Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 45

‫المطلب الثاني ‪ :‬اللجوء للقضاء االستعجالي اإلداري لرفع االعتداء الم ادي ال ذي تتس بب في ه‬

‫الجماعات الترابية‬
‫يظ ل القاض ي اإلداري االس تعجالي ه و المالذ الفع ال و األس رع ‪،‬للت دخل في أق رب اآلج ال و‬
‫إيقاف كل عمل مادي غير مشروع ترتكبه إحدى الهيئات العامة اتج اه بعض ها البعض أو اتج اه‬
‫الهيئات الخاصة أو األفراد العاديين‪ ،‬قبل أن يتم تفعيل ذلك العمل المادي الغير المش روع وال ذي‬
‫يشكل خطرا حقيقيا ‪،‬قد تنتج عنه أضرارا يصعب إص الحها في المس تقبل و ل و أعطي تع ويض‬
‫مادي عنها ‪،‬فإنه يبقى غير كافي أحيانا و ال يجبر يث ار االعت داء أو الغص ب ال ذي يتع رض ل ه‬
‫المتضرر خاصة و أن األفراد بإمكانهم اللجوء لمؤسسة القضاء كلما قامت اإلدارة بمس ث روتهم‬
‫و مهنهم أو عقاراتهم أو راحتهم و حرياتهم‪. 1‬‬
‫ولعل االعتداء المادي ‪ la voie de fait‬والتي هي نظرية اوسع في مداها وتطبيقاتها من فكرة‬
‫الغص ب ‪، théorie de l’emprise‬تتجس د في ارتك اب اإلدارة لخطئ جس يم ‪irrégularité‬‬
‫‪ grossière‬أثناء قيامها بعمل م ادي يتض من إعت داءا على حري ة فردي ة أو على عق ار ممل وك‬
‫ألحد األفراد ‪. 2‬‬
‫وحيث أن الجماعات الترابية كباقي الهيئات العامة تسعى لتحقيق الصالح العام و تطوير المرافق‬
‫العامة التابعة لها ‪،‬في إطار تنفيذ البرامج و المخططات التي تصادق عليها مجالسها ‪،‬فإنه لطالما‬
‫تصادمت تصرفاتها المادية مع مصالح و حقوق األفراد و باقي الهيئات الخاصة ‪،‬و حصل تعدي‬
‫على هذه الحقوق و الحريات بشكل جعل تلك األعمال المادي ة تلح ق اعت داءات بلغت جس امتها‬
‫مستوى كبير لم يع د ب أي طري ق وص فها بالمش روعة أو القانوني ة وه و م ا يوص ف باالعت داء‬
‫الماديون الذي سنراه بالتفصيل في فقرات هذا المبحث و سنحاول تصنيف األعم ال ال تي تش كل‬
‫هذا االعت داء الم ادي و دور قاض ي المس تعجالت اإلداري في رفع ه و التص دي ل ه ‪.‬و بالت الي‬
‫سنتحدث عن ماهية االعتداء المادي وتجلياته تم تدخل القضاء االستعجالي اإلداري في االعت داء‬
‫المادي الذي تتسبب فيه الجماعات الترابية‬

‫الفرع األول‪ :‬ماهية االعتداء المادي وتجلياته‬


‫‪1‬‬
‫‪- Michel Rousset et Jean Garagnon :Droit Administratif Marocain op cité page 487‬‬
‫‪- 2‬سليمان محمد الطماوي‪:‬دروس في القضاء اإلداري‪،‬قضاء التعويض و طرق الطعن في األحكام ‪:‬دراسة مقارنة طبعة ‪ 1974‬طبع و‬
‫نشر دار الفكر العربي ‪،‬مصر ص ‪37-36‬‬
‫لقد كان للقضاء اإلداري الفضل الكبير في نشوء مجموع ة من القواع د القانوني ة‪ ،‬وانس جما م ع‬
‫ذلك فإن القاضي االستعجالي لم يكتف أيضا بالنظر في المواد التي خولها له المشرع ب ل تع داها‬
‫إلى اإلحاطة بمساحات كانت من صميم القاضي العادي‪.‬‬
‫وتحقيقا للحماية القضائية المؤقتة فقد قام القاضي االس تعجالي بالتص دي لبعض ص ور االعت داء‬
‫المادي لمساس ها بح ق الملكي ة الخاص ة أو بإح دى الحري ات األساس ية اعتب ارا لك ون القاض ي‬
‫اإلداري أصبح بعد إحداث المح اكم اإلداري ة حارس ا للحري ات م تى ك ان ت دخل اإلدارة خ ارج‬
‫نطاق تطبيق أي من المقتضيات القانونية أو التنظيمية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد أولى الفقه اإلداري لنظرية االعتداء المادي رعاية ودراسة خاص ة ‪ ،‬لم ا ل ه من انعكاس ات‬
‫على الحقوق والحريات األساسية المكفولة لألفراد‪ ،‬وق د عرف ه بعض الفقه اء على أن ه ارتك اب‬
‫اإلدارة أثناء قيامها بنشاط تنفيذي عديم المشروعية‪ ،‬جسيم وظاهر من ش أنه أن يتض من اعت داء‬
‫على حق الملكية أو حرية عامة ‪.‬‬
‫وللتعمق في دراس ة ه ذه النظري ة ومعرف ة األعم ال المادي ة ال تي تش كل فع ل التع دي ‪،‬ارتأين ا‬
‫تقسيمها إلى فقرتين‪،‬األولى حول مفهوم االعتداء المادي والثانية تهم أعم ال الجماع ات الترابي ة‬
‫التي تشكل االعتداء المادي‬

‫الفقرة األولى ‪:‬مفهوم االعتداء المادي‬


‫فهو ذلك الصنف من األعمال التي تخرج من خالله اإلدارة عن إطار مبدأ الشرعية بشكل س افر‬
‫مما يجعله منقطع الص لة ب أي نص تش ريعي أو تنظيمي ‪... " ،‬أو ك ل عم ل ال ص لة ل ه مطلق ا‬
‫بتطبيق نص قانوني أو تنظيمي ‪ ،‬أو حتى بإحدى الصالحيات المسندة لإلدارة‪ ،‬فهو العم ل ال ذي‬
‫ال يمكن اعتباره عمال ذي طبيعة إدارية يمكن إدراجه ضمن ممارسات الس لطات اإلداري ة" ‪ ،‬و‬
‫كما هو معلوم فإن قضايا االعتداء المادي تتسم بطابع االستعجال في أعمه ا‪ ،‬الش يء ال ذي يحتم‬
‫ت دخال على وج ه الس رعة من قب ل قاض ي المس تعجالت ألن من ش أن س رعة الت دخل أن تنق ذ‬
‫الوض ع و الحيلول ة دون ص عوبة إص الح الض رر في حال ة الت أخر‪ ،‬وب رغم أن تحدي د الجه ة‬
‫القضائية التي يعود لها اختصاص البت في دعوى االعت داء الم ادي ط رحت ب المغرب مباش رة‬
‫بعد ‪ 1991‬سنة إحداث المحاكم اإلدارية و نالت حيزا كب يرا من النق اش ليس تقر أخ يرا على أن ه‬
‫من اختصاص المحاكم اإلدارية بالنظر في قضايا االعتداء المادي إن على مستوى رفعه أو جبر‬

‫‪- 3‬للتوسع في نظرية اإلعتداء المادي المرجو اإلطالع على سليمان محمد الطماوي‪:‬دروس في القضاء اإلداري‪،‬قضاء التعويض و طرق‬
‫الطعن في األحكام ‪:‬مرجع سابق ص ‪ 36‬إلى ‪ 47‬و موالي ادريس الحالبي الكتاني ‪:‬المرجع السابق ص ‪332:‬إلى ‪340‬‬
‫الضرر الناتج عن ه‪.4‬والتع دي يك ون كلم ا باش رت االدارة عملي ة مادي ة في ظ روف ال تتعل ق‬
‫بممارسة إحدى سلطاتها ‪ ،‬منتهكة إما إحدى الحريات العامة ‪ ،‬وإما حق الملكية‪.5‬‬
‫بينما يرى بعض الفقه أن االعت داء الم ادي يتجس د في اتب اع اإلدارة ألس اليب و وس ائل تخ الف‬
‫القانون من أجل قض اء حوائجه ا ذل ك ب انحراف كب ير عن المش روعية ‪،‬لدرج ة يص بح العم ل‬
‫اإلداري بعيدا كل البعد عن القواع د الدس تورية و عن القواع د القانوني ة اإلداري ة وعن المب ادئ‬
‫العامة للقانون و أصبح بالتالي عمل مادي ينطوي على عيب جسيم ظاهر يخضع لقواعد القانون‬
‫الخاص و يدرج ضمن اختصاص القضاء الع ادي قب ل إح داث المح اكم اإلداري ة‪ ،‬وه ذا العم ل‬
‫المادي المشكل للتصدي قد يظهر على شكل إصدار قرار تنفيذي مادي جسيم بدون س ند ق انوني‬
‫سابق أو بسند قانوني مشوب بعيب جسيم‪.6‬‬
‫ويتحقق االعتداء المادي في مجال حق الملكية عن د اس تيالء الدول ة أو المؤسس ات العمومي ة أو‬
‫الجماعات المحلية على حق الملكية دون اتباع إج راءات ن زع الملكي ة وب دون اتخ اذ أي إج راء‬
‫قانوني مسبق حيث يكون هذا العمل مخالف تماما للمشروعية ويمكن التصريح ببطالن ه من قب ل‬
‫القضاء بحكم قطعي ونهائي‪.7‬‬
‫ويبقى االعتداء المادي هو ذلك الصنف من األعمال التي تخرج من خالله اإلدارة عن إطار مبدأ‬
‫المشروعية بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي أو تنظيمي‪. 8‬‬
‫في حين ذهب القضاء اإلداري المغربي إلى تعريف االعتداء المادي بكون ه عم ل م ادي ص ادر‬
‫عن سلطة إدارية اتسم بخرق المشروعية إلى درجة من الجس امة والخط ورة مم ا ال يع ود مع ه‬
‫ممكنا االستناد إلى أية صالحية من الصالحيات المخولة لإلدارة سواء تعلق األمر بح ق الملكي ة‬
‫أو إحدى الحريات األساسية‪.9‬‬
‫بينما اعتبر المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)" أن احتالل اإلدارة لملك الغ ير قب ل أن تتخ ذ‬
‫القرار باالحتالل المؤقت هو عمل يكتسي صبغة اعتداء وقت انجازه‪"10‬‬

‫‪- 4‬موقع مشبال على األنترنيت ‪:‬اطلع عليه يوم ‪ 5/04/2022‬الساعة ‪17h‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Charles Debasch , Jean Claude Ricci , Contentieux administratif , 7e edition , Dalloz , 1999, p 8‬‬

‫‪- 6‬موالي ادريس الحالبي الكتاني‪:‬القضاء اإلستعجالي اإلداري ‪:‬مرجع سابق ص ‪333‬‬
‫‪- 7‬محمد ابن الحاج السلمي‪:‬مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة و اإلحتالل المؤقت في القانون المغربي ‪،‬مطبعة دار القلم الرباط‬
‫الطبعة االولى ‪ 2016‬ص ‪15‬‬
‫‪- 8‬هشام أحمد الجمرة ‪:‬القضاء اإلستعجالي في المنازعات اإلدارية دراسة مقارنة ‪:‬مرجع سابق ص ‪104‬‬
‫‪- 9‬حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بأكادير تحت رقم ‪ 439/2007‬بتاريخ ‪ 16/11/2007‬في الملف رقم ‪ 312/2007‬أورده رضوان قافو‬
‫‪:‬القضاء اإلستعجالي في المادة اإلدارية ‪:‬مرجع سابق ص ‪70‬‬
‫وفي هــذا الصــدد‪ ،‬یع رف‪ -André De Laubadére-‬ماهيــة االعت داء الم ادي بم ا یلي‪:‬‬
‫( تكون حالة االعتداء المادي عن دما ت رتكب اإلدارة أثن اء قیامه ا بنش اط م ادي تنفیذي مخالف ة‬
‫جسیمة تمس بحق الملكیة أو حریة عمومیة)‪،‬ویعرفه ‪ Debbash Charle‬بأنه(تصرف إداري‬
‫مشــوب بمخالفــة جســیمة تمــس بحــق ملكیــة أو حریــة أساسیة)‪،‬‬
‫وبالنظر إلى كال التعريفين‪ ،‬يتضح جليا وحدتهما في شمولية المحل الذي بموجبه نكون أم ا فع ل‬
‫االعتداء المادي والمتمثل في صدور عم ل أو تص رف م ادي بس بب غي اب الس ند الق انوني ل ه‬
‫يتسبب في إيقاع ضرر يمس بحق الملكية أو حرية عمومية أو أساس ية‪ .‬أم ا من حيث م ا اس تقر‬
‫عنه العمل القضائي في هذا التوجه فقد ج اء في تعري ف مجلس الدول ة الفرنس ي لفع ل االعت داء‬
‫المادي في قرار له بتاريخ ‪ 1949-11-18‬في قضیة ”كارلي ‪ ” Carlier‬بأنه( تصرف متم يز‬
‫ب الخطورة ص ادر عن اإلدارة‪ ،‬ال ذي بموجب ه تمس ه ذه األخ يرة بح ق أساس ي أو بالملكي ة‬
‫‪11‬‬
‫الخاصة)‬
‫ويرى بعض الفق ه أن إس ناد االختص اص للقض اء اإلداري في موض وع االعت داء الم ادي يج د‬
‫أساس ه انطالق ا من ض رورة اض طالع المح اكم اإلداري ة ب دورها في حماي ة حق وق األف راد‬
‫وملكيتهم الخاصة في مواجهة اإلدارة‪. 12‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬أعمال الجماعات الترابية التي تشكل االعتداء المادي‬


‫يفترض في القرارات اإلدارية عند إصدارها أن تكون محترم ة للقواع د القانونيـة التـي تسـمو‬
‫عليـها أيـا كـانت طبيعـة هـذه القواعـد دس تورية أم تنظيمي ة ‪،..‬مم ا يجع ل من غي اب الس ند‬
‫القانوني في إنزال قراراتها مرتبة الفعل الم ادي المع دوم األث ر من الناحي ة القانوني ة ويعرض ه‬
‫لفقدان قيمته‪.‬‬
‫ومثاله االعتداء الواقع على الملكیة أو حریة أساسیة مكفولة بضمانات دستورية وقانونية‪ ،‬ولذلك‬
‫فإ ن األساس في الوقائع المادية المشمولة بوقع االعتداء يفترض فيها أن یشكل التصرف اإلداري‬
‫المادي مساسا خطیرا بالملكیة الخاصة أو بحریة أساسیة لكون االعتداء الم ادي أوس ع من حال ة‬
‫االستيالء و الترامي أو الإحتالل‪،‬ویختلف عنهما تماما‪،‬إذ یستوي األمر بأن یكون الحق عینیا أو‬
‫شخصیا أو متعلقا بحق شخصي‪،‬كأن یقع على المنقوالت كتحطیمها واقتحام المنازل السكنیة و‬
‫‪- 10‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 345‬بتاريخ ‪ 4/8/1978‬في الملف اإلداري رقم ‪ 54269‬منشور بمجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪ 26‬سنة‬
‫‪ 1980‬ص ‪ 173‬أورده هشام أحمد الجمرة ‪:‬المرجع السابق ص ‪105‬‬
‫‪ - 11‬موقع مشبال على األنترنيت ‪:‬اطلع عليه يوم ‪ 5/04/2022‬الساعة ‪17h‬‬
‫‪- 12‬حسن صحيب ‪:‬القضاء اإلداري المغربي‪،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ‪،‬مطبعة دار النشر المغربية ص ‪590‬‬
‫االعت داء على ح ق شخص ي‪،‬كاالنتف اع من العین الم ؤجرة‪ ،‬و ق د تق وم اإلدارة بحج ز أم وال‬
‫منقولة للغیر تشمل حضر اإلبداعات الفكرية في غياب السند القانوني‪.‬‬
‫و تأسيسا على ذلك ‪،‬فالعمل اإلداري بناء على نظرية التعدي يجرد من طبيعته سواء تعلق األمر‬
‫بتنفيذ قرار إداري أم ال ‪،‬و قد يظهر التعدي أيضا باألفعال الصادرة عن موظفي اإلدارة بمناس بة‬
‫ممارستهم للخدم ة المنوط ة بهم ‪،‬و في ه ذه الحال ة ينظ ر للتع دي من ج انب الس لطة الممنوح ة‬
‫لإلدارة و ليس خطا شخصي للموظف ‪،‬و بالتالي خروج اإلدارة عن السلطة الممنوحة له ا ‪،‬دون‬
‫قص د االعت داء على خالف الخط أ الشخص ي ال ذي يس تخلص عن قص د الموظ ف القي ام بفع ل‬
‫التعدي ‪،‬و بالتالي فالخطأ المرفقي البسيط ال يمكن أن يترتب علي ه اعت داء م ادي ‪،‬ألن االعت داء‬
‫المادي الجسيم هو ذلك التعدي الذي يفقد طبيعة العمل اإلداري‪.13‬‬
‫ويمكن إرجاع أسباب هذا التعدي لقيام اإلدارة بأعمال تنفيذية دون وجود سند ق انوني أو مخالف ة‬
‫السند القانوني مخالفة معيب ة (أوال )أو قي ام اإلدارة بالفع ل الم ادي المش كل لالعت داء باعتماده ا‬
‫على سند قانوني مشوب بعيب جسيم (ثانيا )‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬قيام اإلدارة بأعمال تنفيذية دون وجود سند قانوني أو مخالف ة الس ند الق انوني مخالف ة‬
‫معيبة‬
‫قبل مباشرة اإلدارة الترابية ألي عمل مادي ‪ ،‬غالبا ما تكون له انعكاسات على حق وق وحري ات‬
‫األفراد وباقي الهيئات سواء منها العامة أو الخاص ة ‪،‬الب د أن تل تزم إدارات الجماع ات الترابي ة‬
‫باتخاذ مجموعة من القرارات القانونية المسبقة التي تمكنها من مباشرة عملية تنفيذ العمل المادي‬
‫كطلب اإلذن بالحيازة مثال من القاضي اإلداري االستعجالي‪.‬‬
‫أ ‪:‬عدم وجود سند قانوني‬
‫إن كل تنفيذ مادي لم يسبقه قرار أو سند قانوني ‪،‬يعت بر من ص ور التع دي على الملكي ة الفردي ة‬
‫والحرية الشخصية‪ ،14‬هكذا البد أن تحترم الجماعات الترابية النص وص القانوني ة ومقتض ياتها‬
‫المنظمة لكل مجال تدخل ‪،‬فالدستور المغربي حصن الملكية العقارية من كل مس أو اعتداء وكذلك‬
‫عدة حريات وحقوق فردية ‪ ،‬وال يمكن مصادرتها إال في حاالت معينة ووفق ما يقتضيه القانون‪.‬‬

‫‪- 13‬موالي ادريس الحالبي الكتاني ‪:‬القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع سابق ص ‪336‬‬
‫‪14‬‬
‫‪-V.Auby (jm) Drago :traité de contentieux administratif 1962 page 462‬‬
‫فال يمكن للجماعة الترابية أن تحتل عق ارا مملوك ا للغ ير أو تش يد فوق ه منش ئات عام ة إال بع د‬
‫إصدار مرسوم بإعالن المنفعة العامة ووضع طلب اإلذن بالحيازة أو االحتالل المؤقت وموافق ة‬
‫قاضي األمور المستعجلة عليه ‪.‬‬
‫وهكذا يدرج حماي ة ح ق الملكي ة قض ائيا ض من اجته ادات القض اء والس يما في نط اق نظري ة‬
‫االعتداء المادي ‪،‬حيث يتدخل قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري إليق اف الق رارات المعيب ة أو‬
‫منع وقوعها أو دفع االعتداء المادي‪.15‬‬
‫وبالت الي فإق دام اإلدارة على مباش رة العم ل الم ادي دون س ند ق انوني ‪،‬يجع ل عمله ا معرض ا‬
‫لإلبطال واإليقاف من قبل القضاء وأيضا يث ير مس ؤوليتها ويطالبه ا ب التعويض ‪،‬وال يمكن ب أي‬
‫حال أن يكون ذلك العمل من صميم العمل اإلداري المشروع وإنما هو اعتداء مادي‪ ،‬ومن صور‬
‫ذلك ‪:16‬‬
‫*هدم بناء بسبب شق طريق دون سلوك المساطر القانونية الخاصة بذلك‪.‬‬
‫*وضع أعمدة وإشارات المرور فوق األمالك الخاصة دون إتباع اإلجراءات القانونية‬
‫*احتالل عقارات ولو مؤقتا دون إذن مسبق من السلطة القضائية‬
‫*وضع اليد على العقارات أو منقوالت تابعة للغير بدون سند قانوني ‪:‬ك الحجوزات القض ائية أو‬
‫مباشرة إجراءات التحصيل الجبري من طرف الجماعات الترابية‬
‫*تشييد بناء في عقار خاص لإلدارة ‪،‬ألح ق ض ررا بحق وق انتف اع المال ك المج اور وذل ك دون‬
‫التقيد بالقوانين واألنظمة الجاري بها العمل أو الحصول على ترخيص مسبق ‪.‬‬
‫ب ‪ :‬مخالفة السند القانوني مخالفة معيبة‬
‫يحدث أيضا االعتداء المادي عندا تركز اإلدارة نشاطها مخالفة تماما السند القانوني ‪،‬ال ذي يجب‬
‫عليها اعتماده ‪،‬كأن تتجاوز هذا السند أو تخالف مضمونه مخالفة جسيمة وذل ك بع دم تط بيق م ا‬
‫ج اء في الق رار اإلداري أو النص الق انوني ‪،‬ومن ص وره وض ع ي د اإلدارة على أم وال غ ير‬
‫األموال المعينة في قرار المصادرة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪-EL Houssine Serhane :les développements récents du droit de propriété dans le contentieux‬‬
‫‪administratif Marocain REMALD N 20-21 PAGE 93‬‬
‫‪- 16‬انظر بهذا الخصوص موالي ادريس الحالبي الكتاني ‪:‬القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع‬
‫سابق ص ‪339‬‬
‫وهنا نكون أمام حالة اختالف بين العمل التنفيذي والسند القانوني ‪،17‬الذي تبنت ه اإلدارة للتحقي ق‬
‫عمله ا ‪،‬ك ان تلج أ اإلدارة إلى اس تخدام الق وة العمومي ة إلل زام األف راد على التنفي ذ في حال ة‬
‫رفضهم ‪،‬مما يشكل تعدي على الحريات العامة وحقوق األفراد‪.‬‬
‫كما نكون أيضا أمام التعدي ‪،‬عند إصرار اإلدارة عن تنفيذ قرار إداري ‪،‬ق د ص در حكم قض ائي‬
‫بمنع تنفيذه أو لجوء اإلدارة إلى التنفيذ المباشر على خالف ما قضى به حكم قضائي ‪.18‬‬

‫ثانيا ‪ :‬قيام اإلدارة بالفعل المادي المشكل لالعتداء باعتماده ا على س ند ق انوني مش وب بعيب‬
‫جسيم‬
‫يظهر عيب التعدي عندما تعتمد نشاط اإلدارة على سند قانوني معيب عيب ا جس يما يج رد العم ل‬
‫الق انوني لإلدارة من طبيعت ه اإلداري ة ‪،‬مم ا ي برر ص دور تص رف م ادي تنفي ذي يتس م بع دم‬
‫المشروعية الجسيم ‪،‬ويشكل اعت داءات على ح ق الملكي ة الخاص ة وعلى الحري ات المنص وص‬
‫عليها في دستور البالد‪.19‬‬
‫فمن عيوب المش روعية إق دام اإلدارة على تنفي ذ ق رار دون اح ترام اإلج راءات ال تي يفرض ها‬
‫القانون ‪،‬أو أن اإلدارة تتبع مسطرة غير تلك التي حددها القانون من أجل التنفيذ ‪،‬كلج وء اإلدارة‬
‫للتنفيذ الجبري ال ذي قي ده الق انون والقض اء بح االت خاص ة وليس إطالق ا كوج ود خط ر داهم‬
‫والحفاظ على األمن والصحة والعامة ‪،‬مما يمكن األفراد من الطعن في هذا التنفيذ الجبري ال ذي‬
‫يشكل اعتداءات ماديا ‪،‬كالقيام بتنفيذ عمل غير موجود‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مجال النشاط اإلداري نجد عدة أمثلة ألعمال التعدي ‪:‬كصدور قرار هدم بناء عن‬
‫سلطة غير مختصة ‪،‬صدور قرار بمنع االنتفاع من مياه وحرمان أص حابه من ه ‪،‬مص ادرة كتب‬
‫بدون قرار إداري أو حكم قض ائي ‪،‬توقي ف أش خاص ب دون م ذكرة بحث أو أحك ام قض ائية في‬
‫حقهم‪.‬‬
‫وهكذا ذهب بعض الفقه ‪20‬إلى القول بأن طرق التعدي تقوم على عنصرين ‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-V Auby et Dragon op cité p 463‬‬
‫‪- 18‬موالي ادريس الحالبي الكتاني ‪:‬المرجع السابق ص ‪346‬‬
‫‪19‬‬
‫‪-V.Delaubadére :traité de droit administratif lgdj paris 1980 page 487‬‬
‫‪ - 20‬موالي ادريس الحالبي الكتاني ‪:‬القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع سابق ص ‪344-343‬‬
‫‪- 1‬أن فعل التعدي يلحق ضررا جسيما بحق أساسي يجعله منعدم الصلة بمهام اإلدارة المشروعة‬
‫كاالعتداء على حرية فردية ما ‪،‬أو التعدي على حرمة المسكن أو حق الملكي ة على عق ار ك انت‬
‫أو منقول‪.‬‬
‫‪-2‬أن يتخذ العمل طابع التنفيذ بل يجب أن يكون هناك تهديد حقيقي بالتنفي ذ ‪،‬وهن ا ي برز ن وعين‬
‫من طرق التعدي‪:‬‬
‫أ‪-‬التعدي بإهمال القانون أو عدم االهتمام بمقتضياته ومثاله عدم قدرة العمل اإلداري على تطبيق‬
‫نص تشريعي أو تنظيمي وبالتالي تجريده من كل أساس شرعي‪.‬‬
‫ب‪-‬التعدي في غياب اإلجراءات المسطرية ومثال ه تنفي ذ اإلدارة لقراراته ا ب الجبر س واء ك انت‬
‫شرعية أم غير شرعية ‪.‬‬

‫الف رع الث اني ‪:‬ت دخل القض اء االس تعجالي اإلداري في االعت داء الم ادي ال ذي تتس بب في ه‬
‫الجماعات الترابية‬
‫يتم إدم اج اختص اص البت في قض ايا االعت داء الم ادي للمح اكم اإلداري ة وبالض بط في الش ق‬
‫المتعلق بدعوى التعويض عن األضرار التي تس ببها أعم ال ونش اطات أش خاص الق انون الع ام‬
‫تطبيقا للمادة ‪ 8‬من القانون المح دث للمح اكم اإلداري ة ‪،41-90‬ب الرغم من من التجاذب ات ال تي‬
‫عرفها إحداث هذا االختصاص للمحكمة اإلدارية‪، 21‬حيث كان االتجاه القضائي المغ ربي مت أثرا‬
‫باالجتهاد القضائي الفرنسي‪ 22‬ال ذي ك ان يعت بر أن المح اكم العادي ة هي المختص ة للنظ ر في‬
‫الدعاوى الناتجة عن االعتداء المادي وذلك راجع إلى ‪:‬‬
‫*كون المحاكم العادية هي الحامي الطبيعي للملكية الخاصة‬
‫*القاضي العادي له سلطة قوية للوقاية من االعتداء المادي أو إيقافه‪.‬‬
‫*كون الخطأ الجسيم والتعدي الالمشروع الذي نفذته اإلدارة جعلها تنزل منزلة الخ واص ورف ع‬
‫عنها حصانة األعمال اإلدارية واالمتثال أمام القضاء اإلداري‪.23‬‬

‫‪- 21‬بالرجوع إلختصاص المحاكم اإلدارية الواردة في القانون ‪ 41-90‬السيما المواد ‪ 44-11-9-8‬نالحظ أنه لم يتم اإلشارة إلى دعاوى‬
‫اإلعتداء المادي‬
‫‪22‬‬
‫‪-M A BenAbdAllah :compétence administrative et voie de fait.Remald n 13 année 1995 page 83‬‬
‫‪- 23‬الحسن السيمو‪:‬قضاء اإللغاء و األعمال المادية‪،‬مجلة اإلشعاع عدد ‪ 13‬بتاريخ ‪ 7‬دجنبر ‪ 1995‬ص ‪12‬‬
‫وبقي اآلمر في تذبذب إلى أن استقر القضاء المغربي على اعتب ار المح اكم اإلداري ة هي الجه ة‬
‫المختصة للبت في طلبات رفع االعت داء الم ادي وإيق اف أش غاله وك انت المحكم ة اإلداري ة في‬
‫الدار البيضاء أول محكمة أقرت هذا المبدأ‪.‬‬

‫ومن الالفت لالنتباه أن المشرع الفرنسي منح للقاضي اإلداري المس تعجل س لطة توجي ه أوام ر‬
‫لإلدارة لحماية الحرية األساس ية من أعم ال االعت داء طبق ا للم ادة ‪ 521‬ف ‪ 2‬الم ذكورة ‪ ،‬وهي‬
‫سلطة كانت قد منحت له جزئيا بمقتضى القانون الصادر بتاريخ ‪ ، 08/02/1995‬ويمكن تطبيق‬
‫أحكام هذه المادة في األحوال التالية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أن الحماية مرصودة للمتقاضين لحماية األفراد في حالة االعت داءات المادي ة على حري اتهم‬
‫األساسية أثناء ممارسة اإلدارة لوظيفتها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أن الحماية مرصودة للمتقاضين لحماية األفراد في حالة االعتداءات الناتجة عن قرار ق د ال‬
‫يكون ارتباطه واضحا بالسلطة اإلدارية‪ .‬وإذا كان مدلول الحريات األساسية غير دقي ق بم ا في ه‬
‫الكفاية ‪ ،‬إال أن المرجح أنها الحري ات المنص وص عليه ا في الدس تور ‪ .‬وعلى أي ح ال فإن ه ال‬
‫يمكن حصرها لشاسعة مجالها مع العلم انه مصطلح حداثي قياسا م ع مص طلح حق وق االنس ان‪،‬‬
‫ويعود للقضاء أمر تحديدها‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق ذك ره أعاله ف إذا ك ان القاض ي اإلداري الموض وعي ه و المختص للبت في‬
‫قض ايا االعت داء الم ادي فإن ه بالتبعي ة يح ق للقاض ي االس تعجالي األم ر برف ع االعت داء‬
‫المادي ‪،‬ووضع حد لتطوره سواء بط رد اإلدارة أو إيق اف األش غال ال تي تنج ز على العق ار في‬
‫إط ار غ ير مش روع وذل ك تأكي دا لك ون القض اء االس تعجالي اإلداري يس تمد اختصاص ه من‬
‫اختصاص المحكمة اإلدارية نفسها‪.24‬‬

‫وفي هذا اإلطار سنعمل في هذا المطلب على دراسة ‪،‬السلطات التي يتمتع به ا القاض ي اإلداري‬
‫االستعجالي في رفع االعتداء المادي ال ذي تتس بب في ه الجماع ات ال ترابيون ح دود ت دخل ه ذا‬
‫األخير وفق ما يسمح به القانون وفق التقسيم التالي‪ ،‬سلطات قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري‬
‫في الطلب ات الخاص ة باالعت داء الم ادي(الفق رة األولى) ثم ح دود س لطات القاض ي اإلداري‬
‫االستعجالي في دعاوى االعتداء المادي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬سلطات قاضي األمور المستعجلة اإلداري في الطلبات الخاصة باالعتداء المادي‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه في المطلب األول من ه ذا المبحث ‪،‬ف إن قض ايا االعت داء الم ادي ت دخل‬
‫ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية وبالضبط في الشق المتعلق ب دعاوى التع ويض عن‬

‫‪- 24‬انظر األمر اإلستعجالي الصادر بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪ 2000‬عن المحكمة اإلدارية بالرباط في قضية ادريس الرحالي ضد بلدية سيدي‬
‫المنظرية و القاضي باختصاص قاضي األمور المستعجلة اإلداري برفع اإلعتداء المادي منشور في م م إم م عدد ‪ 37‬سنة ‪ 2001‬ص ‪226‬‬
‫األض رار ال تي تس ببها أعم ال ونش اطات الهيئ ات العام ة‪ ،‬وبالتبعي ة تبقى مؤسس ة القض اء‬
‫االس تعجالي اإلداري هي المختص ة في الطلب ات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء وإيق اف‬
‫األشغال وطرد الجماعة الترابية من العقار المحتل ‪.‬‬

‫وفي هذا السياق ‪،‬و حيث أن الطلب ات المس تعجلة في مج ال االعت داء الم ادي ال ذي تتس بب في ه‬
‫الهيئات العامة ‪،‬يقتضي السرعة في البت كلما كان الخطر محدقا و يص عب إص الح نتائج ه م ع‬
‫المستقبل ‪،‬فقد جاء في قرار آخر ص ادر عن محكم ة النقض بت اريخ ‪ 15/12/2017‬تحت ع دد‪:‬‬
‫‪ 927/1‬في المل ف اإلداري رقم ‪ 359/4/14‬لئن نص ت مقتض يات الم ادة ‪ 38‬من الق انون رقم‬
‫‪ 08-45‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات ومجموعاتها على انه يجب إدخال المس اعد القض ائي‬
‫– الوكي ل القض ائي حالي ا– في ال دعوى تحت طائل ة ع دم القب ول كلم ا أقيمت دع وى قض ائية‬
‫بغرض التصريح باستحقاق ديون على جماعة ترابية فان ذلك يتعلق فق ط بال ديون ذات الص يغة‬
‫التعاقدية دون دعاوى التعويض عن اإلضرار التي تس ببها أعم ال ونش اطات أش خاص الق انون‬
‫العام ومن بينها دعاوى التعويض عن االعتداء المادي على العقارات‪.25‬‬
‫و من صور االعتداء المادي على حق الملكية الخاصة و التي يختص قاضي األمور المس تعجلة‬
‫اإلداري بحمايتها ‪،‬إقدام الجماعة الترابية على إقامة مرفق عم ومي جم اعي أو جه وي في مل ك‬
‫الغير الخاص ‪،‬دون سلوك المساطر القانونية التي يخولها الق انون في ه ذا الب اب ‪،‬أو م د قن وات‬
‫الصرف الصحي بأرض الخواص ‪،‬أو احتالل مل ك الغ ير و إقام ة بناي ات تجاري ة أو قن اطر أو‬
‫طرق فرعية دون سلوك المساطر القانوني ة الخاص ة ب نزع الملكي ة أو دع اوى اإلذن في حي ازة‬
‫العقار‪،26‬حيث أن حق الملكية حق دستوري و ال يمكن بأي حال مس ه أو التع دي علي ه إال وف ق‬
‫اإلجراءات المذكورة في قانون نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫كم ا أن القاض ي االس تعجالي اإلداري يستش ف من خالل ظ اهر الوث ائق ال تي تع رض‬
‫عليه ‪،‬مستوى التقدم في األشغال التي بدأت في مباشرتها الهيئات العامة ولو تع ديا ‪،‬للتق ييم حجم‬
‫المبالغ المالية التي تم صرفها مادامت ماال عاما يجب المحافظة عليه ‪،‬وإعماال للقاعدة الفرنس ية‬
‫الشهيرة "المنشأة العمومية المقام ة بطريق ة االعت داء الم ادي وخ ارج الق انون ال يمكن ه دمها"‬
‫‪.L’ouvrage public mal planté ne se détruit pas‬وهو ما سنراه في الفقرات التالية‬
‫حيث يوازن القاضي االستعجالي اإلداري بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ‪.‬‬
‫أوال ‪:‬الموازنة بين المنفعة العامة والمنفعة الخاصة‬
‫‪ - 25‬الزكراوي محمد ‪ ،‬مقال‪ ،‬منازعات قضايا االعتداء المادي الصادرة عن الجماعات الترابية بين إشكالية وجوبية إدخال الوكيل‬
‫القضائي للجماعات الترابية وجوازية إعمال قاعدة التظلم اإلداري‪ ،‬موقع العلوم القانونية ‪.https://www.maroclaw.com‬تاريخ‬
‫الولوج‪03/02/2020‬‬
‫‪- 26‬هشام أحمد الجمرة ‪:‬المرجع السابق ص ‪112‬‬
‫لقد أكد االجتهاد القضائي اإلداري على نقل اختصاصات القاض ي االس تعجالي الع ادي للقاض ي‬
‫االس تعجالي اإلداري فيم ا يخص الم ادة اإلداري ة إذ نج د أن ه ذا األخ ير تص دى لع دة ح االت‬
‫االعتداء المادي ال تي تلح ق أض رار بالملكي ة الخاص ة لألف راد والهيئ ات الخاص ة وبالحري ات‬
‫األساسية ‪،‬حيث يتم اعتبار قاضي المستعجالت اإلداري هو الحارس الط بيعي للحري ات العام ة‬
‫خاصة إذا كان هناك خرق للقواعد القانونية والتنظيمية‪.‬‬
‫و تأسيسا على ذلك فإن التطبيق القضائي في مجال الطلبات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء‬
‫المادي على الملكية العقارية ‪،‬يقوم القاضي االستعجالي فيها بالموازنة بين المصلحة العامة ال تي‬
‫تسعى الجماعات الترابية إلى تحقيقها من خالل تنفيذ مخططات و برامج التنمية و بين المص لحة‬
‫الخاصة لصاحب الملك العق اري ‪،‬فيبحث القاض ي من خالل ظ اهر األوراق و أحيان ا من خالل‬
‫إجراء خبرات تقنية و هندسية بغية تحديد مستوى تقدم األشغال و نسبتها ‪،‬و هو ما يش كل مج ال‬
‫تدخل القاضي و األمر برفع االعتداء و إرجاع العقار لص احبه أو ت رك المنش أة العام ة قائم ة و‬
‫األمر بالتعويض للمتضرر‪.‬‬
‫فإذا تجاوزت نسبة األش غال النص ف أي ‪ 50‬بالمائ ة من األش غال المزم ع إنجازه ا ق د ال ي رى‬
‫القاضي االستعجالي من إمكانية لألمر بهدم ما تم بن اؤه أو األم ر بإيق اف األش غال ألن ذل ك من‬
‫شأنه أن يضر بالمالية العامة ‪27‬للجماعة الترابية ‪،‬والتي تص ب في إط ار المنفع ة العام ة وتلبي ة‬
‫الحاجيات الخاصة بالمواطنين ‪.‬‬
‫وفي هذا السياق صدر أمر استعجالي عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش ‪،28‬جاء فيه ‪:‬‬
‫"و حيث إنه طالما أن األشغال و فق خالصات الخب ير ‪،‬لم تخ ترق عق ار المدعي ة ‪،‬األمر ال ذي‬
‫ينفي معه شرط جوهري ينعقد بمقتضاه االختصاص للقاضي االستعجالي للبت في الطلب و ه و‬
‫ض رورة ت وافر عنص ر االس تعجال المع رف بكون ه الخط ر الحقيقي المح دق ب الحق الم راد‬
‫المحافظة عليه ‪،‬و إضافة إلى ذلك فإن االستجابة للطلب الحالي سيترتب عن ه ه در الم ال الع ام‬
‫وحتى و لئن أقيم المرفق العمومي فوق عقار الطالبة غصبا بالنظر للمراحل المتقدمة لألش غال‬
‫المنجزة و يبقى من حق هذا األخير رف ع دع وى في الموض وع للمطالب ة ب التعويض في إط ار‬
‫المسؤولية اإلدارية "‪.‬‬
‫كما أن القاضي اإلداري االستعجالي و حماية للملكية العقارية الخاصة ‪،‬فاألصل في استغالل أي‬
‫ملك عقاري يعود للغير بالنسبة للجماعات الترابي ة و ب اقي الهيئ ات العام ة ه و اتب اع المس اطر‬

‫‪- 27‬رضوان قافو ‪:‬المرجع السابق ص ‪85‬‬


‫‪- 28‬انظر األمر اإلستعجالي بتاريخ ‪ 13/04/2016‬في الملف رقم ‪ 435/7101/2015‬عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش‬
‫الواردة في قانون نزع الملكية و انتظار صدور مقرر التخلي من أجل المنفعة العامة ‪،‬ثم س لوك‬
‫طريق دعوى اإلذن في الحيازة مقابل وض ع أو إي داع مبل غ التع ويض المق ترح من قب ل اللجن ة‬
‫اإلدارية للتقويم ‪،‬أما غير هذه اإلجراءات ‪،‬من قبل وضع يد الجماعة الترابية على عقار الغير أو‬
‫استئناف األشغال فوق العقار دون علم صاحبه أو شرائه أو في إطار نزع الملكية ‪،‬فإن ه ال يع دو‬
‫أن يكون اعتداءات ماديا يجب التصدي له ‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن كل إخالل بهذه المقتضيات القانونية يضفي صبغة الغصب والتع دي على تل ك‬
‫الحيازة التي ال تترتب عنها أي آثار قانونية ول و بط ول أم دها س واء فيم ا يتعل ق بس قوط الح ق‬
‫بالتقادم أو اكتساب الملكية‪.29‬‬
‫وإعم اال لمب دأ الموازن ة بين المص لحة العام ة والمص لحة الخاص ة ف إن قاض ي األم ور‬
‫المستعجلة ‪،‬إذا تبين له أن األشغال التي ستقوم بها الجماعة الترابي ة لم تباش ر بع د ‪،‬أو ب دأت في‬
‫مراحلها األولى ولم يتم إنفاق مبالغ مالية كبيرة فيه ا ‪،‬ف إن ه ذا األخ ير ي رجح االس تجابة لطلب‬
‫وقف األشغال ‪،‬ومعها التعدي الذي اقترفته الجماعة الترابية ‪.‬وإرجاع العق ار لص احبه خالي ا من‬
‫أي آثار حتى يتم سلوك المساطر القانونية المعمول بها من أجل االستفادة من العقار‪.‬‬
‫فقد جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط ‪،30‬أنه‪:‬‬
‫"وحيث يؤخ ذ من ظ اهر أوراق المل ف ومس تنداته أن الط الب أن الط الب ه و مال ك العق ار‬
‫موضوع الطلب‪ ،‬وأن اإلدارة المطلوب ضدها بص دد القي ام بأش غال ب ه حي ادا على اإلج راءات‬
‫المقررة لنزع الملكية مما تبقى معه تلك األشغال الجارية على وجه التعدد والطلب حول إيقافها‬
‫مؤسس‪.‬‬
‫لهذه األسباب نأمر علنيا ابتدائيا غيابيا ‪،‬بإيقاف أش غال بن اء الس ور الجاري ة بالقطع ة األرض ية‬
‫موضوع الطلب ‪،‬مع النفاذ المعجل وإرجاء البت في الصائر‪".‬‬
‫ففي ه ذا األم ر اس تجاب القاض ي اإلداري االس تعجالي لطلب م واطن ض د رئيس جماع ة‬
‫قروية ‪،‬عمدت إلى استغالل بقعته األرضية دون سلوك مسطرة ن زع الملكي ة‪ ،‬وك انت الجماع ة‬
‫القروية بصدد تشييد سور على البقعة ‪،‬وحيث أن األشغال الجارية كانت في بدايتها فإن القاض ي‬
‫استجاب لطلب وقف األشغال وخاصة أن تكلفة تشييد تلك النسبة من األعمال لم تكن مكلف ة ‪،‬إلى‬
‫حين بت قاضي الموضوع وسلوك الجماعة القروية للمساطر المعمول بها في هذا الباب‪.‬‬

‫‪- 29‬هشام أحمد الجمرة ‪:‬مرجع سابق ص ‪113‬‬


‫‪- 30‬المحكمة اإلدارية بالرباط‪،‬أمر رقم ‪ 688‬بتاريخ ‪ 10/06/2009‬في الملف رقم ‪ 261/01/09‬بين المدعي السيد محمد تلمو ضد رئيس‬
‫الجماعة القروية باب برد‬
‫كم ا أن المجلس األعلى س ابقا أق ر اختص اص قاض ي المس تعجالت آنف ا في التص دي لح االت‬
‫الغصب واالعتداء التي تتعرض لها أمالك الغير من طرف الجماعات المحلية حتى قب ل إح داث‬
‫المحاكم اإلدارية ‪،‬حيث جاء في أحد قراراته‪:31‬‬
‫" أن احتالل ملك الغ ير ب دون ح ق وال س ند من ط رف الجماع ة المحلي ة وبنائها في ه بن اءات‬
‫تجارية واجتماعية ‪،‬يشكل وضعا غير قانوني ‪،‬تقتضي المصلحة العامة وك ذلك مص لحة المال ك‬
‫وضع حد له في أقرب وقت ‪،‬األمر الذي يعطي لدعوى اإلفراغ صبغة اس تعجال يختص قاض ي‬
‫المستعجالت بالنظر فيها"‬
‫فانطالق ا من الق رار أعاله ‪،‬نالح ظ أن المجلس األعلى أق ر ص بغة االس تعجال في دع اوى‬
‫اإلفراغ ‪،‬و أكد على أن قيام الجماعات المحلية ‪-‬الترابية في التسمية الجدي دة ال واردة في دس تور‬
‫المملك ة لس نة ‪-2011‬ب احتالل مل ك الغ ير و تش ييد أي منش أة فوق ه دون س ند ق انوني و ال‬
‫حق ‪،‬يشكل اعتداءات ماديا البد من التصدي له و إيقافه في أقرب وقت ممكن ‪،‬خاص ة إذا ك انت‬
‫األعمال كما أسلفنا من قبل لم تبلغ مس توى متق دم ‪،‬ألن ه و إن ك ان يجب الحف اظ على المص لحة‬
‫العامة فمن باب أولى يجب أيضا العناية بالمصلحة الخاصة و ض مان حق وق و حري ات األف راد‬
‫التي كفلها لهم الدستور‪ ،‬وتبقى هذه وجهة نظرنا المتواضعة نظرا لضرورة الحف اظ على حق وق‬
‫األفراد و شعورهم بالطمأنينة و االستقرار داخل الوطن و الحفاظ على السلم االجتماعي‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك فإن قاضي األمور المستعجلة يعطي أس بقية للمص لحة العام ة على المص لحة‬
‫الخاصة في االستجابة لرفع االعتداء المادي‪،‬إلعتبارات مستمدة من ضرورة الحفاظ على الم ال‬
‫الع ام ‪،‬كم ا أس لفنا في الفق رة أعاله ‪،‬وفي ه ذا الص دد فق د تم رفض إيق اف األش غال في ق رار‬
‫استعجالي ضد منشأة عامة ‪،‬نظرا لعدم تبي ان المراح ل ال تي اقتطعته ا األش غال ‪،‬حيث ج اء في‬
‫القرار ‪:32‬‬
‫"ع دم قي ام بي ان ح ول المرحل ة ال تي اقتطعته ا أش غال المراف ق العمومي ة المحدث ة والمعني ة‬
‫باإلجراء الوق تي المطل وب ‪،‬يح ول دون إيق اف ه ذه األش غال في إط ار الموازن ة بين الص الح‬
‫الخاص والصالح العام الذي يقتضي المحافظة على المال العام وع دم تعطي ل المرف ق العم ومي‬
‫حتى لو أنشئ على وجه غير صحيح"‬

‫‪- 31‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 155‬الصادر بتاريخ ‪ 01/07/1983‬في الملف المدني عدد ‪ 85764‬أورده هشام أحمد الجمرة ‪:‬مرجع سابق‬
‫ص ‪112‬‬
‫‪- 32‬أمر استعجالي رقم ‪ 154‬صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 31/1/2012‬ملف رقم ‪ 26/1/2012‬بين أحمد فاندي و وزارة‬
‫النقل و التجهيز ‪،‬م م إ م ت السلسلة العادية عدد مزدوج ‪ 113-112‬شتنبر دجنبر ‪ 2013‬ص ‪245‬‬
‫فباستقراء األمر أعاله نالحظ أن القاض ي اإلداري االس تعجالي ‪،‬يعم ل من خالل تفحص ظ اهر‬
‫الوثائق والمستندات التي تعرض أمامه على معرفة مستوى تقدم األشغال وبعد ذلك حجم المب الغ‬
‫ال تي كلفته ا األش غال وال تي يجب المحافظ ة عليه ا ‪،‬وع دم إتالفه ا ألنه ا تبقى م اال عام ا يجب‬
‫صيانته حتى وإن كانت المنشأة بنيت على وجه غير صحيح وخالفا للقواعد والمساطر القانوني ة‬
‫المعمول بها ‪،‬ألنه يبقى للمتضرر االستفادة من التعويض الذي يعادل سومة عقاره ‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬قبول طلبات رفع التعدي‬


‫لم يكتفي القاضي اإلداري االستعجالي بتطبيق االختصاص ات ال تي س طرها المش رع فق ط ‪،‬ب ل‬
‫امتد مجال اشتغاله بمساحات كانت في األصل من صميم اختصاص القضاء العادي ‪.‬‬
‫فبعد إحداث المحاكم اإلدارية ‪،‬أص بح قاض ي المس تعجالت يت دخل في ف ك وإيق اف ك ل أش كال‬
‫التعدي التي تنصب على الملكية العقارية أو أحد الحريات األساسية التي تمس بها الهيئات العامة‬
‫السيما الجماعات الترابية ‪،‬باعتبارها األق رب للم واطن وال تي يس اهم ه ذا األخ ير ع بر عملي ة‬
‫التصويت في االنتخابات في اختيار رؤساء ونواب وأعضاء مجالس هذه الجماعات‪.‬‬
‫وهكذا يرى أحد الباحثين أن التطور الذي خضعت له مس ألة االختص اص في دع اوى االعت داء‬
‫المادي التي تتسم في غالبها بعنص ر االس تعجال‪ ،‬منح قاض ي المس تعجالت بالمحكم ة اإلداري ة‬
‫سلطات واسعة وهو يبت في هذه القضايا ‪،33‬السيما في ايقاف األشغال التي تباشر على عقار من‬
‫قبل الجماعات الترابية دون سلوك مسطرة ومقتضيات قانون نزع الملكية وأيض ا األم ر ب إفراغ‬
‫العقار إذا تم احتالله بدون وجه حق أو سند قانوني‪.‬‬
‫وهكذا فقاضي األمور المستعجلة ‪،‬وهو يفحص ظاهر الوثائق التي تعرض عليه بمناسبة ع رض‬
‫الطلبات االستعجالية الخاصة باالعتداء المادي الذي تتس بب في ه الجماع ات الترابي ة خاص ة في‬
‫مجال الملكية العقاري ة فإن ه يفحص م دى ال تزام الجماع ة الترابي ة بالقواع د القانوني ة المنظم ة‬
‫لحيازة العقار ونقل الملكية وأيضا لمشروعية مباشرة األش غال أو أي نش اط على وع اء عق اري‬
‫للغير ‪.‬‬
‫و كلما تبين للقاضي وجود حالة تعدي أو غصب للعقار فإنه حس ب الحال ة و مس توى التق دم في‬
‫األشغال يأمر بإيقاف األشغال أو إفراغ العقار لمالكه األصلي‪ .‬وهو ماسنراه في اآلتي‪:‬‬

‫‪- 33‬حميد ولد البالد ‪:‬مرجع سابق ص ‪407‬‬


‫أ‪:‬دعوى اإلفراغ‬
‫تكتسي دعوى اإلفراغ طابعا استعجاليا ‪،‬حيث يحق لكل متضرر طال عقاره االحتالل والغص ب‬
‫من طرف أي كان من الهيئات العامة التوج ه للقاض ي المس تعجالت اإلداري من أج ل المطالب ة‬
‫بإفراغ عقاره من المحتل‪.‬‬
‫وقد استجاب قاضي األمور المستعجلة اإلداري للعديد من الطلبات في ه ذا الب اب ‪،‬خاص ة إذا لم‬
‫تكن هن اك بالفع ل مص لحة عام ة ته دف اإلدارة تحقيقه ا ولم يش رع بع د في مزاول ة األش غال‬
‫واألنشطة على ذلل العقار ‪،‬السيما إذا شيدت مرافق عامة ويستفيد األفراد من خدماتها‪.‬‬
‫لكن إذا كان مستوى التقدم في األشغال في بدايته وليس هناك ضرر بالم ال الع ام ‪،‬ف إن القاض ي‬
‫االستعجالي يأمر الجماعة الترابية المحتلة بإفراغ العقار لمالكه ‪.‬‬
‫وقد جاء في قرار‪ 34‬صادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بم راكش بمناس بة البت في اس تئناف‬
‫أمر استعجالي ع دد ‪ 75‬بت اريخ ‪ 25/7/2012‬ب الملف رقم ‪، 57/1901/12‬قض ى بع دم وج ود‬
‫صعوبة في التنفيذ وإفراغ الجماعة للعقار الذي تحتله ب دون وج ه ح ق م ا يش كل إعت داءا مادي ا‬
‫صريحا وقد تم تأييد الحكم المستأنف ‪،‬حيث نص منطوق القرار على ‪:‬‬
‫"‪....‬و يكون ما أثاره المستأنف بشأن كون حالة االعتداء المادي غير قائمة أص ال ‪،‬غ ير ج دير‬
‫باالعتبار كما أن الحكم المستأنف عندما اعتبر أن عدم التنصيص على اإلفراغ في قرار محكم ة‬
‫النقض (المجلس األعلى سابقا) ليس من شأنه أن يشكل ص عوبة تح ول دون تنفي ذه على اعتب ار‬
‫أن تنفيذ ما قضى به القرار المذكور من رفع حالة االعت داء الم ادي الواق ع من ط رف المجلس‬
‫الجماعي سيدي عبد هللا غيات على العقار موضوع التنفيذ يقضي إرج اع الحال ة إلى م ا ك انت‬
‫عليه‪ ،‬واتخاذ جميع اإلجراءات الكفيلة بذلك ويستدعي بذلك اف راغ العق ار المعت دى علي ه كم ا‬
‫جاء في منطوق الحكم االبتدائي المؤيد بموجب قرار المجلس األعلى ‪،‬تك ون ق د عللت قض ائها‬
‫تعليال سليما و طبقت القانون تطبيقا سليما و من تم يكون اآلمر المستأنف واجب التأييد"‬
‫و تعود أطوار هذا القرار االستئنافي ‪،‬لصدوره ب النظر في األم ر االس تعجالي الم ذكور أعاله و‬
‫الذي قضى بعدم وج ود أي ص عوبة في تنفي ذ الق رار ‪ 30‬الص ادر ب الملف ع دد ‪189/1/2003‬‬
‫بتارخ ‪ 23/6/2005‬بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بمراكش و القاض ي برف ع حال ة‬
‫االعتداء المادي و بطرد الجماعة المدعى عليها و من يقوم مقامها من عقار المدعى تحت طائل ة‬
‫‪- 34‬قرار عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ 6/3/2013‬ملف عدد ‪ 13-1902-1‬صادر عن محكمة اإلستئناف اإلدارية بمراكش ‪،‬غير منشور‬
‫غرامة تهديدية قدرها ‪ 300‬درهم عن كل يقوم تأخير ‪،‬و ه و الق رار ال ذي فتح ل ه مل ف تنفي ذي‬
‫عدد ‪، 55/2012‬لكن الجماعة الترابي ة التج أت إلى رئيس المحكم ة اإلداري ة تن ازع في وج ود‬
‫صعوبة في التنفيذ ‪ ،‬و أنها تهدف باحتالل العقار مصلحة عامة ‪.‬‬
‫وبعد افتحاص ظ اهر الوث ائق والمس تندات اتض ح لقاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري ‪،‬أن ه ال‬
‫وج ود ألي ص عوبة في التنفي ذ وأن على الجماع ة إف راغ العق ار لص احبه‪ ،‬وطعن في األم ر‬
‫االستعجالي باالستئناف فصدر قرار بتأييد الحكم اإلبتدائي‪ .‬ذل ك أن الجماع ة لم تس لك المس اطر‬
‫القانوني ة من أج ل اس تعمال العق ار ال ذي ال تمتلك ه وألحقت أض رارا بملكي ة الغ ير مم ا يش كل‬
‫اعتداءات ماديا يجب التصدي له‪.‬‬
‫كما أن المجلس األعلى أسس إلمكانية األم ر ب إفراغ اإلدارة من العق ار ال ذي تحتل ه ب دون س ند‬
‫قانوني ‪،‬حيث جاء في أحد قراراته‪: 35‬‬
‫"حيث يعيب المستأنفون األمر المستأنف بانعدام التعليل وبعدم االرتكاز على أساس قانوني‪ ،‬ذلك‬
‫أنه اعتبر تجميع الباعة المتجولين فوق تجزئتهم يشكل إنشاءا لمرف ق ع ام ال يج وز المس اس‬
‫به والحالة أن التجميع بالشكل المذكور هو على العكس فيه إض رار بالبيئ ة وبالت الي بالص الح‬
‫الع ام وال يمكن اعتب ار ذل ك التجمي ع مرفق ا عام ا ‪،‬ثم أن األم ر المس تأنف لم ي بين المقتض يات‬
‫القانونية التي ارتكز عليها‪.‬‬
‫حيث تبين من وقائع الدعوى و من ظاهر مستنداتها و خاصة شهادة مسطرة التحفيظ الجارية في‬
‫شأن العقار مدار الدعوى الصادرة عن المحاف ظ على األمالك العقاري ة‪ ،‬وك ذا ق رار المص ادقة‬
‫على تصحيح التجزئة من طرف اإلدارة بتاريخ ‪ 1998/1/20‬بخصوص العقار الم ذكور أن م ا‬
‫دفعت به اإلدارة من وجوب توجيه الدعوى مباشرة ضد الباع ة المتج ولين الواض عين أي ديهم‬
‫على العقار هو دفع ال يكتسي أي صبغة جدية مادام أن اإلدارة المذكورة هي التي أذنت ألولئ ك‬
‫الباعة بوضع أي ديهم على العق ار مقاب ل أت اوة يومية كم ا أش ار إلى ذل ك الع ون القض ائي في‬
‫المحضر االستجوابي و المعاينة ال تي أنجزه ا بت اريخ ‪ 2002/8/5‬و ال ذي لم تطعن في ه اإلدارة‬
‫بأي مقبول‪.‬‬
‫وحيث يسوغ للقضاء المستعجل وضع حد لكل احتالل ال يرتكز على أي سند مشروع‪.‬‬
‫وحيث يكون األمر المستعجل المستأنف لم ا نح ا خالف م ا ذك ر ق د ج انب الص واب ويت وجب‬
‫إلغاؤه"‬
‫‪ - 35‬قرار عدد ‪ 665‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 01/07/2009‬في الملف اإلداري عدد ‪ 1117/4/1/2006‬ضد رئيس الجماعة‬
‫الحضرية للقصر الكبير أورده حميد ولد البالد‪:‬مرجع سابق ص ‪408‬‬
‫ففي هذه النازلة قدم طلب أمام رئيس المحكم ة اإلداري ة بالرب اط من أج ل رف ع حال ة االعت داء‬
‫المادي التي تعرض لها عقار أصحاب تجزئة سكنية و ذلك بتساهل الجماعة الترابية في توطين‬
‫مجموع ة من الباع ة المتج ولين بالتجزئ ة الم ذكورة و قبض إت اوات يومي ة عن عملهم هن اك و‬
‫إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل التوطين تحت غرامة تهديدي ة ق درها ‪ 5000‬درهم عن ك ل‬
‫يوم امتناع عن التنفيذ لألمر ال ذي سيص در ‪،‬ثم دف ع رئيس الجماع ة الحض رية للقص ر الكب ير‬
‫بانعدام صفة الم دعين و بوج ود تن اقض فيم ا بين المق ال و بين الوث ائق المرفق ة ب ه ملتمس ا‬
‫رفض الطلب الذي حسب زعمه كان يجب تقديمه مباشرة ض د الباع ة المتج ولين ال ض ده ه و‪،‬‬
‫وفي نهاية المناقشات صدر أمر برفض الطلب و اعتبار الس وق مرفق ا عمومي ا ال يج وز األم ر‬
‫ب إفراغ اإلدارة من ه‪ ،‬لكن المجلس األعلى اعت بر أن الجماع ة الترابي ة للقص ر الكب ير س محت‬
‫للباعة المتجولين بممارسة أنشطتهم التجارية على العقار المحتل مقابل رسوم يومي ة و علي ه‬
‫فهي المسؤولة عن رفع االعتداء المادي الذي تعرض له عقار الغير ‪،‬و انتهى إلى إلغ اء األم ر‬
‫المستأنف و تصديا برفع االعتداء المادي الواقع على عق ار المس تأنفين و ذل ك ب إفراغ الجماع ة‬
‫الترابية المدعى عليها منه و كل محتل بإذنها‪.36‬‬

‫ب ‪:‬دعوى إيقاف األشغال‬


‫أيض ا من ال دعاوى االس تعجالية ال تي يمكن تق ديمها أم ام قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري‬
‫للمطالبة بإيقاف االعتداء المادي الذي تتسبب فيه الجماعات الترابية ‪،‬نجد دعوى إيقاف األش غال‬
‫التي تنجز على العقار إلى حين البت في دعوى الموض وع أو س لوك اإلدارة الترابي ة للمس اطر‬
‫القانونية من أجل استعمال العقار وتملكه‪ ،‬ونقصد هاهنا المقتضيات القانوني ة ال واردة في ق انون‬
‫نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وطلب اإلذن بالحيازة‪.‬‬
‫فخ ارج ه ذه المقتض يات يح ق لك ل من تع رض عق اره لغص ب أو تع دي اللج وء للقاض ي‬
‫االس تعجالي من أج ل طلب إيق اف األش غال ‪،‬ويرج ع االختص اص للبت في الطلب للقض اء‬
‫المس تعجل اإلداري نظ را لطلب الوق تي والتحفظي وأيض ا لك ون الخط ر المح دق بعق ار‬
‫الغير ‪،‬يصعب تدارك نتائجه في المستقبل ويصعب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ‪،‬خاصة وأن‬
‫البناء المشيد إذا تم تدشين مرفق عام به ‪،‬فإنه يص عب هدم ه أو من ع المواط نين من الول وج إلى‬
‫خدماته‪.‬‬

‫‪- 36‬انظر بخصوص تفاضيل الواقعة حميد ولد البالد‪:‬المرجع السابق ص ‪410‬‬
‫فقد جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط ‪،37‬جاء فيه‪:‬‬
‫"وحيث يؤخ ذ من ظ اهر أوراق المل ف ومس تنداته أن الط الب أن الط الب ه و مال ك العق ار‬
‫موضوع الطلب‪ ،‬وأن اإلدارة المطلوب ضدها بص دد القي ام بأش غال ب ه حي ادا على اإلج راءات‬
‫المقررة لنزع الملكية‪ ،‬مما تبقى مع ه تل ك األش غال الجاري ة على وج ه التع دي‪ ،‬والطلب ح ول‬
‫إيقافها مؤسس‪.‬‬
‫لهذه األسباب نأمر علنيا ابتدائيا غيابيا ‪،‬بإيقاف أش غال بن اء الس ور الجاري ة بالقطع ة األرض ية‬
‫موضوع الطلب ‪،‬مع النفاذ المعجل وإرجاء البت في الصائر‪".‬‬
‫ففي ه ذا األم ر اس تجاب القاض ي اإلداري االس تعجالي لطلب م واطن ض د رئيس جماع ة‬
‫قروية ‪،‬عمدت إلى استغالل بقعته األرضية دون سلوك مسطرة ن زع الملكي ة‪ ،‬وك انت الجماع ة‬
‫القروية بصدد تشييد سور على البقعة ‪،‬وحيث أن األشغال الجارية كانت في بدايتها فإن القاض ي‬
‫استجاب لطلب وقف األشغال وخاصة أن تكلفة تشييد تلك النسبة من األعمال لم تكن مكلف ة ‪،‬إلى‬
‫حين بت قاضي الموضوع وسلوك الجماعة القروية للمساطر المعمول بها في هذا الباب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬استعمال الوسائل الجبرية من أجل رفع االعتداء المادي‬
‫أيضا من الوسائل التي يلجأ إليها القاضي اإلداري االستعجالي إلجبار الجماعات الترابي ة على‬
‫رفع االعتداء المادي ال ذي تس ببت في ه وألح ق أض رار بملكي ة الغ ير أو أح د حقوق ه وحريات ه‬
‫األساسية ‪،‬نجد لجوء قاض ي األم ور المس تعجلة لألم ر ب إفراغ العق ار أو ايق اف األش غال تحت‬
‫طائلة غرامة تهديدية محددة عن كل يوم امتناع عن األمر ‪ ،‬مما يشكل ال محالة عبئ على مالي ة‬
‫الجماعة الترابية ويجبرها على االمتثال لألمر القضائي‪.‬‬
‫أيضا نجد المصادقة على الحجز على مالي ة الجماع ة الترابي ة وإن ك ان ه و اختص اص أص يل‬
‫لل رئيس المحكم ة اإلداري ة ولكن ال ين درج ض من اختصاص ه كقاض ي للمس تعجالت ‪،‬لكن تم‬
‫االستدالل به من أجل االستئناس والتفصيل في الط رق المتاح ة من أج ل رف ع االعت داء الم ادي‬
‫الناشئ عن أخطاء الجماعات الترابية‪.‬‬
‫في أمر استعجالي عن القاضي االستعجالي اإلداري بالمحكمة اإلدارية بالرب اط‪ ،‬أق ر المص ادقة‬
‫على الحجز على مبلغ مالي يعادل مبلغ العقار موضوع االعتداء المادي الذي تسببت فيه جماعة‬

‫‪ ? -37‬نفس اإلحالة ‪ 464‬المحكمة اإلدارية بالرباط‪،‬أمر رقم ‪ 688‬بتاريخ ‪ 10/06/2009‬في الملف رقم ‪ 261/01/09‬بين المدعي السيد‬
‫محمد تلمو ضد رئيس الجماعة القروية باب برد و انظر أيضا بهذا الخصوص‬
‫تمارة ‪،‬مقابل تنازل المحكوم له عن العقار لفائدة هذه األخيرة ‪،‬مادام سيستفيد من تع ويض م الي‬
‫يعادل قيمة العقار المعتدى عليه حيث جاء في االمر‪: 38‬‬
‫" حيث يهدف الطلب إلى إصدار أمر بالمصادقة على أموال جماعة تمارة بين يدي الخ ازن الع ام‬
‫للمملكة في حدود المبلغ ‪ 137.462,00‬درهم ‪.‬‬
‫وحيث إن الحجز لدى الغير س واء تم بن اء على أم ر قض ائي أو بش كل تلق ائي من ط رف م أمور‬
‫التنفيذ بناء على سند تنفيذي ‪ ،‬فإن إجراءات التصديق عليه تدخل في إطار مس طرة التنفي ذ ال تي‬
‫تشرف عليها مؤسسة رئيس المحكمة ‪ ،‬وبالتالي فإن هاته الجهة تختص بالتصديق عليه بصفتها‬
‫هاته وليس بصفتها قاضيا للمستعجالت ‪.‬‬
‫وحيث إن الحجز لدى الغير موضوع طلب المص ادقة تم بن اء على س ند تنفي ذي ه و الق رار ع دد‬
‫‪ 2244‬الصادر عن محكمـــة االس تئناف اإلداري ة بالربـــــاط بتاريــخ ‪ 27/12/2010‬في المل ف‬
‫رقم ‪ 85/08/6‬وقد آل األمر إلى حجز مبلغ المبلغ ‪ 137.462,00‬درهما بين يدي الخ ازن وه و‬
‫يعد من األموال القابلة للحجز مادام ال يترتب عنه تعطي ل وظيف ة النف ع الع ام الملق اة على ع اتق‬
‫المرفق ‪ ،‬ومن المفروض أنه مرص ود ألداء التعويض ات المحك وم به ا على الجماع ة الم ذكورة‪،‬‬
‫وقد تعذر إبرام اتفاق ودي بين األطراف على توزيع المبالغ المحجوزة‪.‬‬
‫وحيث إن م ا ي زكي ه ذا االتج اه ‪ ،‬ه و أن الخ ازن المحج وز بين يدي ه يت وفر بالفع ل على‬
‫اعتمادات مخصصة للجماعة المحجوز عليها ‪ ،‬وهو ما يع ني أن الحج ز ق د انص ب فعال على‬
‫أموال قابلة للحجز ومملوكة للمدين طالما أن الفصل ‪ 488‬من قانون المس طرة المدني ة لم‬
‫يشترط بالضرورة إليقاع حجز لدى الغير ‪ ،‬أن يتعلق األمر بأموال سائلــــــة مودع ة ل دى‬
‫هذا الغير ب ل اس تعمل عب ارة " مب الغ ومس تندات " ال تي تتس ع لم ا دون ذل ك ‪ ،‬ولم يقي د‬
‫إمكانية الحجز بضرورة أن تكون األموال المحج وزة مودع ة في حس اب الخ ازن ‪ ،‬وأن ه ذا‬
‫األخير وإن تمسك بكون مبالغ االعتمادات المرصودة لفائدة الجماعة لم تع د كافي ة بع دما‬
‫تم استغراقها كلها بمقتضى حجز آخر ‪ ،‬إال أنه لم يدل بما يفيد سبق تحويله مب الغ ه ذا الحج ز‬
‫بقائدة من له الحق ‪ ،‬كما أن اعتمادات الجماعات المودع ة ل دى المحاس بين العموم يين ‪ ،‬لم‬
‫يرد التنصيص على عدم قابليتها للحجز بشكل ص ريح ‪ ،‬س واء في الفق رة الثاني ة من الفص ل‬
‫‪ 488‬التي تضمنت قائمة باألموال غير القابلة للحجز ‪ ،‬أو في أي نص قانوني آخ ر بم ا في ذل ك‬
‫قانون المحاسبة العمومية ‪ ،‬ومعلوم أن جميع األموال تعت بر قابل ة للحج ز إال م ا اس تثني‬
‫بنص القانون ‪ ،‬واالستثناء يحظر التوسع في تفسيره ‪.‬‬
‫‪- 38‬أمر استعجالي صادر عن قاضي المستعجالت المحكمة اإلدارية بالرباط رقم ‪ 3404‬بتاريخ ‪ 28/05/2019‬ملف رقم‬
‫‪3332/7103/2019‬‬
‫و حيث إن مقتضيات الفصول ‪ 31‬إلى ‪ 35‬من ق انون المحاس بة العمومي ة إنم ا تتعل ق بتنظيم‬
‫وضبط طرق تنفيذ الميزانية بهدف الحيلولة دون صرفها بدون سند أو في غ ير األه داف‬
‫المخصصة لها وتجسيدا أيضا لمبدأ فص ل جه ة األم ر بالص رف عن جه ة األداء ‪ ،‬وبالت الي‬
‫فإن غاية المشرع هاته ال يعطلها انصياع المحاسب لزوما لمنطوق أوامر أو أحكام قض ائية‬
‫قابلة للتنفيذ‪ ،‬تقضي بحجز أو بتحويل مبالغ مالية هي عبارة عن دي ون في ذم ة الجه ة اآلم رة‬
‫بالص رف‪ ،‬ومس تحقة األداء في مواجهته ا بمقتض ى س ندات تنفيذي ة قانوني ة متمثل ة في‬
‫قرارات قضائية نهائية تعتبر ملزمة للجميع بصريح الفصل ‪ 126‬من الدستور ‪.‬‬
‫وحيث يتعين الحكم بالنفاذ المعجل لوجود س ند تنفي ذي عمال ب الفقرة األولى من الفص ل ‪ 147‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية ‪.‬‬
‫و حيث إن السند التنفيذي أساس الحجز الحالي مشوب باستشكال يتمثل في كون التعويض‬
‫المحكوم به بمقتضى هذا الحكم إنما يشكل بالضبط قيمة العق ار موض وع االعت داء الم ادي ‪،‬‬
‫وأنه بذلك يتعين على طالب الحجز اإلدالء بتن ازل عن ه ذا العق ار لفائ دة الجه ة المحج وز‬
‫عليها خاليا من أي تحمالت كمقابل لحصوله على ثمن الرقبة المذكور ‪ ،‬سيما في ظ ل خل و‬
‫السند التنفيذي المذكور مـن أي تنصيص على نق ل ملكيـــة العق ار موض وع التعويـض لفائ دة‬
‫اإلدارة ‪ ،‬والكل تماشيــا مع ما استقـــر عليه االتجاه الحديــث لمحكمة النقـض في عدي د من‬
‫قراراتــــــــــه المتواتــــــــرة التي انتبهـــــــــت إلى ضــــرورة صيانـــة المال العـام في مث ل‬
‫ه ذه الحــــــاالت ومنه ا على س بيل المث ال ال الحص ر الق رار ع دد ‪ 568/2‬بت اريخ ‪ 29‬م اي‬
‫‪ 2014‬في الملف اإلداري عدد ‪ 1998/4/2/2013‬الذي أك د على أن تع ويض الفاق د لملكي ة‬
‫عقاره المعتدى عليه ماديا من طرف اإلدارة ‪ ،‬دون نقل ملكيته لهذه األخيرة ‪ ،‬ينط وي على‬
‫إثراء بال سبب يتمثل في إثراء المالك عندما يقض ى ل ه ب التعويض م ع احتفاظ ه بملكي ة نفس‬
‫العقار موضوع الحكم بالتعويض ‪ ،‬وافتقار اإلدارة لما حرمت من تملك نفس العقار ال ذي أدت‬
‫ثمنه ‪ ،‬مما يشكل افتقارا مباشرا يقابله إث راء مباش ر وتق وم بينهم ا عالق ة س ببية مباش رة‬
‫تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لك ل منهم ا ‪ ،‬وهي دف ع تع ويض عن قيم ة عق ار لم‬
‫تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه ‪.‬‬
‫و حيث تجدر اإلشارة إلى أنه ولئن كان الفصل ‪ 437‬من قانون المسطرة المدنية ينص على أنه‬
‫‪ " :‬ال يكون الحكم الذي يقضي برفع يد أو رد أو وفاء أو أي عمل آخر يجب إنجازه من قبل الغير‬
‫أو على حسابه‪ ،‬قابال للتنفيذ من قبل الغير أو بينهم ولو بع د أج ل التع رض أو االس تئناف إال بع د‬
‫تقديم شهادة من كتابة ضبط المحكمة التي أصدرته‪ ،‬تحتوي على تاريخ تبليغ ه للط رف المحك وم‬
‫عليه‪ ،‬وتشهد بأنه لم يقع أي تعرض أو استئناف ضده" ‪ ،‬إال أنه من الواض ح أن ه ذا المقتض ى‬
‫القانوني إنما يخص فقط الحالة ال تي يك ون فيه ا التنفي ذ متوقف ا على ت دخل غ ير ليس طرف ا في‬
‫الدعوى و غير مالك لحق الطعن في الحكم الصادر بشأنها باعتباره ليس محكوم ا علي ه‪ ،‬و غاي ة‬
‫المشرع من ذلك هي إفساح المجال لهذا الغير ليتأكد من قابلية الحكم للتنفي ذ بين أطراف ه قب ل أن‬
‫يبادر بدوره إلى التنفيذ‪ ،‬لذا ف إن ه ذه الغاي ة ال يعطله ا أن يك ون الحكم موض وع التنفي ذ مقرون ا‬
‫بالنفاذ المعجل ألن هذا النوع من األحكام يكون قابال للتنفيذ رغم كل طرق الطعن و بالت الي تنتفي‬
‫في هذه الحالة جدوى إلزام طالب التنفيذ باإلدالء بشهادة بعدم التعرض و االستئناف‪ ،‬و من جه ة‬
‫أخرى فالغير المحجوز لديه في مسطرة الحجز لدى الغ ير يتح ول بمج رد ص دور حكم المص ادقة‬
‫إلى طرف محكوم عليه باألصالة و بالتالي إلى مدين أصلي فاقد لصفة الغير طالما أن ه يمل ك ح ق‬
‫الطعن بالتعرض أو باالستئناف في حكم المصادقة و المطالبة بإيقاف تنفيذه المعجل أمام المحكمة‬
‫التي تنظر في طعنه‪ ،‬وهذا ما يستش ف من ق رار الغرف ة اإلداري ة بمحكم ة النقــــــــض ع دد ‪53‬‬
‫بتاريــــخ ‪ 17‬ين اير ‪ 2013‬في المل ف اإلداري ع دد ‪ 115/4/1/2010‬ال ذي جـــاء في ه أن‬
‫"صــــــــدور حكم بصحة الحجز لدى الغير يصير معه الخازن الرئيس ي م دينا أص ليا ال محج وزا‬
‫لديه غيرا في النزاع" و بذلك تكون أحكام المصادقة على الحجز وفق هذا المفهوم غير مخاطب ة‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 437‬الذي يعني األغيار ‪.‬‬
‫وتطبيقا للمادتين ‪ 7‬و‪ 19‬من القانون رقم ‪ 41-90‬المحدث ة بموجب ه المح اكم اإلداري ة والفص لين‬
‫‪ 147‬و‪ 494‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫نأمر علنيا ابتدائيا حضوريا ‪:‬‬


‫أ‪ -‬بالمصادقة على الحجز المضروب على أموال جماعة تمارة بين يدي الخازن الع ام للمملك ة في‬
‫حدود المبلغ ‪ 137.462,00‬درهم ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬بتحويل المحجوز لديه الخازن العام للمملكة لمبل غ المحج وز )وق دره ‪ 137.462,00‬درهم)‬
‫إلى صندوق هذه المحكمة لتسليمه إلى الطالبين كال أو جزءا في حدود المبالغ التي م ازالت بذم ة‬
‫الطرف المحجوز عليه في ملف التنفيذ عدد ‪ ، 82/2013/1‬مع النفاذ المعجـــــل‪ ،‬ولكن بعد إدالء‬
‫الطالبين المذكور بما يفيد تنازلهم عن العقار موضوع التعويض لفائدة المحجوز عليه ا خالي ا من‬
‫أي تحمالت ‪ ،‬على رئيسة كتابة الضبط التبليغ والتنفيذ التلقائيين لهذا األمر‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تحميل جماعة تمارة المحجوز عليها الصائر‪".‬‬
‫وفي أمر آخر صادر عن نفس المحكمة اإلدارية ‪39‬زكى نفس الطرح جاء فيه‪:‬‬
‫" حيث يهدف الطلب إلى إصدار أمر بالمصادقة على الحسابات واالعتم ادات المالي ة المخصص ة‬
‫لجماعة تمارة بين يدي خازن عمالة تمارة الصخيرات في ح دود المبل غ ‪ 377.400,00‬درهم‬
‫‪.‬‬
‫وحيث إن الحجز لدى الغير س واء تم بن اء على أم ر قض ائي أو بش كل تلق ائي من ط رف م أمور‬
‫التنفيذ بناء على سند تنفيذي ‪ ،‬فإن إجراءات التصديق عليه تدخل في إطار مس طرة التنفي ذ ال تي‬
‫تشرف عليها مؤسسة رئيس المحكمة ‪ ،‬وبالتالي فإن هاته الجهة تختص بالتصديق عليه بصفتها‬
‫هاته وليس بصفتها قاضيا للمستعجالت ‪.‬‬
‫وحيث إن الحجز لدى الغير موضوع طلب المصادقة تم بناء على سند تنفيذي ه و الق رار ع دد‬
‫‪ 1928‬الصادر عن محكمـــة االستئناف اإلدارية بالربـــــاط بتاريــخ ‪ 09/06/2011‬في المل ف‬
‫رقم ‪ 213/10/6‬و ‪ 214/10/6‬وق د آل األم ر إلى حج ز مبل غ المبل غ ‪ 377.400,00‬درهم ا‬
‫بين يدي الخازن وهو يعد من األموال القابل ة للحج ز م ادام ال ي ترتب عن ه تعطي ل وظيف ة النف ع‬
‫العام الملقاة على عاتق المرفق ‪ ،‬ومن المف روض أن ه مرص ود ألداء التعويض ات المحك وم به ا‬
‫على الجماع ة الم ذكورة‪ ،‬وق د تع ذر إب رام اتف اق ودي بين األط راف على توزي ع المب الغ‬
‫المحجوزة‪.‬‬
‫وحيث إن م ا ي زكي ه ذا االتج اه ‪ ،‬ه و أن الخ ازن المحج وز بين يدي ه يت وفر بالفع ل على‬
‫اعتمادات مخصصة للجماعة المحجوز عليها ‪ ،‬وهو ما يع ني أن الحج ز ق د انص ب فعال على‬
‫أموال قابلة للحجز ومملوكة للمدين طالما أن الفصل ‪ 488‬من قانون المس طرة المدني ة لم‬
‫يشترط بالضرورة إليقاع حجز لدى الغير ‪ ،‬أن يتعلق األمر بأموال سائلــــــة مودع ة ل دى‬
‫هذا الغير ب ل اس تعمل عب ارة " مب الغ ومس تندات " ال تي تتس ع لم ا دون ذل ك ‪ ،‬ولم يقي د‬
‫إمكانية الحجز بضرورة أن تكون األموال المحج وزة مودع ة في حس اب الخ ازن ‪ ،‬وأن ه ذا‬
‫األخير وإن تمسك بكون مبالغ االعتمادات المرصودة لفائدة الجماعة لم تع د كافي ة بع دما‬
‫تم استغراقها كلها بمقتضى حجز آخر ‪ ،‬إال أنه لم يدل بما يفيد سبق تحويله مب الغ ه ذا الحج ز‬
‫بقائدة من له الحق ‪ ،‬كما أن اعتمادات الجماعات المودع ة ل دى المحاس بين العموم يين ‪ ،‬لم‬
‫يرد التنصيص على عدم قابليتها للحجز بشكل ص ريح ‪ ،‬س واء في الفق رة الثاني ة من الفص ل‬
‫‪ 488‬التي تضمنت قائمة باألموال غير القابلة للحجز ‪ ،‬أو في أي نص قانوني آخ ر بم ا في ذل ك‬

‫‪- 39‬أمر استعجالي صادر عن قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية بالرباط رقم ‪ 3439‬بتاريخ ‪ 28/05/2019‬ملف رقم‬
‫‪ 3265/7103/2019‬غير منشور‬
‫قانون المحاسبة العمومية ‪ ،‬ومعلوم أن جميع األموال تعت بر قابل ة للحج ز إال م ا اس تثني‬
‫بنص القانون ‪ ،‬واالستثناء يحظر التوسع في تفسيره‪.........‬‬
‫وحيث يتعين الحكم بالنفاذ المعجل لوجود س ند تنفي ذي عمال ب الفقرة األولى من الفص ل ‪ 147‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية ‪.‬‬
‫و حيث إن السند التنفيذي أساس الحجز الح الي مش وب بإش كال يتمث ل في ك ون التع ويض‬
‫المحكوم به بمقتضى هذا الحكم إنما يشكل بالضبط قيمة العق ار موض وع االعت داء الم ادي ‪،‬‬
‫وأنه بذلك يتعين على طالب الحجز اإلدالء بتن ازل عن ه ذا العق ار لفائ دة الجه ة المحج وز‬
‫عليها خاليا من أي تحمالت كمقابل لحصوله على ثمن الرقبة المذكور ‪ ،‬سيما في ظ ل خل و‬
‫السند التنفيذي المذكور مـن أي تنصيص على نق ل ملكيـــة العق ار موض وع التعويـض لفائ دة‬
‫اإلدارة ‪ ،‬والكل تماشيــا مع ما استقـــر عليه االتجاه الحديــث لمحكمة النقـض في عدي د من‬
‫قراراتــــــــــه المتواتــــــــرة التي انتبهـــــــــت إلى ضــــرورة صيانـــة المال العـام في مث ل‬
‫ه ذه الحــــــاالت ومنه ا على س بيل المث ال ال الحص ر الق رار ع دد ‪ 568/2‬بت اريخ ‪ 29‬م اي‬
‫‪ 2014‬في الملف اإلداري عدد ‪ 1998/4/2/2013‬الذي أك د على أن تع ويض الفاق د لملكي ة‬
‫عقاره المعتدى عليه ماديا من طرف اإلدارة ‪ ،‬دون نقل ملكيته لهذه األخيرة ‪ ،‬ينط وي على‬
‫إثراء بال سبب يتمثل في إثراء المالك عندما يقض ى ل ه ب التعويض م ع احتفاظ ه بملكي ة نفس‬
‫العقار موضوع الحكم بالتعويض ‪ ،‬وافتقار اإلدارة لما حرمت من تملك نفس العقار ال ذي أدت‬
‫ثمنه ‪ ،‬مما يشكل افتقارا مباشرا يقابله إث راء مباش ر وتق وم بينهم ا عالق ة س ببية مباش رة‬
‫تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لك ل منهم ا ‪ ،‬وهي دف ع تع ويض عن قيم ة عق ار لم‬
‫تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه ‪.......‬‬

‫نأمر علنيا ابتدائيا حضوريا ‪:‬‬


‫أ‪ -‬بالمصادقة على الحج ز المض روب على الحس ابات واالعتم ادات المالي ة المخصص ة لجماع ة‬
‫تمارة بين يدي خازن عمالة تمارة الصخيرات في حدود المبلغ ‪ 377.400,00‬درهم ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬بتحوي ل المحج وز لدي ه خ ازن عمال ة تم ارة الص خيرات لمبل غ المحج وز )وق دره‬
‫‪ 377.400,00‬درهم) إلى ص ندوق ه ذه المحكم ة لتس ليمه إلى الط البين كال أو ج زءا في ح دود‬
‫المبالغ التي مازالت بذمة الطرف المحجوز عليه في ملف التنفيذ عدد ‪ 1138/2013/1‬ل ع عالق ة‬
‫بالملف ‪ 570/19/1‬مع النفاذ المعج ل‪ ،‬ولكن بع د إدالء الط البين الم ذكور بم ا يفي د تن ازلهم عن‬
‫العقار موضوع التعويض لفائدة المحجوز عليها خاليا من أي تحمالت ‪ ،‬على رئيسة كتابة الضبط‬
‫التبليغ والتنفيذ التلقائيين لهذا األمر‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تحميل جماعة تمارة المحجوز عليها الصائر‪".‬‬
‫فمن خالل األوامر االستعجالية الواردة أعاله ‪،‬يتضح جليا كيف أن القاضي االس تعجالي يجته د في‬
‫ممارسة االختصاصات الموكولة إليه في باب رفع اإلعتداء المادي وكل أعمال الغصب واالستيالء‬
‫‪،‬التي تلحق أضرارا بحق ملكي ة األغي ار الس يما من قب ل الجماع ات الترابي ة ‪،‬ال تي يف ترض فيه ا‬
‫احترام القانون وعدم المس بعقار ال تمتلكه ‪،‬واللجوء إلى القواع د القانوني ة المعم ول به ا في حال ة‬
‫الضرورة القصوى لتشييد أي منشأة عامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬حدود سلطات القاضي اإلداري االستعجالي في دعاوى االعتداء المادي‬
‫لكي ينعق د االختص اص للقض اء اإلداري االس تعجالي الب د من ت وافر الش روط العام ة للقض اء‬
‫االستعجالي كما تم التنصيص عليها في قانون المسطرة المدنية ‪،‬والتي تم إيراده ا بالتفص يل في‬
‫القسم األول من هذا البحث بالتدقيق والتفصيل ‪.‬ولعل من أبرزها توفر عنصر االستعجال وشرط‬
‫عدم المس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر‪.‬‬
‫وم تى انتفى ه ذان الش رطان يص رح القاض ي االس تعجالي ب رفض الطلب كم ا س بق للقاض ي‬
‫المستعجالت اإلداري أن صرح به في قضية عبد السالم العشيري‪.40‬‬
‫ويبقى من أهم القيود التي ترد على اختصاص قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري وه و يبت في‬
‫االعتداء المادي الذي تتسبب فيه الهيئات العامة وال سيما الجماعات الترابي ة ‪،‬خاص ة في مج ال‬
‫حماية الملكية العقاري ة ‪،‬اس تظهار اإلدارة بمجموع ة الوث ائق والس ندات يص عب على القاض ي‬
‫اس تبعادها دون المس بأص ل الح ق ‪،‬إض افة إلى اص طدامه بع دم إمكاني ة ه دم البناي ة المقام ة‬
‫وتالشي عنصر االستعجال مع مر الزمان ‪.41‬‬
‫في حين يتم تضييق مجال تدخل القاضي االستعجالي اإلداري ‪،‬كلما تعلق األم ر بمج ال اش تغال‬
‫رؤس اء الجماع ات الترابي ة و ن وابهم ‪،‬خاص ة في المج االت ال تي تمس بالحري ات األساس ية و‬

‫‪- 40‬عبد السالم العشيري ضد الدولة المغربية أمر رقم ‪ 83/95‬صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪،20/12/95‬م م إم ت‬
‫عدد ‪ 9‬لسنة ‪1996‬ص ‪.95‬حيث أكد القاضي اإلستعجالي أن األشغال الجارية على أرض المدعين و إن كان شيد فيها مرفق عمومي‬
‫‪،‬مدرسة عمومية لكن شرع في البناء ‪،‬دون سلوك مساطر نزع الملكية و إنما بمجرد قرار اإلحتالل المؤقت ‪،‬و إرتأى القاضي أن التمادي‬
‫في أشغال البناء من شأنه إلحاق أضرار بمالكي األرض و تبين له قيام عنصر اإلستعجال و أن اإلجراء المطلوب له مساس له بأصل الحق‬
‫‪- 41‬حميد ولد البالد‪:‬القضاء المستعجل اإلداري‪:‬مرجع سابق ص ‪416‬‬
‫الحقوق التي كفلها الدستور من قبيل ‪:‬حرية التنقل و التجول ‪،‬عقد االجتماعات و حري ة المنافس ة‬
‫و التج ارة بم ا تقتض يه من عملي ات ال بيع و الش راء و الحص ول على ت راخيص ‪...‬فالس لطة‬
‫التنظيمي ة ال تي يتمت ع به ا رؤس اء الجماع ات الترابي ة ‪،‬تخ ول لهم في بعض األحي ان اص دار‬
‫قرارات ‪،‬قد تصطدم مع مجموعة الحريات المكفولة للمواطنين ‪،‬و القاضي اإلداري االس تعجالي‬
‫بمناسبة بته في الطلبات االستعجالية الخاصة باالعت داء الم ادي ال ذي يمس أح د ه ذه الحق وق و‬
‫الحري ات ‪،‬يج د قي ودا من قب ل الظ روف االس تثنائية و الحف اظ على النظ ام الع ام و الص حة و‬
‫العام ‪،‬و بالتالي فإنه كلما كان تعارض بين المصلحتين غالبا ما يتم ترجيح المصلحة العام ة على‬
‫الخاصة‪ .‬وهو ما سنعرض له من خالل الدراسة في مجال حماية الملكية العقاري ة الخاص ة وفي‬
‫مجال الحريات األساسية‬

‫أوال ‪:‬في مجال حماية الملكية العقارية الخاصة‬


‫ليتمكن قاضي األمور المستعجلة من البت في الطلبات ال تي ت رد علي ه ‪،‬الب د من ال تزام اح ترام‬
‫الش روط الموض وعية والش كلية الخاص ة بانعق اد االختص اص للقض اء اإلداري‬
‫االستعجالي ‪،‬السيما توفر عنصر االستعجال في النازلة أي ذلك الخطر المحدق ال ذي ق د يخل ف‬
‫نتائج يصعب تداركها أو اصالحها مستقبال ثم التقيد بشرط عدم المساس بأصل الحق‪.‬‬
‫وبالتالي فالنسبة للملكية العقارية الخاصة ‪،‬أحيانا يجد القاضي االستعجالي ص عوبة في افتح اص‬
‫كل الوثائق والمستندات الواردة بالملف لما في ذلك من مس بالجوهر‪. 42‬‬
‫كذلك في حالة مباشرة الجماعات الترابية ألش غال بن اء ف وق عق ار الغ ير ‪،‬دون س لوك مس طرة‬
‫نزع الملكية واإلذن بحيازة العقار‪ .‬في حالة رفع هذا التعدي أم ام القاض ي اإلداري االس تعجالي‬
‫فإنه يلزم تحديد نسبة تقدم األشغال ‪،‬حتى يتسنى للقاضي األمر بإيقاف األش غال أو رفض الطلب‬
‫و بالتالي لجوء المتضرر للقضاء التعويض ألنه ال يأمر القاضي بهدم منشأة عمومية قائمة ح تى‬
‫و إن بنيت بطريقة غ ير مش روعة ‪.‬و في ه ذا الس ياق ورد أم ر اس تعجالي عن رئيس المحكم ة‬
‫اإلدارية بمراكش ‪،‬جاء فيه ‪....":‬و إضافة إلى ذلك فإن االستجابة للطلب الحالي س يترتب عن ه‬
‫هدر للمال العام حتى و لئن أقيم المرفق العمومي ف وق عق ار الطالب ة غص با ب النظر للمراح ل‬

‫‪- 42‬قرار عدد ‪ 264‬صادر عن محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 19/11/2012‬في الملف عدد ‪ 119/12/2‬أورده حميد ولد البالد‬
‫المرجع السابق ص ‪: 417-416‬بين مالك العقار و ممثل السلطة المحلية و بلدية مرتيل ‪،‬حيث أكد قاضي اإلستئناف اإلداري أنه من خالل‬
‫تفحص الوثائق الموضوعة لديه لم يتبين له وجود حالة اعتداء مادي ‪،‬و أن التعمق في اإلستنتاج و تقدير مدى شرعية تدخل اللجنة و‬
‫ممثل السلطة المحلية من شأن المساس بجوهر الحق و يخرج عن دائرة اختصاص قاضي األمور المستعجلة‪.‬‬
‫المتقدمة لألشغال المنجزة و يبقى من ح ق ه ذه األخ يرة رف ع دع وى في الموض وع للمطالب ة‬
‫بالتعويض في إطار المسؤولية اإلدارية "‬
‫وعليه يبقى أمر هدم المنشأة العمومية القائمة أو التي ع رفت أش غال بنائه ا أط وارا مهم ا ‪،‬غ ير‬
‫ممكن العتبارات تهم الصالح العام والحفاظ على المال العام وعدم إضاعته ‪،‬حتى وإن تم بناؤه ا‬
‫مخالقة للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل في مسطرة نزع الملكي ة الخاص ة من أج ل المنفع ة‬
‫العامة‪.43‬‬
‫وإن كان لنا من تعليق على هذا الحكم أعاله‪ ،‬فال محالة س يكون باالتف اق م ع مب دأ ع دم إمكاني ة‬
‫إيقاف األشغال متى قطعت أشواط كبيرة ‪،‬نظرا للمصلحة العامة التي سيؤديها المرف ق ال ذي في‬
‫ط ور البن اء وحجم المب الغ المالي ة ال تي تم ص رفها على بنائ ه ‪،‬أم ا بالنس بة العتب ار عنص ر‬
‫االستعجال كأساس قانوني من أجل المنع ‪،‬فإنه بالنسبة لبعض الب احثين ‪44‬حال ة واقعي ة مس تمرة‬
‫باستمرار االعتداء وال يعد هو السبب الذي يرتكز عليه القاض ي من أج ل إص دار أم ره بإيق اف‬
‫األشغال من عدمها‪.‬‬
‫أيضا في حالة ت برير اإلدارة لمجموع ة األنش طة والتص رفات ال تي ق امت بنص وص تش ريعية‬
‫وتنظيمي ة معين ة ف إن القاض ي اإلداري االس تعجالي ال يمكن ه الق ول إن اإلدارة تك ون مرتكب ة‬
‫العتداء مادي وإال سيضطر لتفسير النص الق انوني وتق دير م دى ش رعية تص رف اإلدارة مم ا‬
‫يحظر عليه تطبيقا لشرط عدم المساس بالجوهر ‪.‬‬
‫وقد جاء في هذا الص دد أم ر اس تعجالي عن قاض ي المس تعجالت بالرب اط ‪،‬وإن ك ان في ن زاع‬
‫إداري بين صاحب الملك العقاري وممثل السلطة المحلية ‪،‬لكن نورده ها هنا من أجل االس تدالل‬
‫على القاعدة الواردة أعاله والتي تحد من مجال تدخل القاض ي اإلداري االس تعجالي ‪،‬حيث ج اء‬
‫فيه‪: 45‬‬
‫" حيث يهدف الطلب إلى الحكم برفع حالة االعتداء المادي الذي مارسه السيد قائد الدائرة الثالث ة‬
‫لمرتجل على العقار موضوع الرخصة عدد ‪ 11/625‬مع إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وذل ك‬
‫باستمرار أشغال البناء المعينة به ذه الرخص ة وإع ادة المع دات المحج وزة تحت طائل ة غرام ة‬
‫تهديدية قدرها ‪10000‬درهم عن كل يوم تأخير‪.‬‬

‫‪- 43‬انظر الحكم اإلستعجالي عدد صادر عن المحكمة اإلدارية بمراكش بتاريخ ‪ 12/06/2012‬ي الملف رقم ‪ 852/12/2011‬أورده‬
‫رضوان قافو‪::‬مرجع سابق ص ‪95‬‬
‫‪- 44‬حميد ولد البالد‪:‬القضاء المستعجل اإلداري ‪:‬مرجع سابق ص ‪422‬‬
‫‪- 45‬أمر رقم ‪ 342‬صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 21/03/2012‬في الملف رقم ‪، 189/1/2012‬غير منشور‬
‫لكن حيث من جهة ‪،‬فإن البت في شق الطلب المتعلق برفع حال ة االعت داء الم ادي ‪،‬يقتض ي أن‬
‫تكون هذه الحالة واضحة المعالم من خالل إقدام اإلدارة المعني ة على فع ل منقط ع الص لة ب أي‬
‫نص قانوني و ينطوي على اعتداء جسيم على حرية شخصية أو ح ق ملكي ة‪ ،‬بينم ا المستش ف‬
‫من ظاهر األوراق أن القائد المنسوب إليه هذا االعتداء و إن كان رجل إدارة باعتباره من رجال‬
‫السلطة تبعا للمادة ‪ 1‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.67.08‬الصادر في ‪ 31‬يوليوز ‪ 2008‬في شأن‬
‫هيئة رجال السلطة ‪،‬فإنه م ع ذل ك ل ه ص فة ض ابط ش رطة قض ائية يق وم بموجبه ا ب التثبت من‬
‫مخالفات أحك ام ق انون التعم ير و حج ز األدوات المثبت ة له ا ‪...‬مم ا يجع ل األم ر غ ير مرتب ط‬
‫باختصاصات إدارية إلمكان إسباغ صفة االعتداء المادي عليها و ترتيب آثاره القانونية بشأنها‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ‪،‬فإن المطالبة الهادفة إلى السماح باالستمرار في أشغال البناء التي هي مح ل‬
‫إيق اف نتيج ة لت دخل الض ابطة القض ائية الم دعى عليه ا‪ ،‬ينط وي على توجي ه أم ر إلى ه ذه‬
‫األخيرة رغم أنه ا ليس ت س لطة إداري ة‪ .‬مم ا ي ترتب عن ه رف ع النظ ر للبت في الطلب بش قيه‬
‫بالتفصيل الوارد الحقا في منطوق هذا األمر"‬
‫فباستقراء األم ر االس تعجالي اإلداري أعاله ‪،‬نالح ظ كي ف قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري‬
‫ومن خالل استحضار االختصاصات التي يتمتع به ا رج ال الس لطة خاص ة في مج ال الش رطة‬
‫اإلدارية و ضبط مخالفات التعمير ‪،‬كيف التدخل الذي قام به ممثل السلطة المحلية على أنه مبني‬
‫على أساس و ال يشكل اعت داء م ادي و بالت الي ‪،‬ال يمكن األم ر برفع ه و ال توجي ه أم ر لممث ل‬
‫السلطة المحلية من أجل القيام بشيء أو االمتناع عن شيء مادام التصرف يسمح به القانون و له‬
‫أساس‪ ،‬لكن يبقى للمتضرر اللجوء للقاضي الموضوع من أجل الفصل في المنازع ة و المطالب ة‬
‫بالتعويض‪.‬‬
‫وبتعميق المناقشة في عدم امكانية المحاكم النظر في الطلبات التي من شأنها عرقلة عم ل الدول ة‬
‫والجماعات الترابية اعتم ادا على الفص ل ‪ 25‬من ق انون المس طرة المدني ة‪،46‬وبن اءا على ذل ك‬
‫عرقلة المرافق العمومية ال تي هي في ط ور اإلنج از ‪.‬إال أن أن المش رع فس ح المج ال لتط بيق‬
‫مقتضيات مخالفة في حالة وجود نصوص قانونية مغايرة ‪،‬وعليه فالمادة ‪ 19‬من القانون ‪41-90‬‬
‫المحدث للمحاكم اإلدارية تنص على اختصاص رئيس المحكمة اإلدارية أو من ينيبه عنه بصفته‬
‫قاضيا للمستعجالت للبت في الطلبات الوقتية والتحفظية‪.‬‬

‫‪- 46‬جاء في الفصل ‪ 25‬من قانون المسطرة المدنية ‪:‬يمنع على المحاكم أعدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة ‪،‬أن تنظر ولو بصفة‬
‫تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل اإلدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية األخرى أو تلغي قراراتها‬
‫وتأسيس ا على ذل ك ‪،‬فاالجته اد القض ائي ذهب إلى أن ت دخل القاض ي اإلداري االس تعجالي في‬
‫ايقاف األشغال التي تقوم بها اإلدارات العامة التابعة للدولة أو الجماعات الترابية لوج ود اعت داء‬
‫مادي ‪،‬ال يشكل فعل العرقلة التي تحدث عنه الفصل ‪ 25‬من ق م م ‪.‬‬
‫فقد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى‪: 47‬‬
‫"حيث تعيب الطاعن ة الق رار المطع ون في ه في ه بخ رق مقتض يات الفص لين ‪ 3‬و‪ 25‬من ق انون‬
‫المسطرة المدنية والفصل ‪ 4‬من ظهير ‪1919/4/27‬أذلك أنه من جهة ال يجوز للمح اكم أن تحكم‬
‫ولو بصفة تبعية بم ا من ش أنه عرقل ة عم ل اإلدارات العمومي ة ومن جه ة أخ رى ف إن األرض‬
‫موضوع النزاع أرض جماعية ال يجوز تملكها بالحيازة وال تفوت وال تحجز والمحكم ة ملزم ة‬
‫بتطبيق القانون ولو لم يطلب ذلك األطراف والمدعي ال صفة له في رفع الدعوى‪.‬‬
‫لكن حيث إن محكمة االستئناف ‪،‬لما تبين لها أن المطلوب في الطعن قد أقام دعوى أم ام محكم ة‬
‫الموضوع بشأن ما تعرضت له األرض التي هو حائز لها من اعتداء م ادي بت اريخ ‪2010/2/3‬‬
‫وأن ه اعتم د في ذل ك على عق د ش راء والحظت ب أن طلب إيق اف األش غال إلى حين البت في‬
‫الموضوع ذو طبيعة استعجالية ومبني على أسباب جدية أيدت األمر المستأنف مما يكون معه ما‬
‫أثير في الوسيلة من خرق للقانون ال أساس له "‬
‫وعليه فإن تدخل قاضي المستعجالت اإلداري في إيقاف أعم ال االعت داء الم ادي ال تي تزاوله ا‬
‫الجماعات الترابية السيما في مجال الملكية العقارية ‪،‬والمتمثلة في تشييد بناي ات ومراف ق عام ة‬
‫فوق أراضي الغير ‪،‬دون سلوك مسطرة ن زع الملكي ة وطلب اإلذن بحي ازة العق ار ‪،‬يبقى متاح ا‬
‫كلما كان العمل ال صلة له بأي نص تشريعي أو تنظيمي وفيه تعدي على ملك الغ ير ‪،‬وال يش كل‬
‫عرقلة ألعمال الجماعات الترابية ‪،‬التي يفترض فيها احترام القانون وااللتزام بتعاليمه‪.‬‬
‫فقط باستثناء القواعد التي تم التفصيل فيها في الفقرات السابقة ‪،‬إعماال لقواعد ع دم إمكاني ة ه دم‬
‫منشأة عامة قائمة وعدم هدر المال العام وعدم عرقلة المرفق العمومي ‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬في مجال الحريات األساسية‬


‫تمتد نظرية االعتداء لتشمل مجاالت عدة ومنها الحقوق والحريات األساسية ال تي كفله ا دس تور‬
‫المملكة لسنة ‪ 2011‬من الفصول ‪ 19‬إلى ‪، 35‬ومنها حري ة المعتق د ال ديني وممارس ة الطق وس‬
‫‪- 47‬قرار عدد ‪ 6‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 06/01/2011‬في الملف اإلداري عدد ‪ 856/4/1/2010‬أورده حميد لود البالد‪:‬القضاء‬
‫المستعجل اإلداري المرجع السابق ص ‪421‬‬
‫الدينية ‪،‬وحرمة المسكن بما فيه المسكن المعتمر على وجه الكراء من اإلدارة ‪،48‬وحرية التج ول‬
‫والتنقل عبر أرجاء التراب الوطني حرية االنتماء لألح زاب السياس ية والنقاب ات وحري ة ال رأي‬
‫والتعبير ‪...‬‬
‫وفكرة الحريات األساسية بدأت بالظهور في فرنسا مع مطلع سنوات‪ ، 1990‬وقد عرفه ا العمي د‬
‫فافورو‪ " :‬بأنه ا تل ك الحق وق ال تي تبقى محمي ة من ط رف الس لطة التنفيذي ة ولكن أسس ت له ا‬
‫السلطة التشريعية ‪ .49‬وال في هذا الصدد من التذكير بأن الحقوق األساس ية مض مونة ليس فق ط‬
‫الوطني ة ح تى‬‫بموجب القانون ولكن قبل كل ش يء من قب ل الدس تور أو النص وص الدولي ة أو ف وق‬
‫تلتزم الدول والهيئات الوطنية بتطبيق التزاماتها الدولية المتمثلة في الحقوق والحريات التي يتم‬
‫التنصيص عليها في قوانين الدولة كالحق في احترام الحياة الخاص ة والعائلي ة‪ ،‬حري ة اإلعالم‬
‫السمعي‪ 50‬وحمايتها تكون من قبل القضاء الدستوري والمحاكم ‪. 51‬‬
‫البد في ه ذا الص دد اإلدالء بتقس يم ذهب ل ه بعض الفق ه الفرنس ي ‪،52‬في ب اب ت دخل القاض ي‬
‫اإلداري االستعجالي في مجال الحريات األساسية حيث تم التأكيد على أن قاضي األم ور المس تعجلة‬
‫ثارة يتدخل كمنقد للحريات االساسية ‪،‬وثارة كآمر بإيقاف القرارات اإلدارية الغ ير المش روعة‬
‫وثارة أخرى كحامي لحريات ومصالح األطراف ‪.‬‬

‫وهك ذا ف إن ك ل تع د من ط رف اإلدارات العام ة وإدارات الجماع ات الترابي ة على ه ذه‬


‫الحقوق ‪،‬بدون أصل أو سند قانوني ‪،‬يشكل اعتداءات ماديا يجب التصدي ل ه‪ .‬والقاض ي الإداري‬
‫وسع من مجال تدخل ه فيم ا يخص فك رة الحري ات االساس ية ‪،‬لتش مل الحق وق والحري ات ال تي‬
‫تخص االشخاص المعنوية مثل الجماعات المحلية في عالقتها م ع الدول ة‪ .‬فمجلس الدول ة يبحث‬
‫عن ضمان الحماية الفعلية للحريات االساس ية‪ 53‬بغض النظ ر عن ال ذي لحق ه الض رر أو تم‬
‫انتهاك حقوقه‪.‬‬

‫‪- 48‬حميد أربيعي و خديجة امعيوة‪:‬اإلعتداء المادي و حدود اختصاص قاضي المستعجالت ‪،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‬
‫‪،‬السلسلة العادية العدد ‪ 74‬ماي يونيو ‪ 2007‬ص ‪ 203‬أورده ‪،‬حميد ولد البالد‪:‬المرجع السابق ص ‪401‬‬
‫‪49‬‬
‫‪- V.Champeil-Desplats, Les droits et libertés fondamentaux en France: genèse d’une‬‬
‫‪qualification, revistaopininiãojurídica, n 10, 2008, p.235‬‬
‫‪50‬‬
‫‪- Gustave peiser ,contentieux administratif,( Dalloz,Paris, 2009),p.170.‬‬
‫‪(3) Roland vandermeeren, la réforme des procedures devant le juge administratif,‬‬
‫‪AJDA,2000, p.713‬‬
‫‪51‬‬
‫‪- Coudert Céline, Réflexions sur le concept de fondamentalité en droit public français,‬‬
‫‪Thèse de Doctorat, Faculté de droit et de science politique de Clermont-Ferrand,‬‬
‫‪Université D Auvergne, 2011, p.5‬‬
‫‪52‬‬
‫‪- -René Chapus ;Droit du contentieux administratif ,op cité page 1251 *méritant la dénomination de‬‬
‫’’‪‘’référé sauvegarde‬‬
‫‪53‬‬
‫‪- Jean waline , Droit administratif , edition Dalloz , 2008 ,p 631‬‬
‫ومنذ حصول المغرب على اس تقالله ك انت أولى اهتمام ات المل ك الراح ل محم د الخ امس هي‬
‫وضع أسس الدولة العصرية بمؤسساتها في أفق تحقيق الديمقراطية االجتماعية واالقتصادية‪. 54‬‬
‫وفي إطار الض مانات القانوني ة المتاح ة للمواط نين وب اقي الهيئ ات الخاص ة ال تي تتض رر من‬
‫تصرفات وأنشطة وقرارات القيمين على الجماعات الترابية يحق لكل متضرر اللج وء لمؤسس ة‬
‫القاضي اإلداري االستعجالي من أجل بسط طلبات ه التحفظي ة والوقتي ة ‪،‬ح تى يتمكن من الحف اظ‬
‫على مركزه القانوني سليما من كل مس أو تغيير‪.‬‬
‫ويعتمد القاضي اإلداري على المبادئ العامة التي تتطابق مع إرادة المشرع‪ ،‬ويضفي عليها قيمة‬
‫نص قانوني وضعي عن طريق تأويل ه ذه اإلدارة‪ ،‬أم ا حينم ا يتع ذر على القاض ي إيج اد نص‬
‫قانوني يطبق على النزاع المعروض عليه فإن ه يس تند على ه ذه المب ادئ ال تي يتخ ذها المش رع‬
‫بمثابة مرشد له‪.55‬‬
‫وبالتالي الب د من إعم ال قواع د مس اواة المواط نين أم ام المرف ق العم ومي ال ترابي (أي الت ابع‬
‫لجماعة ترابي ة معين ة)وأيض ا ك ذلك المس اواة في التعام ل م ع جمي ع الم وظفين والمس تخدمين‬
‫التابعين للجماعات الترابي ة وع دم التمي يز بينهم على أس اس االنتم اء النق ابي أو السياس ي‪ 56‬أو‬
‫المعتقد ‪...‬مما يشكل فعل تعد يرجع للقضاء اإلداري أمر رفعه‪.‬‬
‫و مما يحد تدخل قاضي األمور المستعجلة للبت في الطلبات االستعجالية التي ترفع أمامه ‪ ،‬نج د‬
‫نظرية الظروف الطارئة و االستثنائية ‪،‬حيث قد تتعذر اإلدارة بكون الفع ل ال ذي تم اتخ اذه ج اء‬
‫في إطار تطبيق قواعد السالمة ‪،‬نظرا لوجود حاالت طارئة كالفيضانات و الكوارث الطبيع ة أو‬
‫الحرائق ‪،‬إذ يبقى هاجس تحقيق الصحة العامة و سالمة المواطنين ه و األهم بالنس بة لإلدارة و‬
‫لكل متضرر اللجوء للقض اء اإلداري للمطالب ة ب التعويض ال ذي تعم ل اإلدارة على تقديم ه ‪ ،‬و‬
‫تجدر اإلشارة أنه في مجال حماية الحريات االساسية وحسب المادة ‪ 920‬ف إن القاض ي علي ه أن‬
‫يفصل في مدة ‪ 48‬ساعة من تاريخ تس جيل الطلب‪ .‬وأيض ا اس تئناف األوام ر الص ادرة في ه ذا‬
‫المجال يكون خالل ‪ 15‬يوما والفصل فيها يكون في أجل ‪ 48‬ساعة من قبل مجلس الدولة ‪.‬وكم ا‬
‫نصت المادة ‪ 938‬ق إ م إ على الفصل في االستئناف في أجل شهر واحد‪.57‬‬

‫‪54‬‬
‫‪- Michel Rousset :L’Administration Marocaine son droit et son juge ;contribution a la doctrine‬‬
‫‪Marocaine de droit public 1965-1995 ;op cité page 393‬‬
‫‪- 55‬موالي ادريس الحالبي الكتاني‪:‬القضاء اإلستعجالي بين العمل القانوني و التطبيق القضائي ‪:‬مرجع سابق ص ‪361‬‬
‫و لإلستزادة المرجو مراجعة ‪:‬موالي ادريس الحالبي الكتاني‪:‬مدى مساهمة السلطة القضائية في خلق القاعدة القانونية‪،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون العام ‪/‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية بالرباط أكدال المبحث الثاني‬
‫حول دور السلطة القضائية في حماية و إتمام و تكييف القواعد القانونية ص ‪158-131‬‬
‫‪- 56‬راجع الفصل ‪ 14‬من قانون الوظيفة العامة‬
‫‪57‬‬
‫– ‪- Gilles Darcy , Michel Paillet , contentieux administratifs , Edition Dalloz - armand colin‬‬
‫‪Paris , 2000 , P268‬‬
‫فبالنسبة لفرنسا وقراءة في دستورها ‪،‬نجدها هي األخ رى ق د وقعت في نق اش حق وقي كب ير إب ان‬
‫جائحة كورنا وذلك بعد إعالنها لحالة الطوارئ ألسباب صحية ‪ ،‬فالمادة ‪ 16‬نجدها تتح دث عن‬
‫شرطين‪ ،‬األول هو تعرض مؤسسات الجمهورية أو استقالل الدولة أو وحدة أراضيها أو تنفيذها‬
‫اللتزاماتها الدولية لخطر داهم وجسيم‪ ،‬أو توقف السلطة الدستورية العامة عن حسن سير عمله ا‬
‫المنتظم‪ ،‬الشيء الذي لم تساهم في حدوثه األزمة الصحية‪ .‬وكذلك المادة ‪ 36‬منه المتعلقة بفرض‬
‫الحصار في حالة الحرب‪ ،‬فهي أيضا ال تصلح كأساس قانوني لتبرير حال ة الط وارئ الص حية‪.‬‬
‫وحتى المتعلق بحالة الطوارئ لسنة ‪ 1955‬أثار إشكاال حول مدى تناسبه مع مثل هذه األزم ات‬
‫الص حية‪ ،‬خاص ة وأن ه مرتب ط بأعم ال الش غب‪ ،‬االض طرابات الداخلي ة‪ ،‬الك وارث الطبيعي ة‬
‫واألعمال اإلرهابية‪.58‬‬

‫وبناءا على ما سبق ذكره ‪،‬يحق للقاضي النطق بأي تدبير للحفاظ على الحرية الأساسية ‪،‬‬
‫كما يحق للقاضي بما له من سلطة من تقدير االستعجال توجيه اوامر لإلدارة ‪ ،‬ويتض ح ذل ك من‬
‫عبارة " كل التدابير الضرورية " الواردة في المادة ‪ 920‬ق إ م إ وال تي ت دل على أن ه ال يوج د‬
‫‪59‬‬
‫تحديد دقيق لصالحياته‪.‬‬

‫كم ا أن نظري ة الص الح الع ام تبقى من القي ود ال تي تح د من مج ال ت دخل القاض ي اإلداري‬
‫االس تعجالي للبت في أعم ال التع دي ال تي تمس حق وق وحري ات المتض ررين من تص رفات‬
‫وأنشطة الجماعات الترابية ‪.‬ألن القاضي ال يتمكن من تحدي د م دى ش رعية العم ل أو التص رف‬
‫من خالل فحص ظاهر الوث ائق والمس تندات المعروض ة علي ه ‪،‬ب ل الب د من فحص ب اطن تل ك‬
‫الوثائق مما يحظر عليه ويتعارض مع شرط عدم المس بجوهر الحق ‪.‬‬
‫ففي أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش ‪،‬تم التص دي لفع ل اعت داء على‬
‫حق وق أعض اء المجلس الجم اعي للجماع ة الترابي ة المزوض ية ‪،‬وذل ك بإق دام رئيس المجلس‬
‫المذكور بمنعهم من حضور أشغال دورات المجلس ‪،‬حيث جاء في القرار‪: 60‬‬
‫"لكن حيث إن المحضر المنجز بتاريخ ‪ 06/02/2020‬قد أثبت معاينة المف وض القض ائي ال ذي‬
‫أنج زه لواقع ة من ع الم دعين بص فتهم مستش ارين من قب ل رئيس جماع ة لمزوض ية حض ور‬
‫الدورة العادية للمجلس الجماعي‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪- Antonin Gelblat and Laurie Marguet, État d’urgence sanitaire : la doctrine dans tous‬‬
‫‪Ses états ? La Revue des droits de l’homme Revue du Centre de recherches et d’études‬‬
‫‪sur les droits fondamentaux, mars 2020, p.3.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪- Marie Christine Rouault, Droit administratif , édition , Gualino paris , 2007 p 48‬‬

‫‪- 60‬أمر رقم ‪ 203‬صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش بتاريخ ‪ 05/08/2020‬ملف رقم ‪، 79/7101/2020‬غير منشور‬
‫و حيث إن الث ابت من خالل ظ اهر وث ائق المل ف أن الم دعين هم أعض اء م زاولين لمه امهم‬
‫بالمجلس الجماعي لجماعة لمزوضية ‪،‬و أن منعهم من قبل المدعى عليه حضور اجتماع انعق اد‬
‫دورة المجلس الجم اعي لجماع ة لمزوض ية على ال رغم من وج ودهم في وض عية مزاول ة‬
‫مهامهم ‪،‬ال س ند لم من الق انون ‪،‬األمر ال ذي يجع ل حال ة االس تعجال قائم ة و عنص ر الجدي ة‬
‫متوفرا بشكل ظاهر و جلي في نازلة الحال ‪،‬مما ينهض مبررا كافيا لتدخل قاضي المس تعجالت‬
‫التخاذ حل مؤقت و دون المساس بالموضوع من أجل حماية حقوق المدعين باعتبارها األجدر‬
‫بالحماي ة ‪،‬و ذل ك ب اإلذن لهم بالحض ور إلى الجماع ة الترابي ة لمزوض ية لممارس ة أعم الهم‬
‫كمستشارين بالجماعة المذكورة‪".‬‬
‫فالقاضي اإلداري االس تعجالي من خالل الق رار أعاله ‪،‬ع اين واقع ة اعت داء على أح د الحق وق‬
‫األساس ية ال تي يتمت ع به ا المستش ارين الجم اعيين ال س يما الت داول في ج دول أعم ال دورات‬
‫المجلس ومناقشة الرئيس فيما تم تنفيذه ‪،‬والطلبات الملح ة للمواط نين‪ .‬لكن من ع ال رئيس دخ ول‬
‫المستشارين لحضور أشغال انعقاد الدورة وتوثيقه بمحضر معاينة من ط رف مف وض قض ائي‪،‬‬
‫كان سببا كافيا للتدخل السريع لقاضي المستعجالت ‪،‬خاصة وأن فعل التعدي هذا ال صلة له ب أي‬
‫سند قانوني ‪.‬‬
‫وأكد قاضي المستعجالت في حيثي ات الحكم أن مم ا يوق ف مج ال تدخل ه كم ا أس لفنا في الفق رة‬
‫األولى هو ع دم المس بم ا يمكن أن يقض ى ب ه في الج وهر كش رط أساس ي النعق اد اختص اص‬
‫قاضي المستعجالت اإلداري‪.‬‬
‫وهو نفس التوجه الذي سار عليه الفق ه الفرنس ي‪، 61‬بتأكي ده على أن قاض ي األم ور المس تعجلة‬
‫اإلداري يسعه التدخل على وج ه الس رعة ‪،‬كلم ا يت بين ل ه من خالل الطلب أن اإلدارة تعس فت في‬
‫استعمالها للسلطة وخرقت القانون ‪،‬وألحقت أو ستلحق أضرارا جسيمة على األغيار يصعب تدارك‬
‫نتائجها مع الوقت‪.‬‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬


‫تبقى مجاالت تدخل قاضي المستعجالت كث يرة ومتع ددة‪ ،‬إذ كلم ا تعل ق األم ر ب المس ب الحقوق‬
‫والحريات األساسية الشيء ال ذي يزكي ه العم ل الق انوني والتط بيق القض ائي كلم ا تعل ق األم ر‬
‫باللجوء إلى هذه المؤسسة القضائية ‪،‬وفي هذا اإلطار ‪،‬قمنا بدراسة وتحلي ل الطلب ات المس تعجلة‬
‫الخاصة بالجماعات الترابية فيما يخص الضرائب والديون العمومية المتعلقة بهذه األخ يرة ‪،‬كم ا‬

‫‪61‬‬
‫‪- -René Chapus ;Droit du contentieux administratif :op cité page 1293‬‬
‫تطرقنا إلى دراسة الطلبات المستعجلة التي ترتبط بحماية الملكية العقارية من االعتداء المادي ثم‬
‫الصفقات العمومية والعقود اإلدارية المرتبطة بها‪.‬‬
‫إن المقصود بالمنازعة في مسطرة فرض الضريبة ومراجعتها ‪،‬هو المنازعة في جميع الجوانب‬
‫المسطرية المتعلقة بفرضها ‪،‬وهكذا فإن المطل وب من قاض ي المس تعجالت اإلداري ه و إيق اف‬
‫الضريبة مؤقت ا إلى غاي ة بت قاض ي الموض وع ‪.‬حيث إن االجته اد القض ائي اس تطاع تك ريس‬
‫مجموعة من القواعد الخاصة بتحديد مفهوم المنازعة الجدية بالنسبة للقضاء المستعجل الضريبي‬
‫من خالل التركيز على المنازعة في صفة الملزم أو في قانونية فرض الضريبة ‪.‬‬
‫وإذا اتضح للقاضي اإلداري االستعجالي من ظاهر الوثائق ‪ ،‬أن المنازع ة م ازالت أم ام أنظ ار‬
‫اللجنة اإٌل قليمية للطعن اإلداري أم التسوية الحبية مع اإلدارة ‪،‬فإنه يأمر بإيقاف إج راءات التنفي ذ‬
‫إلى غاية انتهاء مسطرة الطعن اإلداري ‪.‬‬
‫وبخص وص المل زم إذا ك ان يبحث عن تأجي ل التنفي ذ ‪،‬علي ه أن يق وم بتك وين الض مانات ال تي‬
‫يفحصها القاضي االستعجالي قبل إصدار أمره ‪،‬كأن يضع بين يدي الق ابض المكل ف بالتحص يل‬
‫الكفال ة البنكي ة أو أن يس جل ل دى المحاف ظ على األمالك العقاري ة ال رهن على العق ار و هك ذا‬
‫فمسطرة وقف تنفيذ القرار الضريبي في نطاق المادة ‪ 24‬من القانون المح دث للمح اكم اإلداري ة‬
‫يكتسي طابعا اس تثنائيا ق د ي ترجم بالتش دد في الش روط الموض وعية للموافق ة عليه ا ‪،‬ف إذا تمت‬
‫الموافقة على هذا اإليقاف ‪،‬ستتم عرقلة استخالص الضريبة الخاصة بالجماعات الترابية ‪.‬أما في‬
‫حالة رفض طلب اإليقاف من قبل قاضي األمور المستعجلة اإلداري ‪،‬فإنه س يتم إلح اق أض رار‬
‫بمالية الملزم و أحيانا اإلجهاز على حساباته أو عقاراته ‪.‬‬
‫وبالمقابل يقوم قاضي المس تعجالت اإلداري ب دور ه ام في حماي ة المل زم الض ريبي ‪،‬من بطش‬
‫اإلدارة التي تعمل على تحصيل الضرائب المفروضة ‪،‬ففي حالة وجود نزاع في استخالص هذه‬
‫الديون العمومية الناتجة عن االستفادة من خدمات الجماعات الترابية ‪،‬يقوم المحاسب العمومي و‬
‫األعوان المكلفة بالتنفيذ بعدة إجراءات من أج ل تحص يل م ا بذم ة المل زم من دي ون اتج اه ه ذه‬
‫الوحدات الترابية‪ .‬حيث اعتبر االجتهاد القضائي المغربي منازعات إيقاف التحصيل ‪،‬منازع ات‬
‫استعجالية ال تتطلب سوى شرطي الجدية وتوفر االستعجال‪.‬‬
‫هكذا وخلصنا إلى أن االجتهاد القضائي استقر على التعامل مع ش رط الض مانة على أس اس أن ه‬
‫غير إلزامي في مطلب إيقاف إجراءات تحصيل الديون العمو مية أمام القضاء ‪ ،‬غ ير أن ه يعل ق‬
‫ذلك على تحقق جدية المنازعة؛ فيتم اإلعفاء من تكوين الضمانات في حاالت محددة تتحقق فيه ا‬
‫المنازعة الجدية في صفة الملزم أو في مسطرة الفرض والتصحيح أو في التقادم‪،‬‬
‫كما استنتجنا على أن القضاء االستعجالي تمكن من ابتكار فكرة مهمة تتمثل في وضوح المراكز‬
‫القانونية لألط راف من أج ل البت في طلب رف ع إش عار الغ ير الح ائز ‪ ،‬فالقاض ي االس تعجالي‬
‫اإلداري يتفاعل إيجابا مع الطلب المقدم إلي ه وي أمر برف ع ه ذا الحج ز كلم ا اتض ح ل ه المرك ز‬
‫القانوني لألطراف‪.‬‬
‫ومن ناحي ة أخ رى‪ ،‬فبالنس بة للش ركات والمق اوالت ‪ ،‬فهي تفض ل اللج وء إلى الط رق الحبي ة‬
‫للتسوية المنازعات ال تي تط رأ بينه ا وبين الهيئ ات العام ة ومنه ا الجماع ات الترابي ة ‪ .‬كم ا أن‬
‫الملتزم يظن أن اللجوء إلى القضاء لن ينصفه و أن ه مج رد خس ارة‪ ،‬و تظ ل إدارات الجماع ات‬
‫الترابية في موقف قوة خاصة إذا م ا استحض رنا حجم االمتي ازات ال تي تت وفر عليه ا و ق درتها‬
‫على اللجوء للصفقات العمومية التفاوضية و اختيار المتنافس الذي يروقها‪ .‬مما يفسر جنوح عدة‬
‫مق اوالت وش ركات للمس طرة الحبي ة والتف اوض في ح ل النزاع ات ‪،‬وال يتم اللج وء للقض اء‬
‫اإلداري إال بعد استيفاء تلك الحلول وعدم نجاحها في حل النزاع ‪.‬‬
‫وحيث أن هناك غياب ألي نص تشريعي يح دد ت دخل قاض ي المس تعجالت اإلداري قب ل إب رام‬
‫عقود الصفقات العمومية‪ ،‬فإن دور هذا األخير يظ ل منحص را في إيق اف أي ق رار إداري غ ير‬
‫مشروع يخالف قواعد إلعالن والحكامة والشفافية والنزاهة في اختيار المتنافسين‬
‫يمكن القول إن مرحلة ما قبل التعاقد تعرف عدة أنشطة وعمليات تق وم به ا اإلدارة الترابي ة ‪،‬من‬
‫أجل التحضير لعملية فرز المتنافس الذي سينال الصفقة ‪،‬وقد تعرف هذه المرحلة ع دة خروق ات‬
‫مم ا ي برهن بق وة على ض رورة اق تراح اختصاص ات جدي دة للقاض ي اإلداري االس تعجالي‬
‫بالمغرب خاصة في هذه الفترة ما قبل التعاقد ‪.‬‬
‫وعموما بعد التعاقد ‪ ،‬يحق لطرفي العق د التوج ه للقاض ي اإلداري االس تعجالي ‪،‬من أج ل تأكي د‬
‫وقائع ووجود أشغال ومستوى التقدم فيها ‪،‬وضرورة إفراغ ال ورش ال ذي ال يمكن ب أي ح ال أن‬
‫يحتل المرفق العمومي الترابي كما أن ألح د أط راف العق د طلب إج راء خ برة من أج ل تحدي د‬
‫وضعية معينة وتحديد قيمتها والمب الغ ال تي يجب أن ترص د له ا ‪،‬وفيم ا يخص الض مانات ال تي‬
‫يودعها المقاول طلب إصدار أوامر بردها واإلفراج عنها‪.‬‬
‫ومادامت الصفقات العمومية ‪،‬عقود إدارية ‪،‬فمن خاللها يتم توف ير الخ دمات واألجه زة والم واد‬
‫التي يحتاجها المرفق العمومي الترابي ‪،‬للقيام باألنشطة المنوطة به ‪،‬فإن ك ل إن النزاع ات ال تي‬
‫تطرأ بعد تنفي ذ ج زء من الص فقة العمومي ة ‪،‬بين الجماع ات الترابي ة والمق اوالت أو الش ركات‬
‫الخاصة ‪،‬وبعد استيفاء الحلول الودية وعدم التوصل إلى حل ‪ ،‬يمكن طرحها أمام أنظ ار قاض ي‬
‫األمور المستعجلة اإلداري‪.‬‬
‫أيضا نشير هنا إلى أنه ‪ ،‬غالبا ما تتجه اإلدارة الترابية إلى فسخ العقد اإلداري ‪،‬الذي يربط بينها‬
‫و بين المقاولة‪ .‬و بعد ذلك يتم الرجوع إلى ما تم االتفاق عليه في دفتر الش روط اإلداري ة العام ة‬
‫‪.‬و أغلب هذه النزاعات يتم الحسم فيها من قبل قاضي الموضوع ‪،‬ما عدا طلب إخالء ال ورش أو‬
‫اإلفراغ من الملك العمومي الذي غالبا ما تتقدم به إدارة الجماعات الترابية ‪،‬‬
‫وتحقيقا للحماية القضائية المؤقتة فقد قام القاضي االس تعجالي بالتص دي لبعض ص ور االعت داء‬
‫المادي لمساسها بحق الملكية الخاصة أو بإحدى الحري ات األساس ية ‪ ،‬وق د عرف ه بعض الفقه اء‬
‫على أنه ارتكاب اإلدارة أثناء قيامها بنشاط تنفيذي عديم المشروعية‪ ،‬جسيم وظاهر من ش أنه أن‬
‫يتضمن اعتداء على حق الملكية أو حرية عامة ‪.‬ويرى بعض الفقه أن اسناد االختصاص للقضاء‬
‫اإلداري في موض وع االعت داء الم ادي يج د أساس ه انطالق ا من ض رورة اض طالع المح اكم‬
‫اإلدارية بدورها في حماية حقوق األفراد وملكيتهم الخاصة في مواجهة اإلدارة‬
‫فإذا كان القاضي اإلداري الموضوعي هو المختص للبت في قضايا االعتداء المادي فإنه بالتبعية‬
‫يحق للقاضي االستعجالي األمر برفع االعتداء المادي ‪،‬ووضع حد لتطوره س واء بط رد اإلدارة‬
‫أو إيقاف األشغال التي تنجز على العقار في إطار غير مشروع‪.‬‬
‫وهكذا فإن قاضي األمور المستعجلة يعطي أسبقية للمصلحة العامة على المصلحة الخاص ة في‬
‫االستجابة لرفع االعتداء المادي‪ ،‬العتبارات مستمدة من ضرورة الحفاظ على المال العام ‪،‬ولكي‬
‫ينعق د االختص اص للقض اء اإلداري االس تعجالي الب د من ت وافر الش روط العام ة للقض اء‬
‫االستعجالي كما تم التنصيص عليها في ق انون المس طرة المدني ة ‪،‬وم تى انتفى ه ذان الش رطان‬
‫يصرح القاضي االستعجالي برفض الطلب‪ ،‬كما سبق للقاضي المس تعجالت اإلداري أن ص رح‬
‫به في عدة مناسبات‪.‬‬
‫ويبقى من أهم القيود التي ترد على اختصاص قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري وه و يبت في‬
‫االعتداء المادي الذي تتسبب فيه الهيئات العامة وال سيما الجماعات الترابي ة ‪،‬خاص ة في مج ال‬
‫حماية الملكية العقاري ة ‪،‬اس تظهار اإلدارة بمجموع ة الوث ائق والس ندات يص عب على القاض ي‬
‫اس تبعادها دون المس بأص ل الح ق ‪،‬إض افة إلى اص طدامه بع دم إمكاني ة ه دم البناي ة المقام ة‬
‫وتالشي عنصر االستعجال مع مر الزمان‪.‬‬
‫في حين يتم تضييق مجال تدخل القاضي االستعجالي اإلداري ‪،‬كلما تعلق األم ر بمج ال اش تغال‬
‫رؤس اء الجماع ات الترابي ة ون وابهم ‪،‬خاص ة في المج االت ال تي تمس بالحري ات األساس ية‬
‫والحقوق التي كفلها الدستور كما أن نظري ة الص الح الع ام تبقى من القي ود ال تي تح د من مج ال‬
‫ت دخل القاض ي اإلداري االس تعجالي للبت في أعم ال التع دي ال تي تمس حق وق وحري ات‬
‫المتضررين من تصرفات وأنشطة الجماعات الترابية ‪.‬‬
‫و تأسيسا على ذلك فإن التطبيق القضائي في مجال الطلبات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء‬
‫المادي على الملكية العقارية ‪،‬يقوم القاضي االستعجالي فيها بالموازنة بين المصلحة العامة ال تي‬
‫تسعى الجماعات الترابية إلى تحقيقها من خالل تنفيذ مخططات و برامج التنمية و بين المص لحة‬
‫الخاصة لصاحب الملك العق اري ‪،‬فيبحث القاض ي من خالل ظ اهر األوراق و أحيان ا من خالل‬
‫إجراء خبرات تقنية و هندسية بغية تحديد مستوى تقدم األشغال و نسبتها ‪،‬و هو ما يش كل مج ال‬
‫تدخل القاضي و األمر برفع االعتداء و إرجاع العقار لص احبه أو ت رك المنش أة العام ة قائم ة و‬
‫األمر بالتعويض للمتضرر‪.‬‬
‫وإعم اال لمب دأ الموازن ة بين المص لحة العام ة والمص لحة الخاص ة‪ ،‬ف إن قاض ي األم ور‬
‫المستعجلة ‪،‬إذا تبين له أن األشغال التي ستقوم بها الجماعة الترابي ة لم تباش ر بع د ‪،‬أو ب دأت في‬
‫مراحلها األولى ولم يتم إنفاق مبالغ مالية كبيرة فيه ا ‪،‬ف إن ه ذا األخ ير ي رجح االس تجابة لطلب‬
‫وقف األشغال ‪،‬ومعها التعدي الذي اقترفته الجماعة الترابية ‪.‬وإرجاع العق ار لص احبه خالي ا من‬
‫أي آثار حتى يتم سلوك المساطر القانونية المعمول بها من أجل االستفادة من العقار‪.‬‬
‫نالح ظ أن المجلس األعلى أق ر ص بغة االس تعجال في دع اوى اإلف راغ ‪،‬و أك د على أن قي ام‬
‫الجماعات المحلية ‪-‬الترابية في التسمية الجديدة الواردة في دستور المملكة لسنة ‪-2011‬ب احتالل‬
‫ملك الغير و تشييد أي منشأة فوقه دون س ند ق انوني و ال ح ق ‪،‬يش كل اعت داءات مادي ا الب د من‬
‫التصدي له و إيقافه في أقرب وقت ممكن ‪،‬خاصة إذا كانت األعمال كم ا أس لفنا من قب ل لم تبل غ‬
‫مستوى متقدم ‪،‬ألن ه و إن ك ان يجب الحف اظ على المص لحة العام ة فمن ب اب أولى يجب أيض ا‬
‫العناية بالمصلحة الخاصة و ضمان حق وق و حري ات األف راد ال تي كفله ا لهم الدس تور‪ ،‬و تبقى‬
‫هذه وجهة نظرنا المتواضعة نظرا لضرورة الحفاظ على حقوق األفراد و شعورهم بالطمأنينة و‬
‫االستقرار داخل الوطن و الحفاظ على السلم االجتماعي ‪.‬‬
‫ويبقى من الوسائل التي يلجأ إليها القاضي اإلداري االستعجالي إلجبار الجماع ات الترابي ة على‬
‫رفع االعتداء المادي ال ذي تس ببت في ه وألح ق أض رار بملكي ة الغ ير أو أح د حقوق ه وحريات ه‬
‫األساسية ‪،‬نجد لجوء قاض ي األم ور المس تعجلة لألم ر ب إفراغ العق ار أو ايق اف األش غال تحت‬
‫طائلة غرامة تهديدية محددة عن كل يوم امتناع عن األمر ‪ ،‬مما يشكل ال محالة عبئ على مالي ة‬
‫الجماعة الترابية ويجبرها على االمتثال لألمر القضائي ‪.‬‬
‫وفي مجال حماية الحقوق والحريات األساسية ‪ ،‬التي يكفلها الدس تور ‪ ،‬الب د من إعم ال قواع د‬
‫مساواة المواطنين أمام المرفق العمومي الترابي (أي التابع لجماعة ترابي ة معين ة)وأيض ا ك ذلك‬
‫المساواة في التعامل مع جميع الموظفين والمستخدمين التابعين للجماعات الترابية وعدم التمي يز‬
‫بينهم على أس اس االنتم اء النق ابي أو السياس ي أو المعتق د ‪...‬مم ا يش كل اعت داءات مادي ا على‬
‫الحقوق المكفولة لألفراد ‪.‬‬
‫وقد ال حظن ا ت دخل قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري ‪ ،‬لفض مجموع ة من المنازع ات ال تي‬
‫تدخل في إط ار االعت داء الم ادي س واء تعل ق األم ر بمج ال التعم ير والعق ار والبن اء الخاص ة‬
‫بالجماعات الترابية ‪ ،‬أو منازعات االعتداء على الحريات األساسية وحقوق األغيار‬
‫وخلص نا إلى أن القض اء اإلداري االس تعجالي يس تجيب لك ل الطلب ات ال تي اس توفت الش روط‬
‫الشكلية والموضوعية النعقاد االختصاص ‪ ،‬وخاصة طلبات رفع االعتداء الم ادي ال ذي تتس بب‬
‫فيه الجماعات الترابية ‪ ،‬وذلك بعدم وجود سند قانوني يبرر تصرفها أو انحرافها عن تط بيق م ا‬
‫جاء في النص القانوني انحرافا جسيما لم يعد باإلمكان وصف تصرفها بالمشروع ‪.‬‬

‫خالصة القسم الثاني‬


‫قمن ا في الفص ل األول من ه ذا القس م الث اني من البحث ‪ ،‬بدراس ة الش ق المتعل ق بالقض اء‬
‫االستعجالي المحال عليه بنص وص خاص ة‪ ،‬وهن ا نتح دث عن القض اء التش ريعي ال ذي ت دخل‬
‫المشرع مباشرة وأحال عليه بمجموعة من النصوص القانونية المنظمة لحاالت معينة‪.‬‬
‫و نقصد هنا بعض الوضعيات القانوني أو المنازعات ‪ ،‬التي أمامها ينعقد االختص اص لقاض ي‬
‫األمور المستعجلة اإلداري دونما فحص عنصر االستعجال ‪،‬و مناط ذلك أن المشرع تبين ل ه أن‬
‫هذا النوع من القضايا ال محالة تنطوي على عنصر االستعجال‪ .‬وقد ينتج عنها أض رار يص عب‬
‫إصالحها في اآلتي من األيام‪ ،‬و هنا يمكننا الحديث عن طلب اإلذن بحيازة عقار في إطار ن زع‬
‫الملكية و التي ال يمكن للقاضي االستعجالي اإلداري إال أن يتص دى للطلب و يقبل ه إال في حال ة‬
‫بطالن المسطرة ‪،‬كما يأتي ضمن هذا الفرع من القضاء تلك الدعاوى المس تعجلة اإلداري ة ال تي‬
‫تم التنصيص عليها في القوانين التنظيمية الحديثة للجماعات الترابية‪ ،‬السيما في حال ة امتن اع أو‬
‫انقطاع رؤساء الجماعات الترابية عن ممارسة مهامهم لما يفوق ‪ 60‬يوما و حاالت عزل رؤساء‬
‫الجماعات و التي جاءت بعد المستجدات الدستورية لدستور المملك ة الجدي د لس نة ‪ ، 2011‬و تم‬
‫التنصيص على مقتضياتها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫بينما تم تخصيص الفصل الث اني من ه ذا القس م ‪،‬لدراس ة تطبيق ات القض اء المس تعجل اإلداري‬
‫الذي تعرفه أنشطة وأعمال الجماعات الترابية المنبثقة عن االجتهاد القضائي ‪.‬‬
‫حيث أن هن اك مج االت عام ة يت دخل فيه ا قاض ي المس تعجالت اإلداري نظ را لطبيعته ا و‬
‫خصوصيتها‪ ،‬فالمنازعات التي تكون الجماعات طرفا فيها إما مدعية أو م دعى عليه ا ال س يما‬
‫في قضايا االعتداء المادي الضرائب الخاصة بالجماعات الترابية و ال ديون العمومي ة المرتبط ة‬
‫بميزانيتها ‪،‬مختلف العقود اإلدارية و الصفقات العمومية التي تبرمها هذه الجماعات ‪،‬فكلما كانت‬
‫منازعات مرتبطة بهذه القضايا و تشكل خطرا محدقا بالغير أو بأنشطة ه ذه الجماع ات ‪،‬و ت بين‬
‫للقاضي االستعجالي اإلداري توفر عنصر االستعجال و عدم المس بجوهر الحق تعرض لل نزاع‬
‫و بت فيه أوامر استعجالية مؤقتة تضمن الحفاظ على المراكز القانونية ألطراف النزاع إلى حين‬
‫البت في الموضوع ‪.‬‬
‫خاصة وأن مقاضاة الجماعات الترابية أمام القض اء االس تعجالي ال تتطلب الحص ول على إذن‬
‫قبلي ‪،‬أو الترخيص من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلي ة وال تي تم ارس الرقاب ة اإلداري ة‬
‫على أعمال وأنشطة هذه الهيئات الترابية أو حتى إخبار مس بق له ا ‪،‬حيث تنص الم ادة ‪ 265‬من‬
‫القانون ‪. 113-14‬‬
‫وهكذا خص المشرع كل من حال ة امتن اع أو انقط اع رؤس اء الجماع ات الترابي ة عن ممارس ة‬
‫االختصاصات المنوطة بهم والتي تم التنصيص عليها بالتفص يل وحس ب ك ل مي دان ت دخل ‪،‬في‬
‫مختلف القوانين التنظيمية له ذه الجماع ات ‪:‬بإمكاني ة إحال ة العام ل أو ال والي حال ة االمتن اع أو‬
‫االنقطاع على القض اء اإلداري االس تعجالي من أج ل البت في النازل ة ‪،‬والتص ريح بقيامه ا من‬
‫عدمه ويبت القاضي بأمر ابتدائي ونهائي ‪.‬‬

‫ويترتب على صدور الحكم االس تعجالي باالمتن اع أو االنقط اع عن مزاول ة المه ام ‪،‬ع دة نت ائج‬
‫أبرزه ا أن رئيس الجماع ة الترابي ة المعني ة يفق د عض ويته ك رئيس وكعض و بمجلس الجماع ة‬
‫الترابية طيلة الم دة االنتدابي ة للمجلس ‪ ،‬وك ذلك يتم ح ل المجلس ويس تدعى من جدي د النتخ اب‬
‫رئيس جديد ‪.‬‬
‫بينما يتم تلقائيا كما نصت على ذلك القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ‪ ،‬حل ول ممث ل الس لطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية محل الرئيس المقال وتنفيذ تل ك االلتزام ات والمه ام ال تي امتن ع ه ذا‬
‫األخير عن القيام بها وذلك يهم المستويات الثالثة للجماعات الترابية‪.‬‬
‫لكن ش ريطة أن يك ون امتن اع رئيس الجماع ة الترابي ة يخص نش اطا أو مهم ة موكول ه بنص‬
‫الق انون لل رئيس ‪،‬وأن يك ون التخل ف عن أدائه ا ل ه ت أثير س لبي ومض ار على الجماع ة‬
‫والمواطنين ‪.‬‬
‫و كما ال يخفى ففي إطار المراقبة اإلدارية التي تمارسها السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية على‬
‫أعمال و أنشطة الجماع ات الترابي ة‪ ،‬ونظ را الل تزام ال رئيس قانون ا بإرس ال ك ل المق ررات و‬
‫المخططات و البرامج من أجل التأشير عليها من قبل السلطة اإلدارية ‪،‬يتم ضمان السير الع ادي‬
‫لمصالح الجماعة و ضمنيا لمصالح المواطن الذي يستفيد من خ دمات الجماع ة الترابي ة‪ ،‬وكلم ا‬
‫ظهر للوالي أو العامل غياب الرئيس عن التفاعل و التواصل ‪،‬يرسل استفسار للمني باألمر و إذا‬
‫تبين له وجود سبب من الحاالت الثمانية التي تم ذكره ا في الم ادة ‪ 21‬من الق انون ‪،112-14‬و‬
‫ال تي تقابله ا الم ادة ‪ 20‬من الق انون ‪ 113-14‬و الم ادة ‪ 22‬من الق انون ‪، 11-14‬أق ر حال ة‬
‫االنقطاع بناءا على معاينة منه‪.‬‬
‫أما إذا تبين للوالي أو العامل أن الرئيس يمتنع أو ينقطع عن ممارسة المه ام المنوط ة ب ه‪ ،‬ب دون‬
‫مبرر ولشهرين‪ ،‬فإنه يقوم بمراسلة الرئيس المعني باألمر كتابة بإعذار يحث ه في ه على ممارس ة‬
‫اختصاصاته ومهامه ‪،‬فإذا امتنع الرئيس عن االستجابة لإلعذار في غضون ‪ 7‬أي ام يحي ل األم ر‬
‫إلى القض اء االس تعجالي بالمحكم ة اإلداري ة وال ذي يبت بواس طة حكم ابت دائي ونه ائي ودون‬
‫الحاجة الستدعاء األطراف ‪.‬‬
‫إن مخالفة األنظمة والقوانين المؤطرة لعمل الجماعات الترابية ‪ ،‬والقيام بأنشطة وتصرفات تهدد‬
‫مصالح الجماعات الترابية وتحدث أضرارا بهذه الهيئات ‪.‬وأيضا قيام أحد أعضاء المجلس غ ير‬
‫الرئيس ونوابه بممارسة مهام إدارية للجماع ة خ ارج دوره الت داولي‪ ،‬داخ ل المجلس أو اللج ان‬
‫التابعة له ‪.‬أو أن يوقع على الوث ائق اإلداري ة أو أن ي دير أو يت دخل في ت دبير مص الح الجماع ة‬
‫‪،‬كلها أعمال توجب العزل في حق مرتكبيها ‪ ،‬وأعطى القانون لممثل السلطة المختصة ص الحية‬
‫إحالة طلب العزل على قاضي األمور المستعجلة‪.‬‬
‫كم ا أن ك ل أعم ال الش غب والفوض ى والتس يب من ط رف أح د أعض اء مج الس الجماع ات‬
‫الترابية ‪،‬إب ان انعق اد دورات واجتماع ات هيئ ات ه ذه الوح دات الترابي ة ‪،‬ق د ي ؤدي إلى ع زل‬
‫المتسبب في ذلك ‪،‬اضافة ربط مصالح مع إدارات هذه الجماعات ‪،‬السيما التجارية والربحية من‬
‫شأنه أن يجعل أعضاء الجماعات ‪،‬يق دمون ذويهم وع ائالتهم في التن افس على الظف ر بص فقات‬
‫هذه الجماعات ومجموعاتها وشركات التنمية التابعة لها ‪،‬على ب اقي المنافس ين ول و ك انوا أح ق‬
‫منهم وأكثر توفرا على شروط التنافس ومقوماته ‪.‬‬
‫ه ذا وق د أت احت النص وص التنظيمي ة الجدي دة للجماع ات التراابي ة‪،‬للس لطة الحكومي ة المكلف ة‬
‫بالداخلية التع رض على ك ل ق رار ال ين درج ض من مجم وع الص الحيات المخول ة للمج الس‬
‫المنتخبة و رؤسائها أو جاء مخالفا للقانون‪ ،‬و كذلك التع رض على النظ ام ال داخلي للمجلس‪ ،‬و‬
‫حسب ما جاء في مضامين ه ذه النص وص ‪،‬يجب على المجلس إج راء مداول ة جدي دة في ش أن‬
‫األمور التي كانت موضوع تعرض‪ ،‬لكن في حالة عدم استجابة المجلس‪ ،‬يمكن إحالة األم ر إلى‬
‫القضاء االستعجالي لدى المحكمة اإلدارية لطلب إيقاف تنفيذ القرار موضوع التعرض ‪ ،‬و الذي‬
‫يبت داخل ‪ 48‬ساعة من تاريخ إحالة الطلب ‪ ،‬بحكم نهائي ‪.‬‬
‫و بينا كيف أن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ‪،‬كامل األحقي ة ب الرجوع للنص التش ريعي في‬
‫بسط رقابتها على مشروعية و صدقية المقررات المتخذة من لدن مجالس الجماعات الترابي ة‪ ،‬و‬
‫رؤسائها ‪.‬وكلما وجدت مخالفة لما جاء في النصوص التنظيمي ة له ذه الوح دات الترابي ة أمكنه ا‬
‫مباشرة رفض التأشير و الموافقة على المقرر المتخ ذ‪ ،‬و ه و نفس التوج ه ال ذي يتبن اه المش رع‬
‫الفرنسي حيث يحق للعامل التعرض على كل فع ل أو مق رر غ ير مش روع و مراس لة الجماع ة‬
‫الترابية المرتكبة للمخالفة ‪،‬من أجل تصحيح كل اخالل أو عيب قبل تحول ذلك لمنازعة جدي ة و‬
‫إحالة النازلة على القضاء اإلداري و ال س يما ش قه االس تعجالي ‪ ،‬ال ذي ال يت وانى في الت دخل و‬
‫الحسم في النزاع ‪.‬‬
‫وفيما يخص دعوى اإلذن بالحيازة ‪،‬فق د تم التأكي د على أنه ا دع وى اس تعجالية ته دف إلى نق ل‬
‫حيازة العقار مؤقتا إلى حين البت في الطلب بشكل قطعي ونهائي أمام محكمة الموضوع‪ ،‬ومناط‬
‫ذلك أن المنعة العامة التي تسعى الجماع ات الترابي ة إلى تحقيقه ا وال تي ق د تهم إح داث مراف ق‬
‫ضرورية من أجل تنمية منطقة معينة أو فك عزل ة عن من اطق س كنية في إط ار ب رامج التنمي ة‬
‫التي تحدثها هذه الجماعات ‪،‬خاصة عندما يتعل ق األم ر ببن اء الط رق والقن اطر‪ ،‬مستش فيات أو‬
‫مدارس ‪... .‬مما يقتضي السرعة واالستعجال وعدم انتظار آجال طويل من أج ل استص دار حكم‬
‫بات قطعي في الموضوع والذي قد يتطلب سنوات ‪.‬‬
‫و ض مانا الس تمرار المرف ق العم ومي ال ترابي ‪،‬و ح تى تتمكن الجماع ات الترابي ة من تنفي ذ‬
‫التزاماتها و مخططاتها و برامجها التنموي ة ‪،‬ف إن القاض ي اإلداري االس تعجالي يبت على وج ه‬
‫الس رعة و ي أذن في حي ازة العق ار ال ذي ش مله مق رر التخلي ‪،‬و مق رر إعالن المنفع ة العام ة‬
‫بالجريدة الرس مية‪ ،‬أم ا بخص وص مبل غ التع ويض الم ؤقت فإن ه ال ين درج ض من اإلج راءات‬
‫المسطرية ‪،‬لكن في حالة عدم ايداعه يأمر قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري بوض عه أو يش ير‬
‫في منطوق الحكم أنه تم إيداعه بصندوق المحكمة ‪ ،‬و قد أشرنا مس تدلين بمجموع ة من األحك ام‬
‫القضائية االستعجالية أن القاضي ال يمكن ه رفض طلب اإلذن بحي ازة عق ار إال في حال ة بطالن‬
‫المسطرة المتبعة في الحيازة كما تنص على ذلك مقتضيات الفص ل ‪ 24‬من ق انون ن زع الملكي ة‬
‫‪. 81-7‬‬
‫و بعد دراسة مجموعة من األحكام القضائية االستعجالية الصادرة في مجال اإلذن بحيازة عق ار‬
‫من قبل الجماعات الترابي ة ‪ ،‬ت بين أن قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري ة ‪،‬إنم ا ي راقب ت وفر‬
‫الوثائق و الشكليات المنصوص عليها في الفصول األولى من قانون نزع الملكية ‪،‬كما أنه يراقب‬
‫عدم انصرام أجل السنتين من صدور مقرر التخلي عند عرض طلب اإلذن بالحيازة أمام ه ‪،‬لكن‬
‫يمنع عليه البت في شرط المنفعة العامة أو أحقية الجماعة الترابية في نزع الملكية أو ال ‪،‬و كذلك‬
‫مق دار المس احة الم نزوع و موقعه ا ‪...‬إلخ من الش كليات و اإلج راءات ال تي من ش أنها المس‬
‫بجوهر النزاع ‪،‬و التي تبقى من اختصاص قاضي الموضوع ‪.‬‬
‫أيضا قمنا في الفصل الثاني من هذا القسم ‪ ،‬بدراسة مجموعة من الطلبات يتم تق ديمها في إط ار‬
‫القواعد العام ة لالس تعجال ‪ ،‬دون أن يعم ل المش رع على تص نيفها ض من اختص اص القض اء‬
‫االستعجالي ‪،‬حيث تنطوي في تطبيقها على مخاطر و أضرار يخشى إص الحها م ع الزم ان ‪ ،‬و‬
‫يقوم القاضي اإلداري المختص بالنظر في المستعجالت فيها ‪ ،‬بالبحث عن عنصر االستعجال و‬
‫التأك د من وج وده ‪ ،‬كم ا يفحص جدي ة الطلب و يبت في ه دون الغ وص في الج وهر ‪:‬و هي‬
‫الطلب ات المس تعجلة الخاص ة بالجماع ات الترابي ة فيم ا يخص الض رائب و ال ديون العمومي ة‬
‫المتعلقة بهذه األخيرة ‪،‬كما تطرقنا إلى دراس ة الطلب ات المس تعجلة ال تي ترتب ط بحماي ة الملكي ة‬
‫العقارية من االعتداء المادي ثم الصفقات العمومية و العقود اإلدارية المتربطة بها ‪.‬‬
‫إذا كانت الضرائب تشكل أهم الموارد التي تعتمد عليها الكيانات العامة‪ ،‬من أجل ض مان تموي ل‬
‫التكاليف واألعباء العمومية ‪.‬‬
‫فإن الجماعات الترابي ة ب دورها تض خ في موارده ا مجموع ة من الض رائب ‪،‬تس اهم في تنمي ة‬
‫ماليتها وتمكنها من تنفي ذ برامجه ا التنموي ة ومخططاته ا ‪.‬كم ا أن مجموع ة من الخ دمات ال تي‬
‫تؤديها الجماعات الترابية تكون بعوض أو مؤدى عنه ا إم ا بنص الق انون كتس ليم رخص البن اء‬
‫ورخص اإلصالح والتسوية ‪...‬أو بقرار ل رئيس الجماع ة الترابي ة ‪:‬كك راء األس واق والمحالت‬
‫التجارية والرخص االقتصادية ‪...‬‬
‫إن الضرر الذي يمكن أن يلحق مالية الملزم جراء إقرار الضريبة أو األمر بأدائها ‪،‬خاص ة إذا‬
‫كان موضوع نزاع أو لم يتم احترام مبدا التدرج في فرضها كالضريبة على النظاف ة والخ دمات‬
‫الجماعي ة ‪ ،‬وك ذلك مباش رة إج راءات تحص يل ال ديون العمومي ة الخاص ة بالجماع ات‬
‫الترابي ة ‪،‬والنازع ات ال تي تعرفه ا خاص ة فيم ا يخص طلب ات إيق اف إج راءات التحص يل‬
‫الجبري ‪،‬أو تمديد آجال التحصيل أو المنازعة في صفة المدين ‪،‬كلها طلبات يختص بالنظر فيه ا‬
‫قاضي األمور المستعجلة بالمحكمة اإلدارية وفقا للمادة ‪ 19‬من الق انون ‪ 90/41‬المنظم للمح اكم‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫هذا و يسهر القاضي اإلداري االستعجالي من خالل بته في هذه الطلبات المستعجلة في الميدان‬
‫الضريبي ‪،‬على التوفيق بين حق الجماع ات الترابي ة في اس تخالص الض رائب و الرس وم ال تي‬
‫تشكل أهم الموارد التي تغذي ميزانيتها ‪،‬ثم أيضا ضمان حماية أموال األفراد و ب اقي الش خوص‬
‫الخاصة التي تفرض عليهم ه ذه الض رائب في إط ار اح ترام مب دأ ش رعية الض ريبة ‪ ،‬أي تل ك‬
‫المنازعات التي يكون محط النقاش فيها الجوانب المتعلقة بأساس ووعاء الض ريبة على مس توى‬
‫تأسيس الضريبة وربطها؛ وذلك وف ق المس طرة االس تعجالية العام ة ال تي أرس اها المش رع من‬
‫خالل المادتين ‪ 19‬و‪ 7‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية والفصل ‪ 149‬وم ا يلي ه من ق انون‬
‫المسطرة المدنية والمادة ‪ 6‬من القانون ‪. 80-03‬‬
‫وقد بينا كيف يتدخل قاضي األمور المستعجلة وأوق ف تنفي ذ مجموع ة من الق رارات الض ريبية‬
‫الصادرة عن إدارات الجماعات الترابية ‪ ،‬والتي كادت تلحق أضرارا بليغ ة على مالي ة مل زمين‬
‫غ ير حقيق يين في إط ار المنازع ة في ص فة المل زم أو ع دم اح ترام قواع د الت درج في ف رض‬
‫الضريبة أو مراجعتها في إط ار اح ترام مس طرة ف رض الض ريبة ‪ ،‬طبع ا م ع ط رح ومناقش ة‬
‫مجموعة من األحكام القضائية االستعجالية الواردة في هذا الباب ‪.‬‬
‫و حيث أن منازعات التحصيل تدخل في إطار القضاء الشامل للمحكم ة اإلداري ة وفق ا لالجته اد‬
‫القضائي و المقتضيات القانونية التي تم التنصيص عليها في الب اب الخ امس من الق انون المنظم‬
‫للمحاكم اإلدارية ‪، 41-90‬فإنه و بالرجوع للمادة ‪ 19‬من نفس القانون ليس هناك ما يمنع قاض ي‬
‫األمور المستعجلة من إصدار أوامر وقتية و تحفظية لضمان بقاء مراكز األط راف على م ا هي‬
‫عليه إلى حين صدور حكم بات في الموضوع ‪ ،‬فإن الطلبات المتعلقة بإيقاف مس طرة التحص يل‬
‫و تلك المتعلقة بإيقاف مسطرة اإلشعار للغير الحائز من أهم الطلبات ال تي تع رض على قاض ي‬
‫المستعجالت اإلداري‪.‬‬
‫إن جدية المنازعة في الطلبات االستعجالية الخاصة بالتحص يل الض ريبي تنص ب في المنازع ة‬
‫في ص فة المل زم ‪،‬مس طرة ف رض الض ريبة و التص حيح ‪،‬فإن ه بالنس بة لتحص يل ال ديون‬
‫العمومي ة ‪،‬هن اك قواع د أخ رى اعتم دها االجته اد القض ائي فيم ا يخص جدي ة المنازع ة في‬
‫التحصيل و التي تتمثل في المنازعة في تقادم الدين العمومي و أو بطالن إجراءات تحص يله ‪ ،‬و‬
‫هو ما تم التفصيل فيه مبرزين الدور الذي يقوم به قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري من أج ل‬
‫التوفيق بين ض مان المص لحة العام ة المتمثل ة في تغذي ة الم وارد المالي ة للجماع ات الترابي ة و‬
‫ض مان حق وق األف راد و األغي ار من خالل حماي ة مراك زهم القانوني ة و ذمتهم المالي ة من‬
‫المساس ‪ ،‬خاصة إذا كانت هناك جدي ة في ال نزاع ‪،‬خاص ة فيم ا يخص تل ك المس طرة الفجائي ة‬
‫إشعار الغير الحائز ‪.‬‬
‫وهكذا بينا أن قاضي األمور المستعجلة ‪ ،‬عليه أن يعلل في حيثي ات األم ر االس تعجالي وض وح‬
‫المرك ز الق انوني لألط راف ‪،‬أو الس بب اآلخ ر ال ذي يب ني علي ه من أج ل األم ر برف ع‬
‫الحجز ‪:‬كصدور حكم في موضوع النازل ة يقض ي ببطالن الض ريبة أو إلغائه ا بتق ادم أو انتف اء‬
‫صفة الملزم أو إيقاع الحجز المضروب على مال ال يعود في األصل للمدين الحقيقي‪.‬‬
‫أما بخص وص الص فقات العمومي ة ال تي تبرمه ا الجماع ات الترابي ة ‪،‬وال تي تكل ف مالي ة ه ذه‬
‫الوحدات مبالغ مهمة ‪،‬بمناسبة تجهيز وإعداد المرافق الجهوية والجماعية التابعة له ا ‪،‬وحيث أن‬
‫مالية الجماعات الترابية هي مال عام يجب المحافظة عليه وترشيد استعماله وصرفه ‪.‬‬
‫لذلك خلصنا أن لقاضي المستعجالت اإلداري ‪ ،‬دور محوري في التدخل سواء ما قبل التعاق د أو‬
‫قبل إبرام العقد ‪ ،‬إذا تم التعسف في اس تعمال الس لطة من قب ل اإلدارة أو تم المس اس بمب دأ حري ة‬
‫التعاقد ‪،‬وبالنسبة للصفقات العمومية إذا لم يحترم مبدأ المنافس ة أو لم يتم اإلش هار أو اإلعالن عن‬
‫الصفقة ‪.‬كما يمكن لقضاء المس تعجل الت دخل بع د التعاق د وذل ك من أج ل اتخ اذ ك ل اإلج راءات‬
‫الوقتية والتحفظية التي من شأنها ضمان احترام المشروعية ‪،‬وإيقاف التعاقد في حال ة التعس ف أو‬
‫الخطر المحدق بأحد أطراف التعاقد ‪.‬‬
‫وقد بينا أن غياب وجود تشريع يجيز تدخل القاضي اإلداري االستعجالي في المراحل األولى لما‬
‫قبل التعاقد ‪ ،‬يشكل عائقا أمام ت دخل ه ذا األخ ير ‪،‬بخالف م ا علي ه األم ر بفرنس ا وت ونس مثال‬
‫وبالتالي يبقى دوره منحص را في إيق اف أي ق رار إداري غ ير مش روع يخ الف قواع د إلعالن‬
‫والحكامة والشفافية والنزاهة في اختيار المتنافسين ‪ ،‬في مرحلة ما قبل التعاقد‪.‬‬
‫كما أكدنا أنه فيما بعد التعاقد ‪ ،‬يحق لطرفي العقد التوجه للقاضي اإلداري االستعجالي ‪،‬من أج ل‬
‫تأكيد وقائع ووجود أشغال ومستوى التقدم فيها ‪،‬وضرورة إفراغ الورش الذي ال يمكن بأي ح ال‬
‫أن يحتل المرفق العمومي الترابي كما أن ألحد أطراف العقد طلب إجراء خ برة من أج ل تحدي د‬
‫وضعية معينة وتحديد قيمتها والمب الغ ال تي يجب أن ترص د له ا ‪،‬وفيم ا يخص الض مانات ال تي‬
‫يودعها المقاول كطلب إصدار أوامر بردها واإلفراج عنها ‪.‬‬
‫وفي آخر مطلب من ه ذا البحث العلمي ‪،‬قمن ا بدراس ة وتحلي ل مجموع ة من األحك ام القض ائية‬
‫والنصوص القانونية التي تأطر مجال تدخل قاضي األمور المستعجلة في قضايا االعتداء المادي‬
‫الذي تتسبب فيه الجماعات الترابية ‪.‬‬
‫و بينا أن القاضي اإلداري االستعجالي هو المالذ الفعال و األسرع ‪،‬للتدخل في أقرب اآلج ال و‬
‫إيقاف كل عمل مادي غير مشروع ترتكبه إحدى الهيئات العامة اتج اه بعض ها البعض أو اتج اه‬
‫الهيئات الخاصة أو األفراد العاديين قبل أن يتم تفعيل ذلك العمل المادي الغير المش روع و ال ذي‬
‫يشكل خطرا حقيقيا ‪،‬قد تنتج عنه أضرارا يصعب إص الحها في المس تقبل و ل و أعطي تع ويض‬
‫مادي عنها ‪،‬فإنه يبقى غير كافي أحيانا و ال يجبر يث ار االعت داء أو الغص ب ال ذي يتع رض ل ه‬
‫المتضرر‪ ،‬خاصة و أن األفراد بإمكانهم اللجوء لمؤسسة القضاء كلما قامت اإلدارة بمس ثروتهم‬
‫و مهنهم أو عقاراتهم و حرياتهم ‪.‬‬
‫إن مباشرة اإلدارة الترابية ألي عمل مادي ‪ ،‬غالبا ما تكون له انعكاسات على حقوق وحري ات‬
‫األفراد وباقي الهيئات سواء منها العامة أو الخاص ة ‪،‬الب د أن تل تزم إدارات الجماع ات الترابي ة‬
‫باتخاذ مجموعة من القرارات القانونية المسبقة التي تمكنها من مباشرة عملية تنفيذ العمل المادي‬
‫كطلب اإلذن بالحيازة مثال من القاضي اإلداري االستعجالي ‪.‬‬

‫ونشير هنا إلى أن قضايا االعتداء المادي‪ ،‬تدخل ضمن االختص اص الن وعي للمح اكم اإلداري ة‬
‫وبالضبط في الش ق المتعل ق ب دعاوى التع ويض عن األض رار ال تي تس ببها أعم ال ونش اطات‬
‫الهيئات العامة‪ ،‬وبالتبعية تبقى مؤسسة القضاء االس تعجالي اإلداري هي المختص ة في الطلب ات‬
‫المستعجلة الخاصة برفع االعتداء وإيقاف األشغال وطرد الجماعة الترابية من العقار المحتل ‪.‬‬

‫وأو ضحنا أنه من صور االعتداء المادي على حق الملكية الخاصة والتي يختص قاضي األمور‬
‫المستعجلة اإلداري بحمايتها ‪،‬إقدام الجماعة الترابية على إقامة مرفق عمومي جماعي أو جهوي‬
‫في ملك الغير الخاص ‪،‬دون سلوك المساطر القانونية التي يخولها القانون في هذا الب اب ‪،‬أو م د‬
‫قنوات الصرف الصحي بأرض الخواص ‪،‬أو احتالل ملك الغير وإقامة بنايات تجارية أو قن اطر‬
‫أو طرق فرعية دون سلوك المساطر القانونية الخاصة بنزع الملكي ة والطلب ات الخاص ة ب اإلذن‬
‫بحيازة عقار‪.‬‬

‫ويعم ل القاض ي اإلداري االس تعجالي على فحص مس توى التق دم في األش غال ال تي ب دأت في‬
‫مباشرتها الجماعات الترابية ولو تعديا ‪،‬للتقييم حجم المبالغ المالية التي تم ص رفها م ادامت م اال‬
‫عاما يجب المحافظة عليه ‪،‬وإعماال للقاعدة الفرنسية الشهيرة "المنشأة العمومية المقام ة بطريق ة‬
‫االعتداء المادي وخارج القانون ال يمكن هدمها" ‪L’ouvrage public mal planté ne se‬‬
‫‪.détruit pas‬وهو يوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ‪.‬‬
‫ألجل ذلك يصدر أيضا أوامره الوقتية ‪،‬بإيقاف األشغال واإلفراغ ‪ ،‬إرج اع الحال ة إلى م ا ك انت‬
‫عليه وهد والسور إلخ‪...‬‬
‫وفي إطار الض مانات القانوني ة المتاح ة للمواط نين وب اقي الهيئ ات الخاص ة ال تي تتض رر من‬
‫تصرفات وأنشطة وقرارات القيمين على الجماعات الترابية‪ ،‬يحق لكل متضرر اللجوء لمؤسسة‬
‫القاضي اإلداري االستعجالي من أجل بسط طلبات ه التحفظي ة والوقتي ة ‪،‬ح تى يتمكن من الحف اظ‬
‫على مركزه القانوني سليما من كل مس أو تغيير‪.‬‬
‫والسيما في مجال الوظيفة العمومية الترابية ‪ ،‬وممارسة الحقوق السياس ية والمدني ة ال تي يقره ا‬
‫الدستور والتشريعات ‪ ،‬كاالنتم اءات الحزبي ة والنقابي ة وتأس يس الجمعي ات وعق د االجتماع ات‬
‫وبالتالي كل تعد على هذه الحقوق يعد اعتداءا ماديا يتصدى له القضاء اإلداري االستعجالي ‪.‬‬

You might also like