Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫االستعداد للظهور‪،‬‬
‫إصالح اإلدارة على مستوى األسرة والمجتمع (المحاضرة‪)1‬‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬محرم ‪1441‬‬


‫المكان‪ :‬طهران‪ ،‬جامعة اإلمام الصادق(ع)‬
‫الموضوع‪ :‬االستعداد للظهور‪،‬‬
‫إصالح اإلدارة على مستوى األسرة والمجتمع (المحاضرة‪)1‬‬
‫التاريخ‪ /29 :‬ذي الحجة ‪2019/ 8 /31 ،1440/‬‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫علينا أن ندرك مفهوم اإلدارة كي ال يخدعنا أي مدير‪ /‬ثمة أصول إلدارة المجتمع وهي‬
‫نفسها أصول "إدارة األسرة" و"إدارة الذات"‪ /‬هل يمكن للمستضعفين أن يرثوا األرض‬
‫ويصبحوا أئمتها دون أن يتأهلوا لذلك؟ شرطان لخروج المستضعفين من حالة االستضعاف‬

‫يتبين اليوم أن بعض‬


‫ما هو سبب اإلبتالءات قبل الظهور؟ هو لنكتسب الجدارة واألهلية‪ .‬لماذا َّ‬
‫مسؤولي بالدنا فاسدون؟ ال بد أن نكتسب في النهاية أهلية‪ ،‬كأن نعرف قدر مسؤول جدير‪،‬‬
‫نميز بين مسؤول صالح وآخر فاسد‪ ،‬وأن ننظر إلى المسؤولين في المجتمع بحساسية!‬ ‫أو ّ‬

‫إليكم أهم املقاطع من املجلس األول من سلسلة محارضات علريضا بناهيان يف جامعة اإلمام‬
‫الصادق(ع) تحت عنوان «منط الحياة‪ ،‬أوقع تأثريا من العلم واإلميان»‪:‬‬

‫إدراك صاحب الزمان(عج) وواليته ودولته هو المحور الرئيس للدين في عصرنا‬


‫مثلــا كان الديــن يف بداياتــه متمحــورا ً حــول شــخص الرســول(ص)‪ ،‬وكان املحــور الرئيــس يف الديــن‬
‫هــو قبــول الرســول(ص) شــخص ّياً واإلميــان بــه ونرصتــه والتضحيــة يف ســبيله‪ ،‬فلقــد أصبــح املحــور‬
‫الرئيــس للديــن اليــوم هــو إدراك صاحــب الزمان(عــج) ودولتــه‪ ،‬والتســليم لواليتــه والتضحيــة يف ســبيله‪.‬‬
‫ترســخ هــذا املفهــوم الخاطــئ وهــو أ ّن «الديــن‬ ‫رســخت ومــا زالــت ّ‬ ‫لكــن تعاليمنــا الدينيــة عموم ـاً ّ‬
‫ليــس إال منظومــة لضبــط عالقــة اإلنســان باللــه‪ ،‬وبالطبــع كان لرســول اللــه(ص) أيض ـاً دور يف إبــاغ‬
‫الديــن وهــو(ص) أيض ـاً محــرم!» هــذا وقــد كانــت بدايــة الديــن هــي قبــول شــخص رســول اللــه(ص)‬
‫وإجابتــه‪ ،‬وكان تاريــخ صــدر اإلســام يــدور حــول محــور الدفــاع عنــه(ص) وفدائــه بالنفــس‪ .‬حــن تكــون‬
‫تعاليمنــا الدينيــة عــى هــذا املنــوال فمــن الطبيعــي أن ال يُهضــم مفهــو ٌم مثــل «الواليــة» ج ّيــدا ً‪ ،‬ويشــيع‬
‫التنكُّــر للواليــة‪ ،‬وال يتســ ّنى إدراك معنــى قبــول الواليــة وســيبدو هــذا القبــول أمــرا شــعاريّاً وليــس‬
‫شــعوريّاً! أضــف إىل ذلــك األرضار الجســيمة األخــرى والتــي يُعــد التأخــر يف ظهــور صاحــب العرص(عــج)‬
‫إحــدى تبعاتهــا‪ ،‬عــى الرغــم مــن وجــود هــذا العــدد الهائــل مــن املســلمني الصالحــن املصلّــن‪.‬‬

‫يدر النزاع في صدر اإلسالم حول االعتقاد بالله‪ ،‬بل حول الرسول(ص) نفسه!‬
‫لم ُ‬
‫كان معيــار إســامك يف عهــد صــدر اإلســام هــو «أن تؤمــن بهــذا النبــي وت ُقــ ّر بأنــه رســول اللــه»‪،‬‬
‫وإال فقــد كان الجميــع تقريبــا يؤمــن باللــه يف ذلــك الزمــن‪ ،‬وإن كان هــذا اإلميــان تشــوبه الزوائــد‬
‫والشــوائب‪ .‬ومل يكــن الن ـزاع يــدور حــول العبــادة أيض ـاً‪ ،‬بــل كان حــول شــخص الرســول(ص) نفســه‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫درســونا بهــا يف املــدارس صــ ّورتْ لنــا أن‬ ‫أي حــول أن نؤمــن بــه أو ال نؤمــن‪ .‬لكــن الطريقــة التــي ّ‬
‫الجميــع كانــوا ملحديــن يف صــدر اإلســام‪ ،‬وحــن كان أحــد يتحــدث عــن «اللــه» كانــوا يقولــون‬
‫باســتغراب‪« :‬مــا معنــى اللــه؟!» وكان النبــي(ص) يبــدأ بإثبــات وجــود اللــه لهــم! متامــا كــا نقــوم‬
‫نحــن أ ّوالً بإثبــات وجــود اللــه ألطفالنــا‪ .‬كان رســول اللــه(ص) هــو املحــور يف صــدر اإلســام وبقــي‬
‫ي مــواله»‪ .‬فــا‬ ‫ـت َمــوال ُه فَهــذا ع ـ ٌّ‬
‫كذلــك حتــى النهايــة‪ ،‬ولذلــك قــال(ص) يف يــوم الغديــر‪َ « :‬مــن کُنـ ُ‬
‫يلمنــي أحــد بأنــك «قــد رفعــت شــأن رســول اللــه(ص) إىل مرتبــة أعــى مــن اللــه!» كال! فقــد كان‬
‫اإلميــان باللــه موجــودا ً آنــذاك أيض ـاً‪ ،‬ومل يكــن الن ـزاع حولــه‪ ،‬بــل كان حــول رســول اللــه(ص) شــخصيا‪.‬‬

‫اليوم أيضا يدور النزاع في الدين حول ظهور إنسان غائب‬


‫اليــوم أيضــا يــدور الن ـزاع يف الديــن حــول ظهــور ذلــك الشــخص الغائــب‪ ،‬وليــس حــول التديّــن بــدون‬
‫حضــوره! واليــوم أيضــا ينبغــي أن يبلــغ التديــن مرحلــة يتكلّــل فيهــا بقدومــه! فمجيئــه مــؤرش عــى‬
‫نجاحنــا يف التديــن‪ .‬وإن الســبب يف قتلهــم املتدينــن اليــوم هــو الحيلولــة دون مجيئــه! فمــن كان تدينــه‬
‫ال يهيــئ األرضيــة للظهــور ال يكــرث بــه املســتكربون أبــدا ً فــا بالــك بــأن يقتلــوه! بنــاء عــى ذلــك فــإ ّن‬
‫كل موضــوع يُطــرح اليــوم للنقــاش يجــب أن يحــدد موق َفــه مــن قضيــة ظهــور ويل اللــه األعظم(عــج)‪.‬‬
‫واملوضــوع الــذي ال يحــدد موقفــه تجــاه هــذه القضيــة وتهيئــة األرضيــة واإلمكانيــات للظهــور هــو‬
‫موضــوع أبــر معلــق يف الفضــاء‪ .‬فعــى حــد مــا نُقــل عــن اإلمــام الصــادق(ع) إن هــدف اإلســام مل يكــن‬
‫الطــواف حــول الكعبــة الرشيفــة‪ ،‬فقــد كان هــذا الطــواف قامئـاً قبــل بعثــة الرســول(ص) أيضـاً‪َ « :‬ه َکـذَا‬
‫کَا َن یَطُوفُــو َن ِف الْ َجا ِهلِ َّیــ ِة» (الــکايف‪ /‬ج‪ /8‬ص‪ )288‬فالطــواف بالبيــت العتيــق دون اإلميــان برســول‬
‫اللــه(ع) ليــس هــو إال طــواف الجاهليــة‪ ،‬ودروس األخــاق والعبــادة واألمــور املعنويــة دومنــا اتصــا ٍل‬
‫بظهــور صاحــب العرص(عــج) ليســت إال دروس عهــد الجاهليــة يف األخــاق والعبــادة واألمــور املعنويــة!‬

‫وجود العالقة بالظهور هي إحدى مؤشرات سالمة موضوع البحث وأن له األسبقية‬
‫وكذلــك الحــال بالنســبة ملجالــس عـزاء أيب عبــد اللــه الحســن(ع) واملواكــب الحســينية‪ ،‬فعليهــا أن تحـ ّدد‬
‫موقفهــا مــن قضيــة ظهــور صاحــب العرص(عــج) وإال ال تكــون مقبولــة! والشــاهد وال ُح ّجــة عــى كالمنــا‬
‫واملعيــار لــه هــو زيــارة عاشــوراء التــي يتكــرر يف مقاطــع عديــدة منهــا «الســام عــى الحســن(ع)‪،‬‬
‫واللعــن ألعدائــه‪ ،‬واإلشــارة إىل ظهــور صاحــب الزمان(عــج)»‪ .‬وزيــارة عاشــوراء مــن أكــر زياراتنــا املأثــورة‬
‫محوريــة والتــي تحــدد موقفهــا دامئ ـاً مــن قضيــة ظهــور موالنــا صاحــب األمــر أرواحنــا لــه الفــداء‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫إ ّن مــن مــؤرشات ســامة كل موضــوع دينــي ومعنــوي يتــم طرحــه وأن لــه األســبقية‬
‫مقارنــة بغــره هــو أن يحــدد عالقتــه بقضيــة الظهــور وموقفــه بالنســبة لتوفــر األرضيــة‬
‫للفــرج‪ .‬إذ رمبــا نخــوض يف األخــاق ونتناقــش معــاً حولهــا دون أن تكــون مثــة صلــة لذلــك‬
‫بالظهــور‪ ،‬وهــذا كالطــواف املجــ َّرد مــن رســول اللــه(ص) الــذي كان ميــا َرس زمــن الجاهليــة‪.‬‬
‫نعــم‪ ،‬قــد يُبحــث موضــو ٌع مــا دون أن تُح ـ َّدد عالقتــه بالظهــور‪ ،‬لكــن بإمكانــك أنــت أن تــرى مــا إذا‬
‫كانــت لــه صلــة حقيقيــة بالظهــور أو ال‪ .‬فــإن كانــت الصلــة موجــودة فهــو موضــوع ســليم ولــه األســبقية‪.‬‬

‫تعالوا‪ ،‬هذا العام‪ ،‬نربط األربعينية بصاحب الزمان(عج) أقوى من كل عام‬


‫ينبغــي أن يكــون مجلــس رثــاء أيب عبــد اللــه الحســن(ع) وزيــارة األربعــن أيضــا عــى هــذا املنــوال‪،‬‬
‫تحدثــت هــذا العــام لبعــض‬
‫ُ‬ ‫أي أن تكــون مرتبطــة بصاحــب الزمان(عــج) وبقضيــة الظهــور‪ .‬وقــد‬
‫الرفــاق الذيــن كانــوا يخططــون لزيــارة األربعــن أنــه‪« :‬هل ّمــوا‪ ،‬هــذه الســنة‪ ،‬نربــط بــن زيــارة األربعــن‬
‫وهــذه املســرة الرائعــة العظيمــة وبــن صاحــب الزمــان أروحنــا لــه الفــداء أقــوى مــن كل ســنة»‪.‬‬
‫ريت لَ ُكــم ُمع ـ َّدة»‪ ،‬أي إين جئــت‬
‫وهــذا االتصــال موجــود أساس ـاً‪ ،‬ألنــك تقــرأ يف زيــارة األربعــن‪« :‬ونُ ـ َ‬
‫ـت حزينــا عــى اإلمــام الحســن فحســب دون‬ ‫لنرصتكــم! جئــت لنــرة نجــل اإلمــام الحســن(ع)‪ ،‬فلسـ ُ‬
‫ـت غــر ُمهتَ ـ ّم مبســتقبل الحســن(ع) وأحــزن فقــط‬ ‫أن أكــرث لنجلــه (أي صاحــب الزمان(عــج))! ولسـ ُ‬
‫عــى مــا جــرى عليــه مــن املصائــب يف املــايض! فهــل يُتق َّبــل مثــل هــذا البــكاء برأيكــم؟ اجتمــع عــدد‬
‫مــن الرفــاق قائلــن‪ :‬هــذا العــام ســننطلق باملــي يف مســرة األربعــن مــن «مســجد الســهلة»‪ ،‬أي مــن‬
‫حســن ألربــاب الــذوق وأهــل التوفيقــات‪.‬‬ ‫بيــت صاحــب الزمان(عــج)! وهــذا اق ـراح جميــل وعمــل َ‬

‫ِ‬
‫"المنتظر" أساساً‬ ‫كل شيء فينا يجب أن يكون مهدو ّياً‪ ،‬بل هذا هو معنى‬
‫كل يشء فينــا يجــب أن يكــون مهدويّـاً‪ ،‬بــل هــذا هــو معنــى املنتظــر أساسـاً! حياتنــا‪ ،‬مجتمعنا‪ ،‬سياســتنا‪،‬‬
‫جمهوريتنــا اإلســامية‪ ،‬أخالقنــا‪ ،‬أرستنــا كلهــا يجــب أن تكــون مهدويــة‪ .‬علينــا أن نــرى مــا الــذي يرتضيــه‬
‫صاحــب الزمــان أرواحنــا فــداه يف الوقــت الحارض؟ قــد ال تصدقون ذلــك‪ ،‬لكن مثة أشــخاص يهتمون بضبط‬
‫عالقتهــم باللــه ســبحانه وتعــاىل وتشــغلهم آخرتُهــم أيضـاً‪ ،‬لكــن متُـ ّر عليهــم الســنة تلــو األخــرى مــن دون‬
‫أن يذكــروا صاحــب الزمان(عــج)‪ ،‬بــل ال يريــدون أساسـاً إقامــة عالقة بني دينهــم وبــن ويل األمر(عج)‪ .‬وقد‬
‫يكــون بعضهــم عــى مســتوى رفيع من األخالق وطيبــة النفس ويحســنون أداء الصالة وتــاوة القرآن أيضا!‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ما هي عالقة موضوع بحثنا بصاحب الزمان(عج) والظهور؟‬


‫واآلن نريــد أن نوضــح عالقــة موضــوع بحثنــا بصاحــب الزمان(عج) من خالل هــذه اآلية القرآنيــة الكرمية‪:‬‬
‫« َونُری ـ ُد أَ ْن نَ ُ ـ َّن َعـ َـى الَّذی ـ َن ْاس ـتُ ْض ِعفُوا ِف ْالَ ْر ِض َونَ ْج َعلَ ُه ـ ْم أَ ِئَّ ـ ًة َونَ ْج َعلَ ُه ـ ُم الْوارِثی ـ َن» (القصــص‪.)5/‬‬
‫هــذه اآليــة معروفــة وجميعكــم يعلــم أنهــا حــول الظهــور وآخــر الزمــان‪ ،‬وهــي يف الحقيقــة تختــص‬
‫مبوالنــا صاحــب العــر والزمــان أرواحنــا لــه الفــداء‪ .‬يقــول تعــاىل عــر هــذه اآليــة إننــا نريــد أن منــن عىل‬
‫املســتضعفني ونجعلهــم أمئــة األرض وقادتهــا وحكّامهــا ونريــد أن نورثهــم ثــروات األرض والســلطة فيهــا‪.‬‬

‫الله ّ‬
‫جل وعال يريد أن يجعل المستضعفين "أئمة وورثة السلطة والثروة"‬
‫ال تعنــي هــذه اآليــة أننــا نريــد إنقــاذ مســتضعفي األرض فحســب‪ ،‬أي أن نرســل إليهــم إمامـاً إلنقاذهــم‬
‫فقــط! أو أنهــم كانــوا ســابقاً مســتض َعفني مــن ِقبــل الطاغــوت واآلن باتــوا مســتض َعفني بيــد صاحــب‬
‫الزمان(عــج) وال يظلمهــم أحــد أيض ـاً! القــرآن الكريــم يعـ ّـر عــن يشء آخــر فيقــول‪ :‬إننــا نريــد أن منّــن‬
‫عــى املســتض َعفني ونز ّودهــم بصفتــن‪ :‬اإلوىل هــي أن نجعلهــم أمئــة‪ ،‬أي نولّيهــم إدار َة األرض وحك َمهــا‪،‬‬
‫ال أن ننقذهــم فحســب‪ .‬وبعــد قولــه‪« :‬نَج َعلَ ُهــم امئّــة»‪ ،‬يقــول تعــاىل‪« :‬ونَج َعلَ ُهــم الوارثیــن»‪ ،‬فيكــرر‬
‫كلمــة «نَج َعلَ ُهــم» مــرة أخــرى وهــذا التكـرار يفيــد التأكيــد‪ .‬وقــد كان بامكانــه أن يقــول‪« :‬نجعلهــم أمئــة‬
‫والوارثیــن»‪ ،‬فــاذا أراد ســبحانه بتك ـرار «نَج َعلَ ُهــم» مرتــن؟ أراد القــول‪ :‬إين أريــد أن أنجــز لكــم أنتــم‬
‫املســتضعفني أمريــن‪ :‬أحدهــا هــو أن أجعلكــم أمئــة األرض واآلخــر هــو أن أجعلكــم ورثتهــا! وبالطبــع‬
‫هنــاك أمــر ثالــث أيضـاً يتحقــق تلقائيـاً وهــو نجــاة املســتضعفني وهــو مــا مل يتطــرق إليــه اللــه تعــاىل‬
‫يف هــذه اآليــة الكرميــة أبــدا ً‪ ،‬ألنــه مــن الواضــح أن النجــاة تتحقــق وبعــد ذلــك ســيتحقق األم ـران‪ .‬مــا‬
‫معنــى الوارثــن؟ يعنــي ورثــة الســلطة والــروة! يعنــي أننــا نريــد أن نجعــل املســتضعفني ورثــة الســلطة‬
‫يف األرض وورثــة ثرواتهــا! أنــا أعلــم أنــه حــن أتكلــم عــن الــروة يُصــاب البعــض بصعقــة كهربائيــة مــن‬
‫العيــار الثقيــل! فلــم تنتــه بعــد النزاعــات حــول موضــوع بحــث الســنة املاضيــة‪ ،‬ومــا زال املتح ّجــرون‬
‫ومعهــم املتغربــون ينالــون منــي باإلهانــة واالســتهزاء قائلــن‪« :‬ملــاذا تحــدث فــان عــن الــروة!»‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫هل يتسنى للمستضعفين أن يصبحوا أئمة األرض وورثتها دون أن يكتسبوا الجدارة؟! كان‬
‫بنو إسرائيل مستضعفين يفتقرون إلى الجدارة!‬
‫يريــد اللــه تعــاىل أن يجعــل املســتضعفني ورثــة األرض وأمئــة العــامل يف عمليــة الظهــور! وهنــا ت ُطــرح‬
‫عــدة أســئلة‪ :‬أوال‪ ،‬هــل مــن املعقــول أن يصبــح املســتضعفون أمئــة األرض وورثتهــا دون أن يتهيــؤا‬
‫لذلــك ويكتســبوا الجــدارة الكافيــة؟ وهــل مــن الصحيــح أن يصبــح َمــن ال جــدارة لــه إمامــاً يف‬
‫األرض ووارثــا لهــا؟! أيُعقــل ذلــك؟! ويف هــذا املجــال أكتفــي بذكــر مثــال واحــد‪ :‬كان «بنــو ارسائيــل»‬
‫مســتضعفني يفتقــرون إىل األهليــة والجــدارة! أنقذهــم النبــي مــوىس(ع)‪ ،‬وباتــت النعــم تهطــل‬
‫عليهــم مــن الســاء‪ ،‬وهلــك أعداؤهــم دفعــة واحــدة‪ ،‬لكــن مــاذا حــدث بعــد ذلــك؟ مــا إن غادرهــم‬
‫النبــي مــوىس بــن عمــران(ع) أيامــاً قليلــة ليعــود بعــد ذلــك‪ ،‬حتــى تح ّولــوا إىل عبــدة عجــل! إىل‬
‫هــذا املســتوى كانــوا عدميــي األهليــة‪ .‬أيــن تأثــر تلــك املعاجــز اإللهيــة الكثــرة إذًا؟ لقــد أهلــك‬
‫اللــه ســبحانه وتعــاىل أعــداء بنــي ارسائيــل بــن ليلــة وضحاهــا دون أي قتــال‪ ،‬وأمــام أعينهــم! وكان‬
‫الطعــام يتنــزل عليهــم مــن الســاء «عــى طريقــة الخدمــة الذاتيــة»! وكان ينبــوع املــاء يتفجــر لهــم‬
‫ـت لهــم اثنتــا عــرة عين ـاً مــن املــاء بإعجــاز! هــذه قصــص القــرآن وليســت‬ ‫يف الصح ـراء! فقــد انبثقـ ْ‬
‫شبَ ُهـ ْم َوظَلَّلْنــا َعلَ ْی ِهـ ُم‬ ‫ـر َة َع ْینـاً قَـ ْد َعلِـ َم ک ُُّل أُنـ ٍ‬
‫ـاس َم ْ َ‬ ‫ـت ِم ْنـ ُه اث ْ َنتــا َعـ ْ َ‬‫أســاطري؛ يقــول تعــاىل‪« :‬فَانْ َب َج َسـ ْ‬
‫الس ـلْوى‏» (األع ـراف‪ )160/‬الهــي ملــاذا تــرد علينــا هــذه القصــص يف‬ ‫الْ َغــا َم َوأَنْ َزلْنــا َعلَ ْی ِه ـ ُم الْ َم ـ َّن َو َّ‬
‫القــرآن؟ وكأ ّن اللــه ســبحانه يقــول لنــا‪ :‬أتــرون صنيعــي لهــؤالء القــوم! فهــل تظنــون أنهــم اهتــدوا؟‬
‫انظــروا مــا أقَـ َّـل جدارتهــم! فقــد كنــت أريــد أن أجعلهــم أمئــة األرض ووارثيهــا لكنهــم هلكــوا جميع ـاً!‬

‫ما هو سبب االبتالءات قبل الظهور؟ لنكتسب الجدارة والقابلية!‬


‫مــاذا علينــا أن نفعــل يف آخــر الزمــان حيــث يريــد اللــه أن يبعــث آخــر إمــام؟ علينــا أن نزيــح األعــداء‬
‫عــن الطريــق واحــدا ً واحــدا ً ليظهــر موالنــا! جــاء يف روايــة عــن اإلمــام الباقــر(ع)‪« :‬إِنَّ ُه ـ ْم یَقُولُــو َن إِ َّن‬
‫ـي ِب َیـ ِـد ِه‬ ‫ـال‪ :‬ک ََّل َوالَّـ ِـذي نَ ْفـ ِ‬ ‫الْ َم ْهـ ِـد َّي لَـ ْو قَــا َم لَ ْسـتَقَا َم ْت لَـ ُه ْالُ ُمــو ُر َع ْفــوا ً َولَ یُ َهرِیـ ُـق ِم ْح َج َمـ َة َد ٍم‪ .‬فَ َقـ َ‬
‫ـج ِفــی َو ْج ِه ـ ِه‪ .‬ک ََّل‬ ‫لَـ ِو ْاس ـتَقَا َم ْت ِلَ َحـ ٍـد َع ْفــوا ً لَ ْس ـتَقَا َم ْت لِ َر ُســو ِل الل ـ ِه(ص) ِحی ـ َن أُ ْد ِم َیـ ْ‬
‫ـت َربَا ِع َیتُ ـ ُه َوشُ ـ َّ‬
‫ـح َج ْب َهتَ ـ ُه» (الغیبــة للنعــاين‪/‬‬ ‫ـح نَ ْح ـ ُن َوأَنْتُ ـ ُم الْ َع ـ َر َق َوالْ َعلَـ َـق ث ُـ َّم َم َسـ َ‬
‫ـي ِب َیـ ِـد ِه َحتَّــى نَ َْسـ َ‬
‫َوالَّـ ِـذي نَ ْفـ ِ‬
‫صــص‪283‬و‪( .)284‬وهــو كنايــة عــن الظــروف الحربيــة الصعبــة‪ ،‬حيــث ال يكــون لديكــم الوقــت الــكايف‬
‫لغســل الوجــه يف معمعــة القتــال‪ ،)..‬ولــن يتحقــق الظهــور إال بعــد تع ـ ّدي هــذه الصعــاب واملشــقات‪.‬‬
‫مــا هــي الحكمــة مــن هــذه اإلبتــاءات قبــل الظهــور؟ لــي نكتســب الجــدارة والقابليــة‪ .‬اليــوم ملــاذا‬
‫يتبـ ّـن أن بعــض مســؤويل البــاد فاســدون؟ عــى كل حــال ينبغــي أن نكتســب نوع ـاً مــن األهليــة‪ ،‬كأن‬
‫نعــرف قيمــة املســؤول الصالــح‪ ،‬ومن ّيــزه عــن الفاســد‪ ،‬وننظــر إىل املســؤولني يف املجتمــع بحساســية!‬

‫‪6‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ال بــد أن نتهيــأ‪ ،‬فــإن أراد املســتضعفون أن يصبحــوا أمئــة العــامل وورثــة األرض فــا بــد أن يبلغــوا‬
‫مــن األهليــة والقابليــة مــا يردعهــم عــن ح ـ ّز رؤوس بعضهــم البعــض إن امت ـدّتْ لهــم مائــدة الغنائــم!‬
‫ينبغــي أن يتعاملــوا بشــكل صحيــح مــع الغنائــم والــروات املوجــودة يف األرض والتــي يريــد اللــه‬
‫أن يهبهــا للمســتضعفني‪ .‬إن أثــ َرى أح ُدهــم ال يشــتموه دومنــا ســبب‪ ،‬وإن أصبــح بعضهــم أثريــاء ال‬
‫يســمحوا ببقــاء فقــر يف املجتمــع! وبالطبــع ال ينبغــي أن يــرى أحــد عــر األســاليب غــر املرشوعــة‪.‬‬

‫ال بد للمستضعفين أن ُي ِ‬
‫وجدوا في أنفسهم األرضية والجدارة ليصبحوا أئمة األرض وورثتها‬
‫يعـ ّـر تعــاىل يف هــذه اآليــة الكرميــة عــن إرادتــه ل َج ْعــل املســتضعفني أمئــة األرض وورثتهــا‪« :‬نَ ْج َعلَ ُه ـ ْم‬
‫أَ ِئَّــ ًة َونَ ْج َعلَ ُهــ ُم الْوارِثیــ َن» (القصــص‪ .)5/‬وال بــد للمســتضعفني الذيــن يريــدون بلــوغ درجــة إمامــة‬
‫األرض ووراثتهــا أن يكتســبوا القابليــة والجــدارة‪ ،‬فقــد قــال تعــاىل يف الذكــر الحكيــم‪« :‬إِ َّن الل ـ َه ال یُ َغ ِّی ـ ُر‬
‫يغــروا هــم‬ ‫يغــر اللــه مصــر قــوم حتــى ّ‬ ‫مــا ِبقَــ ْو ٍم َحتَّــى یُ َغ ِّیــ ُروا مــا ِبأَنْف ُِســ ِه ْم» (الرعــد‪ ،)11/‬فــا ّ‬
‫مصريهــم أ ّوالً ويبــادروا لخلــق هــذا التغيــر‪ .‬إن َج َمعنــا بــن اآليتــن فســنخرج بهــذه النتيجــة‪ :‬أيهــا‬
‫املســتضعفون‪ ،‬يــا َمــن يريــد اللــه أن يجعلكــم أمئــة ويجعلكــم وارثــن‪ ،‬عليكــم أنتــم أيض ـاً أن تثــوروا‬
‫للخــروج مــن ثقافــة االســتضعاف! هــذه هــي فلســفة الجمهوريــة اإلســامية أساس ـاً! ســاحة اإلمــام‬
‫الخمينــي(ره) اقتبــس مفــردة املســتضعفني مــن القــرآن الكريــم وأقحمهــا يف أدبيــات املجتمــع السياســية‪.‬‬
‫هــذه هــي ثــورة املســتضعفني ضــد املســتكربين‪ .‬فــا بــد للمســتضعفني‪ ،‬يف هــذه املــدة املتبقيــة للظهــور‬
‫‪ -‬والتــي ســتكون قصــرة إن شــاء اللــه نظ ـرا ً الكتســاب هــذه األمــة الجــدارة والقابليــة – ال بــد لهــم‬
‫أن يهيئــوا يف أنفســهم األرضيــة املناســبة ويكتســبوا الجــدارة الالزمــة إلمامــة العــامل ووراثــة األرض‪.‬‬

‫شرطان لخروج المستضعفين من حالة االستضعاف‬


‫هنــاك رشطــان لخروج املســتضعفني من حالة االســتضعاف‪ :‬الرشط األول هو أن يكون منــط حياتهم مطابقاً‬
‫لنمــط الحيــاة اإلســامية الصحيحــة‪ .‬والــرط الثــاين هــو أن يكــون ُحـكّام مجتمــع املســتضعفني أصحــاب‬
‫جــدارة وكفــاءة‪ .‬وقــد تحدثنــا حول الرشط األول يف الســنة املاضية يف هــذا املجلس بالــذات‪ ،‬والرشط الثاين‬
‫هــو موضــوع حديثنــا يف هــذه الســنة‪ .‬يف املجتمــع الدينــي ينبغــي أن يكــون وجهــا هــذه العملــة يف قمــة‬
‫الســامة والصــواب‪ :‬األول كيــف تعيــش الرع ّيــة؟ فــا بد أن ال يســمح من ُط حيــاة الناس ألحد باســتعبادهم‬
‫بســهولة‪ .‬واألمــر الثــاين هــو أن ال يحــذو ُرعــاة املجتمــع و ُحكّامــه حــذو الطواغيــت يف منــط حياتهــم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫محــور الحديــث يف الســنة املاضيــة كان يــدور حــول رضورة تغيرينــا لنمــط الحيــاة وال ســيام بالنســبة‬
‫ملوضــوع «املعيشــة»‪ ،‬فــا يــزول هــذا االســتضعاف إال إذا كَـ َّد املســتضعفون متكاتفني لكســب معيشــتهم‪،‬‬
‫فاإلميــان الــذي يحملــون يجعلهــم يتبادلــون الثقــة‪ ،‬وتديّنهــم يصونهــم مــن خيانــة أحدهــم لآلخــر‪.‬‬
‫فــإن أصبــح املســتضعفون أثريــاء كل عــى حــدة‪ ،‬فهــذا هــو النظــام الرأســايل بعينــه! فكيــف يخــرج‬
‫املســتضعفون مــن االســتضعاف دون أن يتحولــوا إىل مســتكربين؟ حــن يجتمع املؤمنون ومرتادو املســاجد‬
‫وأصحــاب املجالــس الدينيــة وينقــذون معيشــتهم متعاونــن! فــإ ّن مــن ضعــف إمياننــا أن ال نثــق ببعضنــا‬
‫البعــض وال نعمــل ســوياً‪ ،‬كــا أ ّن من عدم تديّننــا أن ال نعمل! هذا هو مل ّخص محارضاتنــا يف العام املايض‪.‬‬

‫التمرن على إمامة األرض ووراثتها‬


‫ّ‬ ‫اليوم هو أوان‬
‫مبــا أنــه مــن املفــرض أن يصبــح املســتضعفون واريث األرض وأمئتهــا فــا بــد أن يكتســبوا القابليــة الالزمــة‬
‫لذلــك قبــل الظهــور‪ .‬واليــوم هــو أوان مت ّرنهــم عــى أن يكونــوا مــن أمئــة األرض ووارثيهــا‪ .‬ومــن خــال هذا‬
‫التمريــن‪ ،‬ينبغــي ألف ـراد الشــعب أوالً أن يلتزمــوا بنمــط صحيــح للحيــاة حتــى ال يصنعــوا الطواغيــت‪.‬‬
‫فــإن بدأنــا باســتثامر أموالنــا بأنفســنا بشــكل جامعــي وتعــاو ّين فســن ُحول دون ازدهــار اقتصــاد الريــع‪،‬‬
‫وهــذه الطريقــة هــي أفضــل الطــرق ملنــع الريــع‪ ،‬وهــي التــي يعـ ّـر عنهــا الســيد القائد(حفظــه اللــه)‬
‫بهــذه العبــارة‪« :‬االقتصــاد ينبغــي أن يكــون شــعبياً»‪ ،‬أو كــا قــال ســاحته يف اآلونــة األخــرة مــن أن‬
‫ـوم‬
‫رائــد األعــال كاملجاهــد يف ســبيل اللــه‪ .‬يقــول تعــاىل يف القــرآن الكريــم‪« :‬إ َّن اللــه الیُ َغ ِّی ـ ُر مــا بقـ ٍ‬
‫حتــی یُ َغ ِّیــروا مــا بأنفُســهم»‪ ،‬حســناً‪ ،‬مــاذا علينــا أن نغــره اآلن؟ علينــا أن ننتفــض ونخــرج مــن حالــة‬
‫ـتكبا ً أيض ـاً‪.‬‬
‫االســتضعاف‪ .‬فــا يُستحســن أن يكــون مجتمعنــا مســتض َعفا‪ ،‬وبالطبــع ال ينبغــي أن يكــون مسـ ِ‬
‫وضب طائــرة‬ ‫لقــد شــاهدتم كيــف انحنــى العــامل لكــم إجــاالً مبجــرد اســتيالئكم عــى إحــدى زوارقهــم َ‬
‫مــن طائراتهــم! نعــم‪ ،‬يجــب عــى املســتضعفني أن يكتســبوا هــذه القــوة والجــدارة ويتمكنــوا مــن‬
‫الدفــاع عــن أنفســهم‪.‬‬

‫القاعدتان الضروريتان لخروج المجتمع من حالة االستضعاف‪:‬‬


‫إن قيــادة مجتمعنــا قيــادة دينيــة وقائدنــا هــو رجــل ديــن وفقيــه‪ .‬فلــاذا طلــب ســاحته مــن الشــباب‬
‫صانعــي الصواريــخ أن يصنعــوا صواريــخ نقطيــة؟ لتتحقــق هــذه اآليــة الرشيفــة‪« :‬ونُرِیـ ُد أَن نَّ ُـ َّن َعـ َـى‬
‫ال َِّذی ـ َن ْاس ـتُ ْض ِعفُوا ِف الْ َ ْر ِض ونَ ْج َعلَ ُه ـ ْم أَ ِئَّ ـ ًة َونَ ْج َعلَ ُه ـ ُم الْ َوا ِرثِیــن»‪ .‬فالقائــد الدينــي‪ ،‬بطبيعــة الحــال‪ ،‬ال‬
‫بــد وأن يبــذل قصــارى جهــده لتح ُّقــق هــذه اآليــات‪ .‬أَفَيقتــر دور القائــد الدينــي عــى تعليــم الصــاة؟!‬

‫‪8‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫مــا الــذي يجعــل قائــدا ً دينيــاً‪ ،‬وعــى مــدى عــر ســنوات تقريبــاً‪ ،‬يُطلــق عــى الســنوات عناويــن‬
‫اقتصاديــة؟ ملــاذا يؤكــد عــى االقتصــاد املقــا ِوم؟ ألنــه ينبغــي عــى القائــد الدينــي أن يقــود‬
‫املجتمــع ليخــرج مــن حالــة االســتضعاف‪ ،‬ألن الديــن يريــد لنــا ذلــك‪ .‬مثــة قاعدتــان رضوريتــان‬
‫لخروجنــا مــن حالــة االســتضعاف‪ :‬األوىل أن يصلُــح وضــع النــاس مــن ناحيــة املعيشــة‪ ،‬والثانيــة‬
‫أن يتــم إصــاح األســاليب اإلداريــة التــي يعتمدهــا املســؤولون يف املجتمــع‪ .‬ولقــد تحدثنــا‬
‫الســنة املاضيــة عــن القاعــدة األوىل ونريــد أن نتحــدث هــذا العــام عــن اإلصــاح اإلداري‪.‬‬

‫ثمة أصول إلدارة المجتمع ال تختلف عن أصول "إدارة األسرة" و"إدارة الذات"‬
‫نريــد أن نتحــدث عــن أصل اإلدارة دون أن نخوض يف السياســة بشــكل مبارش‪ .‬وســنبدأ مــن «إدارة الذات»‬
‫لنفهــم مــا معنــى هذا املصطلح أساسـاً؟ ثم نتحــدث عــن إدارة األرسة‪ ،‬وهي أصغر مجتمــع يعيش فيه كل‬
‫إنســان‪ ،‬لنشــاهد كيــف تتجــى اإلدارة يف األرسة؟ ثــم نصــل إىل إدارة املجتمع‪ .‬هدفنا يف هــذه األيام العرشة‬
‫مــن محــرم الحرام هو دراســة قواعد النجاح املشـ َركة بني اإلدارات الثالث‪ ،‬إدارة الــذات واألرسة واملجتمع‪،‬‬
‫حتــى يتبــن أن املواضيــع الرتبويــة غــر منفصلــة عــن املواضيــع السياســية ويغــدو واضحـاً أن «تديّ َننــا هو‬
‫سياســتنا ذاتهــا»‪ .‬هنــاك مبــادئ أو أصــول إلدارة املجتمع ال تختلف عــن أصــول إدارة األرسة وإدارة الذات!‬

‫ينبغي أن نكون جميعاً على إلمام بأساليب اإلدارة حتى ال يخدعنا أي مدير‬
‫حســنا ملــاذا نريــد أن نتكلــم اآلن عــن اإلدارة؟ هذه اآليــة الكرمية هي إحــدى األســباب‪َ « :‬ونَ ْج َعلَ ُهـ ْم أَ ِئَّة»‪.‬‬
‫إ ّن مــن املفــرض أن تصبــح إمامـاً‪ ،‬وأن تصبــح مديـرا ً‪ ،‬وأن تكتســب الكفــاءة الالزمــة لــإدارة‪ .‬بالطبــع ليس‬
‫ـول الجميــع مناصــب إداريــة‪ ،‬فــا ميكــن أن يصبــح الجميــع مديريــن‬ ‫املقصــود مــن هــذا الــكالم أن يتـ ّ‬
‫و ُحكّامـاً‪ ،‬ألنــه ال يحكــم أكــر مــن حاكــم واحــد يف كل مدينــة‪ .‬لكــن إن كان الجميــع مؤهلــن للحكــم فــا‬
‫يســتطيع الحاكــم املامطلــة يف شــؤونهم واللعــب عليهــم يف تلــك املدينــة! ألن قاطبــة الناس خبــرة بأًصول‬
‫اإلدارة وال ميكــن خداعهــا‪ .‬ال بــد أن نكــون جميعـاً مؤ َّهلــن لــإدارة و ُمل ّمــن بهــا حتــى ال يحتــال علينــا‬
‫أي مديــر‪ .‬فــإن أراد املســتضعفون الخــروج مــن حالــة االســتضعاف تو َّجــب عليهــم أن يكونــوا عــى إملــام‬
‫نفســه‬
‫ـول مديـ ٌر أم َرهــم يــدرك أنــه ال ميكــن خداعهــم! أو إذا ح ّدثتْــه ُ‬ ‫بالســياقات اإلداريــة‪ ،‬حتــى إذا تـ ّ‬
‫التهــات!‬ ‫باتخــاذ ق ـرار خاطــئ يخشــاهم‪ ،‬ال أن يتّخذهــم ُه ـ ُزوا ً ويسوســهم مبنطــق املشــاهري وإطــاق ُ ّ‬

‫‪9‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫لماذا يحكمون الناس في الغرب من خالل تضليل الرأي العام؟ ألن الناس ال يعرفون أساليب‬
‫اإلدارة فينخدعون‬
‫ملــاذا يحكمــون النــاس يف الغــرب مــن خالل تضليل الــرأي العام؟ ألن عامــة الناس ال تعرف أســاليب اإلدارة‬
‫فبــات الــرأي العــام كدميــة يف أيــدي الحــكام‪ .‬بــل إن الكثــر مــن النــاس ال يحلمــون حتــى أن يحلّــوا محل‬
‫مديــر أو مســؤول غــريب‪ ،‬فــرى لســان حالهــم يقــول‪ :‬أعطونــا رغيف العيــش فقــط وال تهمنا باقــي األمور!‬
‫هــذا هــو الحــال يف املجتمــع الغــريب‪ ،‬لكــن يف مجتمــع صاحــب الزمان(عــج) يصبــح املســتضعفون «أمئة»!‬
‫يصبــح املســتضعفون «وارثــن»‪ .‬هــذا مــا جــاء يف آيــات القــرآن‪ ،‬فلامذا ال نســر يف هــذا االتجــاه؟! ال بد أن‬
‫يحيــط الجميــع بأصــول اإلدارة‪ ،‬ينبغي أن تُعلَّم هذه األصول وتُد َّرس يف ريــاض األطفال واملدارس اإلبتدائية‬
‫حتــى يتعلّمهــا الجميــع‪ .‬فليصبــح جميع الناس مســئولني وليتح ّولوا إىل أشــخاص يعيشــون الحالــة اإلدارية‪.‬‬

‫لكي يصبح المستضعفون أئمة ال بد أن يكون الجميع على إلمام باإلدارة‬


‫لــي يصبــح املســتضعفون أمئــة ال بــد أن ميتلــك الجميــع موهبــة اإلدارة‪ ،‬والعقليــة اإلداريــة‪ ،‬والخطــاب‬
‫اإلداري‪ ،‬والقابليــة اإلداريــة‪ ،‬فأيّــاً أراد اإلمــام(ع) تعيينــه يف الصــدارة كان كل واحــد أكــر اســتحقاقاً‬
‫مــن اآلخــر! هكــذا تنجــو األ ّمــة‪ ،‬فلــن يتحقــق الفــرج بعــدد قليــل مــن الجديريــن إن كانــت الغالبيــة‬
‫تعــاين مــن الســذاجة وعــدم الكفــاءة والجــدارة! مــا خلقَنــا الل ـ ُه ســبحانه وتعــاىل لنكــون نعاج ـاً‪ ،‬ال أن‬
‫ـت مــن مخالــب الذئــب لتقــع تحــت رحمــة إنســان! كال‪ ،‬إن اللــه تعــاىل يريــد أن‬ ‫نكــون نعاج ـاً ن َجـ ْ‬
‫كل مــن هــؤالء الراقــن‪« :‬عــى الرغــم مــن جــداريت‬ ‫يجعــل منــا جميع ـاً أناس ـاً راقــن‪ .‬وعندهــا يقــول ٌّ‬
‫الكافيــة للقيــام مبائــة عمــل آخــر إال أن دوري اآلن هــو إنجــاز هــذه املهمــة ألين كُلّفــت بذلــك‪ ،‬ألن إمــام‬
‫زمــاين يطلــب ذلــك‪ .»...‬تصـ ّوروا مــا ألـ َّذ هــذا النمــط مــن الحيــاة! كان أبــو الفضــل العبــاس(ع) يتمتــع‬
‫بجــدارة ت ُ َؤ ّهلــه لزعامــة العــامل بــأرسه‪ ،‬وليــس قيــادة عســكر أيب عبــد اللــه الحســن(ع) فحســب‪ .‬لكــن‬
‫اإلمــام الحســن(ع) كلّفــه بجلــب املــاء‪ ،‬فتص ـ ّوروا كــم كان رائع ـاً شــعور العبــاس(ع) يف تلــك اللحظــة‪..‬‬

‫‪10‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫انزع عن قلبك حب الرئاسة حتى تتأهل لإلدارة ولفهمها‬


‫حب للرئاســة أو طمع يف التسـ ُّيد عىل اآلخرين‪.‬‬ ‫نســأل الله أن يجعلنا من أمئة األرض إن شــاء تعاىل‪ ،‬دومنا ٍّ‬
‫ـب أن نكون الـراب الذي تحــت أقدام‬ ‫ـب خدمــة اآلخريــن و ُحـ ّ‬
‫نســأل اللــه أن يهبنــا هــذه القابليــة مــع ُحـ ّ‬
‫ُم ِح ّبــي اإلمام(عــج) ومديــري دولتــه! أن نُ ْس ـلِم الـ َ‬
‫ـروح إىل بارئهــا مغموريــن‪ ،‬فيــأيت موالنــا الحجــة بــن‬
‫الحســن العســكري(عج) إىل مرصعنــا ويقــول‪ :‬إن هــذا الغريب الــذي ترونه كان بإمكانــه إدارة العامل بأرسه‬
‫لــو أُعطيــه! إننــا نريــد إحيــاء هــذا الحــب يف نفوســنا كــا نريــد تنميــة جميــع تلــك املواهــب والقابليــات‬
‫مبــوازاة ذلــك‪ .‬فــا تطلــب الرئاســة حتــى تحيــط بهــا عل ـاً وتكتســب قابلياتهــا وقدراتهــا ومؤ ّهالتهــا!‬

‫‪11‬‬

You might also like