Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 33

‫ملخص التفسري وعلوم القران‬

‫اعداد‪ :‬امجد كامل & حاتم طلعت ‪2023‬‬

‫الفرقة الثالثة‬
‫كلية التربية بنين‬ ‫الفصل الدراسي الثاني‬
‫تربية خاصة‬
‫بالقاهرة ‪2023‬‬
‫صعوبات التعلم‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫جزء علوم القران‬
‫الموضوع االول (معني علوم القرآن وموضوعه وفائدته)‬
‫‪ ‬معنى علوم القرآن‪ :‬علم يتألف من مباحث متعلقة بالقرآن الكريم من حيث نزوله‬
‫وجمعه وترتيبه وبيان الوجوه التي نزل عليها وأسباب نزوله وشرح غريبه ودفع‬
‫الشبهات عنه وغير ذلك من كل ما له اختصاص به‪.‬‬
‫‪ ‬موضوع علم القرآن‪ :‬القرآن الكريم من حيث نزوله وجمعه وترتيبه وبيان الوجوه‬
‫التي نزل عليها وأسباب نزوله وشرح غريبه ‪ ،‬سمي بعلوم القرآن ولم يسمى بعلم‬
‫القرآن؟ ألن كل مبحث من مباحث القرآن الكريم تعتبر علم بذاته‬
‫‪ ‬فوائد علم القرآن‪:‬‬
‫‪ .1‬معرفة األحوال التي البست القرآن الكريم في كل عصر من العصور منذ نزوله‬
‫على النبي ﷺ‬
‫‪ .2‬معرفة ما اثاره أعداء اإلسالم من شبهات حول القرآن الكريم ودفعها‪.‬‬
‫‪ .3‬معرفة الشروط التي ال بد من توافرها فيمن يريد أن يكون مفسرا للقرآن‪.‬‬
‫‪ .4‬معرفة العلوم والمعارف التي ال بد أن يلم بها المفسر للقرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .5‬االستعانة بعلومه المتعددة للوقوف على شريف أسرار القرآن وفهمه‬
‫الموضوع الثاني(القران الكريم تعريفه واسمائه وصفاته)‬
‫‪ ‬القرآن الكريم‪ :‬هو كالم هللا المنزل على نبيه محمد ﷺ المعجز بسورة منه‬
‫المتعبد بتالوته المكتوب في المصحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة‬
‫الناس المنقول إلينا تواترا‪.‬‬
‫‪ ‬شرح تعريف القران الكريم‪:‬‬
‫‪ o‬اشتمل التعريف على خصائص ومميزات القرآن‬
‫‪ o‬الكالم‪ :‬جنس في التعريف يشمل كل كالم وإضافة الكالم إلى هللا تمييز لكالم‬
‫القران عن كالم من سواه من اإلنس والجن والمالئكة‪.‬‬
‫‪ o‬المنزل‪ :‬يخرج به كالم هللا الذي استأثر به سبحانه فلم ينزله على أحد من البشر‬
‫إذ ليس كل كالمه تعالي منزال‪ ،‬قيد المنزل بكونه على محمد ﷺ يخرج به ما أنزله‬
‫على األنبياء قبله كالتوراة واإلنجيل والصحف المنزلة على سيدنا إبراهيم‬
‫والزبور المنزل على سيدنا داوود‪.‬‬
‫‪ o‬المعجز بسورة منه‪ :‬يخرج به األحاديث المقدسة فهي كالم هللا ولكنها‬
‫ليست بمعجزه‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪1‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬المتعبد بتالوته‪ :‬أي المأمور بقراءته في الصالة وغيرها على وجه العبادة‬
‫الخراج ما لم نؤمر بتالوته من تلك القراءات الشاذة وما نسخ تالوته فإنه بعد‬
‫النسخ ال يتعبد بتالوته‬
‫‪ ‬اسماء القرآن الكريم‪:‬‬
‫رآن يَهدي لِ َّلتي‬ ‫الق َ‬‫هذا ُ‬ ‫رآن هُ دً ى﴾‪ِ ﴿ ،‬إ َّن َ‬ ‫الق ُ‬ ‫ل فيهِ ُ‬ ‫ضان ا َّلذي ُأنز ِ َ‬ ‫َ‬ ‫شه ُر رَمَ‬ ‫‪ .1‬القرآن ‪َ ﴿:‬‬
‫ِلذكر ِ َفهَ ل ِمن مُ دَّ كِ ر﴾‬ ‫رآن ل ِّ‬ ‫الق َ‬ ‫َسر َنا ُ‬ ‫المجي ِد﴾‪﴿ ،‬وَ َل َقد ي َّ‬ ‫رآن َ‬ ‫الق ِ‬ ‫هِ َي َأقوَ ُم﴾‪﴿،‬ق‪ ‬وَ ُ‬
‫تاب الحَ ِ‬
‫كيم﴾‪،‬‬ ‫آيات الكِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫قين﴾‪﴿ ،‬الر ت َ‬
‫ِلك‬ ‫ِلم َّت َ‬ ‫يب فيهِ هُ دًى ل ُ‬ ‫تاب ال َر َ‬ ‫ِك الكِ ُ‬ ‫‪ .2‬الكتاب‪ ﴿:‬ذل َ‬
‫َجعل َلهُ ِعوَ جً ا﴾‪،‬‬ ‫تاب وَ َلم ي َ‬ ‫ل عَ لى عَ ب ِدهِ الكِ َ‬ ‫﴿الحَ م ُد لِ َّلهِ ا َّلذي َأن َز َ‬
‫مين َنذي ًر ا﴾‬
‫َكون لِلعا َل َ‬ ‫رقان عَ لى عَ ب ِدهِ لِي َ‬ ‫َ‬ ‫ل ُ‬
‫الف‬ ‫َك ا َّلذي َن َّز َ‬ ‫‪ .3‬الفرقان‪َ ﴿:‬تبار َ‬
‫وف‬ ‫س َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫وم َ‬‫ك وَ ل َِق ِ‬‫ظون﴾‪﴿ ،‬وَ ِإ َّنهُ َلذِك ٌر َل َ‬ ‫َ‬ ‫الذك َر وَ ِإ ّنا َلهُ َل ِ‬
‫حاف‬ ‫حن َن َّزل َنا ِّ‬ ‫‪ .4‬الذكر‪ِ ﴿:‬إ ّنا َن ُ‬
‫سأ َ‬
‫لون﴾‬ ‫ُت َ‬
‫نزيل ِمن‬‫ٌ‬ ‫لفهِ َت‬
‫َين يَدَ يهِ وَ ال ِمن َخ ِ‬ ‫ل ِمن ب ِ‬ ‫الباط ُ‬ ‫ِ‬ ‫تاب عَ زي ٌز۝ال يَأتيهِ‬ ‫‪ .5‬التنزيل‪﴿:‬وَ ِإ َّنهُ َلكِ ٌ‬
‫مين﴾‬‫َب العا َل َ‬ ‫نزيل ر ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حَ كيم حَ ميد﴾‪﴿،‬وَ ِإ َّنهُ َل َت‬
‫‪ ‬صفات القرآن الكريم ‪:‬‬
‫ُرهان ِمن َر ِّب ُكم وَ َأن َزلنا ِإ َلي ُكم نو ًر ا‬ ‫ٌ‬ ‫جاء ُكم ب‬ ‫اس َقد َ‬ ‫الن ُ‬ ‫‪ .1‬النور والبرهان‪ ﴿ :‬يا َأيُّهَ ا ّ‬
‫مُ بي ًنا﴾‬
‫فاء‬
‫ش ٌ‬ ‫وع َظ ٌة ِمن َر ِّب ُكم وَ ِ‬ ‫جاءت ُكم مَ ِ‬ ‫اس َقد َ‬ ‫الن ُ‬ ‫‪ .2‬هدى‪،‬شفاء‪،‬رحمة‪،‬موعظة‪﴿:‬يا َأيُّهَ ا ّ‬
‫نين﴾‬‫ؤم َ‬ ‫ِلم ِ‬ ‫حم ٌة ل ُ‬ ‫الصدورِ وَ هُ دً ى وَ َر َ‬ ‫لِما ِفي ُّ‬
‫َين يَدَ يهِ ﴾‬‫َك مُ َصدِّ ُق ا َّلذي ب َ‬ ‫تاب َأن َزلناهُ مُ بار ٌ‬ ‫‪ .3‬مبارك‪﴿:‬وَ هذا كِ ٌ‬
‫بين﴾‬ ‫تاب مُ ٌ‬ ‫ن ال َّلهِ نو ٌر وَ كِ ٌ‬ ‫جاء ُكم ِم َ‬ ‫‪ .4‬مبين‪َ ﴿:‬قد َ‬
‫نين﴾‬‫ؤم َ‬ ‫ِلم ِ‬ ‫‪ .5‬بشري‪ ﴿:‬هُ دً ى وَ بُشرى ل ُ‬
‫تاب عَ زي ٌز﴾‬ ‫جاءهُ م وَ ِإ َّنهُ َلكِ ٌ‬ ‫الذكر ِ َل ّما َ‬ ‫ذين َك َفروا ِب ِّ‬ ‫‪ .6‬عزيز‪ِ ﴿:‬إ َّن ا َّل َ‬
‫مون۝ بَشي ًر ا وَ َنذي ًر ا﴾‬ ‫َ‬ ‫آياتهُ ُقرآ ًنا عَ َر ِبيًّا ل َِقوم يَع َل‬ ‫تاب ُف ِّص َلت ُ‬ ‫‪ .7‬بشير ونذير‪﴿ :‬كِ ٌ‬
‫رآن مَ جي ٌد﴾‬ ‫‪ .8‬مجيد‪﴿:‬بَل هُ وَ ُق ٌ‬
‫الموضوع الثالث(آيات القران وسوره)‬
‫آيات القران‬
‫‪ ‬اآلية لغة تطلق على‪:‬‬
‫سكي َن ٌة ِمن َر ِّب ُكم﴾‬ ‫ُ‬
‫ابوت فيهِ َ‬ ‫قال َلهُ م َن ِبيُّهُ م ِإ َّن آي ََة مُ لكِ هِ َأن يَأتِ َي ُك ُم ّ‬
‫الت‬ ‫‪ o‬العالمة‪﴿:‬وَ َ‬
‫كان َل ُكم آي ٌَة في ِف َئ َت ِ‬
‫ين ال َت َقتا﴾‬ ‫‪ o‬العبرة‪َ ﴿:‬قد َ‬
‫سرائيل َكم آ َتيناهُ م ِمن آيَة َب ِّي َنة﴾‬ ‫َ‬ ‫سل بَني ِإ‬ ‫‪ o‬المعجزة‪َ ﴿:‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪2‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫ِالف َأ ِ‬
‫لس َن ِت ُكم‬ ‫رض وَ اخت ُ‬ ‫ماوات وَ َ‬
‫األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫‪ o‬الدليل والبرهان‪﴿:‬وَ ِمن آياتِهِ َخ ُ‬
‫لق َّ‬
‫وَ َألوانِ ُكم﴾‬
‫‪ o‬اآلية اصطالحا‪ :‬طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وما بعدها معروفة‬
‫بالسماع مندرجة في السورة‬
‫‪ o‬طريق معرفة اآلية القرآنية‪ :‬السماع عن النبي فقد كان يحدد بقراءته بداية‬
‫اآلية وخواتيمها حتى علم ذلك الصحابة ونقلوا إلينا عدد اآليات في كل سورة‬
‫‪ ‬فوائد معرفة اآليات القرآنية‪:‬‬
‫‪ .1‬إدراك الحد الذي يقع به اإلعجاز‬
‫‪ .2‬معرفة ما يجزئ من القراءة في الصالة بعد الفاتحة فأقل ما يجزئ فيها قراءة‬
‫سورة أو آية طولها يساوي طول ثالث آيات على خالف يسير بين الفقهاء‬
‫‪ .3‬معرفة الوقف واالبتداء فإن من عرف بداية اآلية و ونهايتها تمكن من الوقوف‬
‫على رأس كل آية والبدء باآلية التي بعدها‬
‫سور القران‬
‫واختلف في اصل مأخذها فقيل مأخوذة من سور‬ ‫‪ ‬السورة لغة‪ :‬مفرد سور ُ‬
‫المدينة إلحاطتها باآليات كإحاطة السور بالبستان وألنها ضمت آياتها بعضها‬
‫إلى بعض‬
‫‪ o‬وقيل مأخوذة من السورة وهي الرتبة والمنزلة‬
‫‪ o‬وقيل مأخوذة من السوار أو األسورة وهي التي تحيط بالمعصم عند النساء‬
‫‪ o‬وقيل مأخوذة من السؤر وهو ما بقي من الشراب في اإلناء وكأنها قطعة من‬
‫القرآن‬
‫‪ ‬السورة اصطالحا‪ :‬طائفة من آيات القرآن جمعت وضم بعضها إلى بعض حتى‬
‫بلغت من الطول والمقدار الذي أراده هللا سبحانه وتعالى لها و كل سور القرآن‬
‫بدأت بالبسملة إال براءة (سورة التوبة)‬
‫‪ ‬معرفة سور القران‪ :‬توقيفي كمعرفة آياته‬
‫‪ ‬عدد السور القرآنية‪ 114 :‬سورة "‪....‬ياه معلومة مش جديدة خالص"‬
‫أقسام سور القرآن حسب الطول والقصر‬
‫‪ .1‬الطوال‪ :‬وهي سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة واألنعام واألعراف‬
‫واختلف في االخيرة فقيل (االنفال والتوبة معا) وقيل سورة يونس‬
‫‪ .2‬المئون‪ :‬هي كل سورة تزيد اياتها عن ال ‪ 100‬اية‬
‫‪ .3‬المثاني‪ :‬هي التي تلي المئون وهي ما كان عدد آياتها أقل من ‪ 100‬وسميت المثاني‬
‫ألنها تثني أي تتكرر‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪3‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫وانتهاء بسورة‬
‫ً‬ ‫ابتداء من سورة ق أو الحجرات‬
‫ً‬ ‫‪ .4‬المفصل ‪ :‬هي اواخر القرآن‬
‫الناس‬
‫فوائد تقسيم القرآن إلى سور‪:‬‬
‫‪ .1‬حسن الترتيب والتنويع و التبويب وهو من أعظم المشوقات لقراءة القران‬
‫‪ .2‬تسهيل الحفظ وبعث الهمة والنشاط‬
‫‪ .3‬الحافظ إذا حفظ سورة وأتقنها أخذ من كتاب هللا حظا ونصيبا‬
‫الموضوع الرابع (اول ما نزل واخر ما نزل)‬
‫‪ ‬الطريق إلى معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل‪ :‬هو النقل الصحيح المأثور عن‬
‫الصحابة الذين عاصروا التنزيل ووقفوا على الظروف والمالبسات التي أحاطت‬
‫بنزول اآليات وعن التابعين الذين أخذوا من الصحابة فال مجال للعقل في معرفة‬
‫أول وآخر ما نزل وإنما هو النقل والتوقيف عن الصحابة والتابعين واعمال العقل‬
‫يكون في ترجيح دليل على دليل أو في الجمع بين األدلة فيما ظاهره التعارض أو‬
‫بيانا وتوضيحا لمعنى االولية وكذلك معنى األخريه‪.‬‬
‫‪ ‬فوائد معرفة أول ما نزل و آخر ما نزل‬
‫‪ .1‬إظهار مدى العناية واالهتمام التي حظى بها القرآن الكريم حتى عرف فيه أول‬
‫ما نزل وآخر ما نزل‬
‫‪ .2‬معرفة تاريخ التشريع اإلسالمي ومراقبة سيره التدريجي والوصول من وراء‬
‫ذلك إلى حكمة اإلسالم وسياسته في معاملة الناس بالرفق واللين‬
‫‪ .3‬تمييز الناسخ والمنسوخ‬
‫‪ .4‬معرفة الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم عن طريق ربط أول ما نز ل منه‬
‫بآخره‬
‫‪ ‬أول ما نزل من القرآن الكريم‪ :‬القول الراجح إنه هو صدر سورة العلق قال تعالى‬
‫﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾‬
‫‪ ‬آخر ما نزل من القرآن الكريم على اإلطالق‪:‬‬
‫‪ o‬القول الراجح أنه قوله تعالى ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى هللا ثم توفى كل نفس‬
‫ما كسبت وهم ال يظلمون﴾‬
‫▪ الدليل‪:‬‬
‫‪ .1‬عن عكرمة ابن أبي عباس و سعيد ابن جبير قاال آخر ما نزل من القرآن الكريم‬
‫قوله تعالي ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى هللا﴾‬
‫‪ .2‬عاش النبي بعد نزولها ‪ 9‬ليالي ثم مات ليلة اإلثنين‬
‫ترجيح العلماء لهذا القول النه‪:‬‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪4‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .1‬ال يوجد قول من األقوال األخرى لديه أدله وأثار مثل هذا القول‬
‫‪ .2‬هذه اآلية تشير إلى التأهب لليوم اآلخر والرجوع إلى هللا ليأخذ كل واحد جزاء عمله‬
‫‪ .3‬هذا القول حظى بتحديد الوقت بين نزول اآلية الكريمة وبين لحقوقه ﷺ بالرفيق‬
‫األعلى ولم يحظى قول غيره بمثل هذا التحديد‬
‫‪ o‬القول الثاني أن آخر ما نزل‪ :‬هو قوله تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت‬
‫عليكم نعمتي﴾‬
‫▪ الدليل‪ :‬اآلية صريحة في انها إعالم بإكمال الدين في يوم عرفة في حجة الوداع‬
‫بالسنة العاشرة من الهجرة والظاهر أن إكمال الدين ال يكون إال بإكمال نزول‬
‫القرآن وإتمام جميع الفرائض واألحكام وهذا ما جعل العلماء يرجحون أن هذه‬
‫اآلية آخر ما نزل من القرآن‬
‫▪ وهذا القول غير صحيح لما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬لنزول قرآن بعد هذه اآلية بعد أكثر من شهرين‬
‫‪ .2‬ثبوت أن آخر اآليات نزوال على اإلطالق قوله تعالى﴿واتقوا يوما ترجعون فيه‬
‫إلى هللا﴾‬
‫‪ .3‬النبي عاش تسع ليالي بعد آية ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى هللا﴾‬
‫‪ .4‬األقرب أن يكون معنى إكمال الدين إنجاحه و إقراره وإظهاره على الدين ولو‬
‫كره الكافرون قال ابن جرير اولي األقوال في ذلك بالصواب " ان هللا أخبر نبيه‬
‫والمؤمنون بأنه اكمل لهم دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام وإجالئهم المشركين‬
‫عنه حتى حج المسلمين ولم يخالطهم المشركون" وأيد هذا التأويل قول ابن‬
‫عباس‬
‫الموضوع الخامس(المكي و المدني)‬
‫‪ ‬التعريف الراجح للمكي والمدني‬
‫‪ o‬المكي‪ :‬هو ما نزل قبل الهجرة‪ ،‬المدني‪ :‬هو ما نزل بعد الهجرة‬
‫‪ o‬قوله تعالى ﴿إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها﴾ مدنية مع أنها نزلت‬
‫في جوف الكعبة لنزولها بعد الهجرة‬
‫‪ ‬فوائد معرفة المكي والمدني‬
‫‪ .1‬تمييز الناسخ والمنسوخ‪ :‬فإذا وردت آيات من القرآن في موضوع واحد وكان‬
‫الحكم في إحدى اآليات مخالف للحكم في غيرها ثم عرف أن بعضها مكي‬
‫وبعضها مدني فإننا نحكم بان المدني فيها ناسخ للمكي نظرا لتأخره في النزول‬
‫‪ .2‬معرفة تاريخ التشريع وتدرجه الحكيم بوجه عام‪ :‬فالقرآن لم ينزل جملة‬
‫واحدة بل نزل المكي ثم المدني وكالهما لم ينزال جملة واحدة بل نزل كال منهما‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪5‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫مفرقا مراعيا لحال العباد وحتى ال يشق عليهم التكليف فيقودهم إلى اإلسالم‬
‫والعمل به‬
‫‪ .3‬الثقة بهذا القرآن وبوصوله إلينا سالما من التغيير والتحريف‪ :‬ويدل ذلك‬
‫على اهتمام المسلمين بالقرآن لدرجة معرفة ما نزل قبل الهجرة وما نزل‬
‫بعدها وما نزل سفرا وما نزل حضرا وما نزل بالنهار وما نزل بالليل‬
‫‪ .4‬مساعدة القارئ والمفسر على معرفة معنى اآلية وحجزه عن الخطأ في‬
‫تفسيرها‪ :‬فمن قرأ سورة الكافرون ولم يعلم زمن نزولها يحتار في معناها‬
‫وقد يستخرج عدم مشروعية الجهاد للمسلمين وإنما عليه أن يقول لآلخرين‬
‫﴿لكم دينكم ولي دين﴾ أما إذا علم أن السورة مكية ونزلت حينما طلب المشركون‬
‫من النبي أن يعبد الهتهم يوما وأن يعبدوا هللا يوما يعلم أن السورة نزلت‬
‫معالجة لهذه المرحلة فقط‬
‫‪ .5‬تذوق أساليب القرآن واالستفادة منها في أسلوب الدعوة إلى هللا‪ :‬فلكل‬
‫مقام مقال ومراعاة مقتضى الحال من أخص معاني البالغة وخصائص‬
‫األسلوب المكي والمدني في القرآن تعطي الدارس منهاجا لطرق الخطاب في‬
‫الدعوة إلى هللا بما يالئم نفسية المخاطب ويعالج فيه دخيلته بحكمة البالغة‬
‫‪ ‬الطريق لمعرفة المكي والمدني‪:‬‬
‫‪ .1‬المنهج السمعي النقلي‪ :‬يستند إلى الرواية الصحيحة عن الصحابة الذين‬
‫عاصروا الوحي وشاهدوا نزوله أو عن التابعين الذين تلقوا الصحابة وسمعوا‬
‫منهم كيفية نزوله وأحداثه ووقت نزوله‪ ،‬وما يدل على ذلك عن ابن مسعود أنه‬
‫قال " وهللا الذي ال إله غيره ما نزلت سورة من كتاب هللا إال وأنا أعلم أين نزلت‬
‫وال نزلت آية من كتاب هللا اال أنا أعلم متي نزلت ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب‬
‫هللا تبلغه اإلبل لركبت إليه "‬
‫‪ .2‬المنهج القياسي االجتهادي‪ :‬يستند إلى خصائص المدني والمكي فإذا وجد‬
‫في سورة مكية آية تنطبق عليها خصائص المدني قالوا بأنها مدنية‪.‬‬
‫▪ ضوابط القسم المكي‪:‬‬
‫‪ .1‬كل سورة فيها لفظ "كال"‪ :‬ألنه لفظ فيه شدة في الرد ويناسب المعاندين‬
‫وقد ورد لفظ "كال" في القرآن ‪ 33‬مرة في ‪ 15‬سورة كلها في النصف األخير من‬
‫القرآن الكريم وحكمة ذلك أن النصف األخير نزل أكثره بمكة وأكثر أهلها‬
‫جبابرة فتكرر لفظ "كال" على وجه التهديد والتعنيف واإلنكار عليهم‬
‫‪ .2‬كل سورة فيها آية سجدة فهي مكية إال إذا نص على أن فيها آية مدنية‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪6‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .3‬كل سورة فيها قصص األنبياء واألمم السابقة فهي مكية ماعدا سورة‬
‫البقرة مدينة‬
‫‪ .4‬كل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية ماعدا سورة البقرة مدينة‬
‫‪ .5‬كل سورة تفتتح بحروف التهجي( الم‪ ،‬الر‪ ،‬حم‪ ،‬ص‪ ،‬ق) ونحو ذلك فهي مكية‬
‫سوى الزهراوين (البقرة وآل عمران) واختلفوا في سورة الرعد‬
‫‪ .6‬كل سورة تبدا بالقسم وهي ‪ 15‬سورة‬
‫توفر شرط وضابط واحد من الضوابط السابقة يعني ان السورة مكية‬
‫فليس المقصود توفر كل الضوابط السابقة للحكم علي السورة بانها مكية‬
‫وكذلك الحال بالنسبة للسور المدينة‬
‫▪ ضوابط القسم المدني‪:‬‬
‫‪ .1‬كل سورة فيها اإلذن بالجهاد أو األمر به وبيان أحكامه فهي مدنية‬
‫‪ .2‬كل سورة فيها ذكر الحدود والفرائض (فرائض الميراث)‬
‫‪ .3‬كل سورة فيها ذكر المنافقون وأحوالهم فهي مدنية سوى العنكبوت‬
‫مكية إال أول ‪ 11‬آية مدنية وهي التي ذكر فيها المنافقون‬
‫‪ .4‬كل سورة فيها مجادلة أهل الكتاب فهي مدنية‬
‫أنواع السور المكية والمدنية‪:‬‬
‫‪ .1‬مكي خالص‪ :‬المدثر‪ ،‬القيامة‪ ،‬العلق‪.‬‬
‫‪ .2‬مدني خالص‪ :‬البقرة‪ ،‬آل عمران‪،‬‬
‫‪ .3‬مكي بعضه مدني‪ :‬سورة األعراف مكية ماعدا قوله تعالي شأنه ﴿واسئلهم عن‬
‫القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم‬
‫سبتهم شرعا﴾ إلى خمس أو ثمن آيات بعدها ألنها تتحدث عن اليهود واليهود‬
‫كانوا ساكنين في المدينة‬
‫‪ .4‬مدني بعضه مكي‪ :‬سورة األنفال مدنية إال قوله تعالى﴿وإذ يمكر بك الذين‬
‫كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك﴾ إلى قوله تعالى ﴿ فذوقوا العذاب بما‬
‫كنتم تكفرون﴾‬
‫‪ .5‬سورة التوبة مدنية إال قوله﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين‬
‫ولو كانون أولي قربي﴾‪.‬‬
‫الموضوع السادس(نزول القرآن مفرقا)‬
‫‪ ‬أسرار وحكم نزول القرآن مفرقا‪:‬‬
‫‪ o‬الحكمة األولى تثبيت فؤاد النبي ﷺ وتقوية قلبه وقد جاء التثبيت بطرق‬
‫متعددة منها‪:‬‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪7‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .1‬الطريقة االولي‪ :‬القصص التي تفيد بالعبرة والعظات وتبشره ﷺ بانتصار الحق‬
‫على الباطل وتبين له أن العاقبة إنما هي لألنبياء وأتباعهم كما في قصة إبراهيم‬
‫ونوح وصالح عليهم وعلى نبينا الصالة والسالم‬
‫‪ .2‬الطريقة الثانية‪ :‬أمره ﷺ بالصبر على تحمل أعباء الرسالة وتحمل األذى من‬
‫المعاندين والتأسي بالرسل السابقين قال تعالي ﴿واصبر لحكم ربك﴾‪.‬‬
‫‪ .3‬الطريقة الثالثة‪ :‬تذكير وتنبيه النبي ﷺ أنه ليس عليه هداهم وإنما عليه البالغ‬
‫والتذكير وإن إعراضهم عن الدعوة ليس تقصيرا منه أو قصور فيما جاء به وإنما‬
‫يرجع إلى عيوب عندهم‬
‫‪ .4‬الطريقة الرابعة‪ :‬إقامة الحجج والبراهين على بطالن معتقداتهم وعاداتهم‬
‫كالشرك وإنكار البعث وتحريم طيبات الحياة مما ال دليل لهم على تحريمه‬
‫‪ .5‬الطريقة الخامسة‪ :‬عتابه ﷺ على شدة حزنه عليهم وإرهاق نفسه في سبيل‬
‫هدايتهم‪﴿ .‬ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾‪.‬‬
‫‪ o‬الحكمة الثانية التدرج في تر بية األمة الناشئة لصياغتها على النهج‬
‫اإلسالمي القرآني علما وعمال واعتقادا وسلوكا‪ :‬وهذه الحكمة أشارت إليها‬
‫اآلية الكريمة ﴿وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلنه تنزيال﴾‪ .‬يصور لنا‬
‫هذه الحكمة التربوية ما أخرجه البخاري عن عائشة رضي هللا عنها أنها قالت" إنما‬
‫نزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب‬
‫الناس إلى اإلسالم نزل الحالل والحرام ولو نزل أول شيء ال تشربوا الخمر لقالوا‬
‫ال ندع الخمر أبدا ولو نزل ال تزنوا لقالوا ال ندع الزنا ابدا " ولهذا سلك القران مع‬
‫هذه االمة الناشئة مسلك التربية الحكيمة وهو مسلك التدرج في التشريع من‬
‫حكم الي حكم والتأني في نقلهم من حال الي حال ومن ُخلق الي ُخلق‬
‫▪ مظاهر التدرج‪:‬‬
‫‪ .1‬التدرج بالناس في تطهيرهم من العقائد الباطلة كالشرك بالله وجحود البعث‬
‫وانكار الرسل‬
‫‪ .2‬التدرج بالناس في تطهيرهم من العادات القبيحة التي توارثوها وتربوا عليها‬
‫وتأصلت في نفوسهم فكان من المتعذر صرفهم عنها مرة واحدة كوأد البنات‬
‫وأكل الربا ولعب الميسر وشرب الخمر واالستسقام باألزالم‪.‬‬
‫‪ .3‬التدرج بهم في تكميلهم بالفضائل من نحو الحلم والصفح ومقابلة السيئة‬
‫بالحسنة وإيثار الغير والتنافس في الخير‬
‫‪ .4‬التدرج في تكليفهم بالواجبات من صالة وصيام وجهاد وغير ذلك من العبادات‬
‫والمعامالت‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪8‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .5‬التدرج بهم في حفظه وفهمه فظروفهم كانت ال تمكنهم من الحفظ لو نزل‬
‫جملة واحدة فهم في مكة كانوا مستضعفين ومعرضين لألذى الشديد حتى‬
‫اضطروا إلى الهجرة وقد انشغلوا في المدينة بمكر اليهود والمنافقين لهم‬
‫ومحاربة قريش لهم باإلضافة إلى أنهم كانوا أميين ال يحسنون القراءة والكتابة‬
‫فكانت الذاكرة اعتمادهم الرئيسي‪.‬‬
‫‪ o‬الحكمة الثالثة مسايرة الحوادث والطوارئ واألسئلة التي كانت توجه إلى‬
‫الرسول‪ :‬لقد أشارت إلى هذه الحكمة اآلية الكريمة ﴿وال يأتونك بمثل إال جئنك‬
‫بالحق واحسن تفسير﴾ ‪ .‬وهذه الحكمة لها أثرها في نجاح الدعوة فقد اقتضت‬
‫حكمة هللا أن تكون عامة أحكامه التي تضمنها القرآن جوابا عن أسئلة أو حال‬
‫لمشكالت واقعية حتى تكون أوقع في النفس وألصق بالحياة‪.‬‬
‫▪ أمور تندرج تحت هذه الحكمة‪:‬‬
‫‪ .1‬إجابة السائلين على أسئلتهم عندما يوجهونها إلى الرسول سواء كانت‬
‫األسئلة لغرض التثبت من الرسالة أو االستهزاء منها أو التعجيز قال‬
‫تعالي ﴿ ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي﴾ ﴿ ويسألونك عن ذي‬
‫القرنين قل ساتلوا عليكم منه ذكرا﴾ ﴿ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو﴾‬
‫‪ .2‬مجاراة القضايا التي وقعت حينها وبيان حكم هللا عند حدوثها ووقوعها‪:‬‬
‫والقضايا واالحداث لم تقع جملة واحدة وانما كانت متفرقة ومن االمثلة علي‬
‫القضايا واالحداث حادثة االفك في قوله تعالي﴿ان الذين جاءو باالفك عصبة‬
‫منكم ال تحسبوه شر لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من االثم‬
‫والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم﴾ وايضا حادثة خولة بنت ثعلبة عندما‬
‫ظاهرها زوجها ورفعت شكواها للرسول في قوله تعالي﴿ قد سمع هللا قول‬
‫التي تجادلك في زوجها وتشتكي الي هللا﴾‬
‫‪ .3‬لفت أنظار المسلمين إلى تصحيح أخطائهم وإرشادهم إلى الصواب‪ :‬وال‬
‫شك ان هذه االخطاء كانت في ازمان متفرقة و من الحكمة ان يكون القران‬
‫نازل الصالحها ومتكافئا معها في زمانها ومن االمثلة علي ذلك اآليات النازلة‬
‫في غزوة احد في قوله تعالي﴿واذ غدوت من اهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال‬
‫وهللا سميع عليم﴾ الي آيات كثيرة بعدها وكلها نازلة الرشاد المسلمين الي‬
‫مواضع اخطائهم في هذا الموقف وايضا اآليات النازلة في غزوة حنين لردع‬
‫المؤمنين عن رذيلة االعجاب واالغترار بالعدد فقد قال هللا ﴿لقد نصركم هللا في‬
‫مواطن كثيرة ويوم حنين اذا اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت‬
‫عليكم االرض بما رحبت ﴾‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪9‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .4‬كشف حال أعداء هللا والمنافقين وهتك أستارهم وأسرارهم للنبي‬
‫والمسلمين كي يأخذوا منهم حذرهم فيأمنوا شرهم و حتي يتوب من شاء‬
‫منهم فقد قال هللا ﴿ ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم االخر وما هم‬
‫بمؤمنين﴾ الي قوله تعالي ﴿ ان هللا علي كل شئ قدير﴾ بعدها بثالثة عشرة اية‬
‫‪ o‬الحكمة الرابعة اإلرشاد إلى مصدر القرآن الكريم وأنه كالم هللا وحده وأنه ال‬
‫يمكن أن يكون كالم محمد ﷺ وال كالم مخلوق سواه‪ :‬فالقرآن الكريم من أوله‬
‫ألخره محكم السرد متين األسلوب قوي االتصال يجري فيه اإلعجاز من أوله ألخره‬
‫كأنه سبيكة واحدة وكل هذا وقد نزل القرآن مفرقا تفريق الوقائع واألحداث‬
‫فكيف حدث ذلك واإلجابة أنه كالم الواحد الديان فهذا أمر من أمور اإلعجاز وسمة‬
‫من سمات الربوبية يقول تعالى ﴿ولو كان من عند غير هللا لوجدوا فيه اختالفا‬
‫كثيرا﴾‪ ،‬وقد تحدى هللا اإلنس والجن على أن يأتوا بآية أو سورة من مثله محكمة‬
‫مترابطة متالفة البدايات والنهايات فعجزوا والقران الكريم قد خرق العادة فقد‬
‫نزل مفرقا منجما ولكنه تم مترابطا محكما ولم يكتمل نزوله إال بعد ‪ 20‬عام ولكن‬
‫تكامل انسجامه بداية ونهاية وكل ما سبق دليل قوي على أنه كالم الخالق القوي‬
‫القدير ‪.‬‬
‫‪ o‬الحكمة الخامسة تحقيق النسخ‪ :‬فقد شاءت حكمة هللا تعالى أن ينسخ من‬
‫كتابه التالوة أو الحكم أو كالهما معا تدرج ًا من السهل إلى الصعب‬
‫للترقي(لترقية) باألمة في مدارج الكمال أو انتقاال من الصعب إلى السهل وهو‬
‫الكثير تخفيفا على األمة وتيسيرا عليها‪.‬‬
‫الموضوع السابع (اسباب النزول)‬
‫‪ ‬معنى سبب النزول‪ :‬هو ما نزلت اآليات أو اآلية متحدثة عنه أو مبينة لحكمه أيام‬
‫وقوعه او اجابه لسؤال‬
‫‪ ‬شرح التعريف‪:‬‬
‫الحادثة قد تكون‪:‬‬
‫‪ o‬خصومة دبت(حدثت)‪ :‬كالخالف الذي شجر بين االوس والخزرج بسبب فتنة‬
‫اليهود بينهم ونزلت بسببه اآليات في سورة ال عمران ﴿يأيها الذين ءامنوا ان‬
‫تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين﴾‬
‫‪ o‬تمني من التمنيات ورغبة من الرغبات كموافقات عمر لبعض آيات القران‬
‫فعن انس قال قال عمر" وافقت ربي في ثالث آيات‪ ،‬االولي قلت يا رسول هللا‬
‫لو اتخذنا من مقام ابراهيم مصلي فنزلت ‪ ،‬الثانية قلت يا رسول هللا ان نساءك‬
‫يدخل عليهن البر والفاجر فلو امرتهن ان يحتجبن فنزلت اية الحجاب ‪ ،‬الثالثة‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪10‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫حينما اجتمع نساء النبي عليه فقلت لهن‪ :‬عسي ربي ان طلقكن ان يبدله ازواجا‬
‫خيرا منكن فنزلت كذلك" رحم هللا عمر ورضي هللا عنه وارضاه‬
‫‪ o‬والسؤال المرفوع الي النبي قد يكون‪:‬‬
‫‪ .1‬متصل بأمر مضي نحو قوله تعالي ﴿ويسألونك عن ذي القرنين﴾‬
‫‪ .2‬متصل بأمر حاضر نحو قوله تعالي ﴿و يسئلونك عن الروح قل الروح من امر‬
‫ربي ﴾‬
‫‪ .3‬متصل بأمر مستقبلي نحو قوله تعالي ﴿يسئلونك عن الساعة ايان مرسها﴾‬
‫‪ o‬المراد بقولنا "ايام وقوعه" الظروف التي ينزل القران فيها متحدثا عن ذلك‬
‫السبب سواء وقع النزول عقب السبب مباشرة او تأخر عنه لمدة لحكمة‬
‫يعملها هللا مثلما حدث حينما سالت قريش عن اصحاب الكهف والروح وذي‬
‫القرنين فقال ﷺ غدا اخبركم ولم يقل "ان شاء هللا" فتأخر الوحي مدة خمسة‬
‫عشر يوما وقيل ثالثة ايام وقيل اربعين ثم نزلت االجابة وفي وسطها ارشاد من‬
‫هللا لرسوله الي ادب االستثناء بالمشيئة(قول ان شاء هللا) فقد قال ﴿ وال‬
‫تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا ۝ اال ان يشاء هللا ﴾ وكلمة "ايام وقوعه" قيد‬
‫البد منه لالحتر از عن اآلية او اآليات التي تنزل ابتداء من غير سبب بينما هي‬
‫تتحدث عن بعض الوقائع واالحوال الماضية والمستقبلية كبعض قصص‬
‫االنبياء واالمم السابقة‬
‫‪ ‬الطريق إلى معرفة أسباب النزول‪:‬‬
‫‪ o‬ال طريق لمعرفة أسباب النزول إال الصحابة الكرام والنقل الصحيح عنهم ألنهم‬
‫هم من عاصروا النبي والوحي والتنزيل ووقفوا على األحوال والمالبسات التي‬
‫أحاطت بنزول اآليات وسمعوا من الرسول ما لم يسمعه غيرهم وقد اقر‬
‫العلماء بذلك وقالوا إن روي سبب النزول عن صحابي وصح الطريق إليه فهو‬
‫مقبول وإن لم يعزز برواية أخرى تقويه ذلك ألن قول الصحابي ال مجال لالجتهاد‬
‫وفيه و حكمه حكم المرفوع إلى النبي‪.‬‬
‫‪ o‬أما قول التابعي في سبب النزول له حكم الرفع إال أنه مرسل إذا صح السند إليه‬
‫وعزز بمرسل آخر وال مجال للعقل واالجتهاد في معرفة أسباب النزول إال‬
‫بمقدار الترجيح والجمع إذا تعارضت األدلة‬
‫‪ o‬وينبغي على من خاض في هذا العلم أن يتحرى الصواب ويتثبت لما يقول حتى ال‬
‫يقع في المحظور ويكون ممن قال عنهم النبي ﷺ (من كذب عليا متعمدا‬
‫فليتبوء مقعده من النار)‬
‫‪ ‬فوائد معرفة أسباب النزول‪:‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪11‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬الفائدة األولى معرفة حكم هللا على التعيين فيما شرعه بالتنزيل‪ :‬وفي ذلك‬
‫نفع للمؤمن وغيره أما المؤمن فيزداد إيمانا على إيمانه ويحرص على تنفيذ أحكام‬
‫هللا والعمل بكتابه والكافر فتسوقه تلك الحكم إلى اإليمان إن كان منصفا حين‬
‫يعلم أن اإلسالم قام على رعاية مصالح اإلنسان ال االستبداد والطغيان خاصة‬
‫إذا الحظ سير وتدرج التشريع في موضوع واحد مثل الخمر و تحريمه وانه حُ رم‬
‫على اربعة مراحل‪:‬‬
‫‪ .1‬المرحلة االولي‪ :‬نزلت بمكة قال تعالي ﴿ ومن ثمرات النخيل واالعناب تتخذون‬
‫منه سكرا ورزقا حسنا﴾‬
‫المراحل الثالثة األخرى تشبه درجات السلم ‪:‬‬
‫‪ .2‬المرحلة الثانية (الدرجة االولي)‪ :‬بيان مجرد الثار الخمر وان اثرها اكبر من نفعها‬
‫قال تعالي ﴿يسئلونك عن الخمر قل فيهما اثم وكبير ومنافع للناس﴾‬
‫‪ .3‬المرحلة الثالثة (الدرجة الثانية)‪ :‬تحريم جزئي لها في اوقات الصالة قال تعالي ﴿يا‬
‫ايها الذين ءامنوا ال تقربوا الصالة وانتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون﴾‬
‫‪ .4‬المرحلة الرابعة (الدرجة الثالثة)‪ :‬تحريمها تحريم كلي قاطع قال تعالي ﴿يا ايها‬
‫الذين ءامنوا انما الخمر والميسر واالنصاب واالزالم رجس من عمل الشيطان‬
‫فاجتنبوه﴾‬
‫‪ o‬الفائدة الثانية‪ :‬االستعانة على فهم اآلية ودفع اإلشكال عنها‪:‬‬
‫▪ قال الشاطبي "معرفة أسباب النزول رافعة لكل مشكلة فهي من المهمات‬
‫في فهم الكتاب بال ريب والجهل بأسباب النزول مُ وقع في االشتباه‬
‫واإلشكال"‬
‫▪ وقال الواحدي "ال يمكن معرفة تفسير اآلية وقصد سبيلها دون الوقوف على‬
‫قصتها وبيان نزولها"‬
‫▪ والمثال على ذلك ما أشكل على عروة بن الزبير في فهم فريضة السعي بين‬
‫الصفا والمروة في قوله تعالى ﴿إن الصفا والمروة من شعائر هللا فمن حج‬
‫البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما﴾‪ ،‬وإشكاله أن اآلية الكريمة نفت‬
‫الجناح ونفي الجناح ال يتفق مع الفريضة في رأيه وبقى في إشكاله هذا حتى‬
‫سأل خالته أم المؤمنين عائشة ففهمته أن تفسير الجناح هنا ليس نفي‬
‫الفريضة إنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين من أن السعي بين‬
‫الصفا والمروة من عمل الجاهلية نظرا الن الصفا كان عليه صنم يقال له‬
‫اساف وكان على المروة صنما يقال له نائلة وكان المشركون إذا سعوا بينهم‬
‫تمسحوا بهم فلما ظهر اإلسالم تحرج على المسلمون أن يطوفوا بهما‬
‫فلذلك نزلت اآلية‪.‬‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪12‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬الفائدة الثالثة دفع توهم الحصر عما يفيد ظاهره الحصر‪ :‬ففي قوله تعالي‬
‫َكون مَ ي َت ًة َأو دَ مً ا‬
‫َطع ُمهُ ِإ ّلا َأن ي َ‬ ‫طاعم ي َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿قل ال َأ ِج ُد في ما أوحِ َي ِإ َل َّي مُ حَ رَّمً ا عَ لى‬
‫اضط َّر َغي َر باغ‬
‫ُ‬ ‫سقا ُأهِ َّ‬
‫ل ل َِغير ِ ال َّلهِ ِبهِ َف َم ِن‬ ‫جس َأو ِف ً‬
‫ٌ‬ ‫مَ سفوحً ا َأو َل َ‬
‫حم خِ نزير َف ِإ َّنهُ رِ‬
‫حيم﴾ ‪ ،‬ذهب الشافعي إلى أن الحصر في هذه اآلية غير‬ ‫َّك َغفو ٌر َر ٌ‬ ‫وَ ال عاد َف ِإ َّن َر ب َ‬
‫مقصود واستعان على دفع توهمه بأنها نزلت بسبب الكفار الذين امتنعوا أن‬
‫يحرموا ما أحل هللا و يحلوا ما حرم هللا عنادا منهم لله ورسوله فنزلت هذه اآلية‬
‫بهذا الحصر الصوري مشادة لهم من هللا ورسوله ال قصدا إلى حقيقة الحصر‬
‫‪ o‬الفائدة الرابعة معرفة من نزلت فيه اآلية على التعيين حتى ال يشتبه بغيره‬
‫فيتهم البريء ويبرأ المريب‪ :‬ولقد قال مروان بن الحكم أن قوله تعالى﴿والذي‬
‫قال لولديه أف لكما﴾ نزلت في عبد الرحمن بن ابي بكر فردت عليه السيدة عائشة‬
‫وبينت له سبب نزولها وقالت كذبت ما فيه نزلت ولكن نزلت في فالن ابن فالن‬
‫وفي رواية ما نزل فينا شيئا من القران غير ان هللا انزل عذري وتقصد ما نزل‬
‫فيهم من آيات ذم‬
‫‪ o‬الفائدة الخامسة تيسير الحفظ وتسهيل الفهم وتثبيت الوحي في ذهن كل‬
‫من يسمع اآلية إذا عرف سببها‪ :‬وذلك ألن ربط األسباب بالمسببات واألحكام‬
‫بالحوادث والحوادث باألشخاص واألزمنة واألمكنة يساعد على تقرير األشياء‬
‫وثباتها في الذهن وسهولة استذكارها وهو ما يعرف بقانون تداعي المعاني‪.‬‬
‫جزء التفسير‬
‫الوحدة االولي (التعريف بسورة الحجرات)‬
‫‪ ‬أسمائها‪:‬‬
‫‪ .1‬الحجرات‪ :‬وجه التسمية ذكر هللا فيها تأديب األعراب الذين نادوا رسول هللا ﷺ‬
‫من وراء الحجرات وهي حجرات نسائه المؤمنات‬
‫‪ .2‬سورة األخالق‪ :‬ألنها تتضمن كثير من اآلداب الراشدة واألخالق الفاضلة‬
‫‪ ‬ترتيبها و وقت نزولها‪ :‬ترتيبها ال ‪ 108‬في ترتيب نزول السور و نزلت بعد سورة‬
‫المجادلة وقيل بعد التحريم ونزلت عام ‪ 9‬هجريا ودليل ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬ذكر فيها لفظ الحجرات والمراد بها حجرات زوجات النبي وهي لم تكن إال‬
‫بالمدينة‬
‫‪ .2‬ورد فيها جملة من األحكام والتشريعات وهي من سمات القرآن المدني‬
‫‪ُ .3‬ذكر فيها الحديث عن األعراب الذين يعدون إسالمهم منة على رسول هللا‬
‫وهذا لم يحدث إال بالمدينة‬
‫‪ ‬أهداف ومقاصد السورة الكريمة‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪13‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬مقصود السورة‪ :‬اإلرشاد إلى مكارم األخالق بتوقير النبي والتأدب معه ومع‬
‫أمته وما يؤكد ذلك‪:‬‬
‫ما قاله الفيروز أبادي‪ :‬معظم مقصود السورة المحافظة علي أمر الحق‬
‫ومراعاة حرمة األكابر والتودد في األمور واالجتناب عن التهور وإعانة المظلوم‬
‫والتحذير عن التجسس والغيبة وترك الفخر باألنساب واالحساب‬
‫‪ o‬أهداف سورة الحجرات‪:‬‬
‫‪ .1‬وجوب الطاعة وتنفيذ أوامر هللا ورسولهﷺ وعدم التقدم عليهما بقول أو راي‬
‫‪ .2‬احترام الرسولﷺ وتعظيم شأنه وتعليم المسلمين بعض اآلداب الواجبة‬
‫عليهم في التعامل مع النبي و عند ندائه ومخاطبته‬
‫‪ .3‬وجوب صدق المسلمين فيما يخبرون به‬
‫‪ .4‬عدم السماع لإلشاعات ووجوب التثبت من األخبار‬
‫‪ .5‬الدعوة إلى مكارم األخالق والفضائل االجتماعية‬
‫‪ .6‬وجوب اإلصالح بين المؤمنين عند االختالف ودفع عدوان الباغين‬
‫‪ .7‬النهي عن السخرية من الناس والهمز واللمز والتحذير من الغيبة والتجسس‬
‫‪ .8‬إعالن مبدأ المؤاخاة والمساواة بين األفراد في مختلف األجناس وااللوان‬
‫‪ .9‬التفريق بين اإليمان واإلسالم‬
‫‪ .10‬التحذير من المنة على هللا بالطاعات وإحالة علم الغيب إلى هللا‬
‫‪ ‬مناسبة السورة لما قبلها‪ :‬يوجد ارتباط وتناسق بين سورة الفتح والحجرات‬
‫من عدة أوجه‪:‬‬
‫‪ .1‬االول‪ :‬الحديث عن تفضيل وتشريف هللا لنبيه ففي سورة الفتح بين هللا علو‬
‫درجة النبي ﷺ وفي الحجرات يقول ال تتركوا من احترامه شيئا ال بالفعل وال‬
‫بالقول‬
‫‪ .2‬الثاني‪ :‬في السورتين حديث عن مدح وثناء من هللا على أصحاب النبي فقد ذكر‬
‫في آخر سورة الفتح قوله تعالي﴿محمد رسول هللا والذين معه﴾ وافتتح سورة‬
‫الحجرات بقوله ﴿يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله﴾‬
‫‪ .3‬في السورتين حديث عن األعراب ففي الفتح حديث عن األعراب الذين تخلفوا عن‬
‫رسول هللا في الجهاد وفي الحجرات حديث عن األعراب الذين يظنون أن اإليمان‬
‫كلمة تقال باللسان من غير عمل‪.‬‬

‫الوحدة الثانية(وجوب التلقي عن هللا ورسوله)‬

‫اآليات‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪14‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫قال تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله واتقوا هللا إن هللا‬
‫سميع عليم﴾‬
‫سبب النزول‬
‫تعددت الروايات في سبب نزول اآلية وأصحها ما أخرجه البخاري وغيره عن طريق‬
‫ابن جريج أنه قدم ركب(وفد) من بني تميم على النبي فقال أبو بكر أمر (ولي عليهم)‬
‫القعقاع بن معبد وقال عمر بل امر األقرع بن حابس فقال أبو بكر ما أردت إال‬
‫خالفي فقال عمر ما أردت خالفك فتماريا(تعاركا) حتى ارتفعت أصواتهم فنزلت‬
‫تلك اآلية‪.‬‬
‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾‪:‬‬
‫‪ o‬بدأت السورة بالنداء موضحة اآلداب مع هللا ورسوله‬
‫‪ o‬تصدير(بداية) الخطاب بالنداء لتنبيه المخاطبين على أن األمر خطير يستدعي‬
‫االنتباه‬
‫‪ o‬وصفهم باإليمان لتنشيطهم‬
‫‪ o‬اإليذان داع إلى المحافظة عليه ووازع عن اإلخالل به‬
‫‪﴿ ‬ءامنوا﴾‪:‬‬
‫‪ o‬اإليمان لغة‪ :‬التصديق ويعني أيضا الوثوق‬
‫‪ o‬شرع ًا ‪ :‬التصديق بما علم بالضرورة إنه من دين محمد كالتوحيد والنبوة وقيل‬
‫اعتقاد الحق واإلقرار به والعمل بمقتضاه‪.‬‬
‫‪﴿ ‬ال تقدموا﴾ التقدم حقيقته المشي قبل الغير وقد يكون حسي اومعنوي‪ :‬ومعناه ال‬
‫تبدو رايا أو قوال أو فعال في أمر ُينتظر أن يقضى هللا بأمر فيه وفي هذه اآلية‬
‫تصريح بالنهي عن التقديم بين يدي هللا ورسوله‬
‫‪﴿ ‬بين يدي هللا ورسوله﴾ ال تقطعوا أمرا قبل أن يحكما فيه وقيل المراد بين يدي‬
‫رسول هللا وذكر هللا تعظيما له‬
‫‪﴿ ‬واتقوا هللا﴾‬
‫‪ o‬التقوى لغة‪ :‬مشتقة من الوقاية وتعني الصيانة مطلقا‬
‫‪ o‬شرعا‪ :‬صيانة المرء نفسه عما يضره في األخرة‬
‫‪ o‬مراتب التقوي‬
‫‪ .1‬األولى ‪ :‬الوقاية من الشرك‬
‫‪ .2‬الثانية ‪ :‬تجنب الكبائر وعدم اإلصرار على الصغائر‬
‫‪ .3‬الثالثة ‪ :‬ترك ما ال بأس به خوفا مما به باس لما رواه الترمذي عن النبي ﷺ "ال‬
‫يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتي يترك ما ال بأس به حذرا مما به بأس"‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪15‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ ‬قوله ﴿ان هللا سميع عليم﴾ هي في موضع العلة للنهي عن التقدم بين يد هللا‬
‫ورسوله ولألمر بتقوى هللا وتعني إنه سميع لكل ما تقولون عليم بكل ما تفعلون‬
‫فمن حقه أن يُتقي ويُراقب‪.‬‬
‫التكرارات‬
‫‪ ‬كرر النداء خمس مرات‪:‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله﴾‪ :‬لبيان أن طاعة‬
‫هللا ال ُتعلم إال بقول النبي‬
‫‪ .2‬قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا ال ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ لوجوب‬
‫احترام النبي‬
‫‪ .3‬قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ﴾ لبيان وجوب االحتراز عن‬
‫االعتماد على أقوال اصحاب الفتن النهم يريدون إلقاء الفتنة بينكم‬
‫‪ .4‬قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا ال يسخر قوم من قوم﴾ لبيان وجوب ترك إيذاء‬
‫المؤمنين‬
‫‪ .5‬قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم﴾ لبيان‬
‫وجوب عدم إهانة المؤمنين حال غيبتهم‪.‬‬
‫‪ ‬كرر األمر بالتقوى في السورة ثالث مرات‪:‬‬
‫‪ .1‬في قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله واتقوا هللا إن‬
‫هللا سميع عليم﴾‬
‫‪ .2‬قوله﴿إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين اخويكم واتقوا هللا﴾‬
‫‪ .3‬قوله﴿أيحب احدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا هللا إن هللا تواب‬
‫رحيم﴾ في ذلك دليل على أن التقوى جامعة لخير الدنيا واآلخرة وكافية لجميع‬
‫المهمات‬
‫االعراب‪:‬‬
‫قوله تعالي﴿يا ايها الذين ءامنوا﴾‬
‫اعرابها‬ ‫الكلمة‬
‫حرف نداء‬ ‫يا‬
‫منادى مبني على الضم في محل نصب‬ ‫أي‬
‫حرف تنبيه مبني على السكون ال محل له من اإلعراب جيء بها للتوصل‬ ‫ها‬
‫لنداء ما فيه ال‬
‫الذين اسم موصول صفة ألي مبنى على الفتح في محل رفع تبعا للفظها‬
‫اوفي محل نصب تبعا لمحلها‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪16‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫ءامنوا جملة فعلية ال محل لها من اإلعراب صلة الموصول‬
‫قوله تعالى ﴿واتقوا هللا﴾‬
‫اعرابها‬ ‫الكلمة‬
‫واتقوا جملة معطوفة علي قوله﴿ال تقدموا﴾ تكملة للنهي عن التقدم بين يدي‬
‫الرسول ليدل علي ان ابرام شيء دون اذن الرسول ليس من التقوي‬ ‫هللا‬

‫ما ترشد إليه اآليات‬

‫‪ .1‬األولى‪ :‬وجوب التلقي عن هللا ورسوله‪ :‬فال يجوز للمكلف اإلقدام على فعل أو‬
‫قول أو حكم أو قضاء إال بعد معرفة حكم هللا ورسوله فيه‪.‬‬
‫‪ .2‬الثانية‪ :‬وجوب تقديم حكم القرآن والسنة على الرأي واالجتهاد‪ :‬فإنه ال يجوز‬
‫ألحد تقديم رأيه أو قوله في مسألة ما مع وجود نص من الكتاب والسنة فحق‬
‫التشريع ثابت لهما وال يجوز الحد ان يشرع بما لم يات به هللا ورسوله فكل‬
‫تشريع ان لم يكن تابعا للكتاب والسنة فهو مردود واما اجتهادات العلماء‬
‫فمصدرها الكتاب والسنة وفي هذا الصدد يقول الحافظ بن كثير عند تفسير‬
‫هذه االية " اي ال تسرعوا في االشياء بين يديه (قبله) بل كونوا تبعا له في جميع‬
‫االمور" "ويدخل في عموم هذا االدب الشرعي حديث معاذ بن جبل حيث قال له‬
‫رسول هللاﷺ حينما بعثه علي اليمن بم تحكم؟ قال بكتاب هللا قالﷺ فان لم‬
‫تجد قال فبسنة نبيه قال ﷺ فان لم تجد قال اجته ُد فضرب النبي ﷺ صدره‬
‫وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول هللاﷺ لما يُرضي رسول هللاﷺ"‬
‫صور التقديم بين يدي هللا ورسوله في مجتمعنا الحالي‪:‬‬
‫‪ .1‬التسرع في اطالق االحكام مع الجهل بحكم هللا ورسوله او ظنه بدون علم‬
‫ان حكمه متوافق مع حكم هللا ورسوله‬
‫‪ .2‬التسرع في اطالق االحكام مع العلم بحكم هللا ورسوله ﷺ بقصد التهرب من‬
‫حكم هللا ورسوله من خالل التاويل الفاسد‬
‫‪ .3‬التطاول علي دين هللا تعالي وشرعه‬
‫‪ .4‬التحاكم الي غير ماشرعه هللا ورسولهﷺ من القوانين الوضعية التي تخالف‬
‫حكم هللا ورسولهﷺ‬
‫‪ .5‬المعامالت المحرمة القائمة علي استغالل الناس واستغالل احوالهم‬
‫‪ .6‬حرمان بعض الورثة من ميراثهم الشرعي الذي فرضه هللا لهم او استبداله‬
‫بثمن بخس وهذا كثيرا ما يحدث‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪17‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .3‬الثالثة‪ :‬تقديم المصلحة على الشرع‪ :‬وهي من األمور التي يقع فيها التقدم‬
‫بين يدي هللا ورسولهﷺ فكثير من الناس يقدمون مصحلتهم علي الشرع وهللا‬
‫يقول ﴿ وما كان لمؤمن وال مؤمنة اذا قضي هللا ورسوله امرا ان يكون لهم‬
‫الخيرة من امرهم ومن يعص هللا وروسوله فقد ضل ضالال مبينا﴾ وسلفنا‬
‫الصالح ضربوا لنا أروع األمثلة في تقديم واتباع الشرع على مصالحهم‬
‫‪ .4‬الرابعة‪ :‬كل عبادة مؤقتة بوقت ال يجب تقديمها على وقتها المحدد‪ :‬فقد‬
‫روي أن اآلية نزلت في قوم ذبحوا قبل أن يصلي الرسول فأمرهم بإعادة الذبح‬
‫وقال الزجاج "ال تقدموا أعمال الطاعة قبل وقتها" وقيل إنها نزلت في تقديم‬
‫الطاعات على أوقاتها‪.‬‬
‫‪ .5‬الخامسة‪ :‬إيجاب التقوى واألمر بها عام في كل األوامر والنواهي الشرعية‪.‬‬

‫الوحدة الثالثة)وجوب األدب مع رسول هللا(‬


‫اآليات‬
‫قال تعالي﴿يا أيها الذين آمنوا ال ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي وال تجهروا له‬
‫بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعملكم وأنتم ال تشعرون﴾‬
‫مناسبة اآلية لما قبلها‬
‫بين هللا في اآلية السابقة األدب معه ومع رسوله وأن التشريع حق لله تعالى‬
‫ولرسوله سواء كان قوال أو فعال ثم شرع في بيان اآلداب مع رسول هللا خاصة‬
‫وأنه ال يجوز رفع الصوت عليه حيا و ميتا ألن هذا يتنافى مع األدب النبوي‪.‬‬
‫سبب نزول هذه اآلية‬
‫أصح الروايات في سبب نزول هذه اآلية نفس سبب نزول اآلية األولى وهو ما‬
‫اورده البخاري في صحيحه عن ابي مليكة قال" كاد الخيران(ابو بكر وعمر) ان يهلكا‬
‫رفعا اصواتهما عند النبي حين قدم عليه ركب من بني تميم فاشار احدهما باالقرع‬
‫ابن حابس واشار االخر برجل اخر ال اذكر اسمه فقال ابو بكر لعمر ما اردت اال خالفي‬
‫قال ما اردت خالفك فارتفعت اصواتهما في ذلك فنزلت اآلية و بعد نزول هذه‬
‫اآلية ما كان يسمع الرسول حديث عمر وال ابو بكر حتي يقول لهما ارفعا صوتيكما‬
‫فاني ال اسمعكما‬
‫رد علي من قال بأن هناك تعارض بين سبب نزول اآلية األولى والثاني‪:‬‬
‫‪ o‬النداء األول نهي عن التقدم بين يدي هللا ورسوله بالقول أو الفعل‬
‫‪ o‬والنداء الثاني نهي عن رفع الصوت في حضرة النبي ﷺ فنزل بسبب ارتفاع‬
‫صوت الخيرين‪.‬‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪18‬‬
‫التفسير و علوم القران‬

‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬في قوله تعالي﴿ يا ايها الذين ءامنوا﴾ بدا اآلية بالنداء كاالية السابقة وذلك لحكم‬
‫جليلة منها‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون في ذلك بيان زيادة الشفقة على المسترشد كما في قول لقمان البنه‬
‫﴿يا بني﴾‬
‫‪ .2‬أن ال ُيتوهم أن المخاطب ثانيا غير المخاطب األول‬
‫‪ .3‬أن يعلم أن كل واحد من الكالمين مقصود و ليس الثاني تأكيدا لألول‬
‫‪ .4‬االهتمام بهذا الغرض واإلشعار بأنه غرض جدير بالتنبيه عليه باالخص حتى ال‬
‫يضيع في الغرض األول فإن هذا من آداب سلوك المؤمنين في معاملة النبي‬
‫‪ .5‬استدعاء لهم لتجديد االستفسار واالستبصار عند كل خطاب وارد وتطرية‬
‫االنصات لكل حكم نازل وتحريك منهم لئال يغفلوا عن آداب الجلوس مع‬
‫الرسول‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿ال ترفعوا اصوتكم فوق صوت النبي﴾‪:‬‬
‫‪ o‬يعني أنه إذا نطق نطقتم وعليكم أال تبلغوا في أصواتكم الحد الذي يبلغه صوته‪،‬‬
‫وهذا النهي يحتمل وجهان‪:‬‬
‫‪ .1‬األول‪ :‬أن يكون المراد حقيقته وذلك ألن رفع الصوت دليل على قلة االحتشام‬
‫واالحترام‬
‫‪ .2‬الثاني‪ :‬أن يكون المراد من المنع كثرة الكالم ألن من يكثر الكالم يكون متكلما‬
‫عند سكوت الغير فيبقى لصوته ارتفاع والرأي األول أصح ألن المنع من ارتفاع‬
‫الصوت يكون لالحترام‪.‬‬
‫‪ o‬خص الصوت بالنهي‪ :‬لكونه أعم من النطق والكالم ويجوز أنه خصه ألن المكروه‬
‫رفع الصوت فوقه‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿وال تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض﴾ يعني ال تخاطبوه‬
‫باسمه يا محمد كما يخاطب بعضكم بعضا وإنما خاطبوه بالنبوة والرسالة يا نبي‬
‫هللا مثال‪ ،‬وقيل ال تجهروا له بالقول كالحاصل بينكم‬
‫‪ o‬اجتهاد العلماء في التفريق بين النهيين الواردين في اآلية‪:‬‬
‫‪ .1‬الزمخشري‪ :‬النهي األول أنه إذا نطق ونطقتم فعليكم أن ال تبلغوا بأصواتكم‬
‫الحد الذي يبلغه صوته ﷺ‪ ،‬والنهي الثاني إنكم إذا كلمتموه وهو صامت فإياكم‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪19‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫والعدول عما نهيتم عنه من رفع الصوت وأن ال تبلغوا حد الجهر الحاصل‬
‫بينكم‪.‬‬
‫‪ .2‬األلوسي‪ :‬األول نهى عن رفع الصوت فوق صوته‪ ،‬الثاني نهى عن مساواة‬
‫جهرهم لجهر النبي‬
‫‪ .3‬رأي ثالث‪ :‬األول مخصوص بمكالمته لهم‪ ،‬الثاني مخصوص بصمته‬
‫‪ o‬الحاالت التي يجوز فيها رفع الصوت‪ :‬الحرب‪ ،‬مجادلة معاند‪ ،‬إرهاب عدو‪ ،‬اآلذان‪،‬‬
‫تكبيرات العيد‪ ،‬غير ما أذن فيه النبي إذنا خاصا كقوله للعباس يوم حنين نادي‬
‫أصحاب السمرة‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿أن تحبط أعمالكم﴾‪:‬‬
‫‪ o‬يعني إنكم إذا رفعتم أصواتكم تتمكن منكم الرذائل وتؤدي إلى االستحقار فتبطل‬
‫حسناتكم‪ ،‬قال الحافظ " إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده خشية أن يغضب‬
‫من ذلك فيغضب هللا لغضبه فيحبط عمل من أغضبه وهو ال يدري" كما جاء‬
‫في الحديث "إن الرجل ليتكلم بالكلمة السيئة ال ُيلقي لها باال فيهوى بها في نار‬
‫جهنم"‬
‫‪ o‬أوجه حبوط (عدم قبول وبطالن) العمل‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون األعمال دنيوية ال يؤمن صاحبها بالله‪ :‬كما يفعل بعض النصارى‬
‫والكفار من أعمال الخير فهذه األعمال ال تنفع صاحبها أصال فقد قال هللا ﴿‬
‫والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة﴾‬
‫‪ .2‬أن تكون األعمال اخروية ولكن قصد صاحبها الرياء والمفاخرة فقد قال‬
‫هللا﴿يا أيها الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم بالمن األذى﴾‬
‫‪ .3‬خلط عمل صالح وآخر سيء فتطغي األعمال السيئة على الصالحة‬
‫فتحبطها‪ :‬قال النبيﷺ (أتدرون من المفلس قالوا المفلس من ال درهم له وال‬
‫متاع فقال إن المفلس من أمتي من جاء يوم القيامة بصالة وصيام و زكاة ويأتي‬
‫عطي هذا‬ ‫قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ف ُي َ‬
‫أخذ‬‫من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ُ‬
‫من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿وأنتم ال تشعرون﴾‪ :‬يعني ال تعلمون بحبوط أعمالكم‪ ،‬في هذه اآلية‬
‫مزيد من التنبيه والتحذير من المهلكات‬
‫‪ o‬شبهة وردها‪:‬‬
‫▪ الشبهة‪ :‬كيف تحبط األعمال بعمل يعملونه وال يشعرون باآلثار المترتبة‬
‫عليه وهل يؤاخذ اإلنسان على ما يعمله من غفلة وجهل؟‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪20‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫▪ الجواب‪ :‬إن في اآلية تحذير من أن يكون من المؤمنين شيئا من المنهي عنه‬
‫مستقبال بعد أن نهاهم هللا عنه فالمؤاخذة على ما نهوا عنه تبدأ من بعد‬
‫تلقيهم النهي وقد يكون الجهر بالصوت عند بعض الناس طبيعة الزمة وعادة‬
‫فجاء النهي لينبه الناس لئال يرفعوا أصواتهم وهم بين يدي رسول هللا وايضا‬
‫بعد موته‪.‬‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪ .1‬وجوب طاعة النبي‪ :‬حيث يفهم من اآلية وما قبلها وجوب طاعة النبي ألن طاعة‬
‫النبي من طاعة هللا عز وجل‪ ،‬و اآليات الدالة على الطاعة كثيرة منها‪ :‬قوله‬
‫تعالي ﴿ ومن يطع الرسول فقد أطاع هللا﴾‪﴿،‬وأطيعوا هللا وأطيعوا الرسول‬
‫واحذروا﴾‪﴿،‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول﴾‪ ،‬ومن األحاديث‬
‫الدالة على الطاعة‪ :‬قال النبيﷺ (كل أمتي يدخلون الجنة إال من أبى قالوا يا رسول‬
‫هللا ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي)‬
‫‪ .2‬عدم رفع الصوت أثناء الحديث مع النبي أو عند قبره أو عند دارسة احاديثه‪:‬‬
‫قد بينت اآليات أن من حقوق النبي اآلدب معه وتوقيره وتبجيله وتعظيمه أثناء‬
‫الحديث معه وبعد مماتة فحرمة النبي ميتا كحرمته حيا وكالمه المأثور بعد موته‬
‫في الرفعة مثل كالمه المسموع فإذا ُقرأ كالمه وجب على كل حاضر أال يرفع‬
‫صوته عليه وقد نبه هللا علي دوام الحرمة المذكورة علي مر الزمان بقوله‬
‫تعالي﴿واذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا﴾ وكالم النبي من الوحي وله من‬
‫الحرمة مثل ما للقران وتأكيدا على هذا الحق للنبي وتلك الحرمة شدد سيدنا عمر‬
‫بن الخطاب في ذلك تشديدا عظيما وكان يعاقب كل من رفع صوته في مسجد‬
‫النبي‪.‬‬
‫‪ .3‬إن من يسيء األدب مع سنة النبي وحديثه وهديه ممقوت(ملعون) من هللا‪:‬‬
‫فقد أشارت اآلية إلى وجوب األدب مع سنة النبي وهديه وإن إساءة األدب مع‬
‫سنة النبي وحديثه هي إساءة لألدب معه فليحذر الذين يقفون من كالم النبي‬
‫وسنته وهديه كما يقف أحدهم من قول أي بشر وليحذر الذين يطعنون في سنته‬
‫أو يشككون فيها أو يستهزئون بها ألن في ذلك إساءة األدب معه ﷺ‪.‬‬
‫‪ .4‬إن رفع الصوت في مجالس العلماء وفي حضرة العلماء منهي عنه‪ :‬وهو‬
‫مستنبط من اآلية التي أشارت إلى عدم رفع الصوت أثناء الحديث معه ﷺ فال‬
‫ينبغي رفع الصوت في مجالس العلماء تعظيما للنبي ألن العلماء هم ورثة‬
‫األنبياء وبين أيديهم هيبة وسكينة ووقار وتوقير مجالس العلم فيه توقير للنبي‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪21‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫الوحدة الرابعة)الترغيب في غض الصوت في مجلس رسول هللاﷺ)‬
‫اآليات‬
‫قال تعالى﴿ان الذين يغضون أصواتهم عند رسول هللا أولئك الذين امتحن هللا قلوبهم‬
‫للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم﴾‬
‫مناسبة اآلية‬
‫بعد أن بين هللا عقوبة من يرفع صوته ويجهر بالقول عند رسول هللا بين بعد ذلك‬
‫غض(خفض)الصوت عنده وما يترتب عليه المغفرة واألجر العظيم فاآلية من‬
‫قبيل الترغيب بعد الترهيب‪.‬‬
‫تاريخ النزول(سبب النزول)‬
‫لما نزلت آية ﴿يا أيها الذين آمنوا ال ترفعوا أصواتكم﴾ جلس ثابت بن قيس في بيته‬
‫وقال أنا من أهل النار واحتبس عن النبي فسأل النبي عنه فقال له سعد بن معاذ‬
‫إنه لجاري وما علمت له شكوى فذهب إلى ثابت وقص له كالم النبي فقال ثابت‬
‫نزلت هذه اآلية وأنا أرفعكم صوتا على النبي فأنا من أهل النار فذكر سعد ذلك‬
‫للنبي ﷺ قال النبي ”ال هو من أهل الجنة” وروي لما نزل قوله تعالي﴿ال ترفعوا‬
‫أصواتكم﴾ حلف أبو بكر على نفسه أال يكلم النبي اال كأخي السرار فأنزل هللا في أبي‬
‫بكر قوله﴿إن الذين يغضون أصواتهم﴾‬
‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬في قوله تعالى﴿إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول هللا﴾‬
‫‪ o‬بيان لما لهذا األدب من ثواب عظيم وأجر كبير من هللا‪.‬‬
‫‪ o‬تعني يخفضونها حياة وإجالال‪.‬‬
‫‪ o‬في اآلية إعجاز قرآني حيث عبر عن خفض الصوت بالغض الذي هو شأن النظر‬
‫وذلك إلن خفض الصوت إنما يكون عن مشاعر الحياء التي تنكسر معها حدة‬
‫البصر فال يستطيع المرء أن يمأل عينه ممن يهابه ويوقره‪.‬‬
‫حياء وان سلطان‬‫ً‬ ‫‪ o‬في قوله﴿يغضون أصواتهم﴾ إشارة ضمنية إلى غض البصر‬
‫الحياء هو المتحكم في المقام ويتسلط الغض على اإلبصار واألفواه جميعا‪.‬‬
‫‪ ‬قوله﴿أولئك الذين امتحن هللا قلوبهم للتقوى﴾‬
‫‪ o‬تعني اختبر هللا قلوبهم فوجدهم مخلصين‬
‫‪ o‬فيها إشارة إلى أن قلوب هؤالء المؤمنين الذين يغضون أصواتهم عند رسول‬
‫هللا قد أعدها هللا وأرادها لتكون مستقرا ومستودعا للتقوى وهذا هو السر في‬
‫تعدية (امتحن) بالالم في قوله (للتقوى) بدل الباء‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪22‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫ً‬
‫مغفرة لذنوبهم وأجر ًا عظيم ًا‬ ‫قوله﴿لهم مغفرة وأجر عظيم﴾‪ :‬تعني لهم في اآلخرة‬
‫لغضهم أصواتهم عند النبي ولسائر طاعاتهم ‪ ،‬نكر "مغفرة وأجر" للتعظيم ‪،‬‬
‫وصف أجر بعظيم مبالغة في عظمة الجنة فإنها مما ال عين رات وال أذن سمعت‪.‬‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪ .1‬احترام رسول هللا والتزام األدب معه ال يكون إال من المؤمنين المتقين‪.‬‬
‫‪ .2‬األمر اإللهي بغض األصوات عند رسول هللا ليس في حياته وإنما بعد مماته‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ .3‬وجوب غض األصوات في مجالس العلم وفي حضرة العلماء‪.‬‬
‫‪ .4‬وجوب التزام األدب مع أهل الصالح‪.‬‬
‫‪ .5‬الذين يخفضون أصواتهم أثناء كالم النبيﷺ وفي مجالسه أخلص هللا قلوبهم‬
‫للتقوى ولهم مغفرة للذنوب وثواب عظيم هو الجنة‪.‬‬
‫‪ .6‬الذين يخفضون أصواتهم عند النبي إذا تكلم اجالال له أولئك الذين طهرهم هللا‬
‫من كل قبيح وجعل في قلوبهم الخوف منه‪.‬‬

‫الوحدة الخامسة(الترهيب من عاقبة سوء األدب مع الرسول)‬


‫اآليات‬
‫قال تعالى ذكره ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم ال يعقلون ۝ ولو‬
‫أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم وهللا غفور ورحيم ﴾‬
‫مناسبة اآلية بااليات السابقة‬
‫بين هللا في اآليات السابقة وجوب األدب مع النبي ثم ثواب من التزموا األدب مع‬
‫النبي بخفض أصواتهم و يحدثنا هللا في هاتين اآليتين عن طائفة الناس الذين لم‬
‫يلتزموا األدب مع رسول هللا في ندائه ومعامالته‬
‫سبب نزول اآليات‬
‫‪ ‬القول االول‪ :‬قال جابر بن عبد هللا واخرين "ان بني تميم جاؤوا الي رسول هللا‬
‫فنادوا علي الباب يا محمد اخرج الينا فان مدحنا زين وان ذمنا شين فخرج وهو‬
‫يقول انما ذلكم هللا فقالوا نحن اناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا‬
‫نشاعرك ونفاخرك فقال ما بالشعر بعثت وال بالفخار امرت ولكن هاتوا ما عندكم‬
‫فقال الزبرقان بن بدر لشاب منهم قم فاذكر فضلك وفضل قومك فقام فذكر‬
‫ذلك فامر النبي ثابت بن قيس فاجابه وقام شاعرهم فاجابه حسان فقال االقرع‬
‫بن حابس وهللا ما ادري ما هذا االمر تكلم خطيبنا فكان احسن من خطيبهم قوال‬
‫وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم احسن من شاعرنا ثم دنا فاسلم فاعطاهم رسول‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪23‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫هللا وكساهم وارتفعت االصوات وكثر اللغط عند رسول هللا فنزلت اآلية" ‪ ،‬وقال‬
‫ابن إسحاق "انها نزلت في جفاة بن تميم وكان فيهم األقرع ابن حابس وعيينه بن‬
‫حصن والزبرقان بن بدر" ‪ ،‬وقال ابن كثير "انها نزلت في االقرع بن حابس لما رواه‬
‫االمام احمد في مسنده عن االقرع بن حابس انه نادي رسول هللا فقال يا محمد يا‬
‫محمد وفي رواية يا رسول هللا فلم يجبه فقال يا رسول هللا ان حمدي لزين وان‬
‫ذمي لشين فقال ذاك هللا عزوجل"‬
‫‪ ‬القول الثاني‪ :‬قال بن عباس "أن رسول هللا بعث سرية إلى بني العنبر وامر‬
‫عليهم عيينة بن حصن الفرازي فلما علموا بذلك هربوا وتركوا عيالهم وجاء‬
‫رجالهم إلى النبي وقت الظهيرة ورسول هللا قائل (نائم) وجعلوا ينادون يا محمد‬
‫اخرج إلينا فنزلت اآلية"‬
‫‪ ‬القول الثالث‪ :‬قال زيد بن االرقم "أن اناسا من العرب قال بعضهم لبعض‬
‫انطلقوا بنا إلى هذا الرجل إن يكن نبيا نكن أسعد الناس وإن يكن ملكا نعيش في‬
‫جناحه فجاءوا فنادوا يا محمد يا محمد"‬
‫‪ ‬الراجح هو القول األول ‪ ،‬والثالث يتحد مع األول ألنه يمكن حمله على بني تميم‬
‫والقول الثاني ضعيف‪.‬‬
‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات﴾‬
‫‪ o‬يعني من خارجها سواء خلفها اوامامها‬
‫‪ o‬والمراد هنا حجرات نساء النبي ويحتمل أنهم تفرقوا على الحجرات ونادوا من‬
‫وراء كل حجرة أو إنهم نادوا من وراء الحجرة الموجود فيهاﷺ وجمعت الحجرات‬
‫اجالال للنبي ولحرمة المكان‪.‬‬
‫‪ o‬إسند الفعل إلى جميعهم ألن الباقون كانوا راضيين عما تواله بعضهم فكانهم‬
‫فعلوه جميعا‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالي﴿أكثرهم ال يعقلون﴾‪:‬‬
‫‪ o‬فيه بيان المعايب بقدر ما في سوء أدبهم من القبائح‪ ،‬تعني اآلية أن النداء‬
‫الصادر منهم لم يكن مقرونا بحسن األدب و كانوا فيه خارجين عن درجة العاقل‬
‫وكان ندائهم كصياح صدر من الحيوانات‪.‬‬
‫‪ o‬وجوه قوله ﴿أكثرهم﴾ ‪:‬‬
‫‪ .1‬األول‪ :‬المراد أنهم في أكثر أحوالهم ال يعقلون‬
‫‪ .2‬الثاني‪ :‬يقال لعل منهم من رجع عن تلك األهواء ومنهم من استمر على تلك‬
‫العادة السيئة فقال أكثرهم إخراجا لمن ندم منهم ‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪24‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم وهللا غفور رحيم﴾‬
‫لكان خيرا لهم في الثواب عند هللا وفي انبساط وسعاده نفس النبي وقضائه‬
‫لحوائجه‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿وهللا غفور رحيم﴾ إعالم بقبوله توبة التائب وغفرانه له ورحمته لمن‬
‫أناب ورجع‪.‬‬
‫ما تشير وترشد إليه اآليات‬
‫‪ .1‬بيان حرمة البيت النبوي ومكانته‪ :‬فإن الذين نادوا رسول هللا وهو في بيته وبين‬
‫نسائه في غرفهن لم يتصرفوا تصرف العقالء في اختيار الوقت واألسلوب‬
‫المناسبين في مخاطبته وكان األولى أال يتصرفوا هذا التصرف المذموم‪.‬‬
‫‪ .2‬إن الذين ال يراعون حرمة بيت النبي ذو طباع جافية قاسية‪ :‬فالقرآن ذم‬
‫تصرف بني تميم ألنه يؤذي النبي ويتنافى مع توقيره واحترامه فالمناداة بصوت‬
‫عالي وباسمه دون وصفه بالنبوة جفاء وقلة عقل‪.‬‬
‫‪ .3‬الصبر عاقبته خير للناس‪ :‬فالذين لم يلتزموا األدب مع رسول هللا لو صبروا‬
‫لكان خيرا لهم ولكان أصلح لهم في دينهم ودنياهم لو انتظروا خروج النبي‪.‬‬

‫الوحدة السادسة(وجوب التثبت من األخبار)‬


‫اآليات‬
‫قال تعالى شأنه﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما‬
‫بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين۝ واعلموا أن فيكم رسول هللا لو يطيعكم‬
‫في كثير من األمر لعنتم ولكن هللا حبب إليكم اإليمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم‬
‫الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون۝ فضال من هللا ونعمة وهللا عليم‬
‫حكيم۝﴾‬
‫مناسبة اآليات‬
‫بعد أن بين هللا في اآليات السابقة األدب معه ومع رسوله من وجوب خفض‬
‫الصوت معه وعدم مناداته باسمه واحترامه‪ ،‬شرع في الحديث من وجوب التثبت‬
‫من األخبار وعدم قبول ما ُينقل من الفسقة والتأكد من أقوالهم وهذا تشريع عام‬
‫يشمل جميع المؤمنين‪.‬‬
‫سبب النزول‬
‫‪ ‬الرواية األولى‪ :‬إن الوليد بن عقبة قد تقول على الحارس بين ضرار الخزاعي بأنه‬
‫منعه الزكاة وأراد قتله لما أرسل النبي الوليد بن عقبه لجمع الزكاة من الحارس‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪25‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫بن ضرار وجاء الحارس وبين للنبي إنه لم يرى الوليد حتى يمنعه الزكاة فنزلت‬
‫اآليات‪.‬‬
‫‪ ‬الرواية الثانية‪ :‬عن أم سلمة قالت إن النبي أرسل رجال لجمع صداقات بني‬
‫المصطلق بعد الوقيعة فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول هللا‬
‫فحدثته نفسه أن القوم سيقتلونه فرجع إلى النبي وقال إن القوم منعوني الزكاة‬
‫فغضب النبي وآتاه وفد وقالوا لقد علمنا أن رسولك رجع من منتصف الطريق‬
‫فخشينا أن يكون ذلك بسبب غضبك وإنا نخشى غضبك ونعوذ بالله من سخط‬
‫هللا ورسوله ولم يزالوا يكلمونه حتى جاء بالل و أذن لصالة العصر فنزلت اآلية‪.‬‬
‫‪ ‬الرواية الثالثة‪ :‬البن عباس قال إن النبي بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى‬
‫بني المصطلق ليأخذ منهم الصداقات وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا‬
‫يتلقون رسول هللا وإنه لما علم الوليد بخروجهم لمالقاته ر جع إلى رسول هللا‬
‫وقال إن بني المصطلق منعوني الصدقة فغضب النبي وبينما هو يحدث نفسه‬
‫لغزوهم آتاه الوفد وقال يا رسول هللا إنا علمنا أن رسولك قد رجع من منتصف‬
‫الطريق وإننا نخاف أن يكون رده لغضبك علينا وإننا نخشى غضب هللا ورسوله‬
‫فلم يصدقهم النبي فنزلت اآلية‪.‬‬
‫‪ ‬الرواية الرابعة‪ :‬عن جابر بن عبد هللا قال بعث النبي الوليد بن عقبة إلى بني‬
‫وكيعه وكانت بينهما شحناء وأن الوليد خشي على نفسه ورجع إلى النبي وقال‬
‫إنهم منعوني الصدقة فلما علم بني وكيعه جاءوا إلى النبي وقالوا له إن الوليد قد‬
‫كذب وهو لم يأتي إلينا فنزلت اآلية‪ ،‬وايا كان سبب النزول فاالية عامة وفيها تنبيه‬
‫علي انه يجب الحذر واخذ الحيطة من االخبار الكاذبة التي تنقل للمسلمين وعدم‬
‫العمل بمقتضاها اال بعد التثبت منها‬
‫‪ ‬كملة حق وانصاف‪ :‬حيث أشارت معظم اآليات إلى أن الفاسق هو الوليد بن‬
‫عقبة وهذا ال يجوز ألنه صحابي جليل ال يمكن وصفه بالفاسق وال يجوز إطالق‬
‫لفظ الفاسق عليه وغاية ما يمكن اطالقه عليه انه ظن وترتب علي ظنه خطأ‬
‫وهذا ما ذهب الي اغلب المفسرين‪.‬‬
‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾‬
‫‪ o‬الخطاب شامل للنبي والمؤمنين من أمته‬
‫‪ o‬النداء فيه داللة على أن اإليمان إذا اقتضي التثبت في نبأ الفاسق فأالولى أن‬
‫يقتضي عدم الفسق وإخراج الفاسق عن الخطاب دليل على شدة األمر عليه من‬
‫باب (ال يزني الزاني وهو مؤمن)‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪26‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ﴾‬
‫‪ o‬الفسق‪ :‬العصيان والترك ألمر هللا والخروج عن طريق الحق وقيل الخروج عن‬
‫الدين‪.‬‬
‫‪ o‬الفسوق‪ :‬الخروج عن الشيء واالنسالخ منه‬
‫‪ o‬الفاسق‪ :‬هو المتصف بالفسوق وهو من يفعل ما يحرمه الشرع من الكبائر‬
‫والمقصود هنا الكذب‪.‬‬
‫‪ o‬الفسق‪ :‬اعم من الكفر ويقع على كثير الذنوب وقليلها والظلم أعم من الفسق‪.‬‬
‫‪ o‬النبأ‪ :‬الخبر ونبأ وأنبأ وتعني أخبر ومنه اشتق النبي‬
‫‪ o‬النبأ‪ :‬خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن وال يقال للخبر في األصل‬
‫نبأ حتى يتضمن لما ذكر وأن يخلو من الكذب كالتواتر‪.‬‬
‫‪ o‬التبين‪ :‬طلب البيان والتعرف وقريب منه التثبت‬
‫‪ o‬ويعني إن جاءكم فاسق بخبر يعظم وقعه في القلوب فتعرفوا وتفحصوا‬
‫وتبينوا الحق من غير جهة الفاسق ألن خبر الفاسق يدعو إلى التتبع والتثبت‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿أن تصيبوا قوما بجهالة﴾‪ :‬لئال تصيبوا أو كراهة أن تصيبوا قوما‬
‫بجهالة لظنكم أن ما جاء به الفاسق حقا‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾‪:‬‬
‫‪ o‬فتصبحوا بعد ظهور براءتهم مما اتهموا به على ما فعلتم في حقهم نادمين‬
‫مغتمين غما الزما‪.‬‬
‫‪ o‬فوائد في قوله﴿فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾ ‪ :‬االولي‪ :‬تقر ير التحذير وتأكيده ‪،‬‬
‫الثانية‪ :‬مدح المؤمنين أي لستم ممن اذا فعلوا سيئة اهتموا بها بل ندموا علي‬
‫فعلها‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿واعلموا أن فيكم رسول هللا﴾‬
‫‪ o‬افتتح الجملة ب"اعلموا" لالهتمام بالمضمون وحث المخاطب على التأمل فيما‬
‫بعدها وهو أسلوب كالمي بليغ‪ ،‬فيه تعريض غالبا بغفله المخاطب عن أمر‬
‫مهم‬
‫‪ o‬في قوله تعالى ﴿فيكم رسول هللا﴾‪ :‬يعني موجود بينكم وهو أمر معلوم ال يخبر‬
‫عنه والمقصود تعليم المسلمين اتباع شريعة الرسول وإن كانت غير موافقة‬
‫لرغباتهم‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿لو يطيعكم في كثير من األمر لعنتم﴾‪:‬‬
‫‪ o‬لو أطاعكم فيما ترغبون في حادث او قضية الختل األمر وتضررتم‬
‫‪ o‬األمر تعريف شامل لجميع األمور لذلك سبقها لفظ كثير‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪27‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬في اآلية احتراز عن طاعته إياهم في بعض األمور مما هو في غير شئون‬
‫التشريع كما أطاعهم في نزول الجيش يوم بدر‪.‬‬
‫‪ o‬العنت‪ :‬اختالل األمر في الحاضر أو العاقبة‪.‬‬
‫‪ o‬صيغة المضارع في قوله﴿لويطيعكم﴾ مستعملة في الماضي ألن حرف لو يفيد‬
‫تعليق الشرط في الماضي وإنما عدل إلى صيغة المضارع ألن المضارع صالح‬
‫للداللة على االستمرار ويكون معنى اآلية ‪:‬لو أطاعكم في قضية معينة أو كلما‬
‫رغبتم منه او اشرتم عليه الختل األمر ألن بعض ما تطلبونه مضر بالغير أو بكم‪،‬‬
‫و قد يكون عدل إلى المضارع للداللة على أنهم كانوا يريدون استمرار طاعة النبي‬
‫لهم والواجب أن يطيعوه ال أن يطيعهم ألن رأي الرسول خير وصواب من غيره‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿ولكن حبب إليكم اإليمان وزينه في قلوبكم﴾‪:‬‬
‫‪ o‬يعني قربه وأدخله في قلوبكم ثم زينه بحيث ال تفارقونه وال يخرج من قلوبكم‬
‫‪ o‬اختلف العلماء في المخاطب في اآلية على قولين‪:‬‬
‫‪ .1‬األول‪ :‬أن المخاطب جميع المؤمنين المخاطبين في قوله﴿يا أيها الذين آمنوا إن‬
‫جاءكم فاسق بنبأ ﴾وفائدة االستدراك دفع توهم أن يكون الحامل على تصديق‬
‫الوليد اإليقاع ببني المصطلق محبة الظلم والفساد في األرض بغير حق‪.‬‬
‫‪ .2‬الثاني‪ :‬إن المخاطب بعض المؤمنين الذين لم يتبعوا الفاسق ولم يميلوا إلى‬
‫العمل بمقتضي ما قاله‪ ،‬فائدة االستدراك‪ :‬بيان براءتهم عن اوصاف‬
‫المصدقين للفاسق واحماد فعلهم‪.‬‬
‫‪ ‬قوله﴿وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان﴾‪ :‬أي بغض إليكم الذنوب والكفر‬
‫والفسوق(الذنوب الكبار) والعصيان جمع معاصي وهذا تدريج لكمال النعمة وفي‬
‫هذه اآلية لطيفة وهي أن هللا تعالى ذكر الكفر والفسوق والعصيان في مقابلة‬
‫اإليمان الكامل ‪ ،‬اإليمان الكامل هو ما اجتمع فيه ثالثة أمور (تصديق بالجنان‬
‫و إقرار باللسان والعمل باألركان) "خلي بالك عشان ممكن تيجي موضوعي"‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿أولئك هم الراشدون﴾‪ :‬أي السالكون إلى الطريق السوي الموصل إلى‬
‫الحق‪ ،‬اآلية فيها عدول و تلوين حيث بدأها على وجه المخاطبة وانتهت على وجه‬
‫المغايبة(الغيبه) حيث قال﴿أولئك هم الراشدون﴾‪ :‬ليعلم أن جميع من كان حاله‬
‫هكذا قد دخل في المدح‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿فضال من هللا ونعمة وهللا عليم حكيم﴾‪ :‬تعليل لحبب أو كره وما‬
‫بينهما اعتراض وقيل نصبهما بفعل مضمر والتقدير جري ذلك فضال‪.‬‬
‫‪﴿ ‬وهللا عليم﴾‪ :‬مبالغ في العلم يعلم أحوال المؤمنين وما بينهم من تفاصيل‬
‫‪﴿ ‬حكيم﴾‪ :‬يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪28‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪ .1‬وجوب التثبت من األخبار ذات الشأن التي قد يترتب عليها أذى أو ضرر يلحق‬
‫باآلخرين‬
‫‪ .2‬إن عدم التثبت من األخبار يؤدي إلى الخصام والشجار والقتال‬
‫‪ .3‬يجب الرجوع إلى ما أرشد به الرسول واالقتداء به‪.‬‬

‫الوحدة السابعة (وجوب اإلصالح بين المتخاصمين‪ ،‬وقتال البغاة)‬


‫اآليات‬
‫َغت ِإحداهُ ما‬ ‫نين اق َت َتلوا َف َأصلِحوا بَي َنهُ ما َف ِإن ب َ‬
‫ؤم َ‬ ‫الم ِ‬‫ن ُ‬ ‫تان ِم َ‬ ‫قال تعالي﴿وَ ِإن طائ َِف ِ‬
‫فاءت َف َأصلِحوا بَي َنهُ ما‬ ‫فيء ِإلى َأمر ِ ال َّلهِ َف ِإن َ‬
‫َ‬ ‫األخرى َفقاتِ ُلوا ا َّلتي َتبغي حَ ّتى َت‬ ‫عَ َلى ُ‬
‫نون ِإخوَ ٌة َف َأصلِحوا ب َ‬
‫َين‬ ‫ؤم َ‬ ‫طين(‪ِ )9‬إ َّن َما ُ‬
‫الم ِ‬ ‫َ‬ ‫قس‬
‫الم ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫قسطوا ِإ َّن ال َّلهَ ُيحِ ُّ‬ ‫دل وَ َأ ِ‬ ‫ِب َ‬
‫الع ِ‬
‫َ‬
‫مون﴾‬ ‫َأ َخوَ ي ُكم وَ َّ‬
‫ات ُقوا ال َّلهَ َل َع َّل ُكم ُترحَ‬
‫مناسبة اآليات‬
‫حذر هللا المؤمنين في اآليات السابقة من النبأ الصادر من الفاسق ثم أشار في‬
‫هذه اآليات إلى اآلثار السلبية الناجمة عن تصديقه‪.‬‬
‫سبب النزول‬
‫‪ ‬تعددت األقوال في سبب النزول‪:‬‬
‫‪ o‬االول‪:‬عن أنس بن مالك أن النبي ذهب إلى عبد هللا بن أبي بن سلول وكان راكبا‬
‫حمارا وانطلق معه المسلمون فلما وصل النبي قال عبد هللا للنبي فوهللا لقد‬
‫آذاني نتن حمارك فقال رجل من األنصار وهللا لحمارالنبي أطيب ريحا منك‬
‫فغضب لعبد هللا رجاال من قومه وغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان بينهم‬
‫ضرب بالجريد واأليدي والنعال فنزلت اآلية‪.‬‬
‫‪ o‬الثاني لقتاده‪ :‬وقال أنها نزلت لرجلين من األنصار كان بينهما حق فقال أحدهما‬
‫الخذن حقي عنوة وذلك لكثرة عشيرته ودعاه اآلخر ليحاكمه عند النبي فلم يزل األمر‬
‫بينهما حتى تناوال بعضهما ضربا باأليد والنعال‪.‬‬
‫‪ o‬الثالث‪ :‬أنها نزلت في امرأة من األنصار يقال لها ام زيد كانت تحت رجل من غير‬
‫األنصار أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها فأرسلت إلى أهلها فجاءوا ليخرجوها‬
‫فاستعان الزوج بأهله ليمنعوا المرأة من الخروج فتدافعوا و تجادلوا وتضاربوا‬
‫بالنعال فنزلت اآلية وأصلح بينهم النبي‪.‬‬
‫‪ o‬الرابع‪ :‬أن األوس والخزرج كان بينهم قتال بالسعف والنعال على عهد النبي فنزلت‬
‫اآلية‪.‬‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪29‬‬


‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ o‬القول الراجح‪ :‬هو األول واآلية تقتضي جميع ما ُر وي لعمومها وهذا عند ابن‬
‫العربي‪ ،.‬أما عند الطاهر وابن عاشور فقالوا بأن الراجح أنها نزلت في األوس‬
‫والخزرج‬
‫التفسير والبيان‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما﴾‬
‫‪ o‬الطائفة‪ :‬الجماعة من الناس وتطلق على الواحد واإلثنين وأكثر من ذلك‬
‫‪ o‬عبر بإن دون إذا لإلشارة إلى ندرة وقوع القتال بين طوائف المسلمين‬
‫‪ o‬عبر بلفظة الطائفتين دون الفرقتين ألن الطائفة أقل من الفرقة وللتنبيه على‬
‫أن القتال لو وقع بين المسلمين ينبغي أن يكون في حدود الضيق‬
‫‪ o‬وضع الظاهر موضع المضمر في قوله ﴿من المؤمنين﴾ للتنبيه على قبح القتال‬
‫بين المؤمنين‪.‬‬
‫‪ o‬باعد بين "فعل االقتتال" "وإن" فلم يقل وإن اقتتل طائفتان للتنبيه على قبح‬
‫القتال بين المؤمنين‪.‬‬
‫‪ o‬قال اقتتلوا بالماضي‪ ،‬ولم يقل بالمضارع ألنها تبني على الدوام واالستمرار‪.‬‬
‫‪ o‬قال اقتتلوا ولم يقل اقتتال‪ ،‬وقال فأصلحوا بينهما ولم يقل بينهم‪ ،‬ذلك ألن عند‬
‫االقتتال تكون الفتنة قائمة على كل واحد برأسه ويكون كل واحد منهم فاعال‬
‫فعال‪ ،‬أما عند العودة إلى الصلح تتفق كلمة كل الطائفة فيصبحوا كنفس‬
‫واحدة واال لن يتحقق الصلح‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ ‬قوله تعالى ﴿ َف ِإن ب ََغت ِإحداهُ ما عَ َلى ُ‬
‫األخرى َفقاتِ ُلوا ا َّلتي َتبغي حَ ّتى َت‬
‫فيء ِإلى أمر ِ‬
‫َ‬
‫ال َّلهِ ﴾‬
‫‪ o‬البغي‪ :‬تجاوز الحد والتطاول على اآلخرين ورفض الصلح ويأتي البغي بمعنى‬
‫الظلم والخيانة والقتال‬
‫‪ o‬اآلية تعني‪ :‬فإن تجاوزت إحدى الطائفتين وتعدت وطلبت العلو بغير حق‬
‫فقاتلوهم حتى ترجع إلى الحال المحمودة وتعترف بالحق وتتخلى عما كانت‬
‫واقعة فيه وترجع إلى أمر هللا‬
‫جزاء للباغي وإنما حد للفتنة ﴿فإن‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬في قوله ﴿حتى تفئ﴾‪ :‬إشارة إلى أن القتال ليس‬
‫فاءت﴾ حرم قتالها‪.‬‬
‫‪ ‬أوجه قوله ﴿إلى أمر هللا﴾ ‪ :‬األول‪ :‬طاعة الرسول وأولى األمر‪ ،‬الثاني‪ :‬الصلح فإنه‬
‫مأمور به ‪ ،‬الثالث‪ :‬إلى أمر هللا بالتقوى فإن من خاف هللا حق الخوف ال يبقى له‬
‫عداوة إال مع الشيطان‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل﴾‪ :‬فإن عادت الفئة الباغية ورجعت‬
‫إلى أمر هللا وأقلعت عن القتال فأصلحوا بينهم بالعدل بفصل ما بينهما على‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪30‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫حكم هللا وال تكتفوا بمجرد إبعادهما عن بعضهما مخافة العودة للقتال مرة‬
‫أخرى وتقييد اإلصالح بالعدل ألن اإلصالح هنا يكون بإزالة آثار القتال بعد اندفاعه‬
‫من ضمان المتلفات وهو حكم ‪،‬وكأنه قال واحكموا بينهما بعد تركهما القتال‬
‫بالحق وأصلحوا بالعدل مما يكون بينهما‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿واقسطوا إن هللا يحب المقسطين﴾‬
‫‪ o‬القسط‪ :‬يستعمل في العدل والجور والمراد به في اآلية العدل‬
‫‪ o‬معنى اآلية اعدلوا إن هللا يحب العادلين‬
‫‪ o‬أصل الكلمة مأخوذة من الفعل الرباعي أقسط واسم الفاعل منه مقسط‬
‫‪ o‬فائدة قوله واقسطوا بعد العدل‪ :‬ان قوله ﴿فأصلحوا بينهما بالعدل﴾ كان‬
‫فيه تخصيص لحال دون حال فعمم األمر بقوله وأقسطوا‪.‬‬
‫‪ ‬قوله تعالى ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ تعليل إلقامة اإلصالح بين المؤمنين إذا حدث‬
‫الخالف بينهم فالجملة موقعها موقع العلة‪ ،‬وجاءت بصيغة القصر المفيدة‬
‫لحصر حالهم في حال اإلخوة مبالغة في تقرير الحكم بين المسلمين‬
‫‪ ‬في قوله ﴿أخوة﴾ مجاز على وجه التشبيه البليغ لزيادة تقرير معنى األخوة‬
‫‪ ‬في قوله ﴿فأصلحوا بين إخويكم﴾ وضع الظاهر موضع المضمر مضافا للمأمور‬
‫للمبالغة في التقرير و التخصيص‪ ،‬و خصص اإلثنين بالذكر دون الجمع ألن أقل ما‬
‫يقع بينهم الشقاق إثنان فإذا لزمت المصالحة بين األقل كانت بين األكثر الزم‬
‫‪ ‬قوله تعالى﴿واتقوا هللا لعلكم ترحمون﴾‪ :‬المخاطب جميع المؤمنين فيشمل‬
‫الطائفتين الباغية والمبغي عليها وغيرها‬
‫فتجري أحوالكم على‬ ‫‪ ‬قوله تعالى﴿لعلكم ترحمون﴾‪ :‬تاتيكم ر حمة من عند هللا ُ‬
‫استقامة وصالح‪ ،‬و اختيرت الرحمة ألن األمر بالتقوى واقع أثر تقرير حقيقية اإلخوة‬
‫بين المؤمنين وشأن تعامل األخوة بالرحمة فكان الجزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪ .1‬وجوب اإلصالح بين المؤمنين وإن وقع بينهم قتال وذكرت اآلية خطوات‬
‫اإلصالح‪:‬‬
‫‪ .1‬األولى‪ :‬مرحلة اإلصالح بعد القتال وإيقافه عن طريق الكلمة الطيبة والموعظة‬
‫الحسنة‬
‫‪ .2‬الثانية قتال الطائفة الباغية‪ :‬فإن اصرت أحد الطائفتين على القتال وتابت األخرى‬
‫وجب قتال الباغية حتى ترجع‪.‬‬
‫‪ .3‬الثالثة اإلصالح بالعدل بعد الرجوع إلى الحق و وقف القتال‪ :‬ويتم التحكيم على‬
‫أساس كتاب هللا وسنة رسوله في تقرير الحقوق للمتنازعين وفض النزاع‬
‫وتوخي العدل في اإلصالح يقطع دابر الفتنة ويهدي النفوس الثائرة‪.‬‬
‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪31‬‬
‫التفسير و علوم القران‬
‫‪ .2‬البغي ال يزيل اسم االيمان‪ :‬فالله تعالى سماهم أخوة مع كونهم باغين‬
‫‪ .3‬األخوة اإليمانية لها مكانة سامية ودرجة عالية و برزت هذا المكانة (مكانة‬
‫االخوة) اإليمانية من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬تقديم أخوة الدين على أخوة النسب فأخوة الدين أثبت من النسب ألن أخوة‬
‫النسب تنقطع بمخالفة الدين وأخوة الدين ال تنقطع بمخالفة النسب‪.‬‬
‫‪ .2‬شرع اإلسالم حقوقا كثيرة تقوي األخوة اإليمانية وتحافظ عليها كالحقوق‬
‫الست وهي( السالم عليه‪ ،‬إجابة دعائه‪ ،‬تقديم النصيحة له‪ ،‬تشميته إذا عطس‪،‬‬
‫عيادته إذا مرض ‪ ،‬التراحم عليه اذا مات) و نصرته‪ ،‬حسن الخلق‪ ،‬والتواد‬
‫والتراحم وقضاء حوائج المسلمين‪.‬‬
‫‪ .3‬حرم اإلسالم األمور التي تكون سبب في إضعاف األخوة و بترها كالغيبة‬
‫والنميمة‪ ،‬السخرية‪ ،‬الهمز‪ ،‬واللمز‪ ،‬سوء الظن‪ ،‬الغل‪ ،‬والحسد‪ ،‬والتفاخر‬
‫بالحسب والنسب‪ ،‬والتجسس‪.‬‬
‫تمت بحمد الل‬
‫ل م‬
‫كل ا حقوق حقوظة‬
‫للفرقة الثالثة تربية خاصة بنين ازهر بالقاهرة ‪2023‬‬
‫امجد كامل & حاتم طلعت‬
‫التنسونا من صالح الدعاء‬
‫ودائما " تفائلوا بالخير تجدوه "‬

‫اعداد‪/‬امجد كامل & حاتم طلعت‪2023‬‬ ‫‪32‬‬

You might also like