Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫المقطع الثالث‪ :‬مفهوم التنفيذ العيني الجبري‬

‫الوفاء بااللتزام قد يكون اختياريا وهو األصل وقد يكون جبريا‪ ،‬إجرائي وهو استعمال‬
‫القوة القتضاء الدين بواسطة السلطة العامة‪ ،‬وهذا هو التنفيذ الجبري‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف التنفيذ العيني الجبري‬
‫يعتبر التنفيذ الجبري أو المباشر من أشد األساليب التي تلجأ إليها اإلدارة لتنفيذ قراراتها‬
‫جبرا على األفراد ودون الحاجة إلى إستصدار حكم قضائي فيما إذا لم ينفذها المخاطب‬
‫بأحكامها بشكل اختياري‪ ،‬فهو أكثر األساليب تهديدا لحريات األفراد‪ ،‬ففي هذه الوسيلة ال تقوم‬
‫اإلدارة بعمل قانوني بل تقوم بعمل مادي يتمثل في استخدام القوة الجبرية من اجل إرغام‬
‫األفراد على االمتثال للوائح والقرارات التي تهدف إلى حماية النظام العام‪.‬‬
‫فالتنفيذ الجبري نظام إجرائي وضعه المشرع إلجبار المدين المماطل على الوفاء‬
‫بإلتزامه‪ ،‬عن طريق تدخل السلطة العامة بناء على طلب الدائن وتنفيذ التزام المدين في‬
‫أمواله رغما عنه‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬خصائصه‬
‫يتميز التنفيذ العيني الجبري بجملة من الخصائص أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه تنفيذ عام‪ :‬ألن الذي يملك سلطة الجبر‪ ،‬هي السلطة العامة (القضاء) المخولة‬
‫قانونا إلجبار المدين على تنفيذ إلتزامه‪.‬‬
‫‪ .2‬أنّه جبر مدني بحت‪ :‬أي أن اإلخالل بتنفيذ اإللتزام ال يشكل جريمة‪ ،‬وبالتالي ال يرتب‬
‫عقوبة‪.‬‬
‫‪ .3‬أنّه يقع على أموال المدين‪ :‬أي أن التنفيذ العيني الجبري ال يمس شخص المدين‬
‫وحريته (أي اإلكراه البدني)‪ ،‬بل يمس ذمته المالية (اإلكراه المالي)‪.‬‬
‫وتجدر االشارة أن المشرع الجزائري ال يأخذ باالكراه البدني في اإللتزامات التعاقدية‪،‬‬
‫إلنضمام الجزائر إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬إذ تنص المادة ‪11‬‬
‫من العهد على ما يلي‪" :‬ال يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بإلتزام تعاقدي‪".‬‬
‫لكن يجوز اإلكراه البدني (السجن) في حالتين وهما‪:‬‬
‫‪ -‬حالة إمتناع المحكوم عليه بتنفيذ الحكم النهائي الحاصل على الصيغة التنفيذية‪ ،‬كما‬
‫هو الحال في جرائم األسرة‪ ،‬كإهمال األسرة عن دفع النفقة‪.‬‬
‫‪ -‬حالة تحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة لصالح الخزينة العمومية‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬شروط التنفيذ العيني الجبري‪.‬‬
‫في حالة ما لم يقم المدين بتنفيذ التزامه اختياريا (طواعية)‪ ،‬يجبر على تنفيذه لكن بشروط‬
‫نص عليها المشرع الجزائري في المواد ‪ 181 ،180 ،164‬من القانون المدني‪.‬‬
‫سيتم تفصيل هذه الشروط في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون التنفيذ العيني ممكنًا (غير مستحيالً)‬
‫بمعنى أن ال يجوز إجبار المدين على تنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيًّا إال إذا كان ذلك ممكنا‪،‬‬
‫ألنه إذا صار اإللتزام مستحيال‪ ،‬فال محل للمطالبة بالتنفيذ العيني‪ ،‬سواء كانت اإلستحالة بفعل‬
‫المدين أو بسبب أجنبي‪ ،‬إذ ينقضي اإللتزام في هاتين الحالتين‪.‬‬
‫لكن إذا كانت اإلستحالة بفعل المدين‪ ،‬إلتزم بالتعويض‪ ،‬بينما ال يلتزم به إذا كانت‬
‫اإلستحالة بسسب أجنبي‪.‬‬
‫ضررا للدائن‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬أال يكون في التنفيذ العيني إرهاق للمدين‪ ،‬وأالّ يسبب العدول‬
‫إلجبار المدين على تنفيذ إلتزامه‪ ،‬يجب أال يكون مرهقا له‪ ،‬والتنفيذ المرهق هو في األصل‬
‫ممكن تنفيذه‪ ،‬لكن قد يلحق بالمدين ضررا جسيما‪ ،‬وبالتالي جاز العدول عنه إلى التنفيذ‬
‫بمقابل‪ ،‬لكن بشرط أال يسبب العدول عن التنفيذ العيني ضررا للدائن يعادل أو يفوق في‬
‫جسامته ما يلحقه (المدين)‪.‬‬
‫فإذا كان من شأن التنفيذ العيني صعوبة على المدين‪ ،‬فهنا ال يجبر على ذلك‪ ،‬وإال كنا أمام‬
‫حالة التعسف في استعمال الحق‪ ،‬أما إذا كان من شأن العدول عن التنفيذ العيني إلى التنفيذ‬
‫بمقابل سيرتب خسارة للدائن تفوق الخسارة التي تصيب المدين‪ ،‬فهنا يجبر على التنفيذ العيني‬
‫دون أن يلحق به وصف التعسف‪.‬‬

‫‪ .3‬إالّ يكون في التنفيذ العيني مساس بحرية المدين الشخصية‬


‫قد ال يكون التنفيذ العيني مستحيال وال مرهقا‪ ،‬لكن يتطلب ضرورة تدخل المدين لتنفيذه‬
‫شخصيا‪ ،‬أي بعبارة أخرى ال يتحقق هذا التنفيذ إال إذا قام به المدين شخصيًّا‪ ،‬وإذا أصر على‬
‫عدم التنفيذ ال يجوز إكراهه ماديًّا على التنفيذ أي باستعمال القوة‪ ،‬ألن في ذلك مساس بحريته‬
‫الشخصية‪ ،‬إال أنه يجوز إكراهه ماليا أي فرض عليه غرامة تهديدية‪ ،‬لكن إذا لم تفلح هذه‬
‫الوسيلة‪ ،‬فهنا ال مناص من إلزامه بالتعويض‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يطلب الدائن التنفيذ العيني بعد إعذار المدين‪:‬‬
‫يجب على الدائن إعذار المدين وإعالمه برغبته في الحصول على التنفيذ العيني‪ ،‬والذي‬
‫يفيد القيام به‪ ،‬وضع المدين قانونا في موضع المتأخر عن تنفيذ إلتزامه‪ ،‬فهمو يشترط‬
‫المسؤولية العقدية دون التقصيرية‪ ،‬كون حلول ميعاد اإللتزام ال يعني تقصيرا من المدين مالم‬
‫يسبقه إعذار‪ ،‬والذي يعتبر إجراءا ضروريا العتبار المدين مسؤوال عن التأخر في تنفيذ‬
‫اإللتزام‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن المشرع الجزائري تناول طريقة إجراء اإلعذار بموجب المادة ‪180‬‬
‫من التقنين المدني والتي تنص على ما يلي‪" :‬يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم اإلنذار‪،‬‬
‫ويجوز أن يتم اإلعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في هذا القانون‪ ،‬كما يجوز أن‬
‫بمجرد حلول األجل دون جاجة إلى‬ ‫ّ‬ ‫عذرا‬
‫يكون مترتبًا على إتفاق يقضي بأن يكون المدين م ً‬
‫أي إجراء آخر‪".‬‬
‫يستخلص من نص هذه المادة‪ ،‬أن إعذار المدين هو إنذاره والذي قد يتم عن طريق البريد‪،‬‬
‫واإلنذار يتم ب عقد غير قضائي‪ ،‬أي التبليغ بورقة رسمية من أوراق المحضرين يبين فيه‬
‫الدائن بوضوج مطالبة المدين بتنفيذ التزامه‪ ،‬ويكون التبليغ هنا بنفس اإلجراءات المنصوص‬
‫عليها في المواد من ‪ 406‬إلى ‪ 416‬قانون االجراءات المدنية واالدارية‪.‬‬
‫‪ ‬حاالت إعفاء الدائن من إعذار المدين‪:‬‬
‫بالرغم من إشتراط اإلعذار في حالة التنفيذ الجبري‪ ،‬إال أن هناك حاالت ال يلزم فيها طبقا‬
‫للمادة ‪ 181‬من القانون المدني‪ ،‬والتي تنص على مايلي‪" :‬ال ضرورة إلعذار المدين في‬
‫الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا تعذر تنفيذ االلتزام أو أصبح غير مجْ ٍد بفعل المدين‪،‬‬
‫‪ -‬إذا كان محل اإللتزام تعويضًا عن عمل مضر‪،‬‬
‫‪ -‬إذا كان محل اإللتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون حق‬
‫وهو يعلم بذلك‪،‬‬
‫صرح المدين كتابة أنه ال ينوي تنفيذ إلتزامه‪".‬‬‫‪ -‬إذا ّ‬
‫أ‪ -‬إذا تعذر تنفيذ االلتزام أو أصبح غير مجْ ٍد بفعل المدين‪ :‬إذا إلتزم المدين بالقيام بعمل‬
‫معين في وقت معين‪ ،‬فعليه القيام به في خالله‪ ،‬فإذا مر هذا الوقت دون القيام به فال فائدة‬
‫في هذه الحالة من اإلعذار‪ ،‬فمثال تفويت المحامي الطعن في دعوى موكلة أي بعدم رفع‬
‫دعوى الطعن في ميعاده‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان محل اإللتزام تعويضًا ترتب على عمل مضر‪ ،‬أي فعل غير مشروع‪:‬‬
‫ال يوجد أي مانع إلشتراط اإلعذار في حالة االلتزام بالتعويض في االلتزامات‬
‫التعاقدية‪ ،‬إال أن المشرع قد أعفى الدائن المضرور من وجوبه في مجال المسؤولية‬
‫التقصيرية‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كان محل اإللتزام رد شيء يعم المدين أنّه مسروق أو شيء تسلمه دون‬
‫حق وهو يعلم بذلك‪:‬‬
‫لقد أعفى المشرع الجزائري الدائن من وجوب إعذار المدين مادام هذا األخير‬
‫(المدين) يعلم بإخذه الشيء المسروق أو تسلمه بدون وجه حق‪ ،‬فهنا يعد سيء النية ولذا‬
‫أسقط عنه المشرع اإلستفادة من ميزة اإلعذار‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا صرح المدين كتابة بأنه ال ينوي تنفيذ إلتزامه‪:‬‬
‫ال جدوى من حث المدين على تنفيذ إلتزامه بموجب إعذار‪ ،‬مادام أنه صرح كتابيا‬
‫بعدم رغبته في تنفيذه‪.‬‬
‫إضافة إلى حالة أخرى‪ ،‬وهي حالة أتفاق المتعاقدين‪:‬‬ ‫ه‪-‬‬
‫مقدما على اعتبار المدين معذرا بمجرد حلول األجل دون حاجة إلى إعذاره سواء كان‬
‫هذا اإلتفاق ضمنيًّا أم صريحا‪ ،‬وهذا ماجاء في المادة ‪ 180‬من القانون المدني‪ ..." :‬كما‬
‫معذرا بمجرد حلول األجل‬
‫ً‬ ‫يجوز أن يكون مترتبًا على إتفاق يقضي بأن يكون المدين‬
‫أي إجراء آخر‪".‬‬ ‫دون حاجةً إلى ّ‬
‫ويمكن إضافة حالة أخرى‪ ،‬وهي حالة اإلستعجال‪:‬‬
‫إذا اقتضها طبيعة اإللتزام في التنفيذ على تفقة المدين‪ ،‬وهذه مستخلصة من المادة‬
‫‪ 166/2‬قانون مدني‪.‬‬

You might also like