Professional Documents
Culture Documents
8 2020 05 04!09 13 15 PM
8 2020 05 04!09 13 15 PM
8 2020 05 04!09 13 15 PM
كما ذكرت لكـ في المحاضرة السابقة ،اف مف مياـ نظرية االدب دراسة المناىج
النقدية او مناىج تحميؿ النصوص ،وقد وقفنا عند المنيج الشكالني بوصفو انموذجا
ميما اخذ موقعو الميـ عمى مستوى التنظير والتطبيؽ ،وفي ىذه المحاضر سنقؼ
عند منيج اليقؿ اىمية عف المنيج السابؽ اال وىو المنيج البنيوي .
تعريف البنيوية:
ىي منيجية نقدية تحميمية ،تقوـ فمسفتيا عمى اعتبار البنية الذاتية لمظواىر بمعزؿ
عف محيطيا الخارجي والتأثيرات االخرى ،فيي تنظر الى تمؾ الظواىر مف الداخؿ ،
وتفترض انيا مغمقة عمى ذاتيا ،كانت قد نشأت النظرية اساسا في مجاؿ المغة ثـ
توسعت تطبيقاتيا لتشمؿ مجاالت عدة في الظواىر االجتماعية والسياسية وغيرىا
وتوسعت حتى اصبحت مف مناىج البحث العامة ومصادر المعرفة في الفكر
الحديث.
فيو منيج يدرس النص في ذاتو ومف اجؿ ذاتو ،ويتعامؿ معو بعيدا عما يدور
خارجو ،كعالقتو بالواق االجتماعي ،واحواؿ قائمو النفسية ...،فيو يتعامؿ م
النص باعتباره بنية مستقمة .
فالبنيوية تسيـ في عممية التأثير والتأثر ،فيي عمى ىذا االساس تفسر الحدث مف
خالؿ البنية ،والبنية ىي ذلؾ النسؽ المتكامؿ الذي يتالؼ مف اصوات وكممات
ورموز وصور وموسيقى ،ولذلؾ قيؿ اف التحميؿ البنيوي يحمؿ مدلوال مكثفا ومعقدا .
نشأة البنيوية :
تعود بداية البنيوية الى اوائؿ القرف العشريف عندما ُنشر كتاب محاضرات في
المسانيات لفرديناند دي سوسير سنة ٔ1ٔٙـ في باريس ،الذي يعد اوؿ مصدر
لمبنيوية في الثقافة الغربية ،والذي تبنتو البنيوية في الستينيات مف القرف نفسو في
فرنسا .
وتعد ىذه الدراسات التي قاـ بيا (سوسير) االساس االوؿ لمبنيوية المغوية عند الغرب
،التي استفادت مف مبادئ المذىب التجريبي .
ثـ كتب الروسي (جاكبسوف) -مف رواد المدرسة الشكالنية الروسية – ما سمي
بػ(االطروحات) الذي اىداه (جاكبسوف) الى تمميذه (شتراوس).
بؿ ذىب بعضيـ الى اف الشكمية الروسية ىي البنيوية المبكرة ،إذ كاف أوؿ مف
استخدـ لفظة (ابنية) ىو الفيمسوؼ الروسي (تيتانيوؼ) وتبعو (جاكبسوف) وىو اوؿ
مف استخدـ لفظ البنيوية ألوؿ مرة عاـ ٔ1ٕ1ـ
يتضح مف ذلؾ اف البنيوية مف تأسيس (سوسير) لكنيا لـ تعرؼ بعذا االسـ ،
وتظير في الفكر الغربي اال عمى يد الروس في بداية القرف العشريف ،ولعؿ ما يؤكد
ذلؾ مجموعة مف االسباب منيا :
ٔ -إف سوسير لـ يستخدـ لفظ البنيوية ،بؿ كاف يستخدـ لفظ النسؽ منظومة)
ٕ -اف اوؿ مف اطمؽ لفظ (بنية) ىو الروسي (تيتانيوؼ) وأوؿ مف اطمؽ لفظ
البنيوية ىو الروسي (جاكبسوف).
ٖ -اف شتراوس كاف قد اخذ المنيج البنيوي مف كتاب (االطروحات) الذي اىداه
لو استاذه الروسي (جاكبسوف)
ٗ -اف كثي ار مف البنيوييف ذىبوا الى القوؿ بأف الشكمية الروسية ىي البنيوية ،كما
تقدـ .
وصارت منيجا منش ار واشتير في فرنسا في الستينيات ثـ ذاع صيت البنيوية
عمى يد الفرنسي (كمود ليفي شتراوس)
وكانت بداية استخداـ المنيج البنيوي محصورة في عمـ المغة ،كما كاف عند
(سوسير) في بداية التأسيس ،ثـ صار التطور بعد اكتشاؼ البنية في عمـ المغة
الى الكشؼ عف عناصر النظاـ في االدب.
ولما كانت البنيوية عند سوسير في المغة فقط كانت عنده قاعدة التفريؽ بيف المغة
واالقواؿ ،او بيف المغة كنظاـ وبيف المغة كاستعماؿ (كالما) حيث جعؿ المغة
مؤسسة اجتماعية بينما الكالـ او التعبير عمؿ فردي ،م العمـ اف سوسير لـ
يستخدـ كممة بنية ،وانما استخدـ كممة نسؽ ،او منظومة وىي بالمعنى نفسو.
ومف االسس التي قاـ عمييا (سوسير )غ البنيوي ىو ثنائية الداؿ والمدلوؿ ،اراد
بذلؾ اف المغة ليس نظاما مستق ار ومف االمور الجوىرية ،بؿ ىي مف االشكاؿ
غير المستقرة ،وقد قاؿ سوسير عف ذلؾ ( :لبياف اف المغة اليمكف اف تكوف اال
منظومة مف قيـ مجردة يكفي في الحسباف اعتبار العنصريف المذيف يشاركاف في
وظيفتيما وىما االفكار واالصوات ..فكؿ شيء انما يتـ بيف الصورة السمعية
والتصور وذلؾ ضمف حدود الكممة مقدرة كمجاؿ مغمؽ موجود في ذاتو .
فبداية المنيج البنيوي ىو نموذج مستعار مف عمـ المغة ،وكانت البنيوية في
بداية ظيورىا تيتـ بكثير مف نواحي المعرفة االنسانية كػ (عمـ االجتماع ،وعمـ
النفس)
ولـ تدـ البنيوية طويال ،فقد لفظت انفاسيا االخير في فرنسا والعالـ الغربي
عموما في اواخر السبعينات واوائؿ الثمانينات تقريبا ،بؿ اف تمؾ النياية قد بدأت
بعد جاؾ دريدا التي القاىا في مؤتمر جونز ىوبكنز ،مفسحة بذلؾ البنيوية
المجاؿ لمتفكيكية .
أوؿ وأىـ مصادر البنيوية ىي حركة الشكالنييف الروس ،والتي ظيرت في روسيا بيف
عامي ٘ٔ ٔ1وٖٓ ،ٔ1وقد دعت إلى العناية بقراءة النص األدبي مف الداخؿ ،ألف
نظاما أ ْل ُسنًِيا ذا وسائط إشارية (سيميولوجية) لمواق ،وليس
ً عد
األدب مف منظورىـ ُي ّ
انعكاسا لمواق .ولذلؾ استبعدوا عالقة األدب باألفكار والفمسفة والمجتم والتاريخ.
ً
أما المصدر الثاني فػ (ىوالنقد الجديد (الذي ظير في أربعينات وخمسينات القرف
أعالمو أف الشعر ىو نوع مف الرياضيات الفنية (عز ار
ُ العشريف في أمريكا ،فقد رأى
باوند) ،وأنو ال حاجة فيو لممضموف وانما الميـ ىو القالب الشعري (ىيوـ) ،-وأنو ال
ىدؼ لمشعر سوى الشعر ذاتو (جوف كرو رانسوـ)
م وأما المصدر الثالث فيو ذيوع صيت عمـ المسانيات الحديث ،والذي يتقاط
المدرسة الشكالنية الروسية ،ولعؿ ىذا المصدر ىو أىـ مصادر البنيوية ،وال سيما
"ألسنية دي سوسير" الذي ُيعد رائد األلسنية البنيوية ،بسبب محاضراتو (دروس في
األلسنية العامة) التي نشرىا تالمذتو عاـ ٔ1ٔٙبعد وفاتو .وعمى الرغـ مف أنو لـ
ألسنيتو ،فيكوف
ّ يستعمؿ كممة (بنية) إال إف االتجاىات البنيوية كميا قد خرجت مف
وفرؽ بيف المغة
لغويا خاصًّاّ .
نظاما ً
ً ىو قد ميّد الستقالؿ النص األدبي بوصفو
حدث
والكالـ :فػ(المغة) عنده ىي نتاج المجتم لمممكة الكالمية ،أما (الكالـ) فيو َ
فردي متصؿ باألداء وبالقدرة الذاتية لممتكمـ.
مف أعالـ النقد البنيوي في الغرب :روالف بارت ،وتزفيتاف تودوروؼ ،وجيرار جينيت،
وبميخانوؼ وغيرىـ.
أما في العالـ العربي ِ
فمنيـ عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر :حميد الحميداني ،وصالح
فضؿ ،ومحمد مفتاح.
أف ِمف أوائؿ الذيف ُع ّربت مؤلفاتيـ ،ىو جاف ماري أوزياس ،فقد تـ تعريب
ُيذ َكر ّ
كتابو "البنيوية" عمى يد ميخائيؿ مخوؿ ،ونشرتو و ازرة الثقافة السورية عاـ ٕ.ٔ1ٚ
وىو أوؿ دراسة شاممة عف البنيوية تُرجمت إلى المغة العربية .والكتاب يق في
عرؼ فيو بالبنيوية ،وعالقتيا بالمجاؿ الحيوي ،وبعمـ المغة ،وبعمـ
قسميف :قسـ ّأوؿ ّ
برواد البنيوية في مجاالت اختصاصيـ: عرؼ ّ العالمات واإلشارات والدالالت .كما ّ
شتراوس األنثربولوجي ،وفوكو االبستيمولوجي ،والكاف النفساني ،وألتوسير الماركسي.
دراسات لبعض أعالـ البنيوية :شتراوس (يرد عمى وأما القسـ الثاني فقد جم
األسئمة) ،وجيرار جينييت (في النقد البنيوي) ،وبوؿ ريكور في (البنية والتفسير)،
وجاف بويوف في (سارتر وشتراوس) ،ولوقاد ىوش في (االنثروبولوجيا البنيوية).
ي تاـ منغمؽ
ماد ّ
نص ّأف "األدب ّ
إف أبرز المبادئ التي قامت عمييا البنيوية ىو مبدأ ّ
عمى نفسو" ،أي أف دراسة األعماؿ األدبية عممية تتـ في ذاتيا ،بغض النظر عف
منغمؽ في وجو كؿ التأويالت غير البريئة
ٌ المحيط الذي أنتجت فيو؛ فالنص األدبي
قائما عمى
ي في كونو ً ماد ٌّ
أبعادا اجتماعية أو نفسية أو حتى تاريخية ،و ّ
ً التي تعطيو
الج َمؿ .باإلضافة إلى ذلؾ ىناؾ مبدأ ميـ نادى بو روالف بارت
المغة أي الكممات و ُ
ضمف ىذا التصور
أال وىو قولو" :المغة ىي التي تتكمـ ،وليس المؤلؼ" وذلؾ حيف َّ
في مقالتو (موت المؤلؼ) مف كتابو (نقد وحقيقة)؛ وىذا يعني إلغاء شخصية الكاتب
يعد
أف بعض الدارسيف ّ
بعيدا عف كؿ المؤثرات الخارجية .عمى ّلكي يتولّد المعنى ً
ىذه المقالة مف أوائؿ مراحؿ ما بعد البنيوية.
ىذا ،وتجدر اإلشارة إلى أف البنيوية ال تُعنى بالمعنى بالدرجة األولى بقدر ما تُعنى
مسمَّـ بو مفروغ
كأمر َ
إنتاجو َ ِ ِ
وخ ْمقو ،فػ"البنيوية تنطمؽ مف نقطة وجود المعنى ْ
ِ بآليات
منو ،ومف ثـ تتحوؿ عف دراسة المعنى إلى آليات خ ْمؽ المعنى حسب قواعد عممية،
لممعنى" تاما
ً تجاىال
ً باعتباره إليو أشرنا ما وىذا
روف بػأنو نظاـ
بالبعد التاريخي أو التطوري لألدب ،إذ َي ْ
ىذا وا ّف البنيوييف ال يعترفوف ُ
مف الرموز والدالالت التي تولَد في النص وتعيش فيو وال صمة ليا بخارجو ،ليذا
معوقةً لجيود الناقد الراغب في
يعدوف أية دراسة ذات منظور تطوري أو تعاقبي ٍّ ّ
أف المغة
مثال -يرى ّ
اكتشاؼ األبنية التي ينطوي عمييا العمؿ األدبي .فروالف بارت ً -
أساس العمؿ األدبي وعنصر نجاح كؿ إبداع ،ويرى أف ميمة الناقد ىي تقديـ معنى
لمعمؿ األدبي