Professional Documents
Culture Documents
الأغنية الشعبية في منطقة الشرق الجزائري صورتها و نمطها و بناؤها - الأغنية الثورية انموذجا -
الأغنية الشعبية في منطقة الشرق الجزائري صورتها و نمطها و بناؤها - الأغنية الثورية انموذجا -
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
المـــــلخص :
إذا تأملنا التراث الشعبي الجزائري ،فإننا نجد ذخيرة وفيرة و متنوعة من أشكال
التعبير الشعبي ،تناقلتها الجماعات الشعبية ،و توارثتها األجيال جيال عن جيل .و تعد
األغنية الشعبية واحدة من بين هذه النصوص الشعبية التي فرضت نفسها على الساحة
الشعبية إذ تعد مرآة تنعكس عليها صورة نابضة عن حياة الشعوب وآمالها و آالمها و
أخالقها و عاداتها و مثلها .
لكن األمر الالفت لالنتباه أن األغنية الشعبية الجزائرية ال تزال مشتتة هنا و هناك ـ بل توشك
أن تندثر و تتالشى ،ألنها لم تخضع بعد إلى عملية منهجية واضحة في جمعها و تدوينها .
لكن بالرغم من ذلك فقد كتبت لها الظروف السياسية و الثقافية للجزائر من االنتشار و الرواج
بين مختلف فئات المجتمع بلهجات متباينة بتباين المتغيرات اللسانية و المنتشرة في ربوع
الجزائر من شرقها إلى غربها و من شمالها إلى جنوبها .
الكلمات المفتاحية
األغنية الشعبية ،الصورة ،النمط ،البناء ،األغنية الثورية .
Le résumé :
Si nous regardons le folklore algérien, nous trouvons des
munitions abondantes et une variété d’expressions populaires,
transmises par des groupes populaires, transmises de génération en
génération. La chanson populaire est l’un de ces textes populaires qui
s’est imposé sur la scène populaire comme un miroir reflétant la vie
des peuples et leurs espoirs et leurs souffrances, leur moralité et leurs
coutumes et ainsi de suite.
Mais il est remarquable que la chanson folklorique algérienne soit
toujours dispersée ici et là et soit sur le point de disparaître et de
يعد الباحث " ألكسندر هجرتي كراب " من الباحثين الذين كرسوا جهودهم لدراسة األغنية
الشعبية و قد عرفها بأنّها " :قصيدة شعرية ملحنة ،مجهولة المؤلف ،كانت تشيع بين
1
األميين في األزمنة الماضية و ما تزال حية في االستعمال "
ّ
كما يعتبر " بوليكافسكي" األغنية الشعبية أنّها من إنتاج الشعب ألفها للتعبير عن آالمه و
معاناته يقول " :األغنية الشعبية هي التي أنشأها الشعب و ليست هي األغنية التي تعيش في
جو شعبي " .و هكذا يكون الباحثان قد ركزا على شعبية هذا االبداع الشعبي و مجهولية
مؤلفه و بهذا يكونا قد أ ّكدا صفة الشعبية لهذه األخيرة التي تناشد الوجدان الجماعي لألمة ،و
تجتذب الشعب كله .فاألغنية الشعبية هي إبداع شعبي باعتبارها تناولت الموضوعات
القومية التي تهم جميع أفراد الشعب ،و بطريقة أسطورية ألنها تعتمد على الحركة و اإلشارة
و اإليقاع ،فالجو الدرامي و األسطوري هو ما يميز األغنية الشعبية و هو نفسه الجو الذي
يشمل بقية الفنون الشعبية األخرى .وقد أكد " أحمد صالح رشدي هذا األمر عندما قال " ّ
إن
ألن العامة اصطلحواالن دور الفرد في إنشائه معدوم و ال ّ العمل األدبي مجهول المؤلف ال ّ
على أن ينكروا على الخالق الفرد حقه في أن ينسب إلـــىى نفسه ما يبدع بل ألن العمل األدبي
الشعبي يستوفي أثرا فنيا يتوافق مع الجماعة و جريا على عرفهم من حيث موضوعه و شكله
المدون و أدب الفصحىّ ،ووألنّه ال يتخذ شكله النهائي قبل أن يصل إلى جمهوره شأن األدب
،بل يتم الشكل األخير من خالل االستعمال و التداول " 2و هكذا تعتبر األغنية الشعبية إبداع
شعبي جماعي الستحواذها على مقومات األدب الشعبي كالتداول والمشافهة ما جعلها
عرضة للتغيير و التبديل و الزيادة و النقصان .
أما ّ الباحث " ريتشارد فايس " فقد فنّد الرأي الذي قال به " بوليكافسكي" و رأى
بأن األغنية الشعبية " :ليست بالضرورة هي األغنية التي خلقها الشعب ،و لكنها األغنية ّ
التي يعنيها الشعب " فاألغاني الشعبية التي تناقلها أفراد الشعب .الشعب هو الذي عدّلها و
3
كيفها حسب رغبته بعد استحواذه عليها و أصبحت ملكه الخاص على اعتبار ّ
أن األغنية
الشعبية كإبداع شعبي تتغير بطبيعتها و ال تستقر على نحو ما ألنها شفوية و بالتالي فهي
عرضة للزيادة والنقصان.
أما الباحثين العرب فقد وضعوا عدة تعاريف لألغنية الشعبية من بينها:
/ألكسندر هجرتي كراب ،علم الفولكلور ،ترجمة :أحمد رشدي صالح ،وزارة الثقافة المصرية ،مؤسسة التأليف و النشر ،دار
1
الكاتب القاهرة 1967 ،ص .235
/أحمد صالح رشدي ،األدب الشعبي ط 03دار المعارف للنشر و التوزيع مصر ،ص . 21 /16
2
3
/ R/Weis ; HABITS AND DEVELOPMENT . SONATA . SONT . NEW
YORK / 1977 P . 125
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
337
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
" هي قصيدة ملحنة مجهولة بمعنى أنّها نشــأت بين العامة من الناس في أزمنة ماضية ،و
4
بقيت متداولة أزمانا طويلة "
و يضيف " أحمد مرسي" قائال " :األغنية الشعبية هي األغنية المرددة التي تستوعبها
حافظة جماعة تتناقل آدابها شفاها ،و تصدر في تحقيق وجودها عن وجدان شعبي " .5
أما إبراهيم فاضل فقد أل ّم إلى حدّ ما بمفهوم األغنية الشعبية ،حيث ر ّكز على
خصائص عديدة تميزها كالعفوية والطابع المؤثر الذي تحكمه كلماتها و بساطة أسلوبها ،و
بدائية آالتها الموسيقية ،و تعبيرها المباشر عن لحظات الوجدان واالنفعال و التأثر التي
6
تجعل نصوصها يغلب عليها الحزن و المزاج الفردي
و عموما يمكننا أن نالمس و نقترب من مفهوم األغنية الشعبية فنقول :هي
موضوع هام من مواضيع التراث الشعبي األدبي و مصدر أساسي من مصادره وهي معيار
حقيقي للتّعرف على ذوق الفرد الشعبي و الوجدان الجمعي لألمة ،وقد أدّت وظائف جمة ،
حيث تعد وسيلة من وسائل التعرف على المستوى الفكري للمجتمع من خالل تركيباتها
اللغوية و األدبية و تآلفها اللّحني ،و تداخـــل إيقاعاتها الصوتية و الموسيقية .كما عبرت
عن عادات وتقاليد المجتمع و ذلك لما تحتويه من مقوالت فلسفية و روحية و أخالقية .إذ أدّت
في كل طور من أطوار المجتمع وظائف كثيرة و أشبعت حاجات ملحة.و قد جمع و ل ّخص
"العربي دحو " في كتابه " مفاهيم و نماذج في األغنية الشعبية " وظائف األغنية الشعبية
فقال " :ما األغاني إالّ أخالق ،و لغة و عوائد ،و تشخــــيص وانتخاب ،وتمثيل أحسن
الصور أو أقبحها في حركاتها و أحوالها الجزئية و الكلية ،و من هذه الوجهة هي معيار
األذواق و برهان الحضارة ،أو البداوة ،و دليل التصورات و الخواطــــر النفسانية .أ ّما من
وجهة تأثيرها على النفس ،فهي مفرجة الكروب ،و مسلية الخواطر ،و مجلية األحزان ،و
7
منشطة العزائم ،و غذاء األرواح ،ومرآة الصور الجميلة و مدعاة االئتالف و التحابب "
و هي فوق كل ذلك ترتبط بالفرد و المجتمع ارتباطا ماديا و عقليا و روحيا ،و هي إنتاج و
إبداع تلقائي صادر عن فكر ووجدان مشترك بين أبناء المجتمع ،حيث يمارسها هذا األخير
في إطار عاداته و معتقداته و مناسباته االحتفالية المتنوعة .و من أمثلة هذه األغاني :أغاني
دورة الحياة ( الميالد و مراحله كالعقيقة و الختان ...الخ و الزواج و مراحله ،الموت ) و
4
/فوزي العنتيل ،األغنية الشعبية ،مجلة الدوحة ،العدد 2003 ، 14ص .40 :
5
/أحمد مرسي ،األغنيو الشعبية ،الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر ،القاهرة ،1968 ،ص .25
/ينظر :عبد األمير جعفر ،الفن الغنائي في الخليج العربي ،وزارة الثقافة و اإلعالم و اإلرشاد القومي ،
6
دمشق ،1980 ،ص .29
/العربي دحو ،مفاهي م و نماذج في األغنية الشعبية عن الثورة التحريرية " األوراس نموذجا" ،الناشر
7
المتصدر للترقية الثقافية و العلمية و اإلعالمية ،الجزائر ط ، 2013 ، 1ص .8/7 :
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
338
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
من ذلك أغاني السمر والمناسبات كاألعياد و أغاني العمل مثل أغاني الصيد و الحصاد ،
استدرار األمطار و األغاني الثورية ،األغاني الدينية و غيرها
خصائص األغنية الشعبية و أنواعها :
انطالقا من مفهوم األغنية الشعبية ،يمكننا أن نجمع و نلخص و نل ّم في نفس الوقت
بخصائص ومميزات األغنية الشعبية ،معتمدين على آراء بعض الدارسين و المتخصصين و
هو الباحث األلماني " ألكسندر هجرتي كراب" ،8هذا األخير الذي جمع خصائص األغنية
الشعبية فيما يلي :
هي إبداع جماعي ،و لذا فهي عرضة للتبديل و التغيير و اإلضافة و
الحذف ،بسبب مشافهتها .
غنائية ،تتنتول موضوعاتها بطريقة جديدة حيوية و ألوانها كثيرة تشبه
ألوان الصناعة الشعبية الريفية.
كثير من األغاني الشعبية هي ميلودرامية مأساوية ،حزينة و انفعالية ،
فهي ليست بالضرورة مستقات من مواضيع مفرحة أو مسلية .
أن أسلوبها بسيط جدا هي انفعالية للغاية ،غير أن انفعاليتها بسيطة غير معقدة كما ّ
هو اآلخر فهو في أغلب األحيان أسلوب المربعات .
إلى جانب خصائص أخرى من بينها :مجهولية المؤلف ،لكن ال يمكننا تعميم هذه الخاصية ،
ألن الكثير من النصوص عرف صاحبها ،كقصيدة ( حيزية ) فهي الشاعر " محمد الصغير
بن قيطون" و أداها الكثير من المطربين الجزائريين ك " عبد الحميد عبابسة ،و رابح
درياسة و خليفي أحمد ...لتصبح منتشرة في األوساط الشعبية و يرددها الناس في كل مكان
و زمان .كذلك :االنتشار و التداول بين العامة من الناس و في كل المناسبات ،أيضا من
خصائصها التعديل بالزيادة و النقصان :وهو عنصر البد منه أثناء التناقل الشفهي ،طبعا
دون المساس بجوهر و أصل النص الغنائي .
و يجب أن نضع بعين االعتبار تنوع نص األغنية الشعبية من حيث الكلمات من منطقة إلى
أخرى و هذا راجع إلى تنوع اللهجات ،لكن الجانب الموسيقي من لحن و نغم يبقى ثابتا ال
يتغير .
أ ّما إذا جئنا إلى أنواع األغنية الشعبية ،فقد انقسمت هذه األخيرة إلى عدة أصناف
من بينها :
.1أغاني المناسبات االجتماعية
.2أغاني العمل
/ألكسندر هجرتي كراب ،علم الفولكلور تر :رشدي صالح ،وزارة الثقافة المصرية ،دار الكتاب ،
8القاهرة ،1967 ،ص .133
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
339
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
.3الموال
و قد اختلف الباحثون في تقسم األغاني الشعبية ،فبعض الباحثين قسمها إلى :أغاني
المناسبات و أغاني البحارة ،و أغاني الفالحين و أغاني الثورة التحريرية و األغاني
الحضرية ذات الطابع األندلسي 9كما قسمها باحث آخر إلى ثالثة أصناف و هي :أغاني
الحياة و األغاني الدينية ،و أغاني القيم المثالية . 10و مهما اختلفت األنواع ،و حسب
فإن لكل أمة نوعا خاصا تؤديه في مناسباتها المختلفة ،فقد عرفت المراجع التاريخية ّ ،
العوالم العربية أنواعا مختلفة وطبوعا مختلفة من األغاني الشعبية كاألهازيج و األغنية الحرة
،و النشيد و الموال والقصيدة الغنائية و الموشحات و األزجال و المغناة ...و غيرها .
9
/محمد عيالن ،محاضرات في اآلدب الشعبي ،منشورات جامعة عنابة ، 1991 ،ص .04
/هــــ .ز .أولكن مصادر شعبية للثقافة المعاصرة ،تر حسين الدافوقي ،مجلة التراث الشعبي ،وزارة
10
الثقافة و اإلعالم ،العراق ،العدد الفصلي األول ، 1986ص .184
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
340
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
و تعتبر األغنية المؤداة في الشرق الجزائري من أكثر األلوان استماعا في الجزائر العتمادها
على توظيف الكلمات النظيفة و اللغة السهلة المفهومة التي تستوعبها معظم الفئات الشعبية .
أما في العهد االستعماري ،فقد ازدهرت األغنية الشعبية ازدهارا كبيرا خاصة
منها األغنية الشاوية و القبائلية ،والسطايفية ،فعند أهل الشاوية انتشر الغناء الجماعي
كالرحابة و الغناء الفردي في منطقة سطيف و الذي يعرف بالصراوي .و من رواد األغنية
الشاوية عيسى الجرموني ،مسينيسا ،عميروش ...و آخرون أما رواد األغنية السطايفية
فنذكر على سبيل المثال :سمير السطايفي بكاك شي الخير ،نور الدين بن تومي ...و
غيرهم ،وكانت أغانيهم ذات مضمون وطني سياسي استوعبت النضال التحريري و الكفاح
صور هؤالء الشعراء الشعبيون أحداث الثورة و س ّجلوا البطوالت ،و كان المسلح ،حيث ّ
الشاعر الشعبي " شاعر نضال ،و رفيق سالح ،وحامل رسالة يستمد شعره من عاطفة
دينية قوية ،و يحمل بين جوانحه ضميرا قوميا شفافا " ، 11سجل انتصارات الجزائريين و
تضحياتهم و تاريخ الثورات ،و بعث النخوة و الكرامة في نفوس المواطنين ،و تغنى بهذه
األشعار في قصائد طويلة و تلقاها الرواة و الحفظة فيما بعد ،فأصبح أداؤها يتم في مناسبات
احتفالية مختلفة .
و قد تميزت األغنية الثورية بخصائص مكنتها من االمتداد و االنتشار ،فهي تقوم
على أسس فنيّة و معايير خاصة ،أصبحت فيما بعد جزءا من تقاليدنا الموروثة و المتفق
عليها بين المؤدين و المحترفين ،فالشاعر " لم يكن أديبا " صناعيا " يتفنن في اختيار
القوالب الجميلة لكي يؤثر في عواطف الناس ،و إنما كان يقول الشعر بطريقة تلقائية و
يصور إحساس مواطنيه ،فيذكرهم ّ عفوية ،يعيش محنة االحتالل بكل آالمها و جراحها و
بأحداث الماضي ليدفعهم إلى الجهاد و التضحية من أجل تحقيق الحياة الكريمة .و الشاعر
الشعبي ال يهدف من وراء الشعر إلى كسب الشهرة أو الجاه ،و إنما يهدف من وراء شعره
إلى تصوير مأساة غزو استعماري استهدف دينه وثقافته " . 12
كما تميز النص الثوري بالواقعية النابعة من صدق عاطفة الشاعر ،هذا األخير الذي كان
يقرض الشعر في لحظات الشدائد و المحن ال في لحظات الفراغ و التأمل الخيالي و قد
وص لتنا الكثير من النصوص عن طريق الرواية الشفوية التي تفجرت فيها عواطف الشعراء
الشعبيين ،لتدل على مدى تأثرهم باألوضاع السيئة التي اضطهد و قهر فيها الشعب
الجزائري ،و دخلت هذه النصوص كل البيوت الجزائرية و تغنت بها النساء خاصة جاعات
و فرادى .فهاهي إحدى األمهات تشتكي هم الجوع و البؤس و الذي يقابله الغالء الفاحش
تقول :
/التلي بن الشيخ ،دور الشعر الشعبي في الثورة التحريرية ،1830،1845 ،الشركة الوطنية للنشر و
11
التوزيع ،الجزائر ،1983 ،ص .98
12
/المرجع نفسه ،ص .99
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
341
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
وشبانا بالبطوالت و االنتصارات مشجعين و محمسين وممجدين ،يقول الشاعر " أحمد
قاجة " في قصيدة بعنوان " زغرودة نوفمبر " يمجد يوم اندالع الثورة
زيدي يا أختـــــــــــاه و لـــــــــــــــــول لثنين زغردي يا أ ّماه في عيد الثورة
يقـــــــــــــــــــــــــــــراوه أجيال و المؤرخيـــن نوفمبر تاريخ رمز المفخرة
انطلق صوت الحق فالربعة و خمسين أول شــــــــــــــــــرارة باهلل أكبر ّ
من قمم األوراس علنوا المخلصــــــــين 14 الساعة صفر بدات البشرى
كما كانت األغنية القبائلية حاضرة ،حيث غنت المرأة القبائلية مستسرخة بأغاني
شعبية ثورية بروح قومية ووطنية معا ،فها هي إحدى النساء تصف المعركة التي أدّها
البطل المجاهد " عميروش" مع أتباعه ،و تعدد صفات هذا البطل الشهم و قد تحدثت عن فئة
الخونة الذين يتعاملون مع أعوان اإلدارة الفرنسية ووصفتهم بالخنازير ،و بأبشع الصفات ،
جراء الغدر و الخيانة ، و تحدث كذلك عن استشهاد أغلب أتباع " سي عميروش" ّ
تقول الراوية في هذا المطلع من األغنية :
سي عميروش في الصحراء سي عميروش فصّحراء
بيع من طرف المـــــــــــــــــــــرأة ْ تْتَب ْ
ْعيث أثيز ْنـــــــــــــــــــــــــــزن
سبعة و سبعين جـــــــــــــندي سبع و سبعين ذا جندي
سقط كل من وقـــــــــــــــــــــف و ايبدان يغلــــــــــــــــــــــــــي
في سبيل الحــــــــــــــــــــــــــرية في سبيل لـــــــــــــــــــــحريا ّ
أعمر أيوسف نـــــــــــــــــــــــــزل إ ْطر ْذ أعْمر أيوســــــــــف
شبيه الخـــــــــــــــــــــــــــــــــــنزير أشْبـــها ييـــــــــــــــــــــــــلف
صارخا تحيا فرنـــــــــــــــــــسا 15 إعي ْط فيفا فرنســــــــــــــا
كما تكمل األغنية موضوع الغدر و الخيانة في هذه القصة ،فتتحدث عن وجوب أخذ الثأر
من الخائن و دفعه الثمن غاليا :
يا ويلتك من قبضتنا أم ْنعاش ذ ْكنحْ كام
سنقطعك كالســـالطة ذ ْك ْنقد ْد ْذشْالطا
هكذا إذن تميزت األغنية الثورية بالوصف الواقعي الدقيق ،النابع من صدق
األحداث ،فاسحة المجال للتعبير عن آالم الشعب و آماله و مآسيه من ذلك الواقع المرير،
وقد كانت المرأة خاصة بارزة في أداء األغنية بانتقائها ألرق األلفاظ و الكلمات الملحنة
بالموسيقى لعلها تخفف بها من تلك المعاناة ،لتسهم في إقامة صرح هذا الفن الشعبي الخالد .
/عبد الحميد بورايو ،النزعة التاريخية و التوثيقية و الحس الملحمي في الشعر الشعبي الجزائري في منطقة
الجنوب ،محاضرات الندوة الفكرية السادسة ،الملتقى الوطني الموروث الشعبي الوادي ، 2006 ،ص
14
.87
15
/بوحراث ذهبية 88 ،سنة .2013/12/12 ،
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
344
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
16
/العربي دحو ،مفاهيم و نماذج في األغنية الشعبية ،ص .09
17
/المرجع نفسه ،ص .49
/فالدمير سكورو بوغاتوف ،الشعر الملحون و الحروب االستعمارية ،المجاهد األسبوعي ،العدد ،680
18
الجزائر ،1973 ،ص .38
/ينظر :العربي دحو ،الشعر الشعبي و دوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة األوراس ص .194 :
19
195
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
345
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
/ال عربي دحو ،ديوان الشعر الشعبي عن الثورة التحريرية بالعربية و األمازيغية الشاوية ،منشورات بونة
20
للبحوث ، 2012 ،ص .221
21
/المرجع نفسه ،ص .236
22
/المرجع نفسه ،ص .246
23
/المرجع السابق ،ص .223
الوادي -الجزائر جامعة الشهيد حمه لخضر
346
ISSN:2602-8018 مجلة القارئ للدراسات األدبية
والنقدية واللغوية
رقم العدد التسلسلي 05 مجلد02 :عدد02 :السنة 2020
نفسه يعتمد على عناصر ثابتة في بنائه ،و إذا تأملنا التراث الشعبي الجزائري ،فإ ّننا نجد
ذخيرة وفيرة من األغاني الشعبية أنتجتها أقالم نسائية في الغالب ،فتغنت به أصوات جمعت
بين اإلحساس المرهف و الكالم الناعم ،و المعاني الجميلة الطريفة ،عكست الحياة
االجتماعية والسياسية و الثقافية للشعب الجزائري ،و الزالت هذه األشعار و األغاني قائمة
في العديد من المناسبات المختلفة لحد اليوم .
- 14عبد الحميد بورايو ،النزعة التاريخية و التوثيقية و الحس الملحمي في الشعر الشعبي
الجزائري في منطقة الجنوب ،محاضرات الندوة الفكرية السادسة ،الملتقى الوطني
الموروث الشعبي الوادي .2006 ،