Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫بسم هللا الرحمن الرحٌم‬

‫د أحمد المصري‬ ‫المحاضرة األولً‬ ‫المادة ‪ :‬أصول التفسٌر‬


‫نشؤة التفسٌر وتطوره‬
‫ان َق ْو ِم ِه‬
‫س ِ‬‫ول إِالَّ بِلِ َ‬
‫س ٍ‬ ‫{و َمآ أَ ْر َ‬
‫س ْل َنا مِن َّر ُ‬ ‫نزل القرآن بلغة العرب وعلى أسالٌبهم فى كالمه‪َ :‬‬
‫لِ ٌُ َب ٌِّنَ لَ ُه ْم} ‪[ ..‬إبراهٌم‪]ٗ :‬‬

‫مراحل التفسٌر‬
‫مر التفسٌر بؤطوار كثٌرة حتً اتخذ هذه الصورة التً هو علٌها اآلن من التصانٌف وكتب‬
‫التفاسٌر المختلفة وهذه المراحل هً ‪:‬‬
‫المرحلة األولً ‪ :‬التفسٌر فً عهد النبً صلى هللا علٌه وسلم وأصحابه الكرام‬
‫المرحلة الثانٌة ‪:‬التفسٌر فً عهد التابعٌن‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬التفسٌر فً عصر التدوٌن‬
‫أوال ‪ :‬التفسٌر فً عهد النبً صلى هللا علٌه وسلم وأصحابه‬
‫نشؤ التفسٌر مبكرا فً عصر النبً صلً هللا علٌه وسلم الذي كان أول شارح لكتاب هللا تعالى‬
‫‪ٌ,‬بٌن للناس ما أنزل علٌه من الوحً ألن مهنة النبً البٌان للناس لقوله تعالى { َوأَ ْن َز ْل َنا إِلَ ٌْ َك‬
‫اس َما ُن ِّزل َ إِلَ ٌْ ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم ٌَ َت َف َّك ُرونَ } [النحل‪ ]ٗٗ :‬ومثاله ما ورد فً تفسٌر‬
‫ال ِّذ ْك َر لِ ُت َب ٌِّنَ لِل َّن ِ‬
‫الكوثر فً قوله تعالى‪ :‬إِ َّنا أَ ْع َط ٌْنا َك ا ْل َك ْو َث َر قال‪« :‬الكوثر نهر فً الج ّنة أعطانٌه ربى»‪.‬‬
‫أما صحابته الكرام –رضوان هللا علٌهم – فلم ٌفسروا القرآن فً حٌاة النبً صلً هللا علٌه‬
‫وسلم ألن النبً قام بهذا الدور عنهم ثم انتقل النبً صلً هللا علٌه وسلم إلً الرفٌق األعلى‬
‫فجاء دور الصحابة فً الفهم والبٌان لكتاب هللا عز وجل‬
‫أشهر المفسرٌن من الصحابة رضوان هللا علٌهم ‪:‬‬
‫المفسرون من الصحابة كثٌرون أشهرهم عشرة (الخلفاء األربعة ‪ ,‬ابن مسعود ‪,‬ابن عباس‬
‫‪,‬أبً ابن كعب ‪,‬زٌد بن ثابت ‪,‬أبو موسً األشعري ‪,‬عبد هللا بن الزبٌر ) وأكثر الخلفاء راوٌة‬
‫هو علً بن أبً طالب كرم هللا وجه‪ ,‬وأكثرهم جمٌعا عبد هللا بن عباس رضً هللا عنهما وكان‬
‫ٌلقب بترجمان القرآن والبحر والحبر ‪,‬ودعا له النبً بقوله(اللهم فقه فً الدٌن وعلمه التؤوٌل)‬
‫ثانٌا ‪ :‬التفسٌر فً عهد التابعٌن‬
‫كما اشتهر بعض أعالم الصحابة بالتفسٌر والرجوع إلٌهم فى استجالء بعض ما خفى من كتاب‬
‫هللا‪ ,‬اشتهر أٌضا ً بالتفسٌر أعالم من التابعٌن‪ ,‬تكلَّموا فى التفسٌر‪ ,‬وو َّ‬
‫ضحوا لمعاصرٌهم خفى‬
‫معانٌه‬
‫مصادر التفسٌر فً هذا العصر‬
‫المفسرون فى فهمهم لكتاب هللا تعالى على ‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫وقد اعتمد هإالء‬
‫ٔ‪ -‬ما جاء فً الكتاب نفسه‬
‫ٕ‪ -‬ما رواه الصحابة عن رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ ,‬وعلى ما رووه عن الصحابة من‬
‫تفسٌرهم أنفسهم‬
‫ٖ‪ -‬ما أخذوه من أهل الكتاب الذٌن أسلموا مما جاء فً كتبهم ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬ما فتح هللا به علٌهم من طرٌق االجتهاد والنظر فً كتاب هللا تعالى‪.‬‬
‫مدارس التفسٌر فى عصر التابعٌن‪:‬‬
‫فتح هللا على المسلمٌن كثٌراً من بالد العالَم فى حٌاة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ ,‬وفى‬
‫عهود الخلفاء من بعده‪ ,‬ولم ٌستقروا جمٌعا ً فى بلد واحد من بالد المسلمٌن وكان الصحابة‬
‫ٌدرسون فً البالد واشتهرت بعض هذه المدارس بالتفسٌر‪ ,‬وتتلمذ فٌها كثٌر من التابعٌن‬
‫سرٌن من الصحابة‪ ,‬فقامت مدرسة للتفسٌر بمكة‪ ,‬وأخرى بالمدٌنة‪ ,‬وثالثة‬ ‫لمشاهٌر المف ِّ‬
‫بالعراق‪ ,‬وهذه المدارس الثالث‪ ,‬هً أشهر مدارس التفسٌر فً األمصار فً هذا العهد‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مدرسة التفسٌر بمكة ‪:‬‬


‫* المإسس عبد هللا ابن عباس‬
‫أشهر رجالها‪:‬‬
‫وقد اشتهر من تالمٌذ ابن عباس بمكة‪ :‬سعٌد بن جبٌر‪ ,‬ومجاهد‪ ,‬وعكرمة مولى ابن عباس‪,‬‬
‫وطاووس بن كٌسان الٌمانى‪ ,‬وعطاء بن أبى رباح‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬مدرسة التفسٌر بالمدٌنة‬


‫*المإسس أ ُ َب ّى بن كعب‪:‬‬
‫* أشهر رجالها‪:‬‬
‫جد بالمدٌنة فى هذا الوقت كثٌر من التابعٌن المعروفٌن بالتفسٌر‪ ,‬اشتهر من بٌنهم ثالثة‪,‬‬ ‫وقد ُو ِ‬
‫هم‪ :‬زٌد بن أسلم‪ ,‬وأبو العالٌة‪ ,‬ومحمد بن كعب القرظً‪ ,‬وهإالء منهم َمن أخذ عن أ ُ َب ّى‬
‫مباشرة‪ ,‬ومنهم َمن أخذ عنه بالواسطة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مدرسة التفسٌر بالعراق‬


‫* المإسس عبد هللا ابن مسعود‪:‬‬
‫* أشهر رجالها‪:‬‬
‫وقد ُع ِرف بالتفسٌر من أهل العراق كثٌر من التابعٌن‪ ,‬اشتهر من بٌنهم علقمة بن قٌس‪,‬‬
‫ومسروق‪ ,‬واألسود بن ٌزٌد‪ ,‬و ُم َّرة الهمدانً‪ ,‬وعامر الشعبً‪ ,‬والحسن البصرى‪ ,‬وقتادة بن‬
‫دعامة السدوسً‬

‫ثالثا ‪ :‬التفسٌر فً عصر التدوٌن‬


‫تبدأ المرحلة الثالثة للتفسٌر من مبدأ ظهور التدوٌن‪ ,‬وذلك فً أواخر عهد بنى أمٌة‪ ,‬وأول عهد‬
‫للعباسٌٌن‪.‬‬
‫وكان التفسٌر قبل ذلك ٌُتناقل بطرٌق الرواٌة‪ ,‬فالصحابة ٌروون عن رسول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ,‬كما ٌروى بعضهم عن بعض‪ .‬والتابعون ٌروون عن الصحابة‪ .‬كما ٌروى بعضهم عن‬
‫بعض‬
‫* الخطوة األولى للتفسٌر فً عصر التدوٌن‬
‫بعد عصر الصحابة والتابعٌن ابتدأ التدوٌن لحدٌث رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ ,‬فكانت‬
‫أبوابه متنوعة‪ ,‬وكان التفسٌر بابا ً من هذه األبواب التى اشتمل علٌها الحدٌث‪ ,‬فلم ٌُفرد له‬
‫سر القرآن سورة سورة ‪ ,‬وآٌة آٌة* *‬ ‫تؤلٌف خاص ٌُف ِّ‬
‫* الخطوة الثانٌة‪:‬‬
‫ثم بعد هذه الخطوة خطا التفسٌر خطوة ثانٌة‪ ,‬انفصل بها عن الحدٌث‪,‬‬
‫فؤصبح علما ً قائما ً بنفسه‪ ,‬ووضع التفسٌر لكل آٌة من القرآن‪ ,‬و ُر َّتب ذلك على حسب ترتب‬
‫المصحف‪ .‬وتم ذلك على أٌدى طائفة من العلماء منهم ابن جرٌر الطبري المتوفى سنة ٖٓٔ‪,‬‬
‫وابن أبى حاتم المتوفى سنة ‪ٖٕ3‬هـ‪ ,‬وأبو بكر بن مردوٌه المتوفى سنة ٓٔٗهـ‪ ,‬وغٌرهم من‬
‫أئمة هذا الشؤن‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة ‪:‬‬


‫ثم إن التفسٌر لم ٌقف عند هذه الخطوة ‪ ,‬لم ٌتجاوز بها حدود التفسٌر بالمؤثور‪ ,‬وإن كان قد‬
‫تجاوز رواٌته باإلسناد‪ ,‬فص َّنف فى التفسٌر خلق كثٌر‪ ,‬اختصروا األسانٌد‪ ,‬ونقلوا األقوال‬
‫سرٌن من أسالفهم دون أن ٌنسبوها لقائلٌها‪ ,‬فدخل الوضع فى التفسٌر‬ ‫المؤثورة عن المف ِّ‬
‫والتبس الصحٌح بالعلٌل‪ ,‬وكان ذلك هو مبدأ ظهور خطر الوضع واالسرائلٌات فً التفسٌر‪.‬‬

‫الخطوة الرابعة‪:‬‬
‫ثم خطا التفسٌر بعد ذلك خطوة ‪ ,‬هً أوسع الخطى وأفسحها‪ ,‬امتدت من العصر العباسً إلى‬
‫سلَف هذه األمة‪ ,‬تجاوز‬‫ٌومنا هذا‪ ,‬فبعد أن كان تدوٌن التفسٌر مقصوراً على رواٌة ما ُنقِل عن َ‬
‫بهذه الخطوة الواسعة إلى تدوٌن تفسٌر اختلط فٌه الفهم العقلً بالتفسٌر النقلً‪ ,‬وكان ذلك على‬
‫تدرج ملحوظ فً ذلك‪ .‬وهكذا تدرج التفسٌر‪ ,‬واتجهت الكتب المإلَّفة فٌه اتجاهات متنوعة فكل‬
‫َمن برع فً فن من فنون العلم‪ٌ ,‬كاد ٌقتصر تفسٌره على الفن الذى برع فٌه‪ ,‬فالنحوي تراه‬
‫ٌنقل مسائل النحو وفروعه ‪ ,‬وذلك مثل أبى حٌان فى "البحر المحٌط" وكذلك جمٌع العلوم‬
‫سر كل صاحب فن أو مذهب بما ٌتناسب مع فنه أو ٌشهد لمذهبه‪ ,‬وقد استمرت هذه‬ ‫وهكذا ف َّ‬
‫النزعة العلمٌة العقلٌة وراجت فى بعض العصور رواجا ً عظٌماً‪ ,‬كما راجت فى عصرنا الحاضر‬
‫تفسٌرات ٌرٌد أهلها من ورائها أن ٌُ َح ِّملوا آٌات القرآن كل العلوم‪ ,‬ما ظهر منها وما لم ٌظهر‪,‬‬
‫كؤن هذا فٌما ٌبدو وجه من وجوه إعجاز القرآن وصالحٌته ألن ٌتمشى مع الزمن‪ .‬وفى الحق‬
‫أن هذا غلو منهم‪ ,‬وإسراف ٌُخرج القرآن عن مقصده الذى نزل من أجله‪ ,‬وٌحٌد به عن هدفه‬
‫الذى ٌرمى إلٌه‪.‬‬

‫***‬

You might also like