنسيق األمني العالمي" بين الدول‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولذلك باتت المؤتمرات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمنية والتهديدات المحتملة العابرة للحدود‪ ،‬تعمقت فكرة التهديدات الموجهة في أحيان كثيرة للقيم التي‬ ‫ّ‬ ‫ومع تعقد تركيب المسألة‬
‫دولية أو المشاركة في‬‫تحملها الدول ونمط عيشها‪ ،‬بعيدا عن مسألة السعي لتوازن القوى‪ ،‬وهو ما قد يدفع الدول لالنخراط بتحالفات ّ‬
‫عالمية تتجاوز حدود الدول‪ ،‬وعلى رأسها اإلرهاب‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫دولية تتبنى نفس القيم االجتماعية التي تحملها‪ ،‬إذ إن هناك إشكاليات‬ ‫ائتالفات ّ‬
‫الدولية بينها‪ ،‬وترك المصالح‬
‫ّ‬ ‫قد يأتي أحيانا من جماعات أو دول مخالفه للمعتقد‪ ،‬وهو ما يستوجب السعي للتخفيف من آثار التناقضات‬
‫يتميز بقبول فكرة الشمولية وتوسيع‬ ‫اآلنية لصالح فوائد أكبر للتعاون الدائم‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى ظهور مفهوم "األمن التعاوني" الذي ّ‬
‫األمنية‪ ،‬واالعتماد على الحوار بين األطراف‪ ،‬والتحرك الجماعي لتوفير متطلبات األمن (بوستي‪ ،)0222 ،‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫المشاركين باألجندة‬
‫ّ‬
‫للقومية"‪ ،‬كالتحالف الدولي ضد اإلرهاب‪ ،‬إذ اإلقرار بوحدة الخطر‪ ،‬والعالقات التعاونية‬ ‫األمنية العابرة‬ ‫باتّجاه إنشاء "التحالفات‬ ‫يتطور ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعالمية التحالف الموجه ضد الطرف المعتدي‪ ،‬إال أن هناك شكاً بإمكانية إيجاد عالقات أمنّية‬ ‫ّ‬ ‫المتوازنة‪ ،‬وانسجام المصالح بين الدول‪،‬‬
‫ثابته طويلة األجل‪ .‬لكن وعلى الرغم من خروج بعض الدول على القوانين الدولية إال إن ذلك لم ِّ‬
‫ينف وجود "االلتزامات الدولّية"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬األمن الدولي باعتباره منظومة مصالح متشابكة من وجهة النظر الليبرالية الجديدة‪:‬‬
‫ّ‬
‫االتّجاه بين مسألة األمن الدولي وتجميع المصالح المشتركة بين الدول‪ ،‬إذ إن التهديد لم يعد عسكرّيا وموجها‬ ‫لقد ربط أنصار هذا ِّ‬
‫ّ‬
‫فقط للدول‪ ،‬إنما أصبح ذا أبعاد غير عسكرّية‪ ،‬وقد يكون موجهاً لألفراد والجماعات‪ ،‬وبات يشمل تهديد ييم الحرية والفردية‪ ،‬إلى‬
‫جانب التهديد الفكري والثقافي الموجه للمرأة خصوصا‪ ،‬والنوع االجتماعي عموما (‪ ،)Eroukhmanoff, 2017, p104‬وإذ تعد‬
‫مسألة القيم مسألة حتمية في عالقة الدولة بالفرد‪ ،‬ويقع على كاهلها مسألة سالمة وأمن األفراد وحماية مصالحهم‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫األهلية الليبرالية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قد يدفعها لالنضواء في "منظومات تعاونية ليبرالية" تشترط في عضويتها‬
‫االتّجاه فكرة السالم الديمقراطي والمصالح المتشابكة على المستوى الدولي‪ ،‬ويعتقد "‪ "Doyle‬بأن الدول‬ ‫كما يتبنى أنصار هذا ِّ‬
‫ّ‬
‫الليبرالية التي يشارك الشعب فيها باتخاذ ق ارراته السياسية؛ تميل للحفاظ على ثرائها الذي خلقته المصالح المشتركة‪ ،‬في حين أن‬
‫الدول السلطوية هي دول أكثر فقرا‪ ،‬وليس لديها ما تخسره فيما إذا انخرطت بصراعات مع غيرها (‪ ،)Doyle, 1995, p180‬ولذلك‬
‫عالمية القيم الليبرالية وإمكانية انتشارها في العالم‪ ،‬بعكس األطروحات التي قدمها "‪ "Huntington‬التي أكدت‬ ‫ّ‬ ‫ال بد من التأكيد على‬
‫أصالة الليبرالية بوصفها ثقافة غربية فقط‪.‬‬
‫وانطالقاً من الفكرة السائدة أن الدول الديمقراطية ذات المصالح المشتركة ال تحارب بعضها‪ ،‬فقد باتت تتصاعد مسألة الرشد في‬
‫األمنية"‪ ،‬حيث يمثل االتحاد‬
‫ّ‬ ‫اتخاذ الق اررات السياسية‪ ،‬والسيما مع المحيط الجغرافي‪ ،‬وهو الذي أدى إلى بروز ما يسمى "بالجماعة‬
‫األوروبي نموذجا لهذه الحالة‪ ،‬وفي هذا الصدد يشير "‪ "Buzan‬إلى أن دول غرب أوروبا قد تحولت إلى التكامل األمني اإلقليمي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عبر تعميق عالقاتها الثنائية بعد أن خاضت حروباً عسكرّية وسباقاً في التسلح (‪ ،)Buzan, 1991, p188-190‬إذ كان ذلك ناجما‬
‫مجتمعا متسانداً وشراكة اقتصادية أرست األمن‪ ،‬وحلت‬ ‫ً‬ ‫عمليات نضج سياسية واقتصادية منذ معاهدة روما ‪ ،2216‬والتي أنتجت‬ ‫عن ّ‬
‫الخالفات فيما بينها بطرق سلمية (والت‪ .)0228 ،‬هذا ويتميز هذا النظام باإلقرار بتوافق المصالح واألحالف التنافسية الموجهه‬
‫ظمة في الجماعة‪.‬‬ ‫جية غير المن ّ‬ ‫للدول الخار ّ‬
‫أهمية المحافظة على‬ ‫الدولية‪ ،‬إذ ترسخت قناعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫األوروبية الناجحة إلى تعميم هذه الفكرة في مختلف األقاليم‬
‫ّ‬ ‫ولقد أدت التجربة‬
‫الوطنية من خالل االنخراط في "التكتالت االقتصادية اإلقليمية" والقائمة على القواعد الرأسمالية للتجارة الحرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مصالحة الدولة‬
‫ظمات اإلقليمية بإعادة النظر بمواثيق تأسيسها بالتركيز على البعد االقتصادي‬ ‫األمني اإلقليمي‪ ،‬وقامت بعض المن ّ‬ ‫والتعاون والتكامل‬
‫ّ‬
‫للتنظيم والهوية اإلقليمية‪ ،‬كرابطة اآلسيان (تم تعديل الميثاق ‪ ،)0226‬واالتحاد األفريقي (تم تغيير المسمى وإقرار ميثاق جديد‬
‫ظمة شنغهاي (تم تعديل المسمى وإقرار ميثاق جديد ‪ )0222‬واتحاد أمريكا الجنوبية (إعادة تشكيل بضم دول األنديز‬ ‫‪ ،)0220‬ومن ّ‬

‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫األمنيون من المن ّ‬
‫ظمات‬ ‫ّ‬ ‫يعقد مؤتمر ميونخ لألمن الدولي في مدينة ميونخ األلمانية كل عامين‪ ،‬ويحضره رؤساء الدول والحكومات والخبراء‬
‫ّ‬
‫‪‬‬

‫على المستوى الدولي‪ ،‬ويناقش كافة المسائل السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تؤثر في األمن الدولي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪- 026 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫مع مجموعة ميركوسور (‪ )MERCOSUR‬وإق ارر ميثاق جديد ‪ ) 0224‬وغيرها(‪ ،)‬حيث يزدهر في ظلها حالة من االستقرار‬
‫اإلقليمي‪ ،‬إذ إن العالقة تبادلية بين وجودها وحالة السلم اإلقليمي‪ ،‬ولذلك تبدو أطروحة الحرب غير واردة في أجندات الدول الثنائية‪،‬‬
‫كما أنه من خالل هذه المؤسسات يمكن ضبط سلوك الدول األعضاء فيها‪ ،‬كما يمكن ممارسة الضغوط عليها لتعديل سياساتها‬
‫جية‪ ،‬من خالل سياسة اشتراطية المساعدات االقتصادية لألعضاء وغير األعضاء‪.‬‬ ‫الداخلية والخار ّ‬
‫ّ‬
‫وإن تحقيق أمن الدول لم يعد متعلقا بدور الدولة وحدها‪ ،‬وأصبح يستند إلى وجود ترابط واضح ما بين الدول وغير الدول على‬
‫جماعية‬
‫ّ‬ ‫وسع "‪ "Charles Lamor‬ذلك الطرح عبر رؤية‬ ‫الدولي (‪ ،)Coetzee and Hudson, 2012‬وقد ّ‬ ‫المستوى المحلي و‬
‫ّ‬
‫القومية في‬
‫ّ‬ ‫الدولية فوق‬
‫ّ‬ ‫ظمات‬ ‫لألمن بإطار توازني مؤسساتي بينها (‪ )Larmore, 1990. p344-347‬إذ ال يمكن إغفال أدوار المن ّ‬
‫ظمات المدنية غير الحكومية في التأثير في مسألة‬ ‫ضبط سلوك الدول والحد من تجاوزاتها‪ ،‬وبنفس الوقت ال يمكن إغفال دور المن ّ‬
‫الحقوق األساسية لإلنسان زمن الحرب والسلم‪ ،‬وإمكانية تحقيق التوازن في عالقة التفاعل اإليجابي بين الدول والجماعات داخل‬
‫األمنية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المجتمع الدولي‪ ،‬وفي ضوء ذلك برز نوع من "التركيب البنيوي للمسائل‬
‫ّ‬
‫البنائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫النظري‬
‫ّ‬ ‫نظر‬ ‫وجهة‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫إنساني‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫اجتماعية‬ ‫منظومة‬ ‫ه‬
‫باعتبار‬ ‫الدولي‬ ‫األمن‬ ‫‪.3‬‬
‫ّ‬
‫لقد قدمت الصراعات اإلثنية رؤية هامة لدعاة البعد االجتماعي للنظام الدولي‪ ،‬إذ قدموا طرحاً رائداً في تفسير مقاربات األمن‬
‫ّ‬
‫عمليات اجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫الدولية وفق أسس اجتماعية ثقافية‪ ،‬حيث اعتقدوا بأن الهوية والمصلحة تتفاعل معا عبر‬ ‫ّ‬ ‫الدولي في العالقات‬
‫ّ‬
‫جية تحدد طبيعة مسلكيات الدول‪ ،‬فموضوع سعي الدول للبحث عن القوة هو في الواقع أمر مرتبط باألبعاد الثقافية لرؤية‬ ‫داخلية وخار ّ‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية في ظل ظروف‬ ‫ّ‬ ‫مجتمعات الدول عن بعضها البعض‪ ،‬إذ ال بد من تغيير هذه القناعات والتركيز على أمن المجتمعات‬
‫التهديد العابرة للحدود بدال من التركيز على توازن القوى(‪.)Barnett, 2016, p161‬‬
‫الدولية منذ نهاية الحرب الباردة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولقد برزت مسألة األمن المجتمعي بوصفها إحدى أهم المسائل المطروحة في أجندة السياسة‬
‫حيث حدثت تطورات مهمة في مجال حماية حقوق اإلنسان بعد التدخل الدولي لحماية األقلية الكردية شمال العراق عام ‪ 2222‬وفي‬
‫ّ‬
‫الداخلية‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الشؤو‬ ‫في‬ ‫التدخل‬ ‫عدم‬ ‫مبدأ‬ ‫على‬ ‫التركيز‬ ‫اجع‬ ‫يوغسالفيا السابقة وكوسوفو ‪ ،2224-2228‬وليبيا ‪ 0222‬وغيرها‪ ،‬مقابل تر‬
‫للدول‪ ،‬والذي يعد أحد المبادئ األساسية في هيئة األمم المتَّحدة‪ ،‬إذ تشير الفقرات المتعلقة بحقوق اإلنسان في ميثاق األمم المتَّحدة‬
‫‪ ،3/2‬و‪ 11‬و ‪ 17‬إلى إنشاء أساس قانوني للتدخل الدولي لحماية حقوق اإلنسان؛ حيث تجده مصلحة أكيدة للمجتمع الدولي (بيليس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،0228‬ص‪ ،)408‬وقد كان ذلك مدفوعاً بحدوث نوع من الوفاق الدولي للمسائل المتعلقة بحماية المدنيين‪ ،‬وضرورة تأمين إيصال‬
‫ّ‬
‫المساعدات للمحتاجين لها في مناطق الصراع األهلي أثناء اندالع تلك األزمات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومنذ اندالع أحداث الربيع العربي ‪ 0222‬تنامت مسألة عولمة حقوق اإلنسان مقابل حدوث تراجع في مسألة السيادة‪ ،‬والتي لم‬
‫تعد مبر ار النتهاك حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬وبرزت الدعوات إلخراج المسائل المتعلقة بحقوق اإلنسان من نطاق االختصاص المطلق‬
‫للدولة‪ ،‬بحجة عدم تمكن الدول المنتهكة لحقوق اإلنسان من اإلفالت من الجزاء المناسب‪ ،‬مستندين إلى المادة ‪ 17‬من ميثاق األمم‬
‫المتَّحدة التي تنص على أن‪" :‬يتعهد جميع األعضاء بالتعاون مع الهيئة إلشاعة احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للجميع‬
‫الدولية لمكافحة جريمة إبادة الجنس البشري‪ ،‬والمادة ‪ 3‬المشتركة بين اتفاييات جنيف األربعة لعام ‪2282‬‬ ‫ّ‬ ‫دون تمييز" وإلى االتفاييات‬
‫(بن عبيد‪ ،0222 ،‬ص‪.)42-62‬‬
‫األهلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األخاليية‪ ،‬السيما في ضوء التعقيد الحاصل للصراعات‬ ‫ّ‬ ‫الدولية أكثر ارتباطا بالمعايير‬
‫ّ‬ ‫ووفق تلك الرؤية‪ ،‬بدت العالقات‬
‫حيث بدت شرعية بعض أنظمة الحكم في العالم الثالث‪ ،‬وكأنها مرهونة بطبيعة عالقتها بشعوبها (دن‪ ،0228 ،‬ص‪ ،)337‬وبدت‬
‫الدولي المتصاعد من جهة أخرى أم اًر واجباً‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية من جهة‪ ،‬ومحاربة اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫مسألة إقرار جميع الدول بحماية القيم‬
‫(‪ ،)Eroukhmanoff, 2017, p104‬وبالتالي كان لهذا التطور دور هام في بروز فكرة "األمن اإل نساني"‪.‬‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬والذي بات يتجلى ببروز أدوار جديدة لهيئة‬ ‫ّ‬ ‫ظمات‬ ‫اإلنساني للمن ّ‬ ‫وقد أشار "‪ "Joseph Nye‬إلى وجود دور هام للبعد‬
‫ّ‬
‫عالمية معنية بتحقيق السلم األهلي عبر فرض مزيد من القيود على حرية الدول االعضاء في التعامل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمم المتَّحدة بوصفها من ّ‬
‫ظمة‬
‫مع مواطنيها (‪ ،)Larmore, 2001. p344-347‬وبذلك تتشكل الرؤية التأملية إليجاد "مجتمع عالمي جديد" يتجاوز النظام القائم‬
‫ّ‬
‫الوطنية‪ ،‬حيث يمنح هذا النظام الدول المتقدمة الحق للتدخل في شؤون الدول التي تنتهك فيها القيم األساسية‬ ‫ّ‬ ‫على فكرة السيادة‬
‫الدولية‪ ،‬والسيما النظرّية النسوية‬ ‫االتّجاه يتعاظم بشكل كبير لدى أنصار التيارات التأملية في العالقات‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد بدا هذا ِّ‬
‫ّ‬

‫انظر ‪http://www.un.org ،http://www.wipo.int ، http://asean.org/:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪- 024 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫إنسانية (قسوم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ونظرّية ما بعد الحداثة‪ ،‬واللتان بدت دعواتهما واضحة إلعادة التعريف بمفهوم األمن الدولي؛ انطالقا من أبعاد أكثر‬
‫ّ‬
‫‪ ،0224‬ص‪.)221-223‬‬

‫األمنية الجديدة في النظام الدولي‬


‫ّ‬ ‫ثالثاً‪ :‬جوانب االتفاق واالختالف بين النظريات على الموضوعات‬
‫ّ‬
‫الدولية السابقة في إعادة فهم وتفسير ظاهرة األمن الدولي‪ ،‬وبشكل يتجاوز‬ ‫ّ‬ ‫لقد ساهمت األطروحات الجديدة لنظريات العالقات‬
‫ّ‬
‫تغيرات النظام الدولي مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬وقد انعكس ذلك إيجابا في حدوث اتفاق‬ ‫االختالفات النظرّية لالنسجام مع ّ‬
‫ّ‬
‫الدولية بمنظور كالني وبإطار تحليلي‪ ،‬وقد بدت مالمح االتفاق على الترتيبات الجديدة لألمن‬ ‫ّ‬ ‫منهجي فيما بينها عند تفسير األحداث‬
‫الدولي على النحو اآلتي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬التوافق على الحد من سياسات القوى والتسلح‪:‬‬
‫اإلنسانية‪ ،‬فبعض األفكار الليبرالية‬
‫ّ‬ ‫األخاليية و‬
‫ّ‬ ‫يثير موضوع التسلح بوصفه هدفا لتعظيم القوة كثي اًر من االنتقادات في الجوانب‬
‫التقليدية ترى في أن انتشار األسلحة قد تؤدي إلى غياب االستقرار اإلقليمي والدولي (غريفيش وأوكالهان‪ ،0224 ،‬ص‪ ،)64‬وفي‬
‫ّ‬
‫اقعية البنيوية بأن انتشار األسلحة‪ ،‬والسيما النووية قد يؤدي إلى حالة من توازن الردع لتحقيق األمن القومي والدولي‬ ‫حين ترى الو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظمات المجتمع المدني تجاه فرض‬ ‫(‪ ،)Buzan, 1991, p50-51‬وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي قادتها األمم المتَّحدة ومن ّ‬
‫حصار على منع تصدير السالح إلى مناطق النزاع كالشرق األوسط وأفريقيا‪ ،‬إال أنه كان يجري في الوقت نفسه إمداد األطراف‬
‫المتنازعة باألسلحة ألسباب مختلفة‪.‬‬
‫فمع نهاية الحرب الباردة أصبحت تجارة السالح موردا هاما في اقتصاديات الدول المصنعة‪ ،‬وبدأ االهتمام بتوفير األسواق الجديدة‬
‫لمبيعات األسلحة التي تدر أرباحا توازي عائدات النفط‪ ،‬كما بدأ توريد السالح لمناطق النزاع أهم بكثير من توريده للدول المستقرة‪،‬‬
‫هابية‪ ،‬أو للدول‬
‫وبالرغم من تقييد البرلمانات في الدول الصانعة لحكوماتها بعدم السماح للشركات ببيع األسلحة إلى الجماعات اإلر ّ‬
‫ذات السجل السيئ في حقوق اإلنسان؛ إال أن لوبي صناعة األسلحة غالبا ما يكون صاحب الكلمة األخيرة في البت بمثل هذه‬
‫األمور (‪.)Spear, 2006, p383-384‬‬
‫اقعيين‬
‫الدولية من الو ّ‬
‫ّ‬ ‫وعلى الرغم مما تمثله األسلحة التقليدية من خطر أقل من أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬إال أن منظري العالقات‬
‫هابية‬
‫الوطنية‪ ،‬إذ ينعكس خطرها في وقوعها بيد الجماعات اإلر ّ‬ ‫ّ‬ ‫والليبراليين الجدد أشاروا إلى أنها تمثل مخاطر ومخاوف كبيرة للدول‬
‫التي باتت تمارس نشاطها على المستوى الدولي‪ ،‬ولذلك ال بد من تعزيز التعاون الدولي األمني بالربط بين أهداف هذا التعاون وعدد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من المقومات المتمثلة بتأمين الحياة البشرية والحفاظ على االستقرار واألمن الجماعي والفردي داخل الدولة والمجتمع الدولي (شافعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األهلية‪ ،‬إال أنها قد تكون‬
‫ّ‬ ‫‪ ،0222‬ص‪ ،)021-028‬ويمكن النظر إلى أن هذه األسلحة‪ ،‬وإن كانت ليست سببا في إشعال الحروب‬
‫سببا في إطالة أمدها‪.‬‬
‫وأما فيما يتعلق باألسلحة النووية‪ ،‬فقد حدث سباق كبير إلجراء التجارب النووية بين القوتين العظميين خالل فترة الحرب الباردة‪،‬‬
‫وكما يوضح الجدول رقم (‪ ،)2‬وخالل المدة الزمنية بين ‪ 2222- 2281‬أجرت الواليات المتَّحدة ‪ 2230‬تجربة نووية‪ ،‬كما أجرى‬
‫االتحاد السوفييتي ‪ 621‬تجربة‪ ،‬وأما بالنسبة للقوى الكبرى األخرى فقد أجرت فرنسا ‪ 021‬تجربة‪ ،‬وكل من بريطانيا والصين ‪81‬‬
‫تجربة (‪.)UN.2020‬‬
‫جدول رقم (‪:)1‬‬
‫المتحدة واالتحاد السوفييتي‬‫سباق التكنولوجيا النووية بين الواليات َّ‬
‫تاريخ التجربة الروسية‬ ‫تاريخ التجربة األمريكية‬ ‫السالح‬
‫‪2282‬‬ ‫‪2281‬‬ ‫القنبلة الذرية‬
‫‪2211‬‬ ‫‪2284‬‬ ‫القاذفات عابرة القارات‬
‫‪2213‬‬ ‫‪2210‬‬ ‫القنبلة الهيدروجينية‬
‫‪2216‬‬ ‫‪2214‬‬ ‫الصواريخ الباليستية العابرة للقارات‬
‫‪2277‬‬ ‫‪2268‬‬ ‫الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية‬
‫الدولية لهيئة األمم المتَّحدة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثين استنادا إلى التقارير‬
‫‪https://www.un.org/ar/events/againstnucleartestsday/history.shtml‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫لكن ومنذ نهاية القرن الماضي تم التوييع على عدد من االتفاييات لتخفيض وتيرة سباق التسلح بين القوتين العظميين‪ ،‬إذ وقعت‬
‫اتفايية معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى(‪ )INF‬لسنة ‪ 2246‬وكانت أول معاهدة سعت إلى تخفيض كبير في عدد األسلحة‬
‫النووية‪ ،‬والتي تجاوز مجموعها ما يقرب من ‪ 02‬ألف رأس حربي نووي عام ‪ ،2222‬ويوضح الجدول رقم (‪ ،)0‬كما جرت محادثات‬
‫بخصوص متابعة تخفيض األسلحة اإلستراتيجية (‪ ،)SALT‬ووقعت بعد ذلك معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا (‪،)CEF‬‬
‫ومعاهدة الحد من الرؤوس الحربية‪ ،‬وفي العام ‪ 2222‬جرى التوييع على معاهدة (‪ )START1‬ثم تبعتها معاهدة (‪ ،)START2‬تالها‬
‫عدة اتفاييات جرى بموجبها تخفيض آخر على عدد الرؤوس النووية المركبة على الصواريخ الباليستية (‪.)Potter, 2001, p9‬‬

‫جدول رقم (‪:)2‬‬


‫للحرب الباردة‬ ‫عدد القنابل والروؤس النووية لدى الواليات َّ‬
‫المتحدة واالتحاد السوفييتي خالل المدة الزمنية‬
‫‪1221‬‬ ‫‪1222‬‬ ‫‪1221‬‬ ‫‪1222‬‬ ‫‪1221‬‬ ‫‪1222‬‬ ‫‪1221‬‬ ‫‪1222‬‬ ‫‪1221‬‬ ‫الدولة‬
‫‪2742 22022‬‬ ‫‪22222‬‬ ‫‪4122‬‬ ‫‪7222‬‬ ‫‪1112‬‬ ‫‪7274‬‬ ‫‪8612‬‬ ‫‪812‬‬ ‫الواليات َّ‬
‫المتحدة‬
‫‪22222‬‬ ‫‪2222‬‬ ‫‪7222‬‬ ‫‪0422‬‬ ‫‪2422‬‬ ‫‪722‬‬ ‫‪322‬‬ ‫‪02‬‬ ‫االتحاد السوفييتي ‪2‬‬
‫المصدر‪International Institute for Strategic Studies, The Military Baance 1990-1991, London, IISS, 1991 :‬‬

‫الدولية للتوييع على حظر شامل للتجارب النووية‪ ،‬حيث صادقت على المعاهدة ‪ 213‬دولة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفي عام ‪ 2227‬تكاتفت الجهود‬
‫لكن وعلى الرغم من تضاؤل المواجهة النووية بين القوى الكبرى‪ ،‬إال أنه استمر انتشار األسلحة النووية وتكنولوجيا تصنيعها‪ ،‬حيث‬
‫دخلت إسرئيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية النادي النووي‪ ،‬في حين تسعى ايران للحاق بها‪ ،‬كذلك شهد العالم زيادة في اإلنفاق‬
‫العسكرّي مطلع القرن الواحد والعشرين‪ ،‬إذ بلغ عام ‪ 0222‬ألف مليار دوالر أمريكي‪ ،‬ثم واصل ارتفاعه ليبلغ مع نهاية عام ‪0224‬‬
‫العظمى‪ ،‬ويوضح الجدول رقم‬ ‫إلى ‪ 2640‬مليار دوالر(‪ ،)World Bank, 2019‬إذ يالحظ زيادة كبيرة في اإلنفاق العسكرّي للقوى ُ‬
‫(‪.)3‬‬
‫جدول رقم (‪)3‬‬
‫اإلنفاق العسكرّي للدول الدائمة العضوية في مجلس األمن بالمليار دوالر أمريكي‬
‫‪2112 2112 2112 2112 2111 2112 2112 2112 2112 2111‬‬ ‫البلدان‬
‫‪733‬‬ ‫‪720‬‬ ‫‪732‬‬ ‫‪632‬‬ ‫‪648‬‬ ‫‪626‬‬ ‫‪782‬‬ ‫‪723‬‬ ‫‪847‬‬ ‫‪802‬‬ ‫الواليات َّ‬
‫المتحدة‬
‫‪032‬‬ ‫‪021‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪272‬‬ ‫‪236‬‬ ‫‪224‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪82‬‬ ‫الصين الشعبية‬
‫‪77‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪02‬‬ ‫الهند‬
‫‪78‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪08‬‬ ‫االتحاد الروسي‬
‫‪12‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪10‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪86‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪82‬‬ ‫بريطانيا‬
‫المصدر‪ :‬معهد استكهولم لدراسات السالم ‪SIPRI-Milex-data-1949-2018‬‬

‫‪ .2‬أولوية مكافحة اإلرهاب الدولي لتحقيق األمن الدولي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدوليين‪ ،‬باعتباره أم اًر ال يستهدف دولة أو نظاماً سياسياً‬
‫ّ‬ ‫السلم‬‫و‬ ‫األمن‬ ‫تهدد‬ ‫للحدود"‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫"عاب‬ ‫بعد ظهور اإلرهاب بوصفه ظاهرة‬
‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫معيناً أو مجموعة عريية أو دينية أو طائفة محددة بل يتعدى كل ذلك ليستهدف الجميع دون استثناء‪ ،‬اتفق منظرو العالقات‬
‫قانونية‬
‫ّ‬ ‫بأنه البد للمجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة اإلرهاب على مستويين‪ :‬األول قانوني؛ بحيث يتم وضع نصوص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عملياتي باستخدام القوة المادية والعسكرّية‪ ،‬وتعزيز جهود التعاون‬
‫ّ‬ ‫الثاني‬ ‫و‬ ‫وتجرمه‪،‬‬ ‫هاب‬‫اإلر‬ ‫ف‬ ‫ِّ‬
‫عر‬
‫ّ ّ‬‫ت‬
‫ُ‬ ‫ة‬‫الدولي‬ ‫مات‬‫ظ‬‫من ِّقَبل الدول والمن ّ‬
‫األمني بين مختلف الدول (مختار‪ ،0228 ،‬ص‪.)276‬‬
‫ّ‬
‫القومية‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬ ‫للحدود‬ ‫العابر‬ ‫الدولي‬ ‫هاب‬‫اإلر‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫بظاه‬ ‫االهتمام‬ ‫برز‬ ‫فقد‬ ‫‪،‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫سبتمبر‪/‬أيلول‬ ‫من‬ ‫عشر‬ ‫الحادي‬ ‫ألحداث‬ ‫ونتيجة‬
‫ّ‬
‫الدوليين من أجل محاربة اإلرهاب‪ ،‬سواء‬
‫ّ‬ ‫دولية ضد اإلرهاب الدولي من خالل تكوين جبهة مع الشركاء‬
‫ّ‬ ‫قادت الواليات المتَّحدة حملة ّ‬
‫ظمات‪ ،‬أم في دول‪ ،‬أم في دول راعية له (شبلي‪ ،0224 ،‬ص‪،)201-208‬‬ ‫أتمثل في أفراد أم في خاليا‪ ،‬أم في جماعات‪ ،‬أم في من ّ‬
‫ثم أثمرت جهود األمم المتَّحدة في وضع إسترتيجية أممية سنة ‪ 0227‬لمكافحة اإلرهاب الدولي تتكون من أربعة تدابير هي‪ :‬أوالً‪:‬‬
‫ّ‬

‫‪- 322 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار اإلرهاب‪ ،‬ثانياً‪ :‬تدابير منع اإلرهاب ومكافحته‪ ،‬ثالثاً‪ :‬التدابير الرامية إلى‬
‫بناء قدرات الدول على منع اإلرهاب ومكافحته‪ ،‬رابعاً‪ :‬التدابير الرامية إلى احترام حقوق اإلنسان وسيادة القانون بوصفه الركيزة‬
‫األساسية لمكافحة اإلرهاب(‪.)1‬‬
‫الدولية‪ ،‬فطالت معظم دول‬ ‫ّ‬ ‫هابية لم تتوقف على الساحة‬ ‫العمليات اإلر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولية لمكافحة اإلرهاب إال أن‬
‫ّ‬ ‫وعلى الرغم من الجهود‬
‫االتحاد األوروبي والشرق األوسط وأفريقيا وغيرها من مناطق العالم المتنوعة‪ ،‬وعليه فقد اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتَّحدة في‬
‫ّ‬
‫قرارها رقم ‪ 62/022‬لسنة ‪ 0226‬إنشاء مكتب األمم المتَّحدة لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬والذي من مهامه (‪:)UN, 2019‬‬
‫‪ -‬ييادة جهود مكافحة اإلرهاب من خالل الوالية الممنوحة من قبل الجمعية العامة لمنظومة األمم المتَّحدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز التنسيق والتعاون العالمي ضمن إستراتيجية األمم المتَّحدة لمكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬تعزيز مساهمة األمم المتَّحدة للدول األعضاء في بناء القدرات في مجال مكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫األولوية‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تحسين الرؤية والدعوة لتعبئة الموارد الداعمة لجهود األمم المتَّحدة في مجال مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وضمان إعطاء‬
‫الدولية لمنع التطرف‪.‬‬‫ّ‬ ‫لمكافحة اإلرهاب على نطاق منظومة األمم المتَّحدة‪ ،‬وتعزيز الجهود‬
‫الدولية لمكافحة اإلرهاب الدولي‪ ،‬التحالف الدولي برعاية األمم المتَّحدة ضد (تنظيم الدولة‬ ‫ّ‬ ‫ومن األمثلة الحديثة على الجهود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدوليين‪ ،‬إذ أصدر مجلس األمن خمسة بيانات رئاسية‪ ،‬واتخذ ‪ 02‬ق ار اًر أممي ًا‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية المعروف بداعش) والذي هدد األمن والسلم‬ ‫ّ‬
‫طالع على كافة هذه التدابير والجهود من خالل‬ ‫بشأن هذا التنظيم والجماعات المرتبطة معه منذ سنة ‪ 0228‬ولغاية اآلن‪ ،‬ويمكن اال ِّّ‬
‫تقرير األمين العام لألمم المتَّحدة رقم (‪ )S/2016/92‬تاريخ ‪.0227/2/02‬‬
‫‪ .3‬التوافق على مسألة حماية حقوق اإلنسان‪:‬‬
‫الدولية بين األمن الوطني واألمن الدولي في مستويات مختلفة‪ ،‬كما اتفقت على أن‬ ‫االتّجاهات النظرّية للعالقات‬ ‫لقد ربطت ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية في المجتمع (زهرة‪ ،0223 ،‬ص‪ ،)284‬إذ تقع على كاهل الدولة مسألة أمن األفراد‬ ‫ّ‬ ‫المصلحة الخاصة للفرد أساس القيمة‬
‫وحماية مصالحهم‪ ،‬في ظل بروز شبكات جديدة للتفاعل اإلنساني‪ ،‬والتي دفعت نحو تجريد الدولة لعدد من وسائل قوتها‪ ،‬حيث نقلت‬
‫ّ‬
‫الكثير من صالحياتها إلى أجهزة المجتمع المدني ومؤسساته ما دون الدولة‪ ،‬وبذلك انتقل ذلك الدور من المستوى المحلي إلى‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬إذ يبدو أن البعد اإلنساني قد تنامى في أدوار األمم المتَّحدة منذ انتهاء الحرب الباردة‪ ،‬وجعلها تنتقل من االهتمام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ببناء الدول إلى االهتمام بما يجري داخل الدول‪ ،‬ولعل البيانات المتكررة والصادرة عن مجلس األمن منذ عام ‪2220‬م تعد مؤش ًار‬
‫على ذلك االهتمام بموضوع حقوق اإلنسان (لوكابوري‪ ،0222 ،‬ص‪.)038‬‬
‫األهلية‪ ،‬واندالع الصراعات‬ ‫ّ‬ ‫إنسانية زمن الحروب‬
‫ّ‬ ‫وقد أسهم هذا الطرح في القبول بسياسات التدخل الدولي المسلح ألغراض‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ ،‬حيث تباينت تفسيراته بين النظريات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلثنية باعتباره أم ار واجبا‪ ،‬على الرغم من االختالف على مدى مشروعيته في المواثيق‬
‫العظمى كل اإلجراءات والتدابير الالزمة لفرض تشريعات خاصة تضمن حقوق‬ ‫لكن جميع األطراف اتفقت على أن تتخذ القوى ُ‬
‫الوطنية في دول العالم الثالث ( دن‪ ،0228 ،‬ص‪ ،)331‬إذ اعتبروه أم اًر ضرورياً لتحقيق األمن الدولي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان على الحكومات‬
‫ّ‬
‫الدولية أن تراعي مسائل حقوق اإلنسان‪ ،‬وأن تقوم بالتدخل لفرض‬ ‫ّ‬ ‫باعتباره أحد قواعد العمل الدولي المشترك‪ ،‬كما أن على المؤسسات‬
‫ّ‬
‫العالمية‪ ،‬السيما إذا ما وجدت هناك انتهاكا خطي ار لحقوق اإلنسان فيها (‪.)Dietzel, 2017, p93‬‬ ‫ّ‬ ‫العدالة باعتبارها أحد المبادئ‬
‫العظمى من مسائل التّدخل الدولي في مناطق نفوذها‪ ،‬كما تبرز مسألة انتقائية التدخل‬
‫ّ‬ ‫وعلى الرغم من ذلك؛ تتباين مواقف القوى ُ‬
‫مقوما أساسيا لتحقيق األمن‬ ‫اإلنساني بوصفه ً‬ ‫ولية واألمن‬
‫الد ّ‬‫مما قد يستوجب التَّوقف عند مسألة الشرعية َّ‬ ‫ومدى تحقيقه ألهدافه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫الدولي‪ ،‬حيث يدعي أنصار هذا االتّجاه أن مسألة استخدام القوة المسلحة بواسطة قوات حفظ السالم التابعة لألمم المتَّحدة من أهم‬
‫ّ‬
‫عقالنية‬
‫ّ‬ ‫همية‪ ،‬إذ تتضح‬
‫الدولي المعاصر‪ ،‬كما غدت مسألة تحقيق االنسجام في المصالح أم ار في غاية األ ّ‬ ‫موضوعات المجتمع‬
‫ّ‬
‫الدولية (‪.)Folker, 2016, p301-302‬‬ ‫ّ‬ ‫المصالح‬ ‫مع‬ ‫ة‬ ‫الوطني‬
‫ّ‬ ‫المصالح‬ ‫مطابقة‬ ‫ضوء‬ ‫في‬ ‫السياسية‬ ‫الدولة في اتخاذ ق ارراتها‬
‫‪ .2‬مقاربة األمن اإلنساني كمدخل لتحقيق األمن الدولي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اقعية الجديدة فكرة جديدة لمفهوم القوة تتجاوز في تركيبها فكرة‬ ‫ّ‬ ‫و‬‫ال‬ ‫أنصار‬ ‫معظم‬ ‫تبنى‬ ‫‪0222‬‬ ‫هاب‬ ‫اإلر‬ ‫الدولية على‬
‫ّ‬ ‫مع بدء الحرب‬
‫"شهوة القوة" باعتبار هذا المفهوم محدداً لسلوك الدول‪ ،‬إذ بدأت الدول تهتم بشكل أساسي بأمنها وحماية سيادتها واستقاللها من‬

‫ظمة‬ ‫انظر نص القرار الذي اتخذته الجمعية العامة بتاريخ ‪ ،0227/2/4‬قرار رقم ‪ ،A/RES/60/288‬كما يمكن اال ِّّ‬
‫طالع على كامل خطة عمل المن ّ‬ ‫‪1‬‬

‫من خالل الرابط ‪https://www.un.org/counterterrorism/ctitf/ar/un-global-counter-terrorism-strategy :‬‬

‫‪- 322 -‬‬


‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫إمكانياتها الذاتية (غريفيش وأوكالهان‪ ،0224 ،‬ص‪ ،)64‬إذ رأى "‪ "Arnold Wolfz‬أن السلم واألمن‬ ‫ّ‬ ‫منظورات أوسع تتجاوز‬
‫الدولي هو "قدرة الدول على الحفاظ على كيانها المستقل عبر تكتل ضد القوى المعادية بغض النظر عما يتوفر لها من قوة‬
‫ّ‬
‫مادية"(‪ ،)Baldwin, 1997, p23-26‬وهذه القدرة ال تتحقق إال من خالل التكتل إليجاد نظام أمني اجتماعي دولي‪ ،‬والذي يشير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية التحالفات الموسعة لمنع التعدي على الحقوق األساسية لإلنسان‪.‬‬ ‫إلى ّ‬
‫الدولية وتحولها لميدان تكاملي‬‫ّ‬ ‫ولذلك يعتقد المجددون بأن هناك صعوبة في يياس القوة وحسابها في ظل تعقد العالقات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والهوية الثقافية‬
‫ّ‬ ‫(‪ ،)Buzan, 1995, p390‬ويبررون ذلك نتيجة بروز عدد من القضايا المشتركة‪ ،‬كاإلرهاب الموجهة للقيم‬
‫العالمية الواحدة‪ ،‬وصعوبة الفصل بين الدولة وخارجها‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ّ‬ ‫الواحدة التي خلقتها العولمة‪ ،‬والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والبيئة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المعطى برزت مسألة األمن اإلنساني من خالل التركيز على تحقيق أمن الفرد والجماعات والمجتمع‪ ،‬بدال من تركيز االهتمام على‬
‫ّ‬
‫اقعيين الجدد‬
‫إنسانية‪ ،‬ولذلك ربط بعض الو ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪ ،‬وقد تعمق هذا الطرح مع تصاعد الدعوات للتدخل الدولي ألغراض‬
‫ّ‬
‫مثل"‪ "kolderzerg‬بين مفهوم أمن الدولة والسلم الداخلي والرفاه االقتصادي الذي يجب أن تحققه للفرد فيها‪ ،‬إذ يبرر ذلك بقوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫أهمية عن القدرة العسكرّية في إحداث اإلخالل باألمن" (قشوط‪ ،0228 ،‬ص‪.)62-70‬‬ ‫"إن التعقيدات االجتماعية ال تقل ّ‬
‫أن أمن المواطنين في الداخل يعد من أبرز مهام الدولة حاليا‪ ،‬وبالتالي ال بد من االنتقال من فكرة‬ ‫ويرى "‪َّ "Kenneth waltz‬‬
‫أمن الدول إلى التركيز على فكرة أمن اإلنسان‪ ،‬إذ يبدو أن بنية النظام الدولي الحالية والقائمة على األبنية االجتماعية المتعددة‪،‬‬
‫ّ‬
‫نضجا في‬
‫ً‬ ‫األكثر‬ ‫الدولة‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ‫ا‪،‬‬ ‫جي‬
‫ّ‬ ‫وخار‬ ‫ا‬ ‫داخلي‬
‫ّ‬ ‫فاتها‬
‫وتشابك المصالح وتعقيدها‪ ،‬تلعب دو ار أساسيا في تحديد سلوك الدول وتصر‬
‫النظام الدولي هي "الدولة الذكية" التي بدأت توكل ق ارراتها للعقل األداتي (الحاسوب)‪ ،‬وقد بدأ يطلق على ذلك تسمية النموذج العقالني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الواصف لألمن‪ ،‬فالدول توزن ق اررات الحرب عندما تتوفر لديها المعلومات عن الطرف الخصم (قسوم‪ ،0224 ،‬ص‪ ،)11-10‬ولذلك‬
‫جية‪ ،‬إذ يجب عليها أن تراعي مصالحها ومصالح‬ ‫عقالنية ورشدا عند اتخاذ ق ارراتها بالحرب في السياسة الخار ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصبحت الدول أكثر‬
‫مجتمعها بالبقاء والوجود السياسي (بيليس‪ ،0228 ،‬ص‪.)808‬‬
‫العالمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬تعزيز االعتمادية المتبادلة لمواجهة األزمات االقتصادية‬
‫العالمية من ‪ 22‬ترليون دوالر مطلع القرن الحادي والعشرين إلى‬ ‫ّ‬ ‫العالمية إلى ارتفاع حجم التجارة‬
‫ّ‬ ‫ظمة التجارة‬‫تشير مؤشرات من ّ‬
‫أكثر من ‪ 22‬ترليون دوالر نهاية العقد الثاني من القرن نفسه (‪ ،)WTO, 2019‬إذ تمثل الصين والواليات المتَّحدة واليابان وروسيا‬
‫والهند أكبر الشركاء التجاريين للكيانات الجيوسياسية الهامة في العالم‪ ،‬ويوضح الجدول رقم (‪ ،)8‬مما يشير إلى تنامي االعتماد‬
‫المتبادل بين الدول‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما أحدثته األزمة االقتصادية من تأثير واسع في االقتصاد األمريكي عام ‪ 0222/0224‬نتيجة لدور البنوك السلبي‬
‫القانونية عليها‪ ،‬إال أن األزمة سرعان ما انتقلت‬
‫ّ‬ ‫في زيادة ديون الرهن العقاري للمستهلكين وتنوع المشتقات المالية‪ ،‬وغياب الضوابط‬
‫إلى أوروبا وبقية دول العالم خالل االفترة ‪ ،0220-0222‬وذلك نتيجة ارتباط الديون السيادية لدول العالم بالبنوك األمريكية (األمير‪،‬‬
‫‪ ،0222‬ص‪ ،) 322‬مما يدل على أن الدول قد أصبحت اليوم أكثر قابلية لالنكشاف االقتصادي‪ ،‬فقد باتت التفاعالت في أية دولة‬
‫تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في دولة أخرى‪ ،‬وهذا االعتماد المتبادل هو التوصيف األهم للنظام الدولي الذي أصبح أداة مهمة‬
‫ّ‬
‫الدوليين (عديلة‪ ،0221 ،‬ص‪ ،)242-244‬وأصبح االعتماد‬ ‫ّ‬ ‫الدولية لخلق التعاون وضبط نمط التفاعالت بين الفاعلين‬ ‫ّ‬ ‫في السياسة‬
‫أهمية‬
‫عمق من ّ‬ ‫العظمى على وجه التحديد‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫االقتصادي المتبادل من ناحية أخرى هو البنية الحقيقية لضبط تفاعالت القوى ُ‬
‫القوة االقتصادية كمقياس من مقاييس توزيع القوة في النظام الدولي (العبدالله‪ ،2228 ،‬ص‪.)32‬‬
‫ّ‬

‫جدول رقم (‪:)2‬‬


‫الشركاء التجاريون حسب صادرات الكيانات الجيوسياسية‪ /‬مليار دوالر أمريكي لعام ‪2112‬‬
‫اليابان‬ ‫روسيا‬ ‫الصين‬ ‫الواليات َّ‬
‫المتحدة‬ ‫الشركاء‬ ‫مجموعة‬
‫التجاريين‬
‫‪72‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪002‬‬ ‫‪824‬‬ ‫االتحاد األوروبي‬
‫ّ‬
‫‪77‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪11‬‬ ‫الشرق االوسط‬
‫‪78‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪310‬‬ ‫‪232‬‬ ‫نمور آسيا‬
‫العالمية ‪https://bit.ly/34u4bjx WTO‬‬
‫ّ‬ ‫ظمة التجارة‬
‫المصدر‪ :‬الجدول من إعداد الباحثين اعتماداً على بيانات من ّ‬

‫‪- 320 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫العظمى فيشير الجدول رقم (‪ )1‬إلى زيادة حجم الناتج المحلي اإلجمالي للواليات المتَّحدة‬ ‫وأما بالنسبة لحجم اقتصاديات القوى ُ‬
‫والصين وروسيا خالل السنوات العشرين وبشكل كبير جداً‪ ،‬وتعكس لنا العالقة التجارية بين المتَّحدة والصين مثاال واضحا على‬
‫مليارت‬
‫ا‬ ‫العظمى في النظام الدولي‪ ،‬فالواليات المتَّحدة تعد السوق األولى للواردات الصينية‪ ،‬إذ تضخ‬
‫عمق الترابط التجاري بين القوى ُ‬
‫ّ‬
‫الدوالرات األمريكية في السوق الصيني‪ ،‬وبالمقابل باتت الصين تمتلك حصصا كبيرة من أذونات الخزينة األمريكية‪ ،‬مما ضاعف‬
‫من ثروتها التي باتت تقدر بـ ‪ 0.1‬تريليون دوالر من احتياطي العمالت األجنبية (‪ ،)World Bank, 2020‬وقد وصف بعض‬
‫المراقبين هذا‪ ،‬كتحول عظيم في ميزان القوة العالمي؛ ألن الصين باتت إلى حد ما قادرة على إخضاع الواليات المتَّحدة من خالل‬
‫ّ‬
‫العالمية التي بدأت في الواليات المتَّحدة‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية‬ ‫األزمة‬ ‫تداعيات‬ ‫أن‬ ‫المالحظ‬ ‫التهديد ببيع حصتها (ناي‪ ،0224 ،‬ص‪ ،)223‬ومن‬
‫‪ 0222/0224‬وانتقلت إلى بقية دول العالم‪ ،‬قد أسفرت عن حدوث تراجع للدور األمريكي في رعاية التجارة الحرة والعولمة االقتصادية‬
‫في الوقت الذي ظهرت به الصين كدعامة أساسية للرأسمالية الليبرالية الجديدة (األمير‪ ،0222 ،‬ص‪ ،)374‬إذ بدأت الواليات المتَّحدة‬
‫تهتم في عهد إدارة الرئيس أوباما بإنعاش االقتصاد المحلي وتعزيز برامج الرعاية االجتماعية‪ ،‬في حين عملت إدارة الرئيس ترامب‬
‫على إعادة النظر بامتيازات الدول األكثر رعاية في الخارج‪ ،‬وفرضت قوانين للحماية الجمركية‪.‬‬

‫جدول رقم (‪:)2‬‬


‫الناتج المحلي اإلجمالي للقوى االقتصادية في العالم بالمليار دوالر أمريكي‬
‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2111‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2112‬‬ ‫‪2111‬‬ ‫البلدان‬
‫‪02188‬‬ ‫‪24626‬‬ ‫‪26100 27226 28220 28623 23421 20028 22237‬‬ ‫‪22012‬‬ ‫الواليات‬
‫َّ‬
‫المتحدة‬
‫‪13608‬‬ ‫‪11138‬‬ ‫‪10439‬‬ ‫‪8532‬‬ ‫‪6087‬‬ ‫‪1220‬‬ ‫‪8128‬‬ ‫‪0610‬‬ ‫‪2211‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫الصين‬
‫الشعبية‬
‫‪8272‬‬ ‫‪8202‬‬ ‫‪8412‬‬ ‫‪7022‬‬ ‫‪1622‬‬ ‫‪1282‬‬ ‫‪8132‬‬ ‫‪8402‬‬ ‫‪8202‬‬ ‫‪8422‬‬ ‫اليابان‬
‫‪0622‬‬ ‫‪0022‬‬ ‫‪0282‬‬ ‫‪2432‬‬ ‫‪2742‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪282‬‬ ‫‪622‬‬ ‫‪128‬‬ ‫‪874‬‬ ‫الهند‬
‫‪2714‬‬ ‫‪2042‬‬ ‫‪0272‬‬ ‫‪0022‬‬ ‫‪2101‬‬ ‫‪2772‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪122‬‬ ‫‪381‬‬ ‫‪012‬‬ ‫االتحاد‬
‫الروسي‬
‫المصدر‪ :‬البنك الدولي ‪https://data.worldbank.org.t‬‬
‫ّ‬

‫‪ .2‬بناء المجتمع الديمقراطي العالمي كمدخل لألمن الدولي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية الثقافة الديمقراطية وحقوق اإلنسان والهويات‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫التركيز‬ ‫مسألة‬ ‫اهنة‪،‬‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫الدولي‬
‫ّ‬ ‫لعل من أبرز المعطيات في العالقات‬
‫الدولية وحالة االعتماد على‬
‫ّ‬ ‫الفرعية والعالقات االجتماعية عند رسم خطوط التحليل السياسي للنظام الدولي‪ ،‬ففي تحليل الفوضى‬
‫ّ‬
‫الذات في األمن‪ ،‬اتضح بأنها ليست سوى نتاج تفاعل الطبيعة االجتماعية‪-‬الثقافية المتغيرة والمتنوعة للنظام الدولي ( ‪Reus-Smit,‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،)2013, p220-222‬ولذلك فإن مسألة األمن الدولي بدأت ترتبط بأبعاد مختلفة أهمها حقوق الفرد داخل الدولة‪ ،‬وتماسك المجتمع‬
‫ّ‬
‫الدولي بشأنها‪ ،‬وبالتالي ال يمكن فهم مجريات النظام الدولي إال من خالل الرؤية االجتماعية ألدوار الفاعلين فيه‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أم جماعات‪.‬‬
‫القومية‪ ،‬وإلى االهتمام‬
‫ّ‬ ‫أهمية الحد من التركيز على دور الدولة ومفهوم القوة والمصلحة‬ ‫العقالنية إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫ولقد أشارت النظريات‬
‫الدولية الراعية للديمقراطية‬
‫ّ‬ ‫بمسألة الحرية والتعددية والتجارة الحرة وبناء المجتمع الديمقراطي الدولي‪ ،‬كما أشاروا إلى دور المؤسسات‬
‫ّ‬
‫والتي ستعزز التماسك الدولي‪ ،‬األمر الذي سيعزز الحرية والسالم واالزدهار والعدالة على نطاق عالمي (‪،)Folker, 2016, p297‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البنائيون بأنها نتاج أفكار‪ ،‬وأن األفكار يمكن أن تتغير مع الوقت‪ ،‬إال أن العناصر الفاعلة هي العناصر‬ ‫ّ‬ ‫وأما سياسات القوة فقد أشار‬
‫المعنوية (سميث‪ ،0228 ،‬ص‪ ،)370‬وقد بدا واضحاً أن أسباب الصراع وغياب األمن هو نتيجة للطبيعة غير الديمقراطية للسياسة‬
‫الدولية‪ ،‬إذ إن الدول الديمقراطية ال تحارب بعضها‪ ،‬وبالتالي ال بد من تعزيز ثقافة الديمقراطية والتفاوض بطريقة سلمية لحل‬ ‫ّ‬
‫الخالفات‪ ،‬مع االهتمام بتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني (بوستي‪ ،)0222 ،‬لكن المشككين يرون أن هناك إشكالية في تعميم‬
‫الديمقراطية على المستوى الدولي‪ ،‬إذ يوجد توتر مستمر ما بين األمن القومي واألمن الدولي‪ ،‬وهو ما يوّلد الشك بإمكانية إيجاد نظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دولي يتصف بسالم وأمن طويلي األجل (‪ ،)Baylis, 2016, p240‬لكن هذه المعضلة من الممكن تجاوزها بتغيير ممارسة سياسة‬
‫ّ‬
‫‪- 323 -‬‬
‫وصفي عقيل‪ ،‬أيمن هياجنه‪ ،‬خالد العدوان‬ ‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‪...‬‬

‫القوة عبر إيجاد خطاب إنساني عالمي يتضمن نصا ديموقراطيا يستند إلى معتقدات أقرب للسالم‪ ،‬إذ ستكون المكاسب مطلقة للجميع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبهذا يمكن أن تتحقق رؤية المجتمع العالمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫ووفق هذا المنطق؛ فالفرد والمجتمع السياسي والمجتمع الدولي جميعا محكومون بأنساق وعالقات اجتماعية متشابكة ومتداخلة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية المرتبطة بالدولة وخياراتها بشكل منفرد دون غيرها من الدول‬
‫ّ‬ ‫ولذلك فإن فكرة تحقيق األمن القومي انطالقا من المصلحة‬
‫ّ‬
‫ليست صحيحة بالمطلق‪ ،‬كما أنها ليست شيئا ثابتا‪ ،‬إذ إن حالة االعتماد المتبادل نتيجة لتقسيم العمل والتخصصية في النظام الدولي‬
‫ّ‬
‫والتشابك االجتماعي خلقت مزيدا من التعاون السلمي والتكامل الدولي‪ ،‬وانسجام المصالح بين جميع الفاعلين؛ مستبعدا في ذلك فكرة‬
‫ّ‬
‫الحرب (‪.)Nye, 2010, p77‬‬

‫الخـاتـمــــــــــة‪:‬‬
‫لقد أدت التغيرات في طبيعة النظام الدولي ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬إلى إعادة تعريف مفهوم األمن‬
‫ّ‬
‫الدولية التأسيسية من جديد‪ ،‬وبشكل متزامن مع تصاعد اإلرهاب الدولي المتخطي للحدود القومّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولي من قبل نظريات العالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اقعية الجديدة لتأكيد أن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫بال‬ ‫دفع‬ ‫مما‬ ‫أساسي‪،‬‬ ‫وبشكل‬ ‫وحدها‬ ‫ة‬ ‫القومي‬
‫ّ‬ ‫بالدولة‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫بالضرو‬ ‫تبط‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫قد‬ ‫مختلفة‬ ‫مصادر‬ ‫من‬ ‫التهديد‬ ‫برز‬ ‫إذ‬
‫الدولية الحالية؛ إنما يجب األخذ بعين االعتبار القوة المتنامية للفواعل الدو ّليين من‬ ‫ّ‬ ‫القوة ال يمكن يياسها وحسابها وفق المتغيرات‬
‫غير الدولة‪ ،‬أما الليبرالية الجديدة فقد وجدت أن المفهوم يرتبط بضرورة نشر أسس العمل الديمقراطي في المجتمعات السياسية‪،‬‬
‫مقرونا بمدى التعاون الدولي القائم بين الدول في مواجهة الجماعات المناهضة للقواعد الليبرالية والتوجهات الرأسمالية‪ ،‬وأما النظرّية‬
‫ّ‬
‫اقعية والليبرالية من تفسيرها لمقاربات األمن الدولي في العالقات الدو ّلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫و‬‫ال‬ ‫به‬ ‫قامت‬ ‫ما‬ ‫فاق‬ ‫ائدا‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫إنساني‬
‫ّ‬ ‫البنائية فقد قدمت طرحا‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫البنائيون بأن الهوية والمصلحة والفئات االجتماعية في الدولة والنظام‬ ‫ّ‬ ‫اعتقد‬ ‫إذ‬ ‫تحقيقه‪،‬‬ ‫في‬ ‫االجتماعية‬ ‫األبعاد‬ ‫دور‬ ‫على‬ ‫ها‬ ‫وبتركيز‬
‫األمنية داخل الدولة وخارجها‪.‬‬‫ّ‬ ‫التحالفات‬ ‫أسس‬ ‫جية قد تعيد تركيب‬ ‫داخلية وخار ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمليات‬
‫الدولي تتفاعل معاً عبر ّ‬ ‫ّ‬
‫االتّجاهات النظرّية الجديدة لألمن الدولي والتي كشفت عنها الدراسة‪ ،‬لم تعد تعتبر الدولة وحدة التحليل‬ ‫وعلى الرغم من أن ِّ‬
‫ّ‬
‫المركزّية والوحيدة في النظام الدولي نتيجة لما أفرزته تغيراته البنيوية‪ ،‬إال أن تغيرات النظام الدولي ما بعد أحداث الحادي عشر من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 0222‬قد أثبتت هشاشة ذلك النظام‪ ،‬إذ انهار االعتقاد بأن انتقال النظام الدولي من األحادية القطبية إلى التعددية‬
‫ّ‬
‫تحول من تهديد ما بين الدول إلى تهديد داخل‬ ‫الدولية‪ ،‬إذ إن التهديد ّ‬
‫ّ‬ ‫القطبية المرنة سيشهد مدة من السالم العالمي وتفعيل الشرعية‬
‫ّ‬
‫الداخلية المستقرة التي تتيح انسجاما في‬ ‫ّ‬ ‫بالعالقات‬ ‫فاتها‬
‫ر‬ ‫تص‬ ‫في‬ ‫محكومة‬ ‫باتت‬ ‫الدولة‬ ‫الدول‪ ،‬ولذلك تجد النظريات التأسيسية بأن‬
‫المصالح المشتركة بين الفاعلين داخل الدولة‪ ،‬وبما ينعكس إيجابا على النظام الدولي‪.‬‬
‫ّ‬
‫الدولية التأسيسية قد تأثرت منهجيا بتغيرات‬ ‫ّ‬ ‫وأما بالنسبة ألهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة‪ ،‬فقد اتضح بأن نظريات العالقات‬
‫النظام الدولي‪ ،‬وقد اتضح ذلك في وحدة التحليل األساسية للنظريات‪ ،‬حيث أعادت تعريف األمن الدولي‪ ،‬وربطته بضمان سالمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية من غير الدولة من جميع مصادر التهديد المتنوعه‪ ،‬السيما تلك الناجمة عن التعقيد الحاصل للنزاعات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اعل‬
‫و‬ ‫واستقرار الف‬
‫التغير في موضوعات النظريات الخاصة باألمن الدولي والتي برزت في‬ ‫القومية للدول‪ ،‬كما اتضح ّ‬ ‫ّ‬ ‫وامتداد آثارها خارج الحدود‬
‫ّ‬
‫الدولية ضد اإلرهاب التي وجدت فيها‬ ‫ّ‬ ‫األطروحات الجديدة لرسم خريطة التعاون الدولي من خالل االستناد إلى سياسة التحالفات‬
‫ّ‬
‫اقعية الجديدة الوسيلة المثلى الستقرار النظام الدولي‪ ،‬أو من خالل سياسة االعتمادية المتبادلة التي تبنتها الليبرالية الجديدة‪ ،‬فضال‬ ‫الو ّ‬
‫ّ‬
‫البنائية‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫ّ‬ ‫عن التوافق على مسألة حماية حقوق اإلنسان واألمن المجتمعي والسلم األهلي للفئات االجتماعية التي تراها‬
‫ّ‬
‫األمنية من خالل التحالف وحماية المصالح والتركيب المؤسسي لها‪ ،‬إال أن الرؤية االجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫من تباين بعض اآلراء ما بين رؤيتها‬
‫البنائية كانت األوضح في اإلشارة إلى أن اختالل العالقة بين السلطة وقوى المجتمع المدني‬ ‫ّ‬ ‫لبنية النظام الدولي التي تناولتها النظرّية‬
‫ّ‬
‫يمثل أحد مصادر التهديد األساسية الستقرار النظام الدولي‪.‬‬
‫ّ‬
‫تغير النظام‬‫ّ‬ ‫بين‬ ‫إيجابية‬ ‫طردية‬ ‫عالقة‬ ‫وجود‬ ‫إلى‬ ‫المستندة‬ ‫لعمومية‬ ‫ا‬ ‫فرضيتها‬ ‫وفي ضوء ما سبق؛ توصلت الدراسة إلى إثبات‬
‫الدوليين ونوعيتهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تغي ار في ترتيب الفواعل‬ ‫العالمي الجديد ّ‬ ‫وتغير األطروحات النظرّية لمفهوم األمن الدولي‪ ،‬فقد شهد النظام‬ ‫الدولي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫الدولية بجوانبها المتنوعة‪ ،‬وباتّجاه االهتمام بالجوانب المتعلقة‬ ‫تغي ار وتطو ار فريدا في األفكار المركزّية لنظريات العالقات‬
‫ّ‬ ‫مما أحدث ّ‬
‫العقالنية المستندة إلى القوة والمصالح التي‬ ‫ّ‬ ‫باألبعاد القيمية واالجتماعية‪ ،‬ولذلك توصي الدراسة بعدم التركيز على دراسة المنظورات‬
‫اإلنسانية في التحليل‬ ‫باتّجاه التركيز على األبعاد االجتماعية و‬ ‫تركز على األبعاد المادية لألمن بأشكاله المعروفة‪ ،‬بل االنطالق ِّ‬
‫ّ‬
‫السياسي لظاهرة األمن الدولي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪- 328 -‬‬


‫دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجّلد ‪ ،84‬العدد ‪0202 ،3‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ابو خزام‪ ،‬ابراهيم (‪ ،)0222‬الحروب وتوازن القوى‪ ،‬دار الكتاب الجديد‪ ،‬بنغازي‪.‬‬
‫أبو مور‪ ،‬أنعام (‪ ،)0223‬مفهوم األمن االنساني في حقل نظريات العالقات الدولية‪ ،‬جامعة االزهر‪ ،‬غزه‪.‬‬
‫احمد‪ ،‬رفعت (‪ ،)2248‬األمن القومي العربي بعد حرب لبنان‪ ،‬مجلة شؤون عربية‪ ،‬العدد ‪ ،31‬تونس‪.‬‬
‫أمير‪ ،‬فؤاد (‪ )0222‬رأسمالية الليبرالية الجديدة (النيوليبرالية)‪ ،‬مراجعة ماجد عالوي‪ ،‬دار الغد‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫اوتكين‪ ،‬اناتولي (‪ ،)0223‬االستراتيجية االمريكية للقرن الحادي والعشرين‪ ،‬ترجمة ادور محمد‪ ،‬المجلس االعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫بلوشوش‪ ،‬طاهر(‪ ،)0223‬العولمة وأثرها على األمن الفكري واألخالقي للشباب في المجتمع‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم االجتماعية ‪ ،‬جامعة‬
‫سعد دحلب البليدة ‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مايو‪/‬ايار‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫بن عبيد‪ ،‬اخالص (‪ ،)0222‬آليات مجلس األمن في تنفيذ قواعد القانون الدولي األنساني‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫بوستي‪ ،‬توفيق (‪ ،)0222‬مفهوم االمن في منظورات العالقات الدولية‪ ،‬دراسات استراتيجية‪ ،‬المعهد المصري‪ ،‬اسطنبول‪ ،‬تركيا‪.‬‬
‫بيليس‪ ،‬جون (‪ ،)0228‬األمن الدولي في حقبة ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬في‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪( ،‬تحرير) جون بيليس وستيف سميث‪،‬‬
‫ترجمة مركز الخليج‪ ،‬دبي‪ ،0228 ،‬ص‪.826‬‬
‫خفاجة‪ ،‬رانيا حسين(‪ )0224‬مهددات االمن االنساني في القرن االفريقي‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪،020‬ص ‪.223-222‬‬
‫سميث‪ ،‬ستيف (‪ ،)0228‬مقاربات جديدة للنظرية الدولية‪ ،‬في عولمة السياسة العالمية‪( ،‬تحرير) جون بيليس وستيف سميث‪ ،‬ترجمة مركز‬
‫الخليج لالبحاث‪ ،‬دبي‪،).‬‬
‫دن‪ ،‬تيموثي(‪ ،)0228‬الليبرالية‪،‬في عولمة السياسة العالمية‪( ،‬تحرير)جون بيليس وستيف سميث‪ ،‬ترجمة مركز الخليج‪ ،‬دبي‪.‬‬
‫رادين‪ ،‬أندرو؛ وريتش‪ ،‬كلينت (‪ ،)0226‬وجهات النظر الروسية بشأن النظام الدولي‪ ،‬مؤسسة راند‪ ،‬الواليات المتحدة‪.‬‬
‫زهرة‪ ،‬عطا (‪ ،)0223‬النظريات المعاصرة في العالقات الدولية‪ :‬دراسة تحليلية للنظريات‪ ،‬مطابع الدستور التجارية‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫عبد العظيم‪ ،‬زينب (‪ ،)0226‬االستراتيجية االمريكية العالمية واستمر الحرب ضد االرهاب‪ ،‬مركز الحضارة للدراسات السياسية‪ ،‬مجلة أمت‬
‫في العالم‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫سليم‪ ،‬محمد السيد(‪ ،)2224‬تحليل السياسة الخارجية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية ‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫شافعة‪ ،‬عباس (‪ ،)0222‬الظاهرة االرهابية بين القانون الدولي والمنظور الديني‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة باتنه‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫شبلي‪ ،‬سعد (‪ ،)0224‬التحديات األمنية للسياسة الخارجية في الشرق األوسط في مرحلة ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة الشرق الوسط‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫شيبي‪ ،‬لخميس (‪ ،)0222‬األمن الدولي والعالقة بين منظمة حلف شمال األطلسي والدول العربية‪-‬فترة ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير غير منشورة‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫العايب‪ ،‬أحسن (‪ ،)0224‬األمن العربي بين متطلبات الدولة القطرية ومصالح الدول الكبرى‪ ،‬رسالة دكتوراة‪ ،‬جامعة يوسف بن خده‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫العبدالله‪ ،‬رضوان (‪ ،)2228‬العرب في اإلستراتيجيات العالمية‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫عديلة‪ ،‬محمد الطاهر (‪ ،)0221‬تطور الحقل النظري للعالقات الدولية‪ :‬دراسة في المنطلقات واألسس‪ ،‬رسالة دكتوراه في العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنه‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫عقيل‪ ،‬وصفي (‪ ،) 0221‬التحوالت المعرفية للواقعية والليبرالية في نظرية العالقات الدولية‪ ،‬مجلة دراسات العلوم االنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،80‬العدد‪ ،2‬الجامعة األردنية‪ ،‬ص ص ‪.224-22‬‬
‫علوي‪ ،‬مصطفى(‪ ،)0221‬األمن اإلقليمي بين األمن الوطني واألمن الدولي‪ ،‬مجلة مفاهيم األسس العلمية للمعرفة العدد ‪. 8‬‬
‫العلي‪ ،‬علي زياد (‪ ،)0226‬المرتكزات النظرية في السياسة الدولية‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫غريفيش‪ ،‬مارتن؛ وتيري اوكالهان(‪ ،)0224‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية‪ ،‬ترجمة‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬دبي‪.‬‬
‫الفيروز أبادي (‪ ،)0221‬القاموس المحيط‪ ،‬ط‪ ،4‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫قسوم‪ ،‬سليم (‪ )0224‬االتجاهات الجديدة في الدراسات األمنية‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬االمارات‪.‬‬
‫قشوط‪ ،‬عبد الرفيق (‪ ،)0228‬مفهوم األمن في العالقات الدولية‪ ،‬مجلة الحكمة‪ ،‬مؤسسة كنوز الحكمة‪ ،‬العدد‪ ،08 ،‬الجزائر‪.‬‬
‫كامل‪ ،‬ثامر (‪ ،)2221‬دراسة في األمن الخارجي العراقي وإستراتيجية تحقيقه‪ ،‬و ازرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫الكيالي‪ ،‬عبد الوهاب وأخرون (تحرير) (‪ ،)2241‬موسوعة السياسة‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫اللحيدان‪ ،‬حمد (‪ ،)0222‬مفهوم األمن الوطني ومقوماته‪ ،‬جريدة الرياض‪ ،‬العدد ‪ 00 - ،21780‬ابريل‪.‬‬

‫‪- 321 -‬‬


‫ خالد العدوان‬،‫ أيمن هياجنه‬،‫وصفي عقيل‬ ...‫مفهوم األمن الدولي لدى نظريات العالقات الدولية في ضوء المتغيرات الدولية‬

‫ تقرير‬،‫ حقوق اإلنسان‬،‫ حدود السيادة‬،‫ في كتاب النظام العالمي الجديد‬،‫ عمليات األمم المتحدة لحفظ السالم‬،)0222( ‫ جيان‬،‫لوكابوركي‬
.‫ عمان‬،‫ دار الفارس للنشر والتوزيع‬،‫ ترجمة صادق إبراهيم عودة‬،‫ (تحرير) موتمر سيلرز‬،‫مصير الشعوب‬
‫ إربد‬،‫ مطبعة حالوة‬،‫ النظام القانوني للمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية‬،)0220( ‫ محمد‬،‫مخادمة‬
.‫ القاهرة‬،‫ دار نهضة مصر للنشر والتوزيع‬،‫ اإلرهاب صناعة عالمية‬،)0228( ‫ شعيب‬،‫مختار‬
.‫ سوريا‬،‫ دار نينوى‬،‫ مدخل إلى نظرية العالقات الدولية‬،)0228(‫ خالد‬،‫المصري‬
.‫ دار الجندي للنشر والتوزيع‬:‫ القدس‬، ‫ أحمد الحراحشة وخالد العدوان‬:‫ ترجمة‬، ‫ مستقبل القوة‬،)0224( ‫ جززيف‬،‫ناي‬
،‫ مجلة دفاتر السياسة والقانون‬،‫ من التفرد إلى الهيمنة‬:‫ اإلستراتيجية األمنية األمريكية بعد الحرب الباردة‬،) 0223( ‫ نور الدين‬،‫حشود‬
.‫ الجزائر‬،‫ جامعة قاصدي مرباح‬،2‫العدد‬
:‫التقارير والمواقع اإلليكترونية‬
phhhc=aaotht./dtuoctrr.dtnasdlrht.atad//:sptth ‫البنك الدولي‬
1drodroraattor2222ro2222-arh/trthddrturarchdhlh/r dtrthtth/ndsrthlod/cor p/rtdudhtt.rnttrs/r2222
x brphhhc=aacdh.u.a38l8cTW ‫منظمة التجارة العالمية‬
2_0222-2282-otht-tdu/W-taPIa ‫معهد استكهولم لدراسات السالم‬
-h/ttdtdcu-sdlrh/t-nudctu-phhhc=aa///.lr.dtnasdlrh/th/ttdtdcuashdh attalr ،‫هيئة األمم المتحدة‬

References
Acharya, Amitav (2016), Human Security. In The Globalization of World Politics, (edited): John Baylis, Steve Smith and
Patricia Owens, Oxford University Press, Oxford Publishing Limited, London. UK.
Baldwin, David (1997), The Concept of Security, Review of International Studies, 23, 5-26.
Barnett, Michael,B (2016). Paternalism beyond Borders," Cambridge University Press.
Buzan, Bary (1991), peoples, states and fear; an agenda for international security stuies in the post-cold war era, Harvester
Wheatsheaf, NY.
Buzan, Bary (1995), Focus on The Present as A Historic Turning Point", Journal of Peace Research, 30(4), p390.
Coetzee, Eben, and Heidi Hudson (2012), Democratic Peace Theory and the Realist-Liberal Dichotomy: the Promise of
Neoclassical Realism?, Politikon, South African Journal of Political Studies, Vol. 39 (2,1), p257-277.
Dietzel, Alex (2017), Global Justice, in International Relations Theory,(edited): Stephen McGlinchey, Rosie Walters and Dane
Gold, , E-International Relations, Bristol, England
Doyle, M, W. (1995), On the Democratic Peace International Security, 19(4).
Dunne,Tim (2016), Lberalism. In The Globalization of World Politics, (edited): John Baylis, Steve Smith and Patricia Owens,
Oxford University Press, Oxf.Publishing Limited, London. UK.
Eroukhmanoff, Clara (2017), Securitisation theory, in International Relations Theory,(edited): Stephen McGlinchey, Rosie
Walters and Dane Gold, E-International Relations, Bristol, England.
Fukuyama, Francis (1992), The End of History and The Last Man", free press.
Folker, Jennifer (2016), Neoliberalism. In The Globalization of World Politics, (edited): John Baylis, Steve Smith and Patricia
Owens, Oxford University Press, Oxf.Publishing Limited, london. UK.
Hansen, L, (2018), Images and International Security, The Oxford Handbook of International Security,Edited by Alexandera
Gheciu and William C.Wohlforth, Published Oxford University Press.
Hoffmann, Stanly (1995), The Politics and Ethics of Military Intervention, Macmillan, London.
Kant, I (1991) Political Writings",ed. Hans Reiss, Cambridge: Cambridge University Press.
Larmore. C (2001), Political Liberalism", Political Theory, Vol.ll, No3, p344-.
Lamy, Steven (2016), Contemporary Mainstream Approaches: neo-realism and neo-liberalism. In The Globalization of World
Politics,(ed): John Baylis,Steve Smith, Patricia Owens, Oxford University Press.
Morgenthau, H. (1978) , Politics Among Nations: The Struggle for Power and Peace, N .Y, Kmopf, p6-9.
Nye. J.S , (2010), The Future of Power, Kindle Edition.
Ned Lebow, Richard (2016), Classical Realism. In International Relations Theories: Discipline and Diversity, (edited) Tim

- 327 -
0202 ،3 ‫ العدد‬،84 ‫ المجّلد‬،‫ العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬،‫دراسات‬

Dunne, Milja Kurki and Steve Smith, Oxford University Press. UK.
Potter. W.C (2001), Before The Deluge? Assessing The Threat of Nuclear Leakage From The Post-Soviet States", Arms Control
Today, USA, 25(8.
Reus-Smit, Christian (2013).Constructivism. In Theories of International Relations, Houndmills, Basingstoke, Hampshire, UK:
Palgrave Macmillan.
Scott Nicholas Romaniuk(2018), International Relations Theory, The SAGE Encyclopedia of Surveillance, Security, and
Privacy, SAGE Publications, Inc. Thousand Oaks.
Spear. J and Arms Limitations (2006),Confidence Building Measures and International Conflict", In M. Brown (ed)The
International Dimensions of Internal Conflict, Cambridge Press.
Viotti, P. R. (2016). US National Security: New Threats, Old Realities (Rapid Communications in Conflict and Security) NY,
USA: Cambria Press.
Wendt. A (1992), Anarchy What States Make of It", International Organizations, 1992, Vol. 46, N2.

The concept of International Security within the Theories of International Relations in light
of post 9\11 Global changes

Wasfi Aqeel, Ayman Hayajneh, Khalid Aladwan*

ABSTRACT
The study tackles the concept of international security within the theories of international relations in
light of post 9\11 global changes. Its main hypothesis is that there is a relationship between the latest
world changes and the changes in the concept of international security. The study uses the new
international order approach to uncover the nature of changes in the structure of the international system.
In addition, it uses the comparative analytical approach to describe the nature of changes in the theories
of international relations. The findings show a positive relationship between global changes and changes
in the concept of international security. Such a relationship impacts the rapprochement on the concept of
international security between the various theories, in terms of knowledge and approach. Moreover, the
results indicate a need to transcend beyond the traditional views of international security and tackle it
from alternative and innovative perspectives.
Keywords: Global changes; international security; theories of international relations; security
theories.

________________________________________________
* Yarmouk University.
Received on 8/3/2020 and Accepted for Publication on 23/8/2020.

- 326 -

View publication stats

You might also like