Professional Documents
Culture Documents
فضائح شركتي انرون وورلد كوم
فضائح شركتي انرون وورلد كوم
مقدمة
خاتمة
1
مقدمة
ظهرت المحاسبة منذ القدم وتطورت بتطور المجتمعات إلى أن أصبحت على ما هي عليه اآلن
.حيث تعتبر علم مستقل بذاته له أساليبه تقنياته ومبادئه غير أن ذلك ال ينف وجود بعض النقائص
والثغرات والتي يمكن أن يستعملها المحاسب للتالعب بالمعلومات الموجودة على مستوى القوائم المالية بما
يخدم مصلحة الشركة في إطار ما يعرف بالمحاسبة اإلبداعية هذه األخيرة لها آثار سلبية أكثر من
اإليجابية سواء على الشركة أو المجتمع ككل ومن أهمها عدم مصداقية القوائم المالية والتي تؤدي في
بعض الحاالت إلى وقوعها في مشاكل أكثر خطورة وهي الفشل وخير مثال على ذلك شركة إنرون
األمريكية وورلدكوم التي تعرضت لالنهيار واالنسحاب كلية من السوق بعد سنوات من تحقيق أرباح
خيالية.
شهد العالم خالل العقود الثالثة الماضية قضايا فساد مالية كبيرة أدت إلى انهيارات مالية وفضائح
إدارية في المؤسسات الرائدة العمالقة في العديد من دول العالم كالواليات المتحدة األمريكية ودول شرق
أسيا وروسيا كإنرون و ورلدكوم ...إلخ ،مما أدى إلى تأثر اقتصاديات الدول التي تنتمي إليها ،وتكبد
المساهمين فيها خسائر فادحة ،ونسبت المسؤولية عن ذلك إلى الهيئات اإلدارية في المؤسسات ولمجالس
اإلدارة فيها ،و إخفاق المراجعين الداخليين والخارجيين ،وعزى ذلك إلى وجود ضعف أو فشل لدى مجالس
اإلدارة في عمليات اإلشراف والرقابة ،وكذلك إلى قصور في عمليات المساءلة المؤسسية ألخطاء المديرين
مما ساعد على انتشار الفساد المالي واإلداري ،وارتكاب المخالفات المتعلقة بالعمليات المالية و إفتقار
الشفافية والوضوح والدقة في البيانات المالية المعلنة مما جعل األطراف ذات العالقة ومن أبرزهم
المستثمرون والمتعاملون في سوق األوراق المالية غير قادرين على اتخاذ ق ارراتهم االقتصادية الرشيدة .
وكانت النتيجة المنطقية لحدوث حاالت االنهيارات المالية واإلخفاقات التي حدثت أن سارعت كثير من
المؤسسات الدولية وبورصات األوراق المالية والمنظمات المهنية في العديد من الدول بوضع مجموعة من
القوانين والضوابط واألعراف واألنظمة والمبادئ األخالقية للرقابة المالية وغير المالية على إدارة المؤسسة،
وذلك لحماية المستثمرين واألطراف ذات العالقة من التالعب المالي والفساد اإلداري وتعزيز الثقة
والمصداقية في المعلومات المحاسبية المحتواة في القوائم المالية المعلنة ،التي يحتاج إليها مستخدموها
وخاصة المستثمرون المتعاملون في سوق األوراق المالية.
من هذا المنطلق ماهي التالعبات المحاسبية والمالية في فضيحتي إنرون و وولد كوم ؟ و ما
تأثيرها على العملية المحاسبية؟
2
المبحث األول :فضيحة شركتي إنرون وورلدكوم
تأسست شركة إنرون في جويلية 5891نتيجة الندماج شركة هيوستن للغاز الطبيعي وشركة
إنترموث وهما شركتا أنابيب الغاز الطبيعي وكانت الشركة من أكبر سبع شركات في البالد ووظيفتها
تسهيل نقل الغازبين المنتجين والمستعملين لهوهي تمتلك خطوط أنابيب للغاز الطبيعي يبلغ طولها 03
1
ألف ميل تربط بين الواليات األمريكية المختلفة .
لقد تنامى سعر الشركة على مدار السنوات حتى وصل إلى 83دوال ار في منتصف 0333ولكنه
فقد قيمته فجأة حتى أصبح حوالي 83سننا في ، 0335مما أدى إلى ظهور بنود السداد في وسائل
التمويل التي لم تستطع إنرون التعامل معها ،انتقل تصنيفها االئتماني إلى وضع غير مرغوب فيه مما
تسبب في انهيار سعر السهم وتسبب في مزيد من بلورة التزامات الديون رفضت البنوك المزيد من التمويل
.ورفض الموردون التوريد وتوقف العمالء عن الشراء في بداية ديسمبر ،0335رفعت إنرون دعوى أكبر
إفالس شهدته الواليات المتحدة حتى اآلن وأدى هذا بدوره إلى القضاء على واحدة من أكبر شركات
المحاسبة في العالم وهي شركة r Andersenوالتي كان يعتقد أنها أخلت بمعاييرهاالمينية في تعامالتها
مع عميلها Enronلدرجة أنها كانت من نواح عديدة متواطئة في السلوك اإلجرامي للشركة .
تعد شركة انرون من اكبر الشركات في أمريكا المتخصصة في الطاقة ،ولذلك فان إفالسها يعد
ضربة موجعة لالقتصاد األمريكي والعالمي ككل ،لذلك البد من البحث في أسباب انهيار هذه الشركة ،وقد
أرجع الباحثين والمتتبعين األمر إلى أمر الفساد المالي الذي عم في تلك الشركة ،إذا فاألمر يتعلق
بأخالقيات المهنة ،ففي 0335/53/51قامت الشركة باالعالن عن تخفيض أرباحها التي نتجت جراء
تعاملها مع الشركات االستثمارية( (LJM2 & LJM1بمبلغ 155مليون دوالر ،وهي شركات تم إنشاؤها
وإدارتها من طرف FASTOW.كما أعلنت أيضا تخفيض حقوق ملكية المساهمين بمبلغ 0.5بليون
دوالر المرتبطة بنفس العمليات السابقة ،وبعد قيام شركة انرون بإعادة هيكلة قوائمها المالية بعد ستة
1رشا حمادة دور لجان المراجعة في الحد من ممارسات المحاسبة اإلبداعية مجلة جامعة دمشق للعلوماالقتصادية والقانونية
، )0202(،ص . 02
3
أشهر للفترة 0335-5881تبين أن هناك تخفيضات أكبر مما جاء في إعالن 16/10/2001 .كما تم
اكتشاف أيضا أن FASTOWتلقى مبلغ 03مليون دوالر من شركتي LJM1و، LJM2وكل ما سبق
19أدى إلى فقدان انرون ثقتها في السوق فانهارت وأعلنت إفالسها .لقد قام مجلس إدارة شركة Enron
بتشكيل لجنة للوقوف على األسباب الحقيقية وراء هذه األزمة ،وقد قررت هذه اللجنة ما يلي :هناك
بعض الموظفين أصبحوا أغنياء في فترة وجيزة ،وهذا األمر لم تفصح به الشركة ،وقد تلقى هؤالء
األشخاص مبالغ من غير تبرير وهم :تلقى FASTOW 30مليون دوالر من طرف شركتي LJM1و
LJM2؛ تلقى KOPPERموظف سابق في Enronومالك لشركة 53 .Co Chewمليون دوالر.
تلقى موظفان آخران لم يفصح عن اسميهما مليون دوالر لكل منهما؛ كما تلقى البعض اآلخر من
الموظفين عدة مئات من أولوف الدوالرات .وكشفت اللجنة انه ال توجد أدلة تدين باقي الموظفين ما عدا
،FASTOWوان إدارة شركة انرون قد دخلت في عمليات استثمارية مع الشركات االستثمارية لم تكن
هناك ضرورة للقيام بها ،وقد صممت بشكل مدروس لالختالسات ،واكتشفت أن هنالك عمليات تم تطبيقها
بشكل غير صحيح والغريب في األمر هو موافقة المستشارين الماليين ،وما نخصه بالذكر هنا أن شركة
انرون مالكة للشركات االستثمارية ولم يكتشف ذلك إال بعد االنهيار .وبينت اللجنة أيضا أن الشركة
الخارجية للتدقيق Andersonالتي قامت بتدقيق العمليات المحاسبية األصلية بالتعامل مع الشركات
1
االستثمارية هي عمليات ذات هيكلة مغلوطة ومخالفة للمبادئ المحاسبية.
ويرى بعض المحللين أن شركة Enronوقعت في عدة أخطاء ،بل صممتها ألجل إحداث مختلف
التالعبات المالية وهذا ما يؤكد أن السبب الرئيسي يكمن في عدم االلتزام بأخالقيات المهنة ومن جملة
هذه األخطاء ما يلي:
تحايلت في تقديم ميزانيتها المجمعة ذلك أنها لم تتضمن أرقام بعض هذه الوحدات والشركات التي كانت
تسجل خسائر كبيرة؛ تداولت بعقود طويلة األجل وعقود آجلة ليس لها سعر محدد في السوق وكانت
تحتسب قيمتها بطريقتها الخاصة مما فتح الباب أمام التالعب بتحديد األرباح والخسائر الفورية وتبريرها؛
بعض المحللين ع از انهيار شركة Enronإلى نظام تقييم االستثمارات حسب سعر السوق حيث أن هناك
مجاال واسعا الحتساب سعر السوق خصوصا في مجال األدوات المشتقة غير المدرجة في األسواق
النظامية والتي كانت تشكل جزءا مهما من عمليات التداول لدى الشركة .ومن النادر أن تلقى شركة بهذا
الحجم الكبير والشهرة نهايتها على هذا النحو من السرعة .لقد كانت أكبر حالة إفالس في امريكا ،وفقد
4
الكثير من العاملين البالغ عددهم عشرين ألفا التاريخ األمريكي .وفقد اآلالف من العاملين وظائفهم على
الفور تقريبا مدخرات المعاش التقاعدي الخاصة بهم ،بعد أن كانت الشركة قد شجعتهم على شراء أسهم
Enronبسندات المعاش التقاعدي .كما فقدت صناديق المعاشات في أنحاء البالد مليارات الدوالرات من
جراء عملية االستثمار .
تتمثل أهم األسباب التي أدت إلى انبار شركة إنرون فيما يلي:1
1أنيسة سدرة ومحمد بن قطاف انهيار شركة إنرون سنة 0220من منظور مبادئ حوكمة الشركات مجلة أبحاث ودراسات
التنمية ، )0202( ،ص. 02
2
Jean François, d. r.,& autres, e. (2004). Normes IFRS et PME. France:Dunod.
5
المطلب الثاني :فضائح شركة وولد كوم
تعد شركة وورك كوم ثاني أكبر شركة لالتصاالت في الواليات األمريكية ،لها أكثر من 03مليون
عميل وبلغ عدد موظفيها ألف وتشمل عملياتها 51دولة ،ورغم قيمة هذه الشركة في أمريكا إال أنها لم
تتخلص من متاعب الفساد المالي ،إذ عرفت هذه الشركة العديد من التالعبات المالية أنت إلى انهيار
أسهمها من 15دوالر سنة 5888إلى 8سنتات سنة ،0330وهذا بعد أن قامت الشركة بالكشف لها
سجلت بشكل غير سليم لـ 091مليار دوالر في صورة نفقات على النحو التالي:1
وأعلنت الشركة أن هذه التحويالت غير قانونية ستخفض األرباح بقيمة 1008مليار دوالر علم 0335و
5019مليار دوالر خالل الربع األول من عام 0330األمر الذي أدى إلى فقدان تنها في السوق فحدث
الكارثة.
وتجدر اإلشارة ،أن الشركة منذ سنة 5888حتى شهر مايو ،0330قد أبدعت في استخدام حبل
محاسبية اإلخفاء مركزهاالمالي ،وقدمت صورة مغرية مبالغ فيها عن أرباحها ،بهدف رفع سعر السهم ،
مما أدي إلى تحقيق ثراء المدير التنفيذي الذي كان قد اشتري حصة من أهم الشركة بأسعار منخفضة،
وبعد التحقيقات تأكد أن الشركة قد ضخمت أصولها بما قيمته 58بليون دوالر.2
تعد شركة وورلد كوم ثاني أكبر شركة لالتصاالت في الواليات األمريكية ،لها أكثر من 03مليون عميل
وبلغ عدد موظفيها 60ألف وتشمل عملياتها 11دولة ،ورغم قيمة هذه الشركة في أمريكا إال أنها لم
1خميلي فريد وجباري شوقي ،دور المراجعة الخارجية غي إرساء دعائم حوكمة الشركات دراسة الفضائح المالية للشركات،
الملتقى 02الوطني الثامن حول مهنة التدقيق في الجزائر الواقع واآلفاق في ضوء المستجدات العالمية المعاصر ،ص .00
2الباز فوزي الباز،مخاطر المحاسبة االبداعية على تقرير الفاحص الضريبي في ظل التشريع الضريبي لسنة "، 0331
المؤتمر الضريبي السابع عشر حول تقييم وتقويم النظام الضريبي المصري ،مصر.ص .50
6
تتخلص من متاعب الفساد المالي ،إذ عرفت هذه الشركة العديد من التالعبات المالية أدت إلى انهيار
أسهمها من 15دوالر سنة 5888إلى 8سنتات سنة ، 0330وهذا بعد أن قامت الشركة بالكشف أنها
سجلت بشكل غير سليم لـ 91.0مليار دوالر في صورة نفقات على النحو التالي : 661مليون في
الفصل األول من سنة 0335؛ 610ماليين في الفصل الثاني لسنة 0335؛ 743مليون في
الفصل الثالث من سنة 0335؛ 931مليون في الفصل الرابع من سنة 0335؛ 797مليون في
الفصل األول من سنة . 0330وأعلنت الشركة أن هذه التحويالت غير قانونية ستخفض األرباح بقيمة
008.1مليار دوالر عام،0335و 019.5مليار دوالر خالل الربع األول من عام . 0330األمر الذي
أدى إلى فقدان ثقتها في السوق فحدث الكارثة .وتجدر اإلشارة ،أن الشركة منذ سنة 5888حتى شهر
مايو ، 0330قد أبدعت في استخدام حيل محاسبية إلخفاء مركزها المالي ،وقدمت صورة مغرية مبالغ
فيها عن أرباحها ،بهدف رفع سعر السهم ،مما أدي إلى تحقيق ثراء للمدير التنفيذي الذي كان قد اشتري
حصة من أسهم الشركة بأسعار منخفضة ،وبعد التحقيقات تأكد أن الشركة قد ضخمت أصولها بما قيمته
55بليون 25دوالر.
تاثير االنهيار المالي على مهنة التدقيق :خاصة إن الدور الذي تقوم به مهنة المحاسبة والتدقيق
في تعزيز وتنمية االقتصاد هو دور مهم جدا ففي ظل التحديات والتغيرات االقتصادية العديدة التي
أظهرت على الساحة االقتصادية المحلية واإلقليمية والدولية ،حيث إن مهنة المحاسبة والمراجعة تعد من
المهن التي تعتبر أداة رقابية فعالة في حماية Pوال شك أن الثقة في البيانات والتقارير المالية أمر ضروري
للمجتمع وكل فئاته ،االستثمارات من االنهيار Pمن مستثمرين ومقرضين وجهات تمويليه ..وغيرهم،
وحتى يمكن لمهنة المحاسبة ان تؤدي واجبها على أكمل وجه يتعين على المحاسب القانوني ان يضع في
اعتباره بعض األمور التي من شأنها أن تجعلً عندما يعرضه على الجهات السابق ذكرها ،من هذه
1
األمور على سبيل المثال ،ومناسبا تقريره مفيدا .
7
ويقوم مجلس معايير المحاسبة األمريكي بإعادة النظر في المعايير المحاسبية لمعالجة هذا األمر وليس
هذا فحسب فلقد تم تعديل بعض المعايير المحاسبية األمريكية مؤخ ار ،بما يلي:
- 5ال يسمح بإخفاء الموجودات غير الملموسة (قبل الشهرة) على سنوات معينة بل تبقى كلفتها في
الميزانية مع أخذ أي تدني في قيمتها في بيان الدخل وهذا التعديل يلقي انتقادات في دول أوروبا الغربية
ألنه ال يعكس الحقيقة االقتصادية للشركة
-0القيام بدعوة واضعي المعايير المحاسبية األمريكية لالستجابة لحاجات المستثمرين واألطراف
األخرى المعنية ،ومن حيث إعداد بيانات مالية ذات مستوى عال من الشفافية ،مما يسهل تحقيق
أهداف البيانات المالية ،وهي اتخاذ معلومات مفيدة التخاذ ق اررات حول حقائق اقتصادية ،بيانات
مالية وفق أفضل األعراف المحاسبية وليس وفق الحد األدنى من هذه األعراف.
إذ كما رئينا فإن القصة بدأت منذ أن قام مجلس إدارة شركة إنرون للطاقة بتوكيل مهمة مراجعة الحسابات
إلى مكتب أرثر اندرسون للمراجعة ،ولكن مكتب ارثر اندرسون لم يبذل العناية الواجبة لفحص ومراجعة
القوائم المالية والحسابات الختامية ،و إنما إهتم فقط باألتعاب وتحقيق ما يصبوا إليه مجلس اإلدارة من
1
أهداف في تضليل مستخدمي القوائم المالية ،والحفاظ على مكاسبهم الشخصية.
كما أن مجلس اإلدارة أخفى معلومات في غاية األهمية كان من الممكن أن تؤدي معرفتها إلى اتخاذ
بعض اإلجراءات المناسبة ،حيث قامت إدارة الشركة بتضخيم األرباح إلى نحو مليار دوالر في العام الذي
سبق انهيار الشركة علما أنه من أساليب المحاسبة اإلبداعية هي التالعب في األرباح و إدراج أرباح
وهمية.كما أن الرقابة الداخلية في الشركة فشلت من الناحيتين األخالقية والمالية نتيجة للخداع المستمر،
إضافة إلى أن مكتب ارثر اندرسون الذي كان مكلفا بمراجعة حسابات الشركة كان يقوم بالمراجعة الداخلية
أيضا إضافة لكونه يقدم خدمات استشارية هائلة وهو ما يؤدي إلى تعارض المصالح ،إذ اعتبرت حادثة
إنرون تذكي ار مهما لطبيعة العالقة المهمة بين المراجعة الداخلية مع لجنة المراجعة ،وفشل ديناميكية تلك
العالقة ،وبالتالي عدم القدرة على اكتشاف األخطاء والتدليس واالختالسات التي تمت والتالعب الذي تم
في الدفاتر المحاسبية ،حيث يحتاج المراجعون الداخليين كما هو الحال للمراجعين الخارجيين لرفع
تقاريرهم إلى لجنة المراجعة ،بكل ما يواجههم مباشرة بدال من الرفع لإلدارة أي هناك عدم استقاللية إلدارة
المراجعة الداخلية ،كما أيضا تم تغليب الروابط الشخصية لبعض أعضاء لجان المراجعة والتي تعكس
8
الدوافع نحو االستحواذ على األموال والبدالت بدون وجه حق ،فعلى سبيل المثال كان أعضاء اللجنة
1
يتقاضون مبالغ طائلة نقدا وفي شكل اسهم وهو ما اثر في استقاللية وحياد لجنة المراجعة.
إن مشكلة التعارض في المصالح بين المساهمين واإلدارة سمحت بخصوصية مزدهرة للجهة التي تتحكم
في المعلومات وهي اإلدارة لالنفراد بالمعلومات الصحيحة دون بقية الجهات األخرى ،مما شجع اإلدارة
وأعضاء لجنة المراجعة على إرضاء األخر من اجل بقاء المصالح الشخصية التي تأتي من البقاء في
مواقعهم.
كما أن التعارض في المصالح وتأثيرها على المبادئ األخالقية الناتج عن الطبيعة البشرية ،أن هناك ميال
واضحا لدى نفس البشرية ال يقهر بشكر من أسدى أو قدم لها معروفا ،ومن غير المألوف أن مجلس
اإلدارة امضي خمس عشرة دقيقة لمراجعة بعض الصفقات المشكوك فيها التي أدت إلى اندفاع األرباح
ووصولها إلى مبالغ خيالية ،كما أن مكتب المراجعة العالمي ارثر اندرسون الذي كان احد المكاتب
الخمسة الكبرى في العالم آنذاك تقاضى مبلغ 01مليون دوالر أتعابا لقيامه بمراجعة حسابات شركة إنرون
سنة ، 0333في حين أنه تقاضى 01مليون دوالر باألعمال االستشارية للشركة في العام نفسه ،وهو
األمر الذي يعد دليال أخر على أن التأثير على استقالل المراجع وحياده إذا جمع بين هاتين المهمتين من
خالل التأثير على مراجع الحسابات من خالل منح أتعاب مرتفعة الستشارات المتعددة.
لهذا قررت بقية المكاتب الخمسة الكبرى بعد هذه الحادثة التوقف عن الجمع بين هاتين الخدمتين للعميل
نفسه ،وهو األمر الذي تم إق ارره في العديد من القوانين أبرزها قانون ساربنز اوكسلي سنة 0330
،والغريب أيضا أن مكتب ار ثر اندرسون كان يقوم باإلضافة إلى المهنتين السابقتين بمهمة المراجعة
الداخلية لشركة إنرون ،وهو األمر الذي ساهم بشكل كبير في حدوث تلك الفضائح المالية ،ولذلك فشل
مكتب ارثر اندرسون في أن يدلي برأي صادق وعادل بسبب الضعف في المعايير األخالقية المهنية وهو
ما أدى إلى انهيارها وخروجها من ميدان المنافسة.2
ومن األمور األخرى التي أظهرها البحث في قضية إنرون أن البعض ممن كان يعمل فيها سواء في
اإلدارة أو أعضاء مجلس اإلدارة بمن فيهم ثالثة من أعضاء لجنة المراجعة قد باعو 0.51مليون وال
تشمل الرواتب والمكافآت الهائلة وبقية الدفعات النقدية التي دفعت لهم أثناء فترة قيادتهم الشركة ،في
1أحمد شرف عبد الحميد" ،خصائص الشركات واستخدام التقارير المالية في إدارة الربحية" ،المجلة المصرية للدراسات
التجارية ،جامعة المنصورة ،العدد ، 00مصر.0358ص.00
2رمو وحيد محمود ،اإلطار المفاهمي للمحاسبة اإلبداعية في ظل قواعد وأخالقيات مهنة المحاسبة والمعايير المحاسبية
والتدقيقية الدولية" ،مجلة تنمية الرافدين ،المجموعة ، 03العدد ، 90العراق.ص ص .530-535
9
الوقت نفسه الذي كانت الشركة تساق نحو حتفها قبيل إصدار القوائم المالية المباشرة والتي أظهرت
الحقيقة المرة لمساهمي الشركة ،ومن العجيب أن رئيس مجلس اإلدارة إنرون أعلن قبيل أسابيع قليلة من
انهيارها أن وضع الشركة قوي حيث قال " أنا على ثقة في مستقبل الشركة الباهر ونموها المؤكد".
وهذا يبين تعمد إدارة إنرون إخفاء خسائر الشركة والتزاماتها ومحاولتهم إعطاء صورة خادعة عن حقيقة
نتائجها ووضعها المالي ،ومن الدروس المهمة التي أظهرت انهيار إنرون وغيرها من الشركات أن
مراجعي الحسابات ينبغي لهم أن يسالوا سؤاال حول تحديد كال من طريقة تحقق اإليراد ودرجة الخطورة،
إن مراجعي مكتب ارثر اندرسون لم يكونوا قادرين على فهم القوائم المالية لمثل ذلك النوع من الشركات،
كما أن هؤالء المراجعين تعاملوا مع شركة إنرون منذ إن كانت مجرد منتج و موزع للغاز في مراجعتها
حتى بعد أن أصبحت التاجر الرئيسي للسندات المالية والمسئولة عن المضاربات الجديدة في السوق .كما
أن مكتب ارثر اندرسون نفسه لم يقم بتغيير هؤالء المراجعين رغم التطورات التي حصلت في شركة إنرون
أو على األقل مدهم بمراجعين آخرين من ذوي الخبرة ،ومن الدروس المستفادة أيضا أن مكتب ارثر
اندرسون وبقية فريق العمل لم يكونوا مدربين على نظرة الشك المهنية التي كان عليهم تبنيها ولذلك كانوا
يقبلون بكل سهولة تقديرات وتوجهات اإلدارة في القضايا والصفقات المالية.
شكلت ممارسات المحاسبة اإلبداعية خط ار على مهنة المراجعة وأصبحت مادة دسمة لمختلف البحوث
والملتقيات نتيجة الصدمة التي حدثت بعد الفضائح المالية الكبرى المتكررة .وفقا لمقتضيات المعايير
المهنية ،وفي ظل مدخل المراجعة على أساس المخاطر أصبح المراجع مسئوال عن خطر ممارسات
المحاسبة اإلبداعية في القوائم المالية ،مما يتطلب أداء إجراءات المراجعة الكافية للوصول إلى تأكيد
معقول من خلو القوائم المالية من التحريفات الجوهرية عن ممارسات المحاسبة اإلبداعية.1
يشير خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية إلى احتمال تعرض المراجع لخسائر أو أضرار مادية ،فضال
عن تعرضه لفقدان سمعته المهنية نتيجة للدعاوي القضائية المرفوعة ضد المراجع نتيجة رأيه غير
الصائب عن القوائم المالية التي يواجهها من قبل عمالء المكتب أو من قبل الغير أو العقوبات أو
الجزاءات التأديبية التي قد تفرضها الهيئات والمنظمات المهنية ضد المراجع ،نتيجة لفشله في مواجهة
1حمد حامد حجاج ،كمال الدين سعيد " المراجعة بين النظرية والتطبيق" ،دار المريخ للنشر ،المملكة العربية
السعودية ،0358.ص .08
10
خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية في القوائم المالية ،أو عندما يصدر تقرير غير متحفظ عن القوائم
المالية للعميل دون علمه بأن بها تحريفا هاما.
هذا متفق مع تعريف خطر المراجعة الذي أورده المجمع األمريكي للمحاسبين القانونين AICPA
بأنه " أن يستنتج المراجع أن القوائم المالية عادلة ،ويصدر حكما غير مفيد بذلك وفي الحقيقة أن تلك
القوائم محرفة جوهريا".
فاآلن أصبح ينظر إلى مفهوم المراجعة على أنها نشاط لتقليل المخاطر ،فالمراجعة عملية لتقليل
المخاطر في المعلومات إلى مستوى مقبول اجتماعيا وتقديمها إلى مستخدمي القوائم المالية ،حيث يقع
النشاط االقتصادي في ظروف متعددة من المخاطر ،وأن المراجعين يؤدون مهاما كثيرة غرضها األساسي
هو تقليل المخاطر في إعطاء رأي غير صحيح عن القوائم المالية.
لذا كان تركيز اهتمام المراجعة بخطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية يرجع إلى أن هذه المخاطر
تمثل خسائر أو أضرار تعود على القيام بعملية مراجعة فاشلة ،وليس نتيجة لعدم التزام بمعايير المهنية وا ٕ
نما نتيجة لعوامل تتعلق بالقيام بعملية المراجعة أو االرتباط بالعميل ،وأيضا تتمثل في تلك اآلثار في
احتمال وقوع خسائر مالية تصيب المؤسسة وحدوث خسائر في صفقات مالية مستقبلية للمؤسسة
والمستخدمين وبالتالي خسائر في إيراداتها.
وعليه فإن خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية يحدث من قبل المراجع وما يجب أن يؤديه من اجل
ضبط ذلك الخطر والذي يتمثل في الجهد الذي يبذله ابتداء من فحص البند المحاسبي حتى التقرير عن
نتيجة فحصه ،اعتمادا على مدى خبرة وتأهيل المراجع وطريقته في التفكير المنطقي السليم .في األخير
يمكن أن نقول عن مفهوم الخطر لممارسات المحاسبة اإلبداعية أنه " تلك المخاطر التي يتعرض لها
المراجع نتيجة للعالقة مع العميل حتى ولو كان التقرير المراجعة صحيحا ،فضال عن خاطر التي ستجعل
1
المؤسسة محل المراجعة تفشل في تحقيق أهدافها".
إن ارتكاب ممارسات المحاسبة اإلبداعية مرهون بثالثة محددات وهي الحافز أو الدافع ،والفرصة،
وتبرير الممارسات ويتم تصنيف عوامل خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية على أساس هذه المحددات،
ولقد أكد المعيار رقم SAS 88على االهتمام المهني بمثلث ممارسات المحاسبة اإلبداعية والتأكيد على
11
دور اإلصدارات المهنية في إرشاد المراجع في مواجهة خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية ،ولقد أكد
أيضا على سلوكيات ممارسي المحاسبة اإلبداعية باعتبار مرتكبها بش ار سواء كانت اإلدارة أو موظفي
المؤسسة ،وبالتالي لكي يوجد ممارسة محاسبية إبداعية تتم عن خطر يجب توافر شروط أو محددات وهي
أن يكون لدى مرتكبه الدافع للقيام بهذا العمل وتكون فرصة لتحويل هذا الدافع إلى واقع من خالل ضعف
هيكل الرقابة الداخلية وأن يكون لديه القدرة على تبرير ارتكاب هذه الممارسات.
3 -العناصر الرئيسية لخطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية وانعكاساتها على جودة المراجعة:
خطر التقاضي :من أهم العوامل التي تؤثر على مهنة المراجعة ومن ثم المعلومات المحاسبية وجودتها
خطر التقاضي ،حيث يتم مقاضاة المراجع عندما يدعى العميل أن عملية المراجعة قد فشلت ،أي فشل
المراجع في اكتشاف ممارسات المحاسبة اإلبداعية في القوائم المالية أو نجح في اكتشافها ولكنه فشل في
التقرير عنها.
* خطر الجزاءات :وهي الجزاءات المفروضة من قبل هيئات تنظيمية أو هيئات المهنية من مكونات
خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية ،وهي التي تسبب أضرار على المراجع سواء تحميله تكاليف إضافية
نتيجة القيام بمراجعة إضافية ،أي تلك الجزاءات والعقوبات التي يتعرض لها المراجع ألسباب مرتبطة
بممارسة المهنية الناتجة عن ارتباطه مع العميل و تؤثر على أتعاب التي قد يحصل عليها المراجع كما
تؤثر على سلوكه وعلى سمعته المهنية.
* اإلضرار بسمعة المراجع المهنية :تعتبر اإلضرار التي تلحق بسمعة المراجع كعنصر من خطر
ممارسات المحاسبة اإلبداعية نتيجة للتقاضي والعقوبات الجزائية التي تتم بحقه حيث يعتبر سمعة المراجع
احد محددات جودة أدائه المهني.1
1فرج سهي السيد حسن ،خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعية ٕ اخفاقات المراجعة في مواجهته" ،مجلة البحوث المالية
والتجارية ،جامعة بور سعيد ،العدد ، 0مصر.0338ص .00
12
خاتمة
تعتبر المحاسبة اإلبداعية مجموعة األساليب التي تستعمل للتالعب بالمعلومات الموجودة على
مستوى القوائم المالية باختالفها سواء الميزانية حسابات النتائج قائمة التدفقات النقدية وقائمة تغيرات
األموال الخاصة وبالتالي تكون غير صادقة وغير موثوقة و هي تعتبر عملية قانونية ألنه من خاللها يتم
استغالل الثغرات الموجودة على مستوى المبادئ ،المعايير والقواعد المحاسبية المتعارف عليها .وذلك
لعدة أسباب أو دوافع أهمها التهرب الضريبي الحصول على قروض أو تحسين صورة المؤسسة أمام
المساهمين وغيرها.
إال أن هناك اختالف في وجهات النظر بين المختصين حولها فمنهم من يراها من جانب إيجابي
وأنها تخدم مصلحة المؤسسة ومنها من يراها تالعبا والبد من محاربتها و يمكن محاربة هذه الظاهرة بعدة
إجراءات أهمها تفعيل دور لجان المراجعة والتدقيق على مستوى المؤسسات كما يمكن أن تؤدي إلى فشل
الشركات وانهيارها كما هو الحال في شركة انرون األمريكية والتي أحدثت فضيحة على مستوى بورصة
وول ستريت وذلك باستخدامها ألساليب المحاسبة اإلبداعية للتالعب بقوائمها المالية إلخفاء خسائرها
المتتالية وذلك من خالل أسلوبي وضع عالمة في السوق والكيانات ذات اإلغراض الخاصة وهذا ما أدى
إلى زيادة قيمة أسهمها وازدهارها إلى إن تم اكتشافها مما جعلها تبار وتخرج نهائيا من السوق.
13
قائمة المراجع :
-الباز فوزي الباز،مخاطر المحاسبة االبداعية على تقرير الفاحص الضريبي في ظل التشريع الضريبي
85لسنة "، 0331المؤتمر الضريبي السابع عشر حول تقييم وتقويم النظام الضريبي المصري ،مصر .
-أحمد شرف عبد الحميد" ،خصائص الشركات واستخدام التقارير المالية في إدارة الربحية" ،المجلة
المصرية للدراسات التجارية ،جامعة المنصورة ،العدد ، 00مصر.
-رمو وحيد محمود ،اإلطار المفاهمي للمحاسبة اإلبداعية في ظل قواعد وأخالقيات مهنة المحاسبة
والمعايير المحاسبية والتدقيقية الدولية" ،مجلة تنمية الرافدين ،المجموعة ، 03العدد ، 90العراق.
-رزق عادل ،المحاسبة االبداعية بين النظرية والتطبيق ومدى امكانية تطبيقها في المصارف" ،مجلة
الدراسات المالية والمصرفية ،المجموعة ، 58العدد ، 0السعودية.
-حمد حامد حجاج ،كمال الدين سعيد " المراجعة بين النظرية والتطبيق" ،دار المريخ للنشر ،المملكة
العربية السعودية.
-فرج سهي السيد حسن ،خطر ممارسات المحاسبة اإلبداعيةوا ٕ خفاقات المراجعة في مواجهته" ،مجلة
البحوث المالية والتجارية ،جامعة بور سعيد ،العدد ، 0مصر.0338
-ازهار عبد صبار الغانمي تطبيقات المعايير المحاسبية الدولية والمحاسبة العدلية وأثرهما على اإلفصاح
المحاسبي (اإلبداع المحاسبي) مجلة كلية اإلدارة واالقتصاد للدراسات االقتصادية و اإلدارية والمالية،
.0358
صالح الممتاز إحسان (أخالقيات مهنة المراجعة والمتعاملين معها :انهيار شركة إنرون والدروس -
المستفادة مجلة جامعة الملك عبد العزيز االقتصاد واإلدارة.0331
-الزين يونس ،و عند الحميد حسياني خطر المحاسبة اإلبداعية على المراجعة -حالة فضيحة شركة
إنرون مجلة العلوم اإلنسانية .0351 ،
14