Professional Documents
Culture Documents
Ar Print - PHP Id 237769
Ar Print - PHP Id 237769
Ar Print - PHP Id 237769
id=237769
بين الصالحات والناشزات
|12/03/2023إسالم ويب
واجبات وحقوق:
وألجل سالمة األسرة واستقرارها بَين هللا سبحانه
واجبات كل طرف فيها وحقوقه أيضا ،فمتى التزم كل
فرد بما أوجبه هللا عليه -في دينه العظيم وشرعه
القويم -سِعد الجميُع وسلمت لهم الدنيا واآلخرة ،وإن
كانوا خالف ذلك عَّم األسَر الفوضى والمشاكُل
والمعارك والمناكفات ،واستوطن الهم والغم والنكُد
أرجاء البيوت ،وألقى بظالله على القلوب والنفوس.
وبين هللا سبحانه أن من واجب الرجل النفقَة على زوجته وعياله ،وجعل ذلك حقا لها ولهم عليه -مهما كان فقيًر ا أو كانت هي غنية موسرة -فال يلزمها وال يجب عليها
نفقٌة على نفسها وال على أوالدها وعلى زوجها من باب أولى ،وإنما هذا هو واجبه {َو َعَلى اْلَمْو ُلوِد َلُه ِر ْز ُقُه َّن َو ِكْسَو ُتُه َّن ِباْلَم ْعُر وِف }[البقرة .]233:وإنما تكون النفقة
بقدر السعة والضيق ،والغنى والفقر ،فال يقتر غني ،وال يطالب فقير بما ال يقدر عليه {ِلُينِفْق ُذو َسَعٍة ِّم ن َسَعِتِهۖ َو َم ن ُقِد َر َعَلْيِه ِر ْز ُقُه َفْلُينِفْق ِم َّم ا آَتاُه ُهَّللاۚ اَل ُيَكِّلُف ُهَّللا َنْفًسا
ِإاَّل َم ا آَتاَها}[الطالق.]7:
وقال اإلمام الطبري في قوله سبحانه {َو َعَلى اْلَمْو ُلوِد َلُه ِر ْز ُقُه َّن َو ِكْسَو ُتُه َّن ِباْلَم ْعُر وِف } :أي :وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف ،أي :بما جرت به عادة
أمثالهن في بلدهن من غير إسراف وال إقتار ،بحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره.
ومقابل هذا الواجب أعطاه حق القوامة عليها ،وأن تكون الكلمة عند التنازع إليه ،وهذا أدعى الستقرار البيوت ،وأوجب عليها حق الطاعة له ،فقال عز وجل{ :الِّر َجاُل
َقَّو اُم وَن َعَلى الِّنَساِء ِبَم ا َفَّض َل ُهَّللا َبْعَض ُه ْم َعَلٰى َبْعٍض َو ِبَم ا َأنَفُقوا ِم ْن َأْم َو اِلِه ْم }[النساء.]34:
فمتى قام الرجل بواجبه في النفقة من غير تقصير ،وجب على المرأة طاعته في كل ما يأمرها به في غير معصية هللا؛ إذ ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،فعن ابن
عباس -رضي هللا عنهما -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال لعمر -رضي هللا عنه (( :-أال أخبرك بخير ما يكنز المرُء ؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سَّر ته ،وإذا
أمرها أطاعته ،وإذا غاب عنها َحِفَظته))؛ رواه أبو داود
وكذلك عليها أن تؤدي إليه حقه الخاص كامال ،وتتجمل وتتزين وتبذل جهدها في عفته كما ينبغي أن يفعل هو كذلك ،قال صلى هللا عليه وسلم( :إذا نظر إليها سرته)،
وترعى بيته ،وتربي ولده ،وتغسل ثوبه ،وتعد طعامه ،وتحفظه في حضره وسفره في نفسها وماله ..وهذا فعل الصالحات كما نطق به القرآن الكريمَ{ :فالَّصاِلَحاُت َقاِنَتاٌت
َحاِفَظاٌت ِّلْلَغْيِب ِبَم ا َحِفَظ ُهَّللا}[النساء.]34:
فإن أبت طاعته ،وأرعت سمعها للفاشالت ،وألصحاب دعوات الجمعيات النسوية ،أو أعطت أذنها لمن يسمون زورا وبهتانا دعاة حرية المرأة وحقوق المرأة ،فمنعت
زوجها حقه ،أو أساءت عشرتها معه ،انتقلت من ركب الصالحات القانتات إلى صف العاصيات الناشزات ..فحق له عند ذلك أن يعاملها معاملة الناشز كما علمه هللا ،لعلها
ترعوي وتثوب إلى رشدها وترجع إلى عقلها.
فأول األمر الوعظ :فعظوهن :أي ذكروهَّن بحق هللا عليهن فيكم ووجوب طاعتهن لكم ،وخوفهن بعقاب هللا تعالى للمخالفات أمره..
عن الحصين بن محصن رضي هللا عنه (أَّن عمة له أتت النبي صلى هللا عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها ،فقال لها النبي صلى هللا عليه وسلم :أذات زوج أنت؟
قالت :نعم ،قال :كيف أنت له؟ قالت :ما آلوه إال ما عجزت عنه ،قال :فانظري أين أنت منه ،فإنما هو جنتك ونارك) [حسن .رواه أحمد]
قال اإلمام المناوي( :انظري أين أنت منه) أي في أي منزلة أنت منه ،أقريبة من مودته مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته ،أم متباعدة من مرامه كافرة لعشرته وإنعامه..
(فإنما هو جنتك ونارك) أي إنما زوجك سبب لدخولك الجنة برضاه عنك ،وسبب لدخولك النار بسخطه عليك ،فأحسني عشرته وال تخالفي أمره فيما ليس بمعصية.
وقد أخذ اإلمام الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز كبيرة.
فإن رجعت بعد وعظها وتذكيرها فالحمد هلل ..وإال فينتقل معها إلى المرحلة الثانية وهي:
الهجر في المضجع{ :واهجروهن في المضاجع} :أي في الفراش ،فيوليها ظهره ،وقيل ال يجامعها ،وقيل بل يجامعها وال يكلمها ..وقيل يغلظ القول ويقول ُهْج ًر ا لعلها
ترعوي.
فإن ثابت إلى رشدها وعادت إلى عقلها فبها ونعمت ،وإال فالمرحلة الثالثة وهي:
الضرب غير المبرح{ :واضربوهن} :والضرب هنا ضرٌب حقيقة ،لقوله صلى هللا عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيرًا ،فإنهن عوان عندكم ،ليس تملكون منهن شيئًا غير
ذلك ،إال أن يأتين بفاحشٍة مبينة ،فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح)رواه الترمذي ،فال ينصرف إلى معنى آخر مما يحاول بعض الناس
صرفه إليه ،وإنما قال ضربا غير مبرح ،أي ال تهيض عظما ،وال تهتك لحما ،وال تكسر سنا ،فإنما هو ضرب تأديب ال ضرب تعذيب ،المقصود منه أن تعلم أن األمر قد بلغ
حده ومداه ،وأنه كاد أن يصل إلى منتهاه.
https://www.islamweb.net/ar/print.php?id=237769 1/2
08/12/2023 22:29 islamweb.net/ar/print.php?id=237769
وخالصة األمر ،أنه ال يجوز للزوج أن يضرب زوجته ابتداًء ،وإنما يكون ذلك بعد الوعظ ،وبعد الهجران ،ويجب أن يكون الضرب غير مبرح ،فإن الضرب المبرح حرام
لما سبق في الحديث ،قال عطاء ” :الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه ،وقال الحافظ ابن حجر ” :إن كان ال بد فليكن التأديب بالضرب اليسير".
فإن قيل أيصلح بعد الضرب حياة؟ قلنا ما أقبح الضرب ،ولكن إذا كان الستمرار البيت وعدم الطالق والفراق وضياع األسرة ،فهو عالج كالكِّي ،وقد قيل "آخُر العالِج
الكُّي " ،والشك أن الضرب لتستمر الحياة وتستقيم وتنصلح ،خير من عدم الضرب مع هدم األسرة وتفككها ،وإنما هو كالدواء المرال يؤخذ إال للضرورة وللعالج ولرد ما
هو أعظم منه.
وصايا للبنات
لقد فسدت كثير من البيوتات ،وكثرت بين الناس حاالت الطالق والفراق ،وانهدمت كثير من األسر على رؤوس أصحابها ،كل ذلك لجهل من الرجل أحيانا ،ولتعنت كثير من
النساء مع أزواجهن أحيانا ،وجهلهن بحقوق أزواجهن ،وما لهم عليهن من الفضل الذي اختاره هللا لحكمة ،وتريد أن تكون مثله رأسا برأس ،وقد أفسدت الدعوات
الغربية عقول كثير من بنات المسلمين.
ولهذا فمن أعظم واجبات اآلباء واألمهات أن يربوا بناتهم على احترام الزوج وتوقيره وتعظيم حقه ،فقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :لو كنُت آُمُر أَحًدا أْن َيسُج َد ألَحٍد،
ألَم رُت المرأَة أْن َتسُج َد لَز وِج ها ،وال ُتؤِّدي المرأُة َحَّق ِهللا عَّز وجَّل عليها كَّله ،حتى ُتؤِّد َي َحَّق َز وِج ها عليها كَّله ،حتى لو َسَأَلها َنْفَسها وهي على َظهِر َقَتٍب ألعَطْته إَّياه)
[صحيح ابن ماجة].
وسبق قوله صلى هللا عليه وسلم( :فانظري أين أنت منه ،فإنما هو جنتك ونارك)[رواه أحمد].
وجاء في الحديث أيضا( :إذا صَّلِت المرأُة َخ مَسها ،وصاَم ت َشْه َر ها ،وحِفَظت فرَجها ،وأطاَعت زوَجها قيَل َلها :ادخلي الجَّنَة من أِّي أبواِب الجَّنِة شئِت)[رواه أحمد].
وصية غالية
والمرأة الناصحة لبناتها تربيهن على التأدب مع األزواج ،وتعلمهن وتوصيهن بحسن العشرة ،واحترام الزوج لتدوم الحياة ،كما أوصت أمامُة بنُت الحارِث ابنَتها أَّم إياس
بنَت ُم حَّلم الشيبانيَة عندما خطبها الحارُث بُن عمرو ملُك كندة ،فقالت وهي توصيها:
ٌة
"أي بنية! إن الوصية لو ُتِر َكت لفضِل أدٍب ُتِر كت لذلك منِك ،ولكنها تذكرٌة للغافل ومعون للعاقل ،ولو أن امرأ استغنت عن الزوج -لغنى أبويها وشدِة حاجِتهما إليها-
ًة
لكنت أغنى الناس عنه ،ولكَّن النساء للرجال ُخ ِلقن ،ولهن ُخ ِلَق الرجاُل.
أي بنية! إنك فارقت الجو الذي منه خرجت ،وخَّلفت الُعَّش الذي فيه َد َر ْج ِت ،إلى َو ْك ٍر لم تعرفيه ،وقرين لم تألفيه ،فكوني له أمة يكن لك عبًدا ،واحفظي له عشرًا يكَّن لك
ذخرًا.
أما األولى والثانية :فالخشوُع له بالقناعة ،وحسُن السمِع له والطاعة.
وأما الثالثُة والرابعُة :فالتَفُّقُد لمواقع عينيه وأنفه ،فال تقع عيُنه منِك على قبيح ،وال يشم منك إال أطيَب ريح.
وأما الخامسُة والسادسة :فالتفُّقد لوقت َمناِم ه وطعامه ،فإن َتواُتَر الجوِع ملهبٌة ،وتنغيَص النوِم مغضبٌة.
وأما السابعُة والثامنة :فاالحتراُس لماله ،واإلرعاء بحشمه وعياله ،وِم الُك األمِر في المال حسُن التقدير ،وفي العياِل حسُن التدبير.
وأما التاسعُة والعاشرة :فال تعصين له أمرًا ،وال تفشين له سرًا؛ فإنك إن خالفت أمَر هَ ،أْو َغْر ِت صدَر ه ،وإن أفشيت سَّر ه ،لم تأمني غدَر ه.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتمًا ،والكآبة بين يديه إن كان فرحًا".
فما أعلم كتب األدب ذكرت أجمل وال أجمع من هذه الوصية ،وما أحوج بناتنا إلى تعلم هذه اآلداب الجامعة ،وحفظ هذه الوصية الرائعة ،ومعرفة تلك الحقوق الهامة،
والتدرب عليها قبل انتقالهن من بيوت أبائهن وأمهاتهن إلى بيوت أزواجهن ..فتستمر الحياة ،وتدوم العشرة ،وتسعد األسرة.
www.islamweb.net
https://www.islamweb.net/ar/print.php?id=237769 2/2