Professional Documents
Culture Documents
الإعتداء المادي
الإعتداء المادي
الجماعات الترابية
يظ ل القاض ي اإلداري االس تعجالي ه و المالذ الفع ال و األس رع ،للت دخل في أق رب اآلج ال و
إيقاف كل عمل مادي غير مشروع ترتكبه إحدى الهيئات العامة اتج اه بعض ها البعض أو اتج اه
الهيئات الخاصة أو األفراد العاديين ،قبل أن يتم تفعيل ذلك العمل المادي الغير المش روع وال ذي
يشكل خطرا حقيقيا ،قد تنتج عنه أضرارا يصعب إص الحها في المس تقبل و ل و أعطي تع ويض
مادي عنها ،فإنه يبقى غير كافي أحيانا و ال يجبر يث ار االعت داء أو الغص ب ال ذي يتع رض ل ه
المتضرر خاصة و أن األفراد بإمكانهم اللجوء لمؤسسة القضاء كلما قامت اإلدارة بمس ث روتهم
و مهنهم أو عقاراتهم أو راحتهم و حرياتهم. 1
ولعل االعتداء المادي la voie de faitوالتي هي نظرية اوسع في مداها وتطبيقاتها من فكرة
الغص ب ، théorie de l’empriseتتجس د في ارتك اب اإلدارة لخطئ جس يم irrégularité
grossièreأثناء قيامها بعمل م ادي يتض من إعت داءا على حري ة فردي ة أو على عق ار ممل وك
ألحد األفراد . 2
وحيث أن الجماعات الترابية كباقي الهيئات العامة تسعى لتحقيق الصالح العام و تطوير المرافق
العامة التابعة لها ،في إطار تنفيذ البرامج و المخططات التي تصادق عليها مجالسها ،فإنه لطالما
تصادمت تصرفاتها المادية مع مصالح و حقوق األفراد و باقي الهيئات الخاصة ،و حصل تعدي
على هذه الحقوق و الحريات بشكل جعل تلك األعمال المادي ة تلح ق اعت داءات بلغت جس امتها
مستوى كبير لم يع د ب أي طري ق وص فها بالمش روعة أو القانوني ة وه و م ا يوص ف باالعت داء
الماديون الذي سنراه بالتفصيل في فقرات هذا المبحث و سنحاول تصنيف األعم ال ال تي تش كل
هذا االعت داء الم ادي و دور قاض ي المس تعجالت اإلداري في رفع ه و التص دي ل ه .و بالت الي
سنتحدث عن ماهية االعتداء المادي وتجلياته تم تدخل القضاء االستعجالي اإلداري في االعت داء
المادي الذي تتسبب فيه الجماعات الترابية
- 3للتوسع في نظرية اإلعتداء المادي المرجو اإلطالع على سليمان محمد الطماوي:دروس في القضاء اإلداري،قضاء التعويض و طرق
الطعن في األحكام :مرجع سابق ص 36إلى 47و موالي ادريس الحالبي الكتاني :المرجع السابق ص 332:إلى 340
الضرر الناتج عن ه.4والتع دي يك ون كلم ا باش رت االدارة عملي ة مادي ة في ظ روف ال تتعل ق
بممارسة إحدى سلطاتها ،منتهكة إما إحدى الحريات العامة ،وإما حق الملكية.5
بينما يرى بعض الفقه أن االعت داء الم ادي يتجس د في اتب اع اإلدارة ألس اليب و وس ائل تخ الف
القانون من أجل قض اء حوائجه ا ذل ك ب انحراف كب ير عن المش روعية ،لدرج ة يص بح العم ل
اإلداري بعيدا كل البعد عن القواع د الدس تورية و عن القواع د القانوني ة اإلداري ة وعن المب ادئ
العامة للقانون و أصبح بالتالي عمل مادي ينطوي على عيب جسيم ظاهر يخضع لقواعد القانون
الخاص و يدرج ضمن اختصاص القضاء الع ادي قب ل إح داث المح اكم اإلداري ة ،وه ذا العم ل
المادي المشكل للتصدي قد يظهر على شكل إصدار قرار تنفيذي مادي جسيم بدون س ند ق انوني
سابق أو بسند قانوني مشوب بعيب جسيم.6
ويتحقق االعتداء المادي في مجال حق الملكية عن د اس تيالء الدول ة أو المؤسس ات العمومي ة أو
الجماعات المحلية على حق الملكية دون اتباع إج راءات ن زع الملكي ة وب دون اتخ اذ أي إج راء
قانوني مسبق حيث يكون هذا العمل مخالف تماما للمشروعية ويمكن التصريح ببطالن ه من قب ل
القضاء بحكم قطعي ونهائي.7
ويبقى االعتداء المادي هو ذلك الصنف من األعمال التي تخرج من خالله اإلدارة عن إطار مبدأ
المشروعية بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي أو تنظيمي. 8
في حين ذهب القضاء اإلداري المغربي إلى تعريف االعتداء المادي بكون ه عم ل م ادي ص ادر
عن سلطة إدارية اتسم بخرق المشروعية إلى درجة من الجس امة والخط ورة مم ا ال يع ود مع ه
ممكنا االستناد إلى أية صالحية من الصالحيات المخولة لإلدارة سواء تعلق األمر بح ق الملكي ة
أو إحدى الحريات األساسية.9
بينما اعتبر المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)" أن احتالل اإلدارة لملك الغ ير قب ل أن تتخ ذ
القرار باالحتالل المؤقت هو عمل يكتسي صبغة اعتداء وقت انجازه"10
- 4موقع مشبال على األنترنيت :اطلع عليه يوم 5/04/2022الساعة 17h
5
- Charles Debasch , Jean Claude Ricci , Contentieux administratif , 7e edition , Dalloz , 1999, p 8
- 6موالي ادريس الحالبي الكتاني:القضاء اإلستعجالي اإلداري :مرجع سابق ص 333
- 7محمد ابن الحاج السلمي:مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة و اإلحتالل المؤقت في القانون المغربي ،مطبعة دار القلم الرباط
الطبعة االولى 2016ص 15
- 8هشام أحمد الجمرة :القضاء اإلستعجالي في المنازعات اإلدارية دراسة مقارنة :مرجع سابق ص 104
- 9حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بأكادير تحت رقم 439/2007بتاريخ 16/11/2007في الملف رقم 312/2007أورده رضوان قافو
:القضاء اإلستعجالي في المادة اإلدارية :مرجع سابق ص 70
وفي هــذا الصــدد ،یع رف -André De Laubadére-ماهيــة االعت داء الم ادي بم ا یلي:
( تكون حالة االعتداء المادي عن دما ت رتكب اإلدارة أثن اء قیامه ا بنش اط م ادي تنفیذي مخالف ة
جسیمة تمس بحق الملكیة أو حریة عمومیة)،ویعرفه Debbash Charleبأنه(تصرف إداري
مشــوب بمخالفــة جســیمة تمــس بحــق ملكیــة أو حریــة أساسیة)،
وبالنظر إلى كال التعريفين ،يتضح جليا وحدتهما في شمولية المحل الذي بموجبه نكون أم ا فع ل
االعتداء المادي والمتمثل في صدور عم ل أو تص رف م ادي بس بب غي اب الس ند الق انوني ل ه
يتسبب في إيقاع ضرر يمس بحق الملكية أو حرية عمومية أو أساس ية .أم ا من حيث م ا اس تقر
عنه العمل القضائي في هذا التوجه فقد ج اء في تعري ف مجلس الدول ة الفرنس ي لفع ل االعت داء
المادي في قرار له بتاريخ 1949-11-18في قضیة ”كارلي ” Carlierبأنه( تصرف متم يز
ب الخطورة ص ادر عن اإلدارة ،ال ذي بموجب ه تمس ه ذه األخ يرة بح ق أساس ي أو بالملكي ة
11
الخاصة)
ويرى بعض الفق ه أن إس ناد االختص اص للقض اء اإلداري في موض وع االعت داء الم ادي يج د
أساس ه انطالق ا من ض رورة اض طالع المح اكم اإلداري ة ب دورها في حماي ة حق وق األف راد
وملكيتهم الخاصة في مواجهة اإلدارة. 12
- 13موالي ادريس الحالبي الكتاني :القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع سابق ص 336
14
-V.Auby (jm) Drago :traité de contentieux administratif 1962 page 462
فال يمكن للجماعة الترابية أن تحتل عق ارا مملوك ا للغ ير أو تش يد فوق ه منش ئات عام ة إال بع د
إصدار مرسوم بإعالن المنفعة العامة ووضع طلب اإلذن بالحيازة أو االحتالل المؤقت وموافق ة
قاضي األمور المستعجلة عليه .
وهكذا يدرج حماي ة ح ق الملكي ة قض ائيا ض من اجته ادات القض اء والس يما في نط اق نظري ة
االعتداء المادي ،حيث يتدخل قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري إليق اف الق رارات المعيب ة أو
منع وقوعها أو دفع االعتداء المادي.15
وبالت الي فإق دام اإلدارة على مباش رة العم ل الم ادي دون س ند ق انوني ،يجع ل عمله ا معرض ا
لإلبطال واإليقاف من قبل القضاء وأيضا يث ير مس ؤوليتها ويطالبه ا ب التعويض ،وال يمكن ب أي
حال أن يكون ذلك العمل من صميم العمل اإلداري المشروع وإنما هو اعتداء مادي ،ومن صور
ذلك :16
*هدم بناء بسبب شق طريق دون سلوك المساطر القانونية الخاصة بذلك.
*وضع أعمدة وإشارات المرور فوق األمالك الخاصة دون إتباع اإلجراءات القانونية
*احتالل عقارات ولو مؤقتا دون إذن مسبق من السلطة القضائية
*وضع اليد على العقارات أو منقوالت تابعة للغير بدون سند قانوني :ك الحجوزات القض ائية أو
مباشرة إجراءات التحصيل الجبري من طرف الجماعات الترابية
*تشييد بناء في عقار خاص لإلدارة ،ألح ق ض ررا بحق وق انتف اع المال ك المج اور وذل ك دون
التقيد بالقوانين واألنظمة الجاري بها العمل أو الحصول على ترخيص مسبق .
ب :مخالفة السند القانوني مخالفة معيبة
يحدث أيضا االعتداء المادي عندا تركز اإلدارة نشاطها مخالفة تماما السند القانوني ،ال ذي يجب
عليها اعتماده ،كأن تتجاوز هذا السند أو تخالف مضمونه مخالفة جسيمة وذل ك بع دم تط بيق م ا
ج اء في الق رار اإلداري أو النص الق انوني ،ومن ص وره وض ع ي د اإلدارة على أم وال غ ير
األموال المعينة في قرار المصادرة.
15
-EL Houssine Serhane :les développements récents du droit de propriété dans le contentieux
administratif Marocain REMALD N 20-21 PAGE 93
- 16انظر بهذا الخصوص موالي ادريس الحالبي الكتاني :القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع
سابق ص 339
وهنا نكون أمام حالة اختالف بين العمل التنفيذي والسند القانوني ،17الذي تبنت ه اإلدارة للتحقي ق
عمله ا ،ك ان تلج أ اإلدارة إلى اس تخدام الق وة العمومي ة إلل زام األف راد على التنفي ذ في حال ة
رفضهم ،مما يشكل تعدي على الحريات العامة وحقوق األفراد.
كما نكون أيضا أمام التعدي ،عند إصرار اإلدارة عن تنفيذ قرار إداري ،ق د ص در حكم قض ائي
بمنع تنفيذه أو لجوء اإلدارة إلى التنفيذ المباشر على خالف ما قضى به حكم قضائي .18
ثانيا :قيام اإلدارة بالفعل المادي المشكل لالعتداء باعتماده ا على س ند ق انوني مش وب بعيب
جسيم
يظهر عيب التعدي عندما تعتمد نشاط اإلدارة على سند قانوني معيب عيب ا جس يما يج رد العم ل
الق انوني لإلدارة من طبيعت ه اإلداري ة ،مم ا ي برر ص دور تص رف م ادي تنفي ذي يتس م بع دم
المشروعية الجسيم ،ويشكل اعت داءات على ح ق الملكي ة الخاص ة وعلى الحري ات المنص وص
عليها في دستور البالد.19
فمن عيوب المش روعية إق دام اإلدارة على تنفي ذ ق رار دون اح ترام اإلج راءات ال تي يفرض ها
القانون ،أو أن اإلدارة تتبع مسطرة غير تلك التي حددها القانون من أجل التنفيذ ،كلج وء اإلدارة
للتنفيذ الجبري ال ذي قي ده الق انون والقض اء بح االت خاص ة وليس إطالق ا كوج ود خط ر داهم
والحفاظ على األمن والصحة والعامة ،مما يمكن األفراد من الطعن في هذا التنفيذ الجبري ال ذي
يشكل اعتداءات ماديا ،كالقيام بتنفيذ عمل غير موجود.
وبالرجوع إلى مجال النشاط اإلداري نجد عدة أمثلة ألعمال التعدي :كصدور قرار هدم بناء عن
سلطة غير مختصة ،صدور قرار بمنع االنتفاع من مياه وحرمان أص حابه من ه ،مص ادرة كتب
بدون قرار إداري أو حكم قض ائي ،توقي ف أش خاص ب دون م ذكرة بحث أو أحك ام قض ائية في
حقهم.
وهكذا ذهب بعض الفقه 20إلى القول بأن طرق التعدي تقوم على عنصرين :
17
-V Auby et Dragon op cité p 463
- 18موالي ادريس الحالبي الكتاني :المرجع السابق ص 346
19
-V.Delaubadére :traité de droit administratif lgdj paris 1980 page 487
- 20موالي ادريس الحالبي الكتاني :القضاء اإلستعجالي اإلداري بين العمل القانوني و التطبيق القضائي كمرجع سابق ص 344-343
- 1أن فعل التعدي يلحق ضررا جسيما بحق أساسي يجعله منعدم الصلة بمهام اإلدارة المشروعة
كاالعتداء على حرية فردية ما ،أو التعدي على حرمة المسكن أو حق الملكي ة على عق ار ك انت
أو منقول.
-2أن يتخذ العمل طابع التنفيذ بل يجب أن يكون هناك تهديد حقيقي بالتنفي ذ ،وهن ا ي برز ن وعين
من طرق التعدي:
أ-التعدي بإهمال القانون أو عدم االهتمام بمقتضياته ومثاله عدم قدرة العمل اإلداري على تطبيق
نص تشريعي أو تنظيمي وبالتالي تجريده من كل أساس شرعي.
ب-التعدي في غياب اإلجراءات المسطرية ومثال ه تنفي ذ اإلدارة لقراراته ا ب الجبر س واء ك انت
شرعية أم غير شرعية .
الف رع الث اني :ت دخل القض اء االس تعجالي اإلداري في االعت داء الم ادي ال ذي تتس بب في ه
الجماعات الترابية
يتم إدم اج اختص اص البت في قض ايا االعت داء الم ادي للمح اكم اإلداري ة وبالض بط في الش ق
المتعلق بدعوى التعويض عن األضرار التي تس ببها أعم ال ونش اطات أش خاص الق انون الع ام
تطبيقا للمادة 8من القانون المح دث للمح اكم اإلداري ة ،41-90ب الرغم من من التجاذب ات ال تي
عرفها إحداث هذا االختصاص للمحكمة اإلدارية، 21حيث كان االتجاه القضائي المغ ربي مت أثرا
باالجتهاد القضائي الفرنسي 22ال ذي ك ان يعت بر أن المح اكم العادي ة هي المختص ة للنظ ر في
الدعاوى الناتجة عن االعتداء المادي وذلك راجع إلى :
*كون المحاكم العادية هي الحامي الطبيعي للملكية الخاصة
*القاضي العادي له سلطة قوية للوقاية من االعتداء المادي أو إيقافه.
*كون الخطأ الجسيم والتعدي الالمشروع الذي نفذته اإلدارة جعلها تنزل منزلة الخ واص ورف ع
عنها حصانة األعمال اإلدارية واالمتثال أمام القضاء اإلداري.23
- 21بالرجوع إلختصاص المحاكم اإلدارية الواردة في القانون 41-90السيما المواد 44-11-9-8نالحظ أنه لم يتم اإلشارة إلى دعاوى
اإلعتداء المادي
22
-M A BenAbdAllah :compétence administrative et voie de fait.Remald n 13 année 1995 page 83
- 23الحسن السيمو:قضاء اإللغاء و األعمال المادية،مجلة اإلشعاع عدد 13بتاريخ 7دجنبر 1995ص 12
وبقي اآلمر في تذبذب إلى أن استقر القضاء المغربي على اعتب ار المح اكم اإلداري ة هي الجه ة
المختصة للبت في طلبات رفع االعت داء الم ادي وإيق اف أش غاله وك انت المحكم ة اإلداري ة في
الدار البيضاء أول محكمة أقرت هذا المبدأ.
ومن الالفت لالنتباه أن المشرع الفرنسي منح للقاضي اإلداري المس تعجل س لطة توجي ه أوام ر
لإلدارة لحماية الحرية األساس ية من أعم ال االعت داء طبق ا للم ادة 521ف 2الم ذكورة ،وهي
سلطة كانت قد منحت له جزئيا بمقتضى القانون الصادر بتاريخ ، 08/02/1995ويمكن تطبيق
أحكام هذه المادة في األحوال التالية :
1ـ أن الحماية مرصودة للمتقاضين لحماية األفراد في حالة االعت داءات المادي ة على حري اتهم
األساسية أثناء ممارسة اإلدارة لوظيفتها.
2ـ أن الحماية مرصودة للمتقاضين لحماية األفراد في حالة االعتداءات الناتجة عن قرار ق د ال
يكون ارتباطه واضحا بالسلطة اإلدارية .وإذا كان مدلول الحريات األساسية غير دقي ق بم ا في ه
الكفاية ،إال أن المرجح أنها الحري ات المنص وص عليه ا في الدس تور .وعلى أي ح ال فإن ه ال
يمكن حصرها لشاسعة مجالها مع العلم انه مصطلح حداثي قياسا م ع مص طلح حق وق االنس ان،
ويعود للقضاء أمر تحديدها.
ومن خالل ما سبق ذك ره أعاله ف إذا ك ان القاض ي اإلداري الموض وعي ه و المختص للبت في
قض ايا االعت داء الم ادي فإن ه بالتبعي ة يح ق للقاض ي االس تعجالي األم ر برف ع االعت داء
المادي ،ووضع حد لتطوره سواء بط رد اإلدارة أو إيق اف األش غال ال تي تنج ز على العق ار في
إط ار غ ير مش روع وذل ك تأكي دا لك ون القض اء االس تعجالي اإلداري يس تمد اختصاص ه من
اختصاص المحكمة اإلدارية نفسها.24
وفي هذا اإلطار سنعمل في هذا المطلب على دراسة ،السلطات التي يتمتع به ا القاض ي اإلداري
االستعجالي في رفع االعتداء المادي ال ذي تتس بب في ه الجماع ات ال ترابيون ح دود ت دخل ه ذا
األخير وفق ما يسمح به القانون وفق التقسيم التالي ،سلطات قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري
في الطلب ات الخاص ة باالعت داء الم ادي(الفق رة األولى) ثم ح دود س لطات القاض ي اإلداري
االستعجالي في دعاوى االعتداء المادي (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :سلطات قاضي األمور المستعجلة اإلداري في الطلبات الخاصة باالعتداء المادي
كما سبقت اإلشارة إليه في المطلب األول من ه ذا المبحث ،ف إن قض ايا االعت داء الم ادي ت دخل
ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية وبالضبط في الشق المتعلق ب دعاوى التع ويض عن
- 24انظر األمر اإلستعجالي الصادر بتاريخ 6دجنبر 2000عن المحكمة اإلدارية بالرباط في قضية ادريس الرحالي ضد بلدية سيدي
المنظرية و القاضي باختصاص قاضي األمور المستعجلة اإلداري برفع اإلعتداء المادي منشور في م م إم م عدد 37سنة 2001ص 226
األض رار ال تي تس ببها أعم ال ونش اطات الهيئ ات العام ة ،وبالتبعي ة تبقى مؤسس ة القض اء
االس تعجالي اإلداري هي المختص ة في الطلب ات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء وإيق اف
األشغال وطرد الجماعة الترابية من العقار المحتل .
وفي هذا السياق ،و حيث أن الطلب ات المس تعجلة في مج ال االعت داء الم ادي ال ذي تتس بب في ه
الهيئات العامة ،يقتضي السرعة في البت كلما كان الخطر محدقا و يص عب إص الح نتائج ه م ع
المستقبل ،فقد جاء في قرار آخر ص ادر عن محكم ة النقض بت اريخ 15/12/2017تحت ع دد:
927/1في المل ف اإلداري رقم 359/4/14لئن نص ت مقتض يات الم ادة 38من الق انون رقم
08-45المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات ومجموعاتها على انه يجب إدخال المس اعد القض ائي
– الوكي ل القض ائي حالي ا– في ال دعوى تحت طائل ة ع دم القب ول كلم ا أقيمت دع وى قض ائية
بغرض التصريح باستحقاق ديون على جماعة ترابية فان ذلك يتعلق فق ط بال ديون ذات الص يغة
التعاقدية دون دعاوى التعويض عن اإلضرار التي تس ببها أعم ال ونش اطات أش خاص الق انون
العام ومن بينها دعاوى التعويض عن االعتداء المادي على العقارات.25
و من صور االعتداء المادي على حق الملكية الخاصة و التي يختص قاضي األمور المس تعجلة
اإلداري بحمايتها ،إقدام الجماعة الترابية على إقامة مرفق عم ومي جم اعي أو جه وي في مل ك
الغير الخاص ،دون سلوك المساطر القانونية التي يخولها الق انون في ه ذا الب اب ،أو م د قن وات
الصرف الصحي بأرض الخواص ،أو احتالل مل ك الغ ير و إقام ة بناي ات تجاري ة أو قن اطر أو
طرق فرعية دون سلوك المساطر القانوني ة الخاص ة ب نزع الملكي ة أو دع اوى اإلذن في حي ازة
العقار،26حيث أن حق الملكية حق دستوري و ال يمكن بأي حال مس ه أو التع دي علي ه إال وف ق
اإلجراءات المذكورة في قانون نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة.
كم ا أن القاض ي االس تعجالي اإلداري يستش ف من خالل ظ اهر الوث ائق ال تي تع رض
عليه ،مستوى التقدم في األشغال التي بدأت في مباشرتها الهيئات العامة ولو تع ديا ،للتق ييم حجم
المبالغ المالية التي تم صرفها مادامت ماال عاما يجب المحافظة عليه ،وإعماال للقاعدة الفرنس ية
الشهيرة "المنشأة العمومية المقام ة بطريق ة االعت داء الم ادي وخ ارج الق انون ال يمكن ه دمها"
.L’ouvrage public mal planté ne se détruit pasوهو ما سنراه في الفقرات التالية
حيث يوازن القاضي االستعجالي اإلداري بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة .
أوال :الموازنة بين المنفعة العامة والمنفعة الخاصة
- 25الزكراوي محمد ،مقال ،منازعات قضايا االعتداء المادي الصادرة عن الجماعات الترابية بين إشكالية وجوبية إدخال الوكيل
القضائي للجماعات الترابية وجوازية إعمال قاعدة التظلم اإلداري ،موقع العلوم القانونية .https://www.maroclaw.comتاريخ
الولوج03/02/2020
- 26هشام أحمد الجمرة :المرجع السابق ص 112
لقد أكد االجتهاد القضائي اإلداري على نقل اختصاصات القاض ي االس تعجالي الع ادي للقاض ي
االس تعجالي اإلداري فيم ا يخص الم ادة اإلداري ة إذ نج د أن ه ذا األخ ير تص دى لع دة ح االت
االعتداء المادي ال تي تلح ق أض رار بالملكي ة الخاص ة لألف راد والهيئ ات الخاص ة وبالحري ات
األساسية ،حيث يتم اعتبار قاضي المستعجالت اإلداري هو الحارس الط بيعي للحري ات العام ة
خاصة إذا كان هناك خرق للقواعد القانونية والتنظيمية.
و تأسيسا على ذلك فإن التطبيق القضائي في مجال الطلبات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء
المادي على الملكية العقارية ،يقوم القاضي االستعجالي فيها بالموازنة بين المصلحة العامة ال تي
تسعى الجماعات الترابية إلى تحقيقها من خالل تنفيذ مخططات و برامج التنمية و بين المص لحة
الخاصة لصاحب الملك العق اري ،فيبحث القاض ي من خالل ظ اهر األوراق و أحيان ا من خالل
إجراء خبرات تقنية و هندسية بغية تحديد مستوى تقدم األشغال و نسبتها ،و هو ما يش كل مج ال
تدخل القاضي و األمر برفع االعتداء و إرجاع العقار لص احبه أو ت رك المنش أة العام ة قائم ة و
األمر بالتعويض للمتضرر.
فإذا تجاوزت نسبة األش غال النص ف أي 50بالمائ ة من األش غال المزم ع إنجازه ا ق د ال ي رى
القاضي االستعجالي من إمكانية لألمر بهدم ما تم بن اؤه أو األم ر بإيق اف األش غال ألن ذل ك من
شأنه أن يضر بالمالية العامة 27للجماعة الترابية ،والتي تص ب في إط ار المنفع ة العام ة وتلبي ة
الحاجيات الخاصة بالمواطنين .
وفي هذا السياق صدر أمر استعجالي عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش ،28جاء فيه :
"و حيث إنه طالما أن األشغال و فق خالصات الخب ير ،لم تخ ترق عق ار المدعي ة ،األمر ال ذي
ينفي معه شرط جوهري ينعقد بمقتضاه االختصاص للقاضي االستعجالي للبت في الطلب و ه و
ض رورة ت وافر عنص ر االس تعجال المع رف بكون ه الخط ر الحقيقي المح دق ب الحق الم راد
المحافظة عليه ،و إضافة إلى ذلك فإن االستجابة للطلب الحالي سيترتب عن ه ه در الم ال الع ام
وحتى و لئن أقيم المرفق العمومي فوق عقار الطالبة غصبا بالنظر للمراحل المتقدمة لألش غال
المنجزة و يبقى من حق هذا األخير رف ع دع وى في الموض وع للمطالب ة ب التعويض في إط ار
المسؤولية اإلدارية ".
كما أن القاضي اإلداري االستعجالي و حماية للملكية العقارية الخاصة ،فاألصل في استغالل أي
ملك عقاري يعود للغير بالنسبة للجماعات الترابي ة و ب اقي الهيئ ات العام ة ه و اتب اع المس اطر
- 31قرار المجلس األعلى رقم 155الصادر بتاريخ 01/07/1983في الملف المدني عدد 85764أورده هشام أحمد الجمرة :مرجع سابق
ص 112
- 32أمر استعجالي رقم 154صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 31/1/2012ملف رقم 26/1/2012بين أحمد فاندي و وزارة
النقل و التجهيز ،م م إ م ت السلسلة العادية عدد مزدوج 113-112شتنبر دجنبر 2013ص 245
فباستقراء األمر أعاله نالحظ أن القاض ي اإلداري االس تعجالي ،يعم ل من خالل تفحص ظ اهر
الوثائق والمستندات التي تعرض أمامه على معرفة مستوى تقدم األشغال وبعد ذلك حجم المب الغ
ال تي كلفته ا األش غال وال تي يجب المحافظ ة عليه ا ،وع دم إتالفه ا ألنه ا تبقى م اال عام ا يجب
صيانته حتى وإن كانت المنشأة بنيت على وجه غير صحيح وخالفا للقواعد والمساطر القانوني ة
المعمول بها ،ألنه يبقى للمتضرر االستفادة من التعويض الذي يعادل سومة عقاره .
- 36انظر بخصوص تفاضيل الواقعة حميد ولد البالد:المرجع السابق ص 410
فقد جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط ،37جاء فيه:
"وحيث يؤخ ذ من ظ اهر أوراق المل ف ومس تنداته أن الط الب أن الط الب ه و مال ك العق ار
موضوع الطلب ،وأن اإلدارة المطلوب ضدها بص دد القي ام بأش غال ب ه حي ادا على اإلج راءات
المقررة لنزع الملكية ،مما تبقى مع ه تل ك األش غال الجاري ة على وج ه التع دي ،والطلب ح ول
إيقافها مؤسس.
لهذه األسباب نأمر علنيا ابتدائيا غيابيا ،بإيقاف أش غال بن اء الس ور الجاري ة بالقطع ة األرض ية
موضوع الطلب ،مع النفاذ المعجل وإرجاء البت في الصائر".
ففي ه ذا األم ر اس تجاب القاض ي اإلداري االس تعجالي لطلب م واطن ض د رئيس جماع ة
قروية ،عمدت إلى استغالل بقعته األرضية دون سلوك مسطرة ن زع الملكي ة ،وك انت الجماع ة
القروية بصدد تشييد سور على البقعة ،وحيث أن األشغال الجارية كانت في بدايتها فإن القاض ي
استجاب لطلب وقف األشغال وخاصة أن تكلفة تشييد تلك النسبة من األعمال لم تكن مكلف ة ،إلى
حين بت قاضي الموضوع وسلوك الجماعة القروية للمساطر المعمول بها في هذا الباب.
ثالثا :استعمال الوسائل الجبرية من أجل رفع االعتداء المادي
أيضا من الوسائل التي يلجأ إليها القاضي اإلداري االستعجالي إلجبار الجماعات الترابي ة على
رفع االعتداء المادي ال ذي تس ببت في ه وألح ق أض رار بملكي ة الغ ير أو أح د حقوق ه وحريات ه
األساسية ،نجد لجوء قاض ي األم ور المس تعجلة لألم ر ب إفراغ العق ار أو ايق اف األش غال تحت
طائلة غرامة تهديدية محددة عن كل يوم امتناع عن األمر ،مما يشكل ال محالة عبئ على مالي ة
الجماعة الترابية ويجبرها على االمتثال لألمر القضائي.
أيضا نجد المصادقة على الحجز على مالي ة الجماع ة الترابي ة وإن ك ان ه و اختص اص أص يل
لل رئيس المحكم ة اإلداري ة ولكن ال ين درج ض من اختصاص ه كقاض ي للمس تعجالت ،لكن تم
االستدالل به من أجل االستئناس والتفصيل في الط رق المتاح ة من أج ل رف ع االعت داء الم ادي
الناشئ عن أخطاء الجماعات الترابية.
في أمر استعجالي عن القاضي االستعجالي اإلداري بالمحكمة اإلدارية بالرب اط ،أق ر المص ادقة
على الحجز على مبلغ مالي يعادل مبلغ العقار موضوع االعتداء المادي الذي تسببت فيه جماعة
? -37نفس اإلحالة 464المحكمة اإلدارية بالرباط،أمر رقم 688بتاريخ 10/06/2009في الملف رقم 261/01/09بين المدعي السيد
محمد تلمو ضد رئيس الجماعة القروية باب برد و انظر أيضا بهذا الخصوص
تمارة ،مقابل تنازل المحكوم له عن العقار لفائدة هذه األخيرة ،مادام سيستفيد من تع ويض م الي
يعادل قيمة العقار المعتدى عليه حيث جاء في االمر: 38
" حيث يهدف الطلب إلى إصدار أمر بالمصادقة على أموال جماعة تمارة بين يدي الخ ازن الع ام
للمملكة في حدود المبلغ 137.462,00درهم .
وحيث إن الحجز لدى الغير س واء تم بن اء على أم ر قض ائي أو بش كل تلق ائي من ط رف م أمور
التنفيذ بناء على سند تنفيذي ،فإن إجراءات التصديق عليه تدخل في إطار مس طرة التنفي ذ ال تي
تشرف عليها مؤسسة رئيس المحكمة ،وبالتالي فإن هاته الجهة تختص بالتصديق عليه بصفتها
هاته وليس بصفتها قاضيا للمستعجالت .
وحيث إن الحجز لدى الغير موضوع طلب المص ادقة تم بن اء على س ند تنفي ذي ه و الق رار ع دد
2244الصادر عن محكمـــة االس تئناف اإلداري ة بالربـــــاط بتاريــخ 27/12/2010في المل ف
رقم 85/08/6وقد آل األمر إلى حجز مبلغ المبلغ 137.462,00درهما بين يدي الخ ازن وه و
يعد من األموال القابلة للحجز مادام ال يترتب عنه تعطي ل وظيف ة النف ع الع ام الملق اة على ع اتق
المرفق ،ومن المفروض أنه مرص ود ألداء التعويض ات المحك وم به ا على الجماع ة الم ذكورة،
وقد تعذر إبرام اتفاق ودي بين األطراف على توزيع المبالغ المحجوزة.
وحيث إن م ا ي زكي ه ذا االتج اه ،ه و أن الخ ازن المحج وز بين يدي ه يت وفر بالفع ل على
اعتمادات مخصصة للجماعة المحجوز عليها ،وهو ما يع ني أن الحج ز ق د انص ب فعال على
أموال قابلة للحجز ومملوكة للمدين طالما أن الفصل 488من قانون المس طرة المدني ة لم
يشترط بالضرورة إليقاع حجز لدى الغير ،أن يتعلق األمر بأموال سائلــــــة مودع ة ل دى
هذا الغير ب ل اس تعمل عب ارة " مب الغ ومس تندات " ال تي تتس ع لم ا دون ذل ك ،ولم يقي د
إمكانية الحجز بضرورة أن تكون األموال المحج وزة مودع ة في حس اب الخ ازن ،وأن ه ذا
األخير وإن تمسك بكون مبالغ االعتمادات المرصودة لفائدة الجماعة لم تع د كافي ة بع دما
تم استغراقها كلها بمقتضى حجز آخر ،إال أنه لم يدل بما يفيد سبق تحويله مب الغ ه ذا الحج ز
بقائدة من له الحق ،كما أن اعتمادات الجماعات المودع ة ل دى المحاس بين العموم يين ،لم
يرد التنصيص على عدم قابليتها للحجز بشكل ص ريح ،س واء في الفق رة الثاني ة من الفص ل
488التي تضمنت قائمة باألموال غير القابلة للحجز ،أو في أي نص قانوني آخ ر بم ا في ذل ك
قانون المحاسبة العمومية ،ومعلوم أن جميع األموال تعت بر قابل ة للحج ز إال م ا اس تثني
بنص القانون ،واالستثناء يحظر التوسع في تفسيره .
- 38أمر استعجالي صادر عن قاضي المستعجالت المحكمة اإلدارية بالرباط رقم 3404بتاريخ 28/05/2019ملف رقم
3332/7103/2019
و حيث إن مقتضيات الفصول 31إلى 35من ق انون المحاس بة العمومي ة إنم ا تتعل ق بتنظيم
وضبط طرق تنفيذ الميزانية بهدف الحيلولة دون صرفها بدون سند أو في غ ير األه داف
المخصصة لها وتجسيدا أيضا لمبدأ فص ل جه ة األم ر بالص رف عن جه ة األداء ،وبالت الي
فإن غاية المشرع هاته ال يعطلها انصياع المحاسب لزوما لمنطوق أوامر أو أحكام قض ائية
قابلة للتنفيذ ،تقضي بحجز أو بتحويل مبالغ مالية هي عبارة عن دي ون في ذم ة الجه ة اآلم رة
بالص رف ،ومس تحقة األداء في مواجهته ا بمقتض ى س ندات تنفيذي ة قانوني ة متمثل ة في
قرارات قضائية نهائية تعتبر ملزمة للجميع بصريح الفصل 126من الدستور .
وحيث يتعين الحكم بالنفاذ المعجل لوجود س ند تنفي ذي عمال ب الفقرة األولى من الفص ل 147من
قانون المسطرة المدنية .
و حيث إن السند التنفيذي أساس الحجز الحالي مشوب باستشكال يتمثل في كون التعويض
المحكوم به بمقتضى هذا الحكم إنما يشكل بالضبط قيمة العق ار موض وع االعت داء الم ادي ،
وأنه بذلك يتعين على طالب الحجز اإلدالء بتن ازل عن ه ذا العق ار لفائ دة الجه ة المحج وز
عليها خاليا من أي تحمالت كمقابل لحصوله على ثمن الرقبة المذكور ،سيما في ظ ل خل و
السند التنفيذي المذكور مـن أي تنصيص على نق ل ملكيـــة العق ار موض وع التعويـض لفائ دة
اإلدارة ،والكل تماشيــا مع ما استقـــر عليه االتجاه الحديــث لمحكمة النقـض في عدي د من
قراراتــــــــــه المتواتــــــــرة التي انتبهـــــــــت إلى ضــــرورة صيانـــة المال العـام في مث ل
ه ذه الحــــــاالت ومنه ا على س بيل المث ال ال الحص ر الق رار ع دد 568/2بت اريخ 29م اي
2014في الملف اإلداري عدد 1998/4/2/2013الذي أك د على أن تع ويض الفاق د لملكي ة
عقاره المعتدى عليه ماديا من طرف اإلدارة ،دون نقل ملكيته لهذه األخيرة ،ينط وي على
إثراء بال سبب يتمثل في إثراء المالك عندما يقض ى ل ه ب التعويض م ع احتفاظ ه بملكي ة نفس
العقار موضوع الحكم بالتعويض ،وافتقار اإلدارة لما حرمت من تملك نفس العقار ال ذي أدت
ثمنه ،مما يشكل افتقارا مباشرا يقابله إث راء مباش ر وتق وم بينهم ا عالق ة س ببية مباش رة
تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لك ل منهم ا ،وهي دف ع تع ويض عن قيم ة عق ار لم
تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه .
و حيث تجدر اإلشارة إلى أنه ولئن كان الفصل 437من قانون المسطرة المدنية ينص على أنه
" :ال يكون الحكم الذي يقضي برفع يد أو رد أو وفاء أو أي عمل آخر يجب إنجازه من قبل الغير
أو على حسابه ،قابال للتنفيذ من قبل الغير أو بينهم ولو بع د أج ل التع رض أو االس تئناف إال بع د
تقديم شهادة من كتابة ضبط المحكمة التي أصدرته ،تحتوي على تاريخ تبليغ ه للط رف المحك وم
عليه ،وتشهد بأنه لم يقع أي تعرض أو استئناف ضده" ،إال أنه من الواض ح أن ه ذا المقتض ى
القانوني إنما يخص فقط الحالة ال تي يك ون فيه ا التنفي ذ متوقف ا على ت دخل غ ير ليس طرف ا في
الدعوى و غير مالك لحق الطعن في الحكم الصادر بشأنها باعتباره ليس محكوم ا علي ه ،و غاي ة
المشرع من ذلك هي إفساح المجال لهذا الغير ليتأكد من قابلية الحكم للتنفي ذ بين أطراف ه قب ل أن
يبادر بدوره إلى التنفيذ ،لذا ف إن ه ذه الغاي ة ال يعطله ا أن يك ون الحكم موض وع التنفي ذ مقرون ا
بالنفاذ المعجل ألن هذا النوع من األحكام يكون قابال للتنفيذ رغم كل طرق الطعن و بالت الي تنتفي
في هذه الحالة جدوى إلزام طالب التنفيذ باإلدالء بشهادة بعدم التعرض و االستئناف ،و من جه ة
أخرى فالغير المحجوز لديه في مسطرة الحجز لدى الغ ير يتح ول بمج رد ص دور حكم المص ادقة
إلى طرف محكوم عليه باألصالة و بالتالي إلى مدين أصلي فاقد لصفة الغير طالما أن ه يمل ك ح ق
الطعن بالتعرض أو باالستئناف في حكم المصادقة و المطالبة بإيقاف تنفيذه المعجل أمام المحكمة
التي تنظر في طعنه ،وهذا ما يستش ف من ق رار الغرف ة اإلداري ة بمحكم ة النقــــــــض ع دد 53
بتاريــــخ 17ين اير 2013في المل ف اإلداري ع دد 115/4/1/2010ال ذي جـــاء في ه أن
"صــــــــدور حكم بصحة الحجز لدى الغير يصير معه الخازن الرئيس ي م دينا أص ليا ال محج وزا
لديه غيرا في النزاع" و بذلك تكون أحكام المصادقة على الحجز وفق هذا المفهوم غير مخاطب ة
بمقتضيات الفصل 437الذي يعني األغيار .
وتطبيقا للمادتين 7و 19من القانون رقم 41-90المحدث ة بموجب ه المح اكم اإلداري ة والفص لين
147و 494من قانون المسطرة المدنية.
- 39أمر استعجالي صادر عن قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية بالرباط رقم 3439بتاريخ 28/05/2019ملف رقم
3265/7103/2019غير منشور
قانون المحاسبة العمومية ،ومعلوم أن جميع األموال تعت بر قابل ة للحج ز إال م ا اس تثني
بنص القانون ،واالستثناء يحظر التوسع في تفسيره.........
وحيث يتعين الحكم بالنفاذ المعجل لوجود س ند تنفي ذي عمال ب الفقرة األولى من الفص ل 147من
قانون المسطرة المدنية .
و حيث إن السند التنفيذي أساس الحجز الح الي مش وب بإش كال يتمث ل في ك ون التع ويض
المحكوم به بمقتضى هذا الحكم إنما يشكل بالضبط قيمة العق ار موض وع االعت داء الم ادي ،
وأنه بذلك يتعين على طالب الحجز اإلدالء بتن ازل عن ه ذا العق ار لفائ دة الجه ة المحج وز
عليها خاليا من أي تحمالت كمقابل لحصوله على ثمن الرقبة المذكور ،سيما في ظ ل خل و
السند التنفيذي المذكور مـن أي تنصيص على نق ل ملكيـــة العق ار موض وع التعويـض لفائ دة
اإلدارة ،والكل تماشيــا مع ما استقـــر عليه االتجاه الحديــث لمحكمة النقـض في عدي د من
قراراتــــــــــه المتواتــــــــرة التي انتبهـــــــــت إلى ضــــرورة صيانـــة المال العـام في مث ل
ه ذه الحــــــاالت ومنه ا على س بيل المث ال ال الحص ر الق رار ع دد 568/2بت اريخ 29م اي
2014في الملف اإلداري عدد 1998/4/2/2013الذي أك د على أن تع ويض الفاق د لملكي ة
عقاره المعتدى عليه ماديا من طرف اإلدارة ،دون نقل ملكيته لهذه األخيرة ،ينط وي على
إثراء بال سبب يتمثل في إثراء المالك عندما يقض ى ل ه ب التعويض م ع احتفاظ ه بملكي ة نفس
العقار موضوع الحكم بالتعويض ،وافتقار اإلدارة لما حرمت من تملك نفس العقار ال ذي أدت
ثمنه ،مما يشكل افتقارا مباشرا يقابله إث راء مباش ر وتق وم بينهم ا عالق ة س ببية مباش رة
تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لك ل منهم ا ،وهي دف ع تع ويض عن قيم ة عق ار لم
تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه .......
الفقرة الثانية :حدود سلطات القاضي اإلداري االستعجالي في دعاوى االعتداء المادي
لكي ينعق د االختص اص للقض اء اإلداري االس تعجالي الب د من ت وافر الش روط العام ة للقض اء
االستعجالي كما تم التنصيص عليها في قانون المسطرة المدنية ،والتي تم إيراده ا بالتفص يل في
القسم األول من هذا البحث بالتدقيق والتفصيل .ولعل من أبرزها توفر عنصر االستعجال وشرط
عدم المس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر.
وم تى انتفى ه ذان الش رطان يص رح القاض ي االس تعجالي ب رفض الطلب كم ا س بق للقاض ي
المستعجالت اإلداري أن صرح به في قضية عبد السالم العشيري.40
ويبقى من أهم القيود التي ترد على اختصاص قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري وه و يبت في
االعتداء المادي الذي تتسبب فيه الهيئات العامة وال سيما الجماعات الترابي ة ،خاص ة في مج ال
حماية الملكية العقاري ة ،اس تظهار اإلدارة بمجموع ة الوث ائق والس ندات يص عب على القاض ي
اس تبعادها دون المس بأص ل الح ق ،إض افة إلى اص طدامه بع دم إمكاني ة ه دم البناي ة المقام ة
وتالشي عنصر االستعجال مع مر الزمان .41
في حين يتم تضييق مجال تدخل القاضي االستعجالي اإلداري ،كلما تعلق األم ر بمج ال اش تغال
رؤس اء الجماع ات الترابي ة و ن وابهم ،خاص ة في المج االت ال تي تمس بالحري ات األساس ية و
- 40عبد السالم العشيري ضد الدولة المغربية أمر رقم 83/95صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ،20/12/95م م إم ت
عدد 9لسنة 1996ص .95حيث أكد القاضي اإلستعجالي أن األشغال الجارية على أرض المدعين و إن كان شيد فيها مرفق عمومي
،مدرسة عمومية لكن شرع في البناء ،دون سلوك مساطر نزع الملكية و إنما بمجرد قرار اإلحتالل المؤقت ،و إرتأى القاضي أن التمادي
في أشغال البناء من شأنه إلحاق أضرار بمالكي األرض و تبين له قيام عنصر اإلستعجال و أن اإلجراء المطلوب له مساس له بأصل الحق
- 41حميد ولد البالد:القضاء المستعجل اإلداري:مرجع سابق ص 416
الحقوق التي كفلها الدستور من قبيل :حرية التنقل و التجول ،عقد االجتماعات و حري ة المنافس ة
و التج ارة بم ا تقتض يه من عملي ات ال بيع و الش راء و الحص ول على ت راخيص ...فالس لطة
التنظيمي ة ال تي يتمت ع به ا رؤس اء الجماع ات الترابي ة ،تخ ول لهم في بعض األحي ان اص دار
قرارات ،قد تصطدم مع مجموعة الحريات المكفولة للمواطنين ،و القاضي اإلداري االس تعجالي
بمناسبة بته في الطلبات االستعجالية الخاصة باالعت داء الم ادي ال ذي يمس أح د ه ذه الحق وق و
الحري ات ،يج د قي ودا من قب ل الظ روف االس تثنائية و الحف اظ على النظ ام الع ام و الص حة و
العام ،و بالتالي فإنه كلما كان تعارض بين المصلحتين غالبا ما يتم ترجيح المصلحة العام ة على
الخاصة .وهو ما سنعرض له من خالل الدراسة في مجال حماية الملكية العقاري ة الخاص ة وفي
مجال الحريات األساسية
- 42قرار عدد 264صادر عن محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 19/11/2012في الملف عدد 119/12/2أورده حميد ولد البالد
المرجع السابق ص : 417-416بين مالك العقار و ممثل السلطة المحلية و بلدية مرتيل ،حيث أكد قاضي اإلستئناف اإلداري أنه من خالل
تفحص الوثائق الموضوعة لديه لم يتبين له وجود حالة اعتداء مادي ،و أن التعمق في اإلستنتاج و تقدير مدى شرعية تدخل اللجنة و
ممثل السلطة المحلية من شأن المساس بجوهر الحق و يخرج عن دائرة اختصاص قاضي األمور المستعجلة.
المتقدمة لألشغال المنجزة و يبقى من ح ق ه ذه األخ يرة رف ع دع وى في الموض وع للمطالب ة
بالتعويض في إطار المسؤولية اإلدارية "
وعليه يبقى أمر هدم المنشأة العمومية القائمة أو التي ع رفت أش غال بنائه ا أط وارا مهم ا ،غ ير
ممكن العتبارات تهم الصالح العام والحفاظ على المال العام وعدم إضاعته ،حتى وإن تم بناؤه ا
مخالقة للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل في مسطرة نزع الملكي ة الخاص ة من أج ل المنفع ة
العامة.43
وإن كان لنا من تعليق على هذا الحكم أعاله ،فال محالة س يكون باالتف اق م ع مب دأ ع دم إمكاني ة
إيقاف األشغال متى قطعت أشواط كبيرة ،نظرا للمصلحة العامة التي سيؤديها المرف ق ال ذي في
ط ور البن اء وحجم المب الغ المالي ة ال تي تم ص رفها على بنائ ه ،أم ا بالنس بة العتب ار عنص ر
االستعجال كأساس قانوني من أجل المنع ،فإنه بالنسبة لبعض الب احثين 44حال ة واقعي ة مس تمرة
باستمرار االعتداء وال يعد هو السبب الذي يرتكز عليه القاض ي من أج ل إص دار أم ره بإيق اف
األشغال من عدمها.
أيضا في حالة ت برير اإلدارة لمجموع ة األنش طة والتص رفات ال تي ق امت بنص وص تش ريعية
وتنظيمي ة معين ة ف إن القاض ي اإلداري االس تعجالي ال يمكن ه الق ول إن اإلدارة تك ون مرتكب ة
العتداء مادي وإال سيضطر لتفسير النص الق انوني وتق دير م دى ش رعية تص رف اإلدارة مم ا
يحظر عليه تطبيقا لشرط عدم المساس بالجوهر .
وقد جاء في هذا الص دد أم ر اس تعجالي عن قاض ي المس تعجالت بالرب اط ،وإن ك ان في ن زاع
إداري بين صاحب الملك العقاري وممثل السلطة المحلية ،لكن نورده ها هنا من أجل االس تدالل
على القاعدة الواردة أعاله والتي تحد من مجال تدخل القاض ي اإلداري االس تعجالي ،حيث ج اء
فيه: 45
" حيث يهدف الطلب إلى الحكم برفع حالة االعتداء المادي الذي مارسه السيد قائد الدائرة الثالث ة
لمرتجل على العقار موضوع الرخصة عدد 11/625مع إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وذل ك
باستمرار أشغال البناء المعينة به ذه الرخص ة وإع ادة المع دات المحج وزة تحت طائل ة غرام ة
تهديدية قدرها 10000درهم عن كل يوم تأخير.
- 43انظر الحكم اإلستعجالي عدد صادر عن المحكمة اإلدارية بمراكش بتاريخ 12/06/2012ي الملف رقم 852/12/2011أورده
رضوان قافو::مرجع سابق ص 95
- 44حميد ولد البالد:القضاء المستعجل اإلداري :مرجع سابق ص 422
- 45أمر رقم 342صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 21/03/2012في الملف رقم ، 189/1/2012غير منشور
لكن حيث من جهة ،فإن البت في شق الطلب المتعلق برفع حال ة االعت داء الم ادي ،يقتض ي أن
تكون هذه الحالة واضحة المعالم من خالل إقدام اإلدارة المعني ة على فع ل منقط ع الص لة ب أي
نص قانوني و ينطوي على اعتداء جسيم على حرية شخصية أو ح ق ملكي ة ،بينم ا المستش ف
من ظاهر األوراق أن القائد المنسوب إليه هذا االعتداء و إن كان رجل إدارة باعتباره من رجال
السلطة تبعا للمادة 1من الظهير الشريف رقم 1.67.08الصادر في 31يوليوز 2008في شأن
هيئة رجال السلطة ،فإنه م ع ذل ك ل ه ص فة ض ابط ش رطة قض ائية يق وم بموجبه ا ب التثبت من
مخالفات أحك ام ق انون التعم ير و حج ز األدوات المثبت ة له ا ...مم ا يجع ل األم ر غ ير مرتب ط
باختصاصات إدارية إلمكان إسباغ صفة االعتداء المادي عليها و ترتيب آثاره القانونية بشأنها.
ومن جهة أخرى ،فإن المطالبة الهادفة إلى السماح باالستمرار في أشغال البناء التي هي مح ل
إيق اف نتيج ة لت دخل الض ابطة القض ائية الم دعى عليه ا ،ينط وي على توجي ه أم ر إلى ه ذه
األخيرة رغم أنه ا ليس ت س لطة إداري ة .مم ا ي ترتب عن ه رف ع النظ ر للبت في الطلب بش قيه
بالتفصيل الوارد الحقا في منطوق هذا األمر"
فباستقراء األم ر االس تعجالي اإلداري أعاله ،نالح ظ كي ف قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري
ومن خالل استحضار االختصاصات التي يتمتع به ا رج ال الس لطة خاص ة في مج ال الش رطة
اإلدارية و ضبط مخالفات التعمير ،كيف التدخل الذي قام به ممثل السلطة المحلية على أنه مبني
على أساس و ال يشكل اعت داء م ادي و بالت الي ،ال يمكن األم ر برفع ه و ال توجي ه أم ر لممث ل
السلطة المحلية من أجل القيام بشيء أو االمتناع عن شيء مادام التصرف يسمح به القانون و له
أساس ،لكن يبقى للمتضرر اللجوء للقاضي الموضوع من أجل الفصل في المنازع ة و المطالب ة
بالتعويض.
وبتعميق المناقشة في عدم امكانية المحاكم النظر في الطلبات التي من شأنها عرقلة عم ل الدول ة
والجماعات الترابية اعتم ادا على الفص ل 25من ق انون المس طرة المدني ة،46وبن اءا على ذل ك
عرقلة المرافق العمومية ال تي هي في ط ور اإلنج از .إال أن أن المش رع فس ح المج ال لتط بيق
مقتضيات مخالفة في حالة وجود نصوص قانونية مغايرة ،وعليه فالمادة 19من القانون 41-90
المحدث للمحاكم اإلدارية تنص على اختصاص رئيس المحكمة اإلدارية أو من ينيبه عنه بصفته
قاضيا للمستعجالت للبت في الطلبات الوقتية والتحفظية.
- 46جاء في الفصل 25من قانون المسطرة المدنية :يمنع على المحاكم أعدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة ،أن تنظر ولو بصفة
تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل اإلدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية األخرى أو تلغي قراراتها
وتأسيس ا على ذل ك ،فاالجته اد القض ائي ذهب إلى أن ت دخل القاض ي اإلداري االس تعجالي في
ايقاف األشغال التي تقوم بها اإلدارات العامة التابعة للدولة أو الجماعات الترابية لوج ود اعت داء
مادي ،ال يشكل فعل العرقلة التي تحدث عنه الفصل 25من ق م م .
فقد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى: 47
"حيث تعيب الطاعن ة الق رار المطع ون في ه في ه بخ رق مقتض يات الفص لين 3و 25من ق انون
المسطرة المدنية والفصل 4من ظهير 1919/4/27أذلك أنه من جهة ال يجوز للمح اكم أن تحكم
ولو بصفة تبعية بم ا من ش أنه عرقل ة عم ل اإلدارات العمومي ة ومن جه ة أخ رى ف إن األرض
موضوع النزاع أرض جماعية ال يجوز تملكها بالحيازة وال تفوت وال تحجز والمحكم ة ملزم ة
بتطبيق القانون ولو لم يطلب ذلك األطراف والمدعي ال صفة له في رفع الدعوى.
لكن حيث إن محكمة االستئناف ،لما تبين لها أن المطلوب في الطعن قد أقام دعوى أم ام محكم ة
الموضوع بشأن ما تعرضت له األرض التي هو حائز لها من اعتداء م ادي بت اريخ 2010/2/3
وأن ه اعتم د في ذل ك على عق د ش راء والحظت ب أن طلب إيق اف األش غال إلى حين البت في
الموضوع ذو طبيعة استعجالية ومبني على أسباب جدية أيدت األمر المستأنف مما يكون معه ما
أثير في الوسيلة من خرق للقانون ال أساس له "
وعليه فإن تدخل قاضي المستعجالت اإلداري في إيقاف أعم ال االعت داء الم ادي ال تي تزاوله ا
الجماعات الترابية السيما في مجال الملكية العقارية ،والمتمثلة في تشييد بناي ات ومراف ق عام ة
فوق أراضي الغير ،دون سلوك مسطرة ن زع الملكي ة وطلب اإلذن بحي ازة العق ار ،يبقى متاح ا
كلما كان العمل ال صلة له بأي نص تشريعي أو تنظيمي وفيه تعدي على ملك الغ ير ،وال يش كل
عرقلة ألعمال الجماعات الترابية ،التي يفترض فيها احترام القانون وااللتزام بتعاليمه.
فقط باستثناء القواعد التي تم التفصيل فيها في الفقرات السابقة ،إعماال لقواعد ع دم إمكاني ة ه دم
منشأة عامة قائمة وعدم هدر المال العام وعدم عرقلة المرفق العمومي .
- 48حميد أربيعي و خديجة امعيوة:اإلعتداء المادي و حدود اختصاص قاضي المستعجالت ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية
،السلسلة العادية العدد 74ماي يونيو 2007ص 203أورده ،حميد ولد البالد:المرجع السابق ص 401
49
- V.Champeil-Desplats, Les droits et libertés fondamentaux en France: genèse d’une
qualification, revistaopininiãojurídica, n 10, 2008, p.235
50
- Gustave peiser ,contentieux administratif,( Dalloz,Paris, 2009),p.170.
(3) Roland vandermeeren, la réforme des procedures devant le juge administratif,
AJDA,2000, p.713
51
- Coudert Céline, Réflexions sur le concept de fondamentalité en droit public français,
Thèse de Doctorat, Faculté de droit et de science politique de Clermont-Ferrand,
Université D Auvergne, 2011, p.5
52
- -René Chapus ;Droit du contentieux administratif ,op cité page 1251 *méritant la dénomination de
’’‘’référé sauvegarde
53
- Jean waline , Droit administratif , edition Dalloz , 2008 ,p 631
ومنذ حصول المغرب على اس تقالله ك انت أولى اهتمام ات المل ك الراح ل محم د الخ امس هي
وضع أسس الدولة العصرية بمؤسساتها في أفق تحقيق الديمقراطية االجتماعية واالقتصادية. 54
وفي إطار الض مانات القانوني ة المتاح ة للمواط نين وب اقي الهيئ ات الخاص ة ال تي تتض رر من
تصرفات وأنشطة وقرارات القيمين على الجماعات الترابية يحق لكل متضرر اللج وء لمؤسس ة
القاضي اإلداري االستعجالي من أجل بسط طلبات ه التحفظي ة والوقتي ة ،ح تى يتمكن من الحف اظ
على مركزه القانوني سليما من كل مس أو تغيير.
ويعتمد القاضي اإلداري على المبادئ العامة التي تتطابق مع إرادة المشرع ،ويضفي عليها قيمة
نص قانوني وضعي عن طريق تأويل ه ذه اإلدارة ،أم ا حينم ا يتع ذر على القاض ي إيج اد نص
قانوني يطبق على النزاع المعروض عليه فإن ه يس تند على ه ذه المب ادئ ال تي يتخ ذها المش رع
بمثابة مرشد له.55
وبالتالي الب د من إعم ال قواع د مس اواة المواط نين أم ام المرف ق العم ومي ال ترابي (أي الت ابع
لجماعة ترابي ة معين ة)وأيض ا ك ذلك المس اواة في التعام ل م ع جمي ع الم وظفين والمس تخدمين
التابعين للجماعات الترابي ة وع دم التمي يز بينهم على أس اس االنتم اء النق ابي أو السياس ي 56أو
المعتقد ...مما يشكل فعل تعد يرجع للقضاء اإلداري أمر رفعه.
و مما يحد تدخل قاضي األمور المستعجلة للبت في الطلبات االستعجالية التي ترفع أمامه ،نج د
نظرية الظروف الطارئة و االستثنائية ،حيث قد تتعذر اإلدارة بكون الفع ل ال ذي تم اتخ اذه ج اء
في إطار تطبيق قواعد السالمة ،نظرا لوجود حاالت طارئة كالفيضانات و الكوارث الطبيع ة أو
الحرائق ،إذ يبقى هاجس تحقيق الصحة العامة و سالمة المواطنين ه و األهم بالنس بة لإلدارة و
لكل متضرر اللجوء للقض اء اإلداري للمطالب ة ب التعويض ال ذي تعم ل اإلدارة على تقديم ه ،و
تجدر اإلشارة أنه في مجال حماية الحريات االساسية وحسب المادة 920ف إن القاض ي علي ه أن
يفصل في مدة 48ساعة من تاريخ تس جيل الطلب .وأيض ا اس تئناف األوام ر الص ادرة في ه ذا
المجال يكون خالل 15يوما والفصل فيها يكون في أجل 48ساعة من قبل مجلس الدولة .وكم ا
نصت المادة 938ق إ م إ على الفصل في االستئناف في أجل شهر واحد.57
54
- Michel Rousset :L’Administration Marocaine son droit et son juge ;contribution a la doctrine
Marocaine de droit public 1965-1995 ;op cité page 393
- 55موالي ادريس الحالبي الكتاني:القضاء اإلستعجالي بين العمل القانوني و التطبيق القضائي :مرجع سابق ص 361
و لإلستزادة المرجو مراجعة :موالي ادريس الحالبي الكتاني:مدى مساهمة السلطة القضائية في خلق القاعدة القانونية،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون العام /جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية بالرباط أكدال المبحث الثاني
حول دور السلطة القضائية في حماية و إتمام و تكييف القواعد القانونية ص 158-131
- 56راجع الفصل 14من قانون الوظيفة العامة
57
– - Gilles Darcy , Michel Paillet , contentieux administratifs , Edition Dalloz - armand colin
Paris , 2000 , P268
فبالنسبة لفرنسا وقراءة في دستورها ،نجدها هي األخ رى ق د وقعت في نق اش حق وقي كب ير إب ان
جائحة كورنا وذلك بعد إعالنها لحالة الطوارئ ألسباب صحية ،فالمادة 16نجدها تتح دث عن
شرطين ،األول هو تعرض مؤسسات الجمهورية أو استقالل الدولة أو وحدة أراضيها أو تنفيذها
اللتزاماتها الدولية لخطر داهم وجسيم ،أو توقف السلطة الدستورية العامة عن حسن سير عمله ا
المنتظم ،الشيء الذي لم تساهم في حدوثه األزمة الصحية .وكذلك المادة 36منه المتعلقة بفرض
الحصار في حالة الحرب ،فهي أيضا ال تصلح كأساس قانوني لتبرير حال ة الط وارئ الص حية.
وحتى المتعلق بحالة الطوارئ لسنة 1955أثار إشكاال حول مدى تناسبه مع مثل هذه األزم ات
الص حية ،خاص ة وأن ه مرتب ط بأعم ال الش غب ،االض طرابات الداخلي ة ،الك وارث الطبيعي ة
واألعمال اإلرهابية.58
وبناءا على ما سبق ذكره ،يحق للقاضي النطق بأي تدبير للحفاظ على الحرية الأساسية ،
كما يحق للقاضي بما له من سلطة من تقدير االستعجال توجيه اوامر لإلدارة ،ويتض ح ذل ك من
عبارة " كل التدابير الضرورية " الواردة في المادة 920ق إ م إ وال تي ت دل على أن ه ال يوج د
59
تحديد دقيق لصالحياته.
كم ا أن نظري ة الص الح الع ام تبقى من القي ود ال تي تح د من مج ال ت دخل القاض ي اإلداري
االس تعجالي للبت في أعم ال التع دي ال تي تمس حق وق وحري ات المتض ررين من تص رفات
وأنشطة الجماعات الترابية .ألن القاضي ال يتمكن من تحدي د م دى ش رعية العم ل أو التص رف
من خالل فحص ظاهر الوث ائق والمس تندات المعروض ة علي ه ،ب ل الب د من فحص ب اطن تل ك
الوثائق مما يحظر عليه ويتعارض مع شرط عدم المس بجوهر الحق .
ففي أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش ،تم التص دي لفع ل اعت داء على
حق وق أعض اء المجلس الجم اعي للجماع ة الترابي ة المزوض ية ،وذل ك بإق دام رئيس المجلس
المذكور بمنعهم من حضور أشغال دورات المجلس ،حيث جاء في القرار: 60
"لكن حيث إن المحضر المنجز بتاريخ 06/02/2020قد أثبت معاينة المف وض القض ائي ال ذي
أنج زه لواقع ة من ع الم دعين بص فتهم مستش ارين من قب ل رئيس جماع ة لمزوض ية حض ور
الدورة العادية للمجلس الجماعي.
58
- Antonin Gelblat and Laurie Marguet, État d’urgence sanitaire : la doctrine dans tous
Ses états ? La Revue des droits de l’homme Revue du Centre de recherches et d’études
sur les droits fondamentaux, mars 2020, p.3.
59
- Marie Christine Rouault, Droit administratif , édition , Gualino paris , 2007 p 48
- 60أمر رقم 203صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بمراكش بتاريخ 05/08/2020ملف رقم ، 79/7101/2020غير منشور
و حيث إن الث ابت من خالل ظ اهر وث ائق المل ف أن الم دعين هم أعض اء م زاولين لمه امهم
بالمجلس الجماعي لجماعة لمزوضية ،و أن منعهم من قبل المدعى عليه حضور اجتماع انعق اد
دورة المجلس الجم اعي لجماع ة لمزوض ية على ال رغم من وج ودهم في وض عية مزاول ة
مهامهم ،ال س ند لم من الق انون ،األمر ال ذي يجع ل حال ة االس تعجال قائم ة و عنص ر الجدي ة
متوفرا بشكل ظاهر و جلي في نازلة الحال ،مما ينهض مبررا كافيا لتدخل قاضي المس تعجالت
التخاذ حل مؤقت و دون المساس بالموضوع من أجل حماية حقوق المدعين باعتبارها األجدر
بالحماي ة ،و ذل ك ب اإلذن لهم بالحض ور إلى الجماع ة الترابي ة لمزوض ية لممارس ة أعم الهم
كمستشارين بالجماعة المذكورة".
فالقاضي اإلداري االس تعجالي من خالل الق رار أعاله ،ع اين واقع ة اعت داء على أح د الحق وق
األساس ية ال تي يتمت ع به ا المستش ارين الجم اعيين ال س يما الت داول في ج دول أعم ال دورات
المجلس ومناقشة الرئيس فيما تم تنفيذه ،والطلبات الملح ة للمواط نين .لكن من ع ال رئيس دخ ول
المستشارين لحضور أشغال انعقاد الدورة وتوثيقه بمحضر معاينة من ط رف مف وض قض ائي،
كان سببا كافيا للتدخل السريع لقاضي المستعجالت ،خاصة وأن فعل التعدي هذا ال صلة له ب أي
سند قانوني .
وأكد قاضي المستعجالت في حيثي ات الحكم أن مم ا يوق ف مج ال تدخل ه كم ا أس لفنا في الفق رة
األولى هو ع دم المس بم ا يمكن أن يقض ى ب ه في الج وهر كش رط أساس ي النعق اد اختص اص
قاضي المستعجالت اإلداري.
وهو نفس التوجه الذي سار عليه الفق ه الفرنس ي، 61بتأكي ده على أن قاض ي األم ور المس تعجلة
اإلداري يسعه التدخل على وج ه الس رعة ،كلم ا يت بين ل ه من خالل الطلب أن اإلدارة تعس فت في
استعمالها للسلطة وخرقت القانون ،وألحقت أو ستلحق أضرارا جسيمة على األغيار يصعب تدارك
نتائجها مع الوقت.
61
- -René Chapus ;Droit du contentieux administratif :op cité page 1293
تطرقنا إلى دراسة الطلبات المستعجلة التي ترتبط بحماية الملكية العقارية من االعتداء المادي ثم
الصفقات العمومية والعقود اإلدارية المرتبطة بها.
إن المقصود بالمنازعة في مسطرة فرض الضريبة ومراجعتها ،هو المنازعة في جميع الجوانب
المسطرية المتعلقة بفرضها ،وهكذا فإن المطل وب من قاض ي المس تعجالت اإلداري ه و إيق اف
الضريبة مؤقت ا إلى غاي ة بت قاض ي الموض وع .حيث إن االجته اد القض ائي اس تطاع تك ريس
مجموعة من القواعد الخاصة بتحديد مفهوم المنازعة الجدية بالنسبة للقضاء المستعجل الضريبي
من خالل التركيز على المنازعة في صفة الملزم أو في قانونية فرض الضريبة .
وإذا اتضح للقاضي اإلداري االستعجالي من ظاهر الوثائق ،أن المنازع ة م ازالت أم ام أنظ ار
اللجنة اإٌل قليمية للطعن اإلداري أم التسوية الحبية مع اإلدارة ،فإنه يأمر بإيقاف إج راءات التنفي ذ
إلى غاية انتهاء مسطرة الطعن اإلداري .
وبخص وص المل زم إذا ك ان يبحث عن تأجي ل التنفي ذ ،علي ه أن يق وم بتك وين الض مانات ال تي
يفحصها القاضي االستعجالي قبل إصدار أمره ،كأن يضع بين يدي الق ابض المكل ف بالتحص يل
الكفال ة البنكي ة أو أن يس جل ل دى المحاف ظ على األمالك العقاري ة ال رهن على العق ار و هك ذا
فمسطرة وقف تنفيذ القرار الضريبي في نطاق المادة 24من القانون المح دث للمح اكم اإلداري ة
يكتسي طابعا اس تثنائيا ق د ي ترجم بالتش دد في الش روط الموض وعية للموافق ة عليه ا ،ف إذا تمت
الموافقة على هذا اإليقاف ،ستتم عرقلة استخالص الضريبة الخاصة بالجماعات الترابية .أما في
حالة رفض طلب اإليقاف من قبل قاضي األمور المستعجلة اإلداري ،فإنه س يتم إلح اق أض رار
بمالية الملزم و أحيانا اإلجهاز على حساباته أو عقاراته .
وبالمقابل يقوم قاضي المس تعجالت اإلداري ب دور ه ام في حماي ة المل زم الض ريبي ،من بطش
اإلدارة التي تعمل على تحصيل الضرائب المفروضة ،ففي حالة وجود نزاع في استخالص هذه
الديون العمومية الناتجة عن االستفادة من خدمات الجماعات الترابية ،يقوم المحاسب العمومي و
األعوان المكلفة بالتنفيذ بعدة إجراءات من أج ل تحص يل م ا بذم ة المل زم من دي ون اتج اه ه ذه
الوحدات الترابية .حيث اعتبر االجتهاد القضائي المغربي منازعات إيقاف التحصيل ،منازع ات
استعجالية ال تتطلب سوى شرطي الجدية وتوفر االستعجال.
هكذا وخلصنا إلى أن االجتهاد القضائي استقر على التعامل مع ش رط الض مانة على أس اس أن ه
غير إلزامي في مطلب إيقاف إجراءات تحصيل الديون العمو مية أمام القضاء ،غ ير أن ه يعل ق
ذلك على تحقق جدية المنازعة؛ فيتم اإلعفاء من تكوين الضمانات في حاالت محددة تتحقق فيه ا
المنازعة الجدية في صفة الملزم أو في مسطرة الفرض والتصحيح أو في التقادم،
كما استنتجنا على أن القضاء االستعجالي تمكن من ابتكار فكرة مهمة تتمثل في وضوح المراكز
القانونية لألط راف من أج ل البت في طلب رف ع إش عار الغ ير الح ائز ،فالقاض ي االس تعجالي
اإلداري يتفاعل إيجابا مع الطلب المقدم إلي ه وي أمر برف ع ه ذا الحج ز كلم ا اتض ح ل ه المرك ز
القانوني لألطراف.
ومن ناحي ة أخ رى ،فبالنس بة للش ركات والمق اوالت ،فهي تفض ل اللج وء إلى الط رق الحبي ة
للتسوية المنازعات ال تي تط رأ بينه ا وبين الهيئ ات العام ة ومنه ا الجماع ات الترابي ة .كم ا أن
الملتزم يظن أن اللجوء إلى القضاء لن ينصفه و أن ه مج رد خس ارة ،و تظ ل إدارات الجماع ات
الترابية في موقف قوة خاصة إذا م ا استحض رنا حجم االمتي ازات ال تي تت وفر عليه ا و ق درتها
على اللجوء للصفقات العمومية التفاوضية و اختيار المتنافس الذي يروقها .مما يفسر جنوح عدة
مق اوالت وش ركات للمس طرة الحبي ة والتف اوض في ح ل النزاع ات ،وال يتم اللج وء للقض اء
اإلداري إال بعد استيفاء تلك الحلول وعدم نجاحها في حل النزاع .
وحيث أن هناك غياب ألي نص تشريعي يح دد ت دخل قاض ي المس تعجالت اإلداري قب ل إب رام
عقود الصفقات العمومية ،فإن دور هذا األخير يظ ل منحص را في إيق اف أي ق رار إداري غ ير
مشروع يخالف قواعد إلعالن والحكامة والشفافية والنزاهة في اختيار المتنافسين
يمكن القول إن مرحلة ما قبل التعاقد تعرف عدة أنشطة وعمليات تق وم به ا اإلدارة الترابي ة ،من
أجل التحضير لعملية فرز المتنافس الذي سينال الصفقة ،وقد تعرف هذه المرحلة ع دة خروق ات
مم ا ي برهن بق وة على ض رورة اق تراح اختصاص ات جدي دة للقاض ي اإلداري االس تعجالي
بالمغرب خاصة في هذه الفترة ما قبل التعاقد .
وعموما بعد التعاقد ،يحق لطرفي العق د التوج ه للقاض ي اإلداري االس تعجالي ،من أج ل تأكي د
وقائع ووجود أشغال ومستوى التقدم فيها ،وضرورة إفراغ ال ورش ال ذي ال يمكن ب أي ح ال أن
يحتل المرفق العمومي الترابي كما أن ألح د أط راف العق د طلب إج راء خ برة من أج ل تحدي د
وضعية معينة وتحديد قيمتها والمب الغ ال تي يجب أن ترص د له ا ،وفيم ا يخص الض مانات ال تي
يودعها المقاول طلب إصدار أوامر بردها واإلفراج عنها.
ومادامت الصفقات العمومية ،عقود إدارية ،فمن خاللها يتم توف ير الخ دمات واألجه زة والم واد
التي يحتاجها المرفق العمومي الترابي ،للقيام باألنشطة المنوطة به ،فإن ك ل إن النزاع ات ال تي
تطرأ بعد تنفي ذ ج زء من الص فقة العمومي ة ،بين الجماع ات الترابي ة والمق اوالت أو الش ركات
الخاصة ،وبعد استيفاء الحلول الودية وعدم التوصل إلى حل ،يمكن طرحها أمام أنظ ار قاض ي
األمور المستعجلة اإلداري.
أيضا نشير هنا إلى أنه ،غالبا ما تتجه اإلدارة الترابية إلى فسخ العقد اإلداري ،الذي يربط بينها
و بين المقاولة .و بعد ذلك يتم الرجوع إلى ما تم االتفاق عليه في دفتر الش روط اإلداري ة العام ة
.و أغلب هذه النزاعات يتم الحسم فيها من قبل قاضي الموضوع ،ما عدا طلب إخالء ال ورش أو
اإلفراغ من الملك العمومي الذي غالبا ما تتقدم به إدارة الجماعات الترابية ،
وتحقيقا للحماية القضائية المؤقتة فقد قام القاضي االس تعجالي بالتص دي لبعض ص ور االعت داء
المادي لمساسها بحق الملكية الخاصة أو بإحدى الحري ات األساس ية ،وق د عرف ه بعض الفقه اء
على أنه ارتكاب اإلدارة أثناء قيامها بنشاط تنفيذي عديم المشروعية ،جسيم وظاهر من ش أنه أن
يتضمن اعتداء على حق الملكية أو حرية عامة .ويرى بعض الفقه أن اسناد االختصاص للقضاء
اإلداري في موض وع االعت داء الم ادي يج د أساس ه انطالق ا من ض رورة اض طالع المح اكم
اإلدارية بدورها في حماية حقوق األفراد وملكيتهم الخاصة في مواجهة اإلدارة
فإذا كان القاضي اإلداري الموضوعي هو المختص للبت في قضايا االعتداء المادي فإنه بالتبعية
يحق للقاضي االستعجالي األمر برفع االعتداء المادي ،ووضع حد لتطوره س واء بط رد اإلدارة
أو إيقاف األشغال التي تنجز على العقار في إطار غير مشروع.
وهكذا فإن قاضي األمور المستعجلة يعطي أسبقية للمصلحة العامة على المصلحة الخاص ة في
االستجابة لرفع االعتداء المادي ،العتبارات مستمدة من ضرورة الحفاظ على المال العام ،ولكي
ينعق د االختص اص للقض اء اإلداري االس تعجالي الب د من ت وافر الش روط العام ة للقض اء
االستعجالي كما تم التنصيص عليها في ق انون المس طرة المدني ة ،وم تى انتفى ه ذان الش رطان
يصرح القاضي االستعجالي برفض الطلب ،كما سبق للقاضي المس تعجالت اإلداري أن ص رح
به في عدة مناسبات.
ويبقى من أهم القيود التي ترد على اختصاص قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري وه و يبت في
االعتداء المادي الذي تتسبب فيه الهيئات العامة وال سيما الجماعات الترابي ة ،خاص ة في مج ال
حماية الملكية العقاري ة ،اس تظهار اإلدارة بمجموع ة الوث ائق والس ندات يص عب على القاض ي
اس تبعادها دون المس بأص ل الح ق ،إض افة إلى اص طدامه بع دم إمكاني ة ه دم البناي ة المقام ة
وتالشي عنصر االستعجال مع مر الزمان.
في حين يتم تضييق مجال تدخل القاضي االستعجالي اإلداري ،كلما تعلق األم ر بمج ال اش تغال
رؤس اء الجماع ات الترابي ة ون وابهم ،خاص ة في المج االت ال تي تمس بالحري ات األساس ية
والحقوق التي كفلها الدستور كما أن نظري ة الص الح الع ام تبقى من القي ود ال تي تح د من مج ال
ت دخل القاض ي اإلداري االس تعجالي للبت في أعم ال التع دي ال تي تمس حق وق وحري ات
المتضررين من تصرفات وأنشطة الجماعات الترابية .
و تأسيسا على ذلك فإن التطبيق القضائي في مجال الطلبات المس تعجلة الخاص ة برف ع االعت داء
المادي على الملكية العقارية ،يقوم القاضي االستعجالي فيها بالموازنة بين المصلحة العامة ال تي
تسعى الجماعات الترابية إلى تحقيقها من خالل تنفيذ مخططات و برامج التنمية و بين المص لحة
الخاصة لصاحب الملك العق اري ،فيبحث القاض ي من خالل ظ اهر األوراق و أحيان ا من خالل
إجراء خبرات تقنية و هندسية بغية تحديد مستوى تقدم األشغال و نسبتها ،و هو ما يش كل مج ال
تدخل القاضي و األمر برفع االعتداء و إرجاع العقار لص احبه أو ت رك المنش أة العام ة قائم ة و
األمر بالتعويض للمتضرر.
وإعم اال لمب دأ الموازن ة بين المص لحة العام ة والمص لحة الخاص ة ،ف إن قاض ي األم ور
المستعجلة ،إذا تبين له أن األشغال التي ستقوم بها الجماعة الترابي ة لم تباش ر بع د ،أو ب دأت في
مراحلها األولى ولم يتم إنفاق مبالغ مالية كبيرة فيه ا ،ف إن ه ذا األخ ير ي رجح االس تجابة لطلب
وقف األشغال ،ومعها التعدي الذي اقترفته الجماعة الترابية .وإرجاع العق ار لص احبه خالي ا من
أي آثار حتى يتم سلوك المساطر القانونية المعمول بها من أجل االستفادة من العقار.
نالح ظ أن المجلس األعلى أق ر ص بغة االس تعجال في دع اوى اإلف راغ ،و أك د على أن قي ام
الجماعات المحلية -الترابية في التسمية الجديدة الواردة في دستور المملكة لسنة -2011ب احتالل
ملك الغير و تشييد أي منشأة فوقه دون س ند ق انوني و ال ح ق ،يش كل اعت داءات مادي ا الب د من
التصدي له و إيقافه في أقرب وقت ممكن ،خاصة إذا كانت األعمال كم ا أس لفنا من قب ل لم تبل غ
مستوى متقدم ،ألن ه و إن ك ان يجب الحف اظ على المص لحة العام ة فمن ب اب أولى يجب أيض ا
العناية بالمصلحة الخاصة و ضمان حق وق و حري ات األف راد ال تي كفله ا لهم الدس تور ،و تبقى
هذه وجهة نظرنا المتواضعة نظرا لضرورة الحفاظ على حقوق األفراد و شعورهم بالطمأنينة و
االستقرار داخل الوطن و الحفاظ على السلم االجتماعي .
ويبقى من الوسائل التي يلجأ إليها القاضي اإلداري االستعجالي إلجبار الجماع ات الترابي ة على
رفع االعتداء المادي ال ذي تس ببت في ه وألح ق أض رار بملكي ة الغ ير أو أح د حقوق ه وحريات ه
األساسية ،نجد لجوء قاض ي األم ور المس تعجلة لألم ر ب إفراغ العق ار أو ايق اف األش غال تحت
طائلة غرامة تهديدية محددة عن كل يوم امتناع عن األمر ،مما يشكل ال محالة عبئ على مالي ة
الجماعة الترابية ويجبرها على االمتثال لألمر القضائي .
وفي مجال حماية الحقوق والحريات األساسية ،التي يكفلها الدس تور ،الب د من إعم ال قواع د
مساواة المواطنين أمام المرفق العمومي الترابي (أي التابع لجماعة ترابي ة معين ة)وأيض ا ك ذلك
المساواة في التعامل مع جميع الموظفين والمستخدمين التابعين للجماعات الترابية وعدم التمي يز
بينهم على أس اس االنتم اء النق ابي أو السياس ي أو المعتق د ...مم ا يش كل اعت داءات مادي ا على
الحقوق المكفولة لألفراد .
وقد ال حظن ا ت دخل قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري ،لفض مجموع ة من المنازع ات ال تي
تدخل في إط ار االعت داء الم ادي س واء تعل ق األم ر بمج ال التعم ير والعق ار والبن اء الخاص ة
بالجماعات الترابية ،أو منازعات االعتداء على الحريات األساسية وحقوق األغيار
وخلص نا إلى أن القض اء اإلداري االس تعجالي يس تجيب لك ل الطلب ات ال تي اس توفت الش روط
الشكلية والموضوعية النعقاد االختصاص ،وخاصة طلبات رفع االعتداء الم ادي ال ذي تتس بب
فيه الجماعات الترابية ،وذلك بعدم وجود سند قانوني يبرر تصرفها أو انحرافها عن تط بيق م ا
جاء في النص القانوني انحرافا جسيما لم يعد باإلمكان وصف تصرفها بالمشروع .
ويترتب على صدور الحكم االس تعجالي باالمتن اع أو االنقط اع عن مزاول ة المه ام ،ع دة نت ائج
أبرزه ا أن رئيس الجماع ة الترابي ة المعني ة يفق د عض ويته ك رئيس وكعض و بمجلس الجماع ة
الترابية طيلة الم دة االنتدابي ة للمجلس ،وك ذلك يتم ح ل المجلس ويس تدعى من جدي د النتخ اب
رئيس جديد .
بينما يتم تلقائيا كما نصت على ذلك القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،حل ول ممث ل الس لطة
الحكومية المكلفة بالداخلية محل الرئيس المقال وتنفيذ تل ك االلتزام ات والمه ام ال تي امتن ع ه ذا
األخير عن القيام بها وذلك يهم المستويات الثالثة للجماعات الترابية.
لكن ش ريطة أن يك ون امتن اع رئيس الجماع ة الترابي ة يخص نش اطا أو مهم ة موكول ه بنص
الق انون لل رئيس ،وأن يك ون التخل ف عن أدائه ا ل ه ت أثير س لبي ومض ار على الجماع ة
والمواطنين .
و كما ال يخفى ففي إطار المراقبة اإلدارية التي تمارسها السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية على
أعمال و أنشطة الجماع ات الترابي ة ،ونظ را الل تزام ال رئيس قانون ا بإرس ال ك ل المق ررات و
المخططات و البرامج من أجل التأشير عليها من قبل السلطة اإلدارية ،يتم ضمان السير الع ادي
لمصالح الجماعة و ضمنيا لمصالح المواطن الذي يستفيد من خ دمات الجماع ة الترابي ة ،وكلم ا
ظهر للوالي أو العامل غياب الرئيس عن التفاعل و التواصل ،يرسل استفسار للمني باألمر و إذا
تبين له وجود سبب من الحاالت الثمانية التي تم ذكره ا في الم ادة 21من الق انون ،112-14و
ال تي تقابله ا الم ادة 20من الق انون 113-14و الم ادة 22من الق انون ، 11-14أق ر حال ة
االنقطاع بناءا على معاينة منه.
أما إذا تبين للوالي أو العامل أن الرئيس يمتنع أو ينقطع عن ممارسة المه ام المنوط ة ب ه ،ب دون
مبرر ولشهرين ،فإنه يقوم بمراسلة الرئيس المعني باألمر كتابة بإعذار يحث ه في ه على ممارس ة
اختصاصاته ومهامه ،فإذا امتنع الرئيس عن االستجابة لإلعذار في غضون 7أي ام يحي ل األم ر
إلى القض اء االس تعجالي بالمحكم ة اإلداري ة وال ذي يبت بواس طة حكم ابت دائي ونه ائي ودون
الحاجة الستدعاء األطراف .
إن مخالفة األنظمة والقوانين المؤطرة لعمل الجماعات الترابية ،والقيام بأنشطة وتصرفات تهدد
مصالح الجماعات الترابية وتحدث أضرارا بهذه الهيئات .وأيضا قيام أحد أعضاء المجلس غ ير
الرئيس ونوابه بممارسة مهام إدارية للجماع ة خ ارج دوره الت داولي ،داخ ل المجلس أو اللج ان
التابعة له .أو أن يوقع على الوث ائق اإلداري ة أو أن ي دير أو يت دخل في ت دبير مص الح الجماع ة
،كلها أعمال توجب العزل في حق مرتكبيها ،وأعطى القانون لممثل السلطة المختصة ص الحية
إحالة طلب العزل على قاضي األمور المستعجلة.
كم ا أن ك ل أعم ال الش غب والفوض ى والتس يب من ط رف أح د أعض اء مج الس الجماع ات
الترابية ،إب ان انعق اد دورات واجتماع ات هيئ ات ه ذه الوح دات الترابي ة ،ق د ي ؤدي إلى ع زل
المتسبب في ذلك ،اضافة ربط مصالح مع إدارات هذه الجماعات ،السيما التجارية والربحية من
شأنه أن يجعل أعضاء الجماعات ،يق دمون ذويهم وع ائالتهم في التن افس على الظف ر بص فقات
هذه الجماعات ومجموعاتها وشركات التنمية التابعة لها ،على ب اقي المنافس ين ول و ك انوا أح ق
منهم وأكثر توفرا على شروط التنافس ومقوماته .
ه ذا وق د أت احت النص وص التنظيمي ة الجدي دة للجماع ات التراابي ة،للس لطة الحكومي ة المكلف ة
بالداخلية التع رض على ك ل ق رار ال ين درج ض من مجم وع الص الحيات المخول ة للمج الس
المنتخبة و رؤسائها أو جاء مخالفا للقانون ،و كذلك التع رض على النظ ام ال داخلي للمجلس ،و
حسب ما جاء في مضامين ه ذه النص وص ،يجب على المجلس إج راء مداول ة جدي دة في ش أن
األمور التي كانت موضوع تعرض ،لكن في حالة عدم استجابة المجلس ،يمكن إحالة األم ر إلى
القضاء االستعجالي لدى المحكمة اإلدارية لطلب إيقاف تنفيذ القرار موضوع التعرض ،و الذي
يبت داخل 48ساعة من تاريخ إحالة الطلب ،بحكم نهائي .
و بينا كيف أن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ،كامل األحقي ة ب الرجوع للنص التش ريعي في
بسط رقابتها على مشروعية و صدقية المقررات المتخذة من لدن مجالس الجماعات الترابي ة ،و
رؤسائها .وكلما وجدت مخالفة لما جاء في النصوص التنظيمي ة له ذه الوح دات الترابي ة أمكنه ا
مباشرة رفض التأشير و الموافقة على المقرر المتخ ذ ،و ه و نفس التوج ه ال ذي يتبن اه المش رع
الفرنسي حيث يحق للعامل التعرض على كل فع ل أو مق رر غ ير مش روع و مراس لة الجماع ة
الترابية المرتكبة للمخالفة ،من أجل تصحيح كل اخالل أو عيب قبل تحول ذلك لمنازعة جدي ة و
إحالة النازلة على القضاء اإلداري و ال س يما ش قه االس تعجالي ،ال ذي ال يت وانى في الت دخل و
الحسم في النزاع .
وفيما يخص دعوى اإلذن بالحيازة ،فق د تم التأكي د على أنه ا دع وى اس تعجالية ته دف إلى نق ل
حيازة العقار مؤقتا إلى حين البت في الطلب بشكل قطعي ونهائي أمام محكمة الموضوع ،ومناط
ذلك أن المنعة العامة التي تسعى الجماع ات الترابي ة إلى تحقيقه ا وال تي ق د تهم إح داث مراف ق
ضرورية من أجل تنمية منطقة معينة أو فك عزل ة عن من اطق س كنية في إط ار ب رامج التنمي ة
التي تحدثها هذه الجماعات ،خاصة عندما يتعل ق األم ر ببن اء الط رق والقن اطر ،مستش فيات أو
مدارس ... .مما يقتضي السرعة واالستعجال وعدم انتظار آجال طويل من أج ل استص دار حكم
بات قطعي في الموضوع والذي قد يتطلب سنوات .
و ض مانا الس تمرار المرف ق العم ومي ال ترابي ،و ح تى تتمكن الجماع ات الترابي ة من تنفي ذ
التزاماتها و مخططاتها و برامجها التنموي ة ،ف إن القاض ي اإلداري االس تعجالي يبت على وج ه
الس رعة و ي أذن في حي ازة العق ار ال ذي ش مله مق رر التخلي ،و مق رر إعالن المنفع ة العام ة
بالجريدة الرس مية ،أم ا بخص وص مبل غ التع ويض الم ؤقت فإن ه ال ين درج ض من اإلج راءات
المسطرية ،لكن في حالة عدم ايداعه يأمر قاضي األم ور المس تعجلة اإلداري بوض عه أو يش ير
في منطوق الحكم أنه تم إيداعه بصندوق المحكمة ،و قد أشرنا مس تدلين بمجموع ة من األحك ام
القضائية االستعجالية أن القاضي ال يمكن ه رفض طلب اإلذن بحي ازة عق ار إال في حال ة بطالن
المسطرة المتبعة في الحيازة كما تنص على ذلك مقتضيات الفص ل 24من ق انون ن زع الملكي ة
. 81-7
و بعد دراسة مجموعة من األحكام القضائية االستعجالية الصادرة في مجال اإلذن بحيازة عق ار
من قبل الجماعات الترابي ة ،ت بين أن قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري ة ،إنم ا ي راقب ت وفر
الوثائق و الشكليات المنصوص عليها في الفصول األولى من قانون نزع الملكية ،كما أنه يراقب
عدم انصرام أجل السنتين من صدور مقرر التخلي عند عرض طلب اإلذن بالحيازة أمام ه ،لكن
يمنع عليه البت في شرط المنفعة العامة أو أحقية الجماعة الترابية في نزع الملكية أو ال ،و كذلك
مق دار المس احة الم نزوع و موقعه ا ...إلخ من الش كليات و اإلج راءات ال تي من ش أنها المس
بجوهر النزاع ،و التي تبقى من اختصاص قاضي الموضوع .
أيضا قمنا في الفصل الثاني من هذا القسم ،بدراسة مجموعة من الطلبات يتم تق ديمها في إط ار
القواعد العام ة لالس تعجال ،دون أن يعم ل المش رع على تص نيفها ض من اختص اص القض اء
االستعجالي ،حيث تنطوي في تطبيقها على مخاطر و أضرار يخشى إص الحها م ع الزم ان ،و
يقوم القاضي اإلداري المختص بالنظر في المستعجالت فيها ،بالبحث عن عنصر االستعجال و
التأك د من وج وده ،كم ا يفحص جدي ة الطلب و يبت في ه دون الغ وص في الج وهر :و هي
الطلب ات المس تعجلة الخاص ة بالجماع ات الترابي ة فيم ا يخص الض رائب و ال ديون العمومي ة
المتعلقة بهذه األخيرة ،كما تطرقنا إلى دراس ة الطلب ات المس تعجلة ال تي ترتب ط بحماي ة الملكي ة
العقارية من االعتداء المادي ثم الصفقات العمومية و العقود اإلدارية المتربطة بها .
إذا كانت الضرائب تشكل أهم الموارد التي تعتمد عليها الكيانات العامة ،من أجل ض مان تموي ل
التكاليف واألعباء العمومية .
فإن الجماعات الترابي ة ب دورها تض خ في موارده ا مجموع ة من الض رائب ،تس اهم في تنمي ة
ماليتها وتمكنها من تنفي ذ برامجه ا التنموي ة ومخططاته ا .كم ا أن مجموع ة من الخ دمات ال تي
تؤديها الجماعات الترابية تكون بعوض أو مؤدى عنه ا إم ا بنص الق انون كتس ليم رخص البن اء
ورخص اإلصالح والتسوية ...أو بقرار ل رئيس الجماع ة الترابي ة :كك راء األس واق والمحالت
التجارية والرخص االقتصادية ...
إن الضرر الذي يمكن أن يلحق مالية الملزم جراء إقرار الضريبة أو األمر بأدائها ،خاص ة إذا
كان موضوع نزاع أو لم يتم احترام مبدا التدرج في فرضها كالضريبة على النظاف ة والخ دمات
الجماعي ة ،وك ذلك مباش رة إج راءات تحص يل ال ديون العمومي ة الخاص ة بالجماع ات
الترابي ة ،والنازع ات ال تي تعرفه ا خاص ة فيم ا يخص طلب ات إيق اف إج راءات التحص يل
الجبري ،أو تمديد آجال التحصيل أو المنازعة في صفة المدين ،كلها طلبات يختص بالنظر فيه ا
قاضي األمور المستعجلة بالمحكمة اإلدارية وفقا للمادة 19من الق انون 90/41المنظم للمح اكم
اإلدارية .
هذا و يسهر القاضي اإلداري االستعجالي من خالل بته في هذه الطلبات المستعجلة في الميدان
الضريبي ،على التوفيق بين حق الجماع ات الترابي ة في اس تخالص الض رائب و الرس وم ال تي
تشكل أهم الموارد التي تغذي ميزانيتها ،ثم أيضا ضمان حماية أموال األفراد و ب اقي الش خوص
الخاصة التي تفرض عليهم ه ذه الض رائب في إط ار اح ترام مب دأ ش رعية الض ريبة ،أي تل ك
المنازعات التي يكون محط النقاش فيها الجوانب المتعلقة بأساس ووعاء الض ريبة على مس توى
تأسيس الضريبة وربطها؛ وذلك وف ق المس طرة االس تعجالية العام ة ال تي أرس اها المش رع من
خالل المادتين 19و 7من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية والفصل 149وم ا يلي ه من ق انون
المسطرة المدنية والمادة 6من القانون . 80-03
وقد بينا كيف يتدخل قاضي األمور المستعجلة وأوق ف تنفي ذ مجموع ة من الق رارات الض ريبية
الصادرة عن إدارات الجماعات الترابية ،والتي كادت تلحق أضرارا بليغ ة على مالي ة مل زمين
غ ير حقيق يين في إط ار المنازع ة في ص فة المل زم أو ع دم اح ترام قواع د الت درج في ف رض
الضريبة أو مراجعتها في إط ار اح ترام مس طرة ف رض الض ريبة ،طبع ا م ع ط رح ومناقش ة
مجموعة من األحكام القضائية االستعجالية الواردة في هذا الباب .
و حيث أن منازعات التحصيل تدخل في إطار القضاء الشامل للمحكم ة اإلداري ة وفق ا لالجته اد
القضائي و المقتضيات القانونية التي تم التنصيص عليها في الب اب الخ امس من الق انون المنظم
للمحاكم اإلدارية ، 41-90فإنه و بالرجوع للمادة 19من نفس القانون ليس هناك ما يمنع قاض ي
األمور المستعجلة من إصدار أوامر وقتية و تحفظية لضمان بقاء مراكز األط راف على م ا هي
عليه إلى حين صدور حكم بات في الموضوع ،فإن الطلبات المتعلقة بإيقاف مس طرة التحص يل
و تلك المتعلقة بإيقاف مسطرة اإلشعار للغير الحائز من أهم الطلبات ال تي تع رض على قاض ي
المستعجالت اإلداري.
إن جدية المنازعة في الطلبات االستعجالية الخاصة بالتحص يل الض ريبي تنص ب في المنازع ة
في ص فة المل زم ،مس طرة ف رض الض ريبة و التص حيح ،فإن ه بالنس بة لتحص يل ال ديون
العمومي ة ،هن اك قواع د أخ رى اعتم دها االجته اد القض ائي فيم ا يخص جدي ة المنازع ة في
التحصيل و التي تتمثل في المنازعة في تقادم الدين العمومي و أو بطالن إجراءات تحص يله ،و
هو ما تم التفصيل فيه مبرزين الدور الذي يقوم به قاض ي األم ور المس تعجلة اإلداري من أج ل
التوفيق بين ض مان المص لحة العام ة المتمثل ة في تغذي ة الم وارد المالي ة للجماع ات الترابي ة و
ض مان حق وق األف راد و األغي ار من خالل حماي ة مراك زهم القانوني ة و ذمتهم المالي ة من
المساس ،خاصة إذا كانت هناك جدي ة في ال نزاع ،خاص ة فيم ا يخص تل ك المس طرة الفجائي ة
إشعار الغير الحائز .
وهكذا بينا أن قاضي األمور المستعجلة ،عليه أن يعلل في حيثي ات األم ر االس تعجالي وض وح
المرك ز الق انوني لألط راف ،أو الس بب اآلخ ر ال ذي يب ني علي ه من أج ل األم ر برف ع
الحجز :كصدور حكم في موضوع النازل ة يقض ي ببطالن الض ريبة أو إلغائه ا بتق ادم أو انتف اء
صفة الملزم أو إيقاع الحجز المضروب على مال ال يعود في األصل للمدين الحقيقي.
أما بخص وص الص فقات العمومي ة ال تي تبرمه ا الجماع ات الترابي ة ،وال تي تكل ف مالي ة ه ذه
الوحدات مبالغ مهمة ،بمناسبة تجهيز وإعداد المرافق الجهوية والجماعية التابعة له ا ،وحيث أن
مالية الجماعات الترابية هي مال عام يجب المحافظة عليه وترشيد استعماله وصرفه .
لذلك خلصنا أن لقاضي المستعجالت اإلداري ،دور محوري في التدخل سواء ما قبل التعاق د أو
قبل إبرام العقد ،إذا تم التعسف في اس تعمال الس لطة من قب ل اإلدارة أو تم المس اس بمب دأ حري ة
التعاقد ،وبالنسبة للصفقات العمومية إذا لم يحترم مبدأ المنافس ة أو لم يتم اإلش هار أو اإلعالن عن
الصفقة .كما يمكن لقضاء المس تعجل الت دخل بع د التعاق د وذل ك من أج ل اتخ اذ ك ل اإلج راءات
الوقتية والتحفظية التي من شأنها ضمان احترام المشروعية ،وإيقاف التعاقد في حال ة التعس ف أو
الخطر المحدق بأحد أطراف التعاقد .
وقد بينا أن غياب وجود تشريع يجيز تدخل القاضي اإلداري االستعجالي في المراحل األولى لما
قبل التعاقد ،يشكل عائقا أمام ت دخل ه ذا األخ ير ،بخالف م ا علي ه األم ر بفرنس ا وت ونس مثال
وبالتالي يبقى دوره منحص را في إيق اف أي ق رار إداري غ ير مش روع يخ الف قواع د إلعالن
والحكامة والشفافية والنزاهة في اختيار المتنافسين ،في مرحلة ما قبل التعاقد.
كما أكدنا أنه فيما بعد التعاقد ،يحق لطرفي العقد التوجه للقاضي اإلداري االستعجالي ،من أج ل
تأكيد وقائع ووجود أشغال ومستوى التقدم فيها ،وضرورة إفراغ الورش الذي ال يمكن بأي ح ال
أن يحتل المرفق العمومي الترابي كما أن ألحد أطراف العقد طلب إجراء خ برة من أج ل تحدي د
وضعية معينة وتحديد قيمتها والمب الغ ال تي يجب أن ترص د له ا ،وفيم ا يخص الض مانات ال تي
يودعها المقاول كطلب إصدار أوامر بردها واإلفراج عنها .
وفي آخر مطلب من ه ذا البحث العلمي ،قمن ا بدراس ة وتحلي ل مجموع ة من األحك ام القض ائية
والنصوص القانونية التي تأطر مجال تدخل قاضي األمور المستعجلة في قضايا االعتداء المادي
الذي تتسبب فيه الجماعات الترابية .
و بينا أن القاضي اإلداري االستعجالي هو المالذ الفعال و األسرع ،للتدخل في أقرب اآلج ال و
إيقاف كل عمل مادي غير مشروع ترتكبه إحدى الهيئات العامة اتج اه بعض ها البعض أو اتج اه
الهيئات الخاصة أو األفراد العاديين قبل أن يتم تفعيل ذلك العمل المادي الغير المش روع و ال ذي
يشكل خطرا حقيقيا ،قد تنتج عنه أضرارا يصعب إص الحها في المس تقبل و ل و أعطي تع ويض
مادي عنها ،فإنه يبقى غير كافي أحيانا و ال يجبر يث ار االعت داء أو الغص ب ال ذي يتع رض ل ه
المتضرر ،خاصة و أن األفراد بإمكانهم اللجوء لمؤسسة القضاء كلما قامت اإلدارة بمس ثروتهم
و مهنهم أو عقاراتهم و حرياتهم .
إن مباشرة اإلدارة الترابية ألي عمل مادي ،غالبا ما تكون له انعكاسات على حقوق وحري ات
األفراد وباقي الهيئات سواء منها العامة أو الخاص ة ،الب د أن تل تزم إدارات الجماع ات الترابي ة
باتخاذ مجموعة من القرارات القانونية المسبقة التي تمكنها من مباشرة عملية تنفيذ العمل المادي
كطلب اإلذن بالحيازة مثال من القاضي اإلداري االستعجالي .
ونشير هنا إلى أن قضايا االعتداء المادي ،تدخل ضمن االختص اص الن وعي للمح اكم اإلداري ة
وبالضبط في الش ق المتعل ق ب دعاوى التع ويض عن األض رار ال تي تس ببها أعم ال ونش اطات
الهيئات العامة ،وبالتبعية تبقى مؤسسة القضاء االس تعجالي اإلداري هي المختص ة في الطلب ات
المستعجلة الخاصة برفع االعتداء وإيقاف األشغال وطرد الجماعة الترابية من العقار المحتل .
وأو ضحنا أنه من صور االعتداء المادي على حق الملكية الخاصة والتي يختص قاضي األمور
المستعجلة اإلداري بحمايتها ،إقدام الجماعة الترابية على إقامة مرفق عمومي جماعي أو جهوي
في ملك الغير الخاص ،دون سلوك المساطر القانونية التي يخولها القانون في هذا الب اب ،أو م د
قنوات الصرف الصحي بأرض الخواص ،أو احتالل ملك الغير وإقامة بنايات تجارية أو قن اطر
أو طرق فرعية دون سلوك المساطر القانونية الخاصة بنزع الملكي ة والطلب ات الخاص ة ب اإلذن
بحيازة عقار.
ويعم ل القاض ي اإلداري االس تعجالي على فحص مس توى التق دم في األش غال ال تي ب دأت في
مباشرتها الجماعات الترابية ولو تعديا ،للتقييم حجم المبالغ المالية التي تم ص رفها م ادامت م اال
عاما يجب المحافظة عليه ،وإعماال للقاعدة الفرنسية الشهيرة "المنشأة العمومية المقام ة بطريق ة
االعتداء المادي وخارج القانون ال يمكن هدمها" L’ouvrage public mal planté ne se
.détruit pasوهو يوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة .
ألجل ذلك يصدر أيضا أوامره الوقتية ،بإيقاف األشغال واإلفراغ ،إرج اع الحال ة إلى م ا ك انت
عليه وهد والسور إلخ...
وفي إطار الض مانات القانوني ة المتاح ة للمواط نين وب اقي الهيئ ات الخاص ة ال تي تتض رر من
تصرفات وأنشطة وقرارات القيمين على الجماعات الترابية ،يحق لكل متضرر اللجوء لمؤسسة
القاضي اإلداري االستعجالي من أجل بسط طلبات ه التحفظي ة والوقتي ة ،ح تى يتمكن من الحف اظ
على مركزه القانوني سليما من كل مس أو تغيير.
والسيما في مجال الوظيفة العمومية الترابية ،وممارسة الحقوق السياس ية والمدني ة ال تي يقره ا
الدستور والتشريعات ،كاالنتم اءات الحزبي ة والنقابي ة وتأس يس الجمعي ات وعق د االجتماع ات
وبالتالي كل تعد على هذه الحقوق يعد اعتداءا ماديا يتصدى له القضاء اإلداري االستعجالي .