‫وإن تنوع الظواهر السيكولوجية‪ ،‬وعدم تجانسها‪ ،‬وتعدد المتغيرات التي تتدخل فيها‪ ،‬تجعل‬

‫من المتعذر عزل العناصر األولية التي تشكل الظاهرة السيكولوجية‪ ،‬لبيان أثر هذه‬
‫العناصر في تكون الظاهرة‪ ،‬كما تجعل من المتعذر إطالق أحكام عامة بصددها‪ ،‬لذلك‬
‫تتحدد هذه األحكام عادة‪ ،‬بمتغيرات معينة‪ ،‬وأفراد معينين‪ ،‬وزمان ومكان معينين‪ ،‬األمر‬
‫‪.‬الذي يحد من القدرة على التعميم‬
‫بيد أن هذه الصعوبات لم تحل دون الوقوف على بعض المفاهيم والمبادئ األساسية التي‬
‫يستخدمها علم النفس التربوي في تفسير الظواهر السلوكية الهامة في الوضع التعليمي ـ‬
‫التعلمي‪ ،‬وذلك بهدف فهمها وضبطها والتنبؤ بها‪ ،‬ويتشابه بذلك علم النفس التربوي مع‬
‫العلوم األخرى‪ ،‬من حيث الوظيفة التي يقوم بها كعلم‪ ،‬والتي تؤدي بشكل أو بآخر‪ ،‬إلى‬
‫‪.‬مزيد من النمو المهني للمعلم‬

‫‪:‬المفاهيم في علم النفس التربوي‬

‫تستخدم المفاهيم في علم النفس التربوي كما في العلوم األخرى‪ ،‬حيث تشير في سياق هذا‬
‫العلم إلى سلوك الفرد أثناء قيامه بنشاط تربوي ما‪ ،‬كالتعلم والتفكير والتذكر واإلدراك‬
‫واالنتباه‪ ،‬وإلى الشروط البيئية المختلفة ذات العالقة بهذا السلوك‪ ،‬كالشروط الطبيعية‬
‫‪.‬واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫تتصف مفاهيم علم النفس التربوي بالتنوع والتعدد‪ ،‬فبعضها واسع وشامل‪ ،‬كالتعلم والذكاء‬
‫والدافعية واالتجاه والميل‪ ..‬الخ األمر الذي يحول دون تحديدها على نحو دقيق‪ ،‬والبعض‬
‫‪.‬اآلخر أقل شموًال وأكثر تحديدًا ووضوحًا‪ ،‬كاالستجابة والمثير والمعزز واالنتقال‪...‬الخ‬
‫إن العديد من مفاهيم علم النفس التربوي ليست إال افتراضيات اضطر الباحثون إلى وضعها‬
‫لتفسير ظاهرة سلوكية معينة ترتبط بالعملية التعليمية ـ التعلميةوبذلك ينسب الباحثون‬
‫‪.‬الفروق في األداء إلى الفروق في الدافعية‬

‫‪:‬المبادئ في علم النفس التربوي‬

‫ال يتوقف علم النفس التربوي عند بناء المفاهيم وصياغتها فقط‪ ،‬بل يحاول أيضًا وضع‬
‫المبادئ التي تصف العالقات القائمة بين المفاهيم أو المتغيرات‪ ،‬بغية الوصول إلى نوع‬
‫أفضل من التعميم‪ .‬لهذا تعتبر مبادئ علم النفس التربوي من النوع الوصفي‪ ،‬كالمبدأ القائل‬
‫«بأن التعزيز يزيد احتمال حدوث االستجابة المعززة» أو المبدأ القائل «بأن األفراد ذوي‬
‫‪».‬القدرات العقلية المرتفعة‪ ،‬ينزعون إلى الحصول على مستويات تحصيلية مرتفعة‬
 ‫بيد أن مثل هذه المبادئ ال ترقى إلى مستوى القاعدة أو القانون إال إذا اشتقت على نحو‬
‫منهجي ووفق األساليب العلمية الدقيقة‪ ،‬سواء من حيث عملية جمع المعلومات أو طرق‬
‫معالجتها‪ ،‬كما يجب أن تتفق مع الحقائق الواقعية والتجريبية‪ ،‬وأن تتصف بقدر كاٍف من‬
‫‪.‬الثبات والصدق‬

‫‪:‬الفهم والتنبؤ والضبط في علم النفس التربوي‬

‫‪.‬يسعى العلم إلى تحقيق ثالثة أهداف‪ ،‬هي‪ :‬الفهم‪ ،‬والتنبؤ‪ ،‬والضبط‬

‫‪:‬الفهم‬
‫يشير الفهم إلى عملية شرح أو تفسير العالقات بين المفاهيم أو المتغيرات ذات العالقة‬
‫‪،‬بالظاهرة موضع االهتمام‬
‫‪:‬التنبؤ‬
‫إن التنبؤ هو القدرة على معرفة الحوادث أو الظواهر المستقبلية في مجال معين‪ ،‬وذلك‬
‫باالستناد إلى معرفة العالقات الموجودة بين المتغيرات ذات العالقة بهذا المجال‬
‫‪:‬الضبط‬
‫الضبط هو عملية التحكم في بعض المتغيرات األساسية التي تسهم في إحداث ظاهرة ما‬
‫وهكذا يتضح أن كًال من الفهم والتنبؤ والضبط يقوم على إيجاد نوع من العالقات بين‬
‫المفاهيم أو المتغيرات موضع االهتمام‪ ،‬فالفهم يقوم على العالقات المنطقية‪ ،‬ويقوم التنبؤ‬
‫على العالقات الزمني‬